1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطهارة
  10. /
  11. فصل في حكم تجاوز الدم عن العشرة
(مسألة ۱): من تجاوز دمها عن العشرة سواء استمر إلى شهر أو أقل أو أزيد (۱)- إما أن تكون ذات عادة أو مبتدئة أو مضطربة أو ناسية، أما ذات العادة، فتجعل عادتها حيضا (۲) و إن لم تكن بصفات الحيض (۳) و البقية استحاضة (٤) و إن كانت بصفاته (٥) إذا لم تكن العادة حاصلة من التمييز (٦) بأن يكون من العادة المتعارفة، و الا فلا يبعد ترجيح الصفات على العادة بجعل ما بالصفة حيضا دون ما في العادة الفاقدة (۷)، و أما المبتدئة و المضطربة- بمعنى من لم تستقر لها عادة- فترجع إلى التميز فتجعل ما كان بصفة الحيض حيضا و ما كان بصفة الاستحاضة استحاضة (۸) بشرط أن لا يكون أقل من ثلاثة و لا أزيد من‏ العشرة (۹)، و أن لا يعارضه دم آخر (۱۰) واجد للصفات، كما إذا رأت‏ خمسة أيام- مثلا- دما أسود و خمسة أيام أصفر ثمَّ خمسة أيام أسود. و مع فقد الشرطين أو كون الدم لونا واحدا ترجع إلى أقاربها (۱۱) في عدد الأيام بشرط اتفاقها (۱۲) أو كون النادر كالمعدوم. و لا يعتبر اتحاد البلد (۱۳). و مع عدم الأقارب، أو اختلافها ترجع إلى الروايات، مخيرة بين اختيار الثلاثة في كلّ شهر أو ستة أو سبعة (۱٤). و أما الناسية فترجع إلى التمييز (۱٥).و مع عدمه إلى الروايات (۱٦)، و لا ترجع إلى أقاربها (۱۷)، و الأحوط أن تختار السبع (۱۸).

لصدق التجاوز في الجميع، فيشمله إطلاق الأدلة، مضافا إلى عدم الخلاف في تعميمه للجميع.

إجماعا، و نصوصا كثيرة- تقدم بعضها۱ و يأتي بعضها الآخر- مضافا إلى أنّ العادة من أقوى الأمارات على الحيضية، فمع وجودها لا وجه للرجوع إلى غيرها.

لإطلاق أدلة الرجوع إلى العادة من النص، و الإجماع الشامل لواجد الصفة و فاقدها.

نصا، و إجماعا في غير أيام الاستظهار، و على المشهور، بل لعله لا خلاف فيه- كما في الجواهر- فيها، لأنّ الترخيص الظاهري في ترك العبادة مقيد بعدم التجاوز من العشرة فإذا تجاوز عنها يكشف ذلك عن أنّ الدم المتجاوز عن العادة كان استحاضة، لأنّ دم الحيض لا يتجاوز عن العشرة نصوصا، و إجماعا.

للإطلاقات، و العمومات الدالة على أنّها- بعد تجاوز الدم عن‏ العشرة- تجعل العادة حيضا، و الباقي استحاضة، فتشمل الواجد لصفات الحيض و فاقدها، مضافا إلى المرسلة الطويلة المعمول بها قال عليه السلام فيها:

«لو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم- إلى أن قال-: فإذا جهلت الأيام و عددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم و إدباره و تغير لونه»۲.

و قريب منها غيرها۳. فما عن الشيخ رحمه اللَّه من العمل بالتميز، للإجماع، و إطلاق أدلة الصفات. مخدوش: إذ لا وجه للإجماع، مع ذهاب المشهور إلى الخلاف، كما لا وجه لإطلاق أدلة الصفات مع الأدلة الخاصة الدالة على جعل أيام العادة حيضا و هي أقوى من إطلاقات أدلة الصفات.

كما أنّ ما عن الوسيلة من التخيير- بزعم أنّه جمع بين الدليلين- لا وجه له، لأنّ التخيير إنما يكون مع عدم الترجيح بين الدليلين و المفروض أقوائية أمارية العادة حتى بين النساء، فلا يلتفتن معها إلى الصفات و لا فرق في ذلك بين كون التميز و العادة و كلاهما في ضمن العشرة، كما إذا كانت عادتها سبعة و تجاوز الدم عن العشرة و كانت الثلاثة بعد السبعة بصفة الحيض، أو تخلل أقلّ الطهر بين العادة و واجد الصفة بحيث أمكن الجمع بينهما في التحيض، كما إذا كانت العاد خمسة و استمر الدم إلى عشرين يوما و كانت الخمسة الأخيرة بصفة الحيض أو كان بحيث لا يمكن الجمع بينهما في التحيض، كما إذا كانت العادة خمسة و رأت الدم اثني عشر يوما و كانت الخمسة الأخيرة بصفات الحيض، ففي جميع هذه الصور تتحيض بأيام العادة و تجعل البقية استحاضة.

و ما عن الرياض من دعوى الإجماع على جعل واجد الصفة حيضا في الصورة الأولى، و ما عن المنتهى من الإجماع على التحيض بالعادة و بواجد الصفة في الصورة الثانية، مخدوش: بأنّه كيف يتحقق الإجماع مع الشهرة على الخلاف.

و طريق الاحتياط واضح.

بدعوى: أنّ التمييز إذا كان أصلا للعادة، فتكون العادة حينئذ فرعا، فلا بد من تقديم الأصل على الفرع.

و فيه: أنّه مجرد استحسان لا يصلح لأن يكون مدركا للحكم الشرعي، مع أنّ مقتضى إطلاق الأدلة، و مرتكزات النساء تقديم العادة مطلقا، مضافا إلى أنّ دعوى كون التمييز أصلا للعادة أول الدعوى كما لا يخفي.

مقتضي لإطلاق أدلة الرجوع إلى العادة، و المرتكز بينهنّ هو الأخذ بالعادة حتى في هذه الصورة أيضا.

على المشهور، لأنّ تمييز المردد بين شيئين بالصفات من الأمور المتعارفة عند فقد الأمارة الخاصة، مضافا إلى نصوص كثيرة، بل مستفيضة:

منها: قول أبي عبد اللَّه عليه السلام: «إنّ دم الحيض حار عبيط أسود له دفع، و حرارة. و دم الاستحاضة أصفر بارد، فإذا كان للدم حرارة، و دفع و سواد فلتدع الصلاة»4.

إن قلت: نعم، و لكن ظاهر مرسل يونس المتقدم أنّ المبتدئة ترجع إلى الروايات إذ فيه: «و أما السنة الثالثة ففي التي ليس لها أيام متقدمة و لم تر الدم قط و رأت أول ما أدركت و استمر بها الدم- إلى أن قال عليه السلام- فقال:

تلجمي و تحيضي في كلّ شهر في علم اللَّه ستة أيام أو سبعة أيام ثمَّ اغتسلي غسلا- الحديث-»

و يشهد له إطلاق بعض الأخبار أيضا.

قلت: أما الإطلاق فلا بد و أن يقيد بعدم أمارة على التحيض في البين و الصفة و العدد أمارة. و أما المرسلة، فمن يرجع إليها- من صدرها إلى ذيلها- يعلم أنها في مقام حصر تحيض المرأة في ثلاثة: العادة، و الصفة، و العدد. و لا تصل النوبة إلى كلّ لاحق مع وجود السابق، مع أنّه لا وجه للأخذ بها من هذه الجهة بعد إعراض المشهور و عدم عملهم بهذه الخصوصية على فرض دلالتها.

فما عن الحدائق من الإشكال في المبتدئة، للمرسلة، و ما عن ابن زهرة من عدم ذكر التمييز لها أصلا، بل جعل المدار على أكثر الحيض، و أقل الطهر، و ما عن أبي الصلاح من إرجاعها إلى عادة نسائها. مخدوشة كلّها، لما مر من أن الرجوع إلى التمييز عند التردد من الأمور المرتكزة في النفوس، يصلح لتقييد جميع الإطلاقات.

لأنّ من مقوّمات الحيض عدم كونه أقل من ثلاثة و أكثر من عشرة، و اعتبار الصفات إنّما هو في مورد تحقق المقوّمات دون غيره، فلو كان ما بصفة الحيض أقل من ثلاثة، أو أكثر من عشرة تكون فاقدة التمييز، على المشهور، بل المجمع عليه، كما عن التذكرة و المعتبر، و الرجوع إلى التمييز إنّما هو فيما إذا كان كافيا لرفع التحيّر و لا يكون كذلك في الفرض بل يزيد في التحير، و القول:

بتتميم الناقص من دم الاستحاضة، أو تنقيص الزائد عن العشرة- كما نسب إلى الشيخ رحمه اللَّه- لا دليل عليه لو لم يكن على عدمه، لأنه جمع بين شيئين فرق الشارع بينهما، فلا دليل على الجمع.

على المشهور، بل عن الرياض الإجماع عليه، لكنّهم عبّروا بأن لا يكون الدم الضعيف الواقع بين القويين أقل من العشرة.

و الصور المتصورة ثلاث:

الأولى: أن يتخلل بين الواجدين بصفة الحيض عشرة أيام بما يخالفهما، كتخلل عشرة أيام صفرة محضة بين أسودين كلّ منهما ثلاثة أيام، و مقتضى‏ العمومات، و قاعدة الإمكان، و ظهور التسالم كون كلّ واحد منهما حيضا مستقلا، و لا يشكل بما دل على أنّ الحيض في كلّ شهر مرة، لإمكان حمله على الغالب، مضافا إلى ترجيح أدلة التمييز بفهم الأصحاب، كما في الجواهر.

الثانية: أن يتخلل أقل من عشرة، مع إمكان جعل المجموع حيضا، كأربعة أيام صفرة بين سوادين كلّ منهما ثلاثة أيام، و اختلفت الأقوال: فعن الأكثر القول: بفقد التمييز، و الرجوع إلى نساء الأهل، أو الروايات، لأنّ التحيض بالمجموع مخالف لأدلة التمييز، و لما دل على أنّ الصفرة استحاضة، و بأحد الطرفين فقط ترجح بلا مرجح، و بهما معا مخالف على أنّ الطهر لا يكون أقل من العشرة، و التخيير بينهما يحتاج إلى دليل و هو مفقود. الا أن يقال: إنّه عقلي، كما مر في [مسألة ۱۸] من الفصل السابق، فتكون فاقدة التمييز و ترجع حينئذ إلى الأهل أو الروايات على ما يأتي.

و فيه: أنّ وجود الصفة في الطرفين أمارة على الحيضية، فتكون الصفرة في الوسط من الصفرة في أيام الحيض المحكوم بكونها حيضا، و لا وجه للتمسك بمطلقات الاستحاضة لجعل الصفرة استحاضة، لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، لأنّ وجدان الطرفين- لصفة الحيض، و ما دل على أنّ الصفرة في أيام الحيض حيض- يوجب التردد في كونه استحاضة لا محالة، و لذا ذهب بعض إلى كون المجموع حيضا. و عن بعض أنّ الطرفين حيض و الوسط طهر، بناء على أنّ الطهر بين الحيضيتين يكون أقل من عشرة. و فيه: ما تقدم في [مسألة ۷] من الفصل السابق، فراجع.

و عن بعض أنّ الأول حيض، لانطباق الحيض عليه قهرا و الوسط استحاضة، كذلك أيضا و أما اللاحق، فكونه حيضا متوقف على عدم كون ما تقدمته- من الصفرة- استحاضة، و إلا تكون فاقدة التمييز، لاختلاط الصفة حيضا و استحاضة، و عدم كونه استحاضة متوقف على كون الدم اللاحق حيضا و هذا دور، و لا يرد الدور بالنسبة إلى الدم الأول، لأنّ انطباق الحيضية عليه قهري، فتأمل.

الثالثة: هذه الصورة بعينها مع عدم إمكان كون المجموع حيضا، كما إذا رأت أربعة أيام أسود، ثمَّ ثلاثة أصفر، ثمَّ إلى اليوم الرابع عشر أسود و الأكثر على أنّها فاقدة التمييز.

و خلاصة القول: إنّ الرجوع إلى التمييز إنّما هو فيما إذا صلح لرفع التحير و مع عدم الصلاحية، أو الشك فيه لا وجه للرجوع إليه، لأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، فلا بد حينئذ من الرجوع إلى الأمارة اللاحقة على ما يأتي تفصيلها.

فروع- (الأول): يمكن إرجاع التمييز إلى ما يحصل منه الاطمئنان بالحيضية سواء كان من الصفات المعهودة أو غيرها و سواء كان في العشرة في الجملة أو غيرها إذ ليس للفقهاء في ذلك كلام منقح- كما اعترف به في الجواهر- فالمرجع الاطمئنانات الحاصلة لهنّ.

(الثاني): لو تركت التمييز و أنت بالعبادات بحسب وظيفتها، لا شي‏ء عليها بناء على الحرمة التشريعية للصلاة إن قصدت الرجاء فيها. نعم، لو صامت شهر رمضان، تقتضي الصيام بمقدار التمييز لو علمت به، و إلا فالأقوى كفاية قضاء ثلاثة أيام، لأصالة عدم التمييز أكثر منها، بناء على ما تقدم من صاحب الجواهر، من أنّ أحدا لم يعارض أصالة عدم الحيض بأصالة عدم الاستحاضة- و إلا فالأحوط قضاء عشرة أيام.

(الثالث): لو لم تعمل لا بالتمييز و لا بأعمال المستحاضة- كما هو الغالب في نساء هذه الأعصار- وجب بعد التوبة قضاء الصلاة إلا المتيقن من التحيض، و قضاء الصوم كلّه.

(الرابع): تقدم في [مسألة ۱۸] حكم صورة تعارض الصفات في الدم، و أنّ الأقوى التخيير في التحيض و إن كان الأحوط جعل الأول حيضا.

نصا، و إجماعا و يقتضيه تقارب أمزجة الأقارب، فيحصل الاطمئنان بالحيضية من الرجوع إليهنّ، و في مضمر سماعة: «سألته عن جارية حاضت أول حيضها، فدام دمها ثلاثة أشهر، و هي لا تعرف أيام أقرائها. فقال عليه السلام: أقراؤها مثل أقراء نسائها، فإن كنّ نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام و أقلّه ثلاثة»٥.

و المتفاهم منه عرفا صورة عدم التمييز و التخيير المطلق، و في معتبرة ابن مسلم: «يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها، فتقتدي بأقرائها- الحديث-»٦.

و في معتبرة أبي بصير: «النفساء إذا كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست بمثل أيام أمها، أو أختها، أو خالتها»۷ و ذكر المبتدئة في المضمرة- من باب المثال- لكلّ من لم يكن لها طريق للتحيض، كما يقتضيه إطلاق المعتبرتين الأخيرتين، و إطلاق كلمات الأصحاب، و بهما تقيد المرسلة الطويلة التي لم يذكر فيها الرجوع إلى الأقارب و اقتصرت على العادة و التمييز و العدد، مع إمكان أن يراد بقوله عليه السلام في المرسلة: «أيام معلومة، و أيامها الأعم» من أيام أقاربها، لتقاربها غالبا، فتكون المرسلة أيضا مشتملة على الرجوع إلى عادة الأقارب بالالتزام، و لكن الرجوع إليها لا بد و أن يقيد بفقد العادة الشخصية و فقد التمييز، لأدلة أخرى.

لأنّ الرجوع إليهنّ إنّما هو لأجل حصول الاطمئنان النوعي بالتحيض من عادتهنّ، و مع الاختلاف لا يحصل الاطمئنان، إلا إذا كان النادر كالمعدوم بحيث لم يكن له حكم.

لإطلاق الأدلة، و مجرد احتمال اختلاف الأمزجة باختلاف البلدان لو أثر لأثر سائر مناشئ الاختلاف- من الصحة، و المرض، و الأغذية و الحركة، و الاستراحة و نحوه- مما لو دخل في الجملة، و الظاهر عدم الاعتبار بها، لأنّ هذه الاختلافات دقيقة عقلية لا عرفية، و مناط الحكم على الأخيرة دون الأولى.

إذا استقرت الحيرة من كلّ جهة لفقد التمييز، و فقد الأمارات لا بد للشارع الأقدس من تعيين تكليفها في التحيض، لأنّه أجل من أن يجعل النساء حيارى في هذا الحكم العام البلوى، كما أنّ إيجاب الاحتياط عليهنّ، مخالف لسهولة الشريعة و إن لم يكن حرجا، و الظاهر بل المقطوع به جريان غالب العادات و نوعها على مثل هذا الدم حينئذ، لدوران الأحكام الشرعية مدار النوع و الغالب، و حيث إنّ الغالب في عادات النساء هو السبعة. فتتحيض بها المبتدئة المتحيرة من كلّ جهة.

و خلاصة القول: ما أشرنا إليه من أنّ العادة إما شخصية، أو صنفية، أو نوعية. و الأولى هي العادة المعهودة، و الثانية عادة الأقارب التي ترجع إليها عند فقد التمييز، و الأخيرة هي المرجع بعد فقد القسمين الأوليين. هذا ما يقتضيه الاعتبار.

و أما الأخبار فأكمل خبر ورد في المقام مرسل يونس الطويل المعتمد عليه عند الفقهاء الوارد مورد البيان و التفصيل و سياقه يقتضي كونه مرجعا عند الشبهة و التحير الا ما خرج بدليل مخصوص، و فيه: «إنّ وقتها سبع و طهرها ثلاثة و عشرون».

و قد كرّر لفظ السبع فيه ثمان مرات. نعم، في صدره: «تحيضي في كلّ شهر في علم اللَّه ستة أيام أو سبعة أيام»۸.

و هذا الترديد مناف للفقرات الثمانية الدالة على التحيض بالسبع فقط و أنّ الطهر ثلاثة و عشرون. و ما يمكن أن يقال: في وجه الجمع أمور:

منها: أنّ الترديد من الراوي لا من الإمام عليه السلام بقرينة الفقرات الثمانية و هو بعيد، إذ يمكن حمل الفقرات الثمانية على أنها وردت من باب الاكتفاء بذكر أحد فردي التخيير، كما هو معهود في المحاورات، خصوصا بقرينة قوله عليه السلام: «ثمَّ اغتسلي غسلا و صومي ثلاثة و عشرين يوما أو أربعة و عشرين».

فإنّ هذه الجملة ظاهرة في كونها من الإمام عليه السلام.

و منها: حمل الستة على الموارد التي تكون العادة النوعية ستة، و السبع على الموارد التي تكون العادة النوعية فيها سبعة.

و منها: حمل الستة على ما إذا حصل الاطمئنان بالانقطاع بها و السبعة على ما إذا لم يحصل ذلك، بل بقي الشك و التردد.

و الحق: أنّ حمل السبع على أنّه من باب ذكر أحد فردي التخيير بعيد عن سياق المرسل- الوارد لبيان الشرح و التفصيل الذي لا يناسبه الإجمال بوجه- فهو إما نص في التعيين، أو أظهر فيه من قوله عليه السلام: «ستة أو سبعة» في التخيير، لما تقدم من الاحتمالات فيه و النص أو الأظهر مقدم على الظاهر عند الدوران.

و من الأخبار موثق سماعة عن الصادق عليه السلام: «فأكثر جلوسها عشرة أيام و أقله ثلاثة أيام»۹.

و مثله خبر الخزاز عن الكاظم عليه السلام: «عن المستحاضة كيف تصنع إذا رأت الدم و إذا رأت الصفرة و كم تدع الصلاة؟ فقال عليه السلام: «أقل الحيض ثلاثة و أكثره عشرة- الحديث»۱۰.

و الظاهر أنّه لا ربط لهما بمقدار التحيض، بل هما في مقام بيان أنّه لا بد و أن لا يكون التحيض أكثر من عشرة و أقل من ثلاثة. و أما وجوب التحيض بأحدهما فهما أجنبيان عنه.

و أما موثقا ابن بكير: «المرأة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر بها الدم تركت الصلاة عشرة أيام، ثمَّ تصلي عشرين يوما، فإن استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام و صلّت سبعة و عشرين يوما»۱۱.

فيمكن أن يكون التحيض في الأول سبعة و الاستظهار إلى العشرة و لذا عبّر بقوله عليه السلام: «تركت الصلاة ثلاثة أيام».

و لم يعبر بلفظ (تحيضي)، و أما قوله عليه السلام: «فإن استمر بها الدم بعد ذلك .. إلخ»، فهو إرشاد إلى كثرة الاهتمام بالصلاة و عدم تركها بأدنى شبهة خصوصا بالنسبة إلى المرأة الشابة التي تتسامح في الصلاة غالبا، فهما في مقام بيان الاستظهار في أول رؤية الدم و الاهتمام بالصلاة في الشهور الأخر و الا فكيف يكون الحيض في سائر الشهور ثلاثة أيام مع كونه أكثر منه غالبا خصوصا في أوائل رؤية الدم و اعتدال المزاج، مع أنّ المقام من موارد دوران الأمر بين التعيين و التخيير إذ الأمر يدور بين تعيين السبعة- كما تقدم في الفقرات الثمانية في مرسلة يونس- أو التخيير بين الستة و السبعة- كما في صدرها- أو بين الثلاثة و العشرة- كما في موثقي ابن بكير و موثق سماعة بناء على دلالتها عليه، أو بين السبعة و الثلاثة- بناء على أخذ السبعة من مرسلة يونس و الثلاثة من غيرها- و بين العشرة و السبعة- بناء على أخذ العشرة من موثقي ابن بكير و السبعة من مرسلة يونس- و ذلك كلّه لاختلاف الأخبار، و إمكان الحمل على التخيير، و حيث إنّ المشهور التحيض بالسبعة فيتعيّن ذلك، خصوصا بعد ما مر من القرائن على التعيين.

هذا خلاصة الكلام. و أما الأقوال: فربما تبلغ أربعة عشر، فلتراجع المطولات و ليس كلّها مستندة إلى دليل قانع و برهان قاطع.

نصا، و إجماعا، و لأنه أقوى الأمارات بعد فقد العادة قال أبو عبد اللَّه عليه السلام في مرسل يونس الطويل: «و أما سنة التي قد كانت لها أيام- إلى أن‏ قال عليه السلام-: حتّى أغفلت عددها و موضعها من الشهر- إلى أن قال عليه السلام-: احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم و إدباره و تغير لونه- الحديث-»۱۲.

و المراد بإقبال الدم وجدانه لصفات الحيض، و المراد بالإدبار فقدانه لها.

إجماعا في أصل الرجوع إليها، و لانحصار التحيض في الرجوع إليها بعد عدم صحة الرجوع إلى الأقارب، كما يأتي. و إنّما اختلفوا في عدد الأيام بحسب أنظارهم في الاستفادة من الروايات و ربما تبلغ أقوالهم: أكثر من عشرة و من شاء العثور عليها، فليراجع المطولات.

لأنّ الرجوع إليها إنّما كان لأجل جعل أصل العادة. و أما من كانت لها عادة، فنسيتها، فلا موضوع للرجوع. نعم، لو اطمأنت من حالها أنّ عادتها كعادة الأقارب يصح الرجوع حينئذ، كما ذكرنا ذلك في الرجوع إلى عادة الأقارب من مرسل يونس.

لاختصاص موثقي سماعة و ابن بكير۱۳ على فرض صحة الدلالة بالمبتدئة، و يبقى المرسل، و تقدم استظهار السبع منه. هذا في ناسية الوقت و العدد معا، و يأتي حكم بقية الأقسام.

(مسألة ۲): المراد من الشهر ابتداء رؤية الدم إلى ثلاثين يوما (۱۹) و إن كان في أواسط الشهر الهلالي أو أواخره.

على المشهور، بل ظاهرهم الإجماع عليه، لأنّ ظاهر قوله عليه السلام في مرسل يونس: «فوقتها سبع و طهرها ثلاث و عشرون-الحديث-»۱4. أنّ المراد بالشهر- في المقام- الثلاثون يوما دون غيره، و ظهور الإجماع على أنّ المراد به الثلاثون يصلح لتعيين ذلك.

(مسألة ۳): الأحوط أن تختار العدد في أول رؤية الدم (۲۰) إلا إذا كان مرجع لغير الأول.

على المشهور، لانّه المتفاهم من النصوص، و لأنّ المقام من دوران الأمر بين التعيين و التخيير، و المشهور فيه الأول، و لصحة دعوى الانطباق القهري، و ذلك كلّه يصلح للاحتياط.

(مسألة ٤): يجب الموافقة بين الشهور فلو اختارت في الشهر الأول أوله ففي الشهر الثاني أيضا كذلك، و هكذا (۲۱).

لما تقدم في المسألة السابقة بعينه، فلا وجه للجزم بالفتوى هنا و الاحتياط هناك.

فروع- (الأول): يمكن أن يكون التحيض بعادة الأقارب، أو بالعدد انطباقيا قهريا، فلو كانت جاهلة بالمسألة بالمرة و تركت الصلاة في تمام الشهر عصيانا لا تعاقب على مقدار عادة الأقارب، أو العدد، بل و بمقدار التمييز أيضا إن لم تتوجه إلى شي‏ء من ذلك أصلا.

(الثاني): لو اختارت العدد في أول رؤية الدم، فقد تقدم لزوم الموافقة إلا مع الترجيح في عدمها. و هل يكون منع الزوج عن التحيض في الوقت الخاص مرجحا أو لا؟ وجهان لا يبعد الأول، و كذا لو حجت و لم تقدر مع ما اختارت على الطواف، فلا يبعد صحة التغيير.

(الثالث): لو شهد ذوو الخبرة بدماء النساء أنّ حيضها أكثر من عادة الأقارب أو العدد أو أقل تعمل بقولهم، مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد و العدالة.

(مسألة ٥): إذا تبين بعد ذلك أنّ زمان الحيض غير ما اختارته وجب عليها قضاء ما فات منها من الصلوات و كذا إذا تبينت الزيادة أو النقيصة (۲۲).

كلّ ذلك لعمومات أدلة العبادة، و أصالة الاشتغال في موارد تبيّن الخلاف.

(مسألة ٦): صاحبة العادة الوقتية إذا تجاوز دمها العشرة في العدد حالها حال المبتدئة في الرجوع إلى الأقارب و الرجوع إلى التخيير المذكور مع فقدهم أو اختلافهم (۲۳). و إذا علمت كونه أزيد من الثلاثة ليس لها أن تختارها كما أنّها لو علمت أنّه أقل من السبعة ليس لها اختيارها (۲٤).

لما تقدم من أنّ عادة الأقارب عادة صنفية و السبع عادة نوعية و الرجوع إليها عند التحير من الفطريات في الجملة قررها الشارع، فيكون ذلك مقتضى القاعدة إلا ما خرج بالدليل على الخلاف في المقام.

كلّ ذلك، لأنّ الأمارات يرجع إليها عند الشك و التحير، و لا موضوع للرجوع إليها مع العلم بالخلاف، كما هو أوضح من أن يخفى.

فائدة: الناسية تارة تكون ناسية للوقت و العدد معا، و قد تقدم حكمها في [مسألة ۱] عند قوله رحمه اللّه: «و أما الناسية فترجع إلى التميز». و أخرى:

ناسية للوقت فقط، و يأتي حكمها في المسألة التالية. و ثالثة: ناسية للعدد فقط و لها أقسام:

۱- أن تعلم أول وقتها في الجملة، فتجعله حيضا مع تتميمه إلى السبعة.

۲- أن تعلم آخر وقتها في الجملة، فيكون مع يومين قبله حيضا، و تتحيض فيما قبلها بأربعة أيام استكمالا للسبعة.

۳- أن تعلم بالوسط في الجملة، فتحفه بثلاثة أيام من قبله، و مثلها مما بعده إتماما للسبعة، كلّ ذلك عملا بالعادة مهما أمكن، و بإطلاق المرسل الطويل الوارد في مقام البيان و الحصر الشامل لجميع هذه الصور.

(مسألة ۷): صاحبة العادة العددية ترجع في العدد إلى عادتها و أما في الزمان فتأخذ بما فيه الصفة، و مع فقد التمييز تجعل العدد في الأول على الأحوط (۲٥)، و إن كان الأقوى التخيير (۲٦)، و إن كان هناك تمييز لكن لم يكن موافقا للعدد فتأخذه و تزيد مع النقصان و تنقص مع الزيادة (۲۷).

أما الرجوع إلى العادة في العدد، فلأنّها أقوى الأمارات لا يرجع إلى غيرها مع وجودها. و أما الأخذ بالصفة في الزمان، فلأنّها أيضا أقوى الأمارات بعد فقد العادة و المفروض فقدها بالنسبة إلى الزمان و أما جعل العدد في الأول، فلأنّه من موارد الدوران بين التعيين و التخيير، و المشهور فيه التعيين، و تقدم في [مسألة ۳] ما ينفع المقام، فراجع.

هذا مسلّم لو لم يكن مرجح أو محتمل الترجيح في البين، و ما تقدم يصلح لترجيح الأول، فلا وجه للأقوائية.

للجمع بين دليل التمييز و الأخذ بالعادة مهما أمكن.

(مسألة ۸): لا فرق في الوصف بين الأسود و الأحمر (۲۸) فلو رأت ثلاثة أيام أسود و ثلاثة أحمر ثمَّ بصفة الاستحاضة تتحيّض بستة.

لذكر كلّ منهما في صفات الحيض في النصوص، و قد تقدم في أول‏ (فصل الحيض): و مقتضى الإطلاقات عدم الفرق بين صورة اختلاط دم الحيض بغيره و عدمه. و ما عن جمع من ترجيح الأقوى على القوي- فلا أثر للأحمر مع وجود الأسود- إنّما هو فيما إذا لم يمكن التحيض بالجميع بخلاف مثل المقام الذي يمكن ذلك.

فائدة: تقدم أنّ الصفات المنصوصة لدم الحيض، إنّما هي السواد، و الحمرة، و الغلظة، و الطراوة، و الحرارة، و الحرقة، و الخروج بالقوة و للاستحاضة الصفرة، و الرقة، و الفساد على ما يأتي. و عن جمع من الفقهاء كالمحققين و الشهيدين رحمهم اللّه التعدي من المنصوصة إلى غيرها و حصروا كليات الصفات في ثلاث: اللون، و الرائحة، و الثخانة، و جعلوا لكلّ منها مراتب متفاوتة، و تعدوا من المرتبة القوية إلى المرتبة الضعيفة و من واجد الوصفين إلى الواحد.

أقول: إن كان ذلك مما يوجب الاطمئنان الصحيح بحيضية المتعدي إليه، فلا إشكال فيه، لاعتبار الاطمئنان عند العقلاء، و إلا فلا وجه للتعدي، إلا قاعدة الإمكان و شمولها للمقام- الذي يكون مورد الخلاف بين الأعيان- ممنوع.

(مسألة ۹): لو رأت بصفة الحيض ثلاثة أيام، ثمَّ ثلاثة أيام بصفة الاستحاضة، ثمَّ بصفة الحيض خمسة أيام أو أزيد تجعل الحيض الثلاثة الأولى (۲۹)، و أما لو رأت بعد الستة الأولى ثلاثة أيام أو أربعة بصفة الحيض تجعل الدمين الأول و الأخير، و تحتاط في البين (۳۰) مما هو بصفة الاستحاضة، لانّه كالنقاء المتخلل بين الدمين.

لوجود الصفة و عدم إمكان الجمع في التحيض بينها و بين الأخيرة من جهة الزيادة على العشرة. و أما اختيار خصوص الأولى، فلما تقدم في [مسألة ۳ و ۷]. و لكن مقتضى ما تقدم في أول الفصل- من أنّ الرجوع إلى التمييز مشروط بأن لا يعارضه دم آخر واجد للصفات- هو أنّ التكليف حينئذ الرجوع إلى الأقارب، و مع فقدها فإلى العدد، كما عن الأكثر. و الأحوط الجمع بين أفعال المستحاضة و تروك الحائض بعد الثلاثة الأولى إلى العشرة.

(۳۰) أما التحيض بالطرفين، فلإمكان الجمع بينهما في الحيض. و أما النقاء المتخلل بينهما فقد مرّ مكررا أنه بحكم الحيض، فلا يجب الاحتياط بل تجعل الجميع حيضا.

(مسألة ۱۰): إذا تخلل بين المتصفين بصفة الحيض عشرة أيام بصفة الاستحاضة، جعلتهما حيضين (۳۱) إذا لم يكن كلّ واحد منهما أقل من ثلاثة (۳۲).

لوجود المقتضي و فقد المانع، و تقدم في أول الفصل ما ينفع المقام.

لأنه لا يمكن جعله حيضا حينئذ، لكونها أقلّ من ثلاثة، و تقدم اشتراط أن لا يكون أقل منها.

(مسألة ۱۱): إذا كان ما بصفة الحيض ثلاثة متفرقة في ضمن عشرة تحتاط في جميع العشرة (۳۳).

هذه المسألة من فروع ما تقدم في [مسألة ٦] من أول فصل الحيض فبناء على المشهور من اعتبارهم التوالي في أقل الحيض تكون فاقدة التمييز فترجع إلى الأقارب، و مع عدمها فإلى العدد. و بناء على الاحتياط الوجوبي فيها تحتاط هنا أيضا، و تقدم التفصيل فراجع.

(مسألة ۱۲): لا بد في التمييز أن يكون بعضها بصفة الاستحاضة، و بعضها بصفة الحيض (۳٤)، فإذا كانت مختلفة في صفات الحيض، فلا تمييز بالشدة و الضعف أو غيرهما، كما إذا كان في أحدهما وصفان و في الآخر وصف واحد، بل مثل هذا فاقد التمييز. و لا يعتبر اجتماع صفات الحيض، بل تكفي واحدة منها (۳٥).

لأنّ موضوع التمييز هنا إنّما هو اختلاط دم الحيض بالاستحاضة فلا بد من وجود علاماتهما فعلا، و إلا فلا موضوع للتمييز بينهما

أما عدم التمييز بالشدة و الضعف فقد تعرضنا له في الفائدة۱٥ و أما كفاية الصفة الواحدة، فلأنّ المتفاهم من الأدلة أنّ نسبة صفة الحيض إلى الاستحاضة نسبة الأمارة إلى الأصل، فمهما وجدت صفة من صفات الحيض تنتفي الاستحاضة مطلقا.

(مسألة ۱۳): ذكر بعض العلماء (۳٦) الرجوع إلى الأقران مع فقد الأقارب، ثمَّ الرجوع إلى التخيير بين الأعداد و لا دليل عليه فترجع إلى التخيير بعد فقد الأقارب.

نسب ذلك إلى المشهور، و عن ظاهر السرائر الإجماع عليه.

و استدل له تارة: بغلبة اتفاق مزاج الأقران. و أخرى: بأنّ لفظ «نسائها» الوارد في موثق سماعة۱٦ شامل لها أيضا. و ثالثة: بموثق زرارة: «يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرانها ثمَّ تستظهر على ذلك بيوم»۱۷.

بناء على قراءة الأقران بالنون. و الكل مخدوش: لأنّ الأول من مجرد الاستحسان، و موثق سماعة ظاهر في خصوص الأقارب. و لأنّ الصحيح في الأخير الهمزة دون النون بقرينة خبر يونس و بعض النسخ الصحيحة. فلا دليل على ما نسب إلى المشهور إلا مع إفادة الاطمئنان. و لعل مرادهم خصوص هذه الصورة فقط، و لا بأس به حينئذ.

(مسألة ۱٤): المراد من الأقارب أعمّ من الأبويني و الأبي و الأمي فقط، و لا يلزم في الرجوع إليهم حياتهم (۳۷).

كلّ ذلك للإطلاق، و ظهور الاتفاق.

(مسألة ۱٥): في الموارد التي تتخير بين جعل الحيض أول الشهر أو غيره، إذا عارضها زوجها و كان مختارها منافيا لحقه وجب عليها مراعاة حقه (۳۸). و كذا في الأمة مع السيد. و إذا أرادت الاحتياط الاستحبابي فمنعها زوجها أو سيدها يجب تقديم حقهما. نعم، ليس لهما منعها عن الاحتياط الوجوبي (۳۹).

لأنّ التخيير إنّما هو فيما إذا لم يكن أهم أو محتمل الأهمية في البين و مراعاة حق الزوج أو السيد أهم، فلا موضوع للتخيير حينئذ و منه يعلم حكم موارد الاحتياط الاستحبابي. و لو خالفت و تحيضت تترتب الأحكام، لأنّ النهي لا يوجب الفساد في أمثال المقام.

لانّه «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»۱۸.

(مسألة ۱٦): في كلّ مورد تحيضت من أخذ عادة أو تمييز، أو رجوع إلى الأقارب، أو إلى التخيير بين الأعداد المذكورة، فتبيّن بعد ذلك كونه خلاف الواقع يلزم عليها التدارك بالقضاء أو الإعادة (٤۰)

لأنّ الأمارات مطلقا معتبرة ما لم ينكشف الخلاف، و معه يبقى الواقع على تنجزه إلا أن يدل دليل على سقوطه، و لا دليل عليه في المقام.

تنبيه: حيث إنّ المرسلة الطويلة ليونس كثيرة الابتلاء في مسائل الحيض و الاستحاضة لا بد من التعرض لها و بعض ما يتعلق بها و هي:

روي في الكافي عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن غير واحد: «سألوا أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحيض و السنة في وقته فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سنّ في الحيض ثلاث سنن- بيّن فيها كلّ مشكل لمن سمعها و فهمها حتّى لم يدع لأحد مقالا فيه بالرأي -.

أما إحدى السنن فالحائض التي لها أيام معلومة قد أحصتها بلا اختلاط عليها، ثمَّ استحاضت و استمر بها الدم و هي في ذلك تعرف أيامها و مبلغ عددها، فإنّ امرأة يقال لها: فاطمة بنت أبي حبيش استحاضت و استمر بها الدم فأتت أم سلمة، فسألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك فقال صلّى اللّه عليه و آله:

تدع الصلاة قدر أقرائها أو قدر حيضها و قال: إنّما هو عزف و أمرها أن تغتسل و تستقر بثوب و تصلي.

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: هذه سنة النبي صلّى اللّه عليه و آله في التي تعرف أيام أقرائها لم تختلط عليها ألا ترى أنّها لم يسألها كم يوم هي؟ و لم يقل إذا زادت على كذا يوما فأنت مستحاضة، و إنّما سنّ لها أياما معلومة ما كانت من قليل أو كثير بعد أن تعرفها و كذلك أفتى أبي عليه السلام. و سئل عن المستحاضة، فقال: إنما ذلك عرق عابر أو ركضة من الشيطان، فلتدع الصلاة أيام أقرائها، ثمَّ تغتسل و تتوضأ لكل صلاة قيل: و إن سال قال: و إن سال مثل المثعب؟

قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: هذا تفسير حديث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و هو موافق له فهذه سنة التي تعرف أيام أقرائها لا وقت لها إلا أيامها قلّت أو كثرت.

و أما سنة التي قد كانت لها أيام متقدمة ثمَّ اختلط عليها من طول الدم فزادت و نقصت حتى أغفلت عددها و موضعها من الشهر فإنّ سنتها غير ذلك، و ذلك أنّ فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبي صلّى اللَّه عليه و آله فقالت: إني أستحاض فلا أطهر فقال النبي صلّى اللَّه عليه و آله: «ليس ذلك بحيض إنّما هو عزف، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة و إذا أدبرت فاغسلي عنك الدم و صلي» و كانت تغتسل في كلّ صلاة و كانت تجلس في مركن لأختها و كانت صفرة الدم تعلو الماء.

قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: أما تسمع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله أمر هذه بغير ما أمر به تلك؟ ألا تراه لم يقل لها دعي الصلاة أيام أقرائك؟ و لكن قال لها: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة و إذا أدبرت فاغتسلي و صلي فهذا يبين أنّ هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها لم تعرف عددها و لا وقتها ألا تسمعها تقول: إني‏ أستحاض و لا أطهر؟ و كان أبي يقول: إنّها استحيضت سبع سنين ففي أقل من هذا تكون الربية و الاختلاط إلى أن تعرف إقبال الدم من إدباره، و تغير لونه من السواد إلى غيره، و ذلك انّ دم الحيض أسود يعرف، و لو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم لأنّ السنة في الحيض أن تكون الصفرة و الكدرة فما فوقها في أيام الحيض إذا عرفت حيضا كلّه إن كان الدم أسود أو غير ذلك، فهذا يبيّن لك أنّ قليل الدم و كثيره أيام الحيض حيض كلّه إذا كانت الأيام معلومة، فإذا جهلت الأيام و عددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم و إدباره و تغير لونه، ثمَّ تدع الصلاة على قدر ذلك، و لا أرى النبي صلى اللَّه عليه و آله قال لها:

اجلسي كذا و كذا يوما فما زادت فأنت مستحاضة كما لم يأمر الأولى بذلك، و كذلك أبي عليه السلام أفتى في مثل هذا و ذلك أنّ امرأة من أهلها استحاضت فسألت أبي عليه السلام عن ذلك فقال: «إذا رأيت الدم البحراني فدعي الصلاة، و إذا رأيت الطهر و لو ساعة من نهار فاغتسلي و صلي».

قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: و أرى جواب أبي ها هنا غير جوابه في المستحاضة الأولى ألا ترى أنه قال: تدع الصلاة أيام أقرائها، لأنّه نظر إلى عدد الأيام و قال ها هنا: إذا رأت الدم البحراني فلتدع الصلاة، و أمرها ها هنا أن تنظر إلى الدم إذا أقبل و أدبر و تغيّر، و قوله: «البحراني» شبه معنى قول النبي صلّى اللَّه عليه و آله: «إنّ دم الحيض أسود يعرف» و إنّما سماه أبي بحرانيا لكثرة و لونه فهذه سنة النبي صلّى اللَّه عليه و آله في التي اختلط عليها أيامها حتّى لا تعرفها و إنّما تعرفها بالدم ما كان من قليل الأيام و كثيره.

قال: و أما السنة الثالثة ففي التي ليس لها أيام متقدمة و لم تر الدم قط و رأت أول ما أدركت و استمر بها، فإنّ سنة هذه غير سنة الأولى و الثانية، و ذلك أنّ امرأة يقال لها حمنة بنت جحش أتت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله فقالت: إني استحضت حيضة شديدة فقال: «احتشي كرسفا» فقالت: إنّه أشد من ذلك إني أثجه ثجا، فقال: «تلجمي و تحيضي في كلّ شهر في علم اللَّه ستة أيام أو سبعة أيام ثمَّ اغتسلي غسلا، و صومي ثلاثة و عشرين يوما أو أربعة و عشرين، و اغتسلي للفجر غسلا».

قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: فأراه قد سنّ في هذه غير ما سنّ في الأولى و الثانية، و ذلك لأنّ أمرها مخالف لأمر تينك، ألا ترى أنّ أيامها لو كانت أقل من سبع و كانت خمسا أو أقل من ذلك ما قال لها: تحيضي سبعا، فيكون قد أمرها يترك الصلاة أياما و هي مستحاضة غير حائض، و كذلك لو كان حيضها أكثر من سبع كانت أيامها عشرا أو أكثر لم يأمرها بالصلاة و هي حائض، ثمَّ مما يزيد هذا بيانا قوله لها: تحيضي، و ليس يكون التحيض إلا للمرأة التي تريد أن تكلّف ما تعمل الحائض إلا تراه لم يقل لها أياما معلومة تحيضي أيام حيضك.

و مما يبيّن هذا قوله لها: في علم اللَّه، لأنه قد كان لها و إن كانت الأشياء كلها في علم اللَّه تعالى، فهذا بيّن واضح و إنّ هذه لم تكن لها أيام قبل ذلك قط و هذه سنة التي استمر الدم أول ما تراه، أقصى وقتها سبع، و أقصى طهرها ثلاث و عشرون حتى يصير لها أيام معلومة فتنتقل إليها، فجميع حالات المستحاضة تدور على هذه السنن الثلاث لا تكاد أبدا تخلو من واحدة منهنّ إن كانت لها أيام معلومة من قليل أو كثير فهي على أيامها و خلقها الذي جرت عليها، ليس فيها عدد معلوم موقت غير أيامها. و إن اختلطت الأيام عليها و تقدمت و تأخرت و تغيّر عليها الدم ألوانا، فسنتها إقبال الدم و إدباره و تغير حالاته.

و إن لم تكن لها أيام قبل ذلك و استحاضت أول ما رأت فوقتها سبع و طهرها ثلاث و عشرون، فإن استمر بها الدم أشهرا فعلت في كلّ شهر كما قال لها، فإن انقطع الدم في أقل من سبع أو أكثر، فإنّها تغتسل ساعة ترى الطهر و تصلي، فلا تزال كذلك حتّى تنظر ما يكون في الشهر الثاني، فإن انقطع الدم لوقته في الشهر الأول سواء حتّى توالى عليها حيضتان أو ثلاث فقد علم الآن أن ذلك قد صار لها وقتا و خلقا معروفا، تعمل عليه، و تدع ما سواه و تكون سنتها فيما تستقبل إن استحاضت قد صارت سنة إلى أن تجلس أقراؤها، و إنّما جعل الوقت إن توالى عليها حيضتان أو ثلاث، لقول رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله للتي تعرف أيامها:

«دعي الصلاة أيام أقرائك»، فعلمنا أنّه لم يجعل القرء الواحد سنة لها، فيقول لها: دعي الصلاة أيام قرئك و لكن سنّ لها الأقراء، و أدناه حيضتان فصاعدا. و إن اختلط عليها أيامها و زادت و نقصت حتّى لا تقف منها على حد و لا من الدم على لون عملت بإقبال الدم و إدباره و ليس لها سنة غير هذا، لقوله صلّى اللَّه عليه و آله: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة و إذا أدبرت فاغتسلي».

و لقوله عليه السلام: «إنّ دم الحيض أسود يعرف، كقول أبي: إذا رأيت الدم البحراني». فإن لم يكن الأمر كذلك و لكن الدم أطبق عليها، فلم تزل الاستحاضة دارّة و كان الدم على لون واحد و حالة واحدة، فسنتها السبع، و الثلاث و العشرون، لأنّ قصتها كقصة حمنة حين قالت: إني أثجه ثجا»۱۹ و الكلام في هذه المرسلة يقع في جهات:

(الأولى): في سندها، لا إشكال في اعتبار سندها، و محمد بن عيسى ثقة و يعبر عنه بالعبيدي أيضا و تسميتها بالمرسلة مسامحة، لأنّ التعبير ب (عن غير واحد) يدل على أنّها كانت معروفة بين الرواة في زمان الصادق عليه السلام فرواها يونس عنهم، و على فرض صدق الإرسال الاصطلاحي لا يوجب القصور في السند:

أما أولا: لأنّ يونس من أصحاب الإجماع- و مراسيله معتمد عليها كما تقدم و هم بالنسبة إلى أصحاب أبي إبراهيم، و أبي الحسن الرضا عليهما السلام ستة: يونس بن عبد الرحمن، و صفوان بن يحيى بياع السابري، و محمد بن أبي عمير، و عبد اللَّه بن المغيرة، و حسن بن محبوب، و أحمد بن محمد بن أبي نصر.

و قال بعضهم مكان حسن بن محبوب: حسن بن علي بن فضال، و فضالة بن أيوب.

و قال بعضهم مكان ابن فضال: عثمان بن عيسى. و اتفق الكل على أنّ أوثق هؤلاء يونس بن عبد الرحمن، و صفوان بن يحيى مع أنّ كتاب يونس عرض على العسكري عليه السلام فأقره.

هذا و فقهاء أصحاب الباقرين أيضا ستة على ما فصّل في محله. و أما ثانيا:

فلأنّ اعتماد الفقهاء و المحدثين عليها في كلّ طبقة- فتوى و ضبطا- من أهم ما يوجب الوثوق بالصدور.

و ثالثا: فلأنّ متنها يشهد بصحة صدورها عن المعصوم عليه السلام كما هو معلوم لكل من كان له أهلية تصحيح الأسانيد بالمتون لا العكس الذي فيه متعبة مع أنّها لا تتجاوز الظن.

الثانية: معنى كون الشخص من أصحاب الإجماع أن المجمع عليه لا ينقل إلا ممن يعتمد بصدقه سواء كان المنقول عنه عادلا أو لا، و سواء كان ثقة من كلّ جهة أو لا، إذ ربّ فاسق قد يصدق و ربّ عادل قد يكذب. و المناط كلّه في نقل الرواية إنّما هو إحراز الصدق بوجه معتبر سواء كان المنقول عنه إماميا أو عاميا، بل و لو كان كافرا بعد إحراز صدقه بوجه معتبر، لأنّ الكافر قد يصدق أيضا.

و بعبارة أخرى: العدالة أو الوثاقة المعتبرة في الراوي طريقية محضة لإحراز الصدق، و لا موضوعية لهما فيه بوجه. نعم، لو فرض إرادة الاقتداء به في الصلاة، أو القضاء عنده، أو أخذ الفتوى منه لأن يعمل به يكون لاعتبار العدالة موضوعية حينئذ. ثمَّ إنّ لإحراز الصدق طرقا كثيرة تكون العدالة و الوثاقة من إحدى طرقها، و نتعرض لتلك الطرق إن شاء اللّه تعالى.

الثالثة: حيث إنّ المرسل الطويل ليونس مشروح و مفصّل- و كالشرح للمتن الوارد عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و الشرح من الصادق عليه السلام- فله نحو حكومة لأنّه شارح بالنسبة إلى جملة من أخبار الباب فتقدم على ما ورد في دمي الحيض و الاستحاضة إلا ما ثبت تقدمه عليه.

الرابعة: في شرح ما يحتاج إلى شرح ألفاظ المرسل إجمالا قوله عليه السلام: «يبين فيها كلّ مشكل لمن سمعها».

هذا التعميم إضافي و بالنسبة إلى مهمات الحيض، و إلا فمشاكل الحيض أكثر من ذلك بينها سائر الأخبار. و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إنّما هو عزف» بالعين و الزاء المعجمة يستعمل هذا اللفظ بمعنى اللهو و اللعب، و بمعنى الكراهة أي إنّ الشيطان يلعب بها ليعطلها عن الصلاة، و يشهد له ما يأتي من قوله عليه السلام: «ركضة من الشيطان»، و يصح أن يكون بمعنى الكراهية أيضا، لكراهتها عن هذه الحالة و كراهة زوجها عنها و في بعض النسخ «عرق» بالمهملتين و القاف أي عرق خاص قد يرشح بالدم ثمَّ يقطع، و يشهد له ما يأتي من قوله عليه السلام: «عرق عابر» و يمكن أن يراد بعرق عابر أي يعبر في حين دون حين و المراد بالعبور الظهور تارة، و الخفاء أخرى.

قوله عليه السلام: «أو ركضة من الشيطان» المراد بالركضة تحريك الشيطان لها و إيجاد ما يوجب اضطرابها في عباداتها و هذا مثل ما ورد: «إنّ الشيطان ينفخ في دبر الإنسان حتّى يخيل إليه أنّه قد خرج منه ريح»۲۰.

قوله عليه السلام: «و إن سال مثل المثعب» بفتح الميم و هو المسيل، كناية عن الكثرة.

قوله عليه السلام: «فاطمة بنت أبي حبيش» اختلفت النسخ في ضبط والد فاطمة هذه، ففي بعض النسخ أبي جحش، و في بعضها حبيش، و في بعض كتب العامة أبي الحسن، و ظاهرهم أنّ اسمه تميم بن عمرو و قد ذكره الفرزدق في بعض إشعاره.

قوله عليه السلام: «أقبلت الدم» المراد به أول الدم الجامع للصفات غالبا و المراد بالإدبار آخر الذي تضعف فيه الصفات.

قوله عليه السلام: «الدم البحراني» الشديد الحمرة. و «المركن» الطشت. و «الثج» السيلان هذا بعض ما يتعلق بمرسل يونس الطويل.

و أما مرسلة القصير فلا إشكال في سنده إلا من جهة الإرسال، و تقدم دعوى الإجماع على اعتبار مراسيله و لكن فيه اضطراب المتن- و هجر المشهور لبعض جمله.

  1. تقدم في صفحة: ۱٦۷.
  2. الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: 4.
  3. الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: ۲.
  4. الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: ۲
  5. الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ۲.
  6. الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ۱.
  7. الوسائل باب: ۳ من أبواب النفاس حديث: ۲۰.
  8. الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ۳.
  9. الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ۲.
  10. الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: 4.
  11. الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ٦ و ٥.
  12. الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: 4
  13. الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ۲.
  14. الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ۳.
  15. تقدم في صفحة: ۲۰۷
  16. الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ۲.
  17. الوسائل باب: ۸ من أبواب الحيض حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: ٥۹ من أبواب وجوب الحج و شرائطه حديث: ۷.
  19. الوافي ج: 4 صفحة: ۷۰ و في الوسائل راجع أبواب الحيض باب: ٥ حديث: ۱ و باب: ۳ حديث: 4 و باب: ۸ حديث: ۳ و باب: ۷ حديث: ۲ ثمَّ باب: ۸ حديث: ۳.
  20. الوسائل باب: ۱ من أبواب نواقض الوضوء حديث: ۳
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"