1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الإجارة
  10. /
  11. فصل في التنازع‏
(مسألة ۱): إذا تنازعا في أصل الإجارة قدّم قول منكرها مع اليمين (۱)، فإن كان هو المالك استحق أجرة المثل (۲)، دون ما يقوله المدعي (۳).و لو زاد عنها لم يستحق تلك الزيادة (٤)، و إن وجب على المدعي المتصرف إيصالها اليه (٥)، و إن كان المنكر هو المتصرف فكذلك (٦)، لم يستحق المالك إلا أجرة المثل و لكن لو زادت عما يدعيه من المسمى لم يستحق الزيادة لاعترافه بعدم استحقاقها و يجب على المتصرف إيصالها إليه هذا إذا كان النزاع بعد استيفاء المنفعة، و إن كان قبله رجع كل مال إلى صاحبه.

التنازع في أصل وقوع الإجارة.

تارة: يكون قبل استيفاء المنفعة و لا إشكال من أحد في أن القول قول المنكر سواء كان هو المالك أم طرفه، للأصل و قاعدة: «البينة على المدعي و اليمين على من أنكر»، فيرجع كل مال إلى صاحبه بلا محذور في البين، و إن كان بعد الاستيفاء المقتضي لثبوت أجرة المثل لو لا الإجارة، فمقتضى طبع هذا القسم من هذا النزاع بحسب المتعارف أن يكون المالك منكرا للإجارة مع زيادة أجرة المثل على المسماة، و المتصرف منكر لها مع زيادة أجرة المسماة على أجرة المثل، فيصح حينئذ إطلاق قول جمع منهم المحقق رحمه اللّه في الشرائع من أن القول قول المنكر بيمينه.

لتحقق الاستيفاء فلا بد من العوض و هو أجرة المثل إلا إذا ثبت الخلاف بحجة معتبرة، و المفروض عدم الثبوت بعدم قيام البينة على دعوى المدعي.

ما يدعيه المدعي في مال الإجارة إما مساو لأجرة المثل أو انقص‏ منها أو أزيد، و الأول ثابت للمالك لأجل الاستيفاء و لا ربط له بدعوى المدعي و لا يتصور للنزاع ثمرة حينئذ، فدعوى المدعي يكون حينئذ من الدعاوي غير الملزمة فلا وجه للتوجه اليمين على المنكر، و في الثاني تصح الدعوى و تكون له ثمرة و يصح توجه اليمين على المالك حينئذ كما قلناه أنه المتعارف و مقتضى طبع مثل هذه الدعاوي، و في الثالث و هو ما إذا ادعى المدعي الزيادة على أجرة المثل كما إذا قال الأجير: «انما وقع هي الإجارة و الأجرة عشرة دنانير»، و قال المالك لم يكن إجارة و أجرة المثل ثمانية دنانير مثلا لا تكون الدعوى ملزما لفرض أن المدعي يعترف بكون حق المنكر عشرة دنانير، فلا موضوع لتوجه اليمين على المنكر، فيجب على المدعي بذل الزيادة إلى المنكر لاعترافه باستحقاقه لها سواء قبلها المنكر أو لا.

لأن الشارع حكم عليه بأنه يستحق أجرة المثل و المفروض انها أنقص مما يدعيه الطرف.

لأجل اعترافه بأن المالك يستحقها هذا إذا كان صادقا فيما بينه و بين اللّه و إلا فلا وجه للوجوب.

يجري فيه جميع ما مر من الأقسام الثلاثة فيما إذا كان المالك منكر من غير فرق، و لعل إطلاق كلماتهم «من أن اليمين على المنكر» منزل على ما قلناه أولا من فرض المسألة بطبعها العادي، أو أن بناؤهم على لزوم الحلف على‏ المنكر في كل دعوى مطلقا و لو لم يكن ملزما، و كل منهما بعيد عن سياقها فراجعها في المطولات لعلك تفهم غير ما أطلعنا عليه و يأتي في كتاب القضاء ان شاء اللّه تعالى ما ينفع في نظائر المقام.

(مسألة ۲): لو اتفقا على أنه أذن للمتصرف في استيفاء المنفعة و لكن المالك يدعي أنه على وجه الإجارة بكذا أو الإذن بالضمان و المتصرف يدعي أنه على وجه العارية ففي تقديم أيهما وجهان، بل قولان (۷).من أصالة البراءة (۸)، بعد فرض كون التصرف جائزا، و من أصالة احترام مال المسلم الذي لا يحل إلا بالإباحة و الأصل عدمها (۹)، فتثبت‏ أجرة المثل بعد التحالف، و لا يبعد ترجيح الثاني (۱۰) و جواز التصرف أعم من الإباحة.

البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى‏: بحسب الاستيناس من الأدلة.

و ثالثة: بحسب موازين القضاء.

و رابعة: بحسب الكلمات.

أما الأول: فالأصل الموضوعي في المقام هو أصالة احترام المال التي هي مقدمة على جميع الأصول الحكمية كأصالة البراءة، و لا يعدل عنها إلا بحجة معتبرة و دليل قاطع، و مع وجود أصالة الاحترام لا تصل النوبة إلى أصالة البراءة كما هو المتسالم بين المحققين و الاعلام.

و توهم: ان أصالة الاحترام لا تفيد أزيد من الحكم التكليفي.

شطط من الكلام و مخالف للوجدان و طريقة الفقهاء، بل و مرتكزات الأنام فلا مدفع عن ثبوت أجرة المثل.

و أما الثاني: فروى ابن عمار في صحيحه، عن أبي الحسن عليه السلام فيمن استودع رجلا ألف درهم فضاعت، فقال الرجل انها وديعة، و قال الآخر: إنها قرض، قال عليه السلام: «المال لازم له إلا أن يقيم البينة أنها كانت وديعة»۱، و هذه الرواية مطابقة لما تقدم من أصالة احترام المال إلا إذا ثبت الخلاف بحجة معتبرة فلا موقع لأصالة البراءة رأسا.

و أما الثالث: فلا حجة في البين تتقدم على أصالة الاحترام إلا الحلف الصادر من مدعي الوديعة و هو ساقط رأسا لتعارضه مع الحلف الصادر عن مدعي الإجارة، فلا بد من الرجوع إلى الأصل و لا أصل إلا أصالة الاحترام مع انه لا تنافي بين أصالة البراءة في المقام و أصالة الاحترام، لأن أصالة البراءة عما يدعيه المالك من الأجرة المسماة لا تستلزم البراءة عن العوض مطلقا.

و أما الرابعة: فعن جمع منهم الشيخ و الشهيد تقديم قول مدعي العارية لأصالة البراءة.

و عن آخرين منهم المحقق في الشرائع تقديم قول المالك في دعوى الإجارة لأصالة الاحترام و بعد وضوح أصل المبنى و ثبوته لا وجه لصرف الوقت في البيان و بيان سقوطه.

ثمَّ إن أجرة المثل أما مساوية مع الأجرة المسماة أو تكون أزيد أو تكون انقص و لا إشكال في الأول، و في الثاني ليس للمالك مطالبة الزيادة لاعترافه بعدم استحقاقه لها و كذا في الأخير لفرض سقوط دعواه بالنسبة إلى الزيادة بالتحالف، و تجري أصالة البراءة عنها بالنسبة إلى مستوي المنفعة، و ربما يمكن أن يجمع بذلك بين شتات الكلمات و ان بعد عن ظواهر العبارات.

كيف تجري البراءة مع وجود أصل موضوعي معتبر في البين و هو أصالة احترام المال، مضافا إلى ما مر من عدم المنافاة بين أصالة البراءة عما يدعيه المالك من الزيادة على أجرة المثل و بين أصالة الاحترام بالنسبة إلى أجرة المثل.

و هذا أيضا أصل موضوعي مقدم على أصالة البراءة.

إن قيل: انها معارضة بأصالة عدم الإجارة فتسقط بالمعارضة، فلا مجرى لها.

يقال: لا وجه للمعارضة لاختلاف الرتبة لأن دعوى الإجارة و العارية يسقطان بالتحالف فلا وجه لجريان أصالة عدم الإجارة.

ظهر مما مر أنه المتعين لأصالة الاحترام.

(مسألة ۳): إذا تنازعا في قدر المستأجر عليه قدّم قول مدعي الأقل (۱۱).

للأصل الموضوعي و هو أصالة عدم وقوع الإجارة إلا على ما توافقا عليه و الأصل الحكمي، و هو أصالة البراءة فيصير مدعي الزائد مدعيا و القائل بخلافه منكرا فيجري عليه حكم المدعي و المنكر.

نعم، لو فرض كون الأقل و الأكثر ملحوظا بشرط لا يصير من التداعي و لكنه من مجرد الفرض الذهني لا الوقوع الخارجي، و لا فرق فيما قلناه بين كون النزاع بالنسبة إلى المنفعة أو بالنسبة إلى الأجرة.

(مسألة ٤): إذا تنازعا في رد العين المستأجر عليه قدّم قول المالك (۱۲).

للأصل و دعوى الإجماع، و كذا في رد العين المرهونة و العارية و رد مال المضاربة ورد ما بيد الوكيل.

إن قيل: أن دعوى التلف مسموعة في جميع الموارد المذكورة لأنه أمين و عدم تصديقه في دعوى التلف من اتهام المؤتمن، و قد ورد أنه: «ليس لك ان تتهم من ائتمنته»۲، و قوله عليه السلام: «صاحب العارية مؤتمن و صاحب البضاعة مؤتمن»۳، فما الفارق بين المقامين مع اشتراكهما في الايتمان و الاتهام، و هذه الأخبار مقدمة على أصالة عدم الرد.

يقال: عمدة الوجه دعوى الإجماع على الفرق بين التلف و الرد، فإن ثبت فهو و الا فالكل مشترك في كبرى الاتهام، و قد استوجه بعض مشايخنا كون دعوى الرد كدعوى التلف في جميع الموارد، لأن كلا منهما اتهام لمن جعل أمينا، و النص و الاعتبار العرفي ينفيه، و على أي تقدير سواء قدم قول المالك أو قول طرفه لا بد في ثبوت قوله بحجة معتبرة علمية كبينة أو حلف، لأن الدعاوي و الأقوال الاقتراحية لا أثر لها شرعا، بل و لا عند كافة العقلاء.

(مسألة ٥) إذا ادعى الصائغ، أو الملاح، أو المكاري تلف المتاع من غير تعدّ و لا تفريط و أنكر المالك التلف، أو ادعى التفريط، أو التعدي قدم قولهم (۱۳) مع اليمين على الأقوى (۱٤).

نصوصا و فتوى و يأتي التعرض لبعض النصوص.

البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى‏: بحسب الأخبار الخاصة الواردة في المقام.

أما الأولى: فمقتضى الأصل عدم حجية كل دعوى بل كل قول، إلا إذا ثبت قوله بحجة معتبرة من بينة أو حلف أو حصول اطمينان عادي بصدقه، فلا وجه لقبول قول مدعى التلف في المقام بمجرد اقتراحه لذلك، و هذا هو الموافق لموازين القضاء و ان البينة على المدعي و اليمين على من أنكر، فلا بد له في إثبات دعواه إما من إقامة البينة أو الحلف، فمقتضى الأدلة العامة عدم سماع كل دعوى إلا بأحدهما سواء كان المدعي متهما أو لا و إن كان ذلك في صورة الاتهام أولى، و هذا أيضا مقتضى التضمين الاحتياطي الذي أسسه أمير المؤمنين عليه السلام في أمتعة الناس فأسقط عليه السلام دعوى التلف إلا حفظا مع أحدهما للأموال لخفة دعوى‏ التلف خصوصا إذا استولى الفساد على أهل الزمان فما أسسه عليه السلام موافق للأصل و القاعدة و الارتكاز العرفي، و حيث ان مدعى التلف في المقام هو مدع يجوز إقامة البينة و حيث انه أمين يجوز تحليفه.

و أما الأخبار الخاصة: فمنها قول أبي عبد اللّه عليه السلام: «كان أمير المؤمنين عليه السلام ضمن القصار و الصائغ احتياطا للناس، و كان أبي يتطول عليه إذا كان مأمونا»4، و المراد بصدره ليس الحكم بالضمان مطلقا- و لو ثبت أن التلف كان مع عدم التعدي و لا التفريط- بل الحكم بالضمان إلا مع ثبوت أحدهما، و هذا هو الموافق لذيل الحديث، و الموافق لسائر ما ورد في الباب من الأخبار لأن المحصل من مجموعها انه لا ضمان مع إحراز الصدق، و يضمن في غيره و منها صحيح ابن مسكان عن الصادق عليه السلام: «سألته عن قصّار دفعت إليه ثوبا فزعم إنه سرق من بين متاعه؟ قال عليه السلام: فعليه ان يقيم البينة انه سرق من بين متاعه و ليس عليه شي‏ء و ان سرق متاعه كله فليس عليه شي‏ء»٥، و هو ظاهر في ان المناط كله إحراز صدقه لا التعبد بمجرد قوله عليه السلام: «بعد أن يكون الرجل أمينا»٦، و قريب منه صحيح الحلبي عنه عليه السلام أيضا۷.

و منها خبر بكر بن حبيب عنه عليه السلام أيضا: «أعطيت جبة إلى القصّار فذهبت بزعمه، قال: إن اتهمته فاستحلفه و إن لم تتهمه فليس عليه شي‏ء»۸، و المراد بالاتهام عدم أمارة معتبرة على صدقه، كما أن المراد بعدم الاتهام وجود أمارة على الصدق بقرينة خبر أبي بصير عنه عليه السلام أيضا: «لا يضمن الصائغ و لا القصّار و لا الحائك إلا أن يكونوا متهمين، فيخوف بالبينة، و يستحلف لعله يستخرج منه شي‏ء»۹، إذ المنساق من ذيله أن كل ذلك طريق لإحراز صدقه فلا وجه لأن يقال: انه لا معنى للبينة بالنسبة إلى الأمين و لا التضمين، لأن كل ذلك صحيح إذا حصل الاطمئنان العادي بصدقه في دعوى التلف لا أن يتعبد بقوله، و لو مع عدم إحراز الصدق فاجتمع مجموع الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض على شي‏ء واحد، و لم يعلم مخالفة أحد من المحققين لذلك فضلا عن المشهور.

إن قيل: نعم، و لكنه خلاف «البينة على المدعى و اليمين على من أنكر» لأن في المقام يصح إقامة البينة و الحلف بالنسبة إليه.

يقال: لا بأس به في المقام لما مر في خبر أبي بصير، و قريب منه خبر حمّاد عن الحلبي عن الصادق عليه السلام: «في حمّال يحمل معه الزيت فيقول: قد ذهب أو أهرق أو قطع عليه الطريق، فإن جاء ببينة عادلة انه قطع عليه أو ذهب فليس عليه شي‏ء و إلا ضمن»۱۰.

(مسألة ٦): يكره تضمين الأجير (۱٥) في مورد ضمانه من قيام البينة على إتلافه، أو تفريطه في الحفظ، أو تعديه، أو نكوله عن اليمين، أو نحو ذلك.

نسب ذلك إلى الأصحاب و استندوا الى خبر ابن منصور عن الصادق عليه السلام: «عن الرجل يحمل المتاع بالأجر فيضيع المتاع فتطيب نفسه إن يغرمه لأهله أ يأخذونه؟ فقال لي: أمين هو؟ قلت: نعم؟ قال عليه السلام فلا يأخذ منه شيئا»۱۱، و المتيقن من إجماعهم على فرض التحقق و المنساق من الحديث ثبوت الكراهة بشرطين.

الأول‏: إحراز الأمانة حدوثا و بقاء و كان الإتلاف من باب «أن الجواد قد يكبو».

الثاني‏: أن يغرم بطيب نفسه من دون مطالبة صاحب المال و مع عدم الشرطين لا كراهة في البين.

(مسألة ۷): إذا تنازعا في مقدار الأجرة قدم قول المستأجر (۱٦).

لأصالة عدم الزيادة و ظهور الإجماع.

(مسألة ۸): إذا تنازعا في أنه آجره بغلا أو حمارا أو آجره هذا الحمار مثلا أو ذاك فالمرجع التحالف (۱۷)، و كذا لو اختلفا في الأجرة أنها عشرة دراهم أو دينار (۱۸).

نسب ذلك إلى المشهور، لانطباق ضابط التحالف عليه و هو أن لا يتفق الخصمان على أمر واحد في ظاهر التخاصم، كما في سائر موارد التحالف.

و عن بعض مشايخنا «قدس سرهم» في حاشيته الشريفة على المقام ما هذا لفظه «الأقوى تقديم قول المؤجر مع يمينه على نفي ما يدعيه المستأجر في الأول، و تقديم قول المتسأجر مع يمينه على نفي ما يدعيه المؤجر في الثاني»، فجعل قدّس سرّه المقام من المدعي و المنكر لأنه بعد اتفاقهما على استحقاق المالك للأجرة، فالنزاع انما هو في استحقاق المستأجر لمنفعة ما يدعيه فيكون هو المدعي و المالك ينفيه فيكون منكرا فالمقام من صغريات المدعي و المنكر، لفرض اتفاقهما على شي‏ء و الاختلاف في شي‏ء آخر فلا يكون من مورد التحالف.

و هو حسن لو كان هذا هو المتفاهم من مثل هذا النزاع عرفا، هذا إذا كان النزاع قبل التصرف و استيفاء المنفعة، و أما إن كان بعد انقضاء المدة فبعد يمين المالك يدفع المستأجر اليه أجرة المثل عن المنفعة المستوفاة فيما يدعيه لأصالة احترام المال كما مر، و أما المنفعة التي يدعي وقوع الإجارة عليها فتلزمه لها الأجرة المسماة المتفق عليها بينهما لأنه هو الذي فوتها باختياره.

و فيه أيضا يرجع إلى المدعي و المنكر لاتفاقهما على أن منفعة العين المستأجرة صارت ملكا للمستأجر و يختلفان في الأجرة، فالمؤجر يدعي أنها عشرة دراهم و المستأجر يدعي إنها دينار، و مرجعه إلى إنكار دعوى المؤجر فتصير من المدعي و المنكر و إن أمكن جعله من مورد التحالف.

(مسألة ۹): إذا اختلفا في أنه شرط أحدهما على الآخر شرطا أو لا فالقول قول منكره (۱۹).

للأصل و ظهور الإجماع إذا كانت الدعوى هكذا كما هو الظاهر بأن يكون أصل الإجارة مسلما عندهما، و كان الاختلاف في ذكر الشرط و عدمه فلا إشكال في انه من المدعي و المنكر، و أما إذا كان التخاصم في خصوص عنوان ذكر الشرط و عدمه من حيث كونهما عنوانين مستقلين ملفوظين، و هو المعبر عنه بمصب الدعوى لعدم اتفاقهما على أمر واحد حينئذ، و قد قال بعض الأعاظم رحمه اللّه في شرحه: «بإمكان إرجاع جملة من الدعاوي المذكورة في المتن إلى التداعي، بأن يجعل نفس ما صدر من كل من المتخاصمين من حيث هو مورد النزاع مع قطع النظر عن سائر الجهات»، و فيه أن مصب الدعوى لا بد و ان يلحظ بحسب المتفاهم العرفي لا بحسب الفرض الذهني و مصبه في نظائر المقام ما ينسبق إلى الذهن من ظاهر الكلام، فلا فرق بين المصب و المنسبق الظاهري حينئذ.

(مسألة ۱۰): إذا اختلفا في المدة أنها شهر أو شهران مثلا فالقول قول منكر الأزيد (۲۰).

لأصالة عدم وقوع العقد على الزيادة، و نسب إلى الشيخ القرعة و إلى العلامة التحالف فيما اختلفا في الأجرة و المدة معا، و لا وجه للقرعة مع جريان الأصل كما لا وجه للتحالف لوجود قدر متيقن للنزاع في البين.

(مسألة ۱۱): إذا اختلفا في الصحة و الفساد قدّم قول من يدعي الصحة (۲۱).

لأصالة الصحة عند الشك فيها و هي من الأصول النظامية المقررة في الشرعية الإسلامية خصوصا في أبواب المعاملات مطلقا، و قد نقحنا المقام فيها في تهذيب الأصول من شاء فليرجع إليه.

(مسألة ۱۲): إذا حمل المؤجر متاعه إلى بلد فقال المستأجر أستأجرك على أن تحمله إلى البلد الفلاني غير ذلك البلد و تنازعا (۲۲)، قدم قول المستأجر (۲۳). فلا يستحق المؤجر أجرة حمله (۲٤)، و إن طلب منه الرد إلى المكان الأول وجب عليه (۲٥)، و ليس له رده إليه إذا لم يرض (۲٦)، و يضمن له إن‏ تلف أو عاب لعدم كونه أمينا حينئذ في ظاهر الشرع (۲۷).

يمكن كون النزاع بينهما من المدعي و المنكر بأن يدعي المستأجر:

آجرتك لتحمل المتاع إلى النجف مثلا و يقول الأجير: ما أجرتني لحمل المتاع اليه، و هذا ظاهر عرفا في المدعي و المنكر، و يجري عليه أحكامهما كما يمكن جعل النزاع من التداعي بأن ادعى المستأجر: آجرتك لتحمل المتاع إلى النجف، و قال الأجير: أجرتني لأحمل المتاع إلى الكوفة مثلا، فيصير من المتداعيين، و يستظهر هذا من التفريعات التي ذكرها رحمه اللّه للمسألة مع انه يمكن أن يجعل ذلك أيضا من المدعي و المنكر بوجه آخر بأن يجعل الأجرة المشتركة بين المحلين مسلمة عندهما، و كان النزاع في الزائد عليها و إن كان ظاهر فرض المتن هو التداعي.

إن كان التخاصم من المدعي و المنكر لأصالة عدم استحقاق الأجير لما يدعيه، و أما بناء على كون النزاع من التداعي فالحكم هو التحالف إن كان المنساق العرفي من النزاع ذلك، فيكون نزاع الفقهاء في المقام صغرويا لا أن يكون نزاعا في الكبرى، و تشخيص ذلك بنظر القاضي الذي يستقضي لديه لا بنظر غيره ممكن يكون غائبا عن المتخاصمين.

لأصالة عدم الاستحقاق بعد حلف المستأجر على نفي ما ادعاه المؤجر، و هذا الحلف لازم سواء كان الموضوع من التحالف أو من المدعي و المنكر لأصالة عدم الحجية إلا إذا أقام المؤجر بينة على دعواه.

لأنه قطع استيلاء المالك عن ماله في ظاهر الشرع فيجب عليه تداركه عرفا و شرعا فيشمله مثل قاعدة اليد.

لأنه تصرف في مال الغير بدون رضاه، و هو حرام بالأدلة الأربعة كما تقدم مكررا.

و من لوازم عدم الاستيمان ثبوت الضمان مع التلف و لو بلا تعد و تفريط.

(مسألة ۱۳): إذا خاط ثوبه قباء (۲۸). و ادعى المستأجر أنه أمره بأن يخيطه قميصا فالأقوى تقديم قول المستأجر، لأصالة عدم الاذن (۲۹)، في خياطته قباء، و على هذا فيضمن له عوض النقص الحاصل من ذلك (۳۰) و لا يجوز له نقضه إذا كان الخيط للمستأجر (۳۱) و إن كان له كان له (۳۲). و يضمن النقص الحاصل من ذلك (۳۳) و لا يجب عليه قبول عوضه لو طلبه المستأجر، كما ليس عليه قبول عوض الثوب لو طلبه المؤجر (۳٤)، هذا.و لو تنازعا في هذه المسألة المتقدمة قبل الحمل و قبل الخياطة فالمرجع التحالف (۳٥).

هذا الفرع مذكور في كتب الفريقين، و كيفية ذكره مختلفة فعلى بعضها يكون من التداعي كما قرره في المتن، و على بعضها الآخر يكون من المدعي و المنكر.

أما الأول: فهو فيما إذا كان قرار معاملي في البين و ادعى أحدهما أن مورده قطع القباء، و الآخر أن مورده قطع القميص، و حكمه التحالف و سقوط كل من الدعويين، و الرجوع الى أصالة البراءة عن استحقاق الأجرة، و أصالة عدم الإذن في القطع قباء، و لا مجرى لأصالة احترام العمل لسقوطها بحلف الطرف، و يضمن الخياط أرش النقص الحاصل من قطعه قباء لقاعدة الإتلاف.

و أما الثاني: فهو أن يكون النزاع في أصل الأمر الموجب لاستيفاء العمل لا بنحو تملك المنفعة و الاستيجار، فيدعي الخياط: «أمرتني بقطع القبا»، و ينكر المالك و قوله مطابق للأصل فيقدم لأصالة عدم صدور الاذن في القباء، و ليس للخياط أجرة المثل إذ لم يثبت من المالك ما يوجب استيفاء عمل الخياط فذهب عمله هدرا و باطلا، بل يضمن أرش الثوب لما مر من قاعدة الإتلاف بعد عدم الاذن فيه من المالك فالنتيجة واحدة و إن كان إثباتها ..

تارة: بحلف المنكر إن كان النزاع من المدعي و المنكر و أخرى: بالتحالف إن كان من التداعي.

هذا أصل موضوعي يجري على كلا التقديرين سواء كان النزاع من المدعي و المنكر أم من التداعي، و كذا أصالة البراءة عما يدعيه الطرف.

لقاعدتي اليد و الإتلاف بعد سقوط أمانته بحلف المالك، أما للتداعي‏ أو لأجل كون المقام من المدعي و المنكر.

لأنه تصرف في مال الغير و يدور التصرف مدار إذنه و رضاه.

لقاعدة السلطنة إن عد الخيط مالا عرفا، و أما إن عدت الخياطة إتلافا للمال عرفا في الثوب ليحصل هيئة خاصة منه في الثوب كإتلاف الألوان في البيوت و الجدران، و كالجص و الاسمنت الذي يصرف في البناء إن قلع لا مالية له الى غير ذلك من الأمثلة و هي كثيرة، فتتبدل كل ذلك الى القيمة لا أن يكون لمالكها حق أخذها لفرض صدق التلف، و إن فرض أن الإتلاف كان بعمده و اختياره فليس له السلطة على الأخذ لعدم الموضوع و إقدامه على هتك ماله باختياره إن كان متوجها إلى أنه لا حق له.

إن قيل: إن تصرفه في خيطه على فرض بقاء المالية له تصرف في الثوب أيضا، و هو لا يجوز الا برضا صاحب الثوب مطلقا.

يقال: ان مقتضى السلطنة المطلقة التي تكون لصاحب الخيط جواز تصرفه في ماله، و مع تصرفه و عدم رضائه ببقائه لا يبقى موضوع لسلطنة المالك سلطنة مطلقة، لفرض أن السلطنة المطلقة مقيدة برضا صاحب الخيط و المفروض عدمه.

نعم، لو كان يتضرر المالك بذلك يمكن أن يقال بالتبديل الى المثل أو القيمة جمعا بين الحقين، و يأتي في أحكام الشركة و أقسامها بعض ما ينفع المقام، و لذا أجملنا الكلام و لم نتعرض لما يتصور من الاقسام لئلا تضطرب الافهام.

لحصول النقض بفعله فتشمله أدلة الضمان.

لقاعدة السلطنة فيه و في سابقة.

لدعوى كل منهما في ظاهر دعواه غير ما يدعيه الآخر، و عدم وجود قدر جامع في مورد النزاع و التخاصم في الزائد عليه حتى يصير النزاع من المدعي و المنكر.

و فيه: أن الدعوى مطلقا، سواء كان في مورد التداعي أو في مورد المدعي و المنكر لا بد و أن يكون له أثر ملزم فعلي حتى يستحق الدعوى و المطالبة به حين تقرير الدعوى، و في المقام متفقان على استحقاق الأجرة و المستأجر يطالب الأجير بالعمل الخاص و هو ينكره فهما من المدعي و المنكر.

نعم، إن طالب الأجير المستأجر بحق فعلي ملزم يكونان من المتداعيين، و لكنه ليس بحق فعلي بل حق تعليقي على عمله لو عمل به، و في مثله ليست الدعوى ملزمة فهو من المتداعيين بمعنى أن أحدهما له الدعوى الفعلي و الآخر له الدعوى الاستقبالي، و في تعميم التحالف الى هذا النحو من الدعوى إشكال بل منع لكونه خلاف الموازين المقررة في كتاب القضاء، و لذا قال سيد مشايخنا في حاشيته الشريفة على المقام و نعم ما قال: «بل يقدم قول المؤجر في المسألتين مع يمينه على نفي ما يدعيه المستأجر» و محل تنقيح هذه المسائل انما هو كتاب القضاء فراجع.

فروع‏: لا بأس بالإشارة إليها و إن كان لها محل آخر.

الأول‏: يأتي في كتاب القضاء ان حكم الحاكم لا يغير الواقع عما هو عليه، لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إنما أقضي بينكم بالبينات و الايمان، و بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فإنما قطعت له قطعة من النار»۱۲، فالحاكم الذي يحكم ببطلان كلا الدعويين في مورد التحالف مع العلم‏ الإجمالي بكون إحداهما ثابتا في الواقع يصير حكمه خلاف الواقع، فلا اعتبار به و قد أجيب عنه بوجوه تعرضنا لبعضها في حجية القطع من كتابنا (تهذيب الأصول)، منها أن مصلحة اعتبار حكم الحاكم أقوى من مفسدة الوقوع في خلاف الواقع لان الواقع تحت سلطة الشارع فله أن يحكم فيه بما يشاء و يتخير فيه بما يريد.

الثاني‏: قد أثبتنا في كتاب القضاء أنه يجب تنفيذ حكم الحاكم الجامع للشرائط بالأدلة الأربعة، ففي مورد التحالف الذي يعلم إجمالا بمخالفة حكمه للواقع كيف يجب هذا لتنفيذ مع العلم بأنه خلاف الواقع؟! و ليس الحكم إلا كسائر الحجج التي لا اعتبار بها مع العلم بمخالفتها للواقع.

و يمكن أن يجاب بأن الشارع في مورد الحكم رفع اليد عن الواقع لكثرة أهمية الحكم و المصالح الكثيرة المترتبة على تنفيذه و عدم رده، كما رفع اليد عن الواقع في مورد التقية و التكاليف الاضطرارية و مفسدة ترك الواقع متداركة بمصلحة هي أهم منها، و لا محذور في ذلك من عقل أو نقل بل هو واقع كثيرا في الفقه، و كلما يقال في عدم جواز مقاصة ذي الحق بعد اليمين و إن علم ثبوت حقه و كذب المنكر الذي وردت فيه النصوص‏۱۳، يقال في نفس اعتبار الحكم و حجتيه أيضا.

و أما ما تقدم من قول النبي صلّى اللّه عليه و آله في الصحيح فهو ان ما ورد لسد باب من يعلم بكذب نفسه و مع ذلك يدعي أو ينكر، و لاعتبار كثرة الاهتمام بالجزم بالدعوى، و أما إذا لم يكن كذلك بل كان كل منهما معتقدا لصدقه في مقاله، فلا يشمل الصحيح له لانحصار حسم النزاع حينئذ في الترافع لدى الحاكم، و لم يصدر من المتنازعين قصور و لا تقصير و سيأتي الكلام في حكم الحاكم في القضاء.

الثالث‏: ليس للمدعي بعد حلف طرفه مطالبة حقه منه و لا مقاصته و لا تسمع دعواه بعد ذلك إجماعا و نصا، قال الصادق عليه السلام في صحيح ابن أبي يعفور:

«اليمين قد أبطلت كلما ادعاه قبله مما قد استحلفه عليه، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

من حلف لكم على حق فصدقوه، و من سألكم باللّه فأعطوه، ذهبت اليمين بدعوى المدعي و لا دعوى له»۱4، و في خبر النخعي عن الصادق عليه السلام: «في الرجل يكون له على الرجل المال فيجحده، قال عليه السلام: «إن استحلفه فليس له أن يأخذ شيئا، و ان تركه و لم يستحلفه فهو على حقه»۱٥، و في صحيح ابن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه و حلف ثمَّ وقع له عندي مال آخذه لمكان مالي الذي أخذه و أجحده و أحلف عليه كما صنع؟ قال عليه السلام: إن خانك فلا تخنه و لا تدخل فيما عتبته عليه»۱٦، إلى غير ذلك مما يأتي في كتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى.

الرابع‏: لا فرق في سقوط الدعوى باليمين بين كون الدعوى دينا أو عينا، لظهور الاتفاق على عدم الفرق، و يقتضيه بعض الإطلاقات أيضا و ليس المقام محل ذكر هذه المسائل و انما محلها كتاب القضاء على ما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

(مسألة ۱٤): كل من يقدم قوله في الموارد المذكورة عليه اليمين‏ للآخر (۳٦).

لأصالة عدم الحجية و الاعتبار إلا إذا اقترن بما يصح عليه الاعتماد من حلف أو بينة أو علم بالصدق أو نحو ذلك.

  1. الوسائل باب: ۷ من أبواب أحكام الوديعة: ۱.
  2. الوسائل باب: ۹ من أبواب أحكام الوديعة: ۱.
  3. الوسائل باب: ۱ من أبواب العارية: ٦.
  4. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام الإجارة: حديث: 4.
  5. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام الإجارة حديث: ٥.
  6. الوسائل باب: 4 من أبواب الوديعة حديث: ٥.
  7. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام الإجارة حديث: ۲.
  8. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام الإجارة حديث: ۳.
  9. الوسائل باب: ۲۹ من أبواب أحكام الإجارة حديث: ۱٦.
  10. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب أحكام الإجارة: ۱٦.
  11. الوسائل باب: ۳۰ من أبواب أحكام الإجارة: ۱۲.
  12. الوسائل باب: ۲ من أبواب كيفية القضاء: ۱.
  13. راجع الوسائل باب: 4۸ من أبواب الإيمان ج: ۱٦.
  14. الوسائل باب: ۹ من أبواب كيفية القضاء ۱ و ۲.
  15. الوسائل باب: ۱۰ من أبواب كيفية القضاء: ۱.
  16. الوسائل باب: ۸۳ من أبواب ما يكتسب به: ۷.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"