1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مهذب الأحكام
  8. /
  9. المقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏
الحمد للّه الّذي انزل القرآن شفاء و رحمة للمؤمنين؛ و جعله في لوح محفوظ لا يمسّه الّا المطهّرون. لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد؛ فيه تفصيل كلّ شي‏ء و هدى و رحمة لقوم يؤمنون، و جعله من أعظم مواهبه على عباده.
و الصّلاة و السّلام على من اعطي السّبع المثاني و القرآن العظيم الّذي فرّق اللّه عليه قرآنه ليقرأه على النّاس على مكث؛ النّبيّ الأميّ الّذي هو غاية نظام التّكوين، و مكمّل ما انزل من المعارف على الأنبياء و المرسلين محمّد ابن عبد اللّه سيّد ولد آدم و خاتم النّبيّين الّذي أرسله اللّه رحمة للعالمين، و تشرّفت به السّماوات و جميع الرّوحانيّين.
و على آله الّذين رفعوا بهممهم العالية أعلام الدّين، و شرعوا نهج الهدى للقاصدين؛ حماة معالم الشّرع المبين، و محيي مآثر النّبيّين، الّذين قرنهم اللّه بالكتاب المبين، أئمّة الهدى و قادة أهل الدّين.
و على أصحابه الّذين آمنوا به و عزّروه و نصروه و اتّبعوا النّور الّذي انزل معه، الّذين أبلوا البلاء الحسن في نصرته و إقامة دينه.
و بعد فقد شملتني عنايته تعالى لتفسير هذا الكتاب العظيم الذي عجزت العقول عن درك كنهه، فكما أن ظاهر لفظه: لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُ‏ عَلى‏ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً فحقائقه و رموزه أولى أن تكون كذلك، ففي كل سورة منه بحار من المعارف، و يتجلى من كل آية منه أنوار من الحقائق، و كيف لا يكون كذلك و قائله لا نهاية لعلمه و كماله و لا حدّ لعظمته و جلاله و ما حصل من التحديدات إنما هو من مقتضيات الاستعدادات لا أن يكون تحديدا فيه.
و قد ظهر لي بعد مراجعتي لجملة من التفاسير أنه فسر كل صنف من العلماء القرآن بما هو المأنوس عندهم، فالفلاسفة و المتكلمون فسروه بمذهبهم من الآراء الفلسفية و الكلامية و العرفاء و الصوفية على طريقتهم و الفقهاء همهم تفسير الآيات الواردة في الأحكام و المحدثون فسروه بخصوص ما ورد من السنة الشريفة في الآيات كما أن الأدباء كان منهجهم الاهتمام بجهاته الأدبية دون غيرها و العجب إنه كلما كثر في هذا الوحي المبين و النور العظيم من هذه البيانات و التفاسير فهو على كرسي رفعته و جماله، و يزداد على مرّ العصور تلألؤا و جلالا.
و قد فسر نفسه بنفسه، لأنه تبيان كل شي‏ء فإذا كان كذلك فأولى أن يكون تبيانا لنفسه مستدلا لذلك بما ورد من السنة النبوية و المأثور عن آله الذين قرنهم النبي (صلى اللّه عليه و آله) بالكتاب و جعلهم الأدلاء عليه فجمعت بينهما و بين ما اتفق عليه الجميع مع تقرير الشريعة له، و قد بذلت جهدي في عدم التفسير بالرأي مهما أمكنني ذلك تأسيا بقول نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله): «من فسر القرآن برأيه فأصاب الحق فقد أخطأ» و قد ذكرت ما يمكن أن يستظهر من الآيات المباركة بقرائن معتبرة فإن هذا الحديث الشريف لا يشمله إذ التفسير بالرأي غير الاستظهار من الآيات المباركة بالقرائن.
و تركت التعرض للتفاسير النادرة و الآراء المزيفة و الفروض التي تتغير بمرور الزمان.
و كان منهجنا في التفسير أولا: التعرض في تفسير الآية لمضمونها و بيان مفرداتها ثم ما يتعلق بها من المباحث. و قد ذكرت فيها المبحث الدلالي‏ و أردت منه المعنى العام مما تشير إليه الآية المباركة من الدلالات الظاهرة أو الدقائق العلمية أو غيرها.
و ثانيا: لم أتعرض لبيان النظم بين الآيات و ذلك لأن الجامع القريب في جميعها موجود و هو تكميل النفس أو الهداية و مع وجوده لا وجه لذكر النظم بين الآيات لأن الغرض القريب بنفسه هو الجامع و الرابط بين الآيات، كما اني لم أهتم بذكر شأن النزول غالبا لأن الآيات المباركة كليات تنطبق على مصاديقها في جميع الأزمنة فلا وجه لتخصيصها بزمان النزول أو بفرد دون فرد آخر و كذلك جميع الروايات الواردة عن الأئمة الهداة في بيان بعض المصاديق لها فهو ليس من باب التخصيص بل من باب تطبيق الكلي على الفرد كما ستعرف ذلك كله إن شاء اللّه تعالى.
و ثالثا: احترزت عن ذكر العبارات المغلقة و الألفاظ الصعبة أو التفصيل الزائد عن الحد و حاولت أن أبين المعنى بأسهل الألفاظ و الكلمات حتّى يعم النفع للجميع و تتم الحجة به عليهم.
و ما توفيقي إلّا باللّه عليه توكلت و إليه أنيب.
النجف الأشرف.
عبد الأعلى الموسوي السبزواري‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"