1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطهارة
  10. /
  11. فصل في الاستحاضة
دم الاستحاضة (۱) من الأحداث الموجبة للوضوء و الغسل إذا خرج‏ إلى خارج الفرج (۲) و لو بمقدار رأس إبرة (۳)، و يستمر حدثها ما دام في الباطن باقيا (٤)، بل الأحوط إجراء أحكامها إن خرج من العرق المسمّى بالعاذل إلى فضاء الفرج و إن لم يخرج إلى خارجه (٥). و هو في الأغلب: أصفر، بارد، رقيق (٦)، يخرج بغير قوة و لذع‏ و حرقة (۷)، بعكس الحيض، و قد يكون بصفة الحيض (۸)، و ليس لقليله و لا لكثيرة حد (۹)، و كلّ دم ليس من القرح أو الجرح و لم يحكم بحيضيته فهو محكوم بالاستحاضة (۱۰)، بل لو شك فيه و لم يعلم بالأمارات كونه من‏ غيرها يحكم عليه بها على الأحوط (۱۱).

(۱) دم الاستحاضة من الدماء المعروفة لدى النساء يحدث لاختلال حصل الدم الرحم، و هو اختلال نوعي يوجب فساد دم الرحم في الجملة، فيكون مثل الدم الخارج من الجرح بعد خروج مقدار الدم الطبيعي منه، فقد يكون بلون الدم و قد يكون أصفر و تعرض له الشدة و الضعف من كلّ جهة حسب اختلاف الحالات و الأمزجة و العوارض، فهي علة نوعية في النساء و اختلال نوعي في قذف الدم و لم يبين منشأ هذا الاختلال في الأخبار الا بقولهم عليهم السلام: «من عرق عابر» أو «ركضة من الشيطان» أو «فتق في الرحم» أو «تلك الهراقة» أو «عرق عاذل»۱.

و مقتضى الأصل الذي تقدم‏۲ أنّ كلّ ما ليس بحيض، فهو استحاضة و لو كان من قروح أو جروح نوعية في الرحم، و قد حكم عليه السلام في مورد القرحة و الجرح في خبر يونس بجريان أحكام الاستحاضة۳، و الظاهر تحقق الجروح الرحمية بعد وضع الحمل، و تطابق النص و الفتوى على أنّ الدم بعد النفاس استحاضة، كما يأتي هذا إذا كان القرح و الجرح في الرحم و كانا نوعين و أما إن‏ لم يكونا كذلك، بل كانا علة شخصية لعارضة حدثت أو كانا في فضاء الفرج، ففي جريان أحكام الاستحاضة إشكال، لأنّ التمسك بأدلّتها تمسك بالعام في الشبهة الموضوعية، و مقتضى القاعدة أنّها إن كانت متطهرة قبل خروج الدم، فالأصل بقاء الطهارة و إن كانت محدثة، فالأحوط جريان أحكام الاستحاضة، و لكن الظاهر صحة التمسك بالإطلاق و لو كانا شخصيين مع أنّ الحكم موافق للاحتياط.

أما إيجابه للوضوء و الغسل فيأتي تفصيله. و أما اعتبار الخروج إلى الخارج، فلأنّ ذلك هو مناط حدثية الأحداث مطلقا على ما تقدم في الوضوء، و غسل الجنابة.

لإطلاق الأدلة، و اتفاق فقهاء الملة الشاملة حتّى و لو كان بقدر رأس الإبرة.

لتحقق الحدث بمجرد البروز إلى الخارج، فلا يرفع إلا بما جعله الشارع رافعا و هو الوضوء أو الغسل كما أنّ سائر الأحداث أيضا كذلك.

لما تقدم في [مسألة ٤] من (فصل الحيض) فراجع. و أما الخروج من العرق العاذل، فلما عن جمع من أهل اللغة أنّ الاستحاضة تخرج منه و لعلّه يسمى عادلا، لأنّها توجب ملامتها عند الزوج و العذل بمعنى الملامة.

لصحيح الحفص: «دم الاستحاضة أصفر بارد»4.

و على الثالث صحيح ابن يقطين الوارد في النفاس: «فإذا رقّ و كان صفرة اغتسلت و صلّت»٥.

مضافا إلى الإجماع، و الاعتبار.

لظهور التسالم، و الاعتبار، و كونها في مقابل دم الحيض مع إمكان إرجاعها إلى البرودة الواردة في النص، لكونها لازمة للبرودة غالبا، و لعلّه لذلك لم ينص عليها في النصوص بالخصوص.

لتسالم الكلّ عليه، كما في كلّ مورد لا يمكن جعله حيضا، لفقد شرط، أو وجود مانع.

للأصل، و الإطلاق، و الإجماع.

لما قاله في الجواهر: «و لعلّ الظاهر من تصفح كلماتهم، و أخبار الباب الحكم بالاستحاضة بعد انتفاء الحيض، و لم نعهد أحدا منهم عارض أصالة عدم الحيض بأصالة عدم الاستحاضة في المقام و لا في غيره و من هنا يعرف أنّ الاستحاضة أصل بعد انتفاء الحيض».

و يظهر التسالم من غيره أيضا، فيكون موضوع الاستحاضة عدم ثبوت دم آخر بوجه معتبر، فكلّ ما لم يثبت الدم الآخر يحكم بكون الدم استحاضة بلا فرق بين دم الحيض و العذرة و القرح و الجرح و المخاض و النفاس فلما لم يثبت واحد منها بطريق معتبر فهو استحاضة، و يمكن أن يستفاد ذلك أيضا من إطلاقات الروايات الظاهرة في أنّ الدم الخارج من الرحم استحاضة بمحض عدم كونه حيضا كمرسل يونس: «إنّما ذلك عرق عابر أو ركضة من الشيطان»٦. و قوله‏ عليه السلام في خبر زريق: «فإنّما ذلك من فتق في الرحم»۷. إلى غير ذلك مما يمكن أن يستفاد ذلك منه، و يأتي بيان دم المخاض في أول (فصل النفاس).

و خلاصة الكلام: أنّ الاستحاضة من الحيض، و جريان دم الحيض مقتضى سلامة مزاج المرأة و العوارض و الحوادث الطارئة على دم الحيض تسمّى في الغالب استحاضة، و ليست الاستحاضة دائرة مدار إمكان رؤية دم الحيض شرعا، للاتفاق على إمكان الاستحاضة بالنسبة إلى اليائسة و الصغيرة فهي أيضا من الدماء الطبيعية لهنّ و مقتضي الطبيعة الثانوية لدمائهنّ الخارجة من الرحم، كما أنّ دم النفاس مقتضى طبع ولادتهنّ أيضا و هذا في الجملة من ضروريات الفقه، و يمكن أن يستفاد من نصوص كثيرة:

منها: خبر أبي المعز: «تلك الهراقة، إن كان دما كثيرا فلا تصلين، و إن كان قليلا فلتغتسل عند كلّ صلاتين».۸ و المراد من الدم القليل ما ليس بحيض، و الكثير- إلى المستمر- ما كان حيضا، فمثل هذه الرواية ظاهر في أنّ الأصل بعد نفي الحيضية إنّما هو الاستحاضة.

و منها: صحيح الصحاف: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّ أم ولدي ترى الدم و هي حامل، كيف تصنع بالصلاة؟ قال عليه السلام: إذا رأت الحامل الدم بعد ما يمضي عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم من الشهر الذي كانت تقعد فيه فإنّ ذلك ليس من الرحم و لا من الطمث، فلتتوضأ و تحتشي بكرسف و تصلي- الحديث-»۹.

فإنّ ظهوره في أنّ كلّ ما ليس بحيض فهو استحاضة مما لا ينكر.

و منها: قوله عليه السلام في مرسلة يونس القصيرة: «فإن انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت و صلّت و انتظرت من يوم رأت الدم إلى العشرة أيام‏ – إلى أن قال:- و إن مرّ بها من يوم رأت الدم عشرة أيام و لم تر الدم فذلك اليوم و اليومان الذي رأته لم يكن من الحيض و إنّما كان من علة إما من قرحة في جوفها، و أما من الجوف فعليه أن تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها، لأنّها لم تكن حائضا»۱۰.

و ظهورها في ترتب الاستحاضة على مجرد عدم الحيضية مما لا يخفى.

و منها: «خبر إسحاق بن عمار، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحبلى ترى الدم اليوم و اليومين، قال: إن كان دما عبيطا فلا تصلي ذينك اليومين و إن كان صفرة فلتغتسل عند كلّ صلاتين»۱۱.

فرتب عليه السلام الاستحاضة على مجرد عدم الحيضية إلى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبع الدالة على أنّ الشارع حكم بالاستحاضة عند انتفاء كون الدم حيضا.

و إنّما الكلام في أمور:

الأول: كما يعتبر في الحكم بكون الدم استحاضة إحراز عدم كونه حيضا أو نفاسا، هل يعتبر إحراز عدم سائر الاحتمالات من القرح و الجرح و نحوهما أم لا؟

مقتضى إطلاق النصوص و الفتاوى هو الأخير، بل مقتضى بعض النصوص الحكم بها و لو مع وجود القرح أو الجرح.

و بعبارة أخرى: ثبوت كون الدم من غير الاستحاضة مانع عن الحكم بها، لا أن يكون إحراز عدم كون الدم من القرح أو الجرح شرطا في صحة الحكم بالاستحاضة، فما ذكره الماتن (كلّ دم ليس من القرح أو الجرح) ليس على ما ينبغي و يأتي التفصيل.

الثاني: هذه القاعدة المستفادة من النصوص و الفتاوى من القواعد الواقعية المعتبرة المنطبقة قهرا على كلّ مورد لم يحرز الحيض و لو بالأصل، و ليس جريان الأصل بالنسبة إلى الاستحاضة مثبتا، بل هو كجريان أصالة عدم الانتساب إلى‏ هاشم عند الشك في الهاشمية، فينطبق عليه غير الهاشمي لا محالة، و في المقام ينطبق غير الحيض لا محالة و هو استحاضة ما لم يحرز غيرها.

الثالث: المستفاد من النصوص، و الفتاوى أصالة الحدثية في الدم الخارج من الرحم إلا إذا ثبت الخلاف و هي عبارة أخرى عن أصالة الاستحاضة فيما خرج منها بعد عدم الحيض، و يأتي ذكر الفروع المناسبة للمقام في المسائل الآتية.

لأنّ ما تقدم من الجواهر، و غيره- لو فرض عدم كونه إجماعا محققا- يصلح للاحتياط لا محالة.

ثمَّ إنّ القرح و الجرح تارة: يكون في الرحم. و أخرى: في فضاء الفرج.

و الجرح تارة: يكون بسبب غير اختياري، و أخرى: يكون بالسبب الاختياري و لا إشكال في أنّ ما كان بالسبب الاختياري ليس من الاستحاضة، و أما غيره، فالجزم بعدم كونه من الاستحاضة- مع إطلاق ما دل على أنه دم فاسد- مشكل خصوصا ما كان في داخل الرحم، مع حكمهم بأنّ ما يكون بعد انقضاء العادة في النفاس استحاضة، فإنّه من بقايا خروج الدم من الرحم بعد الولادة.

(مسألة ۱): الاستحاضة ثلاثة أقسام: قليلة، و متوسطة و كثيرة (۱۲): فالأولى: أن تتلوّث القطنة بالدم من غير غمس فيها (۱۳) ، و حكمها وجوب الوضوء لكلّ صلاة (۱٤)، فريضة كانت أو نافلة (۱٥)، و تبديل القطنة أو تطهيرها (۱٦).و الثانية: أن يغمس الدم في القطنة و لا يسيل إلى خارجها من الخرقة، و يكفي الغمس في بعض أطرافها (۱۷)، و حكمها مضافا إلى ما ذكر غسل قبل صلاة الغداة (۱۸).و الثالثة: أن يسيل الدم من القطنة إلى الخرقة و يجب فيها- مضافا إلى ما ذكر و إلى تبديل الخرقة أو تطهيرها (۱۹)- غسل آخر للظهرين تجمع بينهما، و غسل للعشائين تجمع بينهما (۲۰). و الأولى كونه في آخر وقت فضيلة الأولى حتّى يكون كلّ من الصلاتين في وقت‏ الفضيلة (۲۱) و يجوز تفريق الصلوات و الإتيان بخمسة (۲۲) أغسال و لا يجوز الجمع بين أزيد من صلاتين بغسل واحد (۲۳). نعم، يكفي للنوافل أغسال الفرائض (۲٤) لكن يجب لكل ركعتين منها وضوء (۲٥).

هذه القسمة تكوينية، و عرفية، لأنّ كلّ سائل دما كان أو غيره ينقسم إلى هذه الأقسام، لكونه قابلا للشدة و الضعف، و ليس لهذه الألفاظ الثلاثة ذكر في الأدلة، بل هي مصطلح فقهاء الملة و أما في الروايات، فللكثيرة: «فإن جاز الدم الكرسف»۱۲.

و للمتوسطة: «و إن لم يجز الدم الكرسف»۱۳.

و للقليلة: «و إن كان الدم لا يثقب الكرسف»۱4.و عبّر عنها «بالصفرة»۱٥ أيضا و ما في الأخبار أقرب إلى أفهام النساء و هي‏ عبارة أخرى عن مصطلح الفقهاء، و لعلهم عبّروا بالألفاظ الثلاثة اختصارا في المقال و لا بأس به على كلّ حال.

ثمَّ إنّه يمكن استفادة حكم الاستحاضة من القواعد العامة، فإنّها حدث قابل للشدة و الضعف، و حيث هي كذلك فالمرتبة الضعيفة منها حدث أصغر مستمر تتوضأ لكلّ صلاة، و المرتبة المتوسطة حدث أكبر يحتاج إلى الغسل، و الكثيرة حدث أكبر مستمر تغتسل لكلّ صلاة، على ما يأتي. و أما من حيث الخبثية، فهي في معرض تنجس الثوب و البدن فلا بد لها من التحفظ خصوصا في حال الصلاة، فإنّ حركاتها توجب التعدي عن المحل، فلا بد من إدخال القطنة و شدّ الخرقة و نحو ذلك مما يحصل به التحفظ عرفا.

ليس لهذه الطرق الثلاثة المذكورة موضوعية خاصة و إنّما هي أسهل طريق لمعرفة مراتب الدم ضعفا و قوة فيحصل التعرف بكلّ ما أفاد هذه الفائدة و لو كان بمثل الدرجات المصنوعة لتعيين مراتب نزف الدم و نحوها، بل و تحصل المعرفة من عادتها بحسب حالها بأن تعلم أنّ الدم في الوقت الكذائي قليلة، و في وقت آخر متوسطة و هكذا. نعم، ما ذكره الفقهاء- كما يحصل به التعرف- يحصل به التحفظ عن تعدي النجاسة أيضا فله فائدتان.

ثمَّ إنّ هذه المراتب الثلاث من الأمور المتعارفة و قد وردت الأخبار على طبق المتعارف و ليست من الأمور التعبدية و لا الموضوعات المستنبطة حتّى تحتاج إلى نظر الفقهاء، مع أنّ مقصودهم واحد يرجع إلى ما هو المتعارف و إن اختلفت تعبيراتهم فراجع.

فائدة: المستفاد من الأدلة أنّ الاستحاضة القليلة حدث أصغر لا يحتاج إلى الغسل أصلا، و المتوسطة حدث أكبر يكفي في رفعه غسل واحد في كلّ يوم و ليلة على ما يأتي تفصيله في [مسألة ۲]، و الكثيرة حدث أكبر مستمر لا يجزي فيه إلّا خمسة أغسال، لكلّ صلاة غسل أو ثلاثة أغسال، واحد لصلاة الصبح، و آخر للظهرين، و ثالث للعشائين مع الجمع بينهما على ما يأتي من التفصيل.

فرع: دم الاستحاضة لا يدور مدار إمكان الحيض، فيمكن أن يتحقق قبل البلوغ و بعد اليأس، للإطلاق و الاتفاق.

على المشهور، بل لا خلاف فيه إلا عن ابني أبي عقيل و الجنيد و استند المشهور إلى جملة من الأخبار منها قول أبي جعفر عليه السلام في موثق زرارة: «و تصلي كلّ صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم فإذا نفذ اغتسلت و صلّت»۱٦.

و عن الصادق عليه السلام في صحيح ابن مسلم: «و إن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت و صلّت»۱۷ و منها: موثق معاوية بن عمار «و إن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت و دخلت المسجد و صلّت كلّ صلاة بوضوء»۱۸.

و نحوها غيرها، و بإزاء هذه الأخبار أخبار أخر:

منها: صحيح ابن سنان: «المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر و تصلي الظهر و العصر، ثمَّ تغتسل عند المغرب و تصلي المغرب و العشاء، ثمَّ تغتسل عند الصبح»۱۹.

و فيه: أنّه لا بد من حمله على الكثيرة جمعا و إجماعا.

و منها: موثق ابن عمار: «و إن كان صفرة فلتغسل عند كلّ صلاتين»۲۰.

و فيه: أنه أيضا محمول على الكثيرة، أو مطروح لعدم عامل به.

و منها: قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: «و إن لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد»۲۱.

و قول الصادق عليه السلام: «في موثق سماعة: «و إن لم يجز الدم‏ الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة و الوضوء لكلّ صلاة»۲۲. و نحوهما غيرهما.

و فيه: أنّها موهونة بالإعراض، و معارضة بمثل ما تقدم من موثق معاوية بن عمار، مع إمكان حملها على المتوسطة بقرينة سائر الأخبار.

و أما ابن أبي عقيل فذهب إلى أنّ الاستحاضة قسمان و لا تكون الاستحاضة القليلة حدثا مطلقا، و تمسّك بالأصل، و حصر النواقض، و بالقسم الأخير من الأخبار.

و فيه: أنّ الأصل و الحصر مردودان بأدلة المشهور، و تقدم الإشكال في القسم الأخير من الأخبار.

و أما ابن الجنيد فجعل الأقسام ثلاثة: لكنّه جعل القليلة في حكم المتوسطة، فأوجب عليها الغسل في كلّ يوم و ليلة مرة أيضا، متمسكا بالقسم الأخير من الأخبار أيضا.

و فيه: ما تقدم من معارضتها بغيرها، و وهنا بالإعراض.

لقاعدة الاشتغال، و ظاهر قولهم عليهم السلام: «و صلّت كلّ صلاة بوضوء»۲۳. أو «و تصلي كلّ صلاة بوضوء»۲4 و أما صحيح الصحاف: «فلتتوضأ و لتصلّ عند وقت كلّ صلاة»۲٥ فظاهره الترغيب إلى إتيان كل صلاة في وقتها، و المبادرة إليها في أول وقتها و لا يستفاد منه أكثر من ذلك. نعم، لو كان ظاهرا في أنّها تصلي- في وقت كلّ صلاة- أيّ صلاة شاءت، دل على عدم وجوب الوضوء للناقلة و كفاية وضوء الفريضة عن الوضوء لها و لا ظهور له في ذلك، و مع الإجمال فالمرجع قاعدة الاشتغال.

فرع: لو كانت جنبا و اغتسلت للجنابة يجزي غسلها عن الوضوء لظهور الإطلاق.

على المعروف، فإن كان إجماع في البين. و إلا فلا دليل عليه بل‏ مقتضى الإطلاقات الواردة في حكمهما عدم اعتباره لو لا وهنها بهجر الأصحاب لها من هذه الجهة.

و أما الاستدلال عليه بما ورد في المتوسط و بما دل على المنع عن حمل النجاسة في حال الصلاة، فمردود، لأنّ الأول قياس. و الأخير مخدوش صغرى و كبرى، مع احتمال كون المقام من الباطن لا الظاهر.

ثمَّ إنّ حق العبارة أن يقال: التفحص عن القطنة و الخرقة، فإن كانت متنجسة تبدلهما أو تطهرهما و إلا فلا شي‏ء عليها، و كذا في المتوسطة و الكثيرة.

لإطلاق النفوذ الوارد في النصوص الشامل لذلك أيضا.

أما الوضوء لكلّ صلاة، فلقول الصادق عليه السلام في الموثق:

«فعليها الغسل لكل يوم مرة و الوضوء لكلّ صلاة»۲٦.

و نحوه غيره و إطلاقه يشمل الصلاة التي اغتسلت لها أيضا.

و أما التبديل، فيدل عليه- مضافا إلى ما ادعي من إجماع المسلمين- قول الصادق عليه السلام في خبر عبد الرحمن: «فإن ظهر عن الكرسف، فلتغتسل، ثمَّ تضع كرسفا آخر، ثمَّ تصلي- الحديث-»۲۷.

مضافا إلى ما دل على عموم مانعية مثل هذا الدم عن الصلاة و عدم اختصاصها بصلاة دون أخرى.

و أما وجوب الغسل للغداة مع كونها متوسطة قبلها، فللنص، و الإجماع، و المشهور صحة الاكتفاء بغسل واحد في اليوم و الليلة لقول أبي جعفر عليه السلام في الصحيح: «فإن جاز الدم الكرسف تعصبت و اغتسلت، ثمَّ صلت الغداة بغسل و الظهر و العصر بغسل و المغرب و العشاء بغسل، و إن لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد- الحديث-»۲۸ فإنّه عليه السلام في مقام البيان و التفصيل و إطلاق ذيله و إن كان يشمل القليلة و لكن يجب تقييده بالمتوسطة، لما تقدم، و يدل على المشهور ما مر من قوله عليه السلام: «و إن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرّة- الحديث-»۲۹.

و ما يظهر منه أنّ حكم المتوسط حكم الكثيرة لا بد من حمله على الكثيرة فقط و رفع اليد عن إطلاقه بقرينة غيره.

ثمَّ إنّ المنساق من الأدلة- كما هو المرتكز في الأذهان- عدم الوجوب النفسي للغسل و أنّه واجب غيري شرطي لصحة الصلاة، و مقتضى المرتكزات أيضا مقارنة الشرط مع المشروط و عدم تقدمه و تأخره عنه زمانا خصوصا في مستمرة الحدث فوجوب الغسل لصلاة الغداة لا يتحقق إلا إذا كانت متوسطة حينها، فلا يجزي الغسل بعدها لصحتها، فالأدلة منطبقة على ما هو المأنوس في الأذهان المتعارفة. نعم، لو لم تكن متوسطة حين صلاة الصبح و صارت بعدها يأتي حكمه في المسألة التالية.

أما تغير القطنة، فلظهور الإجماع، و فحوى ما تقدم في المتوسطة و لصحيح صفوان: «هذه مستحاضة تغتسل و تستدخل قطنة بعد قطنة»۳۰.

و يشهد له الاعتبار أيضا، لكونها في معرض تنجس الثوب و البدن معرضية قريبة. و أما تبدل الخرقة أو التطهير، فيدل عليهما ما دل على تبديل القطنة بالفحوى، لانّه يحتمل في القطنة كونها من الباطن بخلافهما إذ لا يحتمل ذلك فيهما.

و أما الوضوء فهو المشهور و استدلوا تارة: بقاعدة الاشتغال و العمومات الدالة على وجوبه لكل صلاة، و بأنّ إيجابه في الكثيرة أولى من إيجابه في القليلة و المتوسطة.

و فيه: أنّ الأخير قياس و الأولان محكومان بإطلاق أدلة المقام- لو ثبت الإطلاق فيها من هذه الجهة- إذ لم يذكر الوضوء فيها، و لذا ذهب جمع- كالشيخ و الصدوقين و بني زهرة و حمزة و براج و بعض المتأخرين- إلى عدم وجوب الوضوء في هذا القسم، و يمكن الإشكال فيه بأنّ ورودها مورد البيان من هذه الجهة مشكل لو لم يكن ممنوعا، لكثرة اضطرابها جدا، مع أنّ في مرسل يونس الطويل: «ثمَّ تغتسل و تتوضأ لكلّ صلاة. قيل: و إن سال قال عليه السلام: و إن سال مثل المثعب- الحديث-»۳۱. ثمَّ إنّه كما أنّ الاستحاضة توجب حيرة النساء و اختلال طهارتهنّ كذلك الأخبار المختلفة الواردة فيها توجب اضطراب أذهان الفقهاء و تحيرهم، فلا بد لهم من الأخذ بالمتيقن من مفادها المتفق عليه بينهم و ما عليه المشهور هو المتيقن من مفاد الأخبار، و المتسالم عليه بين الفقهاء.

يدل على وجوب أغسال ثلاثة على الكثيرة- مضافا إلى الإجماع- نصوص مستفيضة منها: قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: «فإذا جازت أيامها و رأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر و العصر تؤخر هذه و تعجل هذه و للمغرب و العشاء غسلا تؤخر هذه و تعجل هذه و تغتسل للصبح- الحديث-»۳۲.

ما تقدم من قوله عليه السلام: «تؤخر هذه و تعجل هذه» المحمول على الندب إجماعا و لا وجه للتعبير بالأولى مع أنّه مندوب.

لأنّ الجمع إنّما هو للتسهيل لا الوجوب نفسيا كان أو شرطيا، و يكفي الأصل في نفي هذا الوجوب مطلقا، و يشهد له قوله أبي عبد اللَّه عليه السلام- في خبر يونس بن يعقوب- «و إن رأت دما صبيبا فلتغتسل في وقت كلّ صلاة»۳۳.

إجماعا و نصوصا تقدم بعضها.

على المشهور، و عن جمع دعوى الإجماع عليه، و قد أرسل الفقهاء قولهم:- إنّ المستحاضة إذا فعلت ما يلزمها فهي بحكم الطاهرة- إرسال المسلّمات الفقهية، و يشهد له أيضا قول الصادق عليه السلام في خبر إسماعيل بن عبد الخالق: «فإذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر ثمَّ تصلي ركعتين قبل الغداة- الحديث-»۳4.

و هو ظاهر في كفاية غسل واحد لهما، و الظاهر أنّه لا خصوصية في صلاة الفجر و نافلتها و إنّما ذكرت من باب المثال، مع أنّ تبعية النافلة للفريضة قرينة على الكفاية أيضا.

على المشهور، و عن غير واحد دعوى الإجماع عليه، لقاعدة الاشتغال، و إطلاق الأدلة الدالة على شرطية الوضوء لكلّ صلاة من غير مقيد لها بالمقام الا قولهم رحمهم اللَّه: إنّها إذا فعلت ما يلزمها فهي بحكم الطاهرة، و حيث إنّ عمدة دليله الإجماع، فلا يشمل ما ادعي الإجماع فيه على وجوب الوضوء.

(مسألة ۲): إذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الفجر لا يجب الغسل لها (۲٦)، و هل يجب الغسل للظهرين أم لا؟ الأقوى وجوبه (۲۷). و إذا حدثت بعدهما فللعشائين، فالمتوسطة توجب غسلا واحدا، فإن كانت قبل صلاة الفجر وجب لها و إن حدثت بعدها فللظهرين، و إن حدثت بعدهما فللعشائين كما أنّه لو حدثت قبل صلاة الفجر و لم تغتسل لها عصيانا أو نسيانا وجب للظهرين و إن انقطعت قبل وقتهما، بل قبل الفجر أيضا (۲۸)، و إذا حدثت الكثيرة بعد صلاة الفجر يجب في ذلك اليوم غسلان (۲۹)، و إن حدثت بعد الظهرين يجب غسل واحد للعشائين (۳۰).

بلا إشكال فيه و هو من قطعيات الفقه لعدم الموجب لوجوبه لها بعد أن أتى بها جامعة للشرائط.

لأنّ المتوسطة توجب غسلا واحدا و التقديم على الصبح، إنّما هو لاشتراطها بالطهارة لا لخصوصية فيها، فما نسب إلى ظاهر الأصحاب من الاختصاص خلاف المنساق من الأدلة، و مرتكز المتشرعة من أنّ الحدث لا بد له من رافع مطلقا، فيدور الأمر حينئذ بين عدم كونها حدثا لو حدثت بعد الغداة أو أنها حدث و تزول بلا رافع، أو صحة الصلاة معها و لو مع بقائها أو عدم صحة الصلاة معها و الاحتياج إلى الغسل، و الكلّ باطل غير الأخير كما لا يخفي.

كلّ ذلك للحدثية المطلقة الثابتة للمتوسطة المستفادة من الأدلة و لو صلت الفجر بلا غسل ثمَّ اغتسلت قبل الظهر- مثلا- فهل تجب عليها إعادة صلاة الفجر- لوقوعها بلا غسل- أو لا لكون الغسل اللاحق يجزي لصحة صلاة الفجر أيضا، وجهان أحوطهما الأول.

غسل للظهرين و آخر للعشائين، لتحقق موضوع الكثيرة فينطبق عليها الحكم قهرا. و لا يجب عليها الغسل للصبح، لفرض الإتيان بها جامعة للشرائط، مع أنّها لو كانت كثيرة في علم اللَّه فقد أتت بغسل آخر للصبح و لا يضر فيه قصد كونه للمتوسطة، لأنّه من الاشتباه في التطبيق.

لثبوت الموضوع بالنسبة إليهما، فيترتب الحكم لا محالة.

(مسألة ۳): إذا حدثت الكثيرة أو المتوسطة قبل الفجر يجب أن يكون غسلهما لصلاة الفجر بعده فلا يجوز قبله (۳۱) إلا إذا أرادت صلاة الليل فيجوز لها أن تغتسل قبلها (۳۲).

لقاعدة الاشتغال، و لأنّ المغتفر من هذا الحدث المستمر ليس الا هذا المقدار، و يشهد له قول الصادق عليه السلام في خبر إسماعيل بن عبد الخالق: «فلتغتسل بعد طلوع الفجر ثمَّ تصلي ركعتين قبل الغداة ثمَّ تصلي الغداة»۳٥.

هذا مع الاستمرار، و أما مع عدمه فيأتي حكمه في [مسألة ٦].

لإجماع الخلاف، و عن الذخيرة لا أعلم فيه خلافا.

فروع- (الأول): لو اغتسلت لصلاة الليل فبدا لها في إتيانها، فمقتضى الاحتياط، و المتيقن من الإجماع إعادة الغسل بعد الفجر.

(الثاني): المتيقن من الإجماع تأخير صلاة الليل إلى آخر الوقت.

(الثالث): لو كانت بانية على ترك الصلاة رأسا و اغتسلت بعد الوقت يشكل صحة الغسل حتّى بناء على القول بوجوب مطلق المقدمة، لاستصحاب استمرار الحدث و الشك في شمول الأدلة للفرض.

(الرابع): بناء على جواز تقديم نافلة الظهر على الزوال، ففي صحة غسلها للنافلة مع التقديم على الزوال وجه و إن كان خلاف المتيقن من الإجماع.

(الخامس): لو أرادت إتيان صلاة جعفر- مثلا- أو سائر الغايات المشروطة بالطهارة قبل وقت الصلاة يصح الغسل لها، و لكن يشكل الاكتفاء به‏ لصلاة الفريضة، لكونه خلاف المتيقن من الإجماع و يأتي في [مسألة ۱۱] بعض الكلام.

(مسألة ٤): يجب على المستحاضة اختبار حالها (۳۳) و أنّها من أيّ قسم من الأقسام الثلاثة بإدخال قطنة و الصبر قليلا ثمَّ إخراجها و ملاحظتها لتعمل بمقتضى وظيفتها، و إذا صلّت من غير اختبار بطلت إلا مع مطابقة الواقع و حصول قصد القربة كما في حال الغفلة. و إذا لم تتمكن من الاختبار يجب عليها الأخذ بالقدر المتيقن (۳٤) إلا أن يكون‏ لها حالة سابقة من القلّة أو التوسط فتأخذ بها (۳٥). و لا يكفي الاختبار قبل الوقت (۳٦) إلا إذا علمت بعدم تغيّر حالها إلى ما بعد الوقت (۳۷).

لتوقف تشخيص تكليفها عليه، و قال أبو جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: «ثمَّ تمسك قطنة فإن صبغ القطنة دم لا ينقطع، فلتجمع بين كل صلاتين بغسل»۳٦.

و عن الصادق عليه السلام في خبر ابن يعفور: «المستحاضة إذا مضت أيام أقرائها اغتسلت و احتشت كرسفها و تنتظر فإن ظهر على الكرسف زادت كرسفا و توضأت و صلّت»۳۷.

و ظاهر هما الوجوب كما هو واضح و هذا الوجوب عقليّ محض، كوجوب التعلم للأحكام لا أن يكون نفسيا أو شرطيا لصحة العمل كشرطية الطهارة للصلاة- مثلا، إذ لا دليل عليه من عقل أو نقل، فلو صلّت بلا اختيار و اتفق استجماعها للشرائط تصح و لا شي‏ء عليها.

ثمَّ إنه ليس للاختبار طريق معيّن شرعيّ بل هو موكول إلى المتعارف بينهنّ و ما ذكر في الأخبار إنّما هو من باب المثال لا الخصوصية.

أي الاحتياط، لقاعدة الاشتغال إذ لا يحصل تفريغ الذمة إلا به. هذا إذا كانت الأقسام الثلاثة من المتباينين، كما هو المعروف بينهنّ و أما إن كانت من الأقل و الأكثر، فالمتيقن هو الأقل و يرجع في غيره إلى الأصل، لكونه مشكوكا.

للاستصحاب المعتمد عند الأصحاب.

لأنّه إنّما يجب لتعين الوظيفة حين العمل. و مع الشك في التبدل لا تتعيّن الوظيفة به.

لانّه لا موضوعية للاختبار من حيث هو، و إنّما يجب للعلم بالحال و المفروض تحققه.

(مسألة ٥): يجب على المستحاضة تجديد الوضوء لكلّ صلاة و لو نافلة و كذا تبديل القطنة أو تطهيرها، و كذا الخرقة إذا تلوثت، و غسل ظاهر الفرج إذا أصابه الدم (۳۸)، لكن لا يجب تجديد هذه الأعمال للأجزاء المنسية و لا لسجود السهو إذا أتى به متصلا بالصلاة، بل و لا لركعات الاحتياط للشكوك، بل يكفيها إعمالها لأصل الصلاة (۳۹). نعم، لو أرادت إعادتها احتياطا أو جماعة وجب تجديدها (٤۰).

كلّ ذلك لاعتبار الطهارة الحدثية و الخبثية في الصلاة و هي مستمرة الحدث فيجب عليها رفعه مهما أمكنه، كما يجب عليها كذلك رفع الخبث.

لكون الجميع من توابع الصلاة إن أتت بها متصلا معها، فيكفي ما فعلت للصلاة لها أيضا و كذا صلاة الاحتياط للشكوك، لكونها بمنزلة الجزء من الصلاة شرعا من هذه الجهات.

للإطلاقات و العمومات الدالة على اعتبار الطهارتين في كلّ صلاة و لكن يمكن أن يستفاد مما ورد فيها من الجمع بين الصلاتين بغسل واحد۳۸ عدم وجوب تجديده لها، الا أن يدعى أن المراد بالصلاتين خصوص الفريضتين المستقلتين.

(مسألة ٦): إنّما يجب تجديد الوضوء و الأعمال المذكورة إذا استمر الدم، فلو فرض انقطاع الدم قبل صلاة الظهر يجب الأعمال المذكورة لها فقط، و لا تجب للعصر و لا للمغرب و العشاء، و إن انقطع بعد الظهر وجبت للعصر فقط و هكذا بل إذا بقي وضوؤها للظهر إلى المغرب لا يجب تجديده أيضا مع فرض انقطاع الدم قبل الوضوء للظهر (٤۱).

كلّ ذلك لدوران ثبوت الحكم مدار تحقق الموضوع، فيثبت مع ثبوته و يسقط مع زواله، و احتمال- أنّ مجرد صرف وجود الموضوع موجب لاستمرار الحكم في هذه الأقسام- مخالف لظواهر الأدلة و إفراط من القول و خرق لما عساه يظهر من الإجماع.

فرع- إذا انقطع دم الاستحاضة الصغرى لا يجب عليها الغسل، لما تقدم من أنها من الحدث الأصغر. نعم، يجب عليها الوضوء للمشروط لا لأنّ انقطاع الاستحاضة الصغرى يوجب الوضوء، بل لأجل أنّ الحدث الأصغر باق وجب رفعه.

(مسألة ۷): في كلّ مورد يجب عليها الغسل و الوضوء يجوز لها تقديم كلّ منهما، لكن الأولى تقديم الوضوء (٤۲).

أما صحة تقديم كلّ منهما، فللأصل، و الإطلاق. و أما أولوية تقديم الوضوء، فلما تقدم في [مسألة ۲٥] من (فصل أحكام الحائض).

(مسألة ۸): قد عرفت أنّه يجب بعد الوضوء و الغسل المبادرة إلى الصلاة (٤۳)، لكن لا ينافي ذلك إتيان الأذان و الإقامة و الأدعية المأثورة (٤٤)، و كذا يجوز لها إتيان المستحبات في الصلاة، و لا يجب الاقتصار على الواجبات (٤٥)، فإذا توضأت و اغتسلت أول الوقت و أخرت الصلاة لا تصح صلاتها (٤٦) إلا إذا علمت بعدم خروج الدم و عدم كونه في فضاء الفرج أيضا من حين الوضوء إلى ذلك الوقت بمعنى انقطاعه و لو كان انقطاع فترة (٤۷).

يعرف ذلك من مجموع المسائل السابقة، خصوصا المسألة الثالثة و المشهور وجوب المبادرة، بل لا يعرف الخلاف فيه، لأنّها المتبادرة مما دل على الطهارة الاضطرارية، لما ارتكز في الأذهان من أنّ الضرورات تتقدر بقدرها، بل‏ يظهر من الأخبار مثل قول الصادق عليه السلام: «فلتغتسل عند كلّ صلاتين»۳۹.

و قوله عليه السلام: «و تغتسل عند صلاة الظهر».

فإنّ لفظ (عند) ظاهر في المقارنة عرفا، و يقتضيها قاعدة الاشتغال، إذ لا دليل على اغتفار الحدث في غير صورة المبادرة.

لأنها لا تنافي المبادرة العرفية المستفادة من الأدلة، و تقدم في خبر إسماعيل بن عبد الخالق‏ صحة إتيان نافلة الصبح لها أيضا، فراجع، و تقدم الإجماع على صحة إتيان صلاة الليل لها و الاكتفاء بالطهارة لها لصلاة الفجر أيضا.

للأصل، و الإطلاقات الظاهرة في الصلاة المتعارفة بما يشتمل على الآداب.

لقاعدة الاشتغال بعد عدم دليل على افتقار مثل هذا التأخير.

إذ لا موضوعية للمبادرة من حيث هي، و إنّما تجب للتحفظ على عدم خروج الدم مهما أمكن و قد حصل ذلك، فلا وجه لوجوب المبادرة حينئذ.

(مسألة ۹): يجب عليها بعد الوضوء و الغسل التحفظ من‏ خروج الدم (٤۸) بحشو الفرج بقطنة أو غيرها و شدها بخرقة، فإن احتبس الدم، و إلا فبالاستثفار- أي شد وسطها بتكة (مثلا) و تأخذ خرقة أخرى مشقوقة الرأسين تجعل إحديهما قدامها و الأخرى خلفها و تشدهما بالتكة- أو غير ذلك مما يحبس الدم (٤۹)، فلو قصرت و خرج الدم‏ أعادت الصلاة (٥۰)، بل الأحوط إعادة الغسل أيضا (٥۱)، و الأحوط كون ذلك بعد الغسل (٥۲) و المحافظة عليه بقدر الإمكان تمام النهار إذا كانت صائمة (٥۳).

نصا، و إجماعا الدالين على وجوب الطهارة الخبثية في الصلاة مهما أمكنت، مضافا إلى ما يظهر من الأخبار الخاصة الواردة في المقام.

لأنّ المناط كلّه التحفظ عن التلوث بالدم بأيّ نحو حصل- كان ذلك بما ذكر في النصوص و الكتب الفقهية، أو بغيره مما جرت العادة عليه- و قد ذكرت جملة من ذلك في الروايات، كقوله عليه السلام: «و احتشت و استثفرت».

أو قوله عليه السلام: «و تحتشي و تستثفر و لا تحني (تحيي) و تضم فخذيها».

أو قوله عليه السلام: «و تستدخل قطنة و تستثفر (تستذفر) بثوب».

إلى غير ذلك من الأخبار المشتملة على مثل هذه التعبيرات.

و في قوله عليه السلام: و (لا تحني) وجوه:

(الأول): اشتقاق الكلمة من الحناء أي: لا تخضب بالحناء.

(الثاني): لا (تحيي)- كما في بعض النسخ- من التحية أي: لا تصلي صلاة التحية.

(الثالث): تحتبي من الحبوة و هي جمع الساقين بعمامة و نحوها فيكون ذلك موجبا لزيادة التحفظ من الدم.

(الرابع): و لا (تجثى)- بالجيم و الثاء المثلثة- أي: لا تجلس على الركبتين. و المستفاد من مجموع هذه الاحتمالات التحفظ عن انتشار الدم بأي وجه أمكن.

لوقوعها فاقدة لشرط الطهارة الخبثية، فتجب الإعادة.

لعموم حدثية الشامل لما يخرج بعد الغسل أيضا إلا أن يستفاد من سياق الأدلة العفو عنها حتّى في هذه الصورة- كما استظهر صاحب الجواهر- و مع الإجمال و عدم طريق للاستظهار، فالمرجع استصحاب بقاء أثر الغسل.

للتحفظ على بقاء أثر الغسل مهما أمكن، و لكن مقتضى الإطلاقات الواردة في مقام البيان التخيير و لا يبعد التفصيل بين استمرار السيلان و عدمه فيجب في الأول و تتخير في الأخير.

بناء على اعتبار الطهارة من حدث الاستحاضة في صحة الصوم و لكنّه مشكل، لأنّ ظاهر الأدلة كفاية الأغسال الثلاثة في صحة الصوم و وجوب أزيد من ذلك يحتاج إلى دليل و هو مفقود. إلا أن يقال: إن الغسل المعتبر في صحة الصوم إنما هو عين الغسل المعتبر في صحة الصلاة و يشترط في الأخير التحفظ مع عدم خروج الدم، فكذا في الأول.

(مسألة ۱۰): إذا قدمت غسل الفجر عليه لصلاة الليل، فالأحوط تأخيرها إلى قريب الفجر فتصلي بلا فاصلة (٥٤).

لأنّه المتيقن من الإجماع الدال عليه و تقدم في [مسألة ۳] ما ينفع المقام.

(مسألة ۱۱): إذا اغتسلت قبل الفجر لغاية أخرى ثمَّ دخل الوقت من غير فصل يجوز لها الاكتفاء به للصلاة (٥٥).

أما جواز الاغتسال لغاية أخرى، فلسهولة الشريعة المقدسة، و عدم موجب لحرمانها عنها، و إنّ ذكر الصلاة اليومية في الأدلة إنّما هو من باب كثرة الابتلاء لا لخصوصية فيها، فيجوز لكلّ غاية مشروطة بالطهارة سواء حصلت‏ الطهارة الحقيقية أو التنزيلية، و قد ذكر فيها الطواف بالبيت أيضا، و إطلاقه يشمل الطواف المندوب. و أما الاكتفاء بها للصلاة، فلما تقدم في [مسألة ۳] بدعوى: أنّ ذكر صلاة الليل في مورد الإجماع من باب المثال لا الخصوصية.

(مسألة ۱۲): يشترط في صحة صوم المستحاضة على الأحوط إتيانها للأغسال النهارية (٥٦)، فلو تركتها فكما تبطل صلاتها يبطل‏صومها أيضا على الأحوط. و أما غسل العشائين فلا يكون شرطا في الصوم و إن كان الأحوط مراعاته أيضا و أما الوضوءات فلا دخل لها بالصوم (٥۷).

نصا، و إجماعا في الجملة ففي صحيح ابن مهزيار- على رواية الكافي- «كتبت إليه: امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان، ثمَّ استحاضت فصلّت و صامت شهر رمضان كلّه من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكلّ صلاتين هل يجوز صومها و صلاتها أم لا؟

فكتب عليه السلام تقضي صومها و لا تقضي صلاتها، لأنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله كان يأمر فاطمة و المؤمنات من نسائه بذلك»44.

و نوقش فيه أولا: بالإضمار. و فيه: أنه لا بأس به من مثل ابن مهزيار.

و ثانيا: باشتماله على امره صلّى اللَّه عليه و آله لفاطمة عليها السلام مع أنها طاهرة مطهرة كما في النصوص‏. و فيه: أنّه يمكن أن تكون فاطمة بنت أبي حبيش التي اشتهرت بأنّها دامية مع أنّه يمكن أن يكون ذلك لتعليم الغير لا لعملها لنفسها.

و ثالثا: باشتماله على قضاء الصيام دون الصلاة و لا قائل به. و فيه: أنّه يمكن الحمل على التعجب، مع أنّه يمكن أن يصح التفكيك في أجزاء الخبر الواحد بالقبول في بعضها و الرد في بعضها الآخر.

ثمَّ إن المتيقن من الإجماع على فرض الاعتبار خصوص غسل الغداة، و المنساق من الصحيح- بحسب المرتكزات- غسل الظهرين، فيرجع في اعتبار غسل العشائين في صحة الصوم إلى الأصل فلا وجه لأن يقال: إنّه بعد العلم بوجوب الغسل في الجملة فمقتضى العلم الإجمالي الإتيان بجميع الأغسال حتّى الليلة الماضية فكيف بالآتية، و ذلك لانحلاله بالمتيقن من الإجماع، و المنساق من النص و طريق الاحتياط واضح، بل يمكن أن يكون المقام من الأقل و الأكثر الذي يرجع فيه إلى البراءة، فلا وجه لجعله من موارد العلم الإجمالي، لأنّ الزائد مشكوك ثبوتا.

للأصل، و اختصاص الدليل بخصوص الغسل. نعم، لو كان الوضوء شرطا لصحة غسل المستحاضة، فللوضوءات دخل من هذه الجهة، و لكنّه لا دليل عليه.

(مسألة ۱۳): إذا علمت المستحاضة انقطاع دمها بعد ذلك إلى آخر الوقت انقطاع برء أو انقطاع فترة تسع الصلاة وجب عليها تأخيرها إلى ذلك الوقت (٥۸)، فلو بادرت إلى الصلاة بطلت، إلا إذا حصل منها قصد القربة، و انكشف عدم الانقطاع (٥۹)، بل يجب التأخير مع رجاء الانقطاع بأحد الوجهين حتّى لو كان حصول الرجاء في أثناء الصلاة لكن‏ الأحوط إتمامها ثمَّ الصبر إلى الانقطاع (٦۰).

لأنّ موضوع التكاليف الاضطرارية العذر المستوعب لا صرف الوجود منه، و إطلاقات أدلة المقام ليست متكفلة لجواز البدار بعد عدم كونها في مقام البيان من هذه الجهة، و احتمال أنّه لا حدثية للدم بعد الغسل، أو أنّ الفترة بمنزلة العدم، خلاف ظواهر الأدلة، و مرتكزات المتشرعة من النساء.

أما البطلان في الأول، فلعدم الأمر مع العلم بوجود الفترة الواسعة بعد ذلك. و أما الصحة في الأخير، فلثبوت الأمر واقعا و استجماع العمل لشرائط الصحة.

أما وجوب التأخير مع الرجاء، فلأنّ موضوع التكاليف الاضطرارية إحراز استيعاب العذر و اليأس المعتبر عن زواله و لم يحرز ذلك، فلم يتحقق التكليف الاضطراري، فلا وجه للصحة. و أما شموله لأثناء الصلاة أيضا فلأنّه يوجب التزلزل في التكليف الفعلي، فيحصل التردد في قصد الأمر قهرا و لا يجري الاستصحاب لعدم اليقين. ثمَّ إنّه يكفي في حسن الاحتياط بإتمام الصلاة ثمَّ الصبر إلى الانقطاع مجرد احتمال صحة الصلاة إن حصل الرجاء في أثنائها، و يأتي في المسألة التالية بعض الكلام.

(مسألة ۱٤): إذا انقطع دمها فإما أن يكون انقطاع برء أو فترة تعلم عوده أو تشك في كونه لبرء أو فترة، و على التقادير إما أن يكون قبل الشروع في الأعمال أو بعده أو بعد الصلاة، فإن كان انقطاع برء و قبل الأعمال يجب عليها الوضوء فقط أو مع الغسل (٦۱) و الإتيان بالصلاة، و إن كان بعد الشروع استأنفت (٦۲)، و إن كان بعد الصلاة أعادت (٦۳) إلا إذا تبيّن كون الانقطاع قبل الشروع في الوضوء و الغسل (٦٤) و إن كان انقطاع فترة واسعة فكذلك على الأحوط (٦٥)، و إن كانت شاكة في سعتها أو في كون الانقطاع لبرء أم فترة لا يجب عليها الاستئناف أو الإعادة (٦٦) إلا إذا تبيّن بعد ذلك سعتها أو كونه لبرء (٦۷).

لما تقدم مما دل على أنّ دم الاستحاضة حدث يوجب الطهارة وضوءا كانت أو غسلا و الانقطاع ليس موجبا لزوال الحدثية و حصول الطهارة.

لما دل على أنها حدث و ما دل على اشتراط الطهارة في الصلاة بتمام أجزائها. و ليس في البين ما يصلح للخلاف الا تنظير المقام بالمتيمم الواجد للماء في أثناء الصلاة، و استصحاب الصحة، و إطلاق دليل العفو. و الأول قياس، و الثاني محكوم بما دل على الحدثية و لم نظفر على الأخير إلا ما دل على اكتفائها بالأغسال الصلاتية و لا دلالة لها على المقام بوجه.

لأنّ موضوع التكاليف الاضطرارية استيعاب العذر لتمام الوقت و لم يتحقق الموضوع فلا وجه للصحة و لا وجه لدعوى حصول الامتثال و التمسك بإطلاق الأدلة و اقتضاء الأمر للإجزاء إذ لا وجه للأول و الأخير مع تبين الخلاف‏ و الإطلاق ليس في مقام بيان هذه الجهة، فما نسب إلى صاحب الجواهر و المحقق الأنصاري من الإجزاء لا وجه له.

لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها فلا بد من الإجزاء.

لما تقدم من أنّ التكاليف الاضطرارية تدور مدار استيعاب الاضطرار في تمام الوقت و لا دليل على الصحة مع الفترة مطلقا لبرء كانت أو غيره الا دعوى أنّ الفترة لغير البرء غالبية و تنزل الأدلة على الغالب و لعل نظر الماتن رحمه اللَّه إليه حيث لم يجزم بالفتوى.

و فيه: منع الصغرى و الكبرى في مثل هذا الحدث المستمر مع ما ارتكز في الأذهان من اعتبار الاستيعاب في التكاليف الاضطرارية ما لم يدل دليل معتبر على الخلاف.

كما عن جمع منهم صاحب الجواهر، و الشيخ الأنصاري، لإطلاق الأدلة، و قاعدة الحرج، و لكن الأول ليس في مقام بيان هذه الجهة. و الثانية لا كلية فيها. نعم، لو كان حرج في الاستئناف لا يجب بلا خلاف.

فيجب الاستئناف حينئذ، لتبين الخلاف.

(مسألة ۱٥): إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كما إذا انقلبت القليلة متوسطة أو كثيرة، أو المتوسطة كثيرة- فإن كان قبل الشروع في الأعمال فلا إشكال، فتعمل عمل الأعلى (٦۸). و كذا إن كان بعد الصلاة، فلا يجب إعادتها (٦۹)، و أما إن كان بعد الشروع‏ قبل تمامها فعليها الاستئناف و العمل على الأعلى، حتّى إذا كان الانتقال من المتوسطة إلى الكثيرة فيما كانت المتوسطة محتاجة إلى الغسل و أتت به أيضا، فتكون أعمالها حينئذ مثل أعمال الكثيرة، لكن مع ذلك يجب الاستئناف (۷۰)، و إن ضاق الوقت عن الغسل و الوضوء أو أحدهما تتيمم بدله (۷۱)، و إن ضاق عن التيمم أيضا استمرت على عملها (۷۲)، لكن عليها القضاء على الأحوط. و إن انتقلت من الأعلى إلى الأدنى استمرت على عملها لصلاة واحدة (۷۳)، ثمَّ تعمل عمل الأدنى، فلو تبدلت الكثيرة متوسطة قبل الزوال أو بعده قبل صلاة الظهر تعمل للظهر عمل الكثيرة، فتتوضأ و تغتسل و تصلي، لكن للعصر و العشائين يكفي الوضوء (۷٤). و إن أخرت العصر عن الظهر أو العشاء عن المغرب (۷٥). نعم، لو لم تغتسل للظهر عصيانا أو نسيانا يجب‏ عليها للعصر إذا لم يبق إلا وقتها، و إلا فيجب إعادة الظهر بعد الغسل و إن لم تغتسل لها فللمغرب و إن لم تغتسل لها فللعشاء (۷٦) إذا ضاق الوقت و بقي مقدار العشاء.

لتحقق موضوعه، فيتبعه حكمه قهرا.

لوقوعها صحيحة جامعة للشرائط، فلا مقتضي للإعادة قهرا.

لبطلان أثر الغسل السابق بحدوث الكثيرة بعده فيكون كجنابة اغتسل عنها ثمَّ حدثت جنابة أخرى بلا فرق فيه بين كون الأقسام الثلاثة متباينة أو من الأقل و الأكثر، لتجدد التكليف، بعروض الكثيرة عن كلّ حال، فلا بد من الامتثال.

لعموم دليل البدلية الشامل للطهارة الحقيقية و الاضطرارية.

الظاهر كونها من فاقد الطهورين، و يأتي حكمه في (فصل التيمم).

لأنّ نفس الانتقال في المقام ليس كالغسل، فمقتضى الأصل و العمومات بقاء ما يقتضيه الأعلى و لا فرق في ذلك بين ما إذا عملت بوظائفها للأعلى قبل التبدل أم لا، لأنّ بقاء الأعلى في الجملة و لو بعد الإتيان بوظيفته حدث موجب لإعمال الوظيفة أيضا. نعم، لو علمت بالانقطاع قبل إتيان الوظيفة و عدم الحدوث بعدها لا موجب لتجديد حينئذ، كما هو واضح.

لفرض الانقلاب إلى القليلة، فلا بد من العمل بحكمها و الحكم يدور مدار الموضوع حدوثا و بقاء.

يعني سواء أتت باللاحقة متصلة بالسابقة، أو منفصلة عنها.

كلّ ذلك، لأنها مأمورة بالغسل و قد تركته، فيجب عليها الإتيان به و تدارك ما صلّته بلا غسل إعادة، أو قضاء

(مسألة ۱٦): يجب على المستحاضة المتوسطة و الكثيرة إذا انقطع عنها بالمرة الغسل للانقطاع (۷۷)، إلا إذا فرض عدم خروج الدم منها من حين الشروع في غسلها السابق للصلاة السابقة (۷۸).

لأنّ الاستحاضة المتوسطة أو الكثيرة حدث يحتاج في رفعه إلى الغسل الا أن يدل دليل إما على أن الانقطاع رافع كالغسل أو على عدم حدثية ما يحدث بعد الغسل، أو على أنه حدث معفو عنه. و الأول مما لا قائل به، و الثاني خلاف الإطلاقات و العمومات الدالة على حدثيّته، و الأخير يحتاج إلى دليل و هو مفقود، فيتعيّن الغسل للانقطاع لا محالة.

لأنّه لا موضوع لوجوب الغسل ثانيا مع فرض عدم خروج الدم من حين الشروع في الغسل السابق، فإيجابه حينئذ يكون بلا موجب.

(مسألة ۱۷): المستحاضة القليلة كما يجب عليها تجديد الوضوء لكلّ صلاة ما دامت مستمرة كذلك يجب عليها تجديده لكل مشروط بالطهارة (۷۹). كالطواف الواجب و مس كتابة القرآن إن وجب، و ليس لها الاكتفاء بوضوء واحد للجميع على الأحوط (۸۰)، و إن كان ذلك الوضوء للصلاة فيجب عليها تكراره بتكرارها حتّى في المس يجب عليها ذلك لكلّ مس على الأحوط (۸۱). نعم، لا يجب عليها الوضوء لدخول المساجد و المكث فيها، بل و لو تركت الوضوء للصلاة أيضا (۸۲).

الكلام في هذه المسألة تارة: بحسب الأدلة العامة. و أخرى:

بحسب الأدلة الخاصة. و ثالثة: بحسب الكلمات. و رابعة: بحسب الأصول العملية.

أما الجهة الأولى: فمقتضى العمومات و الإطلاقات الدالة على اعتبار الطهارة فيه يشترط فيها الطهارة عدم صحته من المستحاضة فيما كانت الطهارة شرطا لصحته و عدم الجواز فيما كانت الطهارة شرطا للجواز، لفرض أنها مستمرة الحدث إما بالأصغر أو بالأكبر فلا يجوز لها مس كتابة القرآن، لأنّها محدثة بالأصغر إن كانت الاستحاضة صغرى كما لا يجوز لها المكث في المساجد و العبور في المسجدين إن كانت متوسطة أو كبرى، لكنّها مخصصة و مقيدة بما يأتي من خبر عبد الرحمن، و الإجماع على أنّها إذا فعلت تكون طاهرة.

و أما الجهة الثانية: فلا ريب في صحة صلاة الصغرى بوضوئها نصا، و إجماعا كما لا ريب في صحة صلاة المتوسطة و الكبرى و صومها بالغسل و الوضوء نصا و إجماعا كما مر. إنما الكلام في موردين:

الأول: هل تختص صحة طهارتها بخصوص الغايات التي ورد فيها الدليل بالخصوص- كالصلاة، و الصوم، و الطواف، و صلاة الليل و ركعتي الفجر- فلا يحل لها سائر الغايات الا بعد البرء و الانقطاع. أو يعم جميع الغايات المشروطة بالطهارة واجبة أو مندوبة، فيجوز لها الطهارة لمس المصحف، و المكث في المسجد- مثلا- و إن لم تكن مضيقة؟ الظاهر هو الأخير، أما أولا: فلأنّ الاستحاضة و إن كانت من استمرار الحدث، و لكنّها حالة نوعية لهنّ، فمقتضى سهولة الشريعة عدم حرمانهنّ عنها، مع أنه يظهر منهم التسالم على التوسعة في طهارة المستحاضة بما لم يوسع به في سائر الطهارات الاضطرارية.

و ثانيا: إمكان التمسك بالفحوى، لأن الصلاة التي هي أهم الغايات المشروطة بالطهارة إذا حلّت بطهارتهنّ فحلية غيرها بالأولى.

و ثالثا: إمكان أن يكون ما ذكر في الأدلة من باب المثال فقط لا الخصوصية.

و رابعا: وردت جملة من المندوبات التي يبعد التزام التخصيص بها.

منها: ركعتا الفجر.

و منها: الجمع بين الصلاتين في وقت الفضيلة.

و منها: دخول المسجد، كما في صحيح ابن عمار: «توضأت و دخلت المسجد و صلّت كل صلاة بوضوء».

و منها: جواز إتيان النوافل لها.

و منها: الطواف و إطلاق يشمل الطواف المندوب أيضا، فيمكن أن يستفاد من ذلك كلّه صحة طهارتها لكلّ مشروط بها بعد القطع، بعدم الاختصاص بما ذكر، و يظهر منهم التسالم عليه أيضا.

الثاني: هل تكفي طهارتها للصلاة لكلّ مشروط بها واجبة كانت أو مندوبة.

أو لا بد لكلّ عمل مشروط بها من تطهير خاص به قولان: نسب إلى الأكثر الأول، و لأصالة بقاء الطهارة ما لم يطرأ أحد النواقض الخاصة.

و نوقش فيه‏ بأنّ الشك في أصل الحدوث، لأنّ حدوثها لما ورد فيه الدليل بالخصوص معلوم و لغيره مشكوك رأسا، لأنّ الطهارة في مستمرة الحدث جهتية لا من كلّ جهة، فالمرجع العمومات و الإطلاقات الدالة على اعتبار الطهارة لا استصحابها.

و فيه: أنّ ذلك من مجرد الدعوى، بل يستكشف من الإجماع و مثل خبر عبد الرحمن الآتي أنها من كلّ جهة لا أن تكون جهتية، فلا بأس بجريان الاستصحاب.

و استدل أيضا بإطلاق قول الصادق عليه السلام في خبر عبد الرحمن:

«و كلّ شي‏ء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها و لتطف بالبيت». و بإطلاق قولهم رحمهم اللَّه: «إنّ المستحاضة إذا فعلت ما عليها كانت بحكم الطاهر».

فهي طاهرة من كلّ جهة. قال في الجواهر: «إنّ المراد بحسب الظاهر أنّها مع فعليها لما وجب عليها حتّى تغيّر القطنة و الخرقة تكون بحكم الطاهرة من كلّ وجه مثل الذي لم تتلبس بشي‏ء من هذا الدم» و قال في المعتبر: «إذا فعلت ذلك صارت طاهرا مذهب علمائنا أجمع- إلى أن قال:- يخرج عن حكم الحدث لا محالة يجوز لها استباحة كلّ ما تستبيحه الطاهر»، و نحوه ما عن المنتهى، و قريب منه ما عن التذكرة.

و أشكل على الخبر بأنّه ليس في مقام البيان، فلا يصح الأخذ بإطلاقه.

و فيه: أنّه من مجرد الدعوى فلا يعتمد عليه. نعم، احتمال اختصاصه بالمتوسطة له وجه.

و أشكل على قولهم إنّه لا يبلغ حد الإجماع، لوجود المخالف مثل ابن حمزة و غيره.

و فيه: أنّه لو بنى على الاعتماد على قول كلّ مخالف و طرح الإجماعات لأجله، لاختل نظام الفقه، كما لا يخفي على الخبير، مع أنه يدعي الإجماع أعلام الفقه و ذلك يوجب الاطمئنان بالحكم، و لكن احتمال الاختصاص بالمتوسطة و الكثيرة فيه أيضا متوجه.

أما الجهة الثالثة: فظهر مما تقدم أنّ كلمات الأعلام تطابقت على أنّها إذا فعلت ما عليها تكون طاهرا، الا ممن ندر أو من دأبه المناقشة في المسلمات الفقهية.

أما الجهة الرابعة: فمقتضى قاعدة الاشتغال هو الاقتصار على خصوص ما ورد الدليل فيه بالخصوص، و لكنّها محكومة بما تقدم من الإجماع على أنّها إذا فعلت فهي طاهرة، فتحصل أنّ ما هو المشهور له وجه و إن كان خلاف أصالتي الإطلاق و الاشتغال.

فروع- (الأول): تقدم أنّه لا بد لها من التحفظ عن خروج الدم فلو عملت جهدها و مع ذلك خرج الدم لكثرته فلا بأس به و تصح صلاتها لقاعدة نفي الحرج و الضرر.

(الثاني): لو تضررت بالاحتشاء و نحوه يسقط، لما مر في سابقة.

(الثالث): إذا لم تعمل بوظائف الاستحاضة أصلا و تركت الصلاة مدة ثمَّ ثابت، فلا ريب في وجوب قضاء الصلاة و الصوم عليها و لا أثر حين القضاء لكون الاستحاضة السابقة قليلة أو كثيرة أو متوسطة.

(الرابع): لو استعملت دواء يمنع عن سراية الدم إلى الخارج يجزي ذلك عن القطنة و الخرقة و الاحتشاء و نحوها.

(الخامس): يجوز لها استعمال ما ينزل الكثرة إلى المتوسطة و هي إلى الصغرى- كما يجوز العكس مع عدم الضرر- كما يجوز لها استعمال ما يوجب قطع أصل دم الاستحاضة مع عدم الضرر، كلّ ذلك للأصل.

(السادس): لو عملت بوظيفة المتوسطة أو الكثيرة ثمَّ بان أنّها كانت قليلة لا شي‏ء عليها بخلاف العكس فيجب عليها قضاء ما صلّت أو صامت.

وجه التردد الجمود على الإطلاقات، و العمومات، و قاعدة الاشتغال بعد إمكان الخدشة فيما تقدم من الإجماع، و مثل خبر عبد الرحمن من احتمال الاختصاص بالقسمين الأخيرين.

تقدم وجه الاحتياط في سابقة.

لعدم اعتبار الطهارة من الحدث الأصغر لدخول المساجد، بضرورة المذهب إن لم يكن من الدين.

(مسألة ۱۸): المستحاضة الكثيرة و المتوسطة إذا عملت بما عليها جاز لها جميع ما يشترط فيه الطهارة (۸۳) حتّى دخول المساجد و المكث فيها و قراءة العزائم و مس كتابة القرآن و يجوز وطؤها، و إذا أخلّت بشي‏ء من الأعمال حتّى تغيير القطنة بطلت صلاتها (۸٤). و أما المذكورات سوى المس تتوقف على الغسل فقط (۸٥)، فلو أخلّت بالأغسال الصلاتية لا يجوز لها الدخول و المكث (۸٦) و الوطء (۸۷) و قراءة العزائم (۸۸) على الأحوط (۸۹). و لا يجب لها الغسل مستقلا بعد الأغسال الصلاتية (۹۰) و إن كان أحوط (۹۱). نعم، إذا أرادت شيئا من ذلك قبل الوقت وجب عليها الغسل مستقلا على الأحوط (۹۲). و أما المس فيتوقف على الوضوء و الغسل، و يكفيه الغسل للصلاة (۹۳). نعم، إذا أرادت التكرار يجب تكرار الوضوء و الغسل على الأحوط (۹٤)، بل الأحوط ترك المس لها مطلقا (۹٥).

أرسلوا ذلك إرسال المسلّمات الفقهية، بل عدّ من ضروريات فقه الإمامية، و مقتضى إطلاق كلماتهم عدم الفرق بين الغايات الموسعة و المضيقة.

لما تقدم في [مسألة ۱] من اشتراط صحة الصلاة بتجديد القطنة و تبديل الخرقة أو تطهيرها.

لعدم اشتراطها بالطهارة الخبثية إجماعا.

لما يأتي في حكم الوطي، و حيث إنّ الأخبار الواردة في المقام إنّما وردت في الوطي تعرضنا لها فيه، فيعلم منه غيره.

على المشهور، و استندوا تارة: إلى مفهوم قولهم رحمهم اللَّه:

«إنّها إذا فعلت ما عليها تكون بحكم الطاهر»، فيصير المفهوم أنّها لو لم تفعل ما عليها فهي محدثة بالحدث الأكبر، و حينئذ فكما أنّ المنطوق مجمع عليه و من المسلّمات الفقهية يكون المفهوم أيضا كذلك.

و فيه: أنّه لا ملازمه بين أن يكون المنطوق مورد الدليل و بين كون المفهوم أيضا كذلك، مع أنّ الدليل على المنطوق منحصر بالإجماع و لا إجماع على المفهوم، بل خالف فيه جمع كثير منهم الشيخ في النهاية و صاحبا المدارك و الذخيرة، فذهبوا إلى الجواز.

و أخرى: أنّها مع عدم الإتيان بالوظائف حائض موضوعا، أو حكما مع سبق الحيض و يتم في غيره بعدم القول بالفصل. و فيه: أنها إن اغتسلت من الحيض يحل لها ما حرم عليها بالحيض، للعمومات و الإطلاقات، و مع عدم الغسل فهي حائض و لا ربط لها بالمستحاضة، مع أنّ عدم القول بالفصل لا اعتبار به و المعتبر القول بعدم الفصل.

و ثالثة: بقول أبي عبد اللَّه عليه السلام في موثق سماعة: «و إن أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل- الحديث-»٥۰.

و قوله في خبر عبد الرحمن: «و كلّ شي‏ء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها و لتطف بالبيت»٥۱.

و قول أحدهما في موثق فضيل: «فإذا حلّت لها الصلاة حلّ لزوجها أن يغشاها»٥۲.

و خبر قرب الاسناد: «قلت يواقعها زوجها؟ قال عليه السلام: إذا طال بها ذلك فلتغتسل و لتتوضأ ثمَّ يواقعها إن أراد»٥۳.

إلى غير ذلك مما ورد في حكم وطئها بدعوى: أنّ الوطي إنّما ذكر من باب المثال لجميع ما حرم عليها، فيحل الجميع بإتيان الوظائف، و يحرم بدونه.

و فيه أولا: أنّ توقف حلية الوطي على الوضوء و الاحتشاء و نحوه مستبعد جدّا. نعم، له وجه بالنسبة إلى دفع القذارة عن المحل و غسله لئلا يوجب التنفر و الاشمئزاز، فيكون الأمر بالاغتسال إرشادا إلى ذلك.

و ثانيا: أنّه ليس الحكم مسلما في الوطي أيضا إذ الأقوال فيه أربعة: فعن جمع جوازه مطلقا، للأصل و العمومات. و عن آخرين، بل نسب إلى ظاهر الأصحاب عدم الجواز إلا بعد الإتيان بالوظائف، و عن بعض التوقف على الغسل و الوضوء دون سائر الوظائف، و عن بعض التوقف على الغسل فقط هذا مع أنه يظهر من مثل صحيح ابن سنان الذي جعل المستحاضة في مقابل الحائض اختلاف أحكامها إلا ما خرج بالدليل قال عليه السلام: «المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر، و تصلي الظهر و العصر ثمَّ تغتسل عند المغرب فتصلّي المغرب و العشاء، ثمَّ تغتسل عند الصبح فتصلي الفجر و لا بأس أن يأتيها بعلها إذا شاء الا أيام حيضها فيعتزلها زوجها»٥4.

و ظاهره أنّ حكم الوطي لوحظ في المستحاضة مستقلا في مقابل الحيض لا من حيث عمل المستحاضة بوظائفها الخاصة، فيحمل ما ظاهره توقف حكم الوطي على الوظائف على الكراهة بدون العمل بالوظائف- كما صرح به جمع منهم الشهيد رحمه اللّه- جمعا بين الأخبار. و دعوى: أنّ الصحيح ليس في مقام بيان الحلية المطلقة، بل الحلية في الجملة و لو بعد الإتيان بالوظائف خلاف ظاهره الذي يفصل بين حالتي الاستحاضة و الحيض بالنسبة إلى الوطي، و يشهد للجواز التعبير في بعض الأخبار بقولهم عليهم السلام: «إذا شاء، و إن أراد»٥٥، مع أنّه لم يعهد منهم عليهم السلام التعبير عن الحكم الواقعي بمثل هذه التعبيرات.

ظهر وجهه مما تقدم.

مقتضى الأصل بعد المناقشة فيما مر جواز ذلك كلّه لها و لو لم تعمل بالوظائف، و لكن فتوى أعاظم الفقهاء- الذين لا يجزمون الا بعد التثبت و التأمل- بالتوقف على إتيان الوظائف، و نسبة ذلك إلى ظاهر الأصحاب، و موافقة ذلك للاحتياط- خصوصا بالنسبة إلى النساء إذ الغالب فيهنّ التسامح في أحكام الحيض- يوجب التردد، و لعلّه رحمه اللّه لذلك عبّر بالاحتياط.

لظهور إجماعهم رحمهم اللّه على كفايتها، و لكن المتيقن منه إنّما هو إتيانها في الوقت دون خارجه. الا أن يقال: إنّ ذكر الوقت من باب الغالب لا التقييد بقرينة ظهور الإجماع على توسعة الأمر في طهارة المستحاضة بما لم يوسع في غيرها من الطهارات الاضطرارية.

لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر مالك: «و لا يغشاها حتى يأمرها فتغتسل ثمَّ يغشاها إن أراد»٥٦ الواجب حمله على مجرد الأولوية و الاحتياط لقصور السند، و الإجماع على كفاية الأغسال الصلاتية في حلية الوطي.

أما وجوب الغسل مستقلا، لكونها مستمرة الحدث، فتجب الطهارة لكلّ غاية مشروطة بها. و أما عدم الجزم بالفتوى، فلما تقدم من التشكيك في حرمة تلك الغايات على المستحاضة.

أما التوقف على الغسل و الوضوء، فلحرمة المس على المحدث مطلقا- أكبر كان أو أصغر- و أما كفاية الغسل للصلاة، فلما تقدم من كونها بحكم الطاهر مع الإتيان بالوظائف.

أما تكرار الوضوء و الغسل، فلقاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب بعد فرض كونها مستمرة الحدث.

و أما الاحتياط فلاحتمال كفاية طهارة واحدة للمتعدد من المس خصوصا بعد كونه في مجلس واحد، و خصوصا في الغسل الذي يظهر تسالمهم على عدم تعدده بتعدد المس.

اقتصارا في الطهارة الاضطرارية على الضرورة، و لكن يدفعه إجماعهم على أنّها لو فعلت كانت بحكم الطاهر. قال في الجواهر: «قد يشعر تصفح عباراتهم في المقام و في توقف الصوم على ذلك بأنّ طهارتها لتلك الغايات تابع للأفعال الصلاتية». و لكن قال في ذيل كلامه و ما أحسن قوله رحمه اللّه:

«كلّ ذلك في كلمات الأصحاب غير محررة و عباراتهم كتعليلاتهم في مقامات متعددة مضطربة».

(مسألة ۱۹): يجوز للمستحاضة قضاء الفوائت مع الوضوء و الغسل و سائر الأعمال لكلّ صلاة (۹٦). و يحتمل جواز اكتفائها بالغسل للصلوات الأدائية (۹۷) لكنّه مشكل (۹۸)، و الأحوط ترك القضاء إلى النقاء.

لما تقدم غير مرة من أنّها مع الإتيان بالوظائف بحكم الطاهر إجماعا.

لما يظهر من تسالمهم على أنّها مع الإتيان بوظائف الصلاة الأدائية بحكم الطاهر، فلا موجب حينئذ لتجديدها لسائر الغايات.

للشك في شمول إجماعهم، على أنّها بحكم الطاهر للواجبات الموسّعة. نعم، لو صار القضاء مضيقا لا إشكال فيه، و يأتي في [مسألة ۳٤] من صلاة القضاء ما ينفع المقام.

(مسألة ۲۰): المستحاضة تجب عليها صلاة الآيات (۹۹) و تفعل لها كما تفعل لليومية (۱۰۰)، و لا تجمع بينهما بغسل و إن اتفقت في وقتها (۱۰۱).

لإطلاق أدلّتها، و عمومها الشامل لها أيضا، فلا دليل على التخصيص و التقييد.

لأنّ صلاة الآيات مستقلة في مقابل صلاة اليومية، فيعتبر فيها ما يعتبر في غيرها من سائر الصلوات الواجبة على المستحاضة.

لأنها مستمرة الحدث، و المتيقن من إجماعهم، على أنّها لو فعلت الوظائف تكون بحكم الطاهر غير الصلوات الواجبة من سائر الغايات المشروطة بالطهارة، فمقتضى الإطلاقات و العمومات الدالة على اعتبار الطهارة في الصلاة، و قاعدة الاشتغال تجديد الوظيفة.

(مسألة ۲۱): إذا أحدثت بالأصغر في أثناء الغسل لا يضر بغسلها على الأقوى (۱۰۲)، لكن يجب عليها الوضوء بعده و إن توضأت قبله (۱۰۳).

لما تقدم في [مسألة ۸] من (فصل مستحبات غسل الجنابة) و يحتمل أن يقال: إنّ المتيقن من الأدلة غير المستحاضة. و لكنّه ضعيف.

لأنّه حدث جديد فلا بد لها من الطهارة عنه، لعموم ما دل على النقض و الطهارة عن كلّ ناقض.

(مسألة ۲۲): إذا أجنبت في أثناء الغسل أو مست ميتا استأنفت غسلا واحدا لهما (۱۰٤) و يجوز لها إتمام غسلها و استئنافه لأحد الحدثين (۱۰٥) إذا لم يناف المبادرة إلى الصلاة بعد غسل الاستحاضة، و إذا حدثت الكبرى في أثناء غسل المتوسطة استأنفت للكبرى (۱۰٦).

لما دل على صحة التداخل في الأغسال، و قد تقدم في [مسألة ۹] من مستحبات غسل الجنابة.

بناء على أنّ التداخل رخصة لا عزيمة و تقدم في [مسألة ۱٥] من (فصل مستحبات غسل الجنابة) ما ينفع المقام فراجع.

لنقض أثر الأول و وجوب الطهارة من الثاني، فيكون من قبيل حصول الجنابة في أثناء غسل الجنابة، و البول في أثناء الوضوء.

(مسألة ۲۳): قد يجب على صاحبة الكثيرة، بل المتوسطة أيضا خمسة أغسال (۱۰۷)، كما إذا رأت أحد الدمين قبل صلاة الفجر، ثمَّ انقطع، ثمَّ رأته قبل صلاة الظهر ثمَّ انقطع ثمَّ رأته عند العصر ثمَّ انقطع. و هكذا بالنسبة إلى المغرب و العشاء و يقوم التيمم مقامه (۱۰۸) إذا لم تتمكن منه، ففي الفرض المزبور عليها خمسة تيممات، و إن لم تتمكن من الوضوء أيضا فعشرة كما أنّ في غير هذه إذا كانت وظيفتها التيمم ففي القليلة خمسة (۱۰۹) تيممات و في المتوسطة ستة (۱۱۰) و في الكثيرة ثمانية (۱۱۱) إذا جمعت بين الصلاتين، و إلا فعشرة (۱۱۲).

هذه المسألة خلاصة جميع ما تقدم في جملة من المسائل السابقة، و الوجه في وجوب خمسة أغسال عموم ما دل على أنّ حدوث هذا الدم حدث يوجب الغسل، و قاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب.

فرع: لو اغتسلت و صلّت فريضتها ثمَّ تبيّن بعد الصلاة أن لها الفترة الواسعة تجب عليها إعادة الغسل و الصلاة، لتبين الخلاف، و تقدم في [مسألة ۱٤] ما يرتبط بالمقام فراجع، و عليه، فيمكن فرض أنّه قد يصدر منها عشرة أغسال في الصلوات اليومية خمسة باطلة و خمسة صحيحة.

لعموم ما دل على بدلية الطهارة الترابية عن المائية، فيكون بدلا عن الغسل في المقام و عن الوضوء أيضا لو لم تتمكن منه، فيجب عليها عشرة تيممات، خمسة بدلا عن الغسل و خمسة بدلا عن الوضوء، و قد تنقص عنها بحسب مراتب تمكنها من بعض الوضوءات دون بعض.

لعدم وجوب الغسل عليها، فيكون جميع تيمماتها بدلا عن الوضوء، و الوضوء الواجب عليها خمسة، فيكون بدله كذلك أيضا.

يكون أحدهما بدلا عن الغسل، و البقية بدلا عن الوضوء، فتصير ستة.

لوجوب ثلاثة أغسال عليها مع الجميع فثلاثة من التيممات بدل الأغسال الثلاثة و خمسة منها بدل عن الوضوء للصلوات الخمسة.

خمسة بدلا عن الغسل و خمسة بدلا عن الوضوء، و من يقول بكفاية الغسل عن الوضوء يسقط عنده جميع التيممات التي تكون بدلا عن الوضوء، فيجزي في الأول خمس تيممات فقط، و في المتوسطة تيمم واحد إن لم يحدث منها حدث و صلّت جميع صلواتها بذلك التيمم، و في الكثيرة ثلاثة تيممات مع الجمع بين الصلاتين و إلا فخمسة.

فروع- (الأول): غسل الاستحاضة كغسل الحيض في واجباته و مندوباته و أحكامه. نعم، يعتبر في غسل الاستحاضة إتيان الصلاة بعده بلا فصل، على ما مر من التفصيل.

(الثاني): لا يجب قصد خصوص المتوسطة أو الكثيرة في الغسل للأصل و يجزي قصد أصل غسل الاستحاضة، و كذا في التيمم الذي يكون بدله.

(الثالث): يجب على المستحاضة، و الحائض، و النفساء تعلم أحكامها الابتلائية وجوبا فطريا عقليا.

  1. تقدم بعضه في مرسلة يونس راجع صفحة: ۲۱۰. و في الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۱۷ و ۸.
  2. راجع صفحة: ۱44
  3. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الحيض حديث: ۳.
  4. الوسائل باب: ۳ من أبواب الحيض حديث: ۲
  5. الوسائل باب: ۳ من أبواب النفاس حديث: ۱٦.
  6. تقدم في صفحة: ۲۱۰
  7. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۱۷.
  8. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ٥.
  9. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ۳
  10. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الحيض حديث: ۳.
  11. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ٦.
  12. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٥.
  13. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱.
  14. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱.
  15. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٦.
  16. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۹.
  17. الوسائل باب: 4 من أبواب الحيض حديث: ۱.
  18. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱.
  19. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: 4.
  20. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ٦
  21. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٥.
  22. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٦
  23. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱.
  24. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٦.
  25. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۷.
  26. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٦.
  27. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۸
  28. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٥.
  29. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٦.
  30. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۳.
  31. تقدم في صفحة: ۲۱۱ و سبق معنى المثعب أيضا في صفحة: ۲۱٦
  32. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱
  33. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الحيض حديث: ۱۲
  34. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱٥
  35. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱٥
  36. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱4 و غيرها من الأخبار.
  37. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱۳ و غيرها من الأخبار.
  38. تقدم في صفحة: ۲۷۹.
  39. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب الحيض حديث: ٦.
  40. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱
  41. تقدم في صفحة: ۲۸۱
  42. راجع الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٥ و ۱ و ۲.
  43. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۸.
  44. الوسائل باب: 4۱ من أبواب الحيض حديث: ۷.
  45. الوافي ج ۲۰ باب: ۱۱۳ من أبواب بدء الخلق الحديث: ۲.
  46. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب النجاسات.
  47. الوسائل باب: 4۰ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱.
  48. الوسائل باب: 4۰ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱.
  49. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۸.
  50. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ٦.
  51. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۸.
  52. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱۲
  53. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱٥.
  54. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: 4.
  55. الوسائل باب: ۱ من أبواب الاستحاضة حديث: 4 و ۱٥.
  56. الوسائل باب: ۳ من أبواب الاستحاضة حديث: ۱
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"