للأدلة التي يأتي التعرض لها تفصيلا إن شاء اللّه تعالى.
و له أقسام أربعة (۱): الأول: من سرق في المرة الأولى قطعت منه الأصابع الأربع من اليد اليمنى و يترك الراحة و الإبهام (۲).الثاني: لو سرق مرة أخرى بعد وقوع الحدّ عليه في المرة الأولى قطعت رجله اليسرى (۳)، من أصول أصابعها المتصلة بقبّة القدم و تترك له البقية للمشي و المسح (٤).الثالث: من سرق ثالثة مع ذلك يحبس دائما حتى يموت (٥)، و يجري عليه من بيت المال إن لم يكن له مال (٦).الرابع: ما إذا سرق بعد ذلك و لو في السجن فيقتل حينئذ (۷)، هذا إذا تكررت السرقة مع تخلل الحدّ في البين و لو تكررت مع عدم تخلله يكفي حدّ واحد للجميع (۸).
إجماعا، بل ضرورة من المذهب، و نصوصا، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في رواية محمد بن مسلم: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أيديهم من نصف الكف و ترك الإبهام و لم يقطعها، و أمرهم أن يدخلوا إلى دار الضيافة، و أمر بأيديهم أن تعالج، فأطعمهم السمن و العسل و اللحم حتى برؤوا، فدعاهم فقال: يا هؤلاء إن أيديكم سبقتكم إلى النار، فإن تبتم و علم اللّه منكم صدق النية، تاب عليكم و جررتم أيديكم إلى الجنة، فإن لم تتوبوا و لم تفعلوا عما أنتم عليه، جرتكم أيديكم إلى النار»۱.
و في موثق إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: «تقطع يد السارق و يترك إبهامه و صدر راحته»۲.
و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث السرقة: «و كان إذا قطع اليد قطعها دون المفصل، فإذا قطع الرجل قطعها من الكعب، و كان لا يرى أن يعفى عن شيء من الحدود»۳.
و عن أبي جعفر الجواد في مجلس المعتصم بعد ما سأله عن حدّ السرقة، قال عليه السّلام: «إن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع، فيترك الكف، قال: لم؟ قال عليه السّلام: لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله السجود على سبعة أعضاء: الوجه، و اليدين، و الركبتين و الرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، و قال اللّه تبارك و تعالى وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً، و ما كان للّه لم يقطع، فأعجب المعتصم ذلك فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف»4، إلى غير ذلك من الروايات.
و أما صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «قلت له: من أين يجب القطع؟
فبسط أصابعه و قال من هنا، يعني من مفصل الكف» إما محمول على ما تقدم، أو على التقية٥.
إجماعا، و نصوصا كما يأتي.
هذه خلاصة ما يستفاد من النصوص بعد ردّ بعضها إلى بعض، و المحصل من الجمع بين الكلمات، ففي موثق سماعة عن الصادق عليه السّلام: «إذا أخذ السارق قطعت يده من وسط الكف، قال: فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم»٦. و عنه عليه السّلام أيضا في معتبرة محمد بن يحيى: «إنما يقطع الرجل من الكعب و يترك من قدمه ما يقوم عليه و يصلّي و يعبد اللّه»۷، إلى غير ذلك من الروايات، مع أنه إذا تردد بين الأقل و الأكثر يؤخذ بالأقل، للشبهة الدارئة للحدّ بالنسبة إلى الأكثر.
إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة حماد: «لا يخلد في السجن إلا ثلاثة: الذي يمثّل، و المرأة ترتدّ عن الإسلام، و السارق بعد قطع اليد و الرجل»۸.
و منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته إن هو سرق بعد قطع اليد و الرجل؟ قال عليه السّلام: استودعه في السجن أبدا و اغني [اكفي] عن الناس شره»۹.
و منها: صحيح محمد بن قيس عن الباقر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في السارق إذا سرق قطعت يمينه، و إذا سرق مرة أخرى قطعت رجله اليسرى، ثمَّ إذا سرق مرة أخرى سجنه و تركت رجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط، و يده اليسرى يأكل بها و يستنجي بها، فقال: إني لأستحيي من اللّه أن أتركه لا ينتفع بشيء، و لكنّي أسجنه حتّى يموت في السجن»۱۰ إلى غير ذلك من الروايات.
أما الاجراء من بيت المال، فللإجماع، و النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام في موثق سماعة: «فإن عاد حبس في السجن، و أنفق عليه من بيت مال المسلمين»۱۱.
و عن علي عليه السّلام في معتبر السكوني في من سرق ثلاثا: «استودعه في السجن و أنفق عليه من بيت المال»۱۲، إلى غير ذلك من الروايات.
و أما اعتبار الفقر، فلأنه المنساق من الأدلة، مضافا إلى ظهور إجماع الأجلة، فيجبره الحاكم بالإنفاق على نفسه مباشرة أو تسبيبا.
نصوصا، و إجماعا، قال الصادق عليه السّلام في موثق سماعة: «إذا أخذ السارق قطعت يده من وسط الكف، فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم، فإن عاد استودع السجن، فإن سرق في السجن قتل»۱۳، و عنه عليه السّلام أيضا: «من سرق في السجن قتل»۱4، إلى غير ذلك من الأخبار.
نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح ابن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل سرق فلم يقدر عليه، ثمَّ سرق مرة أخرى و لم يقدر عليه، و سرق مرة أخرى فأخذ فجاءت البينة، فشهدوا عليه بالسرقة الاولى و السرقة الأخيرة فقال:
تقطع يده بالسرقة الاولى و لا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة، فقيل له: و كيف ذلك؟ قال: لأن الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة الأولى و الأخيرة قبل أن يقطع بالسرقة الأولى، و لو أنّ الشهود شهدوا عليه بالسرقة الاولى ثمَّ أمسكوا حتى يقطع، ثمَّ شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى»۱٥، و هو موافق للقاعدة، لأن الحكم تعلّق بالطبيعة، و لا تكرر فيها، و يأتي ما يتعلق بالمقام بعد ذلك إن شاء اللّه تعالى.
(مسألة ۱): لا فرق فيما مرّ بين المسلم و الكافر و الذكر و الأنثى و الحر و العبد (۹).
للإطلاق الشامل للجميع، مضافا إلى الإجماع. نعم للحاكم الشرعي الولاية أن يدفع الكافر إلى حكام ملتهم، ليجري عليه عقوبتهم المقررة عليه.
(مسألة ۲): لا يقطع اليسار مع وجود اليمين مطلقا سواء كانت اليمين شلاء و اليسار صحيحة أو بالعكس أو هما معا شلائين أو صحيحتين (۱۰)- إلا إذا خيف الموت على السارق لاحتمال صحيح له منشأ معتبر حكم به حذاق الأطباء فلا يقطع تحفظا على حياة السارق (۱۱)، بل لا يقطع اليسار حينئذ أيضا (۱۲).
للإطلاق، و الاتفاق، و النصوص الخاصة، منها: ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «في رجل أشلّ اليد اليمنى أو أشلّ الشمال سرق؟ قال عليه السّلام: تقطع يده اليمنى على كل حال»۱٦.
و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «ان الأشلّ إذا سرق قطعت يمينه على كل حال، شلاء كانت أو صحيحة، فإن عاد فسرق قطعت رجله اليسرى، فإن عاد خلد في السجن و اجري عليه من بيت المال و كفّ عن الناس»۱۷.
لأنه حينئذ سبب لقتل من لم يأذن الشارع في قتله، و ليس ذلك من سراية الحدّ الذي هو غير مضمون كما مر۱۸، كالحدّ في الحرّ و البرد، بل هو من التسبيب العمدي لقتل من لا يستحق القتل شرعا.
لأنه خلاف حكمة الشارع المعهودة منه من إبقاء إحدى اليدين سواء كانت اليسار صحيحة أو شلاء، مع الخوف في اليمين دون اليسار، و يمكن الاستيناس لذلك من قول الصادق عليه السّلام في المرسل: «إذا سرق الرجل و يده اليسرى شلاء لم تقطع يمينه و لا رجله»۱۹، و ما في صحيح ابن الحجاج قال:
«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن السارق يسرق فتقطع رجله ثمَّ يسرق هل عليه قطع؟
فقال: في كتاب علي عليه السّلام إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مضى قبل أن يقطع أكثر من يد و رجل، و كان علي عليه السّلام يقول: إني أستحيي من ربي أن لا أدع له يدا يستنجي بها أو رجلا يمشي عليها، فقلت له: لو أن رجلا قطعت يده اليسرى في قصاص فسرق ما يصنع به؟ فقال عليه السّلام: لا يقطع و لا يترك بغير ساق، قلت: لو أن رجلا قطعت يده اليمنى في قصاص ثمَّ قطع يد رجل أ يقتص منه أم لا؟ فقال: إنما يترك في حق اللّه عزّ و جلّ، فأما في حقوق الناس فيقتص منه في الأربع جميعا»۲۰.
و هما و إن أمكن فيهما الإشكال أما الأول: فبقصور السند، و أما في الثاني:
فبقصور الدلالة، لكنهما يصلحان للاستئناس.
(مسألة ۳): تقطع اليمنى و لو لم يكن للسارق يسار (۱۳)، و لو كانت له يمين حين ثبوت السرقة و ذهبت بعده لم يقطع اليسار (۱٤).
نسب ذلك إلى المشهور، بل ادعي عليه الإجماع، للعمومات، و الإطلاقات، الشاملة للفرض أيضا- كما مر- و لا معارض لها في البين إلا ما تقدم من الحكمة، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في المرسل، و الصحيح.
و الكل مخدوش: أما الحكمة في المقام فهي غير معمولة بها ما لم تعضد بإجماع معتبر، فكيف بما إذا ادعي الإجماع على الخلاف. أما المرسل: فلقصور السند. و أما الأخير: فلقصور الدلالة، كما لا يخفى على أهل الخبرة.
للإجماع، و قاعدة: «انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع»، بعد عدم دليل على الانتقال إلى غيره.
(مسألة ٤): لو سرق و قد ذهبت يمناه لقصاص أو غيره فعن بعض الفقهاء أنه تقطع يسراه إن كانت له و مع عدم اليسرى تقطع رجله اليسرى و مع عدمها يحبس (۱٥)، و الكل مخدوش و أصل التعزير في الجملة معلوم (۱٦).
نسب ذلك إلى جمع منهم الشيخ و العلامة تمسكا بعموم الآية المنزل على اليمنى حال وجودها، أو على الرجل اليسرى كما عن المبسوط، أو يحبس مع عدمهما عقوبة لما فعل.
أما الخدشة في الكل: فلأنه تخطّ عما عينه الشرع في موضع القطع بلا دليل معتبر يدل عليه. و أما التعزير: فللقطع به من مذاق الشرع، و لكن خصوصياته موكول إلى نظر الحاكم.
(مسألة ٥): لو قطع الحداد يساره مع تحقق جميع شرائط الجناية العمدية فعليه القصاص (۱۷)، و لا يسقط قطع اليمنى بالسرقة (۱۸)، و لو فعل ذلك اشتباها فعليه الدية (۱۹)، و لا يسقط الحد خصوصا مع أخذ الدية (۲۰).
لتحقق موضوع الجناية العمدية، فتشمله أدلتها لا محالة.
للأصل، و الإجماع، و العمومات، و الإطلاقات المتقدمة.
و قيل: يسقط قطع اليمين لما ورد من التعليل في قول علي عليه السّلام: «إني لأستحيي من ربي أن لا أدع له يدا يستنجي بها أو رجلا يمشي عليها»۲۱، فإنه يشمل المقام بعمومه، و إطلاقه.
و لكن يمكن الخدشة فيه بأن ذلك في بيان الترتيب للحدّ، فلا يشمل المقام.
لأنه حينئذ من شبه العمد الذي حكمه ذلك على ما يأتي في محله إن شاء اللّه تعالى.
للأصل، و العموم، و الإطلاق.
و نسب إلى جمع السقوط، لتنزيل اليسرى منزلة اليمنى حينئذ، و حصول الشبهة، و صحيح ابن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل أمر به أن تقطع يمينه فقدمت شماله فقطعوها و حسبوها يمينه، و قالوا: إنما قطعنا شماله، أ تقطع يمينه؟ فقال عليه السّلام: لا، لا تقطع يمينه قد قطعت شماله»۲۲.
و الكل مخدوش، أما التنزيل: فيحتاج إلى دليل، و هو مفقود.
و أما الشبهة: فالشك في شمول الشبهة لمثل المقام يكفي في عدم صحة الاستناد إلى دليلها.
و أما الأخير: فلا اعتبار به بعد إعراض المشهور عنه.
نعم لو حصل للحاكم الشبهة في القطع حينئذ يدرأ القطع بها، لما تقدم مرارا من درء الحدّ بالشبهة، و منه يظهر أنه يمكن أن يجعل هذا النزاع صغرويا.
(مسألة ٦): إذا قطع السارق يستحب حسمه بما يقطع الدم و يبرئ الجرح (۲۱).
لما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «انه أتي بسارق، فقال: اذهبوا فاقطعوه ثمَّ احسموه»۲۳، و في رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أيديهم من نصف الكف، و ترك الإبهام و لم يقطعها، و أمرهم أن يدخلوا إلى دار الضيافة و أمر بأيديهم أن تعالج فأطعمهم السمن و العسل و اللحم حتى برؤوا، فدعاهم فقال: يا هؤلاء إن أيديكم سبقتكم إلى النار، فإن تبتم و علم اللّه منكم صدق النية تاب عليكم و جررتم أيديكم إلى الجنة، فإن لم تتوبوا و لم تفعلوا عما أنتم عليه جرّتكم أيديكم إلى النار»۲4، و في رواية حذيفة بن منصور عن الصادق عليه السّلام قال: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام بقوم سراق قد قامت عليهم البينة و أقرّوا، فقطع أيديهم ثمَّ قال: يا قنبر ضمّهم إليك فداو كلومهم و أحسن القيام عليهم، فإذا برئوا فأعلمني، فلما برئوا أتاه فقال: يا أمير المؤمنين القوم الذين أقمت عليهم الحدود قد برئت جراحاتهم، فقال: اذهب فاكس كلّ رجل منهم ثوبين و ائتني بهم قال: فكساهم ثوبين ثوبين و أتى بهم في أحسن هيئة متردين مشتملين كأنّهم قوم محرمون، فمثلوا بين يديه قياما، فأقبل على الأرض ينكتها بإصبعه مليّا، ثمَّ رفع رأسه إليها فقال: اكشفوا أيديكم، ثمَّ قال: ارفعوا رؤوسكم إلى السماء فقولوا: اللهم إن عليا قطعنا، ففعلوا، فقال: اللهم على كتابك و سنّة نبيّك ثمَّ قال لهم: يا هؤلاء إن تبتم سلمتم أيديكم و إن لم تتوبوا ألحقتم بها، ثمَّ قال: يا قنبر خلّ سبيلهم و أعط كلّ واحد منهم ما يكفيه إلى بلده»۲٥.
(مسألة ۷): الأحوط عدم استعمال الأدوية المخدرة أو تزريقها قبل إجراء الحدّ لئلا يتأثر السارق بألم القطع (۲۲).
لأن المناط في الحدود مطلقا إنما هو ذوق ألم الحدّ، لأجل الارتداع، و إنما لم نجزم بالحكم جمودا على الأصل، و الإطلاق.
(مسألة ۸): يجوز للسارق بعد إجراء الحدّ و القطع أن يعيد المقطوع و يلصقه في محله بواسطة الطب الحديث (۲۳).
للأصل، و الإطلاق، بعد تحقق الامتثال، و لكن الأحوط خلافه، لاحتمال اعتبار دوام بقاء القطع تنكيلا للسارق و لغيره.
(مسألة ۹): لا ضمان في سراية الحدّ مطلقا لا على الحاكم و لا على المباشر بإذنه (۲٤)، بلا فرق بين إيقاعه في وقت يستحب تأخيره عنه كوقت الحرّ و البرد أو لا (۲٥).
للأصل، و الإطلاق، و ثبوت الإذن الشرعي و قاعدتي «الإحسان»۲٦، و «قبح تضمين الأمين»، و بقول الصادق عليه السّلام: «من قتله الحدّ فلا دية له»۲۷، و تقدم في حدّ الزنا ما يتعلّق بالمقام۲۸، هذا إذا لم يعلم الحاكم بالموت قبل إجراء الحدّ عليه، و إما إذا علم بذلك فسيأتي حكمه.
لعموم الدليل الشامل لجميع ذلك.
(مسألة ۱۰): يستحب تأخير الحدّ عن شدّة الحرّ و البرد في الصيف و الشتاء ففي الأول يوقع في أطراف النهار و في الثاني في وسطه (۲٦)، و يسقط هذا الاستحباب لو كان المحدود في محل معتدل الهواء و لو بالأجهزة الفنية العصرية (۲۷).
إجماعا، و نصا، ففي خبر أبي داود: «مررت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام و إذا رجل يضرب بالسياط، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: سبحان اللّه في مثل هذا الوقت يضرب، قلت له: و للضرب حدّ؟ قال: نعم إذا كان في البرد ضرب في حرّ النهار و إذا كان في الحرّ ضرب في برد النهار»۲۹، و في خبر سعدان بن مسلم: «خرج أبو الحسن عليه السّلام في بعض حوائجه فمر برجل يحدّ في الشتاء، فقال: سبحان اللّه، ما ينبغي هذا؟ فقلت: و لهذا حدّ؟ قال: نعم ينبغي لمن يحدّ في الشتاء أن يحدّ في حرّ النهار، و لمن حدّ في الصيف أن يحدّ في برد النهار»۳۰، و عن العبد الصالح عليه السّلام في رواية هشام قال: «كان جالسا في المسجد و أنا معه فسمع صوت رجل يضرب صلاة الغداة في يوم شديد البرد، فقال: ما هذا؟ قالوا: رجل يضرب، فقال: سبحان اللّه، في هذه الساعة أنه لا يضرب أحد في شيء من الحدود في الشتاء إلا في أحرّ ساعة من النهار، و لا في الصيف إلا في أبرد ما يكون من النهار»۳۱.
لأن المطلوب توقي نفسه عن شدة الحرّ و البرد، و هو حاصل بذلك أيضا.
(مسألة ۱۱): لو علم الحاكم الشرعي أن السارق يموت- أو يحصل له مرض خطير- من إجراء الحدّ عليه ففي وجوب إجراء الحدّ حينئذ إشكال (۲۸).
لأهمية حفظ النفس من إجراء الحدّ بالأدلة الأربعة، كما مر مكررا.
و توهم: أن الحدّ بنفسه حكم ضرري قرره الشارع فلا يسقط في المقام و ان ترتب عليه ما يترتب.
مدفوع: بأنه حكم ضرري بحدّ خاص، و جهة مخصوصة، لا أن يكون ضرريا حتى لو وصل إلى إزهاق الروح، مع إطلاق قوله عليه السّلام في معتبرة سماعة.
«إن لكل شيء حدّا و من تعدّى ذلك الحدّ كان له حدّ»۳۲، و يشهد له ما تقدم من الروايات الدالة على عدم جريان الحد في شدة الحرّ و البرد، و تداوي المحدود بعد إجرائه عليه. نعم للحاكم الشرعي تعزيره بما يراه من المصلحة فيه حسما للفساد.
(مسألة ۱۲): لو مرض المحدود من إجراء الحدّ عليه فهل يجب على الحاكم الشرعي مداواته أو لا؟ وجهان (۲۹).
من أن المرض جاء من ناحية الحدّ، فصار إجراء الحكم الشرعي سببا لمرضه، فيجري عليه من بيت المال المعدّ لمصالح المسلمين، و هذا منها.
و من أن السبب الأصلي جاء من نفس المحدود، فيكون المرض من تبعاته، فلا يكون الضمان على الحاكم و من بيت المال. نعم لو كان المرض من لوازم إجراء الحدّ كالجرح الحاصل من القطع، يكون ذلك من بيت المال، لما مرّ من قول علي عليه السّلام: «فداو كلومهم»۳۳، و ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «اذهبوا فاقطعوه ثمَّ احسموه»۳4، و غيرهما من الأخبار.
و لكن يستفاد من قول علي عليه السّلام: «فأحسن القيام عليهم، فإذا برئوا فأعلمني»۳٥، و عنه عليه السّلام أيضا: «و أمر بأيديهم أن تعالج فأطعمهم السمن و العسل و اللحم حتى برؤوا»۳٦، ان مقتضى الامتنان و السهولة الشرعية أن يكون ذلك من بيت المال. و اللّه العالم.
(مسألة ۱۳): لا شفاعة و لا كفالة في الحدّ (۳۰)، بل و لا يسقط الحدّ و إن كان السارق ينتفع من أصابعه منفعة مهمة محللة (۳۱).
لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في معتبرة السكوني: «لا كفالة في حدّ»۳۷، و عنه صلّى اللّه عليه و آله: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا حدّا من حدود اللّه»۳۸، و هذا من جوامع كلماته المباركة التي اختص به، و في صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «كان لأم سلمة زوجة النبي صلّى اللّه عليه و آله أمة فسرقت من قوم، فأتي بها النبي صلّى اللّه عليه و آله فكلمته أم سلمة فيها، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله: يا أم سلمة هذا حدّ من حدود اللّه لا يضيع، فقطعها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله»۳۹، و عن الصادق عليه السّلام في موثق مثنى الحناط قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأسامة بن زيد: لا تشفع في حدّ»4۰، و عن علي عليه السّلام في معتبرة السكوني: «لا يشفعن أحد في حدّ إذا بلغ الإمام، فإنه لا يملكه، و اشفع فيما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم، و اشفع عند الإمام في غير الحدّ مع الرجوع من المشفوع له، و لا يشفع في حق امرئ مسلم و لا غيره إلا بإذنه»4۱.
لظواهر العمومات، و الإطلاقات، و غالب منافع الأيادي في الأصابع، بل قد يكون حرفة الشخص في أصابعه، كما في الضرب على آلات الكتابة المتداولة في عصرنا هذا بل و غيرها أيضا.
- الوسائل: باب ۳۰ من أبواب حد السرقة: ۲.
- الوسائل: باب 4 من أبواب حد السرقة: 4.
- الوسائل: باب 4 من أبواب حد السرقة: ۸.
- الوسائل: باب 4 من أبواب حدّ السرقة الحديث: ٥.
- راجع المغني لابن قدامة ج: ۱۰ صفحة: ۲٦4.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: 4.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: ۸.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: ٥.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: ۲.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: ۳.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: ۱4.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: ۱٦.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: 4.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: ۱۱.
- الوسائل: باب ۹ من أبواب حد السرقة: ۱.
- الوسائل: باب ۱۱ من أبواب حد السرقة: ۱.
- الوسائل: باب ۱۱ من أبواب حد السرقة: 4.
- راجع ج: ۲۷ صفحة: ۲۹۱.
- الوسائل: باب ۱۱ من أبواب حد السرقة: ۲.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: ۹.
- الوسائل: باب ٥ من أبواب حد السرقة: ۹.
- الوسائل: باب ٦ من أبواب حد السرقة.
- السنن الكبرى للبيهقي ج: ۸ صفحة: ۲۷۱.
- الوسائل: باب ۳۰ من أبواب حد السرقة: ۲.
- الوسائل: باب ۳۰ من أبواب حد السرقة: ۳.
- سورة التوبة: ۹۱.
- الوسائل: باب ۲4 من أبواب قصاص النفس.
- تقدم في ج: ۲۷ صفحة: ۲۹۱.
- الوسائل: باب ۷ من أبواب مقدمات الحدود الحديث: ۲.
- الوسائل: باب ۷ من أبواب مقدمات الحدود الحديث: ۳.
- الوسائل: باب ۷ من أبواب مقدمات الحدود الحديث: ۱.
- الوسائل: باب ۳ من أبواب مقدمات الحدود: ۲.
- الوسائل: باب ۳۰ من أبواب حد السرقة: ۳.
- السنن الكبرى للبيهقي ج: ۸ صفحة: ۲۷۱.
- الوسائل: باب ۳۰ من أبواب حد السرقة: ۳.
- الوسائل: باب ۳۰ من أبواب حد السرقة: 4.
- الوسائل: باب ۲۱ من أبواب مقدمات الحدود.
- السنن الكبرى للبيهقي ج: ۸ صفحة: ۲٦۷.
- الوسائل: باب ۲۰ من أبواب مقدمات الحدود الحديث: ۱.
- الوسائل: باب ۲۰ من أبواب مقدمات الحدود الحديث: ۲.
- الوسائل: باب ۲۰ من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 4.