1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب العتق
  10. /
  11. فصل في التدبير و المكاتبة و الاستيلاد
(مسألة ۱): التدبير و المكاتبة و الاستيلاد من موجبات العتق في الجملة (۱).

إجماعا، و نصوصا ففي صحيح يعقوب بن شعيب قال: «سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام الرجل يكون له الخادم و يقول هي لفلان تخدمه ما عاش، فإذا مات فهي حرة، فتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين أو ست سنين ثمَّ يجدها ورثته، أ لهم أن يستخدموها إذا أبقت؟ قال عليه السّلام: إذا مات الرجل فقد عتقت»1.

و في رواية محمد بن حكيم المنجبر قال: «سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام رجل زوج أمته من رجل حر، و قال لها: إذا مات الزوج فهي حرة، فمات الزوج؟ قال: إذا مات الزوج فهي حرة تعتد عدة المتوفى عنها زوجها، و لا ميراث لها منه، لأنها إنما صارت حرة بعد موت الزوج»2.

(مسألة ۲): التدبير: هو عتق المملوك معلقا له على وفاة المولى (۲)، و يكفي في تحققه كل لفظ ظاهر فيه عرفا (۳).

لأنه المتيقن من الدليل، و الاستعمال. و قد ادعي اتفاق أهل اللغة و الشرع و العرف عليه، و في غيره يرجع إلى أصالة بقاء الرقيّة.

لاعتبار الظواهر في المحاورات مطلقا، فتشملها الأدلة لا محالة.

(مسألة ۲): لا يصح طلاق المجنون مطبقا و أدواريا حال جنونه، و يلحق به السكران و نحوه ممن زال عقله (٤).

للإطلاق، و الاتفاق، و صحيح ابن حازم قال: «سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام عن رجل قال: إن حدث بي حدث في مرضي هذا، فغلامي فلان حر؟ فقال أبو عبد اللَّه عليه السّلام: يرد من وصيته ما شاء و يجيز ما شاء»3.

(مسألة ۳): يصح التدبير مطلقا بأن يقول: (أنت حر بعد موتي) و مقيدا كقول: (إن مت في هذه السنة مثلا فأنت حر بعد موتي) (٤). و يعتبر فيه القصد و القربة و التنجيز (٥).

للإطلاق، و الاتفاق، و صحيح ابن حازم قال: «سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام عن رجل قال: إن حدث بي حدث في مرضي هذا، فغلامي فلان حر؟ فقال أبو عبد اللَّه عليه السّلام: يرد من وصيته ما شاء و يجيز ما شاء»3.

لما مر، فلو لم يكن قاصدا لأصل العتق، أو لم يقصد القربة فيه، أو قال: «إن قدم مسافري فأنت حر بعد وفاتي»، لم يصح و قد مر الوجه في كل ذلك خصوصا الثالث مكررا. فراجع.

(مسألة ٤): المدبر رق لا يعتق إلّا بعد وفاة مولاه (٦).

للأصل، و الإجماع، و ظواهر الأدلة.

(مسألة ٥): يعتبر في المدبر (بالكسر) أن يكون بالغا عاقلا قاصدا مختارا (۷)، و أن لا يكون محجورا عليه (۸).

لأن ذلك كله من الشرائط العامة لكل إنشاء، عقدا كان أو إيقاعا، فتعتبر في المقام أيضا.

لأنه تصرف مالي، و كل تصرف مالي مشروط بعدم الحجر.

(مسألة ٦): التدبير و إن لم يكن وصية مفهوما لكنها مثلها في كونه نصا بعد الموت فيترتب عليه جملة من أحكامها كالخروج من الثلث و جواز الرجوع منه (۹).

أما الأول‏: فلاختلاف مفهومهما عرفا.

و أما الثاني: فلجملة من النصوص، ففي صحيح معاوية بن عمار عن‏

الصادق عليه السّلام: «هو بمنزلة الوصية يرجع فيما شاء منها»4.

و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح هشام: «هو مملوكه بمنزلة الوصية»5.

و في موثق أبي بصير: «المدبر مملوك، و لمولاه أن يرجع في تدبيره- إلى أن قال- و هو من الثلث إنما هو بمنزلة رجل أوصى بوصية، ثمَّ بدا له بعد فغيرها من قبل موته»6.

و في صحيح زرارة، عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: «سألته عن المدبر أ هو من الثلث؟ قال: نعم، و للموصي أن يرجع في وصيته، أوصى في صحة أو مرض»7، و قريب منه صحيح محمد بن مسلم‏8،

فيكون التدبير برزخا بين الوصية المحضة، و العتق المحقق فعلا، و في غير ما نص فيه لتنزيله منزلة الوصية يرجع إلى القواعد و الأصول المقررة في العتق.

(مسألة ۷): لو تصرّف المولى فيه بعد تدبيره- كالبيع و الهبة- يبطل التدبير (۱۰)، و لو نقل منافعه مع بقاء عينه فلا يوجب البطلان (۱۱).

لأنه رجوع فعلي عن تدبيره، و لا فرق في الرجوع بين القولي منه و الفعلي، كما تقدم في الوصية.

لعدم التنافي و التناقض في البين، و لأن التدبير إنما تعلق بالرقبة و هي باقية على حالها، فلا تنافي بينه و بين التدبير، مع أنه منصوص، فعن علي عليه السّلام قال: «إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله باع خدمة المدبر و لم يبع رقبته»9، و المراد بالبيع هنا الإجارة، و أما سائر ما ورد من الأخبار في المقام مثل صحيح ابن مسلم:

«قلت لأبي جعفر عليه السّلام رجل دبر مملوكه ثمَّ يحتاج إلى الثمن، قال: إذا احتاج إلى‏

الثمن فهو له، يبيع إن شاء أعتق فذلك من الثلث»10.

و في موثق إسحاق بن عمار: «قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: الرجل يعتق مملوكه عن دبر ثمَّ يحتاج إلى ثمنه، قال: يبيعه، قلت: فإن كان عن ثمنه غنيا، قال: إن رضى المملوك فلا بأس»11.

و عن علي عليه السّلام قال: «لا يباع المدبر إلّا من نفسه»12، إلى غير ذلك من الروايات، فلا بد من حملها أو طرحها.

(مسألة ۸): المدبر ينعتق من الثلث فلو لم يكن له شي‏ء سواه ينعتق ثلثه (۱۲).

إجماعا، و نصا، ففي صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام:

«المدبر من الثلث»13.

و عن علي عليه السّلام: «المعتق على دبر فهو من الثلث»14.

و في معتبرة ابن محبوب عن الصادق عليه السّلام: «المدبر مملوك، و لمولاه أن يرجع في تدبيره، إن شاء باعه و إن شاء وهبه و إن شاء أمهره، قال:

و إن تركه سيده على التدبير و لم يحدث فيه حدثا حتى يموت سيده، فإن المدبر حر إذا مات سيده، و هو من الثلث إنما هو بمنزلة رجل أوصى بوصية ثمَّ بدا له بعد فغيّرها قبل موته، و إن هو تركها و لم يغيرها حتى يموت أخذ بها»15، إلى غير ذلك من الروايات. و يصح تدبير الآبق للإطلاق الشامل له أيضا.

(مسألة ۹): إذا أبق المدبر بطل تدبيره و ما يكسبه المدبر فهو لمولاه (۱۳).

لفرض أنه رق، و لم يتحرر بعد.

(مسألة ۱۰): يصح تدبير الحمل منفردا أو منضما مع غيره (۱٤).

للإطلاقات الشاملة لذلك، كما يصح العتق فيه كذلك أيضا.

(مسألة ۱۱): المكاتبة بين المولى و العبد معاملة مستقلة خارجة عن سائر المعاملات من جهات (۱٥)، و ليست عتقا بل هي برزخ بين الحرية و الرقيّة (۱٦)، و يغتفر فيها من الجهالة ما لا يغتفر في غيرها كما مر في الجعالة (۱۷).

أهمها تغاير المفهوم، و إن الكتابة لا بد فيها من أجل بخلاف البيع، و أن الكتابة يمتد فيها خيار العبد، و لا يمتد في البيع خيار الشرط، و أن العوض ملك للمشتري، و المعوض ملك للبائع، و الأمران هنا للمولى، إلى غير ذلك من الجهات.

فليس له استقلال الأحرار، و لا عجز المماليك، و لذا تكون تصرفاته مرددة بين الاستقلال و المملوكية. كما يأتي.

لما يظهر من الأدلة الواصلة إلينا في هذا الموضوع، كما يأتي.

(مسألة ۱۲): لا تصح الكتابة بدون ذكر الأجل (۱۸).

لأصالة بقاء الرقيّة، إلّا في ما هو المنساق من الأدلة و القواعد بعد عدم صحة التمسك بالإطلاقات؛ لعدم إحراز كونها في مقام البيان من هذه الجهات.

(مسألة ۱۳): يعتبر في تحققها الإيجاب و القبول (۱۹)، و يكفي أن يقول: (كاتبتك) مع تعيين الأجل و العوض (۲۰)، و يقول العبد: (قبلت).

للإجماع، و السيرة، و الاعتبار، و المنساق من مجموع الأخبار. و هل يكفي فيها المعاطاة؟ الظاهر ذلك لما أثبتناه في البيع. فراجع. و لا حاجة للتكرار هنا.

لظهور اللفظ في ذلك، كما مر في البيع.

(مسألة ۱٤): الكتابة قسمان مطلقة و مشروطة، و الأول: ما إذا اقتصر على العقد و العوض و ذكر الأجل، و الثاني: ما إذا قال مع ذلك فإن عجزت فأنت رق (۲۱).

إجماعا، و نصوصا منها صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن المكاتب إذا أدى شيئا أعتق بقدر ما أدى، إلّا أن يشترط مواليه إن عجز فهو مردود، فلهم شروطهم»16.

و في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «في مكاتب شرط عليه إن عجز أن يردّ في الرق، قال: المسلمون عند شروطهم»17.

و عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «في المكاتب إذ أدى بعض مكاتبته، إن الناس كانوا لا يشترطون، و هم اليوم يشترطون، و المسلمون عند شروطهم؛ فإن كان شرط عليه إن عجز رجع، و إن لم يشترط عليه لم يرجع»18، إلى غير ذلك من الروايات.

و ما دلّ على الخلاف مثل موثق جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن المكاتب يشترط عليه إن عجز فهو رد في الرّق، فعجز قبل أن يؤدي شيئا؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: لا يردّ في الرق حتى يمضي ثلاث سنين، و يعتق منه بمقدار ما أدى، فإذا أدى ضربا فليس لهم أن يردوه في الرق»، محمول على التقية، أو مطروح.

(مسألة ۱٥): حد العجز ما كان يعلم ذلك من حاله عرفا عن فك نفسه (۲۲). و يستحب للمولى مع العجز الصبر عليه (۲۳).

لما مر مكررا من أنه المدار في الموضوعات المترتبة عليها الأحكام ما لم يحددها الشارع بحدود قيود، و يختلف ذلك باختلاف الأشخاص، و عليه يمكن الجمع بين الروايات، ففي موثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «إن عليا عليه السّلام كان يقول: إذا عجز المكاتب لم ترد مكاتبته في الرق، و لكن ينتظر عاما أو عامين، فإن قام بمكاتبته و إلا ردّ مملوكا»19.

و عن علي عليه السّلام أيضا: «لا يردّ في الرقّ حتى يتوالى نجمان»20. هذا إذا لم يحصل العلم بالعجز، و إلا لا معنى للتأخير كما عرفت.

لأنه إحسان بالنسبة إليه، و في معتبرة حسين بن علوان، عن الصادق عليه السّلام، عن آبائه عليهم السّلام: «إن عليا عليه السّلام كان يؤجل المكاتب بعد ما يعجز عامين يتلوّمه فإن أقام بحريته و إلا ردّه رقيقا»21، و مثله غيره المحمول على الاستحباب.

(مسألة ۱٦): المكاتبة عقد لازم من الطرفين، مطلقة كانت أو مشروطة (۲٤).

لأصالة اللزوم في كل عقد، إلّا ما خرج بالدليل، و لا دليل على الخروج في المقام.

(مسألة ۱۷): لو اتفقا على التقايل ما لم يؤد مال المكاتبة صحّ (۲٥).

لعموم أدلة الإقالة الجارية في المقام، بلا دليل على التخصيص، كما مر في محله.

(مسألة ۱۸): إذا ماطل من أداء مال الكتابة و كان قادرا عليه جاز الفسخ لو أخره عن وقت الحلول (۲٦).

لقاعدة السلطنة، و لما تقدم من الأدلة، فللمولى الخيار في فسخ العقد و إبقائه حينئذ.

(مسألة ۱۹): لا تبطل الكتابة بموت المولى (۲۷).

للأصل، و الإجماع، و ما في البيع، فللوارث المطالبة بالمال حينئذ.

(مسألة ۲۰): يعتبر في المملوك الكمال بالبلوغ و العقل (۲۸)، و أن يكون ظرف الأداء معلوما في مال المكاتبة (۲۹).

لما مرّ مكررا من عدم أهلية المجنون و الصبي للقبول، مضافا إلى الإجماع في المقام.

لأن الجهالة المستلزمة للغرر موجبة للبطلان، كما مر في كتاب البيع، مضافا إلى الإجماع في المقام.

(مسألة ۲۱): يعتبر في العوض أن يكون مما يصحّ تملكه للمولى و أن يكون معلوم الوصف و القدر (۳۰).

أما الأول: لعدم الملكية الشرعية كما مر في البيع.

و أما الثاني: فللنهي عن الغرر المستلزم من جهالة الوصف و القدر22. كما مر.

(مسألة ۲۲): تجوز المكاتبة على صنعة كالخياطة و السياقة و الخدمة (۳۱).

للإطلاق، و العموم، و ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي العباس:

«سألته عن رجل قال: غلامي حر و عليه عمالة كذا و كذا سنة؟ قال: هو حر و عليه‏

العمالة»23، بناء على أنه من الكتابة لا من غيره.

(مسألة ۲۳): إذا دفع المكاتب ما عليه قبل الأجل، لمولاه الخيار في القبول و الرد (۳۲).

لقاعدة السلطنة، و عن الصادق عليه السّلام في موثق إسحاق بن عمار: «ان مكاتبا أتى عليا عليه السّلام و قال: إن سيدي كاتبني و شرط عليّ نجوما في كل سنة، فجئته بالمال كله ضربة، فسألته أن يأخذ كله ضربة و يجيز عتقي فأبى عليّ، فدعاه علي عليه السّلام فقال له: صدق، فقال له: مالك لا تأخذ المال و تمضي عتقه؟

فقال: ما آخذ إلّا النجوم التي شرطت و أتعرض بذلك إلى ميراثه، فقال علي عليه السّلام:

أنت أحق بشرطك»24.

و أما صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في مكاتب يؤدي نصف مكاتبته، و يبقى عليه النصف، فيدعو مواليه و يقول: خذوا ما بقي ضربة واحدة، قال:

يأخذون ما بقي، ثمَّ يعتق»25، محمول على أصل الجواز بقرينة ما تقدم.

(مسألة ۲٤): لو مات المكاتب و كان مشروطا بطلت المكاتبة، و كذا لو كان مطلقا (۳۳). و تحرر منه بقدر ما أداه (۳٤) و ما تركه كان لمولاه.

أما الأول‏: فلقول أبي عبد اللَّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «في مكاتب يموت و قد أدى بعض مكاتبته، و له ابن من جاريته، قال عليه السّلام: إن اشترط عليه إن عجز فهو مملوك رجع ابنه مملوكا و الجارية، و إن لم يكن اشترط عليه أدى ابنه ما بقي من مكاتبته و ورث ما بقي»26.

و في معتبرة مهرم «سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام عن المكاتب يموت و له ولد؟

فقال: إن كان اشترط عليه فولده مماليك، و إن لم يشترط عليه سعى ولده في‏

مكاتبة أبيهم، و عتقوا إذا أدوا»27.

و أما الثاني: فلصحيح محمد بن قيس عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في مكاتب توفي و له مال، قال: يقسم ماله على قدر ما أعتق منه لورثته، و ما لم يعتق يحتسب منه لأربابه الذين كاتبوه، هو مالهم»28.

و صحيح بريد العجلي: «سألته عن رجل كاتب عبدا له على ألف درهم، و لم يشترط عليه إن هو عجز عن مكاتبته فهو ردّ في الرقّ و إن المكاتب أدّى إلى مولاه خمسمأة درهم، ثمَّ مات المكاتب و ترك مالا و ترك ابنا له مدركا، قال:

نصف ما ترك المكاتب من شي‏ء فإنه لمولاه الذي كاتبه، و النصف الباقي لابن المكاتب، لأن المكاتب مات و نصفه حر و نصفه عبد للّذي كاتب أباه، فإن أدّى إلى الذي كاتب أباه ما بقي على أبيه فهو حر لا سبيل لأحد من الناس عليه»29، إلى غير ذلك من النصوص، مضافا إلى الإجماع.

لما تقدم من النصوص.

(مسألة ۲٥): لو كاتب عبده و مات قام الورثة مقامه في العتق و الإبراء (۳٥).

لانتقال المال إليهم، فلهم الخيار في ذلك، لقاعدة السلطنة.

(مسألة ۲۶): ليس للمكاتب التصرف في ماله إلّا بإذن مولاه (۳٦). كما لا يجوز للمولى التصرف في مال المكاتب (۳۷)، و كل ما يكتسبه المكاتب فهو له (۳۸).

لأنه بعد ملك للمولى، و لم يخرج عن الرقيّة، و في موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «المكاتب لا يجوز له عتق و لا هبة و لا نكاح و لا شهادة و لا حج، حتى يؤدي جميع ما عليه إذا كان مولاه قد شرط عليه إن عجز فهو ردّ في الرقّ»30.

و عنه عليه السّلام أيضا في موثقة الآخر: «و لكن يبيع و يشتري، و إن وقع عليه دين في تجارته كان على مولاه أن يقضي عنه لأنه عبده»31، المحمول على أن البيع و الشراء للمولى.

و في صحيح معاوية بن وهب عن الصادق عليه السّلام: «في مملوك كاتب على نفسه و ماله و له أمة، و قد شرط عليه أن لا يتزوج، فأعتق الأمة و تزوجها، قال عليه السّلام: لا يصح له أن يحدث فيما له إلّا الأكلة من الطعام، و نكاحه فاسد مردود- الحديث-»32، إلى غير ذلك من الروايات.

لما تقدم من أنه برزخ بين الرقّ و الحر، فيشمله قاعدة «حرمة التصرف في مال الغير إلّا بإذنه».

لما عرفت من أن تسلط المولى زال عنه بالكتابة في الجملة، إلّا إذا عجز و فسخ المولى، عاد المال إلى المولى و ملكه.

(مسألة ۲۷): كل ما يشترط المولى على المكاتب في عقد الكتابة يكون لازما (۳۹)، إلّا إذا كان منافيا لمقتضى العقد أو مخالفا للشرع (٤۰).

لقاعدة: «وجوب الوفاء بالشرط»، و غيرها كما مر في كتاب البيع.

و قد مر وجه ذلك كله في كتاب البيع‏33، فلا وجه للتكرار هنا بالإعادة.

(مسألة ۲۸): لو أعتق المكاتب بعضه كان كسبه بينه و بين مولاه بالشركة (٤۱).

للإجماع، و لأنه مثل نماء المشترك بين الشريكين، كما مر في كتاب الشركة، ففي موثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «في مكاتب بين شريكين فيعتق‏

أحدهما نصيبه، كيف يصنع الخادم؟ قال عليه السّلام: يخدم الثاني يوما و يخدم نفسه يوما»34، إلى غير ذلك من الأخبار.

ثمَّ إن الشركة حسب ما أعتق من العبد بالنصف أو الثلث أو الربع، كما هو واضح.

(مسألة ۲۹): لو كان له مكاتبان فأدى أحدهما مال الكتابة و اشتبه استخرج بالقرعة (٤۲).

لأنها لكل أمر مشتبه، و المقام منه. هذا إذا لم يتذكر بالتأخير أو بقرائن أخرى، و إلا وجب التأخير حتى يتذكر.

(مسألة ۳۰): لو اختلف السيد و المكاتب في قدر مال الكتابة يقدم قول منكر الزيادة (٤۳)، و كذا لو اختلفا في قدر المدة أو في النجوم (٤٤).

للأصل، ما لم تكن بينة على الخلاف.

و دعوى: تقديم أصالة الرقيّة عليها، غير صحيحة لأن أصالة عدم الزيادة مقدم عليها، و أن الشارع غلّب جانب الحرية كما مر.

ظهر وجهه مما مر.

(مسألة ۳۱): إذا دفع مال الكتابة أعتقه مولاه ثمَّ بان العوض معيبا أو أنه مال الغير، يعتق و تشتغل ذمته بالعوض إن لم يرض السيد بذلك (٤٥).

تغليبا لجانب الحرية كما مر، و يجب أداء مال الكتابة صحيحا، لاشتغال ذمته به هذا إذا لم يرض المولى به، و إلا فيصح بلا شك، لأن ذلك يكون من أحد أفراد الكلي.

(مسألة ۳۲): لو اجتمع على المكاتب ديون مع مال المكاتبة و كان ما عنده لا يفي بالجميع تحاصّ فيه الديّان مع المولى (٤٦)، من غير فرق بين المطلقة و المشروطة (٤۷).

لما مر في كتاب الدين من أن مال المديون إن لم يحط بالديان‏

قسموا بينهم حسب النسبة في الدين، بعد فرض عدم ترجيح في البين، إلّا أن يدل دليل على الخلاف، و لا دليل كذلك في المقام و أن المولى واحد منهم.

لاستواء الجميع في الدينية، إلّا أن يكون في البين مرجح معتبر خارجي يوجب تقدمه على سائر الديون، و هو مفروض العدم فلا فرق بين المطلقة و المشروطة.

و يمكن الجمع بذلك بين الكلمات، فمن يقول بتأخير مال الكتابة عن سائر الديون، أي: فيما إذا كان مرجح معتبر، و من يقول بالتساوي، أي فيما إذا لم يكن كذلك.

(مسألة ۳۳): يجوز كتابة المملوك الكافر (٤۸).

لما مر في عتق الكافر35، و أما قوله تعالى‏ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً36، فهو أعم من الأيمان.

نعم، لو خرج عن الملكية مثل المرتد لا يصح كتابته.

(مسألة ۳٤): لو كاتب عبده وجب عليه أن يعينه من زكاته إن كان فقيرا (٤۹)، و إن لم تجب عليه يستحب التبرع بالعطية (۵۰).

لقوله تعالى‏ وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ‏37، مضافا إلى الإجماع، و مر في كتاب الزكاة ما ينفع المقام.

لنصوص كثيرة، ففي موثق ابن الفضيل عن الصادق عليه السّلام: «تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه منها، و لا تزيد فوق ما في نفسك، قلت:

كم؟ قال: وضع أبو جعفر عليه السّلام عن مملوك ألفا من ستة آلاف»38.

و في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «سألته عن قول اللَّه عز و جل‏ وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ‏ قال: الذي أضمرت أن تكاتبه عليه، لا تقول أكاتبه بخمسة آلاف و أترك له ألفا، و لكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه»39.

ثمَّ إنه يكفي صدق الإيتاء من غير تقدير.

نعم، كل ما زاد كان خيرا و إحسانا، و ما عن بعض من التحديد بالربع أو الثلث لا دليل له.

(مسألة ۳۵): يجوز أن يكاتب بعض عبده لو كان الباقي حرا (۵۱)، بل و إن كان الباقي رقا لآخر و لم يكن محظور في البين من جهة الشريك (۵۲).

لظهور الإطلاق، و الإجماع.

لما مر من شمول الإطلاق، و الاتفاق لهذه الصورة أيضا.

نعم، لو كان محظور في البين، فيتوقف على إذن الشريك و رضاه، لفرض اعتبار إذنه في المقام.

(مسألة ۳۶): يجوز بيع مال الكتابة (۵۳)، كما يجوز بيع المكاتب المشروط مع عجزه عن أداء مال الكتابة (٥٤)، و لا يجوز بيع المطلق منه (۵۵).

لأنه بيع الدين، و قلنا بجوازه في كتاب الدين، فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

لأصالة لزوم عقد الكتابة، كما مر بعد عدم مجوز شرعي للرقيّة.

لصيرورته رقا فيكون المقتضي للبيع موجودا، و المانع عنه مفقودا.

(مسألة ۳۷): لا تصح الوصية التمليكية برقبة المكاتب (۵۶). و تصح بمال الكتابة (۵۷)، فلو أوصى أن يوضع عن مكاتبه شيئا صحّ و خرج من الثلث (۵۸).

لعدم جواز النقل و الانتقال بالنسبة إليه.

نعم، لو كانت الوصية معلقة كما لو قال: إن عجز عن أداء مال الكتابة فقد أوصيت به لفلان، صح ذلك، كما عرفت من وجود المقتضي و فقد المانع، و لا يضر مثل هذا التعليق في الوصية، كما مر في محله.

لما مر في كتاب الوصية من أنها تخرج من الثلث، فحينئذ إن عيّن المقدار مثل النصف ما على المكاتب أو الربع أو الثلث تعين، و إلا فالمعوّل القرائن الخارجية، و مع فقدها لا بد من التصالح و التراضي مع الورثة.

لإطلاقات أدلة الوصية بعد عدم وجود تقييد في البين، كما تقدم في كتاب الوصية.

(مسألة ۳۸): الاستيلاد عبارة عن علوق أمة الشخص منه في ملكه (۵۹)، و تنعتق من نصيب ولدها فلا يجوز بيعها (۶۰).

هذا هو المعروف في تعريفه، و هو مطابق للمعنى العرفي، و ليس تعبدا في شي‏ء كما هو معلوم، فتصير الأمة في معرض الانعتاق، و هو موضوع لأحكام شرعية كثيرة- مخالفة للأصول و القواعد دل الدليل الخاص- مذكورة تلك الأحكام في أبواب كثيرة من الفقه.

إجماعا، و نصا، ففي معتبرة ابن ما رد عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يتزوج الأمة فتلد منه أولادا، ثمَّ يشتريها فتمكث عنده ما شاء اللَّه لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها، ثمَّ يبدو له في بيعها، قال عليه السّلام: هي أمته إن شاء باع، ما لم يحدث عنده حمل بعد ذلك، و إن شاء أعتق»40.

(مسألة ۳۹): أم الولد مملوكة (۶۱)، لا تتحرر بموت سيدها بل من نصيب ولدها (۶۲)، فيجوز له التصرف فيها بما شاء إلّا النقل (۶۳).

إجماعا، و نصوصا ففي صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيما رجل ترك سرية لها ولد، و في بطنها ولد، أو لا ولد لها، فإن أعتقها ربها عتقت، و إن لم يعتقها حتى توفي فقد سبق فيها كتاب اللَّه، و كتاب اللَّه أحق، فإن كان لها ولد و ترك مالا جعلت في نصيب ولدها»43.

و في معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في رجل اشترى جارية يطأها فولدت له ولدا فمات ولدها، قال: إن شاءوا باعوها في الدين الذي يكون على مولاها من ثمنها، و إن كان لها ولد قوّمت على ولدها من نصيبه»44، إلى غير ذلك من الروايات.

للنص، و الإجماع، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن أم الولد؟ فقال عليه السّلام: أمة»41.

و عن ابن بزيع قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الرجل يأخذ من أم ولده شيئا و هبة لها من غير طيب نفسها من خدم أو متاع، أ يجوز ذلك له؟

قال عليه السّلام: نعم إذا كانت أم ولده»42، إلى غير ذلك من الروايات.

لأنه لا معنى للمملوكية إلّا استيلاء المالك على التصرف فيها بما شاء من أنواع التصرفات المشروعة، و خرج النقل بالدليل كما مر في خبر ابن مارد المنجبر.

(مسألة ٤۰): إذا مات مولاها و ولدها حي جعلت في نصيب ولدها، و أعتقت عليه (۶٤).

نصوصا، و إجماعا، منها قول علي عليه السّلام في صحيح محمد بن قيس:

«أيما رجل ترك سرية لها ولد، أو في بطنها ولد، أو لا ولد لها، فإن أعتقها ربها عتقت، و إن لم يعتقها حتى توفي فقد سبق فيها كتاب اللَّه، و كتاب اللَّه أحق، فإن كان لها ولد و ترك مالا جعلت في نصيب ولدها، و يمسكها أولياؤها حتى يكبر الولد، فيكون هو الذي يعتقها إن شاء اللَّه، و يكونون هم يرثون ولدها ما دامت أمة، فإن أعتقها ولدها عتقت، و إن توفي عنها ولدها و لم يعتقها فإن شاءوا أرقوا و إن شاءوا أعتقوا»45، إلى غير ذلك من النصوص.

و أما ما يظهر منه الخلاف مثل رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «رجل اشترى جارية فولدت منه ولدا فمات؟ قال عليه السّلام: إن شاء أن يبيعها باعها، و إن مات مولاها و عليه دين قوّمت على ابنها، فإن كان ابنها صغيرا انتظر به حتى يكبر، ثمَّ يجبر على قيمتها، و إن مات ابنها قبل أمه يبعث في ميراث الورثة»46، و مثله غيره محمول، أو مطروح.

(مسألة ٤۱): يستثنى من عدم جواز بيع أم الولد موارد: منها ما إذا كان على مولاها دين منها و لم يمكن له أداؤه إلّا ببيعها (۶۵)، و منها ما إذا جنت خطأ على غير مولاها في زمان حياته (۶۶)، و منها بيعها على من ينعتق عليها (۶۷)، و منها ما إذا عجز مولاها عن نفقتها (۶۸)، إلى غير ذلك من الموارد (۶۹).

لما في الصحيح عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: «قلت له: أسألك؟ قال:

سل، قلت: لم باع أمير المؤمنين عليه السّلام أمهات الأولاد؟ فقال: في فكاك رقابهن، قلت: و كيف ذلك؟ قال: أيما رجل اشترى جارية فأولدها، ثمَّ لم يؤد ثمنها، و لم يدع من المال ما يؤدّى عنه، أخذ ولدها منها و بيعت و أدّي ثمنها، قلت: فتباع‏

الدين؟ قال: لا»47، و مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين حياة المولى و موته.

لإطلاق الأدلة الدالة على تعلق الجناية برقبة المملوك، و أنها كغيرها من المملوك، فللمولى فكّها بدفع قيمتها.

لما فيه من تعجيل العتق.

لقاعدة نفي الضرر، فتباع حينئذ على من ينفق عليها إن لم يمكن سد رمقها بطريق آخر.

و هناك موارد أخرى تعرضوا لها في المطولات و لا وجه لتعرضها بعد كون الموضوع فرض في فرض، فمن شاء فليراجع إليها، هذا بعض الكلام في العتق.

  1. الوسائل باب: 11 من أبواب التدبير الحديث: 1.
  2. الوسائل باب: 11 من أبواب التدبير الحديث: 2.
  3. الوسائل باب: 18 من أبواب الوصايا الحديث: 8.
  4. الوسائل باب: 19 من أبواب الوصايا الحديث: 4.
  5. الوسائل باب: 19 من أبواب الوصايا الحديث: 3.
  6. الوسائل باب: 8 من أبواب التدبير الحديث: 3.
  7. الوسائل باب: 2 من أبواب التدبير الحديث: 2.
  8. الوسائل باب: 2 من أبواب التدبير الحديث: 4.
  9. الوسائل باب: 3 من أبواب التدبير الحديث: 4.
  10. الوسائل باب: 2 من أبواب التدبير الحديث: 7.
  11. الوسائل باب: 2 من أبواب التدبير الحديث: 4.
  12. الوسائل باب: 4 من أبواب التدبير الحديث: 2.
  13. الوسائل باب: 9 من أبواب التدبير الحديث: 1.
  14. الوسائل باب: 9 من أبواب التدبير الحديث: 2.
  15. الوسائل باب: 9 من أبواب التدبير الحديث: 3.
  16. الوسائل باب: 4 من أبواب المكاتبة الحديث: 4.
  17. الوسائل باب: 4 من أبواب المكاتبة الحديث: 7.
  18. الوسائل باب: 4 من أبواب المكاتبة الحديث: 2.
  19. الوسائل باب: 4 من أبواب المكاتبة الحديث: 15.
  20. مستدرك الوسائل باب: 5 من أبواب المكاتبة الحديث: 1.
  21. الوسائل باب: 5 من أبواب المكاتبة الحديث: 3.
  22. راجع ج: 17 صفحة: 8.
  23. الوسائل باب: 10 من أبواب العتق الحديث: 2.
  24. الوسائل باب: 17 من أبواب المكاتبة الحديث: 2.
  25. الوسائل باب: 17 من أبواب المكاتبة الحديث: 1.
  26. الوسائل باب: 19 من أبواب المكاتبة الحديث: 3.
  27. الوسائل باب: 23 من أبواب موانع الإرث الحديث: 7.
  28. الوسائل باب: 23 من أبواب موانع الإرث الحديث: 1.
  29. الوسائل باب: 23 من أبواب موانع الإرث الحديث: 5.
  30. الوسائل باب: 6 من أبواب المكاتبة الحديث: 1.
  31. الوسائل باب: 6 من أبواب المكاتبة الحديث: 2.
  32. الوسائل باب: 6 من أبواب المكاتبة الحديث: 3.
  33. راجع ج: 17 صفحة: 232.
  34. الوسائل باب: 19 من أبواب المكاتبة الحديث: 4.
  35. تقدم في صفحة: 275.
  36. سورة النور: 33.
  37. سورة النور: 33.
  38. الوسائل باب: 9 من أبواب المكاتبة الحديث: 2.
  39. الوسائل باب: 9 من أبواب المكاتبة الحديث: 1.
  40. الوسائل باب: 4 من أبواب الاستيلاد.
  41. الوسائل باب: 1 من أبواب الاستيلاد الحديث: 1.
  42. الوسائل باب: 1 من أبواب الاستيلاد الحديث: 2.
  43. الوسائل باب: 6 من أبواب الاستيلاد الحديث: 1.
  44. الوسائل باب: 5 من أبواب الاستيلاد الحديث: 2.
  45. الوسائل باب: 6 من أبواب الاستيلاد الحديث: 1 و 2.
  46. الوسائل باب: 6 من أبواب الاستيلاد الحديث: 4.
  47. الوسائل باب: 2 من أبواب الاستيلاد.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"