1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الحدود و التعزيرات
  10. /
  11. الفصل الثالث في ما يثبت به السرقة
(مسألة ۱): تثبت السرقة بالإقرار بها مرتين (۱)،و لو أقر مرة واحدة فلا قطع و إن ضمن المال (۲)، و تثبت أيضا بشهادة عدلين (۳)، و لا يقطع بشهادة النساء منفردات أو منضمات (٤)، و لا بشاهد و يمين (٥).

على المشهور، لنصوص كثيرة منها: رواية جميل بن دراج المنجبرة عن أحدهما عليهما السّلام: «لا يقطع السارق حتى يقرّ بالسرقة مرّتين، فإن رجع ضمن السرقة و لم يقطع إذا لم يكن شهود»۱.

و منها: روايته الأخرى عن الصادق عليه السّلام: «لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرّتين، و لا يرجم الزاني حتى يقرّ أربع مرات»۲.

و منها: رواية أبان بن عثمان عنه عليه السّلام أيضا قال: «كنت عند عيسى بن موسى فأتي بسارق و عنده رجل من آل عمر، فأقبل يسألني فقلت: ما تقول في السارق إذا أقرّ على نفسه أنه سرق؟ قال: يقطع، قلت: فما تقولون في الزنا إذا أقرّ على نفسه أربع مرات؟ قال: نرجمه، قلت: و ما يمنعكم من السارق إذا أقرّ على نفسه مرتين أن تقطعوه فيكون بمنزلة الزاني»۳، إلى غير ذلك من الروايات، مضافا إلى فحوى الإطلاقات الدالة على حجّية إقرار من أقرّ على نفسه.

و ما دلّ على الخلاف، مثل رواية فضيل عن الصادق عليه السّلام: «إن أقرّ الرجل الحرّ على نفسه مرة واحدة عند الإمام، قطع»4، و روايته الأخرى قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من أقرّ على نفسه عند الإمام بحدّ من حدود اللّه مرة واحدة،حرا كان أو عبدا، حرة كانت أو أمة، فعلى الإمام أن يقيم الحدّ- إلى أن قال- فقال له بعض أصحابنا: يا أبا عبد اللّه فما هذه الحدود التي إذا أقرّ بها عند الإمام مرة واحدة على نفسه أقيم عليه الحدّ فيها؟ فقال: إذا أقرّ على نفسه عند الإمام بسرقة قطعه، فهذا من حقوق اللّه تعالى»٥، محمول- على التقية، لذهاب جمع من العامة بل أكثرهم كأبي حنيفة و عطاء و الثوري و الشافعي و غيرهم إلى ذلك‏٦– أو متروك لإعراض المشهور عنه.

أما عدم القطع، فلعدم تمامية الإثبات شرعا. و أما الضمان، فلكفاية الإقرار مرّة واحدة، كما تقدم في كتاب الإقرار.

للإجماع، و عموم ما دلّ على حجّية البيّنة، و خصوص ما ورد في أبواب السرقة، مثل ما عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد ابن قيس قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل شهد عليه رجلان بأنه سرق، فقطع يده»۷، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «يدرأ عنه القطع، إلا أن تقوم عليه بينة فان قامت البينة عليه قطع»۸، إلى غير ذلك من الأخبار.

لما تقدم في كتاب الشهادات۹، من عدم قبول شهادتهن في الحدود، مضافا إلى الأصل بعد عدم دليل على الاعتبار. نعم يكتفى بها في الضمان، كما مرّ في كتاب الشهادات.

للأصل، بعد عدم دليل على الاعتبار و إن اكتفي به في الغرم، لما مرّ في كتاب الشهادات.

(مسألة ۲): يشترط في المقر الاختيار و القصد و الكمال بالبلوغ و العقل (٦)، فلا يقطع بإقرار الصبي مطلقا و لا بإقرار المجنون و لو كان أدواريا في دور جنونه و لا المغمى عليه و لا الهاذل و السكران و الساهي و النائم و الغافل و المكره (۷)، بل لا يثبت المال أيضا (۸)، و كذا يعتبر الحرية (۹).

للضرورة الفقهية، و هذه من الشرائط العامة، التي تقدم غير مرة وجه اعتبارها فيغنينا التعرض لها مرة أخرى.

كل ذلك للإجماع، و قاعدة أن المشروط ينتفي بانتفاء شرطه، الذي هو القصد الجدي ما لم يدلّ دليل على الخلاف، و هو مفقود.

لعدم اعتبار الإقرار في جميع ذلك، فلا وجه للضمان حينئذ.

إجماعا، و نصا، قال الصادق عليه السّلام في صحيح فضيل «إذا أقرّ العبد على نفسه بالسرقة، لم يقطع، و إذا شهد عليه شاهدان، قطع»۱۰، و هو موافق لقاعدة عدم اعتبار الإقرار في حق الغير، فلا بد من حمل قول الصادق عليه السّلام في صحيح الفضيل المتقدم: «من أقرّ على نفسه عند الإمام بحق من حدود اللّه تعالى مرة واحدة، حرا كان أو عبدا، حرة أو أمة، فعلى الإمام أن يقيم الحدّ على الذي أقرّ على نفسه، كائنا من كان إلا الزاني المحض»۱۱، على بعض المحامل كما عرفت.

و أما صحيح الكناسي عن أبي جعفر عليه السّلام: «العبد إذا أقرّ على نفسه عند الإمام أنه سرق قطعه، و إذا أقرّت الأمة عند الإمام بالسرقة، قطعها»۱۲، فلا بد من‏ حمله على تصديق المولى للسرقة، و إقدامه على إجراء الحدّ عليه، أو على العبودية للّه تعالى.

(مسألة ۳): لو عذّب على الإقرار فأقر بعد التعذيب لا يعتمد على هذا الإقرار (۱۰)، فلا يقطع و لا يغرم (۱۱)، بل و لو أتى بالمال بعينه بعد التعذيب (۱۲)، إلا إذا علم بالقرائن المعتبرة ثبوتها بما توجب القطع (۱۳).

لشمول دليل رفع الإكراه لمثل ذلك، مضافا إلى الإجماع، و التعليل في صحيح ابن خالد عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل سرق سرقة فكابر عنها فضرب، فجاء بها بعينها، أ يقطع؟ قال: نعم، و إذا اعترف و لم يأت بها فلا قطع، لأنه اعتراف على العذاب»۱۳.

لعدم ترتب الأثر على مثل هذا الإقرار، فلا موضوع لصحة القطع و الغرم.

لأعمية الردّ من السرقة، أو يمكن أن يكون المال عنده على غير جهة السرقة.

لثبوت السرقة حينئذ بواسطة العلم بها، و بعد مطالبة صاحبه يقطع، لوجود المقتضي و فقد المانع، و عليه يحمل ما تقدم من صحيح ابن خالد، أي على صورة العلم بتحقق السرقة و التعذيب لأجل ردّ المسروق.

(مسألة ٤): لو أقر مرتين ثمَّ أنكر لم يسقط القطع و الغرم (۱٤)، و لو أنكر بعد الإقرار مرة يغرّم المال و لا يقطع (۱٥).

للأصل، و العمومات، و صحيحي الحلبي و محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «إذا أقرّ الرجل على نفسه أنه سرق ثمَّ جحد، فاقطعه و أرغم أنفه»۱4، و يشهد لذلك معتبرة سماعة عن الصادق عليه السّلام: «من أخذ سارقا فعفا عنه، فذاك له، فإذا رفع إلى الإمام قطعه، فإن قال الذي سرق منه: ألا أهبه له، لم يدعه الإمام حتى يقطعه إذا رفعه إليه، و إنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ‏ وَ الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ‏»۱٥.

و نسب إلى جمع عدم القطع، للإجماع أولا.

و بمرسل جميل ثانيا: «لا يقطع السارق حتى يقرّ بالسرقة مرتين، فإن رجع ضمن السرقة و لم يقطع، إذا لم يكن شهود»۱٦.

و ثالثا: بخبر طلحة بن زيد عن الصادق عليه السّلام: «حدثني بعض أهلي أن شابّا أتى أمير المؤمنين عليه السّلام فأقر عنده بالسرقة، فقال له: إنّي أراك شابّا لا بأس بهيئتك، فهل تقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم، سورة البقرة، فقال: قد وهبت يدك لسورة البقرة، قال: و إنما منعه أن يقطعه، لأنه لم تقم عليه بينة»۱۷، و خبر أبي عبد اللّه البرقي: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فأقرّ عنده بالسرقة، فقال: أ تقرأ شيئا من كتاب اللّه تعالى؟ قال: نعم، سورة البقرة، قال: قد وهبت يدك لسورة البقرة، فقال الأشعث: أ تعطل حدّا من حدود اللّه تعالى؟ قال: و ما يدريك ما هذا؟

إذا قامت البيّنة فليس للإمام أن يعفو، و إذا أقرّ الرجل على نفسه فذاك إلى الإمام، إن شاء عفا و إن شاء قطع»۱۸.

و الكل مخدوش، أما الإجماع: فلا اعتبار به بعد النص الصحيح على الخلاف و كثرة المخالف. و أما المرسل: فلا يقاوم معارضة الصحيحين، بعد عدم انجبار ذيله بالعمل.

و أما الخبران الأخيران: فلا ربط لهما بالمقام، إذ الظاهر من الأول الإقرار الذي لا يكون جامعا للشرائط، و أما الثاني: فالظاهر منه التوبة بعد الإقرار، كما تقدم في أحكام القضاء، هذا مع قطع النظر عن سندهما.

أما غرامة المال، فلكفاية الإقرار فيها مرة واحدة. و أما عدم القطع، فلعدم تمامية موضوعه، و هو الإقرار مرتين.

(مسألة ٥): لو تاب أو أنكر بعد قيام البينة يغرّم و يقطع (۱٦)، و لو تاب قبل قيام البينة أو الإقرار يسقط الحدّ (۱۷)، و لو تاب بعد الإقرار فقد مرّ حكمه (۱۸).

للأصل، و الإجماع، و النص، كما مر في خبر أبي عبد اللّه البرقي المنجبر في المقام.

إجماعا، و نصا- في جميع الحدود كما مر- ففي موثق عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «السارق إذا جاء من قبل نفسه تائبا إلى اللّه عزّ و جلّ، ترد سرقته إلى صاحبها، و لا قطع عليه»۱۹، الظاهر في ما قلنا، و في مرسل جميل المنجبر عن أحدهما عليهما السّلام «في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى، فلم يعلم ذلك منه و لم يؤخذ حتى تاب و صلح فقال: إذا صلح و عرف منه أمر جميل، لم يقم عليه الحدّ»۲۰، و غيرهما من الروايات.

تقدم في مسألة ۱۲ من الفصل الثاني في ما يثبت به الزنا۲۱.

و دعوى‏: ان التوبة تسقط العقاب الأخروي، كما في كثير من الروايات من أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له‏۲۲، فاسقاطها للعقاب الدنيوي يكون بالأولى، فلا معنى لتخيير الإمام بين القطع و العفو بعدها.

غير صحيحة: لأنها قياس مع الفارق، لوجود دليل خاص في المقام الدال على تخيير الإمام عليه السّلام، كما عرفت سابقا.

  1. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد السرقة: ۱.
  2. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد السرقة: ٦.
  3. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد السرقة: 4.
  4. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد السرقة: ۳.
  5. الوسائل: باب ۳۲ من أبواب مقدمات الحدود: ۱.
  6. راجع المغني لابن قدامة ج: ۱۰ صفحة: ۹۱ ط: بيروت.
  7. الوسائل: باب ۱4 من أبواب الشهادات الحديث: ۱.
  8. الوسائل: باب ۸ من أبواب حد السرقة: ۱.
  9. راجع المجلد السابع و العشرين: صفحة: ۱۹٦.
  10. الوسائل: باب ۳٥ من أبواب حد السرقة: ۱.
  11. الوسائل: باب ۳۲ من أبواب مقدمات الحدود: ۱ و مر في صفحة: ۱۰۱.
  12. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد السرقة: ۲.
  13. الوسائل: باب ۷ من أبواب حد السرقة: ۱.
  14. الوسائل: باب ۱۲ من أبواب مقدمات الحدود: ۱.
  15. الوسائل: باب ۱۷ من أبواب مقدمات الحدود: ۳.
  16. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد السرقة: ۱.
  17. الوسائل: باب ۳ من أبواب حد السرقة: ٥.
  18. الوسائل: باب ۱۸ من أبواب مقدمات الحدود: ۳.
  19. الوسائل: باب ۱٦ من أبواب مقدمات الحدود: ۱.
  20. الوسائل: باب ۱٦ من أبواب مقدمات الحدود: ۳.
  21. راجع ج: ۲۷ صفحة: ۲٥٦.
  22. راجع الوسائل: باب ۸٦ من أبواب جهاد النفس الحديث: ۸.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"