1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الطلاق
  10. /
  11. القسم الأول:في عدة الفراق طلاقا كان أو غيره‏
(مسألة ۱): لا عدة على من لم يدخل بها، و لا على الصغيرة (۱) – و هي من لم تكمل التسع و إن دخل بها- و لا على اليائسة (۲)، سواء بانت في ذلك كله بطلاق أو فسخ أو هبة مدة أو انقضائها (۳).

أما الأول: فللأدلة الأربعة، فمن الكتاب قوله تعالى‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها1.

و من السنة نصوص مستفيضة، ففي موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها تطليقة واحدة، فهي بائن منه، و تتزوج من ساعتها إن شاءت»2.

و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها، فليس عليها عدة، تزوجت من ساعتها إن شاءت»3، إلى غير ذلك من الأخبار.

و من الإجماع، فهو من الفريقين.

و أما العقل، فلقاعدة انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع.

نعم، في الوفاة لها عدة و إن لم يدخل بها.

و أما الثاني: فيدل عليه مضافا إلى الإجماع- و ما تقدم من القاعدة- نصوص كثيرة، ففي صحيح عبد الرحمن بن الحجاج: «ثلاث يتزوجن على كل حال: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض، و التي لم تحض و مثلها لا تحيض- أي: لم تبلغ تسع سنين- و التي لم يدخل بها»4 و صحيح جميل عن أحدهما عليهما السّلام: «الرجل يطلّق الصبية التي لم تبلغ و لا يحمل مثلها و قد كان دخل بها، و المرأة التي قد يئست من المحيض و ارتفع حيضها، فلا يلد مثلها، ليس عليهما عدة و إن دخل بهما»5.

و ما يظهر منه الخلاف مثل رواية ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الجارية التي لم تدرك الحيض يطلّقها زوجها بالشهور»6، و رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «عدة التي لم تحض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر»7، و غيرهما من الروايات‏8، فلا بد إما من حملها على المرأة التي لا تحيض و هي في سن من تحيض كما يأتي في مسألة ۱۷، أو ردها إلى أهلها؛ لمخالفتها للمشهور و موافقتها للعامة9.

لما تقدم من النصوص، مضافا إلى قوله تعالى‏ وَ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ10، فإنه يدل على أن اليأس المتحقق لا معنى للعدة فيه.

و ما يظهر منه الخلاف مثل خبر أبي بصير: «عدة التي لم تبلغ المحيض‏

ثلاثة أشهر، و التي قعدت عن المحيض ثلاثة أشهر»11، و غيره من الأخبار لا بد من ردها إلى أهلها لمخالفتها للمشهور و موافقتها للعامة12.

و الجامع: انه لا عدة فيما قبل قابلية الرحم لانعقاد النطفة كحال الصغيرة كما تقدم، و فيما بعد سقوطه عن القابلية كحال اليأس، و فيمن لم يدخل بها، بل لا ملاك لها أصلا، فهذه الموضوعات الثلاثة عقلائية تعرضت لها النصوص و الفتوى، و لم يتعرضوا لما حدث في هذه الأعصار من إخراج الرحم رأسا أو اعقامها أو فساد نطفة الرجل عن التأثير أو المرأة كذلك بالأجهزة الحديثة و الأدوية العصرية، و ظاهرهم ثبوت العدة في هذه الموارد؛ لأنهم يجعلونها من الحكمة لا العلة، و لا كلية لديهم في الحكم.

و لكنه مع ذلك مشكل، إذ لا يتصور موضوع الحكمة في بعض الموارد أصلا بل يكون من اللغو عند العرف و يصير الرحم كرحم اليائسة أو أفسد منها.

إلا أن يشمل التعبد جميع ذلك و نحوها.

للاتفاق، و الإطلاق، الشامل لكل ذلك.

(مسألة ۲): يتحقق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلا (٤)، أو دبرا (٥) و إن لم ينزل (٦)، بل و إن كان مقطوع الأنثيين (۷).

إجماعا و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إذا التقى الختانان وجب المهر و العدة»13، و في موثق عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام أيضا: «.. إذا أدخله وجب الغسل و المهر و العدة»14، و المراد بالإدخال إدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها على ما هو المتسالم عليه في الفقه من أوله إلى آخره.

لما تقدم من الإطلاق، و الاتفاق، و كذا يتحقق الدخول من الخصي الذي يحصل منه الإيلاج، و إن لم ينزل، و يدل عليه- مضافا إلى ما مر- صحيح أبي عبيدة: «سئل أبو جعفر عليه السّلام عن خصي تزوج امرأة و فرض لها صداقا و هي تعلم أنه خصي؟ فقال: جائز، فقيل: إنه مكث معها ما شاء اللّه ثمَّ طلقها، هل عليه عدة؟ قال عليه السّلام: نعم، أ ليس قد لذ منها و لذت منه؟»17.

و أما صحيح ابن أبي نصر قال: «سئل الرضا عليه السّلام عن خصي تزوج امرأة على ألف درهم ثمَّ طلقها بعد ما دخل بها؟ قال: لها الألف الذي أخذت منه و لا عدة عليها»18، فلا بد من حمله أو طرحه لما عرفت سابقا.

للإطلاق، و الاتفاق، و عن الصادق عليه السّلام في موثق ابن سنان قال: «سأله أبي و أنا حاضر عن رجل تزوج امرأة فأدخلت عليه و لم يمسها و لم يصل إليها حتى طلقها، هل عليها عدة منه؟ فقال: إنما العدة من الماء، قيل له: فإن كان واقعها في الفرج و لم ينزل؟ فقال: إذا أدخله وجب الغسل و المهر و العدة»16.

للاتفاق، و الإطلاق، و لأصالة المساواة في أحكام الفرجين إلا ما

، خرج بالدليل، و لا دليل على الخروج في المقام بل الدليل على عدمه، و تقدم في كتاب النكاح ما يتعلق بذلك‏15.

(مسألة ۳): يتحقق اليأس ببلوغ ستين في القرشية و خمسين في غيرها (۸) و الأحوط مراعاة الستين مطلقا بالنسبة إلى التزويج بالغير و خمسين كذلك بالنسبة إلى الرجوع إليها (۹).

ظهر وجه الاحتياط- مما مر من الأخبار- و تقدم في كتاب الحيض ما ينفع المقام.

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن الحجاج: «ثلاث يتزوجن على كل حال: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض قلت: و متى تكون‏

كذلك؟ قال عليه السّلام: إذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض- الحديث-»19.

المحمول على القرشية بقرينة المرسل: «إن القرشية من النساء و النبطية تريان الدم إلى ستين سنة»20، و في رواية ابن أبي عمير: «إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش»21، و في صحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام: «ثلاث يتزوجن على كل حال: التي لم تحض- إلى أن قال- و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض، قلت: و ما حدها؟ قال: إذا كان لها خمسون سنة»22، و تقدم في أحكام الحيض ما يتعلق بالمقام‏23.

(مسألة ٤): لو طلقت ذات الأقراء قبل بلوغ سن اليأس و رأت الدم مرة أو مرتين ثمَّ يئست أكملت العدة بشهر أو شهرين (۱۰)، و كذلك ذات الشهور إذا أعتدت شهرا أو شهرين ثمَّ يئست أتمت ثلاثة (۱۱).

إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في خبر هارون بن حمزة:

«في امرأة طلقت و قد طعنت في السن فحاضت حيضة واحدة ثمَّ ارتفع حيضها، فقال: تعتد بالحيضة و شهرين مستقبلين، فإنها قد يئست من المحيض»24 و قول الصادق عليه السّلام في موثق أبي بصير: «.. لكل شهر حيضة»25.

لقوله عليه السّلام في موثق أبي بصير: «في المرأة يطلقها زوجها و هي تحيض في كل ثلاثة أشهر حيضة، فقال: إذا انقضت ثلاثة أشهر انقضت عدتها يحسب لها لكل شهر حيضة»26، فإن قوله عليه السّلام: «لكل شهر حيضة» في مقام جعل القاعدة الكلية، مضافا إلى ظهور الاتفاق.

(مسألة ٥): لو ادّعت المرأة أنها يائسة و لا ترى الدم فالظاهر قبول قولها (۱۲).

لإطلاق قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «العدة و الحيض للنساء، إذا ادعت صدقت»27 الشامل لوجودهما و عدمهما.

و دعوى: أن الخبر عن السن ليس من الأخبار بعدم العدة.

مردودة: بأن ذلك من ملازمات أصل الحيض، فإن له أمد معلوم يرجع فيه إليها كما يرجع إليها في أصلها.

(مسألة ٦): المطلّقة و من ألحقت بها إن كانت حاملا فعدتها مدة حملها (۱۳)، و تنقضي بأن تضع حملها و لو بعد الطلاق بلا فصل (۱٤)، سواء كان تاما أو غير تام و لو كان مضغة أو علقة إن تحقق أنه حمل (۱٥).

لما مر في صحيح زرارة و غيره.

لقوله تعالى‏ وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ‏28، و لنصوص كثيرة، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «طلاق الحامل واحدة، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه»29 و مثله موثق إسماعيل الجعفي‏30، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «طلاق الحبلى واحدة و أجلها

أن تضع حملها و هو أقرب الأجلين»31، و عن أبي جعفر في صحيح زرارة: «إذا طلقت المرأة و هي حامل فأجلها أن تضع حملها و إن وضعت من ساعتها»32، إلى غير ذلك من الأخبار، مضافا إلى إجماع المسلمين.

كل ذلك لإطلاق الأدلة، و اتفاق فقهاء الملة، مضافا إلى موثق عبد الرحمن بن الحجاج قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الحبلى إذا طلقها زوجها فوضعت سقطا تمَّ أو لم يتم أو وضعته مضغة؟ فقال: كل شي‏ء يستبين أنه حمل تمَّ أو لم يتم، فقد انقضت عدتها و إن كان مضغة»33.

(مسألة ۷): إنما تنقضي العدة بالوضع إذا كان الحمل ملحقا بمن له العدة (۱٦)، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدته، فلو كانت حاملا من زنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج من العدة بالوضع (۱۷)، بل يكون انقضائها بالأقراء و الشهور كغير الحامل (۱۸)، فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلا لا بالنسبة إلى الزاني، لأنه لا عدة له و لا بالنسبة إلى المطلّق، لأن الولد ليس له (۱۹).

لأنه المنساق من جميع أخبار الباب و ما اتفقت عليه كلمة الأصحاب.

للأصل، و الإجماع، و ظواهر الأدلة.

لعدم الأثر لهذا الوضع شرعا، فلا بد إما أن نقول بعدم العدة لها أصلا و هو خلاف الضرورة، أو تتبدل العدة إلى الأقراء و الشهور و هو المطلوب.

فلا يبقى موضوع للعدة بالنسبة إلى ماء الزاني. و لا فرق في ذلك بين ما إذا كان الزنا بذات بعل كما مر أو بالخلية.

(مسألة ۸): لو كان أول الوطي شبهة و آخره زنا، فهل يكون لهذا الوطي عدة أو لا؟ الظاهر هو الثاني (۲۰).

لما تقدم، و إطلاق قولهم: «لا حرمة لماء الزاني». و يحتمل ثبوت العدة بدعوى أن التمسك بما تقدم تمسك بالدليل في الموضوع المشتبه، لفرض تركب الموضوع من الحرام و الحلال خصوصا مع تخلل الفصل.

(مسألة ۹): لو زنى بامرأة ثمَّ أراد تزويجها يستحب له الصبر حتى يطهر رحمهما من ماء الفجور (۲۱).

لموثق إسحاق بن حريز عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت له: الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في تزويجها، هل يحل له ذلك؟ قال عليه السّلام: نعم، إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور، فله أن يتزوجها بعد أن يقف على توبتها»34، و عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام: «أنه سئل عن رجل نكح امرأة على زنا، أ يحل له أن يتزوجها؟ فقال: يدعها حتى يستبرئها من نطفته و نطفة غيره، إذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثا كما أحدثت معه، ثمَّ يتزوج بها أن أراد- الحديث-»35. المحمولين على الندب جمعا- بينهما و بين الأخبار الكثيرة الدالة على جواز تزويج الزانية بل المشهورة بالزنا36– و إجماعا، فما نسب إلى التحرير و ارتضاه من الوجوب لا وجه له، و تقدم في كتاب النكاح ما يدل على ذلك.

(مسألة ۱۰): إذا حملت من وطئ الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطئ لا بالزوج فوضعه سبب لانقضاء العدة (۲۲)، لكن بالنسبة إلى الواطئ (۲۳) لا بالنسبة إلى الزوج المطلّق (۲٤).

لفرض احترام الوطي عند الشارع و الولد ملحق بالواطئ كذلك، فيترتب عليه جميع آثار الصحة، ما لم يدل دليل على الخلاف، و هو مفقود.

لأن الوطي محترم شرعا، فيشمله ما تقدم من الأداة الدالة بأن وجوب العدة بالإدخال‏37، و ما تقدم من أن انقضاء عدة الحامل وضع حملها.

لفرض عدم كون الحمل من الزوج المطلّق، فلا موضوع لانتسابه إليه. و حينئذ فإذا انقضت عدة المطلقة بالإقراء و الشهور ليس له أن يتزوجها؛ لأنها في عدة الواطئ- ما لم تضع- و إذا وضعت قبل تمام العدة بالأقراء و الشهور لا يجوز للواطئ أن يزوجها لفرض أنها في عدة الزوج.

نعم، لو انقضت الأقراء أو الشهور و وضعت يجوز لكل منهما التزويج بها، لوجود المقتضي و فقد المانع حينئذ. و سيأتي في المسائل الآتية ما يتعلق بالمقام.

(مسألة ۱۱): لو كانت حاملا باثنين مثلا بانت بوضع الأول فلا رجعة للزوج بعده، و لا تنكح زوجا إلا بعد وضع الأخير على الأحوط فيهما (۲٥).

لصدق الوضع في الجملة بالأول، و صدق الحمل بعد في الجملة بالثاني، و عن الصادق عليه السّلام في خبر عبد الرحمن: «في رجل طلّق امرأته و هي حبلى و كان ما في بطنها اثنان فوضعت واحدا و بقي واحد قال عليه السّلام: تبين بالأول و لا تحل للأزواج حتى تضع ما في بطنها»38، و عن جمع إطلاق انقضاء العدة بالواحد، و عن آخرين إطلاق عدم الانقضاء إلا بالجميع. و المتعين هو العمل بالاحتياط.

(مسألة ۱۲): لو وطئت شبهة فحملت و ألحق الولد بالواطئ لبعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثمَّ طلّقها الزوج، أو طلّقها ثمَّ وطئت شبهة- على نحو الملحق الولد بالواطئ- كانت عليها عدتان (۲٦) عدة لوطء الشبهة تنقضي بالوضع، و عدة الطلاق تستأنفها فيما بعده و كانت مدتها بعد انقضاء نفاسها (۲۷).

لإطلاق دليل العدتين، و أصالة عدم التداخل في البين، و ظهور الإجماع، و جملة من النصوص منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «في المرأة الحبلى المتوفى عنها زوجها تضع و تزوّج قبل أن يخلو أربعة أشهر و عشر؟ قال: إن كان زوجها الذي يتزوجها دخل بها فرّق بينهما و لم تحل له أبدا، و أعتدت بما بقي عليها من عدتها الأولى، و استقبلت عدة أخرى من الآخر ثلاثة قروء، و إن لم يكن دخل بها فرّق بينهما و أتمت ما بقي من عدتها و هو خاطب من الخطّاب»39.

و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام أيضا قال: «سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها؟ قال: إن كان دخل بها فرّق بينهما و لن تحل له أبدا و أتمت عدتها من الأول، و عدة أخرى من الآخر»40.

و في موثق بشير النبال قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة في عدتها و لم يعلم، و كانت هي قد علمت أنه قد بقي من عدتها و أنه قذفها بعد علمه بذلك؟ فقال عليه السّلام: إن كانت علمت أن الذي صنعت يحرم عليها- إلى أن قال- و تعتد ما بقي من عدتها الأولى، و تعتد بعد ذلك عدة كاملة»41.

و في صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن المرأة الحبلى يموت عنها زوجها فتضع و تزوج قبل أن تمضي لها أربعة أشهر و عشرا؟ فقال:

إن كان دخل بها فرّق بينهما، و لم تحل له أبدا، و أعتدت ما بقي عليها من الأول،

و استقبلت عدة أخرى من الآخر ثلاثة قروء»42، إلى غير ذلك من الأخبار، و إن مواردها من باب المثال لا الخصوصية.

و نسب إلى الصدوق رحمه اللّه التداخل، لأصالة البراءة عن التعدد، و هو عبارة أخرى عن أصالة التداخل التي أثبتها متأخرو المتأخرين، و لما عن الباقر عليه السّلام في صحيح زرارة: «في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها، قال عليه السّلام: يفرّق بينهما، و تعتد عدة واحدة منهما جميعا»43.

و عنه عليه السّلام أيضا في رواية زرارة: «في امرأة فقد زوجها أو نعي إليها فتزوجت، ثمَّ قدم زوجها بعد ذلك فطلقها، قال عليه السّلام: تعتد منهما جميعا ثلاثة أشهر عدة واحدة و ليس للآخر أن يتزوجها أبدا»44.

و في رواية أبي العباس عن الصادق عليه السّلام: «في المرأة تتزوج في عدتها، قال عليه السّلام: يفرّق بينهما، و تعتد عدة واحدة عنهما جميعا»45، إلى غير ذلك من الأخبار.

و فيه: أن الأصل لا وجه له في مقابل ما مر من عدم التداخل، و الروايات موهونة بالإعراض، أو محمولة على عدم الدخول.

و عن بعض الفقهاء جعل التداخل مطابقا للقاعدة مع قطع النظر عن الأخبار، و عمدة دليله التمسك بالإطلاقين، أي: إطلاق الشرط و إطلاق الجزاء.

و خلاصة ما استدل به: إن السبب واحد، و هو زوال سبب الوطي المحترم، و المسبب واحد أيضا و هو تنقية الرحم عن الماء المحترم، فالمقام بعينه مثل سببية الحدث الأصغر للوضوء فلا موضوع لعدم التداخل.

و فيه: أنه قد ثبت في الأصول أن التمسك بالإطلاق لا بد من إحراز وروده في مقام البيان من جهة التمسك به و هو أول الدعوى، و قد تقدم في كتاب‏

النكاح أنه لا يجري في المقام بحث التداخل و عدمه بالمرة46.

لأصالة بقاء العدة الأولى إلى ذلك الحين، فيترتب عليها جميع الأحكام المترتبة على العدة من دون احتياج إلى إثبات التقدم و التأخر، حتى تأتي شبهة أنها من الأصل المثبت. ثمَّ إنه يكفي مسمّى الدم و إن كان الولد متلطخا به كما مر في أحكام النفاس.

(مسألة ۱۳): إذا ادعت المطلقة الحامل أنها وضعت فانقضت عدتها و أنكر الزوج، أو انعكس فادعى الوضع و أنكرت هي، أو ادعت الحمل و أنكر، أو ادعت الحمل و الوضع معا و أنكرهما، يقدم قولها في الجميع بيمينها (۲۸).

لأن الحمل و الوضع من فعلها، و هي أبصر بهما من غيرها، فلا بد من تقديم قولها. و ان اليمين لقطع الخصومة و النزاع، مع إطلاق قول الصادق عليه السّلام الوارد في تفسير قوله تعالى‏ وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَ‏ قد فرض اللّه إلى النساء ثلاثة أشياء: الحيض، و الطهر، و الحمل»47، و قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «العدة و الحيض للنساء إذا ادعت‏

صدقت»48، الشامل بالإطلاق لما ذكرناه، بعد القطع بعدم الفرق بين الموارد.

(مسألة ۱٤): لو اتفق الزوجان على إيقاع الطلاق و وضع الحمل و اختلفا في المتقدم و المتأخر فقال الزوج مثلا: «وضعت بعد الطلاق فانقضت عدتك» و قالت الزوجة: «وضعت قبل الطلاق، و الطلاق وقع و أنا حائل فبعد أنا في العدة» أو انعكس فقال الزوج: «وضعت قبل فأنت في العدة» و يريد الرجوع إليها و ادّعت الزوجة خلافه فالظاهر أنه يقدم قول من يدعى بقاء العدة (۲۹)، سواء كان هو الزوج أو الزوجة، من غير فرق (۳۰) بين ما لم يتفقا على زمان أحدهما كما إذا ادّعى أحدهما أن الطلاق كان في شعبان و الوضع في رمضان و ادّعى الآخر العكس، أو اتفقا على زمان أحدهما كما إذا اتفقا على أن الطلاق وقع في رمضان و اختلفا في زمان الوضع فقال أحدهما إنه كان في شوال و ادّعى الآخر أنه كان في شعبان أو اتفقا في أن الوضع كان في رمضان و اختلفا في أن الطلاق كان في شوال أو شعبان (۳۱).

لأصالة بقاء العدة ما لم يثبت الخلاف بدليل معتبر، و المفروض أنه مفقود.

و أما من يقول باعتبار قولها مطلقا لأن أصل العدة إليها كما مر، فتحديدها بوقت دون آخر يكون لها أيضا.

و فيه: عدم ثبوت الكلية الثانية حتى في مورد التخاصم.

لما أثبتوه في الأصول من أنه عند دوران الأمر بين الأقل و الأكثر أن الأول هو المتيقن، فلا بد من الأخذ به إلا أن يثبت الثاني بدليل معتبر، و المفروض انتفاؤه.

و الوجه في ذلك كله ما عرفت من أصالة بقاء العدة.

و اما احتمال تقديم قول الزوجة مطلقا، فقد تقدم ما فيه من عدم الدليل على هذه الكلية.

(مسألة ۱٥): إذا طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها و كانت مستقيمة الحيض- بأن تحيض في كل شهر مرة كما هو المتعارف في الأغلب- كانت عدتها ثلاثة قروء (۳۲)، و كذا لو كانت تحيض في كل شهر أزيد من مرة (۳۳)، أو ترى الدم في كل شهرين مرة (۳٤). و بالجملة: كان الطهر الفاصل بين حيضتين منها أقل من ثلاثة أشهر (۳٥).

لظاهر قوله تعالى:

وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ49، و للإجماع، و النصوص منها قول الصادق عليه السّلام في موثق داود بن سرحان: «عدة المطلقة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض»50.

و منها: صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام أيضا: «لا ينبغي للمطلقة أن تخرج إلا بإذن زوجها حتى تنقضي عدتها ثلاثة أشهر إن لم تحض»51، إلى غير ذلك من الأخبار كما سيأتي.

لفرض صدق تحقق الأقراء بالنسبة إليها حينئذ.

للإجماع، و لأنه لو بلغت مدة الطهر إلى ثلاثة أشهر تدخل في موضوع آخر، يأتي التعرض له إن شاء اللّه تعالى بعد ذلك.

للإجماع على أن المراد بالقرء هنا الحيض دون الطهر، لأنّهما متلازمان قد يطلق أحدهما على الآخر، و يشهد له صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «عدة المرأة التي لا تحيض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، و عدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء، قال: و سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ‏ إِنِ ارْتَبْتُمْ‏ ما الريبة؟ فقال: ما زاد على شهر فهو ريبة فلتعتد ثلاثة أشهر و لتترك الحيض، و ما كان في الشهر لم يزد في الحيض على ثلاث حيض فعدتها ثلاث حيض»52، و خبر سنان الآتي.

(مسألة ۱٦): لو طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها و هي لا تحيض و في سن من تحيض- إما لمرض أو رضاع أو غيرهما (۳٦). كانت عدتها ثلاثة أشهر (۳۷)، و تلحق بها من تحيض لكن الطهر الفاصل بين حيضتين منها ثلاثة أشهر أو أزيد (۳۸). هذا كله في الحرة و إن كانت تحت عبد (۳۹).

مثل إنها صغيرة السن لم تبلغ الحد الذي ترى الحيض غالب النساء

فيه و إن كملت التسع.

لقوله تعالى‏ وَ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ‏54، و الإجماع، و النصوص منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «عدة المرأة التي لا تحيض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر»54، و في رواية أبي بصير قال: «عدة التي لم تحض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر»55، المحمولان على المقام بقرينة خبر أبي نصر عن العبد الصالح عليه السّلام: «المرأة الشابة التي لا تحيض و مثلها تحيض طلقها زوجها، قال عليه السّلام: عدتها ثلاثة أشهر»56، إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما يظهر منه الخلاف مثل خبر ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الجارية التي لم تدرك الحيض، قال عليه السّلام: يطلّقها زوجها بالشهور. قيل: فإن طلّقها تطليقة ثمَّ مضى شهر ثمَّ حاضت في الشهر الثاني، فقال عليه السّلام: إذا حاضت بعد ما طلّقها بشهر ألغت ذلك الشهر و استأنفت العدة بالحيض، فإن مضى بعد ما طلّقها شهران ثمَّ حاضت في الثالثة تمت عدتها بالشهور، فإذا مضى لها ثلاثة أشهر فقد بانت منه»57، و قريب منه غيره محمول أو مطروح.

ثمَّ إن المراد بقوله تعالى‏ إِنِ ارْتَبْتُمْ‏ تحقق الارتياب في التحيض فعلا بعد العلم بأنها بلغت سن من تحيض، و بعد العلم بأنها ليست في سن اليائسة من الحيض، كما مر في صحيح الحلبي، فيستفاد من الآية الكريمة منطوقا و مفهوما حكم أربع نساء:

الأولى‏: البالغة سن اليأس، فلا عدة لها كما مر.

الثانية: المرأة التي لا تحيض بعد أن لم تبلغ سن من تحيض أمثالها، فلا عدة لها أيضا.

الثالثة: المرأة المرتابة في تحقق الحيض و عدمه بأن كانت أول رؤيتها للدم عدتها بالشهور.

الرابعة: المرأة المرتابة في تحقق اليأس و عدمه، عدتها ثلاثة أشهر.

و يستفاد من مجموع النصوص الواصلة إلينا قاعدة كلية و هي: إن العدة أحد الأمرين الأقراء أو الأشهر الثلاثة، و أيهما سبق كان الاعتداد بما سبق. و هي المستفادة من مجموع الآيات المباركة بقرينة ما وردت في شرحها من الروايات كما عرفت.

تنبيه‏ لو تأملنا في مجموع ما ورد من الأخبار في الطلاق- و ما فيها من الاختلافات الكثيرة حتى في ألفاظ ما يقع به الطلاق فضلا عن غيرها- حصل لنا الاطمئنان بأن الأصل في أخبار الطلاق التقية إلا ما خرج عنه بدليل معتبر، من إجماع، أو صحيح محكم، أو نحوهما، و لم يصح لنا إجراء مثل هذا الأصل في غيره من الأبواب الفقهية، فلا بد من التأمل البليغ في أخبار الباب ورد متشابهاتها إلى محكماتها، ثمَّ الأخذ بالمتحصل بعد تطبيقه على ما اشتهر بين الإمامية، و نظير المقام ما ورد من الأخبار المتعارضة في ذبيحة الكتابي، و أكثر النفاس، و حكم الركعتين الأخيرتين. و اللّه العالم.

للإجماع، و أن المدار في العدة و أحكامها النساء على ما تقدم، فلا عبرة بالرجال فيها.

للإجماع، و لتحقق الموضوع، فيشمله إطلاق الحكم لا محالة، و في صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السّلام: «أي الأمرين سبق إليها فقد انقضت عدتها إن‏

مرت ثلاثة أشهر لا ترى فيها دما فقد انقضت عدتها، و إن مرت ثلاثة أقراء فقد انقضت عدتها»58.

(مسألة ۱۷): لو كانت المعتدّة أمة سواء كانت تحت حر أو عبد فعدتها قرءان في مستقيمة الحيض (٤۰) و خمسة و أربعون يوما إن كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض (٤۱).

إجماعا، و نصا، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن حر تحته أمة أو عبد تحته حرة، كم طلاقها؟ و كم عدتها؟ فقال: السنّة في النساء في الطلاق، فإن كانت حرة فطلاقها ثلاثا و عدتها ثلاثة أقراء، و إن كان حر تحته أمة، فطلاقها تطليقتان و عدتها قرءان»59، و المراد من القرء الطهر كما في الحرة، هذا إن دخلت بها و كانت غير يائسة، و إلا لا عدة لها كما مر في الحرة.

للإجماع، و النصوص، ففي خبر سماعة: «عدّة الأمة التي لا تحيض خمسة و أربعون يوما»60، المحمول على الأمة التي لا تحيض و هي في سن من تحيض، كالمرضعة كما تقدم في الحرة، و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام:

«عدة الأمة حيضتان أو خمسة و أربعون يوما»61 إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما يظهر منه الشهران مثل خبر سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الأمة إذا طلقت ما عدتها؟ فقال: حيضتان أو شهران حتى‏

تحيض»62 محمول، أو مطروح.

(مسألة ۱۸): المراد بالقرء و القرءين الأطهار و الطهران (٤۲)، و يكفي في الطهر الأول مسماه و لو قليلا (٤۳)، فلو طلقها و قد بقيت من طهرها لحظة يحسب ذلك طهرا (٤٤)، فإذا رأت طهرين آخرين تامين بتخلل حيضة بينهما في الحرة و طهر آخر تام بين حيضتين في الأمة انقضت العدة (٤٥)، فانقضاؤها برؤية الدم الثالث أو الثاني (٤٦). نعم، لو اتصل آخر صيغة الطلاق بأول زمان الحيض صح الطلاق (٤۷)، لكن لا بد في انقضاء العدة من أطهار تامة (٤۸)، فتنقضي برؤية الدم الرابع في الحرة و رؤية الدم الثالث في الأمة (٤۹).

إجماعا، و نصوصا، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «القرء ما بين الحيضتين»63، و عنه عليه السّلام في موثق زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «الأقراء الأطهار»64، و عنه أيضا في الصحيح‏65: «سمعت ربيعة الرأي يقول: إن من رأيي أن الأقراء التي سمى اللّه في القرآن إنما هو الطهر بين الحيضتين، فقال: كذب لم يقله برأيه، و لكن إنما بلغه عن علي عليه السّلام، فقلت:

أصلحك اللّه تعالى، أ كان علي عليه السّلام يقول ذلك؟ فقال: نعم، إنما القرء الطهر يقرأ فيه الدم فتجمعه، فإذا جاء الحيض دفعته» إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما يظهر منه الخلاف‏66 محمول أو مطروح للتقية67.

و ما يقال: من أن المراد بالقرء الحيض بقرينة قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «دعي الصلاة أيام أقرائك»68، و غيره من الأخبار.

مردود: بأن القرء تستعمل في كل منهما مع القرينة، و فيما تقدم من قوله صلّى اللّه عليه و آله القرينة واضحة للدلالة على الحيض، كما أن في المقام القرينة موجودة على الطهر كما تقدم سابقا69.

لظهور الإطلاق- كما مر- و الاتفاق.

لوقوع الطلاق فيه فتشمله الإطلاقات، و العمومات.

فتكون ثلاثة قروء، لفرض تحقق قرءين تامين، و القرء الذي وقع فيه الطلاق.

لما تقدم، و لصدق تخلل الطهرين أو الاطهار، فيشملها جميع ما مر من الأخبار.

لصدق وقوعه في حال الطهر عرفا، فيصح لا محالة.

للإجماع، و لأن المنساق من الأخبار كما تقدم ثلاثة أقراء مستأنفة بعد الحيض عرفا.

لأن برؤية الدم الرابع يتحقق ثلاثة أقراء في الحرة، و في الأمة برؤية الدم الثالث يتحقق القرءان كما مر.

(مسألة ۱۹): بناء على كفاية مسمّى الطهر في الطهر الأول و لو لحظة و إمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرة فأقل زمان يمكن أن تنقضي عدة الحرة، ستة و عشرون يوما و لحظتان (۵۰) بأن كان طهرها الأول لحظة ثمَّ تحيض ثلاثة أيام ثمَّ ترى أقل الطهر عشرة أيام ثمَّ تحيض ثلاثة أيام، ثمَّ ترى أقل الطهر عشرة أيام، ثمَّ تحيض- فبمجرد رؤية الدم الأخير لحظة من أوله انقضت العدة (۵۱)، و هذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدة (۵۲)، و إنما يتوقف عليها تمامية الطهر الثالث (۵۳). هذا في الحرة، و أما في الأمة فأقل ما يمكن انقضاء عدتها لحظتان و ثلاثة عشر يوما (٥٤).

و هو الموافق لإطلاق الأدلة، و المصرح به في كلمات جمع من الأجلة، منهم المحقق في الشرائع.

و أما أطول العدد فهو في خبر سورة بن كليب قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة على طهر من غير جماع بشهود طلاق السنّة، و هي ممن تحيض فمضى ثلاثة أشهر فلم تحض إلا حيضة واحدة

ثمَّ ارتفعت حيضتها حتى مضى ثلاثة أشهر أخرى و لم تدر ما رفع حيضتها؟

فقال: إن كانت شابة مستقيمة الطمث فلم تطمث في ثلاثة أشهر إلا حيضة ثمَّ أرتفع طمثها فلا تدري ما رفعها، فإنها تتربص تسعة أشهر من يوم طلّقها ثمَّ تعتد بعد ذلك ثلاثة أشهر ثمَّ تزوج إن شاءت»70.

لتحقق الأقراء بالنسبة إليها فيكون ما زاد خارجا عن حقيقة العدة حينئذ.

لأن لها نصف عدة الحرة و تجري فيها عين ما جرت في الحرة.

و يشهد له الوجدان، و صرح به جمع من الأعيان منهم المحقق في الشرائع، و نسب إلى الشيخ أنها جزء من العدة.

و الظاهر أن النزاع لفظي كما صرح به في الجواهر، فراجع. و مثل هذا النزاع يجري في كل حد مشترك بين شيئين فيصح احتسابه من الجزء الأول فرضا، فيكون منه كما يصح جعله علامة انقضائه فيكون خارجا عنه، و إطلاق ما مر من النص يشهد لتعين الثاني.

لأنها سبب كاشف عن انقضاء مدة الطهر كما مر.

(مسألة ۲۰): عدة المتعة في الحامل وضع حملها (۵۵)، و في الحائل إذا كانت تحيض قرءان و المراد بهما هنا حيضتان على الأقوى (۵۶) و إن كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض فخمسة و أربعون يوما (۵۷). و لا فرق بين كون المتمتع بها حرة أو أمة (۵۸)، و المراد من الحيضتين الكاملتان (۵۹)، فلو وهبت مدتها أو انقضت في أثناء الحيض لم تحسب بقية تلك الحيضة من الحيضتين (۶۰).

لإطلاق الآية الشريفة وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ‏71، و ظهور الاتفاق، و النصوص الواردة في المطلّقة كما تقدم‏72، بناء على كون الطلاق عبارة أخرى عن مطلق الفراق، كما يظهر من إرسال الفقهاء ذلك إرسال المسلمات، و إلا فلم نعثر على أن عدة المتمتعة بها الحامل وضع حملها فيما تفحصنا عاجلا.

و أما ما ذكره الطبرسي في مجمع البيان في قوله تعالى‏ وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ‏ أنها: «في المطلّقات خاصة و هو المروي عن أئمتنا عليهم السّلام»73 يحمل على ما ذكرنا.

على المشهور نصا، و فتوى، ففي صحيح إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتعة؟ فقال: ألق عبد الملك بن جريح، فاسأله عنها فإن عنده منها علما، فأتيته، فأملى عليّ شيئا كثيرا في استحلالها- إلى أن قال- و عدتها حيضتان فإن كانت لا تحيض فخمسة و أربعون يوما، فأتيت بالكتاب أبا عبد اللّه عليه السّلام فعرضته عليه، فقال: صدق و أقر به»74، و عن أبي جعفر عليه السّلام في المتعة: «و لا تحل لغيرك حتى تنقضي عدتها، و عدتها حيضتان»75، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.

و الروايات الواردة في المقام على أقسام:

الأول‏: ما تقدم و أنها مشهورة، و عمل بها الأصحاب.

الثاني‏: الروايات الدالة على أنها حيضة مثل صحيحة زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عدة المتمتعة إن كانت تحيض فحيضة، و إن كانت لا تحيض فشهر و نصف»76، و خبر عبد اللّه بن عمر قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتعة- إلى أن قال- فكم عدتها؟ قال: خمسة و أربعون يوما، أو حيضة مستقيمة»77، و في رواية محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «قال أبو جعفر عليه السّلام عدة المتمتعة حيضة، و قال: خمسة و أربعون يوما»78، إلى غير ذلك من الأخبار.

و لكن ندرة القول به أسقطها عن الاعتبار، و يمكن حمله على أن الحيضة أول الشروع في العدة و الدخول فيها، و أنها تتم بتمام الثانية، و يشهد له ذكر خمس و أربعين الوارد في معتبرة البزنطي لغير من تحيض حيضة مستقيمة.

الثالث‏: حيضة و نصف، كما في صحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام:

«المرأة يتزوجها الرجل متعة ثمَّ يتوفى عنها، هل عليها العدة؟ قال: تعتد أربعة أشهر و عشرا، و إذا انقضت أيامها و هو حي فحيضة و نصف مثل ما يجب على الأمة»79.

و يمكن حمله على الإشراف على تمام الثانية، فيجتمع جميع الأخبار على شي‏ء واحد و هو القسم الأول مع أن الأصل يقتضي ذلك.

و على ما ذكرنا يحمل خبر الحميري المروي في كتاب الاحتجاج عن صاحب الزمان (عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف): «أنه كتب إليه في رجل تزوج امرأة بشي‏ء معلوم إلى وقت معلوم، و بقي له عليها وقت فجعلها في حل مما بقي له عليها، و قد كانت طمثت قبل أن يجعلها في حل من أيامها بثلاثة أيام، أ يجوز أن يتزوجها رجل آخر بشي‏ء معلوم إلى وقت معلوم عند طهرها من هذه‏

الحيضة، أو يستقبل بها حيضة أخرى؟ فأجاب عليه السّلام: يستقبل بها حيضة غير تلك الحيضة؛ لأن أقل العدة حيضة و طهرة تامة»80.

و أما حمل أخبار الحيضتين على الاستحباب كما هو عادة الأصحاب في أمثال المقام. غير صحيح لمخالفته للإجماع.

و عن المفيد، و الشهيد، و غيرهما: أن العدة في المتمتع بها طهران مستدلين بما هو ظاهر الخدشة، فإن أمكن إرجاعه إلى ما ذكرنا و إلا فالمناقشة فيه ظاهرة كما لا يخفى على من راجع المطولات، فمن شاء فليرجع إليها.

لفرض إن البقية من متممات الحيض الكامل، لا أن تكون بنفسه كاملا.

لأنهما المنساق من الأدلة، مضافا إلى ظهور إجماع الأجلة.

لظاهر الإطلاق و الاتفاق كما مر.

إجماعا و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة سهل بن زياد:

«عدة المتعة خمسة و أربعون يوما»81، و في صحيح زرارة قال: «عدة المتعة خمسة و أربعون يوما، كأني أنظر إلى أبي جعفر عليه السّلام يعقده بيده خمسة و أربعين»82، و تقدمت روايات أخرى تدل على ذلك.

(مسألة ۲۱): إذا كانت المتمتع بها غير مستقيمة الحيض أو مسترابة يحتمل أن تكون عدتها أسبق العدتين من الأيام أو القرءين، و لكنه مشكل (۶۱)، فالأحوط أبعد الأجلين (۶۲).

لحصول العلم حينئذ بتحقق العدة الواقعية.

لعدم الدليل إلا التنظير على الطلاق، و هو لا يخلو عن القياس أو التمسك بخبر قرب الإسناد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «قال أبو جعفر عليه السّلام:

عدة المتعة حيضة، و قال: خمسة و أربعون يوما لبعض أصحابه»83، و مثله غيره فهو مجمل لا يستفاد منه حكم المقام.

(مسألة ۲۲): لو عقد على الحرة متعة فدخل بها ثمَّ تبين فساد العقد فعدتها عدة الطلاق (۶۳)، كما في العقد الدائم إذا تبين فساده بعد الدخول (6٤)، و إن عقد على الأمة متعة فتبين الفساد بعد الدخول فحكمها الاستبراء كما في الوطي المجرد عن العقد و كما في العقد الدائم عليها مع تبين الفساد (65).

لتحقق الوطي المحترم في الأمة، فتشملها إطلاقات أدلة الاستبراء مع الوطي من غير دليل حاكم عليها.

لفرض أن الوطي محترم، فيترتب عليه عدة الوطي المحترم.

لظهور عدم انطباق عنوان المتعة عليها- كما هو المفروض- فلا موضوع حينئذ للاعتداد بالتمتع، فتدخل في الوطي المحترم، فتشمله إطلاقات أدلة العدة من غير تقييد كما تقدم.

(مسألة ۲۳): إذا لم يعلم أن العقد كان دائما أو متعة يجري عليه حكم الدوام في موارد اختلاف حكمهما (66).

يمكن التمسك بأصالة عدم ذكر المدة، فيجري عليه حكم الدوام،

و لا وجه لتوهم الإثبات، لأن المنقطع و الدائم حقيقة واحدة، و إنما يتحقق الانقطاع بذكر المدة، و المفروض عدمه بالأصل، فيجري نفس حكم الدائم بلا وساطة شي‏ء، و يصح أيضا استصحاب بقاء الكلي حتى ينقضي حكم الدوام.

(مسألة ۲٤): الحاجة إلى العدة إنما هي فيما لو أراد الغير تزويجها، و أما بالنسبة إلى الزوج فلا إشكال في جواز تجديد العقد عليها بعد انقضاء المدة أو هبتها بلا فصل (67).

لما تقدم من أن تشريع العدة إنما هو لعدم اختلاط المياه، و المفروض عدم تحقق ذلك، مضافا إلى ظهور الإجماع و الاعتبار.

(مسألة ۲٥): المدار في الشهور على الهلالية منها (68)، فإن وقع الطلاق في أول رؤيته فلا إشكال، و أما إن وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف و إشكال (69). و لعل الأقوى في النظر جعل الشهرين الوسطين هلاليين و إكمال الأول من الرابع بمقدار ما فات منه (70).

هذا الخلاف و الإشكال، وقع بينهم في موارد مختلفة من نظائر المقام، كصوم الكفارة، و صوم الإجارة شهرين مثلا، فمن قائل في المقام بجعل الشهرين الوسطين هلاليين و إكمال الأول من الرابع بقدر ما فات منه، و من قائل بجعل الأول عدديا و إكمال من الرابع ثلاثين يوما، و من قائل باعتبار العددي في الجميع إلى غير ذلك مما قيل فيه.

و منشأ الكل استظهارات حصلت في أذهان القائلين بذلك من غير اعتماد على نص أو إجماع، و يمكن الاختلاف باختلاف العرف و العادات.

لأنها هي المتعارفة بين المسلمين، فيحمل اللفظ عليه مع عدم القرينة.

أما جعل الوسط هلاليين، فلانطباق الإطلاق عليهما قهرا. و أما تتميم الأول من الرابع، فلحكم العرف به بعد حكمه بتقديم جعل الوسطين هلاليين‏

على التكسير في كل شهر. و لكن الأحوط إتمام الأول ثلاثين يوما من الرابع.

(مسألة ۲۶): لو اختلفا في انقضاء العدة و عدمه قدم قولها بيمينها (71)، سواء ادعت الانقضاء أم عدمه و سواء كانت عدتها بالأقراء أم الأشهر (72).

أما تقديم قولها فلقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «العدة و الحيض للنساء إذا ادعت صدقت»84، و أما اليمين فلقطع النزاع و رفع الاختلاف مضافا إلى الإجماع.

لما مر من الإطلاق الشامل لجميع شؤون العدة و الحيض لها، مضافا إلى الإجماع.

(مسألة ۲۷): دم النفاس كدم الحيض في باب العدة (73).

إجماعا، و لما في النصوص من أنها حيض محتبس‏85، و بناء الفقهاء على ترتيب جميع أحكام الحيض عليه إلا ما خرج بالدليل، فإذا طلّقها بعد الوضع مباشرة قبل رؤية الدم جامعا للشرائط، ثمَّ رأت الدم لحظة مثلا، ثمَّ مضى أقل الطهر و هو عشرة أيام ثمَّ رأت أقل الحيض- ثلاثة أيام- ثمَّ مضى أقل الطهر، فتخرج من العدة برؤية الدم، و يكون المجموع ثلاثة و عشرين يوما، كما تقدم سابقا.

لصحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام: «إذا طلّق الرجل المرأة و هو غائب، و لا تعلم إلا بعد ذلك بسنة أو أكثر أو أقل، فإذا علمت تزوجت و لم تعتد»88، و في صحيح أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا ع: «في المطلّقة إذا قامت البينة أنه قد طلقها منذ كذا و كذا، فكانت عدتها قد انقضت، فقد بانت»89، مضافا إلى الإجماع.

و القول بأنها تعتد من حين بلوغ الخبر شاذ ضعيف لا وجه له.

(مسألة ۲۸): لو علمت بالطلاق و لم تعلم وقته حتى تحسب من ذلك الوقت أعتدت من وقت وصول خبر الطلاق إليها (7٤)، و إذا لم تعلم بالطلاق إلا بعد انقضاء العدة فلا عدة عليها (75).

لصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «عن الرجل يطلّق امرأته و هو غائب عنها من أي يوم تعتد به؟ فقال: إن قامت لها بينة عدل أنها طلقت في يوم معلوم و تيقنت، فلتعتد من يوم طلّقت، و إن لم تحفظ في أي يوم و في أي شهر

فلتعتد من يوم يبلغها»86، و في صحيح زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طلّق امرأته و هو غائب، متى تعتد؟ فقال: إذا قامت لها بينة أنها طلّقت في يوم معلوم و شهر معلوم، فلتعتد من يوم طلقت، فإن لم تحفظ في أي يوم و في أي شهر، فلتعتد من يوم يبلغها»87، إلى غير ذلك من الأخبار، مضافا إلى دعوى الإجماع عليه.

لصحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام: «إذا طلّق الرجل المرأة و هو غائب، و لا تعلم إلا بعد ذلك بسنة أو أكثر أو أقل، فإذا علمت تزوجت و لم تعتد»88، و في صحيح أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا ع: «في المطلّقة إذا قامت البينة أنه قد طلقها منذ كذا و كذا، فكانت عدتها قد انقضت، فقد بانت»89، مضافا إلى الإجماع.

و القول بأنها تعتد من حين بلوغ الخبر شاذ ضعيف لا وجه له.

(مسألة ۲۹): لو نكح الزانية المشهورة بالزنا شخص تمتعا مع العلم بأنها تزني حين النكاح الصحيح الشرعي و بعده أيضا فانقضت المدة أو وهبها لها فهل لهذه المرأة عدة لأجل النكاح الشرعي أو لا؟ الظاهر هو الأول (76).

لتغليب الشارع المقدس الفراش، فيلحق به الولد مع استجماع سائر الشرائط، و تقدم أنه «لا حرمة لماء الزاني».

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"