1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطهارة
  10. /
  11. فصل في المياه‏
  12. /
  13. الماء إما مطلق أو مضاف
الماء إما مطلق أو مضاف (۱)كالمعتصر من الأجسام أو الممتزج بغيره مما يخرجه عن صدق اسم الماء. و المطلق أقسام: الجاري، و النابع غير الجاري، و البئر، و المطر، و الكر، و القليل (۲). و كلّ واحد منها مع عدم ملاقاة النجاسة طاهر مطهّر من الحدث و الخبث (۳).

الماء المطلق من المفاهيم الواضحة العرفية التي يعرفها كلّ أحد- و المضاف إما أن تكون الإضافة داخلة في حقيقته، كالمعتصر من الأجسام كماء الرمان و العنب و نحوهما، فإنّها أنواع من المائعات تخالف حقيقة الماء تخالفا نوعيا، كمخالفة بعضها مع بعض كذلك، و يكون إطلاق الماء عليها بالعناية و المجاز.

و إما أن تكون الإضافة خارجة عن حقيقته، كالماء المخلوط بشي‏ء أخرجه عن إطلاقه.

و الجامع المقسم بين القسمين- من المضاف و المطلق- هو المسمى بالماء، الأعم من الحقيقي و المجازي، و يصح أن يكون الجامع مجرد ما كان فيه السيلان و الميعان. و لكنّه مشكل، إذ لا يطلق على الدهن المائع، و الحديد المذاب- مثلا- لفظ الماء و لو بالمجاز كإطلاق ماء الرمان- مثلا- و يكون موارد استعمال الماء عرفا أخص من مطلق السيلان و الميعان كما لا يخفى.

لا ريب في أنّ تكثير قسمة الموضوعات في الفقه إنّما يصح بلحاظ اختلاف حكم الأقسام، و مع عدم الاختلاف لا وجه له- سواء كانت القسمة سداسية كما في المتن أم أقل، كما عن جميع- إذ لا يختلف الحكم بحسب هذه الأقسام مطلقا، و إنّما يختلف بحسب الاعتصام و عدمه.

فالحق أن يقال: الماء المطلق: إما معتصم أو لا، و الأول: له أقسام، و الثاني: منحصر في القليل، و الأمر سهل، لأنّ ذلك من المناقشات اللفظية التي لا ثمرة فيها.

بضرورة من المذهب، بل الدين. و يدل عليه قوله تعالى‏ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً٦. وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ‏۷.

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «خلق اللّه الماء طهورا لا ينجسه شي‏ء إلّا ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه»۸ ، و قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن فرقد: «كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض، و قد وسّع اللّه عليكم بأوسع ما بين السماء و الأرض، و جعل لكم الماء طهورا، فانظروا كيف تكونون» ۹.

و غيرهما من الأخبار التي بلغت حد التواتر و تأتي الإشارة إلى بعضها في المسائل الآتية.

و المراد بالطهور إما (المطهّر) بصيغة اسم الفاعل، أو ما يتطهر به بصيغة اسم الآلة، كالفطور لما يفطر به، فيدل كلّ ما فيه لفظ الطهور- من الآيات و الروايات- على المطهرية بالدلالة اللفظية لصريحة، و على الطاهرية بالملازمة العقلائية، لأنّ ما يكون مطهرا للأحداث و الأخباث يكون طاهرا في نفسه لدى‏ العقلاء، و لا يكون قذرا.

و إما أن يكون المراد به المبالغة- أي الطاهر بذاته، و المطهّر، لغيره- فيدل بالدلالة اللفظية عليهما. و الظاهر منها عرفا إما المعنى الأول، أو الأخير. قال العلامة الطباطبائي:

«المشهور بين المفسرين و أصحاب الحديث و الفقهاء و أئمة اللغة أنّه بمعنى المطهّر، أو الطاهر المطهّر»، و عن الزهري: «الطهور في اللغة هو الطاهر المطهّر» و عن ابن فارس: «الطهور هو الطاهر في نفسه المطهّر لغيره».

فما قيل‏۱۰: من أنّ المراد بالطهور هو الطاهر، لأنّ المفعول الذي للمبالغة لا يكون متعديا، فيكون مثل قوله تعالى‏ وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً۱۱، و قول الشاعر: «عذاب الثنايا ريقهنّ طهور» و على فرض أن يكون للمبالغة، فالمراد منها المبالغة في نفس الطاهرية، لأنّ لها مراتب كثيرة، لا الطاهرية.

مردود أولا: بما تقدم من المشهور بين اللغويين و المفسرين.

و ثانيا: بأنّ مراد الشارع معلوم من القرائن الخارجية قطعا، و هو الطاهر المطهّر، سواء كان المستفاد من اللغة ذلك أيضا أم لا، و العرف الخاص مقدم على اللغة بلا إشكال.

و ثالثا: أنّ الطهور في الآية الكريمة، و قول الشاعر بمعنى الطاهر المطهّر أيضا، فإنّ الشراب الذي يسقيه الرب تعالى طاهر و مطهّر لنفوسهم عن النواقص الدنيوية، كما قال تعالى‏ وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ‏۱۲و ريق المحبوبة طاهر و مطهّر لآلام فراق الحبيب.

و لقد أحسن جمع من الفقهاء حيث لم يتعرضوا لهذا البحث أصلا و تركوه على وضوحه خصوصا في مثل هذه الأعصار التي يعد مثل هذه المباحث من تضييع العمر. هذا.

ثمَّ إنّ قوله عليه السلام في صحيح ابن فرقد المتقدم: «كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض» فيه إجمال من جهات، و لا بد من إرجاع علمه إلى أهله.

مسألة ۱: الماء المضاف مع عدم ملاقاة النجاسة طاهر (٤) لكنّه غير مطهّر من الحدث (٥) و لا من الخبث (٦). و لو في حال‏ الاضطرار (۷)، و إن لاقى نجسا تنجس (۸)، و إن كان كثيرا (۹). بل و إن‏ كان مقدار ألف كر (۱۰)، فإنّه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة، و لو بمقدار رأس ابرة في أحد أطرافه، فينجس كلّه (۱۱) نعم، إذا كان جاريا من العالي إلى السافل، و لاقى سافله النجاسة، لا ينجس العالي‏ منه (۱۲)، كما إذا صب الجلاب من إبريق على يد كافر، فلا ينجس ما في الإبريق، و إن كان متصلا بما في يده.

للأصل و الاستصحاب. هذا إذا كان أصله طاهرا، و إلا فهو بحكم أصله.

على المشهور، بل عن الشيخ في التهذيب و الاستبصار، و عن العلامة في المنتهى، و الشهيد في الذكرى، و المحقق في الشرائع: دعوى الإجماع عليه، و عن السرائر: «بغير خلاف بين المحصلين».

و استدل عليه بالأدلة الثلاثة، فمن الكتاب قوله تعالى‏ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً*۱۳.

و من السنة بجملة من الأخبار: منها رواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام: «في الرجل يكون معه اللبن أ يتوضأ منها للصلاة؟ قال عليه السلام: «لا إنّما هو الماء و الصعيد»۱٤.

و من الإجماع بما تقدم نقله.

و لكن عن الصدوق (قدّس سرّه) جوازه بماء الورد، تمسكا برواية يونس عن أبي الحسن عليه السلام قال: «قلت له: الرجل يغتسل بماء الورد و يتوضأ به للصلاة؟ قال: لا بأس بذلك»۱٥.

و فيه أولا: معارضته بغيره مما هو أكثر و أصرح في انحصار ما يرفع به الحدث في خصوص الماء و الصعيد.

و ثانيا: بما عن الذكرى: «إنّ قول الصدوق (قدّس سرّه) يدفعه سبق الإجماع و تأخره»، و عن الشيخ رحمه اللّه في التهذيب: «بأنّ رواية يونس شاذة أجمعت العصابة على ترك العمل بظاهرها».

و ثالثا: يحتمل في ماء الورد، مطلق الإضافة إلى الورد بأن يلقى في الماء أورادا للتطيب بها، لا أنّ المراد ماء الورد المعروف. كما في ماء النبيذ الذي وصفه الصادق عليه السلام للكلبي النسابة۱٦و عن صاحب الجواهر (قدّس سرّه) يحتمل الورد- بكسر الواو- أي ما يورد منه الدواب. و بعده مما لا يخفى.

و رابعا: يمكن حمله على التقية۱۷.

و نسب إلى ابن أبي عقيل جواز رفع الحدث و الخبث بمطلق المضاف عند الاضطرار، و فقد الماء، و في الجواهر: «لم يعثر لابن أبي عقيل على مستند و لعلّه للرواية المتقدمة تنزيلا لها على الاضطرار». و فيه ما لا يخفى. ثمَّ ذكر رواية عبد اللّه بن مغيرة ۱۸ ورده- ثمَّ قال: «و هذه الإجماعات كما هي حجة على الصدوق كذلك إطلاقها حجة على ابن أبي عقيل».

أقول: بعد ما استقر المذهب قديما و حديثا على خلافه، لا ينبغي التعرض لأكثر من ذلك.

على المشهور، بل المجمع عليه، و يدل عليه أمور:

الأول: الأخبار الكثيرة الآمرة بغسل الثوب و البدن و الإناء و سائر المتنجسات بالماء۱۹ و في بعضها: «لا يجزي من البول إلا الماء»۲۰. و في فضل الكلب «و اغسله بالتراب أول مرة ثمَّ بالماء»۲۱، و في الرجل الذي أجنب في ثوبه و ليس معه ثوب آخر قال: «يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله»۲۲. و في رواية علي بن‏ جعفر عن أخيه عليهما السلام قال: «سألته عن رجل عريان، و حضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم، أو كله دم يصلي فيه، أو يصلي عريانا، قال عليه السلام:

«إن وجد ماء غسله، و إن لم يجد ماء صلى فيه و لم يصل عريانا»۲۳إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة المتفرقة في الموارد المختلفة. و يتم الاستدلال بها في سائر النجاسات بعدم القول بالفصل، بل يستفاد من مجموع الروايات أنّها في مقام بيان قاعدة كلية بالنسبة إلى الطهارة الخبيثة، و لا نحتاج حينئذ إلى عدم القول بالفصل.

الثاني: أصالة عدم جعل المطهرية لغير الماء، و لو كان لظهر و بان في مثل هذا الأمر العام البلوى.

الثالث: استصحاب بقاء أثر النجاسة إلى أن يتحقق المزيل الشرعي.

الرابع: قاعدة الاشتغال بالنسبة إلى الأمور المشروطة بالطهارة.

الخامس: استنكار المتشرعة من أهل المذهب ذلك في كل عصر، بحيث يعلم اتصال ذلك إلى عصر المعصومين عليهم السلام و تلقي ذلك منهم.

السادس: ما مر من صحيح ابن فرقد الوارد في مقام الامتنان، الظاهر في حصر المطهرية في الماء، فراجع‏۲٤.

السابع: ظهور الإجماع على تنجس كل مائع بملاقاة النجاسة، و أن ما يبقى منه في المحل بعد انفصال الغسالة نجس، خرج الماء من ذلك بالإجماع هذا.

و عن المفيد و السيد (قدس سرهما) جواز رفع الخبث بالمضاف مطلقا مستندا تارة: إلى أن الغرض من الطهارة إزالة العين، و هو حاصل بغير الماء من المائعات.

و يرد: بأنّ الأخبار الكثيرة تفيد إزالة النجاسة بأن تكون بخصوص الماء۲٥مع أنّ العرف يأبى عن صدق الإزالة في بعض المائعات، كالدبس و الدهن و نحوهما، مضافا إلى أنّ الاكتفاء في الطهارة بمجرد إزالة العين مقطوع بخلافه‏ من مذاق الأئمة عليهم السلام و مناسب لمذاق العامة، كما لا يخفى على من له أدنى تأمل.

و أخرى: بما ادعاه السيد (قدس سره) من الإجماع. و يرد: بأنّه موهون جدا.

و ثالثة: برواية غياث عن الصادق عليه السلام عن أبيه، عن علي عليه السلام قال: «لا بأس أن يغسل الدم بالبصاق»۲٦، و ما روي «أنّه لا يغسل بالريق إلا الدم»۲۷.

و يرده: أنّهما مهجورتان لدى الأصحاب مضافا إلى قصور سند الأخير و إمكان أن يراد من الغسل إزالة العين ثمَّ التطهير بالماء، كما هو عادة بعض العوام حتى في هذه الأيام.

و رابعة: بإطلاقات الأدلة المشتملة على الغسل و التطهير الحاصل بكل مائع كقوله تعالى‏ وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ۲۸، و الأخبار المشتملة على هذا العنوان‏۲۹.

و يرد: بأنّها مقيدة بما هو أكثر منها المشتملة على الغسل بالماء صريحا، فلا وجه للتمسك بتلك الإطلاقات، و لا يدعى الانصراف إلى الغسل بالماء حتى يشكل بأنّه بدوي لا يعتنى به، بل يكون مجموع تلك الأخبار من باب الإطلاق و التقييد، كما هو واضح لمن راجعها.

و خامسة: برواية حكم بن حكيم، أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له: «أبول فلا أصيب الماء، و قد أصاب يدي شي‏ء من البول، فأمسحه بالحائط و بالتراب ثمَّ تعرق يدي فأمسح به وجهي، أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي؟

قال: لا بأس به»۳۰.

و فيه: مضافا إلى قصور السند بحكم بن حكيم، أولا: إنّ ظاهر قول‏ السائل «فلا أصيب الماء» مفروغية انحصار المطهر في الماء مطلقا، و ظاهر الذيل مفروغية بقاء نجاسة اليد و إنّما مسحها بالحائط و التراب للجفاف و عدم السراية، فهو على خلاف المطلوب أدل.

و ثانيا: إنّ جواب الإمام عليه السلام موافق للقاعدة عند الكل، لأنّ مسح اليد- التي تكون بعض مواضعها نجسا مع الرطوبة- بالوجه، أو الجسد أو إصابتها الثوب، لا يستلزم حصول العلم بسراية النجاسة من اليد إلى الممسوح، لاستصحاب طهارته إلى أن يعلم بالنجاسة، و هو غير حاصل، و سيأتي إن شاء اللّه ما يتعلق به في [مسألة ٤] من فصل كيفية تنجس المتنجسات.

و ثالثا: بأنّ نجاسة البول لا تزال بالتراب باتفاق الكل حتى المفيد و السيد، فلا بد من حملها على التقية.

و سادسة: بما أرسله المفيد (قدس سره) من أنّ ذلك مروي عن الأئمة عليهم السلام.

و فيه: أنّه إن أريد بهذه المرسلة، ما تقدم من الروايات فقد تقدمت المناقشة فيها، و إن أريد غيرها، فهو مرسل لا اعتبار به في مقابل الروايات الدالة على الغسل بالماء.

ثمَّ إنّه قد يعد المحدث الكاشاني (قدس سره) أيضا ممن يقول بجواز إزالة الخبث بالمضاف. و لكنه في غير محله لأنّه رحمه اللّه قائل بعدم انفعال شي‏ء بملاقاة المتنجس، بل النجس عدا الأجسام التي ورد الأمر بغسلها بالخصوص، كما سيأتي نقل كلامه رحمه اللّه في [مسألة ۱۱] من فصل كيفية تنجس المتنجسات.

إشارة إلى رد ابن أبي عقيل حيث قال بصحة إزالة الحدث و الخبث بالمضاف عند الاضطرار، و قد سبق ما فيه.

إجماعا، بل الظاهر أنّ انفعال الماء بالقذارات في الجملة من المرتكزات إجمالا، فيكفي عدم وصول الردع عنه، فلا نحتاج إلى دليل عليه‏ بالخصوص كيف و يدل عليه جملة من الروايات منها رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام: «إنّ عليا عليه السلام سئل عن قدر طبخت، و إذا في القدر فأرة قال يهراق مرقها و يغسل اللحم»۳۱و رواية زكريا بن آدم قال سألت أبا الحسن عليه السلام: «عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيها لحم كثير و رمق كثير؟ فقال: يهراق المرق، أو يطعمه أهل الذمة. أو الكلاب، و اللحم اغسله و كله قلت: فإن قطر فيها الدم؟ قال الدم تأكله النار إن شاء اللّه. قلت: فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم؟ قال: فقال: فسد. قلت: أبيعه من اليهودي و النصاري و أبين لهم؟ قال: نعم فإنّهم يستحلون شربه الحديث»۳۲و صحيحة زرارة. عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت، فإن كان جامدا فألقها و ما يليها و كل ما بقي، و إن كان ذائبا فلا تأكله، و استصبح به، و الزيت مثل ذلك»۳۳، و ما دل على الاجتناب عن سؤر الكلب الشامل بإطلاقه للمضاف و كل مائع‏۳٤. إلى غير ذلك من الأخبار.

لا يخفى أنّ انفعال الماء المضاف الكثير بملاقاة النجس خصوصا بعض مراتب الكثرة منه- التي لم يكن منها اسم في الأزمنة القديمة- إن كان لأجل المرتكزات، فالمتيقن منها غيره قطعا، و من الممكن أن تكون سراية النجاسة كسراية بعض الألوان و الروائح في المضاف، فلو القي شيئا أحمر- مثلا- أو ما فيه ريح في بعض أطراف الكثير من المضاف لا يتغير لون تمام المضاف و لا ريحه كذلك، بل إنّما يتغير خصوص الطرف الذي القي فيه.

و إن كان لأجل الإجماع، فالمتيقن منه ليس إلا ذلك، و لا وجه لشمول إطلاق معقده لمطلق الكثير، لأنّه من التمسك بإطلاق كلمات المجمعين في فرد غير مأنوس بأذهانهم الشريفة، بل بأذهان المتشرعة، إذا المأنوس في الأذهان هو مثل القدر و الحب و الطشت و الغدير في الجملة و المركن و الخابية (و هي الجرة الكبيرة، كما وردت في بعض الأخبار) ۳٥ لا مثل أنابيب النفط التي تبلغ طولها فراسخ متعددة.

و إن كان لأجل الأخبار، فليس المذكور فيها إلا القدر و الحبّ و نحوهما.

إن قلت: إنّ ذكرها من باب المثال. (قلت) نعم ذلك من باب المثال للأواني و الظروف المتعارفة مطلقا، لا لغيرها.

و إن كان لأجل قاعدة المقتضي و المانع بدعوى أنّ ملاقاة النجس للمضاف مقتضية للانفعال مطلقا إلا مع الدليل على الخلاف.

ففيه: أنّه على فرض اعتبارها إنّما تجري فيما إذا أحرز المقتضي مفصلا و في بعض مراتب الكثرة نشك في أنّ ملاقاة النجس مقتض لانفعال الجميع أم لا، فقاعدة الطهارة في غير المتيقن الانفعال تجري بلا دليل حاكم عليها.

و دعوى: أنّه يلزم اختلاف حكم المائع الواحد طهارة و نجاسة (غير صحيحة) لأنّه إن كانت الوحدة بمثل القدر و الحب و نحوهما، فلا يصح الاختلاف، و أما إن كانت بمثل الحوض الذي تسع ألف كر- مثلا- أو أكثر فلا نسلم أنّ مثل هذه الوحدة لا يصح فيها الاختلاف. هذا.

مع أنّ سراية النجاسة في مثل الدبس و الدهن المائع و نحوهما عن موضع الملاقاة إلى غيره مشكل، لقوة احتمال أن تكون الدسومة و اللزوجية و نحوهما حافظة للنجاسة في موضع الملاقاة فقط، و مانعة عن سرايتها إلى غيره، فالسطح الملاصق بالنجس أو المتنجس ينفعل بالملاقاة و يحفظ أثر النجاسة في نفسه فقط، فلا يصل إلى ما عداه. و يكفي الشك في ذلك لجريان قاعدة الطهارة في البقية.

و بالجملة: كل ما كان ماء أو كان فيه الماء لا ريب في تحقق منشإ السراية، و في غيره نشك في أصل السراية.

إن قلت: إنّ مورد صحيحة زرارة المتقدمة وقوع الفأرة في السمن، قال‏ عليه السلام: «إن كان ذائبا فلا تأكله» و قريب منه غيرها۳٦(قلت) أولا: لا يخفى على كل أحد أنّ الفأرة إذا وقعت في مائع تتحرك فيه كثيرا إلى أن تخرج منه أو تموت فيه، و هي حيوان خبيث حتى سميت في الأخبار بالفويسقة۳۷و ورد النهي عن أكل ما تشمه‏۳۸فيستقذر نوع النفوس عن تناول ما ماتت فيه الفارة، فيمكن أن يحمل النهي عن أكل ما عدا موضع الملاقاة على الاستقذار و التنزه.

و ثانيا: نقول بالنجاسة في خصوص الفأرة الواقعة في السمن و الزيت الذائبين للتعبد بالنص دون سائر النجاسات التي لا نص فيها مع الشك في السراية، كما نقول بالتعفير في الولوغ دون سائر النجاسات للنص۳۹.

إن قلت: ظاهر الإجماعات هو السراية. (قلت: المتيقن منها هو الماء المضاف، و ما كانت فيه رطوبة مائية. و أما كل مائع مطلقا فشمولها له مشكل، بل ممنوع.

و ما يقال: بناء على هذا لا وجه لنجاسة موضع الملاقاة أيضا. (مردود) فإنّ مقتضى الإطلاقات و العمومات للنجاسة، و إنما الشك في السراية إلى غيره فتدفع بالأصل.

إن قلت: لا وجه على هذا لقوله عليه السلام في الصحيحة المتقدمة:

«إن كان جامدا فألقها و ما يليها و كل ما بقي و إن كان ذائبا فلا تأكله»٤۰قلت: إنّ الفرق تحقق الاستقذار عن الجميع في الجملة مع الذوبان دون الجمود، و على فرض التعبد بقوله عليه السلام، نقول بالنجاسة في خصوص مورد الدليل فقط كما تقدم.

و أما ما ذكره الفقيه الهمداني (قدس سره) «المغروس في الأذهان، أنّ الذوبان و الميعان علة لنجاسة الكل»٤۱. من مجرد الادعاء و إثبات الكلية له يحتاج‏ إلى دليل، و هو مفقود، و سيأتي في [مسألة ۸] من فصل كيفية تنجس المتنجسات ما ينفع المقام.

(قاعدة الانفعال)

لقد أرسل إرسال المسلّمات: أنّ ملاقاة النجس توجب النجاسة مع السراية، و تساوي سطحي الملاقي (بالكسر) و الملاقي (بالفتح) و عدم القوة و الدفع، و عدم الاعتصام. و عبّر عن ذلك: ب «قاعدة الانفعال» و هي أعم من «قاعدة نجاسة الماء القليل» التي يأتي التعرض لها، فتجري أدلة المقام في تلك القاعدة أيضا و هي في الجملة صحيحة عند المتعارف و المتشرعة، فإنّهم بفطرتهم يستقذرون ملاقي القذر، و ظاهر الفقهاء الإجماع عليها أيضا.

و تدل عليها روايات كثيرة واردة في الأبواب المتفرقة، منها: رواية علي بن جعفر، عن أخيه عليهما السلام: «إنّه سأله عن رجل رعف، و هو يتوضأ فتقطر قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال: لا»٤۲.

و نحوها رواية سعيد الأعرج‏٤۳و في صحيحة الفضل عن العباس قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فضل الهرة و الشاة و البقرة و الإبل و الحمار و الخيل و البغال و الوحش و السباع، فلم أترك شيئا إلا سألته عنه، فقال: لا بأس به، حتّى انتهيت إلى الكلب فقال: رجس نجس لا تتوضأ بفضله و اصبب ذلك الماء»٤٤.

و في رواية عيص بن القاسم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء، فمسح ذكره بحجر و قد عرق ذكره و فخذه قال:

يغسل ذكره و فخذه» الحديث‏٤٥.

و كذا رواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: «سألته عن الفراش‏ يصيبه الاحتلام كيف يصنع به؟ قال: اغسله و إن لم تفعله فلا تنام عليه حتّى ييبس، فإن نمت عليه و أنت رطب الجسد فاغسل ما أصاب من جسدك»٤٦.

و صحيحة زرارة المتقدمة، إلى غير ذلك من الروايات. و ذكر صاحب الجواهر في كتابه عند البحث عن نجاسة الماء القليل: «كما أنّه يستفاد قاعدة أخرى من ملاحظة أخبار النجاسة أنّها تنجس كلما تلاقيه خرج المعتصم و العالي غير الملاقي فبقي الباقي» و قال (قدّس سرّه) في موضع آخر: «و يمكن الاستدلال عليه أيضا بالقاعدة المستفادة من استقراء أخبار النجاسات فإنّها قاضية بنجاسة كلّ ملاقاة فيه مع الرطوبة»، فتثبت القاعدة أصلا و عكسا، و هي كلّ ملاق للنجس يتنجس به، و كلّ نجس ينجس ملاقيه.

ثمَّ إنّه يعتبر في مورد جريان هذه القاعدة أمران: الأول إحراز الانفعال.

و الثاني تحقق السراية. و مع الشك فيهما أو في أحدهما لا مجرى لها أصلا.

كما أنّ الظاهر من الأخبار الدالة عليها، و المتيقن من الإجماع اختصاص جريانها بالشبهات الموضوعية، فلا مجرى لها في الشبهة الحكمية كما لا مجرى لها في المياه المعتصمة و سيأتي ما يتعلق بها في المسائل الآتية إن شاء اللّه تعالى.

المذكور في الأدلة المتقدمة لفظ القدر و الخابية و نحوهما، و قد تقدمت المناقشة في شمول مثلها لمطلق الكثرة.

المناط في الانفعال، صدق الوحدة العرفية، و العلم بسراية النجاسة. و مع الشك فيهما، فالمرجع قاعدة الطهارة، و استصحابها، و لو كان ماء الورد و نحوه- مثلا- في أنابيب ضيقة طوله عشرون مترا- مثلا- أو أزيد، و كان‏ ثابتا غير مار و لا متحرك، فلاقى أحد طرفيها النجاسة ففي كون الطرف الآخر موضوعا واحدا مع الطرف الملاقي للنجاسة إشكال فيكون حينئذ مثل البدن المتعرق الذي لاقى بعض أجزائه النجاسة، كما سيأتي في فصل كيفية تنجس المتنجسات [مسألة ٤]. و لو فرض الشك في الوحدة، فالمرجع حينئذ الطهارة.

لأنّ كيفية الانفعال و السراية موكولة إلى الأنظار العرفية، و مقتضى مرتكزاتهم أنّ الدفع و القوة تنافي الانفعال و السراية، و تضاده، سواء كان من العالي إلى السافل، أم من السافل إلى العالي، كالفوارة، أم من اليمين إلى اليسار، أم بالعكس، فمحل الدفع و القوة لا ينفعل بملاقاة ما بعده للنجاسة، فليس المدار على مطلق العلو و السفل حتّى مع وقوف الماء و عدم جريانه، كما إذا كان الماء واقفا في أنبوب عمودي- مثلا- و لاقى أسفله النجاسة، فإنّه ينجس حينئذ، لعدم الدفع و القوة.

ثمَّ إنّه قد استدل على عدم انفعال العالي بملاقاة السافل للنجاسة بالإجماع، و انصراف الأخبار- الدالة ٤۷على النجاسة بالملاقاة- عن ذلك.

و يمكن أن يكون الإجماع حاصلا عن المرتكزات أيضا، و كذا دعوى انصراف الأخبار بأنّها منزلة عليها، فيكون مرجع الجميع إلى ما ذكرناه أولا.

مسألة ۲: الماء المطلق لا يخرج بالتصعيد عن إطلاقه (۱۳) نعم لو مزج معه غيره و صعد، كماء الورد يصير مضافا.

لأنّه ماء عرفا، و مع الشك فيه، فمقتضى الأصل بقاء المائية. هذا إذا شك في الانقلاب بالتصعيد، و أما لو علم بصيرورته حقيقة أخرى فلا يترتب عليه أحكام الماء.

مسألة ۳: المضاف المصعد، مضاف (۱٤).

مع صدق أصله عليه يكون منه قهرا، و كذا مع الشك لأصالة بقائه على ما كان. و مع صدق شي‏ء آخر عليه عرفا، يكون من ذلك الشي‏ء الآخر.

مسألة ٤: المطلق أو المضاف النجس يطهر بالتصعيد، لاستحالته بخارا ثمَّ ماء (۱٥).

لا ريب في صدق الاستحالة عرفا عند صيرورة المائع بخارا، و هي من المطهرات، بلا فرق بين بخار النجس أو المتنجس، كما يأتي في الرابع من المطهرات [مسألة ۳ و ۷]. و لا وجه لجريان استصحاب النجاسة لتعدد الموضوع عرفا. و لا فرق في البخار بين ما إذا حصل من حرارة النار، أو الشمس، أو حرارة أخرى.

(قاعدة انتفاء الحكم بانتفاء الاسم)

و هي: من القواعد المعتبرة الفقهية، بل المتعارفة في المحاورات، تعرض لها صاحب الجواهر (قدّس سرّه) ٤۸فقال: «إنّها المعروف في ألسنة الفقهاء في سائر الأبواب». و مدركها الاستقراء، و السيرة، و الإجماع بل الضرورة.

و يمكن أن يستدل عليها بالأخبار الواردة في الأبواب المتفرقة٤۹التي تأتي الإشارة إليها في محالها إن شاء اللّه تعالى، مثل قوله عليه السلام: «إذا تحول عن اسم الخمر فلا بأس به»٥۰ و بإطلاق أدلة موضوع الثاني بعد زوال اسم‏ موضوع الأول، فتكون القاعدة مقدمة على الاستصحاب، لعدم جريانه مع انتفاء الموضوع.

و المرجع في انتفاء الاسم هو العرف، دون الدقة العقلية، كما هو المناط في جميع المسائل الفقهية. و لو شك في تغير الاسم و عدمه، فمقتضى الأصل بقاؤه، و يتبعه الاسم و الحكم قهرا.

ثمَّ إنّها أعم من الاستحالة، لجريان هذه القاعدة في مورد الانقلاب و الاستهلاك، مع أنّه لا استحالة فيهما. و سيأتي بقية الكلام فيها في الموارد المناسبة لها.

مسألة ٥: إذا شك في مائع أنّه مضاف أو مطلق، فإن علم حالته السابقة أخذ بها (۱٦). و إلا فلا يحكم عليه بالإطلاق، و لا بالإضافة (۱۷). لكن لا يرفع الحدث و الخبث (۱۸). و ينجس بملاقاة النجاسة إن كان قليلا (۱۹). و إن كان بقدر الكر لا ينجس، لاحتمال كونه مطلقا، و الأصل الطهارة.

لاستصحاب تلك الحالة إطلاقا كانت أو إضافة. و مع الجهل بها، أو كونها موردا لتوارد الحالتين- الذي هو أيضا من الجهل بالحالة السابقة- لا يجري الاستصحاب في ذلك المائع، و إنّما يجري في مورد استعماله، فالمرجع أصالة بقاء الحدث أو الخبث، إن استعمل لرفع أحدهما. هذا كلّه في الشبهة الموضوعية.

و أما في الشبهة المفهومية- بأن كان الشك في أصل صدق المطلق أو المضاف عليه، و تردد الصدق العرفي بين أحدهما- فلا يجري الاستصحاب الموضوعي، لعدم اليقين السابق فيه أيضا بالنسبة إلى هذا الموجود بالفعل، لتردده بين ما هو باق قطعا، أو زائل كذلك فيكون المرجع أصالة بقاء الحدث و الخبث.

و أما الاستصحاب الحكمي- بأن علم أنّه كان سابقا مطلقا، فالأصل بقاء جواز التطهير به، أو علم أنّه كان مضافا، فالأصل عدمه- فهو من الاستصحاب التعليقي الذي في أصل اعتباره كلام محرر في الأصول، فمع اعتباره، كما أثبتناه‏٥۱يجري، و إلا فلا مجرى له أيضا، و سيأتي في حكم العصير العنبي ما يتضح به الحال.

ثمَّ إنّ التردد تارة: يكون في نفس الموضوع الخارجي، كما إذا تردد ما في الإناء أنّه ماء مطلق أو ماء ورد مسلوب الرائحة- مثلا- و يلزمه التردد في صدق المفهوم عليه أيضا من حيث الصدق، لا من جهة نفس المفهومية من حيث هي.

و أخرى: في نفس المفهوم من حيث هو مع قطع النظر عن المصداق الخارجي، كما إذا شك في أنّ ما يحصل من بعض التفاعلات الصناعية الحادثة في هذه الأعصار، ماء أو حقيقة أخرى، و يلزمه التردد في الموضوع الخارجي أيضا.

و لباب القول: أنّ التردد تارة: يسري من الموضوع المردد إلى صدق المفهوم عليه، و أخرى يسري من المفهوم المردد إلى ما في الخارج، و في كلّ منهما لا يجري الاستصحاب، لعدم إحراز الموضوع. و لا يجوز التمسك بالعام، أما في المفهوم المردد، فلإجماله، و أما في الموضوع المردد، فلأنّه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، فلا بد و أن يرجع إلى دليل أو أصل آخر.

لأنّ الحكم عليه بأحدهما يحتاج إلى دليل أو أصل معتبر و كلّ منهما مفقود.

لأصالة بقائهما، ما لم يستند رفعهما إلى وجه معتبر، و المفروض عدمه.

للأدلة الدالة على انفعال القليل بملاقاة النجس، و سيأتي في مسألة ۲ من الفصل الآتي ما ينفع المقام.

مسألة ٦: المضاف النجس يطهر بالتصعيد كما مر و بالاستهلاك في الكر أو الجاري (۲۰).

الاستهلاك: عبارة عن تفرق الأجزاء بحيث لا يبقى وجود للمستهلك، و إنّما الوجود للمستهلك فيه بحسب الأنظار العرفية، و إن كان للمستهلك وجود أيضا بحسب الدقة العقلية، و لكنّه ليس مناط الأحكام الشرعية، فلا يجري استصحاب وجود المستهلك بعد الاستهلاك، لانعدام وجوده عرفا، كما لا يجري في مورد الاستحالة، لتبدل حقيقة المستحال إليه، و يأتي في [مسألة ۷] من (الرابع من المطهّرات) ما ينفع المقام.

و حيث إنّ الوجود للمستهلك فيه عرفا، فيشمله حكمه قهرا. فإذا استهلك المضاف النجس في الكر أو الجاري لا يصدق وجود المضاف عرفا، بل يصدق الكر و الجاري، فيجري عليه حكمهما، و لا اختصاص لذلك باستهلاك المضاف، بل لو استهلك عين النجس- مثل الدم و البول- في الكر و الجاري يصير طاهرا، ما دام مستهلكا، كما لا اختصاص للاستهلاك بتطهير النجس، بل لو استهلك التراب و نحوه مما يحرم أكله في الطحين و نحوه لا بأس بأكله بعد الاستهلاك.

ثمَّ إنّ ذكر الكر و الجاري من باب المثال لمطلق المعتصم، كالمطر و القليل الذي له مادة، فالمناط كلّه على استهلاك النجس، أو المضاف المتنجس في المعتصم.

مسألة ۷: إذا ألقي المضاف النجس في الكر فخرج عن الإطلاق إلى الإضافة تنجس إن صار مضافا قبل الاستهلاك (۲۱)، و إن حصل الاستهلاك و الإضافة دفعة لا يخلو الحكم بعدم تنجسه عن وجه لكنّه مشكل.

الأقسام خمسة:

الأول: استهلاك النجس في المعتصم، و لا إشكال في زوال النجاسة منه، كما تقدم.

الثاني: إضافة المطلق قبل الاستهلاك، و لا ريب في بقاء النجاسة، للأصل. و لا وجه لاستصحاب الطهارة، لتغير الموضوع بالإضافة.

إن قلت: فرض الإضافة قبل الاستهلاك- كما في المتن- غير ممكن، لأنّ الإضافة معلولة الاستهلاك، و تقدمها عليه يكون من تقدم المعلول على العلة، و هو باطل بالضرورة.

قلت: للإضافة و الاستهلاك مراتب متفاوتة جدا، و لا إشكال في صحة تقدم أول مرتبة الإضافة على بعض مراتب الاستهلاك.

الثالث: بقاء المضاف النجس على إضافته، و المطلق المعتصم على إطلاقه. و لكلّ منهما حكمه، لتعدد الموضوع كما سيأتي في [مسألة ۱۳].

الرابع: انقلاب المضاف النجس إلى المطلق، و مقتضى الأصل. و إن كان بقاؤه على النجاسة- بعد عدم انعدام الموضوع في الانقلاب، و اختصاص ما دل على مطهرية الانقلاب بمورد خاص دل عليه الدليل بالخصوص كما سيأتي لكنّه يطهر بالاتصال بالمعتصم، لأنّه حينئذ كالماء القليل المتنجس المتصل بالمعتصم.

الخامس: حصول استهلاك المضاف، و إضافة المطلق معا. و يمكن القول بالطهارة، لصدق استهلاك النجس في المعتصم في الجملة، و هذا المقدار من الصدق يكفي في الطهارة. و لكنّه مشكل، لأنّ المتفاهم من الأدلة اعتبار بقاء الاعتصام بعد الاستهلاك عرفا في مطهرية النجس المستهلك فيه.

ثمَّ إنّه قد أشكل بامتناع حصول الإضافة و الاستهلاك معا، إذا الإضافة معلولة للاستهلاك، و لا بد من تقدم العلة على المعلول، فلا يحصلان معا.

و يرد أولا: بما مرّ في القسم الثاني. و ثانيا: بأنّ تقدم العلة على المعلول رتبي، و هو لا ينافي المعية الزمانية، و التقدم الرتبي في المقام حاصل بلا إشكال.

ثمَّ إنّ المعروف بين الفقهاء (قدّست أسرارهم) انحصار تطهير المضاف بالتصعيد، أو باستهلاكه في الماء المعتصم و إن تغير بوصف المضاف و لكن نسب إلى الشيخ رحمه اللّه اعتبار عدم تغير الماء المعتصم بوصف المضاف و فيه: ما يأتي في [مسألة ۹] من أنّ المناط في انفعال المعتصم تغيره بوصف النجس، دون المتنجس. و لا أثر لتغيره بوصف المتنجس أصلا، ما لم يوجب إضافته.

كما أنّ ما نسب إلى العلامة رحمه اللّه من طهارة المضاف النجس بمجرد الاتصال إلى المعتصم لا وجه له، إلا إطلاق مثل قوله عليه السلام: «الماء يطهّر و لا يطهّر»٥۲، أو الاستدلال بقوله عليه السلام: «كلّ شي‏ء يراه ماء المطر فقد طهر»٥۳، أو بقول أبي جعفر عليه السلام- مشيرا إلى غدير الماء-: «لا يصيب شيئا إلا طهره»٥٤.

و فيه:- مضافا إلى إرسال بعض هذه الروايات، و ضعف سند بعضها- أنّها ليست في مقام بيان كيفية التطهير، بل إنّما سيقت لبيان كون الماء مطهّرا في الجملة، كما قال في الجواهر: «الروايات خالية عن كيفية تطهير المضاف فلم يبق لنا إلا إدخاله تحت القواعد الممهدة» ثمَّ وجه كلام العلامة- قدّس سرّه- إلى أن قال: «و يكاد الناظر المتأمل يقطع بأنّ هذا مراده، فإنّ ما ذكره في غاية الاستبعاد، بل لا يصلح أن يصدر من أطفال الشيعة فضلا عن أن يصدر عن آية اللّه المؤيد بتأييده».

هذا، و يمكن أن يقال: إنّ المضاف أقسام كثيرة حتّى يطلق في كلمات الفقهاء على كلّ مائع- مثل الدبس و ماء الرمان و نحوهما. و يجوز أن يكون مراد العلامة بالمضاف أول مرتبة من الإضافة- الحاصلة للماء المطلق- الصادقة بأدنى الملابسة، كما إذا القي في قدح الماء قليل من السكر- مثلا- بحيث لم يصدق عليه عنوان (الشربة) المتعارف، و لا الماء المطلق من كلّ جهة. فإنّ لطهارته بالاتصال بالمعتصم وجه حينئذ فيكون إطلاق المضاف عليه كإطلاق النبيذ على الماء المطلق في بعض الأخبار٥٥. و مع ذلك فيه تأمل.

مسألة ۸: إذا انحصر الماء في مضاف مخلوط بالطين، ففي سعة الوقت يجب عليه أن يصبر حتّى يصفو، و يصير الطين إلى الأصل، ثمَّ يتوضأ على الأحوط، و في ضيق الوقت يتيمم، لصدق الوجدان مع السعة، دون الضيق (۲۲).

مقتضى هذا التعليل: الفتوى بوجوب الصبر و التوضي في السعة، فلا وجه للاحتياط، و سيأتي منه الفتوى به في [مسألة ۳] من فصل أحكام التيمم فراجع.

مسألة ۹: الماء المطلق بأقسامه- حتّى الجاري منه- ينجس إذا تغيّر بالنجاسة في أحد أوصافه الثلاثة (۲۳)، من، الطعم، و الرائحة، و اللون بشرط أن يكون بملاقاة النجاسة (۲٤)، فلا يتنجس إذا كان بالمجاورة، كما إذا وقعت ميتة قريبا من الماء، فصار جائفا (۲٥).و أن يكون التغير بأوصاف النجاسة، دون أوصاف المتنجس (۲٦)، فلو وقع فيه دبس نجس فصار أحمر أو أصفر لا ينجس (۲۷) إلا إذا صيّره مضافا (۲۸). نعم، لا يعتبر أن يكون بوقوع عين النجس فيه، بل لو وقع فيه متنجس حامل لأوصاف النجس فغيّره بوصف النجس تنجس أيضا (۲۹). و أن يكون التغير حسيا (۳۰)، فالتقديري لا يضر، فلو كان‏ لون الماء أحمر أو أصفر فوقع فيه مقدار من الدم كان يغيّره لو لم يكن كذلك لم ينجس، و كذا إذا صبّ فيه بول كثير لا لون فيه بحيث لو كان له لون غيّره، و كذا لو كان جائفا فوقعت فيه ميتة كانت تغيّره لو لم يكن جائفا، و هكذا. ففي هذه الصورة ما لم يخرج عن صدق الإطلاق محكوم بالطهارة على الأقوى (۳۱).

بضرورة من الفقه إن لم تكن من المذهب في هذه الأعصار و ما قاربها، و في النبوي المعروف: «خلق اللّه الماء طهورا لا ينجسه شي‏ء إلا ما غيّر لونه أو طعمه أو رائحته»٥٦.

و لا وجه للمناقشة فيه لضعف السند بعد اعتبار الفقهاء بنقله، بل في الذخيرة: «به عمل الأمة و ورود أخبار صحاح بمضمونه».

و الظاهر أنّ عدم اعتناء الرواة من الخاصة لضبطه لاستغنائهم عنه بالمستفيضة التي نقولها عن الأئمة عليهم السلام. و لعل هذا هو السر في عدم نقل جملة من النبويات من طرق الخاصة.

و أما الأخبار الصحاح فهي صحيحة حريز بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء و اشرب فإذا تغيّر الماء و تغيّر الطعم، فلا تتوضأ منه و لا تشرب»٥۷.

و عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال: «ماء البئر واسع لا يفسده شي‏ء، إلا أن يتغير ريحه أو طعمه، فينزح حتّى يذهب الريح و يطيب طعمه، لأنّ له مادة»٥۸.

و عن أبي خالد القماط أنّه سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: «في الماء يمر به الرجل. و هو نقيع فيه الميتة و الجيفة. فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن كان الماء قد تغيّر ريحه أو طعمه، فلا تشرب و لا تتوضأ منه و إن لم يتغيّر ريحه و طعمه فاشرب و توضأ٥۹».

و هناك روايات أخرى، كموثقة سماعة،٦۰و رواية عبد اللّه بن سنان‏٦۱، و رواية أبي بصير٦۲و غيرها.

و تقتضيه المرتكزات أيضا، لأنّهم يتنفرون بطبعهم عن مثل هذا الماء، و يستقذرونه و لا يستعملونه في رفع الأخباث فكيف بالأحداث.

و ما عن صاحب المدارك: من الاقتصار على الريح و الطعم، دون اللون.

غير صحيح أولا: لورود أخبار تدل على الثلاثة صريحا كالنبوي المتقدم، و رواية شهاب بن عبد ربه‏٦۳و رواية علاء بن فضيل‏٦٤، و ما عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «في الماء الجاري يمر بالجيف و العذرة و الدم يتوضأ منه و يشرب ما لم يتغير أوصافه: طعمه و لونه و ريحه»٦٥.

و ثانيا: إنّ ذكر الريح و الطعم يغني عن ذكر اللون للتلازم العادي غالبا بينهما.

ثمَّ إنّ شروط انفعال المعتصم ثلاثة، ذكرها في المتن.

هذا هو الشرط الأول: و يدل عليه: ظهور الأدلة المتقدمة، و إجماع‏ إعلام الملة بل يمكن دعوى كون الروايات نصا في ذلك. فإنّ لفظ «يبال فيها»، أو «فيه جيفة»، أو «فيه ميتة»، أو «فيه فأرة» نص في تغيير الماء بملاقاة النجاسة.

و يأتي في [مسألة ۱۱] ما ينفع المقام.

لأصالة الطهارة و ظهور الأدلة السابقة، فظهور الإجماع في أن يكون التغير بالملاقاة.

هذا هو الشرط الثاني، و يدل عليه الإجماع، و ظهور الأدلة فيه.

لأصالة الطهارة بعد ظهور الأدلة في التغيير بوصف النجس، فلا وجه لما نسب إلى الشيخ (قدّس سرّه) من كفاية التغيير بوصف المتنجس، لكونه مخالفا للأصل، و ظاهر الأدلة، و للإجماع.

فيصير حينئذ من صغريات ما مر في [مسألة ۷]، و يجري هنا جميع ما تقدم في تلك المسألة.

لوقوع النجس فيه، و صدق التغير بوصف النجس، فيشمله إطلاق الأدلة المتقدمة لا محالة، إذ المنساق منها مطلق التغير أعم مما كان بلا واسطة أو معها.

إن قلت: إنّ ظاهر قوله عليه السلام: «فيه ميتة»، أو فارة و نحوهما، هو التغير بلا واسطة. قلت: لا ظهور فيه و على فرض الانصراف إليه فهو بدوي لا اعتبار به.

و ما قيل: بناء على ذلك يجب القول بالنجاسة، فيما إذا تغير أحد أوصافه بمجاورة النجس.

مدفوع بأنّه لو لا الإجماع على عدم الانفعال حينئذ، و ظهور الأدلة في عدم النجاسة لقلنا بها في التغيير بالمجاورة أيضا.

و استدل أيضا: بأنّ المتنجس الحامل للنجاسة إذا امتزج مع الكثير و غيّره بوصف النجس. لا يخلو حكم مثل هذا الماء عن أحد أقسام ثلاثة: إما أن يطهر المتنجس، و هو خلاف ما دل على اشتراط زوال التغيير في الطهارة.

أو يكون الماء طاهرا، و يبقى المتنجس على النجاسة، و هو خلاف ما دل على أنّ الماء الواحد لا يختلف حكمه من حيث الطهارة و النجاسة، إلا إذا كان معتصما و غير مخلوط بالنجاسة، كحوض يكون أكثر من الكر و صب في بعض أطرافه بول أو دم- مثلا- و لم يتغير وصف تمام الماء، و المفروض في المقام خلافه.

أو يحكم بانفعال الماء، و هو المطلوب و يتم الحكم في غير الممتزج بعدم القول بالفصل.

هذا هو الشرط الثالث، لأنّ التغيير و التغير من المفاهيم المبينة العرفية، و المنساق منهما عرفا ما إذا أدرك بالوجدان أو بإحدى الحواس الظاهرية، يقال تغير حالي أو تغير الطعام أو اللحم- مثلا- و الجامع تحقق المغايرة من حالة إلى حالة أخرى عرفا. و هذا هو المراد بالتغيير و التغير و الواردين في الأدلة السابقة، لتنزلها على العرفيات، الا مع وجود الدليل على الخلاف. و على هذا فهو مختص بالفعلي الخارجي و لا يشمل التقديري مطلقا، لعدم مساعدة العرف عليه، و عدم دليل شرعي على شموله، بل مقتضى استصحاب الطهارة بقاؤها إلى أن يتحقق التغيير خارجا.

ثمَّ إنّ التغيير التقديري، إما لعدم المقتضي في النجس، أو في الماء أو لوجود المانع كذلك.

و كلّ منهما إما ذاتي، أو عرضي. و لا دليل على اعتباره في جميع ذلك.

و نسب إلى العلامة رحمه اللّه كفاية التقديري مطلقا. و العرف أقوى شاهد على خلافه كما نسب إلى البيان و جامع المقاصد و إلى جمع آخرين و في الحدائق النسبة إلى المتأخرين من غير خلاف معروف، كفايته إن كان لوجود المانع. و فيه: أنّ ثبوت كلّ شي‏ء و تحققه يتوقف على وجود المقتضي، و فقد المانع، و مع عدم الأول أو وجود الثاني، لا تحقق له واقعا. نعم، لو فرض حكم العرف بتحقق التغير، و أنّ وجود المانع كالعدم، تحقق الانفعال حينئذ، كما لو ألقي مقدار كثير من البول- مثلا- في كر من الماء في شدة برد الشتاء، فإنّ العرف يحكم بالتغير و يستقذر مثل هذا الماء. و لعله إلى ذلك ترجع كلمات الفقهاء القائلين بكفاية التغير التقديري مع وجود المانع، فلا نزاع في البين.

لأصالة الطهارة، و كذا يحكم بطهارته لو خرج عن الإطلاق باستهلاك النجس فيه في حالة الإطلاق، فخرج عنه بعد الاستهلاك. نعم، إن خرج عنه قبل الاستهلاك تنجس حينئذ، لصدق التغير بالنجس.

مسألة ۱۰: لو تغيّر الماء بما عدا الأوصاف المذكورة من أوصاف النجاسة، مثل الحرارة، و البرودة، و الرقة، و الغلظة، و الخفة، و الثقل، لم ينجس ما لم يصر مضافا (۳۲).

لظواهر النصوص الحاصرة لها في خصوص الأوصاف الثلاثة المعروفة، مضافا إلى دعوى الإجماع عن جمع.

مسألة ۱۱: لا يعتبر في تنجسه أن يكون التغير بوصف النجس بعينه، فلو حدث فيه طعم أو لون أو ريح غير ما بالنجس، كما لو اصفر الماء- مثلا- بوقوع الدم تنجس. و كذا لو حدثت فيه بوقوع البول أو العذرة، رائحة أخرى غير رائحتهما، فالمناط تغير أحد الأوصاف المذكورة بسبب النجاسة و إن كان من غير سنخ وصف النجس (۳۳).

بشرط صحة انتساب حصول الوصف إلى النجاسة عرفا و لو كان وصفا لها بعد اختلاطها بالماء، إذ ربّ شي‏ء يكون لونه- في حد نفسه- لونا مخصوصا و لكن بعد الخلط بالماء أو بمائع آخر يصير لونا آخر و كذا في الطعم و الرائحة.

فكلما أضيف الوصف إلى النجس عرفا يتحقق التنجس شرعا، لإطلاق مثل قوله عليه السلام: «إن كان النتن الغالب على الماء فلا تتوضأ و لا تشرب»٦٦و قوله عليه السلام: «لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول»٦۷، فإنّ مقتضى إطلاقهما كفاية الاستناد سواء كان إلى الوصف الذي كان للنجس قبل الخلط بالماء، أم بعده، إذا كان تغيير وصفه بعد الخلط بالماء متعارفا.

فرع: لو تغيّر الماء بغير وصف النجس و شك في انتسابه إلى النجاسة، فمقتضى الأصل الطهارة.

مسألة ۱۲: لا فرق بين زوال الوصف الأصلي للماء أو العارضي (۳٤)، فلو كان الماء أحمر أو أسود لعارض، فوقع فيه البول حتّى صار أبيض تنجس (۳٥)، و كذا إذا زال طعمه العرضي، أو ريحه العرضي.

لإطلاق الأدلة المتقدمة مع صدق التغير بالنجاسة عرفا، و أما مع الشك فيه، فالمرجع أصالة الطهارة، كما تقدم.

لتحقق التغير، فيشمله إطلاق الدليل قهرا.

مسألة ۱۳: لو تغيّر طرف من الحوض- مثلا- تنجس فإن كان الباقي أقل من الكر، تنجس الجميع و إن كان بقدر الكر بقي على الطهارة (۳٦). و إذا زال تغيّر ذلك البعض طهر الجميع و لو لم يحصل‏ الامتزاج على الأقوى (۳۷).

أما النجاسة في الصورة الأولى، فلأجل الملاقاة مع المتنجس و أما البقاء على الطهارة في الأخيرة، فلفرض اعتصامه بالكريه، و كذا في الجاري و غيره من المياه المعتصمة.

كما نسب إلى المشهور، بل قيل: إنّ القول بالامتزاج لم يعرف من أحد قبل المحقق (قدّس سرّه) في المعتبر، و لم يشر إليه في شرائعه الذي هو أهم كتبه. و لا ريب أنّ مسألة انفعال المياه و تطهيرها كانت من أهم المسائل الابتلائية للناس في الأعصار القديمة خصوصا في الحجاز- التي قلّت المياه فيها- فلو كان الامتزاج معتبرا في الطهارة، لأشير إليه في خبر من الأخبار. و كان على الإمام عليه السلام بيانه في هذه المسألة العامة البلوى مع أنّهم بينوا مسائل نادرة قلّما تتفق في العمر إلا مرة. و لم يذكره فقهاؤنا المتقدمون رحمهم اللّه مع كثرة اهتمامهم بنقل الفروع النادرة فكيف بابتلائه، و إنّما حدثت الشبهة من عصر الفاضلين فقط، و تعرضها لها في بعض كتبهما و تبعهما بعض المتأخرين. مع أنّه لا دليل لهم يصح الاعتماد عليه إلا استصحاب بقاء النجاسة. إلى أن يحصل الامتزاج فيقطع حينئذ بارتفاعها.

و فيه أولا: أنّه محكوم بالإطلاقات المتقدمة، مثل قوله عليه السلام:

«جعل لكم الماء طهورا»٦۸. و كذا قوله عليه السلام: «الماء يطهّر و لا يطهّر»٦۹و قول أبي الحسن الرضا عليه السلام في صحيح ابن بزيع- الذي ورد في مقام بيان قاعدة كلية لتطهير المياه- «ماء البئر واسع لا يفسده شي‏ء إلّا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتّى يذهب الريح و يطيب الطعم، لأنّ له مادة»۷۰.

و المتفاهم من قوله عليه السلام: «واسع لا يفسده شي‏ء» هو السعة الحكمية- أي لا ينفعل بشي‏ء مطلقا، و دافع للنجاسة و رافع لها «الا أن يتغير» كما أنّ المتفاهم من قوله عليه السلام: «لأنّ له مادة» التعليل لبيان هذا الحكم‏ يعني أنّ علة كونه دافعا للنجاسة و رافعا لها، إنّما هي المادة فقط، و حيث إنّ المادة عبارة أخرى عن وجود جهة الاعتصام، فيكون مفاده أنّ كلّما كانت فيه جهة الاعتصام- بئرا كان أو جاريا أو كرّا أو مطرا- يكون دافعا للنجاسة و رافعا لها، و مقتضى إطلاقه الشمول لما إذا حصل الامتزاج أولا، و يقتضيه إطلاق خبر الكاهلي: «كلّ شي‏ء يراه المطر فقد طهر»۷۱و إطلاق قوله عليه السلام: «ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا»۷۲ الظاهر في كفاية التطهير بمجرد الاتصال مع المعتصم.

إن قلت: أما الأخير فمجمل، و خبر الكاهلي مرسل. مع أنّ قوله عليه السلام: «يراه المطر» ظاهر في صدق الرؤية لجميع الأجزاء، و لا يحصل ذلك إلّا بالامتزاج، و أما صحيح ابن بزيع فيحتمل أن يكون قوله عليه السلام: «لأنّ له مادة» علة للنزح- يعني ينزح حتّى يخرج الماء، و يمتزج بماء البئر، لأنّ له مادة- و حينئذ يكون دليلا على اعتبار الامتزاج، لا أن يكون دليلا على عدمه، مع أنّ الشيخ البهائي رحمه اللّه حكم بإجماله، فلا وجه للاستدلال به.

قلت: لا وجه لإجمال قوله عليه السلام: «ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا»، بل يؤخذ بإطلاقه ما لم يدل دليل على خلافه، لأنّه حكم ابتلائي امتناني، فيؤخذ بإطلاقه من كلّ جهة إلّا فيما ثبت خلافه. و المرسل الكاهلي منجبر بالعمل و تسالم الأصحاب عليه، و المراد بالرؤية، الرؤية العرفية مطلقا، فكلّما صدقت الرؤية عرفا يطهر جميع الماء مطلقا، لا أن يكون شرط طهارة كلّ جزء رؤية المطر لذلك الجزء، و الا انعدمت فائدة هذا الحكم الامتناني العام البلوى إلا في موارد نادرة، و هو مخالف لسهولة الشريعة خصوصا في الطهارة التي يسّرها الشارع و سهلها بكلّ وجه أمكنه. فالرؤية معتبرة بنحو صرف الوجود، لا بنحو الوجود المنبسط على جميع الأجزاء حتّى يقال: إنّه يصدق عدم الرؤية بالنسبة إلى بعض الأجزاء أيضا، كما أنّ انفعال القليل بملاقاة النجس يكون بنحو صرف الوجود أيضا، لا بنحو السريان و الانبساط، فلتكن الطهارة أيضا كذلك، بل لا بدّ أن يكون الأمر فيه أسهل و أيسر، كما مرّ.

و أما صحيح ابن بزيع‏۷۳ فلا ريب أنّ النزح من حيث هو لا موضوعية فيه بوجه، بل هو طريق لتحقق الاتصال بالمعتصم سواء رجعت العلة إليه أم إلى ما قلناه، و لا يختلف المعنى، كما لا يخفى. و أما أنّ النزح موجب لامتزاج ما يخرج من المادة مع ماء البئر، فلا وجه له، لأنّه يكون الماء في الآبار غالبا بنحو الرشح و النذير، لا بنحو الجريان. مع أنّه لو كان بنحو الجريان، فلا يمتزج الا مع سطح الماء الذي يكون في قعر البئر، لا مع جميع سطوحه. هذا.

مع أنّ القائل بالامتزاج، إن أراد امتزاج الكلّ في الكلّ، فهو محال، لما ثبت في محلّه من امتناع تداخل الأجسام. و إن أراد البعض المخصوص، فهو من الترجيح بلا مرجح مع أنّ من اعتبر الامتزاج لا يقول به في الحياض الصغار من الحمام و لا دليل يعتمد عليه للتخصيص و إن أراد الامتزاج في الجملة، فهو حاصل تكوينا، لأنّ الماء سيال بالطبع، و اتصال الأجزاء فيه بعضها ببعض في الجملة، لأجل الرطوبة المسرية تكوينية كما هو معلوم.

و ثانيا: أنّ استصحاب النجاسة في المقام لا وجه له، لأنّها متقومة بالتغير و قد زال، و لا أقل من الشك في ذلك، فيكون من الاستصحاب في الفرد المردد.

و دعوى: أنّ التغيير علة لحدوث النجاسة فقط، لا لبقائها، مردودة: في مثل المورد المتصل بالمعتصم، فالمرجع قاعدة الطهارة، لا الاستصحاب.

ثمَّ إنّ الماء الواحد إن كان في سطح واحد لا يختلف حكمه من حيث الطهارة و النجاسة. و قد جعلوها قاعدة و أرسلت عندهم إرسال المسلمات، و استدلوا بها على كفاية مجرد الاتصال في جملة من الموارد.

و دليل اعتبار القاعدة أولا: ظهور الإجماع.

و ثانيا: إنّ الاختلاف إن كان بلا جهة فهو باطل، و إن كان لاختلاف الموضوع، فهو خلف. و قد استدل بها كاشف اللثام في المقام على كفاية مجرد الاتصال، و عدم اعتبار الامتزاج.

و أشكل عليه: بمنع وحدة الماء بل الماء الذي تغير و زوال تغيره متمايز مع الماء المعتصم، و لا تتحقق الوحدة إلا مع الامتزاج.

و فيه: أنّه ليس المراد بالوحدة الدقيقة العقلية. مع أنّها لا تحصل في صورة الامتزاج أيضا، بل الوحدة الاتصالية المتعارفة، و لا ريب في تحققها في المقام.

نعم، لو حكم العرف بالتعدد، كما في صورة بقاء التغير، أو شك فيه و في الوحدة لا مجرى حينئذ لهذه القاعدة.

ثمَّ إنّ من يقول بالاختلاف لا بد و أن يقول بصحة ترتيب آثار الطهارة على الماء الممزوج بالماء المتنجس من التوضي و الاغتسال به، و لا أظن أحدا يقول به، فهذا النزاع على فرض صحته ليست له ثمرة عملية، و يأتي في ماء الحمام بعض ما يناسب المقام فراجع.

مسألة ۱٤: إذا وقع النجس في الماء فلم يتغيّر، ثمَّ تغيّر بعد مدة، فإن علم استناده إلى ذلك النجس تنجس، و إلا فلا (۳۸).

أما الأول: فلإطلاقات الأدلة و عموماتها- الشاملة لما إذا تحقق التغير بعد وقوع النجاسة بلا فصل، أو معه- إذا ثبت استناد التغير إلى النجاسة.

و أما الثاني: فللأصل سواء علم بعدم الاستناد أم شك فيه، فتجري أصالة الطهارة بلا إشكال. و أما جريان الأصل الموضوعي فيأتي حكمه في [مسألة ۱٦].

مسألة ۱٥: إذا وقعت الميتة خارج الماء، و وقع جزء منها في الماء، و تغيّر بسبب المجموع من الداخل و الخارج، تنجس (۳۹) بخلاف ما إذا كان تمامها خارج الماء (٤۰).

لإطلاق الأدلة و عموماتها الشامل لذلك. نعم، لو كان ما وقع يسيرا جدّا بحيث يشك في شمول الأدلة له، فالمرجع أصالة الطهارة.

فيكون طاهرا حينئذ، للأصل- بعد ظهور الأدلة في اشتراط كون التغير بوقوع النجاسة في الماء و تغيره بها. و يدل عليه ظهور الإجماع.

إن قلت: مقتضى المرتكزات التنفر عنه، لانفعال الماء في هذه الصورة أيضا.

قلت: لا اعتبار بمرتكزاتهم في مقابل الأدلة الظاهرة، بل الناصة۷۳ في اعتبار وقوع النجس فيه، و تغيره به.

مسألة ۱٦: إذا شك في التغير و عدمه، أو في كونه للمجاورة أو بالملاقاة، أو كونه بالنجاسة، أو بطاهر لم يحكم بالنجاسة (٤۱).

للأصل الموضوعي في الأول، و هو أصالة عدم التغير، و الأصل الحكمي، و قاعدة الطهارة. و أما الأخيران، فلا ريب في صحة جريان الأصل الحكمي، و قاعدة الطهارة فيهما. و أما جريان الأصل الموضوعي فيهما، فهو من موارد جريان الأصل في أطراف العلم الإجمالي. فإن فرض وجود الأثر الشرعي لكلّ واحد من الأصلين. يسقطان بالمعارضة، و إلا فيجري ماله الأثر و يترتب عليه أثره بلا معارضة.

و الظاهر تحقق الأثر الشرعي لكلّ واحد من الأصلين فيهما، ففي الصورة الأولى مقتضى أصالة عدم كون التغير بالملاقاة جواز التوضي منه، بل وجوبه مع الانحصار و مقتضى أصالة عدم كونه بالمجاورة وجوب الاجتناب عنه. هذا إذا لم نقل بكفاية نفس الأثر الوضعي الشرعي في جريان الأصول، و الا فالأمر أوضح، فتترتب على أصالة عدم كون التغير بالملاقاة الطهارة، و على أصالة عدم كونه بالمجاورة النجاسة. و في الصورة الثانية، مقتضى أصالة عدم كونه بالنجاسة هو الطهارة، و جواز التوضي- مثلا- بل وجوبه. و مقتضى أصالة عدم كونه بالطاهر النجاسة، و وجوب الاجتناب. هذا و لكن يكفي للحكم بالطهارة في الصورتين استصحاب الطهارة، و قاعدتها.

«قاعدة الطهارة»

من القواعد المعتبرة التي دلت عليها النصوص و الإجماع- قاعدة الطهارة- و هي أيضا مطابقة لمرتكزات العقلاء، إذ أنّهم لا يستقذرون كلّ ما يشكون في قذارته، أو في ملاقاته للقذر، و لا يجتنبون عنه.

و النصوص: هي رواية حفص بن غياث، عن جعفر، عن أبيه عن عليّ عليهم السلام قال: «ما أبالي، أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم»۷٥.

و قول الصادق عليه السلام في موثق عمار:

«كلّ شي‏ء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر، فإذا علمت فقد قذر، و ما لم تعلم فليس عليك»۷٦.

و قوله عليه السلام:

«الماء كلّه طاهر حتّى يعلم أنّه قذر» ۷۷ إلى غير ذلك من الروايات، و هي شاملة لجميع الشبهات الموضوعية مطلقا بل و الشبهات الحكمية أيضا» لعموم قوله عليه السلام: «كلّ شي‏ء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر».

فإنّ لفظ- شي‏ء- من الأمور العامة الشاملة للكليات التي هي متعلقات الأحكام و للموضوعات الخارجية.

و المراد من العلم كلّ ما يكون حجة معتبرة شرعا و لو كان إخبار صاحب اليد، بل و لو كانت قاعدة الانفعال مع إحراز الانفعال و تحقق السراية، كما تقدم، أو أصلا موضوعيا يدل على النجاسة. و أما مع الشك فيها، فتجري قاعدة الطهارة بلا مزاحم.

ثمَّ إنّ مورد القاعدة الشك في الطهارة و النجاسة بعد إحراز أصل جريانها، و أما لو شك في مورد أنّه هل تجري القاعدة أو لا؟ فيشكل الجريان، لأنّ التمسك بدليلها حينئذ من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

و لا بد من ذكر أمور تتعلق بالقاعدة:

الأول: لا يجب الفحص في الشبهات الموضوعية التي تجري فيها القاعدة، لأنّها المتيقن من دعوى إجماعهم على عدم وجوبه في الشبهات الموضوعية، مع أنّ أصل تشريع القاعدة لدفع الوسواس، و التسهيل على الناس، و الفحص ينافي ذلك كلّه.

الثاني: لا فرق في مجراها بين جميع موارد الشك من أي منشإ كان، و في أي مورد يكون، سواء كان في بلاد المسلمين، أم بلاد الكفار أو الأشياء المجلوبة من بلادهم.

الثالث: لا فرق في مجراها بين أن يكون مورد ابتلاء المكلف، أو لا، لإطلاق الأدلة الشامل لهما، و يأتي جملة ما يتعلق بالقاعدة في محالها إن شاء اللّه تعالى.

مسألة ۱۷: إذا وقع في الماء دم و شي‏ء طاهر أحمر فاحمر بالمجموع، لم يحكم بالنجاسة (٤۲).

لأصالة الطهارة. لكنّه فيما إذا لم يكن الدم كافيا لتغير الماء مستقلا، و إلا فمقتضى الإطلاقات و العمومات الحكم بالنجاسة، لصدق تغير الماء بوقوع النجس فيه، و لو كان الأحمر كافيا مستقلا و لم يكن للدم أثر قابل عرفا، فهو طاهر، للأصل، و كذا لو كان كلّ منهما جزء العلة فاحمر بالمجموع بحيث لو كان أحدهما منفردا لما أثر، و لو كان كلّ واحد منهما كافيا مستقلا في التأثير تنجس، لصحة استناد التغير إلى النجس عرفا و إن كان ذلك غير صحيح دقة، لامتناع اجتماع علتين مستقلتين عرضيتين على معلول واحد.

مسألة ۱۸: الماء المتغيّر إذا زال تغيره بنفسه من غير اتصاله بالكر أو الجاري، لم يطهر (٤۳) نعم الجاري و النابع إذا زال تغيره بنفسه‏ طهر، لاتصاله بالمادة و كذا البعض من الحوض إذا كان الباقي بقدر الكر، كما مرّ (٤٤).

على المشهور، و لم ينقل الخلاف إلا عن يحيى بن سعيد في الجامع و تردد العلامة في النهاية. و في المنتهى، نقل الخلاف عن الشافعي و أحمد و لم ينسبه إلى أحد من أصحابنا. و كيف كان فقد استدل للمشهور بأمور:

الأول: العمومات و الإطلاقات الدالة على نجاسة الماء بالتغير، بدعوى‏ أنّ التغير علة محدثة للنجاسة، لا أن تدور النجاسة مداره حدوثا و بقاء، كما في سببية ملاقاة الطاهر للنجس. فإنّه ينجس الملاقي بمجرد الملاقاة آنا ما، و لو انقطعت الملاقاة، و كما في سببية حدوث الحدث لبقاء الحالة الحدثية إلا أن يحصل الرافع، و له نظائر كثيرة في الفقه.

و دعوى أنّه يستفاد من الأدلة كون التغيير علة للنجاسة حدوثا و بقاء، تحتاج إلى الإثبات.

و ما اشتهر من أنّ تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية لا كلية فيه في الأحكام الشرعية، و على فرض الكلية تكفي العلية حدوثا فقط.

الثاني: استصحاب بقاء النجاسة- بأنّ الموضوع الماء، و هو باق في حالتي التغير و الزوال. و ليس عنوان التغيير من حيث هو، حتّى يستشكل فيه بتبدل الموضوع. و العرف أصدق شاهد في المقام.

الثالث: صحيحة ابن بزيع المتقدمة: «ماء البئر واسع لا يفسده شي‏ء إلّا أن يتغير ريحه أو طعمه، فينزح حتّى يذهب الريح و يطيب طعمه لأنّ له مادة»۷۸.

بدعوى: كون كلمة (حتّى) للانتهاء، لا التعليل يعني: ينزح إلى أن يذهب الريح و يطيب الطعم من تدافع المادة عليه. و فيه: إنّه من مجرد الاحتمال، لا الظهور الذي يدور عليه الاستدلال.

و استدل لابن سعيد تارة: بأصالة الطهارة.

و فيه: ما ثبت في الأصول من أنّه لا اعتبار بالأصل الحكمي مع جريان الأصل الموضوعي- الذي هو في المقام استصحاب النجاسة- كما مر.

و أخرى: بأنّ ظواهر الأدلة إناطة النجاسة بالتغير حدوثا و بقاء.

و فيه: أنّ ذلك خلاف ظواهرها فإنّ المنساق منها عرفا حدوث النجاسة بالتغير. و أما زوالها بزوال التغير- حتى من قبل نفسه- فهي ساكتة عنه، و لا بد من إقامة دليل آخر عليه.

و ثالثة: بالخبر المعروف عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا»۷۹.

خرج عن إطلاقه حالة التغيير فقط، و بقي الباقي تحت الإطلاق.

و فيه: مضافا إلى ضعفه، و هجر الأصحاب عن إطلاقه، أنّ المتفاهم منه عرفا ما إذا لم يتغير أصلا، لا ما إذا تغيّر ثمَّ زال تغيره.

و رابعة: بما تقدم من صحيح ابن بزيع‏۸۰ بناء على كون (حتّى) تعليلية، فيكون زوال التغيير علة للطهارة مطلقا.

و فيه: أنّ صحة كون (حتّى) للتعليل، مما لا ينكر. و لكن العلة تحتمل أن يكون ذهاب التغيير بالنزح، أو ذهابه للاتصال بالمادة أو ذهابه مطلقا و لو بنفسه، و المتفاهم من الصحيح عرفا أحد الأوليين، دون الأخير. و لا فرق في هذه الجهة بين كون مدخول حتّى علة غائية لما قبلها، أو فاعلية.

تقدم في [مسألة ۱۳]، و تأتي الإشارة إلى بعض ما يتعلق بالمقام في [مسألة ۸] من الفصل اللاحق.

  1. راجع المجلد الثاني من كتاب تهذيب الأصول صفحة: ۲۳۹ الطبعة الثانية بيروت.
  2. سورة البقرة( ۲) الآية: ۲۲۲.
  3. راجع المجلد الثالث من مواهب الرحمن في تفسير القرآن صفحة: ۳۷۸ طبعة النجف الأشرف.
  4. سورة المدثر( ۷٤) الآية: ٥.
  5. مستدرك الوسائل باب: ۱ من أبواب أحكام الملابس في غير الصلاة حديث: ٥. و في الوسائل باب: ۱ من أبواب أحكام الملابس حديث: ٦ (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله) «بئس العبد القاذورة».
  6. الفرقان( ۲٥) الآية: ٤۸.
  7. الأنفال( ۸) الآية: ۱۱.
  8. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ۹.
  9. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ٤ و قريب منه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله كما في كنز العمال ج: ۹ حديث: ۳٥٦۱ باب التخلي و الاستنجاء و إزالة النجاسة ط. الهند.
  10. نسب ذلك إلى أبي حنيفة و أصحاب الرأي.
  11. سورة الإنسان( ۷٦) الآية: ۲۱.
  12. الأعراف( ۷) الآية: ٤۳.
  13. النساء:( ٤) الآية: ٤۳.
  14. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المضاف حديث: ۱.
  15. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المضاف حديث: ۱.
  16. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المضاف حديث: ۳ و ۱.
  17. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المضاف حديث: ۳ و ۱.
  18. المغني لابن قدامة ج: ۱ صفحة: ۱۱ ط: بيروت.
  19. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب النجاسات.
  20. الوسائل باب: ۹ من أبواب أحكام الخلوة حديث: ٦.
  21. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب النجاسات حديث: ۲.
  22. الوسائل باب: ٤٥ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
  23. الوسائل باب: ٤٥ من أبواب النجاسات حديث: ٥.
  24. صفحة: ۱۲٤.
  25. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱ و ٦ و باب: ۱۹ من أبواب النجاسة و غيرهما.
  26. الوسائل باب: ٤ من أبواب الماء المضاف حديث: ۲ .
  27. الوسائل باب: ٤ من أبواب الماء المضاف حديث: ۳.
  28. سورة المدثر( ۷٤) الآية: ٤.
  29. و هي كثيرة منها باب: ۱ حديث: ۱ و باب: ۷ حديث ۲ من أبواب النجاسات- الوسائل.
  30. الوسائل باب: ٦ من أبواب النجاسة حديث: ٦.
  31. الوسائل باب: ٥ من أبواب الماء المضاف حديث: ۳.
  32. الوسائل باب: ۳۸ من أبواب النجاسات حديث: ۸.
  33. الوسائل باب: ٥ من أبواب الماء المضاف حديث: ۱.
  34. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأسئار.
  35. الوسائل باب: ٥ من أبواب الماء المضاف حديث: ٥.
  36. الوسائل باب: ٥ من أبواب الماء المضاف حديث: ۲ و ۳.
  37. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب المساكن( كتاب الصلاة).
  38. الوسائل باب: ۳٦ من أبواب النجاسات حديث: ۱.
  39. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأسئار حديث: ٤.
  40. الوسائل باب: ٥ من أبواب الماء المضاف حديث: ۲.
  41. كتاب الطهارة صفحة: ٥٦ مصباح الفقيه.
  42. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الماء المطلق.
  43. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الماء المطلق.
  44. الوسائل باب: ۱ من أبواب الأسئار حديث: ٤.
  45. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب النجاسات حديث ۱.
  46. الوسائل باب: ۲٦ من أبواب النجاسات حديث: ۹.
  47. تقدم في صفحة: ۱۲۷.
  48. تعرض لها:- عند قول المحقق رحمه اللّه:« و تطهر النار كلّ ما أحالته رمادا».
  49. الوسائل باب: ۸ من أبواب النجاسات و باب: ۲۷ من الأشربة المحرمة و باب: ۲۳ من الأشربة المباحة.
  50. الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الأشربة المحرمة حديث: ٥.
  51. راجع تهذيب الأصول ج: ۲ صفحة: ٤۸، الطبعة الثانية- بيروت.
  52. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۳ و ٦.
  53. الوسائل باب: ٦ من أبواب الماء المطلق حديث: ٥.
  54. مستدرك الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ۸.
  55. تقدم في صفحة ۱۲۷.
  56. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ۹.
  57. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱.
  58. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۲.
  59. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ٤.
  60. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ٥.
  61. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ٦.
  62. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۱.
  63. الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۱.
  64. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۷.
  65. مستدرك الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱.
  66. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ٦.
  67. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۷.
  68. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ٤.
  69. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ٦.
  70. الوسائل باب: ۳ من أبواب الماء المطلق حديث: ۱۲.
  71. الوسائل باب: ٦ من أبواب الماء المطلق حديث: ٥.
  72. الوسائل باب: ۷ من أبواب الماء المطلق حديث: ۷.
  73. تقدم في صفحة: ۱٤۹.
  74. تقدمت الروايات في صفحة: ۱٤۳- ۱٤٤.
  75. الوسائل باب: ۳۷ من أبواب النجاسات حديث: ٤.
  76. الوسائل باب: ۳۷ من أبواب النجاسات حديث: ٥.
  77. الوسائل باب: ۱ من أبواب الماء المطلق حديث: ٥، و هناك روايات أخرى أوردها صاحب الوسائل في باب: ۱۳ من أبواب النواقض، و باب: ۱٦ من النجاسات.
  78. تقدم في صفحة: ۱٤۹.
  79. مستدرك الوسائل باب: ۹ من أبواب الماء المطلق حديث: ٦.
  80. راجع صفحة: ۱٤۳.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"