بالأدلة الثلاثة: فمن الكتاب قوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ۱ و من النصوص المتواترة التي يأتي بعضها. و من الإجماع، إجماع المسلمين، بل المتعارف في جميع الملل و الأديان الذين يعتقدون بالصدقة، فإنّهم لا يصرفون صدقاتهم إلا في مثل هذه الموارد الثمانية فتصح دعوى إجماع العقلاء و التمسك بالأدلة الأربعة. و عدّها سبعة مبنيّ على اتحاد الفقير و المسكين و يأتي تعدّدهما فلا وجه له.
و مصارفها ثمانية (۱): الأول و الثاني: الفقير و المسكين، و الثاني أسوأ حالا من الأول (۲) و الفقير الشرعي من لا يملك مئونة السنة له و لعياله (۳)، و الغنيّ الشرعيّ بخلافه. فمن كان عنده ضيعة أو عقار أو مواش أو نحو ذلك، تقوم بكفايته و كفاية عياله في طول السنة، لا يجوز له أخذ الزكاة (٤)، و كذا إذا كان له رأس مال يقوم ربحه بمؤنته، أو كان له من النقد أو الجنس ما يكفيه و عياله، و إن كان لسنة واحدة (٥)، و أما إذا كان أقلّ من مقدار كفاية سنته يجوز له أخذها (٦)، و على هذا فلو كان عنده بمقدار الكفاية و نقص عنه- بعد صرف بعضه في أثناء السنة- يجوز له الأخذ، و لا يلزم أن يصبر إلى آخر السنة حتى يتم ما عنده (۷)، ففي كل وقت ليس عنده مقدار الكفاية المذكورة يجوز له الأخذ. و كذا لا يجوز لمن كان ذا صنعة أو كسب يحصل منهما مقدار مئونته (۸) و الأحوط عدم أخذ القادر على الاكتساب إذا لم يفعل تكاسلا (۹).
على المشهور، و عن الصادق (عليه السلام) في الصحيح: «الفقير الذي لا يسأل الناس، و المسكين أجهد منه، و البائس أجهدهم»۲، و عن أحدهما (عليهما السلام) في الصحيح: «أنّه سأله عن الفقير و المسكين فقال (عليه السلام): «الفقير الذي لا يسأل، و المسكين الذي هو أجهد منه الذي يسأل»۳. فالفرق بين الفقير و المسكين بالشدة و الضعف، فكما أنّ للغنى مراتب متفاوتة للفقر أيضا كذلك و الجامع بين الفقر و المسكنة الاحتياج العرفي، و هو يختلف باختلاف الأشخاص و الأزمان و الحالات و الحوادث، فلا يمكن ضبط الاحتياج بحدّ معيّن إلا بنحو الإهمال و الإجمال. و المشهور، بل حكي الاتفاق على تعددهما مع الاجتماع و اتحادهما مع الافتراق.
و ما نسب إلى جمع من الفقهاء و اللغويين من أنّ الفقير أسوء من المسكين لا دليل لهم يصح الاعتماد عليه في مقابل الصحيحين، مع أنّه لا ثمرة للبحث عن تعددهما، و اختلافهما، أو كون الفقير أسوء من المسكين، أو العكس في المقام إلا على احتمال وجوب البسط و يأتي في (فصل في بقية أحكام الزكاة) في المسألة الثانية عدم وجوب البسط فراجع. نعم، لو وقع أحدهما، أو كلاهما في مورد الوقف، أو الوصية، أو النذر، فيصح فرض الثمرة حينئذ، و قد ذكر الأقوال الطريحي في مجمع البحرين من شاء فليرجع إليه، مع أنّه لا طائل في نقلها و مراجعتها.
للنص، و الإجماع، و المعروف بين المتشرعة، بل متعارف الناس، لأنّ المؤنات إنّما تلحظ بالنسبة إلى السنة عندهم خصوصا في الأزمنة القديمة، فليس لها معنى شرعيا تعبديا، بل قرر الشارع معناها العرفي المتعارف بين الناس، و عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في صحيح ابن إسماعيل: «عن السائل و عنده قوت يوم، أ يحلّ له أن يسأل؟ و إن أعطى شيئا أ له أن يقبل؟ قال (عليه السلام): يأخذ- و عنده قوت شهر- ما يكفيه لسنة من الزكاة، لأنّها إنّما هي من سنة إلى سنة»4.
و عن المقنعة في مرسل ابن عمار: «سمعت الصادق (عليه السلام) يقول:
«تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة، و تجب الفطرة على من عنده قوت السنة»٥.
و أما قوله (عليه السلام) في صحيح زرارة: «لا تحل لمن كانت عنده أربعون درهما، يحول عليها الحول عنده أن يأخذها. و إن أخذها أخذها حراما»٦ فالمتفاهم منه عرفا أنّ من عنده قوت السنة و زيادة أربعين درهما يحول عليه الحول لا يجوز له أخذ الزكاة، و يكون ذكر الأربعين من باب المثال لا الخصوصية، و إلا فلو كانت الزيادة عشرة دراهم أو أقلّ لا يحلّ له أخذ الزكاة أيضا.
للإجماع، و النص، ففي موثقة سماعة: «عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار و الخادم؟ فقال (عليه السلام): نعم، إلا أن تكون داره دار غلة فخرج له من غلتها دراهم ما يكفيه لنفسه و عياله. فإن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه و عياله- في طعامهم و كسوتهم و حاجتهم- من غير إسراف، فقد حلّت له الزكاة. فإن كانت غلّتها تكفيهم فلا»۷، فمئونة السنة أعمّ مما كانت بالفعل، أو بالقوة و الاستعداد و الغالب عند متعارف الناس الأخير خصوصا في الأزمنة القديمة.
لقول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في موثق سماعة: «قد تحلّ الزكاة لصاحب السبعمائة، و تحرم على صاحب الخمسين درهما. فقلت له: و كيف يكون هذا؟ قال (عليه السلام): إذا كان صاحب السبعمائة له عيال كثير فلو قسّمها بينهم لم تكفه، فليعف عنها نفسه، و ليأخذها لعياله. و أما صاحب الخمسين، فإنّه يحرم عليه إذا كان وحده، و هو محترف يعمل بها، و هو يصيب منها ما يكفيه إن شاء اللَّه»۸ هذا مضافا إلى الإجماع و المناط كلّه صدق وجدان مئونة السنة فعلا أو قوّة.
لأنّه يصدق حينئذ عدم تمكنه من مئونة السنة.
أما جواز الأخذ، فلوجود المقتضي و هو الفقر، إذ يصدق عليه فعلا أنّه ليس واجدا لمؤنة السنة.
نصّا، و إجماعا قال أبو جعفر في الصحيح: «إنّ الصدقة لا تحل لمحترف، و لا لذي مرّة سويّ قويّ، فتنزهوا عنها»۹، و عنه (عليه السلام) أيضا: «قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): لا تحل الصدقة لغنيّ، و لا لذي مرّة سويّ، و لا لمحترف و لا لقويّ. قلنا: ما معنى هذا؟ قال (عليه السلام): لا يحل له أن يأخذها و هو يقدر أن يكف نفسه عنها»۱۰ إلى غير ذلك من الأخبار مع أنّه غنيّ أيضا، لأنّه أعمّ من الفعل و القوة.
التكاسل على قسمين:
الأول: ما إذا كان مع القدرة الفعلية على الحرفة، و وجود المقتضي لها و فقد المانع عنها بحيث لو اشتغل فعلا أخذ ما يكفيه، و الظاهر عدم صدق الفقير بالنسبة إليه عرفا، بل و لا شرعا أيضا، و لو أعطي من الزكاة يعطي من سهم سبيل اللَّه إن انطبق عليه، دون سهم الفقراء لعدم الموضوع له كما هو المفروض.
الثاني: ما إذا تكاسل عن الحرفة في أوان حرفته و صار لذلك فقيرا و لا يقدر على الاحتراف فعلا كما إذا كان شغله منحصرا بالشتاء أو الصيف فلم يشتغل تكاسلا، فالظاهر صدق الفقير عليه حينئذ و يأتي في [مسألة ۷] ما يرتبط بالمقام.
(مسألة ۱): لو كان له رأس مال لا يقوم ربحه بمؤنته، لكن عينه تكفيه، لا يجب عليه صرفها في مئونته (۱۰)، بل يجوز له إبقاؤه للاتجار به و أخذ البقية من الزكاة و كذا لو كان صاحب صنعة تقوم آلاتها، أو صاحب ضيعة تقوم قيمتها بمؤنته و لكن لا يكفيه الحاصل منهما لا يجب عليه بيعها و صرف العوض في المؤنة، بل يبقيها و يأخذ من الزكاة بقيمة المؤنة (1۱).
الأقسام أربعة:
الأول: ما إذا كان الربح كافيا لمؤنته و لا إشكال في عدم جواز أخذ الزكاة و جواز بقاء رأس المال له، بل قد يجب إن وقع مع صرف بعضه في خلاف عزته الإيمانية و شرفه.
الثاني: عدم كفاية رأس المال و الربح معا بالمؤنة، و لا إشكال في جواز أخذه من الزكاة و من سائر الصدقات، لكونه فقيرا بلا إشكال.
الثالث: كفاية الربح و رأس المال معا للمؤنة.
الرابع: كفاية رأس المال فقط لها، و مقتضى سيرة المتشرعة، بل العقلاء كون القسمين الأخيرين من الفقير الذي يجوز له أخذ الزكاة و سائر الصدقات، لأنّهم يهتمون بحفظ رأس المال اهتماما كثيرا، و لو وجدوا فيه خللا يرون ذلك نقصا و يتداركونه بأيّ وجه أمكنهم ذلك، و مقتضى سهولة الشريعة المقدسة، و سماحته و نهاية رأفته بأمته ذلك أيضا، و كذا الكلام في الدار و العقار، و الأثاث، و آلات الكسب و الصنعة و نحو ذلك و هو المشهور بين الفقهاء أيضا، و يدل عليه جملة من الأخبار.
منها: موثق سماعة عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «سألته عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار و الخادم؟ فقال (عليه السلام): نعم، إلا أن تكون داره دار غلة، فيخرج من غلتها دراهم ما يكفيه لنفسه و عياله، فإن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه و لعياله في طعامهم و كسوتهم و حاجاتهم من غير إسراف فقد حلّت له الزكاة فإن كانت غلتها تكفيهم فلا»۱۱.
و منها: خبر أبي بصير عنه (عليه السلام) أيضا: «رجل له ثمانمائة درهم و هو رجل خفاف، و له عيال كثير، أ له أن يأخذ من الزكاة؟ فقال (عليه السلام): يا أبا محمد أ يربح في دراهمه ما يقوت به عياله و يفضل؟ قال: نعم، قال (عليه السلام):
كم يفضل؟ قال: لا أدري، قال (عليه السلام): إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت، فلا يأخذ الزكاة، و إن كان أقل من نصف القوت أخذ الزكاة، قلت فعليه في ماله زكاة تلزمه؟ قال: بلى قلت: كيف يصنع؟ قال (عليه السلام): يوسع بها على عياله في طعامهم و كسوتهم و يبقي منها شيئا يناوله غيرهم، و ما أخذ من الزكاة فضه على عيالهم حتى يلحقهم بالناس»۱۲ و لعل اعتبار زيادة النصف من القوت لأجل المصارف الاتفاقية غير المترقبة التي تكون مبتلى بها عامة الناس، و ربما يكون أزيد من النصف و لا تعدّ من مصارف القوت عرفا، و يمكن أن يراد بالزكاة عليه زكاة مال التجارة التي لا بأس بصرف بعضها في التوسعة للعيال و إيصال بعضها الآخر إلى غيرهم، فلا مخالفة في الحديث لشيء من القواعد العامة المستفادة من الأدلة.
و منها: خبر إسماعيل بن عبد العزيز عن أبيه قال: «دخلت أنا و أبو بصير على أبي عبد اللَّه (عليه السلام) فقال له أبو بصير: إنّ لنا صديقا و هو رجل صدوق يدين اللَّه بما تدين به فقال (عليه السلام): من هذا يا أبا محمد الذي تزكيه؟!! فقال:
العباس بن وليد بن صبيح، فقال (عليه السلام): رحم اللَّه الوليد بن صبيح ما له يا أبا محمد؟ قال جعلت فداك: له دار تسوى أربعة آلاف درهم، و له جارية، و له غلام يستقي على الجمل كل يوم ما بين الدرهمين إلى الأربعة سوى علف الجمل، و له عيال، أ له أن يأخذ من الزكاة؟ قال (عليه السلام): نعم، و قال: و له هذه العروض؟! فقال: يا أبا محمد فتأمرني أن آمره ببيع داره و هي عزه و مسقط رأسه، أو يبيع خادمه الذي يقيه الحرّ و البرد و يصون وجهه و وجه عياله؟ أو آمره أن يبيع غلامه و جمله و هو معيشته و قوته؟ بل يأخذ الزكاة فهي له حلال و لا يبيع داره و لا غلامه و لا جمله»۱۳ و ظهور مثل هذه الأخبار في الاحتفاظ بما يحتاج إليه و عدم صرفه في المؤنة مما لا ينكر، فكل ما يحتاج إليه الشخص بحسب شأنه سواء كان ذلك رأس المال أم غيره يستثنى و يلاحظ الفقر بعده، فإن كان فقيرا بعد استثناء ما يحتاج إليه يعطى من الزكاة تماما، أو إتماما، و إلا فلا.
لما مرّ من الأخبار الشاملة لجميع ذلك كله.
(مسألة ۲): يجوز أن يعطى الفقير أزيد من مقدار مئونة سنته دفعة (1۲) فلا يلزم الاقتصار على مقدار مئونة سنة واحدة و كذا في الكاسب الذي لا يفي كسبه مئونة سنته، أو صاحب الضيعة التي لا يفي حاصلها أو التاجر الذي لا يفي ربح تجارته بمؤنة سنته و لا يلزم الاقتصار على إعطاء التتمة، بل يجوز دفع ما يكفيه لسنين بل يجوز جعله غنيا عرفيا (۱۳).و إن كان الأحوط الاقتصار (۱٤). نعم، لو أعطاه دفعات لا يجوز- بعد أن حصل عنده مئونة السنة- أن يعطى شيئا و لو قليلا ما دام كذلك (۱٥).
على المشهور المدعي عليه الإجماع. و استدل عليه- مضافا إلى الإطلاقات، و سهولة الشريعة، و كثرة الاهتمام بشأن فقراء الأمة- بجملة من النصوص:
منها: موثق عمار عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «كم يعطى الرجل من الزكاة؟ قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إذا أعطيت فأغنه»۱4.
و خبر ابن بشار عن أبي الحسن (عليه السلام): «ما حدّ المؤمن الذي يعطى الزكاة؟ قال (عليه السلام): يعطى المؤمن ثلاثة آلاف ثمَّ قال و عشرة آلاف، و يعطى الفاجر بقدر، لأنّ المؤمن ينفقها في طاعة اللَّه تعالى، و الفاجر في معصية اللَّه تعالى»۱٥.
و في خبر ابن غزوان عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) قال: «سألته كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة؟ قال (عليه السلام): أعطه من الزكاة حتى تغنيه»۱٦.
و في صحيح أبي بصير: «فليعطه ما يأكل و يشرب، و يكتسي، و يتزوج و يتصدّق، و يحج»۱۷ إلى غير ذلك من الأخبار.
و نوقش في الجميع: أما الإجماع، فلعدم ثبوته، و على فرضه فمدركه الأخبار، فلا وجه لعدّه دليلا مستقلا.
و أما الإطلاقات، فليست في مقام البيان من هذه الجهة (و فيه): أنّ ظاهر الإطلاق أن يكون في مقام البيان مطلقا إلا مع القرينة على الخلاف.
و أما نصوص الإغناء، فلصحة دعوى: أنّ المراد الإغناء الشرعي. (و فيه):
أنّ المنساق من الغنى في المحاورات الغنى العرفي إلا مع القرينة على الخلاف و لا قرينة كذلك في المقام. نعم، للغنى العرفي مراتب متفاوتة يشكل شمول الإطلاق لبعض مراتبه، فالمرجع حينئذ أصالة عدم الولاية و عدم فراغ الذمة.
و أما خبر بشار فهو في مقام بيان حكم آخر. (و فيه) أنه خلاف ظاهر إطلاق صدره، و ذيله علة للحكم المطلق في الصدر.
و أما صحيح أبي بصير يمكن أن يكون من سهم سبيل اللَّه لا الفقراء (و فيه) أنّه خلاف إطلاقه.
و أما مرسل ابن الحجاج عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام)- في حديث- «إنّ الناس إنّما يعطون من السنة إلى السنة، فللرجل أن يأخذ ما يكفيه و يكفي عياله من السنة إلى السنة»۱۸، فمضافا إلى قصور سنده يمكن حمله على مطلق الأفضلية، لأنّ التنزه عن الصدقات في غير الضروريات راجح مطلقا و هذه قرينة محفوفة بالأخبار و كلمات الفقهاء، فيسقط ظهورها في الحرمة لو فرض ظهورها فيها.
لما تقدم من الأدلة، و لكن تقدم أنّ للغنى العرفي مراتب متفاوتة يشكل شمول الأدلة لبعض مراتبها خصوصا مع وجود المستحقين و كثرتهم. و أما خبر ابن حمزة عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) فيمن له بضاعة و له عيال: «فلينظر ما يفضل منها، فيأكله هو و من يسعه ذلك، و ليأخذ لمن لم يسعه من عياله»۱۹ و في صحيح ابن وهب: «بل ينظر إلى فضلها، فيقوت بها نفسه و من وسعه ذلك من عياله، و يأخذ البقية من الزكاة، و يتصرّف بهذه لا ينفقها»۲۰ فلا ظهور لهما في عدم جواز أخذ الأزيد عن مئونة السنة و إن لم يخل عن الإشعار به و يمكن حملها على مطلق المرجوحية بقرينة ما مرّ من الأخبار.
لاحتمال أن يكون المراد من الغنى الشرعي منه فقط خصوصا في بعض مراتب الغنى سيّما مع كثرة ذوي الحاجات.
لخروجه عن الفقر بذلك، فلا يبقى موضوع للزكاة أخذا و إعطاء.
(مسألة ۳): دار السكنى، و الخادم، و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله- و لو لعزّة و شرفه- لا يمنع من إعطاء الزكاة و أخذها (۱٦)، بل و لو كانت متعدّدة مع الحاجة إليها، و كذا الثياب و الألبسة الصيفية و الشتوية السفرية و الحضرية و لو كانت للتجمل، و أثاث البيت، من الفرش، و الظروف و سائر ما يحتاج إليه، فلا يجب بيعها في المؤنة (۱۷)، بل لو كان فاقدا لها مع الحاجة جاز أخذ الزكاة لشرائها (۱۸). و كذا يجوز أخذها لشراء الدار، و الخادم، و فرس الركوب و الكتب العلمية و نحوها، مع الحاجة إليها. نعم، لو كان عنده من المذكورات أو بعضها أزيد من مقدار حاجته- بحسب حاله- وجب صرفه في المؤنة (۱۹)، بل إذا كانت عنده دار تزيد عن حاجته، و أمكنه بيع المقدار الزائد منها عن حاجته، وجب بيعه (۲۰)، بل لو كانت له دار تندفع حاجته بأقلّ منها قيمة، فالأحوط بيعها و شراء الأدون و كذا في العبد، و الجارية، و الفرس (۲۱).
إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها، كخبر أبي بصير و غيره.
إجماعا، و نصّا تقدم بعضها في الأخبار السابقة فراجع.
لكونه محتاجا. و فقيرا بالنسبة إليها، فيشمله إطلاق ما دل على أنّ الزكاة للفقراء و ذوي الحاجات، و كذا الكلام فيما بعده مع الحاجة و الفقر بالنسبة إليها.
يعني: لا يجوز إعطاؤها له، لأنّه ليس بفقير، و أما وجوب البيع فلا دليل عليه و مقتضى الأصل عدمه إلا إذا عرض عنوان خارجيّ يوجبه.
لا يجوز له أخذ الزكاة، و أما وجوب البيع، فلا دليل عليه، بل الأصل ينفيه إلا لسبب خارجيّ يوجبه.
مقتضى إطلاق ما تقدم من خبر أبي بصير، و إطلاق الكلمات عدم وجوب هذا الاحتياط إلا إذا كانت الزيادة خلاف المتعارف النوعي بالنسبة إليه، أو يعد من الإسراف عند المتشرعة.
(مسألة ٤): إذا كان يقدر على التكسب لكن ينافي شأنه كما لو كان قادرا على الاحتطاب و الاحتشاش الغير اللائقين بحاله، يجوز له أخذ الزكاة. و كذا إذا كان عسرا و مشقة- من جهة كبر أو مرض، أو ضعف- فلا يجب عليه التكسب حينئذ (۲۲).
للأصل، و ظهور الإجماع، و إطلاق ما تقدم من مثل خبر أبي بصير و سهولة الشريعة و رأفته بأمته.
(مسألة ٥): إذا كان صاحب حرفة و صنعة، و لكن لا يمكنه الاشتغال بها، من جهة فقد الآلات، أو عدم الطالب جاز له أخذ الزكاة (۲۳).
لأنّه فقير و محتاج فعلا، فتشمله أدلة تشريع الزكاة للفقراء و ذوي الحاجات، و لكن الأفضل أن يؤخذ له آلات الكسب من سهم سبيل اللَّه و يشتغل بالحرفة إن أمكن.
(مسألة ٦): إذا لم يكن له حرفة و لكن يمكنه تعلّمها من غير مشقة (۲٤)، ففي وجوب التعلّم، و حرمة أخذ الزكاة بتركه إشكال. و الأحوط التعلم، و ترك الأخذ بعده. نعم، ما دام مشتغلا بالتعلّم لا مانع من أخذها (۲٥).
التمكن من إمرار المعاش تارة سهل يسير عرفا من دون مشقة عرفية و لا تسبيب أسباب خاصة، فلا يجوز أخذ الزكاة حينئذ، لعدم صدق الفقير عليه، بل يلام عند العرف إن تناول من الصدقات. و أخرى: يتوقف على تسبيب أسباب بعيدة و تحمل مشقات كثيرة و الظاهر جواز أخذها له، لأنّه فقير فعلا، فتشمله الأدلة قهرا.
و ثالثة يشك في أنّه من أيّهما، و مقتضى الأصل عدم تفريغ ذمة المالك بإعطائها له إن لم يكن أصل موضوعيّ في البين، و يأتي التعرض له في المتن، هذا.
و أما البحث عن وجوب التعلم و عدمه، فلا ربط له بالمقام، بل لا بد و أن يبحث عنه في بحث أقسام التكسب من المكاسب، و أحكام النفقات من كتاب النكاح، و مقتضى الأصل في المقام عدم الوجوب و لو تعنون عنوان آخر عليه يمكن أن يصير واجبا بذاك العنوان.
الظاهر اختلاف ذلك باختلاف طول المدة و قصرها، و إمكان إمرار المعاش بنحو آخر و عدمه، و المناط التمكن العرفي من إمرار المعاش و عدمه، فلا يجوز الأخذ في الأول بخلاف الثاني و مع الشك فمقتضى الأصل عدم فراغ ذمة المالك إن لم يكن أصل موضوعيّ في البين كما مرّ و يأتي، و هل يشمل التمكن القدرة على الاستدانة مع القدرة على الأداء بعد الفراغ عن التعلم؟ الظاهر ذلك مع قصر مدة التعلم.
(مسألة ۷): من لا يتمكن من التكسب طول السنة إلا في مقدار يوم أو أسبوع مثلا، و لكن يحصل له في ذلك اليوم أو الأسبوع مقدار مئونة السنة، فتركه و بقي طول السنة لا يقدر على الاكتساب، لا يبعد جواز أخذه (۲٦) و إن قلنا إنّه عاص بالترك (۲۷) في ذلك اليوم أو الأسبوع، لصدق الفقير عليه حينئذ.
إذ يصدق عليه أنّه محتاج و لا يقدر أن يكف نفسه.
إن كان تركه للتكسب لأجل تفويت حق الفقراء و التضييق عليهم و نحو ذلك من الأغراض الفاسدة الموصلة إلى الحرام، فللعصيان وجه، و إلا فلا يعلم وجه صحيح له، بل مقتضى الأصل عدمه.
(مسألة ۸): لو اشتغل القادر على الكسب بطلب العلم المانع عنه يجوز له أخذ الزكاة، إذا كان مما يجب تعلّمه عينا أو كفاية، و كذا إذا كان مما يستحب تعلمه، كالتفقه في الدّين اجتهادا أو تقليدا (۲۸). و إن كان مما لا يجب و لا يستحب- كالفلسفة، و النجوم، و الرياضيات، و العروض، و العلوم الأدبية لمن لا يريد التفقه في الدّين- فلا يجوز أخذه (۲۹).
لأنّ المراد بالقدرة على التكسب المانعة عن أخذ الزكاة ما إذا لم يكن صرفها في غيره أهم عند الشارع و لا ريب في أنّ القدرة فيما ذكر أهمّ شرعا، مع جريان السيرة على ارتزاق محصلي العلوم الدّينية من الزكاة و نحوها، و كذا غيرهم ممن تصرف قدرته في الإرشاد، و الوعظ، و إمامة الجماعة و نحوها من الأمور الحسبية التي تحتاج إليها الأمة.
لإطلاق قوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «إنّ الصدقة لا تحلّ لمحترف، و لا لذي مرّة سويّ»۲۱. نعم، لو فرض ترتب فرض راجح شرعيّ عليه يجوز له الأخذ حينئذ. و يأتي في [مسألة ۳۸] من الختام ما ينفع المقام. ثمَّ إنّ المشتغل بالعلوم الدينية تارة: يشتغل بها خالصا للَّه تعالى و لا ريب في جواز أخذه منها بل هو أهمّ مصارفها و أفضلها. و أخرى: يشك في قصده. و ثالثة: يكون قصده لمجرّد تكميل النفس فقط. و رابعة: يكون لمجرّد إمرار المعاش فقط، و تحصيل وسيلة له. و خامسة: لأجل المجادلة، و المماراة، و الرياء، و يجوز الأخذ في غير الأخير، لأنّ الاهتمام بحفظ الصورة يكون كالاهتمام بالواقع، بل قد يكون أشدّ منه. و أما الأخير، فيأتي حكمه في [مسألة ۳٥] من الختام.
(مسألة ۹): لو شك في أنّ ما بيده كاف لمؤنة سنته أم لا، فمع سبق وجود ما به الكفاية لا يجوز الأخذ، و مع سبق العدم و حدوث ما يشك في كفايته يجوز، عملا بالأصل في الصورتين (۳۰).
بلا فرق في الصورة الأولى بين كون منشأ الشك تلف بعض ما عنده و تجديد مئونة له، أو زيادة عيال عليه أو نحو ذلك، كما لا فرق في الصورة الأخيرة بين كونه منشأه حدوث ملك له، أو قلة عيال، أو نحو ذلك. هذا مع إحراز الحالة. و أما مع عدم إحرازها، فلا بد من التفحص للمعطي و الآخذ حتى يتبيّن الحال، و مع استقرار الشك و عدم تبين الحال، فمقتضى قاعدة الاشتغال بالنسبة إلى المعطي عدم فراغ ذمته بالإعطاء، كما أنّ مقتضى الشك في الشرط و هو الفقر عدم جواز الأخذ أيضا.
(مسألة ۱۰): المدعي للفقر إن عرف صدقه أو كذبه عومل به (۳۱) و إن جهل الأمران، فمع سبق فقره يعطى من غير يمين (۳۲)، و مع سبق الغني، أو الجهل بالحالة السابقة، فالأحوط عدم الإعطاء (۳۳)، إلا مع الظن بالصدق. خصوصا في الصورة الأولى (۳٤).
سواء كانت المعرفة بالعلم الوجداني، أم الاطمئنان المعتبر، أم البينة الشرعية، أم القرائن المعتبرة.
للاستصحاب الذي يكون معتبرا شرعا، بل و عرفا أيضا، و معه لا وجه لليمين إلا إذا كان تخاصم في البين.
المشهور بين الأصحاب تصديق دعوى الفقر بلا بينة و لا يمين و عن المحقق، و العلامة أنّه موضع الوفاق، للسيرة القطعية خلفا عن سلف على قبول قول الشخص فيما لا يقبل إلا من قبله- كالغنى، و الفقر، و الصحة، و المرض، و نحوها- و عدم ورود ردع عن هذه السيرة في خبر من الأخبار، مع عموم الابتلاء في جميع الأزمان و الأمصار، مضافا إلى عسر إقامة البينة خصوصا بالنسبة إلى النفوس الآبية الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، و لأنّ التكليف بإقامة البينة نحو إذلال للمسلم، و هو مما لا يرضى به الشارع الأقدس، و لأصالتي عدم المال، و الصحة في المقام، و بما ورد فيما يهدى، أو ينذر للكعبة من أنّه ينادى على الحجر: «ألا من قصرت به نفقته أو قطع به، أو نفذ طعامه فليأت فلان ابن فلان فيعطى الأول، فالأول حتى ينفذ»۲۲.
و بما ورد عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في خبر ابن العرزمي: «قال (عليه السلام): جاء رجل إلى الحسن (عليه السلام) و الحسين (عليه السلام)- و هما جالسان على الصفا- فسألهما، فقالا: إنّ الصدقة لا تحلّ إلا في دين موجع، أو غرم مفضع، أو فقر مدقع ففيك شيء من هذا قال: نعم، فأعطياه»۲۳.
و في خبر ابن جذاعة قال: «جاء رجل إلى أبي عبد اللَّه فقال له: يا أبا عبد اللَّه قرض إلى ميسرة، فقال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): إلى غلة تدرك؟ قال: لا و اللَّه قال: فإلى تجارة تؤب؟ قال: لا و اللَّه، قال: فإلى عقدة تباع؟ فقال: لا و اللَّه، فقال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): فأنت ممن جعل اللَّه له في أموالنا حقا، فدعا بكيس في دراهم»۲4 إلى غير ذلك مما تصلح للشهادة و التأييد.
و يمكن الخدشة في الجميع: أما السيرة فلأنّ المتيقن منها صورة حصول الوثوق و الاطمئنان بالصدق و سائر الأدلة منزلة على هذه الصورة أيضا، و يمكن أن تكون هذه الصورة مراد المشهور- خصوصا مع كثرة المدعين للفقر و عدم المبالاة بمطابقة الدعوى للواقع في بعضهم سيّما بعد ما ورد من أنّه «لو لا كذب الفقراء لهلك الأغنياء» ففي كل مورد حصل الوثوق بالصدق يجزي و لا يجب التفحص بعده.
ثمَّ إنّ المحقق (رحمه اللَّه) في كتاب القضاء من الشرائع قال: «إنّ مدّعي تبديل النصاب يقبل قوله بلا يمين» و ذكر في الجواهر عن المسالك: موارد تقرب من عشرين مما يقبل القول فيها بلا يمين و يأتي- إن شاء اللَّه- في كتاب القضاء تفصيل ذلك كله.
المدار على حصول الاطمئنان العرفي، و لعله المراد بما نسب إلى المشهور من كفاية الظن بالصدق كما مرّ.
(مسألة ۱۱): لو كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاة، سواء كان حيا أو ميتا (۳٥) لكن يشترط في الميت أن لا يكون له تركة تفي بدينه، و إلا لا يجوز (۳٦). نعم، لو كان له تركة، لكن لا يمكن الاستيفاء منها- لامتناع الورثة أو غيرهم- فالظاهر الجواز (۳۷).
على المشهور الذي لا يظهر فيه خلاف عن أحد، و تدل عليه جملة من النصوص:
منها: قول أبي عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح: «القرض الواحد بثمانية عشر. و إن مات احتسب بها من الزكاة»۲٥.
و منها: قوله (عليه السلام): «القرض عندنا بثمانية عشر، و الصدقة بعشرة و ما ذا عليك إذا كنت كما تقول موسرا أعطيته، فإذا كان إبّان زكاتك احتسب بها من الزكاة»۲٦ إلى غير ذلك من الأخبار.
فروع- (الأول): ظاهر الأخبار أنّ هذا القسم من إعطاء الزكاة أفضل من غيره يدرك ثواب القرض به أيضا.
(الثاني): لا فرق فيه بينما إذا علم المقرض بأنّه يحتسب من الزكاة أم لا لإطلاق بعض الأخبار، و ظاهر بعضها الآخر- كما تقدم- و كذا لا فرق بين علم المقترض و عدمه. و الإشكال بأنّه مع علمه بالاحتساب لا تشتغل ذمته حتى يتحقق موضوع الاحتساب (مدفوع) بأنّ العلم بفراغ الذمة بعد ذلك لا ينافي ثبوت الاشتغال الفعلي، و هذه حيلة شرعية موجبة لزيادة الثواب في إعطاء الزكاة قبل وقتها.
(الثالث): لو أعطى الفقير بعنوان الزكاة قبل وقت وجوبها، فإن بقيت العين إلى وقت الوجوب تصح الزكاة حينئذ، و إن تلفت العين فالظاهر اشتغال ذمة الآخذ لو لم يكن غرور في البين، فيصح الاحتساب أيضا هذا بناء على عدم جواز التقديم على وقت الوجوب كما هو المشهور. و أما بناء على الجواز كما عن بعض فلا إشكال فيه.
(الرابع): لا فرق بين أقسام الديون من القرض- كما هو مورد الأخبار- أو غيره، لظهور عدم الخلاف.
(الخامس): هل يجري ذلك في الخمس، و السهم المبارك، و سائر الصدقات و الكفارات واجبة أو مندوبة، لأنّ المناط كلّه فيها رفع الحاجة، و سدّ الخلة و هو يتحقق بذلك أيضا أو لا، جمودا على مورد النص؟ وجهان، بل قولان أقواهما الأول و أحوطهما الثاني، و طريق الاحتياط أن يأخذ من الطرف ثمَّ يدفعه إليه إن لم يكن محذور في البين من إهانة، أو امتنان، أو نحوهما.
(السادس): لو كان المقترض غنيا حين الاقتراض و صار فقيرا حين الاحتساب يصح الاحتساب بخلاف العكس.
(السابع): المتيقن من الأدلة إنّما هو الدّين الثابت باعتراف كل من المقرض و المقترض. و أما لو ثبت باعتراف أحدهما دون الآخر يشكل الاحتساب حينئذ. و يأتي في المسائل الآتية بعض ما يرتبط بالمقام.
(الثامن): لو دفع المالك زكاته إلى شخص باعتقاد فقره و الآخذ كان غنيا و أخذها و دفعها إلى الحاكم الشرعي، أو إلى فقير فهل تبرأ ذمة المالك؟ و هل يجوز للآخذ العالم بالحال مثل هذا الأخذ و الإعطاء أو لا؟ مقتضى إطلاق خبر ابن جابر هو الجواز قال: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام): أ يحلّ للرجل أن يأخذ الزكاة و هو لا يحتاج، فيتصدّق بها قال: نعم، و قال في الفطرة مثل ذلك»۲۷.
(التاسع): يجوز جعل الزكاة في المصارف المتعارفة- مع الاطمئنان الشرعي-و إحالة الفقراء إليها و لا بد من استمرار النية و لو إجمالا إلى حين أخذ الفقير، كما يجوز لوليّ الأمر وضعها في المصارف مع اقتضاء المصلحة لذلك، و صرف منافعها المحللة في مصارف فقراء المسلمين، و كذا سائر الحقوق، و كذا يجوز له الإتجار بها إن رأى المصلحة في ذلك.
لعدم تحقق الفقر الذي هو موضوع الجواز، و في خبر زرارة قال: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام): رجل حلت عليه الزكاة و مات أبوه، و عليه دين أ يؤدي زكاته في دين أبيه، و للابن مال كثير؟ فقال (عليه السلام): إن كان أبوه أورثه مالا ثمَّ ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه قضاه من جميع الميراث، و لم يقضه من زكاته. و إن لم يكن أورثه مالا لم يكن أحد أحق بزكاته من دين أبيه، فإذا أداها في دين أبيه على هذه الحال أجزأت عنه»۲۸.
فما عن جمع من الجواز مطلقا تمسكا ببعض الإطلاقات لا وجه له مع وجود هذا الخبر، و الظاهر عدم الفرق بين قضاء دين الميت الذي هو مورد الخبر، أو الاحتساب عليه الذي هو مورد البحث، لحكم العرف بالتسوية بينهما من هذه الجهة.
استدل على الجواز بجملة من الإطلاقات، كصحيح ابن الحجاج قال:
«سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل عارف فاضل توفي و ترك عليه دينا قد ابتلي به لم يكن بمفسد و لا بمسرف و لا معروف بالمسألة، هل يقضي عنه من الزكاة الألف و الألفان؟ قال: نعم»۲۹. و نحوه غيره.
و فيه: أنّ ما تقدم من خبر زرارة يصلح لتقييده، فلا وجه للأخذ بإطلاق مثله معه إلا أن يقال: إنّ المراد بخبر زرارة عدم إمكان أداء دين الميت سواء كان ذلك لعدم تركة له أصلا، أم لوجود مانع عن الأداء- و لو مع وجود التركة- كظلم ظالم أو نحوه و على أيّ حال لا بد من مراجعة الحاكم الشرعي لعله أمكنه إجبارهم على الأداء أو الاستيفاء بطريق آخر.
(مسألة ۱۲): لا يجب إعلام الفقير أنّ المدفوع إليه زكاة (۳۸) بل لو كان ممن يترفع و يدخله الحياء منها و هو مستحق يستحب دفعها إليه على وجه الصلة ظاهرا و الزكاة واقعا (۳۹)، بل لو اقتضت المصلحة التصريح كذبا بعدم كونها زكاة جاز (٤۰) إذا لم يقصد القابض عنوانا آخر (٤۱) غير الزكاة، بل قصد مجرّد التملك.
للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، و صحيح أبي بصير قال: «قلت لأبي جعفر (عليه السلام): الرجل من أصحابنا يستحي أن يأخذ من الزكاة فأعطيه من الزكاة و لا أسمي له أنّها من الزكاة؟ فقال (عليه السلام): أعطه و لا تسم و لا تذل المؤمن»۳۰، مع أنّ تشريع الصدقات إنّما هو لرفع حوائج ذوي الحاجات، و ذلك لا يتوقف على قصدهم لذلك، بل يحصل و لو مع عدم قصدهم، أو قصدهم للعدم.
نعم، لا بد من قصد المعطي للزكاة للقربة.
و بالجملة: القبول في المجانيات و الصّدقات ليس كالقبول في المعاوضات حتى يتوقف على قصد عنوان خاص، بل هو كالتسبب إلى رفع الحاجة القائم بنفس المعطي فقط، كما يأتي، فيكون الرد مانعا عن تحققها لا أن يكون القبض بالعنوان الخاص شرطا له فيتحقق بالاحتساب و الصرف على الفقير و الدس في ماله، و الهدية، و الإعطاء بنحو السوقات (هدية المسافر) و نحو ذلك. نعم، الأولى و الأفضل أن يذكر ذلك و يقبل الفقير بعنوان الزكاة و يدعو للمالك، لأنّ ذلك كلّه من آداب هذه النعمة التي جعلها اللَّه تعالى للفقراء، و ذوي الحاجات.
و أما خبر ابن مسلم: «الرجل يكون محتاجا فيبعث إليه بالصدقة، فلا يأخذها على وجه الصدقة، يأخذه من ذلك زمام [مراعاة للحرمة] و استحياء و انقباض فتعطيها إيّاه على غير ذلك من وجه، و هي منا صدقة؟ فقال (عليه السلام): لا، إذا كانت زكاة فله أن يقبلها، فإن لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إيّاه. و ما ينبغي له أن يستحي مما فرض اللَّه عزّ و جل، إنّما هي فريضة اللَّه له، فلا يستحي منها»۳۱.
فيمكن حمله على ضرب من الرجحان، أو حمله على بعض مراتب الاستيحاء الموجب للاستخفاف و المهانة بفريضة اللَّه تعالى كما هو دأب بعض المتكبّرين في كلّ عصر و زمان.
لأنّه نوع من توقير المؤمن و إجلاله الراجح شرعا و عرفا.
إن كانت المصلحة من المصالح الملزمة، فلا إشكال فيه، و كذا إن كانت من مطلق المصلحة مع كون حرمة الكذب بالوجوه و الاعتبار لا الحرمة الذاتية، لزوال الحرمة الاعتبارية بمطلق المصلحة الراجحة، و أما إن كانت حرمة الكذب ذاتية، كما هو المنساق من ظواهر الأدلة، فكفاية مطلق المصلحة لرفع مثل هذه الحرمة ممنوعة إلا أن يقال: إنّ حفظ شأن المؤمن و عدم إذلاله من أهمّ المصالح الملزمة مطلقا و هو كذلك بالنسبة إلى بعض مراتب الإيمان، و بعض الإعفاف الذين لا يشكون حاجاتهم إلا إلى اللَّه تعالى و لا يطلع على سرائرهم غيره تعالى.
المدار في فراغ الذمة قصد الدافع و لا اعتبار بقصد القابض، للأصل و الإطلاق، و ظهور الاتفاق فلا يضرّ أن يقصد الخلاف، فكيف بعدم قصد الزكاة.
(مسألة ۱۳): لو دفع الزكاة باعتقاد الفقر، فبان كون القابض غنيا فإن كانت العين باقية ارتجعها (٤۲)، و كذا مع تلفها إذا كان القابض عالما بكونها زكاة، و إن كان جاهلا بحرمتها للغني (٤۳) بخلاف ما إذا كان جاهلا بكونها زكاة فإنّه لا ضمان عليه (٤٤)، و لو تعذر الارتجاع، أو تلفت بلا ضمان أو معه و لم يتمكن الدافع من أخذ العوض، كان ضامنا فعليه الزكاة مرّة أخرى (٤٥). نعم، لو كان الدافع هو المجتهد أو المأذون منه، لا ضمان عليه، و لا على المالك الدافع إليه (٤٦).
لبقائها على ملك المالك، و عدم تحقق الانتقال إلى القابض، لفقد شرطه و هو الفقر، و لو توقف أداء الزكاة على الارتجاع من الآخذ وجب ذلك مقدمة هذا إذا كان الإعطاء بعنوان خصوص الزكاة الواجبة. و أما لو كان بعنوان مطلق التصدق فلا يصح الرجوع، لعدم جواز الرجوع في الصدقة بعد القبض مطلقا. و إن تردد الدافع في أنّه قصد خصوص الزكاة الواجبة حتى يصح له الرجوع أو الصدقة المندوبة حتى لا يصح، فمقتضى أصالة عدم الانتقال إلى القابض، و قاعدة اليد صحة الرجوع إلا إذا تحقق غرور في البين، فلا وجه لما نسب إلى المعتبر من القطع بعدم جواز الرجوع مطلقا معللا بأنّه صدقة مندوبة.
أما جواز الرجوع، فلأصالة عدم الانتقال، و لقاعدة اليد، و أما عدم كون الجهل بالحرمة مانعا، فلأنّ الجهل بالحكم التكليفيّ لا يمنع عن الحكم الوضعيّ الذي هو الضمان. نعم، لا إثم عليه مع القصور.
إن كان مغرورا يرجع إلى من غره، لقاعدة «أنّ المغرور يرجع إلى من غره» التي هي من القواعد النظامية المقررة نصّا، و إجماعا- كما سيأتي في كتاب البيع- و إلا يكون ضامنا، لقاعدة اليد.
للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و قاعدة أنّ المشروط ينتفي بانتفاء الشرط بعد كون الفقر من الشرائط الواقعية، و لخبر ابن أبي عمير عن الصادق (عليه السلام): «في رجل يعطي زكاة ماله رجلا و هو يرى أنّه معسر فوجده موسرا. قال (عليه السلام): لا يجزي عنه»۳۲.
و أما صحيح عبيد عن الصادق (عليه السلام): «قلت له: رجل عارف أدى زكاته إلى غير أهلها زمانا هل عليه أن يؤديها ثانية إلى أهلها إذا علمهم؟ قال (عليه السلام): نعم، قلت: فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤدها أو لم يعلم أنّها عليه فعلم بعد ذلك؟ فقال: يؤديها إلى أهلها لما مضى. قال: قلت له: فإن لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل، قد كان طلب و اجتهد ثمَّ علم بعد ذلك سوء ما صنع؟ قال (عليه السلام): ليس عليه أن يؤديها مرّة أخرى»۳۳.
و قريب منه صحيح زرارة۳4. فلا ربط له بالمقام، لأنّه فيما إذا تفحص و اجتهد و علم بأنّ الآخذ ليس بأهل الزكاة فأداها إلى غير الأهل عن علم و عمد، فأسقط منه الإمام (عليه السلام) لمصلحة خاصة، فهي قضية في واقعة مخصوصة لا تجري في المقام الذي اعتقد الدافع أهلية الآخذ ثمَّ بان الخلاف، و لا وجه لدعوى الأولوية بأن يقال: بأنّه إذا كان في مورد العلم بعدم الأهلية مجزيا يكون في صورة اعتقاد الأهلية مجزيا بالأولى، و ذلك لأنّ حكمه (عليه السلام) بالإجزاء هنا قضية شخصية لعلة مخصوصة، فأسقط وليّ الزكاة عن الدافع دفعها ثانيا لأجل تلك العلة، و ليس حكما كليا حتى يثبت في جميع الموارد بالتساوي أو الأولوية، فهو كما إذا أسقط وليّ الزكاة زكاة شخص ابتداء لمصلحة تقتضيه، فلا بد و أن يقتصر على مورده فقط، لأنّه كالنص الخاص الذي يخصص و يقيد به كل عام و مطلق.
أما عدم ضمان المالك، فلأنّه دفع المال إلى وليّ الفقراء، فكأنّه وقع في موقعه، و صرف في مصرفه. و أما الحاكم الشرعيّ، فلمنافاة الضمان لمنصب الحكومة و الولاية، لأنّه أمين و لا معنى لتضمين الأمين، مع أنّ خطأه في الموضوعات يكون في بيت المال و لا وجه لضمان مال الفقراء بما لهم، و تضمين الأموال المعدّة للمصالح العامة بنفس تلك الأموال هذا إذا لم يكن تقصير في البين، و إلا فيضمن المقصّر مطلقا في ماله لا من بيت المال، لقاعدة اليد من غير دليل على الخلاف.
(مسألة ۱٤): لو دفع الزكاة إلى غنيّ، جاهلا بحرمتها عليه، أو متعمّدا، استرجعها مع البقاء، أو عوضها مع التلف و علم القابض (٤۷). و مع عدم الإمكان يكون عليه مرّة أخرى (٤۸)، و لا فرق في ذلك بين الزكاة المعزولة و غيرها (٤۹)، و كذا في المسألة السابقة. و كذا الحال لو بان أنّ المدفوع إليه كافر أو فاسق إن قلنا باشتراط العدالة، أو ممن تجب نفقته عليه، أو هاشميّ إذا كان الدافع من غير قبيلة (۵۰).
كل ذلك لقاعدة اليد إلا مع تحقق الغرور من الدافع، فلا يرجع إلى المغرور.
لما تقدم في المسألة السابقة من الأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.
لقاعدة الاشتغال، و إطلاق أدلّة اعتبار الشرائط في مصرف الزكاة فتشمل تلك الإطلاقات المعزولة و غيرها. نعم، لو دل دليل على أنّ المعزولة كالمصروفة في المصرف الواقعي، و كإيصال الزكاة إلى أهلها من كل حيثية و جهة تفترق المعزولة عن غيرها حينئذ، و لكن لا دليل كذلك في البين و غاية ما يستفاد من تشريع العزل أنّ للمالك ولاية إفراز حق الفقراء و هذا أعمّ من كون العزل كالإيصال إلى المستجمع للشرائط واقعا كما هو واضح. و قد تقدم الضمان في المعزولة إن تلفت مع التعدّي و التفريط لا بدونه، و حينئذ فإن قامت حجة معتبرة على الفقر و دفع معتمدا عليها فلا يضمن مع عدم إمكان الارتجاع، لعدم التعدّي و التفريط و إلا فيضمن كما هو واضح.
كل ذلك، لأنّ الشرائط المعتبرة في مصرف الزكاة واقعية، و معنى الشرطية الواقعية عدم الإجزاء عند انكشاف الخلاف كما ثبت في محله إلا أن يدل دليل آخر على الإجزاء و هو مفقود.
و لكن نسب إلى المشهور الإجزاء، لإجماع المختلف، و لقاعدة الإجزاء، و ما تقدم من صحيح عبيد۳٥، و لأنّ الشرط الإحرازي الظاهري موضوع للحكم الواقعيّ.
و الكل مردود- أما الأول: فلعدم الاعتماد عليه، مع كثرة المخالف.
و أما الثاني: فقد ثبت في محله عدم الإجزاء مع تبين الخلاف.
و أما الثالث: فتقدم الإشكال فيه.
و أما الأخير: فقد ثبت في محله أنّ الأصل في الشروط مطلقا أن تكون واقعية و يكون العلم و الإحراز طريقا إليها، لا أن يكون لها موضوعية خاصة. فراجع ما كتبناه في (تهذيب الأصول).
فرع: مقتضى الإطلاقات- الدالة على اعتبار الفقر، و قاعدة الاشتغال- عدم الفرق في الضمان عند تبين الخلاف بين ما إذا تفحص المالك عن الفقر و قطع به و بين ما إذا لم يتفحص و حصل له الاعتقاد بالفقر.
و لكن نسب إلى المشهور عدم الضمان مع التفحص، لأنّ التضمين مناف لما دل على عدم ضمان الأمين، و لبناء الشريعة على السهولة.
(و فيه) أنّ سهولة الشريعة لا توجب تضييع حق الفقراء، و ليس ذلك من السهولة في شيء. و عدم ضمان الأمين صحيح لا إشكال فيه إذا كان في البين إطلاق يدل على أمانته مطلقا و من كل جهة، و أما إن كانت أمانته و ولايته في الجملة، أو شك في مقدار أمانته و ولايته، فمقتضى القاعدة الضمان إلا فيما دل الدليل على عدمه.
(مسألة ۱٥): إذا دفع الزكاة باعتقاد أنّه عادل فبان فقيرا فاسقا، أو باعتقاد أنّه عالم فبان جاهلا، أو زيد فبان عمرا أو نحو ذلك صح و أجزأ (5۱). إذا لم يكن على وجه التقييد (5۲) بل كان من باب الاشتباه في التطبيق.و لا يجوز استرجاعه حينئذ و إن كانت العين باقية (۵۳). و أما إذا كان على وجه التقييد فيجوز (٥٤). كما يجوز نيّتها مجدّدا، مع بقاء العين أو تلفها إذا كان ضامنا، بأن كان عالما باشتباه الدافع و تقييده.
لوجود المقتضي و هو تحقق الشرط واقعا و عدم المانع، فلا بد من الإجزاء لا محالة. و اعتقاد وجود صفة خاصة فيه ثمَّ تبين الخلاف لا أثر له في تحقق الامتثال لأنّ المفروض أنّه لا دخل للصفة في الأمر و المأمور به أصلا، فيكون من قبيل تخلف الدّاعي الذي لا يضرّ بشيء مطلقا.
لا يضرّ قصد التقييد إذا حصل معه قصد إيتاء الزكاة متقربا إلى اللَّه تعالى. نعم، لو كان قصد التقييد بحيث ينافي قصد إيتاء الزكاة لو التفت يضرّ حينئذ من حيث فقد قصد الامتثال لا من حيث التقييد فلا أثر للتقييد في نظائر المقام.
لأنّه حينئذ من الصدقة الصحيحة و قد تملكها الآخذ بالقبض و لا يصح الرجوع في الصدقة بعد القبض كما يأتي.
تقدم أنّ قصد التقييد لا يوجب الفساد إلا إذا رجع إلى عدم قصد الامتثال لو التفت، فيجوز الرجوع حينئذ مع بقاء العين، كما يجوز تجديد النية مع تحقق الشرائط، و مع التلف يضمن إلا مع الغرور و قد تقدم الوجه في ذلك كله.
الثالث: العاملون عليها (۵۵)، و هم المنصوبون من قبل الإمام عليه السلام أو نائبه الخاص أو العام (۵۶)، لأخذ الزكوات و ضبطها و حسابها و إيصالها إليه أو إلى الفقراء، على حسب إذنه (۵۷)، فإنّ العامل يستحق منها سهما في مقابل عمله (۵۸) و إن كان غنيا (۵۹). و لا يلزم استيجاره من الأول، أو تعيين مقدار له على وجه الجعالة، بل يجوز أيضا أن لا يعين له و يعطيه بعد ذلك ما يراه (۶۰) و يشترط فيهم التكليف: بالبلوغ و العقل، و الإيمان (۶۱)، بل العدالة (۶۲)، و الحرية (۶۳) أيضا على الأحوط (6٤). نعم، لا بأس بالمكاتب (65) و يشترط أيضا معرفة المسائل المتعلقة بعملهم اجتهادا أو تقليدا (66) و أن لا يكونوا من بني هاشم (67). نعم، يجوز استئجارهم من بيت المال أو غيره (68). كما يجوز عملهم تبرعا (69). و الأقوى عدم سقوط هذا القسم في زمان الغيبة مع بسط يد نائب الإمام (عليه السلام) في بعض الأقطار (70). نعم، يسقط بالنسبة إلى من تصدّى بنفسه لإخراج زكاته و إيصالها إلى نائب الإمام، أو إلى الفقراء بنفسه (71).
للكتاب المبين و المتواترة من نصوص المعصومين- كما يأتي- و إجماع المسلمين.
الأول هو الذي جعله لخصوص جباية الزكاة- مثلا- و الثاني من جعله لمصالح المسلمين التي منها جباية الزكاة. و للخصوص و العموم مراتب كثيرة تدور مدار كيفية الجعل و سعة الولاية و ضيقها.
العامل على شيء من المعاني المبينة المتعارفة لدى الناس، فكل من صدق عليه عند العرف أنّه عامل على الزكاة يكون له سهما منها من غير اختصاص بعمل خاص و شأن مخصوص. و لعل ما في تفسير القمي من تفسير الْعامِلِينَ عَلَيْها: «هم السعاة و الجباة في أخذها و جمعها و حفظها حتى يؤدوها إلى من يقسمها»۳٦ الظاهر في خروج المقسّم عن العاملين من باب الغالب في زمان قصور اليد، حيث إنّ المقسم كأحد من الفقراء و كان له من سهم الفقراء حينئذ، مع أنّ إرسال الخبر يمنع عن الاعتماد عليه في مقابل الإطلاقات المعتضدة بالفهم العرفي.
لأصالة احترام العمل التي هي من أهمّ الأصول النظامية العقلائية و لكن لا تخرج عن عنوان الزكاتية بذلك، و لذلك لا يجوز للهاشمي.
على المشهور المعتضد بالارتكاز العرفي، و قد أرسل الفقهاء قولهم: «إنّ الإمام مخيّر بين أن يقدر لهم جعالة مقدرة، أو أجرة عن مدّة مقررة» إرسال المسلّمات حيث إنّ مثل هذه العبارة ظاهرة في عدم اعتبار الفقر في العامل و أنّ المناط كله حيثية العمل فقط فقيرا كان أم لا، مضافا إلى أصالة الاحترام في العمل.
و لكن قد أشكل في المقام بأنّ ظاهر الآية يقتضي كون الجعل لأجل الفقر، مع أنّ الأصل في تشريع الزكاة إنّما هو للفقراء و رفع حاجاتهم و سدّ خللهم.
و فيه: أنّ الأول من مجرد الدعوى، و الأخير من الحكمة التي لا يجب الاطراد فيها، مع أنّه يصح ما لم يكن دليل على الخلاف، و الإطلاق و ظهور الاتفاق دليل على الخلاف، و يشهد له أيضا إطلاق صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام):
«قلت له: ما يعطى المصدق قال (عليه السلام): ما يرى الإمام، و لا يقدر له شيء»۳۷ و سياقه شاهد على أنّه لا يعطى لأجل الفقر. و على هذا لو تلف تمام الزكاة بحيث لا يبقى منها شيء يلزم الإمام أن يعطي العامل حقه، بخلاف ما إذا كان الإعطاء لأجل الفقر، فلا حق له حينئذ. و يمكن منع هذه الثمرة بأنّ المقدار المجعول له مقيد بكونه من خصوص الزكاة لو حصلت، و لو تلفت فلا شيء له كما في عامل المضاربة حيث إنّه لا شيء له لو لم يحصل الربح و لم يكن شرط في البين فعامل الزكاة كعامل المضاربة بلا فرق بينهما.
و ما يظهر من صاحب الجواهر من أنّ عامل الزكاة من فروع ولاية الإمام التي لا ينالها الظالمين دعوى بلا دليل.
لعموم ولايته المقتضية لصحة ذلك بالنسبة إليه.
لا دليل لهم على اعتبار الثلاثة إلا الإجماع. و يمكن فرض صدور جملة من الأعمال الصحيحة من الصبيّ و المجنون مع المراقبة لهما. و أما احتمال أنّ المقام نحو من الولاية و هما قاصران عنها فلا دليل عليه، و على فرض صحته فمن يراقبهما يتصدّى لهذه الولاية.
لدعوى الإجماع على اعتبارها و لعلهم أرادوا مطلق الوثاقة لا العدالة الاصطلاحية، لأنّ المناط كله على الوثوق و الاطمئنان، و يشهد له قول عليّ (عليه السلام) لمصدقه: «فإذا قبضته فلا توكل به إلا ناصحا شفيقا أمينا حفيظا، غير معنف بشيء منها»۳۸ و إلا فمقتضى الأصل و الإطلاق عدم اعتبار العدالة بمعنى الصفة الخاصة، و المتيقن من إجماعهم على فرض اعتباره هو مطلق الوثوق.
نسب ذلك إلى الشيخ (رحمه اللَّه)، لأنّ العبد لا يملك (و فيه)- أولا: أنّه يملك كما ثبت في محله. و ثانيا: عدم ابتناء المقام عليه، و لذا ذهب جمع إلى عدم الاعتبار.
جمودا على ظاهر الإجماع في العدالة، و خروجا عن خلاف الشيخ (رحمه اللَّه) في اعتبار الحرية.
لتشبثه بالحرية، فيملك و يخرج عن مورد كلام الشيخ حسب ما استدل به و إن كان مخدوشا، كما مرّ.
المناط كله إحراز صحة عمله و معرفة المسائل طريق إلى إحراز الصحة و وجوبها طريقي لا أن يكون موضوعيا و شرطا في صحة العمل كما في سائر الموارد مع إحراز صحة عمله يجزه و لو كان تاركا للاجتهاد و التقليد، و مع عدمه لا يجزي و لو كان من أحد الصنفين.
للنص، و الإجماع قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام) في الصحيح: «إنّ أناسا من بني هاشم أتوا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي و قالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعل اللَّه تعالى للعاملين عليها، فنحن أولى به، فقال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): يا بني عبد المطلب إنّ الصدقة لا تحلّ لي و لا لكم»۳۹، و يشهد له إطلاقات أدلة حرمة الزكاة على بني هاشم الشاملة لهذا السهم أيضا، و أصالة عدم فراغ ذمة المالك.
إن قيل: قد مرّ أنّه من قبيل أجرة العمل و لذا تحلّ للغنيّ فليكن الهاشمي أيضا كذلك.
(يقال) هو زكاة تصرف في مصلحة الزكاة، و الفارق بين الغنيّ و الهاشميّ النص، فيصير هذا الإشكال من الاجتهاد في مقابل النص.
لإطلاق أدلّة الإجارة الشامل لكل ما فيه غرض صحيح شرعي الشامل للمقام و غيره. و أما جوازها من بيت المال فلأنّها معدّة للمصالح النوعية و المقام من إحداها.
للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.
لإطلاق الأدلة و عدم ما يصلح للتقييد بزمان الحضور إلا اشتمال بعض الأخبار على لفظ الإمام4۰. (و فيه): أنّ ذكره لأجل الولاية لا التقييد، فيصح عن كل من له الولاية على جمع الزكاة في دولة، أو بلد، أو قرية، أو محلة، لأنّ لبسط اليد مراتب متفاوتة جدّا كمية و كيفية، و شدّة و ضعفا، مباشرة و تسبيبا، بأن يأذن لثقات المؤمنين بجبايتها مع الوثوق و الاطمئنان بهم.
لأصالة عدم فراغ ذمة المالك إلا بما هو المنساق من الأدلة، و المنساق منها غير المالك. نعم، لو عينه الإمام أو نائبه لذلك فالظاهر شمول الإطلاق له أيضا.
الرابع: الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ (72) من الكفار، الذين يراد من إعطائهم ألفتهم (73) و ميلهم إلى الإسلام، أو إلى معاونة المسلمين في الجهاد مع الكفار أو الدفاع (7٤). و من الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ الضعفاء العقول من المسلمين، لتقوية اعتقادهم أو لإمالتهم إلى المعاونة في الجهاد (75) أو الدفاع (76).
بالأدلة الثلاثة فمن الكتاب ما تقدم4۱ و من السنة المستفيضة:
منها: ما ورد في تفسير القمي عن العالم «الفقراء هم الذين لا يسألون- إلى أن قال:- و الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ»4۲ و غيره من الأخبار و من الإجماع ما عن الإمامية بل المسلمين.
للتأليف عرض عريض جدّا فتارة: يكون بالنسبة إلى الدعوة إلى أصل الإسلام، و أخرى: بالنسبة إلى مذهب الحق، و كل منهما تارة: بالنسبة إلى الحدوث و أخرى: بالنسبة إلى الإبقاء و كل من الأربعة تارة: بالنسبة إلى أصل العقيدة القلبية و أخرى: بالنسبة إلى العمل بالأحكام الفرعية فهذه ثمانية أقسام و بضميمة استمالة الكفار إلى الجهاد حدوثا و بقاء تصير عشرة كاملة. و يمكن إرادة الجميع من إطلاق الآية المباركة. و ما يأتي من النصوص. و ما يظهر منه الاختصاص بالأخيرين من باب الأهم الغالب لا التقييد، و لكن لا ثمرة لنزاع التعميم أو التخصيص إلا بناء على وجوب البسط على الأقسام الثمانية و لا دليل عليه كما يأتي، و بناء على عدم وجوبه-كما هو الحق- يجوز إعطاء جميع تلك الأقسام من سهم سبيل اللَّه، لأنّها لكل قربة على ما يأتي.
يظهر من المبسوط، و الخلاف الإجماع على اعتبار الكفر في الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ و لكنه موهون بظهور كلمات جمع، و تصريح الآخرين بالتعميم- كما سيأتي- و على فرض اعتباره يمكن حمله على الأهمّ من مورده لا الانحصار به.
على المشهور المدعى عليه الإجماع، و للجهاد و المدافعة مراتب يشمل إطلاق الدليل جميعها.
لجملة من النصوص:
منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «سألته عن قول اللَّه عزّ و جل: وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ- قال (عليه السلام): هم قوم وحدوا اللَّه عزّ و جل، و خلعوا عبادة من يعبد من دون اللَّه عزّ و جل، و شهدوا أن لا إله إلا اللَّه، و أنّ محمدا (صلّى اللَّه عليه و آله) رسول اللَّه و هم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد (صلّى اللَّه عليه و آله) فأمر اللَّه نبيه أن يتألفهم بالمال و العطاء لكي يحسن إسلامهم، و يثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه و أقروا به. و إنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله يوم حنين تألف رؤساء العرب من قريش- الحديث-»4۳.
و صرّح بالتعميم صاحب الجواهر و قال: «إنّه الظاهر من أخبار الباب و كلمات الأصحاب، فلا وجه لدعوى الإجماع على الاختصاص بالكافر إلا أن يحمل على الأهمّ الغالب في الجملة». كما أنّ ذكر المسلم في هذه النصوص ليس من باب التقييد، بل من باب المثال فلا ينافي التعميم.
فروع- (الأول): يظهر من التذكرة دعوى الإجماع على بقاء هذا السهم في زمان الغيبة و تقتضيه الإطلاقات أيضا.
(الثاني): لو دار الأمر بين تأليف الكفار إلى الإسلام و إبقاء المسلم على إسلامه فلا بد من تقديم الأهمّ، فقد يكون الأهم الأول و قد يكون الأخير.
(الثالث): يعتبر أن يكون الإعطاء سببا للتأليف و لو بنحو الاقتضاء، فلا يعطي لمن يعلم أنّه لا يتحقق التأليف بالنسبة إليه إلا أن يعطي لدفع شرّه لا لجلب نفعه.
(الرابع): لو تحقق التأليف بغير إعطاء الزكاة كالمجاملات الأخلاقية و نحو ذلك، فالظاهر تقدمه على التأليف بالزكاة.
الخامس: الرقاب (77) و هم ثلاثة أصناف (78): الأول: المكاتب العاجز عن أداء مال الكتابة مطلقا كان أو مشروطا (79). و الأحوط أن يكون بعد حلول النجم (80)، ففي جواز إعطائه قبل حلوله إشكال، و يتخيّر بين الدفع إلى كل من المولى و العبد (81) لكن إن دفع إلى المولى و اتفق عجز العبد عن باقي مال الكتابة في المشروط فرد إلى الرق، يسترجع منه (82) كما أنّه لو دفعها إلى العبد و لم يصرفها في فك رقبته لاستغنائه- بإبراء أو تبرع أجنبي- يسترجع منه. نعم، يجوز الاحتساب حينئذ من باب سهم الفقراء إذا كان فقيرا (83) و لو ادعى العبد أنّه مكاتب، أو أنّه عاجز، فإن علم صدقه أو أقام بينة قبل قوله (8٤). و إلا ففي قبول قوله إشكال (85)، و الأحوط عدم القبول (86) سواء صدقه المولى أم كذبه (87). كما أنّ قبول قول المولى- مع عدم العلم و البينة- أيضا كذلك (88)، سواء صدقه العبد أم كذبه و يجوز إعطاء المكاتب من سهم الفقراء إذا كان عاجزا عن التكسب للأداء (89). و لا يشترط إذن المولى (90) في الدفع إلى المكاتب، سواء كان من باب الرقاب، أم من باب الفقر. الثاني: العبد تحت الشدة (91) و المرجع في صدق الشدة العرف، فيشتري و يعتق. خصوصا إذا كان مؤمنا في يد غير المؤمن (92). الثالث: مطلق عتق العبد (93) مع عدم وجود المستحق للزكاة (9٤). و نية الزكاة في هذا و السابق عند دفع الثمن إلى البائع (95) و الأحوط الاستمرار بها إلى حين الإعتاق.
كتابا، و سنة، و إجماعا ففي مرسل أبي إسحاق عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام): «أنّه سئل عن مكاتب عجز عن مكاتبته و قد أدى بعضها قال (عليه السلام): يؤدي عنه من مال الصدقة، إنّ اللَّه تعالى يقول في كتابه وَ فِي الرِّقابِ44.
هذا الحصر شرعيّ يأتي الدليل لكل واحد من الأصناف الثلاثة.
نصّا، و إجماعا بقسميه.
بدعوى: أنّ المنساق من الأدلة تحقق العجز و هو لا يتحقق إلا بعد الحلول، و لكنه خلاف الجمود على الإطلاقات و كثرة الاهتمام بفك الرقية و زوال المملوكية مهما أمكن ذلك و هو من أهمّ مقاصد الشرع، بل العقلاء.
لظهور الإطلاق و الاتفاق في ذلك.
لعدم تحقق الصرف في المصرف، و كذا الكلام فيما بعده فلا وجه للتكرار.
تقدم ما يتعلق به فراجع.
لأنّ اعتبار العلم فطريّ لكل أحد.
من أصالة عدم الحجية و مما نسب إلى المشهور من القبول إن صدقه السيد و لا يبعد حصول الوثوق حينئذ، فيقبل قوله على هذا بلا إشكال.
لأصالة عدم فراغ الذمة إلا مع حصول الوثوق، و كذا الكلام فيما بعده.
المشهور هو القبول في صورة التصديق، و لا دليل لهم يصح الاعتماد عليه في الحكم المخالف للأصل إلا إذا كان مرادهم صورة حصول الوثوق بالصدق.
للأصل بعد عدم الدليل على الاعتبار إلا مع الوثوق.
لإطلاق الدليل الشامل لجميع ذلك.
لظهور الإطلاق و الاتفاق.
لأنّه المتيقن من ظاهر الكتاب، و إجماع الأصحاب، و لصحيح أبي بصير عن أبي عبد اللَّه (عليه السلام) «سألته عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمسمائة و الستمائة، يشتري بها نسمة و يعتقها قال (عليه السلام): إذا يظلم قوما آخرين حقوقهم. ثمَّ مكث مليّا ثمَّ قال: إلا أن يكون عبدا مسلما في ضرورة فيشتريه و يعتقه»4٥ و احتمال أن يكون ذلك من خصوص سهم سبيل اللَّه خلاف الإطلاق.
لأنّ ذلك هو المتيقن من الأدلة و المعلوم من مذاق الشريعة.
على المشهور المدعى عليه الإجماع، و في موثق عبيد: «سألت أبا عبد اللَّه (عليه السلام) عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم، فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه، فنظر إلى مملوك يباع فيمن يزيده، فاشتراه بتلك الألف الدراهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه هل يجوز ذلك؟ قال (عليه السلام): نعم، لا بأس بذلك»4٦ و احتمال أن يكون المراد سهم سبيل اللَّه خلاف ظهور الإطلاق.
لارتكاز ذلك في الأذهان، فيكون كالقرينة المتصلة بالكلام، و يقتضيه ظاهر صحيح أبي بصير المتقدم.
بدعوى: أنّ دفع الثمن إلى البائع دفع للزكاة عرفا، فتجب النية حينئذ (و فيه): أنّه كذلك لو حصل العتق بذلك، و لكن لو احتاج حصوله إلى صيغة خاصة بعده كما هو ظاهر الأدلة، و المشهور بين فقهاء الملة، فلا وجه لوجوبها حينئذ، بل تجب حين الإعتاق، و لكن لا أثر لهذا النزاع بناء على كفاية مجرّد الداعي في النية، و عدم وجوب الإخطار كما هو الحق، كما لا وقع لأصل هذا البحث، لخروجه عن مورد الابتلاء رأسا، فأمثال هذه الفروض فرض في فرض.
السادس: الغارمون (96) و هم الذين ركبتهم الديون و عجزوا عن أدائها (97).و إن كانوا مالكين لقوت سنتهم (98). و يشترط أن لا يكون الدّين مصروفا في المعصية (99)، و إلا لم يقض من هذا السهم و إن جاز إعطاؤه من سهم الفقراء (100) سواء تاب عن المعصية أو لم يتب، بناء على عدم اشتراط العدالة في الفقير و كونه مالكا لقوت سنته لا ينافي فقره لأجل وفاء الدّين (101) الذي لا يكفي كسبه أو ما عنده به و كذا يجوز إعطاؤه من سهم سبيل اللَّه (102) و لو شك في أنّه صرفه في المعصية أم لا، فالأقوى جواز إعطائه من هذا السهم (103). و إن كان الأحوط خلافه (10٤). نعم، لا يجوز له الأخذ إذا كان قد صرفه في المعصية (105). و لو كان معذورا في الصرف في المعصية- لجهل، أو اضطرار، أو نسيان، أو نحو ذلك- لا بأس بإعطائه (106) و كذا لو صرفه فيها في حال عدم التكليف لصغر أو جنون (107) و لا فرق في الجاهل بين كونه جاهلا بالموضوع أو الحكم (108).
بالأدلة الثلاثة في الجملة أما الكتاب فقوله تعالى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ4۷ و من السنة ما عن القمي في تفسيره عن العالم: «و الغارمين» قوم قد وقعت عليهم ديون- إلى أن قال- يجب على الإمام أن يقضي عنهم، و يفكهم من مال الصدقات»4۸.
و كذا خبر ابن سليمان الوارد في تفسير قوله تعالى وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ قال (عليه السلام): نعم، ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام، فيقضي عنه ما عليه من الدّين من سهم الغارمين- الحديث-»4۹ و لإجماع الإمامية، بل المسلمين.
خلاصة الكلام: أنّ من لا يكون واجدا لمؤنة السنة، و لا لما يؤدي دينه فلا إشكال في كونه من مصارف الزكاة، و لا ثمرة للبحث في أنّه للفقر، أو للغرم إلا بناء على وجوب البسط و هو غير واجب كما يأتي.
و أما من يكون واجدا لهما فلا إشكال في عدم كونه من مصارفها.
و أما من يكون واجدا للمؤنة و فاقدا لما يؤدي دينه، فالمشهور بل المجمع عليه كونه من مصارفها، و تدل عليه الإطلاقات، و جعله مقابلا للفقير و المسكين في الآية الشريفة، و خبر زرارة: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام) رجل حلت عليه الزكاة و مات أبوه و عليه دين، أ يؤدي زكاته في دين أبيه، و للابن مال كثير؟ فقال (عليه السلام): إن كان أبوه أورثه مالا، ثمَّ ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه قضاه من جميع الميراث و لم يقضه من زكاته. و إن لم يكن أورثه مالا، لم يكن أحد أحق بزكاته من دين أبيه، فإذا أداها في دين أبيه- على هذه الحال- أجزأت عنه»٥۰.
فيستفاد من الأدلة أنّ الاحتياج إلى وفاء الدّين و عدم التمكن منه له موضوعية خاصة لمصرفية الزكاة في مقابل الاحتياج إلى مئونة السنة، فكل منهما في حد نفسه من مصارفها فلا ارتباط لأحدهما بالآخر.
و منه يظهر حكم الصورة الرابعة: و هي ما إذا كان واجدا لما يؤدي دينه و فاقدا للمؤنة، فيؤدي الدّين و يأخذ من الزكاة لمؤنته، كما يجوز له أن يصرفه في المؤنة إن احتاج إليه و يأخذ دينه من الزكاة لظهور الإطلاق و الاتفاق.
لإطلاق الأدلة الشامل لهذا القسم أيضا و ظهور مقابلة الغارم للفقير و المسكين المقتضية لكونه غيرهما، بل يمكن جعله من أفراد الفقير أيضا، لأنّ له أفراد و مراتب و ليس مختصّا بخصوص من لم يقدر على مئونة السنة فقط، بل كل من احتاج إلى ضرورياته و لم يتمكن منها فهو فقير و لا يشمله قوله (عليه السلام): «إنّ الصدقة لا تحلّ لغنيّ»٥۱، و تشمله الأدلة الدالة على اعتبار الفقر في أخذ الصدقة، لفرض أنّه فقير فعلا بالنسبة إلى أداء دينه و دعوى الإجماع على اعتبار الفقر بمعنى عدم وجدان مئونة السنة لا اعتبار به في مقابل ظاهر الكتاب و السنة، بل يمكن أن يعدّ أداء الدّين من المؤنة أيضا كما يأتي في كتاب الخمس.
نصّا و إجماعا، و اعتبارا، ففي مرسل القمّي- كما تقدم- عن العالم (عليه السلام): «الغارمين قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة اللَّه تعالى من غير إسراف، فيجب على الإمام أن يقضي عنهم و يفكهم من مال الصدقات»٥۲.
و عن الرضا (عليه السلام): «المديون ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام فيقضي عنه ما عليه من الدّين من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة اللَّه تعالى فإن كان أنفقه في معصية اللَّه فلا شيء له على الإمام»٥۳.
و نحوهما غيرهما: و قصور السند منجبر بالشهرة، كما أنّ ما فيهما من اشتراط الصرف في طاعة اللَّه إما محمول على أنّ المراد بالطاعة مطلق ما كانت في مقابل المعصية لا الطاعة الاصطلاحية كما هو ظاهر الخبر الأخير، أو مهجور بالإعراض فيشمل الصرف في المباحات أيضا.
لإطلاق أدلة سهم الفقراء و عدم دليل على اعتبار العدالة في الفقير، و لا دليل على اعتبار أن لا يكون الصرف في المعصية بالنسبة إلى ما مضى. نعم، يعتبر أن لا يكون الدفع إلى الفقير إعانة على الإثم و إغراء بالقبح كما يأتي في الفصل التالي.
ثمَّ إنّه لو صرف الدّين في المعصية و تاب، فالظاهر عدم جواز الوفاء من سهم الغارمين أيضا، لأنّ المنساق من الأدلة أنّ مجرّد الصرف في المعصية مانع عنه تاب أو لا، و التوبة لا تغيّر الحكم الوضعي و إن سقط الإثم بها.
لأنّه يكفي في الفقر الذي يكون مصرف الزكاة الفقر الجهتي و لا يعتبر الفقر من كل جهة، فالمناط مطلق الفقر لا الفقر المطلق و من تمام الجهات.
لما يأتي من أنّه لكل قربة و هذا منها لو لم يكن من أفضلها.
لأصالة الصحة في فعل المسلم. نعم، لو اعتبر الصرف في الطاعة لا يعطى إلى المشكوك حاله، و لكن تقدم أنّه خلاف المشهور بين الإمامية، و خلاف سهولة الشريعة و تقدم ما يتعلق بالروايات الظاهرة في اعتباره٥4.
جمودا على ظاهر الروايات، و خروجا عن خلاف الشيخ (رحمه اللَّه) حيث نسب إليه المنع عن ذلك.
لأنّ المتفاهم من الأدلة أنّ مثل هذا الشرط معتبر في الإعطاء و الأخذ معا كسائر الشروط.
لانصراف الأدلة عن مورد العذر، بل ظاهر في صورة تنجز النهي و فعليته، فلا معصية مع عدم تنجزه.
لما تقدم في سابقة، بل هنا أولى كما لا يخفى.
لعدم فعلية النهي في كل منهما إن لم يقم إجماع على أنّ الجاهل بالحكم كالعالم خصوصا مع التقصير و إلا فيكون كالعالم.
(مسألة ۱٦): لا فرق بين أقسام الدّين، من قرض، أو ثمن مبيع، أو ضمان مال، أو عوض صلح، أو نحو ذلك (109) كما لو كان من باب غرامة إتلاف. فلو كان الإتلاف جهلا أو نسيانا، و لم يتمكن من أداء العوض، جاز إعطاؤه من هذا السهم، بخلاف ما لو كان على وجه العمد و العدوان (110).
كل ذلك لظهور الإطلاق و الاتفاق. نعم، يعتبر في الضمان أن يكون المضمون عنه ممتنعا عن الأداء و إلا فلا يعطي من هذا السهم، لانصراف الدليل عن مثله.
لأنّ المستفاد من الأدلة أنّ الدّين الحاصل من المعصية لا يعطى من هذا السهم كقوله (عليه السلام): «أيّما مؤمن أو مسلم مات و ترك دينا لم يكن في فساد و لا إسراف فعلى الإمام أن يقضيه»٥٥.
و صحيح الحجاج «و لا تعطين من سهم الغارمين الذين ينادون بنداء الجاهلية شيئا، قلت: و ما نداء الجاهلية؟ قال (عليه السلام): هو الرجل يقول يا آل فلان فيقع بينهم القتل و الدماء فلا تؤدوا ذلك من سهم الغارمين»٥٦.
و ظهور مثل هذه الأخبار في اعتبار أن لا يكون التسبيب إلى حصول الدّين بالمعصية مما لا ينكر، و يشهد له الاعتبار أيضا.
(مسألة ۱۷): إذا كان دينه مؤجلا، فالأحوط عدم الإعطاء من هذا السهم قبل حلوله أجله. و إن كان الأقوى الجواز (111).
للإطلاقات، و العمومات، و عدم ما يصلح للتقييد و التخصيص. نعم إن كان في البين وثوق في الجملة بالتمكن من الأداء عند الحلول يصح دعوى انصراف الدليل عنه، و مع الشك فمقتضى قاعدة الاشتغال عدم فراغ الذمة إلا بالفحص و اليأس و يأتي في [مسألة ۲۳] ما يناسب المقام.
(مسألة ۱۸): لو كان كسوبا يقدر على أداء دينه بالتدريج فإن كان الدّيان مطالبا فالظاهر جواز إعطائه من هذا السهم (112) و إن لم يكن مطالبا فالأحوط عدم إعطائه (113).
لشمول إطلاق الأدلة له. هذا إذا لم يمكنه الاستقراض ثمَّ الوفاء بعد التمكن و إلا فيأتي منه (رحمه اللَّه) في [مسألة ۲۳] أنّ الأقوى عدم الجواز.
للشك في فراغ الذمة حينئذ بعد الشك في شمول الأدلة لمثله، فيكون المرجع أصالة الاشتغال، و منشأ الجواز الجمود على الإطلاقات و العمومات.
(مسألة ۱۹): إذا دفع الزكاة إلى الغارم فبان بعده أنّ دينه في معصية ارتجع منه، إلا إذا كان فقيرا، فإنّه يجوز احتسابه عليه من سهم الفقراء، و كذا إذا تبيّن غير مديون و كذا إذا أبرأه الدّائن بعد الأخذ لوفاء الدّين (11٤).
كل ذلك لعدم صيرورة المال ملكا للآخذ إما لعدم الشرط و هو كون الدّين في غير المعصية، أو لعدم الموضوع للدّين كما في الصورة الأخيرة. و أما صحة الاحتساب لأجل الفقر، فلوجود المقتضي و فقد المانع. نعم، بناء على اعتبار العدالة فيه يعتبر توبته إن كان الدّين في المعصية و يصح للمالك الرجوع مع التلف أيضا إن لم يكن منه غرور في البين و إلا فلا رجوع حينئذ. و تقدم ما يرتبط بالمقام في [مسألة ۱٤] و ما بعدها.
(مسألة ۲۰): لو ادعى أنّه مديون، فإن أقام بيّنته قبل قوله، و إلا فالأحوط عدم تصديقه و إن صدّقه الغريم فضلا عمّا لو كذبه أو لم يصدقه (115).
أما القبول في مورد قيام البينة، فلثبوت قوله بالحجة الشرعية. و أما عدمه في غيره فلأصالة اشتغال الذمة و عدم الفراغ إلا بثبوت الغرم بحجة معتبرة. و قد نسب إلى المشهور قبول دعوى الفقر و الغرم مطلقا و قد تقدم عدم وفاء ما استدلوا به للمدعي فراجع [مسألة ۱۰] و يصح في المقام العمل بالحالة السابقة كما مرّ في دعوى الفقر.
و قال في الجواهر: «الغنى مانع لا أن يكون الفقر شرطا، و لو فرض كونه شرطا فهو لمحل تناول الزكاة لا لدفعها ممن وجبت عليه، لعدم الدليل، بل مقتضى الإطلاق خلافه. و على هذا يتجه ما ذكره الأصحاب من قبول دعوى الفقر و الكتابة و الغرم فتأمل جيّدا فإنّه دقيق نافع».
أقول: و هو قول حسن في بعض الأزمنة و بالنسبة إلى بعض الأشخاص لا فيما إذا استولى الفساد و الطمع على العباد كما هو واضح لا يخفى. و بذلك يمكن أن يجمع بين كلمات الفقهاء.
(مسألة ۲۱): إذا أخذ من سهم الغارمين ليصرفه في أداء الدّين ثمَ صرفه في غيره ارتجع منه (116).
لعدم ما يوجب ملكه له و عدم خروجه عن مورد ولاية المالك، نعم، إن انطبق عليه عنوان آخر من الفقر و سبيل اللَّه و نحو ذلك صح الاحتساب لذلك العنوان.
(مسألة ۲۲): المناط هو الصرف في المعصية أو الطاعة لا القصد من حين الاستدانة، فلو استدان للطاعة فصرف في المعصية لم يعط من هذا السهم، و في العكس بالعكس (117).
لأنّ المتفاهم من الأدلة المعصية الجارحية دون الجانحية، و وقوعها خارجا دون البناء عليها قلبا، مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.
(مسألة ۲۳): إذا لم يكن الغارم متمكنا من الأداء حالا و تمكن بعد حين، كان يكون له غلة لم يبلغ أوانها، أو دين مؤجل يحل أجله بعد مدّة ففي جواز إعطائه من هذا السهم إشكال، و إن كان الأقوى عدم الجواز (118) مع عدم المطالبة من الدّائن (119)، أو إمكان الاستقراض و الوفاء من محل آخر ثمَّ قضاؤه بعد التمكن (120).
لقاعدة الاشتغال بعد كون المتفاهم من الأدلة غير هذه الصور، و لا إطلاق في البين واردا في مقام البيان من هذه الجهات حتى يصح التمسك به.
بل و مع المطالبة منه أيضا إن أمكن رضاؤه بالتأخير بنحو السهل اليسير.
إن لم يقع بذلك في مشقة لا تتحمل عرفا، و إلا فيجوز الأخذ من سهم الغارمين حينئذ.
(مسألة ۲٤): لو كان دين الغارم لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة (121)، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة وفاء للدّين و يأخذها مقاصة (122) و إن لم يقبضها المديون، و لم يوكل في قبضها (123). و لا يجب إعلام المديون بالاحتساب عليه، أو بجعلها وفاء و أخذها مقاصة (12٤).
نصوصا، و إجماعا ففي صحيح ابن الحجاج: «سألت أبا الحسن الأول(عليه السلام) عن دين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه و هم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه فأحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال (عليه السلام) نعم»٥۷.
و في خبر ابن خالد قال: «دخلت أنا و المعلى و عثمان بن عمران على أبي عبد اللَّه (عليه السلام) فلما رآنا قال: مرحبا بكم، وجوه تحبنا و نحبها جعلكم اللَّه معنا في الدنيا و الآخرة فقال له عثمان: جعلت فداك قال أبو عبد اللَّه (عليه السلام): نعم مه؟ قال: إنّي رجل موسر فقال له: بارك اللَّه في يسارك، قال: و يجيء الرجل و يسألني الشيء و ليس هو إبان زكاتي فقال له أبو عبد اللَّه: القرض عندنا بثمانية عشر، و الصدقة بعشرة، و ما ذا عليك إذا كنت تقول موسرا أعطيته، فإذا كان إبان زكاتك احتسب بها من الزكاة، يا عثمان لا ترده فإن رده عند اللَّه عظيم»٥۸.
أما الاحتساب فقد مرّ جوازه نصّا و فتوى. و أما المقاصة فلا موضوع لها بعد الاحتساب. نعم، يجوز المقاصة قبل الاحتساب، لموثق سماعة: «عن الرجل يكون له الدّين على رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة، فقال (عليه السلام) إن كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دين من عرض من دار، أو متاع من متاع البيت أو يعالج عملا يتقلب فيها بوجهه فهو يرجو أن يأخذ منه ماله عنده من دينه، فلا بأس أن يقاصّه بما أراد أن يعطيه من الزكاة أو يحتسب بها. فإن لم يكن عند الفقير وفاء، و لا يرجو أن يأخذ منه شيئا، فيعطيه من زكاته، و لا يقاصّه شيء من الزكاة»٥۹.
و ظاهره كما ترى التخيير بين الاحتساب و التقاص في مورد خاص و هو كون الفقير واجدا لمستثنيات الدّين، و مقتضى إطلاقه عدم الاحتياج في التقاص إلى إذن الفقير و قبضه أو الوكالة في القبض عنه.
لما تقدم من إطلاق الخبر.
للأصل، و ما تقدم من إطلاق دليل الاحتساب و المقاصة.
(مسألة ۲٥): لو كان الدّين لغير من عليه الزكاة، يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها، و لو بدون اطلاع الغارم (125).
لظهور الاتفاق، و الإطلاق، و يعضده الأصل أيضا.
(مسألة ۲٦): لو كان الغارم ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة، جاز له إعطاؤه لوفاء دينه، أو الوفاء عنه (126) و إن لم يجز إعطاؤه لنفقته (127).
لظهور الإطلاق، و الاتفاق، و لموثق ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللَّه:
عن رجل على أبيه دين و لأبيه مئونة أ يعطي أباه من زكاته يقضي دينه؟ قال (عليه السلام): نعم، و من أحقّ من أبيه»٦۰ و يصح فيه الاحتساب و المقاصة أيضا.
لما يأتي في الشرط الثالث من الفصل التالي.
(مسألة ۲۷): إذا كان ديان الغارم مديونا لمن عليه الزكاة جاز له إحالته على الغارم (128) ثمَّ يحسب عليه (129)، بل يجوز له أن يحسب ما على الديان وفاء عما في ذمة الغارم (130) و إن كان الأحوط أن يكون ذلك بعد الإحالة (131).
لعموم دليل الحوالة الشامل للمقام أيضا، فيحيل المديون من عليه الزكاة على الغارم مع تحقق شرائط الحوالة.
لتحقق موضوع الاحتساب حينئذ، فيجوز بلا محذور فيه.
بناء على أنّ الاحتساب مثل الأداء و الوفاء من كل جهة كما هو الظاهر عند العرب.
جمودا على احتمال أنّ الاحتساب ليس مثل الأداء من جهة.
(مسألة ۲۸): لو كان الدّين للضمان عن الغير تبرعا، لمصلحة مقتضية لذلك، مع عدم تمكنه من الأداء، و إن كان قادرا على قوت سنته، يجوز الإعطاء من هذا السهم (132)، و إن كان المضمون عنه غنيا.
لإطلاق الأدلة، و وجود المقتضي و فقد المانع، و عدم ظهور الخلاف، و كذا في المسألة الآتية.
(مسألة ۲۹): لو استدان لإصلاح ذات البين، كما لو وجد قتيل لا يدري قاتله، و كاد أن تقع بسببه الفتنة فاستدان للفصل، فإن لم يتمكن من أدائه جاز الإعطاء من هذا السهم، و كذا لو استدان لتعمير مسجد أو نحو ذلك من المصالح العامة، و أما لو تمكن من الأداء فمشكل (133). نعم، لا يبعد جواز الإعطاء من سهم سبيل اللَّه، و إن كان لا يخلو عن إشكال أيضا (13٤) إلا إذا كان من قصده حين الاستدانة ذلك (135).
لما تقدم من اعتبار عدم التمكن من الأداء في سهم الغارمين. و لكن نسب إلى الشيخ (رحمه اللَّه) و من تأخر عنه الجواز في خصوص ما تحمله من الدية، لإطلاق الأدلة، و لقوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «لا تحلّ الصدقة لغنيّ إلا لخمس: غاز في سبيل اللَّه، أو عامل عليها، أو غارم- الحديث-»٦۱.
و لكن الإطلاق مقيّد بما مرّ، و الخبر ضعيف لم يوجد في أصولنا، فلا مدرك للحكم لو لا الإجماع و ثبوته مشكل.
لما يأتي في سهم سبيل اللَّه عند قوله (رحمه اللَّه): «بل الأقوى جواز دفع هذا السهم في كل قربة مع عدم تمكن المدفوع إليه من فعلها بغيره الزكاة».
لأنّه مع هذا البناء كأنّه يجعل نفسه غير متمكن من الأداء إلا من سهم سبيل اللَّه.
السابع: سبيل اللَّه (136)، و هو جميع سبل الخير (137) كبناء القناطر و المدارس و الخانات و المساجد و تعميرها، و تخليص المؤمنين من يد الظالمين و نحو ذلك من المصالح، كإصلاح ذات البين، و دفع وقوع الشرور و الفتن بين المسلمين، و كذا إعانة الحجاج و الزائرين، و إكرام العلماء و المشتغلين، مع عدم تمكنهم من الحج و الزيارة و الاشتغال و نحوها من أموالهم، بل الأقوى جواز دفع هذا السهم في كل قربة، مع عدم تمكن المدفوع إليه من فعلها بغير الزكاة (138)، بل مع تمكنه أيضا لكن مع عدم إقدامه إلا بهذا الوجه (139).
للأدلة الثلاثة: أما الكتاب فإطلاق الآية كما تقدم، و أما السنة و الإجماع فكما يأتي.
لإطلاق الأدلة، و إجماع الغنية، و خبر علي بن إبراهيم: «في سبيل اللَّه قوم يخرجون في الجهاد و ليس عندهم ما يتقوون به، أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به، أو في جميع سبل الخير على الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتى يقووا على الحج و الجهاد»٦۲.
فيكون ذكر الحج و الجهاد فقط من باب المثال و الغالب في تلك الأزمنة. و قد ورد في تفسير سبيل اللَّه جملة من الروايات الواردة في الوصية، كما عن الحسن بن عمر قال: «قلت لأبي عبد اللَّه (عليه السلام): إنّ رجلا أوصى إليّ بمال في السبيل، فقال لي: اصرفه في الحج، قلت: أوصى إليّ في السبيل، فقال: اصرفه في الحج، فإنّي لا أعلم سبيلا من سبله أفضل من الحج»٦۳.
و في خبر ابن راشد قال (عليه السلام): «سبيل اللَّه شيعتنا»٦4 و الظاهر اتحاد المعنى في الموردين.
لأنّه المتيقن من تشريع هذا السهم.
لشمول إطلاق الأدلة لهذه الصورة أيضا، و هو الذي تقتضيه كثرة اهتمام الشارع بإقامة سبل الخير و إشاعتها بين الناس، و تحريضهم عليها و لا مقيد له إلا مثل قوله (عليه السلام): «لا تحل الصدقة لغنيّ»٦٥، و أنّ الحكمة في تشريع الزكاة سدّ الخلة و رفع الحاجة، فلا تصرف في غير مورد الاحتياج. (و فيه): أنّ الأول ظاهر في سهم الفقراء. و الأخير من مجرد الحكمة التي لا يقيد بها الإطلاقات كما صرّح به في الشرائع.
فروع- (الأول): لو اشترى من سهم سبيل اللَّه قرآنا، أو كتابا أو شيئا آخر يصير من سنخ التحرير و لا مالك له، و لكن يتعلق به حق اللَّه تعالى.
(الثاني): مقتضى الإطلاقات جواز صرف سبيل اللَّه فيما يتعلق بمصلحة المالك نفسه، كما إذا كان بينه و بين غيره نزاع فصرفه في الإصلاح.
(الثالث): لو أزيل عنوان سبيل اللَّه لعروض عارض كما لو بنى جسرا، أو مستشفى في محل، فحدث حادث لا ينتفع بها أصلا لا يدخل في ملك أحد للأصل، و للحاكم الشرعي التدخل فيه بما يرى فيه المصلحة.
(الرابع): لو صرف شخص من أبناء العامة زكاته في سبيل اللَّه ثمَّ استبصر لا تجب عليه الإعادة، لأنّه وضعها في موضعها.
(الخامس): لو صرف زكاته في مورد بزعم أنّه في سبيل اللَّه، فبان الخلاف فمع بقاء العين يجوز له صرفه في مصرف آخر من سبل الخير و مع تلفه يعيد زكاته.
(السادس): يجوز بإذن الحاكم الشرعي المضاربة بسهم سبيل اللَّه و توفير هذه الحصة، و صرف الأصل و الربح في سبيل اللَّه.
الثامن: ابن السبيل (140) و هو المسافر الذي نفذت نفقته، أو تلفت راحلته، بحيث لا يقدر معه على الذهاب و إن كان غنيا في وطنه (141). بشرط عدم تمكنه من الاستدانة، أو بيع ما يملكه، أو نحو ذلك (142). و يشترط أن لا يكون سفره في معصية (143) فيدفع إليه قدر الكفاية اللائقة بحاله، من الملبوس و المأكول و المركوب، أو ثمنها، أو أجرتها إلى أن يصل إلى بلده، بعد قضاء وطره من سفره، أو يصل إلى محل يمكنه تحصيلها بالاستدانة و البيع أو نحوهما (1٤٤). و لو فضل مما أعطى شيء- و لو بالتضييق على نفسه- أعاده على الأقوى (1٤٤) من غير فرق بين النقد و الدابة و الثياب و نحوها (145) فيدفعه إلى الحاكم (147) و يعلمه بأنّه من الزكاة. و أما لو كان في وطنه، و أراد إنشاء السفر المحتاج إليه و لا قدرة له عليه، فليس من ابن السبيل (148). نعم، لو تلبس بالسفر على وجه يصدق عليه ذلك يجوز إعطاؤه من هذا السهم (149) و إن لم يتجدد نفاد نفقته، بل كان أصل ماله قاصرا، فلا يعطى من هذا السهم قبل أن يصدق عليه اسم ابن السبيل. نعم، لو كان فقيرا يعطى من سهم الفقراء (150).
بالأدلة الثلاثة التي تطابق المسلمون على العمل بها.
لظهور الإطلاق و الاتفاق، و الصدق العرفي أيضا، و يقتضيه إطلاق مرسل عليّ بن إبراهيم- في تفسير الآية المباركة- «و ابن السبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة اللَّه تعالى، فيقطع عليهم و يذهب مالهم فعلى الإمام أن يردهم إلى أوطانهم من مال الصدقات»٦٦ و إطلاق الأدلة يشمل مطلق السفر سواء كان عرفيا أم شرعيا.
لأنّه المتفاهم من الأدلة و المرجع في غيره أصالة الاشتغال، لأنّ الشك في الموضوع يكفي في عدم جواز التمسك بالإطلاق.
للإجماع، و لما تقدم في مرسل القميّ بعد حمله على المعصية، لظهور الإجماع على عدم اعتبار كونه في الطاعة.
لأنّ مصرف ابن السبيل من المصارف الضرورية عادة فلا بد و أن يقتصر فيه على ما يدفع به الحاجة كما و كيفا، زمانا و مكانا.
نسب ذلك إلى المشهور، لما مرّ من أنّه من المصارف الضرورية لدفع الضرورة و الحاجة فقط بلا فرق بين أن يكون ذلك من جهة الصرف فقط أو من التمليك، لأنّه على الأخير يكون تمليكا جهتيا لا مطلقا و من كل جهة، فدفع الضرورة مقوّم لهذا المصرف، و الضرورات تتقدر بقدرها فلا يملك ابن السبيل ما زاد عن مصرفه.
لأصالة عدم حدوث حق له فيما زاد على ضرورياته بلا فرق في ذلك بين بقاء العين و بدله، إذ البدل لا يصير ملكا طلقا له بتمامه، بل يقدر رفع الحاجة و الضرورة كما كان حكم المبدل كذلك.
مقتضى أصالة عدم خروج ما زاد على قدر الحاجة عن ولاية المالك جواز دفعه إلى المالك أو وكيله مع الإمكان، و مع عدمه فإلى الحاكم، و قد اختار ذلك الشهيد (رحمه اللَّه)، و لكن لا يبعد انقطاع ولاية المالك عنه مطلقا بالإعطاء، لصدق أنّه إعطاء و دفع للزكاة عرفا و وجوب رد ابن السبيل ما زاد عن حوائجه تكليف حادث مستقل لا ربط له بالمالك، فيدفعه إلى الحاكم و يبيّن الحال، فيرى فيه الحاكم رأيه.
لعدم صدقه عليه لغة، و عرفا، و شرعا، لظهور الأدلة فيمن تلبس بالسفر فعلا.
لإطلاق الأدلة الشامل لقصور أصل النفقة حدوثا بعد صدق ابن السبيل عليه بالتلبس بالسفر فعلا.
لوجود المقتضي للإعطاء حينئذ و فقد المانع عنه فيصح و يجزي.
(مسألة ۳۰): إذا علم استحقاق شخص للزكاة، و لكن لم يعلم من أيّ الأصناف، يجوز إعطاؤه بقصد الزكاة من غير تعيين الصنف (151). بل إذا علم استحقاقه من جهتين يجوز إعطاؤه من غير تعيين الجهة (152).
لأصالة البراءة عن اعتبار تعيينه، و إطلاق الأدلة.
لإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة عن وجوب التعيين، و ظهور عدم الخلاف.
فرع: يمكن أن ينطبق على شخص واحد جهات من أصناف المستحقين فيصح أن يؤتي من الزكاة من جميع تلك الجهات من الأصناف.
(مسألة ۳۱): إذا نذر أن يعطي زكاته فقيرا معينا- لجهة راجحة (153) أو مطلقا- (15٤) ينعقد نذره، فإن سها فأعطى فقيرا آخر أجزأ (155)، و لا يجوز استرداده و إن كانت العين باقية (156). بل لو كان ملتفتا إلى نذره و أعطى غيره متعمدا أجزأ أيضا (157) و إن كان آثما في مخالفة النذر، و تجب عليه الكفارة (158). و لا يجوز استرداده أيضا، لأنّه قد ملك بالقبض.
أما مع وجود الجهة الراجحة فلوجود المقتضي و فقد المانع فتشمله الأدلة لا محالة، و كذا إن كان المنذور إعطاء أصل الزكاة من حيث هي و كان الفقير المعيّن من التقييد في موردها و ذلك لتحقق الرجحان في أصل إعطاء الزكاة و صحة نذر الواجب. و أما لو كان متعلقه أولا و بالذات نفس الإعطاء إلى الفقير المعيّن من حيث هو و لم يكن رجحان فيه، فلا وجه للصحة حينئذ، و لكن الغالب في نذر إعطاء الصدقات من الزكاة و غيرها هو وجود الجهة الراجحة في المنذور له.
مع عدم الجهة الراجحة في المنذور له، و عدم رجوع نذره إلى نذر نفس الواجب يشكل انعقاد النذر.
لانطباق المأتيّ به على المأمور به قهرا، فيجزي لا محالة.
لأنّ الفقير قد ملك بالقبض، و لا يجوز انتزاع ملكه عنه بدون رضاه.
لأنّ المتفاهم عرفا من مثل هذا النذر تعدد المطلوب، فأصل الإعطاء مطلوب، و كون المعطى إليه شخصا خاصا مطلوب آخر، و كذا في جميع موارد نذر الواجبات المنذورة بقيود خاصة.
نعم، لو كان النذر تقيديا من كل جهة بحيث لا تحصل النية و القصد بغير المنذور مع الالتفات إليه بطل حينئذ من حيث فقد النية، و كذا لو كان النذر موجبا لحدوث حق خاص للَّه تعالى بالعمل بحيث تنقطع به سلطنة الناذر و اختياره بالنسبة إليه من كل جهة. و لكن إثبات كل منهما يحتاج إلى دليل و هو مفقود، و مقتضى كون انطباق المأتيّ به على المأمور به قهريا هو الإجزاء مطلقا و إن أثم بمخالفة النذر.
أما الإثم، فلتحقق المخالفة العمدية. و أما الكفارة فلترتبها عليها نصّا و إجماعا- كما سيأتي في محله. و أما عدم جواز الاسترداد فلما ذكر في المتن.
(مسألة ۳۲): إذا اعتقد وجوب الزكاة عليه فأعطاها فقيرا ثمَّ تبيّن له عدم وجوبها عليه، جاز له الاسترجاع إذا كانت العين باقية (159) و أما إذا شك في وجوبها عليه و عدمه فأعطى احتياطا ثمَّ تبيّن له عدمه، فالظاهر عدم جواز الاسترجاع و إن كانت العين باقية (160).
لأصالة بقاء ملكيته لها و عدم حصول ما يوجب تسلط الفقير عليها.
إن قصد التصدق المطلق على فرض عدم وجوب الزكاة عليه، فإنّه حينئذ صدقة، و لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد قبض الفقير لها و لو مع بقاء العين. و أما مع عدم هذا القصد، فمقتضى أصالة عدم حدوث الملكية للفقير جواز الرجوع إلا أن يقال: بجريان حكم معلوم التصدق على مشكوكه و هو مشكل و إن كان موافقا للاحتياط بالنسبة إلى المالك و مخالفا له بالنسبة إلى الفقير.
- 1- سورة التوبة: ٦۰.
2- الوسائل باب: ۱ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۳.
3- الوسائل باب: ۱ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۲.
٤- الوسائل باب: ۸ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۷.
5- الوسائل باب: ۸ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱۰.
6- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ٥.
7- الوسائل باب: ۹ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
8- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
9- الوسائل باب: ۸ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲.
10- الوسائل باب: ۸ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۷.
11- الوسائل باب: ۹ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
12- الوسائل باب: ۸ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 4.
13- الوسائل باب: ۹ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۳.
1٤- الوسائل باب: ۲4 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 4.
15- الوسائل باب: ۲4 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۸.
16- الوسائل باب: ۲4 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ٥.
17- الوسائل باب: 4۱ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۲.
18- الوسائل باب: ۲4 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۹.
19- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
20- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4.
21- تقدم في صفحة: ۱۷۲.
22- الوسائل باب: ۲۲ من أبواب مقدمات الطواف حديث: ۱.
23- الوسائل باب: ۱ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ٦.
2٤- الوسائل باب: ۷ من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث: ۱.
25- الوسائل باب: 4۹ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲.
26- الوسائل باب: 4۹ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۸.
27- الوسائل باب: ۳٥ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ٥.
28- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
29- الوسائل باب: 4٦ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
30- الوسائل باب: ٥۸ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
31- الوسائل باب: ٥۸ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۲ و باب: ٥۷ منها حديث: ۱.
32- الوسائل باب: ۲ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ٥.
33- الوسائل باب: ۲ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
3٤- الوسائل باب: ۲ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۲.
35- تقدم في صفحة: ۱۸۸ و ما بعدها.
36- الوسائل باب: ۱ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۷.
37- الوسائل باب: ۱ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 4.
38- الوسائل باب: ۱4 من أبواب زكاة الأنعام حديث: ۱.
39- الوسائل باب: ۲۹ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
40- راجع الوسائل روايات باب: ۱ من أبواب مستحقي الزكاة.
41- تقدم في صفحة: ۱٦۹.
42- الوسائل باب: ۱ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۷.
43- أصول الكافي ج: ۲ صفحة: 4۱ ط طهران.
4٤- الوسائل باب: 44 من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱ باب: 4۳ من أبواب مستحقي الزكاة.
45- الوسائل باب: 4۳ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
46- الوسائل باب: 4۳ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۲.
47- سورة التوبة: ٦۰.
48- الوسائل باب: ۱ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ٦.
49- الوسائل باب: ۹ من أبواب الدّين حديث: ۳.
50- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
51- الوسائل باب: ۸ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ٥.
52- الوسائل باب: ۱ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ٦.
53- الوسائل باب: ۹ من أبواب الدّين حديث: ۳.
5٤- لاحظ صفحة:
55- مستدرك الوسائل باب: ۲۷ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۱.
56- الوسائل باب: 4۸ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۱.
57- الوسائل باب: 4٦ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲.
58- الوسائل باب: 4۹ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۲ و في فروع الكافي ج: ۲ ص: ۳4 باب القرض.
59- الوسائل باب: 4٦ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۳.
60- الوسائل باب: ۱۸ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: ۲.
61- السنن الكبرى للبيهقي ج: ۷ ص: ۱۷ و في كنز العمال ج: ۳ ص: ۲۸٥.
62- الوسائل باب: ۱ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۷.
63- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب الوصية حديث: ۱.
6٤- الوسائل باب: ۳۳ من أبواب الوصية حديث: ۲.
65- الوسائل باب: ۱۲ من أبواب مستحقي الزكاة حديث: 4.
66- الوسائل باب: ۱ من أبواب المستحقين للزكاة حديث: ۷.