1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الحدود و التعزيرات
  10. /
  11. الفصل الثاني في ما يثبت به الزنا يثبت الزنا
بأمرين: الإقرار، و البينة. أما الأول ففيه مسائل:
(مسألة ۱): يشترط في الإقرار كمال المقر بالبلوغ و العقل، و الاختيار و القصد (۱)، فلا عبرة بإقرار الصبي و إن كان مراهقا و لا بإقرار المجنون حال الجنون و لا بإقرار المكره و السكران و الساهي و الغافل و النائم و الهازل و نحوهم (۲).

هذه كلها من الشرائط العامة بضرورة الفقه لكل قول معتبر- إخبارا كان أو إنشاء، عقدا كان أو إيقاعا- و تقدم ذكرها مكررا من أول الفقه إلى هنا، و مر ما يتعلق بذلك في كتاب الإقرار1، فراجع فلا وجه للتطويل بلا طائل بالتكرار و الإعادة.

ثمَّ إنه لو كان الإقرار بحق عن إكراه، كما إذا أكرهه الحاكم الشرعي العالم بوقوع الزنا مثلا ليقرّ على الزنا، فالظاهر شمول الأدلة له، و كان الإكراه لمصلحة يراها غالبة على رجحان الستر.

و دعوى‏: شمول أدلة رفع الإكراه‏2، حتى في الإكراه بالحق.

باطلة: لأنها لا تشمل الإكراه بحق مطلقا، إجماعا، و نصوصا الواردة في أبواب متفرقة في الفقه، كما في إكراه الحاكم الشرعي المالك على بيع ما

احتكره‏3، و إكراهه للزوج على الإنفاق للزوجة4، و الإكراه على الإقرار بكلمتي الشهادة، كما عن جمع من الفقهاء، منهم المحقق في الشرائع، فإذا أحرز تحقق الموضوع بالقرائن و أكره على الإقرار إتماما للحجة و لبعض المصالح، يعتبر مثل هذا الإقرار. نعم إذا كان نفس الإقرار من حيث هو بالإكراه مع عدم إحراز الموضوع بجهة من الجهات لا أثر لهذا الإقرار، و يمكن أن يستفاد ذلك من صحيح ابن خالد عن الصادق عليه السلام: «رجل سرق سرقة فكابر عنها، فضرب فجاء بها بعينها، هل يجب عليه القطع؟ قال: نعم، و لكن لو اعترف و لم يجئ بالسرقة لم تقطع يده، لأنه اعتراف على العذاب»5، كما يشهد لذلك أيضا إطلاق قول علي عليه السلام: «ليّ الواجد بالدين يحلّ عقوبته»6.

كل ذلك للضرورة المذهبية، إن لم تكن دينية بل عقلائية.

(مسألة ۲): يكفي في الإقرار الظهور العرفي بحيث لا يحتمل الخلاف احتمالا مقبولا لدى المتعارف (۳).

لابتناء الحجة على ذلك عند الناس في المحاورات، فتشملها الإطلاقات، و العمومات، و الأدلة اللبية، كالإجماع و السيرة.

(مسألة ۳): يعتبر في الإقرار بالزنا تكرار الإقرار أربعا (٤). و إن كان في مجلس واحد (٥). و الأحوط كونه في أربع مجالس (٦)، و لو أقر دون الأربعة لا يثبت الحد، و الحاكم يرى رأيه في تعزيره (۷)، و لا فرق في ما ذكر بين الرجل و المرأة (۸).

للأصل، و الاحتياط، و ظاهر نصوص الفريقين منها قوله عليه السلام: «لا يرجم الزاني حتى يقرّ أربع مرات بالزنا إذا لم يكن شهود»7، و في موثق أصبغ‏ بن نباتة: «جاءت امرأة إلى أمير المؤمنين عليه السلام و أقرت بالزنا مكررا، و في كل مرة كان عليه السلام يعرض عنها حتى أقرت أربع مرات، فأجرى عليها الحد»8، و عن طرق العامة: «ان ماعز بن مالك جاء إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه إني قد زنيت فأعرض عنه، ثمَّ جاءه فقال: إني قد زنيت، قال ذلك أربع مرات، فقال صلّى اللّه عليه و آله: أ بك جنون؟! قال: لا يا رسول اللّه، قال: فهل احصنت؟ قال: نعم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لعلك قبّلت أو غمزت أو نظرت، قال: لا يا رسول اللّه، قال:

أ نكحتها؟ لا تكني قال: نعم، كما يغيب المرود في المكحلة و الرشا في البئر، قال:

فهل تدري ما الزنا؟ قال: نعم أتيت منها حراما كما يأتي الرجل من امرأته حلالا، قال صلّى اللّه عليه و آله: ما تريد بهذا القول؟ قال أريد أن تطهرني، فأمر به فرجم»9، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما ما في صحيح الفضيل عن الصادق عليه السلام: «من أقر على نفسه عند الامام بحق حدّ من حدود اللّه تعالى مرة واحدة، حرا كان أو عبدا، حرة كانت أو أمة، فعلى الإمام أن يقيم الحدّ على الذي أقر به على نفسه كائنا من كان، إلّا المحصن فإنه لا يرجم حتى يشهد عليه أربع شهود»10، فاعرض عنه لموافقته للعامة، أو أنه محمول.

لإطلاق الأدلة، و إطلاق كلماتهم في مورد إجماعاتهم. و نسب إلى الشيخ رحمه اللّه و ابن حمزة اعتبار اختلاف المجلس للإجماع، و لما يظهر من قضية ماعز المتقدمة، و للاحتياط في الدماء.

و الكل مخدوش.

أما الأول‏: فلا اعتبار به مع ذهاب الأكثر إلى الخلاف.

و أما الثاني‏: فقضية في واقعة لا يستفاد منها الحكم الكلي.

و أما الأخير: فموهون بإطلاقات الأدلة، و تصريحات الأجلة.

ظهر وجه مما مر آنفا، فلا وجه للإعادة.

أما عدم ثبوت الحد فلقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه، و لظواهر النصوص، و الإجماع.

و أما التعزير فلأنه نحو تجر و انتهاك لحرمات اللّه تعالى.

للإطلاق، و الاتفاق، و قاعدة الاشتراك، إلّا ما خرج بالدليل، و هو مفقود.

(مسألة ٤): لو احتاج المقر في إقراره إلى الترجمة فلا بد فيها من شاهدين عدلين (۹). و إشارة الأخرس المفهمة كالنطق (۱۰)، و إذا احتاجت إلى الترجمة فيكون بشاهدين أيضا (۱۱).

لأنها بينة على إقرار الناطق أربع مرات بالزنا. نعم لو حصل الاطمئنان المتعارف للحاكم الشرعي بصدق المترجم يكفي فيه قول الثقة الواحد.

للإطلاق، و الاتفاق، و قد ذكرت هذه المسألة مرارا كثيرة في الفقه من أوله إلى آخره.

لأن إشارة الأخرس مثل النطق، و قد عرفت أنه لا بد من إقامة البينة على إقرار الناطق في الزنا أربع مرات فكذا في الأخرس، و ليس هذا من القياس، بل هو من صدق الكلي على الافراد، و القطع بعدم الفرق.

(مسألة ٥): إذا قال: «زنيت بفلانة العفيفة» لم يثبت حد الزنا إلا إذا كررها أربعا (۱۲)، بل لا يثبت القذف بذلك للمرأة أيضا (۱۳). نعم لو قال: «زنيت بها و هي أيضا زانية بزنائي بها» يثبت حد القذف عليه حينئذ (۱٤).

لما مر من اعتبار التكرار أربع مرات نصا، و فتوى، فلا أثر للواحد.

لعدم كون إقراره على نفسه بالزنا قذفا لها بذلك، لاحتمال الاشتباه أو الإكراه لها.

نعم للحاكم الشرعي تعزيره بما يراه لتحقق هتك عرض المرأة عرفا، و في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: «في رجل قال لامرأته: يا زانية، أنا زنيت بك قال عليه السلام: عليه حدّ واحد لقذفه إياها، و أما قوله أنا زنيت بك فلا حدّ فيه، إلّا أن يشهد على نفسه أربع شهادات بالزنا عند الإمام»11.

إن قلت‏: ان ظاهر هذا التعبير هو القذف عرفا، فيثبت حدّه أيضا، مع إطلاق ما نسب إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله: «لا تسألوا الفاجر من فجر بك، فكما هان عليها الفجور يهون عليها أن ترمي البري‏ء المسلم»12، و كذا ما نسب إلى علي عليه السلام:

«إذا سألت الفاجرة من فجر بك؟ فقالت: فلان، جلدتها حدين، حدا لفجوره بها، و حدا لفريتها على الرجل المسلم»13.

قلت‏: أما صدق القذف عرفا، فمع وجود ما مر من احتمال الاشتباه و الإكراه احتمالا صحيحا فممنوع، و أما النبوي و العلوي فلا بد من تقييدهما بغيرهما على فرض اعتبار السند.

لصدق القذف لغة و عرفا، فيتبعه الحكم شرعا.

(مسألة ٦): إذا أقر أربعا إنه وطأ امرأة و لم يعترف بالزنا لا حد عليه و إن ثبت أن المرأة لم تكن زوجته (۱٥)، و إذا ادعى زوجيتها و أنكرت هي الوطء و أصل الزوجية فليس عليه حد و لا مهر (۱٦).

لأن الوطء أعم من الزنا، فلا يثبت الحكم المختص بالخاص بالإقرار بالعلم، فمقتضى الأصل و الاحتياط عدم الحد.

أما عدم الحد، فلعدم الإقرار بالزنا. و أما عدم المهر فلإنكارها أصل الزوجية.

(مسألة ۷): لو ادعى أربعا إنه وطأ امرأة و ادعت المرأة بأنه اشتبه عليها أو أكرهها على الزنا فلا حدّ على كل واحد منهما و عليه المهر (۱۷).

أما عدم الحدّ على الرجل، فلعدم الإقرار بالزنا، و الإقرار بالوطي أعم منه كما عرفت، و هو لا يؤخذ بإقرار المرأة. و أما عدم الحد على المرأة، فلفرض اعترافها بالإكراه أو الشبهة. و أما المهر، فلأصالة الصحة في فعل المسلم ما لم يثبت خلافه، و المفروض عدم ثبوته.

(مسألة ۸): إذا أقر بما يوجب الحدّ و لم يبيّنه لا يكلف بالبيان (۱۸). بل يضربه الحاكم حتى ينهى عن نفسه (۱۹).

للأصل، و الإجماع، و الاحتياط، و درء الحد بالشبهة كما مر، و لظاهر جملة من النصوص، منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «من أصاب منكم من هذه القاذورات شيئا فليستر بستر اللّه، فإنه من يبدلنا صفحته أقمنا عليه الحد»14، و عن علي عليه السلام: «ما أقبح في الرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رؤوس الملأ، أ فلا تاب في بيته؟ فو اللّه لتوبته في ما بينه و بين اللّه أفضل من إقامتي الحد عليه»15، و ما دلّ على ترديد النبي صلّى اللّه عليه و آله و خليفته لمن أقر في الجملة16.

و ظهور مثل هذه الأخبار في استحباب الإخفاء و الستار مما لا يخفى على أولي الأبصار. و ما دلّ على عدم جواز تعطيل حدود اللّه تعالى‏17، إنما هو بعد الثبوت من كل جهة، فلا يشمل مثل المقام.

لصحيح ابن قيس عن أبي جعفر عليه السلام: «ان أمير المؤمنين عليه السلام أمر على رجل أقر على نفسه بحدّ و لم يسم، أن يضرب حتى ينهى عن نفسه»18، و السند صحيح، و المتن صريح، و عمل المشهور به ثابت، فيتعين الفتوى به.

و نسب إلى ابن إدريس أنه لا يتجاوز المئة و لا ينقص عن ثمانين، و الحق أن ذلك موكول إلى نظر الحاكم الشرعي المتصدّي لذلك، لاستظهار سائر الخصوصيات المحفوفة بالموضوع التي لا تظهر إلّا للمباشر و الفقيه الناظر لها.

(مسألة ۹): لو أقر أربعا بالزنا بامرأة حدّ دونها (۲۰)، و إن صرّح بأنها طاوعته على الزنا يحدّ للقذف أيضا (۲۱)، و كذا لو أقرت أربعا بأنه زنى بي و أنا طاوعته حدّت دونه (۲۲).

أما حدّ الزنا على نفسه، فلوجود المقتضي و فقد المانع، و أما عدم الحدّ عليها، فلأنه لا يؤخذ أحد بإقرار غيره، مضافا إلى الأصل، و الاحتياط، و ظهور الإجماع.

إن تحققت شرائط القذف.

لما مر في سابقة من غير فرق، فتحدّ حدّان أحدهما للزنا، و الآخر للقذف، كما هو كذلك في الرجل.

(مسألة ۱۰): لو حملت المرأة التي لا زوج لها لم تحدّ إلّا بما يثبت به زناها (۲۳)، و ليس لأحد سؤالها و لا التفتيش عن حالها (۲٤).

أما الأول‏: فلأصالة الصحة، و مقتضى الأصل العقلي و النقلي البراءة من الحدّ بالنسبة إليها و بالنسبة إلى الحاكم، و أصالة الاحتياط بالنسبة إلى الحدّ كما مر.

و أما الثاني‏: فلوجود المقتضي لثبوت الحد حينئذ و فقد المانع عنه، بالإقرار أربعا، أو البينة كما يأتي.

لأصالة اعتصام المسلمة عن ارتكاب الزنا، و أصالة الصحة.

(مسألة ۱۱): إذا أقر بما يوجب الرجم ثمَّ أنكر سقط الرجم (۲٥)، و مثله الإقرار على نفسه بالقتل (۲٦)، و لو أقر بغيرهما لم يسقط بالإنكار (۲۷).

إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السلام في الموثق: «من أقر على نفسه أقمته عليه، إلّا الرجم فإنّه إذا أقر على نفسه ثمَّ جحد لم يرجم»19، و مثله غيره.

لأصالة الاحتياط في الدماء، و في المرسل عن أحدهما عليهما السلام: «إذا أقر الرجل على نفسه بالقتل قتل، إذا لم تكن علة، فإن رجع و قال: لم أفعل ترك، و لم يقتل»20.

على المشهور للنصوص، منها قول الصادق عليه السلام في الموثق: «إذا أقر الرجل على نفسه بحدّ أو فرية ثمَّ جحد جلد»21، و تقتضيه قاعدة: «عدم سماع الإنكار بعد الإقرار».

(مسألة ۱۲): لو أقر بحدّ- رجما كان أو غيره- ثمَّ تاب يتخير الإمام عليه السلام بين العفو عنه أو إقامة الحد عليه (۲۸)، و يثبت التخيير للحاكم الشرعي الجامع للشرائط النائب عن الإمام (۲۹). و أما الثاني ففيه مسائل كذلك:

إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السلام: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأقر بالسرقة، فقال له: أ تقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم سورة البقرة، قال عليه السلام: قد وهبت يدك لسورة البقرة، فقال الأشعث: أ تعطل حدّا من حدود اللّه تعالى؟ فقال: و ما يدريك ما هذا؟ إذا قامت البينة فليس للإمام أن يعفو، و إذا أقر الرجل على نفسه فذاك إلى الإمام إن شاء عفا و إن شاء قطع»22، و قريب منه رواية طلحة بن زيد23، و عن أبي الحسن الثالث عليه السلام: «و أما الرجل الذي اعترف باللواط، فإنه لم يقم عليه البينة، و إنما تطوع بالإقرار من نفسه، و إذا كان للإمام الذي من اللّه أن يعاقب عن اللّه، كان له أن يمنّ عن اللّه، أما سمعت قول اللّه‏ هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ‏24، و لا بد من تقييدهما بالتوبة بقرينة الإجماع على اعتبارها.

لظهور الأدلة في التخيير من أنه حكم شرعي كسائر التخييرات الشرعية، لا فرق فيها بين الإمام و غيره.

(مسألة ۱۳): يعتبر في البينة التي يثبت بها الزنا أن لا تكون أقل من أربعة رجال (۳۰)، أو ثلاثة رجال و امرأتين (۳۱)، و لا يثبت الزنا بشهادة النساء منفردات و لا شهادة رجل و ست نساء و لا تقبل شهادة رجلين و أربع نساء في الرجم (۳۲)، و لكن يثبت بها الجلد دون الرجم (۳۳).

للأصل، و الاحتياط، و النصوص المستفيضة إن لم تكن متواترة، منها قول علي عليه السلام في الصحيح: «لا يرجم رجل و لا امرأة حتى يشهد عليه أربعة شهود على الإيلاج و الإخراج»25، و قول أبي عبد اللّه عليه السلام في الموثق: «لا يرجم الرجل و المرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهداء على الجماع و الإيلاج و الإدخال كالميل في المكحلة»26، و قريب منه قوله عليه السلام في صحيح الحلبي‏27، إلى غير ذلك من الروايات.

و في الكتاب العزيز وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً28، و كذا قوله تعالى:

وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ‏29.

لظاهر النصوص، منها قول الصادق عليه السلام في الموثق: «لا يجوز في الرجم شهادة رجلين و أربع نسوة، و يجوز في ذلك ثلاثة رجال و امرأتان»30، و عن الرضا عليه السلام في موثق ابن الفضيل: «و تجوز شهادتهن في حدّ الزنا إذا كان‏ ثلاثة رجال و امرأتان، و لا تجوز شهادة رجلين و أربع نسوة في الزنا و الرجم»31، إلى غير ذلك من الروايات.

و نسب المنع إلى العماني و المفيد و غيرهما للأصل، و إطلاق ما دلّ على عدم قبول شهادتهن في الحدود و القتل‏32، و قول الصادق عليه السلام في صحيح محمد ابن مسلم: «إذا شهد ثلاثة رجال و امرأتان لم يجز في الرجم»33.

و الكل مخدوش: إذ الأصل لا مورد له مع الدليل الخاص، كما أن الإطلاق مقيد به أيضا، و الأخير محمول على التقية، لكونه موافقا لمذهب أكثرهم‏34.

كل ذلك للأصل، و الاحتياط في الدماء، و ظهور الإجماع.

كما عن جمع- منهم الشيخ و الفاضل و الشهيدان- بل نسب إلى المشهور لقول الصادق عليه السلام و الصحيح: «في رجل محصن فجر بامرأة فشهد عليه ثلاثة رجال و امرأتان وجب عليه الرجم، و إن شهد عليه رجلا و أربع نسوة فلا تجوز شهادتهم، و لا يرجم و لكن يضرب حد الزاني»35.

و أما قوله عليه السلام: «و لا تجوز شهادة رجلين و أربع نسوة في الزنا و الرجم»36، المؤيد بعموم ما دلّ على عدم قبول شهادتهن مطلقا37، فلا وجه‏ للاعتماد عليه، إذ العموم مخصص بما مر و قوله عليه السلام: «في الزنا و الرجم» يحتمل أن يكون «و الرجم» عطف تفسير للزنا.

(مسألة ۱٤): إذا شهد ما دون الأربعة و ما بمنزلتها لا يثبت به الحدّ و لا الرجم بل يحدّون للفرية (۳٤).

أما عدم الثبوت، فلقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه. و أما الحدّ للفرية، فلما يأتي في القذف.

(مسألة ۱٥): يعتبر في شهادة الشهود ذكر المشاهدة للولوج في الفرج كالميل في المكحلة- أو الإخراج منه بلا عقد و لا شبهة و لا إكراه (۳٥)، و لا يكفي مجرد اليقين بالزنا على الأحوط (۳٦).

للأصل، و الاحتياط، و الإجماع، و النصوص، منها قول الصادق عليه السلام في الصحيح: «حد الرجم أن يشهد عليه أربع أنهم رأوه يدخل و يخرج»38، و قوله عليه السلام أيضا: «لا يرجم الرجل و المرأة حتى يشهد عليهما أربعة على الجماع و الإيلاج و الإدخال كالميل في المكحلة»39، و تقدم قول النبي صلّى اللّه عليه و آله في قصة ماعز40.

لظهور النصوص في اعتبار الموضوعية في رؤية الإدخال و الإخراج، و كالميل في المكحلة في المقام، و إن اعتمدنا على يقين الشاهد في غير المقام، و ذلك لبناء الحدود على التخفيف، و الدرء بالشبهة، فلا بد من التثبت من كل الجهات، لتندفع جميع الشبهات و المشكلات.

(مسألة ۱٦): لا يعتبر في الشهادة ذكر المكان و الزمان و سائر الخصوصيات و الجهات بل يكفي الشهادة بالإدخال و الإخراج أو كالميل في المكحلة (۳۷)، و لكن لو ذكروا الخصوصيات و اختلفت شهادتهم فيها مثل ما إذا شهد أحدهم أنه زنى يوم الخميس، و الآخر بأنه يوم الجمعة أو شهد أنه زنى في مكان خاص كذا، و شهد الآخر في مكان آخر غيره أو بفلانة، و الآخر بغيرها لم تسمع شهادتهم و لا يحدّ المشهود عليه و إنما يحدّ الشهود للقذف (۳۸).

لإطلاق الأدلة الواردة في مقام البيان، مع أن المناط كله عدم سبب الحلية، و رؤية الميل في المكحلة، و رؤية الباقي لغو لا أثر له، و المفروض أنه قد تحقق الأولان، فلا وجه للأخير كما هو واضح على الخبير.

أما عدم سماع الشهادة، فللأصل، و الاحتياط، أو الشبهة كما مر، و أما عدم الحد فلعدم ثبوت الموضوع له ببطلان الشهادة. و أما القذف، فلتحقق موضوعه شرعا، فيترتب عليه حكمه قهرا.

(مسألة ۱۷): لا بد من توارد الشهود على شي‏ء واحد إذا ذكر بعضهم خصوصية خاصة و لا يكفي إطلاق البقية على الأحوط (۳۹).

كما عن جمع بل نسب إلى الإجماع، و يقتضيه الأصل، و الاحتياط، و في موثق عمار الساباطي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يشهد عليه ثلاثة رجال أنه قد زنى بفلانة، و يشهد الرابع أنه لا يدري بمن زنى؟ قال عليه السلام: لا يحدّ و لا يرجم»41. لكن بعد شهادة الأربعة بالرؤية كالميل في المكحلة الذي به قوام الزنا، لزوم التوارد على ما هو خارج عنه من لزوم ما لا يلزم، كما لا يخفى.

و الحديث يمكن أن يحمل على خصوص مورده، مع إجمال فيه أيضا.

(مسألة ۱۸): إذا حضر بعض الشهود و شهد بالزنا دون بعضها الآخر و كان في غيبة، حدّ من شهد بالزنا (٤۰)، و لم ينتظر مجي‏ء البقية لإتمام البينة (٤۱)، فإذا شهد ثلاثة منهم على الزنا و قالوا سيأتي الرابع حدّوا (٤۲). نعم لا يعتبر حضورهم دفعة واحدة و لا شهادتهم كذلك و لا وحدة مكان الشهادة (٤۳)، فلو شهد واحد و جاء الآخر بلا فصل فشهدوا هكذا حتى تمَّ الأربعة يثبت الزنا و لا حدّ على الشهود (٤٤).

إجماعا، و نصا، فعن علي عليه السلام في الموثق: «في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا فقال علي عليه السلام: أين الرابع؟ قالوا: الآن يجي‏ء، فقال علي عليه السلام:

حدوهم، فليس في الحدود نظر ساعة»42، و قريب منه غيره، و أن ذلك من الفرية أيضا كما سيأتي.

للأصل، و الاحتياط، و الإجماع، و ما تقدم في حديث علي عليه السلام من أنه: «ليس في الحدود نظر ساعة»، و في خبر عباد قال: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا و قالوا: الآن نأتي بالرابع؟ قال عليه السلام: يجلدون حدّ القاذف ثمانين جلدة كل رجل منهم»43.

كما هو مورد قول علي عليه السلام و كذا في غيره، لأن المورد من باب المثال، بل يكون في غيره بالأولى.

كل ذلك لإطلاق الأدلة، و ظهور تسالم أعيان الملة بعد صدق شهادة أربعة بالرؤية، كالميل في المكحلة عرفا، كما مر.

لتحقق الشهادة حينئذ، فتشملها العمومات و الإطلاقات.

(مسألة ۱۹): لا يعتبر تواطؤ الشهود على الشهادة قبل إقامتها (٤٥)، فلو تمت شهادة الأربعة بلا علم كل منهم بشهادة البقية يثبت الزنا (٤٦).

لظهور إطلاق الأدلة الشامل لصورة التواطي على الإقامة قبلها، و صورة عدم التواطي عليها.

لتحقق البينة الشرعية لدى الحاكم، فيثبت بها الحدّ، لوجود المقتضي له حينئذ و فقد المانع.

(مسألة ۲۰): لو حضروا جميعا للشهادة فشهد بعضهم و نكل البعض عنها حد غير الناكل ممن شهد للفرية (٤۷).

لوجود المقتضي له حينئذ و فقد المانع عنه، فلا بد من إقامته، مضافا إلى قول أمير المؤمنين عليه السلام: «لا أكون أول الشهود الأربعة على الزنا، أخشى أن ينكل بعضهم»44.

(مسألة ۲۱): إذا شهد أربعة بالزنا و كانوا جميعا أو بعضهم غير مرضيين حدوا للقذف (٤۸)، و يختلف ذلك باختلاف الخصوصيات و الجهات فلا بد للحاكم من التثبت التام فيها (٤۹).

لإطلاق ما عن الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: «في أربعة شهدوا على رجل بالزنا فلم يعدلوا، قال عليه السلام: يضربون الحد»45، و هذا حكم احتياطي منه عليه السلام بالنسبة إلى البعض أيضا، لحفظ النظام و صونا للأعراض و دماء الأنام.

و قد يكون منشأ الرد ظاهرا، و قد يكون مستورا، و قد يكون تفريط منهم في البين، و قد لا يكون، و كذا بالنسبة إلى سائر الجهات.

و بالجملة: الحاضر يرى ما لا يراه الغائب، فيعمل الحاكم برأيه و اجتهاده.

(مسألة ۲۲): لا يقدح تقادم الزنا في إقامة الشهادة و قبولها (۵۰).

لإطلاق الأدلة الشامل للقديم و الحديث، و ما في بعض الأخبار من التحديد إلى خمسة أشهر، كما في مرسلة ابن أبي عمير عن أحدهما عليهما السلام: «و إن‏ كان أمرا قريبا لم يقم عليه؟ قال: لو كان خمسة أشهر أو أقل و قد ظهر منه أمر جميل، لم يقم عليه الحد»46، محمول أو مطروح.

(مسألة ۲۳): تقبل شهادة الأربعة على الاثنين فما زاد (۵۱)، فلو قالوا: إن فلانا و فلانا زنيا أو هذه الجماعة زنوا قبلت و يترتب عليه الأثر.

لعموم الأدلة، و إجماع فقهاء الملة.

(مسألة ۲٤): إذا كملت الشهادة يثبت الحدّ، و لا يثبت بتصديق المشهود عليه دون الأربعة (۵۲)، و كذا لا يسقط بتكذيبه (۵۳).

للإطلاق، و ظهور الاتفاق، و نسب إلى غيرنا السقوط بذلك، لأن التصديق بما دون الأربع كالإقرار بما دون الأربع، يكون مسقطا للحد. و فيه: أنه قياس مع الفارق، فلا اعتبار به.

للأصل، و الاتفاق، و الإطلاق حتى من غيرنا.

(مسألة ۲٥): لو تاب قبل الثبوت بالبينة أو الإقرار سقط الحدّ رجما كان أو جلدا (٥٤)، و لا يسقط إن تاب بعده (۵۵)، و للإمام أن يعفو بعد الإقرار و ليس له ذلك بعد قيام البينة كما مر (۵۶).

إجماعا، و نصا، فعن أحدهما عليهما السلام: «في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى فلم يعلم بذلك منه، و لم يؤخذ حتى تاب و صلح، قال عليه السلام: إذا صلح و عرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد»47، و تقتضيه قاعدة درء الحدود بالشبهة.

للأصل، و الإطلاق، و قول الصادق عليه السلام: «في رجل أقيمت عليه البينة بأنه زنى ثمَّ هرب قبل أن يضرب، قال عليه السلام: إن تاب فما عليه شي‏ء، و إن وقع في يد الإمام أقام عليه الحد، و إن علم مكانه بعث إليه»48.

تقدم في مسألة ۱۲، و عنه عليه السلام: «إذا قامت البينة فليس للإمام أن يعفو و إذا أقر الرجل على نفسه فذاك إلى الإمام، إن شاء عفا و إن شاء قطع»49، و مثله غيره.

(مسألة ۲۶): إذا أخذ و ادعى التوبة قبل الثبوت قبل من غير يمين (۵۷).

لما تقدم من قوله عليه السلام: «إن تاب فما عليه شي‏ء»، و لدرء الحد بالشبهة.

(مسألة ۲۷): تقبل في الزنا شهادة الحسبة (۵۸)، و لا تتوقف على مطالبة أحد (۵۹).

تقدم مرارا معنى الحسبة50، و المراد منها في المقام أداء الشاهد شهادة تحملها لا بتقديم الدعوى و لا طلبا من أحد.

لأنه من حقوق اللّه تعالى لا من حقوق الناس، حتى يتوقف على مطالبة صاحب الحق.

(مسألة ۲۸): الأحوط الأولى تفريق الشهود في الإقامة بعد الاجتماع، بل قد يجب (۶۰).

أما الأول‏: فلكمال الاستظهار في الحدود المبنية على التخفيف، التي تدرأ بالشبهة.

و أما الثاني‏: ففيما إذا احتمل الحاكم الشرعي تجدد رأي في التفريق.

(مسألة ۲۹): يستحب للشهود ترك إقامتها مطلقا (۶۱)، كما يستحب للشخص ستر نفسه بالتوبة بل هي أفضل من إقامة الحد عليه (۶۲).

للستر على المؤمن منهما أمكن ما لم يستلزم ذلك فسادا شرعا، و لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لو سترته بثوبك كان خيرا لك»51.

إجماعا، و نصوصا، منها قول علي عليه السلام: «ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رؤوس الاشهاد، أ فلا تاب في بيته؟ فو اللّه لتوبته في ما بينه و بين اللّه أفضل من إقامتي عليه الحدّ»52.

(مسألة ۳۰): لا تسقط الشهادة بتصديق المشهود عليه و لا بتكذيبه (۶۳).

للأصل، و الإطلاق، و قيل يسقط بتصديقه و لا يحد المقر في الزنا أقل من أربع. و يرده ما تقدم من الأصل، و الإطلاق.

  1. راجع ج: 21 صفحة: 240.
  2. الوسائل: باب 37 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 2.
  3. الوسائل: باب 27- 29 من أبواب آداب التجارة.
  4. الوسائل: باب 1 من أبواب النفقات الحديث: 4.
  5. الوسائل: باب 7 من أبواب حد السرقة.
  6. الوسائل: باب 8 من أبواب الدين و القرض الحديث: 4.
  7. الوسائل: باب 12 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 5.
  8. الوسائل: باب 16 من أبواب حد الزنا.
  9. السنن الكبرى للبيهقي، ج: 8 صفحة: 226 و 227.
  10. الوسائل: باب 32 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 1.
  11. الوسائل: باب 13 من أبواب حد القذف الحديث: 1.
  12. الوسائل: باب 41 من أبواب حد الزنا الحديث: 1.
  13. الوسائل: باب 41 من أبواب حد الزنا الحديث: 2.
  14. السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 230 باب ما في جاء في الاستتار بستر اللّه عز و جل.
  15. الوسائل: باب 16 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 5.
  16. راجع الوسائل: 15 و 16 من أبواب حد الزنا.
  17. الوسائل: باب 1 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 1.
  18. الوسائل: باب 11 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 1.
  19. الوسائل: باب 12 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 3.
  20. الوسائل: باب 12 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 4.
  21. الوسائل: باب 12 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 2.
  22. الوسائل: باب 18 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 3.
  23. الوسائل: باب 3 من أبواب حد السرقة الحديث: 5.
  24. الوسائل: باب 18 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 4.
  25. الوسائل: باب 12 من أبواب حد الزنا: الحديث: 2.
  26. الوسائل: باب 12 من أبواب حد الزنا: الحديث: 4.
  27. الوسائل: باب 12 من أبواب حد الزنا: الحديث: 1.
  28. سورة النور: 4.
  29. سورة النساء: 15.
  30. الوسائل: باب 24 من أبواب الشهادات الحديث: 10.
  31. الوسائل: باب 24 من أبواب الشهادات الحديث: 7.
  32. الوسائل: باب 24 من أبواب الشهادات الحديث: 29 و 30 و 28.
  33. الوسائل: باب 24 من أبواب الشهادات الحديث: 29 و 30 و 28.
  34. راجع المغني لابن قدامة ج: 30 صفحة: 175.
  35. الوسائل: باب 30 من أبواب حد الزنا الحديث: 1.
  36. الوسائل: باب 24 من أبواب الشهادات الحديث: 7.
  37. الوسائل: باب 24 من أبواب الشهادات الحديث: 29.
  38. الوسائل: باب 12 من أبواب حد الزنا الحديث: 1.
  39. الوسائل: باب 12 من أبواب حد الزنا الحديث: 4.
  40. تقدم في صفحة: 251.
  41. الوسائل: باب 12 من أبواب حد الزنا الحديث: 6.
  42. الوسائل: باب 12 من أبواب حد الزنا الحديث: 8.
  43. الوسائل: باب 12 من أبواب حد الزنا الحديث: 9.
  44. الوسائل: باب 12 من أبواب حد القذف الحديث: 2.
  45. الوسائل: باب 12 من أبواب حد القذف الحديث: 4.
  46. الوسائل: باب 16 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 3.
  47. الوسائل: باب 16 من أبواب حد الزنا الحديث: 3.
  48. الوسائل: باب 16 من أبواب حد الزنا الحديث: 4.
  49. الوسائل: باب 18 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 3 و 4.
  50. راجع ج: 22 صفحة: 172- 223.
  51. السنن الكبرى للبيهقي ج: 8 صفحة: 228.
  52. الوسائل: باب 16 من أبواب مقدمات الحدود.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"