1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطهارة
  10. /
  11. فصل في الأغسال المندوبة
و هي كثيرة و عدّ بعضهم سبعا و أربعين، و بعضهم أنهاها إلى خمسين، و بعضهم إلى أزيد من ستين، و بعضهم إلى سبع و ثمانين، و بعضهم إلى مائة (۱). و هي أقسام زمانية و مكانية و فعلية. إما للفعل‏ الذي يريد أن يفعل، أو للفعل الذي فعله (۲). و المكانية أيضا في الحقيقة فعلية، لأنّها إما للدخول في المكان أو للكون فيه. أما الزمانية فأغسال: (أحدها): غسل الجمعة، و رجحانه من الضروريات، و كذا تأكد استحبابه معلوم من الشرع. و الأخبار في الحث عليه كثيرة، و في بعضها: أنّه يكون طهارة له من الجمعة إلى الجمعة، و في آخر: غسل يوم الجمعة طهور و كفارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة. و في جملة منها: التعبير بالوجوب (۳)، ففي الخبر: إنّه واجب على كلّ ذكر أو أنثى من حر أو عبد، و في آخر: عن غسل يوم الجمعة فقال عليه السّلام: «واجب على كلّ ذكر و أنثى من حر أو عبد»، و في ثالث: «الغسل واجب يوم الجمعة»، و في رابع: قال الراوي: كيف صار غسل الجمعة واجبا؟ فقال عليه السّلام: «إنّ اللّه أتمّ صلاة الفريضة بصلاة النافلة .. (إلى أن قال): و أتم وضوء النافلة بغسل يوم الجمعة». و في خامس: «لا يتركه إلّا فاسق»، و في سادس: عمّن نسيه حتّى صلّى قال عليه السّلام: «إن كان في وقت فعليه أن يغتسل و يعيدالصلاة و إن مضى الوقت فقد جازت صلاته» .. إلى غير ذلك (٤). و لذا ذهب جماعة إلى وجوبه، منهم الكليني و الصدوق و شيخنا البهائي، على ما نقل عنهم. لكن الأقوى استحبابه، و الوجوب في الأخبار منزّل على تأكد الاستحباب، و فيها قرائن كثيرة على إرادة هذا المعنى (٥)، فلا ينبغي الإشكال في عدم وجوبه، و إن كان الأحوط عدم‏ تركه (٦).

نسب ما يقرب المائة إلى المصابيح، و عن صاحب المستند أنّها سبع و ثمانون و عن النفلية أنّها خمسون. و أما الستون فلم أظفر بقائله عاجلا، و المناط كلّ ما ورد فيه خبر و لو ضعيف، أو ذكر في كتاب فقيه ما لم يعارضه دليل بناء على ثبوت الاستحباب الشرعي، لقاعدة التسامح حتّى بالنسبة إلى فتوى الفقيه، و عن المعتبر و المنتهى استحباب غسل المندوب نفسا و عدم حصره في عدد مخصوص و له وجه، لأنّه نحو تنظيف و النظافة من الإيمان، و يدل عليه إطلاق قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏۱. و للتطهير مراتب و درجات و إطلاقه يشمل الجميع و غسل تمام البدن و تنظيفه عن الوسخ و القذارة و لو في كلّ يوم.

ثمَّ إنّ في موثق سماعة۲ قد زيد على الأغسال السبعة الواجبة المعروفة خمسة أخرى و صرّح الإمام عليه السّلام بوجوبها و هي: غسل المولود، و غسل المحرم، و غسل يوم عرفة، و غسل المباهلة، و غسل الاستسقاء، و لا بدّ و أن يحمل ذلك على تأكد الاستحباب جمعا و إجماعا، و لم أظفر على خبر مشتمل‏ على جميع الأغسال المسنونة تمامها. نعم، هي متفرقة في الأخبار الواردة في الأبواب المختلفة تعرضنا لها في محالها، و إنّما يذكر في هذا الفصل جملة وافية منها.

ثمَّ إنّه لا بدّ قبل الشروع في بيان الأغسال من بيان أمور:

(الأول): قد مرّ إمكان استفادة استحباب ذات الغسل مطلقا نفسا مما ورد إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏ و أنّ الطهور نور، فإنّ إطلاقها يشمل جميع مراتب حصول الطهارة ظاهرية كانت أو معنوية، كانت مبيحة للصلاة أو لا خصوصا إن قلنا بأنّ كلّ غسل يجزي عن الوضوء فإنّ حصول الطهارة حينئذ واضحة، فتصدق الآية لا محالة، و يأتي في المسألة السادسة من القسم الثاني من الأغسال الفعلية ما ينفع المقام.

(الثاني): قد استقر بناء الفقهاء في المندوبات على حمل القيود المذكورة فيها على تعدد المطلوب، فليكن تقييد هذه الأغسال بالوقت الخاص أو المكان المخصوص هكذا أيضا، فيجوز إتيانها قبله أو بعده أيضا، كما في غسل الجمعة و غسل ليلة القدر- على قول بعض- فما ورد فيها من النص يكون موافقا للقاعدة لا أن يكون مخالفا لها، و كذا ما ورد في صلاة الليل و النوافل من صحة الإتيان قبل الوقت و حينه و بعده.

(الثالث): يظهر للمتأمل في مجموع ما ورد في الأغسال المندوبة استحبابه لكلّ عمل يراد التقرب به إلى اللّه تعالى و كلّ مكان شريف و زمان كذلك، و كلّ ما يراد به حصول النشاط العبادي. نعم، خرجت العبادات العامة الابتلائية و دخول المساجد- غير المسجدين- بظهور الإجماع على عدم استحباب الغسل لها، و يسهل الأمر في غير ما ورد فيه النص بالخصوص الإتيان بقصد الرجاء.

(الرابع): ليس الاختلاف في أعداد الأغسال المسنونة حقيقيا بل هو اعتباري فمنهم من اكتفى بذكر الأهم المشهور منها، كالمحقق حيث جعلها ثمانية و عشرين، و منهم من تعدّى منه إلى كلّ ما أفتى به و لو فقيه واحد. و لو بنى الكلّ على التسامح حتّى بالنسبة إلى فتوى الفقيه لاتفق الكلّ على عدد خاص و الأمر سهل.

هذا التقسيم استقرائي و لا أثر منه في كتب القدماء، و لكنّه واقع بحسب الأدلة الشرعية.

و قد أطلق الوجوب على جملة أخرى من الأغسال أيضا في موثق سماعة۳ مع أنّهم لا يقولون بوجوبها.

و لكن قال في الجواهر- و نعم ما قال-: «لعلّ التتبع يشهد أنّ كلّ ما زيد فيه من المبالغة في فعله و تركه كان إلى الاستحباب أقرب منه إلى الوجوب».

أقول: و قد جعل (قدّس سرّه) هذا في موارد من كتابه من أمارات الندب، و صرّح بأنّه قد جرت عادة الأئمة عليهم السّلام على ذلك، هذا، مع أنّ من لوازم الوجوب الإيعاد على الترك، و لم يرد إيعاد عليه في النصوص، مضافا إلى أنّ جميع ما ورد في غسل الجمعة و سائر الأعياد إرشاد إلى ما جبلت عليه فطرة الناس من التغسيل و التنظيف في الأعياد، و إنّما أكدوا عليهم السّلام في عيد الجمعة، لأنّه متكرر في كلّ شهر مرات يمكن أن يتسامح فيه الناس، فأكد ذلك أشدّ التأكيد، مع أنّ التأكيد في التطهير و التنظيف من عادة الشرع مهما أمكنه ذلك.

كصحيح ابن يقطين قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الغسل في الجمعة و الأضحى و الفطر، قال: سنّة و ليس بفريضة»٤.

و في صحيح زرارة عن الصادق عليه السّلام عن غسل الجمعة قال عليه السّلام: «سنّة في السفر و الحضر»٥.

و في خبر آخر: «ليس شي‏ء من التطوع أعظم منه»٦.

و عدّه في عداد المندوبات في جملة من الروايات، مع أنّ مقتضى الأصل عدم الوجوب نفسيا كان أو غيريا، إلّا أن يدل دليل غير معارض عليه. هذا مع استقرار المذهب على الندب و عن الخلاف و الغنية الإجماع على الندب بين‏ القدماء أيضا، و الوجوب النفسي منفي بالأدلة الحاصرة للأغسال الواجبة في غيره، و الغيري منفيّ بضرورة المذهب، بل الدين إذ لم ينسب إلى أحد اشتراط صحة العبادات بغسل الجمعة.

خروجا عن خلاف من أوجبه و جمودا على بعض النصوص.

(مسألة ۱): وقت غسل الجمعة من طلوع الفجر الثاني إلى الزوال (۷)، و بعده إلى آخر يوم السبت قضاء (۸).لكن الأولى و الأحوط فيما بعد الزوال إلى الغروب من يوم الجمعة أن ينوي القربة من غير تعرض للأداء و القضاء (۹)، كما أنّ الأولى مع تركه إلى الغروب أن يأتي به بعنوان القضاء في نهار السبت لا في ليله (۱۰). و آخر وقت قضائه غروب يوم السبت و احتمل بعضهم جواز قضائه إلى آخر الأسبوع لكنّه مشكل (۱۱). نعم، لا بأس به لا بقصد الورود بل برجاء المطلوبية، لعدم الدليل عليه إلّا الرضوي (۱۲)، غير المعلوم كونه منه عليه السّلام.

للنص و الإجماع، ففي صحيح زرارة و الفضيل قالا: «قلنا له:

أ يجزي إذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة؟ فقال عليه السّلام: نعم»۷.

و في خبر زرارة: «إذا اغتسلت بعد الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الجمعة»۸.

و يشهد له أصالة عدم المشروعيّة إلّا فيما يصدق عليه يوم الجمعة إن لم نقل بأنّه في كلّ أسبوع مرة.

لدعوى الإجماع عليه، و لخبر دعائم الإسلام: «و ليكن غسلك قبل الزوال»۹.

و لما دل على أنّ حكمة تشريعة الطهارة و النظافة للاجتماع للصلاة۱۰، و في خبر ابن بكير عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة، قال عليه السّلام: يغتسل ما بينه و بين الليل، فإن فاته اغتسل يوم السبت»۱۱.

فإنّه ظاهر في أنّ له في يوم الجمعة وقت أداء و وقت فوت، و المعهود من وقت الأداء هو ما قبل الزوال. و أما خبر سماعة عنه عليه السّلام أيضا: «في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار، قال عليه السّلام: يقضيه آخر النهار، فإن لم يجد فليقضه يوم السبت»۱۲.

فلا ظهور فيه أنّه أداء إلى آخر النهار، و لعلّ ذكر آخر النهار لاختيار القضاء لأجل أنّ بعد الزوال وقت الاشتغال بالصلاة. و الأمور الشخصية.

لتسالمهم على مشروعية إتيانه يوم الجمعة من أول الفجر إلى الغروب. و إنّما البحث في أنّه قضاء بعد الزوال أم لا؟ و يمكن حمل ما ورد في التحديد بالزوال على التحديد بالنسبة إلى بعض مراتب الفضل كما هو المعهود في المندوبات دون أصل التوقيت الحقيقي كما في سائر الموقتات، فيكون المراد بالقضاء إما مطلق الإتيان أو القضاء بالنسبة إلى بعض مراتب الأولوية، و على هذا يمكن القول به في جميع الأغسال المقيدة بقيد خاص زمانا كان أو غيره، لأنّ أصلها خير محض و تقييد الخير المحض بقيد لا يوجب سقوط أصل خيريّته في غير مورد ذلك القيد إلّا بدليل يدل عليه و هو مفقود. و أما ما ورد عن الرضا عليه السّلام: «كان أبي يغتسل يوم الجمعة عند الرواح»۱۳.

فيمكن أن يراد به الرواح إلى صلاة الجمعة فيكون قريبا من الزوال، و يمكن أن يراد به بعد الزوال فيكون دليلا على الجواز بعنوان الرجاء.

لما تقدم في خبر سماعة و مثله خبر ابن بكير بعد حملهما على مجرد ‏ الأولوية كما هو المتعارف في المندوبات، و لذا نسب إلى الأكثر جواز القضاء في ليلة السبت أيضا. و أما ما دل على نفي القضاء كخبر ذريح‏۱٤. فمحمول على عدم التأكد لا عدم التشريع و إلّا لكان خلاف الإجماع و النصوص.

لا إشكال فيه بناء على أنّ التوقيت من باب تعدد المطلوب و أنّ المطلوب إنّما هو ذات الغسل أينما تحقق. نعم، بناء على كونه من باب وحدة المطلوب فيشكل حينئذ من جهة عدم النص، و يمكن دفع الإشكال بأنّه إذا جاز التقديم يوم الخميس فالتقديم ليلة الجمعة- التي هي أقرب إلى يومها- يكون بالأولى.

قال فيه: «فإن فاتك الغسل يوم الجمعة قضيت السبت أو بعده من أيام الجمعة»۱٥.

و في البحار: «إنّي لم أر قائلا به»، و لكنّه مخدوش بأنّ عدم وجدان قائل به لا يضر بالتمسك به في الأحكام غير الإلزامية بناء على المسامحة و سيأتي وجه كونه غير معلوم الانتساب إليه عليه السّلام.

(مسألة ۲): يجوز تقديم غسل يوم الجمعة الخميس، بل و ليلة الجمعة إذا خاف إعواز الماء يومها (۱۳). أما تقديمه ليلة الخميس فمشكل، نعم، لا بأس به مع عدم قصد الورود. و احتمل بعضهم جواز تقديمه حتّى من أول الأسبوع أيضا (۱٤) و لا دليل عليه (۱٥). و إذا قدمه يوم الخميس ثمَّ تمكن منه يوم الجمعة يستحب إعادته (۱٦)، و إن تركه يستحب قضاؤه يوم السبت (۱۷)، و أما إذا لم يتمكن من أداء يوم الجمعة فلا يستحب قضاؤه (۱۸)، و إذا دار الأمر بين التقديم و القضاء فالأولى اختيار الأول (۱۹).

أما الأول فهو المشهور، بل ادعي نفي الخلاف فيه، و في مرسل محمد بن الحسين قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لأصحابه: «إنّكم تأتون غدا منزلا ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغد فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة»۱٦.

و مثله ما في خبر حسين بن موسى بن جعفر عن أمه و أم أحمد ابنة موسى ابن جعفر قالتا: «كنا مع أبي الحسن عليه السّلام بالبادية و نحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس: اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة، فإنّ الماء بها غدا قليل، فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة»۱۷.

و أما الثاني فنسب إلى المصابيح دعوى الإجماع عليه، مع أنّ المستفاد من النص أنّ مناط التقديم إعواز الماء، و لا فرق فيه بين يوم الخميس و ليلة الجمعة.

و أشكل عليه: بأنّ المناط ظنّي، و الإجماع اجتهاديّ.

و فيه: أنّ الظاهر حصول الاطمئنان بل القطع بالمناط و هو يكفي، و كون الإجماع اجتهاديا أول الدعوى و عهدة إثباتها على مدعيها. و الظاهر عدم الفرق بين خوف إعواز الماء و سائر الأعذار، و إن كان الأولى قصد الرجاء في غير إعواز الماء جمودا على مورد النص إن لم يستفد من مجموع الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض أنّ المناط الغسل في كلّ أسبوع مرّة و أنّ أفضل أوقاته يوم الجمعة.

بناء على ما تقدم من إمكان الاستفادة من مجموع الأخبار أنّ الغسل في كلّ أسبوع مرة، و أنّ خصوصية الجمعة من باب الأفضلية. و له وجه، لكثرة ما ورد من الشارع من التأكيد و الترغيب إلى النظافة، و الاغتسال في أيّ مناسبة.

ظهر مما مر أنّ له وجها حسنا عرفا.

لسقوط البدل بالتمكن من المبدل بعد ما يظهر من أدلة المقام أنّ البدلية ما دامية لا دائمية، و بالتمكن من المبدل ظهر أنّه لم يكن بدلا أصلا، هذا بناء على المشهور، و أما بناء على ما استظهرناه من أنّ المندوب في تمام الأسبوع غسل واحد و أفضل أوقاته يوم الجمعة فكذلك أيضا، لأنّه مع التمكن من درك الأفضل لا وجه للاكتفاء بالمفضول.

لأنّه بعد التمكن من المبدل و سقوط البدل عن البدلية، فكأنّه لم يأت به أصلا، فتشمله أدلة القضاء قهرا، هذا بناء على المشهور، و كذا بناء على ما قلناه، لأنّه مع إمكان درك فضيلة الفائتة بالقضاء، فلا وجه للاكتفاء بخصوص المفضول.

لاستقرار حكم البدلية حينئذ فلا أمر بالأداء حتّى يتحقق مع تركه القضاء، كما في جميع التكاليف الاضطرارية التي لا يتمكن فيها المكلّف من إتيان المبدل.

لانطباق عنوان المسارعة إلى الخير بالنسبة إليه، و أنّه نحو اهتمام به.

(مسألة ۳): يستحب أن يقول حين الاغتسال (۲۰): «أشهد أن‏ لا إله إلّا اللّه، وحده لا شريك له، و أنّ محمدا عبده و رسوله، اللهم صلّ على محمد و آل محمد، و اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين».

لخبر أبي ولاد الحناط، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «من اغتسل يوم الجمعة للجمعة فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه .. كان طهرا له من الجمعة إلى الجمعة»۱۸.

و في موثق عمار: «إذا اغتسلت للجمعة فقل: اللهم طهّر قلبي من كلّ آفة تمحق ديني، و تبطل به عملي، اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين»۱۹.

(مسألة ٤): لا فرق في استحباب غسل الجمعة بين الرجل و المرأة، و الحاضر و المسافر، و الحر و العبد (۲۱)، و من يصلّي الجمعة و من يصلّي الظهر (۲۲)، بل الأقوى استحبابه للصبيّ المميّز (۲۳). نعم،يشترط في العبد إذن المولى إذا كان منافيا لحقه (۲٤)، بل الأحوط مطلقا (۲٥). و بالنسبة إلى الرجال آكد (۲٦) بل في بعض الأخبار رخصة تركه للنساء (۲۷).

للإطلاق، و قاعدة الاشتراك بالنسبة إلى الرجل و المرأة و نصوص خاصة:

منها: قول الرضا عليه السّلام في غسل الجمعة: «واجب على كلّ ذكر و أنثى من عبد أو حر»۲۰.

و منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «غسل الجمعة سنّة في الحضر و السفر، إلّا أن يخاف المسافر على نفسه القرّ»۲۱.

و في مرفوعة أحمد بن يحيى: «غسل الجمعة واجب على الرجال و النساء في السفر و الحضر إلّا أنّه رخص للنساء في السفر لقلة الماء»۲۲.

لإطلاق الأدلة الآبية عن التقييد. و أما مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله:

«من جاء إلى الجمعة فليغتسل»۲۳.

أو قول الرضا عليه السّلام: «كان أبي يغتسل عند الرواح»۲٤.

فمحمول على الأفضلية و التأكيد.

للإطلاق، و قد تقدم مرارا صحة عبادات الصبيّ المميز.

لأنّ عمله مطلقا مملوك لغيره فلا يصح له التصرف فيه إلّا بإذن مالكه.

لقاعدة السلطنة و لا مخصص لها إلّا قولهم عليهم السّلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»۲٥.

و هو لا يشمل المقام، إذ لا معصية في الترك، و لكن يحتمل أن يراد منه مطلق الأمور الإلهية واجبة كانت أو مندوبة.

لم أجد ما يدل على كونه آكد له مطلقا. نعم، ورد أنّه ليس على النساء في السفر.

رخصة الترك لا تختص بالنساء، بل هي للرجال أيضا، لفرض أنّه مندوب. نعم، ورد بالنسبة إلى النساء عدم الاستحباب في السفر- كما تقدم- بل و جواز الترك في الحضر، كخبر الجعفي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «ليس على المرأة غسل الجمعة في السفر، و يجوز لها تركه في الحضر»۲٦.

و لا بدّ من حمله على عدم التأكيد لهنّ، و يمكن كون الحكمة في عدم التأكيد قوله عليه السّلام في غسل الجنابة: «لا تحدثوهنّ فيتخذنه علّة»۲۷.

(مسألة ٥): يستفاد من بعض الأخبار كراهة تركه (۲۸) بل في‏ بعضها الأمر باستغفار التارك (۲۹)، و عن أمير المؤمنين عليه السّلام إنّه قال في مقام التوبيخ لشخص: «و اللّه لأنت أعجز من تارك الغسل يوم الجمعة، فإنّه لا يزال في طهر إلى الجمعة الأخرى».

ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنّه سنّة- الحديث-»۲۸.

و في بعض الأخبار إطلاق الفاسق على تارك الغسل يوم الجمعة۲۹.

فعن محمد بن سهل عن أبيه قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل يدع غسل الجمعة ناسيا أو غير ذلك، قال: إن كان ناسيا فقد تمت صلاته، و إن كان متعمدا فالغسل أحبّ إليّ، فإن هو فعل فليستغفر اللّه و لا يعود»۳۰.

و في صحيح أبي بصير: «أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يدع غسل يوم الجمعة ناسيا أو متعمدا، فقال: إذا كان ناسيا فقد تمت صلاته و إن كان متعمدا فليستغفر اللّه و لا يعد»۳۱.

أقول: إنّ الاستغفار و الإعادة بالنسبة إلى ترك بعض الآداب و السنن حسن لا ريب فيه، و قد وردت فيهما النصوص في موارد متفرقة.

(مسألة ٦): إذا كان خوف فوت الغسل يوم الجمعة لا لإعواز الماء، بل لأمر آخر- كعدم التمكن من استعماله، أو لفقد عوض الماء مع وجوده- فلا يبعد جواز تقديمه أيضا (۳۰) يوم الخميس، و إن كان الأولى عدم قصد الخصوصية و الورود بل الإتيان برجاء المطلوبية.

بناء على أنّ ذكر إعواز الماء في الخبر من باب المثال لمطلق العذر، كما هو الظاهر، بل المعلوم.

(مسألة ۷): إذا شرع في الغسل يوم الخميس من جهة خوف إعواز الماء يوم الجمعة فتبيّن في الأثناء وجوده و تمكنه منه يومها بطل‏ غسله (۳۱). و لا يجوز إتمامه بهذا العنوان و العدول منه إلى غسل آخر مستحب. إلّا إذا كان من الأول قاصدا للأمرين (۳۲).

لأنّ شرط صحة التقديم إنّما هو العذر و مع عدمه فلا وجه لتشريع التقديم، لأنّ المشروط ينعدم بفقد شرطه، هذا إن قلنا بأنّ التقييد من باب وحدة المطلوب، و أما إذا قلنا بأنّه من باب تعدد المطلوب، كما هو الظاهر في المندوبات، فجواز التقديم و التأخير مطلقا مطابق للقاعدة و إن كان موجبا لفوات الفضيلة و يكون بالنسبة إلى خصوص درك الفضيلة باطلا.

أما عدم جواز العدول فلأنّه خلاف الأصل، و يحتاج إلى دليل و هو مفقود. و أما الصحة في الأخير فلأنّ بطلان قصد خصوص غسل الجمعة لا يستلزم بطلان قصد غيره الذي وقع منه صحيحا، و قد تقدم في تداخل الأغسال‏۳۲ صحة قصد أمر الجميع فراجع.

(مسألة ۸): الأولى إتيانه قريبا من الزوال (۳۳)، و إن كان يجزي من طلوع الفجر إليه، كما مر.

لما في الرضوي: «و يجزيك إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر و كلّما قرب من الزوال فهو أفضل. و قال عليه السّلام: «و أفضل أوقاته قبل الزوال»۳۳.

و في خبر الدعائم: «و ليكن غسلك قبل الزوال»۳٤.

و قد تقدم عن الرضا عليه السّلام قال: «كان أبي يغتسل للجمعة عند الرواح»۳٥.

(مسألة ۹): ذكر بعض العلماء (۳٤): أنّ في القضاء كلّ ما كان‏ أقرب إلى وقت الأداء كان أفضل، فإتيانه في صبيحة السبت أولى من إتيانه عند الزوال منه أو بعده، و كذا في التقديم، فعصر يوم الخميس أولى من صبحه، و هكذا. و لا يخلو عن وجه (۳٥)، و إن لم يكن واضحا. و أما أفضلية ما بعد الزوال من يوم الجمعة من يوم السبت فلا إشكال فيه و إن قلنا بكونه قضاء كما هو الأقوى (۳٦).

نسبه في المستند إلى القيل و قال (رحمه اللّه): «لا دليل عليه».

أقول: و لعلّ وجهه بالنسبة إلى القضاء أنّه من المسارعة إلى موجب المغفرة و من استباق الخيرات و لا ريب في رجحانها. و أما بالنسبة إلى التقديم و أنّ القرب إلى الجمعة يوجب اكتساب الفضيلة بالمجاورة، فتشمله قاعدة الميسور.

تقدم الوجه فيهما. ثمَّ إنّه لا يحتاج إلى الوضوح، بل يكفي مطلق الاستظهار العرفي، كما في سائر الموارد.

أما عدم الإشكال في كون الغسل بعد الزوال من يوم الجمعة أفضل من يوم السبت فلكونه في يوم الجمعة أقرب إلى المسارعة إلى الخير و احتمال أن يكون التوقيت إلى الزوال من باب الأفضلية، كما هو الغالب في المندوبات لا التوقيت الحقيقي. و أما أنّ الأقوى كونه قضاء بعد الزوال فهو مشكل بعد احتمال أن يكون المراد بالقضاء الوارد في النصوص مطلق الإتيان أو القضاء الاصطلاحي لكن بالنسبة إلى بعض مراتب المطلوب، لإتمامه.

(مسألة ۱۰): إذا نذر غسل الجمعة وجب عليه، و مع تركه عمدا تجب الكفارة، و الأحوط قضاؤه يوم السبت، و كذا إذا تركه سهوا، أو لعدم التمكن منه، فإنّ الأحوط قضاؤه، و أما الكفارة فلا تجب إلّا مع التعمد (۳۷).

أما الوجوب فلعموم وجوب الوفاء بالنذر. و أما الكفارة فلما دل على ترتيبها على مخالفة المنذور عمدا. و أما الاحتياط في القضاء فلتعلق النذر بغسل الجمعة المشروع، و المفروض تشريع القضاء بالنسبة إليه، فيكون القضاء أيضا مورد الأمر النذري، كما يكون مورد الأمر الاستحبابي ما لم يصرّح بالخلاف، مضافا إلى قوله عليه السّلام: «يقضي ما فاته كما فاته»۳٦.

الشامل للواجبات بالنذر إلّا ما خرج بالدليل، و يمكن الإشكال عليه: بأنّ الأول يختص بما إذا لو حظ القضاء في النذر أيضا. و الأخير منصرف إلى اليومية.

(مسألة ۱۱): إذا اغتسل بتخيل يوم الخميس بعنوان التقديم أو بتخيل يوم السبت بعنوان القضاء، فتبيّن كونه يوم الجمعة فلا يبعد الصحة (۳۸)، خصوصا إذا قصد الأمر الواقعي و كان الاشتباه في التطبيق. و كذا إذا اغتسل بقصد يوم الجمعة فتبيّن كونه يوم الخميس مع خوف الإعواز أو يوم السبت (۳۹) و أما لو قصد غسلا آخر غير غسل الجمعة أو قصد الجمعة فتبيّن كونه مأمورا بغسل آخر ففي الصحة إشكال (٤۰)، إلّا إذا قصد الأمر الفعلي الواقعي و كان الاشتباه في التطبيق.

لأنّ قصد عنوان التقديم أو قصد القضاء لا يغيّر الواقع عما هو عليه إلّا إذا رجع إلى قصد عدم الامتثال لو كان في الواقع يوم الجمعة يبطل حينئذ من ناحية فقد القصد لا من جهة أخرى.

لأنّ قصد يوم الجمعة كان طريقا إلى قصد التكليف الواقعي، و المفروض تحققه في حال الواقع، فقد وقع القصد إلى الواقع إجمالا فيقع قصد الخصوصية لغوا لا محالة. نعم، لو رجع إلى قصد عدم الغسل لو كان في الواقع- خميسا أو سبتا- يبطل من هذه الجهة.

بناء على عدم استحباب الغسل نفسا و إلّا يقع عن أمره النفسي و كذا بناء على عدم اتحاد حقيقة الأغسال المندوبة و إلّا فيقع عما عليه و إن لم يكن امتثالا بالنسبة إليه راجع [المسألة ۱۷] من (فصل مستحبات غسل الجنابة).

(مسألة ۱۲): غسل الجمعة لا ينقض بشي‏ء من الحدث الأصغر و الأكبر، إذ المقصود إيجاده يوم الجمعة و قد حصل (٤۱).

نعم، بناء على استحباب إيقاع صلاة الجمعة مع الغسل، كما يظهر من خبر الساباطي‏۳۷ ينقض من هذه الجهة و إن لم ينقض بالنسبة إلى أصله.

(مسألة ۱۳): الأقوى صحة غسل الجمعة من الجنب و الحائض (٤۲)، بل لا يبعد إجزاؤه عن غسل الجنابة، بل لا يبعد إجزاؤه عن غسل الحيض إذا كان بعد انقطاع الدم.

هذه المسألة بتمامها مكررة مع [المسألة ۱٦] من (فصل مستحبات غسل الجنابة) فراجع‏۳۸.

(مسألة ۱٤): إذا لم يقدر على الغسل لفقد الماء أو غيره يصح التيمم و يجزي (٤۳). نعم، لو تمكن من الغسل قبل خروج الوقت‏ فالأحوط الاغتسال لإدراك المستحب.

يأتي حكم هذه المسألة في [المسألة ۱۰] من (فصل أحكام التيمم) فلا وجه للتكرار.

فروع- (الأول): يستحب التزين يوم الجمعة للرجال و النساء، لقول الصادق عليه السّلام في صحيح هشام بن الحكم: «ليتزين أحدكم يوم الجمعة يغتسل و يتطيب و يسرح لحيته و يلبس أنظف ثيابه و ليتهيّأ للجمعة، و ليكن عليه في ذلك اليوم السكينة و الوقار، و ليحسن عبادة ربه، و ليفعل الخير ما استطاع، فإنّ اللّه يطلع إلى الأرض ليضاعف الحسنات»۳۹.

و في صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن النساء هل عليهنّ من شمّ الطيب و التزين في الجمعة و العيدين ما على الرجال؟ قال: نعم»٤۰.

(الثاني): يتأكد إتيان الواجبات و ترك المحرّمات و المحافظة على المندوبات في يوم الجمعة، لقول أبي جعفر عليه السّلام: «ما طلعت الشمس بيوم أفضل من يوم الجمعة»٤۱.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «إنّ للجمعة حقا و حرمة، فإياك أن تضيع، أو تقصّر في شي‏ء من عبادة اللّه و التقرب إليه بالعمل الصالح و ترك المحارم كلّها، فإنّ اللّه يضاعف فيه الحسنات و يمحو فيه السيئات، و يرفع فيه الدرجات- الحديث-»٤۲.

و في صحيح أبي نصر عن الرضا عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ يوم الجمعة سيد الأيام، و يضاعف اللّه فيه الحسنات، و يمحو فيه السيئات و يرفع فيه الدرجات، و يستجيب فيه الدعوات و تكشف فيه الكربات، و تقضى فيه الحوائج العظام، و هو يوم المزيد للّه فيه عتقا و طلقا من النار، ما دعا به أحد من الناس و عرف حقه و حرمته إلّا كان حقّا للّه عزّ و جلّ أن يجعله من عتقائه من النار»٤۳.

و عنه عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «إذا أردت أن تتصدق بشي‏ء قبل الجمعة فأخره إلى يوم الجمعة»٤٤.

إلى غير ذلك مما ورد في فضله و الاهتمام به.

(الثالث): يستحب الإكثار من الدعاء و الاستغفار و العبادة ليلة الجمعة، لنصوص كثيرة:

منها: ما عن الرضا عليه السّلام: «إنّ اللّه تبارك و تعالى ينزل ملكا إلى سماء الدنيا كلّ ليلة في الثلث الأخير، و ليلة الجمعة في أول الليل، فيأمر فينادي: هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ يا طالب الخير أقبل، و يا طالب الشر أقصر، فلا يزال ينادي بهذا حتّى يطلع‏ الفجر فإذا طلع الفجر عاد إلى محلّه من ملكوت السماء، حدثني بذلك أبي عن جدّي عن آبائي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»٤٥.

(الرابع): قد عينت ساعة الاستجابة في آخر ساعة من يوم الجمعة، لقول الصديقة الطاهرة عليها السّلام: «سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: إنّ في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل اللّه عزّ و جلّ فيها خيرا إلّا أعطاه إياه، قالت: فقلت: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أيّة ساعة هي؟

قال: إذا تدلّى نصف عين الشمس للغروب، فكانت فاطمة تقول لغلامها:

اصعد على الظراب فإذا رأيت نصف عين الشمس قد تدلّى للغروب فأعلمني حتّى أدعو»٤٦.

و الظراب: الجبال المنبسطة على الأرض.

(الخامس): يتأكد استعمال الطيب في يوم الجمعة، لأخبار مستفيضة، قال الصادق عليه السّلام: «حق على كلّ محتلم في كلّ جمعة أخذ شاربه و أظفاره و مس شي‏ء من الطيب، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان يوم الجمعة و لم يكن عنده طيب دعا ببعض خمر نسائه فبلها في الماء ثمَّ وضعها على وجهه»٤۷.

و عن الصادق عليه السّلام- أيضا- قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«ليتطيب أحدكم يوم الجمعة و لو من قارورة امرأته»٤۸.

و الأخبار في ذلك متواترة من الطرفين.

(السادس): يستحب التعجيل لمن يخاف فوت التهيؤ في يوم الخميس فعن أبي جعفر عليه السّلام: «بلغني أنّ أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كانوا يتجهزون للجمعة يوم الخميس، لأنّه يوم مضيق على المسلمين»٤۹

و في المرسل: «إنّ موسى بن جعفر عليه السّلام كان يتهيّأ يوم الخميس للجمعة»٥۰.

و هناك آداب و فروع كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.

(الثاني): من الأغسال الزمانية أغسال ليالي شهر رمضان يستحب الغسل في ليالي الإفراد من شهر رمضان (٤٤)، و تمام ليالي‏ العشر الأخيرة (٤٥)، و يستحب في ليلة الثالث و العشرين غسل آخر في آخر الليل (٤٦). و أيضا يستحب الغسل في اليوم الأول منه (٤۷).فعلى هذا: الأغسال المستحبة فيه اثنان و عشرون. و قيل باستحباب الغسل في جميع لياليه حتّى ليالي الأزواج (٤۸)، و عليه يصير اثنان و ثلاثون. و لكن لا دليل عليه (٤۹). لكن الإتيان لاحتمال المطلوبية في ليالي الأزواج من العشرين الأوليين لا بأس به. و الآكد منها ليالي القدر، و ليلة النصف، و ليلة سبع عشرة، و الخمس و العشرين و السبع و العشرين، و التسع و العشرين منه (٥۰).

قال في الجواهر: «و كذا يستحب في سائر ليالي فرادى شهر رمضان وفاقا لجماعة من أساطين أصحابنا منهم الشيخ (رحمه اللّه)، قال- على ما نقل عنه-: و إن اغتسل ليالي الأفراد كلّها و خاصة ليلة النصف كان له فضل كثير».

و نسب ذلك إلى السيد في الإقبال أيضا.

و خلاصة القول في أغسال شهر رمضان و سائر الأزمنة و الأمكنة العبادية: أنّ النظافة و تحصيل النشاط العبادي في زمانها و مكانها مطلوب فطريّ لكلّ عابد بالنسبة إلى كلّ معبود خصوصا عند حضور الجوامع و المجامع سيّما في الأزمنة القديمة التي قلّت وسائل التنظيف عندهم فيتأذى الناس بروائح الآباط و العرق و نحوها.

و لا نحتاج مع حكم الفطرة السليمة إلى التماس دليل خاص و يكفي عدم ثبوت الردع، مع أنّه قرر بمثل قول اللّه تعالى‏ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ٥۱ و ما ورد من أنّ غسل الجمعة طهور٥۲. نعم، الغسل العرفي أعم من الغسل الشرعي بناء على المشهور من اعتبار قصد القربة فيه بالخصوص.

و أما بناء على التحقيق من أنّه حيث يغتسل للعبادة أو حضور مكان العبادة أو لزمان يعبد فيه ربه، و هي مضافة إلى اللّه تعالى فيكفي هذا المقدار من الإضافة في‏ داعوية القربة، فالأمر سهل من هذه الجهة أيضا.

ثمَّ إنّي لم أظفر على نص بالخصوص يدل على استحباب الغسل في ليالي فرادى شهر رمضان مطلقا. نعم، ورد النص في الليلة الأولى منه و ليلة سبع عشرة، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين، و لكنه مشهور بين الفقهاء قديما و حديثا.

لقول الصادق عليه السّلام: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يغتسل في شهر رمضان في العشر الأواخر في كلّ ليلة»٥۳.

و نسب ذلك إلى عليّ عليه السّلام أيضا.

لخبر بريد: «رأيته اغتسل في ليلة ثلاث و عشرين مرتين، مرة من أوّل الليل، و مرّة من آخر الليل»٥٤.

و نسبه في الإقبال إلى الصادق عليه السّلام.

المشهور أنّه في أول ليلة منه لموثق سماعة: «و غسل أول ليلة من شهر رمضان مستحب»٥٥.

و لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

«من اغتسل أول ليلة من السّنة في ماء جار و صب على رأسه ثلاثين غرفة كان دواء السّنة، و إنّ أول كلّ سنة أول يوم من شهر رمضان»٥٦.

و في خبر آخر عن الصادق عليه السّلام: «من اغتسل في أول ليلة من شهر رمضان في نهر جار و يصب على رأسه ثلاثين كفا من الماء طهر إلى شهر رمضان من قابل»٥۷.

و حيث يحتمل أن يكون قوله: «إنّ أول كلّ سنة أول يوم من شهر رمضان» من كلام الراوي، فالأولى الإتيان بعنوان الرجاء. و أول السّنة أمر اعتباري يمكن اختلافه باختلاف الاعتبارات فلا ينافي ما ورد من أنّها أول المحرم. ثمَّ إنّي لم أظفر بما قاله (رحمه اللّه) بخبر عاجلا إلّا خبر السكوني على ما ضبطه في الحدائق و الجواهر من تبديل أول ليلة بأول يوم من السّنة.

قال المجلسي (رحمه اللّه) في زاد المعاد: «قد ورد في بعض الأخبار استحباب الغسل في كلّ ليلة من شهر رمضان»، و في خبر ابن عياش الوارد لبيان حال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في شهر رمضان: «و كان يغتسل كلّ ليلة منه بين العشاءين»٥۸ بناء على رجوع الضمير إلى شهر رمضان لا إلى العشر الأخير.

قال في الجواهر: «لم أعثر على ناصّ عليه إلّا ما عن المحدث في الوسائل».

(٥۰) لظهور تسالم الفقهاء عليه و ورد النص بذلك كلّه، ففي صحيح الفضل بن شاذان، عن الرضا عليه السّلام قال: «و غسل أول ليلة من شهر رمضان، و ليلة سبع عشرة، و ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين، و ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان هذه الأغسال سنّة»٥۹.

و في صحيح سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام كم أغتسل في شهر رمضان ليلة؟ قال عليه السّلام: ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين- الحديث-»٦۰.

و مثله موثق عبد اللّه بن بكير٦۱. و في خبر آخر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: «يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان، و ليلة النصف منه»٦۲.

و في خبر عيسى بن راشد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن الغسل في شهر رمضان فقال: كان أبي يغتسل في ليلة تسع عشرة، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين، و خمس و عشرين»٦۳.

و في خبر ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن الغسل في شهر رمضان، فقال: اغتسل ليلة تسع عشرة، و إحدى و عشرين، و ثلاث و عشرين، و سبع و عشرين و تسع و عشرين»٦4.

إلى غير ذلك من الأخبار.

(مسألة ۱٥): يستحب أن يكون الغسل في الليلة الأولى و اليوم الأول من شهر رمضان في الماء الجاري، كما أنّه يستحب أن يصب على رأسه قبل الغسل أو بعده ثلاثين كفا من الماء (٥۱) ليأمن من حكة البدن (٥۲). و لكن لا دخل لهذا العمل بالغسل، بل هو مستحب مستقل (٥۳).

تقدم ما يدل عليه في خبر السكوني و غيره، و قد تقدم أيضا أنّ المذكور في الأخبار الواردة في الباب الليلة الأولى أو أول ليلة منه، و لم يرد اليوم الأول منه فيما بأيدينا من الأخبار على ما تفحصت عاجلا، نعم، يصح ذلك على قول الإسكافي من استحبابه في كلّ يوم شريف.

لقول الصادق عليه السّلام: «من أحبّ أن لا يكون به الحكة فليغتسل أول ليلة من شهر رمضان فلا تكون به الحكة إلى شهر رمضان من قابل»٦٥.

لأصالة عدم الاشتراط، و ظاهر ما تقدم من خبر السكوني و غيره و لكن ليس فيه الحكة، إلّا أن يحمل داء السّنة عليها، بقرينة الخبر الآخر إلّا أنّه ظاهر في أنّه أثر نفس الغسل لا العمل الخاص.

(مسألة ۱٦): وقت غسل الليالي تمام الليل، و إن كان الأولى إتيانها أول الليل (٥٤)، بل الأولى إتيانها قبل الغروب أو مقارنا له (٥٥) ليكون على غسل من أول الليل إلى آخره.نعم، لا يبعد في ليالي العشر الأخير رجحان إتيانها بين المغرب و العشاء لما نقل من فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (٥٦)، و قد مرّ أنّ الغسل الثاني في ليلة الثالث و العشرين في آخره.

أما صحة كونه في تمام الليل فللإطلاق، و أصالة عدم الاشتراط و صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام أنّه قال: «و الغسل من أول الليل و هو يجزي إلى آخره»٦٦.

و أما كون الأولى إتيانها أول الليل فلما فيه من المسارعة إلى الخير، و الكون في سائر الزمان مغتسلا، و للتأسي بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله فإنّه كان: «يغتسل بين العشاءين»٦۷.

و في المرسل أيضا: «إنّ الغسل أول الليل»٦۸.

لقول أبي جعفر عليه السّلام: «الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس قبيله ثمَّ يصلّي و يفطر»٦۹.

ففي خبر الجوهري عن عليّ عليه السّلام: «أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان إذا دخل العشر من شهر رمضان شمّر و شد الميزر، و برز من بيته و اعتكف و أحيا الليل كلّه، و كان يغتسل كلّ ليلة منه بين العشاءين)۷۰.

(مسألة ۱۷): إذا ترك الغسل الأول في الليلة الثالثة و العشرين في أول الليل لا يبعد كفاية الغسل الثاني عنه (٥۷). و الأولى أن يأتي بهما آخر الليل برجاء المطلوبية، خصوصا مع الفصل بينهما. و يجوز إتيان غسل واحد بعنوان التداخل و قصد الأمرين.

بدعوى: أنّ كونه في أول الليل من باب تعدد المطلوب لا التقييد و المناط كلّه الغسل في الليل، فيكون غسل آخر الليل غسل في الليل فيجزي عن غسل أوله لا محالة، و يمكن التصحيح بالتداخل أيضا، كما يأتي.

(مسألة ۱۸): لا تنقض هذه الأغسال أيضا بالحدث الأكبر و الأصغر، كما في غسل الجمعة (٥۸).

لأصالة بقاء أثر الغسل بعد الشك في نقضه بذلك، و لصحة دعوى أنّ ما ورد في غسل الجمعة حكم عام لسائر الأغسال المندوبة، و إنّما ذكر خصوص الجمعة، لكونه أعم ابتلاء لا لخصوصية فيه، كما أنّ ما ورد في غسل الجنابة كذلك أيضا بالنسبة إلى سائر الأغسال، مضافا إلى كونه مما ادعي عليه الإجماع.

(الثالث): غسل يومي العيدين الفطر و الأضحى، و هو من السنن المؤكدة (٥۹)، حتّى أنّه ورد في بعض الأخبار أنّه لو نسي غسل‏ العيدين يوم العيد حتّى صلّى إن كان في الوقت فعليه أن يغتسل و يعيد الصلاة، و إن مضى الوقت فقط جازت صلاته (٦۰). و في خبر آخر عن غسل الأضحى فقال عليه السّلام: «واجب إلّا بمنى» (٦۱)، و هو منزّل على تأكد الاستحباب، لصراحة جملة من الأخبار (٦۲) في عدم وجوبه. و وقته بعد الفجر إلى الزوال (٦۳)، و يحتمل إلى الغروب (٦٤)، و الأولى عدم نية الورود إذا أتى به بعد الزوال، كما أنّ الأولى إتيانه قبل صلاة العيد لتكون مع الغسل. و يستحب في غسل عيد الفطر أن يكون في نهر، و مع عدمه أن يباشر بنفسه الاستقاء بتخشع، و أن يغتسل تحت الظلال أو تحت حائط، و يبالغ في التستر (٦٥)، و أن يقول عند إرادته: «اللهم إيمانا بك و تصديقا بكتابك و اتباع سنة نبيك»، ثمَّ يقول: «بسم اللّه» و يغتسل، و يقول بعد الغسل: «اللهم اجعله كفارة لذنوبي و طهورا لديني، اللهم أذهب عنّي الدنس» (٦٦)، و الأولى أعمال هذه الآداب في غسل يوم الأضحى أيضا (٦۷). لكن لا بقصد الورود لاختصاص النص بالفطر. و كذا يستحب الغسل في ليلة الفطر (٦۸). و وقته من أولها إلى الفجر (٦۹)، و الأولى إتيانه أول الليل (۷۰). و في بعض الأخبار: «إذا غربت الشمس فاغتسل» (۷۱). و الأولى إتيانه ليلة الأضحى أيضا لا بقصد الورود. لاختصاص النص بليلة الفطر (۷۲). (الرابع): غسل يوم التروية (۷۳). و هو الثامن من ذي الحجّة، و وقته تمام اليوم (۷٤). (الخامس): غسل يوم عرفة (۷٥)، و هو أيضا ممتد إلى الغروب‏و الأولى عند الزوال منه (۷٦)، و لا فرق فيه بين من كان بعرفات أو سائر البلدان (۷۷). (السادس): غسل أيام من رجب، و هي: أوله و وسطه و آخره (۷۸)، و يوم السابع و العشرين منه، و هو يوم المبعث (۷۹) و وقتها من الفجر إلى الغروب (۸۰). و عن الكفعمي و المجلسي استحبابه في ليلة المبعث أيضا، و لا بأس به لا بقصد الورود (۸۱). (السابع): غسل يوم الغدير، و الأولى إتيانه قبل الزوال منه (۸۲). (الثامن): يوم المباهلة (۸۳)، و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة على الأقوى، و إن قيل: إنّه يوم الحادي و العشرون و قيل يوم الخامس و العشرون، و قيل: إنّه السابع و العشرون منه. و لا بأس بالغسل في هذه الأيام لا بقصد الورود. (التاسع): يوم النصف من شعبان (۸٤). (العاشر): يوم المولود، و هو السابع عشر من ربيع الأول (۸٥). (الحادي عشر): يوم النيروز (۸٦). (الثاني عشر): يوم التاسع من ربيع الأول (۸۷). (الثالث عشر): يوم دحو الأرض و هو الخامس و العشرون من‏ ذي القعدة (۸۸). (الرابع عشر): كلّ ليلة من ليالي الجمعة على ما قيل، بل في كلّ زمان شريف على ما قاله بعضهم (۸۹)، و لا بأس بهما لا بقصد الورود.

نصّا و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام: «غسل يوم الفطر و يوم‏  الأضحى سنّة لا أحبّ تركها»۷۱.

و يأتي ما يدل عليه أيضا.

كما في موثق عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام۷۲.

كما في خبر القسم بن الوليد عنه عليه السّلام‏۷۳.

منها صحيح ابن يقطين عن أبي الحسن عليه السّلام في غسل الجمعة و الأضحى و الفطر، قال عليه السّلام: «سنّة و ليس بفريضة»۷٤.

لمساواتها للجمعة في كثير من الأحكام، و للرضوي: «إذا طلع الفجر من يوم العيد فاغتسل و هو أول أوقات الغسل، ثمَّ إلى وقت الزوال»۷٥.

لإطلاق الأدلة، و استصحاب بقاء الوقت و عدم تمامية الدليل على التوقيت، و على فرضه، فهو بالنسبة إلى بعض مراتب المحبوبية لا بالنسبة إلى تمام مراتبها، كما هو دأب الفقهاء في المندوبات.

لما في خبر أبي عيينة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «صلاة العيد يوم الفطر أن تغتسل من نهر فإن لم يكن نهر قصدت بنفسك استقاء الماء بتخشع و ليكن غسلك تحت الظلال، أو تحت حائط، و تستتر بجهدك»۷٦.

كما نقله السيد في الإقبال‏۷۷.

لاشتراكهما في العيدية، و لكنّه لا يخلو عن قياس. و يمكن دعوى القطع بوحدة المناط، مع أنّه بعد قصد الرجاء لا محذور فيه.

كما في خبر ابن راشد قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: «إنّ الناس يقولون: إنّ المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر، فقال:

يا حسن إنّ القار يجار إنّما يعطى أجرته عند فراغه، و ذلك ليلة العيد قلت: جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نعمل فيها؟ فقال: إذا غربت الشمس فاغتسل»۷۸.

و عن السيد في الإقبال قال: «روي أنّه يغتسل قبل الغروب من ليلة إذا علم أنّها ليلة العيد»۷۹.

لظهور الإطلاق الشامل لليل من أوله إلى آخره. و الليل من أول الغروب إلى الفجر.

كما في الخبرين المزبورين بعد حملهما على الأفضلية، و لأن يكون على غسل من أول الليل إلى آخره، و قد تقدم في [المسألة ۱٦] من أولوية إتيان غسل الليالي أول الليل.

كما ورد في خبر الحسن بن راشد و قد نقله السيد في الإقبال.

راجع ما تقدم من خبر ابن راشد، و مرسل ابن طاوس، إذ ليس في الباب خبر غيرهما.

لقول أحدهما عليهما السّلام في صحيح ابن مسلم: «الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبع عشرة من شهر رمضان و هي ليلة التقى فيها الجمعان، و ليلة تسع عشرة .. إلى أن قال عليه السّلام: و يومي العيدين، و إذا دخلت الحرمين، و يوم تحرم، و يوم الزيارة، و يوم تدخل البيت، و يوم التروية، و يوم عرفة- الحديث-»۸۰.

و مثله ما رواه في الفقيه عن أبي جعفر عليه السّلام۸۱.

لظهور الإطلاق، و عدم دليل صالح للتقييد.

نصّا و إجماعا، ففي موثق عمار: «و غسل يوم عرفة واجب»۸۲ و هو محمول على تأكد الاستحباب بقرينة صحيح ابن مسلم الآنف الذكر و غيره.

لظهور الإطلاق. و أما أولوية إتيانه عند الزوال فلخبر ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «الغسل من الجنابة، و يوم الجمعة، و يوم الفطر، و يوم الأضحى، و يوم عرفة عند زوال الشمس»۸۳.

المحمول على الأفضلية، لما جرت عادتهم على عدم التقييد في المندوب، كما تقدم مرارا.

للإطلاق، و الاتفاق، و في خبر ابن سيابة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن غسل يوم عرفة في الأمصار، فقال: اغتسل أينما كنت»۸٤.

للنبوي: «من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله و وسطه و آخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»۸٥.

لظهور الإجماع على استحبابه و إن لم يرد فيه نص بالخصوص و لكن يمكن أن يستفاد مما ورد في غسل الجمعة و العيدين و النيروز و يوم الغدير، و يوم المولود استحبابه لكلّ عيد، بل المبعث أولى من بعض الأعياد.

لظهور إطلاق الكلمات.

إذ لم نظفر فيه على خبر و لو ضعيف.

لقول الصادق عليه السّلام في يوم الغدير: «يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة»۸٦.

و في خبر آخر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «فإذا كان صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل في صدر نهاره»۸۷.

على المشهور، و ادعي عليه الإجماع، و عن موسى بن جعفر عليه السّلام: «يوم المباهلة اليوم الرابع و العشرون من ذي الحجة تصلّي في ذلك اليوم ما أردت- إلى أن قال- و تقول على غسل: الحمد للّه ربّ العالمين- الحديث-»۸۸.

و في موثق سماعة: «و غسل المباهلة واجب». المحمول على الندب‏۸۹.

و نسب إلى المجلسي الأول أنّ غسل المباهلة غسل فعليّ للمباهلة مع الخصوم كغسل الاستخارة لا أن يكون غسلا زمانيا.

لقول الصادق عليه السّلام في خبر أبي بصير: «صوموا شعبان، و اغتسلوا ليلة النصف منه، ذلك تخفيف من ربّكم و رحمة»۹۰.

و في النبوي: «من تطهر ليلة النصف من شعبان- الحديث-»۹۱.

و الأول مختص بالليل، و الثاني محمول عليه أيضا فلا وجه لاستحباب الغسل في يومه بقصد الورود، كما في المتن. إلّا أن يقال باستحبابه لكلّ زمان و مكان شريف، كما عن بعض و استظهرناه من الأدلة.

على المشهور فيهما، و عن بعض دعوى الإجماع على استحباب الغسل فيه، و أنّه يوم عيد، و يستحب الغسل لكلّ عيد و عن الكليني (رحمه اللّه) أنّه الثاني عشر منه و يغتسل فيه رجاء.

على المشهور، و في خبر المعلّى بن خنيس، عن الصادق عليه السّلام في يوم النيروز قال: «إذا كان يوم النيروز فاغتسل و البس أنظف ثيابك- الحديث-»۹۲.

بناء على استحبابه لكلّ عيد و أنّه عيد، و قد نقل السيد ابن طاوس عن أحمد بن إسحاق قال: «خرج العسكري في اليوم التاسع من ربيع الأول و هو مستور بمئزر يفوح مسكا و هو يمسح وجهه فأنكرنا ذلك عليه، فقال: لا عليكما فإنّي اغتسلت للعيد، قلنا أو هذا يوم عيد؟! قال: نعم»۹۳.

نسب ذلك إلى الأصحاب تارة، و إلى المشهور أخرى و لم يرد فيه نص بالخصوص.

قال في الجواهر: «نعم، قد يقال باستحباب الغسل لكلّ زمان شريف و مكان شريف كما عن ابن الجنيد (قدّس سرّه) و ربما يشهد له فحاوي كثير من الأخبار كتعليل غسل العيدين عن الرضا عليه السّلام‏۹٤، و يوم الجمعة و أغسال ليالي القدر و نحوه، بل تتبع محال الأغسال يقضي به و المستحب يكفي فيه أدنى ذلك».

أقول: و هو كلام حسن.

ثمَّ إنّه قد عدّ في المستند من الأغسال الزمانية: غسل يوم عاشوراء، و الغسل عند ظهور آية في السماء، و لكن يمكن أن يكون الأول من غسل الزيارة. و الأخير من غسل التوبة.

(مسألة ۱۹): لا قضاء للأغسال الزمانية إذا جاز وقتها، كما لا تتقدم على زمانها مع خوف عدم التمكن منها في وقتها إلّا غسل الجمعة كما مر (۹۰). لكن عن المفيد استحباب قضاء غسل يوم عرفة في الأضحى، و عن الشهيد استحباب قضائها أجمع، و كذا تقديمها مع خوف عدم التمكن منها في وقتها و وجه الأمرين غير واضح (۹۱). لكن لا بأس بهما لا بقصد الورود.

للأصل في كلّ من القضاء و التقديم بعد عدم الدليل عليه، و لكن يمكن تقريب صحة كلّ منهما كما يأتي من أنّ التوقيت إنّما هو بلحاظ بعض مراتب الطلب لإتمامه، و يشهد له ما عن مدينة العلم للصدوق (رحمه اللّه) قال: «و روي أنّ غسل يومك يجزيك لليلتك، و غسل ليلتك يجزيك ليومك»۹٥ بناء على احتمال أنّ غسل اليوم يؤتى به في الليل و بالعكس.

و يمكن توجيه قولهما بأنّ التوقيت من باب تعدد المطلوب، و إطلاق القضاء من باب فوت بعض مراتب الفضيلة، و يشهد لذلك ثبوت القضاء في غسل الجمعة الذي هو الأصل لجميع الأغسال المندوبة.

(مسألة ۲۰): ربما قيل بكون الغسل مستحبا نفسيا فيشرع الإتيان به في كلّ زمان من غير نظر إلى سبب أو غاية و وجهه غير واضح (۹۲)، و لا بأس به لا بقصد الورود.

تقدم الوجه في ذلك في أول هذا الفصل، و يأتي بقية الكلام عنه.

(۱) سورة البقرة: ۲۲۲.

(۲) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

(۳) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

(٤) الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۹.

(٥) الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۰.

(٦) مستدرك الوسائل باب: ۳ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۹.

(۷) الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۸) الوسائل باب: ۳۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۹) مستدرك الوسائل باب: ۷ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲.

(۱۰) راجع الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱٥ و ۱۸.

(۱۱) الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٤.

(۱۲) الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

(۱۳) الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

(۱٤) الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٥.

(۱٥) مستدرك الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۱٦) الوسائل باب: ۹ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۱۷) الوسائل باب: ۹ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲.

(۱۸) الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۱۹) الوسائل باب: ۳۷ من أبواب الجنابة حديث: ۳.

(۲۰) الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٦.

(۲۱) الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۰.

(۲۲) الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۷.

(۲۳) الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲۱.

(۲٤) الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲۲.

(۲٥) الوسائل باب: ٥۹ من أبواب وجوب الحج و شرائطه حديث: ۷.

(۲٦) مستدرك الوسائل باب: ۳ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

(۲۷) الوسائل باب: ۷ من أبواب الجنابة ۱۲.

(۲۸) الوسائل باب: ۷ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۲۹) مستدرك الوسائل باب: ٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث:٤.

(۳۰) الوسائل باب: ۷ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

(۳۱) الوسائل باب: ۸ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲.

(۳۲) ج: ۳ صفحة: ۱۱۷.

(۳۳) مستدرك الوسائل باب: ۷ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۳٤) مستدرك الوسائل باب: ۷ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲.

(۳٥) الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲۲.

(۳٦) راجع الوسائل باب: ٦ من أبواب قضاء الصلوات حديث: ۱.

(۳۷) الوسائل باب: ۸ من أبواب الأغسال المندوبة- حديث: ۱.

(۳۸) راجع الجزء الثالث صفحة: ۱۲٥.

(۳۹) الوسائل باب: ٤۷ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ۲.

(٤۰) الوسائل باب: ٤۷ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ٤.

(٤۱) الوسائل باب: ٤۰ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ۲.

(٤۲) الوسائل باب: ٤۰ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ۳.

(٤۳) الوسائل باب: ٤۰ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ٤.

(٤٤) الوسائل باب: ٤۰ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ۳۱.

(٤٥) الوسائل باب: ٤٤من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ۱.

(٤٦) الوسائل باب: ٤۱ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ٥.

(٤۷) الوسائل باب: ۳۷ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ۲.

(٤۸) الوسائل باب: ۳۷ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ٥.

(٤۹) الوسائل باب: ۳۱ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ۱.

(٥۰) الوسائل باب: ۳۱ من أبواب صلاة الجمعة و آدابها حديث: ۳.

(٥۱) سورة الأعراف: ۳۱.

(٥۲) راجع الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱٤.

(٥۳) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۰.

(٥٤) الوسائل باب: ٥ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(٥٥) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

(٥٦) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۷.

(٥۷) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث:٤.

(٥۸) الوسائل باب: ٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٦.

(٥۹) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٦.

(٦۰) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲.

(٦۱) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱٤.

(٦۲) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(٦۳) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۲.

(٦٤) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۳.

(٦٥) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٥.

(٦٦) الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(٦۷) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

(٦۸) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٦.

(٦۹) الوسائل باب: ۱۳ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲.

(۷۰) الوسائل باب: ۱٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٦.

(۷۱) الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲.

(۷۲) الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

(۷۳) الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٤.

(۷٤) الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۷٥) مستدرك الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۷٦) الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٤.

(۷۷) الإقبال صفحة: ۲۷۹.

(۷۸) الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۷۹) الوسائل باب: ۱٥ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۲.

(۸۰) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۱.

(۸۱) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۱.

(۸۲) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٤.

(۸۳) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳ و ۱۰.

(۸٤) الوسائل باب: ۲ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۸٥) الوسائل باب: ۲۲ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۸٦) الوسائل باب: ۲۸ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۸۷) مستدرك الوسائل باب: ۲۰ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۸۸) الوسائل باب: ٤۷ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث: ۲.

(۸۹) الوسائل باب: ۱ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

(۹۰) الوسائل باب: ۲۳ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۹۱) الوسائل باب: ۸ من أبواب بقية الصلوات المندوبة حديث: ٦.

(۹۲) الوسائل باب: ۲٤ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱.

(۹۳) مستدرك الوسائل باب: ۲۲ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ٤.

(۹٤) الوسائل باب: ٦ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۱۸.

(۹٥) مستدرك الوسائل باب: ۲۲ من أبواب الأغسال المسنونة حديث: ۳.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"