1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الشركة
  10. /
  11. المقدمة
و هي: عبارة عن كون شي‏ء واحد (۱) لاثنين أو أزيد ملكا أو حقا (۲) و هي إما (واقعية قهرية) كما في المال أو الحق الموروث، و إما (واقعية اختيارية) من غير استناد إلى عقد كما إذا أحيا شخصان أرضا مواتا بالاشتراك، أو حفرا بئرا، أو اغترافا ماء، أو اقتلعا شجرا، و إما (ظاهرية قهريّة) (۳) كما إذا امتزج مالهما من دون اختيارهما و لو بفعل‏ أجنبي بحيث لا يتميز أحدهما من الآخر، سواء كانا من جنس واحد كمزج حنطة بحنطة أو جنسين كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير، أو دهن اللوز بدهن الجوز أو الخلل بالدبس، و إما (ظاهرية اختيارية) كما إذا مزجا باختيارهما لا بقصد الشركة فإن مال كل منهما في الواقع ممتاز عن الآخر (٤)، و لذا لو فرض تمييزهما اختص كل منهما بماله (٥)، و أما الاختلاط مع التمييز (٦).فلا يوجب الشركة و لو ظاهرا (۷)، إذ مع الاشتباه مرجعه الصلح القهري أو القرعة (۸)، و إما (واقعية) مستندة إلى عقد غير عقد الشركة كما إذا ملكا شيئا واحدا بالشراء أو الصلح أو الهبة أو نحوها (۹). و إما (واقعية) منشأة بتشريك أحدهما الآخر في ماله (۱۰) كما إذا اشترى شيئا فطلب منه شخص أن يشركه فيه و يسمى عندهم بالتشريك، و هو صحيح لجملة من الأخبار (۱۱)، و إما (واقعية) منشأة بتشريك كل منهما الآخر في ماله، و يسمى هذا بالشركة العقدية و معدود من‏ العقود (۱۲)، ثمَّ إن الشركة قد تكون في عين، و قد تكون في منفعة (۱۳).و قد تكون في حق، و بحسب الكيفية إما بنحو الإشاعة، و إما بنحو الكلي في المعين (۱٤)، و قد تكون على وجه يكون كل من الشريكين أو الشركاء مستقلا في التصرف (۱٥)، كما في شركة الفقراء في الزكاة و السادة في الخمس و الموقوف عليهم في الأوقاف العامة و نحوها (۱٦).

الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة

و السلام على أشرف خلقه و رسوله محمد و آله‏

الطيبين الطاهرين حماة معالم الدين و معاهدة

هذه المادة- ش ر ك- تستعمل في المعنى الأعم من العين و المنفعة و الانتفاع و الحق و النية و القصد- كما في الرياء حيث أطلق عليه المشرك في جملة من الأخبار۱– و المعبود و غير ذلك من موارد استعمالاته في الكتاب و السنة، و في بعض الأخبار إن النطفة قد تصير شرك الشيطان و إن لم يذكر الزوج اسم اللّه تعالى عند المواقعة۲، و كذا الشركة في النسب و الوطن و غيرهما مما لا يخفى.

و استعمالاتها في الكتاب و السنة- و منها اصطلاح الفقهاء- عين المعنى اللغوي العرفي.

المذكور في المتن لا أن يكون في البين اصطلاح خاص بينهم و حقيقة شرعية أو متشرعة.

و لا ريب في ان مورد بحث الفقهاء لبعض أنواع الشركة العرفية اللغوية لا يوجب ذلك أن يكون لهم اصطلاح خاص في مقابل العرف و اللغة.

نعم، تختلف استعمالاته بحسب اختلاف المتعلق و الأغراض كما يأتي تفصيله.

و لا وجه للنقض و الإبرام في المقام.

كما لا وجه لإنكار صاحب الحدائق الشركة العقدية رأسا لأنه فاسد بلا كلام بل مخالف لإجماع الخاص و العام كما سيأتي، فمهما صدقت الشركة عرفا تترتب عليها الأحكام.

نعم، منشأ الشركة لها مراتب متفاوتة عرفا يكفي في ترتب أحكامها مجرد الصدق العرفي، و في مورد الشك لا يصح التمسك بدليل الشركة و لا تترتب أحكامها عليه لأنه تمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

المراد بالوحدة الوحدة الاعتبارية العرفية لا الدقية الحقيقية البسيطة من كل جهة.

إن قيل: فعلى هذا يصدق الشركة فيما إذا بنى دارا و كان جصّها مثلا من أحد و حجرها من آخر.

يقال: لا بأس بذلك بعد الصدق العرفي و إن كان الظاهر من كلمات الفقهاء اختصاصها ببعض أقسامها.

منفعة أو انتفاعا و بلا فرق بين ما في الخارج أو ما في الذمة لصدق مفهوم الشركة في جميع ذلك.

إذا سقط تمييز المالين و بطل جهة الاختصاص عرفا تكون الشركة واقعية أيضا لا ظاهرية فقط فعد هذا القسم بإطلاقه في مقابل القسم الأول مشكل بل ممنوع، و الظاهر أن المراد من الظاهرية القهرية الشركة الحكمية أي:

في الحكم الظاهري.

و خلاصة تفصيله رحمة اللّه يرجع إلى أن الامتزاج قد يوجب الشركة الواقعية الحقيقة، و هو فيما إذا حصل خلط و امتزاج تام بين المائعين المتجانسين- كالماء بالماء مثلا- و غير المتجانسين كدهن الجوز بدهن اللوز مثلا، و مثله بحسب العرف خلط الجامدات الناعمة بعضها ببعض كالأدقة بل لا يبعد أن يلحق بها ذوات الحبات الصغيرة كالخشخاش و الدخن و السمسم و نحوها.

و قد يوجب شركة ظاهرية حكمية كخلط الحنطة بالحنطة و الشعير بالشعير و نحوها، و كذا الدراهم المتماثلة لو اختلط على نحو يرفع الامتياز بينهما أصلا فيتحقق الشركة حينئذ، فالشركة إما واقعية أو عرفية أو ظاهرية حكمية.

إن كان المراد بالامتياز في الواقع الامتياز في علم اللّه تعالى ففي الشركة الواقعية القهرية أيضا ممتاز كل منهما عن الآخر في علم اللّه تعالى، و إن كان الامتياز بحسب علومنا و واقع إدراكاتنا ففي بعض أقسام هذا القسم أيضا لا تمايز بينهما كما هو واضح.

هذا الفرض يجري في جميع موارد الاشتراك و لا اختصاص له بالمقام.

إن كان المراد من التمييز إمكانه عرفا فلا إشكال في عدم تحقق‏ الشركة حينئذ لا ظاهرا و لا واقعا لفرض تمييز كل واحد من المالين عن الآخر و حينئذ فلا معنى لقوله رحمة اللّه بعد ذلك: «إذ مع الاشتباه» لفرض إمكان التمييز و إن كان المراد به التميز الواقعي و إن تعسر ذلك عرفا فالشركة محققة فحينئذ يصح قوله: «إذ مع الاشتباه» لأنّ كل مميز واقعي يمكن أن يصير مورد الاشتباه مع غيره ظاهرا، و لكنه لا وجه حينئذ لقوله رحمه اللّه: «و مرجعه الصلح القهري أو القرعة»، بل يتعين الشركة الحكمية.

نعم، لو فرض التميز الواقعي بين المالين و عدم تحقق الشركة عرفا و حصل الاشتباه بين المالين فالمرجع حينئذ الصلح أو القرعة كما إذا اشتبهت السلعة الخارجة من مصنع واحد- بدون امتياز بينها- أحدها لزيد و الآخر لعمرو و لكن اشتبه كل منهما بالآخر، و الظاهر أن مراده من عبارته رحمة اللّه هذا القسم.

هذا الإطلاق مخالف للعرف في بعض أقسام الاختلاط فإنهم يرون الشركة حقيقة، و يشهد له الوجدان أيضا.

يعني أنهما يكونان في مقام تمييز الحق لا أن يتحققا في موضوع الاشتراك لما تقدم من عدم حكم العرف بالاشتراك.

ثمَّ أن المعروف بين الفقهاء اصطلاحات ثلاثة:

الأول‏: الشركة الحقيقة.

الثاني‏: الشركة الحكمية «أي عدم جواز تصرف أحد المالكين في المال بدون إذن الآخر، و صحة مطالبة القسمة، و كون عوض المالين مشتركا بين المالكين».

الثالث‏: اشتباه مال أحد المالكين بالآخر، و يأتي تفصيل الجميع إن شاء اللّه تعالى في مطاوي الكتاب، و أما الشركة الظاهرية التي اصطلح عليها الماتن‏ تبعا لصاحب الجواهر فليس قسما خاصا في مقابل الشركة الحقيقة و الحكمية بل راجع إلى أحدهما و لا مشاحة في الاصطلاح.

فيتحقق الشركة بالضرورة الشرعية بل العرفية، ثمَّ أن المرجع في تحقق الشركة هو المتعارف كما في جميع الموضوعات للأحكام، و إذا راجعنا إلى العرف ..

تارة: يحكم بتحقق الشركة.

و أخرى‏: يشك في تحققها و يتردد في صدقه.

و ثالثا: يحكم بالاختلاط دون الشركة فالحكم في الأول معلوم فتشمله أدلة الشركة.

و أما الثاني: فلا يمكن التمسك بدليل الشركة لفرض الشك في تحققها، فلا بد إما من الرجوع إلى الصلح أو القرعة فيكون كالقسم الثالث.

و الفرق بينه و بين سابقة أن الأول منشأ الشركة بتحقق العقد- غير عقد الشركة- بينهما بخلاف الثاني فإنه من مجرد فعل التشريك.

منها صحيح ابن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يشارك في السلعة؟ قال عليه السّلام: إن ربح فله و إن وضع فعليه»۳، و صحيح الحلبي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يشتري الدابة و ليس عنده نقدها، فأتى رجل من أصحابه فقال يا فلان انقد عني هذه الدابة و الربح بيني و بينك فنقد عنه‏  فنفقت الدابة؟ قال عليه السّلام: ثمنها عليهما لأنّه لو كان ربح فيها لكان بينهما»4، و يمكن استفادة ذلك من إطلاق صحيح ابن عمار أيضا، قال: «قلت للعبد الصالح عليه السلام لرجل يدل الرجل على السلعة، فيقول: اشترها و لي نصفها فيشتريها الرجل و ينقد من ماله، قال عليه السّلام: له نصف الربح، قلت: فإن وضع يلحقه من الوضيعة شي‏ء؟ قال: عليه من الوضيعة كما أخذ الربح»٥. و نحوه غيره، و دعوى ظهورها فيما إذا ملكا شيئا واحدا بالشراء أو الصلح أو الهبة أو نحوها بلا شاهد.

و يمكن تطبيق الصحة على عموم مثل قاعدة السلطنة أيضا.

بلا خلاف فيه بين العامة و الخاصة بناء على كونها عقدا كما هو المشهور خلافا لصاحب الحدائق حيث أنكر الشركة العقدية، بل يظهر منه إنكار الشركة المنشأة بالصيغة مطلقا مدعيا أن ذلك لا يستفاد من النصوص، و المنساق من كلمات الفقهاء أيضا الشركة المالية الخارجية.

و فيه: أولا أنه يكفي العمومات و الإطلاقات بعد صدق العقد و العهد عليه عرفا، فلا نحتاج إلى دليل خاص.

و ثانيا: تدل عليه صحاح الحلبي و هشام المتقدمة و ابن رئاب‏٦، فإن ظهورها في الشركة العقدية مما لا ينكر و على فرض الخدشة في الظهور فإطلاقها يشملها.

بل يمكن دعوى وقوعها بالإذن من طرف واحد و عدم رد الآخر فتكون من الإيقاعات لا من العقود، لأن إظهار الرضا بالشركة و الإذن فيها خفيف المؤنة جدا، و الإجماع لو تمَّ انما هو بلحاظ الغالب لا التقوم.

أو انتفاع و كل ما فيه غرض صحيح، و اقتصار الفقهاء على بعض‏ دون بعض لعله يكون من باب ذكر الأهم الغالب دون الاستقصاء.

قد مر أنه ليس للشركة المبحوث عنها عند الفقهاء حقيقة شرعية و لا متشرعة، بل اللفظ بحسب معناه اللغوي العرفي جعل مورد بحثهم فمع الصدق عرفا تصح و مع عدم الصدق أو صدق العدم لا تصح، و لا دليل على اختصاص الشركة بخصوص مورد الإشاعة فقط، بل المناط كله كما مر الصدق العرفي.

إن كان مراده رحمة اللّه بالاستقلال الاستقلال بعد القبض فلا ربط له بالشركة لحصول التقسيم حينئذ، و إن كان مراده الاستقلال قبل القبض فلا وجه له لعدم استقلال كل واحد من الفقراء و السادة في التصرف في مورد الخمس و الزكاة، إذ ليست ولاية التقسيم للفقير و السادة و إنما هو للمالك و حاكم الشرع في بعض الحالات كما تقدم في كتاب الزكاة، كما تقدم فيه أن تعلق حق الفقراء و السادة ليس بنحو الشركة الحقيقة في العين، بل هو نحو حق تعلق بمالية المال فراجع و تأمل، و لعله أراد بقوله رحمة اللّه: «مستقلا في التصرف» أي في الجملة و لو بملاحظة الاستيلاء على القبض.

الأوقاف العامة إما أن تكون الشركة فيها في المنفعة كوقف الأشجار المثمرة للفقراء، و أما أن تكون من الشركة في الانتفاع كوقف المدارس و الكتب و نحوها، و ليس للموقوف عليهم الولاية على القسمة و إنما هي للمتولي و مع عدمه فللحاكم الشرعي كما يأتي في محله.

(مسألة ۱): لا تصح الشركة العقدية إلا في الأموال بل الأعيان (۱۷).فلا تصح في الديون، فلو كان لكل منهما دين على شخص فأوقعا العقد على كون كل منهما بينهما لم يصح، و كذا لا تصح في المنافع (۱۸) بأن كان لكل منهما دار مثلا و أوقعا العقد على أن يكون منفعة كل منهما بينهما بالنصف مثلا، و لو أراد ذلك صالح أحدهما الآخر نصف منفعة داره بنصف منفعة دار الآخر، أو صالح نصف منفعة داره بدينار- مثلا- و صالحه الآخر نصف منفعة داره بذلك الدينار، و كذا لا تصح شركة الأعمال- و تسمى شركة الأبدان أيضا (۱۹)- و هي أن يوقعا العقد على أن يكون‏ أجرة عمل كل منهما مشتركا بينهما (۲۰)، سواء اتفق عملهما كالخياطة مثلا أو كان عمل أحدهما الخياطة و الآخر النساجة، و سواء كان ذلك في عمل معين أو في كل ما يعمل كل منهما (۲۱)، و لو أرادا الاشتراك في ذلك صالح أحدهما الآخر نصف منفعته المعينة أو منافعه إلى مدة كذا بنصف منفعة أو منافع الآخر، أو صالحه نصف منفعته بعوض معين و صالحه الآخر أيضا نصف منفعته بذلك العوض. (۲۲)، و لا تصح أيضا شركة الوجوه (۲۳)، و هي أن يشترك اثنان وجيهان لا مال لهما بعقد الشركة على أن يبتاع كل منهما في ذمته إلى أجل و يكون ما يبتاعه بينهما فيبيعانه و يؤديان الثمن، و يكون ما حصل من الربح بينهما (۲٤)، و إذا أرادا ذلك على الوجه الصحيح و كلّ كل منهما الآخر في الشراء فاشترى لهما و في ذمتهما (۲٥)، و شركة المفاوضة أيضا باطلة (۲٦)، و هي أن يشترك اثنان أو أزيد على أن يكون كل ما يحصل لأحدهما من ربح تجارة أو زراعة أو كسب آخر أو إرث أو وصية أو نحو ذلك مشتركا بينهما، و كذا كل غرامة ترد على أحدهما تكون عليهما. فانحصرت الشركة العقدية الصحيحة بالشركة في الأعيان (۲۷) المملوكة فعلا و تسمى بشركة العنان (۲۸).

أما عدم صحتها إلا في الأموال فلعدم صحتها في الوجوه و الأعمال.

و أما اعتبار كونها في الأعيان فلما يأتي من اعتبار الامتزاج فيها و يتعذر الامتزاج في غير الأعيان الخارجية.

و فيه: أنه لو كان المانع منحصرا بذلك لأمكن دفعه بأنه يمكن أن يعتبر الامتزاج فيها بالصلح مقدمة للشركة، فيصالح أحدهما النصف المشاع مما في ذمته إلى الآخر، و كذا العكس، بحيث يصير ما في الذمة مشتركا و مشاعا بينهما، و هذا اعتبار حسن عرفا و لا مانع فيه شرعا فيتحقق شرط الشركة حينئذ.

لا دليل له أيضا إلا تعذر الامتزاج فيها، و هذا جمود منهم على لفظ الامتزاج الظاهر في مزج العين الخارجية. و ليس في الأخبار لفظ الامتزاج.

و يمكن أن يراد به سقوط الاختصاص بأي وجه أمكن عرفا.

نعم، الغالب في الشركة الشركة العينية الخارجية، فلو لم يكن إجماع معتبر في البين أمكن القول بالتعميم بالنسبة إلى الديون و المنافع أيضا، مع ملاحظة تصحيح رفع الاختصاص بأي نحو أمكن عرفا.

للإجماع محصله و منقولة في كتب كثيرة، و الظاهر أنه اجتهادي حصل من ملاحظتهم عدم الامتزاج فيها، و لو فرض صحة اعتباره فيها بنحو من الأنحاء صحت الشركة العقدية فيها أيضا، و لا يشملها إجماعهم على المنع حينئذ إذ المتيقن- على فرض اعتباره- غير هذه الصورة.

و أما توهم أن الشركة في الأبدان باطلة لاختصاص كل من الشريكين بفائدة عمله و نتيجته فلا موضوع للشركة.

فاسد: إذ لا نقول بالشركة مع قيد الاختصاص و إنما نقول بها بعد إلقاء ذلك و اعتبار الامتزاج عرفا.

و أما الاستدلال على بطلان الشركة فيها بالأصل و الغرر فلا وجه له مع صدق العموم كما هو المفروض، و الغرر لا وجه له أصلا لأن الكلام فيما إذا كان المورد جامعا للشرائط من كل جهة و فاقدا للموانع كذلك، مع أنه لا وجه للغرر.

بعد تباني الشركاء على التعيين و بيان الخصوصيات كيف ما اتفقوا عليه.

مع قطع النظر عن لحاظ الخلط و الامتزاج بأي وجه أمكن، و أما مع اعتبار ذلك اعتبارا صحيحا فلا محذور فيه.

لشمول إجماعهم لجميع ذلك، و لعدم تحقق المزج و الخلط الذي هو شرط صحة الشركة في الجميع و قد ناقشنا في الإجماع.

و أما الامتزاج فهو يدور مدار صحة اعتباره عرفا فبأي وجه أمكن ذلك فيتحقق به موضوع صحة الشركة العقدية حينئذ.

فيتحقق بذلك موضوع الشركة العقدية. إن قيل بعد تحقق نتيجتها بنفس المصالحة أو بعنوان آخر لا وجه لعقد الشركة و الشركة العقدية لأنه لغو حينئذ.

يقال: سيأتي اعتبار الامتزاج في الشركة العقدية قبل العقد أو بعده.

و يمكن إيراد هذا الإشكال على اعتبار هذا الشرط أيضا، و المناط كله ترتب الغرض الصحيح على الشركة العقدية، و هذا النحو من التصالح طريق لتصحيح الشركة العقدية لترتب غرض صحيح عليها، لأن العقود تدور مدار الأغراض الصحيحة التي لم يرد ردع عنها.

يظهر منهم الإجماع عليه، و يمكن الاستدلال عليه بعدم الامتزاج أيضا، و يمكن الإشكال في كل من الدليلين كما مر خصوصا في الإجماع لاختلاف كلماتهم في بيان الشركة الوجوه.

نسب هذا إلى الأشهر، و عن بعض أنها أن يبتاع وجيه في الذمة و يفوض بيعه إلى خامل بشرط أن يكون الربح بينهما، و عن آخر هي أن يشترط وجيه لا مال له و خامل ذو مال ليكون العمل من الوجيه و المال من الخامل، و يكون المال في يده لا يسلمه إلى الوجيه و يكون الربح بينهما، و الكل صحيح في نفسه مع التراضي خصوصا الأخير فإنه نحو مضاربة و لا إشكال فيه إلا شبهة انه إذا كان المبيح عن شخص يكون الثمن له، لأن هذا هو معنى المبادلة، و قد أجبنا عن ذلك في أول البيع فراجع، و إنما الكلام في تحقق الشركة العقدية المعهودة بذلك و لا دليل لهم على البطلان إلا ما تقدم و قد مرت المناقشة فيه.

فيصح حينئذ لعموم دليل الوكالة و إطلاقه الشامل لذلك أيضا، و لو كان لهما غرض صحيح في الشركة العقدية يصح إيجادها مع ملاحظة اعتبار الامتزاج.

لا دليل لهم على الفساد إلا الإجماع بقسميه.

و أما الاستدلال للبطلان بكون الربح تابعا للمال و إن الغرامة على الغريم فقط، فهذا النحو من الشركة خلاف الكتاب فهو مردود لأن تبعية الربح للمال و كون الغرامة على الغريم لا ريب فيه بحسب العنوان و الحكم الأولي، و أما إذا جعل المالك الرابح بعض ربح ماله للغير برضاه، أو أعطى شخص بعض غرامة الغريم برضاه فأي مانع فيه فيكون ذلك نحوا من التبرع و الإحسان، و هما مضافا إلى حسنهما خفيف المؤنة يحصل بالإظهار بأي وجه تحقق.

الشركة العقدية الصحيحة أقسام ثلاثة:

الأول‏: الشركة العقدية في مال واحد التي اصطلحوا عليه بالتشريك و تقدم صحته نصا و فتوى۷، و يصح تسميته ب- «الشركة العقدية» كما يستفاد من النص‏۸، و الفتوى.

الثاني‏: عقد شركة بين المالين لمالكين لغرض صحيح، و يشمله الإطلاقات و العمومات فتصح أيضا، و لا يعتبر فيها الامتزاج للأصل.

الثالث‏: الشركة العقدية المعهودة فيها المزج.

لأن العنان زمام الفرس المستوي طرفاه، و في المقام يستوي الحق‏ بين الشريكين.

(مسألة ۲): لو استأجر اثنين لعمل واحد بأجرة معلومة صح و كانت الأجرة مقسمة عليهما بنسبة عملهما (۲۹)، و لا يضر الجهل بمقدار حصة كل منهما حين العقد لكفاية معلومية المجموع (۳۰)، و لا يكون من شركة الأعمال التي تكون باطلة بل من الشركة الأموال (۳۱)، فهو كما لو استأجر كلا منهما لعمل (۳۲) و أعطاهما شيئا واحدا بإزاء أجرتهما، و لو اشتبه مقدار عمل كل منهما فإن أحتمل التساوي حمل عليه لأصالة عدم زيادة عمل أحدهما على الآخر (۳۲).و إن علم زيادة (۳۳) أحدهما على الآخر (۳٤) فيحتمل القرعة في المقدار الزائد، و يحتمل الصلح القهري (۳٥).

أما الصحة فللعمومات و الإطلاقات.

و أما التقسيم بنسبة العمل فلأنه المنساق في المقام إلا مع القرينة على الخلاف.

لصدق المعلومية في الجملة و أصالة عدم اعتبار الأزيد من ذلك كما في بيع الصفقة.

أما عدم كونه من شركة الأعمال فلعدم وقوع عقد الشركة بين العاملين للاشتراك في العمل.

و أما كونه من الشركة في الأموال فلاشتراكهما في المال الذي هو عوض عملهما إن كان عينا خارجيا أو دفعه المالك إليهما دفعة و مجتمعا، و أما لو دفع الى كل منهما حصته الخاصة به فلا اشتراك في المال أيضا.

بقدر معين من المال لتصح الإجارة لكل واحد منهما مستقلا قبل وصول المال المشترك إليهما.

إن كانت الزيادة مما يتسامح فيها بحسب المتعارف و تراضيا فلا إشكال و لا نحتاج إلى إجراء أصالة عدم الزيادة، و كذا إن كانت مما لا يتسامح فيها و تصالحا و تراضيا عليها و إن تشاحا فالأصول الموضوعية لا تصلح لإثبات‏ التساوي لكونها ساقطة بالمعارضة، فلا بد من التصالح.

إجمالا مع الجهل بكمية الزيادة.

لو لم يكن في البين طريق عرفي أو أصل موضوعي لإحراز مقدار الزيادة.

(مسألة ۳): لو اقتلعا شجرة، أو اغترفا ماء بآنية واحدة، أو نصبا معا شبكة للصيد، أو أحييا أرضا معا، فإن ملّك كل منهما نصف منفعة بنصف منفعة الآخر اشتركا فيه بالتساوي، و إلا فلكل منهما بنسبة عمله و لو بحسب القوة و الضعف (۳٦)، و لو اشتبه الحال فكالمسألة السابقة (۳۷)، و ربما يحتمل التساوي مطلقا لصدق اتحاد فعلهما في السببية و اندراجهما في قوله «من حاز ملك»، و هو كما ترى (۳۸).

مع إحراز الكمية و الكيفية بالطرق المعتبرة العرفية، و إلا فلا بد من التصالح

على ما تقدم الكلام في ذيلها.

أما الاحتمال فهو ما صاحب الجواهر.

و أما الخدشة فيه فلأنه خلاف مرتكزات العرف من تفاوت استحقاق الحصة بتفاوت مراتب العمل كمية و كيفية.

(مسألة ٤): يشترط على ما هو ظاهر كلماتهم في الشركة العقدية مضافا إلى الإيجاب و القبول و البلوغ و العقل و الاختيار (۳۹)، و عدم الحجر لفلس أو سفه (٤۰)- امتزاج المالين (٤۱) سابقا على العقد (٤۲) أو لا حقا بحيث لا يتميز أحدهما من الآخر (٤۳) من النقود كانا أو من العروض، بل اشترط جماعة (٤٤). اتحادهما في الجنس و الوصف و الأظهر عدم اعتباره (٤٥)، بل يكفي الامتزاج على وجه لا يتميز أحدهما من الآخر (٤٦) كما لو امتزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير و نحوه، أو امتزج نوع من الحنطة بنوع آخر، بل لا يبعد كفاية امتزاج الحنطة بالشعير (٤۷)، و ذلك للعمومات العامة كقوله تعالى‏ (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، و قوله عليه السّلام «المؤمنون عند شروطهم» و غيرهما (٤۸)، بل لو لا ظهور الإجماع على اعتبار الامتزاج أمكن منعه مطلقا (٤۹) عملا بالعمومات، و دعوى عدم كفايتها لإثبات ذلك (٥۰) كما ترى (٥۱)، لكن الأحوط مع ذلك أن يبيع كل منهما حصة مما هو له بحصة مما للآخر أو يهبها كل مهما للآخر أو نحو ذلك في غير صورة الامتزاج الذي هو المتيقن (٥۲)، هذا و يكفي في الإيجاب و القبول كل ما دل على الشركة من قول أو فعل (٥۳).

لأنه عقد و يشترط جميع ذلك في العقد و المتعاقدين بالأدلة العامة التي تقدمت مكررا في البيع و غيره فراجع، و في عدم الاختيار يصح العقد بالإجازة اللاحقة بعد تحقق الاختيار و رفع الإكراه.

لأنه تصرف مالي و يعتبر في كل تصرف مالي عدم الحجر، و لكنه يصح بإمضاء الغرماء و إذن الولي.

نسب هذا الشرط إلى المشهور، و لكن البحث فيه.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى‏: بحسب الأدلة.

و ثالثة: بحسب الكلمات.

أما الأول: فمقتضى الأصل عدم اعتبار هذا الشرط بعد صدق الشركة عرفا بدون هذا الشرط، و لو مع لحاظ الوحدة الاعتبارية عند الشريكين التي هي أعم من الامتزاج، كما في كل شرط مشكوك في كل عقد.

و دعوى: أن مقتضى الأصل الموضوعي عدم ترتب الأثر و معه لا تصل النوبة إلى الحكمي.

مردود: بأنه إنما يتمسك به في مورد عدم الصدق العرفي أو الشك فيه، و أما مع الصدق العرفي فتدفع الشرائط المشكوكة بالأصل و الإطلاق، كما في جميع القيود المشكوكة في كل العقود.

و أما الثانية: فليس فيما وصل إلينا من النصوص لفظ «الامتزاج»، و إنما وردت مطلقات تدل على صحة أصل الشركة أو بيان بعض أحكامها و مقتضاها كفاية الوحدة الاعتبارية عرفا و لو لم تكن بنحو الامتزاج في أي نحو من الشركة.

و أما الأخيرة فليس في البين إلا دعوى الإجماع على اعتبار الامتزاج و لا ريب أن للامتزاج مراتب مختلفة، و عن العلامة التعبير ب- (الاختلاط) و دعوى الإجماع على الصحة فيه، و لكنه لا يدل على اعتبار الامتزاج في الصحة لأن الاختلاط أعم من الامتزاج كما هو معلوم، فلا دليل على اعتبار هذا الشرط ليصح الاعتماد عليه.

إلا أن يقال: ان مرادهم فيما أدعوا فيه الإجماع الامتزاج بالمعنى العام الشامل للاختلاط أيضا.

فيكون عقد الشركة حينئذ كاشفا عن تحقق الشركة الحقيقة و دالا على الإذن في التصرف.

عدم التمييز إما دقي عقلي أو عرفي دقي أو عرفي مسامحي، و اعتبار الأول لا دليل عليه من عقل أو نقل بل الدليل على خلافه لعدم ابتناء الأحكام الشرعية على الدقيقات العقلية مطلقا، و كذا الثاني لأنه أيضا قيد مشكوك يرجع فيه إلى الأصل و الإطلاق.

منهم الشهيد و المحقق الثانيين و المحقق الأول في الشرائع، و عن ابن إدريس دعوى الإجماع عليه.

لإطلاق الأدلة الشامل لمختلف الجنس و الوصف أيضا، و لا دليل على الاتحاد إلا دعوى الإجماع، و هو مخدوش لظهور المخالفة عن جمع منهم العلامة في القواعد، و الشيخ رحمة اللّه في ظاهر المبسوط مع احتمال أن يكون اعتبار اتحاد الجنس و الوصف عند من اعتبرهما لأجل تحقق عدم التمييز عرفا لا لأجل الموضوعية فيهما.

عدم التمييز بنحو ما مر بالنظر العرفي المسامحي.

لصدق المزج و الخلط عرفا، و قد مر أنه ليس المراد بعدم التمييز في‏  الواقع و لا بالنظر الدقي العرفي، بل بالنظر المسامحي العرفي، و العرف و إن كان يرى الحنطة و الشعير مميزا في بادي النظر لكن تعذر تمييز أحدهما عن الآخر، خصوصا إذا كان كثيرا يلحقها بالخلط و عدم التمييز العرفي فتشمله الأدلة.

و دعوى أن ذلك من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك مردود: بعد فرض الصدق العرفي، كما أن الإجماع على اعتبار الخلط و عدم التمييز لا يشمل ذلك.

مخدوش: أيضا لفرض صدقهما كذلك.

للامتزاج و الاختلاط عرض عريض جدا و مراتب متفاوتة، خصوصا في هذه الأزمان التي كثرت الأشياء التي تصدر من المعامل الخاصة بشكل واحد مخصوص مساو في الجميع بلا فرق و تفاوت أصلا، فإذا اختلط بعضها مع بعض يصدق الامتزاج و الاختلاط عرفا، و يشملها إطلاق كلماتهم أيضا، مع أن لحاظ الوحدة الاعتبارية أيضا اختلاط و امتزاج في مرحلة الاعتبار لأنه خفيف المؤنة، و لم يظهر من إجماعهم ما يخالف ذلك، و ما مثلوا به من الأمثلة انما هو من باب المثال بحسب الغالب في تلك الأزمان كما هو العادة في غالب أمثلتهم.

منشأه أن العقد انما يفيد الإذن في التصرف، و الشركة الملكية لا بد و أن تحصل بالامتزاج، و العقد غير متكفل لذلك فمقتضى الأصل حينئذ عدم ترتب الأثر، و يمكن أن يستظهر هذه الدعوى عن الشيخ و المسالك و جامع المقاصد.

لأن المنساق من الشركة العقدية عرفا إنما هو لحاظ الوحدة  الاعتبارية في المالين و الإذن في التصرف من المالكين، و كل عقد شركة متكفل لذلك شرعا و عرفا و إجماعهم على اعتبار المزج و الخلط ليس إلا بيانا لما هو المرتكز في الأذهان مما يصدق معه المزج و الخلط العرفي، و هو مما يتفاوت بحسب الأشياء بل الأعصار و الأمصار كما مر.

و تلخيص المقام: ان كل مورد صدق المزج و الخلط بأي مرتبة من مراتبهما يتحقق الشركة العقدية للإطلاقات و العمومات، و لا يكون من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

للامتزاج مراتب كثيرة عرفا تختلف بحسب الأشياء و الأزمان فأي مرتبة هو المتيقن و في أي عصر يلاحظ ذلك مع اختلاط العرف أيضا، و المتيقن من كل جهة و بقول مطلق هو الدقي العقلي و هو بمعزل عن الشرعيات، ثمَّ المتيقن في العرف أيضا يختلف باختلاف الخصوصيات و الجهات فالأولى الإيكال إلى متعارف الخبراء من كل جنس.

ظاهر ظهورا عرفيا و لو بالقرائن في الشركة و الإذن في التصرف، و قد تعرضنا لاعتبار الظهور العرفي و في الإنشائيات مطلقا في أول البيع فراجع.

(مسألة ٥): يتساوى الشريكان في الربح و الخسران مع تساوي المالين (٥٤)، و مع زيادة فنسبة الزيادة ربحا و خسرانا (٥٥)، سواء كان العمل من أحدهما أو منهما مع التساوي فيه أو الاختلاف أو من متبرع أو أجير (٥٦)، هذا مع الإطلاق، و لو شرطا في العقد زيادة لأحدهما فإن كان‏ للعامل منهما أو لمن عمله أزيد فلا إشكال و لا خلاف على الظاهر عندهم في صحته (٥۷)، أما لو شرطا لغير العامل منهما أو لغير من عمله أزيد ففي صحة الشرط و العقد (٥۸)، و بطلانهما (٥۹)، و صحة العقد و بطلان الشرط (٦۰) فيكون كصورة الإطلاق، و أقوال أقواها الأول (٦۱)، و كذا لو شرطا كون الخسارة على أحدهما أزيد، و ذلك لعموم «المؤمنون عند شروطهم»، و دعوى أنه مخالف لمقتضى العقد كما ترى (٦۲).نعم، هو مخالف لمقتضى إطلاقه، و القول بأن جعل الزيادة لأحدهما من غير أن يكون له عمل يكون في مقابلتها ليس تجارة بل هو أكل بالباطل كما ترى باطل (٦۳)، و دعوى أن العمل بالشرط غير لازم لأنه‏ في عقد جائز (٦٤). مدفوعة أولا: بأنه مشترك الورود إذ لازمه عدم وجوب الوفاء به في صورة العمل أو زيادته (٦٥)، و ثانيا: بأن غاية الأمر جواز فسخ العقد (٦٦) فيسقط وجوب الوفاء بالشرط و المفروض في صورة عدم الفسخ فما لم يفسخ يجب الوفاء به (٦۷)، و ليس معنى الفسخ حل العقد من الأول بل من حينه فيجب الوفاء فمقتضاه مع الشرط إلى ذلك الحين (٦۸)، هذا و لو شرطا تمام الربح لأحدهما بطل العقد لأنه خلاف مقتضاه (٦۹). نعم، لو شرطا كون تمام الخسارة على أحدهما فالظاهر صحته لعدم كونه منافيا (۷۰).

للإجماع و السيرة و أصالة تبعية الربح للمال.

لما مر في سابقة من غير فرق.

لأن المناط في تساوي الربح و الخسران و تفاوتهما نفس المال من‏ حيث هو، ما لم تكن قرينة على الخلاف من شرط، و نحوه و المفروض عدمه.

و عن جمع دعوى الإجماع عليه، و تقتضيه المرتكزات العرفية أيضا و السيرة المستمرة.

نسب ذلك إلى جمع منهم المرتضى و العلامة، و سيأتي وجهه.

نسب ذلك إلى جمع منهم المحقق و هو مبني على أن الشرط فاسد، و الشرط الفاسد يوجب فساد العقد، و سيأتي بطلان الأول و تقدم في أبواب الشروط بطلان الثاني فراجع.

نسب ذلك إلى جمع أيضا، و هو مبني على أن الشرط فاسد و لكنه لا يوجب فساد العقد.

كما اختاره في الجواهر، و اختار الأخير صاحب النافع و الغنية و الكافي.

لأن اقتضاء العقد لشي‏ء على قسمين:

الأول‏: أن يكون بنحو العلية التامة المنحصرة بحيث لا يقبل التخلف.

الثاني‏: أن يكون من مجرد الاقتضاء من دون أن يصل إلى مرتبة العلية و يكون قابلا للتغير و التبدل بالشرط و نحوه، و اقتضاء الشركة لتساوي الربح و الخسران من قبيل الثاني دون الأول، و الشك في كونه من العلة التامة المنحصرة يكفي في عدمها، لأن ذلك قيد مشكوك مدفوع بالأصل كما في سائر القيود المشكوكة، مع أن التساوي و التفاضل من شؤون سلطنة الشريكين و مقتضى إطلاق سلطنتهم كونهما تحت اختيارهما مطلقا.

و دعوى: ان مثل هذا الشرط مخالف للسنة.

باطل: و لا وجه له إلا بناء على إحراز كون الشركة بالنسبة إلى عدم التفاضل من العلة التامة المنحصرة و مع الشك فيه و دفع هذا القيد بالأصل كيف يكون مثل هذا الشرط مخالفا للسنة، فأصل هذا النزاع صغروي بينهم فمن أثبت كون عقد الشركة مقتضيا للتساوي بنحو العلية التامة المنحصرة فلا ريب و لا إشكال في أن الشرط باطل، و مخالف للسنة و مخالف لمقتضى العقد أيضا.

و من لم يثبت ذلك جعل جميع فروع التساوي و التفاضل تحت اختيار الشريكين لا ريب و لا إشكال في عدم كونه مخالفا للسنة و لا لمقتضى العقد.

و احتمال: أن هذا النحو من الجعل غير صحيح لعدم إحراز تقرير الشارع له.

مدفوع: بأنه يكفي في طريق إحرازه قاعدة السلطنة و أصالة الصحة ما لم يثبت عنه نهى الخصوص في المقام.

نسب هذا القول إلى جامع المقاصد و استدل عليه بجميع ما دل على حرمة أكل مال الغير بالباطل من الآيات و الروايات كما سبق.

و وجه بطلان قوله رحمة اللّه أنه ليس المقام من الباطل في شي‏ء لا لغة و لا عرفا و لا شرعا لفرض إذن صاحب المال و رضاه بذلك، فكيف يكون باطلا مع تراضيهما عليه و عدم وصول نهي من الشارع.

و توهم: أن الإذن و الرضاء مقيد بصحة عقد الشركة، و هو يصير باطلا لمكان هذا الشرط.

فاسد: لما مر من عدم بطلان عقد الشركة بذلك لعدم كون هذا الشرط شرطا فاسدا و منافيا لمقتضى العقد على ما مر.

المراد بهذا العقد الجائز خصوص عقد الشركة المعهودة دون التشريك في البيع الذي تقدم فإنه عقد لازم، و دون المعاملة بين الشريكين في الزيادة لغرض صحيح عقلائي فإنه أيضا لازم فإن كل ذلك من احتمال خلاف الظاهر كما لا يخفى فلا وجه لإطالة الكلام في ذلك.

ثمَّ أن كون عقد الشركة جائز أول الدعوى، إذ يمكن القول بلزومه- كما اختاره بعض مشايخنا- نعم، يكون لكل من الشريكين مطالبة القسمة، و هي غير كون ذات العقد جائزا.

مع أنه جائز و صحيح إجماعا كما تقدم فيستكشف منه انه لا وجه لبطلان أصل هذا الشرط.

مر أن هذا أول الدعوى.

نعم، يجوز لكل منهما مطالبة القسمة الرافعة لموضوعها.

لوجود المقتضى و فقد المانع فلا بد من الوفاء به حينئذ، فيكون على فرض الجواز مثل العقود الجائزة التي مر منه مرارا من أنه يجب الوفاء بالشرط المذكور فيها ما دام العقد باقيا.

لتحقق المقتضى للوفاء إلى ذلك الحين و فقد المانع عنه فيجب‏ الوفاء به لا محالة، ثمَّ أن هذا الشرط يتصور على وجوه:

الأول‏: أن يكون مفاد الشرط كون المقدار الزائد من الربح للمشروط له بلا عمل منه في نفس عقد الشركة.

الثاني‏: أن يتملك الشارط الزائد لنفسه، ثمَّ يملّكه للمشروط له بنفس عقد الشركة.

الثالث‏: عين وجه السابق مع كون التمليك بعقد آخر، و الكل صحيح لا بأس به لعموم الوفاء بالشرط.

إلا ما يقال في الوجه الأول من إن معنى الشركة أن يكون تمام ربح المال لصاحبه فمع صحة هذه الشركة لا وجه لصحة الشرط و مع صحة الشرط تبطل أصل الشركة فهما متنافيان لا يجتمعان.

و هذا الإشكال مردود بأن الشركة بالنسبة إلى هذه الجهة اقتضائية لا أن تكون من العلة التامة المنحصرة، و يكفي الشك في العلية في عدمها لأنها قيد مشكوك يرجع فيها إلى الأصل فيصح الشرط للعمومات، و تصح الشركة لعدم المنافاة.

لأن العرف لا يرى هذا من الشركة أو يشك في الصدق و عدمه فلا يصح التمسك بالأدلة حينئذ لأجل الشك في الصدق.

و ليس لنا أن نقول أن الشركة بالنسبة إلى هذه الجهة اقتضائية أيضا، و ليست من العلة التامة المنحصرة لفرض عدم مساعدة العرف لذلك، فما عن بعض من أنه لا فرق بين تمام الربح و بعضه فاذا كان في بعضه يصح الشرط فليصح في تمامه أيضا مخدوش كما عرفت.

لأن الغرض الأهم من الشركات بين الناس إنما هو الاسترباح- و هي‏ الجهة الغالبة فيها نوعا- و الخسارة انما تلحظ في المرتبة اللاحقة عن الاسترباح لأن تمام همة الشريكين في الاسترباح و المدافعة عن الخسارة مهما أمكنهم ذلك، فالخسارة تلحظ في رتبة المدافعة لا في رتبة الاقتضاء و الجلب فعدم التساوي في الخسارة ليس في مرتبة اقتضاء الشركة حتى يكون بشرط كون تمامها على أحد الشريكين منافيا لمقتضى العقد.

و من ذلك تظهر الخدشة في جملة من الحواشي على الكتاب و بعض الشروح من كونها مثل التساوي في الربح لأن مرتبة الخسارة مرتبة الدفع بأي وجه أمكن، و مرتبة الربح مرتبة الجلب.

(مسألة ٦): إذا اشترطا في ضمن العقد كون العمل من أحدهما أو منهما مع استقلال كل منهما أو مع انضمامهما فهو المتبع و لا يجوز التعدي (۷۱)، و إن أطلقا لم يجز لواحد منهما التصرف إلا بإذن الآخر (۷۲). و مع الإذن بعد العقد أو الاشتراط فيه فإن كان مقيدا بنوع خاص من التجارة لم يجز التعدي عنه (۷۳)، و كذا مع تعيين كيفية خاصة، و إن كان مطلقا فاللازم الاقتصار على المتعارف من حيث النوع و الكيفية (۷٤)، و يكون حال المأذون حال العامل في المضاربة فلا يجوز البيع بالنسيئة بل و لا الشراء بها و لا يجوز السفر بالمال (۷٥) و إن تعدى عما عين له أو عن‏ المتعارف ضمن الخسارة و التلف (۷٦)، و لكن يبقى الإذن بعد التعدي أيضا (۷۷)، إذ لا ينافي الضمان بقاءه (۷۸)، و الأحوط مع إطلاق الإذن ملاحظة المصلحة و إن كان لا يبعد كفاية عدم المفسدة (۷۹).

لوجوب الوفاء بالشرط و حرمة نقضه، و هذا يشمل جميع موارد الشركة الصحيحة مطلقا و لو كانت الحصة بالعنوان الثاني من صلح أو بيع أو نحوهما كما مر.

لأصالة عدم جواز التصرف في المال المشترك إلا بالإذن إن لم يكن نفس العقد كاشفا عن الإذن.

لفرض تقييد الإذن بجهة خاصة و في غيرها يرجع إلى الأصل.

لانصراف الإذن إلى المتعارف ما لم تكن قرينة على الخلاف.

كل ذلك لأنّها من غير المتعارف فلا يشملها الإذن.

نعم، لو كان ذلك متعارف في زمان أو مكان يشملها الإذن حينئذ.

لقاعدة اليد و ظهور الإجماع لو لم يجز الطرف.

لأصالة بقائه إلا إذا قلنا أن الخيانة توجب زوال الإذن رأسا، و تقدم في الوديعة و نظائره ما ينفع المقام، و يمكن التفصيل بحسب الخيانات و مواردها و أشخاص الخائنين

لو لم يسقط الإذن بالخيانة.

أما اعتبار المصلحة فلدعوى أن غالب الشركاء يلاحظون المصلحة في شركتهم، و لا بد من ملاحظتها من هذه الجهة.

و أما كفاية عدم المفسدة فلأن هذا الغالب لا يوجب تقييدا في عنوان الشركة و حينئذ فمقتضى الأصل و الإطلاق عدم ملاحظة المصلحة.

نعم المفسدة مما يقطع باعتبار عدمها.

(مسألة ۷): العامل أمين (۸۰) فلا يضمن التلف (۸۱) ما لم يفرط أو يتعد (۸۲).

لفرض اذن الشريك في تصرفه حينئذ و استيمانه عليه، و يعبر عن هذا بالاستئمان المالكي.

لقاعدة عدم تضمين الأمين المستدل عليها بالإجماع و النصوص كما تقدم‏۹، و مرتكزات العرف و العقلاء و تقدم بعض ما يناسب المقام في الإجارة و المضاربة أيضا فراجع.

لقاعدة اليد بعد سقوط أمانته بالتعدي أو التفريط لقاعدة زوال الأمانة بجميع مراتب الخيانة التي منها التعدي و التفريط، بلا فرق بين الأمانة الشرعية و المالكية.

(مسألة ۸): عقد الشركة من العقود الجائزة (۸۳) فيجوز لكل من الشريكين‏ فسخه لا بمعنى أن يكون الفسخ موجبا للانفساخ من الأول أو من حينه بحيث تبطل الشركة (۸٤)، إذ هي باقية ما لم تحصل القسمة (۸٥)، بل بمعنى جواز رجوع كل منهما عن الإذن في التصرف الذي بمنزلة عزل الوكيل عن الوكالة (۸٦)، أو بمعنى مطالبة القسمة (۸۷)، و إذا رجع أحدهما عن إذنه دون الآخر فيما لو كان كل منهما مأذونا لم يجز التصرف للآخر و يبقى الجواز بالنسبة إلى الأول (۸۸)، و إذا رجع كل منهما عن إذنه لم يجز لواحد منهما (۸۹)، و بمطالبة القسمة يجب القبول على الآخر (۹۰)، و إذا أوقعا الشركة على وجه يكون لأحدهما زيادة في الربح أو نقصان في الخسارة يمكن الفسخ بمعنى إبطال هذا القرار (۹۱)، بحيث لو حصل بعده ربح أو خسران كان بنسبة المالين على ما هو مقتضى إطلاق الشركة (۹۲).

البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى‏: بحسب الدليل.

و ثالثة: بحسب التحليل العرفي.

أما الأول: فمقتضى أصالة اللزوم في كل عقد لزومه إلا ما خرج بالدليل، و قد أسسنا هذا الأصل في أول البيع و الخيارات فراجع.

و أما الثاني: فليس في البين إلا دعوى الإجماع من الغنية و التذكرة على جواز عقد الشركة، و المتيقن منه على فرض اعتباره مطالبة كل من الشريكين القسمة و رجوعهما عن الإذن فينتفي موضوع الشركة لا محالة، كما انه يجوز للزوج الطلاق فينتفي موضوع النكاح الدائم و يجوز له هبة المدة في البقية فينتفي موضوع النكاح المنقطع، و هذا لا ربط له بجواز العقد لأن القسمة و الرجوع عن الإذن غير مربوط بجواز العقد الذي هو حكم شرعي.

و أما الأخير: فالشركة.

تارة، تشريك في البيع.

و أخرى‏: شركة خارجية اذنية.

و ثالثة: عقدية إنشائية بشروطها التي مرت.

أما الأولى: فلا إشكال في لزومها للأدلة الدالة على لزوم البيع و ظهور الإجماع.

و أما الثانية: فلا عقد فيها حتى يبحث فيه عن لزومه و جوازه، و انما فيه مجرد الرضا و الإذن و لا ربط لهما بالعقد، بل هما من سنخ الإيقاع و لكن يأتي في‏  (مسألة ۹) إمكان كونها عقدا أيضا فيجري عليها حكم الشركة العقدية.

و أما الأخيرة فالعقد فيها بحسب الأصل لازم و لا دليل على جوازه غير ما مر من الإجماع و تقدم المتيقن منه فما اختاره جمع من مشايخنا قدّس سرّهم من لزوم عقد الشركة بنفسه هو المتيقن.

نعم، لأحد الشريكين ازالة موضوع هذا اللزوم رأسا، فالجواز فيه من باب الوصف بحال المتعلق لا بحال الذات و لعل هذا مراد الجميع و ان قصرت عباراتهم عن ذلك فراجع و تأمل.

لأن الشركة متقومة بامتزاج المالين أو وحدتهما العرفية و كل منهما أجنبي عن العقد و إن كان من شرط صحته فالشركة الخارجية باقية ما لم تحصل القسمة، و الرجوع عن الإذن يزيل موضوع الشركة العقدية فينعدم لا محالة لا أن ينفسخ و فرق بين إعدام الموضوع أصلا و بين فسخه.

و هذا هو الذي ذكرناه سابقا في بيان وجه الجواز فالشركة العقدية لازمة لأصالة اللزوم في كل عقد، و جواز مطالبة القسمة شي‏ء آخر لا ربط له بلزوم أصل العقد.

فهو إعدام لموضوع الوكالة في مرحلة البقاء و لا ربط له بالفسخ، و كذا لو جن الوكيل أو نحو ذلك مما يوجب زوال أصل الموضوع، و هذا أيضا لا ينافي لزوم عقد الشركة كما في كل عقد لازم يزول موضوعه بما هو رافعا له.

أما أصل مطالبة القسمة فلا ريب في جوازه لقاعدة السلطنة.

و أما عدم كونها موجبا لانفساخ العقد فلما مر من أنه باق ما دامت الشركة الخارجية باقية و ما لم تقسم المالان.

نعم، لا يجوز حينئذ التصرف لكشفها عن سقوط الإذن فيه بحسب الظاهر.

أما عدم جواز التصرف بالنسبة إلى الآخر فلعدم الإذن. و أما الجواز بالنسبة إلى الأول فلبقاء الإذن بالنسبة إليه.

لسقوط الإذن بالنسبة إلى كل منهما فلا يجوز لهما التصرف حينئذ.

لأن هذا من مقتضيات قرار الشركة الواقعة بينهما، لأن قوامها بتوافق الشريكين فيما يتعلق بمقاصد الشركة، و القسمة من أهم مقاصدها، و لكن لا بد و أن يقيد ذلك بما إذا لم يكن ضرر في البين.

لقاعدة أن كل شرط يجوز إسقاطه، و لا يضر ذلك ببقاء الشروط فيه إلا إذا كان الشرط مقوما له فيسقط حينئذ و يحتاج في بقائه إلى استئنافه.

لزوال الشرط و القيد بالفسخ فيه و يبقى الإطلاق على حاله.

(مسألة ۹): لو ذكرا في عقد الشركة أجلا لا يلزم (۹۳) فيجوز لكل‏ منهما الرجوع قبل انقضائه (۹٤) إلا أن يكون مشروطا في ضمن عقد لازم فيكون لازما (۹٥).

الشركة إما اذنية فقط من دون عقد من الشريكين في البين و أما عقدية بشروطها التي مرت الإشارة إليها، و في الأولى تدور مدار الإذن- سعة و ضيقا كمية و كيفية- و يصح التحديد فيها بالتحديد المعين كما شاء و أرادا، و حيث انها ليست بعقد فلا موضوع للشرط في ضمن العقد بالنسبة إليها مطلقا.

إلا أن يقال: حيث أن إذن كل منهما مربوط بإذن الآخر في حاق الواقع فهي أيضا من التعهد من كل منهما في مقابل الآخر فيجري فيه كل ما يجري في الشركة العقدية إذ لا يعتبر في عقدها لفظ مخصوص، بل يحصل بكل ما يكون مفهما للمعنى المتعارف لدى الناس و لو كان بالفعل و الكتابة و نحوهما، و حينئذ فعدم لزوم الشرط في مثل هذه الشركة لظهور إجماعهم عليه و جواز مثل هذا العقد و تسالمهم على عدم لزوم الشرط في العقود الجائزة و اعتبار مثل هذا الإجماع و التسالم مشكل، و على أي تقدير يمكن القول بلزوم الشرط ما دام العقد باقيا و ينتفي موضوعه بالرجوع عن الإذن لزوال العهد و الإذن فيزول الشرط لا محالة هذا بناء على كونه من العقد.

و أما بناء على كونه من مجرد الإيقاع فلا وجه للزوم الشرط بناء على عدم وجوب الوفاء بالشروط الابتدائية كما هو المشهور، و بناء على عدم وجوب الوفاء بالشرط المذكور في الإيقاعيات كما ادعي عليه الإجماع.

و أما الشركة العقدية فعدم لزوم الوفاء بالشرط لأنها عقد جائز و المشهور عدم وجوب الوفاء به.

و فيه: أنه يمكن القول بوجوب الوفاء ما دام العقد باقيا، و قد مر من الماتن مكررا، مع أنا قلنا بلزوم الشركة العقدية و انما الجواز في مطالبة القسمة.

لو رجع كل من أراد الرجوع عن أصل إذنه في الشركة الخارجية و الشركة العقدية لإبطال الشرط لكان أولى، لأنه يصح حتى على القول بلزوم هذا الشرط لكونه إزالة لأصل الموضوع.

بناء على كون جواز عقد الشركة من مجرد الاقتضاء دون العلية التامة و إلا فلا أثر للشرط، و كونه بالنسبة إلى الجواز من العلة التامة مشكوك و من مجرد الاقتضاء معلوم فيرجع في المشكوك إلى الأصل.

(مسألة ۱۰): لو ادعى أحدهما على الآخر الخيانة أو التفريط في الحفظ فأنكر عليه الحلف مع عدم البينة (۹٦).

لقاعدتي انه «ليس في الدعوى على الأمين إلا اليمين مع عدم البينة» نصا و إجماعا كما يأتي في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى، و أن «البينة على المدعي و اليمين على من أنكر».

(مسألة ۱۱): إذا ادعى العامل التلف، قبل قوله مع اليمين لأنه أمين (۹۷).

و ليس على الأمين إلا اليمين، و مقتضى الإطلاق عدم الفرق بين كون دعوى التلف بالسبب الخفي أو الجلي.

(مسألة ۱۲): تبطل الشركة بالموت و الجنون و الإغماء و الحجر بالفلس أو السفه بمعنى أنه لا يجوز للآخر التصرف (۹۸). و أما أصل الشركة فهي باقية (۹۹). نعم، يبطل أيضا ما قرراه من زيادة أحدهما في النماء بالنسبة إلى ما له‏ أو نقصان الخسارة كذلك (۱۰۰)، و إذا تبين بطلان الشركة فالمعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحة (۱۰۱)، و يكون الربح على نسبة المالين لكفاية الإذن المفروض حصوله (۱۰۲). نعم، لو كان مقيدا بالصحة (۱۰۳) تكون كلها فضوليا بالنسبة إلى من يكون إذنه مقيدا (۱۰٤)، و لكل منهما أجرة مثل عمله بالنسبة إلى حصة الآخر إذا كان العمل منهما، و إن كان من أحدهما فله أجرة مثل عمله (۱۰٥).

لما يظهر منهم الإجماع على الحكم في الجميع، و لقاعدة أن «كل ما هو شرط حدوثا شرط بقاء إلا مع الدليل على الخلاف» و هو مفقود في المقام، مع أن الموت يوجب تعلق حق الورثة بالمال، و الفلس يوجب تعلق الغرماء، و السفه يوجب التوقف على نظر الحاكم الشرعي و أما في غيرها فمقتضى الاستصحاب البقاء لو لا ظهور الإجماع على الخلاف.

للأصل و ظهور الإجماع مع أنه لا بد في إفراز الحقوق و تعيين الحصة من عمل خاص، و لا ربط لما ذكر بالعمل المفيد لإفراز الحق و تعيين الحصة، و حينئذ لو أجازت الورثة أو الغرماء أو الحاكم الشرعي تبقى أصل الشركة على صحتها و يصح التصرف إلى أن يفرز الحق و تتعين الحصة.

لقاعدة بطلان الشرط بزوال المشروط، و بطلانه هذا مع عدم اجازة الورثة أو الغرماء أو الحاكم الشرعي و إلا فيصح العقد و يترتب عليه صحة الشرط أيضا.

للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

أي: من أول حصول العقد إلى حين البطلان بناء على أن الشركة العقدية نحو إذن خاص، و بزوال الخصوصية لا يزول أصل الإذن في عالم الاعتبار.

كما قالوا: انه بزوال الوكالة لا يزول أصل الإذن المتحقق في ضمنها، فلا يكون تصرفات الوكيل تصرفا عدوانيا إلا إذا دلت القرائن على تقييد أصل الإذن ببقاء خصوص الوكالة فيسقط أصل الإذن حينئذ، و أما بناء على أن الشركة العقدية ليست إلا أصل الإذن فمع بطلانها يسقط الإذن لا محالة، و كذا الكلام في شرط الزيادة أو كون الخسارة على أحدهما فإنّه أيضا يمكن أن يلحظ بنحو تعدد المطلوب من أصل الإذن و خصوصية أخرى، فلا ينتفي أصل الإذن بانتفاء الشرط كما يمكن أن يلحظ بنحو التقييد و وحدة المطلوب فينتفي أصل الإذن بانتفائه حينئذ.

أي: كان الإذن بنحو وحدة المطلوب يعني في خصوص الشركة الخاصة الصحيحة فقط.

لأنه مع التقييد بالصحة لا وجه له للصحة مع فرض عدمها فيكون‏ فضوليا لا محالة، و متوقف على الإجازة اللاحقة لفرض سقوط الإذن مع البطلان.

لا بد و ان يبين أولا أنه هل تكون في الشركة الصحيحة أجرة العمل العامل سواء كان من أحدهما أو هما معا، أو يكون العمل فيها مجانيا مطلقا؟

مقتضى المتعارف بين الناس هو الثاني لأن العرف يرى هذا النحو من العمل كالعمل في مال نفس العامل، فكما أنه لا أجرة للعامل الذي يعمل في مال نفسه فكذا في المقام لأن عمله في مصلحة نفسه فلا أجرة له، و حينئذ فمقتضى قاعدة: «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده» عدم الأجرة للعمل في صورة بطلان الشركة أيضا.

نعم، لو قلنا بثبوت الأجرة للعمل في الشركة الصحيحة تثبت في الباطلة أيضا لقاعدة: «ما يضمن بصحيحة يضمن بفاسده»، هذا إذا لم يقصد العامل التبرع و إلا فلا أجرة في البين أصلا لأجل التبرع.

(مسألة ۱۳): إذا اشترى أحدهما متاعا و ادعى أنه اشتراه لنفسه و ادعى الآخر أنه اشتراه بالشركة فمع عدم البينة القول قوله مع اليمين لأنه أعرف بنيته (۱۰٦)، كما أنه كذلك لو ادعى أنه اشتراه بالشركة و قال الآخر إنه اشتراه لنفسه فإنه يقدم قوله أيضا لأنه أعرف و لأنه أمين (۱۰۷).

فيدخل في القاعدة المشهورة المعمول بها عند الأصحاب من أن:

«قبول قول كل من لا يعرف المقول إلا من قبله»، بل قد يقال أنها من القواعد العقلائية.

فيقبل قوله في الفعل الذي أو تمن فيه و له نظائر كثيرة في الفقه، و قد تقدم في كتاب الطهارة قاعدة: «أن كل من استولى على شي‏ء فقوله مقبول فيه».

  1. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب مقدمة العبادات: ۱۳.
  2. راجع الوسائل باب: ٦۸ من أبواب مقدمات النكاح و آدابه: ٦.
  3. الوسائل باب: ۱ من أبواب الشركة: ۱.
  4. الوسائل باب: ۱ من أبواب الشركة: ۲.
  5. الوسائل باب: ۱ من أبواب الشركة: 4.
  6. الوسائل باب: ۲ من أبواب الشركة حديث: ۱.
  7. راجع صفحة: ۹.
  8. راجع صفحة: ۹.
  9. تقدم بعضها في ج: ۱۸ صفحة: ۲۸۳.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"