1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب البيع‏
  10. /
  11. القبض و التسليم‏
(مسألة ۱): يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد (۱) لولم يشترط التأخير (۲) فلا يجوز لكل منهما التأخير مع الإمكان إلا برضا صاحبه (۳).فإن امتنعا أجبرا (٤) و لو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه اجبر الممتنع (٥) و لو اشترط كل منهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز (٦).

و هما: من المعاني العرفية المختلفة باختلاف الأشياء غير المحدود بحد خاص، بل له عرض عريض جدا بالنسبة إلى متعلق المعاوضات و سائر الخصوصيات.

فالقبض عبارة عن استيلاء من انتقل إليه المال عليه و تمام تمكنه فيما ملكه بكل ما شاء و أراد.

و هما: من المداليل الالتزامية العقلائية لكل معاوضة وقعت بينهم فإنهم يلتزمون بهما في إنشاءاتهم المعاوضية كأصل التزامهم بها و يجعلون الالتزام المعاملي طريقا خاصا للاستيلاء على القبض و التسليم و هو الغرض الأصلي من المعاوضة و ليس القبض من المعاني المستنبطة حتى نحتاج فيه إلى نظر الفقيه، و تنتهي معانيه إلى ما يقرب من عشرة.

لمكان التزامهما بذلك المدلول عليه بالالتزام العقدي الصادر منهما، فتدل عليه إطلاق الأدلة الثلاثة من الكتاب و السنة و الإجماع على وجوب الوفاء بالعقد بمفاده المطابقي و الالتزامي العقلائي و هذا الوجوب مطلق على كل منهما و ليس بمشروط بقبض الآخر.

لأن هذا الحق متقوم بهما فيجوز لهما شرط التأخير كيف ما شاءا أو أرادا فيشمله حينئذ عموم: «المؤمنون عند شروطهم» و يكون وجوب التسلم فعلا مع شرط التأخير من الخلف الباطل و مع عدم الشرط، فمقتضى إطلاق الالتزام بالتسليم فعلية القبض كما هو مقتضى كل سبب مطلق مع مسببه.

لحصول الالتزام الفعلي بالتسليم كذلك لكل منهما إلى الآخر فيحرم نقض هذا الالتزام لأدلة وجوب الوفاء بالعقد و كل معاهدة معاوضية وقعت بين العقلاء يلزمها أمور ثلاثة في عرض واحد لزوم الزوجية للأربعة.

الأول‏: وجوب الوفاء بها عند العقلاء كافة و يلزمه الوجوب الشرعي الدال عليه بالكتاب و السنة و الإجماع.

الثاني‏: التزام كل منهما بتسليم ما انتقل عنه و هذا التزام منطوقي لنفس معاهدتهم بل لو قيل انه عينها حقيقة و مختلفة معها مفهوما لا بأس به.

الثالث‏: الإجبار في الجملة عند الامتناع و انحلال البناء المعاملي المعاوضي و المعاهدة المعاوضية إلى هذه الأمور مما تشهد به فطرة كل ذي شعور فلا نحتاج إلى تطويل المقال و تكثير الاحتمال فيما هو عام البلوى لجميع الناس في تمام الأحوال.

ثمَّ إن وجوب التقابض مستقل مطلق غير مشروط بقبض الآخر كما أن أصل وجوب الوفاء بالعقد كذلك بالنسبة إليهما و من لوازم كون وجوب الوفاء و وجوب القبض مطلقا و غير مشروط بوفاء الآخر و قبضه أن امتناع أحدهما عن الوفاء و القبض لا يوجب جواز عدم وفاء الآخر و عدم التسليم عليه لأن عصيان أحدهما لا يوجب جواز عصيان الآخر.

نعم، لو كان ذلك بعنوان التقاص و قلنا بجوازه في مثل ذلك و وقع بإذن‏ الحاكم الشرعي يجوز حينئذ.

لمكان التزامهما بالتسليم فلا بد لهما من القيام بما التزما به و الإجبار عند الامتناع عن الملزمات العقلائية الشرعية من أهم الأمور الحسبية النظامية التي لا بد لحكام الشرع من القيام بها بل لعامة الناس القادرين على ذلك لأن ذلك خير و إحسان محض و من صغريات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

لما مر من أن إجبار الممتنع عن أداء الحق الذي وجب عليه من أهم الأمور الحسبية النظامية التي يجب على حاكم الشرع القيام بها بل على الناس.

لأن الحق لهما و يدور مدار رضائهما فمع الإطلاق فوري و مع الاشتراط يدور مدار الشرط و يشمله عموم أدلة الشرط حينئذ.

(مسألة ۲): ليس لغير من اشترط التأخير الامتناع عن التسليم لعدم تسليم صاحبه الذي اشترط التأخير (۷).

لفرض أن وجوب التسليم بالنسبة إلى من لم يشترط التأخير فوري فيشمله ما دل على وجوب التسليم بلا مزاحم و معارض و بالنسبة إلى من اشترط التأخير ليس بفوري بل اشترطا على تأخيره و التزما به فلا حق له للامتناع بعد الالتزام بذلك.

(مسألة ۳): يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار، أو ركوب المركوب. أو زرع الأرض أو نحو ذلك من الانتفاعات (۸).

للأصل، و الإجماع، و تسلطه على جميع ما يتعلق بماله فله أن يستثنى كلما شاء و أراد، و لا ينافي ذلك وجوب القبض بالنسبة إلى المبيع، و كذا يجوز ذلك للمشتري بالنسبة إلى الثمن إذا كانت له منافع قابلة للاستثناء مع تسليم العين إلى البائع.

(مسألة ٤): القبض في العقود مطلقا بيعا كان أو غيره، سواء كان واجبا شرعيا أو التزاما بنائيا أو كان شرطا للصحة كالصرف بالنسبة إلى العوضين و السلف بالنسبة إلى الثمن، و الهبة و الرهن- يرجع فيه إلى المتعارف و كلما حكم العرف بأنه قبض يثبت بذلك شرعا و ما لم يحكم لا يثبت (۹) فإذا رفع البائع يده عن المبيع فيما لا ينتقل- كالدار و العقار- و أذن للمشتري في الدخول فيها و رفع المنافيات عن ذلك يتحقق القبض به (۱۰)، و كذا في المنقول مع تحقق التخلية العرفية و استيلاء الطرف عليه كاستيلائه على سائر أمواله (۱۱).

لأنه لم يرد فيه تحديد شرعي فالمرجع العرف، كما هو كذلك في جميع موضوعات الأحكام التي لم يرد فيها التحديد الشرعي، و كل ما ورد عن الفقهاء في تعريفه ليس تعريفا تعبديا بل كلها من قبيل تعريف الكلي بالفرد و لا ريب في اختلاف ذلك باختلاف الموارد و الأشياء و الجامع بين الجميع هو التخلية و استيلاء الطرف عليه و هو المستفاد من خبر عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «حتى يقبض المتاع و يخرجه من بيته»۱، و هو أيضا ليس أمرا تعبديا بل إرشاد إلى المركوز في الأذهان و الظاهر أن القبض في جميع موارد اعتباره له معنى واحد ما لم يدل دليل خاص على تحديده بحد خاص.

و لا ريب في ان القبض و الإقباض من الأمور المتضايفة قوة و فعلا بحسب جميع المراتب المتصورة فيهما، فالتخلية من حيث المعنى الفاعلي قائمة بالبائع مثلا و من حيث المعنى المفعولي بالمشتري و أصل القبض هو الإمساك و هو من الأمور الإضافية إذا كان بين شخصين أيضا فكلما حكم العرف بتحققه فيه يترتب عليه الحكم شرعا و ما يشك العرف في تحققه به لا يترتب عليه الحكم فضلا عما إذا حكم بالعدم.

لحكم أهل العرف و أهل الخبرة بأنه قبض فيترتب عليه الأحكام‏  الشرعية المترتبة عليه قهرا فخلاصة معنى القبض في جميع موارد اعتباره: عبارة عن تحويل السلطة العرفية و نقلها إلى من انتقل إليه المال.

لأن القبض له مراتب كثيرة عرفا و مقتضى الإطلاقات كفاية أول مراتبه مع الصدق العرفي و المتعارف يكتفون بتحقق الاستيلاء عليه و يسمونه قبضا مع رفع البائع يده و سلطته عنه فالمال الذي وقعت عليه المعاوضة أما داخل تحت سلطة المنتقل عنه أو لا سلطة لأحد عليه أو داخل تحت سلطة المنتقل إليه و الأولان مفروضا الانتفاء فيتعين الأخير.

و أما ما اشتهر من أن القبض في المكيل و الموزون كيله و وزنه حتى جعل ذلك قبضا تعبديا فلا أصل له و لا بد من التعرض للأخبار التي استدلوا بها لذلك حتى يتبين الحال روى ابن وهب في صحيحه قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه فقال عليه السّلام: ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه إلا أن توليه الذي قام عليه»۲، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن حازم: «إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه- الحديث-»۳.

و في صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «الرجل يشتري الطعام أ يصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال عليه السّلام: إذا ربح لم يصلح حتى يقبض، و إن كان يوليه فلا بأس، و سألته عن الرجل يشتري الطعام أ يحل له أن يولى منه قبل أن يقبضه؟ قال عليه السّلام:

إذا لم يربح عليه شيئا فلا بأس فإن ربح فلا يبيع حتى يقبضه»4، و عن أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى طعاما ثمَّ باعه قبل أن يكيله، قال عليه السّلام: لا يعجبني ان يبيع كيلا أو وزنا قبل أن يكيله أو يزنه إلا أن يوليه- الحديث-»٥.

و التولية عبارة عن بيع الشي‏ء مساويا مع ما اشتراه بلا زيادة و لا نقيصة، كما أن المرابحة بيعه مع الزيادة عليه، و المواضعة بيعه مع النقيصة منه هذا كله مع الإخبار برأس المال و أما بيعه مع عدم الإخبار به يسمى مساومة سواء زاد على ما اشتراه أو نقص عنه أو ساواه.

و البحث في هذه الأخبار من جهتين.

الأولى‏: أن بيع الشي‏ء قبل قبضه هل يحرم أو يجوز؟ يأتي في بعض المسائل الآتية إن شاء اللّه تعالى الجواز مع الكراهة.

الثانية: هل يستفاد منها أن الكيل و الوزن قبض تعبدي أولا و هذه هي الجهة المربوطة بالبحث في المقام.

و الحق أن يقال: أن الكيل و الوزن في المقام فيهما احتمالان.

الأول‏: أن يكون لهما موضوعية خاصة في القبض و لو لم يتحقق القبض خارجا و لم يكونا بعنوان التسليم و التسلم.

الثاني‏: أن يقعا من حيث المقدمية الملازمة عرفا للتسليم و التسلم عرفا كما هو كذلك في المكيل و الموزون و العرف يشهد بإرادة الاحتمال الثاني دون الأول، فيصير الكيل و الوزن حينئذ مثل العد في المعدودات و الذرع في المذروعات من المقدمات العرفية للتسليم و التسلم و القبض فلا منافاة بين هذه الأخبار و ما يشهد به العرف و الاعتبار في معنى القبض.

ان قيل: فعلى هذا لا فرق في ذلك بين أقسام البيوع و يصير استثناء بيع التولية لغوا.

يقال: حيث ان بيع التولية كأنه ليس بيعا جديدا بل كأنه هو عين البيع الأول إلا أن المشتري الأول يولّى المشتري الثاني لقبض ما باعه البائع الثاني‏ و المفروض تحقق الكيل و الوزن مقدمة للقبض في البيع الأول فيولي البائع الثاني المشتري الثاني لمباشرة القبض و لا محذور حينئذ. و أما سائر أقسام البيع فبيع مستقل لا يكفي فيه ذلك.

و بعبارة أخرى: بيع التولية يصير من صغريات إخبار البائع بالكيل و الوزن و اعتماد المشتري عليه و لو حصل هذا المناط يجوز في سائر أقسام البيوع من هذه الجهة و لو لم يكن بيع التولية.

(مسألة ٥): لو تشاحا في البدأة بالتسليم بعد بنائهما على أصله و عدم الامتناع عنه يقدم قول البائع (۱۲).

لأن مقتضى المتعارف بدأة البائع بالتسليم إلا مع القرينة على الخلاف.

(مسألة ٦): لو امتنعا عن القبض- أو أحدهما- و قبض الممتنع بدون رضا صاحبه لم يصح القبض (۱۳).

لأن صحته متقومة بأحد أمرين.

إما إقباض ما في يده لصاحبه فله حينئذ قبض ما في يد صاحبه مقاصة.

و أما اذن صاحبه في القبض سواء أقبض ما عنده أم لا و المفروض انتفاء كل منهما فلا يجوز.

مسألة ۷): وجوب التسليم وجوب نفسي مطلق يعم كلا من المتعاوضين في عرض واحد (۱٤)، و كذا وجوب تفريغ البائع المبيع من أمواله، و المشتري الثمن كذلك أيضا إن كان عينا مشغولا بأمواله (۱٥) فلو قصرا أو أحدهما في التفريغ و كان للبقاء أجرة وجب دفعها (۱٦) بل و كذا لو لم يقصرا في وجه مطابق للاحتياط (۱۷). نعم، لا أجرة في مورد العذر المقبول.

لمكان التزامهما المعاوضي الحاصل بينهما.

لأن هذا التفريغ من فروع أصل التسليم فيدل عليه ما يدل على أصل وجوب التسليم و هو أيضا واجب مطلق نفسي كما في أصل وجوب التسليم.

لتحقق استيفاء المنفعة من مال الغير بغير وجه شرعي.

لأصالة احترام مال الغير.

(مسألة ۸): لو تلف المبيع قبل تسليمه إلى المشتري كان من مال البائع (۱۸).فيفسخ البيع و يعود الثمن إلى المشتري (۱۹) و إذا حصل للمبيع نماء كالنتاج و الثمرة كان ذلك للمشتري (۲۰) و إن تلف الأصل قبل قبضه عاد الثمن إليه و له النماء (۲۱)، و لو تلف النماء من غير تفريط عند البائع لم يضمن (۲۲)، و لو تعيب قبل القبض يتخير المشتري بين الفسخ و الإمضاء لكل الثمن (۲۳).و الأحوط التصالح بالنسبة إلى الأرش (۲٤).

هذه هي القاعدة المعروفة «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه» و البحث فيها من جهات.

الأولى‏: في مدركها و يدل عليها مضافا إلى الإجماع النبوي المعروف:

«كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه»٦، و خبر عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل اشترى متاعا من رجل و أوجبه غير انه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال: آتيك غدا إن شاء اللّه فسرق المتاع من الرجل من مال من يكون؟ قال عليه السّلام: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع و يخرجه من بيته فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله إليه»۷، و يمكن إقامة وجه عرفي له أيضا.

بدعوى: أن أساس المعاوضات يدور مدار التسليط الفعلي للطرفين على العوضين فمع عدمه لا معنى لاعتبار المعاوضة حينئذ.

الثانية: معنى كون تلف المبيع قبل القبض من مال البائع وقوع نقصان في ماله لا لزوم غرامة عليه، لأن المعاوضة بالتلف قبل القبض تنفسخ فيرجع كل عوض إلى مالكه الأصلي فيكون تلفه منه و هذا وجه موافق للعرف و الاعتبار أيضا، لما مر من قوام المعاوضة بالتسلط الفعلي من الطرفين على العوضين و هو الغاية المطلوبة من كل معاوضة و إن لم يكن ذلك شرطا في مطلق البيع لكن هو الغرض الأهم من المعاوضة كما لا يخفى، و مع ذهاب موضوع هذا التسلط بالتلف ينعدم موضوع المعاوضة، و يشير إلى ما قلناه التعبير في الحديث بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «فهو من مال بائعه» فإن المنساق منه ان المال مال البائع فلو كان غرامة لعبّر بقول: «فهو على بائعه».

الثالثة: مثل التلف تعذر الوصول إليه عند متعارف الناس لحكم العرف انه كالتلف و قد تقدم في خبر عقبة ذكر «السرقة» و هو من باب المثال لكل ما تعذر الوصول إليه.

الرابعة: هذا الضمان ليس قابلا للإسقاط أما بناء على انه حكم شرعي فلا ريب فيه، لعدم قابلية الحكم للإسقاط و عدم كونه تحت اختيار المكلف و أما بناء على كونه من تبعات البناء المعاوضي فكذلك أيضا لأن الإسقاط يرجع إلى اشتراط عدم الانفساخ بنحو شرط النتيجة و الانفساخ ليس بحق فيما ليس فيه خيار حتى يؤثر عدمه بنحو شرط الفعل أو شرط النتيجة فلا موضوع للإسقاط مطلقا.

ان قيل: ان تعذر التسليم يوجب الخيار فيتحقق موضوع الإسقاط حينئذ فيه دون التلف.

يقال: نعم لو لا ظهور النص و الإجماع على الانفساخ و قد مر في خبر عقبة فراجع.

الخامسة: المراد بالقبض في هذه القاعدة ليس خصوص القبض الشرعي المتوقف على اذن البائع و كونه جامعا للشرائط الشرعية بل المراد القبض الحقيقي العرفي و استيلاء المشتري على ما اشتراه و المفروض تحققه و لو بدون اذن البائع.

و بعبارة أخرى: اذن البائع في القبض واجب شرعي مستقل بالنسبة إلى هذا الأثر لا أن يكون قيدا في حقيقته فمقتضى الأصل عدم انفساخ العقد و بقاؤه على ما كان عليه، كما ان مقتضاه بقاء ملكية المشتري لما اشتراه و هذا هو المتيقن من الإجماع و المنساق من النص كما لا يخفى: فلو أخذ المشتري المبيع بدون رضا البائع و تلف عند المشتري لا تشمله هذه القاعدة.

السادسة: لو تسامح المشتري في القبض مع بذل البائع المبيع يكفي التخلية و العزل في رفع هذا الضمان فيصح البيع و لا يحصل الانفساخ و يكون التلف من مال المشتري لا البائع لتحقق القبض. و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات فراجع و تأمل.

السابعة: لو أتلفه المشتري عن علم و عمد فهو كالقبض فيكون التلف من ماله لا من مال البائع، و أما ان كان مع الجهل فمقتضى الأصل عدم تحقق القبض، و لكن لا يجري عليه حكم التلف قبل القبض، لفرض أنه إتلاف و ليس بتلف فإما أن يكون ذلك بواسطة البائع أو الأجنبي فإن كان من البائع فمقتضى الأصل عدم انفساخ العقد و بقاء المعاوضة على ما كانت عليها و يكون من تعذر التسليم عرفا و يجري عليه حكمه فيثبت للمشتري الخيار، و أما جريان حكم التلف عليه فينفسخ البيع كما في صورة التلف السماوي، أو تخير المشتري بين مطالبة الثمن و الرجوع إلى القيمة فلا دليل عليه خصوصا الأول و يمكن إرجاع الأخير إلى خيار تعذر التسليم.

و إن كان الإتلاف من الأجنبي فقد يستظهر الانفساخ فيه لما مر في خبر عقبة من ذكر سرقة المتاع و لكنه.

مخدوش إذ السارق غير معلوم فيجري عليه حكم التلف مع أن السرقة أخص من الإتلاف كما هو معلوم و يمكن اجراء حكم تعذر التسليم عليه أيضا.

الثامنة: تلف الثمن المعين قبل القبض كتلف المبيع في جميع ما مر، لظهور الإجماع و إمكان شمول النبوي و خبر عقبة له أيضا من باب ذكر أحد العوضين و إرادة كل منهما في هذه القاعدة و القانون و مساعدة الاعتبار له أيضا.

التاسعة: يظهر منهم الإجماع على جريان الحكم في سائر المعاوضات أيضا فإن تمَّ و الا فمقتضى الأصل عدم الانفساخ و عدم اللحوق بالبيع.

العاشر: لو تلف بعض المبيع قبل القبض و كان مما يقسّط عليه الثمن انفسخ البيع بالنسبة إليه، لإطلاق الدليل، و ظهور الإجماع و إن كان مما لا يقسط عليه الثمن فيجري فيه خيار العيب و الأحوط التراضي بالنسبة إلى الأرش.

لما تقدم في الجهة الثانية فراجع.

لأنه تابع للملك و المفروض حصول الملك للمشتري من أول حدوث العقد و تحقق الانفساخ من حين التلف.

جمعا بين قاعدتي تبعية النماء للملك، و ان التلف قبل القبض من مال بائعه.

لأنه امانة في يده و لا معنى لتضمين الأمين.

نعم، يضمن مع التفريط و وجهه واضح هذا كله في النماء المنفصل و أما المتصل فهو للبائع بعد الانفساخ و لكن الظاهر اختلافه باختلاف الموارد، و الاحتياط في التراضي بل في النماء المتصل الموجود حين العقد يضمن البائع و قد ادعى الجواهر القطع بالضمان.

أما أصل ثبوت الخيار فلظهور الإجماع، و قاعدة الضرر فله التخيير بين الرد و الإمساك مجانا لذلك.

و توهم اختصاص الخيار بما إذا كان ضمان البائع ضمان غرامة لا ضمان الانفساخ.

مدفوع: لظهور الإجماع على الخلاف. و أما أخذ الأرش فاختلفوا فيه بعد اتفاقهم على أصل خيار العيب و منشأ الخلاف ان الأرش خلاف القاعدة و انما يثبت فيما إذا كان الضمان ضمان معاوضة لا ضمان الانفساخ كما في المقام فلا وجه لثبوته.

و الجواب: انه بعد اختيار الأرش يكون الضمان من ضمان المعاوضة و الغرامة و انما كان ضمان الانفساخ ما دام لم يبنيا على بقاء العقد و التعهد بلوازمه و أما بعد بقائه و التعهد بلوازمه فمقتضى الأصل بقاء الضمان المعاوضي بجميع لوازمه و ملزوماته.

ظهر وجهه فيما مر.

(مسألة ۹): لو باع جملة فتلف بعضها انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف و عاد إلى المشتري ما يخصه من الثمن (۲٥) و له فسخ العقد و الرضا بالموجود بحصة من الثمن (۲٦).

لعموم القاعدة بالنسبة إلى جميع ما ينحل إليه البيع سواء كان من اجزائه أو جزئياته و ما معه و لو لم يكن من الاجزاء و الجزئيات.

لتبعض الصفقة بالنسبة إليه فيثبت له الخيار لا محالة.

(مسألة ۱۰): إذا اختلط المبيع بغيره في يد البائع اختلاطا لا يتميز كان المشتري بالخيار إن شاء فسخ و إن شاء كان شريكا للبائع (۲۷).

لأن خصوصية تفرد المشتري بما اشتراه و عدم الشركة فيه غرض من الأغراض العقلائية التي تقع المعاملات مبنية عليها فهي من الشروط الضمنية التي يكون تخلفها موجبا للخيار، و يشهد لذلك العرف و العقلاء و الاعتبار.

(مسألة ۱۱): يجب على البائع مضافا إلى التسليم تفريغه عما كان فيه من أمتعته و غيرها حتى لو كان مشغولا بزرع آن وقت حصاده وجب إزالته‏ و لو كانت له عروق تضره بالانتفاع كالقطن و الذرة، أو كانت في الأرض حجارة مدفونة وجب عليه إزالتها و تسوية الأرض و لو كان فيها شي‏ء لا يخرج إلا بتغير شي‏ء من الأبنية وجب إخراجه و إصلاح ما انهدم (۲۸)، و لو كان فيه زرع لم يبلغ وقت حصاده فله إبقاؤه إلى أوانه من غير أجرة مع اطلاع المشتري عليه (۲۹) و الأحوط التصالح.

لظهور الإجماع على ذلك كله و عدم حدوث الاستيلاء التام من المشتري على ما انتقل إليه إلا بذلك فالقبض و التسليم شي‏ء و التفريغ شي‏ء آخر و كل واحد منهما واجب نفسي مستقل و ليس التفريغ شرطا لصحة القبض فلو رضي المشتري بتسليمه مشغولا تمَّ القبض و يجب على البائع تفريغه بعد ذلك و يجوز للمشتري الامتناع عن القبض قبل التفريغ، و كذا الكلام فيما إذا كان الثمن عينا مشغولا بأمتعة المشتري.

لأنه مع علمه بذلك أقدم عليه باختياره فلا وجه لأخذ الأجرة بعد ذلك.

(مسألة ۱۲): لو باع شيئا فغصبه غاصب معلوم من يد البائع فإن أمكن استعادته في زمان لا يتضرر به المشتري فليس له الفسخ (۳۰). و إلا كان له ذلك (۳۱) و تلفه في هذه المدة و إن كثرت من مال البيع (۳۲) و أجرة مهذب الأحكام، ج‏۱۷، ص: ۲۸۷ المدة لو كانت لها أجرة للمشتري (۳۳) و الأحوط التصالح (۳٤) و لو منع البائع من التسليم بغير حق ثمَّ سلمه بعد مدة كان للمشتري مطالبة الأجرة (۳٥).

للأصل بعد عدم دليل عليه.

لفوات الغرض المعاملي المبني عليه العقد و هو عدم سلطته على ماله بل تضرره فيه.

لقاعدة ان كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه و إطلاقها يشمل قصر المدة و طولها.

لأن الأجرة كالنماء في كونه تابعا للملك.

لاحتمال الفرق بين الأجرة و النماء في هذه الجهة.

لأنه غاصب حينئذ فيؤخذ بعوض المنفعة التي فوتها على المشتري.

(مسألة ۱۳): لو اشترى شيئا و لم يقبضه فإن كان مما لا يكال و لا يوزن جاز بيعه قبل قبضه (۳٦).و كذا إذا كان منهما و باع تولية (۳۷). بل و كذا إذا باع بالمرابحة أيضا (۳۸).لكنه مكروه (۳۹) هذا إذا باعه على غير البائع. و أما إذا باعه عليه فلا اشكال و لا كراهة في البين (٤۰)، كما لا اشكال فيما إذا ملك شيئا بغير الشراء- كالميراث، و الصداق، و الخلع- فيجوز بيعه قبل قبضه بلا ريب فيه حرمة أو كراهة (٤۱) كما انه يختص ذلك بخصوص البيع فلا محذور في جعله صداقا أو أجرة أو غير ذلك، و كذا يختص الحكم بالمبيع فلا يجري في الثمن (٤۲).

للأصل، و إطلاق أدلة الكتاب و السنة، و إجماع الفقهاء بقسميه كما في الجواهر، و نصوص خاصة ففي صحيح ابن حزم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه فإذا لم يكن فيه كيل و لا وزن فبعه»۸، و في صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم اشتروا بزا، فاشتركوا فيه جميعا و لم يقسموه، أ يصلح لأحد منهم بيع بزه قبل أن يقبضه؟ قال عليه السّلام: لا بأس به، و قال ان هذا ليس بمنزلة الطعام ان الطعام يكال»۹، و في صحيح منصور قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اشترى بيعا ليس فيه كيل و لا وزن إله أن يبيعه مرابحة قبل أن يقبضه و يأخذ ربحه؟

فقال عليه السّلام: لا بأس بذلك ما لم يكن كيل و لا وزن فإن هو قبضه فهو إبراء لنفسه»۱۰، إلى غير ذلك من الأخبار، مع موافقة الجواز للعرف و الاعتبار أيضا، إذ لا يتصور وجه يصلح للمنع.

و عن جمع الكراهة، لإطلاق النبوي: «لا تبعه حتى تقبضه»۱۱.

و فيه. أولا: انه في المكيل و الموزون و لم يثبت حديث مطلقا عن نهي البيع مطلقا عما لا يقبض حتى في غير المكيل و الموزون كما اعترف به في الروضة.

للأصل، و إطلاق أدلة الكتاب و السنة، و الإجماع، و نصوص خاصة منها صحيح ابن وهب‏۱۲، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه فقال عليه السّلام: ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه إلا أن توليه الذي قام عليه» و منها ما تقدم من صحيح ابن حازم و غيرهما من الأخبار هذا، و لكن يظهر عن بعض إطلاق الكراهة حتى في هذه الصورة كراهة خفيفة.

البحث في هذه المسألة من جهات.

الأولى‏: عنوان المسألة في جملة من الكلمات كما ذكرناه في صدر المسألة غير مقيد بالمكيل و الموزون و لكن أكثر الروايات مشتملة عليهما و لا ريب في ان العنوان الأعم الوارد في كلمات الفقهاء انما هو لأجل ترتب الفروع الذي تعرضوا بعد ذلك عليه كما يظهر من الشرائع و غيره.

الثانية: النهي الوارد في المعاملات أقسام أربعة: فأما أن يكون للحرمة التكليفية، أو للإرشاد إلى الفساد، أو للكراهة التكليفية، أو للإرشاد إلى الابتلاء بحزازة و متعبة ينبغي للعاقل المجرب لتحرز عنه و لا تستفاد الكراهة منه حينئذ هذا بناء على أن الحرمة التكليفية في المعاملات لا تكون إرشادا إلى الفساد إلا ما خرج بالدليل و أما بناء عليه فتصير الأقسام ثلاثة كما لا يخفى، و لا بأس بالقول بأن الحرمة التكليفية فيها إرشاد إلى الفساد مع عدم القرينة على الخلاف.

و في المقام يمكن أن يقال: ان في بيع المكيل و الموزون قبل القبض معرضية للانفساخ و منشأية للخصومة و اللجاج فنهى عنه من هذه الجهة فمعنى‏ النهي على هذا أن هذا العمل خلاف عمل العاقل المجرب في المعاملة و هذا القسم من النهي كثير في الشريعة في قسم الآداب كما لا يخفى على من راجعها.

الثالثة: لو كنا نحن و هذه الأخبار الواردة في المقام لا نستفيد منها الحرمة و البطلان بعد رد بعضها إلى بعض، لأن في جملة منها: «لا يصلح» أو «لم يصلح»۱۳، و هذه الكلمة إما ظاهرة في الكراهة أو مجملة و على أي حال يوجب سقوط ظهور البقية في الحرمة و البطلان مع ان في بعضها: «لا بأس بذلك ما لم يكن كيل أو وزن» كما تقدم في صحيح منصور فيدل بالمفهوم على ثبوت البأس فيهما، و البأس أيضا أعم من الحرمة و الكراهة.

الرابعة: قال أبو جعفر عليه السّلام في صحيح ابن مسلم في البيع قبل القبض:

«ليس به بأس إنما يشتريه منه بعد ما يملكه»۱4، و قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن حازم في مفروض المسألة: «لا بأس بذلك انما البيع بعد ما يشتريه»۱٥، فجعلا عليه السّلام صحة البيع دائرة مدار حصول الملكية و هما صحيحان معللان و قد ثبت في محله ان المعلل مقدم على كل عام و مطلق.

الخامسة: يشهد للجواز بلا كراهة فضلا عن الحرمة صحيح ابن حازم:

«فإن هو قبضه فهو أبرء لنفسه»۱٦، و إطلاق قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي:

«عن الرجل يشتري الثمرة ثمَّ يبيعها قبل أن يأخذها قال عليه السّلام: لا بأس به إن وجد بها ربحا فليبع»۱۷، فإن إطلاق الثمرة يشمل الموضوعة على الأرض و لا يختص بخصوص ما على الشجرة و يشهد له أيضا خبر المدائني قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن القوم يدخلون السفينة يشترون الطعام فيتساومون بها ثمَّ يشتريه رجل منهم فيسألونه فيعطيهم ما يريدون من الطعام فيكون صاحب الطعام هو الذي يدفعه إليهم و يقبض الثمن قال عليه السّلام: لا بأس ما أراهم إلا شركوه»۱۸ فمن مجموع هذه الأخبار بعد التأمل في الجميع يستفاد ان الحكم ليس إلزاميا بل و لا تنزيهيا بل إرشاد محض إلى عدم الوقوع فيما لا يتوقع و يشهد له أيضا استثناء بيع التولية في المكيل و الموزون قبل القبض- كما تقدم- لأنه لا يتصور وجه لعدم الصحة و الحرمة في غيرها و الصحة و الجواز فيها.

نعم، حيث انه يعين فيها العوض المسمى فهي ليست مبنية على المداقة فيكون الوقوع فيما لا يتوقع فيها قليلا أو معدوما، و يشهد له أيضا ما ورد في جواز بيع السلم بعد حلوله و قبل قبضه‏۱۹، بناء على اتحاده مع المقام كما اعترف به الشهيد في الروضة و المسالك.

ثمَّ انه ربما يمكن أن يجمع بين نصوص الباب بوجوه أخر.

الأول‏: القول بالحرمة و البطلان في المكيل و الموزون و الجواز مع الكراهة في غيرهما و به يجمع بين الأخبار.

الثاني‏: القول بالجواز في التولية مطلقا للتنصيص على الجواز فيها كما تقدم و القول بالمنع في غيرها حملا للأخبار المانعة على غير التولية و المجوزة عليها بقرينة الأخبار المشتملة على استثناء التولية.

الثالث‏: القول بالجواز مع الكراهة في الجميع حتى في المكيل و الموزون و التولية في غير المكيل و الموزون لكن مع شدة الكراهة في المكيل و الموزون و خفتها في البقية خصوصا التولية.

الرابع‏: طرح الأخبار الدالة على الجواز، لقصور سندها كما نسب إلى الشهيد.

أقول: هذه الوجوه من الجمع ثبوتا لا اشكال فيها لأنها عرفية و شائعة في الفقه لكن إثباتا لا شاهد لها، لما مر من حمل النهي فيها على الإرشاد إلى عدم‏ الوقوع فيما لا يتوقع، و أما طرح الأخبار الدالة على الجواز فلا وجه له بعد كثرتها و اعتضادها بالعمومات و الإطلاقات و عمل الأصحاب، لأنهم اعتمدوا عليها و اختلفوا في كيفية حملها.

الخامسة من جهات البحث: أن ما تقدم في الجهة السابقة انما هو مع ملاحظة الأخبار من حيث هي مع قطع النظر عن الكلمات و الأقوال و أما الأقوال فقد أنهاها بعضهم إلى ستة.

الأول‏: القول بالمنع مطلقا حتى في غير المكيل و الموزون حكاه في التذكرة عن بعض علمائنا، و عن الشيخ في المبسوط اختياره في باب السلم.

الثاني‏: الكراهة مطلقا.

الثالث‏: التفصيل بين المكيل و الموزون، فيكره فيهما دون غيرهما.

الرابع‏: التفصيل بين الطعام فيحرم و غيره فلا يحرم.

الخامس‏: التفصيل بين الطعام فيكره و بين غيره فلا يكره.

السادس‏: التفصيل في خصوص الطعام بين التولية فيكره و غيرها فيحرم و يكره في غير الطعام من المكيل و الموزون. هذه أقوالهم التي ذكرها العلامة في التذكرة.

و أما الإجماعات المدعاة في المقام فعن الشيخ رحمه اللّه في المبسوط و الخلاف الإجماع على عدم الجواز في الطعام و هو موهون بمصير جمع ممن تقدمه و معظم من تأخره إلى الخلاف بل هو و بنفسه اختار في نهايته الكراهة فكيف يعتمد عليه، و عن التنقيح الإجماع على عدم جواز بيع السلم على من هو عليه قبل القبض، و عن المبسوط على المنع، و عن التحرير و الدروس الإجماع على الجواز في غير المكيل و الموزون و نسب في التذكرة المنع إلى جماعة منا.

أقول: كيف يعتمد على هذه الإجماعات غير الصحيحة المتهافتة.

إذا تبين ما ذكرناه.

فنقول: أما الجواز و هو المشهور بين المتأخرين فللأصل و إطلاقات الأدلة كتابا و سنة.

و أما الكراهة فللأخبار الخاصة الواردة في المقام و هي على أقسام.

الأول‏: ما هو ظاهر في عدم الجوز مثل ما تقدم من صحيح ابن حازم و غيره.

الثاني‏: ما هو ظاهر في الجواز كخبر الكرخي عن الصادق عليه السّلام: «اشترى الطعام إلى أجل مسمى فيطلبه التجار بعد ما اشتريته قبل ان أقبضه؟ قال عليه السّلام: لا بأس أن تبيع إلى أجل اشتريت، و ليس لك أن تدفع قبل أن تقبض قلت: فإذا قبضته- جعلت فداك- فلي أن أدفعه بكيله؟ قال عليه السّلام: «لا بأس بذلك إذا رضوا»۲۰، و زاد في الفقيه فيما روى عنه: «قلت اشترى الطعام من الرجل ثمَّ أبيعه من رجل آخر قبل أن أكتاله فأقول أبعث وكيلك حتى يشهد كيله إذا قبضته قال عليه السّلام: لا بأس»۲۱، و خبر ابن دراج عنه عليه السّلام: «في الرجل يشتري الطعام ثمَّ يبيعه قبل أن يقبضه قال عليه السّلام لا بأس و يوكل الرجل المشتري منه بقبضه وكيله قال عليه السّلام لا بأس»۲۲.

الثالث‏: ما هو ظاهر في الكراهة كخبر أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «عن رجل اشترى طعاما ثمَّ باعه قبل أن يكيله قال عليه السّلام: لا يعجبني أن يبيع كيلا أو وزنا قبل أن يكيله أو يزنه إلا أن يوليه كما اشتراه»۲۳، و في صحيح الحلبي التعبير ب «لا يصلح»۲4، و هو ظاهر في الكراهة أيضا فيحمل القسم الأول على الكراهة جمعا، مع انه لا يتصور وجه صحيح للحرمة بعد معلومية الكيل أو الوزن للطرفين و مع عدمه فالبيع باطل مطلقا و لا اختصاص له بالمكيل و الموزون.

لما مر من استفادتها من مجموع الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض.

للاقتصار في الحكم المخالف للأصل على منصرف النصوص.

للأصل و الإطلاق بعد ظهور النصوص الخاصة بخصوص البيع.

للأصل اللفظي و العملي في ذلك كله بلا دليل على الخلاف.

(مسألة ۱٤): لو كان له على غيره طعام من سلم و عليه مثل ذلك فأمر غريمه أن يكتال لنفسه من الآخر لا بأس بذلك (٤۳).

للإطلاقات و العمومات و عدم شمول ما دل على النهي عن بيع ما لم يقبض حرمة أو كراهة للمقام، إذ المنساق منها عرفا إحداث البيع على ما اشتراه قبل قبضه لا الأعم منه و من إقرار البيع السابق على ما لم يقبضه خصوصا بملاحظة التفصيل بين المرابحة و التولية فإن شيئا منهما لا يتصور إلا في أحداث المعاملة على ما لم يقبض، فما عن المحقق في الشرائع من كونه من أفراد بيع ما لم يقبض.

مخدوش، لأنه خلاف الظاهر عند العرف الذي هو المرجع في تشخيص هذه الأمور. هذا مع إطلاق خبر عبد الرحمن قال: «سألته عن رجل عليه كر من طعام فاشترى كرا من رجل و قال للرجل: انطلق فاستوف حقك قال عليه السّلام لا بأس به»۲٥.

(مسألة ۱٥): مع تعيين الثمن يتعين و مع عدمه فهو النقد الغالب (٤٤).

لبناء العرف و العقلاء على ذلك، مضافا إلى إجماع الفقهاء، و انصراف الإطلاق إلى الغالب.

(مسألة ۱٦): لو ادعى البائع زيادة الثمن و المشتري عدمها يقدم قول البائع مع يمينه إن كان المبيع باقيا، و قول المشتري مع يمينه إن كان تالفا (٤٥) سواء كان الثمن كليا في الذمة أو شخصيا خارجيا (٤٦).

لخبر البزنطي- المشهور عملا و نقلا و ضبطا في كتب الحديث- عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يبيع الشي‏ء فيقول المشتري: هو بكذا و كذا بأقل مما قال البائع فقال عليه السّلام: القول قول البائع مع يمينه إذا كان الشي‏ء قائما بعينه»، فهو منطوقا و مفهوما يدل على الحكم المذكور، و يشهد له الاعتبار أيضا لأنه مع بقاء الشي‏ء يكون بمعرض من أهل الخبرة فيراعى البائع في دعواه مطابقة الواقع مهما أمكنه. و أما مع تلفه فهذه الجهة مفقودة بالنسبة إليه فتجري أصالة عدم الزيادة بالنسبة إلى ما يقوله المشتري فيقدم قوله مع يمينه و لا فرق بين تقرير الدعوى بنحو المدعى و المنكر أو بنحو التداعي لأن إطلاق الخبر شامل لكل منهما.

لإطلاق الحديث الشامل لكل منهما.

(مسألة ۱۷): لو ادعى أحدهما ان البيع نقد و قال الآخر انه نسيئة يقدم قول من يدعى انه نقد مع يمينه (٤۷).

لأصالة عدم ذكر الأجل، و الأحوط التصالح و التراضي لاحتمال كون المورد من التداعي و يأتي في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى جملة من الفروع المتعلقة بالمقام.

  1. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الخيار.
  2. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود حديث: ۱۱.
  3. الوسائل باب: ۱٦ من أحكام العقود حديث: ۱.
  4. الوسائل باب: ۱٦ من أحكام العقود حديث: ۹.
  5. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود حديث: ۱٦.
  6. مستدرك الوسائل باب: ۹ من أبواب الخيار.
  7. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب الخيار.
  8. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود حديث: ۱.
  9. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود حديث: ۱۰.
  10. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود حديث: ۱۸.
  11. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود حديث: ۲۱.
  12. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود حديث: ۲.
  13. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب العقود حديث: ٥ و ۹ و ۱۳ و ۲۲.
  14. الوسائل باب: ۸ من أبواب أحكام العقود حديث: ۸.
  15. الوسائل باب: ۸ من أبواب أحكام العقود حديث: ٦.
  16. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود حديث: ۱۸.
  17. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود حديث: ٥.
  18. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود حديث: ۷.
  19. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب السلف.
  20. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود.
  21. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود.
  22. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود.
  23. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود.
  24. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود.
  25. الوسائل باب: ۱٦ من أبواب أحكام العقود.
  26. الوسائل باب: ۱۱ من أبواب أحكام العقود.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"