1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الأيمان و النذور
  10. /
  11. النذر و أحكامه
النذر هو الالتزام بعمل للّه تعالى على نحو مخصوص (۱). و لا ينعقد بمجرد النية (۲) بل لا بد من الصيغة و هي ما كانت مفادها إنشاء الالتزام بفعل أو ترك للّه تعالى (۳) كأن يقول: «للّه عليّ أن أصوم أو ان أترك شرب الخمر» مثلا، و هل يعتبر في الصيغة قول (اللّه) بالخصوص أو يجزي غير هذه اللفظة من أسمائه المختصة كما تقدم في اليمين؟ الظاهر هو الثاني (٤) فكل ما دل على الالتزام بعمل للّه جل شأنه يكفي في الانعقاد (٥)، بل لا يبعد انعقاده بما يرادف القول المزبور من كل لغة (٦) خصوصا لمن لم يحسن العربية (۷).

أصل هذه المادة تستعمل لغة بمعنى الإعلام و التخويف و يلزمهما الإثبات و التثبت و المعنى المعهود الشرعي من صغريات المعنى اللغوي أي الإثبات و التثبيت المتضمن للإعلام و التخويف و ليس معناه مستقلا في مقابل اللغة.

و تدل على مشروعيته الأدلة الأربعة فمن الكتاب قوله تعالى‏ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ‏1، و قوله تعالى‏ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ2، و من السنة المستفيضة بل المتواترة التي يأتي بعضها، و من الإجماع إجماع المسلمين لو لم يكن من المليين قال تعالى في قصة مريم‏ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً3، و في قصة أمها رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً4، و من العقل انه من السلطة الاختيارية التي يحكم العقل بثبوتها لكل فاعل مختار ما لم ينه عنها الشرع.

أرسل هذا التعريف إرسال المسلمات أما الالتزام بالعمل فهو عين المعنى اللغوي من حيث تضمن المعنى للتثبت و الإثبات. و أما القربة فهو من مقومات النذر إجماعا و نصوصا سيأتي بعضها، و يأتي بعض الأخبار الدالة عليه.

لقاعدة: «ان الالتزامات لا أثر لها ما لم يكن لها مبرز خارجي» مضافا إلى النصوص الكثيرة منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في موثق الكناني: «ليس النذر بشي‏ء حتى يسمي اللّه صياما أو صدقة أو هديا أو حجا»5، و عنه عليه السّلام أيضا: «إذا لم يقل للّه عليّ فليس بشي‏ء»6، إلى غير ذلك من الأخبار، و يدل عليه الإجماع أيضا من غير الشيخين و القاضي حيث نسب إليهم الانعقاد بمجرد النية و عد هذا من الأقوال النادرة.

للنصوص الكثيرة التي تقدم بعضها، و لإجماع الإمامية بل و جميع المليين الذين يعتقدون باللّه تعالى و ينذرون له عز و جل ثمَّ ان الإضافة إلى اللّه عز و جل على قسمين:

الأول: بأن يكون الداعي المحرّك لإتيان العمل و الغاية الباعثة للإتيان هو اللّه عز و جل كما في العبادات بحيث يفسد العمل بالرياء أو إتيانه بداعي غير اللّه تعالى من سائر الدواعي كما فصلناه في نية الوضوء و الصلاة، و لا دليل على اعتبار هذا القسم من الإضافة إليه تعالى في اليمين و النذر و العهد بل مقتضى الأصل و الإطلاق عدمه، فلو أتى باليمين أو النذر أو العهد لترك شي‏ء أو فعله لمجرد غرض نفساني فقط من دون أن تكون الغاية هو اللّه تعالى يصح كل ذلك. و أما قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في رواية ابن صدقة: «إذا لم يجعل للّه فليس بشي‏ء»7، و قريب منه غيره فلا يدل على كونه عبادة بذاته مثل الصلاة، لأن المراد من هذه الأخبار انما هو ذكر اللّه تعالى في مقام إنشاء النذر.

الثاني: أن تكون الصيغة المنشأ بها اليمين أو النذر أو العهد متضمنة لاسمه عز و جل سواء كان داعي الالتزام هو اللّه تعالى أو لا، و هذا هو المعتبر في الثلاثة بلا إشكال، و كلمات القوم في المقام لا تخلو من تشويش و لعل أول من أوقعهم فيه المحقق رحمه اللّه في الشرائع، حيث عبر رحمه اللّه باعتبار القربة فقال: «يشترط مع الصيغة نية القربة فلو قصد منع نفسه بالنذر لا للّه لم ينعقد» و لكن لو كان متعلق الثلاثة عبادة فلا ريب في اعتبار القربة في المتعلق حينئذ كما هو معلوم و لكنه لا يستلزم كون الثلاثة عباديا و قريبا بذاتها.

نسب إلى أكثر الأصحاب اعتبار النطق بلفظ الجلالة بل ادعي عليه الإجماع، و عن الشهيد في الدروس الاكتفاء بأحد الأسماء المختصة كما في اليمين لأن لفظ «اللّه» الذي ذكر في الأخبار انما هو لأجل تحقق الإضافة الاختصاصية إلى الذات الأقدس عز و جل و لا موضوعية فيه بوجه، فكل لفظ تحققت الإضافة الاختصاصية إلى الذات الأقدس تعالى يتحقق النذر به، و يشهد لما قلناه أخبار اليمين‏8، و قول الصديقة العذراء أم المسيح في الأرض المرفوع إلى السماء إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً9، و قال في الجواهر و نعم ما قال:

«لا يخفى أن سياق النصوص اجمع إرادة خصوص ذاته المقدسة لا خصوص هذا اللفظ».

لوجود المقتضي من صدق النذر عرفا و فقد المانع فتشمله الإطلاقات لا محالة.

لأنه لا موضوعية للعربية في إبراز الالتزامات و الإنشاءات المتعارفة بين الناس إلا أن يدل دليل خاص على اعتبارها و هو مفقود، إذ ليس في البين إلا الكتاب الكريم و الأخبار الواصلة إلينا، أما الكتاب فعموم قوله تعالى‏ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ‏10، و قوله تعالى‏ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ11، الشاملة لكل نذر تحقق بأي لغة كان، و أما الأخبار من حيث أن السائل و المجيب كانوا من العرب صدرت العربية عنهم عليهم السّلام لا لأجل أنها مقومة لإبراز مقاصد الناس مطلقا على فرقهم المختلفة و ألسنتهم المتشتته، و أما دعوى الإجماع على اعتبار العربية في العقود و الإيقاعات فعهدة اعتبار مثل هذا الإجماع على مدعيه. نعم تعتبر العربية في الصلاة و قراءة القرآن بالضرورة الدينية و يلحق بالقرآن على الظاهر الدعوات الخاصة المعتبرة.

لأن المتيقن من إجماعهم على فرض اعتباره انما هو من قدر عليها و المنساق من النصوص على فرض صحة استفادة اعتبار العربية خصوص القادر عليها. و بالجملة كون اعتبار العربية في إنشاء الالتزامات كاعتبارها في القرآن و الصلاة مما تأباه الأذهان السليمة و السلائق المستقيمة، مع أن بنائهم على الرجوع إلى أصالة عدم الشرطية عند الشك فيها مطلقا و التمسك بالعمومات و الإطلاقات بعد الصدق العرفي، و لكن مع ذلك كله مراعاة الاحتياط حسن و أولى.

(مسألة ۱): لو اقتصر على قوله: «عليّ كذا» لم ينعقد النذر (۸) و ان‏ نوى في ضميره معنى للّه (۹)، و لو قال: «نذرت للّه» أن أصوم مثلا أو «للّه عليّ نذر صوم يوم» مثلا لم ينعقد على إشكال (۱۰) فلا يترك الاحتياط.

نسب ذلك إلى ظاهر الأكثر للأصل و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ليس‏

النذر بشي‏ء حتى يسمى للّه»12، و قوله عليه السّلام أيضا: «إذا لم يقل للّه عليّ فليس بشي‏ء»13.

لشمول إطلاق النص و الفتوى لهذه الصورة أيضا، و هناك قولان آخران، أحدهما: لابن حمزة من التفصيل بين النذر المشروط فينعقد و غيره فلا ينعقد.

ثانيهما: للقاضي من الاكتفاء بمجرد النية في الصحة، و الأول ضعيف و الثاني أضعف و من أراد العثور عليه فليراجع المطولات.

من الجمود على ما في النصوص من التعبير ب «للّه عليّ»14، فلا ينعقد بهذه التعبيرات و من أن هذه التعبيرات مساوق عرفا لما ورد في الروايات فلا بد من الانعقاد. و منه يعلم وجه وجوب الاحتياط لأن فيه النجاة إلى أن يطلع على وجه الأرض أمامها و يكشف بعدله و أنواره ظلمها و ظلامها و يبلغ بمقدمه حقائق التكوين و التشريع إلى كمالها و تمامها.

ثمَّ انه لا ريب في أن كلمة «اللام» في قول «للّه عليّ» يفيد الاختصاص فيجعل الناذر حقا للّه تعالى على نفسه و يلتزم بوفائه بهذا الحق المجعول، و أما استفادة الملكية منها فلا دليل عليها من عقل أو نقل.

نعم، لفظ «له» في العلوم العقلية عبارة عن مقولة الجدة أي:

الملك فمن أتعب نفسه في أن «اللام» تدل على الملك خلط بين الفنون الأدبية و العرفية و العقلية و كم لهم من هذه الاختلاطات كما لا يخفى على الخبير.

(مسألة ۲): يشترط في الناذر البلوغ و العقل و الاختيار و القصد (۱۱). و انتفاء الحجر في متعلق النذر (۱۲)، فلا ينعقد نذر الصبي و إن كان مميزا و بلغ عشرا (۱۳) و لا المجنون و لو أدواريا حال دوره (۱٤) و لا المكروه و لا السكران بل و لا الغضبان غضبا رافعا للقصد (۱٥)، و كذا السفيه إن كان‏ المنذور مالا و لو في ذمته (۱٦) و المفلس إن كان المنذور من المال الذي حجر عليه و تعلق به حق الغرماء (۱۷).

تقدم غير مرة أن هذه كلها من الشرائط العامة للالتزامات مطلقا عقدا كانت أو إيقاعا، و اعتبار العقد و القصد فيها من الشروط العقلائية لها عند الناس أجمعين، إذ لا أثر لالتزام المجنون و الساهي و الناسي لديهم، و البلوغ معتبر فيها لدى المسلمين نصا15، و إجماعا و كذا الاختيار لحديث رفع الإكراه‏16، المتكرر نقله في الأخبار، و يمكن أن يجعل اعتباره من الأمور العقلائية أيضا لبناء العقلاء على عدم ترتب الأثر على التزام المكره مطلقا ما لم يكن في البين طيب النفس.

لأنه يعتبر في متعلق النذر أن يكون مقدورا شرعا على التصرف فيه و مع الحجر لا قدرة له عليه كذلك.

لإطلاق ما دل على سقوط إنشاء الصبي مطلقا عقدا كان أو إيقاعا ما لم يدل دليل على الخلاف، و لا دليل على الخلاف في المقام إلا إطلاق ما ورد عن أبي جعفر عليه السّلام في الموثق: «إذا أتى على الغلام عشر سنين فإنه يجوز في ماله ما أعتق أو تصدق أو أوصى على حد معروف و حق فهو جائز»17، و مثله غيره و لكنه موهون بالإعراض أو محمول على بعض المحامل.

دون حال إفاقته فيصح النذر حينئذ.

لعدم تحقق أصل القصد حينئذ، و أما خبر ابن بشير عن موسى ابن جعفر عليه السّلام: قال: «جعلت فداك إني جعلت للّه عليّ أن لا أقبل من بني عمي صلة

و لا اخرج متاعي في سوق مني تلك الأيام، قال: إن كنت جعلت ذلك شكرا فف به و إن كنت إنما قلت ذلك من غضب فلا شي‏ء عليك»18، فإن كان هذا الغضب موجبا لرفع القصد فالحكم مطابق للقاعدة و إن لم يكن كذلك فمقتضى الإطلاقات و العمومات الصحة.

لمكان حجره في التصرف في أمواله فكيف يصح نذره؟!

لتعلق حق الغرماء و لا وجه لصحة النذر حينئذ كما تقدم في كتاب الحجر.

(مسألة ۳): لا يصح نذر الزوجة مع منع الزوج (۱۸) و لو نذرت بدون إذنه كان له حلّه (۱۹)، كاليمين و إن كان متعلقا بمالها و لم يكن العمل به‏ مانعا عن الاستمتاع بها (۲۰)، و لو أذن لها في النذر فنذرت عن إذنه انعقد و ليس له بعد ذلك حله و لا المنع عن الوفاء به (۲۱)، و هل يشترط انعقاد نذر الولد بإذن الوالد فلا ينعقد بدونه أو ينعقد و له حلّه أو لا يشترط بالإذن و لا له حلّه فيه؟ خلاف و إشكال (۲۲). و الأحوط أن يكون بإذنه (۲۳) ثمَّ بعد ذلك لزم و ليس له حله و لا منعه عن الوفاء (۲٤).

على المشهور لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق و لا صدقة و لا تدبير و لا هبة و لا نذر في مالها إلا بإذن زوجها إلا في حج أو زكاة أو بر والديها أو صلة رحمها»19.

و أشكل عليه باشتماله على ما لا يقول به أحد من بطلان عتقها بدون إذن الزوج فلا وجه للاعتماد عليه.

و فيه: أن التفكيك بالعمل ببعض الأجزاء من الأخبار ورد بعضها من سيرة الأصحاب من محدثهم و فقيههم كما لا يخفى على أولي الألباب.

و الظاهر عدم الفرق بين الدائمة و المنقطعة إلا مع تحقق الانصراف عن الأخيرة لأجل القرائن الخاصة كقصر المدة.

بلا إشكال فيه و انما الكلام في أنه هل ينعقد بلا إذن منه أو لا ينعقد

أصلا بدون اذنه؟ فتكون الأقسام ثلاثة: تحقق الإذن السابق و لا ريب في الانعقاد حينئذ، و تحقق المنع السابق و لا ريب في عدم الانعقاد أصلا، و عدم تحققهما معا فينعقد بناء على عدم اعتبار الإذن السابق و يكون للزوج حلّه، و مقتضى الجمع بين الحقين و العمل بالدليلين هو الأخير و تقدم ذلك في اليمين أيضا و سيأتي في مسألة ۳۰ ما ينفع المقام.

أما الأول فلذكره بالخصوص فيما تقدم من النص. و أما الأخير فللإطلاق و تقدم في نذر الحج بعض ما ينفع المقام.

لوقوع النذر جامعا للشرائط فيشمله قوله عليه السّلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»20.

(۲۲) نسب إلى الأكثر إلحاق الولد بالزوجة في ذلك، و استدلوا عليه.

تارة: بتنقيح المناط.

و أخرى: بأن المراد باليمين في الأخبار ما يشمل النذر بعضها في كلام الإمام عليه السّلام و بعضها في كلام الراوي مع تقرير الإمام عليه السّلام له‏21، و تقدم بعض الكلام في نذر الحج فراجع.

و ثالثة: بأن الاستقراء و التتبع التام يكشف عن اشتراك اليمين و النذر في كثير من الأحكام.

و يمكن الخدشة في الكل أما الأول فهو قياس باطل. و أما الثاني فلا وجه‏

له إلا إذا ثبت أن الإطلاق بنحو الحقيقة و أن اليمين من أفراد النذر الحقيقية أو الحكمية الشرعية، و هو أول الدعوى مع أن للمجاز و الاستعارة باب واسع جدا في جميع المحاورات خصوصا العربية فيبقى مقتضى الإطلاقات و العمومات في النذر، و أصالة عدم توقف صحة نذر الولد على إذن الوالد بحاله.

لأنا و ان أشكلنا فيما ذكروه من الأدلة لكن يمكن دعوى حصول الظن الاجتهادي بالحكم من بعضها و عليه تدور المسائل الاجتهادية.

لتحقق النذر جامعا للشرائط فلا وجه بعد ذلك لتأثير منعه إذ «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»22.

(مسألة ٤): النذر اما نذر برّ و يقال له: «نذر المجازات» (۲٥)، و هو ما علق على أمر اما شكرا لنعمة دنيوية أو أخروية كأن يقول إن رزقت ولدا و إن وفقت لزيارة بيت اللّه فللّه عليّ كذا، و اما استدفاعا لبلية كأن يقول إن شفى اللّه مريضي فللّه عليّ كذا. و اما نذر زجر و هو ما علق على فعل حرام أو مكروه زجرا للنفس على ارتكابهما مثل أن يقول إن تعمدت الكذب أو بلت في الماء فللّه على كذا، أو على ترك واجب أو مستحب زجرا لها عن تركهما مثل أن يقول إن تركت فريضة أو نافلة الليل فللّه عليّ كذا، و اما نذر تبرع و هو ما كان مطلقا و لم يعلق على شي‏ء كأن يقول للّه عليّ أن أصوم‏ غدا لا اشكال و لا خلاف في انعقاد الأولين (۲٦) و في انعقاد الأخير قولان أقواهما الانعقاد (۲۷).

النذر إما مشروط أو لا، و الأول إما شكر أو زجر، و يطلق على الأول نذر الشكر و على الثاني نذر الزجر و على الأخير النذر المطلق، و هذه الأقسام الثلاثة وجدانية لكل من يتوجه إلى النذر في الجملة.

بإجماع الإمامية بل المسلمين إن لم يكن من ضروريات فقههم.

نسب ذلك إلى المشهور بل ادعي الإجماع عليه لصدق النذر لغة و عرفا فيشمله إطلاق الأدلة و عمومها من الكتاب و السنة كقول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «من نذر أن يطع اللّه فليطعه»23، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ليس شي‏ء هو للّه طاعة يجعله الرجل عليه إلا ينبغي له أن يفي به»24، إلى غير ذلك مما هو كثير.

و عن السيدين المرتضى و ابن زهرة عدم الانعقاد، و نسب التوقف في الحكم إلى المدارك و الكفاية و استدل لهم بأمور.

الأول: ما عن ثعلب من أن النذر هو الوعد بشرط.

الثاني: أصالة عدم ترتب الأثر.

الثالث: إجماع المرتضى على عدم الانعقاد.

الرابع: ورود النصوص المستدل بها للمشهور مورد الغالب من النذر المشروط برا كان أو زجرا، مع عدم ذكر النذر فيها.

الخامس: موثق سماعة قال: «سألته عن رجل جعل عليه أيمانا أن يمشي إلى الكعبة أو صدقة أو نذرا أو هديا إن هو كلّم أباه أو أمه أو أخاه أو ذا رحم أو قطع قرابة أو مأثما يقيم عليه أو أمرا لا يصلح له فعله؟ فقال عليه السّلام: لا يمين في معصية اللّه إنما اليمين الواجبة التي ينبغي لصاحبها أن يفي بها ما جعل للّه عليه الشكر إن هو عافاه اللّه من مرضه أو عافاه من أمر يخافه أو ردّ عليه ماله أو ردّه من سفر أو رزقه رزقا فقال: للّه عليّ كذا و كذا لشكر فهذا الواجب على صاحبه‏

 

الذي ينبغي لصاحبه أن يفي به»25، و صحيح ابن حازم عن الصادق عليه السّلام: «إذا قال الرجل عليّ المشي إلى بيت اللّه و هو محرم بحجة أو عليّ هدي كذا و كذا فليس بشي‏ء حتى يقول: للّه عليّ المشي إلى بيته، أو يقول للّه عليّ أن أحرم بحجة، أو يقول: للّه عليّ هدى كذا و كذا إن لم أفعل كذا و كذا»26.

و الكل مخدوش أما قول ثعلب فلا اعتبار به في مقابل إطلاق غيره من أهل اللغة و الانفهام العرفي، و إمكان حمله على الغالب و من دأب أهل الأدب جعل الشائع الغالب من الحقيقة بل هو من دأب بعض الفقهاء أيضا.

و أما الثاني: فلا وجه للتمسك به في مقابل إطلاقات الأدلة و عموماتها الموافقة للفهم العرفي.

و أما إجماع السيد فعهدة إثبات اعتباره عليه، و كم له من هذه الإجماعات التي استقرت الشهرة العظيمة على الخلاف كما لا يخفى على من له أدنى خبرة بالفقه فضلا عن الخبير البصير به.

و أما حمل المطلقات على الغالب فلا وجه له إذا صار المطلق ظاهرا عرفا فيما هو الغالب و لو بالقرينة المعتبرة، و مع الشك يؤخذ بظاهر الإطلاق و العام و إلا لبطل الإفادة و الاستفادة بين الأنام.

و أما الخبران ففيهما.

أولا: انهما ليسا في مقام التفصيل بين المشروط و المطلق بل في مقام التفصيل بين النذر الصحيح و الباطل.

و ثانيا: ان سياقهما الإرشاد إلى تقليل النذر مهما أمكن لكونه مرجوحا لقول الصادق عليه السّلام: «اني لأكره الإيجاب أن يوجب الرجل على نفسه»27.

و ثالثا: إن نذر الشكر يمكن أن يكون من المطلق فعنه عليه السّلام أيضا: «لو ان عبدا أنعم اللّه عليه نعمة أو ابتلاه ببلية فعافاه من تلك البلية فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان كان عليه أن يتم»28.

فتلخص: أن المطلقات من الكتاب و السنة و أصالة اللزوم في العهود مطلقا مما لا حاكم عليها من نقل أو عقل.

(مسألة ٥): لو كان النذر مشروطا و حصل الشرط قبل إنشاء النذر و لا يعلم به الناذر ثمَّ علم به بعد إنشائه لا ينعقد النذر (۲۸)، و هل يجري ذلك فيما لو علّق النذر بما هو مطلوب له مطلقا كشفاء مريض أو قدوم مسافر و حصل ذلك قبل إنشاء النذر؟ (۲۹).

إجماعا و نصا ففي صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سألته عن رجل وقع على جارية له فارتفع حيضها و خاف أن تكون قد حملت، فجعل للّه عتق رقبة و صوما و صدقة إن هي حاضت و قد كانت الجارية طمثت قبل أن يحلف بيوم أو يومين و هو لا يعلم؟ قال عليه السّلام: ليس عليه شي‏ء»29، و في رواية جميل بن صالح قال: «كانت عندي جارية بالمدينة فارتفع طمثها فجعلت للّه نذرا إن هي حاضت فعلمت أنها حاضت قبل أن أجعل النذر فكتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام بالمدينة فأجابني إن كانت حاضت قبل النذر فلا نذر عليك و إن كانت (حاضت) بعد النذر فعليك»30، فيكشف ذلك كله عن بطلان أصل النذر لا صحته.

من أن الصدقة في النذر مثلا مترتبة على العلم بقدوم المسافر أو شفاء المريض سواء حصل كل منهما قبل النذر أو بعده فالعلم حاصل بعد النذر و إن كان الشفاء أو القدوم حصل قبله فيجب عليه التصدق حينئذ وفاء لنذره،

من إمكان دعوى أن المنساق من هذه النذور حدوث الشفاء أو القدوم و كذا الولادة ذكرا مثلا بعد النذر و لكن الأحوط هو الأول.

(مسألة ٦): يشترط في متعلق النذر سواء كان معلقا أو مشروطا شكرا أو زجرا أو كان تبرعا- أن يكون مقدورا للناذر (۳۰)، و أن يكون طاعة للّه تعالى صلاة أو صوما أو حجا أو صدقة أو عتقا و نحوها مما يعتبر في صحتها القربة، أو أمرا ندب إليه الشرع و يصح التعرّف به كزيارة المؤمنين و تشييع الجنائز و عيادة المرضى و غيرها فينعقد في كل واجب أو مندوب و لو كفائيا كتجهيز الموتى إذا تعلق بفعله، و في كل حرام أو مكروه إذا تعلق بتركه (۳۱)، و أما المباح كما إذا نذر أكل طعام أو تركه فإن قصد به معنى راجحا كما لو قصد بأكله التقوّى على العبادة أو بتركه منع النفس عن‏ و الشهوة فلا إشكال في انعقاده (۳۲)، كما لا إشكال في عدم الانعقاد فيما إذا صار متعلق النذر فعلا أو تركا بسبب اقترانه ببعض العوارض مرجوحا (۳۳) و لو دنيويا (۳٤)، و أما إذا لم يقصد به معنى راجحا و لم يطرأ عليه ما يوجب رجحانه أو مرجوحيته فالظاهر عدم انعقاد النذر به (۳٥). و لكن لا ينبغي‏ ترك الاحتياط (۳٦).

للضرورة الفقهية إن لم تكن عقلائية، إذا العاقل بما هو عاقل لا يقدم على إلزام نفسه بما هو غير مقدور له.

كل ذلك للضرورة المذهبية إن لم تكن دينية بل يمكن أن تكون من الفطريات لأن كل من له أدنى شعور لا ينذر و لا يلزم نفسه بشي‏ء بالإلزام النذري إلا إذا أدرك رجحانه في الجملة، بل يمكن أن يكون الراجح عند قوم مرجوحا عند آخرين فأصل رجحان متعلق الإلزام في الجملة مسلّم لديهم، و قد وردت النصوص مطابقة للفطرة قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في رواية أبي الصباح الكناني:

«ليس شي‏ء هو للّه طاعة يجعله الرجل عليه إلا ينبغي له أن يفي به و ليس من رجل جعل للّه عليه مشيا في معصية اللّه إلا انه ينبغي له أن يتركه إلى طاعة اللّه»31، و المراد بالطاعة في صدر الحديث كل ما ليس بمرجوح بقرينة ذيل الحديث كما أن ذكر الصلاة و الصوم و الحج في جملة من الأخبار كما تقدم بعضها من باب المثال لا الخصوصية قطعا.

للإطلاق و الاتفاق و حكم الفطرة السليمة بصحته و انعقاده لأجل رجحانه، و احتمال أن الرجحان لا بد و أن يكون بحسب الذات لا العوارض مردود بالإطلاق و السيرة.

للأصل و الإجماع و حكم الفطرة السليمة و المستفاد من مجموع النصوص بعد رد بعضها إلى بعض.

للإطلاق و السيرة و أصالة اللزوم في كل التزام إلا ما خرج بالدليل، و في خبر مسمع قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام كانت لي جارية حبلى فنذرت للّه عز و جل إن ولدت غلاما أن أحجه أو أحج عنه، فقال عليه السّلام: إن رجلا نذر للّه عز و جل في ابن له إن هو أدرك أن يحج عنه أو يحجه فمات الأب و أدرك الغلام بعد، فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الغلام فسأله عن ذلك فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أن يحج عنه مما ترك أبوه»32، فاحتمال أن يكون الرجحان دينيا فقط (مردود). و أما قوله عليه السّلام أيضا في الصحيح: «كل ما كان لك فيه منفعة في دين أو دينا فلا حنث عليك فيه»33، فالمعنى ليس لك حق الحنث فيصير دليلا لما نحن فيه و إلا فلا بد من رد علمه إلى أهله.

لأصالة عدم ترتب الأثر بعد الشك في شمول الإطلاقات و العمومات للمباح المتساوي طرفيه، مع أن بناء الناس في نذورهم المتعارفة لديهم الالتزام بما هو راجح عندهم، و قال في الجواهر و ما أحسن ما قال: «ربما

يستفاد من ملاحظة جميع النصوص أن كون النذر مفيدا للالتزام بما هو ثابت للّه على العبد قبل النذر و النذر ملزم، له و من هنا كان المنذور جزاء للشكر بل لعله لا يتصور كون المباح للّه عليه- إلى أن قال- إن لم يكن إجماع أمكن الإشكال في انعقاد النذر على المباح المقترن بما يقتضي رجحانه في الدين».

أقول: ذيل كلامه رحمه اللّه جمود على ظواهر النصوص المشتملة على مثل الصلاة و الصوم و الحج و لكنه احتمال عليل و جمود بلا دليل في مقابل مجموع النصوص و رد بعضها إلى بعض.

خروجا عن خلاف من قال بانعقاد النذر في المباح أيضا و استيناسا بين النذور و الاقسام فيما يجوز و ما لا يجوز من الأحكام.

(مسألة ۷): يعتبر في النذر و العهد القربة بالمعنى الذي تقدم في اليمين (۳۷).

تقدم في مسألة ٤ من اليمين إذ الدليل واحد و لا وجه للإعادة بالتكرار.

(مسألة ۸): قد عرفت أن النذر اما معلق على أمر أو غير معلق، و الأول على قسمين نذر شكر و نذر زجر (۳۸)، فليعلم أن المعلق عليه في نذر الشكر إما من فعل الناذر أو من فعل اللّه تعالى (۳۹)، و لا بد في الجميع من أن يكون أمرا صالحا لأن يشكر عليه حتى يقع المنذور مجازاة له (٤۰)، فإن كان من فعل الناذر فلا بد أن يكون طاعة للّه تعالى من فعل واجب أو مندوب أو ترك حرام أو مكروه فيلتزم بالمنذور شكرا له تعالى حيث أنه وقفه عليها مثل أن يقول إن حججت في هذه السنة أو زرت زيارة عرفة أو إن تركت الكبائر أو المكروه الفلاني في شهر رمضان فللّه عليّ أن أصوم شهرا (٤۱)، فلو علق النذر شكرا على ترك واجب أو مندوب أو فعل حرام أو مكروه لم ينعقد (٤۲)، و إن كان من فعل غيره فلا بد أن يكون مما فيه منفعة دينية أو دنيوية للناذر صالحة لأن يشكر عليها شرعا أو عرفا (٤۳)، مثل إن يقول إن أقبل الناس على الطاعات فللّه عليّ كذا أو يقول ان قدم مسافري أو لم يقدم عدويّ الذي يؤذيني فللّه عليّ كذا، فإن كان على عكس ذلك مثل ان يقول ان تجاهر الناس على المعاصي أو شاع بينهم المنكرات فللّه عليّ صوم شهر مثلا لم ينعقد (٤٤)، و إن كان من فعله تعالى‏ لزم أن يكون أمرا يسوغ تمنّيه و يحسن طلبه منه تعالى (٤٥)، كشفاء مريض أو إهلاك عدو ديني أو أمن في البلاد أو سعة على العباد و نحو ذلك فلا ينعقد إن كان على عكس ذلك (٤٦) كما إذا قال إن أهلك اللّه هذا المؤمن الصالح أو إن شفى اللّه هذا الكافر الطالح أو قال إن وقع القحط في البلاد أو شمل الخوف على العباد فللّه عليّ كذا هذا في نذر الشكر، و أما نذر الزجر فلا بد أن يكون الشرط و المعلق عليه فعلا أو تركا اختياريا للناذر (٤۷) و كان صالحا لأن يزجر عنه (٤۸) حتى يقع النذر زاجرا عنه كفعل حرام أو مكروه، مثل أن يقول إن تعمدت الكذب أو تعمدت الضحك في المقابر مثلا فللّه عليّ كذا أو ترك واجب أو مندوب (٤۹) كما إذا قال إن تركت الصلاة أو نافلة الليل فللّه عليّ كذا.

هذه الأقسام عرفية وجدانية قررها الشارع نصا كما تقدم و إجماعا.

هذا التقسيم موضوعي عقلي و شرعي كما هو المستفاد من مجموع النصوص، و الظاهر كونه كذلك في كل نذر صدر من كل ناذر بلا اختصاص له بالمسلمين بل يعم جميع المليين الذين يكون لهم نذر.

للإجماع بل الضرورة الدينية إن لم تكن فطرية.

كل ذلك الإجماع المسلمين و نصوصهم الكثيرة منها ما عن ضريس الكناسي قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل نذر نذرا في شكر ليحجّنّ به رجلا إلى مكة فمات الذي نذر- إلى أن قال عليه السّلام- يحج عنه وليه حجة النذر انما هو مثل دين عليه»34.

للأصل و الإجماع و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا نذر في معصية»35.

لما مر من اعتبار الرجحان في الجملة في متعلقة مضافا إلى السيرة المستمرة بين المتشرعة قديما و حديثا.

لإجماع المسلمين، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا نذر في معصية»36، بل بعضها يمكن أن يوجب الكفر من حيث الاستخفاف و الإهانة باللّه تعالى.

لإجماع المسلمين إن لم يكن من ضرورة فقههم، و تدل عليه نصوصهم الكثيرة منها ما عن الصادق عن أبيه عليهما السّلام في قول اللّه عز و جل:

يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قال مرض الحسن و الحسين و هما صبيان صغيران فعادهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و معه رجلان، فقال أحدهما: يا أبا الحسن لو نذرت في ابنك نذرا إن عافاهما اللّه فقال عليه السّلام: أصوم ثلاثة أيام شكرا للّه عز و جل، و كذلك قالت فاطمة عليها السّلام، و كذلك قالت جاريتهم فضة فألبسهما اللّه العافية فأصبحوا صياما و ليس عندهم طعام- الحديث-»37، و غيره من الروايات.

للأصل و الإجماع و سيرة المتشرعة إن لم تكن عقلائية إذ لا يلتزم العاقل بما هو عاقل بمثل ذلك، و يستفاد ذلك من النصوص المتفرقة منطوقا و مفهوما كما تقدم بعضها.

للإجماع و ظواهر الأدلة، و لأن الالتزام بحكم على ما ليس بمختار خارج عن طريقة العقلاء فلو قال: إن أريق الخمر في حلقي بلا اختيار مني أبدا فللّه عليّ كذا لا ينعقد، أو قال: إن صدر مني الكذب نسيانا أو اضطررت اليه مثلا فللّه عليّ كذا، فجميع ذلك فاسد.

هذا من القيود المقومة للموضوع لفرض أن النذر نذر زجر و ما لا يصلح لذلك كيف يتحقق نذر الزجر بالنسبة إليه.

لصحة زجر النفس عن فعل الحرام أو المكروه أو ترك الواجب أو المندوب بالإجماع، و كذا جملة كثيرة من الأخلاق الذميمة فيزجر نفسه عن ارتكابها و جملة من الأخلاق الحسنة و المجاملات الشرعية فيزجر نفسه عن تركها، بل يصح الزجر عن الوساوس النفسانية الشيطانية إن كانت حدوثها أو بقائها بالاختيار.

(مسألة ۹): إذا كان الشرط فعلا اختياريا للناذر فالنذر المعلق عليه قابل لأن يكون نذر زجر و المائز هو القصد (۵۰)، مثلا إذا قال إن شربت الخمر فللّه عليّ كذا إن كان في مقام زجر النفس و صرفها عن الشرب و إنما أوجب على نفسه شيئا على تقدير شربه ليكون زاجرا عنه فهو نذر زجر فينعقد، و إن كان في مقام تنشيط النفس و ترغيبها و قد جعل المنذور جزاء لصدوره منه و تهيأ أسبابه له كان نذر شكر فلا ينعقد (۵۱).

لأن التمييز بين الأفعال المشتركة في حقيقة واحدة هو القصد و هذا هو المتحقق في الخارج، و كذا الكلام بالنسبة إلى ترك الواجب و فعل المكروه أيضا.

لأنه يصير حينئذ من نذر المعصية و الشكر يصير شكر لها.

(مسألة ۱۰): لو نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين تعين فلو أتى بها في زمان آخر مقدّم أو مؤخر لم يجز (۵۲)، و كذا لو نذرها في مكان فيه رجحان فلا يجزي في غيره و ان كان أفضل (۵۳)، و أما لو نذرها في مكان ليس فيه رجحان ففي انعقاده و تعينه وجهان بل قولان أقواهما الانعقاد (٥٤) نعم لو نذر إيقاع بعض فرائضه أو بعض نوافله الراتبة كصلاة الليل أو صوم شهر رمضان مثلا في مكان أو بلد لا رجحان فيه بحيث لم يتعلق النذر بأصل الصلاة و الصيام بل تعلق بإيقاعهما في المكان الخاص‏ فالظاهر عدم انعقاد النذر لعدم الرجحان في متعلقه (۵۵)، هذا إذا لم يطرأ عليه عنوان راجح مثل كونه افرغ للعبادة أو أبعد عن الرياء و نحو ذلك و إلا فلا إشكال في الانعقاد (۵۶).

أما وجوب الإتيان في الزمان المعين فلتقييد النذر به فيجب الوفاء

به. و أما عدم الإجزاء في غيره فلأنه غير المنذور فلا وجه لإجزائه عن المنذور، ثمَّ ان ظاهر هم الاتفاق على انه لا يعتبر في الصلاة مثلا في زمان معين رجحان الزمان من حيث هو فيكفي رجحان العمل الواقع فيه في صحة انعقاد النذر، بل صرح بعضهم بعدم الفرق بين كون الزمان الذي عيّنه أعلى مزية من غيره أو أدنى أو مساويا له و ذلك، لإطلاق الأدلة و عدم دليل على كون مورد النذر بجميع جهاته و خصوصياته راجحا بل يكفي الرجحان في الجملة.

أما انعقاد النذر فلوجود المقتضي من رجحان المكان و فقد المانع فلا بد من الانعقاد. و أما عدم الإجزاء في غيره و إن كان أفضل، فللأصل و عدم انطباق المنذور عليه فلا وجه للإجزاء.

هذه المسألة مبنية على أنه هل يعتبر في المنذور الرجحان من جميع جهاته و خصوصياته و لوازمه و ملزوماته أو يكفي الرجحان في الجملة؟ مقتضى الإطلاقات هو الثاني خصوصا في مثل الصلاة و الصوم و الأعمال الخيرية التي يكون المقصد الاسنى هو ذات هذه الاعمال، و تعيين الزمان و المكان انما يكون لدواعي اعتقادية ربما يكون راجحا و لو دنيويا فتصير هذه الخصوصية راجحة أيضا، و يشهد لكفاية الرجحان ما ورد في نذر الصوم في السفر38، و نذر الإحرام قبل الميقات‏39.

الأقسام خمسة:

الأول: كون كل واحد من ذات المنذور و قيده راجحا و لو دنيويا و تعلق النذر بكل واحد منهما انبساطا عليهما و لا ريب في الصحة و الانعقاد.

الثاني: كون كل منهما مرجوحا و لا إشكال في عدم الانعقاد.

الثالث: كون ذات المنذور راجحا و تعلق النذر به و لكن قيّد بقيد غير راجح بحيث لا يكون القيد مورد النذر الظاهر الصحة و الانعقاد أيضا.

الرابع: عين هذا القسم مع كون القيد مورد النذر تبعا، و من يقول باعتبار الرجحان في المنذور بجميع قيوده و أوصافه لا بد و أن يقول بعدم الانعقاد حينئذ، و من يقول بكفاية الرجحان في الجملة لا بد و أن يقول بالصحة.

الخامس: كون القيد الغير الراجح مورد النذر في الواقع و كون الذات تبعا له و الظاهر عدم الانعقاد و الوجه في الكل واضح كما لا يخفى.

لوجود المقتضي له و فقد المانع فلا بد من الانعقاد و هذا هو القسم الأول الذي تعرضنا لنا.

(مسألة ۱۱): لو نذر صوما و لم يعين العدد كفى صوم يوم (۵۷)، و لو نذر صلاة و لم يعين الكيفية و الكمية يجزي ركعتان و لا يجزي ركعة على الأقوى (۵۸)، و لو نذر صدقة و لم يعين جنسها و مقدارها كفى أقل ما يتناوله الاسم (۵۹)، و لو نذر أن يفعل قربة أتى بعمل قربي و يكفي صيام يوم أو التصدق بشي‏ء أو صلاة و لو مفردة الوتر و غير ذلك (۶۰).

لأن المنذور انما هو ذات الطبيعة و هي تصدق على كل ما يصح أن يكون فردا لها.

بناء على انصراف الصلاة إلى الركعتين و إلا فيجزي كلما هو مصداق للصلاة شرعا و لو مفردة الوتر كما عن جمع منهم المحقق و ابن إدريس، فالنزاع‏

في كفاية المفردة و عدمها لفظي لا أن يكون معنويا كما أنه الظاهر في جملة من هذه المسائل.

لأنه يصلح أن يكون مصداقا للطبيعة المنذورة و صدق الطبيعة على كل ما يصح أن يكون مصداقا لها قهري.

كقول «لا إله إلّا اللّه» أو «سبحان اللّه» أو الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله لصدق الفعل و العمل القربي على جميع ذلك، و كذا يكفي إتيان سجدة واحدة أو قضاء حاجة مؤمن للّه تعالى أو إكرام الوالدين أو صلة رحم له تعالى.

نعم، لو كانت في البين قرينة توجب ظهور اللفظ في غير ذلك تتبع القرينة حينئذ لا محالة.

(مسألة ۱۲): لو نذر صوم عشرة أيام مثلا فإن قيّد بالتتابع أو التفريق تعين و إلا تخير بينهما (۶۱)، و كذا لو نذر صيام سنة فإن الظاهر أنه مع الإطلاق يكفي صوم اثنى عشر شهرا و لو متفرقا (۶۲)، نعم لو نذر صوم شهر لم يبعد ظهوره في التتابع (۶۳)، و يكفي ما بين الهلالين من شهر و لو ناقصا (6٤) و له أن يشرع فيه في أثناء الشهر، و حينئذ فهل يجب إكمال ثلاثين أو يكفي التلفيق بأن يكمل من الشهر الثاني مقدار ما مضى من الشهر الأول (65) أظهرهما الثاني و الأحوط إتمامه ثلاثين يوما (66).

أما تعيين التتابع أو التفريق مع تعين أحدهما في النذر فلوجوب الوفاء بما عين في النذر و أما التخيير في غيره فللأصل و إطلاق النذر بعد عدم ما يصلح لتعيين أحدهما في البين لا من الناذر و لا من الشارع.

للأصل و الإطلاق مع عدم قرينة على التتابع في البين.

الظاهر أن لفظ الشهر أعم من التتابع و التفريق ما لم تكن قرينة في البين على تعيين أحدهما فيصح فيه التخيير أيضا.

نعم، لو نذر أن يصوم شهر رجب مثلا أو نذر أن يصوم أسبوعا يمكن دعوى الظهور في التتابع. و الحق ان النزاع في هذه المسائل لفظي يدور مدار

القرائن المختلفة باختلاف الخصوصيات و الجهات بل الأشخاص و مع عدمها فالأصل و الإطلاق متبع لا محالة.

لصدق الشهر عليه لغة و عرفا و شرعا.

لصدق الشهر عليه أيضا بعد كون المنذور مطلق الشهر و عدم تقييده بقيد خاص إلا أن يكون في البين جهة انصراف إلى غير الملفق و مع الشك في الانصراف و عدمه يتبع الإطلاق.

عملا باحتمال اعتبار الثلاثين كما عن بعض.

(مسألة ۱۳): إذا نذر صيام سنة معينة استثنى منها العيدان فيفطر فيهما و لا قضاء عليه (67)، و كذا يفطر في الأيام التي عرض فيها ما لا يجوز معه الصيام من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر لكن يجب القضاء على الأقوى (68).

أما أصل الاستثناء فلخروجها تخصصا عن موضوع النذر من جهة حرمة الصوم فيهما و عدم الاقتضاء للصحة أداء كما في صوم الليل حيث انه لا مقتضي للصحة فيه أداء بوجه، و أما القضاء فهو تابع للدليل كما يأتي.

و أما عدم القضاء فيدل عليه- مضافا إلى الإجماع- انه لا معنى لقضاء ما لم يكن أصله مشروعا لا اقتضاء و لا فعلا فلا موضوع للقضاء أصلا من جهة عدم الاقتضاء الذاتي في أصل تشريعه فكيف بقضائه!!

أما الإفطار فللنص و الإجماع و قد تقدم في فصل شرائط صحة الصوم فراجع‏40، و أما القضاء فلعموم: «يقضي ما فاته كما فاته»41، و لأنه من‏

الواجب الموقّت المعين الذي يقضى إجماعا و يمكن أن يستفاد ذلك من بعض النصوص كصحيح ابن مهزيار قال: «كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام: يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سفر أو مرض، هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضاؤه و كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه: قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الأيام كلها و يصوم يوما بدل يوم إن شاء اللّه، و كتب إليه يسأله يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم على أهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب إليه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة»42.

و الإشكال بأن حديث «يقضي ما فاته كما فاته»43، مختص بالفرائض اليومية أي الموقت بأصل الشرع، و المتيقن من الإجماع على فرض اعتباره ذلك أيضا، و لا يستفاد التعميم من مثل صحيح ابن مهزيار و غيره.

مخدوش: بأن حديث: «يقضي ما فاته» ورد في مقام جعل القاعدة الكلية فجميع الصغريات المعلومة و المشكوكة مع الصدق العرفي داخلة تحته ما لم يدل دليل على الخلاف، و لا وجه للأخذ بالمتيقن من الإجماع بعد تصريح جمع بالتعميم، و المنساق من مثل الحديثين ان الحكم ورد من باب تطبيق الحم الكلي على الفرد لا من باب الاختصاص و يقتضيه استصحاب بقاء الوجوب بعد كون التقييد بالوقت من باب تعدد المطلوب كما هو المرتكز في الأذهان، فتأمل فإنه يمكن المناقشة فيما ذكر.

و أما ما يقال: من ان القضاء انما هو بفرض جديد.

و فيه: ان الفرض الجديد كاشف عن بقاء الأمر الأول بملاكه.

و ثانيا: ان المراد به موارد ثبوت القضاء شرعا لا ان علة ثبوته واقعا منحصر بذلك.

و يدل على التعميم خبر قاسم الصيقل انه كتب إليه: «يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو

أضحى أو أيام التشريق- إلى ان قال- فكتب إليه قد وضع اللّه عنك الصيام في هذه الأيام كلها و تصوم يوما بدل يوم»44، و عن الصادق عليه السّلام انه سأل عن رجل «جعل على نفسه نذرا صوما فحضرته نية في زيارة أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يخرج و لا يصوم في الطريق فإذا رجع قضى ذلك»45، فيستفاد من ذلك كله أصالة وجوب القضاء في النذر الموقت مطلقا إلا ما خرج بدليل خاص.

(مسألة ۱٤): لو نذر صوم كل خميس مثلا فصادف بعضها أحد العيدين أو أحد العوارض المبيح للإفطار من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر أفطر و يجب عليه القضاء حتى في الأول على الأقوى (69).

أما الإفطار فلما مر في كتاب الصوم في (فصل شرائط صحة الصوم)، و اما وجوب القضاء في غير الأول فلما مر في الفرع السابق.

و اما فيه: فنسب عدم وجوب القضاء فيه إلى جمع و جعله المحقق في الشرائع أشبه و استدل عليه.

تارة: بالأصل.

و أخرى: بأن القضاء يحتاج إلى فرض جديد و هو مفقودة.

و ثالثة: بخروج العيد عن اقتضاء الصوم ذاتا كالليل.

و رابعة: بصحيح زرارة قال: «إن أمي كانت جعلت عليها نذرا، نذرت للّه في بعض ولدها في شي‏ء كانت تخافه عليه- أن تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه عليها، فخرجت معنا إلى مكة فأشكل علينا صيامها في السفر فلم ندر تصوم أو تفطر، فسألت أبا جعفر عليه السّلام عن ذلك فقال: لا تصوم في السفر إن اللّه قد وضع عنها حقه في السفر و تصوم هي ما جعلت على نفسها- الحديث-»46، بناء على‏

مساواة السفر للعيد.

و الكل مخدوش .. أما الأول: فلا وجه له مع صحيح ابن مهزيار و ما مر من الأخبار.

و أما الثاني: ففيه. أولا: ان القضاء بنفس الأمر الأول ما لم يدل دليل على سقوطه و الفرض الجديد كاشف عن بقائه لا أن يكون له موضوعية خاصة.

و ثانيا: صحيح ابن مهزيار و سائر النصوص التي مر بعضها يصلح للأمر الجديد على فرض اعتباره.

و أما الثالث: فلأنه بعد ورود الدليل و هو صحيح ابن مهزيار المتقدم فلا وجه له.

و أما الرابعة: فلا تعارض بين صحيح ابن مهزيار و غيره و لا يمكن أن يستفاد منها عدم وجوب القضاء كما لا يخفى. و لذا نسب إلى الصدوق و الشيخ و ابن حمزة وجوب القضاء فيه لما تقدم من صحيح ابن مهزيار الصحيح سندا و متنا على نسخة الكافي‏47، الذي هو أضبط و أمتن من غيره فلا محيص إلا من العمل به كما صرح به في الجواهر و جميع ما استدل به على عدم الوجوب من سنخ الاجتهاد في مقابل النص المعتبر.

(مسألة ۱٥): لو نذر صوم يوم معين فأفطر عمدا يجب قضاؤه مع الكفارة (70).

أما القضاء فلما مر من وجوب قضاء الصوم المنذور المعين. و أما الكفارة فلما يأتي من وجوبها في المخالفة العمدية للنذر نصا و إجماعا.

(مسألة ۱٦): إذا نذر صوم يوم معين جاز له السفر و إن كان غير ضروري و يفطر ثمَّ يقضيه و لا كفارة عليه (71).

أما عدم الكفارة فلأنه مأذون في ترك الصوم بالمسافرة و لا معنى‏

للكفارة فيما هو مأذون في تركه شرعا. و أما القضاء فلأنه صوم موقت معين ترك فلا بد من قضائه كما تقدم، و أما جواز السفر فقد تقدم في كتاب الصوم في فصل شرائط صحة الصوم فراجع فلا وجه للإعادة بالتكرار.

(مسألة ۱۷): لو نذر زيارة أحد من الأئمة عليهم السّلام أو بعض الصالحين لزم و يكفي الحضور و السلام على المزبور (72)، و الظاهر عدم وجوب غسل الزيارة و صلاتها مع الإطلاق و عدم ذكرهما في النذر (73)، و إن عين إماما لم يجز غيره و إن كان زيارته أفضل (7٤)، كما أنه إن عجز عن زيارة من عينه لم يجب زيارة غيره بدلا عنه (75)، و إن عين للزيارة زمانا تعين فلو تركها في وقتها عامدا حنث و تجب الكفارة (76). و هل يجب معها القضاء فيه تردد و إشكال (77).

أما أصل الوجوب فلما دل على وجوب الوفاء بالنذر من الأدلة، و أما كفاية الحضور و السلام فلصدق الزيارة عليه عرفا و لغة و شرعا فيكفي كل ما يصدق عليه صرف الوجود من الطبيعة و الزوائد خارجة عنه و إن كان لها دخل في زيادة الفضل و المزية.

لخروجهما عن حقيقة الزيادة المنذورة بالإطلاق و الاتفاق.

للأصل بعد عدم دليل عليه مضافا إلى ظهور الاتفاق على عدم الإجزاء.

للإجماع و الأصل بعد كون البدلية تحتاج إلى دليل و هو مفقود.

أما التعين بالتعيين فلتحققه بالنذر الذي يجب الوفاء به. و أما لزوم الكفارة مع المخالفة فلانة من اللوازم الشرعية للمخالفة العمدية لكل نذر.

من وجوب القضاء في كل نذر معين ترك عمدا. و من أن وجوب القضاء انما هو في مورد شرّع فيه القضاء في الجملة لا مثل المقام الذي لم يشرّع فيه ذلك و طريق الاحتياط الإتيان بعنوان الرجاء.

(مسألة ۱۸): لو نذر أن يحج أو يزور الحسين عليه السّلام ماشيا انعقد مع القدرة و عدم الضرر (78)، فلو حج أو زار راكبا مع القدرة على المشي فإن كان النذر مطلقا و لم يعين الوقت اعاده ماشيا (79) و إن عين وقتا و فات الوقت حنث بلا إشكال و لزم الكفارة (80)، و هل يجب مع ذلك القضاء ماشيا فيه تردد (81). و الأحوط القضاء (82) و كذلك الحال لو ركب في بعض الطريق و مشى في البعض (83).

أما أصل الانعقاد فللإطلاق و الاتفاق بعد معلومية الرجحان في المنذور، و أما التقييد بالقدرة و عدم الضرر فلأن كل تكليف مشروط بهما.

لعدم إتيانه بالمنذور على وجهه لأن ما أتى به غير المنذور عرفا فلا بد من الإعادة لإطلاق دليل وجوبه مع إمكان الإتيان به، و كذا مع الشك في أن المأتي به يجزي عن الواجب أو لا، و يقتضيه استصحاب بقاء الوجوب أيضا.

أما تحقق الحنث فلأنه ترك المنذور بالعمد و الاختيار، و أما لزوم الكفارة فلأنه مترتب على الترك العمدي و قد تحقق.

استدل على وجوب القضاء.

تارة: بعموم «يقضي ما فاته كما فاته»48.

و أخرى: بأن الحج عبادة يتدارك واجبه الأصلي إذا لم يؤت به على وجهه فكذا واجبه العارضي بنذر و نحوه لاشتراكهما في الوجوب.

و ثالثة: باستصحاب بقاء الوجوب على نحو ما مر. هذه أدلتهم على وجوب القضاء.

و فيه: أن كل ذلك صحيح فيما إذا لم يأت بالعمل المنذور أو أتى به باطلا لا مثل المقام الذي وقع أصل العمل صحيحا و انما خالف النذر فيما هو خارج عن ذلك العمل، و لا ربط له به بل هو التزام خاص في عرض الالتزام بأصل الحج فما ترك عمدا لا وجه لقضائه من حيث هو لكونه لغوا و ما ليس قضائه‏

لغوا قد أتى به صحيحا فلا موضوع للقضاء على كل تقدير.

لأن الحج و إن وقع صحيحا بحسب ذاته، و لكنه ليس من الوفاء بالنذر كأنه لم يقع أصلا بحسب مرتكزات الناذرين و إنظار المتشرعة و يظهر عن جمع وجوبه منهم ظاهر المحقق في الشرائع.

ظهر حكمه مما مر في سابقة.

(مسألة ۱۹): ليس لمن نذر الحج أو الزيارة ماشيا أن يركب البحر أو يسلك طريقا يحتاج إلى ركوب السفينة و نحوها و لو لأجل العبور من الشط و نحوه (8٤)، و لو انحصر الطريق في البحر فإن كان كذلك من أول الأمر لم ينعقد النذر (85)، و إن طرأ ذلك بعد النذر فإن كان النذر مطلقا و توقع المكنة من طريق البر و المشي منه فيما بعد انتظر (86)، و إن كان معينا و طرأ ذلك في الوقت أو مطلقا و يأس من المكنة بالمرة سقط عنه و لا شي‏ء عليه (87).

لأن ذلك من المخالفة العمدية للنذر فيوجب الحنث و الكفارة هذا إذا كان المقصود من المشي استمراره إلى الوصول إلى المقصد، و لكن لو نذر المشي من طريق فيه نهر أو بحر و كان المتعارف من المشاة يركبون السفينة و نحوهما للعبور منه ثمَّ بعد ذلك يشرعون في المشي فالظاهر جوازه تنزيلا لنذره على المتعارف.

و بالجملة: الحكم تابع لقصد الناذر و ملاحظة سائر الخصوصيات و الجهات.

لعدم القدرة على الإتيان بالمنذور فيصير لغوا و باطلا.

مقدمة لوجوب الوفاء بنذره مع عدم كونه معينا و مضيقا.

لأن التكليف بوجوب الوفاء يدور مدار القدرة عليه عقلا و شرعا،

و المفروض عدمها فيسقط التكليف بالوفاء و يترتب عليه عدم الكفارة مع المخالفة لعدم الموضوع لها حينئذ، و في خبر ابن مسلم قال: «سألته عن رجل جعل عليه مشيا إلى بيت اللّه فلم يستطع، قال عليه السّلام: يحج راكبا»49، و مثله خبره الآخر عن أبي جعفر50، و في القاعدة الكلية التي ذكرها أبو عبد اللّه عليه السّلام غنى و كفاية عن جميع ذلك، قال عليه السّلام: «من جعل للّه شيئا فبلغ جهده فليس عليه شي‏ء»51.

(مسألة ۲۰): لو طرأ الناذر المشي العجز عنه في بعض الطريق دون البعض الأحوط لو لم يكن الأقوى أن يمشي مقدار ما يستطيع و يركب في البعض (88) و لا شي‏ء عليه، و لو اضطر إلى ركوب السفينة الأحوط أن يقوم فيها بقدر الإمكان (89).

لقاعدة الميسور و خبر حفص قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت اللّه حافيا؟ قال عليه السّلام: فليمش فإذا تعب فليركب»52، بعد ظهور النذر في الانحلال بالنسبة إلى الأبعاض بحسب المتعارف. و احتمال أن يكون المراد مجموع المسافة من حيث المجموع و إن كان صحيحا ثبوتا لكنه لا دليل عليه إثباتا. و منه يظهر أنه لا شي‏ء عليه لمكان العجز و الاضطرار و وجوب الكفارة يدور مدار المخالفة بالعمد و الاختيار.

نسب ذلك إلى جمع منهم الشيخ رحمه اللّه لأن القيام أقرب شباهة إلى الماشي من القعود، و لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام: «إن عليا عليه السّلام سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت فعبر في المعبر؟ قال: فليقم في المعبر قائما حتى يجوزه»53.

و لا وجه للأول بعد سقوط أصل المشي عنه شرعا و جريان قاعدة الميسور بعيد عن الأذهان إذ لا يعد القيام ميسور المشي لديهم مع عدم الحركة، و الثاني قاصر عن إفادة الوجوب و قد مر بعض الكلام في كتاب الحج فراجع.

(مسألة ۲۱): لو نذر التصدق بعين شخصية تعينت و لا يجزي مثلها أو قيمتها مع وجودها (90)، و مع التلف فإن كان لا بإتلاف منه انحل النذر (91) و لا شي‏ء عليه (92)، و إن كان بإتلاف منه ضمنها بالمثل أو القيمة فيتصدّق بالبدل بل يكفر أيضا على الأحوط (93).

أما التعين فلتعلق النذر بها كذلك فيجب الوفاء بها بالخصوص و أما عدم إجزاء المثل أو القيمة مع وجودها، فلأن ذلك ليس من الوفاء به في شي‏ء فلا وجه للأجزاء مع التمكن من الوفاء بالعين المنذورة، و قال في الجواهر: «فقد ظهر لك من جميع ما ذكرناه أنه متى نذر الصدقة تعين مقدارا و جنسا و محلا و مكانا و زمانا بل لا تجزي القيمة في المتعين».

لزوال موضوعه من دون اختياره و تسبيبه.

من القيمة أو المثل و الكفارة كل ذلك للأصل بعد عدم دخل له في التلف كما هو المفروض.

أما الضمان بمعنى وجوب الإعادة فيظهر منهم الإجماع عليه و يقتضيه خبر ابن مهزيار، قال: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام: رجل جعل على نفسه نذرا إن قضى اللّه حاجته أن يتصدق في مسجده بألف درهم فقضى اللّه حاجته فصيّر الدراهم ذهبا و وجهها إليك أ يجوز ذلك أو يعيد؟ قال عليه السّلام: يعيد»54، و إطلاقه يشمل إعادة الذهب إلى الدرهم و الصدقة في المسجد.

و أما الضمان بمعنى اشتغال الذمة للمنذور له فإن قيل: بأن مثل هذه النذور

يوجب ملكية المنذور له للعين المنذورة، أو انه لا يملك و لكن يحصل له حق خاص يصح لأجل حصوله التعبير بالضمان بلا إشكال فيه كما في الضمان للفقراء و السادة و الموقوف عليه في الزكاة و الخمس و الوقف، فيتحقق الضمان في المقام بلا إشكال أيضا.

و أما إن قلنا بأنه ليس في النذر إلا وجوب الدفع و الوفاء على الناذر تكليفا و لا يحصل ملك و لا حق للمنذور له في المنذور، و لو حصل حق. فهو ليس من الحقوق التي ترد مورد الضمان و النقل و الانتقال الاختياري و الاسقاط و نحوها من لوازم الحقوق الخاصة القابلة لها ما لم يدل دليل على الخلاف فالتعبير بالضمان حينئذ مشكل.

نعم، لا ريب في حصول الملكية للمنذور له بعد القبض.

ثمَّ انه لو وصلت النوبة إلى الشك فأصل وجوب الوفاء و الدفع بالنسبة إلى المنذور له تكليفا مسلم كما أن حصول نحو من الاختصاص به أيضا كذلك، و أما حصول الملكية له أو حصول حق كحق الرهانة أو حق الجناية أو حق الفقراء و السادة و الموقوف عليه في الزكاة و الخمس و العين الموقوفة مشكوكة، و مقتضى الأصل عدم تحقق مثل هذه الحقوق إلا مع دليل يدل عليه و هو مفقود و المسألة معروفة بلا اشكال و غير محررة في كلماتهم كما هو حقه مع انها تذكر في موارد شتى هذا.

و أما الكفارة فإن تعمد في الإتلاف فيتحقق الحنث فتجب و التبديل بالمثل أو القيمة تكليف آخر لا يتدارك الذنب الحاصل بالعمد في تفويت مورد النذر بالاختيار المنحصر تداركه بالكفارة فلا وجه للتعبير بالأحوط.

(مسألة ۲۲): لو تردد المنذور بين الأقل و الأكثر لا يجب إلا الأول (9٤)، و لو تردد بين المتباينين يحتاط (95) بالجمع و إن كان في‏ وجوبه إشكال (96)، و كذا الكلام في العهد و اليمين (97) و لو تردد المنذور له بين شخصين يدفعه إلى الحاكم و يبيّن الحال (98).

لأصالة البراءة عن الأكثر كما هو المقرر في محله.

لقاعدة الاشتغال.

لدعوى الإجماع عن جمع على عدم وجوب الاحتياط في الماليات كما تقدم مكررا.

لوحدة المناط في الجميع.

كما مر في كتاب الزكاة فراجع و قد فصلنا الكلام هناك‏55.

(مسألة ۲۳): لو نذر الصدقة على شخص معين لزم و لا يملك المنذور له الإبراء منه (99) فلا يسقط من الناذر بالإبراء (100). و لا يلزم على المنذور له القبول (101) فينحل النذر بعدم قبوله للتعذر (102) و لو امتنع ثمَّ رجع إلى القبول فهل يعود النذر و يجب التصدق عليه (103) فيه تأمل و الاحتياط لا يترك.

لأصالة عدم ثبوت هذا الحق بالنسبة إليه، و لأن هذا ليس متمحضا له بل مشوب بحق اللّه تعالى أيضا، و قد أرسل ذلك في الجواهر إرسال المسلمات بحيث يظهر منه الإجماع عليه.

لأصالة بقائه بعد عدم دليل على السقوط بإسقاط المنذور له.

للأصل سيما إذا استلزم المنة و المهانة.

نعم، لو ثبت أنه كالدين وجب قبوله عليه بعد دفع الدائن و عدم محذور عن القبول في البين. و لكنه لا دليل لهذا الاحتمال، و الظاهر كونه كالهبة و الصدقات.

بلا إشكال فيه إن كان عدم القبول دائميا و أما إن لم يقبل ثمَّ ندم و قبل فلا يصدق التعذر حينئذ و مع الشك فأصالة وجوب الوفاء تجري بلا إشكال.

لأصالة بقاء النذر و عدم انحلاله و وجوب الوفاء إلا إذا ثبت ان صرف‏

وجود امتناع المنذور له عن القبول يوجب الانحلال، و لا دليل عليه من عقل أو نقل مع تجدد الآراء و الأفكار في الناس، فالامتناع الذي يوجب الانحلال انما هو فيما إذا كان في تمام الوقت المضروب له في الموقّت و امتناعا مستقرا ثابتا مطلقا في غير الموقت. و أما في غير الصورتين فمقتضى الأصل عدم الانحلال. و على هذا لو كان المنذور عينا شخصية لا يجوز إتلافها بمجرد امتناع المنذور له عن القبول إلا إذا علم بالقرائن أنه امتناع ثابت مستقر فيجوز له الإتلاف حينئذ، و لا ضمان و لا كفارة عليه لانحلال النذر بمثل هذا الامتناع.

(مسألة ۲٤): لو مات الناذر قبل أن يفي بالنذر يخرج من أصل تركته و كذا كل ما تعلق بالمال (10٤) كسائر الواجبات المالية، و لو مات المنذور له قبل أن يتصدق عليه قام وارثه مقامه على احتمال مطابق للاحتياط (105)، و يقوى هذا الاحتمال لو نذر أن يكون مال معين صدقة على فلان فمات قبل قبضه (106).

لأنه من الواجبات المالية و كل واجب مالي يخرج من الأصل فهو يخرج من الأصل و الصغرى وجداني و الكبرى منصوص‏56، و إجماعي فالنتيجة واضحة بديهية.

لأن المتشرعة بل العرف مطلقا يرون المنذور له ذا حق في الجملة في مال الناذر فيشمله عموم ما تركه الميت فلوارثه. و احتمال اختصاص الحديث بالمال الخارجي أو انصرافه إليه ساقط، أما الأول فينفيه ظاهر العموم.

خصوصا مع ملاحظة ما ورد من قوله عليه السّلام: «ما تركه الميت من حق أو مال فلوارثه»57، و أما الثاني فلا اعتبار به ما لم يوجب ظهور اللفظ في المنصرف إليه كما ثبت في الأصول.

لصيرورة العين الخارجية مورد حقه الاختصاصي حينئذ و لا يقصر

ذلك عن سائر حقوقه الاختصاصية الموروثة.

(مسألة ۲٥): لو نذر شيئا لمشهد من المشاهد المشرفة صرفه في مصالحه كتعميره و ضيائه و فرضه و قوامه و خدامه و نحو ذلك و في معونة زواره (107)، و أما لو نذر شيئا للإمام أو بعض أولاد الإمام كما لو نذر شيئا للأمير أو الحسين أو العباس عليهم السّلام، فالظاهر أن المراد صرفه في سبل الخير بقصد رجوع ثوابه إليهم (108) من غير فرق بين الصدقة على المساكين و اعانة الزائرين و غيرهما من وجوه الخير كبناء مسجد أو قنطرة و نحو ذلك (109) و إن كان الأحوط الاقتصار (110) على معونة زوارهم و صلة من يلوذ بهم من المجاورين المحتاجين و الصلحاء من الخدام المواظبين بشؤون مشاهدهم و إقامة مجالس تعازيهم، هذا إذا لم يكن في قصد الناذر جهة خاصة و إلا اقتصر عليها (111)، و لو شك في أنه نذر للمشهد أو لمن هو مدفون فيصرف في وجوه البر (112).

لظهور الإجماع و شهادة الاعتبارات المتعارفة لدى المتشرعة بذلك، و ما ورد في نصوص هدايا الكعبة بعد القطع بعدم الفرق بينها و بين المشاهد المشرفة من هذه الجهة، و القطع بان ما ذكر فيها من باب المثال لا الخصوصية كصحيح ابن جعفر قال: «سألته عن رجل جعل جاريته هديا للكعبة؟ فقال: مر مناديا يقوم على الحجر فينادي: ألا من قصرت به نفقته أو قطع به أو نفذ طعامه فليأت فلان بن فلان و مره أن يعطي أولا فأولا حتى ينفذ ثمن الجارية»58، و خبره الآخر قال: «سألته عن الرجل يقول: هو يهدى إلى الكعبة كذا و كذا ما عليه إذا كان لا يقدر على ما يهديه؟ قال عليه السّلام: إن كان جعله نذرا و لا يملكه فلا شي‏ء عليه، و إن كان مما يملك غلام أو جارية أو شبهه باعه و اشترى بثمنه طيبا فيطيب به الكعبة»59، و خبره الثالث قال: «سألته عن رجل جعل ثمن جاريته هديا للكعبة؟ فقال: مر مناديا يقوم على الحجر فينادي: ألا من قصرت به نفقته أو قطع به أو نفذ طعامه فليأت فلان و مره أن يعطي أولا فأولا حتى ينفذ ثمن الجارية»60، و خبر ياسين قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول إن قوما أقبلوا من مصر فمات منهم رجل فأوصى بألف درهم للكعبة، فلما قدم الوصي مكة سأل فدلّوه على بني شيبة فأتاهم فأخبرهم، فقالوا: قد برئت ذمتك ادفعها إلينا فقام الرجل فسأل الناس: فدلّوه على أبي جعفر محمد بن علي عليه السّلام قال أبو جعفر

فأتاني فسألني فقلت: إن الكعبة غنية عن هذا أنظر إلى من أمّ هذا البيت فقطع به أو ذهبت نفقته أو ضلّت راحلته و عجز أن يرجع إلى أهله فادفعها إلى هؤلاء الذي سميت لك- الحديث-»61، إلى غير ذلك من الروايات، و المستفاد من مجموعها أنها تصرف في ما يرجع إلى ما يتعلق بالكعبة أو المشهد تعلقا عرفيا، و يلحق بذلك ما ينذر لأن يلقى في الضرائح المقدسة.

أرسلوا ذلك إرسال المسلمات الفقهية بحيث يظهر منهم الإجماع عليه و جعلوا ذلك هو الأصل في مال يكون كذلك بلا فرق بين النذر و الهدية و الوقف و غيرها، و يمكن استفادة ذلك مما مر من الأخبار بعد إلقاء الخصوصية للقطع بعدم اعتبارها، و يصح تأسيس قاعدة كلية بأن يقال: كل ما اختص بشخص بحسب أصل الشرع أو بجعل المالك و لم يمكن صرفه في نفس ذلك الشخص يصرف فيما يصل ثوابه إليه، لأنه بعد ان لم يمكن إيصال أصل المال إليه لا بد و إن يوصل بدله إليه و هو الثواب، و يمكن استفادة ذلك من الأخبار الواردة في مختلف الأبواب‏62، بل من المعلوم إحراز رضاء المالك بعد التفاته و توجهه و لو في الجملة إلى هذه الأمور.

لأن كل ذلك خير محبوب و له ثواب مرغوب مع مراعاة الأهم و المهم.

من باب تقديم الأهم على المهم المختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة و سائر الجهات و الخصوصيات، و بذلك يختلف الحكم لزوما أو احتياطا وجوبيا أو استحبابيا و يكون تشخيص الموارد بنظر الفقيه بعد عرض الموضوع عليه.

لفرض تعلق النذر بتلك الخصوصية و الجهة فيجب الوفاء به كذلك.

لما مر من أنه الأصل في كل مال لم يعلم مصرفه الخاص به.

(مسألة ۲۶): لو عين شاة للصدقة أو لأحد الأئمة أو لمشهد من المشاهد يتبعها نمائها المتصل كالسمن (113) و أما المنفصل كالنتاج و اللبن فالظاهر أنه ملك للناذر.

لسيرة المتشرعة بل العقلائية عند كل من له نذر من العقلاء و قاعدة التبعية لو قلنا بحصول الملكية للمنذور له بمجرد تحقق النذر، بل و كذا لو قلنا بحصول مجرد الحق فقط لتعلق هذا الحق بالنماء المتصل أيضا، بل و كذا لو لم نقل بهذا و لا ذاك و قلنا بمجرد الحكم التكليفي بوجوب الوفاء بالنذر، لتعلقه بالعين و بما يلزمها تكوينا من النماء.

و أما المنفصل فمقتضى الأصل عدم التبعية إلا أن تكون في البين قرينة معتبرة عليها فتتبع، و مع الشك فالمرجع هو الأصل.

(مسألة ۲۷): لو نذر التصدق بجميع ما يملكه لزم (11٤)، فإن شق عليه قوّم الجميع بقيمة عادلة على ذمته و يتصرف في أمواله بما شاء و كيف‏ شاء ثمَّ يتصدق عما في ذمته شيئا فشيئا، و يحسب منها ما يعطي (115) إلى‏ الفقراء و المساكين و أرحامه المحتاجين (116) و يقيد ذلك في دفتر إلى أن يوفي التمام، فإن بقي منه شي‏ء أوصى بأن يؤدى مما تركه بعد موته (117) و هل يجري هذا الحكم فيما إذا نذر بعين خاص ثمَّ تعسر عليه الوفاء به؟ وجهان (118).

للإطلاق و الاتفاق و خصوص ما يأتي من الصحيح، و لكن لا بد و أن يقيد ذلك بما إذا لم تكن في البين جهة مرجوحة توجب عدم انعقاد النذر و هي‏

تختلف باختلاف الأشخاص و الخصوصيات و لا تضبطها ضابطة كلية حتى يتعرض الفقيه لها.

الأصل في الحكم صحيح الخثعمي قال: «كنا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام جماعة إذ دخل عليه رجل من موالي أبي جعفر عليه السّلام فسلّم عليه ثمَّ جلس و بكى، ثمَّ قال له: جعلت فداك إني كنت أعطيت اللّه عهدا إن عافاني اللّه من شي‏ء كنت أخافه على نفسي ان أتصدق بجميع ما أملك، و إن اللّه عافاني منه و قد حوّلت عيالي من منزلي إلى قبّة في خراب الأنصار و قد حملت كل ما أملك فأنا بائع داري و جميع ما أملك فأتصدق به، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: انطلق و قوّم منزلك و جميع متاعك و ما تملك بقيمة عادلة و اعرف ذلك ثمَّ اعمد إلى صحيفة بيضاء فاكتب فيها جملة ما قومت ثمَّ انظر إلى أوثق الناس في نفسك، فادفع إليه الصحيفة و أوصه و مره ان حدث بك حدث الموت أن يبيع منزلك و جميع ما تملك فيتصدق به عنك، ثمَّ ارجع إلى منزلك و قم في مالك على ما كنت فيه فكل أنت و عيالك مثل ما كنت تأكل، ثمَّ انظر كل شي‏ء تصدق به فيما تستقبل من صدقة أو صلة قرابة أو في وجوه البر فاكتب ذلك كله و أحصه فإذا كان رأس السنة فانطلق إلى الرجل الذي أوصيت إليه فمره أن يخرج إليك الصحيفة ثمَّ اكتب فيها جملة ما تصدقت و أخرجت من صدقة أو بر في تلك السنة، ثمَّ افعل ذلك في كل سنة حتى تفي للّه بجميع ما نذرت فيه و يبقى لك منزلك و مالك إن شاء اللّه، فقال الرجل: فرجت عني يا ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جعلني اللّه فداك»63.

و الاشكال عليه أولا: بالصدقة بالقيمة في منذور العين.

و ثانيا: بوجوب التعجيل في النذر المطلق.

و ثالثا: بصحة النذر فيما يضر بالناذر من المال، و كلها مخالفة

لضوابط

النذر.

مردود: بان ذلك كله من الاجتهاد في مقابل النص الصحيح الذي تلقّاه الأصحاب بالقبول مع دفع الإشكالات بما لا يخفى على المتأمل الخبير.

لأن كل ذلك مورد التصدق شرعا فيشمله دليل وجوب الوفاء بنذره هذا مع ذكر وجوه البر في الصحيح كما تقدم فيشمله أيضا.

لاشتغال ذمته بمال الغير فلا بد و أن يؤدى من تركته بعد موته كما تقدم في كتاب الوصية.

من كون الحكم على خلاف القاعدة على ما قالوه فيقتصر فيه على خصوص مورد النص المتقدم. و من أنه حكم تسهيلي امتناني، و لا وجه للاقتصار في الأحكام التسهيلية و الامتنانية على مورد النص مع بناء الشريعة على التسهيل مهما وجد إليه السبيل، و ما قالوه من مخالفة النص للضوابط مجرد الدعوى كما لا يخفى على المتأمل.

و يمكن تطبيق الصحيح على القاعدة بأن يقال: إن النذر تعلق في حاق الواقع بمالية خاصة و العين المذكورة فيه أخذت بعنوان الطريقية في ظرف عدم محذور في البين، و مع المحذور يبقى النذر المتعلق بأصل المالية بحاله فيجب الوفاء به.

(مسألة ۲۸): النذر إما نذر فعل أو نذر نتيجة، و الأول كما إذا نذر أن يتصدق بمال على شخص مثلا، و الثاني كما إذا نذر أن يكون ماله الخاص صدقة أو لشخص بعنوان التمليك أو وقفا أو نحو ذلك من العناوين و لا ريب في صحة الأول، و أما الثاني ففيه تفصيل (119).

أما صحة الأول فتكون من ضروريات الفقه إن لم يكن من الدين كما تقدم.

و أما الثاني فإن كفى نفس النذر في التسبيب به إلى حصول ذلك العنوان فيصح أيضا، لإطلاقات النذر و عموماتها الشاملة لذلك أيضا كشمولها لنذر الفعل، كما إذا نذر أن يكون مستقبل القبلة ساعة فاتفق تحقق الاستقبال منه في تلك الساعة بلا عمد منه و لا اختيار و قد تحقق منه الوفاء بنذره، و كذا لو نذر أن يكون المال الخاص له صدقة فإن المتعارف يحكمون بتحقق الصدقة بإنشاء النذر و ليس له إتلافه بعد ذلك، و أما إذا لم يكن كذلك أي لم يكف نفس النذر للتسبيب به لحصول المنذور كما إذا قال: للّه عليّ أن تكون زوجتي مطلّقة، أو قالت المرأة: للّه عليّ أن أكون منكوحة لزيد أو نحو ذلك فلا وجه لصحة النذر حينئذ للشك في شمول الإطلاقات و العمومات له فلا يصح التمسك بها مع الشك في الصدق فيرجع إلى أصالة عدم ترتب الأثر، و كذا لو شك في كفاية النذر في حصول التسبب به إلى تحقق المنذور، لأصالة عدم ترتب الأثر.

فالأقسام ثلاثة:

الأول: إحراز كفاية النذر في التسبب به إلى حصول العنوان.

الثاني: إحراز عدم ذلك.

الثالث: الشك في الكفاية و عدمها، و يصح في القسم الأول فقط دون الأخيرين، و هذه خلاصة الكلام في هذه المسألة التي أطيل القول فيها في موارد كثيرة و منه يظهر أن النزاع بينهم لفظي صغروي لا أن يكون كبرويا فراجع المطولات تجد تشويش الكلمات.

(مسألة ۲۹): لو أتى بالجزاء في النذر المعلق قبل حصول المعلق عليه لا يجزي و تجب الإعادة بعده (120).

للأصل بعد عدم اتصافه بعنوان أنه جزاء النذر كما إذا نذر إن شفى‏

اللّه مريضه إلى عشرة أيام مثلا يتصدق بدينار أو يصوم في أيام فتصدق أو صام قبل الشفاء و هكذا.

(مسألة ۳۰): في النذر المعلق يجوز للناذر تفويت المعلق عليه قبل حصوله (121) و إن كان الأحوط خلافه (122).

للأصل بعد كونه شرطا لأصل الوجوب لا الواجب كما إذا نذر إن جاء مسافرة بعد ثلاثة أيام أن يتصدق بدينار فيخبر المسافر بالوسائل الحديثة أن لا يجي‏ء إلا بعد عشرة أيام و هكذا في نظائر المقام.

لذهاب بعض إلى الحرمة في هذه الصورة أيضا و لكن لا دليل له من عقل أو نقل بل هما على خلافه من البراءة العقلية و النقلية.

(مسألة ۳1): قد مر أنه يجوز للزوج حلّ نذر الزوجة و لكنه على أقسام: الأول: ما إذا كان الحل لغرض شرعي. الثاني: ما إذا كان لغرض صحيح عقلائي. الثالث: ما إذا كان لمجرد الاقتراح بلا ترتب غرض عليه أصلا لا شرعيا و لا عقليا. الرابع: عدم المبالاة بالشرع كما إذا نذرت الزوجة أن تسبح اللّه كل يوم عشرة مرات فأظهر زوجها عدم الرضاء به فهل يكون لحلّه أثر في القسمين الأخيرين؟ وجهان (123).

منشأ التأثير الجمود على ظاهر الإطلاق و منشأ عدم صحته دعوى الانصراف عن القسمين الأخيرين سيما القسم الرابع، و كذا الكلام في الولد و الوالد هنا و في اليمين.

(مسألة ۳2): يكره الإيجاب على النفس بالنذر و نحوه (12٤).

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «إني لأكره الإيجاب أن يوجب‏

الرجل على نفسه»64، و قوله عليه السّلام: «لا توجب على نفسك الحقوق و اصبر على النوائب»65.

(مسألة ۳3): إذا عجز الناذر عن المنذور في وقته إن كان موقتا أو مطلقا إن كان مطلقا انحل نذره و سقط عنه و لا شي‏ء عليه (125)، نعم لو نذر صوما فعجز عنه تصدق عن كل يوم بمد من طعام على الأحوط (126) و أحوط منه التصدق بمدين (127).

أما الانحلال فلعدم القدرة و إن التكليف بغير المقدور قبيح مطلقا و ما تقدم من قول الصادق عليه السّلام في بيان القاعدة: «من جعل للّه شيئا فبلغ جهده فليس عليه شي‏ء»66، و منه يظهر سقوط التكليف و أنه لا شي‏ء عليه.

لخبر محمد بن منصور: «أنه سأل موسى بن جعفر عليه السّلام عن رجل نذر صياما فثقل الصيام عليه؟ قال عليه السّلام: يتصدق لكل يوم بمد من حنطة»67، و الخبر قاصر عن إفادة الوجوب لقصور السند لأن المسمى بمحمد بن منصور في الرواة تسعة كلهم ما بين مهمل و مجهول إلا محمد بن منصور بن يونس بن بزرج و لم يثبت أن راوي هذا الحديث هو ذلك الرجل الثقة، مع أنه إذا سقط أصل التكليف لأجل العجز فكيف يثبت له البدل؟! مضافا إلى و هن الروايات بالإعراض و اضطرابها و زيد في بعضها من حنطة أو شعير68، و ما كان هذا حاله فكيف يعتمد عليه في إثبات حكم مخالف للأصل و الشهرة!!

لخبر ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «في رجل يجعل عليه صياما في‏ نذر فلا يقوى قال عليه السّلام: يعطي من يصوم عنه في كل يوم مدين»69، و هو أيضا مهجور و قاصر سندا لأن في طريقه يحيى بن المبارك و هو مجهول، مع أنه مشتمل على الاستنابة أيضا.

(مسألة ۳٤): النذر كاليمين في انه إذا تعلق بإيجاد عمل من صوم أو صلاة أو صدقة و غيرها فإن عين له وقتا تعين و يتحقق الحنث و يجب الكفارة بتركه فيه (128)، فإن كان صوما أو صلاة يجب قضاؤه أيضا على الأقوى (129) بل و إن كان غيرهما أيضا على الأحوط (130)، و إن كان‏ مطلقا كان وقته العمر (131). و جاز له التأخير إلى أن يظن بالوفاة (132) فيضيق و يتحقق الحنث بتركه مدة الحيوة (133) هذا إذا كان المنذور فعل شي‏ء و إن كان ترك شي‏ء فإن عين له الوقت كان حنثه بإيجاده فيه (13٤)، و إن كان مطلقا كان حنثه بإيجاده مدة حيوته و لو مرة (135) و لو أتى به‏ تحقق الحنث و انحل النذر كما مر في اليمين.

أما تعين الإتيان به في الوقت المنذور فلوجوب الوفاء كما عين في كل التزام أوجبه المكلف على نفسه شرعا. و أما ترتب الحنث و الكفارة فلانة من المخالفة العمدية كما هو واضح.

للعمومات الدالة على وجوب قضاء الصلاة الفائتة بعد ضعف احتمال الاختصاص بخصوص اليومية، و استصحاب بقاء الوجوب بعد كون التوقيت من باب تعدد المطلوب، مع ورود النصوص في قضاء الصوم المنذور ففي خبر ابن مهزيار قال: «كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام: يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سفر أو مرض، هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضاؤه و كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه: قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الأيام كلها و يصوم يوما بدل يوم إن شاء اللّه»70، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة و تقدم أيضا رواية ابن عمار.

لأن المتعارف في التوقيت في مثل هذه النذور انه من باب تعدد المطلوب و لا أقل من الشك في انه من باب تعدد المطلوب أو وحدته‏

فيستصحب بقاء أصل الوجوب، و يشهد لذلك مرتكزات المتشرعة من الناذرين حيث يرون أنفسهم ملزمين بالمنذور بعد فوات الوقت، و يستفاد ذلك من صحيح ابن مهزيار أيضا قال: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام: رجل جعل على نفسه نذرا إن قضى اللّه حاجته أن يتصدق بدراهم فقضى اللّه حاجته فصير الدراهم ذهبا و وجهها إليك أ يجوز ذلك أو يعيد؟ فقال عليه السّلام: يعيد»71، إذ الظاهر عدم الخصوصية في الدرهم و لا في المكان الخاص و يمكن أن يستفاد منه الحكم الكلي، مع ان بنائهم على أن خصوصية المورد لا يوجب تقييد إطلاق الجواب و مع ذلك كله لا تصل النوبة إلى أصالة البراءة بل مقتضى الأصل بقاء أصل الوجوب فيجب الخروج عن عهدته.

لأنه لا معنى للإطلاق و عدم التوقيت إلا ذلك.

المراد به ظهور بعض الأمارة له و إلا فمطلق ظن الوفاة مستوعب لمطلق أوقات العمر.

أما التضيق بظهور أمارات الموت فيشهد له الوجدان و العرف و ظهور الإجماع. و أما تحقق الحنث بالترك في مدة الحيوة فلأنه لا معنى لعدم التوقيت إلا ذلك.

للإجماع و العرف و الوجدان.

لأن انعدام الطبيعة لا يتحقق إلا بترك جميع أفرادها مطلقا فيتحقق الحنث بصرف الوجود و لو مرة بلا فرق بين المقام و اليمين.

(مسألة ۳5): إنما يتحقق الحنث الموجب للكفارة بمخالفة النذر اختيارا فلو أتى بشي‏ء تعلق النذر بتركه نسيانا أو جهلا أو اضطرارا لم يترتب عليه شي‏ء (136)، بل الظاهر عدم انحلال النذر به (137) فيجب الترك بعد ارتفاع العذر لو كان النذر مطلقا أو موقتا و قد بقي الوقت.

لأصل و الإجماع و حديث الرفع‏72، المعروف بين الفريقين الظاهر في رفع كل ما يتعلق بمورد الجهل و الإكراه و الاضطرار و النسيان لوروده مورد الامتنان و هو يقتضي التعميم للحكم التكليفي الصوم فراجع‏73.

و الوضعي ما لم يكن دليل على الخلاف و هو مفقود في المقام.

للأصل و إطلاق أدلة وجوب الوفاء بالنذر بعد كون دليل الرفع ما داميّا لا دائميا كما هو واضح فلا بد من ترتب الأثر على النذر ما لم يعلم بارتفاعه رأسا.

(مسألة ۳6): لو كان النذر حين إنشائه صحيحا اجتهادا أو تقليدا- فصار باطلا بعده كذلك و كانت العين المنذورة موجودة ففيه تفصيل (138).

الأقسام أربعة:

الأول: ما يكون صحيحا حين الإنشاء و العمل فلا ريب في وجوب الوفاء به.

الثاني: ما يكون باطلا حينهما و لا ريب في عدم انعقاده.

الثالث: ما يكون صحيحا حين الإنشاء و باطلا حين العمل كما لو قلد شخصا يقول بعدم اعتبار الصيغة في صحة النذر ثمَّ قلد آخرا يذهب إلى‏

اعتبارها يجب الوفاء بالنذر لوقوع الإنشاء صحيحا جامعا للشرائط فأثر أثره.

الرابع: ما يكون بعكس الثالث فالظاهر البطلان لعدم تحقق الإنشاء.

(مسألة ۳7): كفارة حنث النذر كفارة اليمين و قيل كفارة من أفطر شهر رمضان و سيجي‏ء في كتاب الكفارات إن شاء اللّه تعالى (139).

فراجع هناك و لا وجه للتكرار و تقدم أيضا في كتاب الصوم‏74.

  1. سورة الحج: 29.
  2. سورة الدهر: 7.
  3. سورة مريم: 26.
  4. سورة آل عمران: 35.
  5. الوسائل باب: 1 من أبواب النذر الحديث: 2.
  6. الوسائل باب: 1 من أبواب النذر الحديث: 6.
  7. الوسائل باب: 1 من أبواب النذر الحديث: 2.
  8. الوسائل باب: 30 من أبواب الأيمان.
  9. سورة مريم: 26.
  10. سورة الحج: 29.
  11. سورة الدهر: 7.
  12. الوسائل باب: 1 من أبواب النذر و العهد الحديث: 2.
  13. الوسائل باب: 1 من أبواب النذر و العهد الحديث: 6.
  14. الوسائل باب: 1 من أبواب النذر الحديث: 1 و 6.
  15. الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات.
  16. الوسائل باب: 16 من أبواب الأيمان الحديث: 3.
  17. الوسائل باب: 15 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1.
  18. الوسائل باب: 23 من أبواب النذر و العهد.
  19. الوسائل باب: 15 من أبواب النذر.
  20. الوسائل باب: 11 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
  21. تقدم جميع الروايات في ج: 12 صفحة: 186 فراجع.
  22. الوسائل باب: 11 من أبواب الأمر بالمعروف.
  23. سنن البيهقي باب: 2 من كتاب النذر.
  24. الوسائل باب: 17 من أبواب النذر الحديث: 6.
  25. الوسائل باب: 17 من أبواب النذر.
  26. الوسائل باب: 1 من أبواب النذر الحديث: 1.
  27. الوسائل باب: 6 من أبواب النذر و العهد.
  28. الوسائل باب: 13 من أبواب المواقيت الحديث: 3.
  29. الوسائل باب: 5 من أبواب النذر و العهد.
  30. الوسائل باب: 5 من أبواب النذر و العهد.
  31. الوسائل باب: 17 من أبواب النذر و العهد الحديث: 4.
  32. الوسائل باب: 16 من أبواب النذر و العهد.
  33. الوسائل باب: 17 من أبواب النذر و العهد.
  34. الوسائل باب: 29 من أبواب وجوب الحج.
  35. الوسائل باب: 17 من أبواب النذر الحديث: 2.
  36. الوسائل باب: 17 من أبواب النذر الحديث: 2.
  37. الوسائل باب: 6 من أبواب النذر.
  38. الوسائل باب: 13 من أبواب بقية الصوم الواجب.
  39. الوسائل باب: 13 من أبواب المواقيت.
  40. ج: 10 صفحة: 234.
  41. الوسائل باب: 6 من أبواب قضاء الصلاة.
  42. الوسائل باب: 10 من أبواب النذر و العهد.
  43. الوسائل باب: 6 من أبواب قضاء الصلاة.
  44. الوسائل باب: 1 من أبواب الصوم المحرم الحديث: 6.
  45. الوسائل باب: 13 من أبواب النذر الحديث: 1.
  46. الوسائل باب: 13 من أبواب النذر الحديث: 2.
  47. كما تقدم في صفحة: 297.
  48. الوسائل باب: 6 من أبواب قضاء الصلوات.
  49. الوسائل باب: 8 من أبواب النذر الحديث: 1.
  50. الوسائل باب: 8 من أبواب النذر الحديث: 3.
  51. الوسائل باب: 8 من أبواب النذر الحديث: 5.
  52. الوسائل باب: 8 من أبواب النذر الحديث: 2.
  53. الوسائل باب: 37 من أبواب وجوب الحج.
  54. الوسائل باب: 9 من أبواب النذر.
  55. راجع ج: 11 صفحة: 319.
  56. تقدم في صفحة: 196.
  57. تقدم ما يتعلق به في ج: 18 صفحة: 153.
  58. الوسائل باب: 22 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 7.
  59. الوسائل باب: 18 من أبواب النذر.
  60. الوسائل باب: 22 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 2.
  61. الوسائل باب: 22 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 6.
  62. الوسائل باب: 22 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 6.
  63. الوسائل باب: 14 من أبواب النذر.
  64. الوسائل باب: 6 من أبواب النذر.
  65. الوسائل باب: 6 من أبواب النذر.
  66. الوسائل باب: 8 من أبواب النذر الحديث: 5.
  67. الوسائل باب: 12 من أبواب النذر و العهد.
  68. راجع تمام الروايات في الوافي ج: 7 صفحة: 85 باب: 70 من أبواب النذور و الأيمان.
  69. الوسائل باب: 12 من أبواب النذر الحديث: 1.
  70. الوسائل باب: 10 من أبواب النذر.
  71. الوسائل باب: 9 من أبواب النذر و العهد.
  72. الوسائل باب: 16 من أبواب الأيمان.
  73. تقدم في ج: 10 صفحة: 320.
  74. تقدم في ج: 10 صفحة: 320.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"