1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطهارة
  10. /
  11. فصل في الصلاة على الميت
يجب الصلاة على كل مسلم من غير فرق بين العادل و الفاسق و الشهيد و غيرهم، حتّى المرتكب للكبائر، بل و لو قتل نفسه عمدا (۱).و لا يجوز على الكافر بأقسامه حتّى المرتد فطريا أو مليا مات بلا توبة (۲) و لا تجب على أطفال المسلمين إلّا إذا بلغوا ست سنين (۳). نعم، تستحب (٤) على من كان عمره أقل من ست سنين، و إن كان مات حين تولده بشرط أن يتولد حيّا، و إن تولد ميتا فلا تستحب أيضا. و يلحق بالمسلم في وجوب الصلاة عليه من وجد ميتا في بلاد المسلمين، و كذا لقيط دار الإسلام بل دار الكفر إذا وجد فيها مسلم يحتمل كونه منه (٥).

كلّ ذلك لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «صلّوا على المرجوم من أمتي، و على القاتل نفسه من أمتي لا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة»۱، و قول الصادق عن أبيه عليهما السّلام في خبر طلحة بن زيد: «صلّ على من مات من أهل القبلة و حسابه على اللّه»۲.

و في صحيح ابن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له:

شارب الخمر و الزاني و السارق يصلّى عليهم إذا ماتوا؟ فقال: نعم»۳.

و أما قول عليّ عليه السّلام: «إنّ الأغلف لا يصلّى عليه إلّا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه»٤.

فلا بدّ و أن يحمل على عدم رغبة الناس في الاجتماع للصلاة عليه لا على ترك أصل الصلاة عليه، أو يحمل على ما إذا ترك الختان مع الإنكار بحيث صار بذلك كافرا.

فكيف كان فقد صارت الصلاة على الميت المسلم مطلقا من ضروريات الدين بحيث يعرفها سائر الملل و الأديان أنّها من شعائر المسلمين.

و ما عن بعض من عدم وجوبها على ولد الزنا، و ما عن جمع من الاقتصار على المؤمن، و ما نسب إلى آخر من عدم وجوبها على مرتكب الكبائر، فإنّما هو لأجل ذهابهم إلى كفر ولد الزنا و غير المؤمن و مرتكب الكبائر، و قد أثبتنا في محلّه بطلانه. كما أنّ ما في ذيل موثق عمار: «لم يغسل عمار بن ياسر و لا هاشم بن عتبة المرقال و دفنهما في ثيابهما و لم يصلّ عليهما»٥.

فلا بدّ من طرحه أو حمله لمخالفته للنصوص و الفتاوى.

لقوله تعالى‏ (وَ لا تُصَلِّ عَلى‏ أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً. و يدل عليه الإجماع، بل الضرورة. و أما مع التوبة فإن كان ملّيا وجبت الصلاة عليه لأنّه مسلم بعد التوبة، و كذا الفطري- بناء على ما تقدم من قبول توبته- فيصير مسلما و تشمله الأدلة.

على المشهور، بل المجمع عليه، لعموم ما دلّ على وجوب الصلاة على جميع الأمة و على المسلمين خرج منهم من لم يبلغ ست سنين نصّا و إجماعا و بقي الباقي.

و أما الأخبار الخاصة فهي على أقسام أربعة:

الأول: صحيح زرارة قال: «سئل الصادق عليه السّلام عن الصلاة على الصبيّ متى يصلّى عليه؟ فقال عليه السّلام: إذا عقل الصلاة. قلت متى تجب الصلاة عليه؟ قال عليه السّلام: إذا كان ابن ست سنين، و الصيام إذا أطاقه»۷.

و قد جعل لوجوب الصلاة على جنازة الصبيّ- و وجوب الفرائض اليومية عليه- حدا تقريبيا و هو تعقله للصلاة، ثمَّ بيّن ذلك بقوله: «إذا كان ابن ست‏ سنين» و لا بدّ من حمل وجوب الفرائض اليومية و الصوم عليه على مجرد الثبوت و التشريع و لو تمرينا، لما دلّ على تحديده بالبلوغ، و يبقى وجوب الصلاة على جنازته مع إكماله الست سنين بلا محذور. و أما توهم- أنّ هذا الصحيح ورد في خصوص الفرائض اليومية و لا ربط لها بالمقام- مردود: لأنّ السؤال ظاهر، بل نص في صلاة الجنازة، و السائل- حيث إنّه من فضلاء الأصحاب و فقهائهم- كيف يخفى عليه حد وجوب الصلوات اليومية على الصبيّ فيحمل قوله عليه السّلام بالنسبة إلى الصلاة اليومية و الصوم على مطلق الثبوت. فهذا الصحيح مبيّن و مفصّل و شارح لجميع محتملات أخبار الباب، فهو من محكمات الأخبار لا بدّ من رد غيره إليه، أو طرحه. و لا منافاة بينه و بين صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «عن الصبيّ أ يصلّى عليه إذا مات و هو ابن خمس سنين؟ قال عليه السّلام: إذا عقل الصلاة صلّي عليه»۸.

فإنّه مجمل يفسره صحيح زرارة.

الثاني: صحيح عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«لا يصلّى على المنفوس و هو المولود الذي لم يستهل و لم يصح، و لم يورث من الدية و لا من غيرها و إذا استهل فصلّ عليه و ورثه»۹.

و صحيح عليّ بن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام: لكم يصلّى على الصبي إذا بلغ من السنين و الشهور؟ قال عليه السّلام: يصلّى عليه على كلّ حال إلّا أن يسقط لغير تمام»۱۰.

و نحوه غيره الدال على وجوب الصلاة عليه ما لم يسقط ميتا.

و يرد عليه أولا: وهنها بإعراض الأصحاب.

ثانيا: معارضتها بغيرها مما مرّ و يأتي المعمول بها عند الأصحاب.

و ثالثا: موافقتها للتقية، و يشكل حينئذ استفادة الاستحباب أيضا إلّا بناء على المسامحة فيه حتّى من هذه الجهة.

الثالث: قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة- في قضية فوت ابن لأبي عبد اللّه عليه السّلام و صلاة أبي جعفر عليه السّلام عليه-: «إنّه لم يكن يصلّى على الأطفال، إنّما كان أمير المؤمنين عليه السّلام يأمر بهم، فيدفنون من وراء و لا يصلّي عليهم، و إنّما صلّيت عليه من أجل أهل المدينة، كراهية أن يقولوا: لا يصلون على أطفالهم»۱۱.

و هو نص في صدور القسم الثاني تقية، و لا منافاة بينه و بين القسم الأول، لكونهما كالشارح و المشروح.

الرابع: ما نقله أبو الحسن عليه السّلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله في قضية موت ابنه إبراهيم: «و لكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات، و جعل لموتاكم من كلّ صلاة تكبيرة، و أمرني أن لا أصلّي إلّا على من صلّى»۱۲.

و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في موثق عمار: «سئل عن المولود ما لم يجر عليه القلم هل يصلّى عليه؟ قال: لا، إنّما الصلاة على الرجل و المرأة إذا جرى عليهما القلم»۱۳.

و قوله عليه السّلام أيضا في خبر هشام: «و لا يصلّى على من لم تجب عليه الصلاة و لا الحدود»۱٤.

و فيه: أنّ الأخير قاصر سندا، فلا يصلح للاعتماد عليه، مع أنّه يمكن أن يراد بالوجوب مطلق الثبوت الحاصل لمن بلغ ست سنين، و الحد يطلق على التعزير أيضا، و يمكن أن يراد بجريان القلم ذلك أيضا و لا ينافي ذكر الرجل و المرأة، لصحة إطلاقهما على من بلغ ست سنين عرفا. و أما قضية إبراهيم عليه السّلام، فالأخبار مختلفة فيها، ففي بعضها أنّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى عليه‏۱٥ و في هذا الخبر إنّه «لم يصلّ» و يمكن حمل قوله صلّى اللّه عليه و آله «إلّا على من صلّى»- على الصلاة الشأنية- أي كان يصلح بأن يصلّي و هو يحصل ببلوغ ست سنين. هذا مع أنّ إعراض الأصحاب عن جميع هذه الأخبار أوهنها فلا تصلح لمعارضة ما تقدم في القسم الأول.

على المشهور، و قد ظهر الوجه في ذلك كلّه مما تقدم من الأخبار لو لا حملها على التقية فيشكل استفادة الاستحباب حينئذ، لما نسب إلى العامة من وجوب الصلاة عليه إذا استهل، و لكن الاستحباب قابل للمسامحة. هذا و لو ولد ميتا فلا تستحب الصلاة عليه، للأصل و صحيح ابن سنان المتقدم.

تقدم حكم ذلك كلّه في أول (فصل تغسيل الميت).

(مسألة ۱): يشترط في صحة الصلاة أن يكون المصلّي مؤمنا (٦)، و أن يكون مأذونا من الوليّ على التفصيل الذي مرّ سابقا، فلا تصح من غير إذنه (۷) جماعة كانت أو فرادى (۸).

لاعتبار الإيمان في صحة العبادة.

تقدم في فصل الأعمال الواجبة المتعلقة بتجهيز الميت.

لإطلاق الدليل الشامل لهما، فما عن الروض- من اعتبار إذن الوليّ في الجماعة دون الفرادى، لوجوب أصل الصلاة كفاية فلا وجه لاعتبار الإذن- مردود، لما تقدم من عدم المنافاة بين الوجوب و اشتراط الإذن.

(مسألة ۲): الأقوى صحة صلاة الصبيّ المميّز، لكن في إجزائها عن المكلّفين البالغين إشكال (۹).

أمّا أصل الصحة، فللإطلاقات الشاملة للصبيّ أيضا. و حديث رفع‏ القلم إنّما ۱٦يرفع العقاب عند المخالفة دون أصل الصحة. و أما الإشكال، فلاحتمال انصراف الأدلة عنه، و قد تقدم منه (رحمه اللّه) في [المسألة ٥] من (فصل تجب المماثلة بين الغاسل و الميت) عدم استبعاده الإجزاء و لا فرق بين المسألتين.

(مسألة ۳): يشترط أن تكون بعد الغسل و التكفين (۱۰) فلا تجزئ قبلهما و لو في أثناء التكفين (۱۱)، عمدا كان أو جهلا أو سهوا (۱۲). نعم، لو تعذر الغسل و التيمم أو التكفين أو كلاهما لا تسقط الصلاة (۱۳). فإن كان مستور العورة فيصلّى عليه، و إلّا يوضع في القبر و تغطّى عورته بشي‏ء من التراب أو غيره و يصلّى عليه (۱٤). و وضعه في القبر على نحو وضعه خارجه للصلاة (۱٥)، ثمَّ بعد الصلاة يوضع على كيفية الدفن

للإجماع و السيرة، و يقتضيه ظاهر النصوص أيضا منها قول أبي جعفر عليه السّلام في موثق ابن سويد: «يغسّل، و يكفّن، و يصلّى عليه، و يدفن»۱۷.

و مثله صحيح ابن جعفر۱۸مع أنّ المقام من موارد دوران الأمر بين التعيين و التخيير و المشهور فيه هو الأول.

لظواهر الأدلة الظاهرة على أنّها بعد تمامية الغسل و التكفين. مضافا إلى سيرة المتشرعة و لولاهما لكان مقتضى الأصل عدم الاعتبار فتصح في أثناء التكفين أيضا بعد ستر العورة.

لفقد المشروط عند فقد شرطه إلّا أن يدل دليل على الخلاف و لا دليل عليه، إلّا احتمال أنّ المتيقن من الإجماع صورة العمد. و فيه: أنّ ظاهر الكلمات هو الإطلاق، أو احتمال التمسك بحديث الرفع. و فيه: أنّه لا يجري مع وجود إطلاق مورد الإجماع على اشتراط كون الصلاة بعدهما.

لظهور الإطلاق، و الاتفاق على أنّ اشتراط كونها بعد الغسل و التكفين إنّما هو مع فرض التمكن منهما.

لأنّه يشترط في صحة الصلاة على الميت ستر عورته نصّا، و إجماعا. قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في الموثق: «و لا يصلّى عليه و هو عريان حتّى توارى عورته»۱۹.

و حينئذ، فإن كان مكفّنا يجزي كفنه عن ستر عورته و إلّا فلا بدّ من مواراة عورته، و مقتضى إطلاق الخبر إجزاء المواراة بأيّ وجه اتفق، سواء كانت بوضع لبنة على عورته، أو إلقاء التراب، أو وضع الحشيش عليها، أو حفر حفيرة و وضعه فيها، أو غير ذلك مما يوجب حصول المقصود، إذ لا يعتبر في ستر العورة ساتر خاص و لكن عن الصادق عليه السّلام في موثق عمار في عراة وجدوا ميتا عاريا. قال عليه السّلام: «يحفر له و يوضع في لحده و يوضع اللبن على عورته فيستر عورته باللبن و الحجر ثمَّ يصلّى عليه ثمَّ يدفن. قلت: فلا يصلّى عليه إذا دفن. فقال عليه السّلام: لا يصلّى على الميت بعد ما يدفن و لا يصلّى عليه و هو عريان حتّى توارى عورته»۲۰.

و المنساق منه عرفا أنّه حيث لا بدّ من حفر قبر له و إقباره على أيّ تقدير يفعل ذلك تسهيلا على المكلّف فيستر عليه لا أن يكون ذلك من شرائط صحة الصلاة.

نعم، لا ريب في كون ما قاله عليه السّلام أنسب إلى احترام الميت و أقرب إلى الستر الكفني، و لكن الكلام في أنّ ذلك واجب أم لا؟ و الجمود على ظاهر النص يقتضي الأول و إن كانت المرتكزات تأبى عن ذلك بعد العلم بأنّ المناط كلّه استتار العورة بأيّ وجه حصل.

لإطلاق دليل وجوب الوضع بهذه الكيفية للصلاة مع الإمكان و لا يمكن التمسك بإطلاق موثق عمار على خلافها، لعدم كونه في مقام البيان لهذه الجهات.

(مسألة ٤): إذا لم يمكن الدفن لا يسقط سائر الواجبات من الغسل و التكفين و الصلاة- و الحاصل كلّ ما يتعذر يسقط و كلّ ما يمكن يثبت (۱٦)، فلو وجد في الفلاة ميت و لم يمكن غسله و لا تكفينه و لا دفنه يصلّى عليه و يخلّى، و إن أمكن دفنه يدفن.

لظهور الاتفاق، و بناء المتشرعة، و المستفاد من مجموع النصوص الواردة في التجهيزات من البدء إلى الختام، و تقتضيه قاعدة الميسور، و استصحاب الوجوب فيما كان التعذر لاحقا، و يتم في العذر السابق لعدم الفصل.

(مسألة ٥): يجوز أن يصلّي على الميت أشخاص متعددون فرادى في زمان واحد. و كذا يجوز تعدد الجماعة (۱۷)، و ينوي كلّ منهم الوجوب ما لم يفرغ منها أحد، و إلّا نوى بالبقية الاستحباب، و لكن لا يلزم قصد الوجوب و الاستحباب، بل يكفي قصد القربة مطلقا (۱۸).

لإطلاق دليل وجوبها كفاية، الشامل للواحد و المتعدد جماعة كانت أو فرادى، و صحة كونه داعيا للجميع فينطبق المأمور به على المأتيّ به قهرا واحدا كان أو متعددا، إماما أو مأموما، و هما معا أو فرادى.

أما صحة قصد الوجوب، فلعدم سقوط التكليف بعد. و أما قصد الندب بعد فراغ أحد منها، فهو مبني على مشروعية التكرار كما يأتي في [المسألة ۱٦] من (فصل شرائط صلاة الميت). و أما عدم اعتبار قصد الوجوب و الاستحباب مطلقا، فللأصل و الإطلاق بعد عدم دليل على اعتبارهما، و قد تكررت هذه المسألة مرارا.

(مسألة ٦): قد مرّ- سابقا (۱۹) أنّه إذا وجد بعض الميت فإن‏ كان مشتملا على الصدر أو كان الصدر وحده، بل أو كان بعض الصدر المشتمل على القلب، أو كان عظم الصدر بلا لحم وجب الصلاة عليه، و إلّا فلا. نعم، الأحوط الصلاة على العضو التام من الميت و إن كان عظما كاليد و الرّجل و نحوهما، و إن كان الأقوى خلافه (۲۰). و على هذا فإن وجد عضوا تاما و صلّى عليه ثمَّ وجد آخر فالظاهر الاحتياط بالصلاة عليه (۲۱)- أيضا- إن كان غير الصدر، أو بعضه مع القلب و إلّا وجبت (۲۲).

تقدم ما يتعلق بهذه المسألة في [المسألة ۱۲] من (فصل تغسيل الميت).

لأنّ منشأ احتمال الوجوب مرسل البرقي عن الصادق عليه السّلام:

«إذا وجد الرجل قتيلا، فإن وجد له عضو تام صلّي عليه و دفن، و إن لم يوجد له عضو تام لم يصلّ عليه و دفن»۲۱.

و لكنّه موهون بقصور السند، و إعراض الأصحاب، و الابتلاء بمعارض أقوى كما يأتي.

لأنّ الصلاة على العضو التام- على فرض وجوبها- يحتمل أن تكون هي الصلاة الواجبة على الميت المجتمع الأجزاء، و يحتمل أن تكون لكلّ عضو تام صلاة، فلا بدّ من الاحتياط، و لا يجري هذا الاحتمال في الصلاة على الصدر فيما لو وجد عضو تام آخر، لأنّ ظاهر الأخبار و الكلمات أنّ الصلاة على الصدر مجزية و لو وجد جزء آخر بعد ذلك.

لقوله عليه السّلام في خبر القلانسي و غيره: «صلّ على النصف الذي فيه القلب‏۲۲ و قوله عليه السّلام في مرفوعة البزنطي: «يصلّى على العضو الذي فيه القلب»۲۳.

و المراد به الصدر، كما تقدم.

(مسألة ۷): يجب أن تكون الصلاة قبل الدفن (۲۳).

للإجماع، و السيرة، و ما تقدم من موثق عمار و خبر محمد بن أسلم في الصلاة على العاري.

(مسألة ۸): إذا تعدد الأولياء في مرتبة واحدة وجب الاستئذان من الجميع على الأحوط (۲٤)، و يجوز لكلّ منهم الصلاة من غير الاستئذان من الآخرين، بل يجوز أن يقتدى بكلّ واحد منهم مع فرض أهليتهم جماعة.

يحتمل في هذا الحق أن يكون لكلّ واحد منهم مستقلا في عرض الآخر، فمن بادر و أعمل حقه لا يبقى موضوع لحق آخر، و يحتمل أن يكون حقا واحدا قائما بالمجموع، فلا أثر لإعمال واحد منهم حقه بدون إذن الآخر، و يحتمل التبعيض. و الأول و الأخير خلاف المتفاهم العرفي في نظائر المقام، فيتعيّن الوسط، و هو الموافق لقانون العدل و الإنصاف، و إطلاق أدلة ثبوت الولاية، و قد اختاره (رحمه اللّه) في [المسألة ٦] من (فصل مراتب الأولياء)، و لا فرق بينها و بين المقام. و على هذا يشكل الصلاة من كلّ واحد منهم مع عدم الاستئذان من الآخر، كما يشكل الاقتداء بكلّ واحد منهم مع عدم كون صلاة الإمام مأذونا بها من الآخرين.

(مسألة ۹): إذا كان الوليّ امرأة يجوز لها المباشرة من غير فرق بين أن يكون الميت رجلا أو امرأة، و يجوز لها الإذن للغير كالرجل من غير فرق (۲٥).

كلّ ذلك، للإطلاق، و ظهور الاتفاق، و نصوص خاصة:

منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «قلت: المرأة تؤم النساء؟ قال: لا، إلّا على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها، تقوم وسطهنّ في الصف معهنّ فتكبّر و يكبّرن»۲٤.

و قوله عليه السّلام: «إذا لم يكن أولى منها».

ليس شرطا لصحة جماعتها، بل هو شرط لصحة أصل صلاتها، لما تقدم من أنّه يعتبر في صحة التجهيزات الواجبة أن تكون إما من الوليّ، أو بإذنه. و أما خبر جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «إذا لم يحضر الرجل تقدمت امرأة وسطهنّ، و قام النساء عن يمينها و شمالها و هي وسطهنّ تكبّر حتّى تفرغ من الصلاة»۲٥.

الذي استدل به على اشتراط صلاتهنّ لعدم الرجال، فمخدوش بقصور السند، و إعراض الأصحاب، و وهن الدلالة، لاحتمال أن يكون المراد بعدم حضور الرجل عدم الحضور عند النساء لا عدم الحضور عند الميت أصلا.

ثمَّ إنّه يجوز للولي أن يأذن للمرأة أن تصلّي على الميت بلا فرق بين كونه ذكرا أو أنثى، لعدم اعتبار الذكورة في من يصلّي على الميت كما يجوز للولية أن تأذن للرجل للصلاة عليه أو تأذن لامرأة أخرى.

(مسألة ۱۰): إذا أوصى الميت بأن يصلّي عليه شخص معيّن (۲٦) فالظاهر وجوب إذن الوليّ، و الأحوط له الاستئذان من الوليّ، و لا يسقط اعتبار إذنه بسبب الوصية و إن قلنا بنفوذها و وجوب العمل بها.

تقدم ما يتعلق بهذه المسألة في [المسألة ۷] من (فصل مراتب الأولياء) و قد احتاط (رحمه اللّه) هناك في إذنهما معا و ظاهره (رحمه اللّه) هنا الجزم بوجوب إذن الوليّ له، و الجزم بعدم سقوط اعتبار إذنه، فيكون منافيا لما تقدم، و يمكن أن يكون مراده في المقام الوجوب و عدم السقوط في الإتيان في الجملة حتّى لا ينافي ما ذكره من الوجوب الاحتياطي و عدم السقوط كذلك فيما تقدم.

(مسألة ۱۱): يستحب إتيان الصلاة جماعة (۲۷). و الأحوط بل الأظهر اعتبار اجتماع شرائط الإمامة فيه (۲۸). من البلوغ، و العقل، و الإيمان، و العدالة، و كونه رجلا للرجال، و أن لا يكون ولد زنا. بل الأحوط اجتماع شرائط الجماعة أيضا (۲۹) من عدم الحائل، و عدم علومكان الإمام، و عدم كونه جالسا مع قيام المأمومين، و عدم البعد بين المأمومين و الإمام بعضهم مع بعض.

للإجماع، و السيرة قديما و حديثا، و الأخبار الواردة لبيان أحكام الجماعة في صلاة الميت و هي كثيرة، بل متواترة۲٦، و يظهر منها المفروغية عن رجحانها في صلاة الميت أيضا، مضافا إلى ما ورد في الترغيب إلى الجماعة الشامل بعمومها لكلّ صلاة ما لم يدل دليل على عدم جوازها فيها.

لأنّ الظاهر أنّ تلك الشرائط لطبيعة صلاة الجماعة مطلقا أينما تحققت من دون اختصاص لها بخصوص الفرائض. و احتمال- أن تكون الجماعة في صلاة الميت من مجرد الاجتماع كيفما تحققت، كالاجتماع للدعاء من دون أن تكون من الجماعة المعهودة في الشريعة- لا وجه له، كما أنّ انتفاء بعض أحكامها في جماعة الميت لدليل خاص لا يدل على انتفاء بقية الشرائط، فينفى ما نفي من الشرائط بالدليل الخاص و يبقى الباقي.

و بالجملة المعهود عند المسلمين أنّ الجماعة فيها هي الجماعة في الفرائض من غير فرق إلّا مع الدليل عليه، كما يأتي.

ثمَّ إنّه لا تعتبر الجماعة في صحة الصلاة على الميت، للإطلاق و الاتفاق و خبر اليسع سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصلّي على جنازة وحده؟

قال عليه السّلام: نعم. قلت: فاثنان يصليان عليها؟ قال عليه السّلام: نعم، و لكن يقوم الآخر خلف الآخر و لا يقوم بجنبه»۲۷.

لما تقدم في سابقة، و لا وجه للتفكيك بينها و بين شرائط الإمامة بجعل الأول أظهر دون الأخير.

ثمَّ إنّه لو فقدت شرائط الإمامة أو الجماعة من الابتداء أو في الأثناء تسقط الصلاة على الميت عن البقية، لفرض صحة صلاة الإمام فلا يبقى الموضوع للوجوب على البقية.

(مسألة ۱۲): لا يتحمل الإمام في الصلاة على الميت شيئا عن المأمومين (۳۰).

لأنّ موضوع التحمل إنّما هو القراءة فقط و لا قراءة في صلاة الأموات حتّى يتحملها الإمام و حينئذ فمقتضى إطلاق ما دلّ على اعتبار التكبيرات و الدعاء وجوب الإتيان بها على المأمومين أيضا، مضافا إلى ظهور الإجماع على عدم السقوط.

(مسألة ۱۳): يجوز في الجماعة أن يقصد الإمام و كلّ واحد من المأمومين الوجوب، لعدم سقوطه ما لم يتم واحد منهم (۳۱).

لانطباق طبيعة صلاة الميت على صلاة الجميع، فتتصف بالوجوب لا محالة ما لم يسقط الأمر.

(مسألة ۱٤): يجوز أن تؤم المرأة جماعة النساء. و الأولى بل الأحوط أن تقوم في صفهنّ و لا تتقدم عليهنّ (۳۲).

قد تقدم ما يدل على ذلك في [المسألة ۹]، و ظاهر ما تقدم من صحيح زرارة و غيره و إن كان وجوب قيامها وسطهنّ و عدم التقدم عليهنّ و لكن لم ينقل التصريح به عن أحد و إن نسبه في محكيّ كاشف اللثام- إلى ظاهر الأكثر- فكأنّ الفقهاء (رحمهم اللّه) لم يفهموا من التوسط الوارد في مثل صحيح زرارة الحكم الإلزامي بقرينة المطلقات الآبية عن التقييد. نعم، عدم التقدم موافق لما اهتم به الشرع من عدم تبرز النساء مطلقا و ذلك يصلح للكراهة دون الحرمة إلّا أن يدل دليل معتبر عليها، و منه يظهر وجه الاحتياط.

(مسألة ۱٥): يجوز صلاة العراة على الميت فرادى و جماعة (۳۳) و مع الجماعة يقوم الإمام في الصف كما في جماعة النساء، فلا يتقدم و لا يتبرز (۳٤) و يجب عليهم ستر عورتهم، و لو بأيديهم (۳٥) و إذا لم يمكن يصلّون جلوسا (۳٦).

لظهور الإطلاق و الاتفاق الشاملين للعراة و غيرهم.

للتحفظ على عورته من أن يراها غيره.

لوجوب سترها عن النظر نصّا و إجماعا بل ضرورة من الدّين، و إن لم يجب اعتبار ستر العورة في أصل صلاة الميت، كما يأتي، و على هذا لو فرض الأمن من النظر لا يجب الستر.

لأهمية رعاية حفظ العورة عن النظر الذي لا بدل له عن القيام الصّلاتي الذي يكون له البدل. و خلاصة القول: إنّه لا يعتبر ستر العورة في الصلاة على الميت من حيث الصلاتية- كما يأتي- و إنّما يجب حفظها عن النظر فقط، و حينئذ فمقتضى القاعدة أنّه لو أمكن للعاري الصلاة على الميت مع الأمن من المطلع فرادى أو جماعة بأن كان في ظلام لا يرى بعضهم بعضا تصح الصلاة جماعة كانت أو فرادى، و إن لم يمكن الحفظ بنحو الجماعة و أمكن بالفرادى تعيّن الأخير. و إن لم يمكن الحفظ بكلّ واحد منهما تعيّن الجلوس، لأنّ حفظ العورة عن النظر أهمّ من القيام بلا فرق بين الفرادى و الجماعة و حيث لا نصّ في خصوص المقام، فلا بدّ من العمل على طبق القاعدة.

نعم، وردت النصوص في كيفية صلاة العراة في اليومية، من أنّهم يجلسون جميعا في صف واحد و يتقدمهم الإمام و لو بركبتيه و يومي للركوع و السجود على ما يأتي من التفصيل، و لا ربط لها بصلاة الأموات التي ليس لها ركوع و لا سجود.

و أما كلمات الأصحاب، فنسب إليهم إطلاق القول: بأنّ جماعة الرجال العراة في صلاة الميت كجماعة الرجال في اليومية في أنّهم يقفون في صف واحد و لا يتقدمهم الإمام، و لكن لا بدّ من تنزيل إطلاق كلماتهم الشريفة على ما قلناه، و يأتي في [المسألة ٤٥] في فصل شرائط لباس المصلّي ما يتعلق بصلاة العراة.

(مسألة ۱٦): في الجماعة من غير النساء و العراة الأولى أن يتقدم الإمام و يكون المأمومون خلفه (۳۷)، بل يكره وقوفهم إلى جنبه و لو كان المأموم واحدا (۳۸).

إجماعا و يأتي التفصيل في (فصل مندوبات صلاة الجماعة).

لخبر اليسع قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصلّي على جنازة وحده؟ قال: نعم. قلت: فاثنان يصليان عليها؟ قال: نعم، و لكن يقوم الآخر خلف الآخر و لا يقوم بجنبه»۲۸.

و هذا أحد موارد الخلاف بين صلاة الجماعة في صلاة الميت و الجماعة في الفرائض حيث إنّه يستحب أن يقف المأموم عن يمين الإمام إن كان رجلا واحدا، و في المقام يقف خلفه و إن كان رجلا واحدا و الفارق النص.

(مسألة ۱۷): إذا اقتدت المرأة بالرجل يستحب أن تقف خلفه (۳۹)، و إذا كان هناك صفوف الرجال وقفت خلفهم (٤۰) و إذا كانت‏ حائضا بين النساء وقفت في صف وحدها (٤۱).

لما تقدم في المسألة السابقة فإنّه يشمل المرأة أيضا، لقاعدة الاشتراك.

للإجماع، و لما يأتي في (فصل مندوبات الجماعة)، و لخبر السكوني عن الصادق عليه السّلام: «قال: قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: خير الصفوف في الصلاة المقدم و خير الصفوف في الجنائز المؤخر. قيل:

يا رسول اللّه و لم؟ قال صلّى اللّه عليه و آله: صار سترة للنساء»۲۹.

و يعني أنّ تأخرهنّ عن الرجال في صلاة الجنائز سترة لهنّ، و ما عن‏ المجلسي (رحمه اللّه)- من أنّ المراد بالجنائز نفسها لا الصلاة عليها- لا يناسب التعليل.

لصحيح ابن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحائض تصلّي على الجنازة؟ قال: نعم، و لا تصف (تقف) معهم».

و في رواية الشيخ: «و لا تصف (تقف) معهم تقف مفردة»۳۰.

و مثله خبر عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه‏۳۱. و قوله عليه السّلام في موثق سماعة: «تقوم وحدها بارزة عن الصف»۳۲.

و غيرها من الأخبار.

(مسألة ۱۸): يجوز في صلاة الميت العدول من إمام إلى إمام في الأثناء، و يجوز قطعها أيضا اختيارا، كما يجوز العدول عن الجماعة إلى الانفراد (٤۲)، لكن بشرط أن لا يكون بعيدا عن الجنازة بما يضرّ، و لا يكون بينه و بينها حائل و لا يخرج عن المحاذاة لها (٤۳).

كلّ ذلك للأصل بعد عدم دليل على المنع. و ما يقال: من أنّ مقتضى أصالة عدم الانعقاد، عدم صحة العدول من إمام إلى إمام آخر.

مخدوش: لأنّها معارضة بأصالة بقاء هيئة الجماعة و قصدها- و هي مقدمة عليها- و على فرض التساقط، فالمرجع أصالة الجواز، مع أنّ ما دلّ على عدم جواز العدول من إمام إلى آخر اختيارا إنّما هو في الجماعة التي يتحمل فيها الإمام عن المأموم لا مثل المقام الذي لا تحمل فيه لشي‏ء أبدا- و هذا أيضا أحد موارد الفرق بين هذه الجماعة و الجماعة في الفرائض- و لكن مع ذلك فالأحوط أن لا يعدل من إمام إلى آخر، إلّا إذا عرض للإمام الأول عارض لا يقدر على الإتمام، كما في الجماعة اليومية على ما يأتي تفصيله في [المسألة ۱٤] من فصل صلاة الجماعة. و على أيّ تقدير لو عدل تصح صلاته لو استجمعت الشرائط، لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع، فتشملها الأدلة، و كذا في الصلاة اليومية لو عدل و لم يخل بوظيفة المنفرد.

ثمَّ إنّ ما يمكن أن يقال وجها لعدم جواز قطعها اختيارا إنّما هو الإجماع على عدم جواز قطع الصلاة، و الآية الكريمة (لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ)‏ ۳۳و هما مخدوشان: بأنّ المتيقن من الإجماع على عدم جواز قطع الصلاة- على فرض الثبوت- اليومية، و المقصود من الآية إنّما هو الإحباط لا إبطال كلّ عمل، و إلّا لزم تخصيص الأكثر.

كلّ ذلك لبطلان المشروط بفقد الشرط إلّا أن يدل دليل على الخلاف و لا دليل عليه، و يأتي ما يدل على اشتراط المحاذاة و عدم الحائل.

(مسألة ۱۹): إذا كبّر قبل الإمام في التكبير الأول له أن ينفرد و له أن يقطع و يجدده مع الإمام (٤٤)، و إذا كبّر قبله فيما عدا الأول له أن ينوي الانفراد و أن يصبر حتّى يكبّر الإمام فيقرأ معه الدعاء (٤٥)، لكن‏ الأحوط إعادة التكبير بعد ما كبّر الإمام، لأنّه لا يبعد (٤٦) اشتراط تأخرالمأموم عن الإمام في كلّ تكبيرة. أو مقارنته معه و بطلان الجماعة مع التقدم و إن لم تبطل الصلاة (٤۷).

أما صحة الانفراد فلفرض أنّه لم يدخل في الجماعة بعد، لأنّه كبّر قبل الإمام فيصح له البقاء، للإطلاق و الاتفاق و الأصل و منه يظهر أن تسمية ذلك بالانفراد مسامحة، لفرض أنّه كان منفردا من الابتداء.

و أما جواز القطع فلما تقدم في المسألة السابقة من جواز القطع اختيارا.

و يحتمل وجه ثالث: و هو اللحوق بالإمام في بقية التكبيرات بناء على أنّ عدم جواز الايتمام في أثناء الصلاة يختص بخصوص اليومية كما لا يبعد.

أما جواز الانفراد هنا، فللأصل، و لجوازه في اليومية، فيكون في صلاة الأموات- التي لا تستحق إطلاق اسم الصلاة عليها إلّا بالعناية- بالأولى.

و أما الصبر و اللحوق مع الإمام فمقتضى الأصل و الإطلاق جوازه مطلقا إلّا  مع ورود دليل على المنع و لا دليل كذلك ما دامت هيئة الجماعة باقية. نعم، لو زالت الهيئة فتبقى الجماعة بلا موضوع حينئذ، و يأتي في فصل أحكام الجماعة في [المسألة ۸] من التقدم على الإمام في الجملة لا يوجب بطلان القدوة و إن أثم مع العمد، فيصح اللحوق مطلقا.

لدعوى: أنّ كلّ واحدة من تلك التكبيرات كتكبيرة الإحرام في الصلوات اليومية، فكما لا يجوز فيها تقديم المأموم على الإمام- على ما يأتي تفصيله في [المسألة ۱۳] من (فصل أحكام الجماعة)- فكذا في المقام. هذا و لكنّه من مجرد الدعوى و لا دليل على صحتها، بل مقتضى ظواهر الأدلة خلافه، مع أنّه مبنيّ على صحة اللحوق بالجماعة في أثناء هذه الصلاة. و هو مخدوش عند بعض و إن لم نستبعد صحته في هذه الصلاة.

ثمَّ إنّ التقدم على الإمام إما أن يكون سهوا، أو ظنا، أو عن عمد و لم يستشكل في استحباب الإعادة- في الأولين- أحد لدرك فضيلة الجماعة أو لما يأتي من الرواية، أو للإلحاق باليومية في الجملة كما يأتي في [المسألة ۹] من (فصل أحكام الجماعة).

و أما في الأخير، فاستشكلوا عليه بأنّ الإعادة من الزيادة العمدية و هي توجب البطلان.

و فيه: أنّ دليل مبطلية الزيادة العمدية- على فرض شموله لصلوات الأموات- لا يشمل مثل هذه الزيادة التي يؤتى بها لدرك متابعة الإمام و فضيلة الجماعة و لا أقل من الشك في ذلك، فلا يصح التمسك بالعموم حينئذ، لكونه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، فالمرجع استصحاب الصحة.

ثمَّ إنّه قد استدل على استحباب الإعادة مطلقا، برواية الحميري عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يصلّي له أن يكبّر قبل الإمام؟ قال عليه السّلام: لا يكبّر إلّا مع الإمام، فإن كبّر قبله أعاد التكبير»۳٤.

و لكن لا دلالة له على حكم المقام، إلّا أنّ الحميري ذكره في باب صلاة الجنازة، و لو شمل التسامح في المندوبات هذا النحو من التسامح أيضا، لكان دليلا له مضافا إلى فتوى جمع من الفقهاء منهم المحقق (رحمه اللّه) بالاستحباب مطلقا.

لفرض أنّه أتى بها جامعة للشرائط، و لا ملازمة بين بطلان الجماعة و بطلان الصلاة إلّا مع الإخلال بشي‏ء منها.

(مسألة ۲۰): إذا حضر الشخص في أثناء صلاة الإمام له أن يدخل (٤۸) في الجماعة فيكبّر بعد تكبير الإمام الثاني أو الثالث- مثلا- و يجعله أول صلاته و أول تكبيراته فيأتي بعده بالشهادتين و هكذا على الترتيب بعد كلّ تكبيرة من الإمام يكبّر و يأتي بوظيفته من الدعاء، و إذا فرغ الإمام يأتي بالبقية فرادى و إن كان مخففا (٤۹). و إن لم يمهلوه أتى‏ ببقية التكبيرات ولاء من غير دعاء (٥۰). و يجوز إتمامها خلف الجنازة (٥۱) إن أمكن الاستقبال و سائر الشرائط.

لظهور تسالم الفقهاء عليها، بل عن الخلاف دعوى الإجماع، و يمكن دعوى دلالة النصوص الآتية عليه بالملازمة العرفية.

لإطلاقات الأدلة، مضافا إلى الإجماع، و نصوص خاصة، ففي صحيح العيص: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يدرك من الصلاة على الميت تكبيرة. قال عليه السّلام: يتمم ما بقي»۳٥.

و عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يدرك تكبيرة أو تكبيرتين على ميت كيف يصنع؟ قال عليه السّلام: يتم ما بقي من تكبيرة و يبادر رفعه، و يخفف»۳٦.

و في خبر جابر: «قلت: أرأيت إن فاتتني تكبيرة أو أكثر؟ قال عليه السّلام: تقضي ما فاتك»۳۷.

و في خبر الشحام قال عليه السّلام: «يكبر ما فاته»۳۸.

و هذه الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض لا تنافي المطلقات أيضا.

و أما قول الصادق عليه السّلام في خبر إسحاق: «إنّ عليا عليه السّلام كان يقول: لا يقضى ما سبق من تكبير الجنائز»۳۹.

فموهون بإعراض الأصحاب، و موافقة العامة، مع إمكان حمله على القضاء بنحو آخر غير ما تقدم في النصوص و لا ريب في ظهورها- غير صحيح ابن جعفر- في الإتيان بالتكبيرات و الدعوات بعد فراغ الإمام مع الإمهال. إنّما الكلام في صحّة إتيان التكبيرات متتابعا و ولاء حتّى مع الإمهال و عدمها، مقتضى صريح جمع و ظاهر آخرين منهم المحقق (رحمه اللّه) هو الأول: لصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «إذا أدرك الرجل التكبيرة أو التكبيرتين من الصلاة على الميت، فليقض ما بقي متتابعا»٤۰.

و قريب منه ما تقدم من خبر عليّ بن جعفر، بحملهما على أصل الصحة و الجواز و حمل ما يظهر منه الإتيان بالدعوات على الأفضلية كما هو المشهور فيما ورد في المندوبات. و ذهب جمع- بل نسب إلى الأكثر- إلى الثاني، لحمل مثل صحيح الحلبي على مورد عدم الإمهال و هو الأحوط، فيأتي بالدعوات مع الاختصار على أقلّ المجزي إن لم ترفع الجنازة و تحقق سائر الشرائط.

بلا إشكال فيه من أحد، و هو المتيقن مما تقدم من صحيح الحلبي.

لمرسل القلانسي عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الرجل يدرك مع‏ الإمام في الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين، فقال عليه السّلام: يتم التكبيرة و هو يمشي معها فإذا لم يدرك التكبير كبّر عند القبر فإن كان أدركهم و قد دفن كبّر على القبر»٤۱.

و مقتضى إطلاقه استحباب ذلك حتّى مع فقد الشرائط، كما هو الغالب بعد رفع الجنازة.

(۱) الوسائل باب: ۳۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۳.

(۲) الوسائل باب: ۳۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲.

(۳) الوسائل باب: ۳۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(٤) الوسائل باب: ۳۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٤.

(٥) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب غسل الميت حديث: ٤.

(٦) سورة التوبة: ۸٤.

(۷) الوسائل باب: ۱۳ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۸) الوسائل باب: ۱۳ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٤.

(۹) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۱۰) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲.

(۱۱) الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۱۲) الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲.

(۱۳) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٥.

(۱٤) الوسائل باب: ۱٥ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۳.

(۱٥) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٦.

۱٦) الوسائل باب: ٤ من أبواب مقدمة العبادات حديث: ۱۱.

(۱۷) الوسائل باب: ۳۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٥.

(۱۸) الوسائل باب: ۳۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۱۹) الوسائل باب: ۳٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۲۰) الوسائل باب: ۳٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۲۱) الوسائل باب ۳۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۹.

(۲۲) الوسائل باب ۳۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱۱.

(۲۳) الوسائل باب ۳۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱۲.

(۲٤) الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۲٥) الوسائل باب: ۲٥ من أبواب صلاة الجنازة حديث ٤.

(۲٦) راجع الوسائل باب: ۱۱ و ۱٦ و ۱۷ من أبواب صلاة الميت.

(۲۷) الوسائل باب: ۲۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۲۸) تقدم آنفا في صفحة: ۱۱۲.

(۲۹) الوسائل باب:؟؟ ۲ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۳۰) الوسائل باب: ۲۲ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۳۱) الوسائل باب: ۲۲ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۳.

(۳۲) الوسائل باب: ۲۲ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٥.

(۳۳) سورة محمد: ۳۳.

(۳٤) الوسائل باب: ۱٦ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(۳٥) الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲.

(۳٦) الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۷.

(۳۷) الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٤.

(۳۸) الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۳.

(۳۹) الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٦.

(٤۰) الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۱.

(٤۱) الوسائل باب: ۱۷ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ٥.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"