1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطهارة
  10. /
  11. فصل في كيفية تنجس المتنجسات
(فصل في كيفية تنجس المتنجسات) يشترط في تنجس الملاقي للنجس أو المتنجس أن يكون فيهما، أو في أحدهما، رطوبة مسرية (۱). فإذا كانا جافين لم ينجس، و إن كان ملاقيا للميتة (۲) لكن الأحوط غسل ملاقي ميت الإنسان قبل الغسل و إن كانا جافين (۳). و كذا لا ينجس إذا كان فيهما أو في أحدهما رطوبة غير مسرية (٤). ثمَّ إن كان الملاقي للنجس أو المتنجس مائعا تنجس كلّه (٥) كالماء القليل المطلق و المضاف مطلقا، و الدهن المائع، و نحوه من المائعات. نعم، لا ينجس العالي بملاقاة السافل إذا كان جاريا من العالي، بل لا ينجس السافل بملاقاة العالي إذا كان جاريا من السافل كالفوّارة (٦)، من غير فرق في ذلك بين الماء و غيره من المائعات. و إن كان الملاقي جامدا اختصت النجاسة بموضع الملاقاة (۷) سواء كان يابسا، كالثوب اليابس إذا لاقت النجاسة جزءا منه، أم رطبا كما في الثوب المرطوب، أم الأرض المرطوبة، فإنّه إذا وصلت‏ النجاسة إلى جزء من الأرض أو الثوب لا يتنجس ما يتصل به، و إن كان فيه رطوبة مسرية بل النجاسة مختصة بموضع الملاقاة. و من هذا القبيل الدهن و الدبس الجامدان. نعم، لو انفصل ذلك الجزء المجاور ثمَّ اتصل تنجس موضع الملاقاة منه (۸) فالاتصال قبل الملاقاة لا يؤثر في النجاسة و السراية (۹) بخلاف الاتصال بعد الملاقاة. و على ما ذكر: فالبطيخ و الخيار و نحوهما مما فيه رطوبة مسرية، إذا لاقت النجاسة جزءا منه لا يتنجس الباقي، بل يكفي غسل موضع الملاقاة، إلا إذا انفصل بعد الملاقاة ثمَّ اتصل.

لقاعدة «كل يابس زكي»، و تقدم بيانها۱.

للأصل و القاعدة.

تقدم في [مسألة ۱۰] من نجاسة الميتة.

للرطوبة، و لليبوسة مراتب متفاوتة. و بعض مراتب الأولى لا ينافي صدق بعض مراتب الثانية عليه، و مقتضى الأصل، و الإجماع، و إطلاق قوله عليه السلام: «كلّ يابس زكيّ»۲ طهارة الملاقي للنجس. إلا إذا كان في أحدهما أجزاء مائية ظاهرة موجبة لانتقال النجاسة، و يعبر عنها بالرطوبة المسرية. و لو اكتفى في التنجس بمطلق الرطوبة، فيكون مخالفا للإجماع، و مرتكزات المتشرعة. مع أنّه موجب لتعميم التنجس في الشتاء و البلاد الساحلية لغالب الأشياء، و لا ريب في كونه مخالفا لسهولة الشريعة.

و تستعمل في المتعارف ألفاظ ثلاثة: الجاف، و الندي، و الرطب. و يعبّر عن الأول باليابس، و عن الثاني بالبلة أيضا، كما أنّ في الفارسية ألفاظا ثلاثة:

(تر) (و خشك) (و نمناك). و المراد بالرطوبة المسرية و الناقلة في الكلمات ما يعبّر عنها في الفارسية ب (تر) و هي المشتملة على الأجزاء المائية الظاهرة بحيث تصلح تلك الأجزاء لأن تكون واسطة لنقل النجاسة و انتقالها، و مع الشك في ذلك، فالمرجع أصالة الطهارة، و أصالة عدم تحقق نقل النجاسة.

نصّا و إجماعا، قال أبو جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة: «إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت، فإن كان جامدا فألقها و ما يليها، و كل ما بقي.

و إن كان ذائبا فلا تأكله و استصبح به، و الزيت مثل ذلك»۳.

و نحوه غيره، و يأتي المراد من المائع في [مسألة ۳].

جميع ذلك تقدم في [مسألة ۱] من فصل المياه‏٤.

نصّا٥ و إجماعا. و أصالة الطهارة، و عدم النقل و السراية.

لصدق أنّه لاقى المتنجس فيشمله ما دل على أنّ ملاقي المتنجس ينجس.

لما تقدم من اختصاص النجاسة بخصوص موضع الملاقاة فقط فيكون المجموع شيئا واحدا إلا ما لاقى بعض أجزائه النجس، فينجس ذلك الجزء، و إذا انفصل بعد التنجس ثمَّ اتصل يصدق على موضع الاتصال أنّه لاقى المتنجس، فيشمله دليل التنجس بملاقاة المتنجس لا محالة.

مسألة ۱: إذا شك في رطوبة أحد المتلاقيين، أو علم وجودها و شك في سرايتها، لم يحكم بالنجاسة (۱۰). و أما إذا علم سبق وجود المسرية و شك في بقائها فالأحوط الاجتناب، و إن كان الحكم بعدم النجاسة لا يخلو عن وجه (۱۱).

لأصالة الطهارة و عدم النقل و السراية.

إن كان المستصحب نفس الرطوبة من حيث هي، فلا تثبت به النجاسة، لتوقفها على إثبات السراية. و إثباتها باستصحاب نفس الرطوبة من الأصول المثبتة و أما إذا كان المستصحب نفس السراية من حيث هي، فتترتب عليها النجاسة بلا وساطة شي‏ء، و لا بأس به. و كذا لو كان المستصحب الرطوبة المسرية- أي القيد و المقيد معا- و لا فرق في ذلك بين كون الرطوبة في الملاقي‏ (بالفتح)، أو في الملاقي (بالكسر)، أو فيهما معا، في كون الاستصحاب مثبتا على تقدير، و غير مثبت على تقدير آخر، كما لا فرق بين كون الملاقاة مع الرطوبة من الموضوعات المركبة من الوجدان و الأصل فيكون تحقق الملاقاة وجدانيا، و الأصل بقاء الرطوبة، و بين عدم كونها كذلك، إذ الأصل مثبت على تقدير، دون آخر على كلّ حال.
فروع:

الأول: اللّزوجة غير الرطوبة المسرية، فلو كان موضع متنجسا جافا، و وضع عليه ما التصق به، فمقتضى الأصل الطهارة و كذا في العكس.
الثاني: لو كانت في أحد المتلاقيين الرطوبة المسرية، و كان في الآخر مانع عن قبولها، فمقتضى الأصل الطهارة، و عدم السراية.
الثالث: لو علم بأصل الرطوبة و شك في أنّها مسرية أو لا، أو علم بأنّها مسرية بحسب النوع، و شك في أنّها في خصوص المورد مسرية أو لا، فالأصل الطهارة و عدم السراية كما في محالّ الرطوبة من الجدران و السراديب.

مسألة ۲: الذباب الواقع على النجس الرطب إذا وقع على ثوب أو بدن شخص، و إن كان فيهما رطوبة مسرية، لا يحكم بنجاسته (۱۲) إذا لم يعلم مصاحبته لعين النجس. و مجرد وقوعه لا يستلزم نجاسة رجله، لاحتمال كونها مما لا تقبلها، و على فرضه فزوال العين يكفي في طهارة الحيوانات (۱۳).

لقاعدة الطهارة و استصحابها.

راجع العاشر من المطهرات. ثمَّ إنّه إن علم ببقاء عين النجاسة في بدن الحيوان، أو علم بزوالها، فلا ريب في نجاسة الملاقي لها في الأول و طهارته في الثاني على ما يأتي: من أنّ نجاسة بدن الحيوان تدور مدار بقاء عين النجاسة فيه، و يطهر بزوالها.

و أما إذا شك في البقاء و الزوال فمقتضى الاستصحاب هو البقاء فينجس الملاقي حينئذ.

مسألة ۳: إذا وقع بعر الفأر في الدهن أو الدبس الجامدين يكفي إلقاؤه و إلقاء ما حوله، و لا يجب الاجتناب عن البقية (۱٤) و كذا إذا مشى الكلب على الطين، فإنّه لا يحكم بنجاسة غير موضع رجله، إلا إذا كان وحلا. و المناط في الجمود و الميعان (۱٥) أنّه لو أخذ منه شي‏ء فإن بقي مكانه خاليا. حين الأخذ- و إن امتلأ بعد ذلك- فهو جامد، و إن لم يبق خاليا أصلا فهو مائع.

لما تقدم من اختصاص النجاسة في الجامد بموضع الملاقاة فقط.

هما من المفاهيم المبينة العرفية، و ليسا من الأمور التعبدية- حتّى يرجع فيها إلى الأدلة الشرعية- و لا من الموضوعات المستنبطة حتّى يتبع فيهما نظر الفقيه، و لهما مراتب متفاوتة. فكلّ ما كان قابلا لنقل النجاسة و سرايتها بحسب المتعارف، فهو مائع. و ما لم يكن كذلك يكون جامدا، و مع الشك، فالمرجع أصالة الطهارة و قاعدتها. و ما ورد من الأخبار ليس إلا إرشادا إلى المرتكزات العرفية، كقول أبي جعفر عليه السلام: «إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت فيه، فإن كان جامدا فألقها و ما يليها و كل ما بقي، و إن كان ذائبا فلا تأكله، و استصبح به، و الزيت مثل ذلك»٦.

و قول أبي عبد اللّه عليه السلام في الفأرة و الدابة الواقعة تقع في الطعام و الشراب فتموت فيه. قال عليه السلام: «إن كان سمنا أو عسلا أو زيتا فإنّه ربما يكون بعض هذا، فإن كان الشتاء فانزع ما حوله و كله، و إن كان الصيف فارفعه حتّى تسرج به، و إن كان بردا فاطرح الذي كان عليه، و لا تترك طعامك من أجل دابة ماتت عليه»۷.

و لا يستفاد منهما شي‏ء زائد على الإنظار المتعارفة. و كذا كلمات الفقهاء لا بد و أن تنزل عليها أيضا.

مسألة ٤: إذا لاقت النجاسة جزءا من البدن المتعرق، لا يسري إلى سائر إجزائه، إلا مع جريان العرق (۱٦).

لتحقق الرطوبة المسرية الموجبة لانتقال النجاسة إلى غير محلّ الملاقاة في هذه الصورة، دون غيرها.

مسألة ٥: إذا وضع إبريق مملوء ماء على الأرض النجسة و كان في أسفله ثقب يخرج منه الماء، فإن كان لا يقف تحته بل ينفذ في الأرض أو يجري عليها، فلا يتنجس ما في الإبريق من الماء (۱۷)، و إن وقف الماء بحيث يصدق اتحاده مع ما في الإبريق بسبب الثقب تنجس، و هكذا الكوز و الكأس و الحب و نحوها.

المدار في عدم تنجس ما في الإبريق خروج الماء عنه بالدفع، و قد تقدم في المسألة الأولى من فصل المياه، فراجع. و لكن الظاهر اختلاف الموارد في النفوذ أيضا، فإن كان النفوذ سريعا بحيث لم يصدق الاتصال فلا يتنجس ما في الإبريق، و إن كان بطيئا بحيث لا ينافي صدق الاتصال في الجملة، فالظاهر النجاسة. و مع الشك فالمرجع أصالة الطهارة.

مسألة ٦: إذا خرج من أنفه نخاعة غليظة، و كان عليها نقطة من الدم لم يحكم بنجاسة ما عدا محلّه (۱۸) من سائر أجزائها. فإذا شك في ملاقاة تلك النقطة لظاهر الأنف لا يجب غسله. و كذا الحال في البلغم الخارج من الحلق.

لعدم الميعان الموجب للسراية، و مع الشك فالمرجع قاعدة الطهارة.

مسألة ۷: الثوب أو الفراش الملطخ بالتراب النجس يكفيه‏ نفضة (۱۹) و لا يجب غسله، و لا يضر احتمال بقاء شي‏ء منه، بعد العلم بزوال القدر المتيقن (۲۰).

لأنّه قد وقع عليه النجس فيزول بإلقائه. و النفض إلقاء له، كما إذا وقع دم يابس على شي‏ء فالقي عنه، و عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليهما السلام:

«عن الرجل يمر بالمكان فيه العذرة فتهب الريح فتسفي عليه من العذرة فيصيب ثوبه و رأسه، يصلّي قبل أن يغسله؟ قال عليه السلام: نعم، ينفضه و يصلّي فلا بأس»۸.

بدعوى: أنّ بقاء بعض الآثار يكون مثل بقاء الريح و اللّزوجة في مورد التطهير بالماء، فكما أنّ بقاءها لا يضر بالطهارة في الغسل بالماء، فكذا في المقام.

و بالجملة: العرف يرى البقية من آثار النجاسة الزائلة، لا من عينها الباقية هذا إذا علم بوجود ما زاد على المتيقن، و شك في الزوال. و أما إذا شك في أصل وجود الزائد على المتيقن، فالمرجع أصالة عدم الوجود، و الغالب هو الأخير.

مسألة ۸: لا يكفي مجرد الميعان في التنجس (۲۱)، بل يعتبر أن يكون مما يقبل التأثر. و بعبارة أخرى: يعتبر وجود الرطوبة في أحد المتلاقيين. فالزنبق إذا وضع في ظرف نجس لا رطوبة له لا ينجس، و إن كان مائعا. و كذا إذا أذيب الذهب أو غيره من الفلزات في بوتقة نجسة، أو صب بعد الذوب في ظرف نجس، لا ينجس، إلّا مع رطوبة الظرف أو وصول رطوبة نجسة إليه من الخارج.

لما تقدم من أنّ التنجس متوقف على الرطوبة المسرية، التي يصح أن تكون واسطة في نقل النجاسة من محلّ إلى آخر. و مع الشك فيه فالمرجع أصالة الطهارة، مع القطع بأنّ ميعان مثل الزيبق غير قابل لنقل النجاسة إلى نفسه، أو إلى غيره.

ثمَّ إنّ وقوع الزيبق في ظرف نجس له رطوبة مسرية، الموجب لنجاسة الزيبق، يتوقف على إحراز أنّ الزيبق يقبل الرطوبة. و أما إذا علم بعدمه، أو شك فيه فلا وجه للنجاسة في هذه الصورة أيضا، كما أنّ الفلزات المذابة المصبوبة في ظرف نجس له رطوبة مسرية، يشك في النجاسة أيضا، لأنّها لكثرة حرارتها تدفع‏ الرطوبة، لا أن تقبلها، و يكفي الشك في ذلك للحكم بالطهارة.

مسألة ۹: المتنجس لا يتنجس ثانيا (۲۲) و لو بنجاسة أخرى‏ لكن إذا اختلف حكمهما يرتّب كلاهما (۲۳)، فلو كان لملاقي البول حكم، و لملاقي العذرة حكم آخر، يجب ترتيبهما معا. و لذا لو لاقى الثوب دم، ثمَّ لاقاه البول، يجب غسله مرّتين، و إن لم يتنجس بالبول بعد تنجسه بالدم، و قلنا بكفاية المرة في الدم. و كذا إذا كان في إناء ماء نجس، ثمَّ ولغ فيه الكلب، يجب تعفيره و إن لم يتنجس بالولوغ.و يحتمل أن يكون للنجاسة مراتب في الشدة و الضعف. و عليه فيكون كلّ منهما مؤثرا و لا إشكال (۲٤).

على المشهور، و المقطوع به لدى الأصحاب، و يظهر اتفاقهم عليه في جملة من الأبواب، و تقتضيه المرتكزات العرفية. فإنّه إذا استقذر محلّ بقذارة ثمَّ وقعت عليه قذارة أخرى لا تتحدد جهة الاستقذار، ما لم تكن خصوصية زائدة في البين.

و أما الاستدلال عليه: بأنّه لو أثرت النجاسة الثانية أثرا غير الأولى لكان من اجتماع المثلين، و هو محال. (فمخدوش: بأنّ المحال من اجتماع المثلين ما إذا كان في الموجودات الخارجية، دون الاعتباريات- شرعية كانت أو غيرها- و المقام من الثاني، دون الأول.

و ينبغي التنبيه على أمور:

الأول: مقتضى أصالة عدم التداخل- المعمول بها عند الأصحاب- تعدد النجاسة، و تعدد التطهير، سواء كان السبب علة تامة للمسبب، أم مقتضيا فقط، كما في المقام.

و لكن يمكن أن يقال: إنّ نظائر المقام لا دخل لها بمسألة التداخل و عدمه أصلا، لأنّ المتشرعة، بل العرف مطلقا لا يرون للثاني اقتضاء للتأثير في المحلّ الذي أثر الأول أثره، و لم يبق موضوعا لتأثير غيره، كما إذا وقعت قطرة من الماء- مثلا- في إناء مملوء من الماء، فإنّ العرف لا يرون للقطرة اقتضاء سراية الرطوبة منها إلى الإناء المملوّ بالماء، و يحكمون ببطلان أثره. هذا إذا اتحدا من كلّ‏ حيثية و جهة، و لم يكن اختلاف أثري بينهما أصلا. و أما مع الاختلاف- و لو في الجملة- فلا ريب في تحقق الاقتضاء.
الثاني: تقدم في أول كتاب الطهارة: أنّ الطهارة و النجاسة أمران اعتباريان لهما مراتب متفاوتة- شدة و ضعفا- و لا ريب في اختلاف المرتبة مع اختلاف الأثر، كالوضوء و الغسل، أو الدم و البول، نجاسة و تطهيرا- مثلا- و أما مع عدم الاختلاف، بل الاتحاد من كلّ جهة، فالظاهر تحقق الاشتداد في الطهارة الحدثية، لقولهم عليهم السلام: «الوضوء على الوضوء نور على نور»۹.
و في بعض الأخبار: «الطهر على الطهر عشر حسنات»۱۰.
و أما الطهارة الخبيثة و النجاسة فهل يتحقق الاشتداد فيهما أو لا؟ كما إذا غسل الثوب المتنجس في الكرّ مرات، فهل يحصل الاشتداد في الطهارة؟ و كما إذا صب قطرة بول على قطرة أخرى منه، فهل يحصل الاشتداد في النجاسة؟
وجهان: لا يبعد الأولى. و لكن لا أثر لهذا الاشتداد شرعا، كما أنّ النجاسات حقائق متباينة، أو أنّها مراتب حقيقة واحدة، إذ مع اختلاف الأثر شرعا لا بد من ترتب الأثر في التطهير. و إلا فلا تحصل الطهارة، سواء كانت حقائق مختلفة، أم مراتب حقيقة واحدة. و مع عدمه تحصل الطهارة بمطلق التطهير- كانت حقائق مختلفة أو مراتب حقيقة واحدة- فلا ثمرة لهذا النزاع أصلا.
الثالث: يأتي في مطهرية الانقلاب: أنّ الخمر إذا تنجس بنجاسة خارجية لا يطهر بالانقلاب. و ربما يتوهم التنافي بينه و بين المقام من قولهم: «المتنجس لا يتنجس». و لكن الظاهر أنّه لا تنافي، لاختلاف الأثر، لأنّ قولهم في المقام إنّما هو فيما إذا لم يكن في البين اختلاف الأثر، حدوثا و بقاء أصلا. و ما يأتي في الخمر في مورد اختلاف الأثر، لأنّ النجاسة الخمرية تزول بالانقلاب، بخلاف غيرها المتوقف تطهيرها على مطهّر خاص. و تقدم بقاء الاقتضاء في مورد اختلاف الأثر، فمسألة عروض نجاسة أخرى على الخمر داخلة في ما يأتي من قوله:
«لكن لو اختلف حكمهما».

هذه المسألة معروضة في صورة اختلاف الخصوصية، و ما تقدمها في صورة عدم الاختلاف أصلا. فإنّ أصل النجاسة من حيث هي شي‏ء و الخصوصية الثابتة لبعض النجاسات شي‏ء آخر. و عدم تنجس المتنجس بأصل النجاسة، لا ينافي ثبوت الخصوصية بإطلاق دليلها الشامل لصورة ورودها على المتنجس أيضا.

إن كان مع الاختلاف في الأثر، فلا ريب في ترتيب الأثر الشديد- تباينا أو اختلفا من حيث المرتبة- و إن لم يكن اختلاف أثري في البين، فهما سيان في التطهير- تباينا أو اختلفا من حيث المرتبة- فلا أثر للنزاع في التباين و الاختلاف الرتبي من هذه الجهة.

مسألة ۱۰: إذا تنجس الثوب- مثلا- بالدم مما يكفي فيه غسله مرة، و شك في ملاقاته للبول أيضا مما يحتاج إلى التعدد، يكتفى فيه بالمرة، و يبنى على عدم ملاقاته للبول (۲٥)، و كذا إذا علم نجاسة إناء و شك في أنّه ولغ فيه الكلب أيضا أم لا، لا يجب فيه التعفير، و يبنى على عدم تحقق الولوغ. نعم، لو علم تنجسه إما بالبول أو الدم، و إما بالولوغ أو بغيره يجب إجراء حكم الأشد (۲٦) من التعدد في البول، و التعفير في الولوغ.

لأصالة عدم الملاقاة، و عدم وجوب التطهير زائدا على المتيقن و كذا في الشك في الولوغ، و لا وجه لاستصحاب النجاسة، لأنّه من القسم الثالث من استصحاب الكليّ، و قد ثبت بطلانه.

لأصالة بقاء النجاسة ما لم يعلم زوالها، و هذا الأصل يجري بالنسبة إلى كليّ النجاسة. و لا وجه لجريانه بالنسبة إلى الفرد، لتردده بين ما هو معلوم الارتفاع، و معلوم البقاء، و في مثله لا يجري الأصل، كما ثبت في محلّه.

و المقام نظير الحدث الصادر المردد بين الأصغر و الأكبر بالنسبة إلى من كان متطهرا قبل حدوثه. و لا وجه لدعوى: أنّ الأخف في المقام متيقن، و الشك في الأشد، و ينفى بالأصل. و ذلك لعدم اليقين بالنسبة إلى الأخف من حيث هو، و إنّما المتيقن هو نفس طبيعة الحدث من حيث هي. و هذه الطبيعة مرددة بين الأخف و الأشد، فيجب الاحتياط و يأتي بعض الكلام في الجنابة.

مسألة ۱۱: الأقوى أنّ المتنجس منجس (۲۷) كالنجس لكن لا يجري عليه جميع أحكام النجس (۲۸). فإذا تنجس الإناء بالولوغ يجب تعفيره، لكن إذا تنجس إناء آخر بملاقاة هذا الإناء، أو صب ماء الولوغ في إناء آخر لا يجب فيه التعفير، و إن كان الأحوط، خصوصا في الفرض الثاني (۲۹) و كذا إذا تنجس الثوب بالبول وجب تعدد الغسل، لكن إذا تنجس ثوب آخر بملاقاة هذا الثوب لا يجب فيه التعدد (۳۰)، و كذا إذا تنجس شي‏ء بغسالة البول- بناء على نجاسة الغسالة- لا يجب فيه التعدد.

على المشهور، بل المجمع عليه، كما ادعاه جمع كثير. و إجماع المسلمين، بل الضرورة كما في المستند و الجواهر. و تقتضيه مرتكزات المتشرعة أيضا، و لعل عدم تعرض الطبقة الأولى له كان لأجل اكتفائهم ببيان أحكام النجس عنه، لأنّه كان كعين النجس لديهم، كما هو كذلك لدى المتشرعة فلا يفرقون بين الدم و المتنجس به في الأحكام. و المناقشة في مثل هذا الإجماع بأنّه اجتهادي، و ليس بتعبدي. موهونة جدّا، كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

و لا بد من البحث في جهتين:

الأولى: تمامية المقتضي لتنجس المتنجس.

الثانية: عدم المانع عنه.

أما الأولى: فلجملة من النصوص المستفيضة الواردة في الأبواب المتفرقة، التي يحصل القطع من مجموعها بأنّ المتنجس كان كنفس النجس عند الأئمة عليهم السلام في التنجيس، مثل ما دل على وجوب الاجتناب عن الإناء إذا أدخل يده القذرة فيها۱۱، و ما دل على المنع عن إدخال الجنب أو المحدث يده في الإناء، إلا أن تكون نظيفة۱۲، و ما دل على غسل ما أصابه قطرة من طشت فيه وضوء، من بول أو غائط۱۳، و ما دل على تطهير الإناء الذي ولغ فيه الكلب‏۱٤، فإنّه ظاهر، بل صريح في نجاسة الإناء بنجاسة الماء الذي ولغ فيه الكلب.
و موثق عمار، عن الصادق عليه السلام: «عن رجل يجد في إنائه فأرة، و قد توضأ من ذلك الماء مرارا أو اغتسل، أو غسل ثيابه، و قد كانت الفأرة متسلخة. فقال عليه السلام: إن كان رآها في الإناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ، أو يغسل ثيابه، ثمَّ يفعل ذلك بعد ما رآها، فعليه أن يغسل ثيابه و يغسل كلّ ما أصابه ذلك الماء، و يعيد الوضوء و الصلاة- الحديث-»۱٥.
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي لا يبعد دعوى تواترها إجمالا، و لكن لا يخفى أنّ في سراية النجاسة أقسام:
الأول: دوران النجاسة مدار عينها، و عدم التعدي عنها إلى ما يلاقيها مطلقا مائعا كان أو لا، و استشعر ذلك من بعض عبارات السيد رحمه اللّه و الكاشاني رحمه اللّه.
الثاني: السراية من المتنجس في المائعات الملاقية لأعيان النجاسة إلى ظروفها- مثلا- و المتيقن من إجماع المسلمين، و الضرورة بينهم هذان القسمان، كما أنّ ما تقدم من الروايات ظاهرة، بل صريحة في سراية النجاسة من المائع الملاقي لعين النجس. قال في مصباح الفقيه:
«لم يعلم من أحد إنكار كون المائعات الملاقية للنجس بمنزلتها من حيث السراية، بل الظاهر، كما هو صريح الحليّ التزام الكلّ بذلك».
فلا ينبغي أن يجعل هذان القسمان مورد البحث، لأنّ المخالف فيهما إن كان، فلا ريب في وضوح بطلان قوله نصا، و إجماعا، بل ضرورة.

الثالث: ما إذا لاقى ثوب- مثلا- ببول، ثمَّ زال عينه و جف ثمَّ لاقى المحلّ المتنجس شيئا آخر مع الرطوبة المسرية. المشهور، بل المجمع عليه:

سراية النجاسة في هذا القسم أيضا، كما أنّ إطلاق دعواهم الضرورة على السراية يشمله أيضا.

و لكن قد يقال: إنّ الأخبار المذكورة قاصرة عن شمول هذا القسم بالدلالة المطابقية، لظهور جلّها، بل كلّها في القسم الثاني.

و يمكن دفعه: بأنّ الأسئلة في مثل هذه الروايات إنّما وقعت لأجل كونها مورد ابتلاء السائلين، لا لخصوصية فيها قطعا، فالمناط كلّه وجود نجاسة، و تحقق منشأ لانتقال النجاسة منها إلى غيرها، سواء كان منشأ الانتقال المائع الملاقي للنجاسة، أو الرطوبة المسرية التي تكون مثل المائع نصّا، و إجماعا على ما تقدم في كيفية تنجس المتنجسات.

و حينئذ نقول: إذا تنجس الثوب بالبول- مثلا- ثمَّ جف. فإن زالت النجاسة بالجفاف، فهو خلاف حصر المطهرات في أشياء خاصة، و خلاف الإجماع، بل الضرورة. و إن بقيت فالرطوبة المسرية تجعلها كوقوع النجس في المائع المستلزم سراية النجاسة نصّا و إجماعا، فلا وجه للتشكيك في شمول الروايات من هذه الجهة، لكون ما يدل على كفاية الرطوبة المسرية في سراية النجاسة حاكمة على مثل هذه الأخبار، فيكون المقتضي للسراية موجودا.

و أما الجهة الثانية- و هو وجود المانع- فاستدل عليه بوجوه:

الأول: أنّ الإجماع على السراية اجتهادي، لا أن يكون تعبديا فلا اعتبار به.

و يرد عليه: أنّه لو كان كذلك، بل لو احتمل كونه اجتهاديا، لم يعتمد عليه أساطين الفقه و خبراء الفن و نقاده، لأنّهم أجل من أن يعتمدوا على اجتهاد غيرهم.

إن قلت: كيف يصح الإجماع مع سكوت الطبقة الأولى عن التعرض له.

قلت: عدم التعرض في هذه المسألة الابتلائية يكشف عن كون المتنجس لديهم كالنجس، و قد تعرضوا لأحكام النجس مستوفية، كما لا يخفى.

إن قلت: عدم التعرض أعم من ذلك، إذ يمكن أن يكون لأجل ذهابهم إلى عدم السراية.

قلت: سراية الاستقذار من القذارات من مرتكزات العوام فضلا عن فقهاء الأنام. و الذهاب إلى خلاف هذا المرتكز يحتاج إلى مزيد عناية و اهتمام، و لا يكفي فيه مجرد السكوت.

الثاني: أنّ وجود المخالف مما يوجب عدم حصول العلم من مثل هذا الإجماع برأي المعصوم عليه السلام، مع أنّ المدار في اعتباره عليه فقط.

و فيه: أنّ المخالف إذا علم استناده إلى ما هو ظاهر المناقشة فيه فلا اعتبار بمخالفته و لا يضر بالإجماع، فتكون هذه المسألة عكس مسألة انفعال ماء البئر- حيث علم مدرك القائلين بالانفعال مع وضوح الخدشة فيه، و قد استقر المذهب على الطهارة- و أما المقام فقد علم مدرك المخالفين مع وضوح المناقشة فيه، فلا يضر باستقرار المذهب على السراية و النجاسة.

ثمَّ إنّه قد نسب الخلاف إلى ابن إدريس و الكاشاني و السيد صدر الدين رضوان اللّه و تعالى عليهم.

و فيه: ما عن الجواهر في مسألة الاستنجاء: «لا يليق بالفقيه التصدّي لرد مثل ذلك بعد ما عرفت أنّه مخالف لإجماع المسلمين و ضرورة الدين». مع أنّ للأولين التفرد بالفتوى في جملة من الفروع، فكيف يطرح الإجماع لأقوالهما الشريفة المستندة إلى الاجتهاد المحض.

الثالث: أنّ الأخبار المستدل بها على السراية ظاهرة في وقوع النجس في المائع الملاقي لشي‏ء آخر، فلا تشمل غير هذا القسم.

و فيه: ما تقدم من أنّ شرط الانفعال الرطوبة المسرية، و لا اختصاص له بالمائع فقط. فما دل على كفايتها تكون حاكمة على مثل هذه الأخبار.

الرابع: أنّه لو قلنا بالسراية لعمت النجاسة جميع البرية، فيختل النظام و تعطل أسواق الأنام، و هو ضروري البطلان بلا كلام.

و فيه: أنّ السراية تدور مدار قيام حجة معتبرة عليها- من علم بها أو بينة عليها و في غيره، فالمرجع قاعدة الطهارة، و لا يحصل بعد ذلك اختلال النظام و لا تعطيل أسواق الأنام.
الخامس: استقرار سيرة المتشرعة على المسامحة في الاجتناب عن ملاقيات المتنجس على ما فصله في مصباح الفقيه.
و فيه: أنّه لم يعلم قيام هذه السيرة مع وجود أمارة معتبرة على السراية.
و على فرض تحققها- حتّى مع ذلك- فلا اعتبار بها قطعا.
السادس: جملة من الأخبار:
منها: ما عن ابن سدير قال: «سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام أنّي ربما بلت فلا أقدر على الماء و يشتد ذلك عليّ فقال عليه السلام: إذا بلت و تمسحت فامسح ذكرك بريقك، فإن وجدت شيئا فقل هذا من ذاك»۱٦.
و فيه: أنّه لا إشارة فيه إلى أنّ المسح بالريق على موضع القذر من رأس الحشفة، مع تأبّى النفوس نوعا عن ذلك، بل هذا حيلة شرعية علّمها الإمام عليه السلام لدفع الوسوسة: بأن يمسح بعض أطراف الذكر بالريق حتّى لو رأى بعد ذلك رطوبة، لصح أن يقال إنّها من الريق، لا من الرطوبة المتنجسة بملاقاة موضع القذر. و لمثل هذه الحيل الشرعية نظائر كثيرة، كما لا يخفى على المتتبع.
و منها: صحيح العيص عنه عليه السلام: «عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر و قد عرق ذكره و فخذه، قال: يغسل ذكره و فخذه. و سألته عمن مسح ذكره بيده ثمَّ عرقت يده فأصابه ثوبه، يغسل ثوبه؟ قال: لا»۱۷.
و فيه: أنّ صدره ظاهر، بل نص في تنجيس المتنجس، و ذيله ليس بظاهر في أنّ موضع إصابة اليد إلى الثوب كان عين محل النجس منها، فلعله كان غير محل النجس، و المرجع في صورة الشك أصالة الطهارة.
و منها: صحيح ابن حكيم أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له: «أبول‏  فلا أصيب الماء و قد أصاب يدي شي‏ء من البول، فأمسحه بالحائط و بالتراب ثمَّ تعرق يدي فأمسح (فأمسّ) به وجهي، أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي، قال: لا بأس به»۱۸.
و فيه: أنّه لا يحكم بالنجاسة إلا إذا علم أنّ محلّ المسح بالوجه أو الجسد و محلّ الإصابة من الثوب كان عين محل النجس. و إلا فالمرجع أصالة الطهارة.
فالمقام من صغريات ملاقي بعض أطراف مورد العلم الإجمالي بالنجاسة، و قد تقدم حكمه.
و منها: خبر سماعة قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: «إنّي أبول ثمَّ أتمسح بالأحجار فيجي‏ء منّي البلل ما يفسد سراويلي، قال عليه السلام: ليس به بأس»۱۹.
و فيه: مضافا إلى قصور سنده- و ظهوره في كفاية التمسح بالأحجار في الاستنجاء من البول، و هو خلاف المذهب- يحتمل أن يراد به عدم البأس في نقض الوضوء، مضافا إلى عدم العلم بملاقاة البلل الخارج لموضع النجس من رأس الحشفة، و مقتضى الأصل عدمها. و مع الشك فأصالة الطهارة في السراويل محكمة.
و منها: ما عن حفص الأعور عن الصادق عليه السلام: «الدن يكون فيه الخمر ثمَّ يجفف، يجعل فيه الخل؟ قال: نعم»۲۰.
و فيه: أنّه محمول على التجفيف بعد التطهير ثلاثا، كما في أخبار أخر۲۱.
و منها: ما عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليهما السلام: «سألته عن الكنيف‏ يصب فيه الماء فينضح على الثياب، ما حاله؟ قال عليه السلام: إذا كان جافا فلا بأس»۲۲.
و فيه أولا: أنّه ليس المراد بالكنيف ما استقر فيه النجاسة، و من الممكن، بل الظاهر أنّ المراد به ما وقعت النجاسة فيه، ثمَّ زال أثرها بالماء، فيكون طاهرا حينئذ، و لعل قوله عليه السلام: «إذا كان جافا»- أي لم يكن فيه نجاسة بالفعل.
و ثانيا: أنّ الماء الذي ينتضح من الكنيف أولا ثمَّ وقوعه ثانيا منها على الطاهر، لا يحكم بنجاسته، للأصل. و الغالب أنّ الماء الذي ينتضح من الكنيف أنّه من هذا القبيل، لا أن يقع على النجس ثمَّ يقع منه على المحل.
و منها: غير ذلك مما ذكروه مع ظهور الخدشة فيها.
ثمَّ إنّه على فرض صحة الدلالة في بعضها، أسقطه عن الاعتبار استقرار المذهب على خلافه.
فروع:

الأول: ظاهر كلمات المجمعين سراية النجاسة، سواء كانت بواسطة واحدة أم كثيرة، فلا وجه للأخذ بالقدر المتيقن- و هو الواسطة الواحدة- بعد ظهور الكلمات في الأعم.
الثاني: لا يكفي الظن بالسراية، بل لا بد من قيام حجة معتبرة عليها، بلا فرق بين ذي الواسطة الواحدة و الكثيرة.
الثالث: كلّ من رأى النجاسة في آلات عمل عامل- من بنّاء أو غيره- مع إحراز أنّه متوجه إليها، ثمَّ شك في أنّه طهرها، لا يجب عليه الاجتناب عما عمل بها، لقاعدة الصحة، و لا يجب عليه الفحص.
الرابع: إذا علم بالسراية مع واسطة واحدة أو كثيرة، ثمَّ شك في التطهير و عدمه، فمقتضى الاستصحاب بقاء النجاسة مطلقا، إلا مع أمارة على الخلاف.
الخامس: إذا أخبر ذو اليد بالسراية أو بعدمها، يعتبر قوله فيهما.

لأنّ النجس و المتنجس به متغايران عرفا، فإذا دل الدليل على ثبوت أثر خاص للنجس، لا وجه لإجرائه على المتنجس به. و إنّما الثابت بالسراية أصل النجاسة فقط، و الأثر الخاص متقوّم بخصوص عين النجس لهم لو تعدّى العين إلى المتنجس أيضا يجري عليه تمام أحكام النجس.

أما عدم وجوب التعفير في الإناء الثاني فلاختصاص وجوبه بما ولغ فيه الكلب، و لا يصدق على الثاني أنّه ولغ فيه الكلب.

و أما الاحتياط فلإمكان أن يستظهر من أدلة التعفير أنّ موضوعه الإناء الذي يكون ظرفا لماء ولوغ الكلب، سواء كان بلا واسطة، أم معها، و يأتي الكلام في [مسألة ٥] من فصل المطهّرات، فراجع.

لاختصاص دليله بما فيه عين البول، فلا يشمل ما تنجس به مع عدم العين فيه، فالمرجع حينئذ المطلقات الدالة على كفاية المرة الواحدة في تطهير مطلق النجاسات، و يأتي في [مسألة ٤] من فصل المطهرات ما ينفع المقام، فراجع.

مسألة ۱۲: قد مرّ أنّه يشترط في تنجس الشي‏ء بالملاقاة تأثره، فعلى هذا لو فرض جسم لا يتأثر بالرطوبة أصلا، كما إذا دهن على نحو إذا غمس في الإناء لا يتبلل أصلا، يمكن أن يقال: إنه لا يتنجس بالملاقاة (۳۱) و لو مع الرطوبة المسرية. و يحتمل أن تكون رجل الزنبور، و الذباب، و البق، من هذا القبيل.

لأنّ استيلاء الماء على الشي‏ء أمر، و تأثره بالماء أمر آخر، و الأول أعم من الثاني وجدانا. ثمَّ إنّه يكفي الشك في التأثر في الحكم بالطهارة، للأصل، و لا يتوقف على إحراز عدم التأثر.

مسألة ۱۳: الملاقاة في الباطن لا توجب التنجيس. فالنخامة الخارجة من الأنف طاهرة و إن لاقت الدم في باطن الأنف. نعم، لو أدخل فيه شي‏ء من الخارج، و لاقى الدم في الباطن فالأحوط فيه الاجتناب (۳۲).

راجع [مسألة ۱] من فصل نجاسة البول و الغائط، و [مسألة ۱۲] من نجاسة الدم، و ما يأتي في العاشر من المطهرات.

  1. صفحة: ۳۳۲.
  2. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الخلوة حديث: ٥.
  3. الوسائل باب: ٥ من أبواب الماء حديث: ۱.
  4. راجع صفحة: ۱۲٦.
  5. النص- هو صحيح زرارة المتقدم.
  6. الوسائل باب: ٤ من أبواب الماء المضاف حديث: ۱.
  7. الوسائل باب: ٤۳ من أبواب الأطعمة المحرمة حديث: ۳.
  8. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب النجاسات حديث: ۱۲.
  9. الوسائل باب: ۸ من أبواب الوضوء حديث: ۸.
  10. الوسائل باب: ۸ من أبواب الوضوء حديث: ۳.
  11. راجع الوسائل باب: ۸ من أبواب الماء المطلق.
  12. راجع الوسائل باب: ۸ من أبواب الماء المطلق.
  13. راجع الوسائل باب: ۸ من أبواب الماء المطلق.
  14. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب النجاسات.
  15. الوسائل باب: ٤ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱.
  16. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب نواقض الوضوء حديث: ۷.
  17. راجع الوسائل باب: ۲٦ من أبواب النجاسات حديث: ۱ و باب: ٦ منها حديث: ۲.
  18. الوسائل باب: ٦ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
  19. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب نواقض الوضوء حديث: ٤.
  20. تقدم ذكره في صفحة: ۳۹٥.
  21. راجع الوسائل باب: ٥۱ و ٥۳ من أبواب النجاسات.
  22. الوسائل باب: ٦۰ من أبواب النجاسات حديث: ۲.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"