1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطهارة
  10. /
  11. فصل في المياه‏
  12. /
  13. فصل في الماء الراکد
(فصل) الراكد بلا مادة إن كان دون الكر ينجس بالملاقاة (۱). من غيرفرق بين النجاسات- حتّى برأس إبرة من الدم الذي لا يدركه الطرف (۲)، سواء كان مجتمعا أم متفرقا مع اتصالها بالسواقي (۳)، فلوكان هناك حفر متعددة فيها الماء و اتصلت بالسواقي، و لم يكن المجموع كرّا إذا لاقى النجس واحدة منها تنجس الجميع، و إن كان بقدر الكر لا ينجس، و إن كان متفرقا على الوجه المذكور. فلو كان ما في كلّ حفرة دون الكر، و كان المجموع كرّا، و لاقى واحدة منها النجس لم تنجس، لاتصالها بالبقية.

بلا ريب و لا إشكال فيه، بل هو من البديهات التي لا ينبغي إطالة الكلام فيها، و ربما يجعل ذلك قاعدة.

«قاعدة نجاسة الماء القليل بالملاقاة»

استدل على هذه القاعدة تارة: بالإجماع محصّلا و منقولا، نصّا و ظاهرا، مطلقا في لسان بعض، و مع استثناء ابن عقيل في لسان آخرين و قد وقعت حكاية الإجماع للأساطين من علمائنا. و في محكي مفتاح الكرامة «ما يبلغ ثلاثين إجماعا صريحا من القدماء و المتأخرين». و أخرى: بالنصوص- التي نسب إلى المجلسي و صاحب المعالم و البهبهاني دعوى تواترها- و في الرياض: «جمع بعض الأصحاب منها مأتي حديث» و عن العلامة الطباطبائي: أنّها ثلاثمائة حديث، و كذا عن شيخنا الأنصاري في طهارته و قد أنهاها صاحب الحدائق إلى ستة و ثلاثين حديثا.

و مجموع الروايات الواردة في المقام خمسة أقسام: و في إحداها غنى و كفاية لمن لم يكن بناؤه على التشكيك في الواضحات.

القسم الأول: ما دل على أنّ ما نقص عن الكر ينفعل بالنجاسة، فتكون الدلالة بمفهوم الشرط- الذي هو حجة معتبرة عند أبناء المحاورة، كما ثبت في‏ الأصول-۱ و هي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام سئل عن الماء تبول فيه الدواب و تلغ فيه الكلاب و يغتسل فيه الجنب؟ قال: «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شي‏ء»۲.

و صحيحة إسماعيل بن جابر: «قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الماء الذي لا ينجسه شي‏ء فقال: كر»۳.

و صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: «إذا كان الماء أكثر من رواية لم ينجسه شي‏ء تفسخ، أو لم يتفسخ، إلّا أن يجي‏ء له ريح تغلب على ريح الماء»٤.

و رواية معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شي‏ء»٥.

إلى غير ذلك من الروايات الواردة.

و المناقشة فيها: بأنّ قوله عليه السلام: «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شي‏ء» لا عموم في المفهوم، لأنّ نقيض السلب الكليّ هو الإيجاب الجزئي، كما هو واضح.

مردودة أولا: بأنّ المراد من الشي‏ء في المنطوق النجاسات و المتنجسات لا أن يكون بمعنى الشيئية العامة التي تشمل كلّ شي‏ء، فيكون المفهوم إذا لم يكن قدر كر تنجسه النجاسات و المتنجسات.

و ثانيا: أنّه يكفي إثبات الإيجاب الجزئي في مقابل السلب الكلّي الذي قال به ابن أبي عقيل.

القسم الثاني: ما دل على النهي عن الوضوء و الشرب من الإناء بوقوع قطرة من دم، كصحيحة ابن جعفر عن أخيه عليه السلام- في حديث- قال:

«و سألته عن رجل رعف و هو يتوضأ فتقطر قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه؟

قال عليه السلام لا»٦. أو شرب طير على منقاره دم- كما في رواية عمار بن موسى الساباطي- «فإن رأيت في منقاره دما فلا توضأ منه و لا تشربه»۷- أو خمر- كما في رواية زكريا بن آدم قال: سألت أبا الحسن عليه السلام: «عن قطرة خمر أو نبيذ قطرت في قدر فيه لحم كثير و مرق كثير؟. قال: يهرق المرق، أو يطعمه أهل الذمة، أو الكلب، و اللحم اغسله و كله»۸. و المنساق من النهي في نظائر المقام حرمة الشرب، و بطلان الوضوء، و لا يستفاد من ذلك في عرف المتشرعة إلا النجاسة و القذارة.

القسم الثالث: ما دل على إهراق ماء الإناء بإدخال اليد القذارة فيه من البول أو المنيّ، كصحيحة محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام «عن الرجل: يدخل يده في الإناء و هي قذرة؟ قال: يكفي الإناء»۹.

و مثلها رواية أبي بصير عنهم عليهم السلام قال: «إذا دخلت يدك في الإناء قبل أن تغسلها، فلا بأس. إلا أن يكون أصابها قذر بول أو خباثة، فإن أدخلت يدك في الماء و فيها شي‏ء من ذلك فأهرق ذلك الماء»۱۰.

و كذا رواية سماعة و غيرها من الروايات‏۱۱. و في بعضها الإهراق و التيمم، كما في رواية عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيّهما هو؟ و حضرت الصلاة و ليس يقدر على ماء غيرهما، قال عليه السلام: يهريقهما جميعا و يتيمم»۱۲.

و المنساق منها عرفا النجاسة و احتمال أن يكون المراد مطلق الاستقذار العرفي، خلاف الظاهر.

القسم الرابع: ما دل على الأمر بغسل الأواني التي يشرب منها نجس العين، أو وقعت فيها الميتة- الظاهرة عرفا في النجاسة- كصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «سألته عن الكلب يشرب من الإناء قال عليه السلام: اغسل الإناء۱۳، أو اصبب ذلك الماء، و اغسله بالتراب أول مرة ثمَّ بالماء» كما في صحيحة حريز۱٤.

أو قوله عليه السلام: «لا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة»۱٥.

و غيرها من الأخبار.

القسم الخامس: ما دل على النهي عن الاغتسال بماء لاقاه نجس العين، كرواية حمزة بن أحمد عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: «سألته- أو سأله غيري- عن الحمام. قال عليه السلام: و لا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام، فإنّه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب، و ولد الزنا، و الناصب لنا أهل البيت و هو شرهم»۱٦.

و في صحيحة ابن أبي يعفور قال عليه السلام: «و إياك أن تغتسل من غسالة الحمام، ففيها تجتمع غسالة اليهودي، و النصراني، و المجوسي، و الناصب لنا أهل البيت، فهو شرّهم فإنّ اللّه- تبارك و تعالى- لم يخلق خلقا أنجس من الكلب و إنّ الناصب لنا- أهل البيت- لأنجس منه»۱۷.

و هناك أخبار أخر مذكورة، و من شاء فليراجع محالها قال صاحب الحدائق- و نعم ما قال:

«فهو: دليل على أنّ ذلك مذهب أهل البيت عليهم السلام فإنّ مذهبهم إنّما يعلم بنقل شيعتهم عنهم. كما أنّ مذهب أبي حنيفة و أتباعه إنّما يعلم بنقل أتباعهم و تلامذتهم، فما خالف ذلك مما صح وروده عنهم يتحتم حمله على التقية»، و قال في الجواهر:

«يستفاد منها بعد التأمل في أسئلتها قاعدة أخرى: و هي نجاسة القليل بالملاقاة للنجس أو المتنجس، كما لا يخفى على من لاحظها بالتأمل».

و أما أدلة عدم انفعال الماء القليل فقد استدل ابن عقيل و من تبعه لعدم‏ انفعال القليل بأمور:

الأول: استصحاب طهارة الماء، و قاعدتها ما لم يتغير و يرده: بأنّه لا وجه للأصل أو القاعدة مع ما تقدم من الأدلة.

الثاني: أنّه لو نجس بالملاقاة لما صح إزالة الخبث بالقليل، لأنّ كلّ جزء من أجزاء الماء وصل إلى المحل، ينجس بالملاقاة فيخرج القليل عن الطهور مطلقا، و هو باطل. و يرده: مضافا إلى أنّه لا مانع عقلا و شرعا من أن يحمل الماء النجاسة عن المحل، فينجس الماء و يطهر المحل أنّ ذلك خرج بالدليل القطعي، كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

الثالث: اعتبار الكرّيّة مثارا للوسواس. و يرد: بأنّه قاطع له، لا أن يكون مثيرا له، كما ترى. و لعل من إحدى حكم اعتبار الكرّيّة: إزالة الوسواس.

الرابع: أنّ اختلاف أخبار الكر كاشف عن عدم اعتبار الكرية بنحو اللزوم، فتحمل على الاستحباب، كما هو دأب الأصحاب في الأخبار المختلفة في كلّ باب و يرد: بأنّه ليس كلّ اختلاف خبر يصح فيه الحمل على الندب، و ليس ذلك دأب الأصحاب أيضا، و إلا لقلّ الوجوب في الفقه، لكثرة اختلاف الروايات في كلّ باب، كما لا يخفى. و إنّما الحمل عليه فيما إذا دلت عليه القرائن الخارجية، و الداخلية.

الخامس: بالمستفيضة من الأخبار- التي هي عمدة أدلتهم- و هي على‏ طوائف ثلاث: الأولى: الإطلاقات الدالة على طهارة الماء كتابا و سنة. كقوله تعالى:

وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً۱۸.

و قول الصادق عليه السلام: «الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر»۱۹.

الشامل للشبهة الموضوعية و الحكمية، و النبوي المعروف: «خلق اللّه الماء طهورا لا ينجسه شي‏ء إلا ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه»۲۰.

بدعوى: عدم انفعال القليل بمجرد الملاقاة مع النجس. و فيه: أنّه لا بد من تقييد هذه الإطلاقات بالمعتصم، لما تقدم من الأخبار الدالة على انفعال القليل بمجرد الملاقاة مع النجس. و تقييد المطلق مما لا ريب فيه عند الكل، و جرت عليه سيرة العلماء مطلقا خصوصا مع وجود القرينة عليه كما في المقام.

الثانية: ما يشتمل من الأخبار على الغدير، و الحياض، و الماء الذي يمر به الشخص في الطرق عند المسافرة، كصحيحة عبد اللّه بن سنان قال: «سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام- و أنا حاضر- عن غدير أتوه و فيه جيفة؟ فقال: إن كان الماء قاهرا و لا توجد منه الريح فتوضأ»۲۱.

و صحيحة صفوان الجمال، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحياض التي ما بين مكة و المدينة تردها السباع، و تلغ فيها الكلاب، و تشرب منها الحمير، و يغتسل فيها الجنب و يتوضأ منها؟ قال: و كم قدر الماء؟ قلت:

إلى نصف الساق. و إلى الركبة فقال: توضأ منه»۲۲.

و رواية عثمان بن زياد، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: «أكون في السفر فأتي الماء النقيع و يدي قذرة فأغمسها في الماء؟ قال: لا بأس»۲۳.

و كذا موثقة أبي بصير، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّا نسافر فربما بلينا بالغدير من المطر يكون إلى جانب القرية فتكون فيه العذرة و يبول فيه الصبي و تبول فيه الدابة و تروث؟ فقال: إن عرض في قلبك منه شي‏ء فقل هكذا- يعني أفرج الماء بيدك- ثمَّ توضأ، فإنّ الدين ليس بضيق».

و فيه: أنّ مورد هذه الأخبار الماء الذي يكون ضعف الكر غالبا، خصوصا في الأزمنة القديمة التي كانت الغدران و الحياض و نحوها مخازن مياههم السنوية.

الثالثة: صحيحة زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر. هل يتوضأ من ذلك الماء؟

قال: لا بأس»۲٤.

بدعوى: أنّه وقعت قطرات الماء من شعر الخنزير في الدلو، فيتنجس لذلك. فلا بد إما من حمل الدلو على كونه بمقدار الكر، و هو خلاف الظاهر، أو كون القليل غير منفعل بملاقاة النجس و هو المطلوب.

و فيه أولا: أنّه لا يعلم ملاقاة الحبل للماء و مقتضى الأصل عدمها.

و ثانيا: لو فرض الملاقاة لا يعلم أنّه يحمل الماء بقدر يتقاطر منه.

و ثالثا: أنّه على فرض التقاطر لا يعلم بوقوع القطرات في الدلو، إذ من الممكن النزول من عروة الدلو إلى أطرافه الخارجية فلا وجه للاستدلال بها أبدا.

و قد يستدل بروايات أخرى:

منها: رواية أبي مريم الأنصاري، قال: «كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام في حائط له فحضرت الصلاة، فنزح دلوا للوضوء من ركي له، فخرج عليه قطعة عذرة يابسة فأكفأ رأسه و توضأ بالباقي»۲٥.

و منها: رواية حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«قلت له: رواية من ماء سقطت فيها فأرة، أو جرذ، أو صعوة ميتة، قال: إذا تفسخ فيها، فلا تشرب من مائها و لا تتوضأ و صبّها، و إن كان غير متفسخ فاشرب منه و توضأ و اطرح الميتة إذا أخرجتها طرية، و كذلك الجرة، و حب الماء و القربة، و أشباه ذلك من أوعية الماء- و قال- قال أبو جعفر عليه السلام: إذا كان الماء أكثر من رواية لم ينجسه شي‏ء تفسخ فيه أو لم يتفسخ، إلا أن يجي‏ء ريح تغلب على ريح الماء»۲٦.

و منها: رواية أبي بكر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: «الرجل يضع الكوز الذي يغرف به من الحب في مكان قذر، ثمَّ يدخله الحب. قال:

يصب من الماء ثلاثة أكف ثمَّ يدلك الكوز»۲۷.

و فيه: أنّها- مضافا إلى قصور سندها، و دلالتها، و موافقتها للعامة، و إعراض الأصحاب عنه، بل الإجماع على خلافها- لا تصلح لمعارضة ما ذكرناه من الأخبار الكثيرة الدالة على الانفعال المعمول بها لدى الأصحاب، الموافقة للأصل و المخالفة للعامة. و قد اعترف جمع بما ذكرناه منهم صاحبا الجواهر و الحدائق.

تنبيه:: لا ريب في أنّ هذه المسألة (عدم انفعال الماء القليل) من أهم المسائل الابتلائية خصوصا في الأعصار القديمة و خصوصا في أرض الحجاز، و تناسب التسهيل و التيسير من كلّ جهة، و الفطرة متوجهة إلى السهل و اليسير و بناء أئمة الدين عليهم السلام على إظهار الأحكام السهلة ترغيبا للناس إلى الشريعة السمحة السهلة بكل وجه أمكنهم و مع ثبوت عدم الانفعال في هذه المسألة لا يبقى موضوع لأخبار الكر، سؤالا و جوابا، و لا لأخبار البئر كذلك، و لو كان عدم انفعال الماء القليل من حكم اللّه الواقعي، لاعتنى أئمة الدين بالطهارة قولا و عملا و تقريرا- أشد الاعتناء- لشدة عموم الابتلاء، و لشاع هذا الحكم لا أقل بين الرواة، و أصحاب الأئمة عليهم السلام لجريان العادة على شيوع مثل هذه الأحكام، إذ ليست هذه المسألة أقل ابتلاء من طهارة غسالة الاستنجاء، بل هذه أصل و تلك من فروعها، فكيف ظهرت طهارة غسالة الاستنجاء على الجميع، و خفيت هذه المسألة على الفقهاء و الأساطين في طول الأزمان و السنين؟ حتّى ظهر ابن أبي عقيل في ابتداء الغيبة الكبرى، و تفرد بفتوى عدم الانفعال، ثمَّ خفيت الفتوى و استمر الفقهاء على ما كان أسلافهم عليه في ممر القرون و السنين، حتّى ظهر من الأخباريين الأمين (رحمه اللّه). و ليست المسألة من الدقائق الفكرية، بل استظهارية مما بين أيدي الكل من الأدلة. و العرف في مثل ذلك لا ينسبون الكلّ إلى الخطإ، بل من تفرد في مقابلهم بالفتوى.

إن قيل: في الأخبار التي تمسك بها ابن أبي عقيل غنى و كفاية، فهي أخبار تسهيلية لا بد من الأخذ بها.

فإنّه يقال: نعم، لو لا قصور سند جملة منها، و وهنها بالمعارضة و الإعراض، و موافقة العامة. و الظاهر أنّ تطويل البحث بأكثر من ذلك مما لايليق، و من أراده فعليه مراجعة مثل الجواهر و الحدائق.

ثمَّ إنه نسب إلى المحدث الكاشاني و المحقق الخراساني (قدّس سرّهما: التفصيل بين النجس و المتنجس بانفعال الماء القليل بملاقاة الأول، دون الثاني. و هو إن كان لأجل أنّ المتنجس لا ينجس، فيأتي ما فيه إن شاء اللّه تعالى في [مسألة ۱۱] من فصل كيفية تنجس المتنجسات. و إن كان لدعوى أنّه لا عموم في مفهوم قوله عليه السلام «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شي‏ء»۲۸. لأنّ الشرط فيه تعليق العموم من حيث هو عام لا من حيث الأفراد مطلقا، فيكون مفهومه حينئذ موجبة جزئية. و المتيقن منها أعيان النجاسات.

ففيه: أنّه غير مسلّم في مثل هذه التراكيب التي سيقت لبيان القواعد الكلية بالنسبة إلى تمام الأفراد، و على فرضه، فالقرينة الخارجية في المقام- و هي الإجماع- دلت على أنّه بالنسبة إلى جميع أفراد النجاسة و المتنجسات مطلقا.

و إن كان لعموم ما دل على طهارة الماء و قاعدة الطهارة. فلا وجه له مع الأدلة الخاصة.

و إن كان لأجل أنّه لم يذكر في أدلة الانفعال إلا النجاسات دون المتنجسات، كما تقدم.

ففيه أولا: أنّ ذكرها لأجل أنّها الأصل، و المتنجسات من فروعها.

و ثانيا: قد وردت أخبار مطلقة تدل بإطلاقها على حكم المتنجسات أيضا، منها: صحيح شهاب، عن الصادق عليه السلام: «في الرجل الجنب يسهو، فيغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها؟ قال: إنّه لا بأس إذا لم يكن أصاب يده شي‏ء»۲۹.

و منها: صحيح البزنطي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام «عن الرجل يدخل يده في الإناء و هي قذرة؟ قال: يكفي الإناء»۳۰.

و نحوهما رواية أبي بصير۳۱، فإنّ إطلاقها يشمل النجس و المتنجس، و يأتي التفصيل في محلّه.

للإطلاق الشامل للجميع. و حكي عن استبصار الشيخ طهارة الماء القليل الذي لاقاه ما لا يدركه الطرف، من الدم، كرأس الإبرة- مثلا- لصحيح ابن جعفر، عن أخيه عليه السلام «عن رجل رعف فامتخط فصار ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب إناءه، و لم يستبن ذلك في الماء. هل يصلح الوضوء منه؟ فقال عليه السلام: «إن لم يكن شيئا يستبين في الماء فلا بأس، و إن كان شيئا بيّنا فلا تتوضأ منه»۳۲.

و فيه: أنّ مقتضى الأصل طهارة الماء، و جواز الوضوء منه ما لم يعلم الخلاف، إلا إذا سقط الأصل، للعلم الإجمالي، بأن كان الإناء بمائه و ظهره مورد الابتلاء مع العلم بإصابة الدم للإناء، و عدم الإصابة للأرض، و عدم الاستحالة إلى الهواء- مثلا- مع أنّ إطلاق الصحيح معرض عنه عند الأصحاب، فلا وجه للعمل بإطلاقه.

و ما عن بعض من أنّه لا دليل على نجاسة ذرات الدم التي لا يدركها الطرف، لعدم صدق كونها دما عرفا. فيكون تخصصا لا تخصيصا.

ففيه: أنّه كذلك مع تحقق الاستحالة. و أما مع عدمها فلا ريب في الصدق فتشملها الأدلة.

ثمَّ إنّه حكي عن الشيخ (رحمه اللّه) في مبسوطه الجزم بعدم انفعال الماء بما: «لا يمكن التحرز منه. مثل رأس الإبرة من الدم و غيره، فإنّه معفو عنه، لأنّه لا يمكن التحرز عنه». و هو أيضا خلاف إطلاقات الأدلة، إلا أن يكون نظره (رحمه اللّه) كما هو الظاهر إلى اضطرار استعمال النجس، فيرفع حكمه و يكون معفوا عنه حينئذ. و يأتي التفصيل إن شاء اللّه تعالى في فصل ما يعفى عنه في الصلاة.

لإطلاق الأدلة الشامل للصورتين، مع أنّ الاتصال يساوق الوحدة و الاجتماع في الجملة أيضا.

و حكي عن صاحب المعالم اعتبار الاجتماع فإن كان مراده من الاجتماع مجرد الاتصال العرفي، فليس مخالفا للمشهور. و إن كان مراده الاجتماع في محلّ واحد، فلا دليل على اعتباره إلا دعوى انصراف الأدلة إليه حينئذ، و لا ريب في كونه بدويا غير معتبر. و إن كان مراده تساوي السطوح، فيأتي ما يتعلق به في [مسألة ٥] إن شاء اللّه تعالى.

مسألة ۱: لا فرق في تنجس القليل بين أن يكون واردا على النجاسة أو مورودا (٤).

إشارة إلى خلاف السيد و الحلي حيث ذهبا إلى طهارة القليل الوارد على النجاسة، مستدلين: بأنّه لو صار نجسا بالملاقاة لم يمكن التطهير بالقليل. و هو في الحقيقة قول بطهارة الماء المستعمل في غسل الأخباث مطلقا، و ليس تفصيلا في المقام. و يأتي في فصل الماء المستعمل ما يتعلق به.

مسألة ۲: الكر بحسب الوزن ألف و مأتي رطل بالعراقي (٥).و بالمساحة ثلاثة و أربعون شبرا إلا ثمن شبر (٦)، فبالمن الشاهي- و هو ألف و مائتان و ثمانون مثقالا- أي: الصيرفي- يصير أربعة و ستين منا إلا عشرين مثقالا.

البحث في هذه المسألة تارة: بحسب الإطلاقات. و أخرى: بحسب الأدلة الخاصة، و القرائن المعتبرة. و ثالثة: بحسب الإجماعات، و رابعة:

بحسب الأصل العملي.

أما الأولى:- فمقتضى الإطلاقات الدالة على طهورية الماء كونه طاهرا و مطهّرا، و التقييد بالأقل- وزنا و مساحة- معلوم. و بالأكثر مشكوك، و هو منفصل لا يضر بإطلاق المطلق. فيرجع في غير معلوم التقييد إلى المطلقات.

و فيه: ما تقدم من أنّه لا يصح التمسك بالمطلقات، لعدم كونها واردة في مقام البيان من كلّ جهة، و إنّما في مقام إثبات الطهورية للماء في الجملة و لو بنحو الإجمال، فلا بد في سائر الجهات من الرجوع إلى الأدلة الخاصة.

و أما الثانية: فإنّه ليس في تعيين الكر بحسب الوزن، سوى روايتين إحداهما مرسلة ابن أبي عمير- المتلقى بالقبول عند الأصحاب- عن الصادق عليه السلام قال: «الكر من الماء الذي لا ينجسه شي‏ء ألف و مائتا رطل»۳۳.

و الثانية صحيحة ابن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «و الكر ستمائة رطل»۳٤.

و المشهور أنّ المراد بالأول: الرطل العراقي- الذي هو مائة و ثلاثون درهما. و بالثاني المكي- الذي هو مائتان و ستون درهما- و أما الرطل المدني فإنّه- مائة و خمسة و تسعون درهما- فيكون العراقي ثلثي المدني، و نصف المكي.

و أيدوا ما استظهروه بوجوه:

منها: أنّه من الجمع العرفي بين الخبرين بعد شيوع الرطل العراقي في الحجاز، لكثرة الروابط التجارية بين البلدين.

و منها: أنّ ابن أبي عمير و مشايخه من العراق. و محمد بن مسلم من الطائف- الذي هو قريب من مكة. و هذا نحو قرينة صارفة للإطلاق إلى عرف الراوي.

و منها: دعوى الإجماع- على أنّه لا يمكن حمل الصحيح على المدني أو العراقي.

مع أنّه حينئذ معارض بخبر ابن جعفر عن أخيه (عليه السلام) ۳٥ الدال على انفعال ألف رطل من الماء وقع فيه أوقية من البول.

و منها: أنّ حمل المرسل على العراقي متعيّن، إذ لو حمل على المكي أو المدني لاستلزم التخالف بين فتوى المشهور هنا، و فتواهم بأنّ الماء البالغ ثلاثا و أربعين شبرا كر لظهور التخالف بين الوزن و المساحة على هذا.

و منها: أنّ رواية «ستمائة رطل» قد رواها ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام، و لا وجه لتعارض روايتين عن رأو واحد، و عن مروي عنه كذلك، فالمفاد واحد، و لكنّه عليه السلام أجاب تارة بما يوافق بلد الراوي، و أخرى بما يوافق بلد المروي عنه، و لا ريب في كفاية مجموع هذه الأمور من حيث المجموع. لحصول الظن الاجتهادي- الذي عليه المدار في الاستنباط.

و أما الثالثة: فقد ظهر مما تقدم أنّ حمل الصحيح على المدني أو العراقي مخالف للإجماع- الذي عده الصدوق رحمه اللّه في أماليه من دين الإمامية- كما أنّ حمل المرسل على المكي أو المدني، مستلزم للتخالف بين فتوى المشهور بالوزن و المساحة.

و أما الرابعة: فإنّ مقتضى الأصل بقاء نجاسة ما يغسل في الماء الراكد، إلا إذا بلغ ألفا و مائتي رطل، فحينئذ يقطع بارتفاعها، إذ لا خلاف من أحد فيه، و يأتي في [مسألة ۷] ما ينفع المقام، و تقدم في [مسألة ۲] من الفصل السابق بعض الكلام.

ثمَّ إنّه قد يؤيد حمل صحيح ابن مسلم على العراقي: أنّه يوافق الأصل، و بعض أخبار المساحة، و ما ورد في الكر من قوله عليه السلام: «نحو حبي هذا»۳٦، و خبر القلّتين‏۳۷ و نحو ذلك.

و فيه: أنّ مقتضى الأصل بقاء نجاسة الثوب المغسول فيه، و لا وجه للموافقة مع ما يكون معارضا بأقوى منه، أو ما هو مجمل في نفسه، كخبري الحب و القلّتين.

ثمَّ إنّ ما ورد في تحديد الكر من الأخبار طوائف ثلاث:- الأولى: التحديد الوزني، و قد تقدم.

الثانية: التحديد بالمساحة، كما يأتي.

الثالثة: التحديد الإجمالي، و هو مختلف أيضا.

فتارة: حدّ بقوله عليه السلام: «إذا كان الماء أكثر من راوية»۳۸.

و أخرى: بقوله عليه السلام «إذا كان الماء قاهرا و لا توجد منه الريح»۳۹.

و ثالثة: بقوله عليه السلام (أن يكون الماء كثيرا، قدر كرّ»٤۰.

و رابعة: «حوضا كبيرا يستقى منه»٤۱.

و خامسة: بما تقدم من قوله عليه السلام: «نحو حبي هذا، و أشار إلى حبّ من تلك الحباب التي في المدينة».

و سادسة: بقوله عليه السلام «إذا كان الماء قدر قلّتين لم ينجسه شي‏ء».

و الكل: إن قبل الحمل على صحيحي ابن مسلم، و ابن أبي عمير فليحمل عليهما. و إلا فليحمل على التقية أو يطرح، لوهنها بإعراض المشهور.

تنبيه: تقدم أنّ كلّ رطل عراقي مائة و ثلاثون درهما و الرطل المدني مائة و خمسة و تسعون درهما فيكون العراقي ثلثا المدني و قال في الجواهر: «فما في التحرير في زكاة الغلات أنّه- أي العراقي- مائة و ثمانية و عشرون درهما و أربعة أسباع غفلة و مثله ما في المنتهي مع أنّه في المقام مائة و ثلاثون درهما كما في زكاة الفطرة في التحرير» و الرطل المكي مائتان و ستون درهما ضعف العراقي.

و الدرهم يساوي نصف مثقال شرعي و خمسه، فيكون كلّ عشرة دراهم، سبعة مثاقيل شرعية، و خمسة مثاقيل و ربع بالمثقال الصيرفي، إذ المثقال الشرعي ثلاثة أرباع الصيرفي. فالرطل العراقي واحد و تسعون مثقالا شرعيا و ثمانية و ستون و ربع مثقال صيرفي، فيكون الكر (مائة ألف و تسعة آلاف و مأتي مثقالا شرعيا، و واحدا و ثمانين ألفا و تسعمأة مثقال صيرفيا) و بحسب الكيلو ثلاث مائة و أربع و ثمانين كيلو إلا عشرين مثقالا، لأنّ كلّ كيلو (۲۱۳) مثقال صيرفي و ثمان حمصات.

على المشهور، بل عن الغنية الإجماع عليه، لموثق أبي بصير المروي في الكافي، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام:

عن الكر من الماء كم يكون قدره؟ قال: إذا كان الماء ثلاثة أشبار و نصف في مثله ثلاثة أشبار و نصف في عمقه في الأرض فذلك الكر من الماء»٤۲.

و أشكل عليه تارة: بقصور السند، لأنّ فيه- أحمد بن محمد بن يحيى- (على نسخة التهذيب). و الظاهر كونه من سهو القلم، كما عن صاحب الجواهر. و الموجود في الكافي (أحمد بن محمد) من دون زيادة- ابن يحيى- و هو أحمد بن محمد بن عيسى- الثقة- خصوصا لرواية محمد بن يحيى العطار عنه، و على فرض أن يكون أحمد بن محمد بن يحيى، ففي المستند «إنّه من المشايخ و هم في غنى عن التوثيق».

و لأنّ فيه عثمان بن عيسى و هو واقفي.

و فيه: ما عن الشيخ في العدة: «أنّه نقل الإجماع على العمل بروايته» و قريب منه ما عن الكشي، و الظاهر كونه ثقة مع وقفه.

و لأنّ أبا بصير مشترك بين الثقة و الضعيف.

و فيه أولا: ما عن الوحيد في حاشيته على المدارك: أنّ أبا بصير مشترك بين ثلاثة و كلّهم ثقات.

و ثانيا: أنّ المراد به في المقام (ليث المرادي)، لرواية ابن مسكان عنه،

و هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، فلا قصور في السند، مضافا إلى الانجبار بالشهرة، بل الإجماع المنقول لو كان قصور فيه.

و أخرى: بقصور الدلالة لعدم اشتماله على الأبعاد الثلاثة.

و فيه أولا: أنّه إن عرض هذا الحديث على المتعارف من الناس يتبادر إلى أذهانهم اشتماله على الأبعاد الثلاثة، لأنّ مثل هذا الإطلاق شائع في المتعارف في بيان الأبعاد الثلاثة عرفا، و له نظائر كثيرة مذكورة في المطولات. مع أنّه يصح أنّ يراد بقوله عليه السلام: «إذا كان الماء ثلاثة أشبار و نصف» مطلق سعة الماء الشامل للعمق و العرض معا، كما قرره في مصباح الفقيه و يكون قوله عليه السلام (في مثله) بيانا للطول حينئذ قهرا. مع أنّ ظروف المياه و محالها يكون العمق فيها أكثر من الطول و العرض غالبا خصوصا في الأزمنة القديمة، مضافا إلى ما في الجواهر حيث قال: «و يشهد له ما عثرت عليه في نسخة مقروءة على المجلسي الكبير مصححة، «في ثلاثة أشبار و نصف في عمقه». مع أنّه قد ذكر العمق بالخصوص في رواية الثوري عن الصادق عليه السلام: «إذا كان الماء في الركي كرا لم ينجسه شي‏ء قلت: و كم الكر قال: ثلاثة أشبار و نصف عمقها في ثلاثة أشبار و نصف عرضها»٤۳. و لم يذكر الطول، بل لم يذكر تمام الأبعاد الثلاثة في أخبار المقام لما تقدم نعم، روي في الاستبصار خبر الثوري بزيادة: «قال ثلاثة أشبار و نصف طولها .. إلخ».

هذا، و نوقش في الثوري بالضعف.

و فيه: أنّ السراد ينقل عنه و هو ممن أجمعوا على تصحيح ما يصح عنه، كما في المستند مع أنّ الشهرة تجبره، فهذه كلّها قرائن على اشتمال موثق أبي بصير على الجهات الثلاث.

و ثالثة: بأنّه لا ريب في شموله للمستدير، بل عن «الوحيد البهبهاني رحمه اللّه ظهوره فيه، و المعهود من الكر- الذي هو مكيال معروف- الاستدارة أيضا، كما في الجواهر، و المستدير إذا كانت مساحة كل واحدة من جهاته ثلاثة أشبار و نصف. يصير مكسر المجموع ثلاثة و ثلاثين شبرا و خمسة أثمان الشبر و نصف ثمنه، لما ثبت في محلّه أنّ مساحة المدور تنقص عن المربع، بسبع و نصف سبع، فيكون أنقص من ثلاث و أربعين شبرا بكثير فلا يصح أن يكون مدركا للمشهور.

و فيه: أنّ المراد من ذكر الأشبار النتيجة الحاصلة من ضربها، لا نفس الأشبار من حيث هي، و لما كان فهم نتيجة الضرب متعسرا على العامة في تلك الأعصار، ذكر الأشبار. و إلا فتحديد شي‏ء واحد بمساحة واحدة مع العلم باختلاف الاشكال بحسب تلك المساحة لا يناسب التحديد الحقيقي.

و رابعة: بأنّه قد وزن الماء بألف و مأتي رطل بالعراقي، و لم يطابق هذه المساحة. فكانت تسع أكثر منه.

و فيه: أنّه يمكن أن يكون ذلك لأجل اختلاف المياه خفة و ثقلا، و ربما يأتي بعض الكلام فيه.

و خامسة: بأنّ دليل المشهور معارض بروايات أخرى تكون مدركا الأقوال أخر.

و منها: صحيح إسماعيل بن جابر: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الماء الذي لا ينجسه شي‏ء؟ قال عليه السلام ذراعان عمقه في ذراع و شبر سعته»٤٤.

فيكون مكسرة ستة و ثلاثين شبرا مكعبا و قد اختاره صاحب المدارك.

و فيه: أنّه يمكن حمله على ما لا ينافي المشهور- كما عن مصباح الفقيه- من أنّه لا تنافي بين هذه الصحيحة و بين ما عليه المشهور، بل هي في الحقيقة راجعة إليه، لأنّ الذراع أطول من شبرين بمقدار يسير، كما أنّ القدمين أيضا كذلك. و لو كان اختلاف فهو كالاختلاف بين الأشبار بعضها مع بعض. و مع عدم إمكان الحمل فإن أمكن حمله على ما إذا بلغ الحد بالأرطال، كما عن الشيخ رحمه اللّه و المحدث الأسترآبادي، فهو: و الا فأسقطه عن الاعتبار إعراض‏ المشهور عنه، و في محكي المنتهى: «أنّه لم يقل أحد بهذا المقدار».

و منها: ما عن إسماعيل بن جابر قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الماء الذي لا ينجسه شي‏ء؟ فقال: كر فقلت: و ما الكر؟ فقال: ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار»٤٥.

و عن المجالس روى من أنّ «الكر ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار عرضا في ثلاثة أشبار عمقا»٤٦.

فيكون مجموع الكر سبعة و عشرين شبرا مكعبا كما عن القميين، و جماعة من المتأخرين كالعلامة في المختلف، و المحقق الثاني في حواشيه، و المجلسي في البحار، و الشهيد الثاني في الروض و الروضة و المحقق الأردبيلي و غيرهم.

و نوقش في الأول: بأنّه نقل في الكافي عن ابن سنان، و في التهذيب و الاستبصار عن محمد بن سنان فإن كان ما في الكافي عبد اللّه بن سنان فموثق و إن كان محمد بن سنان، ففيه بحث.

و ترد المناقشة من أصلها: بأنّ محمد بن سنان أيضا ثبتت وثاقته، كما عن الوحيد رحمه اللّه فلا تصح المناقشة من جهة السند فيه.

و لكن يمكن تقييده بدليل المشهور، لأنّ التعارض من باب تعارض المطلق و المقيد- كما في الجواهر- و مع عدم إمكان ذلك، فهجر المشهور عنه أسقطه.

ثمَّ إنّه قد نقل عن ابن الجنيد أنّه ما بلغ تكسيره مائة شبر مكعب، و لا دليل عليه و عن الراوندي أنّه ما بلغ أبعاده عشرة أشبار و نصف بجعل كلمة (في) المذكورة في خبر أبي بصير بمعنى (مع).

و فيه: أنّه خلاف الظاهر، و إن كان قد يتحد مع المشهور، كما في الجواهر.

و عن ابن طاوس جواز العمل بكلّ ما روي، لاختلاف الأخبار. و قيل:

إنّ مرجعه إلى اختيار قول القميين، و حمل الزائد على الندب. و قد تقدم ما في مختار القميين، فراجع.

و إن كان مراده التخيير مطلقا، فهو مخدوش بإعراض الأصحاب عن جملة من أخبار المقام. هذا.

و لكن الإنصاف أنّ عمدة الإشكال على صحيح ابن جابر أمران:

الأول: وهنه بالهجر.

الثاني: إمكان إرجاعه إلى قول المشهور أو تقييده بدليل المشهور، كما تقدم عن الجواهر من أنّهما من المطلق و المقيد. و لكنّهما مخدوشان.

أما الأول فلأنّ الظاهر، بل المعلوم أنّ بناء المشهور في هذه المسألة على تغليب جانب الاحتياط في مقابل العامة فلا يكون مثل هذا الإعراض موهنا.

و أما الأخير فالاختلاف بين نتيجة من مكسر ضربهما، واضح لا ريب فيه و كونه مع دليل المشهور من المطلق و المقيد بعيد، بل هما متباينان عرفا. فالسند تام و الدلالة ظاهرة، فالفتوى به صحيحة، بل لا يبعد القول بموثقة الآخر الذي اعتمد عليه القميون، و حمل صحيحه على الندب، كما هو عادة الفقهاء في الجمع بين مثل هذه الأخبار.

تنبيهات: الأول: حاصل ما عليه المشهور أن نضرب ثلاثة و نصف من الطول في ثلاثة العمق فيصير عشرة أشبار و نصف، ثمَّ نضرب النصف من العمق في الثلاثة و النصف من الطول فيصير شبرا و ثلاثة أرباع شبر فيكون المجموع اثني عشر شبرا و ربع، ثمَّ نضرب الاثني عشر و الربع في ثلاثة العرض، فيكون المجموع ستة و ثلاثين شبرا و ثلاثة أرباع الشبر إلا ثمن الشبر، ثمَّ نضرب النصف من العرض، فيكون ستة أشبار إلا ثمن شبر فيصير المجموع ثلاثة و أربعين شبرا إلا ثمن الشبر.

و أما السبعة و العشرون فيضرب ثلاثة العرض في ثلاثة العمق فيكون تسعة، و يضرب التسعة في ثلاثة الطول فيكون سبعة و عشرين.

و أما الستة و الثلاثون فيضرب أربعة أشبار العمق في ثلاثة العرض فيصير اثني عشر و يضرب الاثنا عشر في ثلاثة العرض يصير ستة و ثلاثين.

الثاني: لا ريب في اختلاف المياه، خفة و ثقلا في مياه الشرب، فكيف بماء البحر مع غيره، كما لا ريب في اختلاف الأشبار اختلافا كثيرا و الظاهر اختلاف الوزن مع المساحة أيضا، فحكي عن الأمين الأسترآبادي أنّه وزن ماء المدينة فساوى ستة و ثلاثين شبرا تقريبا، و عن مرآة العقول للمجلسي رحمه اللّه:

أنّ وزنه يوافق ثلاثة و ثلاثين شبرا تقريبا، و عن مرآة العقول للمجلسي رحمه اللّه:

أنّ وزنه يوافق ثلاثة و ثلاثين شبرا تقريبا، و عن بعض الأعاظم أنّه وزن ماء النجف الأشرف فكان وزنه يوافق ثمانية و عشرين شبرا تقريبا، و عن بعض أنّه يساوي سبعة و عشرين شبرا إلى غير ذلك مما قيل في المقام.

و المعروف‏ بين الفقهاء (قدّس اللّه أسرارهم) في الجواب أنّ الكر يتحقق بالأقل و إنّما يكون الأكثر مطلقا كاشفا عن تحققه كما هو الحال في كلّ حدين يكون أحدهما أخص مطلقا من الآخر، بخلاف ما إذا كان بينهما التساوي من كلّ جهة، فيصح كون كلّ منهما حدا حقيقية مطلقا. و كذا لو كان بينهما عموم من وجه، فإنّ مادة الاجتماع هو الحد فقط، دون كلّ واحدة من مادتي الافتراق. و أما إذا كان أحدهما أخص من الآخر مطلقا، فيمتنع أن يكون الأخص حدّا حقيقيا أيضا بعد كون الأعم حدا كذلك، بل لا بد و أن يكون كاشفا عن الحد الحقيقي. قال في مصباح الفقيه: «و الحاصل أنّ تخلف الأرطال عن الأشبار بأن تكون الأرطال أعم وجودا غير ضائر بعد ما عرفت من أنّ الأشبار طريقي تقريبي- إلى أن قال- فكلّ ما ورد من التحديد لمثل هذه الأمور بمثل الأشبار و القلّتين و الحب، فإنّما هي كواشف عن تحقق الموضوع الواقعي عند حصول هذه الأشياء، لا أنّها حد حقيقي للموضوع النفس الأمري»، و قال صاحب الجواهر: «بعبارة أخرى: هنا كران وزني و مساحي، فلا ينافي نقصان أحدهما عن الآخر، إذ ما نقص في الوزن و بلغ في المساحة كر مساحي لا وزني، و بالعكس، فإنّ كرّ أحدهما غير الآخر». و لو رد وجه اختلاف الأخبار في هذه المسألة العامة البلوى إلى المعصوم عليه السلام، لكان أولى من هذه الأجوبة.

(الثالث: المدار على أخف الأفراد من المياه، و أقصر الأشبار المتعارفة، لتحقق الموضوع فيهما، فيشملهما إطلاق الأدلة. و تعين غيرهما يحتاج إلى دليل، و هو مفقود. و اللّه العالم بحقائق الأحكام و هو الهادي إلى الصواب.

مسألة ۳: الكر بحقة الإسلامبول- و هي مائتان و ثمانون مثقالا- مائتا حقة و اثنتان و تسعون حقة و نصف حقة.
مسألة ٤: إذا كان الماء أقل من الكر و لو بنصف مثقال يجري عليه حكم القليل (۷).

لظهور الأدلة في أنّ التحديد حقيقي، لا تقريبي. و المراد بالحقيقي‏ في المقام، الحقيقي العرفي في مقابل المسامحي العرفي، لا الدقي العقلي، إذ ليس المدار عليه بلا كلام.

مسألة ٥: إذا لم يتساو سطوح القليل ينجس العالي بملاقاة السافل، كالعكس (۸). نعم، لو كان جاريا من الأعلى إلى الأسفل لا ينجس العالي (۹) بملاقاة السافل، من غير فرق بين العلو التسنيمي و التسريحي.

لإطلاق أدلة انفعال القليل الشامل لجميع ذلك، و تقتضيه المرتكزات في جميع القذارات. و لا فرق بين أقسام عدم تساوي السطوح مطلقا بعد تحقق القلة، و صدق الوحدة، و عدم الجريان و الدفع و القوة.

لإباء الارتكاز العرفي عن انفعال العالي في صورة الجريان بملاقاة السافل للنجاسة. و أدلة الانفعال منزلة على غيرها، مضافا إلى دعوى الإجماع عن جمع على عدم الانفعال حينئذ. هذا إذا كان العلو تسنيميا أو تسريحيا ملحقا به. و أما في غيره فإن شملته أدلة انفعال القليل عرفا فينفعل، و إن كان بحيث لم تشمله، أو شك فيه، فالمرجع قاعدة الطهارة.

مسألة ٦: إذا جمد بعض ماء الحوض، و الباقي لا يبلغ كرّا ينجس بالملاقاة و لا يعصمه ما جمد (۱۰)، بل إذا ذاب شيئا فشيئا، ينجس أيضا. و كذا إذا كان هناك ثلج كثير فذاب منه أقل من الكر، فإنّه ينجس بالملاقاة و لا يعتصم بما بقي من الثلج (۱۱).

أما انفعال ما لا يبلغ كرا، فلأدلة انفعال القليل، و قد تقدم. و أما عدم الاعتصام بما جمد، فلأنّه ليس بماء عرفا، بل ماء منجمد أو ثلج، و لا يترتب عليه حكم من أحكام الماء الشرعية و العرفية ما دام منجمدا فما عن العلامة في المنتهى: «من إلحاق الجامد بالمائع»، و ما عن الشهيد في الحواشي:

«من أنّه الأقوى» فيه ما لا يخفى.

كلّ ذلك لما دل على انفعال الماء القليل.

مسألة ۷: الماء المشكوك كريته مع عدم العلم بحالته السابقة في حكم القليل على الأحوط (۱۲)، و إن كان الأقوى عدم تنجسه‏ بالملاقاة: نعم، لا يجري عليه حكم الكر، فلا يطهر ما يحتاج تطهيره إلى إلقاء الكرّ عليه (۱۳)، و لا يحكم بطهارة متنجس غسل فيه (۱٤). و إن‏ علم حالته السابقة يجري عليه حكم تلك الحالة (۱٥).

مستند الانفعال تارة: قاعدة المقتضي و المانع بدعوى: أنّ الملاقاة مقتضية للانفعال، و الاعتصام مانع، و مع تحقق المقتضي وجدانا و الشك في المانع يدفع المانع بالأصل فيؤثر المقتضي أثره.

و يرد أولا: بأنّه لا دليل على تلك القاعدة من عقل أو نقل و تسميتها بالقاعدة من باب المسامحة، إذا كيف يصح إطلاق القاعدة عليها بعد فرض عدم الدليل على أصل اعتبارها، فإنّ من أحرز المقتضي لشي‏ء و شك في وجود المانع عن تأثيره، لا دليل من عقل أو نقل و لا بناء من العقلاء على الحكم بوجود المقتضى (بالفتح) بمجرد إحراز المقتضي، و جريان أصالة عدم المانع لا يوجب ترتب المقتضى على المقتضي (بالكسر) لأنّها مثبتة. نعم، لو كان إحراز المقتضي بنحو يلازم العلم العادي بتحقق المقتضى، يحكم بثبوته حينئذ للعلم بوجوده. و كذا من يقول بأنّ مثبتات الاستصحاب حجة، له أن يحكم أيضا.

ثانيا: من أين أحرز أنّ الكرّيّة مانعة، إذ لنا أن نقول أنّها شرط للاعتصام، كما أنّ القلة شرط للانفعال، فلا صغرى لها في المقام على فرض صحتها.

و أخرى: بعموم أدلة الانفعال.

و يرد: بأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، و المشهور عدم صحته.

و ثالثة: بما عن بعض مشايخنا (قدّس سرّه) من أنّ إناطة الرخصة تكليفا أو وضعا على أمر وجودي، تدل بالالتزام العرفي على إحراز ذلك الأمر و مع الشك فيه لا وجه لتلك الرخصة، فإذا أنيط الاعتصام على الكرّيّة و نحوها، فلا بد من إحرازها. و الا فلا موضوع لتحققه.

و فيه: أنّه تصور حسن ثبوتا. و لكن لم يقم دليل على كليته إثباتا.

و رابعة: بأصالة عدم تحقق الكرّيّة بالعدم الأزلي، كما تقدم في أصالة عدم المادة في [مسألة ۲] من الماء الجاري. و تقدم ما يتعلق بها.

و أما عن بعض من أنّ الكرّيّة من عوارض الماهية، فلا يجري الأصل فيها بنحو العدم الأزلي.

ففيه: أنّ مقتضى التفاهم عند المتعارف أنّها من لوازم الوجود، دون الماهية.

و خامسة: بأصالة عدم تحقق الكر في المحل المخصوص بالعدم النعتي.

و فيه أولا: أنّه مبني على العلم بالحالة السابقة. و ثانيا: أنّه لا يخلو عن الإثبات.

ثمَّ إنّه قد تقدم من الماتن رحمه اللّه الفتوى بالتنجس في نظير المقام في [مسألة ۲] من الفصل السابق. و الحق أنّ الفتوى بالطهارة أو النجاسة مشكلة فلا يترك الاحتياط بالاجتناب.

للشك في الكرّيّة فلا تجري أحكامها حينئذ، بل يجري استصحاب بقاء النجاسة فيما ألقي عليه بلا مزاحم كما يجري استصحاب الطهارة في مشكوك الكرّيّة، فيكون الماء الواحد محكوما بحكمين ظاهرا، للأصلين، إلا أن يقال:

إنّه غير معهود عند المتشرعة- مع دعوى الإجماع على أنّ الماء الواحد لا يتعدد حكمه ظاهرا من حيث الطهارة و النجاسة. و حينئذ فيتعارض الأصلان و يسقطان و يرجع إلى قاعدة الطهارة.

و يمكن الخدشة فيها بأنّ المتشرعة لا يقدمون على استعمال مثل هذا الماء في التطهير فكيف تجري القاعدة فيما يكون مخالفا لمرتكزات المتشرعة؟!! و بذلك يشكل استصحاب الطهارة في الماء المشكوك الكرّيّة أيضا بعد اتحاده عرفا مع الماء المتنجس، لأنّ المتشرعة لا يقدمون على استعمال مثل هذا الماء في التطهير، و هذا بمنزلة أمارة حاكمة على قاعدة الطهارة و استصحابها، فيجري استصحاب النجاسة بلا معارض.

لاستصحاب النجاسة و لا ينفعها استصحاب طهارة الماء المغسول‏ فيه، لصحة التفكيك في لوازم الأحكام الظاهرية إذا اقتضاه الأصل، كما في المقام و غيره. و سيأتي في [مسألة ٥۳] من فصل شرائط الوضوء نظيره.

لاستصحاب الطهارة بعد اتحاد الموضوع عرفا، إذ الكثرة و القلة من الحالات المتبادلة على موضوع واحد. لا من المقوّمات حتّى يتعدد الموضوع بهما، فلا يجري الاستصحاب، لتبدل الموضوع حينئذ.

مسألة ۸: الكر المسبوق بالقلة إذا علم ملاقاته للنجاسة و لم يعلم السابق من الملاقاة و الكرية. إن جهل تاريخهما أو علم تاريخ الكرية حكم بطهارته (۱٦) و إن كان الأحوط التجنب، و إن علم تاريخ‏ الملاقاة حكم بنجاسته. و أما القليل المسبوق بالكريه الملاقي لها فإن جهل التاريخان، أو علم تاريخ الملاقاة حكم فيه بالطهارة (۱۷) مع الاحتياط المذكور (۱۸). و إن علم تاريخ القلة حكم بنجاسته (۱۹).

هذه المسألة من موارد توارد الحالتين سواء كانت الحالتان الكر المسبوق بالقلة، كما تعرض له أولا.

أو القليل المسبوق بالكريه، كما تعرض له ثانيا. و أقسامه أربعة:

الأول: العلم بزمان حدوث كلّ واحد منهما. و لوضوح حكمه لم يتعرضوا له.

الثاني: الجهل بزمان حدوث كلّ واحد منهما. و المشهور جريان أصالة العدم بالنسبة إليهما. فيسقطان بالتعارض، لأنّ أصالة عدم الملاقاة إلى زمان الكرّيّة تقتضي الطهارة. و أصالة عدم الكرّيّة إلى زمان الملاقاة تقتضي النجاسة، فيرجع حينئذ إلى استصحاب الطهارة إن كانت الحالة السابقة هي الطهارة، و إلى قاعدتها إن لم يعلم الحالة السابقة. و إن كانت الحالة السابقة هي النجاسة، فإن القي عليه الكر دفعة أو صار كرا بالاتصال بماء الأنابيب- مثلا- فهو طاهر قطعا، لأنّ الملاقاة إن كانت قبل حصول الكرّيّة فلم يكن لها أثر، و قد زالت النجاسة بعروض الكرّيّة. و إن كانت بعده فلا أثر لها، و إن صار كرّا بالتدريج بغير الاتصال بالمعتصم، فهو نجس مع قطع النظر عن ملاقاة النجس أيضا، لأنّ كلّ ما يلقى عليه من الماء ينفعل بملاقاته. هذا بناء على المشهور من جريان الأصل و سقوطه بالتعارض، و كذا بناء على عدم مجرى له في نظائر المقام أصلا، لأنّ مورد الاستصحاب ما إذا كان الشك ممحضا في بقاء المستصحب و امتداده إلى زمان اليقين فقط و لم يكن الشك متعلقا بجهة أخرى. و في المقام ليس الشك ممحضا في البقاء فقط، بل إنّما يكون متعلقا بالتقدم و التأخر بين الحادثين، فلا يجري الاستصحاب ذاتا، فيكون المرجع التفصيل الذي تقدم في قول المشهور، فلا ثمرة من هذه الجهة بين جريان الأصل و سقوطه بالمعارضة و بين عدم جريانه، إذ المرجع على كلّ منهما أصالة الطهارة أو قاعدتها. هذا.

و لكن الشأن في جريان استصحاب الطهارة و قاعدتها في مثل المقام بحسب أنظار المتشرعة، و مع الشك في الجريان لا يصح التمسك بإطلاق دليلهما. مع أنّ في جريان أصالة عدم الملاقاة و ترتب الطهارة عليها إشكالا، لاعتبار سبق الكرّيّة على الملاقاة أو مقارنتها وجودا، و أصالة عدم الملاقاة لا تثبت شيئا منهما، و يأتي في [مسألة ۱۰] ما ينفع المقام. فتجري أصالة عدم الكرّيّة إلى زمان الملاقاة بلا معارض، و لذلك و لما تقدم- في الثالثة من المسألة السابقة- اختار بعض مشايخنا رحمهم اللّه‏٤۷ النجاسة في صورة الجهل بالتاريخين. و الجزم بالطهارة، كما عن الماتن رحمه اللّه مشكل.

الثالث: ما إذا علم بتاريخ الكرّيّة، و شك في زمان الملاقاة. و مقتضى أصالة عدم الملاقاة إلى زمان الكرّيّة، هو الطهارة و هي تكون أثرا شرعيا مترتبا عليها، لأنّه أعم من أن يكون وضعيا أو تكليفيا. و يصح التمسك باستصحاب الطهارة أو قاعدتها أيضا.

الرابع: ما إذا علم تاريخ الملاقاة و شك في زمان حدوث الكرّيّة، و مقتضى استصحاب بقاء القلة الحكم بالنجاسة. و لا وجه لجريان استصحاب عدم الملاقاة للعلم بزمان حصولها، فيجري استصحاب القلة بلا معارض. هذا.

و قد يقال بالنجاسة في جميع الأقسام الثلاثة، لأنّ الملاقاة معلومة وجدانا و الشك إنّما هو في المانع، و يدفع بالأصل، فيكون المقام من الموضوعات المركبة المحرزة بعض أجزائها بالوجدان و بعضها الآخر بالأصل.

و فيه: أنّها ليست من القواعد الكلية المعتبرة السارية في جميع أبواب الفقه بحيث يصح لنا انطباقها على كلّ ما شئنا و أردنا، بل لا بد في مورد جريانها من عمل الأصحاب بها، أو دلالة دليل آخر عليها.

لاستصحاب الطهارة أو قاعدتها في الصورة الأولى. و تقدم ما يتعلق بها، و باستصحاب بقاء الكرّيّة إلى زمان الملاقاة في الصورة الثانية.

ظهر مما تقدم: أنّ الاحتياط المذكور وجوبي في الموردين في صورة الجهل بالتاريخين.

لأصالة عدم الملاقاة إلى زمان القلة، فوقعت الملاقاة فيه و تنجس و لكنّه متوقف على اعتبار الأصل المثبت، و هو غير معتبر حتّى عند الماتن. فيكون الحكم بلا دليل، و المرجع قاعدة الطهارة.

مسألة ۹: إذا وجد نجاسة في الكر و لم يعلم أنّها وقعت فيه قبل الكرية أو بعدها، يحكم بطهارته. إلا إذا علم تاريخ الوقوع (۲۰).

هذه المسألة مثال لسابقتها، إذا لا فرق بينهما إلا من حيث الكلية و الجزئية.

مسألة ۱۰: إذا حدثت الكرية و الملاقاة في آن واحد حكم بطهارته (۲۱) و إن كان الأحوط الاجتناب.

لو حدثت الكرّيّة و الملاقاة معا. فمقتضى استصحاب الطهارة و قاعدتها، عدم الانفعال، و ثبوت الطهارة. فلو لم يكن دليل حاكم عليهما يكفي كلّ منهما، لعدم اعتبار سبق الكرّيّة على الملاقاة. و لكن المنساق من قوله عليه السلام: «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شي‏ء»٤۸ هو سبق الكرية على‏ الملاقاة، كما في جميع القضايا الشرطية التي يستفاد منها تقدم المقدم على التالي خارجا خصوصا في العرفيات. نعم، لو كان الشرط علة تامة مستقلة لحصول التالي، يكفي فيها التقدم الرتبي فقط، و إن تقارنا خارجا. و ليس المقام كذلك.

لأنّ الكرّيّة معلولة لشي‏ء، و الملاقاة معلولة شي‏ء آخر.

إن قلت: نعم، و لكن الكرّيّة موضوع للحكم بعدم الانفعال، و يكفي في تقدم الموضوع على الحكم التقدم الرتبي، و لا يعتبر التقدم الخارجي.

قلت: ليس البحث في ذلك، و إنّما الكلام في أنّه يستفاد من ظاهر الدليل اعتبار التقدم، و لا ربط لأحدهما بالآخر.

و دعوى: أنّه يصدق عرفا أنّ الكر الخارجي لاقى النجس، كما يصدق أنّ النجس لاقاه.

غير صحيحة: لأنّه لا ريب في صدق الملاقاة و تحققها و هو أعم من اعتبار سبق الكرّيّة على الملاقاة و البحث في أنّ المنساق من ظاهر الدليل اعتبار سبق الكرّيّة عليها و لا ربط له بالعلم بصدق الملاقاة في الجملة.

إن قلت: إنّ ظاهر الجملة الشرطية يدل على سبق الكرّيّة على الملاقاة، و مفهومها يدل على الانفعال مع عدم سبق الكرّيّة. و صورة المقارنة خارجة عنهما، فيرجع فيها إلى البراءة.

قلت: هذه مغالطة، لأنّه إذا دلت الجملة الشرطية على اعتبار سبق الكرّيّة في العاصمية، تدل على أنّه لا أثر للمقارنة في الاعتصام بالدلالة المفهومية إذ السبق خلاف المقارنة لغة و عرفا.

و توهم: أنّه لا ريب في كفاية حدوث المانع للمانعية و لو حدث مع حدوث المقتضي، فينزل عليه الحديث أيضا. و الانسباق المذكور من باب الغالب، لا الكلية من كلّ جهة.

مردود: بأنّ كفاية حدوث المانع للمانعية و لو حدث مع حدوث المقتضي، مسلّم. و لكن حمل الشرطية على الغالب، مشكل، و لذا اخترنا النجاسة في هذه الصورة كما في التعليقة.

فرع: لو حدثت القلة و الملاقاة في آن واحد، فمقتضى استصحاب الطهارة و قاعدتها و إن كان هو الطهارة، إلّا أنّ مقتضى ما استظهرناه من سبق‏ الكرّيّة على الملاقاة في الاعتصام من قوله عليه السلام: «إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجسه شي‏ء» ٤۹ هو الانفعال.

مسألة ۱۱: إذا كان هناك ماءان أحدهما كر و الآخر قليل و لم يعلم أنّ أيّهما كر، فوقعت نجاسة في أحدهما- معينا أو غير معين- لم يحكم بالنجاسة (۲۲). و إن كان الأحوط في صورة التعيين‏ الاجتناب (۲۳).

هذه المسألة من صغريات ما تقدم في [مسألة ۲] من فصل الماء الجاري و [مسألة ۷] من فصل الماء الراكد، و لا فرق بينهما و بين المقام فيما إذا وقعت النجاسة في المعيّن، للعلم بالملاقاة تفصيلا، و الشك في الاعتصام و كذا لو وقعت في غير المعيّن، و قلنا بأنّ العلم الإجمالي بملاقاة النجاسة للقليل أو الكر، محدث للتكليف بالنسبة إلى كلّ واحد من الطرفين، و ذلك. لأنّ العلم الإجمالي بالملاقاة حينئذ يصير كالعلم التفصيلي بها بالنسبة إلى كلّ واحد من الطرفين مع الشك في كريتهما، فتجري هنا جميع الأدلة المتقدمة في المسألتين لأنّ من شرط تأثيره أن يكون محدثا للتكليف على كلّ تقدير، فلا أثر لهذا العلم الإجمالي، لاحتمال وقوع النجاسة في الكر، فيكون بلا أثر حينئذ. و يكون ملاقاة القليل للنجاسة من الشبهة البدوية المحضة فتجري فيه أصالة الطهارة بلا محذور، و على هذا فلا ربط لهذه المسألة بما تقدم من المسألتين، لأنّ موردهما صورة العلم بالملاقاة و الشك في الاعتصام، و في المقام ليس علم تفصيلي بها، كما هو المفروض، و العلم الإجمالي لا أثر له.

ثمَّ إنّ العلم الإجماليّ مطلقا إذا لم يكن موجبا لحدوث تكليف فعلي مسبوق بالعدم في جميع أطرافه، لا أثر لذلك العلم الإجمالي و يكون كالشك البدوي- حتّى جعل ذلك قاعدة في تنجيز العلم الإجمالي- لأنّ العلم الإجمالي إذا لم يوجب حدوث تكليف فعلي على جميع التقادير، لا يصلح للبيانية و الداعوية فتجري أدلة البراءة العقلية و الشرعية بلا مانع في البين.

و على هذا فلو كان جميع أطرافه أو بعضها محكوما بحكم تفصيلي مثل الحكم المعلوم بالإجمال ثمَّ عرض العلم الإجمالي فلا أثر له، كما يأتي في [مسألة ۱۲]، و كذا لو لم يكن عروضه موجبا لحدوث حكم أصلا في جميع الأطراف أو في بعضها لا أثر له أيضا، كما في هذه المسألة بلا فرق في ذلك بين كونه علة تامة للتنجيز أو مقتضيا له. و للعلم التفصيلي بالتكليف في مورد العلم الإجمالي صور كثيرة تعرضنا لها في تهذيب الأصول، و من شاء فليراجعه‏٥۰.

هذا كلّه مع الجهل بالحالة السابقة، و كذا مع العلم بها، سواء كانت هي الكرّيّة أم القلة، فلا أثر للعلم الإجمالي، لما تقدم من القاعدة.

و لا يجري استصحاب الكرّيّة- في الطرفين- في الأول، للعلم بعروض القلة في البين، كما لا يجري استصحاب القلة- في الطرفين- في الثاني، للعلم بعروض الكرّيّة إجمالا.

و قد اختار بعض سادة مشايخنا قدّس اللّه سرّه [۱] وجوب الاجتناب فيما إذا كانت الحالة السابقة القلة. و فيما يأتي في فصل الماء المستعمل [مسألة ٦] احتاط وجوبا في ملاقي الشبهة المحصورة إن كانت الأطراف مستصحب النجاسة، و سكت رحمه اللّه في بعض المسائل التي تكون نظيرهما.

و فيه: أنّ الأصول الموضوعية لا وجه للرجوع إليها بعد سقوطها بالتعارض و منه يظهر ما عن شيخنا الأنصاري في مكاسبه عند اشتباه الميتة بالمذكّى من الرجوع إلى أصالة عدم التذكية في كلّ منهما، فراجع.

إن كان المراد بالاحتياط مجرد حسنه حتّى في الشبهات البدوية، فلا فرق فيه بين صورة التعيين و غيرهما. و إن كان المراد به في خصوص المقام، لأجل‏ إمكان المناقشة في أدلة وجوب الاجتناب مع العلم بالملاقاة و الشك في الاعتصام، فيختص بصورة التعيين، لعدم أثر للعلم الإجمالي بوقوعها في غير المعيّن، و يكون العلم الإجمالي حينئذ كالعدم، فيكون من الشبهة البدوية المحضة.

مسألة ۱۲: إذا كان ماءان أحدهما المعيّن نجس فوقعت‏ نجاسة لم يعلم بوقوعها في النجس أو الطاهر، لم يحكم بنجاسة الطاهر (۲٤).

لعدم أثر لوقوع النجاسة في النجس، فليس العلم الإجمالي منجزا لما تقدم، فيرجع إلى استصحاب الطهارة في الآخر بلا محذور. نعم، لو فرض وجود أثر شرعي فيه أيضا، لتنجز العلم الإجمالي حينئذ في الطرفين.

مسألة ۱۳: إذا كان كر لم يعلم أنّه مطلق أو مضاف، فوقعت فيه نجاسة، لم يحكم بنجاسته (۲٥). و إذا كان كران أحدهما مطلق و الآخر مضاف، و علم وقوع النجاسة في أحدهما و لم يعلم على التعيين، يحكم بطهارتهما (۲٦).

لأصالة الطهارة بعد المناقشة فيما استدل به على النجاسة في المسألة السابعة. فإنّ هذه المسألة أيضا من صغرياتها، إذ لا فرق في الشك في الانفعال بين أن يكون منشؤه إضافة الماء أو عدم الكرّيّة، و قد تقدم ما يصلح للاحتياط، فراجع.

لأصالة الطهارة بعد سقوط العلم الإجمالي عن الأثر، لما تقدم من القاعدة.

مسألة ۱٤: القليل النجس المتمم كرا بطاهر أو نجس، نجس على الأقوى (۲۷).

على المشهور. بل استقر المذهب في هذه الأعصار و ما قاربها عليه. و يدل عليه مضافا إلى استصحاب النجاسة٥۱- ما تقدم من أدلة انفعال ماء القليل، و مقتضى إطلاقها الشمول لما إذا كان المتمّم (بالفتح) طاهرا، و المتمّم (بالكسر) نجسا، أو كان بالعكس، أو كان المتمم (بالفتح) طاهرا، و المتمم (بالكسر) نجسا، أو كان بالعكس، أو كانا نجسين، خرج منها ما إذا كانا طاهرين، فيكون حينئذ كرّا معتصما بالاتفاق، و بقي الباقي مشمولا لأدلة انفعال القليل.

و مما يدل على المشهور، موثق ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السلام- في حديث قال: «و إياك أن تغتسل من غسالة الحمام. ففيها تجتمع غسالة اليهودي، و النصراني، و المجوسي، و الناصب- لنا أهل البيت- فهو شرهم»٥۲.

فإنّ مجمع الغسالة من الحمام يزيد على كر، بل أكرار من الماء، مع أنّه عليه السلام، حكم بالاجتناب و يشهد للانفعال مرتكزات المتشرعة أيضا.

إن قلت: البلوغ إلى حدّ الكرّيّة يكون مانعا عن الانفعال، فلا يصح أن يكون مقتضيا له، كما إذا كان المتمّم (بالكسر) طاهرا و المتمّم (بالفتح) نجسا، فإنّه من قبيل اقتضاء الشي‏ء الواحد للضدين.

قلت: الكر الذي يكون معتصما و مانعا عن الانفعال ما إذا كان حدوثه لجميع أجزائه و جزئياته من الماء الطاهر، دون مثل المقام، فليس فيه الا اقتضاء الانفعال فقط، دون الاعتصام.

و نسب إلى المرتضى في المسائل الرسية القول بالطهارة، و تبعه في ذلك ابن إدريس و جماعة، و هم بين مصرّح بعدم الفرق بين إتمامه بطاهر أو نجس، و بين مقيد له بالطاهر و بين مطلق يتناول بظاهره الأمرين و نسبه المحقق الثاني إلى أكثر المحققين، و في مصباح الفقيه: «إنّ المسألة استظهارية من الأدلة، لا أن تكون تحقيقية حتّى تنسب إليهم»

و استدل لهم أولا: بأصالة الطهارة، و عموم قوله صلّى اللّه عليه و آله: «خلق اللّه الماء طهورا»٥۳.

و يرد الأصل و العموم بما تقدم من أدلة انفعال القليل.

و ثانيا: بالنبوي الذي ادعى في السرائر أنّه المجمع عليه بين المخالف و المؤالف: «إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا»٥٤.

و يرد: بقصور السند و قد أنكره جمع، منهم المحقق في المعتبر. فقال رحمه اللّه: «ما رأيت أعجب ممن يدعي إجماع المؤالف و المخالف فيما لا يوجد إلا نادرا فلا وجه للاعتماد عليه» أذن الرواية ساقطة. مع أنّه قاصر دلالة أيضا، إذ المراد بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «لم يحمل خبثا» دفع الخباثة بعد بلوغ الكرّيّة. فإنّ كثرته حينئذ تعصمه عن الاستقذار و الانفعال، لا أن يكون المراد رفع القذارة المتحققة قبل البلوغ إلى الكرّيّة فإنّه مستبعد عن الأذهان العرفية خصوصا إن كان الإتمام بالنجس.

و ثالثا: بالإجماع. و يرد: بما عن المحقق رحمه اللّه في المعتبر: «بأنا لم نقف على هذا في شي‏ء من كتب الأصحاب»، و بما عن الشهيد في الذكرى:

«أنّه لا إجماع لخلاف ابن جنيد و الشيخ في الخلاف».

و رابعا: بأنّه إذا كان بلوغ الماء قدر كر موجبا لاستهلاك النجاسة، فيستوي في ذلك بلوغه قبل وقوع النجاسة فيه أو بعده. و يرد: بأنّه قياس مع أنّه مع الفارق، كما لا يخفى.

و خامسا: بالإجماع على طهارة الماء الذي صار كرا و وجدت فيه نجاسة و لم يعلم وقوعها قبل الكرية أو بعد ذلك، و ما ذلك إلّا لتساوي الحالتين. و يرد:

بعدم الاعتبار بدعوى الإجماع فيه، بل يجري فيه استصحاب طهارة الماء و عدم الملاقاة للنجاسة إلى زمان تحقق الكرّيّة، فراجع ما تقدم في [مسألة ۸ و ۹].

هذا كلّه بحسب مفاد الأدلة، و أما الأصل العملي فلا إشكال في صحة استصحاب النجاسة، و ترتب آثاره عليه- من عدم جواز استعماله فيما يعتبر فيه الطهارة، و من تنجس ملاقيه- فلا يبقى حينئذ موضوع لاستصحاب طهارة الماء المتمّم به إن كان طاهرا، كما لا يبقى موضوع لجريان قاعدة الطهارة فيه أيضا مضافا إلى ما تقدم من أنّ الماء الواحد في سطح واحد لا يختلف حكمه من حيث الطهارة و النجاسة، مع أنّه لا يجري استصحاب طهارة الماء و قاعدتها و لو مع قطع النظر عن حكومة استصحاب النجاسة عليهما، إذ يعتبر في جريانها ترتب أثر عملي عليه، و مع اختلاط الماء الطاهر بالنجس و عدم تميزه منه خارجا، لا يصح استعماله في التطهير- حدثا و خبثا- و يتنجس ملاقيه، لاختلاطه بالنجس و عدم تميزه منه. فليس لاستصحاب الطهارة و قاعدتها أثر عملي حتّى يصح جريانهما في المقام. فلا ينبغي إطالة الكلام أكثر من ذلك، و قد ظهر مما ذكرنا المسائل الآتية:

فروع:

الأول: القليل النجس المتمّم كرّا بالاتصال بالمعتصم، كر طاهر و مطهّر من الحدث و الخبث، لطهارته بمجرد الاتصال، و لا يحتاج إلى الامتزاج، كما تقدم في [مسألة ۱۳] من فصل المياه، و صيرورته كرا، فتشمله أدلة الكر و يترتب عليه أحكامها.

الثاني: لو كان قليلا و شك في طهارته و نجاسته، و تمّم بماء طاهر. فإن كانت الحالة السابقة النجاسة، فهي عين المسألة السابقة، و إلا فهو طاهر، للأصل، و كر وجدانا، و يترتب عليه جميع أحكامه.

الثالث: لا فرق في جميع ما تقدم بين ما إذا كانت الحالة السابقة القلة ثمَّ عرضت الكرّيّة، أو كانت بالعكس.

  1. راجع المجلد الأول من كتاب تهذيب الأصول صفحة: ۱۰۷ ط- بيروت.
  2. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱.
  3. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ۷.
  4. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ٦.
  5. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۹.
  6. الوسائل باب: ۸ من أبواب الماء المطلق حديث ۱.
  7. الوسائل باب: ٤ من أبواب الأسئار حديث: ۱.
  8. الوسائل باب: ۳۸ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
  9. الوسائل باب: ۸ من أبواب الماء المطلق.
  10. الوسائل باب: ۸ من أبواب الماء المطلق.
  11. الوسائل باب: ۸ من أبواب الماء المطلق.
  12. الوسائل باب: ۸ من أبواب الماء المطلق.
  13. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأسئار حديث: ۳.
  14. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأسئار حديث: ٤.
  15. الوسائل باب: ۳٥ من أبواب النجاسات حديث: ۲.
  16. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الماء المضاف.
  17. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الماء المضاف.
  18. الفرقان( ۲٥) الآية: ٤۸.
  19. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ٥.
  20. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ۹.
  21. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۱.
  22. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۳.
  23. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱٦.
  24. الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الماء المطلق حديث: ۲.
  25. الوسائل باب: ۸ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۲.
  26. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۸.
  27. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۷.
  28. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱.
  29. الوسائل باب: من أبواب الماء المطلق حديث: ۳.
  30. الوسائل باب: من أبواب الماء المطلق حديث: ۷.
  31. الوسائل باب: من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۱.
  32. الوسائل باب: من أبواب الماء المطلق حديث: ۱.
  33. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱.
  34. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ۳.
  35. الوسائل باب: ۸ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱٦.
  36. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الماء المطلق حديث: ۷ و ۸.
  37. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الماء المطلق حديث: ۷ و ۸.
  38. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۹.
  39. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۱.
  40. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ٤.
  41. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ۳.
  42. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الماء المطلق حديث: ٦.
  43. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ۸.
  44. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱.
  45. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الماء المطلق حديث: ٤.
  46. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الماء المطلق حديث: ۳.
  47. المحقق النائيني( قدّس سرّه).
  48. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ٦.
  49. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ٦.
  50. المجلد الثاني صفحة: ٤٤ الطبعة الثانية- بيروت.
  51. و قد سبق في صفحة ۱۹۰ عند استصحاب الطهارة ما يمكن الإيراد على هذا الاستصحاب مع جوابه.
  52. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب المضاف حديث: ٥.
  53. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ۹.
  54. مستدرك الوسائل باب: ۹ من أبواب أحكام المياه حديث: ٦.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"