1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الحدود و التعزيرات
  10. /
  11. خاتمة فيها مسائل‏
(مسألة ۱): لا يسقط ضمان المسروق بقطع يد السارق بل يجب عليه ردّ العين المسروقة مع البقاء و المثل أو القيمة مع التلف إلى صاحبها (۱)، و لو مات وجب ردّها إلى ورثته (۲).

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، بل ضرورة من المذاهب، كما مر في كتاب الغصب، مضافا إلى أدلة خاصة، كقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «السارق يتبع بسرقته و إن قطعت يده، و لا يترك أن يذهب بمال امرئ مسلم»۱.

و في صحيح سليمان بن خالد قال الصادق عليه السّلام: «إذا سرق السارق قطعت يده و غرم ما أخذ»۲، فيجري عليه جميع ما تقدم في أحكام الغصب بلا فرق بينهما من جميع الجهات، حتى في لزوم أرش النقصان لو حصل.

لما يأتي في كتاب الإرث من أن المال ينتقل بالموت إلى الورثة، فلا بد من ردها إليهم، كما تقدم في كتاب الغصب أيضا.

(مسألة ۲): لو سرق اشخاص شيئا واحدا مع تحقق الشرائط التي منها النصاب بالنسبة إلى كل واحد منهم قطع الجميع (۳)، و أما لو سرق اثنان أو أكثر و لا يبلغ ما أخذ كل واحد النصاب، و إن بلغ المجموع ذلك فلا يقطع (٤).

لتحقق المقتضي و فقد المانع بالنسبة إلى الجميع، فتشملهم الإطلاقات و العمومات حينئذ.

للأصل بعد ظهور الأدلة في تحقق النصاب بالنسبة إلى كل سارق وحده، و يكفي في المقام درء الحدّ للشبهة.

و لكن نسب إلى جمع- منهم الشيخ و المفيد و المرتضى- القطع.

و استدلوا بأمور:

الأول‏: صدق السرقة على ذلك عرفا، فتشمله الأدلة قهرا.

الثاني‏: الإجماع، كما عن الانتصار و الغنية.

الثالث‏: ان عدم القطع أصلا تعطيل للحدّ، و قطع البعض دون آخر ترجيح بلا مرجح، فلا بد من قطع الجميع.

الرابع‏: صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في نفر نحروا بعيرا فأكلوه فامتحنوا أيهم نحروا فشهدوا على أنفسهم أنهم نحروه جميعا لم يخصوا أحدا دون أحد فقضى عليه السّلام أن تقطع أيمانهم»۳.

و الكل مخدوش: أما الأول‏: فلأن صدق السرقة مع اعتبار كون المسروق نصابا لا وجه له، مع أن المنساق من ظواهر الأدلة خلاف الفرض.

و أما الثاني‏: فوهن الإجماع بدعوى الشهرة، بل الإجماع على خلافه مما لا شك فيه.

و أما الثالث‏: فإن تعطيل الحدّ إنما لا يجوز إن كان بعد تحقق موضوعه، لا مع الشك في أصل تحققه.

و أما الرابع‏: فالصحيح مجمل لم يعلم خصوصياته، حتى يتهجم به على قطع الأعضاء المحترمة.

(مسألة ۳): لو سرق و لم يقدر عليه ثمَّ سرق ثانيا فأخذ و ثبتت السرقتان جميعا معا دفعة واحدة بالبينة أو الإقرار كذلك فقطع يده بالسرقة الأولى و لا تقطع رجله الثانية (٥)، و لو تفرّق الشهود فشهد اثنان بالسرقة الأولى و شهد آخران بالسرقة الثانية قبل قيام الحدّ أو أقر مرتين بالسرقة الأولى ثمَّ مرتين بالسرقة الثانية مع عدم تخلل الحدّ فكذلك أيضا (٦). نعم لو قامت الحجة الشرعية على السرقة الأولى- من بينة أو إقرار- فقطعت اليمنى ثمَّ قامت على الثانية قطعت رجله (۷).

لما عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح بكر بن أعين: «في رجل سرق فلم يقدر عليه، ثمَّ سرق مرة أخرى فلم يقدر عليه، و سرق مرة أخرى فأخذ، فجاءت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الأولى و السرقة الأخيرة، فقال عليه السّلام: تقطع يده بالسرقة الأولى، و لا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة، فقيل له: كيف ذاك؟

قال عليه السّلام: لأن الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة الأولى و الأخيرة. قبل أن يقطع بالسرقة الأولى، و لو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى ثمَّ أمسكوا حتى يقطع، ثمَّ شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى»4، و هو موافق لأصالة بقاء سببية الاولى، و عدم تخلل المسقط، و اشتراط قطع الرجل بتحقق قطع اليد خارجا، و المفروض عدمه.

لظهور التعليل في قوله عليه السّلام: «لأن الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة الأولى و الأخيرة قبل أن يقطع بالسرقة الاولى»، في أن المناط كله في قطع الرجل تخلل حدّ قطع اليد بينهما، و المفروض أنه لم يتخلل.

إجماعا، و نصا، قال أبو جعفر عليه السّلام في ما تقدم: «و لو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الاولى ثمَّ أمسكوا حتى يقطع يده ثمَّ شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى».

و أما ما ذكره بعض من الجزم بالعدم إنما هو من الاجتهاد في مقابل النص المعتبر، و لذا توقف آخرون، و رجح المحقق في الشرائع أولويته. و العجب من الشيخ رحمه اللّه فإنه ادعى الإجماع على مفاد الرواية في الخلاف، و في مبسوطه جزم بالعدم.

(مسألة ٤): لا يقام الحدّ على السارق إلا بعد مطالبة المسروق منه و رفعه إلى الحاكم (۸)، و لصاحب الحق العفو عن حقه بهبة و بيع إلى السارق و نحو ذلك فيسقط الحدّ، و لو فعل ذلك بعد الرفع إليه و ثبوت السرقة لديه لم يسقط (۹).

إجماعا، و نصوصا منها ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله المنقول في كتب الفريقين الدال على أن الحق له قبل الرجوع إلى الحاكم إثباتا و إسقاطا: «كان صفوان بن أمية رجلا من الطلقاء فأتى النبي صلّى اللّه عليه و آله فأناخ راحلته و وضع رداءه عليها ثمَّ تنحّى يقضي الحاجة، فجاء رجل فسرق رداءه فأخذه فأتى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأمر به أن يقطع، فقال: يا رسول اللّه تقطعه في ردائي؟! أنا أهبه له، فقال صلّى اللّه عليه و آله: فهلا قبل أن تأتيني به»٥.

و منها: قول الصادق عليه السّلام: في موثق حسين بن خالد: «الواجب على الإمام إذا نظر إلى رجل يزني، أو يشرب الخمر، أن يقيم عليه الحد، و لا يحتاج إلى بينة مع نظره، لأنه أمين اللّه في خلقه، و إذا نظر إلى رجل يسرق فالواجب عليه أن يزبره و ينهاه و يمضي و يدعه، قلت: كيف ذلك؟ قال عليه السّلام: لأن الحق إذا كان للّه فالواجب على الإمام إقامته، و إذا كان للناس فهو للناس»٦.

إجماعا، و نصا، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في معتبرة سماعة: «من أخذ سارقا فعفا عنه فذلك له، فإذا رفع إلى الإمام قطعه، فإن قال الذي سرق منه: أنا أهبه له، لم يدعه الامام حتى يقطعه إذا رفعه إليه، و إنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ‏ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ‏، فإذا انتهى الحدّ إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه»۷، و تقدم قضية صفوان، و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح ضريس: «لا يعفى عن الحدود التي للّه دون الإمام، فأما ما كان من حقوق الناس فلا بأس أن يعفى عنه دون الإمام»۸، و في معتبرة السكوني عن علي عليه السّلام: «لا تشفعن في حدّ إذا بلغ الإمام، فإنه لا يملكه، و اشفع في ما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم»۹، إلى غير ذلك من الروايات.

(مسألة ٥): لو سرق جمع و علم أن واحدا منهم سرق بقدر النصاب من الحرز و لكنه غير معلوم ففي وجوب الحدّ حينئذ إشكال (۱۰).

ينشأ من أن المستفاد من الأدلة- كما مر- معلومية السارق بعينه في مورد القطع، و المقام ليس كذلك.

إن قيل‏: يخرج ذلك بالقرعة يقال‏: شمول دليل القرعة للمقام- مع أنهم يقولون بأنه لا يتمسك بدليلها إلا في مورد ثبت الإجماع في مورد العمل بها- مشكل، مضافا إلى ما مر من درء الحدّ بالشبهة.

(مسألة ٦): لو أخرج السارق المال من الحرز ثمَّ رده إليه و وقع تحت استيلاء المالك ثمَّ انتقل إليه بناقل شرعي لم يقطع (۱۱)، و إن لم يقع تحت استيلائه يقطع و إن انتقل إليه (۱۲).

لما تقدم سابقا من توقف القطع على مطالبة المالك لذلك، و لا موضوع للمطالبة حينئذ كما مر.

لوجود المقتضي له بعد المطالبة و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا محالة، كما مر في مسألة ۱۷ من الفصل الأول، و لو شك في تحقق استيلاء المالك على المال، فالمرجع استصحاب السرقة مع تحقق الشرائط.

(مسألة ۷): لو هتك الحرز جماعة و أخرج المال واحد منهم يقطع المخرج فقط (۱۳)، و كذا لو قربه أحد منهم من الباب و أخرجه الآخر من الحرز (۱٤)، و لو وضعه الداخل وسط النقب و أخرجه الآخر الذي يكون خارجا يقطع الداخل (۱٥)، و لو وضعه في مكان لا يصدق عليه الداخل و الخارج عند العرف فلا قطع بالنسبة إلى كل واحد منهما (۱٦).

لانفراده بالإخراج من الحرز، و إن اشترك مع غيره في الهتك، مضافا إلى الإجماع.

لعين ما مرّ في سابقة من غير فرق بينهما، بعد صدق الإخراج من الحرز على المخرج منه فقط.

لصدق الإخراج من الحرز بالنسبة إليه، و الشك في الصدق بالنسبة إلى الخارج، فيدفع عنه الحدّ لأجل الشبهة.

لتحقق الشبهة الدارئة للحدّ بالنسبة إلى كل واحد منهما، فتكون الوضع في النقب أقسام ثلاثة:

الأول‏: أن يكون بحيث يصدق عليه البقاء في الحرز عرفا، فيكون القطع على من أخذه، لصدق الإخراج من الحرز بالنسبة إليه.

الثاني‏: أن يكون بحيث لا يصدق عليه ذلك، فالقطع حينئذ على الداخل الذي أخرجه من الحرز و وضعه خارجه.

الثالث‏: أن يكون بحيث يشك في الصدق و عدمه، فلا قطع على واحد منهما.

الرابع‏: وضعه بنحو يكون نصفه في الداخل و نصفه في الخارج، فإن بلغ كل من النصفين النصاب يقطع كل منهما، لصدق الإخراج من الحرز بالنسبة إلى‏ كل واحد منهما، و إن بلغ الخارج النصاب يقطع الداخل، لصدق أنه أخرج النصاب من الحرز، و إن بلغه الداخل يقطع الخارج، لأنه هو الذي أخرج النصاب من الحرز دون الداخل.

و لعله بذلك كله يمكن أن يجمع بين الكلمات، فراجع و تأمل فيما ليس فيه نص معتبر، و لا إجماع من أهل البحث و النظر، فلا بد من العمل بالقواعد العامة المستفادة من العمومات، و الإطلاقات، و هي تختلف باعتبار الصدق الموضوعي و عدمه، القابلة على الصغريات المختلفة، فتارة تصدق و أخرى تصدق العدم، و ثالثة: يشك في الصدق و عدمه، و لكل حكم يختص به كما في سائر الموضوعات.

(مسألة ۸): المناط في إخراج المسروق من الحرز الدفعة العرفية لا الدقية العقلية (۱۷)، فلو أخرج النصاب دفعات فإن عدّت في العرف دفعة واحدة يقطع (۱۸)، و إن عدّت دفعات متعددة و بلوغ المجموع النصاب فلا قطع (۱۹)، و كذا لو شك في أنه من الدفعة أو الدفعات، فلا قطع (۲۰).

لابتناء الأحكام الشرعية على العرفيات، دون الدقيّات العقلية.

لتحقق الموضوع، فيتبعه حكمه لا محالة، كما إذا أخرج المسروق من الحرز قطعة فأكلها حتى شبع و بلغ المجموع النصاب، فالعرف يحكم بأن النصاب أخرج دفعة واحدة، و إن كان الأكل لقمة لقمة.

لعدم تحقق الموضوع، فلا يتبعه الحكم، كما إذا أخرج في اليوم ثلث النصاب، و بعد أيام اخرى ثلثه الآخر، و هكذا إلى أن بلغ النصاب.

لما مرّ مكررا من درء الحدّ بالشبهة. نعم في موارد سقوط الحدّ للحاكم الشرعي التعزير بما يراه من المصلحة.

(مسألة ۹): لا يقطع بمجرد الأخذ من الحرز ما لم يخرج منه (۲۱)، و كذا لو أخذ النصاب من الحرز و أحدث فيه و هو في الحرز فنقص عن النصاب ثمَّ أخرجه من الحرز (۲۲)، و لو نقص عن النصاب بعد الإخراج منه فيقطع (۲۳).

للأصل، و النص، و الإجماع، قال علي عليه السّلام في معتبرة إسحاق: «لا قطع على السارق حتى يخرج بالسرقة من البيت، و يكون فيها ما يجب فيه القطع»۱۰.

و في موثق السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام في السارق إذا أخذ و قد أخذ المتاع و هو في البيت لم يخرج بعد، قال: ليس عليه القطع حتى يخرج به من الدار»۱۱، إلى غير ذلك من الروايات، و ذكر البيت و الدار مثال لكل حرز.

للأصل بعد صدق عدم إخراج النصاب. نعم لا ريب في ضمانه لما أحدث فيه، كما لو ذبح الشاة أو كسر المتاع أو خرق الثوب مثلا.

لوجود المقتضي للقطع و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات، و العمومات.

(مسألة ۱۰): لو أتلف السارق المال يضمن و لم يقطع إن لم يخرجه من الحرز و إلا يقطع إن تحققت سائر الشرائط (۲٤).

أما الأول‏: فلما تقدم هنا و في كتاب الغصب من قاعدة اليد و غيرها.

و أما الثاني‏: فلتحقق الموضوع، فيتبعه الحكم لا محالة.

(مسألة ۱۱): لو ابتلع النصاب و هو في الحرز فإما أن يستهلك ما ابتلعه أو يتعذر إخراجه أو يعتاده، و في الأول لا سرقة فلا قطع بل هو من الإتلاف الموجب للضمان و كذا الثاني و في الأخير يقطع إن خرج من الحرز و ابتلعه بهذا القصد (۲٥).

أما الأول فيصدق عليه الإتلاف عرفا لا السرقة، و كذا الثاني، و أما الأخير، فلصدق السرقة عليه، فيشمله حكمها.

للأصل ما لم تكن امارة على خلافه.

(مسألة ۱۲): لو اختلط المال المسروق في الحرز بمال السارق و زاد المجموع عن النصاب و لم يعلم أن المال المسروق كان بحدّ النصاب أو لا؟ لا يقطع (۲٦).

لعدم إحراز الشرط الذي هو النصاب، فينتفي الحكم لا محالة.

(مسألة ۱۳): إذا أخذ مقدار النصاب من الحرز و لم يعلم أن ذلك من حرز مباح له التصرف فيه أو من حرز يحرم التصرف فيه لم يقطع (۲۷).

لعدم إحراز موضوع هتك الحرز المحرم، الذي هو شرط للحدّ، بل يشكل ضمان المال في المقام أيضا، لأصالة البراءة عنه، إلا مع الدليل على الخلاف، نعم الأحوط الضمان.

(مسألة ۱٤): لو ادعى صاحب المال هتك الحرز و أخذ النصاب سرا و أنكر السارق ذلك يقدم قول المنكر (۲۸).

للأصل، و لما في صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أخذوه و قد حمل كارة من ثياب، و قال صاحب البيت: أعطانيها، قال عليه السّلام:

يدرأ عنه القطع إلا أن تقوم عليه بيّنة، فإن قامت البيّنة عليه قطع»۱۲، هذا إذا كانت صورة الدعوى من المدعي و المنكر، و أما إن كانت من التداعي فلها حكم آخر ذكرناه في كتاب القضاء، فراجع. و اللّه العالم.

(مسألة ۱٥): الظاهر اعتبار وحدة الحرز في أخذ النصاب (۲۹)، فلو أخذ نصفه من حرز و نصفه الآخر من حرز آخر فلا قطع (۳۰).

لأنه المنساق من الأدلة المتقدمة.

للشبهة الدارئة للحدّ. نعم للحاكم الشرعي التعزير بما يراه، دفعا لمادة الفساد.

السادس: مما يوجب الحدّ المحارب المحارب و هو من أظهر السلاح للإفساد في الأرض لإخافة نفس محترمة من قتل أو نهب مال محترم أو هتك عرض كذلك (۱)،في بر أو بحر أو جو في ليل أو نهار و في القرى أو الأمصار (۲)، و لا يعتبر أن يكون من أهل الريبة (۳)، و لا فرق فيه بين الذكر و الأنثى و القوي و الضعيف بعد تحقق القصد المزبور منه (٤)، نعم لو كان ضعفه بحيث لا يرتب عامة الناس أثرا على تخويفاته لا يكون من المحارب حينئذ (٥)، و في غيره يكون منه (٦).

للأدلة الثلاثة.

فمن الكتاب‏: قوله تعالى‏ إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ‏۱۳.

و من السنة: نصوص مستفيضة، منها قول أبي جعفر الباقر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر، اقتص منه. و نفي من ذلك البلد، و من شهر السلاح في مصر من الأمصار و ضرب و عقر و أخذ المال و لم يقتل، فهو محارب فجزاؤه جزاء المحارب، و أمره إلى الإمام إن شاء قتله و صلبه، و إن شاء قطع يده و رجله، قال: و إن ضرب و قتل و أخذ المال، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة، ثمَّ يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثمَّ يقتلونه، فقال له أبو عبيدة: أرأيت إن عفا عنه أولياء المقتول؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: إن عفوا عنه كان على الإمام أن يقتله، لأنه قد حارب و قتل و سرق، فقال أبو عبيدة: أرأيت إن عفا عنه أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية و يدعونه، أ لهم ذلك؟ قال: لا، عليه القتل»۱4، و قريب منه غيره من الروايات.

و من الإجماع‏: إجماع الإمامية، بل ضرورة فقههم.

كل ذلك للإطلاق، و ظهور الاتفاق.

لظهور الإطلاق، و الصدق العرفي بعد تحقق قصد الإفساد في الأرض.

و نسب إلى جمع- منهم الشهيد- اشتراط ذلك، لقول أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة ضريس: «من حمل السلاح بالليل فهو محارب إلا أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة»۱٥، مضافا إلى: «درء الحدّ بالشبهة».

و لا وجه له، أما الحديث: فلا يدلّ على اعتباره بعد إحراز القصد- أي الإخافة- منه. نعم لو شك في ذلك يمكن أن يجعل كونه من أهل الريبة من طرق إحرازه.

و أما درء الحدّ بالشبهة بعد إحراز قصد الإخافة منه كما هو المفروض، فلا شبهة بعد ذلك حتى يدرأ بها الحدّ.

للإطلاقات، و العمومات، الشاملة للجميع.

ثمَّ إن مفهوم المحارب على أقسام:

الأول: ما إذا قصد المحاربة بنحو ما مر، و لا ريب في ترتب الأحكام عليه.

الثاني‏: ما إذا قصد المحاربة مع من يجوز محاربته، و لكن الناس خافوا منه، فلا يترتب عليه الحكم، لفرض أنه لا يقصد المحاربة مع محترم العرض و النفس و المال.

الثالث‏: ما إذا شك أحد في أنه من أي القسمين، و مقتضى الأصل احترام النفس إلا إذا دلّ دليل معتبر على الخلاف.

الرابع‏: لو حصل خوف الناس من غير أن يقصد المحاربة أصلا، فليس بمحارب لعدم قصد الإخافة الذي به يتحقق المناط في الحكم. و كان حمل السلاح لحفظ نفسه مثلا، و سيأتي قسم آخر أيضا.

لعدم تحقق الإخافة و التخويف، فلا موضوع حتى يترتب عليه الحكم، بل قد يكون ذلك من اللهو و اللعب.

لأن الإخافة و التخويف من الأمور التشكيكية المتفاوتة شدة و ضعفا، بحسب الذات و بحسب الأشخاص. خرج ما إذا انطبق عنوان اللهو و اللعب عليه، و بقي الباقي داخلا تحت الحكم.

(مسألة ۱): لا يكون من المحارب من يفعل ذلك للتدريب لغرض صحيح أو يفعله لعبا أو يكون طليعا أو ردء و كذا كل من أظهر السلاح لدفع الفساد لا للإفساد سواء كان لدفع الفساد عن نفسه أو ماله أو عرضه أو غيره (۷)، و كذا لا يكون منه الصبي و المجنون (۸).

كل ذلك لأصالة عدم تسلط أحد على آخر بحدّ أو نفي، إلا بدليل معتبر من ظاهر الكتاب، أو نص من السنة، أو اتفاق أهل النظر من الفقهاء، و الكل منفي في المقام، و للاحتياط في الدماء المحترمة إلا بالحجة المعتبرة، و في معتبرة علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام «سألته عن رجل يشهر إلى صاحبه‏  بالرمح و السكين؟ فقال: إن كان يلعب، فلا بأس»۱٦.

ثمَّ إن الطليع هو المراقب لأمور تنفع المحارب. و الردء هو المساعد له في جمع الأموال و حمل الأثقال، و نحوهما.

لعدم التكليف بالنسبة إليهما كما تقدم غير مرة، نعم للحاكم الشرعي إن يعزّرهما حسب ما يراه.

(مسألة ۲): لو اجبر على المحاربة بحيث سلب عنه الاختيار يترتب الحكم على السبب المجبر (۹).

لفرض سلب الاختيار عنه من كل جهة، بحيث صار كالآلة الجمادية في يد الغير، فحينئذ يكون الحدّ على المسبب. نعم لو كان الاختيار باقيا للمباشر، و حصل منه قصد الإخافة، يترتب الحدّ على المباشر لا على المسبب و إن أثم.

(مسألة ۳): لو حمل على غيره بالسوط أو العصا أو الحجر لا يجري عليه حكم المحارب بل لا يكون منه موضوعا (۱۰)، و كذا لا يكون منه من حمل على غيره بلا سلاح لقتله أو هتك عرضه أو نهب ماله (۱۱)، و إن وجبت عليه المدافعة (۱۲).

للأصل، و الاحتياط في الدماء إلا إذا عدّ ذلك من آلات المحاربة عرفا.

لأنه ليس معه سلاح، فلا يعدّ من المحارب موضوعا.

لما يأتي تفصيله في (الدفاع و ما يتعلق به)، فلا وجه للتكرار هنا.

(مسألة ٤): لو بعث شخص الأطفال إلى المحاربة و جهزهم بالسلاح يكون ذلك من التسبيب الذي مرّ حكمه (۱۳).

لتحقق السببية، فيترتب عليه الحكم أي الحدّ قهرا كما مر. و للحاكم الشرعي تعزير الأطفال بالحبس و الضرب، حسب ما اقتضته المصلحة.

(مسألة ٥): لو تحقق خوف القتل أو الإبادة أو الهدم بالأسلحة العصرية التي أعدت لذلك مع عدم مباشرة الحمل تتحقق المحاربة بذلك أيضا فيؤخذ السبب و يجرى عليه حكم المحارب (۱٤).

لفرض تحقق السببية لذلك، فتشمله الإطلاقات، و العمومات المتقدمة.

(مسألة ٦): لو أرسل الماء أو النار أو ألقى السم بقصد المحاربة و إخافة الناس يجرى عليه حكم المحاربة (۱٥).

لشمول العمومات، و الإطلاقات المتقدمة له. و احتمال انصرافها إلى حمل السلاح المذكور في بعض الروايات المتقدمة من الانصراف البدوي، و يشهد لما ذكرنا ما عن السكوني عن جعفر عن علي عليه السّلام: «في رجل أقبل بنار فأشعلها في دار قوم فاحترقت و احترق متاعهم، أنه يغرّم قيمة الدار و ما فيها، ثمَّ يقتل»۱۷.

(مسألة ۷): لو ادعى المحارب العذر الشرعي في محاربته لا يقبل منه إلا بالحجة المعتبرة (۱٦).

لأصالة عدم الاعتبار إلا بذلك، كما لو ادعى أنه كان مجبورا في ذلك، أو مأذونا ممن له الاذن شرعا مثلا، أو نحو ذلك، فلا يقبل إلا بما تقدم.

(مسألة ۸): تثبت المحاربة بشهادة عدلين (۱۷)، و لا تقبل شهادة النساء منفردات و لا منضمات (۱۸)، و لا تقبل شهادة بعض اللصوص و المحاربين على بعض (۱۹)، و كذا لو شهد المأخوذون بعضهم لبعض و لو بأن يقولوا تعرضوا لنا و أخذوا منا (۲۰)، و أما لو شهد بعضهم لبعض و قال: تعرضوا لنا و أخذوا من هؤلاء لا منا تقبل (۲۱)، و تثبت بالإقرار و لو مرة و إن كان الأحوط مرتين (۲۲).

لعمومات أدلة البيّنة الشاملة للمقام بلا كلام.

للأصل، و الإجماع، و ما مر في كتاب الشهادات‏۱۸.

لعدم العدالة مع الفسق الظاهر.

للتهمة المانعة عن قبول الشهادة، و معتبرة ابن الصلت قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن رفقة كانوا في طريق فقطع عليهم الطريق و أخذوا اللصوص، فشهد بعضهم لبعض؟ قال: لا تقبل شهادتهم إلا بإقرار من اللصوص أو شهادة من غيرهم عليهم»۱۹.

لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات، و العمومات بلا محذور و مدافع، و الشك في شمول معتبرة ابن الصلت لمثل المقام يكفي في عدم صحة التمسك به.

أما كفاية الإقرار مرة، فللإطلاق، و عموم الأدلة.

و أما الاحتياط في المرتين فلما عن جمع من لزوم المرتين في كل ما تثبت بشهادة عدلين، حتى جعل ذلك قاعدة متبعة. و لكنها لم تثبت بنحو يصح الاعتماد عليه إلا في مورد قام إجماع على مرتين، فيذكر ذلك تأييدا، لا دليلا و هو في المقام مفقود.

(مسألة ۹): حدّ المحارب هو تخيير الحاكم بين القتل و الصلب و القطع مخالفا و النفي (۲۳)،و ينبغي مراعاة ما يناسب الجناية، فلو قتل اختار القتل أو الصلب، و لو أخذ المال اختار القطع و لو أخاف و شهر السيف فقط اختار النفي فقط (۲٤).

لظاهر الكتاب بعد كون الأصل في كلمة «أو» في اللغة و عند الأدباء هو التخيير، إلا مع القرينة على الخلاف و هي مفقودة، قال تعالى‏ إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ‏۲۰، و قال أبو عبد اللّه في صحيح حريز: «و كل شي‏ء في القرآن (أو)، فصاحبه بالخيار ما شاء»۲۱، و عن جميل قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الآية، أي شي‏ء عليه من هذه الحدود التي سمّى اللّه عزّ و جلّ؟ قال: ذلك إلى الامام إن شاء قطع و إن شاء نفى، و إن شاء صلب، و إن شاء قتل»۲۲، و في معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام عن الآية المباركة قال: «الإمام في الحكم فيهم بالخيار إن شاء قتل، و إن شاء صلب، و إن شاء قطع، و إن شاء نفى من الأرض»۲۳.

و بإزاء ذلك ما يدلّ على الترتيب مثل صحيح بريد أنه سأل الصادق عليه السّلام عن الآية قال: «ذلك إلى الإمام يفعل ما يشاء، قلت: فمفوض ذلك إليه؟ قال: لا، و لكن نحو الجناية»۲4، و قريب منه خبر المدائني‏۲٥، و خبر عبد اللّه بن طلحة۲٦، و غيرها.

لما مر آنفا من قول الصادق عليه السّلام في صحيح بريد: «و لكن نحو الجناية»، و قد اختلفت الكلمات تبعا للروايات، و هي مع قصور سند جملة منها، مضطربة المتن أيضا، كما لا يخفى على من راجعها.

و المتحصل من المجموع بعد ردّ القسم الأول إلى صحيح بريد، ما ذكرناه في المتن، و هذا النحو من الجمع شائع في الفقه من أوله إلى آخره.

و أما ما ورد في خبر علي بن حسان عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام قال: «من حارب اللّه و أخذ المال و قتل، كان عليه أن يقتل أو يصلب، و من حارب فقتل و لم يأخذ المال، كان عليه أن يقتل و لا يصلب، و من حارب و أخذ المال و لم يقتل، كان عليه أن تقطع يده و رجله من خلاف. و من حارب و لم يأخذ المال و لم يقتل كان عليه أن ينفى»۲۷، و قريب منه غيره، فهو من باب بيان أحد أفراد التخيير بقرينة ما تقدم، و لا يستفاد منه التعيين، مع أن الغالب في مجموع الأدلة يأبى عما ذكروه من الترتيب، إذ لم يرد مجموع ما ذكروه في رواية من الروايات، و لا بد من التماس دليل خارج على ذلك، فالحكم هو التخيير و حمل الترتيب على ما ذكرناه.

(مسألة ۱۰): لو اختار الحاكم الشرعي القطع فيقطع اليمنى (۲٥)، ثمَّ الرجل اليسرى (۲٦)، و الأولى الصبر بعد قطع اليمنى حتى يبرأ الجرح و تحسم (۲۷)، و لو فقدت اليمنى أو فقد العضوان يختار الإمام غير القطع (۲۸).

لما مرّ في حدّ السارق- مسألة ۲- فلا وجه للتكرار هنا.

للآية المباركة تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ‏، و لما مر في حدّ السارق.

لما مرّ في مسألة ٦ من (الفصل الثالث في حدّ السارق).

لأنه المتعين قهرا.

(مسألة ۱۱): التخيير بين ما مر من الأمور الأربعة- مع أولوية ملاحظة المناسبة- إنما هو حكم المحارب من حيث هو، و مع الرفع إلى الحاكم الشرعي يقتل قصاصا إن كان المقتول كفوا و إن عفا الولي كان الحاكم مخيرا بين الأمور الأربعة سواء كان قتله طلبا للمال أو لا (۲۹)، و كذا لو لم يقتل و جرح فالقصاص إلى الولي فمع الاقتصاص أو العفو يتخيّر الحاكم بين ما مر من الأمور (۳۰).

لأن المحارب عنوان مستقل يوجب الحدّ في مقابل سائر العناوين الموجبة له، سواء قتل شخصا أو لا، و سواء رفع ولي الدم أمره إلى الحاكم أو لا، فمع تعدد الأسباب يتعدد المسبب، و مع وحدتها يتحد، كما هو مقتضى القاعدة في جميع الموارد.

لعمومات الأدلة، و إطلاقاتها، الشاملة لجميع ذلك، مع كون الحكم مطابقا للقاعدة.

(مسألة ۱۲): لو تاب المحارب قبل القدرة عليه سقط الحدّ (۳۱)، و لا تسقط حقوق الناس من المال و الجرح و القتل (۳۲)، و إن تاب بعد الظفر عليه لم يسقط الحدّ أيضا (۳۳).

كتابا، و سنة، و إجماعا، قال تعالى‏ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏۲۸، و في الخبر عن الصادق عليه السّلام:

«فإن تاب لم يقطع»۲۹، و قريب منه غيره، و تقدم في كتاب القضاء ما يتعلّق بذلك.

للأصل، و الإجماع، مع أن التوبة لا تتحقق إلّا بأدائها.

للأصل، و الإجماع و مفهوم الآية الكريمة.

(مسألة ۱۳): يصلب المحارب حيا و لا يبقى مصلوبا أكثر من ثلاثة (۳٤)، ثمَّ ينزل و يغسل و يكفن و يصلّى عليه و يدفن إن كان مسلما (۳٥)، و إن كان حيا يبقى مصلوبا حتى يموت (۳٦)، و التحديد بالثلاثة من يوم الصلب (۳۷).

أما الأول‏: فلأنه أحد أفراد القسيم للقتل المذكور في الآية الشريفة، فهو قسم خاص من القتل نصّ عليه لخصوصية فيه.

و أما الثاني‏: فللإجماع، و النصوص، منها ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا تدعوا المصلوب ثلاثة أيام حتى ينزل فيدفن»۳۰، و عن الصادق عليه السّلام:

«المصلوب ينزل عن الخشبة بعد ثلاثة أيام و يغسّل و يدفن. و لا يجوز صلبه أكثر من ثلاثة أيام»۳۱، و عنه عليه السّلام أيضا في المعتبر۳۲: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام صلب رجلا بالحيرة ثلاثة أيام، ثمَّ أنزله في اليوم الرابع، فصلّى عليه و دفنه».

إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها، و تدلّ عليه عمومات أدلة التجهيزات فراجع.

لفرض أن الصلب ورد في الروايات من باب الطريقية للموت، مع رعاية إرعاب الناس و ردعهم عن هذا المنكر، لا لموضوعية خاصة في ثلاثة أيام، و إلا فالظاهر تحقق الموت في أقل من ثلاثة أيام، خصوصا في بعض أقسامه الحديثة.

كما هو الظاهر من الروايات المتقدمة.

(مسألة ۱٤): لو أوجب الصلب المثلة أو الإضرار بالنسبة إلى الأحياء يتعين الفرد الآخر (۳۸).

لأن الواجب التخييري إذا تعذر بعض أفراده يتعين الفرد الآخر، و لا فرق في التعذّر بين الشرعي منه أو العقلي.

و أما الجمود على الإطلاق- كما عن بعض- فيجوز ذلك حتى مع هذه العوارض، فمشكل جدا و لا أقل من احتمال الانصراف.

(مسألة ۱٥): إذا نفى الحاكم الشرعي المحارب عن بلده إلى بلد آخر يكتب إلى كل بلد يأوي إليه عن معاشرته و مؤاكلته و مبايعته و مناكحته و مشاورته (۳۹)، و الأحوط وجوبا أن لا يكون أقل من السنة و إن تاب (٤۰)، و لو لم يتب استمر النفي إلى أن يتوب (٤۱)، و لو أراد بلاد الشرك يمنع منها (٤۲).

إجماعا، و نصا، ففي معتبرة المدائني عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في حديث المحارب قال: «قلت: كيف ينفى؟ و ما حدّ نفيه؟ قال: ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره، و يكتب إلى أهل ذلك المصر أنه منفي فلا تجالسوه و لا تبايعوه و لا تناكحوه و لا تؤاكلوه و لا تشاوروه، فيفعل ذلك به سنة، فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك حتى تتم السنة، قلت:

فإن توجه إلى أرض الشّرك ليدخلها؟ قال: إن توجّه إلى أرض الشّرك ليدخلها قوتل أهلها»۳۳، و ظاهر أدلة النفي عن الأرض عدم التمكين له في محل يستقر فيه كما مرّ.

و أما اللحوق بأهل الشرك كما هو ظاهر رواية أبي بصير، قال: «سألته عن الإنفاء من الأرض كيف هو؟ قال: ينفى من بلاد الإسلام كلّها، فإن قدر عليه في شي‏ء من أرض الإسلام قتل و لا أمان له حتى يلحق بأرض الشرك»۳4، و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح بكير بن أعين: «كان أمير المؤمنين عليه السّلام إذا نفى أحدا من‏ أهل الإسلام نفاه إلى أقرب بلد من أهل الشرك إلى الإسلام، فنظر في ذلك فكانت الديلم أقرب أهل الشرك إلى أهل الإسلام»۳٥، ففيه احتمالان:

الأول‏: تخلية سبيله و رفع اليد عنه بمجرد لحوقه بأهل الشرك، كما هو مقتضى الجمود على قوله عليه السّلام: «حتى يلحق بأهل الشرك»، و هو خلاف ما تقدم من الأدلة، لأن تخلية المحارب توسعة للمحاربة.

الثاني‏: انه يظهر حينئذ حكم جديد للحاكم الشرعي و هو مقاتلة المشركين حتى يستولوا على المحارب، كما مر في معتبرة المدائني، و يشهد لذلك أدلة شرائط الذمة، و هذا هو المتيقن بل أن الحاكم قد يرى المصلحة في المقاتلة، أو يرى مصلحة أخرى فيعمل حسب نظره حينئذ.

قد ذكر لفظ السنة فيما مرّ من الحديث، و عن الصادق عليه السّلام: «يفعل ذلك به سنة، فإنه سيتوب و هو صاغر»۳٦.

و لكن نسب إلى المشهور عدم الفتوى بهذا التحديد.

و أما الشمول لما إذا تاب، فلإطلاق الحديث، و فتوى الأصحاب، و لما مرّ سابقا.

لاستمرار الموضوع، فيتبعه استمرار الحكم لا محالة.

إجماعا، و نصا- كما مر- و إن مكّنوه من دخولها قوتلوا حتى يمنعوه.

(مسألة ۱٦): لا يسقط التخيير بالتماس المحارب و استدعائه بفرد معين من أفراده (٤۳).

للأصل، و ظهور الإطلاق بعد عدم دليل على الخلاف، بل للحاكم الشرعي التخيير مطلقا.

(مسألة ۱۷): لو مات المحارب أو قتل نفسه قبل استيفاء الحدّ سقط عنه الحدّ (٤٤).

لانتفاء الموضوع، إلا أن يرى الحاكم الشرعي مصلحة في إشهاره كيف ما يشاء، فيعمل برأيه حينئذ.

(مسألة ۱۸): لا فرق في الأحكام المتعلقة بالمحارب بين أن يكون مسلما أو يكون كافرا (٤٥). كما لا فرق بين أن يكون واحدا أو أكثر كما لا فرق في المحارب (بالفتح) بينهما (٤٦).

لما مرّ من الإطلاقات، و العمومات، فيجري على الكافر إن كان محاربا ما يجري على المسلم.

لظهور الإطلاق، و الاتفاق.

(مسألة ۱۹): اللص إن صدق عليه عنوان المحارب يجري عليه حكمه (٤۷)، و إلا فيكون من مورد النهي عن المنكر تتدرج في النهي و إن وصلت النوبة إلى قتله يقتل و دمه هدر (٤۸).

لتحقق موضوع المحارب حينئذ وجدانا، فيترتب عليه حكمه قهرا.

إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة منصور: «اللص محارب للّه و لرسوله فاقتلوه، فما دخل عليك فعليّ»۳۷، و في موثق غياث بن إبراهيم عن أبي جعفر عليه السّلام: «إذا دخل عليك اللص يريد أهلك و مالك، فإن استطعت أن تبدره و تضربه فابدره و اضربه، و قال: اللص محارب للّه و لرسوله فاقتله، فما تبعك منه شي‏ء فهو عليّ»۳۸، و في المعتبر عن الصادق عليه السّلام «إذا دخل عليك اللص المحارب فاقتله فما أصابك فدمه في عنقي»۳۹، إلى غير ذلك من الروايات، و لا بد من حمل مثل هذه الإطلاقات على ما ذكرناه.

و دعوى‏: أن حكم المحارب هو ما مرّ من التخيير للحاكم الشرعي، و سائر التفاصيل التي ذكرناه، فيكون اللص كذلك، فلا بد من إجراء جميع ما تقدم عليه أيضا.

غير صحيحة: لأن المراد من اللص المحارب منه، و المنساق مما تقدم عرفا عدم استمهاله للطرف في أن يعرض الموضوع للحاكم الشرعي، بل جاء محاربا لنفسه من غير مهلة و استمهال، و في مثل ذلك يكون مباح الدم بل لا إشكال حتى في المحارب غير اللص أيضا، مضافا إلى أنه يستفاد من مجموع الروايات إذن الإمام عليه السّلام في ذلك، فلا يبقى موضوع للاستيذان من الحاكم الشرعي.

و مما ذكرنا يظهر حكم قطّاع الطريق، و من قصد عرض الإنسان، و يأتي بعض الكلام في المسائل المتفرقة، و تقدم بعضه في كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أيضا.

(مسألة ۲۰): المحارب يضمن كل مال وضع اليد عليه (٤۹)، و لو تلف ضمن المثل أو القيمة (٥۰)، فإن أمكن أخذه من ماله قبل إجراء الحدّ عليه كالقتل يؤخذ و إلا يؤخذ من أصل تركته (٥۱)، و إن لم يكن له مال أصلا تبقى ذمته مشغولة (٥۲).

لقاعدة اليد، كما تقدم في كتابي البيع و الغصب.

لقاعدة الضمان.

لأنه دين، و هو يخرج من الأصل، و لو كانت العين موجودة يؤخذ نفس العين، كما هو واضح.

للأصل، إلا إذا تبرّع أحد بأدائه.

(مسألة ۲۱): لو تردد المحارب بين شخصين أو أكثر و لم يمكن التمييز بينهما بوجه من الوجوه مع العلم بتحقق تمام الشرائط يعمل الحاكم الشرعي‏ بنظره من القرعة أو التخيير أو جهة أخرى حسب تكليفه (٥۳).

لفرض انحصار دفع الفساد في ما ذكر، تقديما للموافقة الاحتمالية على المخالفة القطعية.

(مسألة ۲۲): لو استولى شخص على آلات المحاربة التي عند المحارب و فرّ هو بنفسه يرجع بها إلى الحاكم الشرعي (٥٤).

لأن ذلك من الأمور النظامية الحسبية التي يرجع فيها إليه، فإن رأى الحاكم الشرعي المصلحة في ردّها إليه بالتوبة أو غيرها يردّها، و إلا يسرى فيه رأيه حسب التكاليف الشرعية.

(مسألة ۲۳): لو لم يكن الشخص بنفسه محاربا و لكنه أخبر المحارب للمحاربة يحدّ المباشر حدّ المحاربة و يعزّر المخبر حسب ما يراه الحاكم الشرعي (٥٥).

أما الأول‏: فلما مرّ.

و أما الثاني‏: فلدفع الفساد و قلعه، و هو من وظيفة الحاكم الشرعي.

(مسألة ۲٤): لو أخذ المال بسائر العناوين الباطلة من أنحاء التزويرات بلا حمل سلاح و لا هتك حرز لا تقطع يده (٥٦)، و لا يجري عليه حكم المحارب (٥۷)، بل يضمن ما أخذ و يعزّره الحاكم بما يراه (٥۸).

لعدم تحقق موضوع السرقة.

للأصل، بعد عدم تحقق عنوان المحارب.

أما الضمان: فللأدلة الأربعة، كما تقدم في كتاب الغصب و غيره. و أما التعزير: فلارتكاب المنكر، و أي منكر أشد من استلاب أموال الناس بالحيلة و التزوير؟! مضافا إلى نصوص خاصة في المقام: منها: معتبرة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل اختلس ثوبا من السوق، فقالوا: قد سرق هذا الرجل، فقال: لا اقطع في الدغارة المعلنة و لكن اقطع من‏ يأخذ ثمَّ يخفي».

و منها: موثق أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: لا أقطع في الدغارة المعلنة، و هي الخلسة و لكن أعزّر».

و منها: معتبرة السكوني عن الصادق عليه السّلام: «أن أمير المؤمنين عليه السّلام اتي برجل اختلس درّة من أذن جارية، فقال: هذه الدغارة المعلنة، فضربه و حبسه»، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في رجل اتى رجلا و قال: أرسلني فلان إليك لترسل إليه بكذا و كذا، فأعطاه و صدّقه، فلقي صاحبه معه بكذا و كذا فقال له: إن رسولك أتاني فبعثت إليك فقال: ما أرسلته إليك و ما آتاني بشي‏ء، فزعم الرسول أنه قد أرسله و قد دفعه إليه، فقال: إن وجد عليه بيّنة أنه لم يرسله قطع يده، و معنى ذلك أن يكون الرسول قد أقرّ مرة أنه لم يرسله، و إن لم يجد بيّنة فيمينه باللّه ما أرسلته، و يستوفي الآخر من الرسول المال، قلت: أرأيت إن زعم أنه إنما حمله على ذلك الحاجة، فقال: يقطع، لأنّه سرق مال الرجل»، فلا يعارض ما تقدم، لأنه قضية في واقعة اقتضت المصلحة فيها قطع اليد.

ثمَّ إن رأى الحاكم الشرعي المصلحة في شهرة من صدر عنه الحيلة حتى يتحذر عنه الناس فعل ذلك، لأن ذلك من الأمور النظامية الحسبية.

(مسألة ۲٥): عنوان المحارب غير عنوان السارق فلا يعتبر في الأول ما يعتبر في الثاني من هتك الحرز و أخذ النصاب كما لا يجري في الثاني ما يجري في الأول من تخيير الحاكم في العقوبة (٥۹).

للأدلة الدالة على اختصاص كل منهما بشروط و عقوبة خاصة كما مر التفصيل، فلا فرق في المال الذي يأخذه المحارب بين بلوغه حدّ النصاب و عدمه، كما مرّ من الإطلاق، بعد عدم وجود مقيد في البين.

العقوبات المتفرقة و أسبابها كثيرة (۱)، أهمها ثلاثة: الارتداد، و إتيان البهيمة و الأموات. أما الأول: فكل من خرج عن الإسلام و اختار الكفر يسمّى مرتدا (۲)، و هو قسمان فطري و ملّي (۳)، و الأول من كان أحد أبويه مسلما حين انعقاد نطفته (٤)، ثمَّ أظهر الإسلام بعد بلوغه (٥)، ثمَّ خرج عن الإسلام (٦). و الملّي من ليس له إسلام تبعي و حكمي قبل البلوغ فبلغ كافرا و وصف الإسلام ثمَّ كفر كنصراني من أبوين نصرانيين بلغ و وصف الإسلام ثمَّ تنصّر (۷).

تقدم بعضها في الختام بعد حدّ القذف، و في التتميم بعد حدّ السكر.

إجماعا، و نصوصا، يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى، سواء كان ذلك بالقول الظاهر فيه عن عمد و اختيار و التفات، أو عن فعل كذلك، كفعل ما يوجب هتك المقدسات الدينية، كتلويث الكعبة المقدسة و المشاهد المشرفة و القرآن العظيم، و العياذ باللّه تعالى.

هذا الحصر عقلي دائر بين النفي و الإثبات، لأن المرتد إما مسبوق بالإسلام- على تفصيل يأتي- أو لا، و الأول فطري و الأخير ملّي. نعم. بالنسبة إلى أصل الكفر ليس عقليا، لأنه إما أصلي أو فطري، أو ملّي.

أي كان محكوما بالإسلام التبعي و الحكمي حين الانعقاد، و لو صار الأبوان أو أحدهما كافرا حين الولادة.

أي: اتصف بالإسلام الحقيقي أيضا، مضافا إلى إسلامه الحكمي التبعي.

فيعتبر في الارتداد أمور ثلاثة: الإسلام الحكمي قبل البلوغ، و الإسلام الحقيقي بعده، ثمَّ الخروج عن الإسلام بعدهما، و ذلك لأصالة عدم ترتب آثار الارتداد إلا بالمتيقن من الأدلة، و أصالة عدم جواز التهجم على الدماء إلا بدليل صحيح، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام و جحد محمدا صلّى اللّه عليه و آله نبوته و كذّبه، فإن دمه مباح لمن سمع ذلك منه، و امرأته بائنة منه يوم ارتد، و يقسّم ماله على ورثته، و تعتد امرأته عدّة المتوفى عنها زوجها، و على الإمام أن يقتله و لا يستتيبه»44، و هذا هو المشهور بين الأصحاب، بل يظهر من بعضهم الإجماع عليه.

و ما عن بعض من عدم اعتبار إظهار الإسلام بعد البلوغ تمسكا بصحيح الحسين بن سعيد: «في رجل ولد على الإسلام، ثمَّ كفر و أشرك و خرج عن الإسلام، هل يستتاب، أو يقتل و لا يستتاب؟ فكتب عليه السّلام: يقتل»، و صحيح ابن جعفر قال: «سألته عن مسلم تنصّر؟ قال عليه السّلام: يقتل، و لا يستتاب»، فظاهرهما الإطلاق من غير تقييد بوصف الإسلام و إظهاره بعد البلوغ، فهما حاكمان على الأصل المتقدم بقسميه.

غير صحيح، لأن الظاهر من صحيح ابن جعفر البالغ الذي أظهر الإسلام، و كذا الظاهر من صحيح الحسين بن سعيد، و الشك في شمولهما للمسلم الحكمي- من غير إظهار الإسلام- يكفي في عدم صحة التمسك بهما، فيرجع إلى الأصل المذكور، مع أن ظاهر قوله عليه السّلام: «ثمَّ كفر» الكفر بعد إظهار الإسلام، مضافا إلى قول علي عليه السّلام الظاهر في اعتبار وصف الإسلام بعد البلوغ، قال عليه السّلام:

«فمن أدرك من ولده دعي إلى الإسلام فإن أبى قتل»، فما تقدم من اعتبار إظهار الإسلام بعد البلوغ ثمَّ الارتداد هو الصحيح، لما مرّ من الأصل، و الاستظهار من الروايات في هذه المسألة المهمة.

ثمَّ إنه نسب إلى بعض كفاية الولادة في حال إسلام أحد الأبوين، و لو لم‏ يكن انعقاد النطفة كذلك، تمسكا بما اشتمل على لفظ الولادة، ففي صحيح الحسين بن سعيد قال: «قرأت بخط رجل إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام: رجل ولد على الإسلام، ثمَّ كفر و أشرك و خرج عن الإسلام، هل يستتاب، أو يقتل و لا يستتاب؟ فكتب عليه السّلام: يقتل».

و فيه. أولا: أنه أعم من انعقاد النطفة، إذ يصدق الولد على الجنين و الحمل أيضا.

و ثانيا: تغليب مقام الإثبات على ثبوت الإسلام الحكمي قبل ذلك، فما هو المشهور هو المنصور في بيان معنى الفطري، كما مر.

نصوصا، و إجماعا، منها ما عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «في نصراني أسلم ثمَّ ارتد، قال عليه السّلام: يستتاب فإن رجع، و إلا قتل»، و مثله غيره.

(مسألة ۱): الفطري يقتل إن كان رجلا و لا يقبل إسلامه ظاهرا (۸)،و أما المرأة المرتدة و لو عن فطرة فلا تقتل بل تحبس دائما و تضرب في أوقات الصلاة و يضيّق عليها في المعيشة (۹)، و يقبل توبتها فإن تابت أخرجت من السجن (۱۰)، و المرتد الملّي يستتاب فإن تاب و إلا قتل (۱۱)،و الأحوط أن يستتاب ثلاثة أيام ثمَّ القتل في اليوم الرابع (۱۲).

إجماعا، و نصوصا، منها مانع عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «في رجل ولد على الإسلام، ثمَّ كفر و أشرك و خرج عن الإسلام، هل يستتاب؟ أو يقتل و لا يستتاب؟ فكتب: يقتل»٥۰، و منها صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن مسلم تنصّر، قال عليه السّلام: يقتل و لا يستتاب، قلت: فنصراني أسلم ثمَّ ارتد، قال:

يستتاب فإن رجع، و إلا قتل»٥۱، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما قبول توبته، فقد مرّ الكلام في كتاب الطهارة٥۲، فلا وجه للإعادة و التكرار هنا.

للإجماع، و النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «لا يخلد في السجن إلا ثلاثة: الذي يمسك على الموت، و المرأة ترتد عن الإسلام، و السارق بعد قطع اليد و الرجل»٥۳، و عن الصادق عليه السّلام: «و المرأة تستتاب فإن تابت و إلا حبست في السجن و أضرّ بها»٥4، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح حماد:

«في المرتدة عن الإسلام: «لا تقتل و تستخدم خدمة شديدة، و تمنع الطعام و الشراب إلا ما يمسك نفسها، و تلبس خشن الثياب، و تضرب على الصلوات»٥٥.

أرسل ذلك إرسال المسلّمات، و استدل عليه بما أرسل عن الباقرين عليهما السّلام، المعمول به عند الأصحاب: «في المرتدّ يستتاب، فإن تاب و إلا قتل، و المرأة إذا ارتدّت عن الإسلام استتيبت، فإن تابت و إلا خلّدت في السجن و ضيّق عليها في حبسها»٥٦، و قريب منه غيره، و صدره محمول على الملّي دون الفطري بقرينة الإجماع.

للإجماع، و النصوص، منها ما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام: «قلت: فنصرانيّ أسلم ثمَّ ارتدّ؟ قال: يستتاب، فإن رجع، و إلا قتل»٥۷، و قريب منه غيره.

لأنه أرفق بالتأني، و ترك العجلة في إراقة الدماء، و إبداء العذر المبني على ذلك أفعال اللّه عزّ و جلّ، مع أنه روي عن علي عليه السّلام: «يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب و إلا قتل يوم الرابع»٥۸.

و الكل يصلح لإيجاب الاحتياط، و إن لم يصلح للاستدلال.

(مسألة ۲): يشترط في تحقق الارتداد و الحكم به البلوغ، و العقل، و الاختيار، و القصد (۱۳)، فلا عبرة بردّة الصبي و إن كان مراهقا و لا المجنون و إن كان أدواريا في دور جنونه و لا المكروه و لا ما يقع بلا قصد كالغافل و الساهي و الهاذل و ما يصدر في حال شدة غضب لا يملك الإنسان فيها نفسه و المغمى عليه و النائم (۱٤).

هذه كلها من الشرائط العامة الشرعية، بل العقلائية في نقل الأموال فضلا عن إزهاق الأرواح، إذ العقلاء لا يرتّبون الأثر على ما صدر من غير قصد أو عن غير اختيار، أو عن المجنون أو عن الصبيان، مضافا إلى إجماع المسلمين، و حديث رفع القلم عن الصبي و المجنون‏٥۹، و قوله تعالى‏ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ‏٦۰.

و أما الخبر الذي أورده صاحب الجواهر: «الصبي إذا بلغ عشر سنين أقيمت عليه الحدود التامة، و اقتص منه، و تنفذ وصيته و عتقه»، فلا اعتبار له، و على تقديره معارض بما هو أقوى منه، و عدم العمل به أسقطه عن الاعتبار رأسا.

كل ذلك لإجماع الفقهاء، بل و سيرة العقلاء، و حديث رفع‏ الإكراه‏٦۱، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن عطية قال: «كنت عنده و سأله رجل عن رجل يجي‏ء منه الشي‏ء على جهة الغضب، يؤاخذه اللّه به؟ فقال: اللّه أكرم من أن يستغلق عبده»٦۲.

(مسألة ۳): لو صدر منه ما يوجب الارتداد و لكنه ادعى الإكراه المحتمل في حقه أو عدم القصد أو سبق اللسان أو الجهل بمعناه أو الحكاية عن الغير قبل منه في جميع ذلك (۱٥)، بلا فرق في ذلك كله بين ما إذا قامت البينة على ارتداده و عدم قيامها عليه (۱٦).

لاستصحاب الإسلام، و عدم التهجم على دماء الأنام. و درء الحدّ بالشبهة.

لأن البيّنة إنما تشهد بظاهر الحال و هو يخبر عن الواقع، و مقتضى اعتبار قوله سقوط البيّنة عن الاعتبار، فينتفي اعتبار البينة بزوال موضوعها. نعم لو قامت البينة على عدم الإكراه مثلا، و هو ادعى الإكراه يشكل قبول قوله حينئذ.

(مسألة ٤): لو اكره على الكفر أو صدر منه ما يوجب الارتداد سهوا أو غفلة لا يحتاج إلى التوبة بعد رفع المانع (۱۷)، و من أكره على الإسلام إكراها بحق يصح إسلامه ما لم يعلم بنفاقه (۱۸).

لبقاء إسلامه و لغوية كفره و ارتداده، و لكن الأولى التوبة و الاستغفار، لحسنها على كل حال.

لسيرة نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و المسلمين من بعده، و كذا الإكراه على إتيان كل واجب و ترك كل محرم إذا كان ذلك عن أهله و في محله.

(مسألة ٥): لو تكرر الارتداد من الملّي فالأحوط قتله في الرابعة (۱۹).

لاتحاد حكمه مع حكم ذوي الكبائر، الذي تقدم التفصيل فيها٦۳، و نسب إلى الشيخ أنه قال: «روى أصحابنا أن أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة»، و نسب إليه أيضا: «روى أصحابنا أن أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة».

(مسألة ٦): تقدم أن من انعقدت نطفته حال إسلام أحد أبويه يكون مسلما تبعا و حكما (۲۰)، و هذه التبعية في الإسلام فقط لا في الارتداد (۲۱).

لتسالم الفقهاء عليه، بل هو من ضروريات فقههم يذكرونه من أول الفقه إلى آخره، لشرف الإسلام و تغليبه مهما أمكن، و عن علي عليه السّلام: «إذا أسلم الأب جرّ الولد إلى الإسلام، فمن أدرك من ولده دعي إلى الإسلام، فإن أبى قتل، و إن أسلم الولد لم يجر أبويه، و لم يكن بينهما ميراث»٦4، و قريب منه غيره، و يذكرون أنه لو ماتت الأم مرتدة و هي حامل به، تدفن في مقابر المسلمين لشرف ما في رحمها بالإسلام.

للأصل، و درء الحدّ بالشبهة، و الاحتياط في الدم، فلو صار الوالد مرتدا عن فطرة لا يتبعه الولد في ذلك، بل يلحظ مستقلا، و تكون له حالات ثلاث:

الأولى‏: البقاء على الإسلام بعد البلوغ، و لا ريب في أنه مسلم.

الثانية: وصف الإسلام بعد البلوغ ثمَّ الارتداد عنه، و لا إشكال في أنه مرتدّ فطري فيقتل، و لا يستتاب إلا إذا كان امرأة كما مر.

الثالثة: اختيار الكفر بعد البلوغ من دون وصف الإسلام، فيستتاب و يقتل مع عدم التوبة، لكونه ملحقا بالملّي، لاعتبار وصف الإسلام بعد البلوغ في الفطري، و عن الصادق عليه السّلام في معتبر عبيد بن زرارة: «في الصبي يختار الشرك و هو بين أبويه قال، عليه السّلام: لا يترك، و ذاك إذا كان أحد أبويه نصرانيّا»٦٥، و في خبر ابان عن الصادق عليه السّلام أيضا: «في الصبي إذا شبّ فاختار النصرانية، و أحد أبويه نصراني أو مسلمين، قال: لا يترك، لكن يضرب على الإسلام»٦٦، بناء على أن المراد بعدم الترك الاستتابة، و المراد بالاختيار أي بعد البلوغ، و فيهما معا خدشة.

(مسألة ۷): إذا عرض الجنون على المرتد الفطري يقتل على كل حال (۲۲)، و لو جنّ المرتد الملي بعد ردته و قبل استتابته لم يقتل (۲۳)، و لو عرض الجنون بعد استتابته و امتناعه المبيح لقتله يقتل (۲٤).

للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، بعد عدم قبول توبته.

لأن قتله مشروط بامتناعه عن التوبة، و لا أثر لامتناع المجنون إلا في الأدواري، على تفصيل فيه كما هو واضح.

لوجود المقتضي حينئذ لقتله و فقد المانع عنه، فلا بد من ترتب الأثر.

(مسألة ۸): لو قتل المرتد مسلما عمدا فللولي قتله قودا و هو مقدم على القتل بالردة (۲٥)، و لو عفى الولي أو صالحه على مال قتل بالردة (۲٦).

أما القتل قودا فللإطلاق- كما يأتي في كتاب القصاص- و الاتفاق.

و أما التقدم على القتل بالردة فلما هو المتسالم عليه بينهم من تقديم حق الناس على حق اللّه تعالى.

لوجود المقتضي حينئذ و فقد المانع، فلا بد من ثبوت الأثر.

(مسألة ۹): إذا تاب المرتد الملّي ثمَّ قتله من اعتقد بقائه على الارتداد فعليه الدية في ماله (۲۷).

لأنه من شبه العمد الذي فيه الدّية من جهة عدم قصده إلى قتل المسلم. و لا أقل من الشك في صدق تعمد قتل النفس في المقام، فلا وجه للتهجم على الدم.

(مسألة ۱۰): يثبت الارتداد بشهادة عدلين، و بالإقرار و الأحوط وجوبا أن يكون مرتين و لا يثبت بشهادة النساء لا منضمات و لا منفردات (۲۸).

لعين ما تقدم في طريق إثبات المحاربة٦۷، بلا فرق بينهما، فلا وجه للتكرار هنا مرة أخرى.

(مسألة ۱۱): لو ارتد السكران فإن كان سكره لعذر شرعي فلا أثر لارتداده (۲۹)، و أما لو كان سكره بسوء اختياره و بغير عذر مقبول فهو مشكل (۳۰).

لفرض عدم تحقق القصد الجدي منه، خصوصا في بعض مراتب السكر، و هذا هو المشهور بين الفقهاء (رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين)، فإنهم يجعلون الأفعال الصادرة من السكر ان بلا أثر، سواء كانت في عباداته أو معاملاته، لأنها وقعت في حال ذهوله عن عقله، و هو بمنزلة المجنون.

من أنه يظهر منهم الإجماع على أنه حينئذ بمنزلة الصاحي، فيترتب عليه الأثر في جميع أفعاله. و من أن الأخذ بإطلاقه مشكل جدا، و لا أراهم يلتزمون به خصوصا في بعض مراتبه الشديدة الموجبة لفقد القصد و الإرادة، فلا أظن بأحد يلتزم بصحة عباداته و معاملاته حينئذ، إلا أن يحمل ذلك على بعض المراتب الخفيفة من السكر غير المنافية لبقاء القصد و الاختيار.

(مسألة ۱۲): لو كتب ما يوجب الارتداد و كان ظاهرا في ذلك و جامعا لما مرّ من الشرائط يجرى عليه الحدّ أو الاستتابة بعد المراجعة إلى الحاكم الشرعي في ذلك (۳۱)، و أما إذا لم تكن الكتابة ظاهرة في ذلك فلا موجب للارتداد (۳۲).

أما الأول‏: فللإطلاق، و العموم، و عدم الفرق بين اللفظ و الكتابة في ذلك بعد كونها جامعة للشرائط.

و أما الثاني‏: فلأن الحاكم الشرعي يرى ما لا يرى غيره في تشخيص‏ الموضوع و سائر الجهات.

للأصل، و قاعدة: «الحدود تدرأ بالشبهة».

(مسألة ۱۳): لا فرق في الارتداد بين أن يكون حصوله عن شخص مستقلا بنفسه أو يكون باتباع من هو مرتد (۳۳).

لصدق الارتداد على كل منهما، فيشمله الدليل، فلو جحد أحد نبوة محمد صلّى اللّه عليه و آله و تبعه آخر في ذلك عن قصد و تعمد، يجري على التابع حكم المرتدّ كما يجري على المتبوع. نعم لو كانت التبعية تبعية عمياء بلا درك شي‏ء، أو لأجل جهات دنيوية من دون الارتداد من التابع فمقتضى الأصل بقاء إسلام التابع، و للحاكم الشرعي تبيين الحال بموجب ولايته.

(مسألة ۱٤): لا تزول عن المرتد الملّي أملاكه (۳٤)، و يملك ما اكتسبه بعد التوبة أو قبلها (۳٥)، و يصح له الرجوع إلى زوجته قبل خروجها من العدة (۳٦).

للأصل من غير دليل على الخلاف.

للإطلاق، و عموم ما دلّ على التملك بالأسباب المفيدة له، كحيازة المباحات و سائر العقود و المعاملات. نعم، أنه محجور عليه في التصرفات، و تقدم في كتاب الطهارة ما يرتبط بالمقام‏٦۸، هذا في الملّي، و أما في الفطري فتزول أملاكه الفعلية حين ارتداده.

لما مرّ في كتاب النكاح فراجع هناك و لا حاجة للتكرار و الإعادة هنا٦۹، و هناك فروع أخرى تعرّضنا لها في كتاب الطهارة، فمن شاء فليرجع إليه‏۷۰، و الحمد للّه رب العالمين.

إتيان البهيمة و الميت كل من وطأ بهيمة يعزّره الحاكم الشرعي بما يراه (۱).

أما أصل التعزير: فيدل عليه الإجماع، و النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام: «في رجل يقع على البهيمة: ليس عليه حدّ، و لكن يضرب تعزيرا»۷۱، و عن علي عليه السّلام في الموثق: «أنه سئل عن راكب البهيمة؟ فقال: لا رجم عليه، و لا حدّ، و لكن يعاقب عقوبة موجعة»۷۲، و في معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام: «يجلد حدّا غير الحدّ»۷۳.

و ما يظهر منه الخلاف مثل معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في رجل أتى بهيمة فأولج، قال: عليه حدّ الزاني»۷4، و عن أبي جعفر عليه السّلام: «الذي يأتي بالفاحشة، و الذي يأتي البهيمة حدّه حدّ الزاني»۷٥، مطروح لإعراض المشهور عنه، و عدم عامل به، مع أن في بعضها (الحدّ) مطلقا۷٦، و هو يطلق على التعزير أيضا.

و أما معتبرة جميل بن دراج عن الصادق عليه السّلام: «في رجل أتى بهيمة، قال:

يقتل»۷۷، و في خبر سليمان بن هلال قال: «سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي البهيمة؟ فقال: يقام قائما ثمَّ يضرب ضربة بالسيف‏ أخذ السيف منه ما أخذ، فقلت: هو القتل؟ قال: هو ذاك»۷۸، فإنهما محمولان على المستحل لذلك، و إلا لا وجه للأخذ بإطلاقهما، فما ذهب إليه المشهور من التعزير هو المتعين.

و أما إن التعزير إنما هو بحسب نظر الحاكم، فهو من مسلّمات الفقه، إن لم يكن من ضرورياته، و ما في بعض النصوص من التحديد بخمسة و عشرين سوطا مثل صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يأتي البهيمة، قال عليه السّلام: إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت، فإذا ماتت أحرقت بالنار و لم ينتفع بها، و ضرب هو خمسة و عشرين سوطا»۷۹، فهو من باب تطبيق الكلي على الفرد، لا من باب التحديد و التخصيص الحقيقي.

ثمَّ إنه ورد نفي الواطئ في معتبرة سماعة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي بهيمة- شاة أو ناقة أو بقرة- قال: عليه أن يجلد حدّا غير الحدّ ثمَّ ينفى من بلاده إلى غيرها»۸۰، فهو منوط بنظر الحاكم الشرعي إن رأى المصلحة في ذلك.

(مسألة ۱): يشترط في الواطئ البلوغ و العقل و الاختيار و عدم الشبهة مع إمكانها في حقه (۲)، فلا تعزير على الصبي و إن كان مميزا. نعم يؤدبه الحاكم الشرعي بما يراه (۳)، و كذا لا تعزير على المجنون و إن كان أدواريا في دور جنونه و لا على المكره (٤)، و لا على من ادّعى الشبهة التي تصح في حقه سواء كانت حكمية أو موضوعية (٥).

إجماعا من الأصحاب في هذه الشروط المعتبرة في كل فرع من كل باب، مضافا إلى أدلة خارجية ذكرت غير مرة، كما لا يخفى‏۸۱.

لولايته على هذه الأمور النظامية من باب الحسبة قطعا، و لسدّ باب الفساد مهما أمكن.

لحديث رفع القلم عن المجنون‏۸۲، و حديث رفع الإكراه‏۸۳، نعم للحاكم الشرعي منع المجنون عن ذلك لما تقدم.

لما تقدم في أول كتاب القضاء من القاعدة المعروفة: «درء الحدّ بالشبهة».

(مسألة ۲): يثبت ذلك بشهادة عدلين (٦)، دون النساء لا منفردات و لا منضمات (۷)، كما يثبت بالإقرار إن كانت البهيمة له (۸)، و إلا فيثبت التعزير فقط و لا يجري على البهيمة سائر الأحكام إلا مع تصديق المالك بذلك (۹).

لعموم ما دلّ على اعتبار شهادتهما، كما تقدم غير مرة في كتاب القضاء و الشهادات.

للأصل، و ظهور الإجماع، كما مر مكررا.

لإطلاق ما دلّ على حجية: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»۸4.

لأن إقراره بالنسبة إلى نفسه إقرار على نفسه، فيصح و يعزّر و أما بالنسبة إلى البهيمة فإنه إقرار في حق الغير، فلا يقبل إلا مع تصديق صاحب الحق، فيؤثر المقتضي أثره حينئذ، إلا إذا رجع إقراره إلى الإقرار بالضمان بمال الغير، فيؤخذ حينئذ بإقراره.

(مسألة ۳): تترتب على وطئ البهيمة أمور: الأول: التعزير (۱۰). الثاني: حرمة اللحم و اللبن و النسل المتجدد بعد الوطي و نجاسة البول و الرجيع (۱۱). الثالث: وجوب الذبح و الإحراق (۱۲)، إن كان المقصود منها لحمها و إن كان المقصود منها ظهرها كالخيل و البغال و الحمير يحرم لحمها و أخرجت من المحل الذي فعل بها إلى بلد آخر و بيعت فيه (۱۳).الرابع: أغرم الواطئ ثمنها لمالكها (۱٤).

و هو مشروط بما مرّ من الكمال، و الاختيار، و عدم الشبهة الممكنة في حق الفاعل، كما مرّ.

كما في رواية مسمع عن علي عليه السّلام في البهيمة المنكوحة: «حرام لحمها و لبنها»۸٥، مضافا إلى الإجماع.

و أما حرمة نسل الحادث بعد الوطي، فلأنه من نسل غير المأكول، فيترتب عليه حكمه، مضافا إلى ما يأتي من الإطلاق: «لم ينتفع بها». و قد كشف العلم الحديث عن إضرار في البهيمة الموطوءة.

و أما الأخير: فقد تقدم في كتاب الطهارة، فلا وجه للإعادة و التكرار۸٦.

نصا، و إجماعا، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت، فإذا ماتت أحرقت بالنار و لم ينتفع بها»۸۷، و مثله غيره.

لما في معتبرة سدير عن أبي جعفر عليه السّلام: «و إن كانت مما يركب ظهره غرم قيمتها، و جلد دون الحدّ، و أخرجها من المدينة التي فعل بها فيها إلى بلاد أخرى حيث لا تعرف فيبيعها فيها كيلا يعيّر بها صاحبها»۸۸.

لأنه بمنزلة الإتلاف شرعا فيضمن ذلك، مضافا إلى نص خاص، ففي صحيح إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «و إن لم تكن البهيمة له قومت و أخذ ثمنها منه و دفع إلى صاحبها و ذبحت و أحرقت بالنار و لم ينتفع بها»۸۹، و في معتبرة سدير عن أبي جعفر عليه السّلام: «و إن كانت مما يركب ظهره غرم قيمتها، و جلد دون الحدّ»۹۰، و مثلهما غيرهما.

ثمَّ إن البحث في القيمة من جهات:

الأولى‏: في أصل وجوبها، و لا إشكال فيه فتوى و نصا كما مر، و يشهد له قاعدة الإتلاف أو اليد.

الثانية: في قدرها، و لا ريب في كونها مقدرة بقدر مالية الحيوان، لاشتمال النصوص المتقدمة على الثمن و الغرامة و نحوهما، و كل ذلك إشارة إلى تقدير المالية.

الثالثة: هل أن ذلك من سنخ المعاوضات القهرية أو لا؟ مقتضى الأصل الموضوعي و الحكمي العدم، فهي باقية على ملك المالك حتى تتلف، بل يشكل الجزم بكونها من العوض الحقيقي، لاحتمال أن ذلك حكم شرعي جعله الشارع في المقام، لكثرة اهتمامه بأموال الناس، فلا بد من تدارك مالية ما فات عن صاحب الحيوان بما فعله من العمل الشنيع، و مجرد هذا الاحتمال يكفي في عدم ترتب أحكام المعاوضة من كل جهة، و اشتمال النصوص على الغرامة و أخذ الثمن و نحو ذلك أعم منها، كما هو معلوم.

إلا أن يقال: إن ملاحظة مجموعها من حيث المجموع، و القرائن الخارجية و الداخلية، يشرف الفقيه على القطع بأنها من المعاوضات الشرعية القهرية، فلا وجه للتمسك بالأصل حينئذ.

الرابعة: يجوز بيع البهيمة الموطوءة التي يطلب ظهرها في بلد آخر، كما في معتبرة سدير: «و إن كانت مما يركب ظهره اغرم قيمتها، و جلد دون الحدّ، و أخرجت من المدينة التي فعل بها إلى بلاد أخرى حيث لا تعرف، فيبيعها كيلا يعيّر بها»۹۱، و هو مقتضى الأصل أيضا، فإن الثمن يصير ملكا لمالك الدابة كسائر أملاكه، لما مرّ من استظهار المعاوضة القهرية الشرعية من الرواية كما مر.

نعم الأولى بل الأحوط التصدق به، لاستنكار النفوس الآبية لأكل مثل هذا الثمن، و ذهاب بعض الفقهاء إلى ذلك.

الخامسة: لو تكرر الفعل فمع تعدد المورد يتعدّد، و مع الوحدة تكفي الوحدة، أما الأول: فلتعدد السبب فيتعدد المسبب لا محالة، و أما الثاني: فلأن السبب إنما هو الطبيعة، و هي موجودة في فعل الواحد و المتعدد، مع عدم قابلية الموضوع للتعدد.

(مسألة ٤): إن كانت البهيمة مما لم يقصد منها اللحم و لا الظهر كحمر الوحش أو الكلب و الخنزير و نحوهما من محرّم الأكل فالتعزير و التغريم ثابت و كذا الإحراق (۱٥)، و الظاهر جريان الحكم في الطيور أيضا (۱٦).

أما التعزير: فلأنه فعل حراما، و أما التغريم: فللتسبيب لإتلاف مال الغير، إن كانت له مالية قررها الشارع. و أما الإحراق: فلعموم التعليل الوارد في بعض الأخبار، ففي صحيح إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السّلام: «قلت: و ما ذنب البهيمة؟ فقال: لا ذنب لها، و لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعل هذا و أمر به، لكيلا يجترئ الناس بالبهائم و ينقطع النسل»۹۲.

لأصالة عدم الخصوصية في البهيمة، بل المناط مطلق الحيوان، و هذا هو المشهور كما مرّ في كتاب الطهارة۹۳، و يمكن أن يراد من البهيمة الواردة في الروايات معناها اللغوي، أي: كل ما لا نطق له، كما في قوله تعالى‏ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ‏۹4، و في الحديث عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة بهما»۹٥.

(مسألة ٥): إنما يجب على الحاكم ما تقدم من الأمور مباشرة أو تسبيبا (۱۷)، و يجب ذلك كله فورا (۱۸).

لإطلاق الأدلة الشامل لكل منهما.

لأن المنساق من الأدلة الفورية العرفية.

(مسألة ٦): لو تكرر منه الفعل مع عدم تخلل التعزير فعليه تعزير واحد و مع تخلله يقتل في الرابعة على الأحوط (۱۹).

أما الأول: فلأن الطبيعة واحدة و التعزير تعلّق بها، بلا فرق بينهما بين الوحدة و التعدد، ففي المتعدد مع عدم تخلل التعزير تعزير واحد. و أما الاحتياط في القتل في الرابع، فلما مرّ غير مرة من أن أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة مع تخلل الحدّ، و تقدم أنه ورد في بعض الأخبار۹٦ يقتلون في الثالثة، و ذكرنا أنه خلاف الاحتياط في الدماء.

(مسألة ۷): وطئ المرأة الميتة كالحية فيرجم الواطئ مع الإحصان و يحدّ مع عدمه على ما تقدم تفصيله في الزنا (۲۰)،و هذا الإثم أفحش و أعظم من الزنا بالحية (۲۱)، فيزيد الحاكم في عقوبته بما يراه (۲۲)، و لو وطأ زوجته الميتة يعزّره الحاكم بما يراه (۲۳)، و اللواط بالميت كاللواط بالحي في الحدّ و سائر ما مر من الأحكام (۲٤).

إجماعا، و نصوصا، منها خبر الجعفي قال: «كنت عند أبي‏ جعفر عليه السّلام و جاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها و نكحها، فإن الناس قد اختلفوا علينا في هذا، فطائفة قالوا: اقتلوه، و طائفة قالوا:

أحرقوه، فكتب إليه أبو جعفر عليه السّلام: إن حرمة الميت كحرمة الحي، حدّه أن تقطع يده لنبشه و سلبه الثياب، و يقام عليه الحدّ في الزنا إن أحصن رجم، و إن لم يكن أحصن جلد مائة»۹۷، و قريب منه غيره.

و أما رواية أبي حنيفة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل زنى بميّتة؟

قال: لا حدّ عليه»۹۸، فإما أن تحمل على عدم حدّ مستقل عليه في مقابل حدّ الزاني رجما أو حدّا، أو تطرح.

إجماعا، و نصا، قال الصادق عليه السّلام: «الذي يأتي المرأة و هي ميتة وزره أعظم من ذلك الذي يأتيها و هي حية»۹۹.

لأن زيادة العقوبة بحسب الخصوصيات موكولة إلى نظره.

نسب ذلك إلى قطع الأصحاب، و اتفاقهم.

لظهور الإطلاق، و الاتفاق، بل يكون أعظم فيزيد الحاكم في العقوبة بما يراه، إن كان نظره التغليظ، و إلا فلا موضوع له أصلا.

(مسألة ۸): لو أدخل ذكر الميت في فرجه يترتب عليه الجنابة و في ترتب ما مرّ من الأحكام إشكال (۲٥).

أما الجنابة: فقد تقدم في كتاب الطهارة۱۰۰، و أما وجه الإشكال: من‏ جهة الجمود على الإطلاق فيترتب تلك الأحكام، و من احتمال الانصراف إلى الحي فلا. نعم للحاكم الشرعي تعزيره بما يراه.

(مسألة ۹): يشترط في ثبوت الحدّ بوطء الميت جميع ما يشترط في الوطي بالحي من الكمال و الاختيار و عدم الشبهة (۲٦).

لإطلاق أدلتها الشامل للوطئ بالميت أيضا، مضافا إلى الإجماع على عدم الفرق بينهما فيها.

(مسألة ۱۰): يثبت ذلك بما يثبت به وطئ الحي من الإقرار أربعا أو الشهادة من أربعة رجال عدول (۲۷)، و لا يثبت بشهادة النساء منفردات و لا منضمات على ما تقدم (۲۸).

لظهور الإطلاق الشامل لكل منهما، و هذا هو المشهور بين الفقهاء.

لما مرّ في ثبوت الزنا بالبيّنة، و لا حاجة للتكرار هنا۱۰۱.

(مسألة ۱۱): من استمنى بيده أو بسائر أعضائه يعزّره الحاكم بما يراه (۲۹).

نصا، و إجماعا، كما يأتي، و لكن البحث في هذه المسألة التي يكثر السؤال عن فروعها في هذه الأعصار- و تسمى بالعمل السري في الألسنة و الأفواه- من جهات:

الأولى‏: في حكمها، و لا ريب في أصل حرمته للإجماع، و النصوص التي يأتي بعضها.

الثانية: أنه من الكبائر، لإطلاق الذنب عليه في الأخبار، و تنزيله منزلة الزنا، فقد سئل الصادق عليه السّلام كما في الموثق: «عن الخضخضة، فقال: إثم عظيم قد نهى اللّه عنه في كتابه، و فاعله كناكح نفسه، و لو علمت بما يفعله ما أكلت معه،فقال السائل: فبين لي يا ابن رسول اللّه فيه، فقال: قول اللّه‏ فَمَنِ ابْتَغى‏ وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ*. و هو مما وراء ذلك، فقال الرجل: أيّما أكبر الزنا أو هي؟ فقال: هو ذنب عظيم- الحديث-»۱۰۲.

و عن أبي بصير قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ثلاثة لا يكلمهم اللّه تعالى و لا ينظر إليهم و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم: الناتف شيبه، و الناكح نفسه، و المنكوح في دبره»۱۰۳.

و عن الصادق عليه السّلام أيضا في معتبرة علاء بن رزين: «سألته عن الخضخضة؟ قال: هي من الفواحش»۱۰4، إلى غير ذلك من الأخبار.

و أما خبر ابن زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل يعبث بيديه حتى ينزل؟ قال: لا بأس به، و لم يبلغ به ذاك شيئا»۱۰٥، و عن الصادق عليه السّلام في خبر زرارة: «ناكح نفسه لا شي‏ء عليه»۱۰٦، فلا بد من حملهما على نفي الحدّ أو غيره من المحامل، أو طرحهما لظهور الإجماع على أصل الحرمة، و لو لا قوله عليه السّلام:

«اثم عظيم و ذنب عظيم» كما مر في الموثق، لأمكن الجمع بين الأخبار، بحمل الأخبار المانعة على الكراهة، لكونه الحمل الشائع في الفقه، و لكن ظهور تلك الأخبار و الإجماع يمنع عن ذلك.

الثالثة: ظاهر ما تقدم من الإطلاقات عدم الفرق في الاستمناء بين كونه بأجزاء البدن و الأسباب الخارجية، و ذكر اليد في بعض الأخبار المتقدمة يكون من باب الغالب و المثال، فلا يوجب التقييد، فيشمل مجرد التفكر في الصور الخلاعية أو النظر إليها بهذا القصد و الغرض.

الرابعة: يزول الإثم بالاستغفار، لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا كبيرة مع الاستغفار»۱۰۷، و «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»۱۰۸، و لسائر العمومات و الإطلاقات في الكتاب و السنة، الدالتين على أن الاستغفار يمحو الذنب.

الخامسة: أن الفاعل تارة: يقصد بالفعل الإنزال. و ينزل، و أخرى: يقصده و لا ينزل، و ثالثة: يستمني و يقصد عدم الإنزال أصلا بل مجرد الالتذاذ في الجملة، و مقتضى الإطلاقات و العمومات حرمة الجميع، إلا أن يدعى الانصراف إلى خصوص القسم الأول خصوصا فيما اشتمل من الأخبار على لفظ الإنزال، مثل قوله عليه السّلام في الموثق: «كل ما أنزل به الرجل ماءه من هذا و شبهه فهو زنا»۱۰۹، فإن ظهوره في خصوص صورة الإنزال مما لا ينكر.

السادسة: مقتضى قاعدة الإلحاق عدم الفرق في جميع ما ذكر بين استمناء الرجل و المرأة، فتجري عليها جميع ما هو جار في الرجل.

السابعة: أن التعزير ثابت في الاستمناء، لما سيأتي من النص، و لأنه فعل محرم كبيرة، و للحاكم الشرعي التعزير بما يراه لمرتكبه.

الثامنة: لا بأس باستمناء الزوجة بالزوج، و بالعكس، للإطلاقات، و العمومات، من غير ما يصلح للتقييد و التخصيص، كما مرّ في كتاب النكاح، و إن كان الأولى تركه أيضا.

التاسعة: لا تقدير في التعزير، بل هو منوط بنظر الحاكم الشرعي، و أما معتبرة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن عليا عليه السّلام ضرب يده حتى احمرت ثمَّ زوّجه من بيت المال»۱۱۰، و قريب منها غيرها، فهي محمولة على تطبيق الكلي على الفرد، لا التخصيص و التقييد بذلك، أو انها ليست لبيان الحكم الواقعي الكلي لهذا العمل و إنما هي من جهة حكومته عليه السّلام في الموضوع.

(مسألة ۱۲): يثبت ذلك بشهادة عدلين و بالإقرار و لو مرة (۳۰)، و لا يثبت بشهادة النساء مطلقا (۳۱).

لعموم ما دلّ على اعتبارهما، من غير دليل على الخلاف.

للأصل، و ظهور الإجماع.

الدفاع و ما يتعلق به
و هو من الأمور النظامية غير مختصة بملة دون أخرى (۱).

لارتكازه في نفوس العقلاء، بل قد تكون المدافعة عن النفس من الفطريات الحيوانية التي جبلت عليها النفوس أيضا، و يدلّ عليه في المقام الأصل- كما يأتي- و الإجماع من الفقهاء بل العقلاء، و النصوص المتواترة في الأبواب المختلفة، منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام: «اللص يدخل عليّ في بيتي يريد نفسي و مالي، قال عليه السّلام: «اقتله فاشهد اللّه و من سمع أن دمه في عنقي»۱۱۱، و عن علي عليه السّلام: «إذا دخل عليك اللص المحارب فاقتله، فما أصابك فدمه في عنقي»۱۱۲، إلى غير ذلك من الأخبار.

ثمَّ إن الظاهر صحة تصادق المحاربة و المدافعة في مورد واحد، و الفرق بينهما اعتباري، فإذا لو حظ الضرر باعتبار إيجاده على الطرف تسمى محاربة، و إذا لوحظ باعتبار رفعه عن النفس تسمى مدافعة، و يصح الفرق بالعموم المطلق إذا لوحظ بحسب المورد، فإذا لوحظ الضرر في الأعم من النفس و العرض و المال يكون دفعه مدافعة، و إذا لوحظ باعتبار خصوص الأولين تكون محاربة.

و لكن ظاهر الكل تعميم المحاربة بالنسبة إلى الضرر المالي أيضا، بلا فرق بينهما من هذه الجهة.

(مسألة ۱): للإنسان أن يدفع عن نفسه و حريمه و ماله ما استطاع (۲)، بل و عن غيره (۳).

للأصل، و الإجماع، و النصوص التي تقدم بعضها و يأتي غيرها.

لأنه من أهم الشؤون الإنسانية الاجتماعية التي بيّن بعض مصاديقها نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله، فقال: «من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه، فليس بمسلم»۱۱۳، و عن علي عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من ردّ عن قوم من المسلمين عادية ماء أو نار، وجبت له الجنة»۱۱4، إلى غير ذلك من أقواله الشريفة التي لا تحصى، و في معتبرة الأصبغ: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام يضحك اللّه تعالى إلى رجل في كتيبة يعرض لهم سبع أو لص فحماهم أن يجوزوا»۱۱٥، مضافا إلى الأصل، و الإجماع، و السيرة العقلائية في كل مذهب و ملة، و الأخبار المتواترة المرغبة في ذلك، مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «عونك الضعيف من أفضل الصدقة»۱۱٦، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «اللّه في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه»۱۱۷، و جملة من الآيات المباركة۱۱۸، و الروايات الدالة على الأمر بالإعانة على البر و التقوى، و قد نظم الشعراء ذلك في غالب اللغات، و الشواهد العقلية و الأدلة النقلية من الكتاب و السنة و الحكم المروية عن أعاظم الفلاسفة المتألهين و أكابر العرفاء المجاهدين في ذلك كثيرة ملئت الكتب نظما و نثرا، بحيث لو جمعت ذلك لصار من أجلّ المعارف الإسلامية.

(مسألة ۲): وجوب الدفاع عن النفس و العرض عيني إذا قدر الشخص عليه (٤)، و أما إذا لم يقدر على ذلك يجب على الجميع كفاية المدافعة عنهما (٥)، و كذا بالنسبة إلى المال في الجملة (٦).

للأدلة الثلاثة، فمن الكتاب قوله تعالى‏ وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ۱۱۹، و من السنة ما تقدم بعضها، و من الإجماع إجماع المسلمين.

إجماعا، و نصوصا كثيرة، منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في مسجد الخيف كما في معتبرة ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام: «نضّر اللّه عبدا سمع مقالتي فوعاها و بلّغها من لم يسمعها- إلى أن قال- المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم و يسعى بذمتهم أدناهم، و هم يد على من سواهم»۱۲۰، و منها قوله صلّى اللّه عليه و آله:

«من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه، فليس بمسلم»۱۲۱، إلى غير ذلك.

لما تقدّم من النصوص الشاملة على قوله عليه السّلام: «نفسي و مالي»۱۲۲، و لا بد من المال أن يكون مما يعتنى به.

(مسألة ۳): لا فرق في وجوب الدفاع بين الصغير- الذي يتمكن- و الكبير (۷)، نعم يعتبر في الوجوب الشرعي أمور و مع فقد بعضها يتوجه التكليف إلى الولي (۸).

لأن ذلك من المحسّنات العقلية، و هي بعد تحقق موضوعها لا تختص بقوم دون آخر.

لأنه بعد فرض اعتبار التكليف في مورد الحكم، فيدور الأمر بين زوال أصله مع فقده، أو قيام الولي به، و الثاني هو المتعين بعد فرض كون‏ التكليف من الواجبات النظامية.

(مسألة ٤): لو توقف الدفاع على بذل مال يجب ذلك (۹)، و مع عدمه يصرف فيه من وجوه البر، و مع عدم إمكانها فمن بيت المال (۱۰).

لقاعدة تقديم الأهم على المهم.

لأنها معدة لمصالح المسلمين، و المقام من أهمها.

(مسألة ٥): يجب في الدفاع مراعاة الأسهل فالأسهل مع الإمكان و الغرض فإن اندفع بمجرد الصياح لا يتعدى إلى الضرب و لو اندفع بمجرد الضرب باليد لا يتعدى الى غيره و هكذا (۱۱).

للأصل، و ظهور الإجماع، و إن ذلك هو المستفاد من مجموع الأدلة بعد رد بعضها إلى بعض، و لكن مقتضى بعض الإطلاقات خلافه، مثل ما عن أبي جعفر عليه السّلام: «في اللص يدخل عليّ في بيتي يريد نفسي و مالي، قال عليه السّلام:

اقتله، فأشهد اللّه و من سمع أن دمه في عنقي»۱۲۳، و قريب منه غيره. و يمكن حمله على صورة عدم إمكان المراعاة، أو عدم تحقق الغرض، و لا ريب حينئذ في جواز الدفع بأي وجه أمكن، و يمكن أن يدعى أن الغالب ذلك، حيث أن المهاجم يهاجم بغتة بلا فكر و روية فيسلب عن المهاجم عليه فكره و رؤيته.

(مسألة ٦): يذهب جناية المدفوع هدرا قتلا كانت أو جرحا فضلا عن ماله إذا لم يندفع إلا بذلك (۱۲)،و لو قتل الدافع كان بمنزلة الشهيد (۱۳).

إجماعا، و نصوصا، منها ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة الحلبي قال:

«قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إذا دخل عليك اللص المحارب فاقتله، فما أصابك فدمه في عنقي»۱۲4، و مثلها غيرها كما مرّ، و تشمل المال بالفحوى كما يشمل هتك العرض كذلك.

اتفاقا، و نصوصا، منها ما في معتبرة ابن سنان عن الصادق عليه السّلام قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من قتل دون مظلمته فهو شهيد»۱۲٥، و عن أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة أبي مريم: «يا أبا مريم هل تدري ما دون مظلمته؟ قلت:

جعلت فداك، الرجل يقتل دون أهله و دون ماله و أشباه ذلك، فقال: يا أبا مريم إن من الفقه عرفان الحق»۱۲٦، و هو ظاهر في أنه عليه السّلام قرره على ذلك.

(مسألة ۷): لو هجم على من يتعلق به من أولاده و أقاربه حتى الخادم و الخادمة ليقتله ظلما وجبت المدافعة و لو انجر إلى قتل المهاجم (۱٤).

لإطلاق ما مرّ من قول أبي جعفر عليه السّلام، و سائر الأخبار، مضافا إلى ظهور الاتفاق.

(مسألة ۸): لو هجم على حريمه بالتجاوز أو هتك العرض وجبت المدافعة (۱٥)، و ما يقع على المهاجم يكون هدرا (۱٦).

لإطلاق مثل قول أبي جعفر عليه السّلام في معتبرة غياث ابن إبراهيم: «إذا دخل عليك رجل يريد أهلك و مالك، فابدره بالضربة إن استطعت»۱۲۷.

نصا كما مرّ۱۲۸، و إجماعا، و لا فرق في ذلك بين ما إذا كان جرحا أو قتلا، حرا كان أو عبدا.

(مسألة ۹): إذا هجم على مال يتعلق به جاز له دفعه بأي وجه أمكن و لو انجر إلى قتل المهاجم (۱۷).

لإطلاق ما مرّ من معتبرة أبي مريم، و إطلاق قول علي عليه السّلام في معتبرة السكوني: «ان اللّه ليمقت العبد يدخل عليه في بيته و لا يحارب»۱۲۹، و هو يشمل النفس و العرض و المال، و كذا نحوه من سائر الأخبار.

(مسألة ۱۰): يجب مراعاة الأسهل فالأسهل كما تقدم و ذلك مع الفرصة و الإمكان و يختلف باختلاف الموارد اختلافا كثيرا (۱۸).

لاختلاف النفوس قوة و ضعفا و جبنا و شجاعة في ذلك اختلافا شديدا، فإن اندفع بمجرد الإخطار و إظهار الصوت يقتصر عليه، و إلا فبالصياح و التهديد، و إلا فباليد، و إلا فبالعصا، و إن لم يندفع إلا بالجرح اقتصر عليه، و إن لم يندفع إلا بالقتل يقتل بكل آلة قتالة، و ذلك كله لأصالة عدم جواز كل مرتبة عالية مع إمكان الدفع بالمرتبة الدانية، مضافا إلى الإجماع على ذلك، و لكن كل ذلك مع الإمكان و وجود الفرصة، و أما مع العدم، فلا موضوع لتلك الملاحظة كما هو معلوم، و يحمل على ذلك المطلقات من الأخبار، كما هو الغالب في تهاجم اللص و نحوه.

(مسألة ۱۱): لو تعدّى المدافع عما هو الكافي في الدفع من مراعاة الأيسر فالأيسر عرفا يكون ضامنا (۱۹)،بلا فرق بين النفس و العرض و المال (۲۰).

للقواعد العامة الدالة على الضمان، التي منها التسبيب له، إلا ما خرج بالدليل و هو مفقود في غير المأذون فيه شرعا، و هو مراعاة الأيسر فالأيسر.

و احتمال أن ما دلّ على أن دم المحارب هدر يشمل صورة التعدي عن رعاية الأيسر فالأيسر، مثل قوله عليه السّلام: «إذا دخل عليك اللص المحارب فاقتله، فما أصابك فدمه في عنقي»۱۳۰، أو قول أبي جعفر عليه السّلام: «فما تبعك منه من شي‏ء فهو عليّ»۱۳۱، خلاف أصالة احترام النفس في غير مورد النص الصحيح، و الإجماع الصريح، و كذا التمسك ببعض الإطلاقات للزوم تقييدها بما قلناه.

لشمول إطلاق دليل التسبيب للجميع من دون مقيد في البين.

(مسألة ۱۲): لو هجم عليه- أو على حريمه- ليقتله وجب الدفاع و لو علم أنه يقتل فضلا عن الظن و الاحتمال (۲۱)، و أما المال فلا يجب ذلك بل ربما وجب الاستسلام بدفع المال مع احتمال القتل بدونه فضلا عن العلم به (۲۲).

لقبح الاستسلام للظلم، خصوصا بالنسبة إلى الحريم عند النفوس الآبية، إلا ما اذن فيه الشارع، و هو بالنسبة إلى المال في الجملة، مضافا إلى ما تقدم من قول علي عليه السّلام: «إن اللّه ليمقت العبد يدخل عليه في بيته فلا يقاتل»۱۳۲، و في معتبرة البرقي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «عن الرجل يكون في السفر و معه جارية له فيجي‏ء قوم يريدون أخذ جاريته، أ يمنع جاريته من أن تؤخذ و إن خاف على نفسه القتل؟ قال: نعم. قلت: و كذلك إذا كانت معه امرأة؟ قال:

نعم، قلت: و كذلك الأم و البنت و ابنة العم و القرابة يمنعهن و إن خاف على نفسه القتل؟ قال: نعم، قلت: و كذلك المال يريدون أخذه في سفر فيمنعه و إن خاف القتل؟ قال: نعم»۱۳۳.

 

لأن المال وقاية لحفظ النفس و الحريم إلا عند الدني اللئيم.

و ما يظهر من النصوص المتقدمة المدافعة عن المال أيضا، مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «من قتل دون ماله فهو شهيد»۱۳4، و مثله غيره، محمول على ما إذا أحرز أن أخذ المال طريق للسيطرة على النفس و العرض، أو يوجب ذهاب المال ذهابهما أيضا، كما يظهر ذلك من ذيل معتبرة البرقي.

(مسألة ۱۳): لو اندفع المهاجم بالهرب منه أو تهريب حريمه منه لا تصل النوبة إلى المقاتلة حينئذ (۲۳).

للأصل، بعد عدم شمول إطلاق الأدلة لمثله، و لا أقل من الشك في الشمول، فكيف يصح التمسك بها في الموضوع المشكوك فيه؟!

(مسألة ۱٤): لو أراد المهاجم القتل أو هتك الحريم وجبت المقاتلة معه بنحو ما مرّ و لا يعتبر العلم بالغلبة عليه أو الظن كذلك (۲٤).

لإطلاق الأدلة، و قبح الاستسلام للظلم مهما أمكنت المدافعة، و تقدم ما يتعلّق بالتهاجم على المال.

(مسألة ۱٥): إذا أحرز قصد المهاجم للظلم و لو بالقرائن المعتبرة الموجبة للاطمئنان تجوز المدافعة معه بنحو ما مرّ، و أما مع مجرد الظن أو الاحتمال فلا يجوز ذلك (۲٥)، و لو أقدم مع ذلك يكون ضامنا لكل ما أورده على المهاجم من قتل أو جرح أو ضرر مال (۲٦).

أما الأول‏: فلظواهر الأدلة، و السيرة الجارية من أول البعثة.

و أما الثاني‏: فللأصل بعد إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً*۱۳٥، فضلا عن الاحتمال.

لعدم الإذن الشرعي له في ذلك، فتشمله جميع أدلة الضمانات، و ما دلّ على الإذن مقيد بما مرّ.

(مسألة ۱٦): لو أحرز قصد المهاجم إلى النفس أو الحريم أو المال فدفعه فجنى عليه أو أضرّ به ثمَّ بان الخلاف ضمن و لا إثم عليه (۲۷).

أما الضمان: فلعموم أدلته الشامل لصورة الخطإ أيضا. و أما عدم الإثم: فلفرض الاعتقاد بأنه قصد الهجوم، فيكون مأذونا شرعا في الجناية و الإضرار، فهو مثل من أكل مال الغير باعتقاد أنه لنفسه، فيضمن بلا إثم. نعم لو كان مقصرا في تحقق الاعتقاد يأثم أيضا.

(مسألة ۱۷): لو قصد المهاجم من محارب أو لص أو نحوهما فاعتقد المهجوم عليه خلافه فحمل عليه لا للدفع بل لغرض آخر لا إشكال في تحقق التجري أما الضمان ففيه إشكال بل منع حتى لو قتل المهاجم (۲۸).

أما التجري فلأنه: العمل على خلاف الاعتقاد، و قد تحقق لفرض أنه اعتقد عدم الهجوم عليه و مع ذلك جنى عليه أو قتله.

و أما عدم الضمان: فالمقتضي له من طرف المهاجم موجود، لفرض أنه اعتقد عدم الهجوم عليه و مع ذلك جنى عليه أو قتله.

و أما عدم الضمان: فالمقتضي له من طرف المهاجم موجود، لفرض أنه قصد الهجوم، و إنما الشك في أن اعتقاد المهجوم عليه للخلاف مانع أو لا؟

فيرجع إلى أصالة عدم المانع، و أصالة البراءة عن الضمان.

(مسألة ۱۸): لو هجم شخصان كل منهما على الآخر بقصد القتل أو الجرح أو نهب المال أو هتك العرض ضمن كل منهما للآخر (۲۹)، و لو كان أحدهما بادئا و الآخر مدافعا ضمن الأول دون الأخير (۳۰)، و إن كان لو لم يبتدئه الأول لابتدأ الأخير (۳۱)، و لو كفّ أحدهما و واصل الآخر عليه و جنى ضمن (۳۲).

لقاعدة الضمان، بعد قصد كل واحد منهما العدوان، و يقتضيه إطلاق قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «إذا اقتتل المسلمان بسيفهما فهما في النار»۱۳٦.

لفرض تحقق عنوان الهجوم في الأول فيضمن، و الدفاع في الثاني فلا ضمان عليه.

لأن المناط في تحقق عنوان المدافعة و الهجوم الفعلية منهما، لا الاقتضاء و الشأنية، فيضمن حينئذ لو أضر به لقاعدة الضمان، كما مرّ.

لتحقق العدوان حينئذ من الصائل دون الكاف، فيضمن الجاني العادي.

(مسألة ۱۹): لو علم الشخص بأنه لا أثر لهجوم المهاجم لضعفه أو وجود مانع في البين لا يمكنه لأجله الوصول إليه لا يجوز الإضرار به مالا فضلا عن الجرح و القتل و لو أضر به ضمن (۳۳).

أما عدم جواز الإضرار، فلفرض عدم قدرة المهاجم على التعدي، فلا يتحقق موضوع الدفاع حينئذ، و أما الضمان فلعمومات أدلته، و الإطلاقات الدالة على ضمان المال و النفس و العرض من غير تخصيص و تقييد في البين، لأنها و إن خصصت و قيدت بعدم الضمان في المهاجم، لكن المفروض عدم الأثر لمثله، فلا موضوع لهما.

(مسألة ۲۰): لو هجم المهاجم و قبل الوصول إلى الشخص ارتدع و أظهر الندامة لا يجوز الإضرار به بشي‏ء و لو فعل ضمن (۳٤)، لكن لو خاف أن يكون ذلك خدعة و خاف ذهاب الفرصة لو أمهله يجوز الدفاع (۳٥)، مع الضمان لو ظهر الخلاف (۳٦).

أما الأول‏: فلانتفاء الموضوع بالارتداع و إظهار الندامة.

و أما الثاني‏: فلعموم أدلة الضمانات حينئذ.

لثبوت موضوع الدفاع بتحقق الخوف.

لقاعدة الضمان بعد ظهور الخلاف.

(مسألة ۲۱): يجوز الدفاع لو كان المهاجم مقبلا مع مراعاة ما مرّ من الترتيب مع الإمكان (۳۷)، و أما لو كان مدبرا معرضا لا يجوز الإضرار به و وجب الكفّ عنه و لو أضرّ بشي‏ء ضمن (۳۸)، و أما لو أحرز بوجه معتبر أن الإدبار إنما هو لإعداد القوة تجوز المدافعة حينئذ و لكن لو ظهر الخلاف يكون ضامنا (۳۹).

لتحقق الموضوع حينئذ، فيشمله حكم الدفاع لا محالة.

أما الأول‏: فلأنه لا دفاع إلا مع إقبال المهاجم، فلا موضوع‏ له مع إدباره.

و أما الثاني‏: فلقاعدة الضمان بعد عدم موضوع الدفاع، و عدم الإذن فيه شرعا.

لما تقدم وجهه آنفا، فراجع.

(مسألة ۲۲): لو ضرب المهاجم فعطّله عن هجومه أو ربطه كذلك لا يجوز له الإضرار بعد ذلك و لو فعل ضمن (٤۰).

لأن الإضرار به إنما جاز لدفع ضرره، و المفروض اندفاعه بربطه و تعطيله.

(مسألة ۲۳): إذا هجم عليه لقتله أو هتك عرضه فلم يتمكّن على دفعه بنفسه وجب عليه التوسل بالغير و لو كان ظالما جائرا أو كافرا (٤۱)، و لو ارتكب الغير ما يخالف الشرع يردعه مع الإمكان (٤۲)،و لو تعدّى الغير حينئذ يكون الغير ضامنا (٤۳)، و لكن لو أمكن التوسل بغير الظالم الجائر لا يصح التوسل به (٤٤)، هذا في النفس و العرض و أما المال لو هجم المهاجم عليه فلا يجب على صاحبه التوسل بالغير بل يجوز ذلك (٤٥).

لأن وجوب حفظ النفس و العرض عقلي و شرعي، فيجب مقدمته لا محالة، و يصح التمسك بإطلاق ما دلّ على أن دم المهاجم هدر، كقوله عليه السّلام في ما تقدم: «اقتله فأشهد اللّه و من سمع أن دمه في عنقي»۱۳۷، و مثله غيره فإنه شامل للمباشرة و التسبيب بعد تحقق الموضوع. كما هو شامل للظالم الجائر و الكافر.

و اللّه العالم.

لوجوب النهي عن المنكر، فيجمع بين الدليلين، و يرفع التنافي من البين.

لأنه المباشر للتعدي، فيكون ضامنا بعد تحقق النهي عن المنكر من السبب.

لأنه حينئذ من التوسل بالجائر مع إمكان إقامة الحق بالتوسل بالغير، و هو محرم بالأدلة الأربعة، كما مر.

للأصل، بعد عدم دليل عليه، و اختلاف ذلك باختلاف الأشخاص و سائر الخصوصيات.

(مسألة ۲٤): لو ضرب المهاجم مقبلا فقطع عضوا منه مع توقف الدفع عليه فلا ضمان فيه بل و لا في السراية و لو انتهت إلى الموت (٤٦)، و لكن لو فرّ و ولّى مدبرا للتخلص عن الهجوم وجب الكفّ عنه فلو أضربه المدافع يكون ضامنا مطلقا (٤۷).

للإذن الشرعي فيه حينئذ، و عموم ما دلّ على أن دمه هدر، كما مرّ مع تحقق الشرائط و مراعاة ما ذكرناه.

لقاعدة الضمان، و العمومات، و الإطلاقات، من غير ما يصلح للتخصيص و التقييد.

(مسألة ۲٥): لو قطع إحدى يدي المهاجم حال الإقبال و يده الأخرى حال الادبار فرارا يجري عليه الحكمان (٤۸)، فإذا اندملت اليدان (أي لم يسر قطعهما إلى الموت) يكون عليه القصاص في الثانية (٤۹)، و لو اندملت الثانية و سرت الأولى إلى ذهاب النفس فلا شي‏ء في الأولى (٥۰)، و لو اندملت الأولى و سرت الثانية فمات يثبت القصاص في النفس (٥۱).

أما الأول‏: فيجري عليه حكم الجناية المهدورة، فلا ضمان فيه، لما مرّ من الإذن الشرعي فيه و أن دمه هدر.

و أما الثاني‏: (أي قطع اليد حال الادبار) ففيه الضمان، لأنه بحكم‏ الجناية العمدية.

لأن الأولى ذهبت هدرا دون الثانية، فيجري على كل واحدة حكمها، كما هو معلوم.

لإطلاق ما دلّ على أنها هدر، فيشمل السراية أيضا.

لعدم كون الإذن شرعيا من الأول، فيجري حكم الضمان في جميع المراتب.

(مسألة ۲٦): الهجوم قد يكون بالنسبة إلى شخص واحد و قد يكون على صنف و قد يكون على نوع خاص و حكم الأخيرين حكم الأول فيما مرّ مع تحقق الشرائط (٥۲).

لتحقق الموضوع فيهما، فيتبعه الحكم قهرا، لكن لا بد في الأخيرين من مداخلة الحاكم الشرعي، لتتم القضية بحسب الموازين الشرعية، و لا تتحقق الحملة العشواء من الهمج الرعاع.

(مسألة ۲۷): لو وجد مع زوجته أو ولده أو بنته أو أحد من أرحامه و قرابته و أهله من ينال منه الفاحشة و لو دون الجماع فله دفعه مع مراعاة الأيسر فالأيسر إن أمكن، و لو أدّى إلى القتل فدمه هدر (٥۳)،بل له الدفع عن الأجنبي كما يدفع عن أهله و يكون دم المدفوع هدرا أيضا (٥٤).

إجماعا، و نصا، كقول الصادق عن أبيه عليهما السّلام: «إذا دخل عليك رجل يريد أهلك و مالك فابدره بالضربة إن استطعت، فإن اللصّ محارب للّه و لرسوله، فما تبعك منه شي‏ء فهو عليّ»۱۳۸، و إطلاق قوله عليه السّلام: «يريد أهلك» يشمل جميع‏ ما ذكرناه، مع أن ظاهرهم الإجماع على التعميم الذي تقدم، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «يبغض اللّه تبارك و تعالى رجلا يدخل عليه في بيته فلا يقاتل»۱۳۹، و تقدم قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام‏۱4۰، الدال على ما ذكرناه.

لعموم التعليل في قوله عليه السّلام: «فإن اللص محارب للّه و لرسوله»، الشامل للمحاربة مع كل مؤمن، و هو الذي تقتضيه وحدة العقيدة و الإيمان بل يكون التحفظ على نفس النوع و عرضه المحترمين من شؤون الإنسان.

(مسألة ۲۸): لو وجد مع زوجته رجلا يزني بها و علم مطاوعتها له فله قتلهما و لا إثم عليه و لا قود (٥٥)، بلا فرق بين كونهما محصنين أو لا و الزوجة دائمية أو منقطعة مدخولا بها أو لا (٥٦).

أمّا جواز قتلهما: فللإجماع، و النص، فعن أبي الحسن عليه السّلام: «في رجل دخل دار آخر للتلصص أو الفجور فقتله صاحب الدار، أ يقتل به أم لا؟ فقال عليه السّلام: اعلم أن من دخل دار غيره فقد أهدر دمه و لا يجب عليه شي‏ء»۱4۱.

و أما معتبرة داود بن فرقد قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إن أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قالوا لسعد بن عبادة: أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به؟ قال: كنت أضربه بالسيف، قال فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال:

ما ذا يا سعد؟ فقال سعد: قالوا: لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به، فقلت أضربه بالسيف، فقال: يا سعد فكيف بالأربعة الشهود؟ فقال: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد رأي عيني و علم اللّه أن قد فعل؟ قال: أي و اللّه بعد رأي عينك و علم اللّه أن قد فعل، إن اللّه قد جعل لكل شي‏ء حدّا، و جعل لمن تعدّى ذلك الحدّ حدّا»۱4۲، فلا بد من طرحه لمخالفته للشهرة، بل الإجماع على خلافه، أو حمله على بعض المحامل، مثل حمله على ما إذا كان في القتل محذور في البين.

و أما عدم الإثم و القود: فللإذن الشرعي فيه، فلا موضوع لهما بعد ذلك.

لإطلاق الدليل الشامل للكل.

(مسألة ۲۹): كل مورد جاز فيه الضرب و الجرح و القتل إنما يجوز فيما بينه و بين اللّه تعالى فلا شي‏ء عليه واقعا من إثم أو ضمان (٥۷)، و أما بحسب الظاهر فيمكن اختلاف الحكم الظاهري مع الواقع (٥۸) فلو قتل شخصا بدعوى أنه رآه مع زوجته و لم يقم بينة على دعواه يحكم الحاكم عليه بالقصاص بما يقتضيه الموازين القضائية (٥۹).

لفرض أنه مأذون فيه من قبل اللّه تعالى، بعد تمامية شرائط الجواز، فلا موضوع حينئذ للإثم و الضمان، كما مر.

لما ثبت في محله من إمكان الاختلاف بينهما بحسب الجهات و الخصوصيات.

 

لفرض عدم ثبوت دعواه لدى الحاكم الشرعي، و إثبات أولياء المقتول قتله بلا حجة معارضة لحكم الحاكم بقتل القاتل قصاصا، و قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله فيما استفاض عنه بين المسلمين: «إنما أقضي بينكم بالبينات و الأيمان، و بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فإنما قطعت له قطعة من النار»۱4۳.

(مسألة ۳۰): من اطّلع على عورات قوم بقصد النظر إلى ما يحرم‏ عليه منهم فلهم منعه و زجره (٦۰)، و لو لم ينزجر به يدفع بالضرب و نحوه (٦۱)، و إن لم ينزجر أيضا رموه بما جنى عليه حتى القتل و تكون الجناية هدرا (٦۲)، و لو بادروا بالرمي قبل الإعلام و الزجر فالأحوط الضمان (٦۳)، و مع عدم الانزجار يجوز رميه بقصد الجرح أو القتل لو توقف الدفاع عليه (٦٤)، و لا فرق في ذلك كله بين الأجنبي و الرحم إن كان نظر الرحم إلى ما لا يجوز له النظر إليه بأن كان إلى العورة أو كان بشهوة و ريبة (٦٥)، نعم لو كان النظر إلى ما يجوز له النظر إليه فلا يجوز رميه و لو رماه و جنى عليه ضمن (٦٦).

لأن ذلك من المدافعة عن العرض، فيشمله جميع الأدلة الواردة فيها من الإجماع، و النص، بل الأدلة الأربعة جميعا و هي كما تقدم واجبة كما مر۱44.

لما مرّ في المدافعة من أنها بالأيسر فالأيسر، و المقام من صغرياتها.

إجماعا، و نصوصا، منها ما تقدم في المحارب الذي يكون المقام منه، و منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «من اطلع عليك فحذفته بحصاة ففقأت عينه فلا جناح عليك»۱4٥، و عن أبي جعفر في معتبرة محمد بن مسلم: «عورة المؤمن على المؤمن حرام. و قال: من اطلع على مؤمن في منزله فعيناه مباحة للمؤمن في تلك الحال، و من دمر على مؤمن بغير إذنه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحالة»۱4٦، و في معتبرة علاء بن الفضيل عن الصادق عليه السّلام: «إذا أطّلع رجل على قوم يشرف عليهم أو ينظر من خلل شي‏ء لهم فرموه فأصابوه فقتلوه أو فقؤوا عينيه فليس عليهم غرم، و قال: إن رجلا اطّلع من خلل حجرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمشقص ليفقأ عينه فوجده قد انطلق، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمشقص ليفقأ عينه فوجده قد انطلق، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أي خبيث، أما و اللّه لو ثبتّ لي لفقأت عينك»۱4۷، و عن الصادق عليه السّلام في الصحيح: «بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في بعض حجراته إذ اطّلع رجل في شق الباب و بيد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مدراة، فقال: لو كنت قريبا منك لفقأت به عينك»۱4۸، و ذكر العين فيها لا يضر بعد الإجماع على كون مطلق جنايته حتى القتل هدرا.

مقتضى الإطلاقات المتقدمة جواز المبادرة مطلقا، و لكن ظاهرهم الإجماع على ضمان الجناية، ما لم يعلن أولا و يبينه، و تقتضيه أصالة الاحتياط في الدماء، ما لم يتحقق ترخيص شرعي صحيح.

لإطلاق ما دلّ من الدفاع حينئذ، و هو يشمل صورة هذا القصد أيضا، مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

لإطلاق الأدلة الشامل للنظر المحرّم، سواء كان من الأجنبي أو المحرّم.

أما الأول‏: فلفرض جواز النظر، و لا وجه للمدافعة عما يجوز شرعا.

و أما الثاني‏: فلا عدوان حينئذ، فيضمن كلما جنى لا محالة.

(مسألة ۳۱): لو كان المطّلع على العورات ممن لا أثر لاطلاعه بأن كان أعمى أو كان ممن لا يميز البعيد لآفات في عينيه أو لا يراه- لا يجوز رميه و لو رمى و جنى ضمن (٦۷)، و كذا لو اطّلع إلى بيت ليس فيه من يحرم النظر إليه (٦۸).

لعدم تحقق موضوع الإطلاق على العورة في الأول، و تحقق العدوان في الثاني، فيلحق كلا حكمه، كما مر.

لعدم تحقق موضوع الإطلاق على العورة في الأول، و تحقق العدوان في الثاني، فيلحق كلا حكمه، كما مر.

لجريان عين ما مر في سابقة، فلا يجوز الرمي في الأول لعدم الموضوع، و يضمن لو رمى لتحقق الظلم و العدوان.

(مسألة ۳۲): لا فرق في الاطلاع و الرؤية بينما إذا كان بالمباشرة أو بالآلات المعدّة للرؤية من قريب أو بعيد (٦۹)، كما لا فرق فيما إذا كان الاطلاع لأجل رؤية صاحب البيت أو ابنه أو بنته الذين لم يحرم النظر إليهم (۷۰).

لما مرّ من الإطلاق، و قلع منشأ الفساد بين العباد، نعم لو كان النظر إلى المرآة المقابلة للعورة دون نفسها، ففي كون الجناية هدرا إشكال، لاحتمال انصراف ما دلّ على هدر الجناية عن ذلك، و كذا في الماء و الأجسام التي تظهر فيها الصورة.

كل ذلك لإطلاق الأدلة، و اتفاق الأجلة.

(مسألة ۳۳): لو اطّلع على العورة و زجره فلم ينزجر فجنى عليه بالرمي فادعى عدم قصد النظر أو عدم الرؤية لم يسمع منه و لا شي‏ء على الرامي (۷۱).

لأنه يكذّب ظاهر فعله دعواه، و الظهور معتبر لا يرفع اليد عنه إلا بحجة أقوى، و لا وجه لإقامة البينة على القصد.

و دعوى‏: أن ذلك من الشبهة فيرفع حكم الدفاع بها، كما في سائر الموارد.

مخدوشة بأن الشبهة الدافعة إنما هي فيما إذا تحققت قبل ثبوت الموضوع شرعا، و أما مع تحققه- كما في المقام- فلا أثر لها حينئذ.

(مسألة ۳٤): يجوز الدفاع بما مرّ من الشرائط و لو أمكن للنساء الخروج عن محل النظر أو التحجب عن الناظر (۷۲).

لإطلاق الأدلة الشامل لهذه الصورة أيضا.

فرع‏: هل يجري ما ذكرناه في استراق الأصوات؟

الظاهر اختلاف ذلك باختلاف العناوين و الخصوصيات.

(مسألة ۳٥): لو جعل صاحب الدار ثقبا في داره أو جعل جدرانها من الزجاج لغرض التطلع على داره أو منها إلى الخارج- صحيحا كان غرضه أو فاسدا- فاطّلع أحد على أهل الدار ففي جريان الحكم إشكال (۷۳).

من أنه أقدم على هتك عرضه باختياره، فأسقط احترامه بنفسه بذلك، فلا يجري حكم الدفاع.

نعم لو تطّلع شخص فعل محرما، و أما الدفاع فلا يجب.

و من صحة دعوى إطلاق الحكم فيشمل المقام، و ذلك كما إذا وقفت امرأة متبرجة في الشارع، فهي و إن فعلت حراما و أقدمت على هتك نفسها، و لكن لا يجوز للغير النظر إليها، و لكن ذلك من مجرد الحكم التكليفي، و أما هدرية جناية الناظر تكون أول الكلام.

(مسألة ۳٦): الظاهر أن الدفاع واجب مع تحقق الشرائط (۷٤).

لظواهر الأدلة، ففي معتبرة عبيد بن زرارة قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجراته مع بعض أزواجه و معه معاذل (مغازل) يقبلها إذ بصر بعينين تطّلعان، فقال: لو أعلم انك تثبت لي لقمت حتى أنخسك فقلت: نفعل نحن مثل هذا إن فعل مثله؟ فقال: إن خفي لك فافعله»۱4۹، و المراد من قوله عليه السّلام: «ان خفي لك» أي لم يطّلع عليك أحد حتى يقع عليك ضرر بأن يقتص منك أو يظهر لك العداوة، و في رواية أخرى عنه عليه السّلام أيضا «فقلت له: و ذاك لنا؟ فقال: ويحك- أو ويلك- أقول لك إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعل‏ و تقول ذاك لنا؟!»۱٥۰، إلى غير ذلك من الروايات.

و احتمال كونها واردة في مقام الحظر، فلا يستفاد منها الوجوب، ممنوع لإباء سياقها عن ذلك.

(مسألة ۳۷): لا يعتبر في الدفاع بعد تحقق الشرائط إذن الحاكم الشرعي (۷٥).

للأصل، و ظواهر الإطلاقات، بل و تحقق الإذن من الإمام عليه السّلام، كما تقدم في معتبرة عبيد بن زرارة الأولى.

(مسألة ۳۸): للحاكم الشرعي أن يأذن في تعزير الصبيان المميّزين المطّلعين على العورات خصوصا إن كانوا في مقام الحكاية للغير (۷٦).

لأن ذلك من النهي عن المنكر، و إقامة المعروف، الذين نصب لأجلهما.

(مسألة ۳۹): للإنسان دفع الدابة الصائلة عن نفسه و عن غيره و عن ماله و لو تعيبت مع توقف الدفع عليه فلا ضمان (۷۷)، و إن أمكنه الهرب منها و مع ذلك دفعها و تعيبت به يضمن العيب (۷۸).

لفحوى ما تقدم في دفع الإنسان المهاجم، مضافا إلى الإجماع.

لأن العيب حدث عن عدوان حينئذ، فمقتضى القاعدة الضمان.

(مسألة ٤۰): في التأديبات المأذون فيها شرعا في الجملة كتأديب الزوجة و الولد و الخادم و المعلم للصبي مع إذن الولي لو أوجبت الجناية يضمن المؤدب (۷۹).

لأن الإذن الشرعي إنما يرفع الإثم فقط دون الضمان، إلا إذا ورد دليل مخصوص، و هو في المقام مفقود.

(مسألة ٤۱): السكران إن كان بحيث بقي له تمييز و قصد و اختيار في الجملة فهو بحكم الساهي فيما مرّ من الحدود و التعزيرات، و إن لم يكن كذلك فلا موضوع للحدود له بالنسبة إلى الحدود التي موضوعها التمييز و القصد و الاختيار (۸۰).

أما الأول‏: فلأنه مقتضى العمومات و الإطلاقات من غير ما يصلح للتقييد.

و أما الثاني‏: فلفرض اشتراط الحدود بالتمييز، و القصد، و الاختيار، فينتفي المشروط بانتفاء الشرط.

و لكن يظهر عن بعض الحدود و التعزيرات عليه مطلقا في السكران الآثم بسكره، و استدلوا عليه.

تارة: بالإجماع بضميمة قاعدة: «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار».

و أخرى‏: بمعتبرة السكوني الآتية۱٥۱، في كتاب القصاص إن شاء اللّه تعالى كما يأتي فيه تتمة المقال بعونه تعالى. و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

أصناف الناس و أحكامها
كل إنسان إما مسلم أو لا، و الثاني إما في أمان الإسلام و ذمته أو لا (۱)، و ذكرنا أحكام أهل الذمة في كتاب الجهاد و تقدم أن موضوع الذمة و أحكامها هم أهل الكتاب من الكفار (۲)، و كذا المجوس (۳)، و تؤخذ الجزية (٤)، من اليهود و النصارى (٥)، بلا فرق في الجميع بين مذاهبهم المختلفة (٦)، و لا تقبل الجزية من غير الثلاثة مطلقا من جميع أصناف الكفار فلا بد لهم اما من قبول الإسلام أو وقوع القتل عليهم (۷)،سواء كانوا منتسبين إلى نبي من الأنبياء أو لا (۸)، و تقدمت المسائل المتعلقة بالذمة في كتاب الجهاد فراجع.

هذا التقسيم عقلي و شرعي، و أصل شرعيته حدث من قوله تعالى:

قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ‏۱٥۲، و قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في المتواتر بين المسلمين في كتبهم الحديثية و الفقهية و التاريخية أنه صلّى اللّه عليه و آله كان يوصي أمراء السرايا بالدعاء إلى الإسلام قبل القتال، فإن أبوا فإلى الجزية، فإن أبوا قوتلوا۱٥۳، و هذا التشريع كسائر تشريعاته المقدسة موافق للعقل السليم و الفطرة العقلائية، بل قد جرت سيرة العقلاء في جميع مجتمعاتهم على أن كل أجنبي أقام في مملكة أخرى لا بد و أن تكون الإقامة بإذنهم و تحت نظمهم و نظامهم، إلا أن الشارع حدد ذلك بحدود و قيود خاصة تأتي الإشارة إليها.

و الذمة: بمعنى العهد و الأمان، و كذا الذمام، كما في جميع موارد استعمالات اللفظ، ففي الحديث: «ذمة المسلمين واحدة»۱٥4، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، و يرد عليهم‏ أقصاهم»۱٥٥، و عن الصادق عليه السّلام: «من صلى الغداة و العشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمة اللّه، و من ظلمه فإنما يظلم اللّه، و من حقره فإنما يحقر اللّه عزّ و جلّ»۱٥٦، إلى غير ذلك من الروايات، و قد تقدم في كتاب الجهاد ما يتعلق بالمقام أيضا.

لظاهر القرآن العظيم كما مر، و نصوص متواترة، و إجماع المسلمين، بل ضرورة دينهم.

إجماعا، و نصا، تقدم في كتاب الطهارة۱٥۷ و غيره، فلا وجه للإعادة و التكرار.

و هي فعلة من الجزاء، و هو القضاء و الأداء، و منه قوله تعالى:

وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً*۱٥۸، و أنها في المقام الوظيفة المالية المأخوذة من أهل الكتاب، لإقامتهم في دار الإسلام، و كفّ القتال معهم على ما يأتي من التفصيل.

أما من أهل الكتاب: فلما تقدم من الكتاب العزيز، و السنة المتواترة، و الإجماع، بل الضرورة الفقهية، كما مر في كتاب الجهاد مفصلا.

و أما من المجوس: فللإجماع، و النصوص، منها ما عن علي بن الحسين عليهما السّلام: «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب، يعني‏ المجوس»۱٥۹، و عن الصادق عليه السّلام في المجوس: «أ كان لهم نبي؟ فقال عليه السّلام: نعم أما بلغك كتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أهل مكة: أسلموا و إلا نابذتكم بحرب، فكتبوا إليه أن: خذ منا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان، فكتب إليهم النبي صلّى اللّه عليه و آله:

إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، فكتبوا إليه يريدون بذلك تكذيبه:

زعمت أن لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب ثمَّ أخذت الجزية من مجوس هجر، فكتب إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أن المجوس كان لهم نبي فقتلوه و كتاب أحرقوه، أتاهم نبيهم بكتابهم في اثني عشر ألف جلد ثور»۱٦۰، و عن الأصبغ بن نباتة۱٦۱: «أن عليا عليه السّلام قال على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه الأشعث فقال: يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ الجزية من المجوس و لم ينزل عليهم كتاب و لم يبعث إليهم نبي؟ فقال: بلى يا أشعث قد أنزل اللّه إليهم كتابا و بعث إليهم نبيا»، إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة.

لأن المناط صدق كونه من أهل الكتاب، و الاختلاف في بعض الأصول، و جملة من الفروع لا أثر له في ذلك، بعد صدق كونه من أهل الكتاب.

و أما الصابئون: فقد تقدم الكلام عنهم في كتاب الجهاد۱٦۲.

لظاهر الكتاب، و السنة، و الإجماع، قال تعالى‏ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ‏۱٦۳، و قال جلّ شأنه:فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ‏۱٦4، و قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّه، فإذا قالوها عصموا مني دمائهم»۱٦٥، و عنه صلّى اللّه عليه و آله: «اقتلوا المشركين و استحيوا شيوخهم و صبيانهم»۱٦٦، إلى غير ذلك من النصوص كما مر في كتاب الجهاد.

لإطلاق الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و ظهور أهل الكتاب في الفرق الثلاث في استعمال الكتاب و السنة.

  1. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب حد السرقة: 4.
  2. الوسائل: باب ۱۰ من أبواب حد السرقة: ۱.
  3. الوسائل: باب ۳4 من أبواب حد السرقة.
  4. الوسائل: باب ۹ من أبواب حد السرقة: ۱.
  5. السنن الكبرى للبيهقي ج: ۸ صفحة: ۲٦٦ باب السارق توهب له السرقة، و تقدم في صفحة: ۷۰.
  6. الوسائل: باب ۳۲ من أبواب مقدمات الحدود: ۳.
  7. الوسائل: باب ۱۸ من أبواب مقدمات الحدود: ۱.
  8. الوسائل: باب ۱۸ من أبواب مقدمات الحدود: ۱.
  9. الوسائل: باب ۲۰ من أبواب مقدمات الحدود: 4.
  10. الوسائل: باب ۸ من أبواب حد السرقة: ۳.
  11. الوسائل: باب ۸ من أبواب حد السرقة: ۲.
  12. الوسائل: باب ۸ من أبواب حد السرقة: ۱.
  13. سورة المائدة( ٥) الآية: ۳۳.
  14. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المحارب: ۱ ج: ۱۸.
  15. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد المحارب: ۱.
  16. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد المحارب: 4.
  17. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد المحارب.
  18. راجع ج: ۲۷ صفحة: ۱۹4.
  19. الوسائل: باب ۲۷ من أبواب الشهادات: ۲.
  20. سورة المائدة( ٥) الآية: ۳۳.
  21. الوسائل: باب ۱4 من أبواب بقية كفارات الإحرام: ۱.
  22. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المحارب الحديث: ۳.
  23. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المحارب الحديث: ۹.
  24. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المحارب الحديث: ۲.
  25. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المحارب: 4.
  26. الوسائل: باب 4 من أبواب حد المحارب: ٥.
  27. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المحارب: ۱۱.
  28. سورة المائدة( ٥) الآية: ۳٦.
  29. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المحارب: ٦.
  30. الوسائل: باب ٥ من أبواب حد المحارب: ۲.
  31. الوسائل: باب ٥ من أبواب حد المحارب: ۳.
  32. الوسائل: باب ٥ من أبواب حد المحارب: ۱.
  33. الوسائل: باب 4 من أبواب حد المحارب الحديث: ۲.
  34. الوسائل: باب 4 من أبواب حدّ المحارب الحديث: ۷.
  35. الوسائل: باب 4 من أبواب حدّ المحارب الحديث: ٦.
  36. الوسائل: باب 4 من أبواب حدّ المحارب الحديث: 4.
  37. الوسائل: باب ۷ من أبواب المحارب: ۱.
  38. الوسائل: باب ۷ من أبواب المحارب: ۲.
  39. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ۷.
  40. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب حد السرقة الحديث: ۲.
  41. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب حد السرقة الحديث: ۱.
  42. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب حد السرقة الحديث: 4.
  43. الوسائل: باب ۱٥ من أبواب حد السرقة.
  44. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المرتد: ۳.
  45. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المرتد: ٦.
  46. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المرتد: ٥.
  47. الوسائل: باب ۳ من أبواب حدّ المرتد: ۷.
  48. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المرتد: ٦.
  49. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد المرتد: ۱.
  50. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المرتد ٦.
  51. الوسائل: باب ۱ من أبواب حد المرتد ٥.
  52. راجع المجلد الثاني صفحة: ۱۰4.
  53. الوسائل: باب 4 من أبواب حد المرتد الحديث: ۳.
  54. الوسائل: باب 4 من أبواب حد المرتد الحديث: 4.
  55. الوسائل: باب 4 من أبواب حد المرتد الحديث: ۱.
  56. الوسائل: باب 4 من أبواب حد المرتد الحديث: ٦.
  57. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد المرتد: ۱.
  58. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد المرتد: ٥.
  59. الوسائل: باب ۳٦ من أبواب القصاص في النفس: ۲.
  60. سورة النحل، الآية: ۱۰٦.
  61. الوسائل: باب ٥٦ من أبواب جهاد النفس.
  62. الوسائل: باب ۲۸ من أبواب حد القذف: ۱.
  63. راجع المجلد ۲۷ صفحة: ۳۳۸.
  64. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد المرتد: ۷.
  65. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد المرتد الحديث: ۱.
  66. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد المرتد الحديث: ۲.
  67. راجع صفحة: ۱۲۳.
  68. راجع المجلد الأول صفحة: ۱۰٥.
  69. تقدم في المجلد الخامس و العشرين صفحة: ٦٥.
  70. راجع المجلد الأول صفحة: ۱۰۷.
  71. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: ٥.
  72. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: ۱۱.
  73. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: ۸.
  74. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: ۹.
  75. الوسائل: باب ۲٦ من أبواب نكاح المحرم.
  76. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: ٦.
  77. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: ۷.
  78. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم.
  79. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم: ۱.
  80. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم: ۲.
  81. تقدم في صفحة: ٦٦ و ۱۲.
  82. الوسائل: باب 4 من أبواب مقدمة العبادات: ۱۱.
  83. الوسائل: باب ٥٦ من أبواب جهاد النفس.
  84. الوسائل: باب ۳ من أبواب من أبواب الإقرار: ۲.
  85. الوسائل: باب ۳۰ من أبواب الأطعمة المحرمة: ۳.
  86. راجع المجلد الأول صفحة: ۲۹۲.
  87. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: ۱.
  88. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: 4.
  89. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: ۱.
  90. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: 4.
  91. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: 4.
  92. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم: ۱ و ۱۰.
  93. راجع المجلد الأول صفحة: ۲۹۲.
  94. سورة المائدة: ۱.
  95. النهاية لابن الأثير ج: ۱ صفحة: ۱٦۷.
  96. الوسائل: باب ۱ من أبواب نكاح البهائم الحديث: ۱۰.
  97. الوسائل: باب ۱۹ من أبواب حد السرقة: ۲ و ٦.
  98. الوسائل: باب ۲ من أبواب نكاح البهائم: ۳.
  99. الوسائل: باب ۲ من أبواب نكاح البهائم: ۲.
  100. راجع ج: ۳ صفحة: ۱۷.
  101. راجع ج: ۲۷ صفحة: ۲٥۸.
  102. الوسائل: باب ۳ من أبواب نكاح البهائم: 4.
  103. الوسائل: باب ۲۸ من أبواب النكاح المحرم الحديث: ۷.
  104. الوسائل: باب ۲۸ من أبواب النكاح المحرم الحديث: ۷.
  105. الوسائل: باب ۳ من أبواب نكاح البهائم: ۳.
  106. الوسائل: باب ۲۸ من أبواب نكاح المحرم: ٦.
  107. الوسائل: باب 4۸ من أبواب جهاد النفس: ۳.
  108. الوسائل: باب ۸٦ من أبواب جهاد النفس: ۸ و ۱4.
  109. الوسائل: باب ۲٦ من أبواب النكاح المحرم: ۱.
  110. الوسائل: باب ۲۸ من أبواب النكاح المحرم: ۳.
  111. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ٦ .
  112. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ۷.
  113. الوسائل: باب ٥۹ من أبواب جهاد العدو: ۱.
  114. الوسائل: باب ٦۰ من أبواب جهاد العدو: ۱.
  115. الوسائل: باب ٥۹ من أبواب جهاد العدو الحديث: ۳.
  116. الوسائل: باب ٥۹ من أبواب جهاد العدو الحديث: ۲.
  117. الوسائل: باب ۲۹ من أبواب فعل المعروف: ۲.
  118. سورة المائدة: الآية: ۲.
  119. سورة البقرة الآية: ۱۹٥.
  120. الوسائل: باب ۳۱ من أبواب القصاص في النفس.
  121. الوسائل: باب ٥۹ من أبواب جهاد العدو: ۱.
  122. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو.
  123. الوسائل: باب ۳ من أبواب الدفاع.
  124. الوسائل: باب ٦ من أبواب الدفاع: ۱.
  125. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ۸.
  126. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ۹.
  127. الوسائل: باب ٥ من أبواب الدفاع.
  128. الوسائل: باب ٦ من أبواب الدفاع.
  129. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ۲.
  130. الوسائل: باب ٦ من أبواب الدفاع.
  131. الوسائل: باب ٥ من أبواب الدفاع.
  132. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ۲ .
  133. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ۱۲.
  134. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ۱۳.
  135. سورة يونس الآية: ۳٦.
  136. مسند أحمد ج: ٥ صفحة: 4۸.
  137. تقدم في صفحة: ۱٥۹.
  138. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ۳.
  139. الوسائل: باب 4٦ من أبواب جهاد العدو: ۱٥.
  140. تقدم في صفحة: ۱٦۲.
  141. الوسائل: باب ۲۷ من أبواب القصاص في النفس: ۲.
  142. الوسائل: باب ۲ من أبواب مقدمات الحدود: ۱.
  143. الوسائل: باب ۲ من أبواب كيفية الحكم الحديث: ۱.
  144. تقدم في صفحة: ۱٥۸.
  145. صحيح البخاري ج: ۹ صفحة: ۱۱.
  146. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب القصاص في النفس: الحديث: ۲ و معنى( دمر): دخل بلا إذن.
  147. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب القصاص في النفس الحديث: ٦.
  148. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب القصاص في النفس الحديث: ۱.
  149. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب القصاص في النفس ٥.
  150. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب القصاص في النفس 4.
  151. الوسائل: باب ۱ من أبواب موجبات الضمان: ۲.
  152. سورة التوبة( ۹) الآية: ۲۹.
  153. الوسائل: باب ۱٥ من أبواب جهاد العدو السنن الكبرى للبيهقي ج: ۹ صفحة: ۱۸4.
  154. النهاية ج: ۲ صفحة: ۱٦۸.
  155. النهاية لابن الأثير ج: 4 صفحة: ۷4 و في الوسائل باب: ۳۱ من أبواب القصاص في النفس.
  156. الوسائل: باب ۳ من أبواب صلاة الجماعة.
  157. راجع ج: ۱ صفحة: ۳٥٥.
  158. سورة البقرة الآية: 4٥.
  159. الوسائل: باب 4۹ من أبواب جهاد العدو: الحديث: ۹.
  160. الوسائل: باب 4۹ من أبواب جهاد العدو: الحديث: ۱.
  161. الوسائل: باب 4۹ من أبواب جهاد العدو: الحديث: ۷.
  162. راجع ج: ۱٥ صفحة: ۱۷۳ طبعة قم المقدسة.
  163. سورة التوبة الآية: ٥.
  164. سورة محمد الآية: 4.
  165. سنن أبي داود باب: ۹٥ من أبواب الجهاد الحديث: ۲٦4.
  166. الوسائل: باب ۱۸ من أبواب جهاد العدو الحديث: ۲.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"