1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطهارة
  10. /
  11. فصل في المياه‏
  12. /
  13. فصل في الماء الحمام
(فصل) في ماء الحمام بمنزلة الجاري (۱) بشرط اتصاله بالخزانة. فالحياض الصغار فيه إذا اتصلت بالخزانة، لا تنجس بالملاقاة إذا كان ما في‏ الخزانة وحده أو مع ما في الحياض بقدر الكر (۲) من غير فرق بين تساوي سطحها مع الخزانة أو عدمه، و إذا تنجس ما فيها يطهر بالاتصال بالخزانة (۳) بشرط كونها كرا و إن كانت أعلى و كان الاتصال بمثل (المزمّلة). و يجري هذا الحكم في غير الحمام أيضا، فإذا كان في المنبع الأعلى مقدار الكر أو أزيد، و كان تحته حوض صغير نجس، و اتصل بالمنبع بمثل المزملة، يطهر، و كذا لو غسل فيه شي‏ء نجس يطهر مع الاتصال المذكور (٤).

المراد بماء الحمام- الذي هو مورد بحث الفقهاء (قدّس اللّه أسرارهم) ما في حياضه الصغار، كما في الجواهر و المستند، و نسبه في الأول إلى ظاهر الفقهاء، و يظهر في الحدائق ذلك أيضا. و يقتضيه الفقه الرضوي: «إنّ ماء الحمام سبيله سبيل الجاري، إذا كان له مادة»۱.

و في خبر بكر بن حبيب: «ماء الحمام لا بأس به، إذا كان له مادة»۲.

و أما الحياض الكبار التي تشتمل على كر من الماء، بل أكثر، أو الأنابيب المتصلة بالمنابع و المخازن، فلا ينبغي أن تجعل مورد البحث، لما تقدم من اعتصام الكر و الجاري مطلقا نصا و إجماعا. كما أنّ الظاهر من الأخبار أنّ المراد من الحمام، الحمامات العامة التي أعدت لدخول الناس فيها مطلقا، لا كلّ ما يسمّى حماما. و قد نقل عن بعض المؤرخين: أنّهم كانوا يسمون كلّ محل مستور وضع فيه ماء للاغتسال، و لتنظيف البدن حماما، و بهذا المعنى قيل: إنّ‏ في بعض البلاد، كان ثلاثة آلاف حمام أو أكثر حتّى الحمامات الحادثة في هذه الأعصار في غالب البيوت، فإن كان الحكم مخالفا للقاعدة ففي شمول الأخبار لهذه الحمامات الشخصية إشكال.

ثمَّ إنّ البحث في ماء الحمام تارة: بحسب الأخبار العامة الواردة في المياه. و أخرى: بحسب الأخبار الخاصة الواردة في خصوص الحمام.

أما الأول: فإما أن يكون في الحمام حوض واحد، أو يكون متعددا فعلى الأول إن كان كرّا، يجري عليه جميع ما تقدم من أحكام الكر و إن كان قليلا يجري عليه أحكامه.

و على الثاني فإن لم تكن الحياض متصلة بعضها مع بعض، و كان كلّ واحد كرّا، أو قليلا، أو بالاختلاف يكون لكل واحد حكمه. هذا إذا لم يكن القليل متصلا بالماء الجاري من الأنبوب، و إلا فهو معتصم ما دام الاتصال. و إن كانت متصلة بعضها مع بعض، فإن كان المجموع كرّا، لا ينفعل. و إن كان قليلا ينفعل- كما تقدم ذلك في أول فصل الراكد. نعم، لو كان متصلا بما يجري من الأنبوب، فهو معتصم ما دام الجريان، و لا فرق في ذلك بين تساويها في الكبر و الصغر، أو اختلافها في ذلك. و من ذلك يعلم حكم الحمامات المعدة في البيوت، فلا ينفعل ماؤها بملاقاة النجس مع الاتصال بالأنبوب ما دام يجري منه و مع عدم الاتصال ينفعل بالملاقاة، إلا إذا كان كرّا.

هذا كلّه بحسب الأدلة العامة.

و أما الأخبار الخاصة في الحمام:

فمنها: صحيح ابن سرحان: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في ماء الحمام؟ قال: هو بمنزلة الجاري»۳.

و في خبر ابن أبي يعفور عنه عليه السلام أيضا: «قلت: أخبرني عن ماء الحمام، يغتسل منه الجنب، و الصبي، و اليهودي، و النصراني، و المجوسي؟

فقال عليه السلام: إنّ ماء الحمام كماء النهر يطهّر بعضه بعضا»٤.

و عن أبي الحسن الأول عليه السلام: «ماء الحمام لا ينجسه شي‏ء»٥.

و قد تقدم خبرا فقه الرضوي و بكر بن حبيب‏٦، فإن كان المراد بالحمام في هذه الأخبار مطلق ما أعد للاغتسال، و التنظيف بوضع مقدار من الماء فيه ليصرف فيهما، و كان لفظ الحمام الوارد فيها ظاهرا في ذلك ظهورا عرفيا يعتمد عليه، كانت هذه الأخبار مخصصة لما دل على انفعال القليل، فيكون المحصّل من مجموع الأخبار حينئذ: أنّ الماء القليل ينفعل بملاقاة النجس الا ماء الحمام، فإنّه لا ينفعل بالملاقاة- و إن كان قليلا، و اختاره جمع من الفقهاء. قال في المستند:

«إن بلغت مادته كرّا، فلا ينفعل على المشهور، بل بلا خلاف يحضرني الآن، و الأخبار الآتية تدل عليه. و إلا فكذلك أيضا، سواء بلغ مجموع المادة و الحوض كرّا، أم لا، و سواء تساوى سطحاهما الظاهران، أم اختلفا بالانحدار، أو غيره على الأقوى، وفاقا لظاهر الشيخ في النهاية، و الحليّ في المعتبر، و النافع، و الشرائع. و مال إليه طائفة من المتأخرين، و نسبه بعضهم إلى الأكثر، للأصل، و الاستصحاب، و مجموعات طهارة الماء».

و نسب ذلك إلى المحقق السبزواري و المحدث الكاشاني، و اختاره صاحب الجواهر أيضا. هذا كلّه إذا أحرز الإطلاق من كلّ جهة في أخبار الحمام، و أما إذا أحرز عدمه، أو شك فيه، فعمومات أدلة انفعال القليل محكمة، لعدم جواز الاستناد إلى أخبار الحمام حينئذ، كما لا يخفى فلا بد و أن يستفاد حكم ماء الحمام من الأخبار العامة الواردة لبيان أحكام المياه.

و الحق عدم صحة استفادة الإطلاق منها، بل ظهورها فيما إذا كان ماء الحمام كرّا، بل أضعافه، لأنّ جميعها منزلة على الحمامات العامة الموجودة في الخارج- التي يردها الناس للاغتسال، و التنظيف، و التي جعل في الشرع لها آداب لبيتها الأول، و الثاني، و الثالث‏۷، بل الرابع‏۸ و العادة قاضية باستحالة كون ماء مثل هذه الحمامات أقل من أكرار الماء، خصوصا في الشتاء- الذي تزدحم فيه الناس إلى الحمامات. و كون ماء حمام عام يرده الناس لقضاء حوائجهم، أقل من الكر، من مجرد الفرض العقلي من دون أن يكون له وجود خارجي، بل لو لا الإجماع على عدم اعتبار ما زاد عن الكر في اعتصام المادة، لأشكل استفادة كونها كرّا من هذه الأخبار، كما صرح به في مصباح الفقيه، لكون المادة في الحمامات التي يردها الناس أضعاف الكر، و قيّم الحمام يراقب، و يتحفظ على أن لا يقل الماء عن المقدار الاحتياطي، فكيف بالمقدار الذي يكون معرضا للاستعمال.

و بالجملة: إذا عرضنا الأخبار الواردة في ماء الحمام على العرف و على أهل الخبرة بالحمامات العامة- قديما و حديثا- يحكمون بأنّها لا تدل على عدم انفعال الماء القليل بشي‏ء من الدلالات، و لا ربط لها بالقليل أصلا حتّى تكون مخصصة لأدلة انفعاله، فتكون الأخبار الواردة في ماء الحمام موافقة للقاعدة حينئذ، و في مقام بيان تعميم المادة بأنّها إما تكوينية كمادة البئر، و الجاري، أو جعلية، كمادة الحمام المشتملة على الكر، و أضعافه من الماء. فالقول بعدم اعتبار الكرّيّة في المادة، و لا في مجموع ما فيها و ما في الحياض الصغار، لا وجه له، لعدم استفادته من هذه الأخبار.

نعم، حيث وقع الشك في الأذهان: أنّ ما في الحياض الصغار من الحمام تتوارد عليه النجاسات، فسألوا الإمام عليه السلام عن ذلك، و أزال عليه السلام شكهم بتنزيل ماء الحمام منزلة الجاري تارة، و تشبيهه بماء النهر أخرى، و تعليقه بالمادة ثالثة. فيكون المتفاهم من المجموع: أنّه كما أنّ وجود المادة التكوينية في الجاري و النهر ترفع النجاسة و القذارة، فكذا المادة الجعلية في الحمام فيما ورد في ماء الحمام.

و ينبغي التنبيه على أمور:

الأول: نسب إلى المشهور، كما في الحدائق، أو الأكثر- كما في المسالك- اعتبار كون المادة كرّا: فإن كان ذلك منهم، لأجل التنبيه إلى ما هو موجود في الخارج، لا للاعتبار الشرعي، فلا ريب فيه، كما تقدم. و إن كان لاعتباره شرعا، و عدم كفاية بلوغ مجموع ما في المادة و المجرى و الحوض الصغير كرّا، فلا دليل لهم على ذلك مع أنّه مخالف لقولهم في سائر المواضع- من كفاية مجرد الاتصال في الحفر المتعددة، سواء تساوت سطوحها، أو اختلفت مع صدق الوحدة، و الاتصال عرفا. و من ذلك يظهر أنّه لا وجه لعد قول ما عن جمع: من كفاية كون مجموع ما في المادة و المجرى و الحوض الصغير كرّا، في مقابل ما نسب إلى المشهور، لاعترافهم بالكفاية في الحفر المتعددة المتصلة بعضها مع بعض، و لا خصوصية للمقام يخالفها عند المشهور، كما أنّ قول من فصّل: بين ما إذا تساوت سطوح المجموع، و بين ما إذا اختلفت، فيكفي بلوغ المجموع كرّا في الأول، بخلاف الثاني، لا وجه له أيضا، و لا يعد في مقابل المشهور كما تقدم و يأتي.

الثاني: نسب إلى جمع التفصيل: بين تساوي السطوح في المياه التي تكون في محال مختلفة- و منها ماء الحمام- فيكفي في الاعتصام بلوغ المجموع كرّا، و بين اختلافها، فلا يكفي ذلك، بل لا بد في اعتصام ماء كلّ محلّ من بلوغه بنفسه إلى حد الكرّيّة.

و فيه: أنّ المراد بالاختلاف، إن كان تباين كلّ ماء عن الآخر، بحيث لم يكن بينهما اتصال أبدا، و يكون كلّ ماء أجنبيا عن الآخر، فهو حق لا إشكال فيه.

و أما إن كان المراد، الاختلاف في الجملة مع الاتصال في الماء في الجملة أيضا، بحيث يكفي ذلك في الوحدة الاتصالية العرفية في المياه التي تكون في المحال المختلفة، فيشمله الإطلاق و العموم الدال على اعتصام الكر، لأنّ الماء حينئذ ماء واحد عرفا. و المفروض أنّه كرّ، فيشمله دليل اعتصام الكرّ قهرا، فيكون مرجع اختلاف السطوح المانع عن الوحدة العرفية إلى عدم اتصال المياه‏ بعضها مع بعض اتصالا عرفيا. فيكون النزاع صغرويا، فمن يقول بالاعتصام- أي في صورة الاتصال. و من يقول بعدمه- أي في صورة عدم الاتصال- و قد تقدم في المسائل السابقة بعض ما يتعلق بالمقام فراجع.

الثالث: نسب إلى بعض التفصيل بين الرفع و الدفع- باعتبار كرّيّة المادة وحدها في الأول، دون الأخير.

و فيه: إنّ ظاهر الكلمات في المقام أنّ البحث إنّما هو في الدفع، دون الرفع، فلا وجه للتفصيل.

فتلخص‏ مما تقدم: أنّ المناط في الاعتصام، كفاية بلوغ المجموع كرّا، مع صدق الوحدة عرفا، كما ظهر أنّ عد هذه الأقوال مباينة بعضها مع بعض، لا وجه له، الا القول: بأنّ أدلة ماء الحمام مخصّصة لأدلة انفعال الماء القليل، مع قول المشهور، فإنّهما متباينان.

الرابع: اختلفوا في تقوّي السافل بالعالي، و عكسه، و عدمهما. فنسب إلى العلامة رحمه اللّه في التذكرة، الأول، و نسب إليه في القواعد عدم تقوّي السافل بالعالي، و عن جامع المقاصد و المتأخرين، التقوّي من الطرفين مطلقا.

و الظاهر أنّ هذا النزاع صغرويّ، لأنّ ماء العالي و السافل إن كان متصلا عرفا، و كان المجموع كرّا. فمقتضى الإطلاق و العموم الاعتصام، و عدم الانفعال، و إن كان منفصلا، فهما ماءان لا ربط لأحدهما بالآخر، و لا ينفعهما كرّيّة المجموع. و إن شك في ذلك، فمع العلم بالحالة السابقة يعمل بها، و مع الشك فيها تقدم حكمه في [مسألة ۷] من فصل الراكد بلا مادة فيرجع النزاع في التقوّي و عدمه إلى تحقق الوحدة الاتصالية و عدمها.

فروع:

الأول: لو كان ماءان سافل و عال، و لم يكن كلّ واحد منهما كرّا، بل كان المجموع كرّا، و كان الاتصال بأنبوب يجري من العالي إلى السافل، لا يبعد صدق الاتصال- ما دام الجريان- فيعتصم كلّ منهما بالآخر.

و لكنّه مشكل، و يأتي في [مسألة ۳] من الفصل الآتي ما ينفع المقام.

الثاني: قد يوضع على فوهة الأنبوب حاجز فيه ثقوب و يسمّى ب (الدوش)- المتعارف في هذه الأعصار إن جرى الماء من ثقوبه متصلا، فهو من ماء المعتصم مع الاتصال بما كان كرّا من الماء، و إن تقاطر منها، و لم يكن عمود الماء متصلا، فهو في الحكم القليل لتحقق الفصل بين القطرات، و انقطاع عمود الماء. نعم، لو جعل الشخص رأسه- مثلا- تحت الدوش قبل حصول التقطير في مائه، و قبل انقطاع عمود الماء، يكون من المعتصم حينئذ فيطهر كلما جرى على بدنه- مثلا- بالملاقاة بعد زوال العين.

الثالث: لو شك في اعتصام ماء الحمام، فمع العلم بالحالة السابقة، يعمل بها، و مع عدم العلم بها، فقد تقدم حكمه في [مسألة ۷] من فصل الراكد بلا مادة.

لإطلاق دليل اعتصام الكرّ، الشامل لكلّ واحد منهما، كما يشمل صورة تساوي السطوح و عدمه أيضا، مع تحقق الاتصال بينهما عرفا.

لصدق أنّ له مادة عاصمة، فيشمله صحيح ابن بزيع‏۹كما يشمله إطلاق نصوص الحمام‏۱۰التي وردت لتعميم المادة العاصمة إلى الجعلية أيضا، كشمولها للتكوينية- من الجاري و البئر.

كلّ ذلك لكون الحكم موافقا للقاعدة، فتشمل جميع الموارد التي يصح انطباقها عليها.

  1. مستدرك الوسائل باب: ۷ من أبواب أحكام المياه حديث: ۲.
  2. الوسائل باب: ۷ من أبواب الماء المطلق حديث: ٤.
  3. الوسائل باب: ۷ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱.
  4. الوسائل باب: ۷ من أبواب الماء المطلق حديث: ۷.
  5. الوسائل باب: ۷ من أبواب الماء المطلق حديث: ۸.
  6. تقدم في صفحة: ۲۱٦.
  7. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب آداب الحمام حديث: ۱.
  8. مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب آداب الحمام حديث: ٥.
  9. تقدم في صفحة: ۱٤۹.
  10. مر في صفحة: ۲۱۸.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"