1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الديات
  10. /
  11. الفصل التاسع في الجناية على ميت المسلم
تحرم الجناية على الميت المسلم (۱)، سواء كان صغيرا أو كبيرا رجلا أو امرأة حرا أو عبدا (۲)، و تجب الدية على الجاني (۳).

إجماعا، و نصوصا، ففي معتبرة جميل عن الصادق عليه السّلام: «قطع رأس الميّت أشدّ من قطع رأس الحيّ»۱، و عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام في معتبرة محمد بن مسلم في حديث وفاة الحسن عليه السّلام قال: «إنّ اللّه حرّم من المؤمنين أمواتا ما حرّم منهم احياء»۲، و في معتبرة العلاء بن سيابة عن الصادق عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حرمة المسلم ميتا كحرمته و هو حيّ سواء»۳، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما ميت غير المسلم: فإن كان حربيا يجوز الجناية عليه حيا فكيف ميتا، و اما إن كان ذميا فمع تحقق شرائط الذمة يكون بحكم المسلم، فلا يجوز الجناية عليه، و أما إذا لم تتحقق شرائط الذمة، إما لقصور في دولة الحق، أو لتقصير الكفار عن إقامة ذلك فالثاني يكون بمنزلة الحربي، و أما الأول فمبني على أن عدم تحقق شرائط الذمة لقصور دولة الحق عن إقامتها، فهل يوجب كون الكافر بحكم الحربي أو لا؟ وجهان بل قولان، اختار جمع الأول، و هو لا يخلو من وجه لغلبة التقصير فيهم و المبارزة مع الإسلام، و الظن يلحق الشي‏ء بالأعم الأغلب.

و قد سبق الكلام في ذلك، فلا وجه للإعادة و التكرار.

كل ذلك للإطلاق، مضافا إلى الإجماع.

نعم دية العبد ترجع إلى مولاه، لأنه ملكه، و على المولى أن يصرفها في الخيرات، لما سيأتي من الروايات الدالة عليه، و أن ذلك من الحكم الشرعي لا من الحقوق.

للإجماع، و لما يأتي من الروايات.

(مسألة ۱): في قطع رأس الميت الحر مائة دينار (٤)، و في قطع جوارحه بحساب ديته (٥)، و بهذه النسبة في سائر الجنايات عليه (٦)، و كذا الحال في جراحه و شجاجه (۷)، و في كل ما لا تقدير له- لو كان حيا- الحكومة (۸).

إجماعا، و نصوصا، ففي معتبرة حسين بن خالد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قطع رأس ميت؟ فقال: إن اللّه حرّم منه ميتا كما حرم منه حيا، فمن فعل بميت فعلا يكون في مثله اجتياح نفس الحيّ فعليه الدية، فسألت عن ذلك أبا الحسن عليه السّلام فقال: صدق أبو عبد اللّه، هكذا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، قلت: فمن قطع رأس ميّت أو شقّ بطنه أو فعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحيّ فعليه دية النفس كاملة؟ فقال: لا، و لكن ديته دية الجنين في بطن أمه قبل أن تلج فيه الروح، و ذلك مائة دينار و هي لورثته، و دية هذا هي له لا للورثة، قلت: فما الفرق بينهما؟ قال: إنّ الجنين أمر مستقبل مرجو نفعه، و هذا قد مضى و ذهبت منفعته فلما مثل به بعد موته صارت ديته بتلك المثلة له لا لغيره، يحج بها عنه، و يفعل بها أبواب الخير، و البر من صدقة أو غيره، قلت: فإن أراد رجل أن يحفر له ليغسّله في الحفرة فسدر الرجل مما يحفر فدير به فمالت مسحاته في يده فأصاب بطنه فشقه فما عليه؟ فقال: إذا كان هكذا فهو خطأ، و كفارته عتق رقبة أو صيام شهرين (متتابعين)، أو صدقة على ستين‏ مسكينا، مدّ لكل مسكين بمدّ النبي صلّى اللّه عليه و آله»4.

و في رواية محمد بن الصباح عن الصادق عليه السّلام قال: «أتى الربيع أبا جعفر المنصور- و هو خليفة- في الطواف فقال له: يا أمير مات فلان مولاك البارحة فقطع فلان مولاك رأسه بعد موته، فاستشاط و غضب، فقال: لابن شبرمة و ابن أبي ليلى و عدة معه من القضاة و الفقهاء: ما تقولون في هذا؟ فكلّ قال: ما عندنا في شي‏ء، قال: فجعل يردد المسألة في هذا و يقول: اقتله أم لا، فقالوا: ما عندنا في هذا شي‏ء فقال له بعضهم: قد قدم رجل الساعة فإن كان عند أحد شي‏ء فعنده الجواب في هذا و هو جعفر بن محمد عليهما السّلام و قد دخل المسعى، فقال للربيع:

اذهب إليه و قل له: لو لا معرفتنا بشغل ما أنت فيه لسألناك أن تأتينا و لكن أجبنا في كذا و كذا، قال: فأتاه الربيع و هو على المروة فأبلغه الرسالة، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: قد ترى شغل ما أنا فيه و قبلك الفقهاء و العلماء فاسألهم، قال له: قد سألهم فلم يكن عندهم فيه شي‏ء، قال فردّه إليه فقال: أسألك إلا أجبتنا فيه فليس عند القوم في هذا شي‏ء فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: حتى افرغ مما أنا فيه، فلما فرغ فجلس في جانب المسجد الحرام فقال للربيع: اذهب اليه فقل له: عليه مائة دينار، قال: فأبلغه ذلك، فقالوا له: فاسأله كيف صار عليه مائة دينار؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: في النطفة عشرون دينارا و في العلقة عشرون دينارا و في المضغة عشرون دينارا و في العظم عشرون دينارا، ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ و هذا هو ميت بمنزلة قبل أن ينفخ فيه الروح في بطن أمه جنينا، قال: فرجع إليه فأخبره بالجواب فأعجبهم ذلك فقالوا: ارجع إليه و سله الدنانير لمن هي؟ لورثته أو لا؟

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس لورثته فيها شي‏ء إنما هذا شي‏ء صار إليه في بدنه بعد موته، يحج بها عنه، أو يتصدق بها عنه، أو يصير في سبيل من سبل الخير»٥، و غيرهما من الروايات.

لأن المستفاد من الروايات بل صريح بعضها- كما تقدم- قاعدة كلية و هي: «ان كل ما في الحي من التقدير كذلك في الميت، بلا فرق بينهما إلا في الكمية»، مضافا إلى الإجماع، ففي قطع يده خمسون دينارا، و في قطع يديه مائة دينار، و كذا في رجليه و عينيه، و في قطع إصبعه عشرة دنانير.

كالجناية بلطم على وجه الميت، فإذا اسودّ الوجه بها من غير جرح قبل إن يبرد مثلا فأرشها عشر الستة، و كذا في الاخضرار عشر ثلاثة دنانير و هكذا، لما تقدم من النصوص الدالة على أن دية الميت عشر دية الحي.

لما مرّ من الروايات، و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام:

«في رجل قطع رأس ميت؟ قال: عليه الدية، لأن حرمته ميتا كحرمته و هو حي»٦، و يكون الأرش بحسب النسبة.

لأنها الأصل في كل جناية على محترم لا تقدير لها شرعا، و تعيين المقدار بنظر الحاكم الشرعي، لولايته على ذلك.

(مسألة ۲): لا فرق فيما تقدم من وجوب الدية بين العمد و الخطأ (۹)، و هل دية الخطأ في الجناية على الميت على العاقلة أو على نفس الجاني، وجهان (۱۰)، لا يخلو الثاني من وجه (۱۱)، و أما الصبي و المجنون فتكون ديتهما على العاقلة (۱۲).

لما تقدم من الإطلاقات، و العمومات، و تسالمهم على أن الميت كالجنين، فيظهر منهم الإجماع في خطإ كل واحد.

و ما يظهر من الشهيد الثاني (رضوان اللّه تعالى عليه) من عدم الدية في الخطأ على الميت، للأصل، و سكوت الأدلة، بل في معتبرة حسين بن خالد المتقدمة ذكر الكفارة دون الدية.

مخدوش‏: أما الأول فيمكن أن يقال إن الأصل في المحترمات مطلقا التضمين، إلا أن يدلّ على الخلاف، و أما سكوت الروايات فيكفي في البيان ما تقدم من قوله عليه السّلام: «إن اللّه حرّم من المؤمنين أمواتا ما حرّم منهم احياء»، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «حرمة المسلم ميتا كحرمته و هو حي سواء» مضافا إلى ظهور التسالم عليه.

من أن العمومات و الإطلاقات الواردة في أن الخطأ على العاقلة فتكون الدية في المقام عليها. و من أن مقتضى الأصل عدم تحمل العاقلة الدية، إلا في المتيقن و هو الجناية على الحي، مع أن العمومات و الإطلاقات منصرفة عن الجناية على الميت، فتكون دية الجناية على الميت مطلقا على الجاني.

ظهر وجهه مما تقدم، و يشهد لما ذكرناه ما تقدم من قول الصادق عليه السّلام: «قطع رأس الميت أشد من قطع رأس الحي»، و لعل الأشدية هو في تحمل الجاني الدية حتى في الخطأ.

لإطلاق قولهم عليهم السّلام: «عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة»۷، و احتمال الانصراف إلى الحي فيهما بعيد، لأن المنساق من الروايات انعزالهما عن الدية بالكلية و تحمل العاقلة لهما.

(مسألة ۳): لو أحرق الميت كانت ديته عشر دية الحي (مائة دينار) سواء كان تمام جسده أم بعضه- مما كان فيه احتياج نفس الحي- أو كانت فيه الدية المقدرة في حال الحياة (۱۳)، و إن لم تكن فالحكومة (۱٤).

لأنه جناية، فتشملها الأدلة مثل معتبرة حسين بن خالد و غيرها، و ما تقدم من القاعدة و هي: «إن كل ما في الحي من التقدير كذلك في الميت بالنسبة».

لأنها الأصل في كل ما لا تقدير له شرعا.

(مسألة ٤): لو تعددت الجنايات على الميت تتعدد الدية سواء كان من شخص واحد أم من أشخاص متعددة (۱٥).

لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، فلو قطع شخص إحدى يدي الميت، و آخر آخرها، تتعدد الدية.

(مسألة ٥): لو كان نصف الجسد أو بعضه ميتا- بتشخيص من أهل الخبرة و كان متصلا بالجزء الحي منه و وقعت الجناية على العضو الميت تكون الجناية على الميت (۱٦).

لفرض أن مورد الجناية و محلها ميت بشهادة أهل الخبرة و المتخصصين.

نعم لو وقعت الجناية على العضو الحي منه، تكون من الجناية على الحي.

(مسألة ٦): لو كسر عظم ميت بعد إقباره و تلاشي جسده فهل فيه دية الجناية على الميت أو لا؟ وجهان (۱۷).

من أصالة البراءة عن الدية بعد انصراف أدلة الجناية على الميت عن مثل ذلك، فلا شي‏ء عليه، و من احتمال بقاء احترامه، فتشمله الأدلة، و تجب الدية المقررة بالجناية على الميت.

(مسألة ۷): لو جنى على شخص بزعم أنه حي ثمَّ بان أنه ميتا قبل وقوع الجناية عليه بشهادة أهل الخبرة و المتخصصين- يجري عليه حكم الجناية على الميت (۱۸).

لأن الجناية وقعت في حال الموت، و لا أثر للزعم في الجناية، و كذا الحكم في العكس بأن جنى على شخص بزعم أنه ميت فبان أنه حي، تكون الجناية على الحي، و يضمن الدية المقررة شرعا في الجناية على الحي، أو الحكومة، أو القصاص، على التفصيل الذي تقدم في محله.

(مسألة ۸): لو قطع بعض الأعضاء من جسم شخص كإحدى يديه مثلا سواء كان لأمر شرعي كإجراء الحدّ أم لمرض أو لغيره- ثمَّ جنى عليه آخر يجري عليه حكم الجناية على الميت (۱۹).

لإطلاق ما تقدم، و لقاعدة: «ان الجزء في حكم الكل الا ما خرج بالدليل»، و أن الدية تكون بحسب دية الميت.

نعم في أعضاء الكافر إن اشترط في عقد الذمة احترام أمواتهم لا بد من مراعاة الشرط، و إلا فلا احترام لهم. و لا فرق فيما تقدم بين أن يكون الجاني شخصا واحدا أو متعددا.

(مسألة ۹): لو مات بحدّ شرعي يجري عليه جميع ما تقدم من الدية في الجناية على الميت (۲۰)، و أما لو كان الموت بإهدار الشارع دمه فيشكل جريان ما تقدم (۲۱).

لشمول الأدلة له حينئذ، مع عدم وجود مانع في البين، بل الحد الذي أجري عليه بالقتل توبة للجاني، فيكون كسائر أموات المسلمين كما مر في كتاب الحدود، و يجري عليه جميع أحكامهم.

لاحتمال أن يكون الإهدار مما يكشف عن خروجه عن الإسلام‏ فيكون كافرا، و لا حرمة لميت الكافر، فلا يجري عليه ما تقدم من الأحكام. و من احتمال أن يكون الإهدار جهتي، لا من كل جهة حتى يصير كالكافر، و لكنه بعيد، لأن الإهدار لا يتحقق إلا بعد خروجه عن الإسلام.

(مسألة ۱۰): لو اشتبه الميت المسلم بغيره ممن لا حرمة له يرجع إلى العلامات التي ذكرت في كتاب الجهاد، و مع عدمها يتعين بالقرعة بنظر الحاكم الشرعي (۲۲).

لأنها لكل أمر مشتبه و المقام منه، و للحاكم الشرعي الولاية من باب الحسبة، فإذا تعين بالقرعة يجري عليه حكم الميت المسلم.

(مسألة ۱۱): لو أسلم الكافر ثمَّ مات و وقعت الجناية عليه بعد موته يجري عليه حكم ميت المسلم (۲۳).

لتحقق الموضوع فتشمله الأدلة، و كذا في العكس بأن كان مسلما فارتد و مات، يجرى عليه أحكام الكفر.

(مسألة ۱۲): دية الجناية على الميت ليست لورثته بل للميت تصرف في وجوه الخير له (۲٤)، و يؤدى منها دينه إن كان الدين لأجل الخيرات أو لأجل ضروريات معاشه و إلا ففيه إشكال (۲٥)، و يتساوى في الحكم الرجل و المرأة و الصغير و الكبير (۲٦).

لما تقدم في معتبرة حسين بن خالد.

لأن ذلك ليس من الخيرات، كما إذا كان الدين لأجل ازدياد الثروة أو أغراض دنيوية أخرى.

لما تقدم من الإطلاقات، و العمومات، مضافا إلى الإجماع، و قاعدة الاشتراك.

التشريح و الترقيع‏
(مسألة ۱۳): يحرم تشريح الميت المسلم لأي غرض كان و لو شرحه ففيه الدية كما مر (۲۷)، و أما غير المسلم فيجوز مطلقا (۲۸)، و لا دية فيه (۲۹)، و لو أمكن تشريح الكافر لا يجوز تشريح المسلم و إن توقفت حياة مسلم أو جمع من المسلمين عليه فلو فعل مع إمكان تشريح غير أثم و عليه الدية (۳۰).

أما الحرمة فلأن التشريح جناية عليه، و أنها محرمة على الميت المسلم كما مرّ، و أما الدية فلما تقدم من الأدلة، و مرّ التفصيل. و دعوى انصراف الأدلة عن مثل المقام فعهدة إثباتها على مدعيها.

لأنه لا حرمة له، أما غير الذمي فمعلوم، فإنه لا حرمة له حيا فكيف بميتة، و أما الذمي فحرمته متقومة بحياته، و أن ديته ثمانمائة درهم كما هو المنساق من الأدلة۸، فإذا مات يخرج عن الذمة، و لكن لا يصير بالموت حربيا حتى تحل أمواله و غيرها من الأحكام كما هو واضح. نعم لو شرط في عقد الذمة مراعاة احترام أمواتهم كأحيائهم يجب الوفاء، و لكن ذلك يختصّ بالحاكم الشرعي.

للأصل، بعد عدم الاحترام لموتاهم إلا إذا كانت هناك عناوين أخرى طارئة، فحينئذ يتبع نظر الحاكم الشرعي.

أما عدم الجواز في تشريح المسلم فلما مرّ، و أما الإثم في تشريحه فلفرض أنه فعل حراما، و أما الدية فللعمومات و الإطلاقات.

(مسألة ۱٤): لا فرق في التشريح- جوازا أو منعا- بين الرجل و المرأة و لكن لو فعل في جسد المرأة لا بد من مراعاة جميع الجهات الشرعية (۳۱).

لأصالة التساوي بينهما إلا ما خرج بالدليل، فلا يجوز للأجنبي النظر إلى جسدها أو إلى أعضائها داخلية كانت أو خارجية، للعمومات الدالة على أن جميع بدنها عورة إلا لضرورة، أو يرى في المرآة أو في شاشة التلفاز أو غيرها من الآلات الحديثة، و تشرحها امرأة أو من محارمها.

(مسألة ۱٥): لو توقف إنقاذ حياة المسلم على التشريح و لم يمكن تشريح غير المسلم يجوز ذلك (۳۲)، و أما لمجرد التعليم- أو التعلم- فلا يجوز ما لم يكن أهم في البين كإبقاء حياة مسلم عليه (۳۳).

لأنه حينئذ من صغريات الأهم و المهم، و لا إشكال في تقديم الأهم حينئذ.

أما الأول‏: فلأصالة الحرمة الجارية في المسلم مطلقا.

و أما الثاني‏: فلفرض الأهمية، و لكن لا بد من إحراز الأهمية بطريق معتبر شرعي.

(مسألة ۱٦): في موارد جواز التشريح لا تسقط الدية (۳٤)، و كذا في موارد الضرورة إليه (۳٥).

لأن الجواز التكليفي لا ينافي الضمان الوضعي، إلا إذا أسقط الشارع أو الحاكم الشرعي الدية لمصلحة موجبة لذلك، بناء على ولايته لمثل ذلك.

لأن الضرورة إليه لا تنافي الضمان. نعم لو كانت ضرورة بحيث‏ تنافي أصل الضمان ففي عدم الضمان وجه.

(مسألة ۱۷): يحرم قطع عضو من الميت المسلم لترقيع عضو الحي (۳٦)، إلا إذا كانت حياته متوقفة عليه فيجوز و يجب دفع الدية المقررة أيضا (۳۷) و لا يجوز إذا كانت حياة العضو متوقفة على ذلك (۳۸)، فلو قطعه أثم و عليه الدية أيضا (۳۹).

لما مرّ من احترامه حيا و ميتا.

فإنه حينئذ يكون من تقديم الأهم على المهم، فيضمن الدية، لأنها حكم وضعي كما مرّ، و أن الجواز التكليفي لا ينافي الضمان.

إذا لم يحرز الأهمية حينئذ و لا أقل من الشك فيه، فيرجع إلى أصالة الحرمة، كما مر بيانها.

أما الإثم فلما تقدم، و أما الدية فلتحقق سببها إلا إذا كان داخلا في العلاج، كما مر في مسائل الضمان.

(مسألة ۱۸): لا يجوز لأحد الإذن في قطع أعضاء جسده بعد الموت (٤۰)، و كذا لأوليائه (٤۱)، و لو أذن لا تسقط الدية (٤۲).

لأنه من سنخ حق اللّه تعالى، لا من قبيل حق الناس محضا، و ما دلّ على جواز البراءة من الطبيب في العلاج لأدلة خاصة في حال الحياة، مضافا إلى الإجماع، فلا تشمل المقام كما هو واضح.

لأصالة عدم الولاية على ذلك أصلا.

لبقاء الضمان على كل حال، إلا إذا سقط الضمان بوجه شرعي.

(مسألة ۱۹): يجوز قطع عضو ميت كافر للترقيع (٤۳)، و لا يجوز من الميت المسلم (٤٤)، و لا فرق في الأعضاء بين الداخلية و الخارجية (٤٥).

للأصل، بعد جواز تشريحه كما مر، و الحكم بنجاسة العضو، و عدم جواز الصلاة فيه، تقدم في كتاب الطهارة۹، و قلنا لو حلت الحياة فيه صار طاهرا، و صحت الصلاة فيه.

لأنه يستلزم التشريح المحرم.

نعم لو قطع العضو من الحي بآفة، أو ببتر العضو لأجل غرض عقلائي شرعي، و رقع به شخص آخر، فلا يشمل دليل المنع لهذه الصورة كما هو واضح، و أما بدون ذلك فلا سلطة له على ذلك كما مر آنفا.

للأصل بعد عدم الدليل على التفكيك بينهما جوازا، أو منعا.

(مسألة ۲۰): في صورة جواز الترقيع لا يجوز ترقيع أجزاء الرجل للمرأة الأجنبية و لا العكس (٤٦)، إلا لضرورة (٤۷).

لأصالة بقاء الحرمة، و لو فعل ذلك و صار جزءا لبدنها و حلت فيه الحياة، تصح الصلاة، و يجب غسلها في الغسل و غيرها من موضوعات الأحكام، و أما إذا لم يصر جزءا له، فيبقى على حكم الجزء المبان من الحي أو الميت.

لتقديم الأهم على المهم، فإنها تحلّ كل محرم، كما اقتضاه العقل، و النقل.

(مسألة ۲۱): لو كان الترقيع- و التبديل- بالأجزاء الداخلية في الإنسان فإن صار جزءا من البدن يترتب عليه حكم أجزائه، و كذا إن لم يصر جزءا و لكن تعذر إخراجه و إلا فيجري عليه حكم الميتة (٤۸).

أما الأول‏: فلفرض صيرورته من أجزائه بالالتئام، كما في العين و الرجل و الحنجرة أو في الكلى و غيرها.

و أما الثاني‏: فلتقديم الأهم على المهم، فيسقط حكم المهم حينئذ، لفرض عدم إمكان الامتثال بالنسبة إليه.

و أما الثالث‏: فمقتضى الأصل ترتب جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل، إلا أن يدعى انصراف بعض الأدلة عن ذلك، و كذا الكلام في المغصوب، فتجري فيه الصور الثلاث المتقدمة.

(مسألة ۲۲): يجوز التبادل في الأعضاء بالترقيع في مورد الجواز (٤۹).

لأصالة الإباحة، بعد عدم دليل على المنع كما هو المفروض، فيجوز أن يؤخذ من شخص إحدى أصابع رجليه لعمرو و يؤخذ من عمرو إحدى أصابع يديه و كذا في الأعضاء الداخلية.

تنبيه: كل ترقيع من إنسان لإنسان آخر، و لو صار جزءا للإنسان المرقع، يرجع في يوم القيامة إلى الإنسان المرقع منه، لفرض أن الجزء أخذ منه، و هو محشور في يوم القيامة بجميع أجزاء بدنه الذي كان في دار الدنيا بتمام خلقه. و في الحديث الشريف عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة غرلا»۱۰، و الغرل جمع الأغرل، و هو الأغلف أي يرجع إليهم القشر الذي كان قبل أن يختن، و قد ذكرنا التفصيل في التفسير و من اللّه التيسير.

  1. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب ديات الأعضاء: ۱.
  2. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب ديات الأعضاء: ۳.
  3. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب ديات الأعضاء: ٦.
  4. الوسائل: باب ۲4 من أبواب ديات الأعضاء: ۲.
  5. الوافي صفحة: ۱۱۰ الجزء التاسع.
  6. الوسائل: باب ۲4 من أبواب ديات الأعضاء: 4.
  7. الوسائل: باب ۱۱ من أبواب العاقلة: ۳.
  8. راجع صفحة: ۹۱.
  9. راجع المجلد الأول: صفحة: ۳۱٥.
  10. النهاية لابن الأثير مادة غرل.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"