1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطهارة
  10. /
  11. فصل في الدفن
يجب كفاية دفن الميت (۱)، بمعنى مواراته في الأرض، بحيث يؤمن على جسده من السباع، و من إيذاء ريحه للناس (۲)، و لا يجوزوضعه في بناء أو في تابوت- و لو من حجر- بحيث يؤمن من الأمرين مع القدرة على الدفن تحت الأرض (۳). نعم، مع عدم الإمكان لا بأس بهما (٤). و الأقوى كفاية مجرد المواراة في الأرض بحيث يؤمن من الأمرين من جهة عدم وجود السباع، أو عدم وجود الإنسان هناك (٥)، لكن الأحوط كون الحفيرة على الوجه المذكور و إن كان الأمن حاصلا بدونه (٦).

بضرورة من الدين، و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في صحيح الفضل: «إنّما أمر بدفن الميت لئلا يظهر الناس على فساد جسده، و قبح منظره، و تغيير رائحته، و لا يتأذى الأحياء بريحه و ما يدخل عليه من الآفة و الفساد، و ليكون مستورا عن الأولياء و الأعداء فلا يشمت عدوه و لا يحزن صديقه»۱.

ثمَّ إنّه يرد على الماتن أنّه قيد وجوب الغسل بخصوص المسلم، و صرّح بعدم جواز تغسيل الكافر، و لم يتعرض في التكفين و في المقام له، و لا بدّ من تقييده. نعم، لو فرض انطباق عنوان خارجي على دفن غير المسلم وجب لذلك.

لأنّ هذا هو المعهود في كلّ ملة يدفنون موتاهم في الأرض من المسلمين و غيرهم، و لا تنزل الأدلة من الإجماع و غيره إلّا إلى ما هو المعهود بين الناس. إنّما الكلام في أنّ لهذه الكيفية موضوعية خاصة. فلا يجزي غيرها و إن ترتب عليه هذا الأثر، أو كان أحسن و أقوى، أو أنّ لهذه الكيفية طريقة لحفظ الجسد عن الحادثة، و حفظ الناس عن الرائحة، فيحصل بكلّ ما أفاد هذه الفائدة، وجهان، بل قولان: أحوطهما الأول جمودا على سيرة المتشرعة، بل‏ كلّ ملة تدفن موتاها، هذا إذا كان ذلك دفنا حقيقة. و أما إذا كان ذلك إيداعا حتّى يدفن بعد ذلك فيأتي حكمه في الحادي و العشرين من مكروهات الدفن.

لعدم صدق الدفن المعهود على ذلك كلّه.

فيجب ذلك بلا خلاف فيه من أحد، و تقتضيه قاعدة الميسور.

لتحقق المواراة، و ثبوت حكمة الدفن فيتحقق الامتثال لا محالة.

جمودا على كلمات الفقهاء، و تنزل الأدلة على المعهود المتعارف مهما أمكن.

(مسألة ۱): يجب كون الدفن مستقبل القبلة (۷)، على جنبه الأيمن (۸)، بحيث يكون رأسه إلى المغرب، و رجلاه إلى المشرق (۹). و كذا في الجسد بلا رأس، بل في الرأس بلا جسد، بل في الصدر وحده، بل في كلّ جزء يمكن فيه ذلك (۱۰).

للنص و الإجماع، بل الضرورة من المذهب. قال الصادق عليه السّلام في الصحيح: «كان البراء بن معرور الأنصاري بالمدينة و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بمكة و إنّه حضره الموت و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و المسلمون يصلّون إلى بيت المقدس، فأوصى البراء إذا دفن أن يجعل وجهه تلقاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله إلى القبلة، فجرت به السنّة»۲.

و المراد بالسنّة هنا الوجوب الثابت بغير الكتاب بقرينة الإجماع على الوجوب، و خبر الدعائم الآتي.

لخبر الدعائم عن عليّ عليه السّلام: «شهد رسول اللّه صلى اللّه عليه‏ و آله جنازة رجل من بني عبد المطلب فلما أنزلوه في قبره، قال عليه السّلام:

أضجعوه في لحده على جنبه الأيمن مستقبل القبلة و لا تكبوه لوجهه، و لا تلقوه لظهره»۳.

و في الرضوي قال عليه السّلام: «ثمَّ ضعه على يمينه مستقبل القبلة»٤.

مضافا إلى الإجماع. و من عبّر بالسنّة- كما عن ابن الجنيد- يمكن أن يكون مراده ما ثبت بغير الكتاب.

لا دليل له إلّا ظهور الإجماع، و دعوى أولوية هذه الكيفية في حال الدفن عن حال الصلاة عليه.

فرع: إذا اشتبهت الرؤوس و الأبدان و لم يعلم التعيين، فالأحوط دفن كلّ رأس مع كلّ بدن رجاء، لاحتمال أن يكون الرأس من هذا البدن. و كذا في سائر الأعضاء.

لقاعدة الميسور خصوصا في هذا الحال التي تشتد الحاجة فيها للتوسل إلى كلّ ما يرجى فيه النفع و الثواب.

(مسألة ۲): إذا مات ميت في السفينة فإن أمكن التأخير ليدفن في الأرض بلا عسر وجب ذلك (۱۱)، و إن لم يمكن- لخوف فساده، أو لمنع مانع- يغسّل و يكفّن و يحنّط و يصلّى عليه و يوضع في خابية و يوكأرأسها و يلقى في البحر (۱۲) مستقبلا القبلة على الأحوط، و إن كان الأقوى عدم وجوب الاستقبال (۱۳). أو يثقل الميت بحجر أو نحوه بوضعه في رجله و يلقى في البحر كذلك (۱٤). و الأحوط مع الإمكان اختيار الوجه الأول (۱٥) و كذا إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره‏و تمثيله (۱٦).

مقدمة لدفنه الواجب مع الإمكان، و انصراف ما دل على الإلقاء في البحر عن صورة إمكان الوصول إلى البر.

إجماعا، و نصّا مستفيضا، و لأنّه لا يمكن حفظ حرمته و عدم انتهاكه بغير ذلك، فعن الصادق عليه السّلام: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا مات الميت في البحر غسّل و كفّن و حنّط ثمَّ يصلّى عليه، ثمَّ يوثق في رجله حجر و يرمى به في الماء»٥.

و في الصحيح، سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام: «عن رجل مات و هو في السفينة في البحر، كيف يصنع به؟ قال عليه السّلام: يوضع في خابية و يوكى رأسها و تطرح في الماء»٦.

و في مرسل أبان في الرجل يموت مع القوم في البحر، فقال: «يغسل و يكفّن و يصلّى عليه و يثقّل و يرمى به في البحر»۷.

منشأ احتمال الوجوب تنزيل ذلك منزلة الوضع في القبر، و قاعدة الميسور. و لكنّه بعيد عن الأذهان العرفية مع خلو أدلة المقام عن التعرض له، فالمرجع إطلاق أدلة الإلقاء في البحر و أصالة البراءة.

لأنّ الظاهر أنّه ليس للوضع في الخابية خصوصية خاصة و إنّما هو من إحدى طرق الإلقاء في البحر و الوصول إلى داخل الماء و عدم الوقوف في سطحه، و كلّما أفاد هذه الفائدة يصح إعماله. و قال الصادق عليه السّلام في عمه زيد:

«أ فلا أوقرتموه حديدا و قذفتموه في الفرات و كان أفضل»۸.

لأنّه أحفظ للميت عن الحيوانات و أقرب إلى حفظ حرمته و منعه عن الآفات.

لخبر سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام قال: «كيف صنعتم بعمّي زيد؟ قلت: إنّهم كانوا يحرسونه فلما شف الناس أخذنا جثته فدفناه في جرف على شاطئ الفرات فلما أصبحوا جالت الخيول يطلبونه فوجدوه، فأحرقوه. فقال عليه السّلام: «أ فلا أوقرتموه حديدا و ألقيتموه في الفرات، صلّى اللّه عليه و لعن قاتله»۹.

إن قلت: في إلقائه في البحر أيضا يخاف عليه من الحيوانات البحرية.

قلت: الخوف منها كالخوف من حيوانات القبر، فيكون مدار الإلقاء في البحر هو الخوف من التمثيل و التنكيل في ظاهر الأرض و سطحه لا ما يفعل بالميت في داخل القبر و الماء من الحيوانات.

(مسألة ۳): إذا ماتت كافرة كتابية أو غير كتابية و مات في بطنها ولد من مسلم بنكاح أو شبهة، أو ملك يمين- تدفن مستدبرة للقبلة على جانبها الأيسر، على وجه يكون الولد في بطنها مستقبلا (۱۷). و الأحوط العمل بذلك في مطلق الجنين و لو لم تلج الروح فيه، بل‏ لا يخلو عن قوة (۱۸).

لوجوب دفن المسلم مطلقا مستقبل القبلة و لا يحصل إلّا بذلك، و لا دليل على شق البطن و إخراج الجنين، بل مقتضى الأصل و المرتكزات عدم جوازه مع إمكان تحصيل الاستقبال بهذا النحو و يدل على عدم جواز شق البطن خبر يونس قال: «سألت الرضا عليه السّلام عن الرجل يكون له الجارية اليهودية و النصرانية فيواقعها فتحمل ثمَّ يدعوها إلى أن تسلم فتأبى عليه فدنا ولادتها فماتت و هي تطلق و الولد في بطنها و مات الولد، أ يدفن معها على النصرانية، أو يخرج منها و يدفن على فطرة الإسلام؟ فكتب: يدفن معها»۱۰.

لكنّه لا بدّ من تقييد إطلاقه بما مر من لزوم تحصيل الاستقبال بالنسبة إلى الجنين.

لتغليب جانب الإسلام مهما أمكن.

فرع: لو ماتت المرأة المسلمة مع جنينها في بطنها، فلا إشكال في وجوب دفن المرأة مستقبلة القبلة، و هل يجب تقليب الجنين مع الإمكان عرفا مقدمة لاستقباله، أو يجب إخراجه إن أمكن بسهولة، أو يدفن مع كونه في رحم أمه و لو كان مستدبر القبلة؟ الظاهر هو الأول مع عدم المحذور مقدمة لتحصيل الاستقبال بالنسبة إلى الجنين أيضا.

(مسألة ٤): لا يعتبر في الدفن قصد القربة (۱۹)، بل يكفي دفن الصبيّ إذا علم أنّه أتى به بشرائطه و لو علم أنّه ما قصد القربة.

للأصل و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، بل يكفي حصوله بمثل الريح أيضا مع تحقق الشرائط.

(مسألة ٥): إذا خيف على الميت من إخراج السبع إياه وجب إحكام القبر بما يوجب حفظه- من القير و الآجر و نحو ذلك- كما أنّ في السفينة إذا أريد إلقاؤه في البحر لا بدّ من اختيار مكان مأمون من بلع حيوانات البحر إياه بمجرد الإلقاء (۲۰).

كلّ ذلك تحفظا على الغرض من الدفن مهما أمكن و هو عدم العرضة للفساد حتّى المقدور.

(مسألة ٦): مئونة الإلقاء في البحر من الحجر، أو الحديد الذي يثقّل به، أو الخابية التي يوضع فيها- تخرج من أصل التركة، و كذا في الآجر و القير و الساروج في موضع الحاجة إليها (۲۱).

لما تقدم في [المسألة ۱۹] من فصل التكفين فراجع، إذ المقام متحد معها.

(مسألة ۷): يشترط في الدفن أيضا إذن الولي كالصلاة و غيرها (۲۲).

إجماعا و نصّا۱۱تقدم في فصل الأعمال الواجبة المتعلقة بتجهيز الميت.

(مسألة ۸): إذا اشتبهت القبلة يعمل بالظن (۲۳)، و مع عدمه أيضا يسقط وجوب الاستقبال (۲٤)، إن لم يمكن تحصيل العلم و لو بالتأخير على وجه لا يضر بالميت و لا بالمباشرين.

لانحصار طريق الامتثال فيه عرفا، فيجب قهرا.

لعدم التمكن من امتثال الاستقبال، فيسقط التكليف به، و مع إمكان التأخير وجب ذلك، لإطلاق الأدلة.

(مسألة ۹): الأحوط إجراء أحكام المسلم على الطفل المتولد من الزنا من الطرفين إذا كانا مسلمين، أو كان أحدهما مسلما (۲٥). و أما إذا كان الزنا من أحد الطرفين و كان الطرف الآخر مسلما فلا إشكال في‏ جريان أحكام المسلم عليه (۲٦).

لعدم ثبوت كفر ولد الزنا. و ما دل على نفي التبعية۱۲ إنّما هو بالنسبة إلى الإرث فقط لا سائر الجهات، و قد تقدم في [المسألة ۱] من نجاسة الكافر فراجع. و يمكن أن يقال: إنّ التبعية الدينية من فروع التبعية التكوينية لا الإرثية الشرعية، و يشهد له تغليب الفقهاء حكم الإسلام مهما أمكنهم ذلك.

لثبوت التبعية الشرعية و التكوينية بالنسبة إلى غير الزاني فتشمله أحكام الإسلام لا محالة.

(مسألة ۱۰): لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكفار، كما لا يجوز العكس أيضا (۲۷). نعم، إذا اشتبه المسلم و الكافر. يجوز دفنهما في مقبرة المسلمين (۲۸)، و إذا دفن أحدهما في مقبرة الآخرين يجوز النبش، أما الكافر فلعدم الحرمة له، و أما المسلم فلأنّ مقتضى احترامه عدم كونه مع الكفار.

إجماعا في الصورتين مع أنّه هتك بالنسبة إلى المسلم، مضافا إلى أنّه معرض لوحشة المسلم لما ينزل على الكافر من العذاب.

لظهور الاتفاق، و هذا من إحدى موارد تغليب جانب الإسلام.

(مسألة ۱۱): لا يجوز دفن المسلم في مثل المزبلة و البالوعة و نحوهما مما هو هتك لحرمته (۲۹).

للإجماع، و ما دل على أنّ حرمة المسلم ميتا كحرمته حيّا، و قد تقدم۱۳.

(مسألة ۱۲): لا يجوز الدفن في المكان المغصوب (۳۰)، و كذا في الأراضي الموقوفة لغير الدفن فلا يجوز الدفن في المساجد و المدارس و نحوهما، كما لا يجوز الدفن في قبر الغير قبل اندراس ميته (۳۱).

بضرورة من المذهب بل الدين، و لو عصى و دفن فيه يجب النبش، كما يأتي.

كلّ ذلك لعدم جواز التصرف فيما يتعلق بالغير عينا أو منفعة أو حقا، مضافا إلى سيرة المتشرعة- خلفا عن سلف- على عدم الدفن في المساجد و المدارس و نحوهما، و عدم الدفن في قبر الغير قبل الاندراس و المرجع في الاندراس العرف، و الظاهر اختلافه باختلاف الأمكنة و سائر الجهات، و لو شك فيه فمقتضى الأصل عدمه فلا يجوز الدفن في مشكوك الاندراس، و يأتي بقية الكلام في أحكام النبش. و ما ورد في دفن الأنبياء بين الركن و المقام، و دفن إسماعيل بناته في الحجر۱٤ يمكن أن يكون قبل عروض المسجدية لما حول الكعبة المشرفة و يشهد له بعض الأخبار۱٥.

(مسألة ۱۳): يجب دفن الأجزاء المبانة من الميت (۳۲) حتّى الشعر و السنّ و الظفر (۳۳). و أما السنّ أو الظفر من الحيّ فلا يجب‏ دفنهما (۳٤) و إن كان معهما شي‏ء يسير من اللحم. نعم، يستحب دفنهما، بل يستحب حفظهما حتّى يدفنا معه، كما يظهر من وصية مولانا الباقر للصادق عليهما السّلام. و عن أمير المؤمنين عليه السّلام: أنّ النبيّ صلوات اللّه عليه و آله أمر بدفن أربعة: الشعر و السن و الظفر و الدم. و عن عائشة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أنّه أمر بدفن سبعة أشياء: الأربعة المذكورة و الحيض و المشيمة و العلقة.

إجماعا و نصّا، قال أبو جعفر في موثق عمار: «إنّ عليا وجد قطعا من ميت فجمعت ثمَّ صلّى عليها، ثمَّ دفنت»۱٦.

و كذا يدل عليه ما دل على وجوب دفن الشعر و الظفر إما بالمطابقة أو بالفحوى.

و خلاصة الكلام: إنّ الأجزاء المبانة إما تبان من الحيّ أو تبان بالموت- كما إذا قتل بتقطيع أجزائه- أو تبان بعد الموت، ففي الأخيرين يجب الدفن و سائر التجهيزات على ما تقدم تفصيله في [المسألة ۱۲] من غسل الميت و [المسألة ٦] من الصلاة على الميت. و أما الأول فالأحوط- أيضا- إجراء أحكام القسمين الأخيرين عليه، و نسبه في الحدائق إلى ظاهر الأكثر، و يظهر من بعضهم الملازمة بين وجوب الغسل بمسه و بين ترتيب أحكام الميت عليه، و لكن ظاهر الأكثر ليس بإجماع معتبر، و حجية الملازمة أول الدعوى و لذا يظهر عن جمع منهم المحقق في الشرائع عدم الوجوب. و عدم تعرض المصنف (رحمه اللّه) له في المقام و في تغسيل الميت لم يظهر له وجه.

نصّا و إجماعا. قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في مرسل ابن‏ أبي عمير: «لا يمس عن الميت شعر و لا ظفر، و إن سقط منه فاجعله في كفنه»۱۷.

و تقدم ذلك في [المسألة ۱] من فصل مكروهات الغسل أيضا، فراجع.

و عن المعتبر دعوى الإجماع على وجوب غسله أيضا.

للأصل و ظهور الإجماع.

(مسألة ۱٤): إذا مات شخص في البئر و لم يمكن إخراجه يجب أن يسدّ و يجعل قبرا له (۳٥).

إذ لا طريق لحفظ حرمته و عدم انتهاكه حينئذ إلّا بذلك، و عن علاء بن سيابة عن الصادق عليه السّلام: «في بئر محرج وقع فيه رجل فمات فلم يمكن إخراجه من البئر، أ يتوضأ من تلك البئر؟ قال: لا يتوضأ فيه، يعطّل و يجعل قبرا، و إن أمكن إخراجه أخرج و غسّل و دفن. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: حرمة المسلم ميتا كحرمته و هو حيّ سواء»۱۸.

(مسألة ۱٥): إذا مات الجنين في بطن الحامل و خيف عليها من بقائه وجب التوصل إلى إخراجه بالأرفق فالأرفق و لو بتقطيعه قطعة قطعة (۳٦). و يجب أن يكون المباشر النساء (۳۷) أو زوجها، و مع عدمهما فالمحارم من الرجال (۳۸) فإن تعذر فالأجانب حفظا لنفسها المحترمة. و لو ماتت الحامل و كان الجنين حيّا وجب إخراجه و لو بشق بطنها (۳۹)، فيشق جنبها الأيسر (٤۰) و يخرج الطفل، ثمَّ يخاط و تدفن (٤۱)، و لا فرق في ذلك بين رجاء حياة الطفل بعد الإخراج و عدمه (٤۲). و لو خيف مع حياتهما على كلّ منهما انتظر حتّى يقضي (٤۳).

للإجماع، و الاعتبار القطعي، و إطلاق قول عليّ عليه السّلام: «في المرأة يموت في بطنها الولد فيتخوّف عليها، قال عليه السّلام: لا بأس بأن يدخل الرجل يده فيقطعه و يخرجه»۱۹.

المحمول على ما ذكر من التفصيل إجماعا.

فرع: لو أمكن إخراج الطفل الميت سالما بشق بطن الحامل و خياطتها مع العلم بسلامتها، هل يجوز ذلك أو لا؟ وجهان، لا يبعد الجواز مقدمة لعدم تقطيع الطفل مهما أمكن.

لأصالة عدم جواز مسّ العورة و النظر إليها إلّا فيما جوزه الشارع، و منه يعلم أنّ الزوج مقدم على النساء. إلّا أن يقال: إنّ ذلك عادة جارية لم يردع عنها الشارع عند الحاجة العرفية.

لأنّ الأمر يدور بين ارتكاب محظورين أو محظور واحد، و في المحارم لا محظور في المسّ بالنسبة إليهم، و إنّما هو النظر إلى العورة فقط، فيقدم ذو المحظور الواحد على غيره.

لقول أبي الحسن عليه السّلام في خبر عليّ بن يقطين: «عن المرأة تموت و ولدها في بطنها، قال: يشق بطنها و يخرج ولدها»۲۰.

و في موثق ابن بكير قال أبو جعفر عليه السّلام: «يشق بطن الميت و يستخرج الولد»۲۱. و نحوهما من الأخبار، و يدل عليه قاعدة المقدمية أيضا.

و لا بدّ و أن يكون ذلك فورا تحفظا على حياة الولد مهما أمكن فلا يجوز التأخير.

لما هو المعروف بين الأصحاب و يشهد له الاعتبار، و في الرضوي قال عليه السّلام: «و إذا ماتت المرأة و هي حامل و ولدها يتحرك في بطنها شق بطنها من الجانب الأيسر»۲۲.

لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن أبي عمير: «في المرأة تموت و يتحرك الولد في بطنها، أ يشق بطنها و يخرج الولد؟ قال: نعم، و يخاط بطنها»۲۳.

و يدل عليه أيضا التحفظ على عدم خروج بعض ما في جوفها عند الغسل و الحمل و إدخال القبر.

للعموم و الإطلاق الشامل لهما.

لعدم ثبوت ترجيح شرعي لإبقاء حياة كلّ منهما بالنسبة إلى الآخر فلا بدّ من انتظار القضاء و القدر.

(۱) الوسائل باب: ۱ من أبواب الدفن حديث: ۱.

(۲) الوسائل باب: ٦۱ من أبواب الدفن حديث: ۱. و راجع في باب: ۱۰ من الوصية.

(۳) مستدرك الوسائل باب: ٥۱ من أبواب الدفن حديث: ۱.

(٤) مستدرك الوسائل باب: ٥۱ من أبواب الدفن حديث: ۲.

(٥) الوسائل باب: ٤۰ من أبواب الدفن حديث: ۲.

(٦) الوسائل باب: ٤۰ من أبواب الدفن حديث: ۱.

(۷) الوسائل باب: ٤۰ من أبواب الدفن حديث: ۳.

(۸) الوسائل باب: ٤۱ من أبواب الدفن حديث: ۱.

(۹) الوسائل باب: ٤۱ من أبواب الدفن حديث: ۲.

(۱۰) الوسائل باب: ۳۹ من أبواب الدفن حديث: ۲.

(۱۱) تقدم في الجزء الثالث ص: ۳۸۲.

(۱۲) الوسائل باب : ۸ منابواب ميراث ولد الملاعنة .

(۱۳) راجع ص: ۲۷.

(۱٤) راجع الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الطواف.

(۱٥) راجع الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الطواف.

(۱٦) الوسائل باب: ۳۸ من أبواب صلاة الجنازة حديث: ۲.

(۱۷) الوسائل باب: ۱۱ من أبواب غسل الميت حديث: ۱.

(۱۸) الوسائل باب: ٥۱ من أبواب الدفن حديث: ۱.

(۱۹) الوسائل باب: ٤٦ من أبواب الاحتضار حديث: ۳.

(۲۰) الوسائل باب: ٤٦ من أبواب الاحتضار حديث: ۲.

(۲۱) الوسائل باب: ٤٦ من أبواب الاحتضار حديث: ۸.

(۲۲) مستدرك الوسائل باب: ۳٥ من أبواب الاحتضار حديث: ۱.

(۲۳) الوسائل باب: ٤٦ من أبواب الاحتضار حديث: ۱.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"