1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الشركة
  10. /
  11. فصل في القسمة
و هي: تعيين حصة الشركاء بعضها عن بعض (۱) و ليست ببيع و لا صلح و لا معاوضة، و إن اشتملت على الرد (۲) فليس فيها الشفعة و لا خيار المجلس و لا خيار الحيوان (۳)، و لا يدخلها الربا و إن عممناها لجميع المعاوضات (٤)، بل تكون أمرا مستقلا بنفسها (٥).

كما في اللغة و العرف و الشرع، و ليس في الشرع فيها اصطلاح خاص كما في غيرها من موضوعات الأحكام.

ثمَّ أن القسمة مشروعة بالأدلة الأربعة، فمن الكتاب قوله تعالى‏ «وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى‏»۲، و قوله تعالى‏ «وَ نَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ»۳، و من السنة قوله عليه السّلام: «الشفعة لا تكون إلا لشريك لم يقاسم»4، و مثله غيره.

و من الإجماع إجماع المسلمين. و من العقل قاعدة السلطنة التي هي من القواعد النظامية العقلائية.

لعدم اعتبار قصد ذلك كله فيها، بل تتحقق بقصد نفس ذاتها و مفهومها، هذا مع اختلافها مع جميع المعاوضات في اللوازم الكاشف عن الاختلاف في الملزوم مضافا إلى إجماع الإمامية على عدم كونها منها.

لاختصاص كل ذلك بالبيع، و القسمة ليست ببيع.

لفرض عدم كون القسمة معاوضة كما هو واضح، فلا يجري فيها الربا المعاوضي لانتفاء الموضوع.

كما هو ظاهر العرف و يظهر إجماع الفقهاء عليه أيضا.

نعم، تشتمل على معنى التعاوض لكن لا بعنوان المعاوضة حتى يترتب عليها أحكامها.

(مسألة ۱): يشترط فيها الرضا في تعيين الحصة في الشركة الأشياء حتى في قسمة الإجبار (٦)، و لو لم يتراضيا يتعين القرعة (۷)، و إذا كانت الشركة بنحو الكلي في المعين فالتعيين باختيار من وجب عليه الدفع كالبائع في البيع و المتولي في الوقف، و المالك في الزكاة و الخمس (۸). و يمكن أن يصير الكلي في المعين من الإشاعة فيعتبر رضاء الجميع حينئذ (۹).

للإجماع و أصالة عدم التعيين إلا بذلك، و أما قسمة الإجبار فالجبر إنما يكون في أصل القسمة لا في تعين الحصة، فلا بد من التراضي.

لانحصار التعين فيها حينئذ.

لأن تكليف وجوب الدفع مختص بمن ذكر فتكون سلطنة الإخراج له أيضا، و مع الامتناع تكون للحاكم الشرعي.

كما إذا كانت صبرة مشتملة على عشرة أصوع مثلا فباع كل صاع لشخص خاص، فتصير حينئذ من الشركة الإشاعية في اشتراط رضا الجميع في تعيين حصة كل واحد منهم لفرض تحقق الإشاعة حينئذ.

(مسألة ۲): يجوز تصدي الشريكين للقسمة بنفسهما أو بوكيلهما و لو كان أحدهما عن الآخر، و لا يعتبر في الوكيل الإيمان و العدالة بل و لا البلوغ و يكفي الوثوق و المعرفة بكيفية القسمة (۱۰).

كل ذلك للأصل و الإطلاقات، و عموم سلطنة الناس على أموالهم‏ و عدم الدليل على الخلاف.

نعم بناء على انها معامله، يعتبر البلوغ هنا أيضا و لكن المبنى و أصل البناء مخدوش و منه يظهر وجه الاحتياط.

(مسألة ۳): لو احتاجت الوكالة فيها إلى أجرة تكون عليهما، و كذا لو احتاجت القسمة إليها و لو بدون الوكالة (۱۱).

لأنها من مصالحها فتكون عليهما إلا أن تختص إحداهما بخصوصية تكون من مصالحه فقط، فلا تكون على الآخر حينئذ.

(مسألة ٤): لا يحتاج أصل القسمة إلى القرعة (۱۲)، و تتحقق بدونها مع التراضي أيضا. نعم، لو توقف رفع التنازع عليها لا بد من القرعة حينئذ (۱۳) و إن كان الأحوط القرعة مطلقا. (۱٤).

للأصل، و لكفاية التراضي بينهما، و لأن القرعة انما هي فيما إذا انحصر رفع النزاع بها، فلا يشمل ما إذا تراضيا على شي‏ء فلا موضوع لها في المقام تخصصا.

فما في الجواهر من توقفها على القرعة مطلقا لتوقف رفع النزاع عليها مخدوش كما هو معلوم مما تقدم.

خروجا عن خلاف جمع، حيث قالوا باحتياجها إليها مطلقا بل ربما ينسب ذلك إلى اتفاق الأصحاب، و لا دليل لهم يصح الاعتماد عليه كما لا يخفى على من راجع المطولات و تأمل.

(مسألة ٥): لا بأس بقسمة بعض المال المشترك و إبقاء بعضه على الاشتراك، و كذا يجوز مع تعدد الشركاء إفراز حصة بعضهم و إبقاء حصة الباقين على الاشتراك (۱٥).

كل ذلك لقاعدة السلطنة، و أصالة الإباحة.

(مسألة ٦): لا بد في القسمة من تعديل السهام (۱٦)، و هو أقسام ثلاثة (۱۷). الأول: أن تكون القسمة بحسب الأجزاء كيلا أو وزنا أو عددا أو مساحة و تسمى «قسمة الافراز» (۱۸)، و هي جارية في المثليات مطلقا- كالحبوب و الادهان و الخل و الألبان و نحوها- و كذا في القيميات المتساوية الأجزاء- كجملة كثيرة من المزروعات و الكثير مما يخرج من معمل واحد بقالب واحد- و كذا في الأراضي المتساوية الاجزاء (۱۹). الثاني: أن تكون القسمة بحسب القيمة و المالية كجملة القيميات إذا تعددت مثل الجواهر و الأنعام و الأشجار إذا تساوى بعضها مع بعض من‏ حيث القيمة، و يسمى ذلك «قسمة التعديل» (۲۰)، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة أغنام مثلا قد ساوى قيمة أحدهما مع اثنين منها فيعدل ذلك و يجعل الواحد سهما و الاثنان سهما آخر (۲۱) الثالث: ما تسمى ب- «قسمة الرد» و هي ما إذا احتاجت القسمة إلى ضم مقدار من المال إلى بعض السهام ليعادل السهم الآخر (۲۲) كما إذا كان بين اثنين شيئان قيمة أحدهما خمسة دنانير و الآخر أربعة دنانير فاذا ضم الأول إلى الثاني نصف دينار ساوى مع الأول (۲۳).

لأن القسمة متقومة بذلك عرفا و شرعا.

يمكن أن نجعل هذه القسمة قسمة عقلية بأن يقال: القسمة إما أن تشتمل على الرد أو لا؟ و الثاني إما في المثليات أو لا، فتحصل بذلك الأقسام الثلاثة المعروفة بين الفقهاء للقسمة، و اصطلحوا في الأول على قسمة الرد، و في الثاني على قسمة الإفراز، و في الأخير على قسمة التعديل، و على أي حال هذه القسمة صحيحة و واقعة في الخارج، و ظاهر الفقهاء الإجماع على صحتها و وقوعها في الخارج.

و هو بمعنى العزل يقال: فرزت الشي‏ء أفرزه أي أعزله عن غيره، و هذه القسمة متقومة بتساوي الأجزاء من حيث المالية كما هو معنى المثلية و ما يلحق بها.

المرجع في ذلك أهل الخبرة من العرف فكلما حكم العرف بأنه مثلي يجري فيه قسمة الأفراز، و ذلك يختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة و سائر الجهات و ليس في ذلك تعبد شرعي، كما انه ليس لنظر الفقيه فيه دخل إلا إذا كان من أهل خبرة هذه الأمور.

لاحتياجها الى لحاظ المالية و تعديلها بالنسبة إلى حصة الشركاء.

فيحصل بذلك العدل و الإنصاف بالنسبة إلى المالكين، و إن تعدد موضوع مالهما بالنسبة إلى أحدهما و اتحد بالنسبة إلى الآخر.

لتقوّم تعديل الحصص برد المال من أحد الشركاء، و من هذه الجهة تسمى بقسمة الرد.

و تطابق التسمية مع المسمى لغة و عرفا و شرعا.

و يأتي قسم رابع تسمى قسمة التراضي، و هي ما إذا كانت القسمة مشتملة على الضرر و تراضيا على تحمل الضرر.

و قسم خامس و هي قسمة الإجبار، و لكن هذين القسمين بحسب الحكم، و الأقسام الثلاثة السابقة بحسب الموضوع.

(مسألة ۷): الأموال المشتركة (۲٤)، قد لا تجري فيها إلا قسمة الافراز، و هو فيما إذا كان من جنس واحد من المثليات كما إذا اشترك اثنان‏ أو أزيد في وزنة حنطة (۲٥)، و قد تتعين فيها قسمة التعديل، كما إذا اشترك اثنان في ثلاثة أغنام قد ساوى أحدهم مع اثنين منهم بحسب القيمة (۲٦)، و قد تتعين قسمة الرد كما إذا كان بين اثنين أغنام قيمة أحدهما خمسة دنانير و الآخر أربعة (۲۷) و قد تجري قسمة الافراز و التعديل معا (۲۸)، و ذلك فيما إذا اشترك اثنان في جنسين مثليين مختلفي القيمة و المقدار و كانت قيمة أقلهما مساوية لقيمة أكثرهما، كما إذا كان بين اثنين وزنة من حنطة و وزنتان من شعير و كانت قيمة من حنطة مساوية لقيمة وزنتين من شعير فاذا قسم المجموع بجعل الحنطة سهما يكون من قسمة التعديل، و إذا قسم كل منهما منفردا يكون من قسمة إفرازه (۲۹)، و قد تجري فيها قسمة الافراز و الرد معا كما في المثال السابق إذا فرض كون قيمة الحنطة خمسة عشر درهما و قيمة الشعير عشرة، و قد تجري فيها قسمة التعديل مع قسمة الرد كما إذا كان بينهما ثلاثة أغنام أحدها يقوم بعشرة دنانير و اثنان منهما كل منهما بخمسة فيكن أن يجعل الأول سهما و الآخران سهما فتكون من‏ قسمة التعديل، و إن يجعل الأول مع واحد من الآخرين سهما و الآخر منهما مع عشرة دنانير سهما فتكون من قسمة الرد، و قد تجري فيها كل من قسمتى الافراز و الرد، كما إذا كان بينهما وزنة حنطة كانت قيمتها اثنى عشر درهما مع وزنة شعير قيمتها عشرة فيمكن قسمة الافراز بتقسيم كل منهما منفردا و قسمة الرد بجعل الحنطة سهما و الشعير مع درهمين سهما. و قد تجري الأقسام الثلاثة كما إذا اشترك اثنان في وزنة حنطة قيمتها عشرة دراهم مع وزنة شعير قيمتها خمسة و وزنة حمص قيمتها خمسة عشر، فاذا قسمت كل منها بانفرادها كانت قسمة إفراز، و إن جعلت الحنطة مع الشعير سهما و الحنطة مع عشرة دراهم سهما كانت قسمة الرد، و لا إشكال في صحة الجميع مع التراضي (۳۰)، و أما قسمة الرد مع إمكان غيرها فقد يشكل في صحتها بعد التراضي، و قالوا: يحتاج بعد ذلك إلى صلح أو هبة و الإشكال ضعيف (۳۱)، و إن كان الأحوط التراضي بالصلح أو الهبة (۳۲).

هذه المسألة تتعرض لبيان ما يجري فيه قسم واحد من أقسام القسمة و ما يجري فيه قسمان منها و ما يجري فيه الأقسام الثلاثة و صورها معلومة مما يأتي، و الظاهر صحة جريان قسمة الرد في الجميع بعد التراضي به كما يصح جريان الجميع في الجميع بالتصالح.

لأن المفروض أن المورد مشاع بين الشريكين أو الشركاء و أنه من جنس واحد فتتعين حينئذ قسمة الأفراز فقط، و كذا في جميع المثليات.

لأن المفروض أن مورد القسمة قيمي و ليس بمثلي، كما أن المفروض اختلاف قيمة مورد الشركة فلا يمكن إلا قسمة التعديل.

لفرض اختلاف القيمة، و لا يمكن تعيين حق الشركاء الا برد ما يتدارك به حقه و تتساوى الحقوق هذه كلها مما يختص المورد بقسمة واحدة، و هي ثلاثة أقسام كما مر.

هذا شروع في بيان ما يمكن أن يجري فيه قسمين من ما تقدم من صور القسمة.

و الوجه فيهما يعلم مما مر فلا وجه لتكرار بالإعادة.

لقاعدة السلطنة، و تحقق التراضي، و ظهور الإجماع.

خلاصة الإشكال فيها: انها حيث تشتمل على الرد و العوض تكون من المعاوضات، فتحتاج إلى ما تحتاج إليه سائر المعاوضات من الإيجاب و القبول و سائر الشرائط صحتها و لزومها، و مع عدم الإيجاب و القبول تصير من المعاطاة و لا تلزم إلا بعد التصرف، و مع عدم معلومية العوضين تبطل أصلا فلا وجه للأصل الصحة حينئذ إلا بعد التعديل و القرعة و الرضا بعد القرعة، و نسب هذا القول إلى جمع منهم الشيخ الطوسي و الشهيد قدس سرّهما.

و فيه: أن القسمة و المعاوضة عنوانان مختلفان لغة و عرفا و شرعا كما مر.

و مطلق الاشتمال على الرد أعم من كونها معاوضة اصطلاحية.

و نعم ما قال في الجواهر: «و كأنّه اشتبه عليهم العوض و المعاوضة المصطلحة، و لا ريب في الفرق بينهما و أقصى ما في قسمة الرد الأول لا الثاني‏ كما هو واضح بأدنى تأمل.

نعم، لو لم نقل بأنها من أفراد القسمة بل هي قسمة و معاوضة اعتبر حينئذ قصد معاوضة خاصة و تعين المعوض عنه و غير ذلك مما في تلك المعاوضة التي يتفقان على إنشائها»، فراجع و تأمل فيه على طوله.

خروجا عن خلاف من اعتبر ذلك.

(مسألة ۸): لا يعتبر في القسمة تعيين مقدار السهام بعد إن كانت معدلة (۳۳)، فلو كانت صبرة من حنطة مجهولة الوزن بين ثلاثة أقسام معدلة بمكيال مجهول المقدار، أو كانت بينهم عرصة متساوية الأجزاء فجعلت ثلاثة أجزاء متساوية بخشبة أو حبل لا يدري كمية ذراعها صحت القسمة (۳٤).

لفرض تحقق التراضي و التعادل بما يأتي من الكيفية فلا وجه للتعيين بعد ذلك، و مقتضى الأصل عدمه.

إذ المقصود فيها التعادل و التراضي و قد حصلا، و المفروض انها ليست ببيع و لا معاوضة.

(مسألة ۹): إذا طلب أحد الشريكين القسمة بأحد أقسامها ليس للآخر الامتناع عنها (۳٥)، و مع الامتناع يجبر عليها (۳٦).نعم، لو استلزمت القسمة ضررا على الشريك الآخر لا تصلح القسمة إلا برضاه (۳۷)، فإذا كان المال المشترك مما لا يمكن فيه إلا قسمة الافراز أو التعديل من دون ضرر في البين أجبر الممتنع (۳۸)، كما إذا كان شريكين في أنواع متساوية الأجزاء- كالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب- و طلب أحدهما قسمة كل نوع بانفراده قسمة الافراز أجبر الممتنع، و كذا إن طلب قسمتها بالتعديل ما لم يكن ضرر في البين، و إن كان الأحوط التراضي في الأخير (۳۹)، و كذا الكلام في الأرض و الدار و الدكان و نحوها إذا كانت متساوية الأجزاء فيجري فيها قسمة الرد و التعديل و يجبر الممتنع مع عدم الضرر.

أما جواز مطالبة الشريك للقسمة فلقاعدة السلطنة، و أما عدم صحة امتناع الشريك الآخر فلأنه تفويت لحق الغير و تضييق لسلطنته بلا مجوز شرعي.

لأن ذلك من صغريات النهي عن المنكر، و من الأمور الحسبية التي لا بد من قيام الحاكم الشرعي بها، و مع عدم إمكان التوصل إليه يتصدى ذلك الثقات من أهل الخبرة، و تسمى هذه القسمة «قسمة الإجبار» كما تقدم.

لقاعدة «نفي الضرر و الضرار» و تسمى هذه القسمة «قسمة التراضي» كما تقدم، و لو كان عدم القسمة أيضا ضررا على الشريك الآخر يلاحظ أقوى الضررين، و المرجع في تشخيص الضرر ثقات أهل الخبرة و أهل المعرفة بالشي‏ء المقسوم.

ثمَّ أنه يظهر عن جمع أنه لو اشتملت القسمة على الرد يجوز لمن يلزمه الرد من الشريكين الامتناع عن القسمة و لا يجبر عليها.

و فيه: أنه لا موضوع للرد من حيث هو بل المناط كله تحقق الضرر، و تقدم أن القسمة مطلقا ليست من المعاوضة الاصطلاحية و إن اشتملت على الرد و لكن الأحوط التراضي.

لفرض عدم الضرر في البين، و حينئذ يجبر الممتنع لإحقاق حق الغير و إيصال حقه اليه، و قد مر أن الأحوط في قسمة التعديل مطلقا التراضي، سواء كان ذلك قبل القسمة أو حينها أو بعدها.

خروجا عن مخالفة القول بكون قسمة الرد في معنى المعاوضة فيحتاج إلى تراضي الطرفين، و قد مر ضعفه فراجع.

(مسألة ۱۰): الدار ذات العلو و السفل المشتركة لا بد من قسمتها بحيث لا يتضرر أحد الشركاء لا من حيث قرار البناء و لا من حيث الهواء بحسب نظر الثقات من أهل الخبرة بهذه الأمور بأي نحو رأوا ذلك، فإن تراضوا بذلك و إلا يجبر الممتنع مع عدم ضرر في البين (٤۰)، و كذا في دار ذات بيوت أو خان ذات حجر بين الشركاء، و طلب بعض الشركاء القسمة أجبر الباقون مع عدم الضرر (٤۱).

لأن المرجع في تشخيص هذه الأمور الخبراء الثقات من المهندسين و المعمارين من تثبتهم و تأملهم في إحقاق الحقوق، و يختلف ذلك بحسب الخصوصيات و الأمكنة و سائر الجهات، و ليس تعيين ذلك من شأن الفقيه، و مع عدم إمكان الوصول إليهم و تعاصر الشركاء لا بد من التصالح و التراضي و الرجوع الى الحاكم الشرعي فيقطع نزاعهم بالقرعة.

لقاعدة السلطنة و لزوم إيصال كل ذي حق الى حقه من باب الحسبة و أما مع الضر كما إذا كان الشركاء كثيرا و المحل ضيقا فلا موضوع للإجبار، لقاعدة نفي الضرر و الضرار فلا بد من التصالح و التراضي بأي وجه اتفقوا عليه.

نعم، لو لم يتصالحوا أيضا يجبرهم الحاكم على التخلص بما يوجب النزاع.

(مسألة ۱۱): إذا كانت بين الشركاء أرض مشتملة على نخيل و أشجار فقسمتها بما فيها بالتعديل (٤۲) تكون قسمة إجبار فإذا طلبها أحد الشركاء يجبر الآخر إن لم يكن ضرر في البين (٤۳)

بأن تكون القسمة فيها بحسب القيمة كما مر من أن هذا هو المراد بقسمة التعديل.

لما مر في سابقة من غير فرق، و أما مع الضرر فلا بد من التراضي و تسمى ب- «قسمة التراضي» حينئذ.

(مسألة ۱۲): إذا كانت بين الشركاء أرض مزروعة يجوز قسمة كل من الأرض و الزرع- قصيلا كان أو سنبلا- على حدة (٤٤)، و تكون القسمة قسمة إجبار (٤٥)، و أما قسمتهما معا فهي قسمة تراض (٤٦) لا يجبر الممتنع عليها إلا إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر فيها فيجبر عليها (٤۷). هذا إذا كان الزرع قصيلا أو سنبلا (٤۸)، و أما إذا كان حبا مدفونا أو مخضرا في الجملة و لم يكمل نباته (٤۹)، فلا إشكال في قسمة الأرض وحدها و بقاء الزرع على إشاعته (٥۰)، كما إنه لا يجوز قسمة الزرع مستقلا (٥۱).نعم، يجوز قسمة الأرض بزرعها بحيث يجعل الزرع من توابعها (٥۲)، و لكن الأحوط قسمة الأرض وحدها و التصالح و التراضي بالنسبة إلى الزرع (٥۳).

للأصل، و لقاعدة السلطنة.

لفرض عدم الضرر في البين فيجبر الممتنع حينئذ من باب قاعدة لزوم إحقاق الحق، و لو فرض وجود الضرر فلا بد من التراضي.

لأنها غالبا أما مستلزمة للرد أو للضرر مع عدمه فيتعين التراضي حينئذ، و لا وجه لإجبار الممتنع إذ لا وجه لإجبار الممتنع عن الضرر على التضرر.

لفرض عدم الضرر حينئذ فيتحقق موضوع قسمة الإجبار.

لتحقق القسمة في الأرض و الزرع معا و في كل منهما وحده حينئذ، فيتحقق موضوع ما ذكر من القسمة.

بحيث لم تكن ماليته معينة بنظر أهل الخبرة و لم يكن طريق معتبر إلى ذلك لديهم.

أما صحة قسمة الأرض فلوجود المقتضي لها و فقد المانع عنها، و أما بقاء الزرع على إشاعته فللأصل.

لمكان الجهالة و عدم تعيين حصة الشركاء بوجه معتبر.

لتعين حصة الشركاء حينئذ، و انما الجهالة فيما هو تابع محض و لا تضر الجهالة فيه.

جمودا على لزوم تعين الحصة حتى في التابع من المقسوم.

(مسألة ۱۳): لو كانت بين الشركاء دكاكين متعددة متجاوزة أو منفصلة- فإن أمكن قسمة من كل منها بانفراده و طلبها بعض الشركاء و طلب بعضهم قسمة بعضها في بعض بالتعديل لكي يتعين حصة كل منهم في دكان تام أو أزيد يقدم ما طلبه الأول مع عدم الضرر (٥٤)، و حينئذ فيجبر البعض الآخر (٥٥). نعم إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر في النحو الثاني يجبر الأول (٥٦).

لأنها أملاك متعددة عرفا و لكل واحد منها خصوصية خاصة لا توجد في الآخر فلا يضم بعضها إلى بعض، فليست مثل الأرض بحيث يكون المجموع منها كملك واحد، و كذا الحنطة أو الشعير أو نحوهما مما هو متساوي الأجزاء.

لفرض عدم كون القسمة مستلزمة للضرر فيتحقق موضوع الإجبار على إيصال الحق إلى صاحبه و عدم تعطيله.

لوجوب إيصال الحق الى صاحبه و عدم تعطيله، و المفروض انحصار عدم الضرر فيه فيتحقق موضوع الإجبار لا محالة، و لو كانت كل من القسمتين خالية عن الضرر فالحكم هو التخيير، و لو امتنع مع ذلك أحدهما يجبره الحاكم من باب الحسبة.

(مسألة ۱٤): لو كان بين الشركاء ما لا تقبل القسمة الخالية عن الضرر كالحمام و نحوها لم يجبر الممتنع (٥۷). نعم، لو أمكن تدارك الضرر بوجه صحيح عرفي يجبر حينئذ (٥۸).

لأن مورد الإجبار ما إذا لم يكن ضرر في البين و المفروض تحققه فلا موضوع له حينئذ.

لتحقق موضوع الإجبار، حينئذ لفرض إمكان تدارك الضرر فيكون وجوده كالعدم.

(مسألة ۱٥): لو كان حصة أحد الشركاء العشر مثلا و هو لا يصلح للانتفاع بها و يتضرر بالقسمة دون باقي الشركاء، فلو طلب هو القسمة لغرض صحيح يجبر البقية (٥۹) و لم يجبر هو لو طلبها الآخرون (٦۰).

لفرض عدم الضرر بالنسبة إليهم فيتحقق موضوع الإجبار لا محالة.

لفرض تحقق الضرر فلا وجه لإجباره.

نعم، لو لزم الضرر على الآخرين من عدم القسمة يلاحظ أقوى الضررين حينئذ، و مع التساوي يصح الإجبار.

(مسألة ۱٦): المرجع في تحقق الضرر متعارف أهل الخبرة، فيكفي فيه نقصان في العين أو في القيمة بسبب القسمة بما لا يتسامح فيه عادة بالنسبة إلى المال المقسوم و إن لم يسقط المال عن قابلية الانتفاع بالمرة (٦۱).

لقاعدة أن «كل ما لم يرد فيه تحديد من الشارع لا بد و أن يرجع فيه إلى العرف»، كما تقدم مكررا و المقام كذلك إذ لم يرد تحديد شرعي للضرر فيما نحن فيه، فلا بد و إن يرجع إلى العرف فمع الحكم بالضرر لا يتحقق موضوع الإجبار، و مع حكمه بعدم الضرر يصح الإجبار، و مع الشك فيه و في عدمه فمقتضى عموم قاعدة «السلطنة» و قاعدة «لزوم إحقاق الحقّ» مطلقا صحة الإجبار، و لكن الأحوط التراضي و التصالح.

(مسألة ۱۷): لا بد في القسمة من تعديل السهام (٦۲) ثمَّ القرعة (٦۳).أما كيفية التعديل (٦٤) فإن كانت حصص الشركاء متساوية (٦٥)- كما إذا كانوا اثنين و لكل منهما نصف أو ثلاثة و لكل منهم ثلث و هكذا- يعدل السهام بعدد الرؤوس، فيجعل سهمين متساويين إن كانوا اثنين، و ثلاثة أسهم متساويات إن كانوا ثلاثة، و هكذا و يعلّم كل سهم بعلامة تميزه عن غيره فإذا كانت قطعة أرض متساوية الأجزاء بين ثلاثة مثلا تجعل ثلاث قطع متساوية بحسب المساحة و يميز بينها إحداها الأولى و الأخرى الثانية و الثالثة الثالثة، و إذا كانت دار مشتملة على بيوت بين أربعة مثلا تجعل أربعة أجزاء متساوية بحسب القيمة و تميز كل منهما بمميز، كالقطعة الشرقية و الغربية و الشمالية و الجنوبية المحدودات بحدود كذائية. و إن كانت الحصص متفاوتة- (٦٦) كما إذا كان المال بين ثلاثة سدس لعمرو و ثلث لزيد و نصف لبكر- يجعل السهام على أقل الحصص، ففي المثال تجعل السهام ستة معلمة كل منها بعلامة كما مر. و أما كيفية القرعة (٦۷) ففي الأول- و هو فيما إذا كانت الحصص إن متساوية- تؤخذ رقاع بعدد رؤوس الشركاء رقعتان إذا كانوا اثنين و ثلاث‏ كانوا ثلاثة و هكذا، و يتخير بين أن يكتب عليها أسماء الشركاء (٦۸) على إحداها زيد و أخرى عمرو و ثالثة بكر مثلا، أو أسماء السهام على إحداها أول و على أخرى ثاني و على الأخرى ثالث مثلا، ثمَّ تشوش و تستر و يؤمر من لم يشاهدها فيخرج واحدة واحدة، فإن كتب عليها اسم الشركاء يعين السهم الأول و يخرج رقعة باسم ذلك السهم قاصدين أن يكون هذا السهم لكل من خرج اسمه، فكل من خرج اسمه يكون ذلك السهم له ثمَّ يعين السهم الثاني، و يخرج رقعة أخرى لذلك السهم فكل من خرج اسمه كان السهم له و هكذا و إن كتب عليها اسم السهام يعين أحد الشركاء و يخرج رقعة فكل سهم خرج اسمه كان ذلك السهم له ثمَّ يخرج رقعة أخرى لشخص آخر و هكذا. و أما في الثاني- و هو ما كانت الحصص متفاوتة كما في المثال المتقدم الذي قد تقدم انه يجعل السهام على أقل الحصص و هو السدس- يتعين فيه أن تؤخذ الرقاع بعدد الرؤوس يكتب مثلا على إحداها زيد و على الأخرى عمرو و على الثالثة بكر و تستر كما مر، و يقصدان كل من خرج اسمه على سهم كان له ذلك مع ما يليه بما يكمل تمام حصته ثمَّ يخرج إحداها على السهم الأول فإن كان عليها اسم صاحب السدس تعين له، ثمَّ يخرج أخرى على السهم الثاني فإن كان عليها اسم صاحب الثلث كان الثاني و الثالث له، و يبقى الرابع و الخامس و السادس لصاحب النصف و لا يحتاج إلى إخراج الثالثة، و إن كان عليها اسم صاحب النصف كان له الثاني و الثالث و الرابع، و يبقى الأخير لصاحب الثلث، و إن كان ما خرج‏ على السهم الأول صاحب الثلث كان الأول و الثاني له، ثمَّ يخرج أخرى على السهم الثالث فإن خرج اسم صاحب السدس كان ذلك له، و يبقى الثلاثة الأخيرة لصاحب السدس، و إن خرج صاحب النصف كان الثالث و الرابع و الخامس له و يبقى السادس لصاحب السدس، و قس على ذلك غيرها.

لأن هذا من مقومات القسمة و لا تتحقق إلا بذلك فهو مع كونه مقوما لها يكون مورد إجماع الفقهاء أيضا.

البحث في القرعة من جهات:

الأولى‏: في اعتبار أصل القرعة. و لا ريب في اعتبارها في الجملة بالأدلة الثلاثة، فمن الكتاب ما ورد في قصتي كفالة مريم‏٥، و إلقاء يونس في البحر٦، و من السنة نصوص مستفيضة بين العامة۷، و الخاصة منها قول أبي الحسن عليه السّلام: «كل مجهول ففيه القرعة»۸، و عن أبي جعفر عليه السّلام: «ليس من قوم تقارعوا ثمَّ فوضوا أمرهم إلى اللّه إلا خرج سهم المحق»۹، و عن الصادق عليه السّلام:

«القرعة سنة»۱۰، إلى غير ذلك من الأخبار.

و من الإجماع إجماع الإمامية- بل المسلمين- على اعتبارها في الجملة، و الظاهر صحة دعوى جريان بناء العقلاء على التمسك بها في الحيرة المطلقة فتصير الأدلة أربعة، فلا وجه لما نسب إلى بعض من أنها نحو من القمار.

ثمَّ ان الظاهر عدم اختصاص القرعة بخصوص المسلمين بل هي دائرة بين الناس في الجملة على ما نقل.

نعم، تخفيف كيفية الاستقراع كما ان الظاهر انه ليست لها كيفية خاصة، بل تحصل بكلما حصلت به استخراج المجهول بإيكال الأمر إلى ما هو خارج عن‏ الاختيار، و ما ورد في بعض الأخبار۱۱ من الكيفية انما هي من باب بيان احدى الطرق و المصاديق، و إلا فالإطلاقات الواردة فيها غير قابلة للتقييد بذلك.

الثانية: لا ريب في ان موردها الشبهات الموضوعية المطلقة من كل حيثية و جهة على نحو تنقطع اليد عن كل أمارة و قاعدة و أصل و اجتهاد ظني، و مع ذلك لا بد من الانجبار بعمل الأصحاب في مورد جريانها لأن تشخيص موردها صعب جدا على الفقيه فضلا عن غيره.

الثالثة: هل تكون لها موضوعية خاصة في القسمة و تكون شرطا لصحتها و لو مع رضاء الشركاء بالقسمة بدونها، بحيث لو عدلت السهام و حصل التراضي من كل جهة- حدوثا و بقاء- لا تحصل القسمة إلا بالقرعة أو أنها طريق محض لقطع التنازع لو وقع نزاع في البين و انحصر رفعه بالقرعة و تراضيا عليها؟ الحق هو الأخير لإطلاق قوله تعالى‏ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ‏۱۲، الدالة على كفاية التراضي مطلقا.

و القسمة و إن لم تكن تجارة لكن يستفاد من الآية الكريمة أن المناط كله في حلية الماليات التراضي و ذكر التجارة من باب الغالب، و لقاعدة «السلطنة» و قوله عليه السّلام: «المؤمنون عند شروطهم»۱۳، و إطلاق ما ورد في قسمة الدين كخبر غياث عن عليّ عليه السّلام: «في رجلين بينهما مال منه بأيديهما و منه غائب عنهما، فاقتسما الذي بأيديهما، و أحال كل واحد منهما من نصيبه الغائب فاقتضى أحدهما و لم يقتض الآخر قال عليه السّلام: ما اقتضى أحدهما فهو بينهما و ما يذهب بينهما»۱4، و مثله غيره فإن عدم ذكر القرعة يكشف عن كفاية الرضاء بالقسمة مطلقا و لو بدون القرعة، و عن صاحب الجواهر اشتراط صحة القسمة بالقرعة و لم يأت بدليل إلا المصادرة فراجع و تأمل.

الرابعة: ليس عند الإمامية شي‏ء تكون له موضوعية خاصة في إثبات مؤداه من الأمارات و القواعد و البينات و الايمان و القضاء و الفتوى و الأصول مطلقا و غيرها، بل جميعها قد تصيب الواقع و قد تخطئ فما ورد في القرعة من أنه «ما تنازع قوم ففوضوا أمرهم إلى اللّه عز و جل إلا خرج سهم المحق»۱٥، و مثله ما تقدم عن أبي جعفر عليه السّلام و خبر ابن حكيم قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن شي‏ء، فقال لي: كل مجهول ففيه القرعة، قلت له: أن القرعة تخطئ و تصيب، قال: كل ما حكم اللّه به فليس بمخطئ»۱٦، فلا بد من حمل لها على اعتبار القرعة في الحكم الظاهري و قطع النزاع و فصل الخصومة لا الإصابة الدائمية بالنسبة إلى الحكم الواقعي، كما ورد في قولهم عليه السّلام بالنسبة إلى الحاكم الشرعي بأن الراد عليه «كالراد علينا»۱۷.

لا يخفى أن الشركاء إما أن يكونوا قد تساوت حصصهم أو لا، و كل منهما إما في متساوي الأجزاء من حيث القيمة أو لا، فالأقسام أربعة:

الأول‏: التعديل على قدر السهام المتساوي في الحصص و القيمة، و تتحقق ذلك في متفقة الإجزاء بحسب القيمة.

الثاني‏: التعديل بحسب القيمة فيما إذا تساوت الحصص قدرا لا قيمة، كما في مختلفة الأجزاء من حيث القيمة مع كون الحصص متساوية فتعدل السهام من حيث القيمة لانحصار عدم الضرر فيه حينئذ.

الثالث‏: التعديل بحسب أقل السهام، كما إذا اختلفت الحصص في متفقة الأجزاء كما إذا كان لأحدهم النصف و للآخر الثلث و الثالث السدس و كان‏ المورد متفقة الاجزاء من حيث القيمة، و مقتضى القاعدة فيه التعديل بحسب أقل السهام فتعدل القسمة حينئذ أسداسا، هذا إذا لم يكن فيه كسر و إلا تعدل القسمة بعدد ينطبق عليها كما إذا كان النصف في مفروض المسألة لاثنين فإنه لا تصح القسمة حينئذ أسداسا، بل يتحقق التعديل حينئذ بتقسيمها باثني عشر جزء لأنه الذي فيه الثلث و السدس و الربعان صحيحا.

هذا هو القسم الأول الذي ذكرناه.

هذا هو القسم الثالث الذي تعرضنا له.

للقرعة طرق و أنحاء و هذه الطريقة التي ذكرها سيد مشايخنا في وسيلته أحسنها و أخصرها اكتفينا بها.

لإطلاق أدلة القرعة الشامل لجميع ذلك مضافا إلى ما يأتي في المسألة التالية من أنه ليست لها كيفية خاصة، و إنما المناط كله قطع النظر عن‏ الاختيار و إيكال الأمر الى اللّه تعالى.

(مسألة ۱۸): الظاهر إنه ليست للقرعة كيفية خاصة (٦۹) و إنما يكون كيفيتها منوطة بمواضعة القاسم و المتقاسمين بإناطة التعين بأمر ليس لإرادة المخلوق مدخلية مفوضا للأمر إلى الخالق جل شأنه، سواء كان بكتابة رقاع أو إعلام علامة في حصاة أو نواة أو ورق أو خشب أو غير ذلك.

للأصل و الإطلاق و لتحقق المقصود مع التراضي بغير ما ذكره الفقهاء أيضا بعد إيكال الأمر إلى اللّه تعالى.

(مسألة ۱۹): الأقوى إنه إذا بنوا على التقسيم و عدلوا السهام و أوقعوا القرعة قد تمت القسمة و لا يحتاج إلى تراض آخر بعدها (۷۰) فضلا عن إنشائه، و إن كان هو الأحوط في قسمة الرد (۷۱).

لإطلاق أدلة القسمة و القرعة، و أصالة عدم اعتبار رضاء مستأنف بعد عدم الدليل عليه.

و توهم: أن القرعة إنما هو لتمييز ذوي الحقوق و تميز حقهم، فلا بد بعد ذلك في صحة التصرف من رضاء جديد لاستصحاب بقاء منع التصرف.

مدفوع: بأنه بعد رضائهم أو لا بالتمييز و رضائهم بالقرعة و إيكال الأمر الى اللّه تعالى تكون القرعة كالعقد الواقع بينهم، فيكون اعتبار الرضاء المستأنف بعد ذلك من اللغو الباطل فهو مثل ما إذا قيل بأنه لا بد في البيع مثلا من رضاء مستأنف بعد تمامية العقد و الفراغ منه.

خروجا عن خلاف من اعتبر الرضاء المستأنف، و خروجا عن‏ خلاف من جعل قسمة الرد بيعا، و قد تقدم منعه فراجع.

(مسألة ۲۰): إذا طلب بعض الشركاء المهاياة في الانتفاع بالعين المشتركة أما بحسب الزمان بأن يسكن هذا في شهر و ذاك في شهر مثلا. و أما بحسب الأجزاء بأن يسكن هذا في الفوقاني و ذاك في التحتاني مثلا لم يلزم على شريكه القبول و لم يجبر إذا امتنع (۷۲). نعم يصح مع التراضي (۷۳) لكن ليس بلازم (۷٤) فيجوز لكل منهما الرجوع هذا في شركة الأعيان، و أما في الشركة المنافع فينحصر إفرازها بالمهاياة (۷٥) لكنها فيها أيضا غير لازمة (۷٦). نعم، لو حكم الحاكم الشرعي بها في مورد لأجل حسم النزاع و الجدال يجبر الممتنع و تلزم (۷۷).

للأصل و قاعدة السلطنة هذا إذا أمكنت القسمة بحيث يكون لكل منها نصيب من العلو و السفل بحسب التعديل، و أما إن لم يكن ذلك فيجب عليه القبول و يجبر عليه مع الامتناع لوجوب إحقاق الحق و انحصاره فيه حينئذ.

لوجود المقتضي للصحة حينئذ- و هو التراضي- و فقد المانع عنها.

لأنه من مجرد التباني و التراضي و ليس بعقد حتى تشمله أصالة اللزوم في العقد فمقتضى قاعدة السلطنة و الأصل جواز الرجوع لكل منهما.

لعدم إمكان تقسيمها غالبا إلا بذلك.

نعم، يمكن فرض قسمة المنفعة بحسب الأجزاء في بعض الموارد كما إذا استأجر مثلا آلة لأجل الاستفادة من حرارتها أو برودتها، فيمكن التقسيم بأن توضع في محل على أن يكون طرف اليمين مثلا لأحد و اليسار مثلا لآخر.

لقاعدة السلطنة، و أصالة صحة الرجوع و أرسل ذلك في الدروس و الروضة و اللمعة إرسال المسلمات.

لوجوب إنفاذ حكم الحاكم و عدم جواز نقضه كما يأتي في كتاب‏ القضاء إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۲۱): القسمة في الأعيان إذا وقعت و تمت لزمت (۷۸)، و ليس لأحد من الشركاء أبطالها و فسخها (۷۹) بل ليس لهم فسخها و أبطالها بعنوان الإقالة (۸۰). نعم، يجوز التبادل بعنوان البيع (۸۱) كما يجوز تغيير القسمة في ضمن عقد لازم (۸۲).

لإفراز الحق بالتراضي و تحقق السلطنة المطلقة من كل جهة لكل واحد من الشركاء على ماله، و لا معنى للسلطنة المطلقة إلا دفع المزاحم و المنافي كما انه لا معنى للزوم إلا هذا.

لأصالة عدم ثبوت هذا الحق بعد زوال السلطنة الأولية بالإفراز المقرون بالتراضي.

لعدم جريان الإقالة في غير البيع.

لعموم أدلة البيع و الصلح الشامل للمقام أيضا.

لعموم أدلة الشرط الشامل لهذا بعد عدم كونه مخالفا للكتاب و السنة.

(مسألة ۲۲): لا تشرع القسمة في الديون المشتركة (۸۳) فإذا كان‏ لزيد و عمرو معا ديون على الناس بسبب يوجب الشركة كالإرث فأرادا تقسيمها قبل استيفائها فعدلا بين الديون و جعلا ما على الحاضر مثلا لأحدهما و ما على البادي لأحدهما لم يفرز بل تبقى إشاعتها فكل ما حصل كل منهما يكون لهما و كل ما يبقى على الناس يكون بينهما (۸٤). نعم، لو اشتركا في دين على أحد و استوفى أحدهما حصته بأن قصد كل من الدائن و المديون أن يكون ما يأخذه وفاء و أداء لحصته من الدين المشترك الظاهر تعينه له و بقاء حصة الشريك في ذمة المديون (۸٥).

لما يأتي من النص، و لأصالة عدم تعيين ما أخذه أحدهما للآخذ، و أصالة بقائه على ملك الدافع لأن المشترك بينهما كلي ضرورة تلازم ملك كل منهما بالقبض على ملك الآخر، فليس لكل منهما نصف مستقل عن الآخر حتى يتعين له بقبضه فقط.

هذا مضافا إلى ظهور الإجماع إلا من ابن إدريس، و صحيح ابن خالد قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجلين كان لهما مال بأيديهما و منه متفرق عنهما فاقتسما بالسوية ما كان في أيديهما و ما كان غائبا عنهما فهلك نصيب أحدهما مما كان غائبا و استوفى الآخر، عليه أن يرد على صاحبه؟ قال عليه السّلام: نعم ما يذهب‏  بماله»۱۸، و موثق ابن سنان عنه عليه السّلام أيضا: «عن رجلين بينهما مال منه دين و منه عين، فاقتسما العين و الدين فتوى الذي كان لأحدهما من الدين أو بعضه و خرج الذي للآخر أ يرد على صاحبه؟ قال عليه السّلام: نعم ما يذهب بماله»۱۹، و مثله غيره، و عن ابن إدريس الاستدلال على مدعاه بأنه يجوز إبراز أحد الشريكين أو هبته لحصته فيجزي قبضة أيضا، و أما الأخبار فهي أخبار آحاد لا اعتبار بها.

و فيه: ان الأول قياس لا اعتبار به، و الأخبار بين صحيح و موثق فلا وجه لردها.

كما هو مورد النصوص المتقدمة و مورد كلمات الفقهاء.

لانصراف النصوص السابقة عنه و كون المتيقن من الإجماع غيره، و لا ريب فيه إن كان ذلك بنحو التصالح، و أما مع عدمه فمقتضى إطلاق ما مر من النصوص عدم تحقق القسمة فيه أيضا.

(مسألة ۲۳): لو ادعى أحد الشريكين الغلط في القسمة أو عدم التعديل فيها و أنكر الآخر لا تسمع دعواه إلا بالبينة (۸٦)، فإن أقامها على‏ دعواه نقضت القسمة و احتاج إلى قسمة جديدة (۸۷)، و إن لم يكن بينة كان له إحلاف الشريك (۸۸).

لأصالة عدم ترتب الأثر إلا بثبوته شرعا، و هو منحصر في المقام ببينة المدعي أو يمين المنكر.

لكشف البينة عن عدم تحقق القسمة حقيقة لأن فائدتها تمييز الحق و ثبت بالبينة عدم حصوله.

لانحصار قطع النزاع في إقامة البينة أو الحلف، و مع عدم الأولى تتعين الثانية كما في جميع موارد تحقق المدعي و المنكر هذا إذا كانت القسمة بنظر الشريكين و كانا مباشرا لها، و أما إن كانت القسمة بتعيين حاكم الشرع قاسما معينا ففي ادعاء الغلط على القاسم يرجع إلى الحاكم الشرعي المعين له.

(مسألة ۲٤): إذا قسم الشريكان فصار في حصة هذا بيت و في حصة الآخر بيت آخر، و قد كان يجري ماء أحدهما على الآخر لم يكن للثاني منعه إلا إذا اشترطا حين القسمة رد الماء عنه، و مثل ذلك لو كان مسلك البيت الواقع لأحدهما في نصيب الآخر من الدار (۸۹).

كل ذلك لأن القسمة مبنية على عدم الضرر بالنسبة إلى أحد الشركاء فيما اقتسم و معه تبطل القسمة إلا إذا رضي بالضرر و أقدم عليه باختياره فتصح القسمة حينئذ، و سيأتي في كتاب أحياء الموات بعض الكلام إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۲٥): لا يجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم (۹۰) إلا إذا وقع تشاح بينهم مؤديا إلى خرابه لا يرتفع غائلته إلا بالقسمة (۹۱). نعم، يصح قسمة الوقف عن الطلق (۹۲) بأن كان ملك واحد نصفه. المشاع وقفا و نصفه ملكا، بل الظاهر جواز قسمة وقف عن وقف (۹۳)، و هو فيما إذا كان ملك بين اثنين فوقف أحدهما حصته على ذريته مثلا و الآخر حصته على ذريته فيجوز افراز أحدهما عن الآخر بالقسمة، و المتصدي لذلك الموجودون من الموقوف عليهم و ولى البطون اللاحقة (۹٤).

لأن الحق ليس بمنحصر في المتقاسمين و لا ولاية للمتولي لذلك للأصل بعد عدم دليل على ثبوتها، مضافا إلى ظهور إجماعهم على عدم الجواز.

لدوران الأمر بين زوال أصل عنوان الوقف أو بقائه في الجملة و تقسيمه، و الثاني أولى عرفا و شرعا بلا إشكال فيجوز قسمة الوقف في كل مورد يجوز بيعه مع انحصار التخلص في القسمة.

أرسله في الجواهر إرسال المسلمات لإطلاق أدلة القسمة من غير ما يصلح للمنع، بل قال بصحتها و لو كانت مستلزمة للرد؛ و الوجه إطلاق أدلة القسمة بعد عدم محذور في البين.

لوجود المقتضى- و هو ثبوت الحق و الشركة، و إطلاق أدلة القسمة- و فقد المانع عنها من نص أو إجماع أو نحو ذلك، فلا بد من الصحة.

لأصالة عدم ثبوت الولاية لهذه القسمة لغيرهم و مع التشاح و التنازع لا بد من مراجعة الحاكم الشرعي.

(مسألة ۲٦): لو تحققت القسمة بين الشركاء ثمَّ ظهر شريك آخر و كانت شركته بنحو الإشاعة تبطل القسمة (۹٥)، و لو ظهر بعد القسمة كون بعض المقسوم مستحقا للغير و كان معينا في حصة أحد الشريكين بطلت القسمة (۹٦)، و لو كان ذلك مشاعا في حصص الشركاء بالسوية تصح القسمة (۹۷)، و لو قسّم الورثة تركة مورثهم ثمَّ ظهر على الميت دين فإن أدوا الدين من غير الإرث تصح القسمة (۹۸)، و إلا فيباع من التركة ما يفي بالدين (۹۹).

لكشف ذلك عن عدم تحقق التعديل في السهام على ما هي عليها في الواقع.

لعدم تحقق التعديل فلا وجه للصحة.

لتحقق التعديل حينئذ.

لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها.

لانحصار طريق تفريغ ذمة الميت بذلك بعد كون الشركة متعلق حق‏ الديان في الجملة.

(مسألة ۲۷): تجري الفضولية في القسمة بأن يقسم مال الشركاء شخص أجنبي فأجازوا قسمته (۱۰۰).

لشمول دليل القسمة لهذه أيضا بعد الإجازة.

(مسألة ۲۸): لو نهى الوالد أولاده عن قسمة أموالهم و خالفوا و قسموا المال ففي بطلان القسمة وجهان؟ (۱۰۱).

من كون القسمة من مظاهر نهي الوالد فلا تصح، و من أن النهي إنما هي تكليفي محض فتصح و ان أثموا بالمخالفة، فلا يترك الاحتياط بالاسترضاء و لو بعد القسمة.

(مسألة ۲۹): تبقى الشركة بين أربابها ما لم يقسم المال و لو كان عدم التقسيم لأجل مانع من الخوف من الظالم أو نحوه (۱۰۲)، و لو أجبر الظالم الشركاء على القسمة فاقتسموا بينهم فمع تحقق طيب النفس بها تصح (۱۰۳)، و مع عدمه تبقى الشركة بحالها (۱۰٤).

لأصالة بقاء الشركة ما لم تتحقق القسمة.

لوجود المقتضى و فقد المانع.

للأصل فلا تترتب أقسام القسمة على مثل هذا التقسيم.

(مسألة ۳۰): تجري القسمة في مثل المكائن و السيارات و نحوها لو كانت متعددة (۱۰٥)، و أما لو انفردت و كانت مشتركة بين اثنين أو أكثر فتنحصر القسمة بالمهاياة حينئذ (۱۰٦).

لوجود المقتضى و فقد المانع و هي إما تعديل أو غيرها.

لعدم جريان سائر أقسام القسمة فيها كما هو واضح.

  1. هذه التكملة- لكتاب الشركة- من إضافات سيدنا الوالد قدس السّرة.
  2. سورة النساء: ۸.
  3. سورة القمر: ۲۸.
  4. الوسائل باب: ۳ من أبواب الشفعة: ٦ ج: ۱۷.
  5. و هي قوله تعالى‏\i« وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ»\E سوره آل عمران: 44.
  6. كما في قوله تعالى‏\i فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ‏\E سورة الصافات: ۱4۱.
  7. راجع سنن ابن ماجه باب: ۲۰ من كتاب الأحكام.
  8. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب كيفية الحكم ۱۱.
  9. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب كيفية الحكم ٦.
  10. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب كيفية الحكم ۱.
  11. راجع الوسائل باب: ۱۳ من أبواب كيفية الحكم: ۱۹.
  12. سورة النساء: ۲۹.
  13. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب المهور حديث: 4.
  14. الوسائل باب: ٦ من أبواب أحكام الشركة: ۱.
  15. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب كيفية الحكم: ۱۳ و ٥ و ۱۱.
  16. الوسائل باب: ۱۳ من أبواب كيفية الحكم: ۱۳ و ٥ و ۱۱.
  17. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب كيفية الحكم: ۱.
  18. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب الدين و القرض.
  19. الوسائل باب: ٦ من أبواب الشركة: ۲.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"