وهو الاستيلاء على ما يتعلق بالغير عدواناً، عيناً أو منفعة أو حقاً، ولا ريب في حرمته عقلاً وشرعاً، وله آثار منها قول علي علیه السلام : (الْحَجَرُ الْغَصْبُ فِي الدَّارِ رَهْنٌ عَلَى خَرَابِهَا)[1], ولو غصب عقاراً يضمن تمامه بالاستقلال، ولو سكن الدار قهراً مع المالك ضمن النصف لو كانت بينهما بنسبة واحدة، ولو اختلفت فبتلك النسبة، ويضمن المنفعة إذا كانت مستوفاة، وكذا إذا فاتت تحت يده، ولو غصب الحامل ضمن الحمل.
مسألة ۷41: لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة فشردت، أو من القعود على بساطه فسرق، يضمن مع استناد الإتلاف إليه.
مسألة ۷42: لو غصب من الغاصب تخيّر المالك في الاستيفاء ممّن شاء، فإنْ رجع على الأول رجع الأول على الثاني، وإنْ رجع على الثاني لم يرجع على الأول.
مسألة ۷43: إذا حبس حراً لم يضمن لا نفسه ولا منافعه ضمان اليد، حتى فيما إذا كان صانعاً، فليس على الحابس أجرة صنعة مدة حبسه.
مسألة ۷44: لو كان الحُر أجيراً للغير فحبسه، ضمن منفعته الفائتة للمستأجر، وكذا لو أستخدمه واستوفى منفعته كان عليه أجرة عمله.
مسألة ۷45: لو غصب عبداً أو دابة مثلاً ضمن منافعها، سواءً استوفاها الغاصب أم لا.
مسألة ۷46: إذا منع حُراً عن عمل له أجرة من غير تصرف واستيفاء ولا وضع يده عليه، لم يضمن عمله ولم يكن عليه أجرته.
مسألة ۷47: لو أزال القيد عن الدابة فأتلف مال الغير يضمن، وكذا الحكم في كلّ حيوان جنى على غيره من إنسان أو حيوان أو غيرهما، فإنَّ صاحبه يضمن جنايته إذا كان بتفريط منه، إما بترك رباطه أو بحلّه من الرباط، إذا كان الحيوان من شأنه أنْ يربط وقت الجناية للتحفظ منه.
مسألة ۷48: لو انهار جدار فوقع على إنسان أو حيوان أو غيرهما، فصاحب الدار ضامن إذا كان عالماً بالإنهيار فلم يصلحه أو يهدمه، وتركه حتى انهدم فأصاب عيناً فأتلفها. وكذا لو كان الجدار في الطريق العام، فإنّ صاحب الجدار ضامن للتلف الحاصل من انهدامه إذا لم يبادر إلى قلعه أو إصلاحه مع تمكنه، وإنّما يتحقّق الضمان في الفرضين بشرط جهل الطرف بالحال، وإلا فلا ضمان.
مسألة ۷49: لو وقف شخص تحت الجدار المنهار، أو ربط حيوانه هناك مع علمه بالحال، فانهدم الجدار فتلف الإنسان أو الحيوان، لم يكن على صاحب الجدار ضمان.
مسألة ۷50: لو وضع شيئاً على حائطه كشربةٍ أو كوزٍ مثلاً فسقط وتلف به مال أو نفس لم يضمن، إلا إذا وضعه مائلاً إلى الطريق، أو وضعه على وجه يسقط مثله.
مسألة ۷51: كلّ ضمان يتعلق بذمة الضامن وماله، إلا فيما يأتي في ضمان العاقلة في كتاب الديات إنْ شاء الله تعالى.
مسألة ۷52: لو فتح باباً فسرق غيره المتاع ضمن السارق.
مسألة ۷53: لو أجج ناراً من شأنها السراية إلى مال الغير فسرت إليه ضمنه، وإذا لم يكن من شأنها السراية فاتفقت السراية بتوسط الريح أو حادث غيره لم يضمن.
مسألة ۷54: يضمن المسلم للذمي الخمر والخنزير بقيمتهما عندهم مع الإستتار، وكذا يضمن للمسلم حقّ اختصاصه فيما إذا استولى عليهما لغرض صحيح.
مسألة ۷55: غصب الأوقاف العامة -كالمساجد والمقابر والمدارس والطرق والشوارع العامة وغيرها- والاستيلاء عليها وإنْ كان حراماً، ويجب ردّها ورفع اليد عنها، ولكن لا يوجب الضمان لا عيناً ولا منفعةً، فلو غصب مسجداً أو عينهما، كما أنَّه لو كانت تحت يده من دون تسبيب منه، لم يضمن عينهما، كما أنَّه لو كانت تحت يده مدة ثم رفع يده عنها، لم يكن عليه أجرتها في تلك المدة. نعم الأوقاف العامة على العناوين الكلّية كالفقراء والسادة على أنْ يكون منفعتها ونماؤها لهم ضمن، ولو تلفت تحت يده ضمن عينها أيضاً، وإذا كانت تحت يده مدة ثم ردّها كان عليه أجرة مثلها، فيكون غصبها كغصب الأعيان المملوكة.
مسألة ۷56: يجب ردّ المغصوب، فإنْ تعيب ضمن الأرش، فإنْ تعذّر الردّ ضمن مثله، ولو لم يكن مثلياً ضمنه بقيمته يوم الأداء، والأحوط استحباباً التصالح لو اختلفت القيمة من يوم غصبه إلى أدائه.
مسألة ۷57: لو وجد المثل بأكثر من ثمن المثل، وجب عليه الشراء ما لم يكن مجحفاً.
مسألة ۷58: لو تعذّر المثل في المثلي ضمن قيمة يوم الأداء.
مسألة ۷59: يكفي في التعذّر الذي يجب معه دفع القيمة فقدانه في البلد وما حوله ممّا ينقل منها إليه عادة.
مسألة ۷60: لو زادت القيمة للسوق فنقصت لم يضمنها، ولو زادت الصفة فنقصت ضمنها، فعليه ردّ العين وقيمة تلك الزيادة، ولو تجددت صفة لا قيمة لها لم يضمنها.
مسألة ۷61: لو زادت القيمة لنقص بعضه ممّا له مقدار كالجب فعليه دية الجناية، ولو زادت العين زيادة حكمية أو عينية كانت الزيادة للمالك، وإنْ كانت مستندة إلى فعل الغاصب، نعم إذا كانت الزيادة ملك الغاصب، كما إذا غرس في الأرض المغصوبة شجراً رجع بها، وعليه أرش النقصان لو نقصت العين، وليس له الرجوع بأرش نقصان عينه.
مسألة ۷62: لو تعذّر على الغاصب ردّ المغصوب ويئس منه عادة، وجب عليه رد المثل أو القيمة ما دام كذلك، ويسمّى ذلك بـ (بدل الحيلولة)، ويملك المالك البدل مع إبقاء المغصوب في ملكه، وإذا أمكن تسليم المغصوب وردّه يسترجع البدل.
مسألة ۷63: لو امتزج المغصوب بجنسه فإنْ كان بما يساويه شارك المالك بقدر كميته، وإنْ كان بأجود منه أو بالأدون فله أنْ يشارك بقدر ماليته، وله أنْ يطالب الغاصب ببدل ماله من القيمة، وكذا لو كان المزج بغير جنسه كامتزاج الخلّ بالعسل ونحو ذلك.
مسألة ۷64: لو اشترى شيئاً جاهلاً بالغصب رجع بالثمن على الغاصب، وبما غرم للمالك عوضاً عمّا لا نفع له في مقابله، أو كان له فيه نفع، ولو كان عالماً فلا رجوع بشيء ممّا غرم للمالك.
مسألة ۷65: لو غصب أرضاً فزرع فيها زرعاً كان الزرع له، وعليه الأجرة للمالك، والقول قول الغاصب في مقدار القيمة مع اليمين وتعذّر البينة.
مسألة ۷66: لو أكره على إتلاف مال غيره، كان الضمان على من أكرهه، وليس عليه ضمان، هذا إنْ لم يكن المال مضموناً في يده بأنْ أكرهه على إتلاف ما ليس تحت يده، أو إتلاف الوديعة التي عنده، وأما إذا كان المال مضموناً في يده، كما إذا غصب مالاً فأكرهه شخص على إتلافه، فيضمن كلاهما، وللمالك الرجوع على أيهما شاء، فإنْ رجع على المكرِه (بالكسر) لم يرجع على المكرَه (بالفتح)، بخلاف العكس.
مسألة ۷67: يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب ولو قهراً، وإذا انحصر استنقاذ الحقّ بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك، ولا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل أخذ الحقّ.
مسألة ۷68: إذا كان له دين على آخر وامتنع من أدائه وصرف مالاً في سبيل تحصيله، لا يجوز له أنْ يأخذه من المدين، إلا إذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة.
مسألة ۷69: لو اختلط مال المغصوب بما يمكن تميّزه ولكن مع المشقة يجب عليه أنْ يميّزه ويردّه.
مسألة ۷70: إذا وقع في يده مال الغاصب وكان جاحداً أو مماطلاً، جاز أخذه مقاصةً، ولا يتوقف على إذن الحاكم الشرعي، كما لا يتوقف ذلك على تعذّر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي.
مسألة ۷71: لا فرق في مال الغاصب المأخوذ مقاصة بين أنْ يكون من جنس المغصوب وغيره، كما لا فرق بين أنْ يكون وديعة عنده وغيره، وإنْ كان الأحوط في الأولى تركها.
مسألة ۷72: إذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من ماله، أخذ منه حصة تساوي ماله، وكان بها استيفاء حقّه، ولو أراد بيعها أجمع واستيفاء دينه من الثمن، فالأحوط أنْ يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي، ويرد الباقي من الثمن إلى الغاصب.
مسألة ۷73: لو كان المغصوب منه قد استحلف الغاصب فحلف على عدم الغصب، لم تجز المقاصة منه.
مسألة ۷74: لو غصب طعاماً فأطعمه المالك مع جهله بأنَّه ماله -بأنْ قال له هذا ملكي وطعامي مثلاً- أو قدّمه إليه ضيافة، مثل ما لو غصب شاةً واستدعى من المالك ذبحها فذبحها مع جهله بأنَّه شاته، ضمن وإنْ كان المالك هو المباشر.
مسألة ۷75: لو دخل المالك دار الغاصب مثلاً ورأى طعاماً، فأكله على اعتقاد أنَّه طعام الغاصب، فكان طعام الآكل، فلا يضمن الغاصب وقد برئ عنه.
مسألة ۷76: لو غصب طعاماً من شخص وأطعمه غير المالك على أنَّه ماله، مع جهل الآكل بأنَّه مال غيره -كما إذا قدّمه إليه بعنوان الضيافة مثلاً- ضمن كلاهما، فللمالك أنْ يغرم أيهما شاء، فإنْ أغرم الغاصب لم يرجع على الآكل، وإنْ أغرم الآكل رجع على الغاصب.
مسألة ۷77: إذا سعى إلى الظالم على أحد أو اشتكى عليه عنده -بحقّ أو بغير حقّ- فأخذ الظالم منه مالاً بغير حقّ، لم يضمن الساعي والمشتكي، وإنْ أثم بسبب سعايته أو شكايته إذا كانت بغير حقّ، وإنَّما الضمان على أخذ المال.
مسألة ۷78: إذا تلف المغصوب وتنازع المالك والغاصب في القيمة ولم يكن بيّنة، فالقول قول الغاصب مع يمينه، وكذا لو تنازعا في صفة تزيد بها الثمن.
[1]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج25 ص386.