1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الديات
  10. /
  11. الفصل الثاني في مقادير الديات‏
(مسألة ۱): دية قتل العمد حيث تتعين كما تقدم مائة من الإبل أو مائتا بقرة أو ألف شاة أو مائتا حلة أو ألف دينار أو عشرة آلاف درهم (۱)، و يعتبر في الإبل أن تكون مسنة (۲)، و لا فرق فيه بين الذكر و الأنثى (۳)، و الأحوط استحبابا اعتبار الذكورة (٤)، و كذا يعتبر في البقرة المسنة (٥)، و كذا الذكورية على الأحوط (٦)، و لا يعتبر في الشاة السن و الذكورة بل تكفي مسماها (۷). و الحلة هي الإزار و الرداء اليمنية (۸)، و الدينار و الدرهم المسكوكان منهما (۹)، و لا يكفي ألف مثقال ذهب أو عشرة آلاف مثقال فضة غير مسكوكين (۱۰).

إجماعا، و نصوصا. منها معتبرة عبد الرحمن بن الحجاج قال:

«سمعت ابن أبي ليلى يقول: كانت الدية في الجاهلية مائة من الإبل فأقرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمَّ إنه فرض على أهل البقر مائتي بقرة، و فرض على أهل الشاة ألف شاة ثنية، و على أهل الذهب ألف دينار، و على أهل الورق عشرة آلاف درهم، و على أهل اليمن الحلل مائتي حلة، قال عبد الرحمن بن الحجاج: فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عما روى ابن أبي ليلى، فقال: كان علي عليه السّلام يقول: الدية ألف دينار و قيمة الدينار عشرة دراهم، و عشرة آلاف لأهل الأمصار و على أهل البوادي مائة من الإبل، و لأهل السواد مائتا بقرة، أو ألف شاة»۱، و في صحيح ابن أبي عمير في الدية قال: «ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، و يؤخذ من أصحاب الحلل الحلل، و من أصحاب الإبل الإبل، و من أصحاب الغنم الغنم، و من أصحاب البقر البقر»۲، و في موثق أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الدية؟ فقال: دية المسلم عشرة آلاف من الفضّة، و ألف مثقال من الذهب، و ألف من الشاة على أسنانها أثلاثا، و من الإبل مائة على أسنانها، و من البقر مائتان»۳، و غيرها من‏ الروايات التي يأتي التعرض لها.

و هي التي أكملت السنة الخامسة و دخلت في السادسة، و تسمى ثنية أيضا، و الثني: من الظلف و الحافر ما كان في السنة الثالثة، و من الخف كالإبل ما دخل في السنة السادسة كما عن جمع من أهل اللغة، و في معتبرة أبي بصير قال:

«سألته عن دية العمد الذي يقتل الرجل عمدا؟ فقال: مائة من فحولة الإبل المسان»4، و مثلها صحيحة معاوية بن وهب‏٥.

للإطلاق، و أن الإبل الوارد في الروايات المتقدمة من اسم الجنس الشامل للذكر و الأنثى، كما في سائر أسماء الأجناس.

و ما في بعض الأخبار من ذكر الفحولة- كما في معتبرة أبي بصير قال:

«سألته عن دية العمد الذي يقتل الرجل عمدا؟ فقال: مائة من فحولة الإبل المسان»٦– محمول على الأفضلية.

لما عرفت آنفا.

لظهور تسالمهم عليها.

لأن البقر من اسم الجنس أيضا الشامل للذكر و الأنثى، و التاء في (بقرة) للوحدة لا للتأنيث، كما في التمر و التمرة.

للأصل، مضافا إلى الإجماع.

أما كونها ثوبين أحدهما إزار و الآخر رداء، فلإجماع الفقهاء و اللغويين عليه، و أما كونها يمنية لما نسب إلى جمع من اللغويين، و لعل المنساق منها أيضا. و بما أن الموضوع منتف في هذه العصور فلا مجال للبحث عنه أزيد من ذلك، و الحلة غير الكفن اليمني كما هو واضح.

لأنه المنساق منهما عرفا و استعمالا في جميع الموارد- كما تقدم في كتاب الزكاة- إلا إذا كان هناك دليل على الخلاف، و هو مفقود.

نعم بناء على صحة التقويم يجوز دفع غير المسكوك، بل و غير الذهب و الفضة، كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

ثمَّ إن الدرهم ليس مثقالا من الفضة، و إنما الدرهم يكون نصف المثقال الصيرفي و ربع عشر ٦٥/ ۱۲، و بالغرام يكون 4۱٥/ ۲ فيصير عشرة آلاف درهم خمسة آلاف و مائتين و خمسين مثقالا صيرفيا من الفضة، و كل مثقال صيرفي في زماننا هذا ٦۰۰/ 4 غرام كما عن بعض أهل الخبرة.

للأصل إلا إذا كان بعنوان القيمة كما يأتي.

ثمَّ إنه ورد في بعض الروايات أن الدية اثنا عشر ألف درهم، مثل صحيحة عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السّلام قال: «الدية ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم»۷، و مثله صحيحة عبد اللّه بن سنان‏۸، إما محمول على التقية، أو اثنا عشر ألف درهم يكون قيمتها عشرة آلاف درهم كما مر، لاختلاف ضرب الدراهم في تلك الأزمنة.

(مسألة ۲): الجاني مخير في الدفع بين الأصول الستة (۱۱)، و ليس للولي الامتناع عن قبول ما بذله (۱۲)، و لا تكون الأصول الستة على سبيل التنويع بأن يجب على أهل الإبل الإبل و على أهل الغنم الغنم و هكذا (۱۳)، بل للجاني أداء أي فرد شاء منها و إن كان الأحوط التنويع (۱٤)،كما أنها أصول في نفسها و ليس بعضها بدلا عن بعض و لا مشروطا بعدم البعض (۱٥)، فلا يعتبر التساوي في القيمة و لا التراضي بل الجاني مخير في بذل أي منها شاء (۱٦).

إجماعا، بل هو المنساق من روايات الباب، بل ذلك ظاهر صحيح‏ جميل بن دراج في الدية قال: «ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم، و يؤخذ من أصحاب الحلل الحلل و من أصحاب الإبل الإبل. و من أصحاب الغنم الغنم، و من أصحاب البقر البقر»۹، و في معتبرة يونس عن الصادق عليه السّلام في حديث قال:

«الدية عشرة آلاف درهم أو ألف دينار أو مائة من الإبل»۱۰، و قريب منهما غير هما، مضافا إلى الإجماع، و ما يستفاد منه الترتيب كما في معتبرة أبي بصير الآتية۱۱، محمول جمعا و إجماعا.

إذ لا ولاية له في ذلك، و إنما الولاية في ما جعله الشارع، و المفروض أنه حكم تخييري، فإذا بذل الجاني الإبل مثلا تعين القبول، و كذا لو بذل من إبل البلد أو من غيره- و كذا في الغنم مع وجدان الشرائط- فليس للولي الامتناع عن القبول.

للأصل، و ظهور التسالم عليه، و ما ذكر في بعض الروايات من التنويع- كما تقدم في صحيح جميل بن دراج- إنما هو من باب الحكمة الغالبة في تلك الأزمنة، و قد أثبتنا في علم الأصول أن الحكمة غير مطردة، و إنما هي مقتضية في الجملة لأصل التشريع لا في الحكم المشروع أبدا.

جمودا على ما ذكر في بعض الروايات، و خروجا عن مخالفة جمع من الفقهاء، حيث ذهبوا إلى التنويع، و لكن المتأمل في روايات الباب بل في كل رواية وردت من هذا القبيل يطمئن بأن الحكم ليس تنويعيا، و إنما هو إرفاق‏ على أهله في تلك الأزمنة، كما أن التخيير إرفاق و تسهيل لهم على ما مرّ.

و يمكن أن يقال: إن التخيير بين الأصول الستة حكم من الأحكام الأولية التي يتغير بواسطة عروض العناوين الخارجية، فإذا صار أحد الأطراف في حدّ الأقل جدا بالنظر إلى الأطراف الأخر بحسب المالية، أو تغيير الأزمنة و الأعصار، يمكن أن يقال بخروج الأقل- الذي اختاره القاتل- عن طرف التخيير، فيكون التخيير بين بقية الأطراف حينئذ، لأن لحاظ الخصوصيات الواردة في الروايات، و ملاحظة زمان الشارع هو أن التفاوت بين هذه الأطراف كان يسيرا لا ما إذا كانت فاحشة، بحيث يصير اختيار الأقل بالنسبة إلى الأكثر بمنزلة الثمن أو العشر أو أقل منهما، و الشك في شمول أدلة التخيير لمثل هذه الصورة يكفينا في عدم صحة التمسك بإطلاقاتها، فإن ذلك قد يوجب الجرأة على القتل، و يشهد لما ذكرنا ما ورد من الأصل في الدية مائة إبل‏۱۲، و لوحظت ماليتها بالنسبة إلى ما ورد من الأطراف، فلا بد من مراعاة هذه الجهة، و لكن الأحوط التصالح و التراضي.

و اللّه العالم بحقائق أحكامه.

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، و لذلك لا يعتبر التساوي في القيمة.

لما عرفت سابقا، و لا وجه للتكرار بعبارة أخرى.

(مسألة ۳): تجزي القيمة عن كل واحد مما مرّ من الأصول الستة (۱۷)، خصوصا مع التعذر العرفي (۱۸)، و هل يجزي الملفق من الأصول الستة؟ الظاهر هو الإجزاء إن كان بعنوان الصلح و القيمة (۱۹).

لأن المنساق من مجموع الأدلة تدارك الجناية بمال الجاني، و يصدق‏ ذلك على القيمة، كما في جملة كثيرة من الكفارات، فإن المال في تلك الأزمنة كان منحصرا في الأصول المتقدمة، و كانوا يعتمدون عليها في اعتبار سائر الأشياء، فليس لها خصوصية خاصة بل المناط كله تدارك الجناية بمال الجاني المحدود شرعا بتلك الأصول. و لكن الجمود على الأعيان الستة حتى المقدور خروجا عن خلاف بعض لا بأس به.

فتتعين حينئذ القيمة لما عرفت.

ثمَّ إنه وردت في جملة من الروايات أن كل بعير عشرون شاة، مثل معتبرة أبي بصير قال: «سألته عن دية العمد الذي يقتل الرجل عمدا؟ فقال: مائة من فحولة الإبل المسان، فإن لم يكن إبل فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم»۱۳، و معتبرة زيد الشحام‏۱4، فلا بد من حملها على قيمة ذلك الوقت في بعض الأمكنة، كما يستفاد ذلك من صحيحة ابن سنان قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إن الدية مائة من الإبل، و قيمة كل بعير من الورق مائة و عشرون درهما أو عشرة دنانير، و من الغنم قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة»۱٥، فلا وجه لاستفادة الكلية منها إلى الأبد، و أمثال هذه الروايات تؤيد ما تقدم من جواز إعطاء القيمة. إذا لا منافاة بين الروايات.

لفرض تراضيهما على ذلك، و لا نزاع بعد التراضي، بل لا يبعد الإجزاء بعنوان الورود أيضا، لشمول الإطلاقات الأحوالية له، مع بناء الشرع على التسهيل و التخفيف.

و لا فرق في التلفيق بين نفس الأصول و بين القيمة و الأصول، بأن يؤدي‏ نصف المقدر أصلا، و النصف الآخر قيمة، كل ذلك يجوز لما عرفت.

(مسألة ٤): المدار في القيمة على ما هو المتداول في بلد القتل و وقت الأداء (۲۰).

لأن ذلك هو المنساق من الأدلة، مع أن وقت الأداء هو وقت التفريق، فالذمة مشغولة إلى حين الأداء كما مرّ في المكاسب، فلا وجه للإعادة مرة أخرى.

(مسألة ٥): يعتبر في الأنعام مطلقا (۲۱)، السلامة من العيب و الصحة من المرض (۲۲)، و أن لا تكون مهزولة على خلاف المتعارف (۲۳)، و في الثلاثة الأخيرة السلامة من العيب فلا يجزي الدرهم و الدينار المغشوشان (۲٤)، إلا إذا كان بعنوان القيمة (۲٥).

أي: في قتل العمد، و في شبه العمد، و في قتل الخطأ المحض.

لأن ذلك هو المنساق من ظواهر الأدلة، فلا يكفي المعيوب و لا المريض، كما تقدم في كتاب الزكاة و الهدي من الحج.

لتبادر المتعارف من ظواهر الأدلة. و أما السمن فلا دليل على اعتباره، لا من حيث ظواهر الأدلة و لا من حيث الأدلة الخارجية، نعم الأحوط مراعاته.

لما مر في سابقة من غير فرق.

لأن القيمة مبنية على التراضي بأي نحو شاءا، و في صحيح جميل:

«مائة من الإبل إلا أن يصطلحوا على مال أو ما شاؤوا غير ذلك»۱٦.

(مسألة ٦): تستوفى دية العمد في سنة واحدة (۲٦)، و مبدأ السنة مع إطلاق ثبوتها من حين التراضي لا من حين الجناية (۲۷)، و للجاني أداؤها في خلال السنة أو آخرها (۲۸)، و لا يجوز له التأخير عنها إلا مع التراضي (۲۹)، و ليس للولي عدم القبول في خلالها (۳۰).

نصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي ولّاد: «كان علي عليه السّلام يقول: تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين، و تستأدى دية العمد في سنة»۱۷.

لأنه المنساق من الأدلة.

لما تقدم من قول علي عليه السّلام: «تستأدى دية العمد في سنة».

أما عدم الجواز فللتحديد الشرعي كما مرّ، و أما الجواز فلفرض التصالح بما تراضيا عليه من التأجيل أو التقسيط.

لفرض عدم الولاية على ذلك.

(مسألة ۷): لو اختلفا في مبدأ السنة فالقول مع من يدّعي التأخير (۳۱) و لو اختلفا في انتهائها فالقول مع من يدّعي الأكثر (۳۲).

كما لو ادّعى الولي أن مبدأ السنة كان أول شهر رمضان، و الجاني ادّعى أنه كان أول شهر شوال، يقدم قول الجاني للأصل.

كما لو اتفقا على أن أول مبدأ السنة أول شهر رمضان، و لكن الولي يدّعي أن ذلك كان باعتبار الشهور العربية، و الجاني يدّعي أن ذلك كان باعتبار الشهور الأفرنجية مثلا، و حصل التراضي على ذلك، فالقول مع من يدعي الأكثر للأصل كما مر، إن لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف.

(مسألة ۸): لا يجب على الولي قبول القيمة السوقية لو بذلها الجاني مع وجود الأصول (۳۳)، و كذا لا يجب على الجاني أداؤها لو طالب القيمة الولي مع وجود الأصول (۳٤).

لفرض ولايته و اختياره، فله أن يختار الأصل دون القيمة.

للأصل، و تقدم أنه لا ولاية للولي على التعين.

(مسألة ۹): لو تعذر جميع الأصناف و طالب الولي القيمة يجب أداء قيمة واحد منها (۳٥)، و الجاني مخير في أداء قيمة أي منها شاء (۳٦)، و ليس للولي مطالبة قيمة أحدها المعين (۳۷).

لتعين الدية في ذلك حينئذ.

لفرض تخييره بالنسبة إلى الأصل، فيتخير بالنسبة إلى القيمة أيضا.

لعدم ولايته على ذلك كما تقدم.

(مسألة ۱۰): دية العمد من مال الجاني (۳۸)، لا على العاقلة و لا على بيت المال (۳۹)، سواء تصالحا عليها أم تراضيا بها أو وجبت ابتداء كما في قتل الوالد ولده و العاقل المجنون (٤۰).

للأصل، و الإجماع، و النصوص، منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «في رجل دفع رجلا عن رجل فقتله، قال: الدية على الذي دفع، و إن أصاب المدفوع شي‏ء فهو على الدافع أيضا»۱۸، و قريب منه غيره، و كذا دية شبه العمد كما يأتي.

لأن الضمان عليهما يكون خلاف الأصل، فيقتصر على ما دلّ الدليل عليه، و هو الخطأ المحض كما يأتي.

لظهور الإطلاق، و الاتفاق في جميع الموارد المذكورة.

(مسألة ۱۱): لو لم يكن للجاني مال استسعى أو أمهل إلى الميسرة كسائر الديون (٤۱)، و إلا فمن بيت المال (٤۲)، و لو هرب القاتل و لم يتمكن منه أخذت الدية من ماله فإن لم يكن له مال فالدية على الأقرب فالأقرب (٤۳).

لقاعدة الاشتغال، و يجب السعي مقدمة لتفريغ الذمة، و إن لم يمكن له السعي أمهل حتى يتمكن من تفريغها بأي نحو شاء.

لفرض أنه موضوع للمصالح، و المقام منها لو لم يكن من أهمها، و لكن يحتمل السقوط في فرض عدم تمكنه من أداء دينه مطلقا، و كون أداء مطلق الدين من بيت المال أول الكلام. نعم يمكن أن يدخل في جملة الغارمين في الزكاة فيؤدي الدية منها.

لصحيحة أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا متعمدا ثمَّ هرب القاتل فلم يقدر عليه؟ قال: ان كان له مال أخذت الدية من ماله، و إلا فمن الأقرب فالأقرب، و إن لم يكن له قرابة أداه الإمام فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم»۱۹.

(مسألة ۱۲): لو لم يؤد الجاني الدية أجبره الحاكم الشرعي على الأداء (٤٤)، و إلا أخذها الحاكم من ماله و أعطاها للولي (٤٥)، و إن لم يكن حاكم شرعي و العياذ باللّه أو وكيله فثقات المؤمنين يتصدّون ذلك (٤٦).

لأن ذلك من الأمور الحسبة القائمة بالحاكم الشرعي.

لولايته على ذلك بعد عدم الأثر للإجبار، كما هو المفروض.

لما تقدم من انتقال ولاية الحسبة إليهم حينئذ.

(مسألة ۱۳): لا فرق في الدية من الأصناف المتقدمة بين القتل العمدي و شبه العمد و الخطأ المحض (٤۷)، إلا أنه يختص العمد بالتغليظ في السن في الإبل و مدة الاستيفاء كما تقدم (٤۸). و كذا تكون دية شبه العمد على الجاني نفسه (٤۹).

لأن الأصول الستة المتقدمة قررها الشارع لطبيعة القتل، بلا فرق بين كونه عمدا أو خطأ أو شبه العمد.

و قد مر في مسألة ۱ و ٦ فراجع.

إجماعا، و نصوصا منها صحيحة زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم؟ فقال: عليه الدية و صوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم»۲۰، و قريب منها غيرها.

(مسألة ۱٤): لو اختار الجاني في شبيه العمد إعطاء الدية من الإبل تكون الإبل دون إبل العمد في السن و هي ثلاث و ثلاثون جذعة و ثلاث و ثلاثون حقة و اربع و ثلاثون ثنية كلها طروقة الفحل (٥۰).

نسب ذلك إلى المشهور، و تدل عليه روايات منها موثق محمد بن سنان عن العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السّلام: «و الدية المغلظة في الخطأ الذي يشبه العمد، الذي يضرب بالحجر و العصا الضربة و الاثنتين فلا يريد قتله، فهي أثلاث: ثلاث و ثلاثون حقة و ثلاث و ثلاثون جذعة، و اربع و ثلاثون ثنية، كلها خلفة من طروقة الفحل»۲۱.

و منها: رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «دية المغلظة التي تشبه العمد و ليست بعمد أفضل من دية الخطأ بأسنان الإبل: ثلاثة و ثلاثون حقة، و ثلاثة و ثلاثون جذعة و أربع و ثلاثون ثنية، كلها طروقة الفحل»۲۲.

و منها: صحيح محمد بن مسلم و زرارة عن أحد هما عليهما السّلام في الدية قال:

هي مائة من الإبل و ليس فيها دنانير و لا دراهم و لا غير ذلك، قال ابن أبي عمير:

فقلت لجميل: هل للإبل أسنان معروفة؟ فقال: نعم ثلاث و ثلاثون حقة، و ثلاث و ثلاثون جذعة، و اربع و ثلاثون ثنية»۲۳، فهو ظاهر في شبه العمد بقرينة ما تقدمت من الأخبار و إن خصها علي بن حديد في حديثه بالخطإ، و لكنه لم ينسب ذلك إلى معصوم.

و هناك روايات أخرى مختلفة، ففي بعضها أربعون خلقة و ثلاثون حقة و ثلاثون بنت لبون، كما في معتبرة عبد اللّه بن سنان قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر، أن دية ذلك تغلظ و هي مائة من الإبل منها أربعون خلفة من بين ثنية إلى بازل عامها، و ثلاثون حقة، و ثلاثون بنت لبون»۲4.

و في بعضها الأخرى بدل (كلها طروقة) كما في القسم الأول (كلها خلفة)، ففي رواية عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «كان علي عليه السّلام يقول:

في شبه العمد ثلاث و ثلاثون جذعة، و ثلاث و ثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة»۲٥.

و في رابعة منها جمع بين الخلفة و الطروقة، ففي معتبرة المعلى عن الصادق عليه السّلام: «و في شبيه العمد المغلظة ثلاثة و ثلاثون حقّة، و أربع و ثلاثون جذعة، و ثلاثة و ثلاثون ثنية، خلفة طروقة الفحل»۲٦.

و يمكن حمل تلك الروايات مع قطع النظر عن سندها على تحقق المراضاة بينهما بذلك، نقصت عن مالية ما نسب إلى المشهور أم زادت.

ثمَّ إن المراد من بنت مخاض ما كانت داخلة في السنة الثانية، و المراد من‏ بنت لبون ما كانت داخلة في السنة الثالثة، و المراد من الحقّة ما كانت داخلة في السنة الرابعة، و المراد من الجذعة: هي الداخلة في السنة الخامسة، و المراد من الثنيّة و هي الداخلة في السنة السادسة، و المراد من الطروقة أي البالغة ضراب الفحل، أو ما طرقها الفحل فحملت، و المراد من الخلفة أي الحامل.

(مسألة ۱٥): دية شبه العمد على الجاني نفسه (٥۱)، و تستوفى في سنتين (٥۲).

للإجماع، و للآية المباركة مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى‏ أَهْلِهِ‏۲۷، و للنصوص منها صحيح زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم؟ فقال: عليه الدية»۲۸، و المراد من الخطأ شبه الخطأ لا الخطأ المحض، لأنه على العاقلة كما يأتي.

و هناك نصوص أخرى يأتي التعرض لها في أحكام الضمان إن شاء اللّه تعالى.

للإجماع، و لأنه كالوسط بين الخطأ المحض و العمد المحض.

و أما ما عن علي عليه السّلام: «تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين»۲۹، يمكن أن يحمل على الإشراف في الدخول إلى ثلاث سنين، أو يكون ترغيبا إلى إمهال المجني عليه الجاني إلى هذا الحدّ. و لا وجه للرجوع إلى الأصل في المقام مع وجود الإجماع في البين، و لا أقل من الاحتياط الوجوبي للفقيه المتتبع، و اللّه العاصم من الزلل.

(مسألة ۱٦): لو اختلف الولي و الجاني في أوصاف الإبل فلا بد من الرجوع إلى الثقات من أهل الخبرة (٥۳)، و لو تبين الخطأ وجب الاستدراك (٥٤).

لأنهم أعرف بذلك.

لأصالة الاشتغال بعد كشف عدم فراغ الذمة.

(مسألة ۱۷): دية قتل الخطأ أحد الأصناف الستة المتقدمة (٥٥)، و لو اختير دفع الإبل تكون ثلاثين حقة و ثلاثين بنت لبون و عشرين بنت مخاض و عشرين ابن لبون (٥٦)، و هي على العاقلة (٥۷)، بتفصيل يأتي إن شاء اللّه تعالى. و لا يضمن الجاني منها شيئا (٥۸)، و لا ترجع العاقلة على القاتل (٥۹).

لما تقدم في مسألة ۱۳ فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

كما هو المشهور بين الفقهاء (قدس اللّه أسرارهم) و يدلّ على ذلك صحيح ابن سنان قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

و الخطأ يكون فيه ثلاثون حقّة، و ثلاثون ابنة لبون، و عشرون بنت مخاض، و عشرون ابن لبون ذكر»۳۰.

و اما معتبرة محمد بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الخطأ إن كانت الإبل فخمس و عشرون بنت مخاض، و خمس و عشرون بنت لبون، و خمس و عشرون حقّة، و خمس و عشرون جذعة»۳۱، و مثله ما عن علي عليه السّلام‏۳۲، فيمكن حملهما على المراد أو على التقية، و يحتمل التخيير.

نصا، و إجماعا من المسلمين، ففي معتبرة الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسألت عيناه على خديه، فوثب المضروب على ضاربه فقتله؟ قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: هذان متعديان جميعا فلا أرى على الذي قتل الرجل قودا، لأنه قتله حين قتله و هو أعمى، و الأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين»۳۳، إلى غير ذلك من الروايات.

أي أولا و بالذات للنص كما مرّ، و الإجماع.

و أما بلحاظ طرو العناوين فسيأتي حكمه.

لتعلّق التكليف بالنسبة إليها فقط، و لا معنى للرجوع عليه بعد اختصاص الضمان لها.

(مسألة ۱۸): دية قتل الخطأ تستوفي في ثلاث سنين كل سنة ثلثها (٦۰)، بلا فرق بين دية الطرف و دية النفس (٦۱).

نصا- كما مرّ- و إجماعا.

للإطلاق الشامل لكل منهما، مضافا إلى الإجماع.

و ما قيل من أن دية الطرف إن كان قدر الثلث أخذ في سنة واحدة إذا كان خطأ و إن كان أكثر حلّ الثلث بانسلاخ الحول، و حلّ الزائد عند انسلاخ الثاني إن كان ثلثا آخر فما دون، و ان كان أكثر حلّ الثلث عند انسلاخ الثاني و الزائد عند انسلاخ الثالث.

فمخالف لظاهر الإطلاق من غير دليل معتبر عليه.

(مسألة ۱۹): لو لم تتمكن الأداء منها أو امتنعت وجبت الدية على القاتل نفسه (٦۲).

لأن ذمة القاتل مشغولة بالدية، و إنما تجب على العاقلة تكليفا، فإذا فقدت العاقلة أو امتنعت وجب على القاتل الأداء.

و ما حكي عن جمع من رجوع العاقلة على الجاني مطلقا حتى في صورة وجود العاقلة بعد إعطاء الدية من مالهم.

لا دليل لهم عليه يصح الاعتماد عليه.

(مسألة ۲۰): لا فرق في دية الخطأ المحض و العمد و شبهه في غير الإبل من الأصناف المتقدمة (٦۳)، و إنما الفرق في سن الإبل في أقسام القتل و في الاستيفاء كما عرفت (٦٤)، كما لا فرق في الدية بين أن تكون تامة (٦٥)، أو ناقصة (٦٦)، أو دية الأطراف (٦۷).

لظهور الإطلاق، و الاتفاق، و عدم وجود دليل على الخلاف.

و قد مرّ التفصيل في مسألة ٥ و ۱4 و ۱٥ و ۱۷ و ۱۸.

مثل دية الحر المسلم.

كدية المرأة أو الذمي.

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(مسألة ۲۱): تغلّظ الدية إن وقع القتل في الأشهر الحرم (٦۸)، عمدا كان أو خطأ (٦۹)، و هي دية كاملة و ثلثها من أي الأصناف كانت (۷۰)، و كذا لو وقع القتل في الحرم الإلهي (۷۱)، و لا يلحق به المدينة المنورة (۷۲)، و لا سائر المشاهد المشرفة (۷۳)، كما لا تغليظ في قتل الأقارب (۷٤)، و لا في دية الأطراف (۷٥).

نصا، و إجماعا، ففي معتبرة كليب الأسدي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يقتل في الشهر الحرم ما ديته؟ قال: دية و ثلث»۳4، و مثله ما عن زرارة۳٥.

لظهور الإطلاق كما مرّ و الاتفاق.

و أشهر الحرم هي: رجب و ذو القعدة و ذو الحجة و محرم.

للإطلاق المتقدم، و الاتفاق.

لظهور الإجماع، و قطع الفقيه المتتبع بتحقق المناط، و يدلّ على ذلك روايتان: الأولى معتبرة زرارة قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: رجل قتل في الحرم؟ قال: عليه دية و ثلث»۳٦، و الثانية معتبرة ابن أبي عمير عن أبان عن زرارة قال:

«قلت لأبي جعفر عليه السّلام رجل قتل في الحرم؟ قال: عليه دية و ثلث، و يصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم»۳۷.

و دعوى‏: أن المراد من الحرم (الحرم) بالضمتين، فيكون خصوص الأشهر الحرم.

غير صحيحة: لأن الحرم أعم من الزمان و المكان، قال تعالى‏ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ذلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ»۳۸، و إن ذلك من مجرد الدعوى بلا دليل.

للأصل، و عدم دليل على الخلاف في المقام. نعم للحاكم الشرعي التشديد بحسب ما يراه لو اقتضاه المصلحة، لقداسة الحرم النبوي الشريف، كما تقدم في الحدود۳۹.

لما مرّ في سابقة.

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، إلا إذا وقع القتل في أشهر الحرم، أو في الحرم الإلهي، كما تقدم.

للأصل، و الإطلاق من غير دليل على الخلاف.

(مسألة ۲۲): لا فرق في التغليظ في الدية كما مرّ بين العالم بالحكم أو الجاهل به كما لا فرق في الجهل بالموضوع أيضا فإنه كالحكم (۷٦)، و تغلظ الدية على العاقلة أيضا (۷۷)، و كذا لا فرق في المقتول بين العاقل و المجنون و الصغير و الكبير و الوالد في قتل الولد و إن لم يكن في البين قصاص (۷۸).

لظهور الأدلة في أن ذلك حكم واقعي لا يتغير بالعلم و الجهل، و لا يشمله حديث الرفع‏، بعد كون الحكم وضعيا كما تقدم.

للإطلاق الشامل لها أيضا.

كل ذلك لما مرّ من الإطلاق و العموم، و كذا تغلظ الدية لو كان المقتول امرأة، و لكن بحسب تحديدها الشرعي كما يأتي في مسألة ۲٦.

(مسألة ۲۳): هل يعتبر في مقدار التغليظ أن يكون من نفس الدية أو لا؟ لا يبعد الثاني (۷۹).

لأن المدار على التغليظ المالية كما تقدم في نفس الدية، و هو يتحقق بأصل المال، فحينئذ لا فرق بين أن يعطى الدية من الفضة و الغلظة من الذهب، أو بالعكس، و لكن الأحوط مراعاة المثلية جمودا على ظاهر النص المتقدم، خصوصا مع عدم رضا الولي.

(مسألة ۲٤): لو تسبب و هو في الحل بقتل من هو في الحرم تغلظ في الدية (۸۰)، و لو انعكس فلا تغليظ (۸۱)، سواء كان المسبب في الحل أو في الحرم (۸۲).

لفرض تحقق القتل في الحرم بسببه، كما إذا رماه بحجر و هو في الحلّ و مات به و هو في الحرم، أو أشربه سما في أواخر شهر شوال فمات به في ذي القعدة.

لعدم استناد موته في الحرم إلى الفعل الخارجي، و وقوع القتل في الحلّ، كما لو رماه بحجر فأصابه و هو في الحلّ و مشى باختياره إلى الحرم و مات فيه، لا تغليظ. نعم لو سلب عن الاختيار بهذا الرمي فدخل في الحرم نحو حركة المذبوح و مات فيه، فالظاهر التغليظ، فيدخل في القسم الأول.

لما عرفت من أن المدار وقوع القتل في الحرم لا سببه.

(مسألة ۲٥): لو التجأ القاتل إلى الحرم بعد ما وقع القتل في الحلّ لا يقتص منه في الحرم (۸۳)، و لكن يؤخذ منه الدية فيه بعد المراضاة (۸٤).

لإطلاق قوله تعالى‏ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً، و قد ذكرنا حول موضوع أمن الحرم في التفسير و من شاء فليرجع إليه‏، و تقدم في مسألة ۲۱ من الفصل الثالث في أقسام حدّ الزنا ما يتعلق بالمقام أيضا.

للأصل، و الإطلاق من غير دليل على الخلاف.

(مسألة ۲٦): دية المرأة الحرة المسلمة نصف دية الرجل الحر المسلم (۸٥)، من جميع التقادير المتقدمة فمن الدنانير خمسمائة، و من الإبل خمسون، و من الشاة خمسمائة و هكذا (۸٦)، و لا يلحق بها الخنثى المشكل (۸۷)، و ديتها ثلاثة أرباع دية الرجل (۸۸).

نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«في الرجل يقتل المرأة متعمدا، فأراد أهل المرأة أن يقتلوه، قال: ذاك لهم إذا أدّوا إلى أهله نصف الدية، و إن قبلوا الدية فلهم نصف دية الرجل»، و في معتبرة عبد اللّه بن سنان قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: في رجل قتل امرأته متعمدا، قال: إن شاء أهلها أن يقتلوه قتلوه، و يؤدّوا إلى أهله نصف الدية، و إن شاؤوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم»44، و في صحيح ابن مسكان عن الصادق عليه السّلام قال: «إذا قتلت المرأة رجلا قتلت به، و إذا قتل الرجل المرأة فإن أرادوا القود أدّوا فضل دية الرجل على دية المرأة و أقادوه بها، و إن لم يفعلوا قبلوا الدية، دية المرأة كاملة، و دية المرأة نصف دية الرجل».

لإطلاق قوله عليه السّلام: «دية المرأة نصف دية الرجل» فيشمل جميع ما مرّ من الأصناف الستة.

للأصل، و ظهور الاختلاف بينهما بعد تحقق المشكلية.

لما أرسل ذلك إرسال المسلمات.

(مسألة ۲۷): تقدم سابقا أن المرأة و الرجل يتساويان في الجراح قصاصا و دية حتى تبلغ ثلث دية الحر فينتصف بعد ذلك ديتها (۸۹).

نصا، و إجماعا، كما مرّ في مسألة ۲ من (فصل شرائط القصاص)، فلا حاجة للتكرار مرة أخرى.

(مسألة ۲۸): تتساوى في الدية جميع فرق المسلمين (۹۰)، إلا المحكوم عليه منهم بالكفر كالخوارج و الغلاة و غير هم (۹۱).

للإطلاق، و لذكر المسلم في بعض الروايات، قال الصادق عليه السّلام: «دية المسلم عشرة آلاف من الفضة و ألف مثقال من الذهب و ألف من الشاة».

للإجماع، و لما مرّ سابقا من عدم الاحترام لهم، فلا قصاص و لا دية لهم.

(مسألة ۲۹): دية ولد الزنا إن كان محكوما بالإسلام دية المسلم (۹۲).

لما مرّ من الإطلاقات الشاملة له بعد تحقق الموضوع شرعا.

و ما يظهر من الروايات من أن ديته دية الذمي، مثل خبر عبد الرحمن بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال: «قال لي أبو الحسن عليه السّلام: دية ولد الزنا دية اليهودي ثمانمائة درهم»، و مثله ما عن إبراهيم بن عبد الحميد عن جعفر بن محمد عليه السّلام قال: «دية ولد الزنا دية الذمي ثمانمائة درهم»، قاصر سندا، و معرض عنه عند الأصحاب.

و اما من قال: لا دية له، استند إلى أدلة ظهور مناقشتها يغني عن بيانها و ردها، و كذا صحيح عبد اللّه بن سنان الدال على أن ديته مقدار إنفاق من أنفق عليه، ففيه عن الصادق عليه السّلام في دية ولد الزنا: «يعطي الذي أنفق عليه ما أنفق عليه»، فإنه غريب شاذ يردّ علمه إلى أهله.

(مسألة ۳۰): دية الذمي الحر الذكر ثمانمائة درهم سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا (۹۳)، و دية نسائهم على النصف من دياتهم (۹٤)، و دية جراحاتهما كدية جراحة المسلمين و كذا دية أعضائهما (۹٥)، و تغلظ دياتهم باجتماع الحرمات (۹٦)، و أما سائر الكفار فلا دية و لا قصاص لهم (۹۷).

نصوصا، و إجماعا، ففي معتبرة ابن مسكان عن الصادق عليه السّلام قال:

«دية اليهودي و النصراني و المجوسي ثمانمائة درهم»٥۰، و قريب منها صحيحة ليث المرادي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن دية النصراني و اليهودي و المجوسي؟ فقال: ديتهم جميعا سواء ثمانمائة درهم»٥۱، و في موثق سماعة ابن مهران قال: «بعث النبي صلّى اللّه عليه و آله خالد بن الوليد إلى البحرين، فأصاب بها دماء قوم من اليهود و النصارى و المجوس، فكتب إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله: إني أصبت دماء قوم من اليهود و النصارى فوديتهم ثمانمائة درهم ثمانمائة، و أصبت دماء قوم من المجوس، و لم تكن عهدت إلى فيهم عهدا، فكتب إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إن ديتهم مثل دية اليهود و النصارى، و قال: إنهم أهل الكتاب»٥۲.

و أما ما دلّ على أن دية الذمي كدية المسلم، كما في صحيح ابان بن تغلب‏ عن الصادق عليه السّلام: «دية اليهودي و النصراني و المجوسي دية المسلم»٥۳، و في معتبرة زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «من أعطاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ذمة فديته كاملة، قال زرارة: فهؤلاء؟ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و هؤلاء من أعطاهم ذمة»٥4، محمول على ما اشترط في ضمن عقد الذمة، على أن تكون دية الكافر الذمي كدية المسلم، أو محمول على التقية٥٥، أو غير هما من المحامل.

و أما رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «دية اليهودي و النصراني أربعة آلاف درهم، و دية المجوسي ثمانمائة درهم، و قال أيضا: للمجوس كتابا يقال له: جاماس»٥٦، و ما رواه الصدوق قال: «إن دية اليهودي و النصراني و المجوسي أربعة آلاف درهم، لأنهم أهل الكتاب»٥۷، أوهنهما إعراض المشهور عنهما، مضافا إلى قصور سندهما.

لإطلاق ما تقدم في صحيح ابن مسكان: «دية المرأة نصف دية الرجل»٥۸، مضافا إلى الإجماع، و قاعدة الاشتراك.

لإطلاق ما تقدم من الأخبار، و تقتضيه قاعدة: «اشتراك الكفار مع المسلمين في الفروع»، فتساوي جراحات المرأة منهم مع الرجل حتى تبلغ الثلث، فتنصف حينئذ كما مر في مسألة ۲ من (فصل شرائط القصاص).

فراجع.

لما مرّ من إطلاق: «الرجل يقتل في الشهر الحرام ما ديته؟ قال: دية و ثلث»٥۹، مضافا إلى قاعدة الاشتراك كما مرّ.

للأصل، و الإجماع، بعد عدم تحقق عقد الذمة بينهم و بين المسلمين، فلا حرمة لهم حينئذ، لا دية و لا قصاصا.

(مسألة ۳۱): لا دية للذمي لو خرج عن الذمة (۹۸)، كما لا دية له لو ارتد عن دينه إلى دين غير أهل الذمة (۹۹)، و لو خرج الذمي من دينه إلى دين ذمي آخر تثبت الدية (۱۰۰).

لسقوط احترامه بخروجه منها، فيبقى الأصل بلا معارض.

لسقوط الحرمة حينئذ كما مرّ.

لو شمل عقد الذمة ذلك أيضا و إلا فلا دية له، لما مرّ من عدم احترامه بارتداده عن دينه.

(مسألة ۳۲): يجوز التقاص في الدية بعد ثبوتها إن امتنع الجاني من الأداء فيقتص الولي أو المجني عليه من ماله (۱۰۱).

لعمومات أدلة التقاص الشاملة للمقام. نعم الأحوط أن يكون التقاص بنظر الحاكم الشرعي.

(مسألة ۳۳): من قتله الحدّ أو التعزير فلا دية له (۱۰۲).

لأن الحاكم الشرعي أمين و لا معنى لتضمين الأمين كما تقتضيه قاعدة الإحسان أيضا، و قد مر في مسألة ۷ من الفصل الرابع من فصول أحكام الزنا٦۰، ما يتعلق بالمقام.

إن قيل‏: إن الضمان يكون من بيت المال.

يقال‏: لا بد أولا من إثبات الضمان، ثمَّ القول بأن محله بيت المال. نعم للحاكم الشرعي تدارك القتل مهما أمكن إن رأى في ذلك مصلحة، و لم تكن مصلحة أقوى منها في البين، و لا فرق فيما تقدم بين حق اللّه و حق الناس كما مر هناك. فراجع.

(مسألة ۳٤): لا تسقط الدية بإسقاط المجني عليه قبل الجناية (۱۰۳)، و هل له الإسقاط في الجناية على الأطراف أم لا؟ فيه وجهان (۱۰٤).

لأن الحق ليس له و إنما هو للولي، و لا يثبت الحق إلا بعد تحقق الجناية.

من احتمال ثبوت الحق له في الجملة، و لكل ذي حق إسقاط حقه فيسقط، الا أن يدلّ دليل على الخلاف. و من احتمال أن هذا كله من الأحكام لا من الحقوق، و إن كانت في مورد الحقوق فلا وجه للإسقاط كما مرّ. فراجع.

(مسألة ۳٥): لو اشترك اثنان أو أزيد في قتل شخص خطأ أو عمدا و رضي ولي المجني عليه بالدية تقسّط الدية (۱۰٥).

لفرض الاشتراك، فلا بد من التقسيط إلا أن يكون تفاوت في البين فتقسط حينئذ حسب التفاوت. و تقدم التفصيل في الاشتراك في الجناية على النفس في كتاب القصاص. فراجع.٦۱.

(مسألة ۳٦): لو ادعى قاتل المسلم أن المقتول كان مهدور الدم فلا دية له (۱۰٦)، و ادعى الولي أنه كان محقون الدم و لم تكن لأحد هما بينة يقدم قول الولي (۱۰۷).

كما إذا ادعى أن المقتول سب النبي صلّى اللّه عليه و آله مثلا.

لأصالة احترام دم المسلم إلا ما خرج بالدليل، و لا دليل في المقام على الخروج.

(مسألة ۳۷): لا يعتبر في أداء الدية بعد ثبوتها أن يكون بنظر الحاكم الشرعي (۱۰۸)، بل للجاني أداؤها للمجني عليه بعد إحراز رضاه بخلاف القصاص (۱۰۹).

للأصل بعد عدم دليل على الخلاف، إلا إذا كانت في البين خصومة متوقفة على نظره و متابعته، فلا مناص حينئذ من اتباع رأيه و نظره.

لأنه متوقف على تشخيص الموضوع، و لا يتحقق إلا بنظره غالبا، و لتوقف القصاص على الحكم كما مر.

(مسألة ۳۸): أداء الدية فوري (۱۱۰)، و أنها تخرج من أصل التركة إن مات الجاني (۱۱۱)، و هي بحكم تركة المقتول (۱۱۲).

لأنها من الحقوق المالية، و أنها يجب فورا أداؤها إن لم يكن رضا من الطرفين على التأخير.

لأنها دين، و الدين يخرج من أصل التركة نصا٦۲، و إجماعا، كما مرّ في كتاب الدين.

لما مر في مسألة ۲٤ من (فصل كيفية استيفاء القصاص)٦۳ ، فراجع و لا وجه للإعادة مرة أخرى.

(مسألة ۳۹): لو اختلف الجاني و المجني عليه في مقدار الدية أو في أوصافها- اجتهادا أو تقليدا يؤخذ بما يعترف به الجاني (۱۱۳)، و كذا لو اختلفا في السراية فادعى ولي المجني عليه السراية و أنكرها الجاني يقدم قول الجاني (۱۱٤).

لأصالة عدم اشتغال ذمته، إلا بما يعترف الجاني به، ما لم يثبت المجني عليه دعواه بحجة شرعية معتبرة.

لأصالة عدم السراية إلا إذا ثبتت بقول الثقات من أهل الخبرة.

(مسألة ٤۰): إذا قطع الجاني أعضاء بدن المجني عليه و سرى القطع إلى موته فإن كان قطع تلك الأعضاء بسبب واحد فعليه دية النفس (۱۱٥)، و إن قطع كل عضو مستقلا و لم يسر إلى موته بل سرى قطع العضو الأخير إلى موته فعليه مضافا إلى دية النفس دية كل عضو سوى الأخير (۱۱٦).

للإطلاقات، و العمومات، و ظهور الإجماع، مضافا إلى معتبرة أبي عبيدة الحذاء قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله؟

قال: إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلاة. و لا يعقل ما قال و لا ما قيل له، فإنه ينتظر به سنة، فإن مات فيما بينه و بين السنة أقيد به ضاربه، و إن لم يمت فيما بينه و بين السنة و لم يرجع إليه عقله اغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله. قلت: فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال: لا، لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين، و هي الدية، و لو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان، إلا أن يكون فيهما الموت بواحدة و تطرح الأخرى، فيقاد به ضاربه، فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه، قال: فإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات»٦4

لتحقق السبب في كل منها، و أصالة عدم التداخل، و لكن لا دية للعضو الأخير لفرض السراية، فعليه دية النفس كما مر.

  1. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس الحديث: ۱ .
  2. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس الحديث: 4.
  3. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس الحديث: ۲.
  4. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ۳ .
  5. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ۲.
  6. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ۳.
  7. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس: ۱۰ .
  8. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس: ۹.
  9. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس: 4 .
  10. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس: ۷.
  11. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ۳.
  12. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس: ۱۰.
  13. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ۳.
  14. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ٥.
  15. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس: ۳.
  16. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ۷.
  17. الوسائل: باب 4 من أبواب ديات النفس.
  18. الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة: ۱.
  19. الوسائل: باب 4 من أبواب العاقلة: ۱.
  20. الوسائل: باب ۳ من أبواب ديات النفس: 4.
  21. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس: ۱۳.
  22. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: 4.
  23. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ۷.
  24. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ۱.
  25. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ۱۰.
  26. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس الحديث: ۹.
  27. سورة النساء الآية: ۹۲.
  28. الوسائل: باب ۳ من أبواب ديات النفس: 4.
  29. الوسائل: باب 4 من أبواب ديات النفس: ۱.
  30. الوسائل: باب ۲ من أبواب ديات النفس: ۱.
  31. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس: ۱۳.
  32. الوسائل: باب ۲ من أبواب النفس: ۱۰.
  33. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب العاقلة الحديث: ۱.
  34. الوسائل: باب ۳ من أبواب ديات النفس: ۱.
  35. الوسائل: باب ۳ من أبواب ديات النفس: ٥.
  36. الوسائل: باب ۳ من أبواب ديات النفس: ۳.
  37. الوسائل: باب ۸ من أبواب بقية الصوم الواجب: ۳.
  38. الحج- ۳۰.
  39. راجع ج: ۲۷ صفحة: ۲۸4.
  40. الوسائل: باب ٥٦ من أبواب جهاد النفس.
  41. سورة آل عمران الآية: ۹۷.
  42. راجع الجزء الخامس من مواهب الرحمن صفحة: ۱۷۱ طبعة النجف الأشرف.
  43. الوسائل: باب ۳۳ من أبواب القصاص: ۳.
  44. الوسائل: باب ۳۳ من أبواب القصاص: ۱.
  45. الوسائل: باب ۳۳ من أبواب القصاص: ۲.
  46. الوسائل: باب ۱ من أبواب ديات النفس: ح: ۲.
  47. الوسائل: باب ۱٥ من أبواب ديات النفس: ح: ۱.
  48. الوسائل: باب ۱٥ من أبواب ديات النفس الحديث: ۳.
  49. الوسائل: باب ۱٥ من أبواب ديات النفس الحديث: 4.
  50. الوسائل: باب ۱۳ من أبواب ديات النفس الحديث: ۲.
  51. الوسائل: باب ۱۳ من أبواب ديات النفس الحديث: ٥.
  52. الوسائل: باب ۱۳ من أبواب ديات النفس: ۷.
  53. الوسائل: باب ۱4 من أبواب ديات النفس: ۲ .
  54. الوسائل: باب ۱4 من أبواب ديات النفس: ۳.
  55. كما عن النخعي و الثوري و أبي حنيفة، راجع المغني لابن قدامة ج: ۹ صفحة: ٥۲۷.
  56. الوسائل: باب ۱4 من أبواب ديات النفس: ح 4.
  57. الوسائل: باب ۱۳ من أبواب ديات النفس: ح: ۱۲.
  58. الوسائل: باب ۳۳ من أبواب القصاص في النفس ح: ۲.
  59. تقدم في صفحة: ۸٦.
  60. راجع ج: ۲۷ صفحة: ۲۹۱.
  61. تقدم في ج: ۲۸ صفحة: ۱۸٤- ۲۱۱.
  62. راجع الوسائل: باب ۲۸ من أبواب الوصايا.
  63. تقدم في ج: ۲۸ صفحة: ۲۹٥.
  64. الوسائل: باب ۷ من أبواب ديات المنافع: ۱.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"