1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الرهن

هذه المادة- ر- ه- ن- أينما استعملت تدل على الثبات و الدوام و الحبس و التوثيق و التشديد و التأكيد قال تعالى‏ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ‏۱، و قال تعالى‏ فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ۲، و قال صلّى اللّه عليه و آله: «أنفسكم مرهونة بأعمالكم»۳، و بهذا المعنى استعملت في كلمات الفقهاء، فالرهن ثابت و دائم و محبوس ما دام الدين باقيا فليس لهم اصطلاح خاص بل تبعوا العرف و اللغة كما في جميع موضوعات الأحكام من العقود و الإيقاعات.

‏ و هو دفع العين للاستيثاق على الدين (۱) و يقال للعين «الرهن» و «المرهون» و لدافعها «الراهن» و لآخذها «المرتهن»، و يحتاج إلى العقد المشتمل على الإيجاب و القبول (۲)، و الأول من الراهن، و هو كل لفظ أفاد المعنى المقصود في متفاهم أهل المحاورة كقوله: «رهنتك» أو «أرهنتك» أو «هذا وثيقة عندك على مالك» و نحو ذلك، و الثاني من المرتهن، و هو كل لفظ دال على الرضا بالإيجاب (۳)، و لا يعتبر فيه العربية (٤) بل الظاهر عدم اعتبار الصيغة فيه أصلا فيقع بالمعاطاة (٥).

و قد عبر بالاستيثاق في الروايات ففي صحيح ابن سنان: «يرتهن الرجل بماله رهنا قال عليه السّلام: نعم استوثق من مالك»4، و غيره.

ثمَّ أن هذا إذا لو حظ بالمعنى المصدري و أما إذا لو حظ بالمعنى الاسمي فيصير منسلخا عن معنى المصدر يكون اسما للوثيقة الخاصة، كالفرق بين الغسل و الغسل فليس في الرهن حقيقة شرعية بل و لا متشرعة.

أما كونه عقدا فهو من المسلمات بل من ضروريات الفقه، كما ان تقوم كل عقد بالإيجاب و القبول أيضا كذلك.

تقدم غير مرة أن المناط في عناوين العقود ابرازها باللفظ الظاهر في المعنى المقصود عند العرف و أهل المحاورة، فكل ما كان كذلك يجزي و يصح و لو كان مجازا و ما لم يكن كذلك لا يجزي و لا يكتفى به كما هو الحال في جميع المكالمات و الاحتجاجات الدائرة بين الناس في العرفيات الدائرة بينهم ما لم يدل دليل شرعي على الخلاف.

لإطلاق الأدلة بعد عدم دليل على التقييد بها فيقع بكل لغة و لو مع التمكن منها و إن كان الأحوط مراعاتها حينئذ.

لما تقدم في كتاب البيع أن مقتضى العمومات و الإطلاقات في كل عقد إن الفعلي منه كالقولي إلا أن يدل دليل على الخلاف و لا دليل على الخلاف في المقام فتشملها الأدلة بلا كلام.

(مسألة ۱): يشترط في الراهن و المرتهن البلوغ و العقل و القصد و الاختيار (٦)، و في خصوص الأول عدم الحجر بالسفه و الفلس (۷)، و يجوز لولي الطفل و المجنون رهن مالهما مع المصلحة و الغبطة (۸).

للإجماع على أن هذه كلها من الشرائط العامة لكل عقد مطلقا.

نعم، البلوغ و العقل و القصد شرط الصحة، و الاختيار شرط للزوم، و تقدم في شرائط المتعاقدين من كتاب البيع ما ينفع المقام.

لأنه تصرف مالي، و هما ممنوعان عنه كما يأتي في كتاب الحجر.

للإجماع، و اقتضاء ولايته ذلك. و المرجع في المصلحة و الغبطة نظر ثقات أهل الخبرة.

(مسألة ۲): يشترط في صحة الرهن القبض من المرتهن (۹) بإقباض‏ من الراهن أو بإذن منه (۱۰)، و لو كان في يده شي‏ء وديعة أو عارية بل و لو غصبا فأوقعا عقد الرهن عليه كفى، و لا يحتاج إلى قبض جديد (۱۱)، و لم‏ يزل الضمان في الغصب (۱۲). و لو رهن المشاع لا يجوز تسليمه إلى المرتهن إلا برضا شريكه (۱۳)، و لكن لو سلمه إليه فالظاهر كفايته في تحقق القبض الذي هو شرط لصحته، و إن تحقق العدوان بالنسبة إلى حصة شريكه (۱٤).

لا ريب في وجوب القبض تكليفا في الرهن عند الجميع للإجماع، و لأن الرهن التزام من الراهن بإعطاء الوثيقة للدين و قبول من المرتهن لذلك الالتزام فيجب الوفاء به للعمومات و الإطلاقات.

و إنما الاختلاف في حكمه الوضعي أي: انه شرط للصحة أو شرط للزوم أو لا يتوقف الرهن عليه لا صحة و لا لزوما و إنما هو واجب تكليفي فقط؟

فذهب جمع إلى الأول مدعين عليه الإجماع، و جمع آخر إلى الثاني مع دعوى الإجماع عليه أيضا.

و لا ريب في سقوط إجماعهم أولا بالمعارضة، و ثانيا بأن الظاهر كونه من الإجماعات الاجتهادية لا التعبدية المحضة حتى تكون حجة فالعمدة حينئذ الأدلة الخاصة و هي قوله تعالى‏ فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ٥، و قول أبي جعفر عليه السّلام:

«لا رهن إلا مقبوضا»٦.

تكون في مقام التشريع.

و ثانيا: أن ذلك في سياق الشهادة قرينة على أنه من المندوبات لا من الوضعيات.

و على الحديث بأنه في مقام نفي الكمال لا نفي أصل الصحة أو اللزوم فلا يصح الاستدلال بالآية و الحديث لكل من شرط الصحة أو اللزوم.

و فيه: أما الخدشة على دلالة الآية فغير واردة لأن المنساق من الآيات الواردة في بيان الأحكام أن تكون تشريعية لا إرشادية إلا مع قرينة معتبرة عليه، و على فرض أن تكون إرشاديا فهي إرشاد إلى الصحيح عند الناس في رهونهم و وثاقهم، و مقتضى مرتكزاتهم اعتبار القبض و تسلط المرتهن عليها.

و بالجملة: مقتضى مرتكزات الدائنين كون استيلائهم على الوثيقة شرطا للصحة و الآية الكريمة نزلت على طبق هذا المرتكز، و مع الشك فمقتضى الأصل عدم ترتب الأثر بعد عدم صحة التمسك بالأدلة اللفظية، لكونه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك، و من ذلك يظهر عدم ورود الخدشة على دلالة الحديث أيضا، لأن المنساق من سنخ هذه التعبيرات نفي الحقيقة و الذات إلا مع القرينة على الخلاف.

ثمَّ إنه قال الفقيه الهمداني و نعم ما قال: «و من المحتمل قريبا مساوقة اللزوم مع الصحة عندهم في الرهن لعدم الوثوق بالرهن الجائز، فمن عبّر بأنه شرط في لزومه أراد أنه شرط في صيرورته لازما نافذا عند الشارع، و من نفاه قال انه يصح بدون ذلك و صحته لا ينفك عن اللزوم- إلى أن قال- و إطلاق اللازم على المؤثر خصوصا إذا كانت ماهيته مساوقة للزوم ليس بمستبعد في كلمات قدماء الأصحاب»، ثمَّ استظهر رحمه اللّه عن المسالك أن نزاعهم في أن القبض شرط لصحة الوقف أو في لزومه من هذا القبيل أيضا فراجع.

أقول: و على هذا يصير هذا النزاع الذي أطيل فيه الكلام لفظيا فراجع و تأمل.

لأن القبض بلا إذن ممن له الإذن كالعدم لا يترتب عليه الأثر و يكون فاسدا، مضافا إلى الإجماع على اعتبار الإذن فيه.

و ما يقال: من أنه بمجرد تحقق عقد الرهن يتعلق حق المرتهن بالعين المرهونة فله أخذها و لو من دون إذن الراهن.

مردود: بأن تعلق الحق بناء على كون القبض شرطا للصحة ليس فعليا من كل جهة بل معلق على اقباض الراهن، و المفروض أنه متوقف على الإذن و كذا لو كان شرطا للزوم، أو لم يكن شرطا فإن المنساق من جعل شي‏ء وثيقة للدين إذن المديون فيه لا استيلاء الدائن عليه و لو من دون إذنه، فإن مقتضى الأصل عدم صحته و عدم ترتب أثر الرهن عليه و لا يصح التمسك بإطلاقات الرهن، لفرض الشك في الموضوع، و الظاهر استنكار المتشرعة بل مطلق الملاك لما إذا أخذ المرتهن العين المرهونة من الراهن بلا إذنه و إجازته، و يكفي هذا في اعتبار الإذن بعد عدم ثبوت الردع عنه شرعا.

لأن كل ذلك قبض، فتشمله إطلاق أدلة اعتبار القبض لوجود المقتضي و فقد المانع.

و دعوى: انه إذا كان غصبا فهو فاسد فيكون كالعدم و كالقبض بلا إذن في عدم الاعتبار به (لا وجه له)، إذ فيه أولا: أن النهي في غير العبادة لا يوجب الفساد.

و ثانيا: أنه فاسد ما دام اتصافه بالغصبية، و أما إذا اتصف بالرهنية عرفا فلا وجه للفساد حينئذ لاختلاف الحيثيتين و الجهتين الموجب لاختلاف الحكم قهرا، و لا يحتاج إلى مضي زمان بين زوال يد العدوان و حدوث الارتهان لأن الزوال و الحدوث اعتباري رتبي لا أن يكون خارجيا زمانيا فلا وجه لما عن‏ بعض من اعتباره في المقام.

إن قيل: نعم القبض السابق في الوديعة و العارية كان بعنوانهما و قد زال و نشك حينئذ في إذن آخر عند حدوث الرهن فيحتاج اليه.

يقال: القبض حصل في الحالتين وجدانا، و الحالتان بعد حصول سببهما من الأمور الانطباقية القهرية لا توجب اختلافا في ذات القبض و إنما توجب اتصاف ذات القبض لعرض خارجي عنواني بلا تغير ذاتي فيه كما هو واضح.

للأصل و إطلاق دليل الضمان إلا إذا كان العنوان ظاهرا في إسقاطه.

لحرمة التصرف في المال المشترك إلا برضا الشركاء، و تقدم التفصيل في كتاب الشركة فراجع.

أما تحقق القبض فلفرض تسليم الراهن العين المرهونة إلى المرتهن وجدانا.

و أما تحقق العدوان فلفرض انه تصرف في مال الشريك بغير إذنه بتسليمه إلى المرتهن فيكون آثما لا محالة، فيصير المقام كالتصرف فيما يملكه المتصرف و فيما لا يملكه.

(مسألة ۳): إنما يعتبر القبض في الابتداء، و لا يعتبر استدامته (۱٥)، فلو قبضه المرتهن ثمَّ صار في يد الراهن أو غيره بإذن الراهن أو بدونه لم‏ ضر و لم يطرأه البطلان (۱٦). نعم، للمرتهن استحقاق إدامة القبض و كونه تحت يده (۱۷) فلا يجوز انتزاعه منه إلا إذا شرط في العقد كونه بيد الراهن أو يد ثالث (۱۸).

لإجماع الإمامية مضافا إلى الإطلاقات و العمومات بناء على استفادة كفاية صرف وجود القبض منها كما هو الظاهر لا الطبيعة السارية المستمرة إلى حين وفاء الدين فإنه يحتاج إلى القرينة و هي مفقودة.

للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

لأنه لا معنى لكون المال وثيقة للدين إلا هذا بحسب الانظار المتعارفة و الأدلة الشرعية منزلة عليها.

لشمول عموم أدلة الشروط فيصح و ينفذ و يكون المشروط له كالوكيل للمرتهن حينئذ، فلا تنافي بين استحقاقه الذاتي و اشتراط كون العين عند غيره.

(مسألة ٤): يشترط في المرهون أن يكون عينا مملوكا يمكن قبضه و يصح بيعه (۱۹)، فلا يصح رهن الدين قبل قبضه (۲۰)، و لا رهن‏ المنفعة (۲۱) و لا الحر و الخمر و الخنزير (۲۲)، و لا مال الغير إلا بإذنه أو إجازته (۲۳)، و لا الأرض الخراجية (۲٤)، و لا الطير المملوك في الهواء إذا كان غير معتاد عوده (۲٥)، و لا الوقف و لو كان خاصا (۲٦).

أما اعتبار العينية فعمدة دليلهم السيرة و الإجماع، فلا وجه بعد ذلك للتمسك بالإطلاقات.

و أما اعتبار المملوكية، فغني عن البيان، لأن ما لا ملكية له عرفا و شرعا كيف يجعل وثيقة للدين، مع أنه لا يمكن للدائن استفادة ماله منه بعد امتناع المديون عن الأداء.

و منه يعلم الوجه في إمكان القبض و صحة البيع إذ لا معنى للرهن عرفا إلا استيلاء المرتهن على العين المرهونة و بيعه عند امتناع الراهن عن أداء الدين، مع أن اعتبار كل ذلك من المجمع عليه لديهم، و تقدم ما يدل على اعتبار القبض في الرهن فراجع.

لأن مقتضى مرتكزات الناس في الرهون الدائرة لديهم أنهم يرون وثيقة دينهم حاضرا لديهم، فكأن دينهم موجودا لديهم و لم يغب عنهم و لا معنى للرهن عندهم إلا هذا، و الشارع قرر طريقتهم لأنه لم يأت بمعنى مخترع‏ للرهن فيكون قوام الرهن بذلك عرفا و شرعا، و هذا المعنى لا يتحقق في الدين قبل قبضه كما هو معلوم خصوصا مع كثرة مسامحة الناس في أداء ديونهم و عدم مبالاتهم في الوثيقة لها و الاهتمام بها، و قد يدعى الإجماع على أنه لا يصح رهن الدين و لكن في الجواهر: «دون تحصيله خرط القتاد».

للإجماع، و السيرة، و علل بأنه لا يمكن قبضها، و بأنها متدرجة الوجود فما مضت منها فاتت و ما بقت ربما لا تفي بقدر الدين.

و يرد الأول بأن قبض العين قبض لها كما في سائر الموارد، و الثاني بإمكان إيجار العين و جعل الأجرة رهنا، و الرد الأول صحيح و الثاني خلف.

لعدم الملكية شرعا في الجميع بضرورة المذهب بل الدين.

للإطلاق و الاتفاق في كل من المستثنى و المستثنى منه، و ظاهرهم جريان الفضولية في الرهن أيضا، لإطلاق ما دل على صحة الفضولي الشامل للرهن أيضا فراجع ما ذكرناه في بيع الفضولي.

لعدم الملكية الشخصية فيها إجماعا و نصا۷.

لعدم القدرة على التسليم.

لعدم جواز بيعه كما مر في كتاب البيع فلا موضوع لاستيفاء الدين من ثمنه، و على فرض جواز بيعه في بعض الموارد لا بد و أن يشتري بثمنه بدله كما مر فلا أثر له بالنسبة إلى الدين.

ثمَّ أنه قد تذكر في المقام قاعدة أن «كل ما جاز بيعه جاز رهنه»، و هي في‏ الجملة لا بأس بها لأنها المتيقن من إجماعهم لو تمَّ و أما كليتها بحيث تكون من القواعد فلم تثبت بدليل معتبر من نص أو إجماع، فلا وجه للنقض و الانتقاض بعد عدم الكلية فيها.

(مسألة ٥): لو رهن ما يملكه مع ملك غيره في عقد واحد صح في‏ ملكه، و وقف في ملك غيره على إجازة مالكه (۲۷).

أما الصحة في ملكه فلوجود المقتضي لها و فقد المانع عنها بعد أن كان الرهن انحلاليا بالنسبة إلى العين المرهونة.

و أما التوقف على الإجازة في غير ما يملكه فلأنه من صغريات الفضولي و دليله يشمل المقام.

(مسألة ٦): لو كان له غرس أو بناء في الأرض الخراجية لا إشكال في صحة رهن ما فيها مستقلا، و كذا مع أرضها بعنوان التبعية، و أما رهن أرضها مستقلا ففيه إشكال (۲۸).

أما جواز رهن نفس الغرس و البناء فلفرض كونه مالكا لها فيشملها إطلاق أدلة الرهن و ظاهرهم الإجماع عليه أيضا، و أما رهن الأرض تبعا للأثر فلحصول الملكية الشخصية التبعية أيضا، فيكون المقتضي للصحة موجودا و المانع عنها مفقودا فيشملها الإطلاق و الاتفاق.

و أما الإشكال في الأخير فهو مبني على أن الملكية التبعية الحاصلة للأرض تبعية تقييدية حقيقية للأثر بحيث لو القى قيدية الأثر و لحاظه لا ملكية أصلا، أو أن الأثر منشأ لحصول الملكية التبعية قهرا ما دام باقيا قيدت الأرض به أو لا، لو حظ في العقد أو لا، و لا يبعد مساعدة الأذهان العرفية على الثاني، و يأتي في كتاب الأحياء ما ينفع المقام.

(مسألة ۷): لا يعتبر أن يكون الرهن ملكا لمن عليه الدين (۲۹)، فيجوز لشخص أن يرهن ماله على دين غيره تبرعا و لو من غير إذنه، بل و لو مع نهيه (۳۰)، و كذا يجوز للمديون أن يستعير شيئا ليرهنه على دينه (۳۱)، و لو رهنه و قبضه المرتهن ليس لمالكه الرجوع (۳۲)، و يبيعه المرتهن (۳۳)، كما يبيع ما كان ملكا للمديون، و لو بيع كان لمالكه مطالبة المستعير بما بيع به (۳٤)، لو بيع بالقيمة أو بالأكثر و بقيمة تامة لو بيع بأقل من قيمته (۳٥)، و لو عين له أن يرهنه على حق مخصوص من حيث القدر أو الحلول‏ أو الأجل أو عند شخص معين لم يجز له مخالفته (۳٦)، و لو أذنه في الرهن مطلقا جاز له الجميع (۳۷) و تخير.

لإطلاق أدلة الرهن و قاعدة «سلطنة الناس على أموالهم» فلمالك‏ العين أن يرهن ماله على دين كل من شاء و أراد مع حصول وثيقة الدين بذلك عرفا فلا مانع في البين و يقتضيه الأصل أيضا.

لا بد و أن يقيد بما إذا لم تحصل منة و مهانة على من عليه الدين من صاحب المال و إلا فالظاهر مراعاة إذنه.

للأصل و الإطلاق و ظهور الاتفاق.

لأن الإذن في الإرهان مع الالتفات إلى أن الرهن وثيقة للدين و في معرض البيع لأداء الدين التزام منه بإبقاء ماله عرضة لهذا الغرض إن لم يؤد المديون دينه، فكأنه التزم على نفسه بإبقاء المال لدين من عليه الحق إلى ان يتبين الحال.

إذ لا معنى لجعل المالك ماله رهنا لدين الغير إلا هذا فالمالك أذن بالالتزام للمرتهن في جعل ماله وثيقة لدين الغير أن يبيعه وفاء للدين عند عدم وصول دينه اليه.

لقاعدة «السلطنة» بالنسبة إلى المعير بعد فرض عدم تمليك العين بالنسبة إلى المستعير، فهي باقية على ملك المعير كما في كل عارية و مقتضى كون البيع عن إذن من مالك العين هو صحة مطالبة المعير بعوض ماله، سواء كان هو القيمة الواقعية أم أكثر منها لفرض كون كل منهما عوض ماله الذي أذن في بيعه.

لعدم شمول الإذن المالكي لهذه الصورة، فمقتضى قاعدة «السلطنة»

صحة مطالبته بالقيمة التامة، كما ان مقتضى قاعدة «اليد» بعد عدم شمول الإذن لها هو ذلك أيضا.

نعم، لو فرض وجود قرينة معتبرة في البين على الإذن في البيع مطلقا حتى بالأقل ليس له مطالبة القيمة التامة، لفرض إذنه في البيع بالأقل.

لأصالة عدم حق له في غير ما عين له، مضافا إلى الإجماع.

لثبوت إطلاق الإذن الشامل للجميع، فيتخير فيما شاء من موارد الإذن.

(مسألة ۸): لو كان الرهن على الدين المؤجل و كان مما يسرع اليه الفساد قبل الأجل فإن شرط بيعه قبل أن يطرأ عليه الفساد صح الرهن، و يبيعه الراهن أو يوكل المرتهن في بيعه (۳۸). و إن امتنع أجبره الحاكم (۳۹)، فإن تعذر باعه الحاكم (٤۰)، و مع فقده باعه المرتهن (٤۱)، فإذا بيع يجعل ثمنه رهنا (٤۲)، و كذلك الحال لو أطلق و لم يشترط البيع و لا عدمه (٤۳)، و أما لو شرط عدم البيع إلا بعد الأجل بطل الرهن (٤٤)، و لو رهن ما لا يتسارع إليه الفساد فعرض ما صيره عرضة للفساد كالحنطة لو ابتلّت لم ينفسخ الرهن (٤٥)، بل يباع و يجعل ثمنه رهنا (٤٦).

أما صحة الرهن فللإطلاق و الاتفاق و وجود المقتضي و فقد المانع.

و أما صحة البيع من الراهن أو توكيل المرتهن فيه فلقاعدة السلطنة بعد عدم مزاحمة حق الغير لمكان الشرط.

لأن هذا من احدى موارد الأمور الحسبية التي له الولاية عليها، و لأن جعله و نصبه لاحقاق الحق و رفع الظلم و الباطل و ما نحن فيه من احدى مصاديقهما.

لانحصار موضوع الحسبة حينئذ بنفس الحاكم بعد فرض سقوط المباشرة من الطرف للتعذر، فتشمله أدلة ولايته.

لأنه حينئذ إحسان و معروف فيمكن استفادة الإذن له من قوله تعالى:

ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ‏۸، و قوله عليه السّلام: «كل معروف صدقة»۹، و قوله عليه السّلام: «اللّه في عون المؤمن ما دام المؤمن في عون أخيه»۱۰، بعد فرض أن البيع حينئذ اعانة للخير بالنسبة للمالك لصون ماله عن الفساد.

لأن الرهنية متقومة بقدر خاص من المالية و تبديل صورة العين المرهونة لعذر شرعي لا يوجب زوال الرهنية عن أصل المالية، فحق الرهانة ثابت بالنسبة إليها و الصورة الخاصة كانت طريقا لإحرازها فالمدار عليها و هي المناط في الوثيقة كما لا يخفى، فلا نحتاج حينئذ في جعله رهنا إلى عقد جديد.

لتحقق موضوع بيع العين المرهونة مع ثبوت المعرضية للفساد فيجري فيه جميع ما تقدم بلا فرق بينهما.

لعدم صحة جعل مثل هذا وثيقة للدين عند العرف لكونه في معرض الزوال بلا بدل فلا يتحقق موضوع الرهن و لا الوثيقة.

للأصل، و الإطلاق و ظهور الاتفاق.

كما تقدم في الفرع السابق من غير فرق، و يكون المتصدي للبيع على نحو ما مر مترتبا.

(مسألة ۹): لا إشكال في أنه يعتبر في المرهون كونه معينا، فلا يصح رهن المبهم (٤۷)، كأحد هذين. نعم، يصح رهن الكلي في المعين (٤۸) كصاع من صبرة و شاة من هذا القطيع، و قبضه إما بقبض الجميع أو بقبض ما عينه الراهن منه (٤۹) فإذا عين بعد العقد صاعا أو شاة و قبضه المرتهن صح و لزم (٥۰)، و لا يصح رهن المجهول من جميع الوجوه (٥۱)، كما إذا رهن ما في الصندوق المقفل، و إذا رهن الصندوق بما فيه صح بالنسبة إلى الظرف دون المظروف (٥۲). و أما المعلوم الجنس و النوع المجهول المقدار كصبرة من حنطة مشاهدة فالظاهر صحة رهنه (٥۳).

للإجماع، و قاعدة «نفي الغرر» الشاملة للمقام أيضا، و لكن المتيقن‏ من الإجماع و المتفاهم من القاعدة ما إذا لم يكن في معرض التعيين عرفا و الا فشمول دليل المنع له مشكل بل ممنوع، و كذا يشكل المنع فيما إذا كان الشيئان من معمل واحد و قياس واحد فإنه لا إبهام و لا غرر في رهن أحدهما بهما، فيختار المرتهن أيهما شاء كما في جملة من المصنوعات الحديثة لأن المرجع في الإبهام و التعيين متعارف أهل الخبرة بالأشياء، فمع عدم حكمهم بالإبهام تشمله الإطلاقات و العمومات.

للتعيين في الجملة و لا دليل على اعتبار أزيد منه مع المعرضية القريبة العرفية للتعيين من كل جهة فتشمله الإطلاقات و العمومات.

لكونه مالكا فيكون حق التعيين و القبض له.

نعم، لو وقع تنازع في البين في جهة من الجهات لا بد من التراضي أو الرجوع إلى الحاكم الشرعي.

لوجود المقتضي لهما و فقد المانع عنهما فتشمله أدلة الصحة و اللزوم.

للاتفاق، و لأنه لا يتحقق منه تمام الاستيثاق.

لتحقق الجهالة في المظروف دون الظرف، و لكن لا بد و أن يقيد ذلك بما إذا كان الظرف قابلا للرهانة عرفا لا ما إذا لم تكن له مالية أصلا بالنسبة إلى الدين

للعمومات و الإطلاقات بعد مسامحة الناس في هذا المقدار من الجهالة في الرهون الشائعة بينهم، فتنزل الأدلة على هذا الشائع المتعارف و طريق الاحتياط واضح.

(مسألة ۱۰): يشترط فيما يرهن عليه أن يكون دينا ثابتا في الذمة (٥٤)، لتحقق موجبه من اقتراض أو إسلاف مال أو شراء أو استئجار عين بالذمة و غير ذلك (٥٥)، حالا كان الدين أو مؤجلا (٥٦)، فلا يصح الرهن على ما يقترض أو على ثمن ما يشتريه فيما بعد، فلو رهن شيئا على ما يقترض ثمَّ اقترض لم يصر بذلك رهنا، و لا على الدية قبل استقرارها بتحقق الموت و إن علم أن الجناية تؤدي إليه، و لا على مال الجعالة قبل تمام العمل (٥۷).

صحة الرهن على الدين الثابت في الذمة لا إشكال فيها من أحد و تدل عليها ظواهر الأدلة، و الإجماع و السيرة القطعية بين الأمة.

و أما عدم الصحة على ما لم يستقر في الذمة حين الرهن و يستقر فيها بعده فالمشهور فيه البطلان، و استدل عليه.

تارة: بظواهر الأدلة.

و أخرى‏: بالإجماع.

و ثالثة: بعدم صدق وثيقة الدين قبل حصوله.

و رابعة: بأنه خلاف المتعارف فلا تشمله الأدلة.

و يمكن المناقشة في الثالثة بأن جعل الرهن بلحاظ حال حصول الدين فيما بعد لا بقيد عدم حصوله فعلا فلا محذور منه، و في الأخير بأن عدم التعارف لا يوجب عدم شمول الإطلاق له كما هو واضح إلا إذا رجع الدليل إلى ظهور فيما هو المتعارف، و حينئذ فهو العمدة مع ظهور الإجماع.

و من ذلك يظهر أنه لا دليل على بطلان الرهن على الدين المقارن حصوله لتحقق الرهن، لأن المتيقن من الإجماع هو سبق الرهن زمانا على الدين الحادث لا حقا كذلك، و أما التقارن الزماني فداخل تحت العمومات و الإطلاقات و إن كان الأحوط تركه.

كالمهر و الدية الثابتة و نحوهما.

لصدق الثبوت في الذمة بالنسبة إلى كل منهما.

كل ذلك لفقد شرط الصحة و هو الدين الثابت في الذمة.

(مسألة ۱۱): كما يصح في الإجارة أن يأخذ المؤجر الرهن على الأجرة التي في ذمة المستأجر كذلك يصح أن يأخذ المستأجر الرهن على العمل الثابت في ذمة المؤجر (٥۸).

لكون كل منهما دين ثابت في الذمة فيشملها إطلاق أدلة الرهن.

(مسألة ۱۲): الظاهر أنه يصح الرهن على الأعيان المضمونة (٥۹)، كالمغصوبة و العارية المضمونة و المقبوض بالسوم و نحوها، و أما عهدة الثمن أو المبيع أو الأجرة أو عوض الصلح و غيرها لو خرجت مستحقة لغير ففي صحة الرهن عليها تأمل و إشكال (٦۰).

مورد الرهن إما دين أو عين غير مضمونة- كالعارية و الوديعة و نحوهما- أو عين مضمونة- كالمغصوب و العارية المضمونة و نحوهما- أو عهدة الثمن و المبيع و نحوهما، و لا ريب في صحة الرهن في الأول، كما لا إشكال في عدم صحته في الثاني للإجماع.

و قد وقع الخلاف في الثالث فعن جمع منهم الشهيدين الصحة للعمومات و الإطلاقات.

و نسب إلى الأكثر عدم الصحة و استدل عليه.

تارة: بالأصل.

و أخرى‏: باختصاص الأدلة بالدين إما ظاهرا أو انصرافا.

و ثالثة: بأنه إذا صح الرهن فيها صح في غير المضمون أيضا.

و الكل مخدوش. أما الأصل، فلا وجه له مع وجود الإطلاق و العموم كما هو معلوم، و أما اختصاص الأدلة بالدين فهو إما لأجل الانصراف إلى الغالب الذي لا اعتبار به كما ثبت في محله، أو لأجل كون المورد هو الدين و هو أيضا لا يوجب التخصيص، و أما الملازمة فلا دليل عليه من عقل أو نقل، مع أن المستفيضة المشتملة على الاستيثاق من المال شامل للأعيان المضمونة مثل قول الصادق عليه السّلام: «استوثق من مالك ما استطعت»۱۱، خرج غير المضمونة بالإجماع و بقي الباقي، و الظاهر مساعدة العرف على صحة الرهن على الأعيان المضمونة أيضا.

و أما الرابع‏: و هو ضمان عهدة المبيع إن ظهر مستحقا للغير و كذا الثمن و المهر و نحوها، فربما يقال بعدم تحقق الرهن فيها لعدم ثبوت موضوعه و هو الاستحقاق للغير فعلا، فكيف يتحقق الرهن بل و مع الشك في الصدق لا يصح التمسك بالأدلة، لأنه حينئذ تمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

و فيه: أنه لا ريب في صدق المال في هذه الموارد فيشملها إطلاق قوله عليه السّلام: «استوثق من مالك ما استطعت»۱۲، و تكفي المعرضية لكون المال للغير عرفا في صحة الرهن عليها مهما صدق الاستيثاق على المال بحسب المتعارف، و مقتضى الأصل و الإطلاق عدم اعتبار فعلية الاستحقاق للغير.

و بالجملة: المدار على صحة إطلاق الرهن و عدم استنكاره عرفا صدق الاستيثاق.

و أما دعوى أن هذه الأمور مبنية على الإرفاق و الرهن عليها ينافي الإرفاق ممنوع صغرى و كبرى.

و بعبارة أخرى: الرهن يصح للتوثيق الفعلي الاحتياطي أيضا.

ظهر وجهه مما مر مع جوابه.

(مسألة ۱۳): لو اشترى شيئا بثمن في الذمة جاز جعل المبيع رهنا على الثمن (٦۱).

لشمول ما تقدم من الأدلة لهذه الصورة أيضا.

(مسألة ۱٤): لو رهن على دينه رهنا ثمَّ استدان مالا آخر من المرتهن جاز جعل ذلك الرهن رهنا على الثاني أيضا (٦۲)، و كان رهنا عليهما معا، سواء كان الثاني مساويا للأول في الجنس و القدر أو مخالفا، و كذا له أن يجعله على دين ثالث و رابع إلى ما شاء و كذا إذا رهن شيئا على دين جاز أن يرهن شيئا آخر على ذلك الدين و كانا جميعا رهنا عليه.

لإطلاق أدلة الرهن الشامل لجميع الصور المفروضة في هذه المسألة فالمقتضي للصحة في جميعها موجود و المانع عنها مفقود بعد رضاء المرتهن بذلك، و الأقسام ثلاثة.

فتارة: يرهن المال الواحد رهنا لديون كثيرة عند مرتهن واحد.

و أخرى‏: يرهن أموالا متعددة رهنا لدين واحد عند مرتهن واحد.

و ثالثة: يرهن المال الواحد لديون كثيرة عند أشخاص متعددين بإذنهم و إجازتهم.

و الكل صحيح للإطلاق و يأتي القسم الأخير في المسألة التالية.

(مسألة ۱٥): لو رهن شيئا عند زيد ثمَّ رهنه عند آخر أيضا باتفاق من المرتهنين كان رهنا على الحقين إلا إذا قصدا بذلك فسخ الرهن الأول و كونه رهنا على خصوص الدين الثاني (٦۳).

فيتعين رهنا للثاني حينئذ لزوال الأول بالفسخ.

(مسألة ۱٦): لو استدان اثنان من واحد كل منهما دينا ثمَّ رهنا عنده مالا مشتركا بينهما و لو بعقد واحد ثمَّ قضى أحدهما دينه انفكت حصته عن الرهانة و صارت طلقا (٦٤)، و لو كان الراهن واحدا و المرتهن متعددا- بأن كان عليه دين لاثنين فرهن شيئا عندهما بعقد واحد- فكل منهما مرتهن للنصف مع تساوي الدين (٦٥)، و مع التفاوت فالظاهر التقسيط و التوزيع بنسبة حقهما (٦٦)، فإن قضى دين أحدهما انفك عن الرهانة ما يقابل حقه (٦۷)، هذا كله في التعدد ابتداء، و أما التعدد الطارئ فالظاهر إنه لا عبرة به (٦۸)، فلو مات الراهن عن ولدين لم ينفك نصيب أحدهما بأداء حصته من الدين، كما أنه لو مات المرتهن عن ولدين فأعطى أحدهما نصيبه من الدين لم ينفك بمقداره من الرهن.

لوجود المقتضي للطلقية و فقد المانع عنها، فتحقق لا محالة و أما جواز استدانة اثنين عن واحد و رهن شي‏ء مشترك بينهما عنده فيدل على صحته الأصل و الإطلاق و الاتفاق.

لكون تساوي الدينين قرينة عرفية معتبرة على كون كل منهما مرتهن للنصف.

لحكم العرف بذلك ما لم تكن قرينة على الخلاف.

لأنه لا وجه للتوزيع بالنسبة إلى الارتهان إلا هذا فينفك الرهن بالرهن بالنسبة إلى ما يؤدي من الدين، و يبقى بالنسبة إلى ما بقي منه.

لأصالة بقاء الرهانة بالنسبة إلى ما وقع الرهن عليه و التعدد الطارئ على العين المرهونة لا يوجب انحلاله إلى اثنين بعد ما أنشأ بعنوان واحد عن واحد بواحد.

(مسألة ۱۷): لا يدخل الحمل الموجود في رهن الحامل و لا الثمر في رهن النخل و الشجر، و كذا ما يتجدد (٦۹)، إلا إذا اشترط دخولها (۷۰). نعم، الظاهر دخول الصوف و الشعر و الوبر في رهن الحيوان، و كذا الأوراق و الأغصان حتى اليابسة في رهن الشجر (۷۱)، و أما اللبن في الضرع و مغرس الشجر و رأس الجدار- أعني موضع الأساس من الأرض- ففي دخولها تأمل و إشكال (۷۲)، لا يبعد عدم الدخول و إن كان الأحوط التصالح و التراضي (۷۳).

لاختلاف ذلك كله مع العنوان المذكور في عقد الرهن الواقع على‏ الحيوان الحامل و على النخل و الشجر و نحوها، فلا وجه للدخول مضافا إلى ظهور الإجماع.

فيدخل حينئذ لمكان الشرط الذي يجب الوفاء به، أو كان هناك تعارف معتبر.

كل ذلك لمكان التبعية العرفية فيما ذكر و عدم ملاحظتها شيئا مستقلا في مقابل الحيوان و الشجر، بل لا يرى الحيوان و الشجر إلا مركبا عنهما كتركيب البيت من الجدران و نحوها، فالأقسام ثلاثة:

فتارة: يحكم العرف بالتعدد اعتبارا.

و أخرى: يحكم بالوحدة الاعتبارية.

و ثالثة: يشك في ذلك، و في الأولى لا يدخل، و في الثانية يدخل، و في الأخيرة مقتضى الأصل الأزلي عدم الدخول أيضا بعد الشك في شمول الدليل له و عدم صحة التمسك به حينئذ لأنه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك، و حيث إن التمسك بالأصل الأزلي خلاف الانظار العرفية فلا بد من التصالح و التراضي.

و يمكن جعل المسألة من باب الأقل و الأكثر لأن الأقل علم بتحقق الرهن به و الأكثر مشكوك من هذه الجهة فيرجع إلى الأصل فيجري الأصل في العدم المحمولي أيضا بلا محذور فيه، و هكذا بعينه حكم التبعية.

فتارة: يحكم العرف بالتبعية.

و أخرى‏: يحكم بعدمها.

و ثالثة: يشك فيها.

من صحة كون ذلك كله من التبعية في الجملة، فيدخل كل ذلك في الرهن.

و من صحة التشكيك في التبعية خصوصا في بعض أقسامها فلا وجه للجزم بالتبعية حينئذ.

ظهر وجهه مما ذكرنا.

(مسألة ۱۸): الرهن لازم من جهة الراهن، و جائز من طرف المرتهن (۷٤). فليس للراهن انتزاعه منه بدون رضاه (۷٥)، إلا أن يسقط حقه من الارتهان أو ينفك الرهن بفراغ ذمة الراهن من الدين بالأداء أو الإبراء أو غير ذلك (۷٦)، و لو برأت ذمته من بعض الدين فالظاهر بقاء الجميع، رهنا (۷۷)، على ما بقي إلا إذا اشترطا التوزيع، فينفك منه على مقدار ما برأ منه، و يبقى رهنا على مقدار ما بقي، أو شرطا كونه رهنا على المجموع من حيث المجموع، فينفك الجميع بالبراءة عن بعض الدين (۷۸).

للإجماع في كل منهما و به يخرج عن جريان أصالة اللزوم بالنسبة إلى المرتهن، مضافا إلى أن الجواز من طرف الراهن ينافي كون الرهن وثيقة للدين و حبسا بالنسبة إليه.

و عن جمع منهم صاحب الجواهر أنه لا يجوز اشتراط الخيار للراهن لكونه خلاف الاستيثاق و الحبس، فيكون منافيا لمقتضى العقد هذا بعد تمامية الرهن بالقبض و أما قبله، فمقتضى الأصل عدم ترتب الأثر بعد الشك في شمول الأدلة له، و لا يبعد جريان الخيار باعتبار وثاقة المالية فتتبدل العين إلى غيرها مع بقاء الرهانة.

لأنه لا معنى للزوم إلا هذا.

كالصلح و الهبة و الاحتساب من الحقوق المنطبقة عليه، و الوجه في ذلك كله واضح لزوال موضوع الرهن بذلك كله فلا يبقى رهن بعدها حتى‏ يبحث عن حكمه.

على ما يأتي وجهه آنفا.

الأقسام أربعة:

الأول‏: رهن المجموع على كل جزء من الحق.

الثاني‏: رهن المجموع على صرف وجود الحق مطلقا و لو بجزء منه.

الثالث‏: رهن الأجزاء المشاعة على الأجزاء كذلك.

الرابع‏: رهن المجموع من حيث المجموع كذلك.

و حكم الكل واضح ففي الأول لا ينفك من الرهن شي‏ء بسقوط بعض الدين لفرض كونه رهنا على كل جزء من المجموع، و مثله الثاني لفرض وجود الدين و الحق و لو بجزء منه، و أما الثالث فينفك من الرهن بمقدار ما وفّى و يبقى منه بقدر ما بقي من الدين، و أما الرابع فينفك الجميع بسقوط بعض الدين و لو كان يسيرا لزوال المجموع من حيث المجموع به كما هو واضح، و حيث إن المنساق من إطلاق الرهن هو القسم الأول يبقى جميع الرهن و لو سقط بعض الدين.

نعم، لو شرط التوزيع ينفك من الرهن بقدر ما سقط الدين على حسب الشرط.

(مسألة ۱۹): لا يجوز للراهن التصرف في الرهن إلا بإذن المرتهن (۷۹)، سواء كان ناقلا للعين كالبيع أو المنفعة كالإجارة أو مجرد الانتفاع به و إن لم يضر به كالركوب و السكنى و نحوها (۸۰)، فإن تصرف بغير الناقل أثم، و لم يترتب عليه شي‏ء (۸۱)، إلا إذا كان بالإتلاف، فيلزم قيمته و تكون رهنا (۸۲)، و إن كان بالبيع أو الإجارة أو غيرهما من النواقل وقف على إجازة المرتهن (۸۳)، ففي مثل الإجارة تصح بالإجازة، و بقيت الرهانة على حالها (۸٤) بخلافها في البيع، فإنه يصح بها و تبطل الرهانة (۸٥)، كما أنها تبطل بالبيع إذا كان عن إذن سابق من المرتهن (۸٦).

كل ذلك لاعتبار العمد و الاختيار في مفطرية المفطرات و لا حكم لها مع السهو و النسيان على ما يأتي تفصيله في (فصل) المفطرات المذكورة ما عدا البقاء على الجنابة.

أما أصل عدم الجواز في الجملة فللإجماع و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف»۱۳، و لأن جواز التصرف من الراهن ينافي‏

‏ الحبس و الاستيثاق الذي يتقوم به الرهن عرفا.

و أما الجواز بإذن المرتهن فلفرض أن المنع من جهة حقه المتعلق بالمرهون، فإذا رضي فلا موضوع لعدم الجواز بعد رضاه كما هو معلوم.

للإطلاق و الاتفاق الشامل للجميع، و أما التصرفات التي تكون لمصلحة العين المرهونة، فمقتضى الأصل الجواز بعد انصراف أدلة المنع عن مثلها.

للإطلاق و الاتفاق الشامل للجميع، و أما التصرفات التي تكون لمصلحة العين المرهونة، فمقتضى الأصل الجواز بعد انصراف أدلة المنع عن مثلها.

أما الإثم فلأنه خالف الحكم الشرعي الفعلي المنجز، و أما عدم ترتب شي‏ء عليه فلفرض بقاء العين المرهونة بلا حصول نقص فيه من جهة تصرفه فلا موجب للضمان لأنه تصرف في ملكه.

و أما صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل رهن جاريته قوما أ يحل له أن يطأها؟ قال عليه السّلام: إن الذين ارتهنوها يحولون بينه و بينها، قلت:

أرأيت إن قدر عليها خاليا؟ قال: نعم لا أرى به بأسا»۱4، و مثله صحيح الحلبي إلا أن فيه «لا أرى هذا عليه حراما»۱٥، فاسقطهما عن الاعتبار موافقتهما للعامة و هجر الأصحاب عنهما.

أما لزوم المثل أو القيمة فلفرض أنه أتلف متعلق حق الغير من حيث المالية و وثاقة الدين، و أما أنه رهن فلفرض أنه العوض بدل المعوض من هذه الجهة لا أن يكون ملكا للمرتهن، فمقتضى كون المعوض كالعوض أنه يكون رهنا كما كان العوض كذلك.

لتعلق حق المرتهن به فيتوقف على اجازته كما في كل عقد وقع‏

على مال الغير أو متعلق حقه، و قد مر في بيع الفضولي ما ينفع المقام فراجع.

لاختلاف موردهما فالعين متعلق حق المرتهن و المنفعة مورد استفادة المستأجر و المفروض أن المرتهن أجاز ذلك، فيكون المقتضي لصحة الإجازة و بقاء الرهانة موجودا و المانع عنهما مفقودا فتصح الإجارة و تبقى الرهانة لا محالة.

أما صحة البيع فلوجود المقتضي لها و فقد المانع عنها فتصح لا محالة.

و أما بطلان الرهانة فلفرض أن الراهن نقل العين المرهونة إلى غيره و المرتهن أجاز ذلك، و مقتضى إطلاق اجازته أنها منقولة إليه مطلقا بلا تسلط للمرتهن عليه بوجه من الوجوه و لا معنى لبطلان الرهانة إلا هذا.

و بعبارة أخرى: اجازته لبيع العين المرهونة إسقاط للرهن عرفا.

نعم، لو كانت قرينة معتبرة في البين دالة على أن اجازته للبيع كانت مقيدة بكون العين مرهونة لديه و قبل المشتري و الراهن ذلك كانت الرهانة باقية، و يكون المشتري بمنزلة الراهن إن كان بناء البيع و الإجازة عندهم على ذلك.

لأنه لا فرق بين الإذن السابق و الإجازة اللاحقة من جهة الدلالة على الرضا إلا بالسبق و اللحوق، و هو لا بأس به كما مر في الفضولي.

(مسألة ۲۰): لو أتلف العين المرهونة متلف فإن كان مثليا يضمن بالمثل و إلا فبالقيمة (۸۷)، و تبقى الرهانة على حالها (۸۸).

أما أصل الضمان فلقاعدة اليد و الإجماع.

و أما كونه بالمثل أو القيمة فلأنهما الأصل في التلف

للأصل و الإطلاق إلا إذا قيدت بخصوص العينية فقط فيبطل حينئذ

لانتفاء الموضوع.

(مسألة ۲۱): لا يجوز للمرتهن التصرف في الرهن بدون إذن الراهن (۸۹)، فلو تصرف فيه بركوب أو سكنى و نحوهما ضمن العين لو تلفت تحت يده للتعدي (۹۰)، و لزمه أجرة المثل لما استوفاه من المنفعة (۹۱)، و لو كان ببيع و نحوه أو بإجارة و نحوها وقع فضوليا (۹۲)، فإن أجازه الراهن صح، و كان الثمن و الأجرة المسماة له (۹۳)، و كان الثمن رهنا في البيع (۹٤)، لم يجز لكل منهما التصرف فيه إلا بإذن الآخر (۹٥)، و بقي العين رهنا في الإجارة (۹٦)، و إن لم يجز كان فاسدا (۹۷).

لأنه لا يجوز لأحد التصرف في مال غيره إلا بإذنه بالأدلة الأربعة كما تقدم، مضافا إلى ما مر من النبوي «الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف»۱٦.

و هو يوجب الضمان لقاعدة «على اليد» مضافا إلى الإجماع، و لا تشمله قاعدة «عدم ضمان الأمين» لخروجه عن الأمانة بالتعدي.

للإجماع و قاعدة «على اليد» و أصالة الاحترام في مال الغير التي هي من الأصول النظامية العقلائية، و أما ما يدل على الجواز فمحمول إما على صورة الإذن من الراهن أو على العلم بالرضا، أو مساواة ما استفاد لما أنفق من باب أجرة المثل، كقول علي عليه السّلام: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الظهر يركب إذا كان مرهونا و على الذي يركب نفقته، و الدر يشرب إذا كان مرهونا و على الذي يشرب نفقته»۱۷، و مثله غيره.

لأن العقد الفضولي عبارة عن عقد وقع على مال الغير أو مورد حقه بدون إذنه، و لا ريب في تحقق الأول في المقام لفرض كون العين المرهونة ملكا للراهن بلا كلام.

للإجماع و لوجود المقتضي لملكيته لها و فقد المانع كما هو واضح فالثمن عوض ملكه و الأجرة عوض منفعة ملكه بلا مانع في البين.

لظهور كون اجازة الراهن اجازة للبيع بهذا القيد، و لأصالة بقاء الرهنية و عدم ما يوجب زوالها.

لأن هذا من أحكام مطلق الرهن الصحيح و المفروض انه رهن صحيح.

للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

للأصل و الإجماع بل الضرورة من المذهب إن لم يكن من الدين.

(مسألة ۲۲): منافع الرهن- كالسكنى و الركوب و كذا نماءاته المنفصلة- كالنتاج و الثمر و الصوف و الشعر و الوبر- و المتصلة- كالسمن و الزيادة في الطول و العرض- كلها للراهن (۹۸)، سواء كانت موجودة حال الارتهان أو وجدت بعده (۹۹)، و لا يتبعه في الرهانة إلا نماءاته المتصلة (۱۰۰).

لقاعدة التبعية، مضافا إلى إجماع الفقهاء و النصوص، ففي موثق ابن عمار عن الصادق عليه السّلام «أنه سأله عن رجل ارتهن دارا لها غلة لمن الغلة؟

قال عليه السّلام لصاحب الدار»۱۸، و في خبر أبي العباس عنه عليه السّلام أيضا: «و قضي في كل رهن له غلة أن غلته تحسب لصاحبه عليه»۱۹، إلى غير ذلك من الأخبار.

لفرض تحقق النماء في الصورتين فتشملهما قاعدة التبعية.

لما تقدم في (مسألة ۱٦) فراجع.

(مسألة ۲۳): لو رهن الأصل و الثمرة أو الثمرة منفردة صح (۱۰۱)، فلو كان الدين مؤجلا و أدركت الثمرة قبل حلول الأجل فإن كانت تجفف و يمكن إبقاؤه بالتجفيف جففت و بقيت على الرهن، و إلا بيعت و كان الثمن رهنا (۱۰۲).

للإطلاق و الاتفاق.

ما التجفيف فلأنه من مقدمات إبقاء الرهن مع الإمكان فيجب ذلك مقدمة و الظاهر أنه لو كانت له مئونة فهي على الراهن، لكونها من فروع حفظ ماله و وثيقة لدينه.

و أما جواز البيع فلانحصار حفظ المالية فيه حينئذ.

و أما كون الثمن رهنا فلأجل أن البيع إنما يقع لأجل التحفظ على المالية و الوثاقة الدينية.

(مسألة ۲٤): ليس للراهن أن يجعل منافع العين المرهونة للمرتهن (۱۰۳).

لأنه من الربا المحرم.

(مسألة ۲٥): يجوز للراهن أن يؤجر العين المرهونة إلى المرتهن بأجرة المثل أو أكثر أو أقل مع عدم الشرط (۱۰٤).

لكون الإجارة مستقلة غير مرتبطة بالدين فلا موضوع للربا.

(مسألة ۲٦): إذا كان الدين حالا أو حل و أراد المرتهن استيفاء حقه فإن كان وكيلا عن الراهن في بيع الرهن و استيفاء دينه منه فله ذلك من دون مراجعة إليه (۱۰٥)، و إلا ليس له أن يبيعه (۱۰٦) بل يراجع الراهن و يطالبه بالوفاء و لو ببيع الرهن أو توكيله في بيعه (۱۰۷)، فإن امتنع من ذلك رفع‏ أمره إلى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع (۱۰۸)، فإن امتنع، على الحاكم إلزامه باعه عليه بنفسه أو بتوكيل الغير و لو كان هو المرتهن نفسه (۱۰۹)، و مع فقد الحاكم أو عدم اقتداره على إلزام بالبيع أو على البيع عليه، لعدم بسط اليد باعه المرتهن بنفسه (۱۱۰)، و استوفى حقه أو بعضه من ثمنه إذا ساواه أو كان أقل، و إن كان أزيد كان الزائد عنده أمانة شرعية (۱۱۱)، يوصله إلى صاحبه.

لفرض بقاء الإذن السابق فلا وجه بعده للمراجعة، و مع الشك في بقائه يستصحب بقاءه مع عدم امارة على الخلاف.

للأصل و الإجماع.

لأن ذلك كله من فروع استيلائه و سلطنته على مطالبة حقه مضافا إلى‏ ظهور الإجماع على صحة ما ذكر.

لأن المورد حينئذ من الأمور الحسبية التي لا بد للناس من الرجوع إليه، و لا بد له من القيام بها بما يقتضيه نظره.

لعموم ولايته و اعتبار نظره الشامل لجميع ذلك بحسب ما تقتضيه خصوصيات الموضوع مع أن ذلك كله من المسلمات بين الفقهاء.

لقاعدة «نفي الضرر» و «نفي الحرج» بعد انحصار استنقاذ حقه في ذلك.

لما مر من ثبوت الإذن شرعا في التصرف فيه فتكون أمانة شرعية لا محالة بعد عدم إمكان إجراء حكم التعدي عليه.

(مسألة ۲۷): لو لم يكن عند المرتهن بينة مقبولة لإثبات دينه و خاف من أنه لو اعترف عند الحاكم بالرهن جحد الراهن الدين فأخذ منه الرهن بموجب اعترافه و طولب منه البينة على حقه جاز له بيع الرهن من دون مراجعة إلى الحاكم (۱۱۲)، و كذا لو مات الراهن و خاف المرتهن جحود الوارث (۱۱۳).

للإجماع، و ما يأتي من المكاتبة بعد القطع بعدم الخصوصية لموردها، مضافا إلى قاعدة نفي الضرر و الحرج، و يمكن أن يستشهد له في الجملة بما ورد في المقاصة۲۰.

إجماعا و نصا ففي خبر سليمان بن حفص المروزي: «أنه كتب إلى أبي الحسن عليه السّلام: في رجل مات و له ورثة فجاء رجل فادعى عليه مالا و ان عنده رهنا، فكتب عليه السّلام: إن كان له على الميت مال و لا بينة له عليه، فليأخذ ماله بما في يده و ليرد الباقي على ورثته، و متى أقر بما عنده أخذ به و طولب بالبينة على دعواه و أوفى حقه بعد اليمين، و متى لم يقم البينة و الورثة ينكرون فله عليهم يمين علم يحلفون باللّه ما يعلمون أن له على ميتهم حقا»۲۱.

(مسألة ۲۸): لو وفي بيع بعض الرهن بالدين اقتصر عليه على الأحوط لو لم يكن الأقوى (۱۱٤). و بقي الباقي أمانة عنده (۱۱٥)، إلا إذا لم يمكن التبعيض و لو من جهة عدم الراغب أو كان فيه ضرر على المالك فيباع الكل (۱۱٦).

لأصالة عدم جواز التصرف في ما يتعلق بالغير إلا بدليل خاص يدل عليه، و المتفاهم من الأدلة الدالة على جواز البيع لاستيفاء الدين هو الاقتصار على مقدار الدين، و مع الشك لا يصح التمسك بالإطلاق لأجل الشك في الموضوع.

و قد يستدل لجواز بيع الكل بخبر إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السّلام:

«عن الرجل يكون عنده الرهن فلا يدري لمن هو من الناس، قال عليه السّلام: لا أحب أن يبيعه حتى يجي‏ء صاحبه، فقلت: لا يدري لمن هو من الناس، فقال: فيه فضل أو نقصان؟ قلت: فإن كان فيه فضل أو نقصان، قال عليه السّلام: إن كان فيه نقصان فهو أهون يبيعه فيؤجر فيما نقص من ماله، و إن كان فيه فضل فهو أشدهما عليه يبيعه و يمسك فضله حتى يجي‏ء صاحبه»۲۲.

و فيه: انه يمكن حمله على ما إذا لم يمكن بيع البعض كما أنه المتيقن من الإجماع أيضا.و احتمال أن يكون صرف وجود جواز البيع و لو في الجملة منشأ لجواز بيع الكل لا دليل له يصح الاعتماد عليه في مقابل الأصل بعد الشك في شمول دليل جواز البيع لمثله، كما أن رهن الكل ليست قرينة معتبرة لجواز بيعه لصحة أن تكون العين المرهونة أكثر من الدين كما هو الغالب.

لأصالة بقاء أمانيته، بعد الإذن الشرعي في البيع في الجملة و لخبر ابن عمار المتقدم: «يبيعه و يمسك فضله حتى يجي‏ء صاحبه».

لقاعدة: «نفي الضرر» و «الحرج» مضافا إلى ظهور الإجماع عليه و ما مر من خبر ابن عمار.

(مسألة ۲۹): إذا كان الرهن من مستثنيات الدين كدار سكناه و دابة ركوبه جاز للمرتهن بيعه (۱۱۷)، و استيفاء طلب منه كسائر الرهون.

لسبق حقه و كونه وثيقة دينه، و ظهور الإجماع.

و أما خبر إبراهيم بن عثمان عن الصادق عليه السّلام: «قلت: رجل لي عليه دراهم و كانت داره رهنا فأردت أن أبيعها، قال عليه السّلام: أعيذك اللّه أن تخرجه من ظل رأسه»۲۳، فلا بد من حمله على مطلق المرجوحية لظهوره فيها و إعراض الأصحاب عن حرمة البيع.

و لكن نسب إلى الصدوق رحمه اللّه الاشتراك مع الغرماء لخبر مهجور شاذ ففي خبر عبد اللّه بن الحكم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أفلس و عليه دين لقوم و عند بعضهم رهون، و ليس عند بعضهم فمات و لا يحيط ماله بما عليه من الدين؟ قال: يقسم جميع ما خلف من الرهون و غيرها على أرباب الدين بالحصص»۲4، و في خبر سليمان بن حفص المروزي قال: «كتبت إلى أبي‏ الحسن عليه السّلام في رجل مات و عليه دين و لم يخلف شيئا إلا رهنا في يد بعضهم فلا يبلغ ثمنه أكثر من مال المرتهن أ يأخذ بماله أو هو و سائر الديان فيه شركاء؟

فكتب عليه السّلام جميع الديان في ذلك سواء يتوزعونه بينهم بالحصص»۲٥.

(مسألة ۳۰): إذا كان الراهن مفلسا أو مات و عليه ديون للناس كان المرتهن أحق من باقي الغرماء باستيفاء حقه من الرهن (۱۱۸)، فإن فضل شي‏ء يوزع على الباقين بالحصص (۱۱۹)، و إن نقص الرهن عن حقه استوفى بعض حقه من الرهن و يضرب بما بقي من الغرماء في سائر أموال الراهن لو كان (۱۲۰).

لأصالة بقاء حقه و ظهور الإجماع و أنه لا معنى للوثاقة الدينية إلا هذا، و أما الخبران المتقدمان فقد مر ما فيهما فراجع.

لأنه مال المديون من غير تعلق حق خاص به، و كل ما كان كذلك يوزع على الغرماء بالحصص.

لفرض كونه دائنا لم يف الرهن بدينه فيكون ما بقي من دينه كسائر الغرماء في مال المديون، مضافا إلى ظهور الإجماع في ذلك كله.

(مسألة ۳۱): الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيب من دون تعد و تفريط (۱۲۱)، و يصدّق قوله في دعوى التلف مع‏ اليمين (۱۲۲)، من غير فرق بين ذهابه وحده أو مع جملة من ماله (۱۲۳). نعم، لو كان في يده مضمونا لكونه مغصوبا أو عارية مضمونة مثلا ثمَّ ارتهن عنده لم يزل الضمان (۱۲٤)، إلا إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده فيرتفع الضمان على الأقوى (۱۲٥)، و إذا أنفك الرهن بسبب الأداء أو الإبراء أو نحو ذلك يبقى أمانة مالكية في يده لا يجب تسليمه إلى المالك إلا مع المطالبة كسائر الأمانات (۱۲٦).

إجماعا و نصوصا ففي صحيح جميل عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل رهن عند رجل رهنا فضاع الرهن، قال: هو من مال الراهن و يرتجع المرتهن بماله عليه»۲٦، و في صحيح إسحاق بن عمار: «قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: الرجل يرتهن العبد فيصيبه عور أو ينقص من جسده شي‏ء على من يكون نقصان ذلك؟ قال عليه السّلام: على مولاه- الحديث-»۲۷، و في خبره الآخر عنه عليه السّلام أيضا:

«الرجل يرهن الغلام أو الدار فتصيبه الآفة على من يكون؟ قال عليه السّلام: على مولاه، ثمَّ قال عليه السّلام: أرأيت لو قتل قتيلا على من يكون؟ قلت: هو في عنق العبد، قال:

ألا ترى فلم يذهب مال هذا، ثمَّ قال: أرأيت لو كان ثمنه مائة دينار فزاد و بلغ مأتي دينار لمن كان يكون؟ قلت: لمولاه، قال: كذلك يكون عليه ما يكون له»۲۸، و في النبوي المعروف: «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه و عليه غرمه»۲۹، و كذا النبوي الآخر: «الخراج بالضمان»۳۰.

و أما ما يظهر منه الخلاف- كخبر ابن بكير: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرهن، فقال: إن كان أكثر من مال المرتهن فهلك أن يؤدي الفضل إلى صاحب الرهن، و إن كان أقل من ماله فهلك الرهن أدى إليه صاحبه فضل ماله، و إن كان سواء فليس عليه شي‏ء»۳۱. و في خبر عبد اللّه بن الحكم: «سألت الصادق عليه السّلام عن رجل رهن عند رجل رهنا على ألف درهم، و الرهن يساوي ألفين فضاع؟ فقال:

يرجع عليه بفضل ما رهنه، و إن كان أنقص مما رهنه عليه رجع على الراهن بالفضل، و إن كان الرهن يسوى ما رهنه عليه فالرهن بما فيه»۳۲، و مثلهما غيرهما من الأخبار- فلا بد من حمله على التفريط أو طرحه.

و أما الضمان مع التعدي أو التفريط فبالإجماع إن لم يكن من الضرورة الفقهية، و قد مر غير مرة ثبوته معهما في جميع الأمانات المالكية و الشرعية.

لقاعدة «تصديق قول الأمين مع اليمين».

مرسل أبان عن الصادق عليه السّلام قال: سألته كيف يكون الرهن بما فيه إذا كان حيوانا أو دابة أو ذهبا أو فضة أو متاعا فأصابه جانحة حريق أو لصوص فهلك ماله أجمع أو نقص متاعه و ليس له على مصيبته بينة؟ قال عليه السّلام: إذا ذهب متاعه كله فلم يوجد له شي‏ء فلا شي‏ء عليه، و إن ذهب من بين ماله و له مال فلا يصدق»۳۳، فمضافا إلى قصور سنده و معارضته بصحيح جميل المتقدم و غيره يمكن حمله على مورد الاتهام.

للأصل بعد كون تحقق عنوان الارتهان أعم من الإذن في القبض شرعا و عرفا.

مرسل أبان عن الصادق عليه السّلام قال: سألته كيف يكون الرهن بما فيه إذا كان حيوانا أو دابة أو ذهبا أو فضة أو متاعا فأصابه جانحة حريق أو لصوص فهلك ماله أجمع أو نقص متاعه و ليس له على مصيبته بينة؟ قال عليه السّلام: إذا ذهب متاعه كله فلم يوجد له شي‏ء فلا شي‏ء عليه، و إن ذهب من بين ماله و له مال فلا يصدق»۳۳، فمضافا إلى قصور سنده و معارضته بصحيح جميل المتقدم و غيره يمكن حمله على مورد الاتهام.

أما بقاء الأمانة المالكية فللاستصحاب، و أما عدم وجوب التسليم، فلأصالة البراءة عنه.

(مسألة ۳۲): لا تبطل الرهانة بموت الراهن و لا بموت المرتهن (۱۲۷)، فينتقل الرهن إلى ورثة الراهن مرهونا (۱۲۸)، على دين مورثهم و ينتقل إلى ورثة المرتهن حق الرهانة (۱۲۹)، فإن امتنع الراهن من استئمانهم كان له ذلك (۱۳۰)، فإن اتفقوا على أمين (۱۳۱)، و إلا سلمه الحاكم إلى من يرتضيه (۱۳۲)، و إن فقد الحاكم فعدول المؤمنين (۱۳۳).

للأصل و الإجماع و إطلاق الأدلة.

أما انتقال الرهن إلى الورثة فلأدلة الإرث، و أما كونه مرهونا فلما مر في سابقة من غير فرق.

لظهور الإجماع على أن هذا الحق قابل للانتقال إلى الورثة مضافا إلى إطلاق بعض أدلة الإرث‏۳4، الشامل للحق القابل للانتقال أيضا.

لأصالة بقاء سلطنته على ملكه، و حق الاستيمان عليه بالنسبة إلى كل من شاء و أراد بعد زوال من استأمنه بالموت، و عدم الملازمة بين إرث حق الرهانة و الامانة بوجه من الوجوه.

يسلم الرهن اليه لوجود المقتضي حينئذ للتسليم و فقد المانع عنه إذا الحق بينهم و لا يعدوهم.

لكون المورد حينئذ من الأمور الحسبية التي يرجع فيها إلى الحاكم الشرعي و يتبع نظره فيها.

لانتهاء الأمر إليهم في مثل هذه الأمور بعد فقد الحاكم الشرعي و العلم برضا الشارع بتصدّيهم لذلك حينئذ.

(مسألة ۳۳): لو ظهر للمرتهن أمارات الموت يجب عليه الوصية بالرهن و تعيين المرهون و الراهن و الإشهاد كسائر الودائع (۱۳٤)، و لو لم يفعل كان مفرطا و عليه ضمانه (۱۳٥).

للإجماع، و هذا حكم جميع الأمانات مطلقا- شرعية كانت أو ماليكة- و قد تقدم ما يتعلق بذلك في أحكام الأموات و كتاب الوديعة، و سيأتي في كتاب الوصية أيضا.

بلا إشكال فيه من أحد لتحقق التفريط الموجب للضمان نصا كما تقدم و فتوى.

(مسألة ۳٤): لو كان عنده رهن قبل موته ثمَّ مات و لم يعلم بوجوده في تركته لا تفصيلا و لا إجمالا (۱۳٦)، و لم يعلم كونه تالفا بتفريط منه لم يحكم به في ذمته (۱۳۷) و لا بكونه موجودا في تركته (۱۳۸)، بل يحكم‏ بكونها لورثته (۱۳۹). نعم، لو علم أنه قد كان موجودا في أمواله الباقية إلى بعد موته و لم يعلم أنه باق فيها أم لا كما إذا كان سابقا في صندوقه داخلا في الأموال التي كانت فيه و بقيت إلى زمان موته و لم يعلم أنه قد أخرجه و أوصله إلى مالكه أو باعه و استوفى ثمنه أو تلف بغير تفريط منه أم لا لم يبعد أن يحكم ببقائه فيها (۱٤۰)، فيكون بحكم معلوم البقاء و قد مر بعض ما يتعلق بهذه المسألة في بعض مسائل المضاربة.

أما مع العلم التفصيلي به، فلا ريب في حكمه.

و أما مع العلم الإجمالي فتجري فيه الصور الأربعة التي تقدمت في كتاب الخمس‏۳٥.

و أما خبر القلاء قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل مات أخوه و ترك صندوقا فيه رهون بعضها عليه اسم صاحبه و بكم هو رهن و بعضها لا يدري لمن هو و لا بكم هو رهن فما ترى في هذا الذي لا يعرف صاحبه؟ قال عليه السّلام: هو كماله»۳٦، فلا بد من حمله على صورة عدم العلم بالرهن أصلا أو طرحه.

لأصالة براءة ذمته بعد عدم موجب لاشتغالها به و لاحتمال كونه تالفا بلا تفريط، فلا منشأ للضمان حينئذ لكونه مشروطا بأمر وجودي لا بد من إحرازه و هو التفريط، و لا طريق لإحرازه بل مقتضى أصالة الصحة عدمه.

لأن ظاهر يده على التركة أمارة الملكية ما لم يعلم الخلاف‏ و المفروض عدمه، و لا يجري استصحاب البقاء لفرض وجود أمارة الملكية على الخلاف و هي ظاهر اليد.

لعموم أدلة الإرث مثل قوله عليه السّلام: «ما تركه الميت فلوارثه»۳۷، الشامل للمقام فلا محذور في البين.

لاستصحاب البقاء لو لا احتمال شمول إطلاق خبر القلاء، و لكن الظاهر عدم وجود عامل بإطلاقه.

نعم، تجري قاعدة اليد الحاكمة على الاستصحاب البقاء، مع أن احتمال التلف من غير تفريط موجب لأصالة البراءة عن وجوب الإخراج بالنسبة إلى الورثة، و كذا احتمال الإخراج و الإيصال إلى صاحبه موافق لظاهر حال المسلم خصوصا إذا كان ممن يعتني بدينه، و كل ذلك توجب الخدشة في جريان الاستصحاب، و لعل وجه عدم جزمه رحمه اللّه بالفتوى من هذه الجهات.

ثمَّ إن في المقام صورا ستة:

الأولى‏: أن يعلم بكون الرهن في جملة التركة و حكمها وجوب الإخراج إن علم تفصيلا، و التصالح و التراضي إن علم إجمالا، و قد مر صور الإجمال في‏

كتاب الخمس فلا وجه للإعادة فراجع.

الثانية: أن يعلم أنه كان عند الميت رهنا و لم يعلم أنه في التركة أو تلف بغير تفريط أو لا؟ و حكمها عدم وجوب الإخراج و كون تمام المال للورثة.

الثالثة: هذه الصورة مع العلم بأنه ليس في التركة أصلا و حكمها كالصورة السابقة من غير فرق، بل كون التركة في هذه الصورة للورثة أولى من السابقة كما لا يخفى.

الرابعة: أن يعلم تلفه في يد المرتهن في زمان حياته، و لم يعلم أنه على وجه الضمان أو لا، و حكمها أنه لا شي‏ء على الورثة للأصل بعد عدم ثبوت التفريط بل مقتضى ظاهر حال المسلم عدمه.

الخامسة: يعلم أنه كان عنده إلى أن مات و أنه لم يتلف إلا أنه لم يوجد في تركته، نسب إلى أكثر العلماء الضمان و لعله لوجوده عنده و عدم التلف و ان عدم الوجدان في التركة أعم من التلف بلا ضمان، فيتحقق الضمان لا محالة.

و عن العلامة «ان الذي يقتضيه النظر عدم الضمان» أقول: لعله لظاهر اليد، و عموم أدلة الإرث.

و يمكن الخدشة فيه بصحة الانتقال إلى الورثة، و لكن يجب عليهم تفريغ ذمة ميتهم من تركته، فما نسب إلى أكثر الأصحاب هو الموافق للعلم بكونه عند الميت إلى أن مات.

السادسة: هذه الصورة مع احتمال كون التلف بعد الموت و الظاهر عدم الضمان فيها، للأصل بعد عدم التفريط.

(مسألة ۳٥): لو اقترض من شخص دينارا مثلا برهن و دينارا آخر منه بلا رهن ثمَّ دفع إليه دينارا بنية الأداء و الوفاء فإن نوى كونه عن ذي الرهن سقط و انفك رهنه، و إن نوى كونه عن الآخر لم ينفك الرهن (۱٤۱) و بقي‏ دينه، و إن لم يقصد إلا أداء دينار من الدينارين من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره لا إشكال في عدم انفكاك الرهن (۱٤۲)، و هل يوزع على الدينين فإذا أكمل أداء دين ذي الرهن انفك رهنه أو يحسب ما دفعه أداء لغير ذي الرهن و يبقى ذو الرهن بتمامه لا ينفك رهنه إلا بأدائه؟ وجهان (۱٤۳).

الوجه فيهما واضح أما في الأول، فلوجود المقتضي لانفكاك الرهن‏ و هو القصد و التعيين و فقد المانع فلا بد من الانفكاك لا محالة.

و أما الثاني فلفرض أنه عين الأداء فيما لا رهن عليه فكيف ينفك الرهن فيما لم يقصد لانفكاكه، فيكون من قبيل حصول المعلول بلا علة.

للأصل بعد بعدم تحقق قصد بالنسبة إليه.

وجه التوزيع أن الاحتساب لكل واحد منهما بالخصوص بلا مرجح، و العدل و الانصاف يقتضي التوزيع.

و وجه الاحتساب لغير ذي الرهن أنه قهري بعد كون فك الرهن قصديا إراديا في صورة تعدد الدين كما في المقام و المفروض عدم تحققه، عليه يشكل فك نصف الرهن في صورة التوزيع أيضا لفرض عدم القصد اليه.

مسألة ۳٦): يقبل إقرار الراهن بالإقباض (۱٤٤)، إلا مع القرينة على الخلاف (۱٤٥)، و تسمع دعواه لو ادعى المواطاة على الإقرار مع اليمين (۱٤٦).

لعموم قوله عليه السّلام: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»۳۸.

لسقوط الإقرار حينئذ و عدم الاعتبار به.

لأن كل دعوى لها أثر تقبل و أما إثباتها إما يحتاج إلى بينة أو يمين.

(مسألة ۳۷): لو اختلفا ما على الرهن قلة أو كثرة مثل ما لو قال‏ الراهن: الدين مائة دينار، و قال المرتهن: إنه أكثر يقدم قول الراهن (۱٤۷).

للأصل إلا أن يثبت المرتهن دعواه بالبينة، و لجملة من الأخبار منها خبر ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل يرهن عند صاحبه رهنا لا بينة بينهما فيه فادعى الذي عنده الرهن أنه بألف و قال صاحب الرهن إنه بمائة، قال عليه السّلام: البينة على الذي عنده الرهن أنه بألف، و إن لم يكن له بينة فعلى الراهن اليمين»۳۹، و قريب منه خبر ابن أبي يعفور، و خبر عبيد بن زرارة.

و أما ما يظهر منه الخلاف كخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام: «في رهن اختلف فيه الراهن و المرتهن، فقال: الراهن هو بكذا و كذا، و قال المرتهن: هو بأكثر، قال علي عليه السّلام: يصدق المرتهن حتى يحيط بالثمن لأنه أمينه»، فهو معرض عنه، مع موافقته للعامة.

(مسألة ۳۸): لو اختلفا في متاع فقال المالك انه وديعة و قال الممسك أنه رهن يقدم قول المالك مع اليمين (۱٤۸).

لأصالة عدم الرهانة و لا يعارض بأصالة عدم الوديعة لأن أصل الأمانة مسلمة بين الطرفين.

فيكون النزاع من المدعي و المنكر فإن أثبت الممسك الرهنية بحجة معتبرة فهو و إلا فالقول قول المالك، و لأصالة عدم حق للممسك على المالك بالنسبة إلى خصوص هذا المتاع، و يدل عليه صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل رهن عند صاحبه رهنا فقال الذي عنده الرهن: ارتهنته عندي بكذا و كذا، و قال الآخر إنما هو عندك وديعة، فقال: البينة على الذي عنده الرهن أنه بكذا و كذا فإن لم يكن له بينة فعلى الذي له الرهن اليمين».

و ما يظهر منه الخلاف كخبر ابن صهيب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متاع في يد رجلين أحدهما يقول استودعتكه و الآخر يقول هو رهن؟ فقال عليه السّلام:

القول قول الذي يقول هو: انه رهن إلا أن يأتي الذي ادعى أنه أودعه بشهود44، و في موثق ابن أبي يعفور: «على صاحب الوديعة البينة فإن لم يكن بينة حلف صاحب الرهن»، فمعرض عنه مضافا إلى ضعف السند، مع إمكان حمله بما لا يعارض المقام و النزاع و سقوط الدعوى.

و أما اليمين فلأجل قطع الخصومة.

(مسألة ۳۹): لو أذن الراهن في بيع الرهن و رجع ثمَّ اختلفا، فقال‏ المرتهن: رجعت بعد البيع، و قال الراهن: بل قبله يقدم قول المرتهن (۱٤۹).

لأصالة بقاء الإذن فيصح البيع.

و توهم أن هذا من الأصول المثبتة لتوقفه على إثبات بقاء الإذن إلى بعد البيع.

فاسد، لأنا لا نحتاج إلى إثبات البعدية و غيرها من العناوين، بل نستصحب بقاء الإذن إلى حين وقوع البيع فيصح البيع لا محالة.

(مسألة ٤۰): إذا ادعى الراهن أن العين المرهونة كان فرسا و ادعى المرتهن أنها كانت غنما بطل الرهن (۱٥۰).

لأصالة عدم وقوع الرهن على كل واحد منهما، بل نرجع إلى أصالة عدم ترتب أثر الرهن بعد تعارض الأصلين و سقوطهما بالمعارضة و عدم طريق لإثبات قول كل واحد منهما، مع أن المنساق من الرهن الصحيح و لزومه من طرف الراهن غير هذه الصورة.

و بعد عدم صحة ترتب الأثر يسقط العلم الإجمالي بوقوع رهن في الجملة عن التأثير، مع أن الاختلاف من طرف المرتهن في العين المرهونة رجوع منه في الرهن.

(مسألة ٤۱): لو اختلفا في رد الرهن فالقول قول الراهن مع يمينه (۱٥۱).

لأصالة عدم الرد إلا أن يثبت الرد بحجة معتبرة.

(مسألة ٤۲): لو اختلف الراهن و المرتهن في القيمة المضمونة بالتفريط فالقول قول الراهن (۱٥۲).

لأصالة البراءة عن الأكثر إلا أن يثبت الراهن الزيادة بحجة معتبرة، و لا ربط للمقام بمسألة بقاء أمانة المرتهن أو خروجه عنها كما لا يخفى.

(مسألة ٤۳): الرهون الدائرة في المصارف على أقسام: الأول: ما إذا كان أخذ النقد من المصرف بعنوان القرض و دفع العين إليه لأجل الرهن على الدين و اشترط المصرف أن يبيع الرهن عند الأجل لاستيفاء دينه و هذا صحيح (۱٥۳). الثاني: هذه الصورة بعينها مع اشتراط الزيادة و أخذ النفع و هذه الصورة باطلة (۱٥٤). الثالث: لو أخذ القرض و دفع الرهن و أعطي الراهن شيئا للمصرف لأجرة عمل مشروع من دون شرط في عقد الرهانة أصلا، و هذا صحيح (۱٥٥). الرابع: ما إذا كان قرضا محضا و رهن عليه من دون شرط الزيادة و لكن أعطى الراهن شيئا تبرعا إلى المصرف لأجل أغراض صحيحة مشروعة فإنه يجوز بلا إشكال (۱٥٦). (مسألة ٤٤): ينبغي للمسلم أن يكون وثوقه لأخيه المسلم أكثر من وثوقه إلى الرهن خصوصا إذا كان المرتهن أهل أمانة و ثقة (۱٥۷).

لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها.

لكونها من الربا المحرم التي تقدم تفصيلا.

لعدم كونه من الربا المحرم كما مر.

لأنه خارج عن موضوع الربا من جهة عدم الشرط في البين‏ كما تقدم.

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «من كان الرهن عنده أوثق من أخيه المسلم فاللّه منه برئ»، أو «أنا منه برئ»، و لكن في خبر سالم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الخبر الذي روي أن من كان بالرهن أوثق منه بأخيه المؤمن فأنا منه برئ؟ قال: ذلك إذا ظهر الحق و قام قائمنا أهل البيت»، هذا بعض الكلام في كتاب الرهن و الحمد للّه أولا و آخرا.

  1. سورة الطور. ۲۱.
  2. سورة البقرة: ۲۸۳.
  3. الوافي ج ۷: صفحة ٥۳ باب: ٥۸ من أبواب فضل شهر رمضان.
  4. الوسائل باب: ۱ من أبواب الرهن حديث: ۱.
  5. سورة البقرة: ۲۸۳.
  6. الوسائل باب: ۳ من أبواب الرهن حديث: ۱.
  7. راجع ج: ۱۷ صفحة: ٦٦.
  8. سورة التوبة: ۹۱.
  9. الوسائل باب: ۱ من أبواب فعل المعروف حديث: ٥.
  10. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب فعل المعروف حديث: ۲.
  11. الوسائل باب: ۱ من أبواب الرهن حديث: ٥.
  12. الوسائل باب: ۱ من أبواب الرهن حديث: ٥.
  13. مستدرك الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الرهن حديث: ٦.
  14. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أحكام الرهن حديث: ۲.
  15. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أحكام الرهن حديث: ۱.
  16. تقدم في صفحة: ۹٥.
  17. الوسائل باب: ۱۲ من أبواب الرهن حديث: ۲.
  18. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الرهن حديث: ۳.
  19. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الرهن حديث: 4.
  20. راجع صفحة: ۳۱.
  21. الوسائل باب: ۲۰ من أبواب الرهن.
  22. الوسائل باب: 4 من أبواب الرهن حديث: ۲.
  23. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب الدين حديث: 4.
  24. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الرهن حديث: ۱.
  25. الوسائل باب: ۱۹ من أبواب الرهن حديث: ۲.
  26. الوسائل باب: ٥ من أبواب الرهن حديث: ۱.
  27. الوسائل باب: ٥ من أبواب الرهن حديث: 4.
  28. الوسائل باب: ٥ من أبواب الرهن حديث: ٦.
  29. مستدرك الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الرهن: ۳ ج حديث: ۲.
  30. مستدرك الوسائل باب: ۷ من أبواب الخيار حديث: ۳.
  31. الوسائل باب: ۷ من أبواب الرهن حديث: ۳.
  32. الوسائل باب: ۷ من أبواب الرهن حديث: ٥.
  33. التهذيب: ج: ۷ صفحة ۱۷۳ حديث: ۷٦٦ و في الوسائل باب: ۹ من الرهن.
  34. راجع ج: ۱۸ صفحة: ۱٥۳.
  35. راجع ج: ۱۱ صفحة: 4۱۰.
  36. الوسائل باب: ۱4 من أبواب الرهن حديث: ۱.
  37. راجع الوسائل باب: ۳ من أبواب ولاء ضمان الجريرة.
  38. الوسائل باب: ۳ من أبواب الإقرار حديث: ۱.
  39. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الرهن حديث: ۱.
  40. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الرهن حديث: ۲.
  41. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الرهن حديث: ۳.
  42. الوسائل باب: ۱۷ من أبواب الرهن حديث: 4.
  43. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الرهن حديث: ۱.
  44. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الرهن حديث: ۳.
  45. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب الرهن حديث: ۲.
  46. الوسائل باب: ۲ من أبواب الرهن.
  47. الوسائل باب: ۲ من أبواب الرهن.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"