نصا، و إجماعا، كما يأتي، و لكن البحث في هذه المسألة التي يكثر السؤال عن فروعها في هذه الأعصار- و تسمى بالعمل السري في الألسنة و الأفواه- من جهات:
الأولى: في حكمها، و لا ريب في أصل حرمته للإجماع، و النصوص التي يأتي بعضها.
الثانية: أنه من الكبائر، لإطلاق الذنب عليه في الأخبار، و تنزيله منزلة الزنا، فقد سئل الصادق عليه السّلام كما في الموثق: «عن الخضخضة، فقال: إثم عظيم قد نهى اللّه عنه في كتابه، و فاعله كناكح نفسه، و لو علمت بما يفعله ما أكلت معه،فقال السائل: فبين لي يا ابن رسول اللّه فيه، فقال: قول اللّه فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ*. و هو مما وراء ذلك، فقال الرجل: أيّما أكبر الزنا أو هي؟ فقال: هو ذنب عظيم- الحديث-»۱۰۲.
و عن أبي بصير قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ثلاثة لا يكلمهم اللّه تعالى و لا ينظر إليهم و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم: الناتف شيبه، و الناكح نفسه، و المنكوح في دبره»۱۰۳.
و عن الصادق عليه السّلام أيضا في معتبرة علاء بن رزين: «سألته عن الخضخضة؟ قال: هي من الفواحش»۱۰4، إلى غير ذلك من الأخبار.
و أما خبر ابن زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل يعبث بيديه حتى ينزل؟ قال: لا بأس به، و لم يبلغ به ذاك شيئا»۱۰٥، و عن الصادق عليه السّلام في خبر زرارة: «ناكح نفسه لا شيء عليه»۱۰٦، فلا بد من حملهما على نفي الحدّ أو غيره من المحامل، أو طرحهما لظهور الإجماع على أصل الحرمة، و لو لا قوله عليه السّلام:
«اثم عظيم و ذنب عظيم» كما مر في الموثق، لأمكن الجمع بين الأخبار، بحمل الأخبار المانعة على الكراهة، لكونه الحمل الشائع في الفقه، و لكن ظهور تلك الأخبار و الإجماع يمنع عن ذلك.
الثالثة: ظاهر ما تقدم من الإطلاقات عدم الفرق في الاستمناء بين كونه بأجزاء البدن و الأسباب الخارجية، و ذكر اليد في بعض الأخبار المتقدمة يكون من باب الغالب و المثال، فلا يوجب التقييد، فيشمل مجرد التفكر في الصور الخلاعية أو النظر إليها بهذا القصد و الغرض.
الرابعة: يزول الإثم بالاستغفار، لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا كبيرة مع الاستغفار»۱۰۷، و «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»۱۰۸، و لسائر العمومات و الإطلاقات في الكتاب و السنة، الدالتين على أن الاستغفار يمحو الذنب.
الخامسة: أن الفاعل تارة: يقصد بالفعل الإنزال. و ينزل، و أخرى: يقصده و لا ينزل، و ثالثة: يستمني و يقصد عدم الإنزال أصلا بل مجرد الالتذاذ في الجملة، و مقتضى الإطلاقات و العمومات حرمة الجميع، إلا أن يدعى الانصراف إلى خصوص القسم الأول خصوصا فيما اشتمل من الأخبار على لفظ الإنزال، مثل قوله عليه السّلام في الموثق: «كل ما أنزل به الرجل ماءه من هذا و شبهه فهو زنا»۱۰۹، فإن ظهوره في خصوص صورة الإنزال مما لا ينكر.
السادسة: مقتضى قاعدة الإلحاق عدم الفرق في جميع ما ذكر بين استمناء الرجل و المرأة، فتجري عليها جميع ما هو جار في الرجل.
السابعة: أن التعزير ثابت في الاستمناء، لما سيأتي من النص، و لأنه فعل محرم كبيرة، و للحاكم الشرعي التعزير بما يراه لمرتكبه.
الثامنة: لا بأس باستمناء الزوجة بالزوج، و بالعكس، للإطلاقات، و العمومات، من غير ما يصلح للتقييد و التخصيص، كما مرّ في كتاب النكاح، و إن كان الأولى تركه أيضا.
التاسعة: لا تقدير في التعزير، بل هو منوط بنظر الحاكم الشرعي، و أما معتبرة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن عليا عليه السّلام ضرب يده حتى احمرت ثمَّ زوّجه من بيت المال»۱۱۰، و قريب منها غيرها، فهي محمولة على تطبيق الكلي على الفرد، لا التخصيص و التقييد بذلك، أو انها ليست لبيان الحكم الواقعي الكلي لهذا العمل و إنما هي من جهة حكومته عليه السّلام في الموضوع.