1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب العارية
و هي التسليط على العين للانتفاع بها على جهة التبرع (۱)، و هي من‏ العقود (۲) التي تحتاج إلى إيجاب و قبول، فالإيجاب كل لفظ له ظهور عرفي في إرادة هذا المعنى كقوله «أعرتك» أو «أذنت لك في الانتفاع به» أو «خذه لتنتفع به» و نحو ذلك (۳). و القبول كلما أفاد الرضا بذلك (٤). و يجوز أن يكون بالفعل (٥) بأن يأخذ العين المعارة بعد إيجاب المعير بهذا العنوان، بل الظاهر أنه لا يحتاج في وقوعها و صحتها إلى لفظ أصلا، فتقع بالمعاطاة (٦)، كما إذا دفع إليه قميصا ليلبسه فأخذه للبس أو دفع إليه إناء أو بساطا ليستعمله فأخذه و استعمله.

و هي شائعة بين الناس في جميع الأمكنة و الأزمان و تمام أهل الملل و الأديان، و في صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى صفوان بن أمية فاستعار منه سبعين درعا بأطراقها فقال أ غصبا يا محمد؟ فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله بل عارية مضمونة»۱، و عن الصادق عليه السّلام: «جرت في صفوان بن أمية الجمحي ثلاث من السنن: استعار منه رسول اللّه سبعين درعا حطمية فقال:

أ غصبا يا محمد؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: بل عارية مؤداة»۲، و هذه المادة تستعمل بمعنى التردد و التحول و تسمى العارية المتعارفة عارية لتحولها من يد إلى يد.

قد مر مكررا أن التعاريف المذكورة في ألسنة الفقهاء لعناوين العقود شروح لفظية كتعاريف اللغويين لما يذكرونه من اللغات فلا موضوع للنقض و الإبرام فيها لأن موضوعها الحدود الحقيقية الواقعية كما ثبت في محله و إذا راجعنا مرتكزات الناس في العارية المتعارفة لديهم يحكمون بأنها: «تسليط على العين للانتفاع بها تبرعا» فتكون كذلك شرعا لأنها ليست من التعبديات، بل من الأمور العرفية التي ورد عليها الشرع كسائر العقود و الإيقاعات لا أنها أخذت من الشرع حتى تكون تعبدية- كالصلاة و نحوها- و لعل جملة من العقود المتعارفة أوضح لدى العرف مما ذكره الفقهاء في تعريفها، و المنساق إلى الأذهان العرفية في معنى العارية هو ما ذكر.

و ليس المراد بالتسليط التمليك و التملك المعتبر في العقود المملكة بل مجرد الإذن و الترخيص في الانتفاع فهي بالحكم أشبه منه بالوضع فالجواز فيها حكمي لا أن يكون وضعيا كما يأتي إن شاء اللّه تعالى، و لا ريب في أنها مباين مع الرهن لاعتبار الوثيقة للدين فيه دونها.

على المشهور بين الفقهاء، بل ظاهرهم الإجماع و لكن الانتفاع بمال الغير مجانا يمكن أن يقع بمجرد إذنه أو اباحته له أو تفويض العين إليه لهذا الغرض و كل ذلك من الإيقاع فيكون الرد مانعا لا أن يكون القبول شرطا. إلا أن يقال: إن مرادهم بالقبول مجرد رضاء المستعير بما دفع إليه المعير للانتفاع به مجانا، و على هذا لا ثمرة عملية بين تسميتها عقدا أو إيقاعا.

نعم، لو قيل بوقوعها بإنشاء المعير و لو مع غفلة المستعير و عدم توجهه أصلا لكانت الثمرة بينهما ظاهرة و الظاهر انهم لا يقولون به فهي عقد وسّع في قبولها بما لم يوسع في قبول غيرها من العقود.

لأن المناط في صحة الإيجاب في كل عقد أن يكون له ظهور عرفي في العنوان المنشأ و المفروض ظهور كل ذلك في عنوان العارية فيصح الاكتفاء بها عند أهل المحاورة، مع إن العقود الجائزة مبنية على المسامحة من كل جهة.

لأن المدار في القبول إبراز الرضاء بما أنشأه المجيب بأي وجه تحقق ذلك إلا إذا ورد تحديد خاص فيه من الشرع و لا تحديد كذلك في المقام‏ فيصح الاكتفاء بما ذكر، مع ان الحكم بكفاية الإيجاب و القبول بما ذكر مطابق للإجماع و الأصل و الإطلاق.

لأنه مبرز للرضاء بالإيجاب فيصح الاكتفاء به مع عدم دليل على الخلاف و يصح التمسك بالسيرة على صحته أيضا.

لصدق العارية على إيجادها بالمعاطاة أيضا فتشملها الأدلة مضافا إلى أصالة الصحة بعد عدم دليل على المنع و ظهور السيرة المستمرة خلفا عن سلف.

(مسألة ۱): يعتبر في المعير، أن يكون مالكا للمنفعة (۷) و له أهلية التصرف فلا تصح اعارة الغاصب عينا أو منفعة و تجري الفضولية فيها و تصح بإجازة المالك كالبيع و الإجارة (۸). و كذا لا تصح إعارة الصبي و المجنون و المحجور عليه لسفه أو فلس إلا مع إذن الولي و الغرماء (۹).و تصح إعارة الصبي إذا كان بإذن الولي (۱0).

لأنها تسليط الغير على الانتفاع بالمال و لا يصح تسليط الغاصب شخصا على ما غصبه بالأدلة الأربعة كما يأتي في محله.

لما تقدم في كتاب البيع من أن عقد الفضولي مطابق للإطلاقات و العمومات إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخلاف في المقام فتشمله أدلة العارية بلا مانع في البين.

لأنها تصرف مالي و لا تصح التصرفات المالية ممن ذكر إلا بإذن الولي بالضرورة الفقهية كما ثبت كل ذلك في محله تفصيلا.

أما كون تصرفه صحيحا لفرض إجازة الولي، و أما إنشاؤه فإن قلنا بأن الصبي مسلوب العبارة مطلقا فلا يبقى موضوع لإجازة الولي، لفرض كون عباراته كالعدم فلم يقع منه شي‏ء حتى تتعلق به الإجازة، و إن قلنا بأنه ليس مسلوب العبارة بل تكون إنشاءاته كتصرفاته المالية تصح بالإجازة أيضا، و حيث لا دليل من عقل أو نقل على كون الصبي مسلوب العبارة مطلقا فتصح إنشاءاته كتصرفاته بالإجازة إلا ما دل الدليل بالخصوص على الخلاف.

نعم، الظاهر أن المجنون و بعض مراتب غير المميز مسلوب العبارة عند العقلاء و تقدم في كتاب البيع بعض ما ينفع المقام.

(مسألة ۲): لا يشترط في المعير ملكية العين بل يكفي ملكية المنفعة بالإجارة أو بكونها موصى بها (۱۱). له بالوصية. نعم إذا اشترط استيفاء المنفعة في الإجارة بنفسه ليس له الإعارة (۱۲).

لأصالة الصحة، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، و حصول الغرض من العارية على كل حال، و جريان قاعدة السلطنة بالنسبة إلى كفاية ملك المنفعة أيضا، و أما إذا لم يكن مالكا للعين و لا المنفعة بل كان مالكا للانتفاع فمقتضى الأصل عدم صحة الإعارة إلا بإذن المالك، لأصالة عدم الحق لغير المالك على التسليط على مال المالك بإعارة و نحوها.

لعدم قدرته عليها شرعا، لفرض اشتراط المباشرة في ذلك من الانتفاع.

(مسألة ۳): يعتبر في المستعير أن يكون أهلا للانتفاع (۱۳) بالعين فلا تصح استعارة المصحف للكافر و استعارة الصيد للمحرم (۱٤)، لا من المحل و لا من المحرم (۱٥). و كذا يعتبر فيه التعيين (۱٦)، فلو أعار شيئا أحد هذين أو أحد هؤلاء لم يصح و لا يشترط أن يكون واحدا (۱۷) فيصح إعارة شي‏ء واحد لجماعة كما إذا قال أعرت هذا الكتاب أو الإناء لهؤلاء العشرة فيستوفون المنفعة بينهم بالتناوب أو القرعة كالعين المستأجرة و كذا يجوز أن يكون عددا غير محصور كما إذا قال أعرت هذا الشي‏ء لكل الناس و إن كان الأحوط خلافه (۱۸).

للإجماع، و للأدلة الخاصة الدالة على أنه لا يجوز تسليط الكافر على المصحف، و لا المحرم على الصيد مثلا كما مر في محله و غير ذلك من‏ الموارد الخاصة.

تقدم بعض ما يتعلق بالأول في كتاب البيع‏۳، و ما يتعلق بالثاني في كتاب الحج فراجع.

لأن كلا منهما تسليط للمحرم على الصيد و هو لا يجوز. و أما العكس و هو ما لو كان الصيد في يد محرم فأخذه المحل منه بصورة العارية يصح لكن في كونه من العارية المصطلحة إشكال بل منع، لما مر من إنه يعتبر أن يكون المعير مالكا للعين أو المنفعة و المحرم لا يملك شيئا من الصيد و قد مر التفصيل في كتاب الحج فراجع.

للإجماع، و السيرة العملية.

نعم، لا يبعد حصول مطلق الإذن في التصرف لواحد بعد تعيينه بالقرعة لكنه ليس من العارية المعهودة في شي‏ء و لا يترتب عليه أحكامها.

للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، و لأن العارية من سنخ الإباحة يتسامح فيها بما لا يتسامح في غيرها من العقود.

دليل الجواز أن الكلي المعين له نحو تعين عرفا في مقابل المجهول‏ المطلق، و لا دليل على اعتبار الأزيد من ذلك في العارية التي هي من سنخ الإباحات المطلقة، و لذا نسب إلى العلامة رحمه اللّه الصحة فيه أيضا، و دليل عدم الصحة انه غير معهود في العقود، و العهود المتعارفة بين الناس و المنساق من أدلة العارية عرفا، و شرعا غير ذلك فيرجع إلى أصالة عدم تحقق العنوان الخاص بعد الشك في الصدق، و لكن الظاهر تحقق الإذن، و الإباحة المطلقة في الجملة فيرجع في التعيين إما إلى القرعة، أو الى التناوب في الانتفاع.

(مسألة ٤): يعتبر في العين المستعارة كونها مما يمكن الانتفاع بها منفعة محللة مع بقاء عينها (۱۹) كالعقارات و الدواب و الثياب و الكتب و الأمتعة و الصفر و الحلي بل و فحل الضراب و الهرة و الكلب للصيد و الحراسة و أشباه ذلك فلا يجوز إعارة ما لا منفعة له محللة كآلات اللهو و كذا آنية الذهب و الفضة بناء على عموم حرمة الانتفاع بها و أما بناء على اختصاص الحرمة باستعمالها في الأكل و الشرب فلا تجوز إعارتها لخصوص هذه المنفعة (۲0) و كذا ما لا ينتفع به إلا بإتلافه كالخبز و الدهن و الأشربة و أشباهها (۲۱).

للإجماع، و السيرة في العواري المتعارفة، و النهي عن الانتفاع بالمنافع المحرمة فيكون التسليط على العين لأجلها باطلا و حراما.

و قد تقدم التفصيل في فصل الأواني من كتاب الطهارة4، فراجع.

و أما الآلات المشتركة بين المنفعة المحللة، و المحرمة فيجوز إعارتها للمنفعة المحللة بلا إشكال، و كذا تجوز إعارتها مطلقا بلا تقييد للمنفعة المحرمة لفرض وجود المنفعة المحللة فيها فتشملها الأدلة و تقدم في المكاسب المحرمة٥، و سيأتي في كتاب الإجارة ما ينفع المقام.

للإجماع على اعتبار بقاء العين في مورد العارية إلا فيما خرج‏ بالدليل- كما سيأتي- و قد جعل ذلك قاعدة في العارية و أرسلوها إرسال القواعد الكلية التي يستدلون بها في العارية ثمَّ ذكروا قاعدة أخرى و هي قولهم: «كلما يصح الانتفاع به مع بقاء عينه تصح إعارته و إجارته» ثمَّ أشكلوا بأن إعارة المنحة جائزة دون إجارتها، و لا بد من بيان إنه ما المراد بقولهم: كلما يصح الانتفاع به مع بقاء عينه؟ و أنه ما المراد بالعين، هل المراد بها عين ما ينتفع به بلا واسطة بالدقة العقلية أو المراد العين التي تقع مورد الانتفاع عرفا؟

فإن كان المراد هو الأول فهو خلاف ما تسالموا عليه من عدم ابتناء الشرعيات على الدقائق العقلية مع إنه مستلزم لبطلان العارية، و الإجارة فيما إذا أستعير محل للانتفاع بحرارته، أو ببرودته الواردة عليه و الخارجة عنه- من الآلات الصناعية الحديثة مثلا- و القول ببطلانها فيه لا ينبغي ان يصدر عن عاقل فضلا عن فقيه فاضل.

و ان كان المراد العين التي ينتفع بها عرفا بحيث يصدق عرفا الانتفاع و لو مع إتلاف المنفعة فيصح الانتفاع بالشاة مع بقاء عينها عرفا فيصير المثال مطابقا للقاعدة لا مخالفا لها حتى نحتاج إلى القول بأنه تعبد خاص لا بد من الاقتصار على مورده فلا يتعدى إلى الناقة و البقر، أو نقول أن المثال من مجرد الإباحة المطلقة، أو الوكالة في الانتفاع لا ان يكون من العارية كما يظهر من صاحب الجواهر، فالشاة، و الناقة، و البقر، و البئر للاستسقاء، و الحمام لصرف الماء كلها داخل تحت عنوان واحد يصح تطبيقها على القاعدة بالنظر العرفي الذي هو المناط في الأحكام الشرعية.

ثمَّ انه قد يستدل على استثناء المنحة بقول النبي صلّى اللّه عليه و آله «العارية مؤداة و المنحة مردودة و الدين مقضي و الزعيم غارم»٦.

و نوقش فيه: بقصور السند كما هو دأبهم في النبويات و لكن الظاهر ان المتن يشهد بصدوره منه صلّى اللّه عليه و آله، و لكن لا دلالة فيه على أنها كانت بعنوان العارية إذ يمكن ان يكون بعنوان مطلق الإذن في الانتفاع و الإباحة، و كذا الاستدلال‏ بخبر الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يكون له الغنم يعطيها بضريبة سنة شيئا معلوما، أو دراهم معلومة من كل شاة كذا و كذا قال عليه السّلام: لا بأس بالدراهم، و لست أحب أن يكون بالسمن»۷، و صحيح ابن سنان: «سأله أيضا عن رجل دفع إلى رجل غنمه بسمن، و دراهم معلومة لكل شاة كذا و كذا في كل شهر.

قال عليه السّلام: لا بأس بالدراهم، و أما السمن فما أحب ذلك إلا أن تكون حوالب فلا بأس بذلك»۸.

بدعوى: أنه إذا جاز مع العوض فبدونه أولى و ذلك لأن الأولوية ممنوعة و على فرض صحتها لا وجه لتعين كونه عارية إذ يمكن ان يكون بعنوان الصلح أو الهبة.

(مسألة ٥): يجوز إعارة الشاة للانتفاع بلبنها و صوفها و البئر للاستقاء منها (۲۲).

صحة عارية الشاة للانتفاع بلبنها مورد الإجماع و البقية مطابقة للقاعدة التي ذكروها في العارية و هي أن مورد العارية ما يمكن الانتفاع به مع بقاء العين فإن العرف يرى ذلك كله انتفاع بالشي‏ء مع بقاء عين ما ينتفع بها، و يظهر ذلك من كل من مثل لمورد عدم جواز العارية بعارية الخبز للأكل فإنه ظاهر بل نص في ان المراد انما هو زوال عين ما ينتفع به لا العين التي يعد إعدامها انتفاعا من العين الأخرى بنظر العرف كالأمثلة المذكورة و كإعارة الشجرة للانتفاع بثمرها و لكن الأحوط مع ذلك التصالح و التراضي و عدم ترتب الأحكام الخاصة في غير المنحة.

(مسألة ٦): لا يجوز استعارة الجواري للاستمتاع بها لانحصار سبب حليتها بالتزويج و ملك العين و بالتحليل الراجع إلى أحدهما (۲۳) نعم لا بأس بإعارتهم للخدمة، و لا يجوز للمستعير أن ينظر إلى ما لا يجوز النظر إليه منها لو لا الاستعارة إلا بتحليل المعير (۲٤).

على المشهور للحصر المستفاد من قوله تعالى‏ إِلَّا عَلى‏ أَزْواجِهِمْ* أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ*۹، مضافا إلى ورود النص فيه و يأتي التفصيل في كتاب النكاح إن شاء اللّه تعالى.

أما جواز استعارتها للخدمة فللإجماع و قاعدة السلطنة، و أما عدم جواز النظر فللأدلة الدالة على عدم جواز النظر إلى الأجنبية مطلقا إلا ما استثنى منها و أما الحلية بالتحليل فلأدلة التحليل مضافا إلى الإجماع و يأتي التفصيل في محله.

(مسألة ۷): لا يشترط تعيين العين المستعارة عند الإعارة، فلو قال: «أعرني إحدى دوابك» فقال ادخل «الإصطبل و خذ ما شئت منها» صحت العارية (۲٥).

للأصل، و الإجماع، و السيرة على عدم اعتبار التعيين في المجانيات كما إذا قال المالك للفقير: ادخل المطبخ و خذ و كل ما شئت من الأطعمة، أو قال المضيف للضيف: كل ما شئت من الأغذية، و استمتع بما تريد من الفرش، و الأمتعة إلى غير ذلك من الموارد التي جرت عليها سيرة العقلاء، و في المثل المعروف «المجان لا يعد و لا يستبان».

(مسألة ۸): العين التي تعلقت بها العارية ان انحصرت جهة الانتفاع بها في منفعة خاصة كالبساط للافتراش و اللحاف للتغطية و الخيمة للاكتنان و أشباه ذلك لا يلزم التعرض لجهة الانتفاع بها عند إعارتها و استعارتها (۲٦). و إن تعددت جهات الانتفاع بها كالأرض ينتفع بها للزرع و الغرس و البناء و الدابة ينتفع بها للحمل و الركوب و نحو ذلك فإن كانت إعارتها و استعارتها لأجل منفعة أو منافع خاصة من منافعها يجب التعرض لها (۲۷) و اختص حلية الانتفاع للمستعير بما خصصه المعير (۲۸) إن كانت لأجل الانتفاع المطلق جاز التعميم و التصريح بالعموم (۲۹) بأن يقول أعرتك هذه الدابة مثلا لأجل أن تنتفع بها كل انتفاع مباح يحصل منها كما انه يجوز إطلاق العارية (۳0). بأن يقول أعرتك هذه الدابة فيجوز للمستعير الانتفاع بسائر الانتفاعات المباحة المتعلقة بها نعم ربما يكون لبعض الانتفاعات بالنسبة إلى بعض الأعيان خفاء لا يندرج في الإطلاق ففي مثله لا بد من التنصيص به أو التعميم على وجه يعمه (۳۱) و ذلك كالدفن فإنه و إن كان من أحد وجوه الانتفاعات من الأرض كالبناء و الزرع و الغرس و مع ذلك لو أعيرت الأرض اعارة مطلقة لا يعمه الإطلاق (۳۲).

للأصل، و الإجماع، و السيرة، و لأن انحصار الانتفاع في جهة خاصة قرينة عرفية على تعين الانتفاع بها، و في غير تلك الجهة المعينة يلزمه الاستيذان‏ من المعير، و يضمن لو تصرف بدون إذنه أو إجازته كما إذا أراد ان يفرش اللحاف، أو يجعل البساط خيمة و ذلك لأصالة حرمة التصرف في مال الغير إلا فيما شمله الإذن.

نعم، لو كان التصرف في غير الجهة المعهودة بما يكون أخف و أدون منها يمكن ان يشمله الإذن بالفحوى.

لأصالة عدم ثبوت السلطة على الانتفاع إلا فيما قصده المعير، و أصالة عدم تحقق العارية المعهودة إلا بذلك مضافا إلى ظهور الإجماع، و السيرة العملية.

لأصالة عدم جواز التصرف في مال الغير إلا فيما إذن فيه و رضي به، مضافا إلى إجماع العقلاء فضلا عن الفقهاء.

لقاعدة: «الناس مسلطون على أموالهم فيما شاءوا و أرادوا ما لم ينه الشارع عنه»، فإذا أراد تعميم الانتفاع لا بد من التصريح بمراده لا محاله كما في سائر المرادات و إبرازها.

لما ثبت في محله من ان المطلق يشمل جميع ما يصح انطباقه عليه‏ إلا مع القرينة على الخلاف مضافا إلى الإجماع و السيرة.

لأنه مع عدم التنصيص على التعميم يشك في شمول المطلق له حينئذ و قد ثبت في محله انه لا يجوز التمسك بالدليل- مطلقا كان أو عاما- في الموضوع المشكوك و قد جرت عليه سيرة أهل المحاورة أيضا فراجع، و تأمل.

هذا، فيما إذا شك في الشمول و عدمه فضلا عما إذا كانت هناك قرائن دالة على عدم الشمول فلا يصح التصرف حينئذ مطلقا.

و كذا في جملة من الصناعات التي يوجب تلوث المحل و قذارته مما يوجب تنفر الطباع و لا يرضى بها نوع الملاك.

و بعبارة أخرى: كلما ينصرف الإطلاق عنه و هو مما يختلف باختلاف الأزمنة، و الأمكنة، و الأشخاص، و ليس له حد معين مخصوص حتى يذكر و كلما يذكر انما هو من باب المثال.

(مسألة ۹): العارية جائزة من الطرفين (۳۳) فللمعير الرجوع متى‏ شاء (۳٤) كما أن للمستعير الرد متى شاء (۳٥). نعم، في خصوص إعارة الأرض للدفن لم يجز للمعير بعد الدفن و الموت الرجوع عن الإعارة و بنش القبر و إخراج الميت على الأصح (۳٦).و أما قبل ذلك فله الرجوع حتى بعد وضعه في القبر قبل مواراته (۳۷)، و ليس على المعير أجرة الحفظ و مئونته (۳۸) إذا رجع بعد الحفر قبل الدفن كما انه ليس على ولي الميت طم الحفر بعد ما كان بأذن من المعير (۳۹).

لتقومها بالإذن، و الترخيص حدوثا و بقاء، و ليست من العقود المملكة حتى تجري فيها أصالة اللزوم إذ لم يحصل ملك و حق للمستعير على المعير و كذا العكس، و انما يجوز له الانتفاع لأجل إذن المعير و اباحته فالجواز فيها حكمي لا أن يكون وضعيا حتى يكون مقابل اللزوم الذي هو مورد أصالة اللزوم فتكون العارية مثلما إذا إذن المالك لأحد في الجلوس على بساطه مثلا هذا مضافا إلى ظهور إجماعهم على الجواز.

و ما نسب إلى ابن الجنيد: من لزومها من طرف المعير في عارية الأرض القراح مدة للغرس، و البناء لا دليل عليه من عقل، أو نقل.

نعم، مثل سائر الموارد التي قيل فيها بعدم جواز رجوع المعير عن إعارته لأجل جهات خارجية لا أن يكون اللزوم متعلقا بذات العقد أولا و بالذات كسائر العقود اللازمة.

لما مر من تقومها بإذنه و هو فاعل مختار إن شاء بقي على إذنه و إن شاء رجع.

لأصالة عدم حدوث ملزم عليه بعد ان كان مفاد العارية مجرد الإذن الترخيص في الانتفاع فيكون المستعير كضيف ورد على مائدة متى أمسك عنها لا محذور فيه.

للإجماع، و لا لأهمية مراعاة حرمة الميت المحترم عند المتشرعة عن رجوع المعير في عاريته بل يلومونه مع لزوم الهتك هذا مع عدم إمكان الجمع بين الحقين بحسب المتعارف فيجمع بينهما ان لم يكن محذور في البين و تقدم بعض الكلام في أحكام الأموات.

ثمَّ انه قد استثنى عن جواز رجوع المعير في العارية موارد:

الأول‏: إعارة الأرض للدفن.

الثاني‏: العارية للرهن.

الثالث‏: ما إذا ترتب على الرجوع ضرر لا يتدارك.

الرابع‏: عارية الحائط لوضع الخشب عليه.

الخامس‏: عارية الأرض للزرع و البناء و الغرس مدة معلومة إلى غير ذلك مما ذكروه في الأبواب المتفرقة.

و الحق ان يقال: ان الإعارة في هذه الموارد تتصور على وجوه:

الأول‏: ان يكون في البين التزام بنائي على الإبقاء في ضمن عقد العارية و لو بالدلالة الضمنية الالتزامية المكشوفة من القرائن المعتبرة و لا ريب في شمول عموم أدلة الوفاء بالشرط و لكنه مبني على أن الشروط في ضمن العقود الجائزة واجبة الوفاء كما عن جمع أولا كما عن آخرين و مقتضى الإطلاق و العموم هو الأول و تقدم التفصيل في أحكام الشروط من كتاب البيع فراجع‏۱0.

الثاني‏: ان المعير بإقدامه على مثل هذه العواري أسقط حقه عن البقاء بالنسبة إلى ما إذن فيه حدوثا فلا حق له حتى يرجع إليه و لا كلية فيه و الظاهر اختلافه باختلاف الموارد و الأشخاص و سائر الجهات، و في مورد الشك يستصحب بقاء حقه، بل مقتضى قاعدة السلطنة بقاؤه أيضا.

الثالث‏: ان يشك انها من أي القسمين و المرجع استصحاب بقاء الحق فيجوز الرجوع.

الرابع‏: ان يحدث للمستعير في مثل هذه العواري حق أيضا و لا بد حينئذ من ترجيح أحد الحقين على الآخر بالمرجحات الخارجية و ملاحظة الأهمية لأن المسألة من صغريات التزاحم عرفا و يمكن اختلاف ذلك باختلاف الموارد و الخصوصيات لا أن تكون جميع المصاديق داخلة تحت كبرى واحدة و لا بد من تدارك ضرر كل منهما لو لزم من الرجوع ضرر على كل واحد منهما جمعا بين الحقين لفرض ان أصل حدوث العارية بحق و غير عدوان.

لأن عمدة الدليل على المنع الإجماع و المتيقن منه بعد المواراة و لعدم صدق النبش الذي استدلوا به على عدم جواز رجوع المعبر.

للأصل، و لأن حفظ الميت المحترم من الواجبات الكفائية المجانية و ان ثبتت الأولوية للولي في الجملة و ما كان كذلك لا يقابل بالعوض كم مر في المكاسب المحرمة مع ان الحفر وقع بأذنه و الرجوع وقع بأمر الشارع بعد صحة رجوعه شرعا.

و ما كان بإذن المالك مجانا فلا وجه للضمان بالنسبة إليه.

(مسألة ۱۰): تبطل العارية بموت المعير (٤۰)، بل بزوال سلطنته بجنون و نحوه (٤۱).

لتقومها بالاذن حدوثا و بقاء، و عدم حدوث الملكية للمستعير أبدا و مع الموت ينتفي موضوع الإذن فتبطل لا محالة، و كذا الكلام في جميع العقود الإذنية من الوديعة و الوكالة، و كذا تبطل بموت المستعير الودعي و الوكيل لاختصاص الإذن في ظاهر العقد بهم فينتفي بموتهم هذا مع ثبوت الإجماع على ان العقود الجائزة تبطل بموت كل واحد من المتعاقدين.

لأنه لا أثر للإذن بعد زوال السلطنة مضافا إلى الإجماع على البطلان فيه أيضا.

(مسألة ۱۱): يجب على المستعير الاقتصار في نوع المنفعة على ما عينها المعير فلا يجوز له التعدي إلى غيرها (٤۲) و لو كانت أدنى و أقل ضررا على المعير (٤۳) و كذا يجب ان يقتصر في كيفية الانتفاع على ما جرت به العادة فلو أعاره دابة للحمل لا يحملها إلا القدر المعتاد بالنسبة إلى ذلك‏ الحيوان و ذلك المحمول و ذلك الزمان و المكان (٤٤) فلو تعدى نوعا أو كيفية كان غاصبا و ضامنا و عليه أجرة ما استوفاه من المنفعة (٤٥).

لحرمة الانتفاع بمال الغير بدون إذنه بالأدلة الأربعة كما مر.

لأن الأدنى و الأقل ضررا مما لم يتعلق به إذن المالك و كل ما لم يتعلق به إذن المالك يحرم الانتفاع بدون اجازته، لما تقدم.

نعم، لو كان الأدون مما يشمل الإذن بالفحوى عرفا يجوز الانتفاع به حينئذ لفرض تحقق الإذن فيه أيضا، كما إذا استعار أرضا للزرع يجوز دخوله و إدخال عملة الزرع فيها، لشمول الإذن لذلك عرفا.

و ذلك كله لأصالة احترام كل ما يتعلق بالغير- عينا و منفعة و انتفاعا- و عدم جواز التصرف إلا برضاه عند جميع العقلاء فضلا عن الفقهاء و قد ثبت إجماعهم على ذلك و قد تقدم مرارا إثبات هذا الأصل بالأدلة الأربعة.

أما العصيان فبإجماع المسلمين، بل بضرورة من الدين، و أما الضمان بالنسبة إلى التعدي في مال الغير فكذلك أيضا و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: «على اليد ما أخذت حتى تؤدي»۱۱. و خلاصة معناه كل من أستولى على مال الغير بغير حق فهو له ضامن. و يشهد له بل يدل عليه في المقام قولهم عليهم السّلام: «إذا استعرت عارية بغير إذن صاحبها فهلكت فالمستعير ضامن»۱۲.

و أما وجوب تدارك ما استوفاه من المنفعة فلقاعدة «على اليد» و أصالة احترام المال، فلا بد من تداركه إما بالعوض الجعلي أو الواقعي و هذه الأحكام كلها من المسلمات الفقهية عند الفريقين، بل يمكن ان تعد من الفطريات العقلائية لو التفت الناس إلى عقولهم.

(مسألة ۱۲): لو أعاره أرضا للبناء (٤٦) أو الغرس جاز له الرجوع و له إلزام المستعير بالقلع لكن عليه الأرش، و كذا في عاريتها للزرع إذا رجع قبل إدراكه، و يحتمل عدم استحقاق المعير إلزام المستعير بقلع الزرع لو رضي المستعير بالبقاء بالأجرة و الأحوط لهما التراضي (٤۷) و التصالح و مثل ذلك ما إذا أعار جذوعه للتسقيف ثمَّ رجع بعد ما أثبتها المستعير في البناء.

تقدم ما يتعلق بهذه المسألة في (مسألة ۹) عند بيان استعارة الأرض‏ للدفن و الدليل في الجميع واحد و إن تعددت المصاديق و الصغريات فلا وجه للإطالة بالتكرار.

لأن هذه المسائل لم يرد فيها نص خاص، و لا بد من تطبيقها على القواعد العامة و ملاحظة بعضها مع بعض ثمَّ الترجيح، و لا ريب في أن ذلك يختلف باختلاف الانظار فلذلك اختلفت الأقوال كما مر.

(مسألة ۱۳): العارية أمانة بيد المستعير لا يضمنها لو تلفت إلا بالتعدي أو التفريط (٤۸).نعم، لو شرط الضمان ضمنها و ان لم يكن تعد و لا تفريط (٤۹) كما انه لو كانت العين المعارة ذهبا أو فضة ضمنها شرط فيها الضمان أو لم يشترط (٥0).

أما كون العارية أمانة مالكية في يد المستعير فتدل عليه سيرة العقلاء بل مرتكزات الناس فضلا عن إجماع فقهاء المسلمين، و يستفاد ذلك من نصوص المعصومين، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان و ليس على مستعير عارية ضمان، و صاحب العارية و الوديعة مؤتمن»۱۳، و يأتي بعضها الآخر.

و أما انه لا يضمنها بالتلف فلقاعدة عدم صحة تضمين الأمين إلا مع الشرط مضافا إلى الإجماع و نصوص مستفيضة، منها صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن العارية يستعيرها الإنسان فتهلك أو تسرق؟ فقال عليه السّلام: إن كان أمينا فلا غرم عليه»۱4، و قول الصادق عليه السّلام: «لا غرم على مستعير عارية إذا هلكت أو سرقت أو ضاعت إذا كان المستعير مأمونا»۱٥.

و أما قول علي عليه السّلام: «من استعار عبدا مملوكا لقوم فعيب فهو ضامن»۱٦،فلا بد من حمله اما على الاستعارة بغير إذن المالك أو على مورد التعدي.

و أما الضمان مع التعدي أو التفريط فهو من الفطريات التي يحكم بها كل عاقل، و يدل عليه الإجماع و مفهوم النصوص المستفيضة التي مر بعضها.

إجماعا و نصوصا، منها ما رواه الفريقان عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في قضية صفوان ففي خبر الفقيه: «استعار النبي صلّى اللّه عليه و آله من صفوان بن أمية سبعين درعا حطمية، و ذلك قبل إسلامه، فقال: أ غصب أم عارية يا أبا القاسم؟

فقال صلّى اللّه عليه و آله: بل عارية مؤداة، فجرت السنة في العارية إذا شرط فيها ان تكون مؤداة»۱۷، و منها قول ابي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه إلا أن يكون اشترط عليه»۱۸، و يأتي ما يدل عليه أيضا.

إجماعا و نصوصا، منها صحيح زرارة، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

العارية مضمونة؟ فقال: ما استعرته فتوى (أي تلف) فلا يلزمك تواه إلا الذهب و الفضة فإنهما يلزمان إلا ان تشترط عليه انه متى توى لم يلزمك تواه و كذلك جميع ما استعرت فاشترط عليك لزمك، و الذهب و الفضة لازم لك و إن لم يشترط عليك»۱۹.

(مسألة ۱٤): لا يجوز للمستعير إعارة العين المستعارة و لا إجارتها إلا بإذن المالك (٥۱) فتكون إعارته حينئذ في الحقيقة اعارة المالك و يكون‏ المستعير وكيلا و نائبا عنه، فلو خرج المستعير عن قابلية الإعارة بعد ذلك، كما إذا جن بقيت العارية الثانية على حالها (٥۲).

للأصل، و النص، و الإجماع، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إذا استعيرت‏ عارية بغير إذن صاحبها فهلكت فالمستعير ضامن»۲0.

لفرض بقاء المعير الواقعي على حاله جامعا لشرائط صحة الإعارة فما خرج عن قابلية الإعارة ليس بمعير و ما هو المعير بقي عليها.

(مسألة ۱٥): إذا تلفت العارية بفعل المستعير فإن كان بسبب الاستعمال المأذون فيه من دون تعد عن المتعارف ليس عليه ضمان (٥۳). كما إذا هلكت الدابة المستعارة للحمل بسبب الحمل عليها حملا متعارفا، و إن كان بسبب آخر ضمنها (٥٤) إن كان مثليا فبالمثل و إلا فبالقيمة و المناط على قيمة يوم الأداء (٥٥).

للإطلاق و الاتفاق و بقاء الأمانة التي تنافي الضمان، مضافا إلى السيرة في الاستعمالات المستلزمة عادة للنقص و التلف فإن المتعارف يستنكرون التضمين حينئذ و الا اختصت العارية بأشياء خاصة لا تتحمل النقص بالاستعمال.

لتحقق التعدي حينئذ فيضمن نصا كما مر و إجماعا.

لما مر في المقبوض بالعقد الفاسد فلا وجه للإطالة بالتكرار۲۱.

(مسألة ۱٦): إنما يبرأ المستعير عن عهدة العين المستعارة بردها إلى مالكها أو وكيله أو وليه (٥٦) و لو ردها إلى حرزها الذي كانت فيه بلا يد من‏ المالك و لا إذن منه لم يبرأ (٥۷) كما إذا رد الدابة إلى الاسطبل و ربطها فيه بلا إذن من المالك فتلفت أو أتلفها متلف.

لتحقق الرد شرعا في جميع ذلك.

أما الأول: فهو واضح لا ريب فيه.

و أما الثاني: فلان يده يد الموكل لأجل وكالته.

أما الأخير: فلاقتضاء ولايته الشرعية لذلك.

للأصل بعد عدم إذن مالكي و لا شرعي له في ذلك.

(مسألة ۱۷): إذا استعار عينا من الغاصب فإن لم يعلم بغصبه كان قرار الضمان على الغاصب (٥۸) فإن تلفت في يد المستعير فللمالك الرجوع بعوض ماله على كل من الغاصب و المستعير (٥۹) فإن رجع على المستعير يرجع هو على الغاصب (٦0) فإن رجع على الغاصب لم يكن له الرجوع على المستعير و كذلك بالنسبة إلى بدل ما استوفاه المستعير من المنفعة فإنه إذا رجع به على المستعير يرجع هو على الغاصب دون العكس (٦۱)، و أما لو كان عالما بالغصب لم يرجع المستعير على الغاصب لو رجع المالك عليه بل الأمر بالعكس (٦۲). فيرجع الغاصب على المستعير لو رجع المالك عليه و لا يجوز له أن يرد العين إلى الغاصب بعد ما علم بالغصبية بل يجب ان يردها الى مالكها (٦۳).

للإجماع، و قاعدة الغرور كما مر اعتبارها مكررا بعد فرض كون المستعير جاهلا بالعيب.

لقاعدة اليد بعد فرض جريان يد كل من الغاصب و المستعير على مال المالك، مضافا إلى الإجماع.

لأن قرار الضمان عليه من جهة كونه غارا و منه يعلم وجه صحة رجوع الغاصب إلى المستعير لو رجع المالك إلى الغاصب.

لجريان عين ما مر في سابقة فيه بلا فرق بينهما مع ان الحكم في الأصل و العكس من المسلمات.

أما عدم رجوع المستعير على الغاصب، فلعدم كونه مغرورا لفرض علمه بالعيب فهو بنفسه أقدم على الضمان و أما رجوع الغاصب على المستعير فلفرض ان التلف وقع عنده فيكون قرار الضمان عليه.

لقوله تعالى‏ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى‏ أَهْلِها۲۲، و الغاصب ليس من أهلها كما هو معلوم.

(مسألة ۱۸): لو أنكر العارية بعد طلب المالك لها بطل استيمانه (٦٤).

لظهور خيانته، و مقتضى قاعدة اليد هو الضمان بعد بطلان استيمانه.

(مسألة ۱۹): إذا ادعى المستعير التلف فالقول قوله مع اليمين (٦٥) و لو ادعى الرد فالقول قول المالك مع يمينه (٦٦).

اما قبول قوله فلأمانته، و اما اليمين فلأجل قطع الخصومة و اللجاج.

لأصالة عدم الرد إلا إذا ثبت بالحجة المعتبرة و المفروض عدمها.

و أما اليمين فلقاعدة «البينة على المدعي و اليمين على من أنكر» كما سيأتي.

(مسألة ۲۰): لو قال أعرتك هذا المتاع بشرط ان تعيرني متاعك الخاص، فالأحوط ان يكون التعويض بعنوان التصالح لا بعنوان العارية المحضة (٦۷).

لما هو المعروف من أن العارية لا تعوّض بشي‏ء و لكن لا دليل لهم من عقل أو نقل.

نعم، الغالب في العارية المجانية، فإن كانت هذه المجانية مقومة في ذاتها يصير الشرط خلاف الكتاب و السنة و إن لم يكن كذلك بل كان خلاف إطلاقها الغالبي فلا بأس بذلك، و كذا ان ثبت إجماع معتبر على بطلان مثل هذا الشرط في العارية مطلقا و إثبات كل واحد منهما دونه خرط القتاد و قد أطالوا البحث في‏ ذلك و من أراد العثور فليراجع المطولات.

(مسألة ۲۱): إذا قال المستعير أعرتنيها- لدفع العوض عن نفسه و قال المالك بل آجرتك بكذا- أو وهبتك بكذا- يقدم قول المستعير (٦۸).

لأصالة عدم وجوب التعويض عليه- اجارة كانت أو هبة- إلا إذا أثبت المالك ذلك بالبينة.

ان قيل: مقتضى الأصل عدم خروج مال المالك عن سلطته إلا بما هو يدعيه، و مقتضى الأصل عدم صحة تصرف المستعير إلا فيما يعترف به المالك.

يقال: نعم، لو لم تكن الأصول معارضة بأصالة عدم سلطنته على أخذ العوض من الغير وضعا و تكليفا، و لكن الأحوط التصالح.

(مسألة ۲۲): لو نقصت العين المستعارة بسبب الاستعمال (٦۹) ثمَّ تلفت و قد شرط ضمانها ضمن (۷0).

فلا ضمان بالنسبة إلى المستعير، لفرض أنه أمين و النقص لم يحصل بالتعدي و التفريط إلا إذا شرط ضمان النقص و لو حصل بالاستعمال.

مثلا إن كان مثليا و إلا فبالقيمة و لا ضمان عليه بالنسبة إلى ما نقص لما تقدم.

(مسألة ۲۳): لو استعار مركوبا إلى محل خاص فجاوزه ضمن ما تجاوزه (۷۱).

لأنه غير مأذون فيه فلا بد له من أجرة المثل كما سيأتي في كتاب الإجارة.

و الحمد لله رب العالمين

و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم.

  1. الوسائل باب: ۱ من أبواب أحكام العارية 4.
  2. الوسائل باب: ۲ من أبواب أحكام العارية: ۲.
  3. راجع ج: ۱٦ صفحة: ۳۸٦.
  4. تقدم في ج: ۲ صفحة: ۱4۲.
  5. راجع ج: ۱٦ ص: ۳۸- 4٦.
  6. مستدرك الوسائل باب: 4 من أبواب الدين و القرض حديث: 4 و في سنن ابن ماجه باب: ٥ من كتاب الصدقات حديث: ۲۳۹۸.
  7. الوسائل باب: ۹ من أبواب عقد البائع و شروطه: ۱ .
  8. الوسائل باب: ۹ من أبواب عقد البائع و شروطه: 4.
  9. سورة المؤمنون: ۱.
  10. ج: ۱۷ صفحة: ۲۱۸.
  11. مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب الوديعة: ۱۲ و سنن أبي داود باب: ۸۸ من كتاب البيوع.
  12. الوسائل باب: 4 من أبواب العارية.
  13. الوسائل باب: ۱ من أبواب العارية حديث: ٦.
  14. الوسائل باب: ۱ من أبواب العارية حديث: ۷.
  15. الوسائل باب: ۱ من أبواب العارية حديث:۱0.
  16. الوسائل باب: ۱ من أبواب العارية حديث: ۱۱.
  17. الوسائل باب: ۲ من أبواب العارية: ۱.
  18. الوسائل باب: ۱ من أبواب العارية: ۱.
  19. الوسائل باب: ۳ من أبواب العارية: ۲.
  20. الوسائل باب: 4 من أبواب العارية: ۱.
  21. راجع ج: ۱٦ صفحة: ۲٦٦.
  22. سورة النساء: ٥۸.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"