1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. كتاب الأطعمة و الأشربة
  10. /
  11. كتاب الأطعمة و الأشربة

و هما من أعظم مظاهر حكم اللّه تعالى و آياته فيتغذى بهما الإنسان و ينمو و يتوالد بهما البشر فيبقى نوعه في ممر القرون و الأزمان، و جعل عز و جل فيها منافع لا تحصى فيعالج بها ما يعرضه الحرمان كما شرع فيها أحكاما بيّنها أئمة الدين عليهم السّلام و شرحها الفقهاء بأحسن شرح و بيان، ثمَّ منّ اللّه تعالى على عباده فجعل الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد منه حظر فيها و خلق لنا ما في الأرض جميعا و توافقت العقول على هذه الإباحة المطلقة الأصلية لقاعدة قبح العقاب بلا بيان التي هي من أهم القواعد المعاشية و المعادية، فاتفقت الأدلة الشرعية و العقلية على الإباحة الأصلية في الأشياء كلها ما لم ينص على التحريم بدليل معتبر قويم، و تفصيل هذا الإجمال مذكور في كتب الأصول و الفروع من كتب الفريقين.

و ينبغي الإشارة إلى أمور:

الأول: أن المعلوم من الحكمة المتعالية الإلهية حلية الطيبات و حرمة الخبائث في هذا النظام الكياني الموافق للنظام العلمي الرباني الذي تحيرت العقول في حسنه و كماله و تمامه، و لا يتوهم نظام أحسن و لا أتم و لا أكمل منه و لو فرض توهم ذلك فهو يرجع إلى قصور في المدرك (بالكسر) لا نقص في المدرك (بالفتح)، و بعد كون الحكم من العقليات بالنسبة إلى حكمة الحكيم‏ المطلق لا وجه لبيان الآيات1، و الروايات الواردة في هذا المجال لأن كلها إرشاد إلى حكم العقل المستقل، قال مفضل بن عمر: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام لم حرّم اللّه الخمر و الميتة و الدم و لحم الخنزير؟ قال: إن اللّه تبارك و تعالى لم يحرم ذلك على عباده و أحل لهم ما سواه رغبة منه فيما حرم عليهم و لا زهدا فيما أحل لهم، و لكنه خلق الخلق فعلم ما تقوم به أبدانهم و ما يصلحهم فأحله لهم و أباحه تفضلا عليهم لمصلحتهم، و علم ما يضرهم فنهاهم عنه و حرمه عليهم- الحديث-»2، و قريب منه روايات كثيرة أخرى وردت في أبواب متفرقة.

الثاني: الناس في كل زمان و مكان من حين ظهورهم إلى حين انقراضهم عنها على طبقات ثلاث:

الاولى: المترفون المتأنقون في المأكل و المشرب فلا يستعملون فيهما إلا أحسن ما يقدرون عليه، و هم في طرف الإفراط، و هذا الصنف بين قليل و كثير حسب ما تقتضيه الظروف و الجهات.

الثانية: من يكون بعكس ذلك و في طرف التفريط فالطيب لديهم ما قدروا على أكله و لو كان من الجيف و الخبث عندهم ما حرموا منه و لو كان من أفضل الأغذية و التحف.

الثالثة: المتوسطون الخارجون عن حدي الإفراط و التفريط بحيث يكون لهم سجية التمييز بين الطيب و الخبيث فكما يميزون بين الريح الطيب و غيره كذلك يميزون بين الخبائث و الطيبات بأذواقهم، و هذه الطبقة كثيرة في جميع البلدان و الأزمان و الأديان.

الثالث: الخبيث و الطيب من الأمور النسبية الإضافية تختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة و سائر الجهات، فرب طيب عند القحط و الغلاء يكون من‏ أخبث الخبائث عند الوسعة و الرخاء و رب خبيث في حالة يكون طيبا في حالة اخرى، و لهذه كلها مراتب لا تضبط لديها الحدود و لا تعيّن بحد محدود.

الرابع: لا بد من إخراج المحرمات الشرعية- عن الطيبات على فرض صدق الطيب على بعضها عرفا لأن نهي الشارع عنها يكشف عن خباثتها، و بعد وضوح ذلك كله نقول الخبيث و الطيب من المعاني العرفية و المرجع في تعيين هذا المعنى العرفي الطبقة الثالثة التي قلنا أنهم المتوسطين الخارجين عن حدي الإفراط و التفريط، لأن كل حكم تعلق بموضوع لم يرد في الشرع تحديد و تقييد لذلك الموضوع يرجع فيه إلى المتعارف، و المتوسطون هم المتعارف في تعيين هذا الموضوع كما هو الشأن في تعيين جميع الموضوعات العرفية، فيرجع إلى المتوسط منهم لا إلى أهل المداقة منهم الذين يكونون من أهل الوسواس أو قريبا منهم، و لا إلى المسامحين الذين من أهل عدم المبالاة بالشي‏ء أو قريبا منهم، و إذا رجعنا إليهم فإن حكموا بأنه خبيث يحرم و إن حكموا بأنه طيب يحل، و مع ترددهم أو اختلافهم و عدم الترجيح لانظارهم في البين فالمرجع أصالة الحلية لا محالة.

و المقصود من هذا الكتاب بيان المحلل و المحرم (۱) من الحيوان و غير الحيوان.

هذا هو المناسب للفقه و أما بيان مالهما من المنافع و المضار و الخواص فهو يناسب علم الطب و غيره من العلوم المعدّة لذلك.

(مسألة ۱): لا يؤكل من حيوان البحر إلّا السمك (۲) فيحرم غيره من أنواع حيوانه حتى ما يؤكل مثله في البر كبقرة الماء على الأقوى (۳).

للإجماع و السيرة بين المتشرعة قديما و حديثا، و لأنه المتبادر من صيد البحر عرفا، و أما المرسل: «كل ما كان في البحر مما يؤكل في البر مثله‏ فجائز أكله و كل ما كان في البحر مما لا يجوز أكله في البر لم يجز أكله»3، و في صحيح زرارة: «و يكره كل شي‏ء من البحر ليس له قشر مثل الورق و ليس بحرام إنما هو مكروه»4.

و في خبر ابن أبي يعفور قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن أكل لحم الخز قال: كلب الماء إن كان له ناب فلا تقربه و إلا فأقربه»5.

فالكل مردود بموافقة العامة و مخالفة المشهور و قصور السند إلا الصحيح و لا ينفعه صحة سنده مع وهنه بموافقة التقية و مخالفة المشهور و المغارضة بما هو الأقوى و الأكثر.

ظهر الوجه فيه من سابقة فلا وجه للتطويل.

(مسألة ۲): لا يؤكل من السمك إلا ما كان له فلس و قشور بالأصل (٤)، و إن لم تبق و زالت بالعارض كالكنعت فإنه على ما ورد فيه حوت سيئة الخلق تحتك بكل شي‏ء فيذهب فلسها، و لذا لو نظرت إلى أصل أذنها وجدته فيه (٥)، و لا فرق بين أقسام السمك ذي القشور فيحل‏ جميعها، صغيرها، و كبيرها من البز و البني و الشبوط و القطان و الطيرامي و الإبلامي و غيرها (٦)، و لا يؤكل منه ما ليس له فلس في الأصل (۷) كالجري و الزمار و الزهو و المارماهي.

إجماعا و نصوصا كثيرة منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «كل ما له قشر من السمك و ما ليس له قشر فلا تأكله»6، و عنه عليه السّلام أيضا: «كل من السمك ما كان له فلوس، و لا تأكل منه ما ليس له فلوس»7، إلى غير ذلك من الروايات.

صرّح به جمع من اللغويين، و في رواية حماد بن عثمان عن‏ الصادق عليه السّلام: «الكنعت لا بأس بأكله، قلت له: فإنه ليس له قشر، فقال: بلى و لكنها حوت سيئة الخلق تحتك بكل شي‏ء فإذا نظرت في أصل أذنها وجدت لها قشرا»8، و يطلق عليه الكنعد (بالدال المهملة) أيضا.

كل ذلك للعموم و الإطلاق و الاتفاق، و خبر الطبري قال: «كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام عن سمك يقال له: الإبلامي و سمك يقال له: الطبراني، و سمك يقال له: الطمر و أصحابي ينهوني عن أكله، قال: فكتب كله لا بأس به، و كتبت بخطي»9.

إجماعا و نصوصا يصح دعوى القطع بصدور مضمونها عن المعصوم و هي ظاهرة في الحرمة بعد ملاحظة مجموعها مثل ما ورد في النهي عن بيعه‏10، و ضرب أمير المؤمنين عليه السّلام بالدرة من يفعل ذلك‏11، و نداوة في الأسواق بذلك‏12، و ان التجنب عنه من شرائط الإيمان‏13، و منها ما دل على النهي عن بيع ما لا قشر فيه من السمك‏14، و منها ما دل على أنه من المسوخ‏15، إلى غير ذلك من الأخبار.

و نوقش في الإجماع بمخالفة الشيخ في النهاية و القاضي، الذي هو من‏ اتباعه، و في الأخبار بمعارضتها بغيرها كصحيحي زرارة و ابن مسلم، ففي الأول قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن الجرّيث؟ فقال: ما الجرّيث؟ فنعتّه له، فقال:

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى‏ طاعِمٍ يَطْعَمُهُ‏ ثمَّ قال: لم يحرم اللّه شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه، و يكره كل شي‏ء من البحر ليس له قشر مثل الورق و ليس بحرام إنما هو مكروه»16.

و في الثاني قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجري و المارماهي و الزمير و ما ليس له قشر من السمك حرام هو؟ قال لي: يا محمد اقرأ هذه الآية التي في الأنعام‏ قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً قال: فقرأتها حتى فرغت منها، فقال: إنما الحرام ما حرّم اللّه و رسوله في كتابه و لكنهم قد كانوا يعافون أشياء فنحن نعافها»17، و في بعض الأخبار التصريح بالكراهة كصحيح الحلبي: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا يكره شي‏ء من الحيتان إلا الجريّ»18، و في رواية حكم عن الصادق عليه السّلام: «لا يكره شي‏ء من الحيتان إلا الجرّيث»19، و غير ذلك من الأخبار، و لذا مال بعض إلى الكراهة جمعا بين الأخبار.

لكن هذه المناقشة ساقطة رأسا، أما قول الشيخ رحمه اللّه في نهايته ففيه أولا:

ان كتاب النهاية ليس موضوعا للفتوى و النظر و إنما هو متون أخبار جمعها لينظر رحمه اللّه فيها بعد ذلك.

و ثانيا: أنه مخالف لفتواه في سائر كتبه.

و ثالثا: أنه مخالف لدعواه الإجماع في خلافه على الحرمة.

و أما الكراهة في كلام القاضي فيمكن أن يراد بها الحرمة و مثل ذلك كثير في كلمات القدماء.

و أما الأخبار التي يظهر منها الحلية فهي لا تقاوم الظاهرة بل الناصة في‏ الحرمة بالسنة شتى كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «أقرأني أبو جعفر عليه السّلام شيئا من كتاب علي عليه السّلام فإذا فيه: أنهاكم عن الجري و الزمير و المارماهي و الطافي و الطحال»20، و عن الصادق عليه السّلام في رواية سماعة: «لا تأكل الجرّيث و لا المارماهي و لا طافيا و لا طحالا، لأنه بيت الدم و مضغة الشيطان»21، و أيضا في رواية حنان بن سدير: «وجدنا في كتاب علي عليه السّلام أشياء من السمك محرمة فلا تقربه ثمَّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما لم يكن له قشر من السمك فلا تقربه»22، و عن مولانا الرضا عليه السّلام في رواية فضل بن شاذان: «محض الإسلام شهادة أن لا إله إلا اللّه- إلى أن قال- و تحريم الجرّي من السمك، و السمك الطافي، و المارماهي و الزمير و كل سمك لا يكون له فلس»23، إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في التأكيد و الاهتمام في بيان الحرمة بطرق شتى فكيف يحصل الاطمئنان بصدور مثل الصحيحين لبيان الحكم الواقعي مع الوهن بالإعراض و الموافقة للعامة؟!

(مسألة ۳): الإربيان المسمى في لسان أهل هذا الزمان بالروبيان من جنس السمك الذي له فلس فيجوز أكله (۸).

إجماعا و نصا ففي رواية يونس بن عبد الرحمن قال: «قلت له:

جعلت فداك ما تقول في أكل الإربيان؟ فقال عليه السّلام لي: لا بأس و الإربيان ضرب من السمك»24.

(مسألة ٤): بيض السمك يتبع السمك فبيض المحلل حلال و إن كان أملس و بيض المحرّم حرام و إن كان خشنا (۹)، و إذا اشتبه أنه من المحلّل‏ أو من المحرم حل أكله (۱۰) و الأحوط في حال الاشتباه عدم أكل ما كان أملس (۱۱).

لإطلاق النص و الإجماع و للسيرة القطعية و إطلاق دليل حلية الأصل الشامل بفرعه أيضا بل و لاستصحاب الحلية و الحرمة، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في‏ خبر ابن أبي يعفور: «إن البيض إذا كان يؤكل لحمه فلا بأس بأكله فهو حلال»25، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر داود بن فرقد: «كل شي‏ء لحمه حلال فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو إنفحة كل ذلك حلال طيب»26.

لقاعدة الحلية بعد عدم إحراز التبعية للمحرّم و عدم جريان أصالة عدم التذكية لاختصاصها بالحيوان و ليس البيض من الحيوان في شي‏ء بل هو مبدأ تكوين الحيوان.

ذكره المحقق في الشرائع و تبعه من تأخر عنه، و لكن قال في الجواهر: «لم نقف على خبر بالتفصيل المزبور إلا أنه يمكن شهادة التجربة له و إلا لاقتضى حرمة الأملس من المحلّل و الخشن من المحرّم و لا دليل عليه بل ظاهر الأدلة خلافه»، و التعبير بالاحتياط في المقام لأجل ذلك.

(مسألة ٥): لو تردد سمك حي بين المحلل و المحرّم يحرم (۱۲).

لأصالة عدم التذكية على ما هو المشهور كما تقدم.

(مسألة ٦): البهائم البرية من الحيوان صنفان إنسية و وحشية أما الإنسية فيحل منها جميع أصناف الغنم و البقر و الإبل (۱۳)، و يكره الخيل و البغال و الحمير (۱٤)، و أخفها كراهة الأول (۱٥)، و اختلف في الأخيرين فقيل بأخفية الثاني و قيل بأخفية الأول، و تحرم منها غير ذلك كالكلب و السنور و غيرهما (۱٦) و أما الوحشية فتحل منها الظبي و الغزلان و البقر و الكباش الجبلية و اليحمور و الحمير الوحشية (۱۷)، و تحرم منها السباع (۱۸)، و هي ما كان مفترسا و له ظفر و ناب قويا كان- كالأسد و النمر و الفهد و الذئب- أو ضعيفا- كالثعلب‏ و الضبع و ابن آوى (۱۹)- و كذا يحرم الأرنب و إن لم يكن من السباع (۲۰) و كذا تحرم الحشرات كلها- كالحية و الفارة و الضب و اليربوع و القنفذ و الصراصر و الجعل و البراغيث و القمل و غيرها مما لا تحصى (۲۱).

بالضرورة الدينية بين المسلمين يعرفها غيرهم من ملل آخرين.

إجماعا و نصوصا كثيرة منها قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في رواية محمد بن سنان: «كره أكل لحوم البغال و الحمير الأهلية لحاجة الناس إلى ظهورها و استعمالها و الخوف من فنائها و قلتها لا لقذر خلقها و لا قذر غذائها»27، و منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام في رواية محمد بن مسلم قال: «سألته عن لحوم الخيل و البغال و الحمير؟ فقال عليه السّلام: حلال و لكن الناس يعافونها»28، إلى غير ذلك مما هو كثير، و يمكن أن تكون لكراهة شي‏ء حكم شتى منها ما تقدم في قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام و منها ما ذكره أبو جعفر عليه السّلام.

و ما يظهر من بعض الأخبار كصحيح سعد بن سعد عن ابي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «سألته عن لحوم البراذين و الخيل و البغال؟ فقال عليه السّلام: لا تأكلها»29، و في صحيح ابن مسكان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أكل الخيل و البغال؟ فقال نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا تأكلها إلا أن تضطر إليها»30، و مرسل أبان بن تغلب‏31، عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن لحوم الخيل قال: لا تأكل إلا أن تصيبك ضرورة» محمول على الكراهة جمعا مع وهنها بالإعراض و المعارضة و قصور السند في جملة منها و موافقتها للعامة فما نسب إلى المفيد من الحرمة لا وجه له.

نسب ذلك إلى المشهور، و يشهد لها خبر زيد بن علي عن آبائه عن على عليه السّلام قال: «أتيت أنا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجلا من الأنصار فإذا فرس له يكيد بنفسه، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: انحره يضعف لك به أجران بنحرك إياه و احتسابك له، فقال: يا رسول اللّه أ لي منه شي‏ء؟ قال: نعم كل و أطعمني، قال:

فأهدى للنبي صلّى اللّه عليه و آله فخذا منه فأكل منه و أطعمني»32.

إجماعا و الضرورة من المذهب في الأول.

لإجماع الإمامية بل الضرورة المذهبية، و للسيرة المستمرة مضافا إلى النص ففي خبر نضر بن محمد قال: «كتبت إلى أبي الحسن عليه السّلام أسأله عن لحوم الحمر الوحشية؟ فكتب: يجوز أكلها وحشية و تركه عندي أفضل»33، و في خبر سعد بن سعد قال: «سألت الرضا عليه السّلام عن اليحامير؟ قال: لا بأس به»34، و في خبر علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «عن ظبي أو حمار وحشي أو طير صرعه رجل ثمَّ رماه بعد ما صرعه غيره فمتى يؤكل؟ قال عليه السّلام: كله ما لم يتغير إذا سمى و رمى»35، إلى غير ذلك من الأخبار.

إجماعا بل ضرورة من المذهب، و للسيرة المستمرة و نصوصا كثيرة منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح سماعة: «السبع كله حرام و إن كان سبعا لا ناب له»36، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: كل ذي ناب من السباع أو مخلب من الطير حرام، و قال: لا تأكل من السباع شيئا»37، إلى غير ذلك من الأخبار، فيشمل السنور أهليا كان أو وحشيا كما تقدم.

و ما يظهر منه الخلاف كصحيح محمد بن مسلم: «ليس الحرام إلا ما حرم اللّه في كتابه»38، و صحيح زرارة: «ما حرم اللّه في القرآن من دابة إلا الخنزير و لكنه النكرة»39، و قريب منهما غيرهما مطروح أو مؤول.

لشمول إطلاق النص و الفتوى للجميع.

لأنه ممسوخ كما في النص‏40، و كل ممسوخ حرام مضافا إلى الإجماع، و أما قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عزوف النفس و كان يكره الشي‏ء و لا يحرّمه، فأتي بالأرنب فكرهها و لم يحرمها»41، فلا بد من حمله على التقية.

للمتحقق من الإجماع، و تنفر أوساط الطباع، و تحقق عنوان الممسوخ في جملة منها قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «إن الضب و الفارة و القردة و الخنازير مسوخ»42، و عنه عليه السّلام أيضا: «حرم اللّه و رسوله المسوخ كلها»43، و عن أبى الحسن عليه السّلام في الموثق‏44: «حرم اللّه لحوم المسوخ و لحم ما مثل به في صورها»، و كون الحشرات مطلقا من الخبائث بالفطرة السليمة و هي محرمة في الشريعة لصريح الآية45 و مر ما يتعلق بمعنى الخبث‏46، فراجع.

(مسألة ۷): يحرم الذباب و الزنبور و الديدان حتى التي في الفواكه (۲۲).

لكون الجميع من الخبائث مع أن الزنبور من ذوات السم.

نعم، لو استهلك الدود في المأكول لا يحرم حينئذ.

(مسألة ۸): يحل من الطير الحمام بجميع أصنافه (۲۳) كالقماري و هو الأزرق و الدباسي و هو الأحمر و الورشان و هو الأبيض و الدراج و القبج و القطا و الطيهوج و البط و الكروان و الحبارى و الكركي و الدجاج بجميع اقسامه، و العصفور بجميع أنواعه (۲٤)، و منه البلبل و الزرزور و القبرة و هي التي على رأسها القنزعة، و قد ورد إنها من مسحة سليمان عليه السّلام (۲٥)، و يكره منه الهدهد و الخطاف و هو الذي يأوي البيوت‏ و آنس الطيور بالناس و الصرد و هو طائر ضخم الرأس و المنقار يصيد العصافير أبقع نصفه أسود و نصفه أبيض، و الصوّام و هو طائر أغبر اللون طويل الرقبة أكثر ما يبيت في النخل، و الشقراق و هو طائر أخضر مليح بقدر الحمام خضرته حسنة مشبعة في أجنحته سواد و يكون مخطط بحمرة و خضرة و سواد و لا يحرم شي‏ء منها (۲٦)، حتى الخطّاف على الأقوى (۲۷)، و يحرم منه الخفاش و الطاوس (۲۸). و كل ذي مخلب (۲۹)، سواء كان قويا يقوى به على افتراس الطير كالبازي و الصقر و العقاب و الشاهين و الباشق أو ضعيفا لا يقوى به على‏ من ذلك كالنسر و البغاث (۳۰).

للنص و الإجماع و إطلاقهما يشمل جميع الأصناف، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «لا بأس بركوب البخت و شرب ألبانها و أكل الحمام المسرول»47،- و المسرول هو الحمام الذي في رجليه ريش- و عن علي عليه السّلام في خبر داود البرقي: «أطيب اللحام لحم فرخ حمام»48، مضافا إلى نصوص خاصة في أبواب متفرقة كقول الكاظم عليه السّلام: «أطعموا المحموم لحم القباج فإنه يقوى الساقين و يطرد الحمى طردا»49، و في رواية علي بن مهزيار: «تغديت مع أبى جعفر عليه السّلام فأتى بقطا، فقال: إنه مبارك و كان أبي عليه السّلام يعجبه، و كان يقول: أطعموه صاحب اليرقان، و يشوى له فإنه ينفعه»50، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «من سره أن يقل غيظه فليأكل لحم الدراج»51، إلى غير ذلك مما ورد عنهم عليهم السّلام.

للإجماع و السيرة القطعية في كل واحد من الدجاج و العصفور و ما ورد من أن «الدجاج خنزير الطير»52، إنما هو فيما إذا تغذى بالعذرة و نحوها من القذارات.

ذكر ذلك في حديث عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «قال علي ابن‏ الحسين عليهما السّلام: «القنزعة التي هي على رأس القنبرة من مسحة سليمان بن داود ثمَّ ذكر قصتها، و ان الذكر و الأنثى أهديا إلى سليمان عليه السّلام جرادة و تمرة فقبل هديتهما و جنّب جنده عنهما و عن بيضهما و مسح على رأسهما و دعا لهما بالبركة فحدثت القنزعة على رأسهما من مسحه»53.

لوجود علامات الحلية- على ما يأتي- فيها مضافا إلى الإجماع على الحلية في الجميع.

و أما الكراهة فلإجماعهم عليها، و في الشرائع ذكر القبّرة في المكروهات أيضا.

و يقال له: عصفور الجنة و زوّار الهند كما في مجمع البحرين، و يقال له بالفارسية (پرستو) و دليل حلّيته وجود الدفيف الذي هو من أماراتها فيه، و في خبر عمار عن الصادق عليه السّلام: «الرجل يصيب خطافا في الصحراء أو يصيده أ يأكله؟ فقال عليه السّلام: هو مما يؤكل»54، و عنه عليه السّلام في موثقة الآخر: «لا بأس به و هو مما يحل يؤكل لحمه و أكله لكن كره أكله لأنه استجار بك و آوى في منزلك و كل طير يستجير بك فأجره»55، و هذا الحديث معتبر سندا و نص في الحلية و معلل للكراهة بما هو مقبول لذوي الأذواق السليمة فهو من محكمات الأخبار و لا بد حمل غيره عليه أورده إليه.

و نسب إلى نهاية الشيخ و ابني إدريس و البراج الحرمة لأخبار قاصرة سندا و دلالة كقول السجاد عليه السّلام: «لا تقتلهن و لا تؤذهن فإنهن لا يؤذين شيئا»56، و قول الصادق عليه السّلام في خبر الحسن بن داود الرقي‏57: «نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن قتل الستة: النحلة، و النملة، و الضفدع، و الصرد، و الهدهد، و الخطاف».

و فيه: ان النهي عن القتل أو الإيذاء أعم من حرمة أكل اللحم كما هو واضح و ما مر من الخبر المعلل حاكم على الجميع.

لأنهما ممسوخان و كل ممسوخ حرام نصا58، و فتوى ففي خبر سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «الطاوس مسخ- إلى أن قال- فلا تأكل لحمه و لا بيضه»59، و عنه عليه السّلام أيضا: «الطاوس لا يحل أكله و لا بيضه»60، و عن الصادق عليه السّلام: «المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر صنفا: منهم القردة، و الخنازير، و الخفاش، و الضب، و الفيل، و الدب، و الدعموص، و الجريث، و العقرب، و سهيل، و القنفذ، و الزهرة و العنكبوت»61، و ذكرنا في التفسير ما يتعلق بالمسخ مفصلا فراجع.

إجماعا و نصوصا منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر داود بن فرقد:

«كل ذي ناب من السباع و مخلب من الطير حرام»62، و عنه عليه السّلام في موثقة سماعة بن مهران قال: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حرّم كل ذي مخلب من الطير و كل ذي ناب‏ من الوحش»63، إلى غير ذلك من الأخبار، و هذه من القواعد الكلية في الفصل بين الحرمة و الحلية.

لإطلاق النص و الفتوى الشامل لكل منهما.

(مسألة ۹): الأحوط التنزه و الاجتناب عن الغراب بجميع أنواعه (۳۱) حتى الزاغ- و هو غراب الزرع- و الغداف الذي هو أصغر منه أغبر اللون‏ كالرماد (۳۲) و يتأكد الاحتياط في الأبقع الذي فيه سواد و بياض و يقال له‏ العقعق، و الأسود الكبير الذي يسكن الجبال (۳۳) و هما يأكلان الجيف و يحتمل قويا كونهما من سباع الطير فيقوى فيهما الحرمة (۳٤).

البحث فيه تارة: بحسب ما وصل إلينا من الأخبار.

و اخرى: بحسب الأصل.

و ثالثة: بحسب القرائن و الشواهد.

و رابعة: بحسب الكلمات.

أما الأولى: فعن ابن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السّلام: «لا يحل أكل شي‏ء من الغربان، زاغ و لا غيره»64، و في خبر إسماعيل قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن بيض الغراب؟ فقال: لا تأكله»65، و منه يعلم حرمة لحمه لما مر من الملازمة، و عنه عليه السّلام في خبر الواسطي قال: «سألته عن الغراب الأبقع؟ فقال:

إنه لا يؤكل و من أحل لك الأسود؟!»66، و عن جعفر بن محمد عليهما السّلام في خبر غياث بن إبراهيم: «أنه كره أكل الغراب لأنه فاسق»67 و في المرسل: «إن النبي صلّى اللّه عليه و آله أتى بغراب فسماه فاسقا، و قال: ما هو و اللّه من الطيبات»68، و في صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السّلام أنه قال: «إن أكل الغراب ليس بحرام إنما الحرام ما حرّم اللّه في كتابه و لكن الأنفس تتنزه عن كثير من ذلك تقززا»69، و لو لا قرب احتمال التقية فيه لكان قرينة على حمل ما يظهر منه الحرمة على الكراهة، و قال‏ في الجواهر: «إن رواية التحريم أصحّ سندا و معتضدة بغيرها مما دل عليه من نص و إجماع محكي و مخالفة العامة و الاحتياط و أصالة عدم التذكية و غير ذلك»، فلا موضوع للحلية بعد موافقتها للعامة فمفاد الأخبار حينئذ الحرمة بعد سقوط ما يظهر منه الحلية عن صلاحية المعارضة.

و أما الثانية: و هي أصالة عدم التذكية على ما هو المشهور.

و أما الثالثة: فعن جمع إن الغراب مطلقا من ذوات المخلب إلا أنه بين و ضعيف و ان من عادته آكل الجيف و هما من علامات الحرمة.

و أما الرابعة: فهي مختلفة حسب أنظارهم و اجتهاداتهم و لا اعتبار بها ما لم تكن من الإجماع المعتبر.

و نسب إلى الشيخ رحمه اللّه في خلافه إجماع الفرقة و أخبارها على الحرمة في مطلق الغراب.

و لكنه رحمه اللّه في النهاية و كتابي الأخبار قال بالحلية مطلقا على كراهة، و في مبسوطه فصّل فيما يأكل الميتة فحرام و ما لا يأكلها فحلال.

و ما يكون كذلك بالنسبة إلى شيخ الفقهاء و المحدثين فكيف يعتمد على نقل الإجماع عن غيره، و من شاء العثور على الأقوال فليراجع المطولات يجدها إنها لا محصل لها على طولها.

لعدم خصوصية فيهما بالنسبة إلى الحلّية المطلقة أو الحرمة كذلك.

نعم، قيل بورود الرخصة فيهما، و لكن قال في الجواهر: «لم نجد شيئا يدل على شي‏ء من هذه التفاصيل كما اعترف به غير واحد سوى ما عساه يقال مما أرسله في الخلاف من ورود الرخصة فيهما»، و الرخصة التي لم يعتمد قائلها بل ادعي إجماع الفرقة و أخبارها على الحرمة في مطلق الغراب فكيف يصح الاعتماد عليه بالنسبة إلى غيره؟!

لإرسال العلامة في القواعد الحرمة فيهما إرسال المسلمات و جعل الاختلاف في غيرهما.

فيشمله إطلاق قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في الموثق: «و حرّم سباع الطير و الوحش كلها»70، و مثله غيره.

(مسألة ۱۰): يميّز محلّل الطير عن محرّمه بأمرين جعل كل منهما في الشرع علامة للحل و الحرمة فيما لم ينص على حلّيته و لا على حرمته دون ما نص فيه على حكمه من حيث الحل أو الحرمة (۳٥)، كالأنواع المتقدمة. أحدهما: الصفيف و الدفيف فكل ما كان صفيفه- و هو بسط جناحيه عند الطيران- أكثر من دفيفه- و هو تحريكهما عنده- فهو حرام و ما كان بالعكس بان كان دفيفه أكثر من صفيفه فهو حلال (۳٦). ثانيهما: الحوصلة، و القانصة، و الصيصية فما كان فيه أحد هذه الثلاثة فهو حلال، و ما لم يكن شي‏ء منها فهو حرام (۳۷)، و الحوصلة: ما يجتمع فيه الحب و غيره من المأكول عند الحلق، و القانصة في الطير: بمنزلة الكرش لغيره، أو هي قطعة صلبة تجتمع فيها الحصاة الدقاق التي يأكلها الطير، و الصيصية: هي الشوكة التي في رجل الطير موضع العقب (۳۸)، و يتساوى طير الماء مع غيره في العلامتين المزبورتين (۳۹)، فما كان دفيفه أكثر من صفيفه أو كان فيه أحد الثلاثة: الحوصلة و القانصة و الصيصية فهو حلال و إن كان يأكل السمك (٤۰)، و ما كان صفيفه أكثر من دفيفه أو لم يوجد فيه شي‏ء من الثلاثة فهو حرام (٤۱).

فمنصوص الحرمة حرام و إن كان دفيفه أكثر من صفيفه، و منصوص الحلية حلال و إن كان صفيفه أكثر من دفيفه، و ذلك لتقدم النص الخاص على القاعدة المجعولة في ظرف الشك في الحلية و الحرمة.

إجماعا و نصا في كل منهما فعن زرارة: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عما يؤكل من الطير؟ فقال: كل ما دف و تأكل ما صف»71، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن أبي يعفور: «كل ما دف و لا تأكل ما صف»72، إلى غير ذلك من الأخبار و يشهد له الاعتبار أيضا لأن كثرة الصفيف كاشفة عن قوة الطير و كونه من الجوارح و أكلي اللحوم و أكثرية الدفيف كاشف عن ضعفه و كونه من آكلي الحبوب.

ثمَّ إن المنساق من الأخبار ثبوت الصفتين بنحو يكون كل واحد منها علامة عرفا بحسب الغالب و لازم كونها علامة مراعاة الأكثرية، و إلا فكل طير صاف لا يخلو عن دف و كل داف لا يخلو عن صف مع إن لفظ الأكثرية مذكور في خبر الفقيه- «إن كان الطير يصف و يدف فكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل، و إن كان صفيفه أكثر من دفيفه فلا يؤكل»73– و معاقد الإجماعات فالأقسام ثلاثة:

الأول: الجهل بالتفاوت بين الصفتين.

الثاني: التساوي بينهما.

الثالث: أكثرية إحداهما عن الآخر.

و العلامة هو الأخير فقط و يأتي حكم الأول و الثاني.

إجماعا و نصوصا منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في موثق ابن بكير: «كل من الطير ما كانت له قانصة أو صيصية أو حوصلة»74، و عنه عليه السّلام أيضا في موثق مسعدة بن صدقة: «كل من الطير ما كانت له قانصة»75، و في خبر سماعة ابن مهران: «كل من الطير ما كانت له حوصلة- إلى أن قال- و القانصة و الحوصلة يمتحن بهما من الطير ما لا يعرف طيرانه و كل طير مجهول»76، إلى غير ذلك من الأخبار و لا ريب في ظهور الجميع في كفاية الوحدة كما عليه الفتوى و مورد عمل الطائفة.

و هي للطير بمنزلة الإبهام للإنسان في عدم الفرق بينهما فيهما.

لظهور الإطلاق و الاتفاق.

لإطلاق الأدلة، و خصوص الخبر عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «عن طير الماء ما يأكل السمك منه يحل؟ قال: لا بأس به كله»77، و تقدم حلّية الصرد مع أنه يأكل العصافير و تحل العصافير مع أنها تأكل جملة من الحشرات.

و تلخيص المقال بعد ملاحظة جميع النصوص و ردّ بعضها إلى بعض و الأخذ بالمتحصل من المجموع ان للحرمة في الطير علامات أربعة:

الأول: المخلب.

الثاني: أكثرية الصفيف.

الثالث: المسخ.

الرابع: انتفاء الثلاثة أي: القانصة و الصيصية و الحوصلة.

و للحلال منه أيضا علامات أربعة:

الأول: أكثرية الدفيف.

الثاني: الحوصلة.

الثالث: القانصة.

الرابع: الصيصية.

(مسألة ۱۱): لو تعارضت العلامتان كما إذا كان ما صفيفه أكثر من دفيفه ذا حوصلة أو قانصة أو صيصية أو كان ما دفيفه أكثر من صفيفه فاقدا للثلاثة فالظاهر إن الاعتبار بالصفيف و الدفيف (٤۲) فيحرم الأول و يحل الثاني على إشكال في الثاني (٤۳)، فلا يترك الاحتياط. و لكن ربما قيل (٤٤) بالتلازم بين العلامتين و عدم وقوع التعارض‏ بينهما فلا إشكال (٤٥).

لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في موثق سماعة المتقدم: «و القانصة و الحوصلة يمتحن بهما من الطير ما لا يعرف طيرانه و كل طير مجهول»78، فيستفاد من أول كلامه عليه السّلام أن علامة كيفية الطيران مقدمة على سائر العلامات كما أنها علامة في كل طير مجهول لا علامة فيه للحلّية و الحرمة أبدا.

أما عدم الإشكال في الأول فلموافقة الحكم بالحرمة لأصالة عدم التذكية بلا إشكال فيه من هذه الجهة.

و أما الإشكال في الثاني فلأنه بعد تعارض الأمارتين يسقطان و يرجع إلى أصالة عدم التذكية.

و فيه: أنه بعد قول الصادق عليه السّلام بتقديم كيفية الطيران على سائر العلامات لا موضوع للتعارض حتى يسقط المتعارضان، و يرجع إلى أصالة عدم التذكية و لذا ذهب جمع إلى الحلّية في هذه الصورة.

يظهر ذلك عن الشهيد الثاني في الروضة، فقال رحمه اللّه: «إن العلامات متلازمة».

أقول: يمكن استفادة التلازم من الروايات المشتملة على ذكر علامة واحدة فقط، و كذا في غير المقام كما هو عادة الشرع في جعل العلامات لأمور حيث انها متلازمة غالبا فيما إذا جعل لشي‏ء واحد علامات متعددة.

بناء على ثبوت التلازم و عدم التعارض بين هذه الأمارات و لكنه من مجرد الدعوى بلا دليل مع كثرة التخالف بين ما جعله الشارع علامة في موارد كثيرة.

(مسألة ۱۲): لو رأى طيرا يطير و له صفيف و دفيف و لم يتبين أيهما أكثر تعين له الرجوع إلى العلامة الثانية و هي وجود إحدى الثلاثة و عدمها فيه، و كذا إذا وجد طيرا مذبوحا لم يعرف حاله (٤٦).

الوجه في كل منهما واضح، لأنه مع عدم إحراز إحدى العلامتين لا بد من الرجوع إلى العلامة الموجودة وجدانا و شرعا.

(مسألة ۱۳): لو فرض تساوي الصفيف و الدفيف فيه فالمشهور على حلّيته (٤۷) لكن لا يخلو من إشكال (٤۸) فالأحوط ان يرجع فيه إلى العلامة الثانية (٤۹).

منهم المحقق في الشرائع لعموم أدلة الإباحة كتابا79، و سنة80، و ما دل على اباحة ما اجتمع فيه الحلال و الحرام‏81.

لأصالة عدم التذكية بعد تعارض العلامتين و عدم المرجح إلا أن يقال بعدم جريان أصالة عدم التذكية في مورد تجري فيه أمارة التذكية و يسقط بالمعارضة، بل هي مختصة بما لا تجري أمارة التذكية أصلا و لكنه مشكل بل ممنوع.

لا ريب في حسن هذا الاحتياط كما هو معلوم.

(مسألة ۱٤): بيض الطيور تابعة لها في الحل و الحرمة فبيض المحلّل‏ حلال و بيض المحرّم حرام (۵۰)، و ما اشتبه أنه من المحلّل أو المحرّم يؤكل ما اختلف طرفاها و تميّز رأسها من تحتها مثل بيض الدجاج دون ما اتفق و تساوى طرفاه (۵۱).

للإجماع و النص و قاعدة التبعية إلا ما خرج بالدليل، قال الصادق عليه السّلام في خبر ابن أبي يعفور: «إن البيض إذا كان مما يؤكل لحمه فلا بأس بأكله فهو حلال»82، و في خبر داود بن فرقد عن الصادق عليه السّلام: «كل شي‏ء يؤكل لحمه فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو إنفحة فكل ذلك حلال طيب»83، إلى غير ذلك.

إجماعا و نصوصا منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة في البيض: «ما استوى طرفاه فلا تأكله و ما اختلف طرفاه فكل»84، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن أبي يعفور: «كل منه ما اختلف طرفاه»85.

و منها ما في وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام: «يا علي كل من البيض ما اختلف طرفاه و من السمك ما كان له قشر و من الطير ما دف و اترك منه ما صف»86.

ثمَّ إن المراد باختلاف طرفيه الاختلاف في الجملة لأن مراتب الاختلاف في طرفي البيض متفاوتة كما هو المشاهد فيكفي مجرد صدق الاختلاف عرفا.

(مسألة ۱٥): النعامة من الطيور و هي حلال لحما و بيضا على الأقوى (۵۲).

لا ريب في أن النعامة من بدائع صنع اللّه تعالى و عجائب قدرته غير المتناهية من كل حيثية و جهة، أما أنه من الطيور فهو المشهور بين الفقهاء و اللغويين و متخصصي معرفة الحيوان و من جعله من غير الطير نظرا إلى عدم طيرانه.

و فيه: إن الطيران وصف غالبي للطيور لا أن يكون من مقوماته الذاتية و فصوله المقومة.

و أما حلية أكل لحمه فظاهرهم الإجماع عليها، و تقتضيه السيرة بين المسلمين قديما و حديثا بلا استنكار من أحد عليهم، و لكن نسب إلى الصدوق حيث عدّه من المسوخ في الفقه، و لكنه في غيره لم يشر إلى شي‏ء من ذلك حتى في كتاب العلل الذي عد فيه أصناف المسوخ و علّل مسخها و لم يذكر النعامة أبدا، و من كان هذا حاله في تأليفاته في النعامة فكيف يعتني بخلافه في الحلية التي تسالم الفقهاء عليها و من ذلك يظهر حلّية بيضه أيضا لما مر من تبعيته للحيوان من الحل و الحرام.

(مسألة ۱٦): اللقلق لم ينص على حرمته و لا على حلّيته فليرجع في حكمه إلى علامات الحل و الحرمة أما من جهة الدفيف و الصفيف فقد اختلفت في ذلك أنظار من تفقّده فبعض ادعى أن دفيفه أكثر من صفيفه و بعض ادعى العكس و لعل طيرانه غير منتظم، و كيف كان إذا تبين حاله من جهة الدفيف و الصفيف فهو و إلا فليرجع إلى العلامة الثانية و هي وجود إحدى الثلاث و عدمها (۵۳).

حكم هذه المسألة واضح لا يحتاج إلى بيان كما تقدم و ما ذكره لا يختص باللقلق بل يجري في كل طير كان كذلك.

تعرض الحرمة على الحيوان المحلّل بالأصل في موارد ثلاثة: الأول: الجلل (٥٤) و هو أن يتغذى الحيوان عذرة الإنسان بحيث يصدق عرفا أنها غذاؤه (۵۵) و لا يلحق بعذرة الإنسان عذرة غيره و لا سائر النجاسات (۵۶).

إجماعا و نصا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح هشام بن سالم: «لا تأكل لحوم الجلالات و إن أصابك من عرقها فأغسله»87، و لا بد من حمل ذيله على مجرد التنزه لا النجاسة لأن الجلل لا يوجب النجاسة.

لأنه المتيقن من هذا الحكم المخالف للأصل الموضوعي و الحكمي، مضافا إلى الإجماع و الخبر: «لا بأس بأكلهن إذا كن يخلطن»88، و تقدم في كتاب الطهارة عند بيان النجاسات فراجع.

للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(مسألة ۱): يتحقق صدق الجلل بانحصار غذائه بعذرة الإنسان (۵۷)، فلو كان يتغذى بها مع غيرها لم يتحقق الصدق، فلم يحرم (۵۸)، إلا أن يكون تغذّيه بغيرها نادرا جدا بحيث يكون في أنظار العرف بحكم‏ العدم (۵۹)، و بأن يكون تغذّيه بها. مدة معتدا بها، و الظاهر عدم كفاية يوم و ليلة بل يشك صدقه بأقل من يومين بل ثلاثة (۶۰).

لأصالة عدم تحقق العنوان و الحكم إلا بذلك مضافا إلى إجماعهم على اعتباره.

لما تقدم من الأصل بعد الاستظهار من الأدلة بانحصار غذائه فيه.

لتحقق الصدق العرفي حينئذ.

لأصالة عدم تحقق الموضوع و الحكم إلا بما هو المعلوم منهما.

(مسألة ۲): يعم حكم الجلل كل حيوان محلل حتى الطير و السمك (۶۱).

للإطلاق و الاتفاق بعد صدق العنوان و عن علي عليه السّلام في خبر السكوني: «الدجاجة الجلالة لا يؤكل لحمها حتى تقيد ثلاثة أيام- الحديث-»89، و يأتي النص في السمك أيضا.

(مسألة ۳): كما يحرم لحم الحيوان بالجلل يحرم لبنه و بيضه (۶۲) و يحلان بما يحل به لحمه، و بالجملة هذا الحيوان المحرم بالعارض كالحيوان المحرم بالأصل في جميع الأحكام قبل أن يستبرأ و يزول حكمه (۶۳).

للإجماع و قاعدة التبعية و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «لا تشرب من ألبان الإبل الجلالة»90، هذا إذا لم ينعقد القشر الا على في البيض ثمَّ عرض الجلل و إلا يخرج عن التبعية.

لإطلاق دليل جعل المحرم بالعرض كالمحرم بالذات.

(مسألة ٤): الظاهر أن الجلل ليس مانعا عن وقوع التذكية (6٤)، فيذكى الجلال بما يذكى به غيره و يترتب عليها طهارة لحمه و جلده كسائر الحيوان المحرم بالأصل القابل للتذكية.

للإطلاق و الاتفاق، و لأنه إذا كان المحرم بالذات قابلا للتذكية فالمحرم بالعرض أولى بذلك.

(مسألة ٥): تزول حرمة الجلال بالاستبراء بترك التغذي بالعذرة و التغذي بغيرها مدة و هي في الإبل أربعون يوما (65). و في البقر عشرون يوما (66)، و الأحوط ثلاثون يوما (67)، و في الشاة عشرة أيام، و في البطة خمسة أيام، و في الدجاجة ثلاثة أيام، و في السمك يوم و ليلة (68)، و في غير ما ذكر فالمدار على زوال اسم الجلل‏ بحيث لم يصدق عليه أنه يتغذى بالعذرة بل صدق أن غذاءه غيرها (69).

لقول علي عليه السّلام في خبر مسمع: «الناقة الجلالة لا يؤكل لحمها و لا يشرب لبنها حتى تغذى أربعين يوما، و البقرة الجلالة لا يؤكل لحمها و لا يشرب لبنها حتى تغذى ثلاثين يوما، و الشاة الجلالة لا يؤكل لحمها و لا يشرب لبنها حتى تغذى عشرة أيام، و البطة الجلالة لا يؤكل لحمها و لا يشرب لبنها حتى تربى خمسة أيام و الدجاجة ثلاثة أيام»91، و في رواية أخرى في البقرة عشرين يوما كما في خبر السكوني و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «ينتظر به يوما و ليلة»92، و في بعض الأخبار: «يوما إلى الليل»93، و لا ريب إن الأول أحوط و يمكن إرجاع الثاني إليه أيضا.

لقول علي عليه السّلام في خبر السكوني: «و البقرة الجلالة عشرين يوما»94، و تقدم عنه عليه السّلام أيضا فيها «ثلاثين يوما».

حملا لدليل الأكثر على الأفضلية، و الاحتياط حسن على كل حال، و مع اعتبار دليل الأقل لا يبقى موضوع لاستصحاب الجلل، و تقدم في كتاب الطهارة ما يتعلق بالمقام.

تقدم جميع ذلك آنفا في خبر مسمع و مثله خبر السكوني و غيرهما.

لقاعدة ان المناط في كل ما لم يرد فيه تحديد شرعي إنما هو الصدق العرفي مضافا إلى الإجماع عليه.

(مسألة ٦): كيفية الاستبراء أن يمنع الحيوان بربط أو حبس عن التغذي بالعذرة في المدة المقررة، و يعلف في تلك المدة علفا طاهرا على الأحوط و إن كان الاكتفاء بالتغذي بغير ما أوجب الجلل مطلقا و إن كان متنجسا أو نجسا لا يخلو من قوة خصوصا في المتنجس (70).

لأن المناط كله إنما هو منعه عن الجلل و هو يتحقق بكل ما تغذى بغير العذرة، و لاستصحاب حالهن قبل الجلل حيث لا أثر لتغذيهن بكل نجس و متنجس غير العذرة، و ليس في النصوص لفظ الطاهر لا في السمك و لا في غيره و الربط المذكور فيها أعم من ذلك كما هو معلوم، و كذا فيما ورد فيما ارتضع جدي بلبن خنزير كما يأتي مع أن الاستبراء عن الجلل ليس لأجل النجاسة و إلا لوجب التعدي لكل نجس، و إنما هو لأجل الاستقذار الطبيعي و التنفر الحاصل عن ذلك عادة، و يمكن أن يكون اعتبار الطهارة نحو تشديد على صاحب الدجاجة لأن يمنعوها عن التعرض من أكل العذرة.

(مسألة ۷): يستحب ربط الدجاجة التي يراد أكلها أياما ثمَّ ذبحها و إن لم يعلم جللها (71). الثاني: أن يطأه الإنسان (72) قبلا أو دبرا و إن لم ينزل صغيرا كان الواطي أو كبيرا عالما كان أو جاهلا مختارا كان أو مكرها فحلا كان‏ الموطوء أو أنثى (73) فيحرم بذلك لحمه و لحم نسله المتجدد بعد الوطي (7٤) و لبنه (75).

لما روي عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «كان إذا أراد أن يأكل دجاجة أمر بها فربطت أياما ثمَّ يأكلها»95.

إجماعا و نصوصا منها ما عن الصادق عليه السّلام في خبر مسمع: «إن أمير المؤمنين عليه السّلام سئل عن البهيمة التي تنكح، قال: حرام لحمها و لبنها»96، و مثله غيره.

كل ذلك لظهور الإطلاق و الاتفاق من غير ما يصلح للتقييد على وجه يصح الاعتماد عليه.

و لكن النصوص خالية عن ذكر «النسل» إلا أن يستفاد ذلك من الإحراق الوارد في قوله عليه السّلام: «ذبحها و أحرقها»97، و غيره من الأخبار.

لذكره بالخصوص في النص و الفتوى فعن الصادق عليه السّلام كما تقدم في خبر مسمع، و عن علي عليه السّلام في البهيمة المنكوحة: «حرام لحمها و لبنها»، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «في الرجل يأتي البهيمة، فقالوا جميعا: إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت، فإذا ماتت أحرقت بالنار و لم ينتفع بها، و إن لم تكن البهيمة له قومت و أخذ ثمنها منه و دفع إلى صاحبها و ذبحت و أحرقت بالنار و لم ينتفع بها- إلى أن قال- فقلت، و ما ذنب البهيمة؟ قال: لا ذنب لها و لكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعل هذا و أمر به لكي لا يجتزئ الناس بالبهائم و ينقطع النسل»98.

(مسألة ۸): الحيوان الموطوء إن كان مما يراد أكله كالشاة و البقرة و الناقة يجب أن يذبح ثمَّ يحرق و يغرم الواطي قيمته لمالكه إذا كان غير المالك، و إن كان مما يراد ظهره حملا أو ركوبا و ليس يعتاد أكله- كالحمار و البغل و الفرس- أخرج من المحل الذي فعل به إلى بلد آخر فيباع فيه فيعطى ثمنه للواطي و يغرم قيمته إن كان غير المالك (76) و لعلنا نستوفي‏ بعض ما يتعلق بهذه المسألة في كتاب الحدود إن شاء اللّه تعالى. الثالث: ان يرتضع حمل أو جدي أو عجل من لبن خنزيرة حتى قوي و نبت لحمه و اشتد عظمه (77) فيحرم لحمه و لحم نسله و لبنهما.

كما مر في الحديث و يأتي في الحدود إن شاء اللّه تعالى.

إجماعا و نصوصا منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح حنان بن سدير: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن جدي رضع من لبن خنزيرة حتى شب و كبر و اشتد عظمه ثمَّ أن رجلا استفحله في غنمه فخرج له نسل؟ فقال: أمّا ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربنه، و أما ما لم تعرفه فكله فهو بمنزلة الجبن و لا تسأل عنه»99، و الاخبار مشتمل على الجدي و الحمل و صريح الفقهاء التعميم إلى غيرهما أيضا للقطع بعدم الفرق.

(مسألة ۹): لا تلحق بالخنزيرة الكلبة و لا الكافرة (78).

للأصل بعد عدم دليل على الإلحاق.

(مسألة ۱۰): في تعميم الحكم للشرب من دون رضاع أو للرضاع بعد ما كبر و فطم إشكال (79)، و إن كان أحوط.

من الاقتصار في الحكم المخالف للأصل على خصوص مورد الدليل و من تحقق المناط فيهما أيضا.

(مسألة ۱۱): إذا لم يشتد عظم الجدي أو الحمل أو العجل من لبن الخنزيرة كره لحمه و تزول الكراهة بالاستبراء سبعة أيام بأن يمنع عن التغذي بلبن الخنزيرة و يعلف ان استغني عن اللبن و إن لم يستغن عنه يلقى على ضرع شاة مثلا في تلك المدة (80).

ذكر ذلك جمع منهم المحقق رحمه اللّه في الشرائع و مستندهم قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر السكوني: «إن أمير المؤمنين عليه السّلام سئل عن حمل غذي بلبن‏ خنزيرة؟ فقال: قيّدوه و أعلفوه الكسب و النوى و الشعير و الخبز إن كان استغنى عن اللبن و إن لم يكن استغنى عن اللبن فيلقى على ضرع شاة سبعة أيام ثمَّ تؤكل لحمه»100، و حيث لم يقيد بالاشتداد فلا موضوع للحرمة فيكون من مجرد استحباب الاستبراء و كراهة الأكل بدونه كما صرحوا بذلك.

(مسألة ۱۲): لو شرب الحيوان المحلّل الخمر حتى سكر و ذبح في تلك الحال يؤكل لحمه لكن بعد غسله (81)، و لا يؤكل ما في جوفه من الأمعاء و الكرش و القلب و الكبد و غيرها و إن غسل (82) و لو شرب بولا ثمَّ ذبح عقيب الشرب حل لحمه بلا غسل (83) و يؤكل ما في جوفه بعد ما يغسل (8٤).

أما جواز أكل لحمه، فللأصل و الإطلاق.

و أما الغسل فللمرسل المروي عن السرائر المنجبر: «إنه إذا شرب شي‏ء من هذه الأجناس خمرا ثمَّ ذبح جاز أكله بعد أن يغسل بالماء و لا يجوز أكل شي‏ء مما في بطنه و لا استعماله»، و في خبر الشحام عن الصادق عليه السّلام: «في شاة شربت خمرا حتى سكرت ثمَّ ذبحت على تلك الحال، قال عليه السّلام: لا يؤكل ما في بطنها»101، و لا فرق بين الشاة و غيره و لا بين السكر و عدمه كما هو المشهور فيحمل الخبر الثاني على أنه تعرض لبعض الأفراد لا أن يكون في مقام بيان أصل موضوع الحكم نفيا و إثباتا.

لما مر في الحديث الأول مضافا إلى دعوى الإجماع عليه.

لأصالة الطهارة و عدم السراية إلى اللحم و التنظير على ما مر في الخمر قياس أولا و مع الفارق ثانيا، لسرعة نفوذ الخمر دون غيره مضافا إلى الإطلاق و الاتفاق.

لما عن أبي جعفر عليه السّلام: «في شاة شربت بولا ثمَّ ذبحت، قال عليه السّلام: يغسل ما في جوفها ثمَّ لا بأس به، و كذلك إذا اعتلفت بالعذرة ما لم تكن جلّالة، و الجلّالة التي يكون ذلك غذاها»102، هذا مع عدم الاستحالة و إلا فلا يجب الغسل.

(مسألة ۱۳): لو رضع جدي أو عناق أو عجل من لبن امرأة حتى فطم و كبر لم يحرم لحمه لكنه مكروه (85).

أما الحلّية فللأصل و الإطلاق و الاتفاق.

و أما الكراهة فلمكاتبة أحمد بن محمد قال: «كتبت إلى أبي محمد عليه السّلام:

جعلني اللّه فداك من كل سوء، امرأة أرضعت عناقا حتى فطمت و كبرت و ضربها الفحل ثمَّ وضعت أ فيجوز أن يؤكل لحمها و لبنها؟ فكتب فعل مكروه و لا بأس به»103، و العناق: الأنثى من ولد المعز.

ما يحرم من الحيوان المحلل يحرم من الحيوان المحلل و إن ذكي أربعة عشر شيئا (86). الدم، و الروث، و الطحال، و القضيب، و الأنثيان، و المثانة، و المرارة، و النخاع و هو خيط أبيض كالمخ في وسط فقار الظهر، و الغدد و هي كل عقدة في الجسد مدورة يشبه البندق في الأغلب، و المشيمة و هي موضع الولد أو قرينة الذي يخرج معه- و يجب الاحتياط بالتنزه عنهما-، و العلباوان و هما عصبتان عريضتان صفراوان ممتدتان على الظهر من الرقبة إلى الذنب (87)، و خرزة الدماغ و هي حبة في وسط الدماغ بقدر الحمصة تميل إلى الغبرة في الجملة يخالف لونها لون المخ الذي في الجمجمة، و الحدقة و هي الحبة الناظرة من العين لا جسم العين كله.

البحث في المقام.. تارة: بحسب المرتكزات الصحيحة العرفية.

و اخرى: بحسب إطلاقات الأدلة.

و ثالثة: بحسب الأصول العملية.

أما الأولى: فمقتضى الطبائع السليمة حرمة ما انطبق عليه عنوان الخباثة و عدم إقدام المتعارف على أكله، و تقدم حكم صورة الشك سابقا فراجع‏104.

و أما الثانية: فمقتضى إطلاق حلّية الغنم مثلا حلّية جميع اجزائه إلا ما خرج بالدليل، و في مورد الشك لا يصح التمسك به لعدم إحراز الموضوع فلا بد من الرجوع إلى الأصل حينئذ.

أما الثالثة: فمقتضى الأصل الحكمي الحلية و الإباحة ما لم يكن دليل على الخلاف.

و توهم: أنه مع العلم إجمالا بوجود محرمات في الذبيحة فلا بد من‏ الاجتناب فيما يحتمل الحرمة لمكان تنجيز العلم.

فاسد، لما أثبتناه في علم الأصول من أن العلم الإجمالي المردد بين الأقل و الأكثر لا تنجز له إلا بالنسبة إلى الأقل بلا فرق بين الاستقلالي و الارتباطي.

أما الرابعة: فعن المحقق في الشرائع التصريح بحرمة الخمسة: «الطحال و القضيب و الفرث و الدم و الأنثيان» و جعل التحريم في المثانة و المرارة و المشيمة أشبه، و عن الشيخ في النهاية- و تبعه ابن حمزة- حرمة أربعة عشر أشياء كما في المتن، و عن المرتضى: «انفردت الإمامية بتحريم الطحال و القضيب و الخصيتين و الرحم و المثانة، و حيث ان خلافهم اجتهادي مستند إلى ما وصلت إليه أنظارهم الشريفة فلا يهمنا صرف الوقت في الرد و الإيراد، و قد استند بعضهم في الحرمة إلى الخباثة.

و أما الأخبار فغالبها قاصرة سندا و لكن اعتنى بنقلها المحدثون، و بالعمل و الفتوى بها في الجملة الفقهاء و من لا يعمل إلا بالقطعيات، و يكفي ذلك كله في حصول الاطمئنان و هي على طوائف: الأولى: قول أبي الحسن عليه السّلام في خبر إبراهيم بن عبد الحميد: «حرم من الشاة سبعة أشياء: الدم، و الخصيتان، و القضيب، و المثانة، و الغدد، و الطحال، و المرارة»105، و هذا هو المتفق عليه في الحرمة و ليس في مقام الحصر الحقيقي، و مثله ما عن علي عليه السّلام الدال على نهي بيع: «سبعة أشياء من الشاة: الدم، و الغدد، و آذان الفؤاد، و الطحال، و النخاع، و الخصي و القضيب- الحديث-»106، و الاختلاف في المصاديق قرينة على أن هذه الروايات ليست في مقام الحصر الواقعي حتى تنافي غيرها مما هو أقل أو أكثر فيؤخذ بكل منهما.

الثانية: خبر إسماعيل بن مرار عنهم عليهم السّلام: «لا يؤكل مما يكون في الإبل و البقر و الغنم و غير ذلك مما لحمه حلال: الفرج بما فيه ظاهره و باطنه، و القضيب، و البيضتان، و المشيمة و هي موضع الولد، و الطحال لأنه دم، و الغدد مع العروق، و المخ الذي يكون في الصلب، و المرارة، و الحدق، و الخرزة التي تكون في الدماغ و الدم»، و الظاهر أن المراد من قوله عليه السّلام: «مع العروق، العلبوان و الا فلا يحرم كل عرق لطيف يكون في جسم الحيوان المأكول.

الثالثة: خبر ابن أبي عمير107، عن الصادق عليه السّلام: «لا يؤكل من الشاة عشرة أشياء: الفرث، و الدم، و الطحال، و النخاع، و العلباوان، و الغدد، و القضيب، و الأنثيان، و الحياء، و المرارة»، و الحياء هو الرحم.

الرابعة: خبر ابان عن الصادق عليه السّلام: «يكره من الذبيحة عشرة أشياء: منها الطحال، و الأنثيان، و النخاع، و الدم، و الجلد، و العظم، و القرن، و الظلف، و الغدد، و المذاكير»108، و المراد بالكراهة الحرمة بقرينة غيره من الأخبار.

الخامسة: ما عن الهاشمي عن أبيه عن آبائه: «ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يكره أكل خمسة: الطحال، و القضيب، و الأنثيين، و الحياء، و آذان القلب»109، إلى غير ذلك من النصوص التي لا بد من حمل العدد الخاص الوارد في بعضها على بيان ذكر بعض الافراد لا الحصر الحقيقي لئلا يلزم التنافي كما أنه لا بد من الأخذ بمفادها بعد رد بعضها إلى بعض ثمَّ ملاحظة الانجبار بالعمل و الفتوى.

و هما اثنان من الأوداج الأربعة التي تقدم ذكرها في الذبيحة ثمَّ انه لم يذكر في بعض النسخ الفرج ظاهره و باطنه مع أنه منصوص كما مر.

(مسألة ۱): تختص حرمة الأشياء المذكورة بالذبيحة (88)، و المنحورة (89)، فلا يحرم من السمك و الجراد شي‏ء منها (90) ما عدا الرجيع و الدم على إشكال فيهما (91).

بلا فرق بين الطير و غيره.

لأن دليل الحرمة اما الإجماع فهما المتيقن منه، و اما الأخبار فهما المنساق منها مع ذكر الشاة في جملة منها، و الإبل و البقر و الغنم في بعضها الآخر كما تقدم كل منهما.

نعم، لا فرق فيها بين الصغير و الكبير.

للأصل و الإطلاق بعد اختصاص الدليل بخصوص الأنعام الثلاثة.

أما أكلهما حيا و فيهما الرجيع و الدم فيجوز، للإطلاق و الاتفاق، و كذا أكلهما بعد التذكية أي الأخذ حيا.

و أما أكل نفس الرجيع و الدم فلا إشكال فيه أيضا من حيث النجاسة لعدم نجاستهما منهما و إنما الإشكال من حيث الخباثة و إطلاق ما دل على حرمة الدم، و مع صدق الخباثة يحرم و مع الشك فيها لا يحرم، و احتمال انصراف ما دل على حرمة الدم غير دمهما ثابت و طريق الاحتياط واضح هذا في السمك المحلّل و أما المحرم منه فإطلاق دليل حرمته يشمل اجزاءه أيضا.

(مسألة ۲): لا يوجد في الطيور شي‏ء مما ذكر عدا الرجيع، و الدم، و المرارة، و الطحال (92)، و البيضتين في الديكة و لا إشكال في حرمة الأولين منها فيها (93)، و أما البواقي ففيها إشكال فلا يترك فيها الاحتياط (9٤).

و كذا الحدقة.

الأول من حيث الخباثة و الثاني من حيث الخباثة و النجاسة.

من الجمود على ما دل على حرمة هذه الأشياء الشامل للطيور أيضا، و من احتمال الاختصاص بالانعام الثلاثة فيرجع في غيرها إلى الإطلاق و أصالة الإباحة لكن احتمال الاختصاص مع ملاحظة مجموع الأدلة ضعيف، و منه يظهر وجوب الاحتياط.

(مسألة ۳): يؤكل من الذبيحة غير ما مر فيؤكل القلب و الكبد و الكرش و الأمعاء و الغضروف و العضلات و غيرها (95). نعم، يكره الكليتان و أذنا القلب و العروق خصوصا الأوداج (96)، و هل يؤكل منها الجلد و العظم مع عدم الضرر أم لا؟ أظهرهما الأول و أحوطهما الثاني (97). نعم، لا إشكال في جلد الرأس و جلد الدجاج و غيره من الطيور و كذا في عظم صغار الطيور كالعصفور (98).

كل ذلك للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

أما الأول فلقول أبي الحسن الرضا عن آبائه عليهم السّلام: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يأكل الكليتين من غير أن يحرّمهما لقربهما من البول»110، و في خبر آخر: «إنما هما مجتمع البول»111.

و أما الثاني: و يعبر عنه بآذان الفؤاد أيضا فلما عن علي عليه السّلام من أنه نهى عن بيع آذان الفؤاد112، و في خبر الهاشمي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يكره آذان القلب‏113.

و أما الثالث: فلذكرها في خبر إسماعيل بن مرار من قولهم عليهم السّلام: «و الغدد مع العروق»114.

و أما الأخير: فلذكرها في مرسل الصدوق عن الصادق عليه السّلام الدال على النهي من أكل عشرة أشياء وعد منها «الأوداج»115، و كذا في غيره.

و لا بد من حمل الكل على الكراهة لقصور السند و عدم الجابر، و أما تخصيص الأوداج فلانطباق عنوان العروق عليها فتشتد الكراهة من هذه الجهة.

أما أظهرية الأول فلأصالة الإباحة و إطلاق دليل حلّية ذلك الحيوان‏ الشامل لجميع أجزائه من عظمه و جلده و غيرهما إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخروج إلا ذكر الجلد، و العظم، و القرن، و الظلف في خبر أبان‏116، في عداد المحرمات كما مر، و دعوى انسباق صورة الضرر و الاستخباث منه ممكن فتبقى الحرمة المطلقة بلا دليل فيرجع إلى الأصل و الإطلاق حينئذ.

و أما وجه الاحتياط فهو الجمود على الإطلاق و إن خرج عما هو المنساق.

كل ذلك للأصل و السيرة القطعية بعد انصراف خبر أبان على إطلاقه عنهما.

(مسألة ٤): يجوز أكل لحم ما حل أكله نيّا و مطبوخا بل و محروقا أيضا (99)، إذا لم يكن مضرا (100). نعم، يكره أكله غريضا بمعنى كونه طريا لم يتغير بشمس و لا نار (101) و لا بذر الملح عليه و تجفيفه في الظل و جعله قديدا (102).

كل ذلك للأصل و الإطلاق و الاتفاق و لا بد في المحروق من عدم الاستخباث.

فيحرم حينئذ لا يأتي من حرمة أكل ما هو مضر.

لقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى أن يؤكل اللحم غريضا و قال: إنما تأكله السباع حتى تغيره الشمس أو النار»117.

أما الأول فلمفهوم قوله عليه السّلام «في اللحم يقدد و يذر عليه الملح و يجفف في الظل، فقال: لا بأس بأكله فإن الملح قد غيره»118.و أما الثاني فلنصوص منها ما عن أبي الحسن عليه السّلام: «القديد لحم سوء و أنه يسترخي في المعدة و يهيج كل داء و لا ينفع من شي‏ء بل يضره»119، و عنه عليه السّلام أيضا: «ما أكلت طعاما أبقى و لا أهيج للداء من اللحم اليابس يعني القديد»120، إلى غير ذلك من الأخبار.

(مسألة ٥): اختلفوا في حلّية البول من ما يؤكل لحمه كالغنم و البقر عند عدم الضرورة (103) على قولين فقال بعض بالحلّية (10٤)، و حرّمه جماعة (105)، و هو الأحوط (106). نعم، لا إشكال في حلّية بول الإبل للاستشفاء (107).

فإنه يحل معها قولا واحدا لقاعدة: «أن الضرورات تبيح المحظورات».

نسب إلى المرتضى و ابني جنيد و إدريس و اختاره في الجواهر و دليلهم الطهارة، و عدم ذكره في محرمات الحيوان مع ذكر الفرث فيها، و دعوى السيد الإجماع عليها.

و لكن الطهارة أعم من الحلّية، و عدم الذكر أعم من عدم الحرمة.

منهم الشيخ و الشهيدان، و دليلهم الاستخباث.

للاستخباث في الجملة لو لا إجماع المرتضى رحمه اللّه و نفي الخلاف في الحلّية بين كل من قال بالطهارة و هذا هو منشأ عدم الجزم بالفتوى.

لما عن الصادق عليه السّلام في خبر سماعة: «في شرب الرجل أبوال الإبل و البقر و الغنم ينعت له من الوجع هل يجوز له أن يشرب؟ قال: نعم لا بأس به»121، و تقتضيه القاعدة أيضا إن وصل إلى مرتبة الضرورة، و يمكن حمل إطلاق النص عليها أيضا لأن الناس بفطرتهم لا يقدمون على شربها إلا مع الاضطرار إليه‏ و قد ورد في الإبل أخبار خاصة.

(مسألة ٦): يحرم رجيع كل حيوان و لو كان مما حل أكله (108). نعم الظاهر عدم حرمة فضلات الديدان الملصقة بأجواف الفواكه و البطائخ و نحوها (109)، و كذا ما في جوف السمك و الجراد إذا أكل معهما (110).

للاستخباث إن أكل ذلك منفصلا عن السمك و الجراد، و يستقبح الناس ذلك على الأكل.

لعدم مداقة المتعارف في إزالة أمثال ذلك، و تحقق السيرة على أكلها بدون المداقة في الإزالة.

لإطلاق ما دل على حليتهما الشامل لما في جوفهما أيضا.

(مسألة ۷): يحرم الدم من الحيوان ذي النفس (111) حتى العلقة و الدم في البيضة (112) عدا ما يتخلف في الذبيحة (113) على إشكال‏ فيما يجتمع منه في القلب و الكبد (11٤)، و أما الدم من غير ذي النفس فما كان مما حرم أكله كالوزغ و الضفدع و القرد فلا إشكال في حرمته (115)، و أما ما كان مما حل أكله كالسمك الحلال ففيه خلاف و الظاهر حليته إذا أكل مع السمك بأن أكل السمك بدمه (116)، و أما إذا أكل منفردا ففيه إشكال (117).

كتابا122، و سنة متواترة بل بضرورة من المذهب، و من النصوص قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في خبر محمد بن سنان: «و حرم اللّه الدم كتحريم الميتة»123، و قد عد من المحرمات في الذبيحة الدم كما مر.

لكونهما دما و كل دم يحرم أكله للنصوص- كما تقدم- و الإجماع.

لإطلاق دليل حلّية أكل الذبيحة إطلاقها الحالي و المقامي الشامل للمتخلف أيضا، مع كون الحكم كان مورد الابتلاء من أول البعثة إلى زماننا هذا و لم يشر في دليل إلى الخلاف، و تقدم في كتاب الطهارة ما يتعلق بطهارة هذا الدم و بعض الفروع المتعلقة به‏124.

من جهة الشك في شمول الإطلاقات لما يجتمع فيهما فيحرم، و من جهة الجمود على ظاهر إطلاق حلّية الذبيحة الشامل لجميع أجزائها الداخلية و الخارجية- إلا ما استثنى منها كما تقدم- فيحل.

للإجماع، و إطلاق الدليل الشامل للكل و الجزء متصلا كان أو منفصلا.

لظهور الاتفاق و الإطلاق.

من عموم حرمة الدم و حرمة الخبائث الشامل له بعد سقوط التبعية من جهة الانفصال و من جهة الشك في الشمول فيرجع حينئذ إلى أصالة الحلية و الإباحة.

(مسألة ۸): قد مر في كتاب الطهارة طهارة ما لا تحله الحياة من الميتة حتى اللبن و البيضة إذا اكتست جلدها الأعلى الصلب و الانفحة و هي كما أنها طاهرة حلال أيضا (118).

لصحيح الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث: «أن قتادة قال له:

أخبرني عن الجبن، فقال: لا بأس به، فقال: أنه ربما جعلت فيه إنفحة الميتة، فقال: ليس به بأس إن الإنفحة ليس لها عروق و لا فيها دم- الحديث-»125، مضافا إلى الإجماع.

(مسألة ۹): لا إشكال في حرمة القيح و الوسخ و البلغم و النخامة من‏ كل حيوان (119)، و أما البصاق و العرق من غير نجس العين فالظاهر حلّيتهما (120) خصوصا إذا كان من الإنسان أو مما يؤكل لحمه من الحيوان (121).

للخباثة، و تنفر الطباع، و ظهور الإجماع. و السيرة المستمرة.

لأصالتي الطهارة و الحلّية من غير دليل حاكم عليهما.

لإمكان دعوى السيرة في الجملة- خصوصا في مثل الأواني و الملاعق المشتركة بين الناس أو على خوان واحد- و ما ورد في مص لسان الزوجة126، و سؤر المؤمن‏127، بل يكون ذلك من لوازم معاشرة أفراد الإنسان بعضهم مع بعض و معاشرتهم مع ما يؤكل لحمه هذا في غير بصاق المعصومين عليهم السّلام، و من يتلو تلوهم ممن يتبرك الناس ببصاقهم و تصدر الكرامات منه لديهم كما شاهدنا بعضهم.

(مسألة ۱): يحرم تناول الأعيان النجسة (122) و كذا المتنجسة ما دامت باقية على النجاسة مائعة كانت أو جامدة (123).

إجماعا بل ضرورة من المذهب و النصوص الكثيرة الواردة في أبواب النجاسات و المتنجسات‏128.

للإجماع و النصوص الكثيرة الواردة في المتنجسات منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت فيه فإن كان جامدا فألقها و ما يليها و كل ما بقي، و إن كان ذائبا فلا تأكله و استصبح به و الزيت مثل ذلك»129 و قريب منه غيره.

(مسألة ۲): يحرم تناول كل ما يضر بالبدن (12٤)، سواء كان موجبا للهلاك كشرب السموم القاتلة، و شرب الحامل ما يوجب سقوط الجنين أو سببا لانحراف المزاج أو لتعطيل بعض الحواس ظاهرة أو باطنة أو لفقد بعض القوى، كالرجل يشرب ما يقطع به قوة الباه و التناسل أو المرأة تشرب‏ ما به تصير عقيما لا تلد (125).

للأدلة الأربعة أما الكتاب فقوله تعالى‏ وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ130، و أما السنة فهي كثيرة منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إن اللّه تبارك و تعالى- إلى أن قال- علم ما يضرهم فنهاهم عنه و حرّمه عليهم»131، إلى غير ذلك من الروايات، و أما الإجماع فهو من المسلمين بل العقلاء.

و أما العقل فهو مما لا يخفى على كل عاقل رجع إلى وجدانه.

إجماعا بل ضرورة من الفقه في جميع ذلك و يأتي في كتاب الديات بعض ما ينفع المقام.

(مسألة ۳): لا فرق في حرمة تناول المضرّ بين معلوم الضرر و مظنونه بل و محتمله أيضا إذا كان احتماله معتدا به عند العقلاء بحيث أوجب الخوف عندهم و كذا لا فرق بين أن يكون الضرر المترتب عليه عاجلا أو بعد مدة (126).

كل ذلك لإطلاق الأدلة و إجماع الإمامية إن لم يكن من جميع المسلمين.

(مسألة ٤): يجوز التداوي و المعالجة بما يحتمل فيه الخطر و يؤدي إليه أحيانا إذا كان النفع المترتب عليه حسبما ساعدت عليه التجربة و حكم به الحذّاق و أهل الخبرة غالبا، بل يجوز المعالجة بالمضر العاجل الفعلي المقطوع به إذا يدفع به ما هو أعظم ضررا و أشد خطرا، و من هذا القبيل قطع بعض الأعضاء دفعا للسراية المؤدية إلى الهلاك و ربط الجرح و الكي بالنار و بعض العمليات المعمولة في هذه الأعصار بشرط أن يكون الإقدام على ذلك جاريا مجرى العقلاء بأن يكون المباشر للعمل حاذقا محتاطا مباليا غير متسامح و لا متهوّر (127)، لا إذا كان على خلاف ذلك كبعض‏ المتطببين (128).

كل ذلك لسيرة العقلاء و إجماع الفقهاء و إطلاق نصوص أئمة الهدى، منها ما عن الصادق عليه السّلام في خبر يونس بن يعقوب: «الرجل يشرب الدواء و ربما قتل و ربما سلم منه و من يسلم منه أكثر، فقال عليه السّلام: أنزل اللّه الدواء و أنزل الشفاء و ما خلق اللّه داء إلا و جعل له دواء فاشرب و سم اللّه تعالى»132، و في خبر محمد بن مسلم: «سألت أبا جعفر عليه السّلام هل يعالج بالكي؟ فقال: نعم إن اللّه تعالى جعل في الدواء بركة و شفاء و خيرا كثيرا، و ما على الرجل أن يتداوى و لا بأس به»133، إلى غير ذلك من الأخبار مما هو كثير.

لما مر من العمومات الدالة على عدم جواز ارتكاب ما فيه الضرر، بل السيرة تقتضي ذلك أيضا.

(مسألة ٥): ما كان يضرّ كثيره دون قليله يحرم كثيره المضر دون قليله غير المضر و لو فرض العكس كان بالعكس، و كذا ما يضرّ منفردا لا منضما مع غيره يحرم منفردا لا منضما و ما كان بالعكس كان بالعكس (129).

الوجه في كل ذلك معلوم بعد كون المدار في الحرمة على الضرر و في الحلية على عدمه.

(مسألة ٦): إذا كان شي‏ء لا يضر تناوله مرة أو مرتين مثلا و لكن يضر إدمانه و زيادة تكريره و التعود عليه يحرم تكريره المضر خاصة (130)، و من ذلك شرب الأفيون بابتلاعه أو شرب دخانه فإنه لا يضر مرة أو مرتين لكن تكراره و المداومة عليه و التعود به كما هو المتداول في بعض البلاد خصوصا ببعض كيفياته المعروفة عند أهله مضر غايته و فيه فساد و أي فساد بل هو بلاء و اي بلاء داء عظيم و بلاء جسيم و خطر خطير و فساد كبير أعاذ اللّه المسلمين منه (131)، فمن رام شربه لغرض من الأغراض فليلتفت إلى أن لا يكثره و لا يكرره إلى حد يتعود و يبتلي به و من تعود به يجب عليه الاجتهاد في تركه و كف النفس و العلاج بما يزيل عنه هذا الاعتياد.

لتحقق التضرر بالادمان فيحرم، و هكذا في مثل الهروين و غيره من المخدرات و المنعشات.

ما ذكر من الإضرار موافق للوجدان فيغني عن إقامة الدليل و البرهان و يكفي في ذلك كله إذهابه للغيرة كما هو معروف عند مجربيه.

(مسألة ۷): يحرم أكل الطين (132)، و هو التراب المختلط بالماء حال بلته، و كذا المدر (133) و هو الطين اليابس و يلحق بهما التراب أيضا على الأحوط (13٤). نعم لا بأس بما تختلط به الحنطة أو الشعير مثلا من التراب و المدر، و كذا ما يكون على وجه الفواكه و نحوها من التراب و الغبار و كذا الطين الممتزج بالماء المتوحل الباقي على إطلاقه و ذلك لاستهلاك الخليط في المخلوط (135). نعم، لو أحس ذائقة الأجزاء الطينية حين الشرب فلا يترك الاحتياط بترك شربه أو تركه (136)، إلى أن يصفو و ترسب تلك الأجزاء.

إجماعا و نصوصا متواترة منها قول الصادق عليه السّلام في خبر هشام ابن سالم: «إن اللّه عزّ و جلّ خلق آدم من طين فحرم أكل الطين على ذريته»134، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر السكوني: «من أكل الطين فمات فقد أعان نفسه»135، و عن أبي الحسن عليه السّلام في أكل الطين: «انه لمن مصائد الشيطان الكبار و أبوابه العظام»136، و في خبر سعد قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الطين؟ فقال: أكل الطين حرام مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير»137، إلى غير ذلك من الأخبار.

لذكره بالخصوص في بعض النصوص ففي الحديث: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن أكل المدر»138، و في خبر المعمر عن أبي الحسن عليه السّلام: «قلت له:

ما يروي الناس في أكل الطين و كراهته؟ قال: إنما ذلك المبلول و ذاك المدر»139، مضافا إلى ظهور الإجماع.

من عدم صدق الطين و المدر عليه فيرجع في حكمه إلى أصالة الحلية و الإباحة و من أن قوام الطين إنما هو بالتراب، و الرطوبة إنما هو من العوارض لا من المقومات، و لذا يكون المدر الجاف في حكمه أيضا بلا فرق حينئذ بين حال البلة و حال الجفاف مع كونه متمسكا بعضه مع بعض الذي يطلق عليه المدر و بين حال الجفاف الناعم و غير المتمسك مع وجود حكمة النهي في الجميع بحسب الظاهر.

فيخرج عن موضوع الأدلة الظاهرة في أن الحرمة إنما تكون في صورة الاستقلال لا الاستهلاك فيرجع حينئذ إلى إطلاق حلية المستهلك فيه و مع الشك فإلى أصالة الإباحة و الحلية.

لإمكان أن يقال إن للطين مراتب، و إحساس طعمة من بعض مراتبه، و مقتضى التأكيدات الأكيدة في حرمة أكل الطين شمول الحرمة لجميع المراتب.

(مسألة ۸): الظاهر أنه لا يلحق بالطين الرمل و الأحجار و أنواع المعادن فهي حلال كلها مع عدم الضرر (137).

لأصالتي الحلية و الإباحة بعد عدم دليل على الخلاف.

(مسألة ۹): يستثنى من الطين طين قبر الحسين عليه السّلام للاستشفاء (138)، فإن في تربته المقدسة الشفاء من كل داء و انها من الأدوية المفردة و انها لا تمر بداء إلا هضمته (139)، و لا يجوز أكلها لغير الاستشفاء (140)، و لا أكل ما زاد عن قدر الحمصة المتوسطة (141)، و لا يلحق به طين غير قبره من قبور سائر المعصومين عليهم السّلام على الأحوط لو لم يكن الأقوى (142). نعم، لا بأس بأن يمزج بماء (143) أو مائع آخر شربة و التبرك و الاستشفاء بذلك الماء أو مائع آخر.

إجماعا و نصوصا كثيرة منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «الطين حرام كله كلحم الخنزير و من أكله ثمَّ مات منه لم أصلّ عليه إلا طين القبر فإن فيه شفاء من‏ كل داء و من أكله بشهوة لم يكن فيه شفاء»140، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر سماعة بن مهران: «أكل الطين حرام على بني آدم ما خلا طين قبر الحسين عليه السّلام من أكله من وجع شفاء اللّه»141، إلى غير ذلك من الأخبار.

رواه في المصباح مرسلا عن الصادق عليه السّلام: «إن رجلا سأله فقال: إني سمعتك تقول إن تربة الحسين عليه السّلام من الأدوية المفردة و انها لا تمر بداء إلا هضمته؟ فقال عليه السّلام: قد قلت ذلك فما بالك؟ قلت: إني تناولتها فما انتفعت بها، قال له: أما: إن لها دعاء فمن تناولها و لم يدع به و استعملها لم يكد ينتفع بها، فقال له: ما يقول إذا تناولها؟ قال: تقبلها قبل كل شي‏ء و تضعها على عينيك و لا تناول منها أكثر من حمصة فإن من تناول أكثر من ذلك فكأنما أكل لحومنا و دماءنا، فإذا تناولت فقل: اللهم إنّي أسألك بحق الملك الذي قبضها و أسألك بحق النبي الذي خزنها و أسألك بحق الوصي الذي حل فيها ان تصلي على محمد و آل محمد و أن تجعلها لي شفاء من كل داء و أمانا من كل خوف و حفظا من كل سوء. فإذا قلت ذلك فأشددها في شي‏ء و أقرأ عليها إنا أنزلناه في ليلة القدر فإن الدعاء الذي تقدم لأخذها هو الاستيذان عليها و قراءة إنا أنزلناه ختمها»142، و قد ورد آداب كثيرة لأخذ التربة المقدسة كلها من باب الفضل و الأفضلية لا الشرطية الحقيقية و من أراد الاطلاع عليها فليراجع مظانها.

للنص و الإطلاق و الاتفاق قال الصادق عليه السّلام في خبر حنان بن سدير:

«من أكل من طين قبر الحسين عليه السّلام غير مستشف به فكأنما أكل من لحومنا»143.

إجماعا و نصا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام فيما تقدم: «و لا تناول منها أكثر من حمصة»، و عن أحدهما عليهما السّلام: «و لكن اليسير من مثل الحمصة»144، و المنساق منها المتوسطة.

لإطلاق أدلة حرمة أكل الطين الشامل لجميع ذلك من غير ما يصلح للتخصيص إلا بعض الأخبار145، و يصح حمله على الاستشفاء بغير الأكل من المصاحبة و التبرك به و نحو ذلك.

لتحقق الاستهلاك حينئذ فيجوز بلا إشكال.

(مسألة ۱۰): لأخذ التربة المقدسة و تناولها عند الحاجة آداب و أدعية مذكورة في محالها خصوصا في كتب المزار و لا سيما مزار بحار الأنوار، لكن الظاهر انها كلها شروط كمال (1٤٤)، لسرعة تأثيرها لا أنها شرط لجواز تناولها (145).

لما أثبتوه في الأصول من أن القيود في المندوبات كلها من باب تعدد المطلوب إلا ما خرج بالدليل، مع ان سياق بعض أخبار المقام ظاهر في ذلك فراجع.

إن قيل: نعم، و لكن مقتضى أصالة التحريم في أكل الطين إلا في المتيقن منه أن يكون ذلك كله شرط أصل الجواز لا شرط الكمال.

يقال: الأصل محكوم بما تقدم من إطلاق الروايات فليس لنا التمسك به، فيبقى مجرد الإطلاق و التقييد الصناعي و مقتضاه ما ذكرنا من حمل القيد على تعدد المطلوب.

لما تقدم آنفا فلا وجه للإعادة.

(مسألة ۱۱): القدر المتيقن من محل أخذ التربة هو القبر الشريف و ما يقرب منه على وجه يلحق به عرفا (146)، و لعله كذلك الحائر المقدس بأجمعه (147)، لكن في بعض الأخبار يؤخذ طين قبر الحسين عليه السّلام من عند القبر على سبعين ذراعا (148)، و في بعضها طين قبر الحسين فيه شفاء و إن أخذ على رأس ميل (149)، بل و في بعضها أنه يستشفى مما بينه و بين القبر على رأس أربعة أميال (150)، بل و في بعضها على عشرة أميال (151)، و في بعضها فرسخ في فرسخ (152)، بل و روي إلى أربعة فراسخ (153)، و لعل الاختلاف من جهة تفاوت مراتبها في الفضل فكل ما قرب الى القبر الشريف كان أفضل (15٤)، و الأحوط الاقتصار على ما حول القبر إلى سبعين ذراعا (155)، و فيما زاد على ذلك أن تستعمل ممزوجة بماء أو شربة على نحو لا يصدق عليه الطين و يستشفى به رجاء (156).

لقاعدة الاقتصار على القدر المتيقن فيما هو خلاف إطلاق أدلة الحرمة و ما يلحق بالقبر الشريف عرفا هو القدر المتيقن.

لأن جميع الحائر قريب من القبر المقدس عرفا و انه المتيقن أيضا بالنسبة إلى التحديدات المذكورة في المقام مع اختلافها قربا و بعدا، كما يأتي مع وقوع خصوص طين الحائر في خبر سعد بن سعد قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الطين؟ فقال: أكل الطين حرام إلا طين الحائر فإن فيه شفاء من كل داء و أمنا من كل خوف»146، و كذا خبر أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في حديث أنه سئل عن طين الحائر هل فيه من الشفاء؟ فقال: يستشفى ما بينه و بين القبر على رأس أربعة أميال، و كذلك قبر جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و كذا طين قبر الحسن و علي و محمد فخذ منها فإنها شفاء من كل داء و سقم و جنة مما تخاف و لا يعد لها شي‏ء من الأشياء الذي يستشفى بها إلا الدعاء و انما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها و قلة اليقين لمن يعالج بها، فاما من أيقن انها له شفاء إذا تعالج كفته بإذن اللّه عن غيرها مما يعالج به- إلى أن قال- و أما الشياطين و كفار الجن فإنهم يحسدون بها و ما تمر بشي‏ء إلا شمها ابن آدم- عليها يتمسحون بها- فيذهب عامة طيبها و لا يخرج الطين من الحائر إلا و قد استعد له ما لا يحصى منهم- الحديث-»147. أقول: و لعل من حكم الدعوات و الآداب التي وردت حين أخذها و حين كونها مع الآخذ إنها لدفع تلك الأرواح الخبيثة عن هذه التربة الشريفة، و لا ريب في اهتمام تلك الأرواح الخبيثة بإزالة أثر المقدسات مهما أمكنهم ذلك و لو بان يوحوا إلى أوليائهم من الأنس أنحاء التشكيكات فيها.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «يؤخذ طين قبر الحسين عليه السّلام من عند القبر على سبعين ذراعا»148، و في رواية أخرى: «على سبعين باعا»149، و الباع و البوع مد اليدين و ما بينهما من البدن و يصير أكثر من ثلاثمائة و خمسين ذراعا.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في خبر أبي الصباح: «طين قبر الحسين عليه السّلام فيه شفاء و ان أخذ على رأس ميل»150.

قال الصادق عليه السّلام كما تقدم في خبر الثمالي: «يستشفى بما بينه و بين القبر على رأس أربعة أميال»151.

كما عن الصادق عليه السّلام في خبر الحجال: «التربة من قبر الحسين عليه السّلام على عشرة أميال»152، و الميل ثلث الفرسخ لأن كل فرسخ ثلاثة أميال و كل فرسخ بالمسافة المعروفة خمس كيلو مترات و نصف تقريبا.

قال الصادق عليه السّلام: «حرم الحسين عليه السّلام فرسخ من أربع جوانب القبر»153.

لمرسل الشهيد الثاني في المسالك: «و روي إلى أربعة فراسخ» و لم يعثر عليه في كتب الأحاديث.

نعم، ورد إن «حرم الحسين عليه السّلام خمس فراسخ من أربع جوانبه»154، و هو يتضمن أربع فراسخ بالأولى.

كما هو المشهور بين الفقهاء و تعضده المرتكزات العرفية.

لأنه المتيقن من مجموع التحديدات في هذا الحكم المخالف لإطلاق أدلة حرمة أكل الطين.

أما اعتبار عدم الطين و تحقق الاستهلاك فللخروج عن شبهة الحرمة.

و أما قصد الرجاء في الاستشفاء فلعدم إحراز موضوع الشفاء حتى يستشفى به بعنوان التعبد به فلا بد من قصد الرجاء حينئذ.

(مسألة ۱۲): تناول التربة المقدسة للاستشفاء إما بازدرادها و ابتلاعها و إما بحلها في الماء و شربه أو بان يمزجها بشربه و يشربها بقصد التبرك و الشفاء (157).

أو بغير ذلك مثل أن تمزج بالطعام أو يتمسح بها على موضع الوجع أو نحو ذلك.

(مسألة ۱۳): إذا أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بان هذا الطين‏ من تلك التربة المقدسة فلا إشكال (158)، و كذا إذا قامت على ذلك البينة بل الظاهر كفاية قول عدل واحد بل شخص ثقة (159)، و هل يكفي إخبار ذي اليد بكونه منها أو بذله لها على أنه منها لا يبعد ذلك (160)، و إن كان الأحوط في غير صورة العلم و قيام البينة تناولها بالامتزاج بماء أو شربة (161).

في الحلية لحجية العلم بالوجدان.

أما الأول فلاعتبار البينة مطلقا في الشريعة كما مر غير مرة.

و أما الأخير فلاستقرار السيرة على الاعتماد على قول الثقة في نظائر المقام بين المتشرعة من الأنام.

بناء على ثبوت قاعدة: «ان كل من استولى على شي‏ء يكون قوله معتبرا فيما استولى عليه» و قد أشرنا إليها غير مرة.

لأن الاحتياط حسن على كل حال و جمودا على قول من يقول من الفقهاء باعتبار قيام البينة فقط.

تنبيه: ما ورد من الأخبار المتواترة في التربة الشريفة بأن فيها الشفاء- كما تقدم بعضها- إنما هو من باب الاقتضاء لا العلية التامة فمع فقد الموانع يؤثر المقتضي أثره، و الموانع عن تأثير المعنويات كثيرة خصوصا في هذه الأعصار التي زيد فيها الهتك و الانتهاك للمقدسات و قلة المبالاة بها، و يستفاد من بعض الأخبار ان وضع التربة الشريفة في غير الموضع اللائق بها يوجب زوال أثرها155، و في بعض الأخبار ان ماء الفرات شفاء إن لم يغتسل فيه الجنب من الحرام أو الخطائين‏156.

(مسألة ۱٤): قد استثنى بعض العلماء من الطين طين الأرمني‏ للتداوي به (162)، و هو غير بعيد لكن الأحوط عدم تناوله إلا عند انحصار العلاج (163)، أو ممزوجا بالماء أو شربة أو أجزاء أخر بحيث لا يصدق معه أكل الطين (16٤).

يظهر ذلك من المحقق في الشرائع لجملة من الأخبار منها: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن طين الأرمني يؤخذ منه للكسير و المبطون أ يحل أخذه؟ قال: لا بأس به أما انه من طين قبر ذي القرنين و طين قبر الحسين عليه السّلام خير منه»157.

لحلية كل محرم انحصر العلاج بتناوله حينئذ و قصور الأخبار سندا عن إثبات الإباحة في غير هذه الصورة، و إمكان أن يراد منها خصوص هذه أيضا فتكون مؤكدة للقاعدة أي قاعدة: «حلية المحرمات عند الاضطرار و الضرورات».

لانتفاء موضوع الحرمة حينئذ فلا موضوع لها حتى يبحث عنها.

(مسألة ۱٥): يحرم الخمر بالضرورة من الدين (165)، بحيث أن‏ مستحله في زمرة الكافرين (166)، بل عن مولانا الباقر عليه السّلام أنه: «لا يبعث اللّه نبيا و لا يرسل رسولا إلا و يجعل في شريعته تحريم الخمر»، و عن الرضا عليه السّلام: «أنه ما بعث اللّه نبيا قط إلا بتحريم الخمر»، و عن الصادق عليه السّلام: «إن الخمر أم الخبائث و رأس كل شر يأتي على شاربها ساعة يسلب لبّه فلا يعرف ربه و لا يترك معصية إلا ركبها و لا يترك حرمة إلا انتهكها و لا رحما ماسة إلا قطعها و لا فاحشة إلا أتاها و ان من شرب منها جرعة لعنه اللّه و ملائكته و رسله و المؤمنون و إن شربها حتى سكر منها نزع روح الإيمان من جسده و ركبت فيه روح سخيفة خبيثة ملعونة و لم تقبل صلاته أربعين يوما، و يأتي شاربها يوم القيامة مسودا وجهه مدلعا لسانه ليسيل لعابه على صدره ينادي العطش العطش». و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «من شرب الخمر بعد ما حرمها اللّه على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب و لا يشفع إذا شفع و لا يصدق إذا حدث و لا يعاد إذا مرض و لا يشهد له جنازة و لا يؤتمن على أمانة»، بل: «لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيها عشرة: غارسها و حارسها و عاصرها و شاربها و حاملها و المحمولة إليه و بائعها و مشتريها و آكل ثمنها»، و قد ورد أن من تركها و لو لغير اللّه بل صيانة لنفسه سقاه اللّه من الرحيق المختوم، و بالجملة الأخبار في تشديد أمرها و الترغيب في تركها أكثر من أن تحصى بل نص في بعضها أنه أكبر الكبائر خصوصا مدمنه فقد ورد في أخبار مستفيضة أو متواترة أنه كعابد وثن أو كمن عبد الأوثان، و قد فسر المدمن في بعض الأخبار بأنه ليس الذي يشربها كل يوم و لكنه الموطن نفسه أنه إذا وجدها شربها هذا مع كثرة المضار في شربها التي اكتشفها حذاق الأطباء في هذه الأزمنة و أذعن المنصفون من غير ملتنا.

و تدل على حرمته الأدلة الأربعة فمن الكتاب قوله تعالى‏ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏158، و من النصوص نصوص متواترة بين الفريقين منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «كل مسكر خمر و كل مسكر حرام»159، و منها عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا:

«لعنت الخمر و شاربها و ساقيها و عاصرها و معتصرها و حاملها و المحمولة إليه و مبتاعها و آكل ثمنها»160، و عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «أيها الناس إن من العنب خمرا و إن من الزبيب خمرا، و إن من التمر خمرا، و إن من الشعير خمرا ألا أيها الناس‏ أنهاكم عن كل مسكر»161.

و من الإجماع إجماع المسلمين بل جميع الأنبياء و المرسلين من آدمهم إلى خاتمهم صلّى اللّه عليه و آله.

و من العقل استقلاله بقبح تعطيل أعظم قوة فعالة مدركة في الإنسان عن ادراك ما تستعد له دركها من تنظيم الحواس الظاهرية و الباطنية و ضبطها عن وقوع الاختلال فيها، و لو لم يكن فيه إلا عروض السكر على الإنسان و صيرورة أفعاله في تلك الحالة كأفعال المجانين و الصبيان لكفى في الخسة و النقصان.

على تفصيل تقدم في كتاب الطهارة162، فلا وجه للإعادة بالتكرار.

(مسألة ۱٦): يلحق بالخمر موضوعا أو حكما كل مسكر جامدا كان أو مائعا (167)، و ما أسكر كثيره دون قليله حرم قليله و كثيره (168).

إجماعا و نصوصا منها: قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «كل مسكر خمر و كل خمر حرام»163، الظاهر في الإلحاق الموضوعي.

و منها: ما دل على أن الخمر من خمسة كما في صحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الخمر من خمسة العصير من الكرم، و النقيع من الزبيب، و البتع من العسل، و المزر من الشعير، و النبيذ من التمر»164، و قريب منه غيره، و ظاهره الإلحاق الموضوعي أيضا.

و منها: ما ورد عن الأئمة الهداة عليهم السّلام في عدة روايات: «حرم اللّه الخمر بعينها و حرم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المسكر من كل شراب فأجاز اللّه له ذلك»165، الظاهرة في الإلحاق الحكمي و إطلاقها يشمل الجامد و المائع.

للإطلاق و الاتفاق و نصوص خاصة منها قول أبى عبد اللّه عليه السّلام قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «كل مسكر حرام و ما أسكر كثيره فقليله حرام»166.

(مسألة ۱۷): و لو فرض في الخمر عدم الإسكار في بعض الطباع أو في بعض الأزمنة أو الأمكنة أو مع العادة لا يوجب ذلك الحلية (169).

لإطلاق الأدلة و إجماع فقهاء الملة، و كثرة ما ورد من التشديد في هذه المادة المكنى عنها بأم الخبائث في اصطلاح السنة167، و المسمى بالإثم في اصطلاح الكتاب في قوله تعالى‏ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ‏168، و بالخمر فيه أيضا169.

و كل من يراجع تاريخ العالم من الملل و الأديان يرى أن الخمر و الكذب منشأ المفاسد بجزئياتها و كلياتها.

(مسألة ۱۸): إذا انقلبت الخمر خلا حلت (170)، سواء كان بنفسها أو بعلاج، و سواء كان العلاج بدون ممازجة شي‏ء فيها كما إذا كان بتدخين أو مجاورة شي‏ء أو كان بالممازجة، سواء استهلك الخليط فيها قبل أن تنقلب خلا كما إذا مزجت بقليل من الملح أو الخل فاستهلكا فيها ثمَّ انقلبت خلا أو لم يستهلك بل بقي فيها إلى ما بعد الانقلاب (171)، و يطهر ذلك الممتزج الباقي بالتبعية كما يطهر بها الإناء (172).

لتبدل الموضوع فيتبدل الحكم لا محالة و تقدم في كتاب الطهارة في الانقلاب ما ينفع المقام.

كل ذلك لإطلاق حلية المنقلب إليه و ظهور الاتفاق.

مر في التاسع من المطهرات التبعية و هي في موارد تسعة منها ما نحن فيه فلا مبرر للإعادة.

(مسألة ۱۹): و من المحرمات المائعة الفقاع إذا صار فيه غليان و نشيش و إن لم يسكر و هو شراب معروف كان في الصدر الأول يتخذ من الشعير في الأغلب (173)، و ليس منه ماء الشعير المعمول بين الأطباء (17٤).

راجع النجاسات في كتاب الطهارة (العاشر الفقاع).

لعدم الإسكار فيه و لو كان مسكرا لحرم بلا إشكال.

(مسألة ۲۰): يحرم عصير العنب إذا نش و غلى بنفسه أو غلى بالنار (175)، و كذا عصير الزبيب على الأحوط لو لم يكن الأقوى (176). و أما عصير التمر فالأقوى أنه يحرم إذا غلى بنفسه (177)، و يحل إذا غلى بالنار (178)، و الظاهر أن الغليان بالشمس كالغليان بالنار فله حكمه (179).

إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في خبر ذريح: «إذا نشّ العصير أو غلى حرم»170، و لا فرق في الغليان بين النار و الشمس و غيرهما على ما تقدم في كتاب الطهارة171.

تقدم حكمه في التاسع من النجاسات (مسألة ۱) فلا وجه للإعادة بالتكرار هنا، و منه يظهر ان ما في المتن «لو لم يكن الأقوى» مخدوش فراجع هناك‏172.

بناء على تحقق الإسكار فيه.

لعدم تحقق الإسكار فيه بمجرد الغليان.

لعدم تحقق المناط فيه، و الشك في حصوله يكفي في استصحاب الطهارة و الحلية بعد دوران الحرمة و النجاسة مدار تحقق السكر فعلا.

(مسألة ۲۱): الظاهر أن الماء الذي في جوف حبة العنب بحكم عصيره فيحرم إذا غلى بنفسه أو بالنار (180). نعم، لا يحكم بحرمته ما لم يعلم بغليانه (181)، و هو نادر جدا لعدم الاطلاع على باطنها غالبا فلو وقعت حبة من العنب في قدر يغلي و هي تعلو و تسفل في الماء المغلي فمن يطلع على كيفية ما في جوف تلك الحبة و لا ملازمة بين غليان ماء القدر و غليان ما في جوفها، بل لعل المظنون عدمها لأن المظنون أنه لو غلى ما في جوفها لتفسخت و انشقت، و بالجملة المدار على حصول العلم بالغليان و عدمه فمن علم به حرم عليه و من لم يعلم به حلّ له (182).

لأن المناط في العصير ماء العنب و التعبير به باعتبار أخذ الماء من العنب فيجري على ماء العنب حكم العصير لاتحاد الموضوع و إن اختلف محلا.

للأصل موضوعا و حكما.

لأن المناط في الحلية و الحرمة على إحراز الموضوع بالعلم أو الحجة المعتبرة و كلاهما مفقودان في المقام.

(مسألة ۲۲): من المعلوم أن الزبيب ليس له عصير في نفسه، فالمراد بعصيره ما اكتسب منه الحلاوة إما بأن يدق و يخلط بالماء و إما بأن ينقع في الماء و يمكث إلى أن يكتسب حلاوته بحيث صار في الحلاوة بمثابة عصير العنب، و أما بأن يمرس و يعصر بعد النقع فيستخرج عصارته، و اما إذا كان الزبيب على حاله و حصل في جوفه ماء فالظاهر أن ما فيه ليس من عصير الزبيب فلا يحرم بالغليان و إن كان الأحوط الاجتناب عنه (183)، لكن العلم به غير حاصل عادة (18٤)، فإذا ألقى زبيب في قدر فيه ماء أو مرق و كان يغلي فرأينا الزبيب فيه منتفخا من أين ندري أن ما في جوفه قد غلى مع أنه بحسب العادة لو غلى ما في جوفه لانشق و تفسخ و أولى من ذلك بعدم وجوب الاجتناب ما إذا وضع في وسط طبيخ أو كبة أو محشى و نحوها مما ليس فيه ماء و إن انتفخ فيه لأجل الأبخرة الحاصلة فيه (185).

لأن الاحتياط حسن على كل حال، و هذا بخلاف ما تقدم في المسألة السابقة من عدم الفرق بين الماء الداخل في العنب إذا غلى و بين العصير المأخوذ منه.

و يكفي فيه مجرد الاستصحاب موضوعا و حكما.

و يكفي فيه مجرد الاستصحاب موضوعا و حكما.

(مسألة ۲۳): الظاهر أن ما غلى بنفسه من أقسام العصير لا تزول حرمته إلا بالتخليل (186)، كالخمر حيث انها لا تحل إلا بانقلابها خلا و لا أثر فيه لذهاب الثلاثين. و أما ما غلى بالنار تزول حرمته بذهاب ثلثيه و بقاء ثلث منه (187)، و الأحوط أن يكون ذلك بالنار لا بالهواء و طول المكث مثلا (188). نعم، لا يلزم أن يكون ذهاب الثلاثين في حال غليانه بل يكفي كون ذلك مستندا إلى النار و لو بضميمة ما ينقص منه بعد غليانه قبل أن يبرد، فلو كان العصير في القدر على النار و قد غلى حتى ذهب نصفه ثلاثة أسداسه ثمَّ وضع القدر على الأرض فنقص منه قبل أن يبرد بسبب صعود البخار سدس آخر كفى في الحلّية (189).

لأنه يصير خمرا و ينحصر التحليل حينئذ بالتخليل، و احتمال شمول إطلاقات ما دل على الحلية بذهاب الثلاثين بعيد جدا لاختلاف الموضوع.

لشمول الإطلاقات‏173، له حينئذ.

لاحتمال انصراف ذهاب الثلاثين عنهما.

لصدق ذهاب الثلاثين بالنار عرفا فتشمله الإطلاقات الواردة كما تقدم في أحكام النجاسات من كتاب الطهارة.

(مسألة ۲٤): إذا صار العصير المغلي دبسا قبل أن يذهب ثلثاه لا يكفي في حلّيته على الأقوى (190).

لاستصحاب الحرمة بعد بقاء الموضوع عرفا و احتمال تغاير الموضوع بدوي ساقط.

(مسألة ۲٥): إذا اختلط العصير بالماء ثمَّ غلى يكفي في حلّيته ذهاب ثلثي المجموع و بقاء ثلثه (191)، فلو صب عشرين رطلا من ماء في عشرة أرطال من عصير العنب ثمَّ طبخه حتى ذهب منه عشرون و بقي عشرة فهو حلال، و بهذا يمكن العلاج في طبخ بعض أقسام العصير مما لا يمكن لغلظها و قوامها أن تطبخ على الثلث لأنه يحترق و يفسد قبل أن يذهب ثلثاه فيصب فيه الماء بمقداره أو أقل منه أو أكثر ثمَّ يطبخ إلى أن يذهب الثلثان و يبقى الثلث (192).

لصدق إطلاق ذهاب الثلاثين على هذه الصورة أيضا فإذا ذهب ثلثا المجموع يذهب ثلثا البعض بالنسبة أيضا.

و لا بد فيه من ملاحظة الاحتياط و مراعاة الخصوصيات.

(مسألة ۲۶): لو صب على العصير المغلي قبل أن يذهب ثلثاه مقدارا من العصير غير المغلي وجب ذهاب ثلثي مجموع ما بقي من الأول مع ما صب ثانيا (193)، و لا يحسب ما ذهب من الأول أولا فإذا كان في القدر تسعة أرطال من العصير فغلى حتى ذهب منه ثلاثة و بقي ستة ثمَّ صب عليه تسعة أرطال أخر فصار خمسة عشر يجب أن يغلي حتى يذهب عشرة و يبقى خمسة و لا يكفي ذهاب تسعة و بقاء ستة (19٤).

لاستصحاب بقاء النجاسة و عدم حصول الطهارة إلا بما يزيلها و هو منحصر بما ذكر.

لعدم تحقق ما يزيل النجاسة كما عرفت.

(مسألة ۲۷): لا بأس بأن يطرح في العصير قبل ذهاب الثلاثين مثل اليقطين و السفرجل و التفاح و غيرها و يطبخ فيه حتى يذهب ثلثاه فإذا حلّ حلّ ما طبخ فيه (195).

للطهارة التبعية فيشمله إطلاق دليل الطهارة، و قد تقدم في كتاب الطهارة ما ينفع المقام فراجع174.

(مسألة ۲۸): يثبت ذهاب الثلاثين من العصير المغلي بالعلم و بالبينة و بإخبار ذي اليد المسلم (196)، بل و بالأخذ منه إذا كان ممن يعتقد حرمة ما لم يذهب ثلثاه بل و إذا لم يعلم اعتقاده أيضا (197). نعم، إذا علم أنه ممن يستحل العصير المغلي قبل أن يذهب ثلثاه مثل أن يعتقد أنه يكفي في حليته صيرورته دبسا أما اجتهادا أو تقليدا ففي جواز الاستيمان بقوله إذا أخبر عن حصول التثليث خلاف و إشكال (198)، و اولى بالإشكال جواز الأخذ منه و البناء على أنه طبخ على الثلث إذا احتمل ذلك من دون تفحص عن حاله (199)، و لكن الأقوى جواز الاعتماد بقوله و كذا جواز الأخذ منه و البناء على التثليث على كراهية (200).

أما الأول فلحجية العلم ذاتا و أما الثاني فلعموم اعتبار البينة على ما تقدم مرارا في كتاب الطهارة و غيره، و أما الأخير فلاعتبار يد المسلم في الطهارة و النجاسة، و قد أثبتنا ذلك على نحو القاعدة في كتاب الطهارة و هي: «كل من استولى على شي‏ء فقوله معتبر فيه».

كل ذلك لما مر من القاعدة.

لاحتمال عدم شمول ما تقدم من القاعدة لمثل هذه الصورة، فيبقى‏ الأصل بحاله، و لكنه احتمال بدوي مخالف لإطلاق الفتوى و سهولة الشريعة مهما أمكن.

نعم، لو حصل الاطمئنان العرفي بعدم ذهاب الثلاثين من القرائن يتبع اطمينانه حينئذ لحجيته شرعا كما تقدم مرارا.

لا وجه لأولوية الفرض بالإشكال بل يجري ما مر في سابقة.

أما الجواز فلظهور إطلاق الروايات‏175، مضافا إلى ما مر من القاعدة، و أما الكراهة فلبعض الأخبار المحمول عليها جمعا و قد مر تفصيل ذلك كله في كتاب الطهارة فلا وجه للتكرار هنا.

(مسألة ۲۹): يحرم تناول مال الغير و إن كان كافرا محترم المال بدون اذنه و رضاه (201) حتى ورد «من أكل من طعام لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة من النار».

للأدلة الأربعة فمن الكتاب قوله تعالى‏ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ‏176، و من السنة نصوص متواترة منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر الشحام: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وقف بمنى حتى قضى مناسكها في حجة الوداع- إلى أن قال عليه السّلام- فقال صلّى اللّه عليه و آله: أي يوم أعظم حرمة؟ فقالوا هذا اليوم، فقال: فأي بلد أعظم حرمة؟ قالوا هذا البلد، قال: فإن‏ دماءكم و أموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال صلّى اللّه عليه و آله: اللهم أشهد، ألا من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها فإنه لا يحل دم امرئ مسلم و لا ماله إلا بطيبة نفسه و لا تظلموا أنفسكم، و لا ترجعوا بعدي كفارا»177، و من الإجماع إجماع المسلمين بل العقلاء، و من العقل استقلاله بقبح الظلم و التصرف في مال الغير بغير إذنه ظلم عليه لاحترام نفس الغير و عرضه و ماله بفطرة العقول.

(مسألة ۳۰): يجوز أن يأكل الإنسان و لو مع عدم الضرورة (202) من بيوت من تضمنته الآية الشريفة في سورة النور، و هم: الآباء و الأمهات و الاخوان و الأخوات و الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات، و كذا يجوز لمن كان وكيلا على بيت أحد مفوضا إليه أموره و حفظه بما فيه أن يأكل من بيت موكله، و هو المراد من «ما ملكتم مفاتحه» المذكور في تلك الآية الشريفة (203)، و كذا يجوز أن يأكل الصديق من بيت صديقه، و كذا الزوجة من بيت زوجها (20٤). و الأب و الأم من بيت الولد (205)، و إنما يجوز الأكل من تلك البيوت إذا لم يعلم كراهة صاحب البيت (206)، فيكون امتيازها عن غيرها بعدم توقف جواز الأكل منها على إحراز الرضا و الإذن من صاحبها فيجوز مع الشك (207)، بل و مع الظن بالعدم أيضا على الأقوى (208)، بخلاف غيرها و الأحوط اختصاص الحكم بما يعتاد أكله من الخبز و التمر و الإدام و الفواكه و البقول و نحوها (209)، دون نفائس الأطعمة التي تدخر غالبا لمواقع الحاجة لمواقع الحاجة للأضياف ذوي الشرف و العزة (210)، و الظاهر التعدية إلى غير المأكول من المشروبات العادية من الماء و اللبن المخيض و اللبن الحليب و غيرها (211). نعم، لا يتعدى إلى بيوت غيرهم و لا إلى غير بيوتهم كدكاكينهم و بساتينهم (212) كما أنه يقتصر على ما في البيت من المأكول فلا يتعدى إلى ما يشترى من الخارج بثمن يؤخذ من البيت (213).

لإطلاق الكتاب‏ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى‏ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ لا عَلى‏ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً178، و السنة كما يأتي و الإجماع، و أما مع الاضطرار فلا اختصاص للجواز بمورد الآية بل يجوز من كل أحد.

فعن الصادق عليه السّلام: «في قول اللّه عز و جلّ‏ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ‏ قال: الرجل يكون له وكيل يقوم في ماله فيأكل بغير إذنه»179.

أقول: يمكن أن يستفاد من قوله تعالى‏ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ‏ التسلط على التصرف بإذن المالك لأن مالكية المفتاح لازم لذلك عرفا، فالموارد المرخص فيها في الآية المباركة مطابقة للمتعارف بين الناس غالبا.

أما الأول فلذكره في الآية الشريفة، و أما الثانية فلقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «و كذلك تأكل المرأة بغير إذن زوجها»180.

لشمول قوله تعالى‏ مِنْ بُيُوتِكُمْ‏ لبيت الولد و للأولوية القطعية الثابتة للولد بالنسبة إلى الأعمام و الأخوال و نحوهما، و لأن الولد و ماله لأبيه كما في الخبر181، و لأن ما يأكل الرجل من كسبه و ان ولده من كسبه كما في الحديث‏182، و لعل عدم ذكره في الآية المباركة من أجل أن لا تتوهم المغايرة بين الوالد و مال الولد.

لإطلاق أدلة التحريم- كما تقدم- الشامل لهذه الصورة بلا إشكال و متعارف الناس يستنكرون التصرف حينئذ و يقبحون التصرف مع الكراهة.

للإطلاق الوارد مورد التسهيل و الترغيب إلى حسن المجاملة و المعاشرة، فكأن الشارع الذي هو وليّ الكل ألغى اعتبار رضا المالك في مورد الشك في رضائه بالنسبة إلى هؤلاء، فكأنه قال للمالك:

ينبغي لك أن ترضى، و قال للمتصرف: لا تعتن بشكك ما لم يظهر لك الاطمئنان بعدم الرضا، و الوجدان يشهد فإن ذوي النفوس الآبية يرضون بالتصرف في تلك الموارد و يستنكرون ترك التصرف لأجل الشك و الرضا و يجعلونه من الوسواس.

الأقسام ثلاثة:

الأول: الاطمئنان النوعي بالرضا.

الثاني: الاطمئنان كذلك بعدمه، و لا إشكال في الجواز في مورد الآية و غيرها، كما لا إشكال في عدم الجواز فيها في القسم الثاني فلا فرق في هذين القسمين جوازا و منعا بين مورد الآية و غيرها.

الثالث: الشك في الرضا، و عدمه يجوز التصرف في مورد الآية دون غيرها لما مر، و هذا هو الفارق بين الموردين.

الرابع: الظن بعدم الرضا مقتضى أصالة حرمة التصرف في مال الغير و إطلاق أدلة حرمته من الكتاب و السنة عدم جواز التصرف إلا إذا ثبت إطلاق آية الترخيص و عمومها حتى من هذه الجهة، و هو مشكل خصوصا إذا كان الظن قويا خصوصا مع استيلاء الشح على أهل الزمان و شيوع حب المال و مفاسد الأخلاق في أهل الدوران.

للاقتصار في الحكم المخالف للقاعدة- العقلية و النقلية- على المتيقن من مورد الدليل و في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عما يحل للرجل من بيت أخيه من الطعام قال: المأدوم و التمر»183، و الظاهر كونها من باب المثال لكل ما شاع أكله في كل زمان و لا يدخر لضيافة الأرحام و الإخوان.

فإن المتعارف يتحرزون عن تناوله و يستنكرون ذلك حتى لو أذن لهم المالك، فكيف بما إذا لم يأذن و بالجملة لا بد من إتباع القرائن و هي كثيرة مختلفة باختلاف الأشخاص و الأزمنة و الأمكنة و الحالات و الخصوصيات.

لأن الظاهر أنه ليس المراد بالأكل في الآية المباركة خصوص الازدراد، بل المراد التناول الشامل للشرب أيضا.

كل ذلك لأصالة حرمة التصرف في مال الغير إلا بإذنه.

لما تقدم في سابقة من الأصل، كما أنه لا بد من الاقتصار على النسبي دون الرضاعي و على خصوص الأكل دون الحمل، و على ما إذا كان مأذونا في دخول أصل الدار و على الأكل بالقدر المتعارف لا التملي و على ما إذا كان المأكول مهيئا للأكل لا ما إذا أخذ اللحم مثلا و شواه و أكله إلى غير ذلك مما يمكن إحراز عدم الرضا.

(مسألة ۳1): تباح جميع المحرمات المزبورة حال الضرورة (21٤)، إما لتوقف حفظ نفسه و سد رمقه على تناوله أو لعروض المرض الشديد الذي لا يتحمل عادة بتركه، أو لأداء تركه إلى لحوق الضعف المفرط المؤدي إلى المرض أو التلف أو المؤدي للتخلف عن الرفقة مع ظهور أمارة العطب، و منها ما إذا خيف بتركه على نفس اخرى محترمة كالحامل تخاف على جنينها و المرضعة على طفلها بل و من الضرورة خوف طول المرض أو عسر علاجه بترك التناول (215). و المدار في الكل على الخوف الحاصل من العلم أو الظن بالترتب (216)، لا مجرد الوهم و الاحتمال (217).

للأدلة الأربعة فمن الكتاب قوله تعالى:

يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ184، و قوله تعالى‏ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ‏185، و كذا قوله جلّ شأنه‏ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏186، و من السنة المتواترة الواردة كحديث الرفع‏187، و قاعدة:

«كل ما غلب اللّه على العباد فهو أولى بالعذر» كما تقدم في قضاء الصلاة و غيرهما مما ورد في سهولة الشريعة و سماحتها مما لا تعد و لا تحصى في أبواب متفرقة من أول الفقه إلى آخره كحديث نفي الضرر و الضرار188.

و قول علي عليه السّلام: «المضطر يأكل الميتة و يأكل كل محرم إذا اضطر إليه»189.

و من الإجماع إجماع المسلمين إن لم يكن من العقلاء.

و من العقل حكمه بتقديم الأهم على المهم و لا ريب في أهمية حفظ النفس على أكل المحرم حين الاضطرار إليه، و ترتفع الحرمة و يباح فلا يبقى موضوع للمهم حتى يكون من التزاحم بين الأهم و المهم، بل يكون من انتهاء حكم العام بتحقق المخصص فلا حكم للعام حينئذ هذا كله في غير أكل مال الغير فإنه لا يباح عند الضرورة بل يجوز الأكل بعنوان ثانوي أي: نفس تحقق الاضطرار لأهمية حفظ النفس من مال الغير.

أرسلوا ذلك إرسال المسلمات بحيث يظهر منهم الإجماع عليه و جعلوا المدار على صدق الاضطرار و الضرورة عرفا، فمع صدقه كذلك يحل التناول و مع صدق عدمه أو الشك فيه يحرم لأصالة الحرمة، و أما خبر المفضل:

«ثمَّ أباحه (أي أباح المضر) للمضطر و أحلّه له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك»190، و قريب منه غيره فهو انما تعرض لبعض المصاديق لا أن يكون في مقام التحديد من كل جهة.

لأنه المنساق من الأدلة، مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

للأصل و إطلاق أدلة التحريم و ظهور الاتفاق.

(مسألة ۳2): من الضرورات المبيحة للمحرمات الإكراه و التقية (218)، عمن يخاف منه على نفسه أو نفس محترمة أو على عرضه أو عرض محترم أو مال محترم يجب عليه حفظه (219).

لما استفاض عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «رفع عن أمتي ما أكرهوا عليه»191، و عن الصادق عليه السّلام: «التقية في كل شي‏ء يضطر إليه ابن آدم فقد أحله اللّه له»192، و الأخبار في هذا المساق كثيرة جدا هذا مضافا إلى الإجماع من المسلمين في الإكراه و من الإمامية في التقية.

لأن ما لا يجب عليه حفظه لا يتحقق الضرورة بالنسبة إليه.

(مسألة ۳3): في كل مورد يتوقف حفظ النفس على ارتكاب محرّم يجب الارتكاب فلا يجوز له التنزه و الحال هذه (220)، و لا فرق بين الخمر و الطين و بين سائر المحرمات في هذا الحكم (221)، و القول بوجوب التنزه عن الخمر و الطين حتى مع الضرورة و أنه لا يباحان بها ضعيف (222)، خصوصا في ثانيهما (223)، فإذا أصابه عطش حتى خاف على نفسه فأصاب خمرا جاز بل وجب شربها و كذا إن اضطر إلى أكل الطين (22٤).

لفرض كونه مأمورا بالتناول و هو واجب عليه فيكون تركه حراما، مع أنه اقدام على تحقق الضرر.

لإطلاقات أدلة التحليل عند الاضطرار المؤيدة بحكم العقل و سائر الآيات‏193، و الروايات التي تقدم بعضها غير قابلة للتقييد، و خصوص ما عن الصادق عليه السّلام في حديث عمار: «الرجل أصابه عطش حتى خاف على نفسه فأصاب خمرا، قال عليه السّلام: يشرب منه قوته»194.

و نسب إلى الشيخ رحمه اللّه عدم الجواز لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر أبي بصير: «المضطر لا يشرب الخمر فإنها لا تزيده إلا شرا»195، و في بعض الروايات: «لا تزيده إلا عطشا»196، إلى غير ذلك من الأخبار.

و لا بد من حملها على بعض المحامل لمعارضتها مع القواعد العقلية و النقلية.

و أما القول بالفرق بين الطين و سائر المحرمات فلم نظفر على قائله، و ذكره في الجواهر أيضا بلفظ القيل من دون تعيين القائل.

لعدم دليل عليه من عقل أو نقل كما عرفت.

لعدم وجدان دعوى دليل عليه من أحدكما تقدم.

لإطلاق أدلة التحريم إلا في خصوص ما ترتفع به الضرورة مع ما ارتكز في النفوس من أن «الضرورات تتقدر بقدرها».

(مسألة ۳٤): إذا اضطر إلى محرم فليقتصر على مقدار الضرورة و لا يجوز له الزيادة (225)، فإذا اقتضت الضرورة أن يأكل الميتة لسد رمقه فليقتصر على ذلك و لا يجوز له أن يأكل حد الشبع إلا إذا فرض أن ضرورته لا تندفع إلا بالشبع (226).

لإطلاق أدلة التحريم إلا في خصوص ما ترتفع به الضرورة مع ما ارتكز في النفوس من أن «الضرورات تتقدر بقدرها».

لفرض تحقق الضرورة حينئذ إلى الشبع فيجوز له الأكل حتى يشبع.

(مسألة ۳5): جواز أكل المحرم في مورد الضرورة يختص بغير الباغي و العادي (227)، و أما فيهما فيبقى على حرمته و يعاقب عليه و إن أرشده عقله إلى الارتكاب (228).

للآية المباركة فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ‏197، و تعرضنا لمعنى الباغي و العادي في التفسير فراجع.

لقاعدة «تقديم الأهم على المهم» غير القابلة للتخصيص بوجه من الوجوه.

(مسألة ۳6): يجوز التداوي لمعالجة الأمراض بكل محرم إذا انحصر به العلاج (229)، و لو بحكم الحذاق و الثقات من الأطباء (230) و المدار على انحصار العلاج به بين ما بأيدي الناس مما يعالج به هذا الداء لا الانحصار واقعا فإنه مما لا يحيط به إدراك البشر (231).

لما مر من تطابق الأدلة الأربعة على الجواز بل الوجوب حينئذ.

لكونهم من أهل الخبرة بهذه الأمور و قول أهل الخبرة بكل أمر معتبر فيه عند ذوي العقول.

لأن أحكام الشريعة مبتنية على هذا النظام الظاهري البشري خصوصا الشريعة الختمية المبتنية على التسهيل مهما وجد إليه السبيل، و التكليف بالواقعيات صعب عسير إذ لا يحيط بها إلا العليم الخبير.

(مسألة ۳7): المشهور عدم جواز التداوي بالخمر بل بكل مسكر حتى مع الانحصار (232). لكن الجواز لا يخلو من قوة (233) بشرط العلم بكونه قابلا للعلاج (23٤)، و العلم بأن ترك معالجته يؤدي إلى الهلاك أو إلى ما يدانيه و العلم بانحصار العلاج به بالمعنى الذي ذكرناه. نعم، لا يخفى شدة أمر الخمر فلا يبادر إلى تناولها و المعالجة بها (235)، إلا إذا رأى من نفسه الهلاك لو ترك التداوي بها (236)، و لو بسبب توافق جماعة من الحذاق و أولي الديانة و الدراية من الأطباء و إلا فليصطبر على المشقة فلعلّ الباري تعالى شأنه يعافيه لما رأى منه التحفظ على دينه (237)، فعن الثقة الجليل عبد اللّه بن أبي يعفور أنه قال: «كان إذا أصابته هذه الأوجاع فإذا اشتدت شربت الحسو من النبيذ فسكن عنه فدخل على أبي عبد اللّه عليه السّلام فأخبره بوجعه و انه إذا شرب الحسو من النبيذ سكن عنه، فقال له: لا تشربه فلما أن رجع إلى الكوفة هاج به وجعه فأقبل أهله فلم يزالوا به حتى شرب فساعة شربه منه سكن عنه فعاد الى ابي‏ عبد اللّه عليه السّلام فأخبره بوجعه و شربه، فقال له: يا ابن أبي يعفور لا تشرب فإنه حرام إنما هو الشيطان موكل بك و لو قد يئس منك ذهب فلما أن رجع إلى الكوفة هاج به وجعه أشد مما كان فأقبل أهله عليه، فقال لهم: لا و اللّه ما أذوق منه قطرة أبدا فأيسوا منه أهله فكان يهتم على شي‏ء و لا يحلف و كان إذا حلف على شي‏ء لا يخلف، فلما سمعوا أيسوا منه و اشتد به الوجع أياما ثمَّ اذهب اللّه به عنه فما عاد إليه حتى مات رحمة اللّه عليه».

لجملة من النصوص منها ما عن الصادق عليه السّلام في خبر الحلبي قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن دواء عجن بالخمر؟ فقال: لا و اللّه ما أحب أن أنظر إليه فكيف أتداوى به إنه بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير»198، و منها ما عنه عليه السّلام أيضا في خبر عمر بن أذينة: «إن اللّه لم يجعل في شي‏ء مما حرم دواء و لا شفاء»199.

و منها ما عن أبي بصير قال: «دخلت أم خالد العبدية على أبي عبد اللّه عليه السّلام و أنا عنده، فقالت: جعلت فداك أنه يعتريني قراقر في بطني و قد وصف لي أطباء العراق النبيذ بالسويق- إلى أن قال- فقال عليه السّلام: ما يمنعك من شربه؟ قالت: قد قلدتك ديني فألقى اللّه عز و جل حين ألقاه فأخبره أن جعفر بن محمد أمرني و نهاني، فقال عليه السّلام: يا أبا محمد تسمع هذه المسائل؟ لا فلا تذوقي منه قطرة لا و اللّه لا آذن لك في قطرة منه فإنما تندمين إذا بلغت نفسك هاهنا- و أومى بيده إلى حنجرته- يقولها ثلاثا أ فهمت؟ فقالت: نعم، ثمَّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما يبل الميل ينجس حبا من ماء يقولها ثلاثا»200، إلى غير ذلك من الأخبار.

و لكن لا يخفى أنه ليس للإمام عليه السّلام بل و لا للفقيه الخبير بأحوال الأنام أن يأذن في التداوي و لو عند الضرورة لئلا يتخذ ذلك وسيلة لتناولها، فيمكن حمل مثل هذه الأخبار على ما ذكرنا و إلا فلو دار الأمر بين الموت و تناوله لا تشمله تلك الأخبار مع ما تقدم من إذن الصادق عليه السّلام في شربه عند الاضطرار إلى شربه، و أما قولهم عليهم السّلام: «إن اللّه لم يجعل في شي‏ء مما حرم دواء و لا شفاء»201، كما تقدم فلا بد و أن يحمل على الجعل الأولي كما في الأدوية المباحة لا الجعل الثانوي الاضطراري، و إلا فهو مخالف لما هو المشاهد في الأدوية الحديثة مثل الشراب و بعض الاقراص و غيرهما المشتمل على الخمر (الكحول) على ما يقولون، و مع ذلك يرفع المرض فهذه الأخبار مثل ما ورد: «إن اللّه تعالى لم يجعل رزق عباده في الحرام»، أ تحمل على النفوس الشريفة و العزيمة الصادقة الذين يتحملون تمام جهدهم في تعظيم حرمات اللّه فيفيض اللّه عز و جل عليهم من العوالم الغيبية الدواء و الشفاء بعد قطع علائقهم عن الدنيا و ما فيها كأمثال ابن أبي يعفور الذي يصلي عليه و يترحم له و يحمده ففي خبر المفضل قال: «كتب أبو عبد اللّه عليه السّلام حين مضى عبد اللّه بن أبي يعفور يا مفضل عهدت إليك عهدي كان إلى عبد اللّه بن أبي يعفور صلوات اللّه عليه، فمضى صلوات اللّه عليه موفيا للّه عز و جل و لرسوله و لإمامه بالعهد المعهود للّه و قبض صلوات اللّه على روحه محمود الأثر مشكور السعي مغفورا له مرحوما برضا اللّه و رسوله و إمامه عنه بولادتي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما كان في عصرنا أطوع للّه و لرسوله و لإمامه منه، فما زال كذلك حتى قبضه اللّه إليه برحمته و صيره إلى جنته ساكنا فيها مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام أنزله اللّه بين المسكنين مسكن محمد صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام و إن كانت المساكن واحدة و الدرجات‏ واحدة فزاده اللّه رضى من عنده و مغفرة من فضله برضاه عنه»202، و في رواية أخرى قال عليه السّلام له: «رحمك اللّه رحمك اللّه»203، و عنه عليه السّلام أيضا: «ما أحد ادعي إلينا ما افترض اللّه عليه فينا إلا عبد اللّه بن أبي يعفور»204.

تقدم وجه ذلك.

لأنه المعلوم من مورد الجواز لكل من قال به.

لعدم دليل على الترخيص بنحو ذلك فيكفي استصحاب بقاء الحرمة ما لم يعلم الخلاف.

فيجوز حينئذ عقلا و نقلا كما تقدم.

لأن عنايات اللّه تبارك و تعالى على المحافظين لدينهم مما لا تعد و لا تحصى و لا يعلم بها إلا اللّه تعالى.

(مسألة ۳8): لو اضطر إلى أكل طعام الغير لسد رمقه و كان المالك حاضرا فإن كان هو أيضا مضطرا لم يجب عليه بل لا يجوز له بذله (238)، و لا يجوز للمضطر قهره (239)، و إن لم يكن مضطرا يجب عليه بذله للمضطر (240) و إن امتنع عن البذل جاز له قهره (241)، بل مقاتلته (242)، و الأخذ منه قهرا و لا يتعين على المالك بذله مجانا فله أن لا يبذله إلا بالعوض (243)، و ليس للمضطر قهره بدونه (2٤٤)، فإن اختار البذل بالعوض فإن لم يقدّره بمقدار كان له عليه ثمن مثل ما أكله أو مثله إن كان مثليا (245)، و إن قدّره لم يتعين عليه تقديره بثمن المثل أو أقل بل له أن يقدره بأزيد منه (246)، و حينئذ إذا كان المضطر قادرا على دفعه يجب عليه الدفع إذا طالبه به (247)، و إن كان عاجزا يكون في ذمته يتبع تمكنه (248)، هذا إذا كان المالك حاضرا و أما إذا كان غائبا فله الأكل منه بمقدار سد رمقه و تقدير الثمن و جعله في ذمته و لا يكون أقل من ثمن المثل (249)، و الأحوط المراجعة إلى الحاكم لو وجد و مع عدمه فإلى عدول المؤمنين (250).

لأولوية حفظ النفس عن حفظ الغير عند الدوران بحسب مرتكزات العقلاء و لا أقل من احتماله عند الدوران فلا يجوز حينئذ و لا دليل على الخلاف إلا توهم شمول إطلاق قوله تعالى‏ وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ205، للمقام و هو فاسد لظهور الآية الكريمة في غير صورة الدوران بين هلاك أحدهما.

نعم، انها تعم تحمل المشقّات التي لا تبلغ هلاك النفس.

لأنه حينئذ قهر على هلاك نفس المالك و هو مما لا يجوز بلا شبهة في ذلك.

لوجوب حفظ النفس المحترمة عن الهلاك مع القدرة عليه إجماعا و نصا206، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «ما آمن بي من بات شبعانا و أخوه المسلم‏ طاو»207، و قد ورد في هذا المساق أخبار أخرى مختلفة في أبواب متفرقة208.

لسقوط اعتبار اذنه شرعا مع الانحصار و امتناعه عن الإذن.

أرسله جمع إرسال المسلمات و جعلوا ذلك من صغريات الدفاع عن النفس و لازمه أنه لو قتله المضطر يكون دمه هدرا بخلاف العكس.

لقاعدة السلطنة التي لا تنافي وجوب البذل و أخذ العوض كما في مورد الاحتكار و نحوه كما تقدم.

لأصالة عدم تسلطه عليه بعد عدم الدليل لجواز القهر بدونه من عقل أو نقل.

لأن ذلك هو العوض الشرعي لكل ما لم يكن فيه العوض المسمّى شرعا.

لقاعدة السلطنة مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه و لكن لا بد و أن يقيّد بعدم وصول الزيادة إلى مرتبة الحرج.

لوجوب حفظ النفس عقلا و شرعا بكل ما قدر عليه المضطر إلى حفظها.

لصحة المعاوضة حينئذ فتشملها عموم ما دل على وجوب الوفاء بها من الكتاب و السنة كما تقدم.

للعلم برضا الشارع الذي هو وليّ المالك بذلك حينئذ بل العلم العادي برضا المالك به أيضا بحيث لو لم يرض يستنكر منه ذلك، و يحتمل سقوط اعتبار رضاه حينئذ.

لأن هذا من موارد الأمور الحسبية و المشهور أن المرجع فيها أولا الحاكم الشرعي و مع عدمه فإلى عدول المؤمنين.

(مسألة ۳9): يحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شي‏ء من الخمر بل و غيرها من المسكرات و كذا الفقاع (251)، بل ذهب بعض العلماء إلى حرمة كل طعام يعصى اللّه تعالى به أو عليه (252).

لما عن الصادق عليه السّلام في خبر هارون بن الجهم: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

ملعون ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها الخمر»209، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر الجراح المدائني: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يأكل على مائدة يشرب عليها الخمر»210، و عنه عليه السّلام أيضا و قد: «سئل عن المائدة إذا شرب عليها الخمر أو مسكر؟ فقال: حرمت المائدة»211، و تقدم أن كل مسكر خمر فيشمل الفقاع و جميع المسكرات مضافا إلى ظهور الإجماع على عدم الفرق.

نسب ذلك إلى العلامة و ابن إدريس لأن مجلس العصيان مما يحبه الشيطان و من مظاهر غضب الرحمن و في معرضية العذاب و الهلاك.

  1. سورة المائدة: 4 و سورة البقرة- 172 و 267 و راجع ما يتعلق بالآيات المباركة في ج: 10 و ج: 2 و ج: 4 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
  2. الوسائل باب: 1 من أبواب الأطعمة المحرمة.
  3. الوسائل باب: 22 من أبواب الأطعمة و الأشربة ج: 2.
  4. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة و الأشربة ج: 16.
  5. الوسائل باب: 39 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  6. الوسائل باب: 8 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  7. الوسائل باب: 8 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7.
  8. الوسائل باب: 10 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  9. الوسائل باب: 8 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث الحديث: 9.
  10. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 14.
  11. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  12. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 8.
  13. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 10 و 4 و 5 و 22.
  14. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 10 و 4 و 5 و 22.
  15. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 10 و 4 و 5 و 22.
  16. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 19.
  17. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 20.
  18. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 17.
  19. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 18.
  20. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  21. الوسائل باب: 9 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  22. الوسائل باب: من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4.
  23. الوسائل باب: من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 9.
  24. الوسائل باب: 12 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 5.
  25. الوسائل باب: 27 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7.
  26. الوسائل باب: 40 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 2.
  27. الوسائل باب: 4 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 8
  28. الوسائل باب: 5 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  29. الوسائل باب: 5 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 5.
  30. الوسائل باب: 5 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  31. الوسائل باب: 5 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  32. الوسائل باب: 5 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4.
  33. الوسائل باب الحديث: 19 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث الحديث: 1.
  34. الوسائل باب الحديث: 19 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث الحديث: 2.
  35. الوسائل باب: 19 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 5.
  36. الوسائل باب: 3 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3 .
  37. الوسائل باب: 3 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  38. الوسائل باب: 5 من أبواب الأطعمة المحرمة.
  39. الوسائل باب: 1 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  40. الوسائل باب: 2 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 13 و 14.
  41. الوسائل باب: 2 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 21.
  42. الوسائل باب: 2 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  43. الوسائل باب: 2 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  44. الوسائل باب: 2 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  45. سورة الأعراف: 157.
  46. تقدم في صفحة: 114.
  47. الوسائل باب: 38 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  48. الوسائل باب: 16 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  49. الوسائل باب: 18 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 1.
  50. الوسائل باب: 18 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 2.
  51. الوسائل باب: 18 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 3.
  52. الوسائل باب: 16 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 1.
  53. الوسائل باب: 41 من أبواب الصيد الحديث: 4.
  54. الوسائل باب: 39 من أبواب الصيد الحديث: 6 .
  55. الوسائل باب: 39 من أبواب الصيد الحديث: 5.
  56. الوسائل باب: 39 من أبواب الصيد الحديث: 1 و 2 و 3.
  57. الوسائل باب: 39 من أبواب الصيد الحديث: 1 و 2 و 3.
  58. تقدم في صفحة: 98.
  59. الوسائل باب: 2 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 6.
  60. الوسائل باب: 2 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 6.
  61. الوسائل باب: 2 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 12.
  62. الوسائل باب: 3 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  63. الوسائل باب: 3 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  64. الوسائل باب: 7 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  65. الوسائل باب: 7 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 5.
  66. الوسائل باب: 7 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4.
  67. الوسائل باب: 7 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  68. مستدرك الوسائل باب: 6 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  69. الوسائل باب: 7 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  70. الوسائل باب: 3 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7.
  71. الوسائل باب: 19 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  72. الوسائل باب: 19 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  73. الوسائل باب: 19 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4.
  74. الوسائل باب: 18 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 5.
  75. الوسائل باب: 18 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4.
  76. الوسائل باب: 18 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  77. الوسائل باب: 22 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  78. الوسائل باب: 18 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4.
  79. سورة البقرة: 29- 168 و غيرهما من الآيات.
  80. الوسائل باب: 12 من أبواب صفات القاضي الحديث: 60.
  81. الوسائل باب: 4 من أبواب ما يكتسب به.
  82. الوسائل باب: 27 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7.
  83. الوسائل باب: 4 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 2.
  84. الوسائل باب: 20 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4.
  85. الوسائل باب: 20 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 6.
  86. الوسائل باب: 20 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7.
  87. الوسائل باب: 27 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  88. الوسائل باب: 27 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  89. الوسائل باب: 28 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  90. الوسائل باب: 27 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  91. الوسائل باب: 28 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2 و 1.
  92. الوسائل باب: 28 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 5.
  93. الوسائل باب: 28 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7.
  94. الوسائل باب: 28 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  95. لم يرد في المجامع إلا ان الدميري ذكره في ج: 1 صفحة: 332 من حياة الحيوان.
  96. الوسائل باب: 30 من أبواب الأطعمة و الأشربة الحديث: 3.
  97. الوسائل باب: 30 من أبواب الأطعمة و الأشربة الحديث: 1.
  98. الوسائل باب: 1 من أبواب نكاح البهائم الحديث: 1.
  99. الوسائل باب: 25 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  100. الوسائل باب: 25 من أبواب الأطعمة المحرمة، الحديث: 4، و الكسب فضلة دهن السمسم.
  101. الوسائل باب: 24 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  102. الوسائل باب: 24 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  103. الوسائل باب: 26 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  104. تقدم في صفحة: 115.
  105. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  106. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  107. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4.
  108. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث. 11.
  109. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث. 10.
  110. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 18.
  111. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث:
  112. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  113. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 10.
  114. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 5.
  115. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 8.
  116. الوسائل باب: 31 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 11.
  117. الوسائل باب: 8 من أبواب آداب المائدة.
  118. الوسائل باب: 22 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 2.
  119. الوسائل باب: 23 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 2.
  120. الوسائل باب: 23 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 1.
  121. الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المباحة: 7.
  122. سورة الأنعام: 145.
  123. الوسائل باب: 1 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  124. راجع ج: 1 صفحة: 342- 345.
  125. الوسائل باب: 33 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  126. الوسائل باب: 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
  127. الوسائل باب: 121 من أبواب الأطعمة المباحة 1 و 18 من الأشربة المباحة.
  128. الوسائل باب: 1 و 66 من أبواب الأطعمة المحرمة و باب: 38 و 12 من أبواب النجاسات.
  129. الوسائل باب الحديث: 43 من أبواب الأطعمة المحرمة: 2.
  130. سورة البقرة: 195.
  131. الوسائل باب: 1 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  132. الوسائل باب: 134 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 9.
  133. الوسائل باب: 134 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 8.
  134. الوسائل باب: 58 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 5.
  135. الوسائل باب: 58 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7.
  136. الوسائل باب: 58 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 9.
  137. الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  138. الوسائل باب: 58 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  139. الوسائل باب: 58 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 12.
  140. الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  141. الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4.
  142. الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7.
  143. الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 6.
  144. الوسائل باب: 72 من أبواب المزار« الحج» الحديث: 1.
  145. الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  146. الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.
  147. أورد بعضه في الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3 و بعضه الآخر في مستدرك الوسائل باب: 53 من أبواب المزار الحديث: 9( الحج).
  148. الوسائل باب: 67 من أبواب المزار الحديث: 3.
  149. الوسائل باب: 67 من أبواب المزار الحديث: 4.
  150. كامل الزيارات صفحة: 279.
  151. الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  152. الوسائل باب: 67 من أبواب المزار الحديث: 7.
  153. البحار ج: 101 صفحة: 131.
  154. الوسائل باب: 67 من أبواب المزار:( الحج).
  155. الوسائل باب: 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  156. الوسائل باب: 34 من أبواب المزار و في كامل الزيارات الحديث: ص 47.
  157. الوسائل باب: 60 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  158. سورة المائدة: 90.
  159. سنن البيهقي كتاب الأشربة و الحد فيها باب: 2 الحديث الحديث: 12.
  160. سنن البيهقي باب: 1 من كتاب الأشربة و الحد فيها الحديث: 1.
  161. الوسائل باب: 1 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 4.
  162. راجع المجلد الأول صفحة: 392.
  163. مستدرك الوسائل باب: 11 من أبواب الأشربة المحرمة: 15.
  164. الوسائل باب: 1 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 1.
  165. الوسائل باب: 15 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 2 و غيره.
  166. الوسائل باب: 17 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 1.
  167. الوسائل باب: 12 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 11.
  168. سورة الأعراف: 33.
  169. سورة المائدة: 90.
  170. الوسائل باب: 3 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 3.
  171. راجع ج: 1 صفحة: 403- 408.
  172. راجع ج: 1 صفحة: 403- 408.
  173. الوسائل باب: 2 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 1 و غيرها.
  174. راجع ج: 2 صفحة: 118.
  175. راجع ج: 2 صفحة: 96.
  176. سورة النساء: 29 و راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 7 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
  177. الوسائل باب: 1 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3.
  178. سورة النور: 61.
  179. الوسائل باب: 24 من أبواب آداب المائدة الحديث: 5.
  180. الوسائل باب: 24 من أبواب آداب المائدة الحديث: 2.
  181. الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به.
  182. سنن البيهقي ج: 7 صفحة: 479.
  183. الوسائل باب: 24 من أبواب آداب المائدة الحديث: 6.
  184. سورة البقرة: 185.
  185. سورة الحج: 78.
  186. سورة البقرة: 173.
  187. الوسائل باب: 37 من أبواب قواطع الصلاة.
  188. الوسائل باب: 12 من أبواب إحياء الموات.
  189. مستدرك الوسائل باب: 40 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4.
  190. الوسائل باب: 1 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  191. الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس الحديث: 1.
  192. الوسائل باب: 25 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث الحديث: 2.
  193. سورة الانعام: 119.
  194. الوسائل باب: 36 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 1.
  195. الوسائل باب: 20 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 31.
  196. الوسائل باب: 20 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 14.
  197. سورة البقرة: 173.
  198. الوسائل باب: 20 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 4.
  199. الوسائل باب: 20 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 1.
  200. الوافي ج: باب: 159 من أبواب المشارب.
  201. الوسائل باب: 20 من أبواب الأشربة المحرمة.
  202. راجع رجال الكشي صفحة: 215 ط: النجف.
  203. راجع رجال الكشي صفحة: 215 ط: النجف.
  204. راجع رجال الكشي صفحة: 215 ط: النجف.
  205. سورة الحشر: 9.
  206. الوسائل باب: 2 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 4.
  207. الوسائل باب: 44 من أبواب المائدة.
  208. الوسائل باب: 29 من أبواب آداب التجارة و باب: 39 من أبواب فعل المعروف.
  209. الوسائل باب: 62 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1.
  210. الوسائل باب: 62 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3.
  211. الوسائل باب: 33 من أبواب الأشربة المحرمة الحديث: 1.
الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"