1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الحدود و التعزيرات
  10. /
  11. الفصل الثاني في ما يتعلق بالمسروق
(مسألة ۱): يعتبر في المسروق أن تكون ماليته بقدر ربع دينار (۱)، ذهبا خالصا مسكوكا عليه السكة (۲)، بلا فرق في ذلك بين جميع ما يملكه المسلم (۳).

أما كون نصاب القطع ربع دينار، فللأصل، و الإطلاق، و الإجماع، و النصوص المستفيضة منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا قطع إلا في ربع دينار»۱، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له: في كم يقطع السارق؟ قال: في ربع دينار، قلت له: في درهمين؟ قال: في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ، قلت له: أرأيت من سرق أقل من ربع دينار، هل يقع عليه حين سرق اسم السارق؟ و هل هو عند اللّه سارق؟ فقال: كل من سرق من مسلم شيئا قد حواه و أحرزه فهو يقع عليه اسم السارق، و هو عند اللّه سارق، و لكن لا يقطع إلا في ربع دينار أو أكثر، و لو قطعت أيدي السراق فيما أقل هو من ربع دينار لألقيت عامة الناس مقطّعين»۲.

و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «لا تقطع يد السارق إلا في شي‏ء تبلغ قيمته مجنا و هو ربع دينار»۳، و في موثق سماعة عن الصادق عليه السّلام قال: «قطع أمير المؤمنين عليه السّلام في بيضة؟ قلت: و ما بيضة؟ قال: بيضة قيمتها ربع دينار، قلت: هو أدنى حد السارق؟ فسكت»4.

و في رواية علي بن أبي حمزة٥، عن الصادق عليه السّلام: «لا تقطع يد السارق‏ حتى تبلغ سرقته ربع دينار، و قد قطع علي عليه السّلام في بيضة حديد»، إلى غير ذلك من الروايات.

و ما يظهر منه الخلاف مثل ما دلّ على أن النصاب في السرقة خمس دينار، كصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «يقطع السارق في كل شي‏ء بلغ قيمته خمس دينار، إن سرق من سوق أو زرع أو ضرع أو غير ذلك»٦، و صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «أدنى ما يقطع فيه يد السارق خمس دينار»۷، و مثلهما غيرهما من الأخبار.

أو ما دلّ على أن النصاب ثلث دينار، مثل موثق سماعة، قال: «سألته على كم يقطع السارق؟ قال: أدناه على ثلث دينار»۸، و قريب منه موثق أبي بصير۹.

و كذا ما دلّ على أن النصاب درهمان، مثل موثق إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «عمن سرق من بستان عذقا قيمته درهمان، قال عليه السّلام: «يقطع به»۱۰.

أو أن النصاب دينار، كما في صحيح أبي حمزة الثمالي: «سألت أبا جعفر عليه السّلام في كم يقطع السارق؟ فجمع كفيه و قال: في عددها من الدراهم»۱۱.

فلا بد من رد علم جميع ذلك إلى أهله لكونها بمرء من المشهور و منظر من أنظارهم المباركة، و مع ذلك أعرضوا عنها و طرحوها- مع ان بعضها محمول على التقية مثل ما دلّ على الخمس أو الثلاثة۱۲، بل و غيرهما- فيطمئن الفقيه الخبير بمذاق فقه أهل البيت عليهم السّلام، بأنهم ظفروا على خلل فيها، و لذلك أعرضوا عنها كما هو دأبهم [رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين‏] في الفقه الإمامية المنتهية إلى وحي السماء، و نعم ما قال في الجواهر: «لو ساغ للفقيه التردد بكل ما يجد، أو الجمود على كل ما يرد، ما اخضر للفقه عود و لا قام للدين عمود، نسأل اللّه تعالى تنويرا لبصيرة و صفاء السريرة فإنه الرحيم المنان المتفضل الحنان ذو الفضل و الإحسان»، فلا محيص إلا عن أن النصاب هو الربع لا غيره، فلا شبهة بالنسبة إلى غير الربع حتى تجري قاعدة درء الحدود بالشبهة. و اللّه العالم الهادي.

لأنه المنساق من الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و تحقق الشبهة الدارئة للحدّ في غير ذلك، و الدينار عبارة عن ثمانية عشر حمصة من الذهب المسكوك.

لإطلاق السنة و الكتاب، و إجماع الأصحاب.

و ما ذكره بعض من التفصيل لا حقيقة له كالسراب، فكل ما يملكه المسلم يقطع بسرقته إن بلغ النصاب، سواء كان من المعادن و الألبسة، أو الفواكه و الأطعمة- رطبة كانت أو غيرها- و الأشربة، كان أصلها الإباحة لجميع الناس أو لا، كان له قابلية البقاء أو كان مما يسرع إليه الفساد كالخضروات و الفواكه الرطبة، إلى غير ذلك.

(مسألة ۲): يقطع لو كان المسروق- جامعا للشرائط حيوانا كان أو جمادا نباتا كان أو غيره (٤).

للإطلاقات، و العمومات، و ظهور الإجماع بلا فرق بين أقسام الحيوانات. نعم ورد في الطير و الرخام ما ينافي ذلك، مثل ما نسب إلى نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله كما في رواية السكوني عن الصادق عليه السّلام: «لا قطع على من سرق الحجارة، يعني الرخام و أشباه ذلك»۱۳، و عن علي عليه السّلام في موثق السكوني: «لا قطع في ريش، يعني الطير كله»۱4، و في موثق غياث بن إبراهيم: «إن عليا عليه السّلام اتي بالكوفة برجل سرق حماما فلم يقطعه، و قال: لا اقطع في الطير»۱٥، و لكنه محمول على عدم تحقق الشرائط، مثل النصاب أو الحرز أو على‏ التقية۱٦، أو محامل أخرى كما لا يخفى.

(مسألة ۳): لا فرق في الذهب المسروق بين المسكوك و غيره، فلو بلغ الذهب غير المسكوك قيمة ربع دينار مسكوك قطع (٥)، و لو بلغ وزنه وزن ربع دينار مسكوك لكن لم يبلغ قيمته قيمة الربع لم يقطع (٦).

للصدق العرفي في تحقق النصاب، فيشمله الإطلاقات، و العمومات، و الاتفاق، كما مر.

لعدم صدق النصاب، فلا موضوع حتى يترتب الحكم.

(مسألة ٤): المراد بالمسكوك ما كان رائجا معاملة فلا اعتبار بربع قيمته ما ليس كذلك (۷)، فلو فرض وجود مسكوك غير رائج فلا اعتبار بربع قيمته في تحقق النصاب، فإذا سرق بمقدار ربع قيمته و لم يكن بقدر ربع قيمة الرائج فلا قطع (۸)، فلو فرض رواج دينارين مختلفتين لأجل نفس السكة لا لأجل النقص أو الغش في أحدهما يقطع ببلوغ قيمة الأكثر دون الأقل (۹).

لأن هذا هو المنساق من الأدلة و الفتاوى.

للأصل، بعد انسباق خصوص الرائج من الأدلة.

لتحقق الشبهة في الفرض بالنسبة إلى الأقل بعد الشك في صحة التمسك بالإطلاقات مثل المقام، و أما لو بلغ النصاب قيمة الأكثر، فيقطع للإطلاقات، و العمومات، بلا مقيد، و مخصص.

(مسألة ٥): نصاب القطع الذي هو ربع دينار أو ما بلغ قيمته هو أقل ما يقطع به و ليست الزيادة عليه مقدرة بقدر معين بل يقطع مطلقا بلغت الزيادة ما بلغت (۱۰).

للإطلاق، و الاتفاق، و أن التحديد بالربع- كما مر- إنما هو بالنسبة إلى‏ الأقل فقط، دون غيره.

(مسألة ٦): إذا سرق شيئا بزعم عدم كونه بقدر النصاب فبان بقدره يقطع و في عكسه لا يقطع (۱۱).

لتحقق السرقة في الأول بعد تحقق سائر الشرائط- كما هو المفروض- فتشمله الإطلاقات، و العمومات، بخلاف الثاني لعدم تحقق الشرط.

نعم للحاكم الشرعي تعزيره، لما مر مكررا من أن له الولاية على ذلك.

(مسألة ۷): تقدم أنه يعتبر في السرقة هتك الحرز فيكون المدار في تحققها عليه (۱۲)، ففي السرقة من الجيب إن كان بحيث يصدق عليه الحرز يقطع (۱۳)، و إن صدق عدمه أو شك في الصدق و عدمه لا يقطع (۱٤)، و لكن الإثم و الضمان ثابتان على كل حال (۱٥).

لما مر في الشرط السابع مما يعتبر في السارق.

لوجود المقتضي و فقد المانع، فلا بد من القطع بعد تحقق جميع الشرائط.

أما الأول‏: فلعدم تحقق الموضوع، لفرض صدق السرقة من غير حرز.

و أما الثاني‏: فلتحقق الشبهة الدارئة للحدّ كما تقدم مكررا.

لتحقق الظلم و العدوان.

هذا كله بحسب القاعدة، مضافا إلى الإجماع، و قول الصادق عليه السّلام في موثق السكوني: «قد أتي أمير المؤمنين عليه السّلام بطرار قد طرّ دراهم من كمّ رجل فقال: إن كان طرّ من قميصه الأعلى لم اقطعه، و إن كان طرّ من قميصه الداخل قطعته»۱۷.

و في رواية أخرى مثله إلا أن فيها: «و إن كان طرّ من قميصه الأسفل‏ قطعناه»۱۸، و هو مطابق للقاعدة لتحقق الحرز في الداخل. و الأسفل دون غيره غالبا، و عليه يحمل قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في موثق عبد الرحمن: «ليس على الذي يستلب قطع، و لا على الذي يطرّ الدراهم من ثوب قطع»۱۹، و كذا صحيح منصور ابن حازم قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: يقطع النباش، و الطرّار، و لا يقطع المختلس»۲۰.

ثمَّ إنه لا فرق في الحرز بين جميع أنحائه من القديمة و الحديثة، المختلفة باختلاف الأزمنة و الأمكنة و العادة و الأشخاص، فيختلف الجيب باعتبار البروز و الظهور و الحرز و عدمه.

و هل يتحقق الحرز بالعلامة المنصوبة أو الكتابة كذلك كما هو المتداول في بعض المحال، يكتب [ممنوع الدخول أو العبور أو يمنع حمل شي‏ء من مكان كذا]؟ الظاهر هو الصدق، لما تقدم من أن المناط هو حكم العرف بذلك، و المفروض حكمه. نعم لو شك فيه فقد مرّ حكمه‏۲۱.

(مسألة ۸): أثمار الأشجار لها حالات ثلاث: حالة قطعها و حرزها. و حالة كونها على الأشجار و هي محرزة بما جرت العادة بحرزها به. و حالة كونها غير محرزة مطلقا و يقطع في الأولين دون الأخيرة (۱٦).

أما القطع في الأولين، فلوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات، و العمومات، مع تحقق سائر الشرائط. و أما الأخير، فلعدم الحرز فلا يترتب الحكم الذي هو القطع.

(مسألة ۹): لا قطع على السارق في عام المجاعة إذا كان المسروق مأكولا و السارق مضطرا (۱۷)، و إن كان الضمان عليه (۱۸).

إجماعا، و نصوصا، منها ما عن الصادق عليه السّلام في موثق السكوني: «لا يقطع السارق في عام سنة- يعني عام مجاعة-»۲۲، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا يقطع السارق في سنة المحل [المحق‏] في شي‏ء مما يؤكل، مثل الخبز و اللحم و القثاء و أشباه ذلك»۲۳، و في موثق السكوني عن الصادق عليه السّلام: «لا يقطع السارق في عام سنة مجدبة- يعني في المأكول دون غيره-»۲4، إلى غير ذلك من الأخبار.

و القرينة تدل على تقييدها بالاضطرار و المأكول و لو بالقوة، و في غيرهما يرجع إلى العمومات، و الإطلاقات، بعد كون المخصص و المقيد منفصلا مرددا بين الأقل و الأكثر.

و منه يعلم وجه التعدي إلى مطلق الاضطرار، كما مر سابقا.

للأدلة الأربعة، كما تقدم في كتاب الغصب فلا وجه للتكرار بعد ذلك.

(مسألة ۱۰): لو سرق حرا- كبيرا أو صغيرا- لم يقطع (۱۹)، و يعزره الحاكم الشرعي بما يراه (۲۰)، و يقطع إن باعه (۲۱).

لأن مورد السرقة المال، و لا مالية للحر بلا فرق بين الذكر و الأنثى.

لأنه منكر و فساد، و التعزير جعل لدفعهما.

لجملة من الأخبار، نسب إلى المشهور العمل بها، فعن الصادق عليه السّلام في موثق السكوني: «ان أمير المؤمنين عليه السّلام أتي برجل قد باع حرا، فقطع يده»۲٥، و في رواية معاوية بن طريف قال: «سألت جعفر بن محمد عليه السلام عن رجل سرق حرة فباعها؟ فقال: فيها أربعة حدود: أما أولها فسارق‏ تقطع يده، و الثانية: إن كان وطأها جلد الحدّ، و على الذي اشترى إن كان وطأها إن كان محصنا رجم، و إن كان غير محصن جلد الحدّ، و إن كان لم يعلم فلا شي‏ء عليه، و عليها هي إن كان استكرهها فلا شي‏ء عليها، و إن كانت أطاعته جلدت الحدّ»۲٦.

و في خبر عبد اللّه بن طلحة. قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبيع الرجل و هما حران، فيبيع هذا هذا و هذا هذا و يفران من بلد إلى بلد يبيعان أنفسهما، و يفران بأموال الناس؟ قال: تقطع أيديهما، لأنهما سارقا أنفسهما و أموال الناس»۲۷.

(مسألة ۱۱): لو أعار بيتا فهتك المعير حرزه فسرق منه مال المستعير قطع و كذا لو آجر بيتا و سرق منه مال المستأجر (۲۲).

لوجود المقتضي للقطع في كل منهما و فقد المانع عنه بعد تحقق جميع الشرائط، كما هو المفروض، فتشمله العمومات بلا مقيد و مخصص.

(مسألة ۱۲): لو كان الحرز مغصوبا لم يقطع بسرقة مالكه الذي له هتكه (۲۳)، و لو كان ماله في حرز فهتكه و أخذ ماله فقط لم يقطع و عليه ضمان ما أتلفه من الحرز (۲٤)، و كذا إن كان ماله مخلوطا بمال مالك الحرز بما لا تتميز و أخذ بقدر ماله أو أزيد بما لا يبلغ النصاب (۲٥).

لأنه لا يصدق الحرز بالنسبة إلى من يكون مسلطا على الهتك، و عن جمع إن الإحراز بغير الحق كغير المحرز.

أما عدم القطع، فلعدم تحقق السرقة بأخذ مال الغير. و أما الضمان فلقاعدتي اليد، و أن من أتلف مال الغير فهو له ضامن.

لعدم تحقق سرقة النصاب المعتبر في القطع، فلا موضوع له حينئذ.

(مسألة ۱۳): لو سرق ثمر العين الموقوفة يقطع مع تحقق الشرائط (۲٦)، و كذا العين الموقوفة بناء على كونها ملكا للموقوف عليه، و أما بناء على أنها من التحرير و فك الملك فلا قطع (۲۷)، و كذا لو سرق الحقوق من الزكاة أو الخمس أو السهم الشريف (۲۸)، و لا بد و أن يكون المطالب هو الحاكم الشرعي في كل مال ليس له مالك فعليّ مطالب (۲۹).

لأن له مالكا، فتشملها الأدلة بعد وجود المقتضي و فقد المانع.

أما الأول‏: فلما مرّ في سابقة من غير فرق.

و أما الأخير: فلعدم المالك، و هو شرط في تحقق السرقة، و لكن للحاكم الشرعي تعزيره بما يراه، لأن المقام من صغريات النهي عن المنكر، الذي قد يتعلق به التعزير.

للأصل، بعد الشك في صدق المالك بالنسبة إليها، لأن أصل ثبوت الحق في الجملة معلوم، و الشك في تحقق الملك يكفي للشبهة الدارئة للحدّ.

و كذا ولاية الإمام عليه السّلام و حقه لصرف ما يتعلق به في المصارف الشرعية لا ريب فيه، و أما الملكية الخاصة المتعارفة ففيها بحيث.

و لكن يمكن أن يقال: إن مقتضى ظواهر الأدلة كما هو المشهور الملكية المتعارفة، و يشهد لها معتبرة ابن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «قال: قضى علي عليه السّلام في رجلين قد سرقا من مال اللّه، أحدهما عبد مال اللّه، و الآخر من عرض الناس، فقال عليه السّلام: أما هذا فمن مال اللّه ليس عليه شي‏ء، مال اللّه أكل بعضه بعضا، و أما الآخر فقدّمه و قطع يده، ثمَّ أمر أن يطعم اللحم و السمن حتى برئت يده»۲۸، و قد تقدم التفصيل في كتاب الزكاة و الخمس فراجع. نعم التعزير موكول إلى نظر الحاكم الشرعي.

لأن إقامة الحدود من حقوق الناس، و مشروط بطلب صاحبها، و المفروض أنه لا صاحب لها في المقام إلا الحاكم الشرعي.

(مسألة ۱٤): باب الحرز من الخارج و ما ثبت فيه من الآلات و ما بني في جداره ليس من الحرز فلا قطع بسرقة شي‏ء منها (۳۰)، بخلاف الداخل من الباب و ما يتعلق به، فمن كسر الباب الخارج و أخذ من الباب الداخل شيئا بقدر النصاب يقطع (۳۱).

لأن المرجع في الحرز إنما هو العرف و العادة، و هما لا يحكمان بالحرزية فيها، فمن سرق دقاقة الباب أو ما عليه من الزينة، لا يقطع.

فإنه محرّز بباب الخارج، فيصدق حينئذ هتك الحرز و أخذ المال من الحرز.

(مسألة ۱٥): سارق الكفن إن نبش القبر و سرقه و لو بعض أجزائه المندوبة و تحقق سائر الشرائط منها النصاب يقطع (۳۲)،و إن نبش و لم يسرق الكفن يعزّر و لا يقطع (۳۳)، بلا فرق فيه بين الأكفان المتعارفة إذا كان بقدر النصاب أو الأكفان النفيسة (۳٤).

لأن القبر حرز للكفن، فتشمله الإطلاقات، و العمومات، مضافا إلى الإجماع، و النصوص، منها صحيحة حفص البختري قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: حدّ النباش حدّ السارق»۲۹.

و في خبر الجعفي قال: «كنت عند أبي جعفر عليه السّلام و جاءه كتاب هشام بن عبد الملك، في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ثمَّ نكحها، فإن الناس قد اختلفوا علينا: طائفة قالوا: اقتلوه، و طائفة قالوا: أحرقوه، فكتب إليه أبو جعفر عليه السّلام: إن حرمة الميت كحرمة الحي، تقطع يده لنبشه و سلبه الثياب، و يقام عليه الحدّ في الزنا، إن أحصن رجم و إن لم يكن أحصن جلد مائة»۳۰.

و في موثق إسحاق بن عمار: «إنّ عليا عليه السّلام قطع نبّاش القبر، فقيل له:

أ تقطع في الموتى؟ فقال: إنّا نقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا»۳۱، إلى غير ذلك من الروايات.

و ما يظهر منه الخلاف مثل رواية علي بن سعد عن الصادق عليه السّلام قال:

«سألته عن رجل أخذ و هو ينبش؟ قال: لا أرى عليه قطعا، إلّا أن يؤخذ و قد نبش مرارا فاقطعه»۳۲، و كذا قوله عليه السّلام أيضا: «النبّاش إذا كان معروفا بذلك قطع»۳۳، و قريب منه غيره محمول أو مطروح، كما لا يخفى.

أما التعزير، فلأنه فعل حراما، و هتك حرمة المؤمن، و للحاكم الشرعي التعزير في مثل ذلك، و في مرسل ابن بكير عن الصادق عليه السّلام: «إذا أخذ أوّل مرة عزّر، فإن عاد قطع»۳4، المحمول على ما إذا لم يسرق الكفن.

و أما عدم القطع، فلعدم السرقة، و عليه يحمل ما دلّ على عدم القطع‏۳٥.

لشمول إطلاق الأدلة لكل منهما، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(مسألة ۱٦): ليس القبر حرزا لغير الكفن فلو جعل مع الميت شي‏ء و نبش و اخرج لا يقطع إلا إذا كان القبر في بيت مقفل فكسر القفل أو ثقب الجدار (۳٥).

أما عدم كون القبر حرزا لغير الكفن، فلحكم العرف بذلك.

و أما الأخير، فلتحقق الحرز حينئذ عرفا، و شرعا، فيترتب عليه حكم السرقة قهرا.

(مسألة ۱۷): لو تكرر منه النبش و فات السلطان كان له قتله للردع (۳٦).

كما عن المحقق في الشرائع و تبعه بعض آخر، و لكن لم أقف عليه كذلك في شي‏ء مما حضرني من النصوص، و في رواية ابن أبي عمير: «أتي أمير المؤمنين عليه السّلام برجل نبّاش، فأخذ أمير المؤمنين عليه السّلام بشعره فضرب به الأرض، ثمَّ أمر الناس أن يطؤوه بأرجلهم، فوطؤوه حتى مات»۳٦، و قريب منه غيره. لكن ليس في شي‏ء منها فوت السلطان، و التكرار في فعله لعله استفيد من لفظ المبالغة. و التهجم على الدماء بغير نص صحيح و دليل صريح مشكل، أعاذنا اللّه تعالى من الزلل.

(مسألة ۱۸): هل يجرى حكم السرقة في أخذ الماء و الكهرباء و غيرهما بعد تملك المالك الخاص لهما (۳۷)، من مجاريهما أو لا؟ وجهان (۳۸).

أي بعد الدخول في الملك، أو المرور على المقاييس المتداولة لهذه الأمور في هذه الأعصار أو الأخذ من داخل بيت الجار مثلا، بحيث يصدق عرفا أنه ملكه بالحيازة أو التملك.

من كونهما مالا ذات قيمة محرزة لدى العرف و في حرز، و بعد فرض تحقق سائر الشرائط، فتشمله الأدلة لا محالة، فيقطع ان بلغ النصاب. و من احتمال الانصراف عنهما، و لكنه ضعيف جدا.

(مسألة ۱۹): لو سرق الحرز و ما فيه يقطع مع تحقق سائر الشرائط (۳۹)، و كذا يقطع لو سرق المركوبات الحديثة كالسيارات و غيرها لو أخذها من محل المعدة لها لحفظها (٤۰).

لوجود المقتضي للقطع و فقد المانع، فتشمله الأدلة لا محالة.

لعين ما مر في سابقة.

(مسألة ۲۰): لا فرق فيما مر من أحكام السرقة بين أقسام المسلمين و إن اختلفت مذاهبهم فيقطع ما لم يحكم الشرع بإباحة مال المسروق منه (٤۱).

أما الأول‏: فلإطلاق الأدلة، و إجماع المسلمين، فلو سرق المالكي‏ من الحنفي أو بالعكس، يقطع مع تحقق سائر الشرائط.

و أما الثاني‏: فلأنه مع حكم الشرع بإباحة مال المسروق منه، فلا موضوع للقطع حينئذ.

(مسألة ۲۱): لو زعم إباحة مال المسروق منه شرعا و سرق منه ثمَّ بان الخلاف، فإن كان زعمه مستندا إلى المساهلة و المسامحة في دينه يقطع (٤۲)، و إلا فيشكل (٤۳).

للعمومات، و الإطلاقات الدالة على القطع- كما مر- بعد عدم دخوله في الشبهة الدارئة للحدّ عند المتشرعة.

لاحتمال كون ذلك من الشبهة الدارئة للحدّ. و اللّه العالم بالحقائق.

  1. السنن الكبرى للبيهقي ج: ۸ صفحة: ۲٥4.
  2. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد السرقة الحديث: ۱.
  3. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد السرقة الحديث: ۲.
  4. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد السرقة الحديث: 4.
  5. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد السرقة الحديث: ٥.
  6. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد السرقة: ۱۲.
  7. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد السرقة: ۳.
  8. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد السرقة: ۱۱.
  9. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد السرقة: ۱۰.
  10. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد السرقة: ۱4.
  11. الوسائل: باب ۲ من أبواب حد السرقة: ۹.
  12. راجع المغني لابن قدامة ج: ۱۰ صفحة: ۲4۲ ط: بيروت.
  13. الوسائل: باب ۲۳ من أبواب حد السرقة: ۱.
  14. الوسائل: باب ۲۲ من أبواب حد السرقة: ۲ .
  15. الوسائل: باب ۲۲ من أبواب حد السرقة: ۱.
  16. راجع المغني لابن قدامة ج: ۱۰ صفحة: ۲٥۳.
  17. الوسائل: باب ۱۳ من أبواب حد السرقة: ۲.
  18. الكافي ج: ۷ صفحة: ۲۲۷.
  19. الوسائل: باب ۱۳ من أبواب حد السرقة: ۱ .
  20. الوسائل: باب ۱۳ من أبواب حد السرقة: ۳.
  21. تقدم في صفحة: ۸۱.
  22. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب حد السرقة الحديث: ۲.
  23. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب حد السرقة الحديث: ۱.
  24. الوسائل: باب ۲٥ من أبواب حد السرقة الحديث: 4.
  25. الوسائل: باب ۲۰ من أبواب حد السرقة: ۲.
  26. الوسائل: باب ۲۰ من أبواب حدّ السرقة الحديث: ۱ .
  27. الوسائل: باب ۲۰ من أبواب حدّ السرقة الحديث: ۳.
  28. الوسائل: باب ۲۹ من أبواب حد السرقة: 4.
  29. الوسائل: باب ۱۹ من أبواب حد السرقة: ۱.
  30. الوسائل: باب ۱۹ من أبواب حد السرقة: ۲.
  31. الوسائل: باب ۱۹ من أبواب حد السرقة الحديث: ۱۲.
  32. الوسائل: باب ۱۹ من أبواب حدّ السرقة الحديث: ۱۱.
  33. الوسائل: باب ۱۹ من أبواب حدّ السرقة الحديث: ۱٥.
  34. الوسائل: باب ۱۹ من أبواب حدّ السرقة الحديث: ۱٦.
  35. الوسائل: باب ۱۹ من أبواب حدّ السرقة الحديث: ۱4.
  36. الوسائل: باب ۱۹ من أبواب حد السرقة: ۳.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"