1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطهارة
  10. /
  11. فصل في بيان ما يصح به التيمم
يجوز التيمم على مطلق وجه الأرض على الأقوى (۱)، سواء كان‏ و إن كان حجر الجص و النورة قبل الإحراق (۲). و أما بعده فلا يجوز على الأقوى (۳). كما إن الأقوى عدم الجواز بالطين المطبوخ كالخزف و الآخر و إن كان مسحوقا مثل التراب.و لا يجوز على المعادن (٤) كالملح و الزرنيخ و الذهب و الفضة و العقيق و نحوها مما خرج عن اسم الأرض. و مع فقدها ذكر من وجه الأرض يتيمم بغبار الثوب أو اللبد أو عرف الدابة و نحوها مما فيه غبار (٥) ان لم يمكن جمعه‏ ترابا بالنفض، و إلا وجب (٦)، و دخل في القسم الأول. و الأحوط اختيار ما غباره أكثر (۷). و مع فقد الغبار يتيمم بالطين (۸) إن لم يمكن تجفيفه، و الا وجب (۹) و دخل في القسم الأول. فما يتيمم به له مراتب ثلاث: (الأولى): الأرض مطلقا غير المعادن. (الثانية): الغبار. (الثالثة): الطين. و مع فقد الجميع يكون فاقد للطهورين، و الأقوى فيه سقوط الأداء و وجوب القضاء (۱۰).و إن كان الأحوط الأداء أيضا (۱۱)، و إذا وجد فاقد الطهورين ثلجا أو جمدا، قال بعض العلماء بوجوب مسحه على أعضاء الوضوء أو الغسل، و إن لم يجر (۱۲)، و مع عدم إمكانه حكم بوجوب‏التيمم بهما (۱۳). و مراعاة هذا القول أحوط (۱٤)، فالأقوى لفاقد الطهورين كفاية القضاء، و الأحوط ضم الأداء أيضا، و أحوط من ذلك مع وجود الثلج المسح به أيضا. هذا كلّه إذا لم يمكن إذابة الثلج أو مسحه على وجه يجري و إلّا تعيّن الوضوء أو الغسل (۱٥) و لا يجوز معه التيمم أيضا.

لإطلاق الكتاب و السنّة المشتمل على لفظ الصعيد- و هو مطلق وجه الأرض- و عن جمع دعوى الإجماع عليه. و البحث في المقام تارة: بحسب كلمات اللغويين، و أخرى، بحسب الاستظهار عن الأدلة، و ثالثة: بحسب كلمات الفقهاء، و رابعة: بحسب الأصل العملي.

أما الأول: فقد نسب أنّ الصعيد مطلق وجه الأرض إلى أئمة اللغة تارة، و إلى فضلاء أهل اللغة أخرى، و عن الزجّاج: «لا أعلم خلافا بين أهل اللغة في أنّ الصعيد مطلق وجه الأرض». و عورض ذلك بما نقل عن كثير من أهل اللغة أنّه خصوص التراب.

و فيه: أنّ الظاهر، بل المقطوع به أنّ التفسير بخصوص التراب، لكونه أظهر أفراد الصعيد و أشيعها مرادا منه عند الاستعمال لا أنّه معناه الحقيقي فقط، و يشهد له أنّهم لم يختلفوا في أنّ معنى الصعيد في سائر موارد استعمالاته مطلق وجه الأرض، كقوله تعالى‏ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً۱، و قوله تعالى‏ وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً۲ و قوله عليه السّلام: «إذا كان يوم القيامة جمع اللّه عزّ و جلّ الناس في صعيد واحد و وضعت الموازين فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء»۳.

و أما الثاني: فالأخبار الواردة في التيمم تشتمل على لفظ الأرض، و هي مستفيضة، بل متواترة في أبواب متفرقة كالنبوي المشهور: «جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا»٤.

و قوله عليه السّلام: «إنّ ربّ الماء هو ربّ الأرض»٥.

و تشتمل أيضا على لفظ الصعيد كخبر أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في الرجل يكون معه اللبن أ يتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا، إنّما هو الماء و الصعيد»٦.

و قوله عليه السّلام في خبر ابن مطر بالطين: «نعم صعيد طيب و ماء طهور»۷.

كما تشتمل على لفظ التراب كقوله عليه السّلام في الصحيح: «إنّ اللّه جعل التراب طهورا، كما جعل الماء طهورا»۸.

و مقتضى الصناعة تقييد الأوليين بالأخير فلا يصح التيمم بغير التراب اختيارا. و لكن كون الحكم تسهيليا امتنانيا، و احتمال أنّ ذكر خصوص التراب في جملة من الأخبار من باب أنّه أظهر الأفراد و أفضلها؟ و سياق جملة من الأخبار يمنع عن هذا التقييد و كيف يقيد قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «ربّ الماء هو ربّ الأرض».

و قوله عليه السّلام في صحيح ابن أبي يعفور: «ربّ الماء هو ربّ الصعيد»۹.

و قوله عليه السّلام: «إنّما هو الماء و الصعيد»۱۰.

و قول الصادق (عليه السّلام): «جعل له (صلّى اللّه عليه و آله) الأرض مسجدا و طهورا»۱۱.

و قول علي (ع): في خبر السكوني حيث سئل عن التيمم بالجص فقال (ع): «نعم فقيل بالنورة؟ فقال: نعم فقيل بالرماد؟ فقال (ع): لا، إنه ليس يخرج من الأرض إنما يخرج من الشجر»۱۲.

و تقييده بالنسبة إلى الجص و النورة بما قبل الإحراق- على القول بعدم الجواز فيها بعده- لا يضر بالاستدلال. فيكون ذكر التراب في جملة من الاخبار من باب أفضل الأفراد، هذا مع وهنها باعراض المشهور، فلا بصلح للتقييد من هذه الجهة أيضا.

و أما الثالث فنسب الى جمع من القدماء و منهم السيد (ره) عدم جواز التيمم بغير التراب، و استدل عليه بالإجماع تارة. و بالأخبار المشتملة على لفظ التراب اخرى.

و بما عن جمع من اللغويين من تفسير الصعيد بالتراب ثالثة.

و بالنبوي قال اللّه تعالى: «جعلت لك و لأمتك الأرض كلها مسجدا و ترابها طهورا»۱۳ رابعة.

و بقوله تعالى‏ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ*۱٤ خامسة.

و بما دل على اعتبار العلوق سادسة.

و الكل مخدوش: إذ لا وجه للإجماع مع الشهرة على الخلاف، بل دعوى‏ الإجماع عليه، و ذكر خصوص التراب لبيان أفضل الأفراد بقرينة سائر أخبار الباب، كما أن تفسير بعض اللغويين للصعيد به من باب أظهر الأفراد عرفا، و لم يذكر لفظ التراب في النبوي المنقول في كتب الأحاديث، بل المنقول فيها «و جعل له الأرض مسجدا و طهورا» و يستفاد منه أن الأرض التي يصح السجود عليها هي بعينها تكون طهورا، و لا ريب في جواز السجود على مطلق الأرض، فكذلك التيمم. و انما ذكر التراب في كتب الفقهاء، و على فرض الاعتبار يكون ذكر لفظ التراب من باب أفضل الافراد، و كلمة (من) في الآية الكريمة للابتداء و المنشائية

أي: فامسحوا بوجوهكم ناشئا من ضرب أيديكم على الأرض، كما يمسح الناس بأيديهم على وجوههم بعد وضعها على المتبركات كالمصحف الشريف و الكعبة المشرفة و الضرائح المقدسة و نحو ذلك من المقدسات. و لا دليل على اعتبار العلوق.

نعم هو مستحب كما يأتي في مسألة ۸ من الفصل اللاحق. و على فرض اعتباره فيمكن أن يكون على غير التراب من أقسام الأرض غبار يعلق باليد، بل الحجر المسحوق يعلق باليد قطعا.

و أمسا خبر رفاعة عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب و لا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه، فان ذلك توسيع من اللّه عز و جل، قال: فان كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شي‏ء مغبر، و إن كان في حال لا يجد الا الطين فلا بأس أن يتيمم منه».

فهو و أمثاله من أدلة اعتبار العلوق و سيأتي عدم اعتباره، و يأتي في مسألة ۱۱ ما ينفع المقام.

و قد يستدل بما دل على استحباب النفض كما يأتي في مسألة ۸ من الفصل اللاحق.

و فيه: إنّه أعم من المدعي فلا يصلح للتأييد فضلا عن الاستدلال به.

و أما الرابع فالمقام من موارد الشك في الشرطية و قد ثبت في محله إنه من مجاري البراءة لا الاشتغال.

فظهر من جميع ما ذكرناه جواز التيمم على مطلق الأرض، لأنه تفضل و امتنان و توسعة، فتقتضي التوسعة في متعلقة أيضا، فكما أن مطهرية الماء لا يختص بقسم دون آخر بل تعم جميع المياه، فكذا في بدله.

لإطلاق الأرض و الصعيد على الجميع و إن كان التراب أفضل كما تقدم، و يأتي.

ثمَّ إنه لا فرق الحجر بين اقسامه من الأبيض و الأسود و غيرهما إذا صدق عليه الحجر عرفا. نعم الأحجار الكريمة لا يصح التيمم بها، لخروجها عن اسم الأرض و لو شك في صدق الحجر على شي‏ء، فمع صدق الأرض يصح التيمم به إلا إذا كانت الحالة السابقة عدم الجواز و الأحجار المصنوعة الحدثية نتبع موادها، فمع جواز السجود عليها يجوز على المصنوع منها و الا فلا يجوز.

نسب ذلك الى الأكثر. و لكن مقتضى الإطلاقات و العمومات و الاستصحاب و ما تقدم من إطلاق قول علي (ع) في خبر السكوني۱٥ هو الجواز، إلا إذا ثبت الاستحالة و الخروج عن اسم الأرض عرفا.

و أشكل على الإطلاقات و العمومات بالانصراف الى غير مثل الجص، و على الاستصحاب إنّه من استصحاب المفهوم المردد إن كان من استصحاب الأرضية، و تعليقيا إن كان من استصحاب جواز التيمم قبل الإحراق. و على الخبر إنه موهون بالاعراض.

و يمكن النظر في الجميع، لان الانصراف في مثل المقام بدوي لبعض الشبهات الحاصلة.

و المستصحب في الأول ذات الأرض بعنوان الطبيعة المهملة فلا وجه للتردد المفهومي فيه، كما أن استصحاب جواز التيمم عليه ليس تعليقيا، لان المستصحب هذه الذات الموجودة في الحالين، و على فرض كونه تعليقيا، قد أثبتا اعتباره.

و الاعراض بالنسبة الى الخبر غير ثابت كيف و قد عمل به جمع، و القول في الخزف و الآجر عين القول في الجص و النورة، و قد تأمل (ره) في تحقق الاستحالة في الخزف و الآجر، فراجع كتاب الطهارة، فلما ذا تأمل هناك و جزم بالعدم في المقام و في مسجد الجبهة مع أن مدرك المسائل الثلاثة واحد؟!

إجماعا لصحة سلب اسم الأرض عنها، و يقول علي (ع) في علة عدم جواز التيمم بالرماد: «لأنه ليس مما يخرج من الأرض»۱٦ لا يدل على أن كل ما يخرج من الأرض يصح التيمم به، لأنه (ع) ليس في مقام بيان العلة التامة المنحصرة للحكم من كل جهة، بل يبين (ع) بعض الحكم و المقتضيات في الجملة. و الا لجاز التيمم بالنباتات كلها و على فرض الظهور في العلية المنحصرة أسقطه عن الاعتبار إجماع الأصحاب على الخلاف.

نصوصا و إجماعا، ففي صحيح زرارة قال: «قلت لأبي جعفر (ع):

أ رأيت المواقف، إن لم يكن على وضوء كيف يصنع و لا يقدر على النزول؟ قال (ع): يتيمم من لبده أو سرجه أو معرفة دابته فان فيها غبارا و يصلي» و عن أبي جعفر (ع) قال: «إن كان اصابه الثلج فلينظر لبد سرجه فليتمم‏ من غباره أو من شي‏ء معه، و إن كان في حال لا يجد الا الطين فلا بأس أن يتيمم منه»۱۷.

و عن الصادق عليه السّلام في صحيح رفاعة «فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شي‏ء مغبر، و إن كان في حال لا يجد الا الطين فلا بأس أن يتيمم منه»۱۸.

و عنه (ع) أيضا في صحيح أبي بصير «إذا كنت في حال لا تقدر الا على الطين فتيمم به فان اللّه اولى بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف أو لبد تقدر أن تنفضه و تتيمم به»۱۹ الى غير ذلك من الأخبار.

و يمكن الاستدلال بالإطلاقات أيضا، إذ الغبار مرتبة من التراب إلا إنه قام الإجماع على أنه مع التمكن من بعض مراتبه لا تصل النوبة إلى المرتبة الضعيفة التي هي الغبار، و ظهور الاخبار فيترتب الغبار على فقد التراب امما لا ينكر.

فلا وجه لما نسب الى السيد (ره) و غيره من كونه في عرضه، و يمكن أن يكون نظرهم الى ما إذا كان الغبار كثيرا مجتمعا بحيث يصدق التراب عليه عرفا، و لا ريب أنه في عرض الأرض كما إن ظهور تلك الأخبار في ترتب الطين على فقد التراب كذلك أيضا.

و أما خبر زرارة عن أحدهما (عليه السلام) «فيمن دخل أجمة ليس فيها ماء و فيها طين ما يصنع؟، قال (عليه السلام) يتيمم فإنه الصعيد، قلت: فإنه راكب و لا يمكنه النزول من خوف و ليس هو على وضوء قال (عليه السلام): ان خاف على نفسه من سبع أو غيره و خاف فوت الوقت فليتمم، يضرب بيده على اللبد أو البرذعة و يتيمم و يصلي»۲۰

فلا يعارض ما سبق بتقديم الطين على الغبار، كما نسب الى المهذب، لقصور سنده، و إجمال متنه، و اعراض الأصحاب عنه على فرض عدم الاجمال.

ثمَّ إن مقتضى إطلاق ما تقدم من الاخبار عدم الفرق فيما فيه الغبار بين‏ كون غباره ظاهرا أو باطنا بعد صدق أن فيه الغبار، و يمكن استظهار كفاية الأخير، فإن حركه الدابة توجب سقوط غبار الظاهر و لكن الأحوط في الأخير هو الجمع بين التيمم به و التيمم بالطين و لا يترك هذا الاحتياط.

لأنه متمكن من تحصيل التراب، فيشمله جميع اخبار الباب.

و تشهد له قاعدة الميسور، و المرتكزات في الجملة، الا أن يدفع بإطلاق الأخبار المتقدمة. الا أن يقال بعدم كونها واردة في مقام البيان من هذه الجهة حتى يصح التمسك بإطلاقها. و منشأ الاحتياط صحة التمسك بالإطلاق و عدمه، و على الأول لا يجب بخلاف الأخير.

إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها.

لتمكنه من التراب حينئذ، فتشمله الإطلاقات و العمومات. و ما تقدم في قول أحدهما (ع): «فإنه الصعيد»۲۱ لم يرد به الإطلاق حتى مع التمكن من التراب، لان تشريع التيمم بالطين انما هو في ظرف العذر، كما تقدم فيقوله (ع):

«إذا كنت في حال لا تقدر الا على الطين فتيمم منه فان اللّه اولى بالعذر»۲۲

و بالجملة: هو في المرتبة الثالثة لا تصل النوبة الى كل مرتبة لاحقة مع التمكن من سابقتها.

نسب كل منهما الى المشهور، و هو أحد المحتملات بل الأقوال.

و الثاني: سقوط كل منهما. و الثالث: ثبوتهما معا. و الرابع: ثبوت الأداء فقط.

و استدل للأول بالنسبة إلى سقوط الأداء بقاعدة: «انتفاء المشروط بانتفاء شرطه» الا أن يدل دليل على الخلاف و هو مفقود في المقام، مع ان سقوطه مذهب الأصحاب لا نعلم فيه خلافا، كما في المدارك و يقتضيه إطلاق قولهم (ع): «لا صلاة إلا بطهور۲۳، و لا دليل على الخلاف الا احتمال كون الطهارة الحديثة من الشرائط الاختيارية، كالستر و القبلة و باقي شروط الصحة، فتجري قاعدة الميسور حينئذ، مضافا إلى ما ورد من أنه «لا تسقط الصلاة بحال»۲٤.

و الأول خلاف ظاهر قوله (ع) «لا صلاة إلا بطهور» الظاهر في ان الصلاة مع الطهارة و بدوها حقيقتان مختلفتان، فلا تجري قاعدة الميسور، خصوصا مع ذهاب الأصحاب إلى الخلاف، و وجوب الإتيان بالصلاة مع باقي الشرائط ثبت بدليل خاص و هو مفقود في المقام.

و قولهم «لا تسقط الصلاة بحال» لم نجده خبرا منقولا و مجمل دلالة، لاحتماله بل ظهوره في الابدال الاضطرار به التي ورد الدليل فيها على البدلية- كالقيام و القعود و الاضطجاع و الإيماء و نحوها- لا فيما لم يرد دليل عليه، مع إنه يكفى وجوب القضاء في انطباقه على المقام في الجملة.

نعم في صحيح زرارة الوارد في تجاوز دم النفاس عن عادة الحيض «لا تدع الصلاة بحال، فإن النبي (ص) قال: الصلاة عماد دينكم»۲٥ و لا ربط له بقضية «لا تسقط الصلاة بحال» لاختصاص صدره بمورده، و ذيله ترغيب إلى الصلاة و هو أعم من الإتيان بها مع فقد الشرط.

و أما وجوب القضاء فلا اشكال فيه، لعموم ما دل عليه بلا مخصص له في المقام، و لا دليل على تبعية القضاء للتكليف بالأداء حتى يقال بأنه مع سقوط الأداء لا وجه للقضاء لانتقاض ذلك- كما في الناسي- بل الحق إن التوقيت في الصلاة من‏ باب تعدد الطلب فيجب إتيان الفرائض مطلقا، و خصوصية التوقيت لوقت خاص واجب آخر، فلا وجه للقول الثاني المبني على تبعية القضاء للتكليف بالأداء.

و كذا القول الثالث و الرابع إذ لا دليل على وجوب الأداء، بل ظاهر الدليل عدمه.

و ما يقال: من أن مقتضى العلم الإجمالي بوجوب أحدهما هو الإتيان بهما معا مدفوع: بأن ظاهر قوله (ع): «لا صلاة إلا بطهور» سقوط الأداء ما لم يكن دليل على الخلاف، فلا وجه لدعوى العلم الإجمالي حينئذ، و يشهد للمقام قاعدة «كلما غلب اللّه على العباد فهو اولى بالعذر» و لا بأس بالإشارة الى هذه القاعدة التي هي من القواعد الامتنانية التي يفتح كل باب منها ألف باب» كما قاله الصادق (ع) فيخبر موسى بن بكر۲٦.

و البحث فيها من جهات:

و الاولى: في مدرك القاعدة، و يمكن الاستدلال لها بالأدلة الأربعة:

أما الكتاب فقوله تعالى‏ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها۲۷.

و قوله تعالى‏ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ‏۲۸.

و قوله تعالى‏ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ۲۹ فان ثبوت التكليف مع كون المكلف معذورا بالنسبة إليه عذرا مقبولا شرعا مخالف لجميع تلك الآيات.

و من العقل قبح التكليف بشي‏ء مع كون المكلف به معذورا بالنسبة إليه عذرا صحيحا و مقبولا، و صدور القبيح محال بالنسبة إليه تعالى.

و من الإجماع إجماع الإمامية بل المسلمين على سقوط التكليف عند صحة اعتذار المكلف على تركه و سقوطه.

و من السنة بأخبار مستفيضة منها ما رواه مرازم في الصحيح قال: «سألت أبا عبد اللّه (ع) عن: المريض لا يقدر على الصلاة، قال: فقال عليه السّلام: كلّ ما غلب اللّه عليه فاللّه أولى بالعذر»۳۰.

و في صحيح ابن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «كلّ ما غلب اللّه عليه فليس على صاحبه شي‏ء»۳۱.

و في صحيح عليّ بن مهزيار عن أبي الحسن الثالث عليه السّلام: «كلّ ما غلب اللّه عليه فاللّه أولى بالعذر»۳۲.

و نحوه في صحيح حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام۳۳، و في صحيح الفضل عن الرضا عليه السّلام قال: «كلّ ما غلب اللّه على العبد فهو أعذر له»۳٤.

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر موسى بن بكر قال: «كلّ ما غلب اللّه عليه من أمر فاللّه أعذر لعبده»۳٥.

إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في الأبواب المتفرقة.

الجهة الثانية: في المراد بالعذر، و الظاهر أنّ المرجع في تشخيصه العرف لو لم يرد فيه تحديد من الشرع، لقاعدة: «أنّ المرجع هو العرف فيما لم يرد فيه تقييد و تحديد من الشارع» فكلّما كان عذرا عرفيا لم يرد فيه قيد و شرط من الشرع فهو داخل في هذه القاعدة، و يدل على ذلك مكاتبة عمر بن أذينة قال: «كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله ما حدّ المرض الذي يفطر فيه صاحبه، و المرض الذي يدع صاحبه الصلاة قائما؟ قال عليه السّلام: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، و قال: ذاك إليه هو أعلم بنفسه»۳٦.

و صحيح زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن حدّ المرض الذي يفطر فيه الصائم، و يدع الصلاة من قيام؟ فقال: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ هو أعلم بما يطيقه»۳۷.

و في صحيح جميل قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام ما حدّ المرض الذي يصلّي صاحبه قاعدا؟ فقال: إنّ الرجل ليوعك و يحرج، و لكنّه أعلم بنفسه إذا قوي فليقم»۳۸.

و موثق سماعة قال: «سألته ما حدّ المرض الذي يجب على صاحبه فيه الإفطار كما يجب عليه في السفر من كان مريضا أو على سفر؟ قال: هو مؤتمن عليه مفوّض إليه، فإن وجد ضعفا فليفطر، و إن وجد قوة فليصمه كان المرض ما كان»۳۹.

الجهة الثالثة: في أنّ هذه القاعدة هل تشمل الأعذار التي تحصل بالاختيار، أو تختص بالأعذار غير الاختيارية؟ قد يقال: إنّ مقتضى الجمود على قوله عليه السّلام: «كلّما غلب اللّه على عباده فهو أولى بالعذر» الأخير، لأنّه أضيف فيه الفعل إلى اللّه تعالى المنساق منه الأعذار الحاصلة بغير اختيار خصوصا مع ملاحظة ذكر الإغماء و المرض فيها الذي يكون بغير اختيار.

و لكنه مخدوش: لعدم إحراز كون هذه الجملة من العلة التامة المنحصرة حتّى يثبت لها المفهوم، و على فرض كونها كذلك فلا ريب في أنّ الإغماء و المرض و جميع العلل و الحوادث مستندة إلى أسباب طبيعية جعلها اللّه تعالى سببا لحصول هذه الأمور فلا يحصل إغماء و لا مرض بلا سبب، كما ورد في الحديث: «أبى اللّه تعالى أن يجري الأمور إلّا بأسبابها» فالسبب في حاق الواقع مستند إلى اللّه تعالى.

نعم، يمكن كونها منصرفة إلى الأسباب غير الاختيارية. و إن أمكن القول بمنع الانصراف في الحكم التسهيلي الامتناني، لأنّ مقتضاهما التعميم مطلقا.

إن قلت: هناك أخبار كثيرة تدل على القضاء في مورد الإغماء٤۰ فيجمع‏ بينهما بحمل ما يظهر منه العدم على ما إذا كان بغير اختيار. و أما العذر الحاصل بالاختيار يبقى تحت قاعدة الاشتغال من دون حاكم عليها. و لذا فصل جمع بين الإغماء الحاصل بالاختيار، و الحاصل بغيره.

قلت: هذا الحمل بلا شاهد، مع أنّ بناءهم في مثل هذه الأخبار المتعارضة حملها على الاستحباب، و لذا نسب إلى المشهور عدم وجوب القضاء و لو حصل الإغماء بالاختيار. نعم، ظاهرهم التسالم على القضاء في السكران مطلقا، و يأتي التفصيل في بحث قضاء الصلاة، و كتاب الحدود عند بيان: أنّه لو فعل السكران في حال سكره ما يوجب الحد.

خروجا عن خلاف من أوجبه، و عملا بالعلم الإجمالي الموهون الصالح للاحتياط.

نسب ذلك إلى جملة من الكتب منها المبسوط و الوسيلة، و هو موافق لعمومات الوضوء و إطلاقاته إن قلنا فيه بكفاية مجرد التدهين بالماء كالتدهين بالدهن، لإطلاق قوله عليه السّلام: «إنّما يكفيه مثل الدهن»٤۱.

و أما مع عدم الاكتفاء به، فإن حصل بدلك الثلج و الجمد على الأعضاء جريان الماء في الجملة لحرارة البدن و نحوه فهو وضوء صحيح يجزي في حال الاختيار أيضا و إن لم يحصل ذلك أيضا، فلا دليل لهم عليه. و غاية ما يمكن أن يستدل به لهم أمران:

الأول: قاعدة الميسور. و فيه: أنّ مقتضاها تقديمه على التراب لا اشتراطه بفقد الطهورين.

الثاني: قول أبي جعفر عليه السّلام: «إذا مسّ جلدك الماء فحسبك»٤۲.

و قوله عليه السّلام أيضا: «يجزيك من الغسل و الاستنجاء ما بلت (ملئت) يمينك»٤۳.

و قوله عليه السّلام في جواب من قال: «لا نجد إلّا ماء جامدا، فكيف أتوضأ؟ أدلك به جلدي؟ قال: نعم»٤٤.

و قوله عليه السّلام فيمن لا يجد إلّا الثلج قال: «يغتسل بالثلج أو ماء النهر»٤٥.

و فيه: أنّ الأول في مقام بيان الترغيب إلى عدم الإسراف بماء الوضوء و الاكتفاء بمسمّى الغسل، و مع وجود التراب و الثلج أو الجمد لا بدّ من الجمع بين التيمم و التوضي بأحدهما إن شككنا في كفاية التوضي به و ليس متعرضا للوضوء بالثلج أو الجمد. و لو كان متعرضا له لدل على كفاية ذلك اختيارا أيضا كما أنّ مقتضى الأخيرين تقديم ذلك على التيمم حتّى مع وجود التراب، كما يشهد له صحيح ابن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل الجنب أو على غير وضوء لا يكون معه ماء و هو يصيب ثلجا و صعيدا أيّهما أفضل؟ أ يتيمم أم يمسح بالثلج وجهه؟ قال: الثلج إذا بلّ رأسه و جسده أفضل، فإن لم يقدر على أن يغتسل به فليتيمم»٤٦.

فمثل هذه الأخبار لا دلالة في شي‏ء منها- على ما عن بعض العلماء من أنّ فاقد الطهورين إن أصاب ثلجا أو جمدا و أمكنه المسح به على أعضائه فعل ذلك- خصوصا مع الوهن بإعراض المشهور، فلا بدّ من العمل بإطلاقات الأدلة و عموماتها، و قد عرفت أنّ مفادها سقوط الأداء و وجوب القضاء.

نسب التيمم بالثلج بعد فقد التراب إلى جمع- منهم العلامة في القواعد و السيد في المفتاح- و لا دليل لهم على ذلك إلّا تنزيل الثلج منزلة التراب من غير دليل عليه إلّا ما يأتي من صحيح ابن مسلم. هذا حكم أصل التيمم بالثلج، و أما الجمع بينه و بين التيمم بالتراب، فهو أيضا مخدوش لأنّه إن كان المدرك فيه قولهم: «لا تسقط الصلاة بحال»، أو استصحاب بقاء التكليف بها، فلا يكون ذلك مشرّعا للتيمم بغير التراب في مقابل الأدلة الحاصرة للطهور في الماء و الصعيد٤۷. و إن كان صحيح ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«سألت عن رجل أجنب في سفر و لم يجد إلّا الثلج أو ماء جامدا فقال عليه السّلام: هو بمنزلة الضرورة يتيمم، و لا أرى أن يعود إلى هذه الأرض التي يوبق دينه»٤۸.

فهو ظاهر في التيمم بالتراب لا الثلج.

لأنّه جمع بين التيمم بالتراب و بالثلج لاحتمال تعلق التكليف بالثلج أيضا.

لتمكنه حينئذ من استعمال الماء، فتشمله أدلة وجوب الطهارة  المائية، لوجود المقتضي و فقد المانع.

(مسألة ۱): و إن كان الأقوى- كما عرفت- جواز التيمم بمطلق وجه الأرض، إلّا أنّ الأحوط مع وجود التراب عدم التعدي عنه (۱٦)، من غير فرق فيه بين أقسامه، من الأبيض و الأسود و الأصفر و الأحمر (۱۷)، كما لا فرق في الحجر و المدر أيضا بين أقسامهما (۱۸). و مع فقد التراب الأحوط الرمل ثمَّ المدر، ثمَّ الحجر (۱۹).

خروجا عن خلاف من قال بتعينه.

للإطلاق، و الاتفاق الشامل للجميع.

لإطلاق الصعيد على الجميع بلا فرق بين الحجر الأسود و الأبيض و المرمر و نحوها.

أما الأول، فلكونه أقرب إلى التراب عرفا، بل هو نوع منه كما عن بعض أهل اللغة. و أما الأخير، فهو الطين اليابس المعبّر عنه في الفارسية ب (كلوخ) و لم يستشكل أحد في كونه ترابا و يظهر ذلك أيضا من إطلاقهم صحة التيمم بالحائط المبنيّ بالطين، كما يأتي في المسألة التالية.

(مسألة ۲): لا يجوز في حال الاختيار التيمم على الجص المطبوخ و الآجر و الخزف (۲۰) و الرماد و إن كان من الأرض لكن في حال الضرورة بمعنى: عدم وجدان التراب و المدر و الحجر الأحوط الجمع (۲۱)- بين التيمم بأحد المذكورات ما عدا رماد الحطب و نحوه- و بالمرتبة المتأخرة من الغبار أو الطين، و مع عدم الغبار و الطين الأحوط التيمم بأحد المذكورات و الصلاة ثمَّ إعادتها أو قضاؤها.

بلا إشكال فيه بناء على الاستحالة، لعدم صدق الأرض حينئذ.

و أما بناء على عدمها أو الشك فيها، فلا إشكال في الجواز للإطلاق في الأول، و الاستصحاب في الثاني و قد تقدم في أول الفصل بعض الكلام. و أما الرماد، فلا يجوز مطلقا، لخروجه عن اسمها و إن كان رماد التراب إن لم يصدق عليه التراب، و أما مع الصدق فيجوز للإطلاق و كذا مع الشك فيه، للأصل.

جمعا بين الأقوال و تحرزا عن مخالفة بعضها.

(مسألة ۳): يجوز التيمم حال الاختيار على الحائط المبنيّ بالطين و اللبن و الآجر إذا طلي بالطين (۲۲).

لصدق التراب عليه بلا ارتياب، و تقدم في [المسألة ۳٦] من الفصل السابق قول الصادق عليه السّلام: «يضرب بيده على حائط اللبن، فليتيمم»٤۹.

(مسألة ٤): يجوز التيمم بطين الرأس و إن لم يسحق و كذا بحجر الرّحى، و حجر النار، و حجر السن، و نحو ذلك، لعدم كونها من المعادن الخارجة عن صدق الأرض و كذا يجوز التيمم بطين الأرمني (۲۳).

كلّ ذلك لصدق الأرض و الصعيد على الجميع و اختصاص بعضها بخصوصية خاصة لا يوجب سلب اسم الأرض، لصدق الجنس على الأنواع و الأصناف قطعا. و توهم أنّه مع وجود خاصية في طين الأرمني يصدق عليه المعدن باطل، إذ ليس وجود كلّ خصوصية موجبا لصدق المعدن لا لغة و لا عرفا و لا شرعا.

(مسألة ٥): يجوز التيمم على الأرض السبخة إذا صدق كونها أرضا بأن لم يكن علاها الملح (۲٤).

لوجود المقتضي و فقد المانع، فيشمله الإطلاق بلا مدافع.

(مسألة ٦): إذا تيمم بالطين، فلصق بيده يجب إزالته أولا ثمَ‏ المسح بها، و في جواز إزالته بالغسل إشكال (۲٥).

أما وجوب الإزالة، فلاعتبار المباشرة بين الماسح و الممسوح، كما يأتي في الشرط السادس من شرائط التيمم من الفصل اللاحق إلّا أن يدعى انصراف الحائل عن التراب الذي يتيمم به، فإنّه لا يعد من الحائل عرفا كما يأتي في [المسألة ۲] من (فصل السجود) من إزالة الطين اللاصق بالجبهة في السجدة الأولى للسجدة الثانية. و يبقى سؤال الفرق بين المقام حيث جزم هنا بعدم الجواز و احتاط هناك مع أنّ المدرك في المسألتين واحد و أما الإشكال في الإزالة بالماء، فلإمكان دعوى أنّ المنساق من الأدلة أنّ لنفس الضرب على الأرض أثرا اعتباريا يحصل لليد لا بدّ و أن يمسح بهذا الأثر الاعتباري، و الغسل ينافي هذا الأثر الاعتباري و إن لم يعتبر بقاء الأثر الخارجي، و مقتضى المرتكزات أنّ النفض و المسح بالخرقة لا ينافي ذلك الأثر الاعتباري، نظير ذلك أنّ من تمسح بالمصحف الشريف أو بسائر المقدسات- مثلا- فغسل يده ثمَّ مسح بها وجهه لتبرك يده بمسح المصحف يستنكر ذلك العرف و يقولون كأنّه ذهب أثر التبرك بالغسل بالماء. و أما ما عن بعض في وجه الإشكال من أنّه بعد الغسل بأثر المسح لا يصدق الأرض، بل يصدق المسح بأثر الماء، فإن رجع إلى ما قلناه و إلّا لم يفهم المراد منه.

(مسألة ۷): لا يجوز التيمم على التراب الممزوج بغيره من التبن أو الرماد أو نحو ذلك. و كذا على الطين الممزوج بالتبن فيشترط فيما يتيمم به عدم كونه مخلوطا بما لا يجوز التيمم به إلّا إذا كان ذلك الغير مستهلكا (۲٦).

الأقسام أربعة- الأول: أن يكون التراب غالبا و الخليط مستهلكا فيصح التيمم به، لصدق التراب عليه عرفا و استهلاك غيره فيه.

الثاني: أن يكون بالعكس و لا يصح التيمم، لصدق اسم الخليط عليه و استهلاك التراب فيه.

(مسألة ۸): إذا لم يكن عنده إلّا الثلج أو الجمد و أمكن إذابته وجب كما مرّ (۲۷)، كما أنّه إذا لم يكن إلّا الطين و أمكنه تجفيفه وجب (۲۸).

و تقدم وجهه من أنّه متمكن من تحصيل الماء حينئذ فعلا فيجب ذلك.

لما مرّ من أنّ الطين هو المرتبة الثالثة و التراب إنّما هو المرتبة الأولى و بالتجفيف يصير ترابا و لا تصل النوبة إلى المرتبة الثالثة مع التمكن من المرتبة الأولى.

(مسألة ۹): إذا لم يكن عنده ما يتيمم به وجب تحصيله (۲۹) و لو بالشراء أو نحوه.

الكلام فيه عين الكلام فيما تقدم في [المسألة ۱٦] من أول (فصل التيمم).

(مسألة ۱۰): إذا كانت وظيفته التيمم بالغبار يقدم ما غباره أزيد كما مر (۳۰).

على الأحوط، كما تقدم منه (رحمه اللّه) عند قوله في أول الفصل: (و الأحوط اختيار ما غباره أكثر)، و تقدم الوجه هناك.

(مسألة ۱۱): يجوز التيمم اختيارا على الأرض الندية و التراب الندي و إن كان الأحوط مع وجود اليابسة تقديمها (۳۱).

أما الجواز، للإطلاق و الاتفاق. و أما الاحتياط، فللخروج عن خلاف بعض حيث أوجب ذلك تمسكا بقول الصادق عليه السّلام في صحيح رفاعة: «إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب و لا ماء فانظر أجفّ موضع تجده فتيمم منه»٥۰.

و فيه: مضافا إلى وهنه- بالاتفاق على خلافه- أنّ المراد منه أجفّ في مقابل مراتب البلة بقرينة صدر الحديث لا الجفاف بمعنى اليبوسة، لأنّه خلاف فرض أنّ الأرض مبتلة. و يمكن جعل النزاع لفظيا، فمن يمنع يريد به ذا النداوة الكثيرة بحيث تكون مرتبة من الطين، و من يجوّزه يريد منه النداوة الخفيفة اليسيرة، لأنّ لها مراتب كثيرة.

(مسألة ۱۲): إذا تيمم بما يعتقد جواز التيمم به فبان خلافه بطل، و إن صلّى به بطلت و وجبت الإعادة أو القضاء و كذا لو اعتقد أنّه من المرتبة المتقدمة فبان أنّه من المتأخرة مع كون المتقدمة وظيفته (۳۲).

كلّ ذلك لعدم الإتيان بالمأمور به، فلا وجه للإجزاء.

(مسألة ۱۳): المناط في الطين الذي من المرتبة الثالثة كونه‏ على وجه يلصق باليد (۳۳)، و لذا عبّر بعضهم عنه بالوحل، فمع عدم لصوقه يكون من المرتبة الأولى ظاهرا، و إن كان الأحوط تقديم اليابس و النديّ عليه (۳٤).

بدعوى: أنّه المنساق منه عرفا خصوصا في المقام الذي يكون التراب النديّ من المراتب المتقدمة عليه.

لأنّ للطين مراتب أيضا، فالوحل و هو الطين الرقيق يسمّى طينا و المستمسك منه يسمّى به أيضا و للاستمساك مراتب كثيرة، فيمكن أن يصدق على مرتبة عدم لصوق الطين أيضا فتشمله الأدلة التي جعلها في المرتبة الأخيرة.

(۱) سورة الكهف: ٤۰.

(۲) سورة الكهف: ۸.

(۳) الوافي ج: ۱ ص: ٤۰.

(٤) الوسائل باب: ۷ من أبواب التيمم.

(٥) الوسائل باب: ۳ من أبواب التيمم حديث: ٤.

(٦) الوسائل باب: ۷ من أبواب التيمم حديث: ٦.

(۷) الوسائل باب: ۹ من أبواب التيمم حديث: ٦.

(۸) الوسائل باب: ۲۳ من أبواب التيمم حديث: ۱.

(۹) الوسائل باب: ۲۳ من أبواب التيمم حديث: ٦.

(۱۰) الوسائل باب: ۷ من أبواب التيمم حديث: ٦.

(۱۱) الوسائل باب: ۲۳ من أبواب التيمم.

(۱۲) الوسائل باب: ۸ من أبواب التيمم حديث: ۱.

(۱۳) مستدرك الوسائل باب: ٥ من أبواب التيمم حديث: ٤.

(۱٤) سورة المائدة: ٦.

(۱٥) تقدم في صفحة: ۳۷۹.

(۱٦) تقدم في صفحة: ۳۷۹.

(۱۷) الوسائل باب: ۹ من أبواب التيمم حديث: ٥.

(۱۸) الوسائل باب: ۹ من أبواب التيمم حديث: ۱.

(۱۹) الوسائل باب: ۹ من أبواب التيمم حديث: ۲.

(۲۰) الوسائل باب: ۹ من أبواب التيمم حديث: ٤ ۷.

(۲۱) تقدم في صفحة ۳۸۳.

(۲۲) تقدم في صفحة: ۳۸۲.

(۲۳) الوسائل باب: ۲ من أبواب الوضوء حديث: ۳.

(۲٤) هذه الجملة اصطيادية من جملة من الاخبار منها ما ورد في الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٥ و غيره.

(۲٥) الوسائل باب: ۹ من أبواب الاستحاضة حديث: ٥.

(۲٦) الوسائل باب: ۳ من أبواب قضاء الصلوات حديث: ۹.

(۲۷) البقرة: ۲۸٦.

(۲۸) الحج: ۷۸.

(۲۹) البقرة: ۱۸٥.

(۳۰) الوسائل باب: ۳ من أبواب قضاء الصلوات حديث: ۱٦.

(۳۱) الوسائل باب: ۳ من أبواب قضاء الصلوات حديث: ۲٤.

(۳۲) الوسائل باب: ۳ من أبواب قضاء الصلوات حديث: ۳.

(۳۳) الوسائل باب: ۳ من أبواب قضاء الصلوات حديث: ۱۳.

(۳٤) الوسائل باب: ۳ من أبواب قضاء الصلوات حديث: ۷.

(۳٥) الوسائل باب: ۳ من أبواب قضاء الصلوات حديث: ۸.

(۳٦) الوسائل باب: ٦ من أبواب القيام حديث: ۱.

(۳۷) الوسائل باب: ٦ من أبواب القيام حديث: ۲.

(۳۸) الوسائل باب: ٦ من أبواب القيام حديث: ۳.

(۳۹) الوسائل باب: ۲۰ من أبواب من يصح منه الصوم حديث: ٤

(٤۰) الوسائل باب: ٤ من أبواب قضاء الصلوات.

(٤۱) الوسائل باب: ٥۲ من أبواب الوضوء حديث: ۱.

(٤۲) الوسائل باب: ٥۲ من أبواب الوضوء حديث: ۳.

(٤۳) الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الجنابة حديث: ٥.

(٤٤) الوسائل باب: ۱۰ من أبواب التيمم حديث: ۲.

(٤٥) الوسائل باب: ۱۰ من أبواب التيمم حديث: ۱.

(٤٦) الوسائل باب: ۱۰ من أبواب التيمم حديث: ۳.

(٤۷) راجع الوسائل باب: ۳ و باب ۲۳ من أبواب التيمم.

(٤۸) الوسائل باب: ۹ من أبواب التيمم حديث: ۹.

(٤۹) راجع صفحة ۳۷۱.

(٥۰) الوسائل باب: ۹ من أبواب التيمم حديث.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"