1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الجعالة
  10. /
  11. فصل في التأمين‏
التأمين: هو الالتزام بتدارك النقص أو التلف- بما هو المقرر عندهم- في شي‏ء بعوض معين (۱). و لا ريب في مشروعيته (۲).

التأمين: من المعاهدات الشائعة بين الناس على اختلاف أصنافهم و أديانهم و تتسع فروعه و مسائله باتساع مورده الشامل للجماد- المنقول و غير المنقول- و النبات، و الحيوان، و الإنسان بأصنافها و أنواعها التي تتعلق بها الأغراض العقلائية التي بها تزداد الفروع و المسائل.

و نشير الى بعض كلياته بنحو الإجمال حسب ما عندنا من الأدلة و على اللّه الاتكال:

هذا التعريف عام يشمل جميع أقسامه المتصورة من النفس و المال و الاعتبار، و يشمل ذلك المتعاقدين و العوض و العقد بين الطرفين، كما هو معلوم بلا فرق بين إن يعرّف بما ذكرناه أو يقال: «عقد ثمرته حصول تعهد من أحد الطرفين بتعويض الطرف الآخر عن كل خسارة أو ضرر يلحق به في حالة تحقق خطر معين مقابل دفع القسط».

لعموم قوله تعالى‏ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ۱، و قوله تعالى‏ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ‏۲: و قول النبي‏ الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «المسلمون عند شروطهم»۳، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «استوثق من مالك ما استطعت»4. و شموله للنفس و العرض يكون بالأولى. كما إن شمول الجميع لكل عقد عرفي إلا ما ورد الردع عنه واضح و لم يرد الردع عنه على ما يأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۱): يصح أن يكون التأمين عقدا معاوضيا مستقلا بنفسه في مقابل سائر العقود (۳).كما يمكن أن يكون من الجعالة (٤)، أو من غيرها كالصلح مع العوض، و الهبة المعوضة، أو ضمان عين بالعوض (٥).و الأول‏ هو الصحيح (٦). أيضا.نعم، لو أنشأ بعنوان الجعالة يجري عليه حكمها (۷).

لما مر من شمول العمومات، و الإطلاقات لكل عقد عرفي لم يردع عنه الشارع، و دليل الردع مفقود، فشمول العموم و الإطلاق مسلم.

و ما يتوهم من إن التمسك بالإطلاق، و العموم تمسك بالدليل في الموضوع المشكوك واضح الفساد لفرض صدق العقد و العهد عليه عرفا و لغة.

و قد يستدل على عدم صحة كونه عقدا مستقلا.

تارة: بأن العقود منحصرة فلا يتعدى عنها.

و أخرى‏: بأنها توقيفية كالعبادات فلا بد من الاقتصار عليها.

و ثالثة: بدعوى الإجماع.

و رابعة: بأصالة عدم ترتب الأثر.

و الكل باطل.

أما الأول: فلان الحصر ليس عقليا بل استقرائي بحسب تلك الأزمنة التي لم تصل الأفكار إلى ما وصلت إليه في هذه الأعصار.

و أما الثاني: فلأن الشارع أخذ موضوع العقود و الإيقاعات عن العرف و اللغة و أهل المحاورة.

و أما الثالث: فعهدة إثباته على مدعيه، مع انه حادث لا أثر له في كلمات‏ القدماء مضافا إلى أنه معلوم المدرك، و أما الأخير فلا وجه له في مقابل العمومات و الإطلاقات.

لو أنشأ بهذا العنوان فتشمله أدلة الجعالة حينئذ، فيقول المستأمن (المؤمن له) للمؤمن- خاصا أو عاما-: «من تحمل خسارة دابتي أو بيتي لو حصلت أعطيه في كل شهر عشرة دنانير مثلا»، أو يقول المؤمن للمستأمن:

«أ تحمل خسارة الدواب أو البيوت و آخذ من صاحبها في كل شهر عشرة دنانير»، و تقدم صحة كل منهما في أول كتاب الجعالة و ستأتي المناقشة في ذلك مع دفعها.

لصحة انطباق كل ذلك عليه لو أنشأ بتلك العناوين و الإشكال على كونه من الهبة المعوضة يأتي ذكره و دفعه عن قريب.

و أما الإشكال على انه من ضمان ما لم يجب على فرض إنشائه بعنوان الضمان.

فمدفوع: بما مر مكررا من انه يجزي المعرضية العرفية للضمان و لا ريب في ثبوت المعرضية، إذ كل حادث معرض للحوادث و الآفات كما هو معلوم لكل ذي شعور و قد فصلنا القول في كتاب الضمان.

و من ذلك يظهر بطلان الاشكال على أنه من ضمان الأعيان غير المضمونة، لما عرفت.

ففي مقام الثبوت لا إشكال في صحة انطباق كل من هذه العقود على التأمين المتعارف.

إنما الكلام في مقام الإثبات و هو يتوقف على بيان أمرين.

الأول: تسالم الفقهاء بل العقلاء- كما تقدم- على ان عناوين العقود قصدية و متقومة بالقصد و الاختيار، لا ان تكون انطباقية قهرية فما لم تقصد لا تقع، و الظاهر بل المعلوم ان عامة الناس في العالم كله حين يعقدون عقد التأمين لا يخطر ببالهم عنوان خاص من عناوين سائر العقود، فكيف يصح ما لم يقصد؟! أم كيف يترتب الأثر على ما لم يكن بمقصود و مراد؟! مع تقوم العقود بالقصد الإرادة.

نعم، حيث ان الصلح فيما بين العقود مبنى على التخفيف و التسهيل و المسامحة كما مر فسومح فيه بما لم يتسامح في غيره حتى انه أثبت فقهاء الفريقين نحوا من الصلح القهري- كما تقدم- فيمكن إدخال المقام فيه.

و لكنه بعيد لظهور كلماتهم في أن الصلح القهري مختص بموارد خاصة يستفاد ذلك من سياق دليل خاص، لا أن يكون ذلك مطابقا للقاعدة بحيث يصح إدخال كل مورد في الصلح القهري.

هذا، مع ظهور اتفاقهم على ان عناوين العقود لا ينشأ بعضها ببعض، فمن يصدر منه عقد التأمين يقصده مستقلا و في حد نفسه لا أن يقصد من شؤون غيره و تبعا لما سواه من سائر العقود.

الثاني‏: مقتضى الأصل عند الشك في كونه تابعا لعقد آخر أو من صغرياته عدم التبعية و كونه منها.

و ما يتوهم من ان هذا الأصل معارض بأصالة عدم الاستقلالية.

مدفوع: بأنه مع قصد أصل العقد و ذاته وجدانا ينطبق عليه عنوان الاستقلالية قهرا فلا شك حتى يجري الأصل فيها حينئذ، فمقتضى الأصل و الوجدان كونه عقدا مستقلا و يكفي في صحته آية التراضي‏٥، و لا شبهة فيه إلا ما مر ذكره و تقدم جوابه.

لما تقدم في الأمرين، و أشكل عليه.

تارة: بأن هذا العقد باطل من جهة الغرر و الجهالة، فإن الخسارة الواردة غير معلومة لأحد لا بحسب أصلها، و لا كميتها، و كيفيتها، و هكذا أصل التلف فكيف يصح أن يتدارك ذلك بالمال.

و أخرى‏: بأنه معلق على تحقق الخسارة، و ظاهر الفقهاء التسالم على أن التعليق في العقود يوجب البطلان.

و كل من الإشكالين فاسد. أما الأول‏: فلأنه لا غرر و لا جهالة في البين مع إقدام العقلاء على هذا العقد و تحديدهم للحوادث الواردة إما بنحو العموم أو الخصوص مع التعيين من سائر الخصوصيات و الجهات فلا موضوع حينئذ للغرر و الجهالة أصلا.

و أما الثاني‏: فلأنه لا تعليق في مقام الإنشاء لحصول التزام عقد التأمين بمجرد إنشاء المؤمن جامعا للشرائط و حصول اشتغال ذمة المستأمن بالمال كذلك أيضا و من اللوازم العرفية لهذا العقد تحمل الخسارة الواردة نظير تحمل الخسارة في سائر موارد الضمانات، مع أنه لا تعليق فيها، و يصح ان يقال أيضا:

ان هذا القسم من التعليق لا يضر لأنه تعليق على مقتضاه، و هو صحيح كما صرحوا به و التعليق المبطل في غير هذه الصورة على ما فصلناه في شرائط العقد٦.

و يمكن ان يقال: ان التأمين عقد مستقل برأسه و إن أفاد فائدة جملة من العقود- كالصلح، و الإجارة، و الجعالة، و الهبة المعوضة- فكما ان الصلح عقد مستقل برأسه و يفيد فائدة هذه العقود فليكن التأمين كذلك أيضا، لأنه بعد فرض إمكان انطباقه على كل واحد من هذه العقود يشمله إطلاق‏ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ في ظرف هذه الاستفادة أيضا. كما لا يخفى.

لما تقدم، و مر أن الجعالة من الأسباب فيكون التأمين أيضا كذلك.

و أشكل على صحة كونه من الجعالة بوجوه.

الأول‏: إن فيها لا بد و ان يكون الجعل من الجاعل دون العامل بخلاف المقام يكون الجعل فيه ممن هو بمنزلة العامل أي المستأمن (طالب التأمين).

الثاني‏: في الجعالة يكون التبادل بين العمل و المال، و في المقام يكون المال بإزاء تدارك الخطر (تحمل الحوادث المقررة) لا بين المال و العمل.

الثالث‏: في الجعالة لا يملك العامل على الجاعل شيئا، بمجرد الجعل بل بإتيان العمل، و قد جعل ذلك هو الفارق بينها و بين الإجارة بخلاف المقام، فإن المؤمن يملك على المستأمن القسط و لو قبل العمل.

الرابع‏: إن في الجعالة لا يستحق الطرف على الجاعل شيئا لو لم تحصل الوظيفة المجعولة له، بخلاف المقام فإن المؤمن يستحق القسط على المستأمن و لو لم يحصل خطر و لا خسارة في البين أصلا.

و الكل مخدوش.

أما الأول فلأن كون الجعل من الجاعل في الجعالات المتعارفة إنما هو غالبي لا أن يكون من مقومات ذات الجعالة- كما تقدم- فلو قال قائل: «إني أرد العبد الآبق و آخذ من صاحبه كذا و كذا» و قبل الطرف الآخر يكون ذلك جعالة و ينطبق ذلك على المقام قهرا.

و أما الثاني: فلأن تقوّم الجعالة بأن يكون فيها غرض عقلائي مع جعل المال سواء كان الغرض العقلائي عملا أو شيئا آخر، بل و لو كان أمر عدميا كما تقدم بل العقود مطلقا تدور مدار الأغراض الشرعية العقلائية إلا ما دل دليل على التحديد و التقييد و لم يرد ذلك في الجعالة و ما ذكره الفقهاء إنما هو من باب المثال، مع ان قولهم ليس بحجة ما لم يدل عليه نص أو إجماع معتبر.

و أما الثالث: فهو صحيح فيما إذا لم يكن شرط و بناء فعلي بينهما على الخلاف و إلا فالمتبع هو الشرط لأدلة وجوب الوفاء به و منه يظهر الجواب عن الرابع.

و احتمال ان مثل هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد فيكون باطلا.

مردود: بأنه مخالف لإطلاقه لا لذاته، و مع الشك فالمرجع أصالة عدم‏ المخالفة بالعدم الأزلي، كما أثبتناه في محله و لكن حيث ان عقد التأمين لم ينص عليه في الكتاب و السنة ينبغي مراعاة الاحتياط فيه.

ان قيل ان الجعالة عقد جائز فلا وجه لوجوب الوفاء بهذا الشرط (أي:

دفع المال بالتقسيط).

يقال: أولا مقتضى «المؤمنون عند شروطهم» وجوب الوفاء بالشرط و لو كان في ضمن العقود الجائزة ما دام العقد باقيا، و إذا زال العقد بسبب من الأسباب يزول موضوع وجوب الوفاء قهرا كما مر في أول بحث الشروط۷.

و ثانيا: بأن بناء العقلاء على الالتزام بهذا الشرط يكون مخصصا لما دل على أن الشروط المأتي بها في ضمن العقود الجائزة غير واجب الوفاء لأن عمدة الدليل على جواز الجعالة الإجماع، و المتيقن من إجماعهم غير مورد مثل هذا الالتزام الشرطي بين الطرفين.

(مسألة ۲): عقد التأمين يحتاج إلى الإيجاب و القبول (۸) و يكفي فيهما كل لفظ ظاهر في إنشاء هذا العنوان (۹)، و لا تعتبر فيهما العربية و لو مع القدرة عليها (۱0)، و تجري فيه المعاطاة و الفضولية و يكفي في الإيجاب و القبول وقوعهما بالكتابة (۱۱).

لأنه عقد- كما قلنا- و كل عقد متقوم بهما عرفا و شرعا، بل و عقلا أيضا إلا إذا نشأ بعنوان الجعالة كما مر.

لأن المناط في العقود ظهور اللفظ في عنوان المعقود، و قد تقدم ذلك مرارا.

لإطلاق آية التراضي‏۸، و الوفاء بالعقود۹، الشامل لكل لغة مطلقا.

لأن المعاطاة و الفضولي موافقان للقاعدة فيجريان في كل عقد إلا ما خرج بالدليل- كالنكاح الذي لا تجري فيه المعاطاة- و لا دليل على الخروج في المقام.

نعم في لزوم المعاطاة و لو قبل التصرف كلام مر تفصيل البحث عنه في أول البيع فراجع.

و أما الوقوع بالكتابة- المسمى في اصطلاحهم- ب (بوليصة التأمين)- فلسيرة المتشرعة بل العقلاء في هذا الأمر العام البلوى، و لا رادع في البين من نص ظاهر معتبر، أو إجماع قائم معتمد، مع انها لا تقصر عن المعاطاة بعد إن كانت المكتوبات عنوانا مشيرا إلى التعاطي الخارجي عرفا.

(مسألة ۳): يعتبر في المتعاقدين في التأمين الشرائط العامة- في كل عقد من البلوغ، و العقل، و الاختيار (۱۲) و عدم الحجر لفلس و سفه و نحوهما (۱۳).

قد تعرضنا لأدلة اعتبارها في أول البيع فراجع‏۱0، و لا وجه للإعادة.

لأن التصرف تصرف مالي من الطرفين و يعتبر في التصرف المالي عدم كون المتصرف محجورا كما يأتي في كتاب الحجر إلا إذا كان بإذن الولي أو الغرماء على ما سيأتي في محله.

(مسألة ٤): يصح وقوع الإيجاب و القبول عن كل من المستأمن و المؤمن فيقول المستأمن لجمعية التأمين بعد تعيين الخصوصيات: «أمّنت داري- مثلا- لك لتدارك الضرر المتوجه إليه بكذا و كذا» فيقول المؤمن «قبلت» أو يقول المؤمن للمستأمن: «أمّنت دارك عن كل ضرر و خسارة لو توجه إليه» فيقول المستأمن «قبلت» (۱٤). و إن كان الغالب ان الإيجاب من‏ المستأمن و القبول من المؤمن (أي الجمعية) (۱٥).

لتحقق العنوان المذكور بكل منهما عند المتعارف، فيشمله عموم‏ أدلة العقود لا محالة، و ليس ذلك عادم النظير في الفقه و قد مر في السلف انه يصح ان يقع كل واحد من الإيجاب و القبول من كل واحد من البائع و المشتري، و كذا في الصلح لو وقع بلفظ التصالح فيصح لكل من المتصالحين إنشاء الإيجاب أو القبول، و في المقام أيضا يقول أحدهما للآخر: «تصالحنا لتدارك الضرر بكذا و كذا» و يقول الآخر: «قبلت»، و يأتي في النكاح انه يصح ان يقع إيجابه من كل واحد من الزوجين إذا كان بلفظ التزويج.

نعم، لو وقع عقد التأمين بعنوان الهبة المعوضة بأن يقول المستأمن (طالب التأمين»: «وهبتك ألف دينار- قسطا لمدة سنة كل شهر كذا- على تدارك الضرر أو الخسارة إن ورد على مالي» و يقول المؤمن (الشركة): «قبلت» فالمشهور عدم صحة هبة ما في الذمة، لأنه يعتبر في الهبة قبض الموهوب و القبض متقوم بالتشخص الخارجي فلا يكون الكلي مقبوضا.

و هو ظاهر الخدشة لأن قبض الكلي بقبض فرده، لما أثبتناه في محله من ان الكلي عين الفرد خارجا فلا وجه للإشكال من هذه الجهة و ان كان الأحوط مراعاة قولهم.

كما يصح ان يقول المؤمن للمستأمن: «وهبتك عوض الخسارات التي سترد على مالك- مثلا- بما تدفع من الاقساط» و يقول المستأمن للمؤمن «قبلت»، و الإشكال على هبة ما في الذمة يجري هنا أيضا مع جوابه.

هذا إذا كان الموهوب كليا و دفع بالأقساط- كما هو الغالب في دفع مبلغ التأمين من المستأمن- و أما إذا كان شخصيا خارجيا كما دفع جميع الاقساط دفعة واحدة بألف دينار معين مثلا فلا إشكال من هذه الجهة أصلا.

هذا من باب الغالب و إلا تقدم صحة وقوع كل من الإيجاب و القبول من أيهما كان لما عرفت.

(مسألة ٥): التأمين من العقود اللازمة (۱٦) من الطرفين فلا يجوز لأحدهما الفسخ إلا بأحد موجباته كما سيأتي.

لما أثبتناه- غير مرة- من أصالة اللزوم في كل عقد إلا ما خرج بالدليل و هو مفقود في المقام.

نعم لو أنشأ بعنوان الجعالة يجري عليه حكمها و هو الجواز بالإجماع.

(مسألة ٦): يجوز لكل واحد من المتعاقدين تعيين كل شرط سائغ شرعا في متن العقد (۱۷) كما إذا شرط المؤمن (الشركة أو الجمعية) على المستأمن أن يعلمه بما يطرأ عليه من الخطر في حينه (۱۸)، و يجب أن يكون الشرط جامعا لشرائط الصحة (۱۹).

للأصل، و العمومات كقوله عليه السّلام: «المؤمنون عند شروطهم»۱۱، إلا شرطا كان خلاف الكتاب و السنة كما مر.

لأنه شرط سائغ يشمله ما تقدم من العمومات كسائر الشروط الجائزة.

كما تقدم في مباحث الشروط۱۲، فلا وجه للإعادة.

(مسألة ۷): لا يجري في هذا العقد الخيارات (۲0) إلا خيار الشرط، و خيار الاشتراط (أي تخلف الشرط) و خيار الغبن (۲۱) في ما إذا كان‏ التفاوت بينهما (أي: التعويض، و قسط التأمين) بما لا يتسامح فيه عرفا (۲۲).

لاختصاص أدلة تلك الخيارات بخصوص البيع مثل المجلس و الحيوان و غيرهما فلا يشمل المقام.

لعموم أدلة تلك الخيارات الشاملة لكل عقد مملك إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخلاف في المقام.

و أما خيار العيب فهو مبني على جريانه حتى فيما إذا كان أحد العوضين‏ أو كلاهما (مبلغ التأمين الذي تدفعه الشركة للمستأمن، و أقساط التأمين الذي تدفع للشركة) كليا فإن قلنا بجريانه فيه فيجري في المقام أيضا و إلا فلا.

نعم، لو اعطى القسط و كان معيوبا فلا يقع ذلك فردا عما في الذمة فكأنه لم يدفع هذا القسط أصلا و تبقى الذمة مشغولة و كذا في التدارك (أي مبلغ التأمين أو العوض).

لتحقق الضرر حينئذ و هو الموجب للخيار كما تقدم في خيار الغبن.

(مسألة ۸): يجوز أن يكون عقد التأمين موقتا بوقت خاص (۲۳) فلا بد من تعيينه و تحديده (۲٤)، كما يمكن أن يكون دائميا ما دام حياة المستأمن مثلا (۲٥).

لعموم قوله عليه السّلام: «المؤمنون عند شروطهم»۱۳.

لعدم إقدام العرف و العقلاء على التوقيت المجهول، و انه غرر.

لعموم قوله تعالى‏ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ۱4، و غيره من العمومات- الشامل لهذه الصورة أيضا. و توهم أن أمد الحياة غير معلوم فيبطل العقد لهذه الجهة (فاسد) لمعلومية أمد الحياة النوعي بأنها لا تتجاوز غالبا عن مائة سنة.

و عمدة الإشكال في المقام ثبوت الجهالة في المدة فيشملها دليل نفي الغرر، و الإجماع الذي ذكروها في مدة الإجارة و مدة المتعة.

و الأول مردود بأن الجهالة المانعة عن صحة العقود هي الجهالة التي يستقبحها المتعاقدون من العقلاء، و فيما إذا أقدموا عليه لا وجه لتحقق البطلان.

و أما الإجماع فمعلوم المدرك فإن مدرك المجمعين قاعدة نفي الغرر فهو إجماع اجتهادي لا أن يكون تعبديا.

نعم، لا ريب في تحقق الجهالة في الجملة و كون مثل هذا موجبا للبطلان و كونه مراد المجمعين أول الدعوى و إن كان الأحوط إيجاد العقد حينئذ بالتصالح أو الجعالة.

(مسألة ۹): لا فرق في مورد التأمين (المؤمن عليه) بين أن يكون الخطر الوارد عليه محتمل الوقوع في المستقبل أو معلوم العدم كذلك أو معلوم الوجود (۲٦).

لفرض أنه في جميع ذلك غرض عقلائي و تقدم ان عقد التأمين يدور مدار ذلك، فيشمله ما تقدم من الأدلة.

نعم، في الاحداث الواقعة قبل عقد التأمين لا وجه للتأمين مع علمهما بذلك كما هو المقرر عندهم أيضا.

(مسألة ۱۰): لا يختص التأمين بالشركة المعدة لذلك بل يصح التأمين بين أشخاص بعضهم مع بعض (أي التأمين بالتقابل) (۲۷). و كذا يجوز التأمين بين أعضاء الشركة بعضهم مع بعض (۲۸)، كما يجوز ترامي التأمين (أي إعادة التأمين أو التأمين المضاعف) فيؤمن المؤمن مؤمن آخر و هكذا (۲۹)، و يجوز تعدد المؤمن و وحدة المستأمن (۳0) كما يجوز العكس (۳۱).

لعموم ما تقدم من الأدلة لهذه الصورة أيضا بعد توفر الشروط.

لما مر من العموم و الإطلاق.

للأصل، و عموم ما تقدم من الأدلة.

مستقلا أو جزءا لأصالة الإباحة الوضعية و التكليفية و قاعدة السلطنة مضافا إلى ما تقدم من العمومات.

لعين ما تقدم في سابقة.

(مسألة ۱۱): يصح تأمين السفن الشاحنات إن كانت حمولتها من‏ المحللات، و لو كانت الحمولة من المحرمات- كالمسكرات- فيصح تأمين السفن و الشاحنات دون الحمولة (البضاعة) (۳۲)، و لو وقع التأمين عليهما معا بعقد واحد يصح بالنسبة إلى السفن و الشاحنات دون الحمولة (۳۳)، و أما التأمين على المكائن التي تولد المحرمات كالخمر فلا يصح تأمينها بوجه إلا إذا كانت من المكائن المشتركة في نتاجها بين المحرم و المحلل و قصدت المنفعة المحللة، و كذا الكلام في المخازن (۳٤).

أما الأول فلوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها.

و أما الثاني فلما قدمناه من انه يعتبر في مورد التأمين ان لا يكون نهي شرعي، و المفروض تحققه في المقام.

لانحلال العقد بحسب اجزائه كما تقدم في كتاب البيع.

لما تقدم في المكاسب المحرمة من كتاب البيع‏۱٥، و لا داعي للإطالة بالتكرار.

(مسألة ۱۲): لو ظهر بطلان عقد التأمين فإن كان قبل حدوث الخسارة المؤمن عليها و قبل دفع المستأمن شي‏ء من الأقساط فلا شي‏ء عليهما (۳٥)، و ان دفع المستأمن بعض الأقساط فيملكه المؤمن- الشركة- (۳٦)، و لو تحمل الخسارة و ظهر البطلان فللمستأمن دفع الأقساط بما هي عليه (۳۷).

لعدم وقوع التزام صحيح بين الطرفين.

لقاعدة: «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» و المفروض ان المستأمن ضمن إعطاء القسط بداعي تحمل الخسارة لو حصلت، فيثبت الضمان لو كان العقد صحيحا و يكون كذلك لو كان العقد فاسدا و ليس للمؤمن (الشركة) مطالبة ما لم يدفع- أو بقي- من الأقساط لفرض بطلان العقد و زوال‏ موضوعه، و قد فصلنا ذلك في كتاب البيع فراجع‏۱٦.

لما تقدم في سابقة من القاعدة ما لم ينعدم الموضوع.

(مسألة ۱۳): لو خالف أحدهما بما التزم به للآخر يثبت الخيار للطرف الآخر (۳۸).

لفرض تخلف الشرط الموجب لثبوت الخيار كما تقدم مكررا.

(مسألة ۱٤): الأرباح المجتمعة عند المؤمنين (الشركات) من الأموال المأخوذة من المستأمنين في التأمين على الحياة يجوز لهم (أي لطالب التأمين) أخذ ما يعطيه المؤمن (۳۹).

لبناء المستأمنين (الطالبين للتأمين) على الرضاء في أخذ هذا النحو من الربح إن كان بعنوان المضاربة.

و دعوى ان مال المضاربة لا بد و ان يكون من النقدين المسكوكين فلا تصح المضاربة بالأوراق النقدية المتداولة.

باطلة: لأن عمدة مستند هذا الشرط دعوى الإجماع و هو كان بحسب تلك الأعصار القديمة فكان اتفاقا اجتهاديا هذا إذا كان بعنوان المضاربة، مع انه لا وجه لموضوع المضاربة و القرض أصلا لأن المال مودع عندهم بعنوان الوديعة المأذون فيها بالتصرف، فحينئذ لا إشكال في أخذ الربح مع رضائهم.

و اللّه العالم بحقائق الأمور.

(مسألة ۱٥): ما تدفعه شركة التأمين إلى المستأمن في تأمين الحياة من الفائدة بعنوان الترغيب يجوز أخذه (٤۰).

لأصالة الإباحة، و التراضي الواقع بينهما على ذلك فتشمله آية التراضي‏۱۷.

و توهم: انه من الربا المحرم لوقوع هذه الزيادة في مقابل ما أعطاه المستأمن للمؤمن.

فاسد: لأن المقام ليس من الربا المعاملي بالضرورة و لا من الربا القرضي، إذا لم يقصد القرض، بل قصد الأمانة أو الحفظ عند الشركة و أذن له في التصرف فيه.

و لو فرض انه بعنوان القرض أيضا ليس كل ما يدفع المقترض للمقرض ربا محرم، إذ لو أعطاه بعنوان الترغيب أو التشويق، أو غير ذلك من الأغراض الصحيحة الشرعية العقلائية ليس من الربا، و لكن الأحوط ان يرجع إلى الحاكم الشرعي لأخذ هذه المنافع.

  1. سورة المائدة: ۱.
  2. سورة النساء: ۲۹.
  3. الوسائل باب: ٦ من أبواب الخيار حديث: ٥.
  4. الوسائل باب: ۱ من أبواب الرهن: ۱.
  5. سورة النساء: ۲۹.
  6. راجع ج: ۱٦ صفحة: ۲4۹- ۲٥۱.
  7. راجع ج: ۱۷ صفحة: ۲۳٦.
  8. سورة النساء: ۲۹.
  9. سورة المائدة: ۱.
  10. راجع ج: ۱٦ صفحة: ۲۷۲.
  11. الوسائل باب: ۲0 من أبواب المهور: 4.
  12. راجع ج: ۱۷ صفحة: ۲۱۹- ۲۲٦.
  13. الوسائل باب: ۲0 من أبواب المهور: 4.
  14. سورة المائدة: ۱.
  15. راجع ج: ۱٦ صفحة: ٦۳- ٦٦.
  16. ج: ۱٦ صفحة: ۲۷٥- ۲۸٦.
  17. سورة النساء: ۲۹.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"