1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. منهاج الصالحین
  8. /
  9. منهاج الصالحين المعاملات
  10. /
  11. كتاب التجارة

وهي من أهم ما يقوم بها أرزاق العباد، وتعم جميع المعاوضات والمعاملات.

مقدّمة:

التجارة: في الجملة من المستحبّات الأكيدة في نفسها، وقد تستحبّ لغيرها، وقد تجب كذلك إذا كانت مقدمة لواجب أو مستحبّ، وقد تكره لنفسها أو لغيرها، وقد تحرم كذلك، والمحرّم منها أصناف وهنا مسائل:

مسألة ۱: تحرم ولا تصحّ التجارة بالخمر وباقي المسكرات والميتة، والكلب غير الصيود, والخنزير، ولا فرق في الحرمة بين بيعها وشرائها، وجعلها أجرة في الإجارة، وعوضاً عن العمل في الجعالة، ومهراً في النكاح، وعوضاً في الطلاق الخلعي. وأمّا سائر الأعيان النجسة فيجوز بيعها وجميع المعاوضات بالنسبة إليها؛ إنْ كان فيها أغراض صحيحة لم ينه عنها الشارع، كالدم للتزريق والعذرة للتسميد وكلب الماشية والصيد ونحو ذلك.

مسألة ۲: الأعيان النجسة التي لا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها يثبت حقّ الاختصاص لصاحبها فيها، فلو صار خلّه خمراً، أو دابته ميتة، أو اصطاد كلباً غير كلب الصيد؛ لا يجوز أخذ شيء من ذلك قهراً عليه، وكذا الحكم في بقية الموارد، وتجوز المعاوضة على الحقّ المذكور، فيبذل له مال ليرفع ذو الحقّ يده، ويجوزها الباذل.

مسألة ۳: الميتة الطاهرة كميتة السمك والجراد يجوز بيعها والمعاوضة عليها، إذا كان فيها غرض صحيح غير منهي عنه شرعاً، بحيث يصحّ بذل المال بأزائه.

مسألة ٤: يجوز بيع ما لا تحلّه الحياة من أجزاء الميتة إذا كانت له غرض صحيح شرعي معتد به كما تقدم.

مسألة ٥: يجوز الإنتفاع بالأعيان النجسة في غير الجهة المحرّمة، مثل التسميد بالعذرات والإشعال والطلي بدهن الميتة النجسة، والإستفادة المباحة من الدم وغير ذلك.

مسألة ٦: يجوز بيع الأرواث والأبوال الطاهرة إذا كان فيها غرض صحيح شرعي.

مسألة ۷: الأعيان المتنجّسة كالدبس والعسل والدهن والسكنجبين وغيرها؛ إذا لاقت النجاسة يجوز بيعها والمعاوضة عليها، إنْ كان فيه غرض صحيح شرعي، مع إعلام المشتري بالنجاسة، وإنْ لم يكن فيها غرض صحيح شرعي فلا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها، وإنْ جاز بدل المال ليرفع المالك يده عنده على نحو ما تقدم، فيأخذه باذل المال.

مسألة ۸: تحرم ولا تصحّ التجارة بما يكون آلة للحرام، بحيث يكون المقصود منه غالباً الحرام كالمزامير والأصنام والصلبان والطبول وآلات القمار كالشطرنج ونحوه، ومنها الإسطوانات الغنائية والأشرطة المسجّل عليها الغناء، وأمّا نفس صندوق حبس الصوت والراديو فليس منها فيجوز بيعه، كما يجوز أنْ يستمع منهما الأخبار وقراءة القرآن والتعزية ونحوها ممّا يباح استماعه دون ما يحرم، وكذا التلفزيون؛ فإنَّه من الآلات المشتركة بين استعماله في الأغراض المحللة والمحرمة، فيجوز بيعه وشرائه والإستفادة منه بالإعتبار الأول دون الأخير، وأما آلة تسجيل الصوت فلا بأس ببيعها واستعمالها ما لم يكن فيها محرم.

مسألة 9: كما يحرم بيع الآلات المذكورة يحرم عملها وأخذ الأجرة عليها، بل يجب إعدامها ولو بتغيير هيئتها، ويجوز بيع مادتها من الخشب والنحاس والحديد بعد تغيير هيئتها بل قبله، لكن لا يجوز دفعها إلى المشتري إلا مع الوثوق بأنَّ المشتري يغيرها، أو يمنعها من أنْ يترتب عليها الفساد، أمّا مع عدم الوثوق بذلك، فالظاهر جواز البيع، وإنْ أثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام، أمّا إذا كانت لها فائدة محللة ولو قليلة لم يجب تغييرها.

مسألة ۱۰: تحرم ولا تصحّ المعاملة بما كان خارجاً عن النقود المعمولة، لأجل غش الناس، فلا يجوز جعلها عوضاً أو معوضاً عنه في المعاملة، خصوصاً مع جهل من يدفع إليه، بل الأحوط وجوباً إتلافها.

مسألة ۱۱: يجوز بيع السباع, كالهرّ والأسد والذئب ونحوها، وكذا بيع الحشرات والمسوخات, كالعلق الذي يمصّ الدم ودود القز ونحل العسل والفيل، مع وجود غرض صحيح غير منهي عنه شرعاً في كلّ ذلك، وأما مع عدمه فلا يجوز بيعها ولا يصح.

مسألة ۱۲: الغرض الصحيح الذي يوجب صحة المعاملة على المتنجسات والأعيان النجسة وكل ما تقدم في المسألة السابقة، وسائر المسائل، كلّ ما يعتني به متعارف الناس على المعاملة لأجله، ولم ينه عنه الشارع.

مسألة ۱۳: يجوز بيع أواني الذهب والفضة للتزيين أو لمجرّد الاقتناء، أو لسائر الأغراض المشروعة، وإنْ كان الأحوط الترك.

مسألة ۱٤: يحرم ولا يصحّ بيع المصحف الشريف على الكافر، وكذا تمكينه منه إلا عند إرشاده وهدايته، بل الأحوط استحباباً ترك بيعه على المسلم، فإذا أريدت المعاوضة عليه فلتجعل المعاوضة على الغلاف ونحوه، أو تكون المعاوضة بنحو الهبة المشروطة بعوض، وأمّا الكتب المشتملة على الآيات والأدعية وأسماء الله تعالى، فيجوز بيعها على الكافر، فضلاً عن المسلم، وكذا كتب الأخبار عن المعصومين b كما يجوز تمكينه منها.

مسألة ۱٥: يحرم ولا يصحّ بيع العنب أو التمر ليعمل خمراً، أو الخشب مثلاً ليعمل صنماً أو آلة لهو، أو نحو ذلك؛ سواءً كان تواطؤهما على ذلك في ضمن العقد أم في خارجه، وكذا تحرم ولا تصحّ إجارة المساكن ليباع فيها الخمر، أو يحرز فيها أو يعمل فيها شيء من المحرّمات، وكذا تحرم ولا تصحّ إجارة السفن وكل محمول لحمل الخمر، والثمن والأجرة في ذلك محرّمان. وأما بيع العنب ممّن يعلم أنَّه يعمله خمراً، أو إجارة المسكن ممّن يعلم أنَّه يحرز فيه الخمر، أو يعمل شيئاً من المحرّمات من دون تواطئهما على ذلك في عقد البيع أو الإجارة أو قبله، فالأحوط تركه، بل عن جمع من العلماء حرمته أيضاً.

مسألة ۱٦: يحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والحيوان، سواءً كانت الصورة مجسّمة أو لا، ويحرم أخذ الأجرة عليه، أمّا تصوير غير ذوات الأرواح كالشجر وغيره فلا بأس به، ويجوز أخذ الأجرة عليه، كما لا بأس بالتصوير الفوتغرافي المتعارف، ومثله تصوير بعض الصورة كالرأس والرجل ونحوهما ممّا لا يعدّ تصويرا لصورة الناقصة، أمّا إذا كان كذلك مثل تصوير شخص مقطوع الرأس، أو مقطوع الرجل، ففيه إشكال. أمّا لو كان تصويراً له على هيئة خاصة مثل تصويره جالساً أو واضعا يديه الى خلفه أو نحو ذلك ممّا يعدّ تصويراً تاماً فيحرم، سواءً كانت مجسمة أو لا، ويجوز على كراهةٍ اقتناء الصور وبيعها وإنْ كانت مجسمة ومن ذوات الأرواح.

مسألة ۱۷: الغناء حرام إذا وقع على وجه اللهو والباطل وكذا استماعه، والمراد منه ترجيع الصوت على نحو خاص، وإنْ لم يكن مطرباً، ولا فرق في حرمته بين وقوعه في قراءة ودعاء ورثاء وغيرها، وقد يستثنى منه الحداء وغناء النساء في الأعراس إذا لم يضمّ إليه محرّم آخر، والأحوط استحباباً تركه وإنْ لم يترتب عليه حرام.

مسألة ۱۸: معونة الظالمين في ظلمهم بل في كلّ محرّم حرام، أما معونتهم في غير المحرّمات من المباحات والطاعات فلا بأس بها، إلا أنْ يعدّ ذلك من أعوانهم والمنسوبين إليهم فتحرم.

مسألة ۱۹: اللعب بآلات القمار كالشطرنج والدوملة والطاولي، وغيرها ممّا أعدّ لذلك حرام مع الرهن، ويحرم أخذ الرهن أيضاً، ولا يملكه الغالب، بل يحرم اللعب بها إذا لم يكن رهن، أما اللعب بغيرها مع الرهن كالمراهنة على حمل الحجر الثقيل، أو على المصارعة أو على الطفرة أو نحو ذلك، فيحرم أخذ الرهن عليه، بل الأحوط استحباباً ترك نفس المراهنة والمغالبة أيضاً، وإنْ لم يكن رهن في البين.

مسألة ۲۰: عمل السحر حرام, وكذا تعليمه وتعلّمه والتكسّب به، والمراد منه ما يوجب الوقوع في الوهم، وكذا تعليمه وتعلّمه والتكسّب أو غيرهما، وكذا تسخير الجن أو الملائكة أو الإنسان من السحر إذا كان مضرّاً بمن يحرم الإضرار به.

مسألة ۲۱: القيافة حرام؛ وهي إلحاق الناس بعضهم ببعض استناداً إلى علامات خاصة على خلاف الموازين الشرعية في الإلحاق.

مسألة ۲۲: الشعبذة حرام؛ وهي إراءة غير الواقع واقعاً بسبب الحركة السريعة الخارجة عن العادة.

مسألة ۲۳: الكهانة حرام؛ وهي الإخبار عن المغيبات بزعم أنَّه يخبره به بعض الجان. وأمّا إذا كان مستنداً الى التجريبيات أو صفاء النفس ونحو ذلك فلا بأس به إذا حصل له الإطمئنان بذلك ولم يترتب عليه محرم.

مسألة ۲٤: النجش حرام؛ وهو أنْ يزيد الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها، بل لأنْ يسمعه غيره فيزيد لزيادته، سواءً كان ذلك عن مواطاة مع البائع أم لا.

مسألة ۲٥: التنجيم حرام؛ وهو الإخبار عن الحوادث مثل الرخص والغلاء والحر والبرد ونحوها إستناداً إلى الحركة الفلكية والطوارئ الطارئة على الكواكب من الإتّصال بينها أو الإنفصال أو الإقتران أو نحو ذلك باعتقاد تأثيرها في الحادث على وجه ينافي الإعتقاد بالدين.

مسألة ۲۶: يحرم تقوية الباطل على الحق، ومنها بيع السلاح لأعداء الدين حال مقاتلتهم مع المسلمين.

مسألة ۲۷: الغش حرام؛ قال رسول الله o: ﭿمن غشَّ أخاه المسلم نزع الله بَرَكة رِزقِه وَأَفْسَدَ عليه مَعيشَتَهُ ووكله إلى نَفسهﭾ[1]، ويكون الغش بإخفاء الأدنى في الأعلى كمزج الجيد بالرديء، وبإخفاء غير المراد بالمراد كمزج الماء باللبن، وبإظهار الصفة الجيدة مع أنَّها مفقودة واقعاً مثل رش الماء على بعض الخضروات ليتوهم أنَّها جديدة، وبإظهار الشيء على خلاف جنسه مثل طلي الحديد بماء الفضة أو الذهب ليتوهم أنَّه فضة أو ذهب، وقد يكون بترك الإعلام مع ظهور العيب وعدم خفائه كما إذا اعتمد المشتري على البائع في عدم إعلامه بالعيب فاعتقد أنَّه صحيح ولم ينظر في المبيع ليظهر له عيبه؛ فإنَّ عدم إعلام البائع بالعيب مع اعتماد المشتري عليه غش للمشتري.

مسألة ۲۸: الغش وإنْ حرم لا تفسد المعاملة به ولكن يثبت الخيار للمغشوش، إلا في بيع المطلي بماء الذهب أو الفضة، فإنَّه يبطل فيه البيع ويحرم الثمن على البائع، وكذا أمثاله ممّا كان الغش فيه موجباً لاختلاف الجنس.

مسألة ۲۹: لا تصحّ الإجارة على العبادات التي لا تشرع إلا أنْ يفعلها الأجير عن نفسه مجاناً؛ واجبةً كانت أو مستحبة، عينيةً كانت أو كفائية؛ فلو استأجر شخصاً على فعل الفرائض اليومية أو نوافلها أو صوم شهر رمضان أو حج الإسلام أو تغسيل الأموات أو تكفينهم أو الصلاة عليهم أو غير ذلك من العبادات الواجبة أو المستحبة لم تصحّ الإجارة إذا كان المقصود أنْ يفعلها الأجير عن نفسه. نعم؛ لو استأجره على أنْ ينوب عن غيره في عبادة من صلاة أو غيرها إذا كانت ممّا تشرع فيه النيابة جاز، وكذا لو استأجره على الواجب غير العبادي كوصف الدواء للمريض أو العلاج له أو نحو ذلك فإنَّه يصح، وكذا لو استأجره لفعل الواجبات التي يتوقف عليها النظام كتعليم بعض علوم الزراعة والصناعة والطب، ولو استأجره لتعليم الحلال والحرام فيما هو محل الإبتلاء فلا يصحّ وتحرم الأجرة؛ بخلاف الأحكام الغير الإبتلائية فيصحّ ولا تحرم الأجرة، وإنْ كان الأحوط استحباباً الترك.

 مسألة ۳۰: يحرم النوح بالباطل يعني الكذب ولا بأس بالنوح بالحق.

مسألة ۳1: يحرم هجاء المؤمن, ويجوز هجاء المخالف للحقّ والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع لئلا يؤخذ ببدعته.

مسألة ۳2: يحرم الفحش؛ وهو الكلام القبيح مع الناس.

مسألة ۳3: تحرم الرشوة على القضاء بالحقّ أو الباطل؛ وأمّا الرشوة على استنقاذ الحقّ من الظالم فجائزة، وإنْ حرم على الظالم أخذها.

مسألة ۳٤: يحرم حفظ كتب الضلال مع احتمال ترتّب الضلال لنفسه أو لغيره، فلو أمن من ذلك أو كانت هناك مصلحة أهم جاز، وكذا يحرم بيعها ونشرها، ومنها: الكتب الرائجة من التوراة والإنجيل وغيرها، هذا مع احتمال التضليل بها.

مسألة ۳5: يحرم تزيين الرجل بالذهب وإنْ لم يلبسه، ولو تزّين بلبسه تأكد التحريم، ولا بأس بشد الأسنان بالذهب.

مسألة ۳6: يحرم الكذب؛ وهو الإخبار بما ليس بواقع، ولا فرق في الحرمة بين ما يكون في مقام الجدّ وما يكون في مقام الهزل، نعم؛ إذا تكلم بصورة الخبر هزلاً بلا قصد الحكاية والإخبار فلا بأس به, ومثله التورية؛ بأنْ يقصد من الكلام معنى له واقع، ولكنه خلاف الظاهر.

مسألة ۳7: يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن، وقد يجب ذلك، بل يجوز الحلف كاذباً حينئذٍ، ويجوز الكذب أيضاً للإصلاح بين المؤمنين، والأحوط الإقتصار فيهما على صورة عدم إمكان التورية، وأما الكذب في الوعد؛ بأنْ يخلف في وعده فالظاهر جوازه على كراهة شديدة, ويحرم لو كان حال الوعد بانياً على الخلف، إلا إذا كان وعد أهله بشيء وهو لا يريد أنْ يفي به.

مسألة ۳8: تحرم الولاية من قبل الحكومة الجائرة إلا مع القيام بمصالح المؤمنين وعدم ارتكاب ما يخالف الشرع المبين، ويجوز أيضاً مع الإكراه من الجائر بأنْ يأمره بالولاية ويتوعده على تركها بما يوجب الضرر بدنياً أو مالياً عليه أو على من يتعلق به بحيث يكون الإضرار بذلك الشخص إضراراً بالمكره عرفاً كالإضرار بأبيه أو أخيه أو ولده أو نحوهم ممن يهمّه أمرهم.

مسألة ۳9: ما تأخذه الدولة من الضرائب المجعولة على الأراضي والأشجار والنخيل يجوز شراؤه وأخذه منه مجاناً؛ بلا فرق بين الخراج (وهو ضريبة النقد)، والمقاسمة (وهي ضريبة‌ السهم من النصف والعُشر ونحوهما)، وكذا المأخوذ بعنوان الزكاة, وتبرأ ذمة المالك بالدفع إليه، بل لو لم تأخذه الدولة وحوّلت شخصاً على المالك في أخذه منه جاز للمحوّل أخذه وبرئت ذمة المحوّل عليه, والأحوط استحباباً الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيما تأخذه الدولة المؤالف أو الكافر.

مسألة ٤۰: إذا دفع إنسان مالاً له إلى آخر، ليصرفه في طائفة من الناس، وكان المدفوع إليه منهم؛ فإنْ فهم من الدافع الإذن في الأخذ من ذلك المال جاز له أنْ يأخذ منه مثل أحدهم أو أكثر على حسب الإذن، وإنْ لم يفهم الإذن لم يجز الأخذ منه أصلاً، هذا إذا لم يكن المال من الصدقات الواجبة أو المندوبة، وإما أنْ كان منها فيجوز الأخذ إنْ أعطاه، وقال: (إنَّ هذا المال مصرفه السادة أو الفقراء مثلاً), والأحوط فيهما الإستئذان.

مسألة ٤1: جوائز الظالم حلال، وإنْ علم إجمالاً أنَّ في ماله حراماً، وكذا كلّ ما كان في يده يجوز أخذه منه، وتملكه والتصرف فيه بإذنه، إلا أنْ يعلم أنَّه غصب، فلو أخذ منه حينئذٍ وجب ردّه إلى مالكه، إنْ عرف بعينه، فإنْ جهل وتردد بين جماعة محصورة، فإنْ أمكن استرضاؤهم وجب، وإلا رجع في تعيين مالكه إلى القرعة، وإنْ تردد بين جماعة غير محصورة تصدّق به عن مالكه، مع الإذن إنْ كان يائساً عن معرفته، وإلا وجب الفحص عنه وإيصاله إليه.

مسألة ٤2: يكره بيع الصرف وبيع الأكفان وبيع الطعام وبيع العبيد، كما يكره أنْ يكون الإنسان جزاراً أو حجّاماً، ولا سيما مع الشرط بأنْ يشترط أجرة، ويكره أيضاً التكسب بضراب الفحل، بأنْ يؤجره لذلك، أو بغير إجارة بقصد العوض، أما لو كان بقصد المجانية فلا بأس بما يعطى بعنوان الهدية.

مسألة ٤3: لا يجوز بيع أوراق اليانصيب، نعم يصحّ الصلح بينهم بدفع مقدار من المال على أنْ يملكه ورقة اليانصيب المشتملة على الرقم الخاص، على نحو يكون من أحد الأفراد الذين تكون الجائزة مرددة بينهم، وإذا اجتمع عشرة أشخاص فوهب كلّ واحد منهم عشرة دنانير لواحد منهم، بشرط أنْ يجري القرعة في المائة دينار المجتمعة عنده، وتعطى لمن تخرج القرعة باسمه منهم صحّ، والأحوط الرجوع إلى الحاكم الشرعي، وأما إذا كان الإعطاء بقصد البدلية عن المائة المحتملة، فالمعاملة باطلة، وإذا كان اليانصيب على النحو الأول فهو صحيح.

مسألة ٤4: يجوز إعطاء الدم إلى المرضى المحتاجين إليه، كما يجوز أخذ العوض عنه، فضلاً عن أخذه في مقابل الإعطاء والتمكين، كما تجوز المصالحة بين الدم والعوض وبين التمكين من الدم والعوض.

مسألة ٤5: يحرم حلق الّلحية، ويحرم أخذ الأجرة عليه؛ إلا إذا كان ترك الحلق يوجب سخرية ومهانة شديدة لا تتحمل عند العقلاء، فيجوز حينئذ.

[1]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج17 ص283.

مسألة ٤6: يستحب فيها أمور نذكر بعضها:

  • التفقه فيها؛ ليعرف صحيح البيع وفاسده ويسلم من الربا، ومع الشك في الصحة والفساد لا يجوز له ترتيب آثار الصحة، بل يتعين عليه الإحتياط.
  • أنْ يساوي بين المبتاعين، فلا يفرق بين المماكس وغيره بزيادة الأجر أو السعر في الأول أو بنقصه، ويجوز التفريق بينهما لمرجحاتٍ شرعية كالعلم والتقوى ونحوهما.
  • أنْ يقيل النادم.
  • أنْ يشهد الشهادتين عند العقد، ويكبّر الله تعالى عنده.
  • أنْ يأخذ الناقص ويعطى الراجح.

إلى غير ذلك ممّا تعرضوا له في المفصلات.

مسألة ٤7: يكره فيها أمور نذكر بعضها:

  • مدح البائع سلعته.
  • ذم المشتري لها.
  • کتمان العيب إذا لم يؤدِّ إلى غش؛ وإلا حرم كما تقدم.
  • الحلف على البيع.
  • البيع في المكان المظلم المستتر فيه العيب، بل كلّ ما كان كذلك.
  • الربح على المؤمن زائداً على مقدار الحاجة، وعلى الموعود بالإحسان.
  • السوم ما بین طلوع الفجر وطلوع الشمس.
  • أنْ يدخل السوق قبل غيره.
  • مبايعة الأدنين وذوي العاهات والنقص في أبدانهم، والمحارفين.
  • طلب تنقيص الثمن بعد العقد.
  • الزيادة وقت النداء لطلب الزيادة، أما الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها.
  • التعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم يحسنه حذراً من الخطأ.
  • الدخول في سوم المؤمن، بل الأحوط ترکه، والمراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري، أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع، مع رجاء تمامية المعاملة بينهما، فلو انصرف أحدهما عنها أو علم بعدم تماميتها بينهما فلا كراهة، وكذا لو كان البيع مبنياً على المزايدة.
  • أنْ يتوكل بعض أهل البلد لمن هو غريب عنها، بل الأحوط استحباباً تركه.
  • تلقي الركبان الذين يجلبون السلعة وحده إلى ما دون أربعة فراسخ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة، وكذا لو اتفق ذلك بلا قصد، والظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة كالصلح والإجارة ونحوهما.

مسألة ٤8: يحرم الإحتكار؛ وهو حبس السلعة والامتناع من بيعها لانتظار زيادة القيمة مع حاجة المسلمين إليها وعدم وجود الباذل لها، والظاهر اختصاص الحكم بالحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت لا غير، وإنْ كان الأحوط استحباباً إلحاق الملح بها، بل كلّ ما يحتاج إليه عامة المسلمين من الملابس والمساكن والمراكب وغيرها، ويجبر المحتكر على البيع في الاحتكار المحرم من دون أنْ يعيّن له السعر، نعم؛ إذا كان السعر الذي اختاره مجحفاً بالعامة أجبر على الأقلّ منه في جميع الأشياء.

مسألة ٤9: عقد البيع بل كلّ عقد لا يحصل إلا بالإيجاب والقبول، ويقع بكل لفظ دال على المقصود، وإنْ لم يكن صريحاً فيه، مثل: بعت وملّكت وبادلت ونحوها في الإيجاب، ومثل: قبلتُ ورضيتُ وتملكتُ واشتريتُ ونحوها في القبول، ولا تشترط فيه العربية، كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة، ويجوز إنشاء الإيجاب بمثل: إشتريت وإبتَعتُ وتملكت.

مسألة ٥0: إذا قال: بعني فرسك بهذا الدينار. فقال المخاطب: بعتك فرسي بهذا الدينار، في الأحوط ضم القبول إليه، وكذا الحكم في الولي عن الطرفين وللوكيل عنهما، فإنَّه لا يكتفى فيه بالإيجاب بدون القبول.

مسألة ٥1: يعتبر في تحقّق العقد الموالاة بين الإيجاب والقبول، فلو قال البائع: بعت، فلم يبادر المشتري إلى القبول حتى انصرف البائع عن البيع لم يتحقّق العقد ولم يترتب عليه الأثر، أما إذا لم ينصرف وكأنْ ينتظر القبول، حتى قبل صح، كما أنَّه لا تعتبر وحدة المجلس فلو تعاقدا بالتليفون فأوقع أحدهما الإيجاب وقبل الآخر صح. وكذا المعاقدة بالمكاتبة فيصحّ مع عدم الإنصراف.

مسألة ٥2: يعتبر التطابق بين الإيجاب والقبول في الثمن والمثمن وسائر التوابع، فلو قال: بعتك هذا الفرس بدرهم، بشرط أنْ تخيط قميصي، فقال المشتري: إشتريت هذا الحمار بدرهم، أو هذا الفرس بدينار، أو بشرط أنْ أخيط عباءتك، أو بلا شرط شيء أو بشرط أنْ تخيط ثوبي، أو اشتريت نصفه بنصف دينار أو نحو ذلك من أنحاء الإختلاف لم يصحّ العقد، نعم لو قال: بعتك هذا الفرس بدينار، فقال: اشتريت كلّ نصف منه بنصف دينار صح، وكذا نحوه ممّا كان الإختلاف فيه بالإجمال والتفصيل.

مسألة ٥3: إذا تعذّر اللفظ لخرس ونحوه قامت الإشارة مقامه، وإنْ تمكن من التوكيل، وكذا الكتابة سواءً عجز عن الإشارة أو تمكن منها، بل يحتمل الإكتفاء بالكتابة حتى مع التمكن من اللفظ.

مسألة ٥4: يقع البيع بالمعاطاة بأنْ يسلم البائع المبيع إلى المشتري بقصد البيع بدفع المشتري الثمن إلى البائع بقصد الشراء، ولا فرق في صحتها بين المال الخطير والحقير، وقد تحصل بإعطاء البائع المبيع وأخذ المشتري بلا إعطاء منه، كما لو كان الثمن كلياً في الذمة أو بإعطاء المشتري الثمن وأخذ البائع له بلا إعطاء منه، كما لو كان المثمن كلياً في الذمة.

مسألة ٥5: يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في البيع العقدي من شروط الآتية ما عدا الصيغة فلا تصحّ مع فقد واحد منها سواءً كان من شرائط العوضين أو المتعاقدين، وتثبت الخيارات -الآتية إنْ شاء الله تعالى- فيها ولو بعد ثبوت أحد الملزمات، إلا إذا كان الملزم لها مسقطاً للخيار، كما إذا كان البيع معيباً ولم يبق بيد المشتري بعينه، فإنَّه يسقط خيار العيب ويثبت الأرش لا غير.

مسألة ٥6: البيع العقدي لازم من الطرفين إلا مع وجود أحد أسباب الخيار الآتية، أما البيع المعاطاتي هو مفيد للملك، فالأحوط وجوباً من حيث لزومه التراضي إنْ أراد أحدهما الردّ دون الآخر، هذا مع بقاء العوضين، وأما مع تلفهما، أو أحدهما، أو بعض أحدهما، أو التصرف المغيّر للعين أو الناقل له، فيكون لازماً في جميع هذه الصور الخمسة.

مسألة ٥7: لو مات أحد المالكين لم يجز لوارثه الرجوع في البيع المعاطاتي، أما لو جنّ قام وليه مقامه في الرجوع.

مسألة ٥8: تجري المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات، بل الايقاعات إلا في موارد خاصة، كالنكاح والطلاق والعتق والتحليل والنذر واليمين، وتجري في الرهن والوقف.

مسألة ٥9: لو أريد ثبوت خيار بالشرط في البيع المعاطاتي، أو سقوطه به أو شرط آخر حتى جعل مدة أو أجلاً لأحد العوضين، فالأحوط وجوباً إجراء صيغة البيع وإدراج ذلك في ضمنها، وعدم الاكتفاء بالمعاطات.

مسألة ٦0: لا يجوز تعليق البيع على أمر غير حاصل حين العقد، سواءً علم حصوله بعد ذلك كما إذا قال: بعتك إذا هلّ الهلال، أم جهل حصوله كما لو قال: بعتك إذا ولد لي ولد ذكر، ولا على أمر مجهول الحصول حال العقد، كما إذا قال: بعتك إنْ كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك، أما مع علمه بذلك فيجوز.

مسألة ٦1: إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد، وجب عليه ردّه إلى البائع إذا تلف، ولو من دون تفريط، وجب عليه ردّ مثله إنْ كان مثلياً وقيمته إنْ كان قيمياً، وكذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد، ولا فرق في ذلك بين العلم بالحكم والجهل به، ولو باع أحدهما ما قبضه كان البيع فضولياً تتوقف صحته على إجازة المالك، وسيأتي الكلام فيه إنْ شاء الله تعالى.

مسألة ٦2:يشترط في كلّ من المتعاقدين أمور:

الأول: البلوغ؛ فلا يصحّ عقد الصبي وإنْ كان مميزاً، وكان بإذن الولي إذا كان الصبي مستقلاً، وأما لو وقع العقد وكالةً عن الولي فيصحّ، وكذا إذا كان تصرفه في غير ماله بإذن المالك.

الثاني: العقل؛ فلا يصحّ عقد المجنون، وإنْ كان قاصداً لإنشاء البيع.

الثالث: الإختيار؛ فلا يصحّ بيع المكره، وهو من يأمره غيره بالبيع المكروه له، على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه من جهة توعيده، ولو لم يكن البيع مكروهاً وقد أمره الظالم بالبيع فباع صح، وكذا لو أمره بشيء غير البيع وكان ذلك الشيء موقوفاً على البيع المكروه فباع فإنَّه يصح، كما إذا أمره بدفع مقدار من المال ولم يمكنه إلا ببيع داره فباعها، فإنَّه يصحّ بيعها.

مسألة ٦3: إذا أكره أحد الشخصين على بيع داره كما لو قال الظالم: فليبع زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره بطل البيع، إلا إذا علم إقدام الآخر على البيع.

مسألة ٦4: لو أكرهه على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل، ولو باع الآخر بعد ذلك صحّ، ولو باعهما جميعاً دفعة بطل فيهما جميعاً.

مسألة ٦5: لو أكرهه على بيع دابّته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة، وصح بيع الولد.

مسألة ٦6: لا يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصّي بالتورية، فلو أكرهه على بيع داره فباعها مع قدرته على التورية بطل البيع.

مسألة ٦7: المراد من الضرر الذي يخافه على تقدير عدم الإتيان بما أكره عليه ما يعمّ الضرر الواقع على نفسه وماله وشأنه، وعلى بعض مَن يتعلّق به ممّن يهمه أمره، فلو لم يكن كذلك فلا إكراه، فلو باع حينئذٍ صحّ البيع.

الرابع: القدرة على التصرّف بكونه مالكاً أو وكيلاً عنه أو مأذونا منه أو ولياً عليه، فلو لم يكن العاقد قادراً على التصرّف لم يصحّ البيع، بل توقف على إجازة القادر على ذلك التصرّف، مالكاً كان أو وكيلاً عنه أو مأذوناً منه أو ولياً عليه، فإنْ أجاز صح، وإنْ ردّ بطل، ولم ينفع الإجازة بعد ذلك، وهذا هو المسمى بعقد الفضولي.

مسألة ٦8: لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي، فإنْ أجاز المالك صح، ولا أثر للمنع السابق في البطلان.

مسألة ٦9: إذا علم من حال المالك أنَّه يرضى بالبيع فباعه، لم يصحّ وتوقف على الإجازة.

مسألة ۷0: إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنَّه مالك، أو لبنائه على ذلك، كما في الغاصب، فأجازه المالك صحّ البيع ويرجع الثمن إلى المالك.

مسألة ۷1: لا يكفي في تحقّق الإجازة الرضى الباطني، بل لا بدّ من الدلالة عليه بالقول مثل: رضيتُ وأجزتُ ونحوهما، أو بالفعل مثل أخذ الثمن أو بيعه أو الأذن في بيعه أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك.

مسألة ۷2: الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه؛ فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملكٌ مالك المبيع، ونماء المبيع ملك للمشتري.

مسألة ۷3: لو باع باعتقاد كونه ولياً أو وكيلاً فتبيّن خلافه؛ فإنْ أجازه المالك صح، وإنْ ردّ بطل، ولو باع باعتقاد كونه أجنبياً فتبيّن كونه ولياً أو وكيلاً صحّ ولم يحتج إلى الإجازة، وكذا لو باع باعتقاد عدم الملك وتبيّن كونه مالكاً، وإنْ كان الأحوط استحباباً التوقف على الإجازة.

مسألة ۷4: لو باع مال غيره فضولاً، ثم ملكه قبل إجازة المالك ملكاً اختيارياً أو قهرياً، يتوقف بيعه على اجازته.

مسألة ۷5: لو باع مال غيره فضولاً فباعه المالك من شخص آخر صحّ بيع المالك، ويبطل بيع الفضولي إنْ لم يجزه المشتري.

مسألة ۷6: إذا باع الفضولي مال غيره ولم تتحقّق الإجازة من المالك، فإنْ كانت العين في يد المالك فلا إشكال، وإنْ كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه، وإنْ كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كلّ من البائع والمشتري، وإنْ كانت تالفة رجع على البائع إنْ لم يدفعها إلى المشتري، أو على أحدهما إنْ دفعها إليه بمثلها، إنْ كانت مثلية، وبقيمتها إنْ كانت قيمية.

مسألة 77: المنافع المستوفاة مضمونة وللمالك الرجوع بها على من استوفاها، وكذا الزيادات العينيّة مثل اللبن والصوف والشعر والسرجين ونحوها ممّا كانت له مالية، فإنَّها مضمونة على من استولى عليها كالعين، أمّا المنافع غير المستوفاة في الأحوط فيها التراضي والتصالح.

مسألة 78: المثلي: ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات. والقيمي: ما لا يكون كذلك، فالآلات والظروف والأقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي، والجواهر الأصلية من الياقوت والزمرد والألماس والفيروزج ونحوها من القيمي.

مسألة ۷9: المدار في القيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان الأداء، والأحوط التراضي فيما به التفاوت، إنْ كان لأجل زيادة القيمة السوقية، وإنْ كان لأجل الزيادة في العين يضمن أعلى القيم.

مسألة ۸0: لو لم يمض المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي فله أخذ عين ماله مع بقائه مِنْ كلّ مَن وجد في يده وله الرجوع بمنافعه المستوفاة في هذه المدة، وله مطالبة البائع الفضولي بردّ العين ومنافعها، ولو توقف الردّ على مؤونة كانت على البائع هذا مع بقاء العين. وأما مع تلفها فله أخذ البدل ممن تلف عنده.

مسألة ۸۱: لو تعاقبت الأيادي المتعددة على العين بالإنتقال المعاملي أو الإرثي، تخيّر المالك بالرجوع إلى أي واحد منهم شاء، وإنْ أخذ من أحدهم ليس له الأخذ بعد ذلك من الآخر، وأما حكم المشتري مع البائع الفضولي فمع علمه بكونه غير مالك، ليس له الرجوع إليه بشيء ممّا يرجع المالك إليه، وما وردت من الخسارات عليه، حتى أنَّه لو دفع الثمن إلى البائع وتلف عنده ليس له أنْ يرجع إليه. نعم له أنْ يسترده إنْ كان باقياً، وأما مع جهله له أنْ يرجع إليه بكل ما اغترم للمالك، حتى فيما أغترم له عوضاً عن النماآت التي استوفاها، وكذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال مالك، إنْ رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إنْ لم يكن مغروراً منه، وإلا لم يرجع على اللاحق، وإنْ رجع المالك على اللّاحق لم يرجع إلى السابق إلا مع كونه مغروراً منه، وكذا الحكم في المال غير المملوك كالزكاة المعزولة ومال الوقف المجعول مصرفاً في جهة معينة أو غير معينة، أو في مصلحة شخص أو أشخاص، فإنَّ الولي يرجع على ذي اليد عليه مع وجوده، ومع تلفه على النهج المذكور.

مسألة ۸2: لو باع إنسان ملكه وملك غيره صفقةً واحدةً صحّ البيع فيما يَملك، وتوقّفت صحة بيع غيره على إجازة المالك، فإنْ أجازه صح، وإلّا فلا، وحينئذ يكون للمشتري خيار تبعّض الصفقة، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع.

مسألة ۸3: طريق معرفة حصة كلّ واحد منهما من الثمن أنْ يقوَّم كلّ من المالين بقيمته السوقية، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين، فإذا كانت قيمة ماله عشرة وقيمة مال غيره خمسة والثمن ثلاثة؛ يرجع المشتري بواحد الذي هو ثلث الثمن، ويبقى للبائع اثنان. وهما ثلثا الثمن، هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة ونقصها، أمّا لو كان الأمر كذلك وجب تقويم كلّ منهما في حال الإنضمام إلى الآخر, ثم تنسب قيمة كلّ واحد منهما إلى مجموع القيمتين، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة, مثلاً إذا باع الجارية وابنتها بخمسة، وكانت قيمة الجارية في حال الإنفراد ستة وفي حال الإنضمام أربعة، وقيمة ابنتها بالعكس فمجموع القيمتين عشرة، فإنْ كانت الجارية لغير البائع رجع المشتري بخُمسين وهما اثنان من الثمن، وبقي للبائع ثلاثة أخماس، وإنْ كانت البنت لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن، وهو ثلاثة وبقي للبائع اثنان.

مسألة ۸4: إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السويّة فباع أحدهما نصف الدار؛ فإنْ قامت القرينة على أنَّ المراد نصف نفسه أو نصف غيره أو نصف في النصفين عمل على القرينة، وإنْ لم تقم القرينة على شيء حمل على نصف نفسه لا غير.

مسألة ۸5: يجوز للأب والجد للأب وإنْ علا التصرّف في مال الصغير بالبيع والشراء والإجارة وغيرها، وكل منهما مستقل في الولاية، فلا يعتبر الإذن من الآخر، كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما، ولا أنْ تكون مصلحة في تصرّفهما، بل يكفي عدم المفسدة، إلا أنْ يكون التصرّف تفريطاً منهما في مصلحة الصغير، كما لو اضطر الولي إلى بيع مال الصغير وأمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل، فلا يجوز له البيع بقيمة المثل، وكذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل وزيادة درهمين لاختلاف الأماكن أو الدلالين أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقل، وإنْ كانت فيه مصلحة إذا عدّ ذلك مساهلةً عرفاً في مال الصغير.

مسألة ۸6: المدار في كون التصرّف مشتملاً على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء لا بالنظر إلى علم الغيب، فلو تصرّف الولي باعتقاد المصلحة فتبين أنَّه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرّف، ولو تبيّن أنَّه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صحّ إذا كانت فيه مصلحة بنظر العقلاء.

مسألة ۸7: يجوز للأب والجد التصرّف في نفس الصغير بإجارته لعمل ما أو جعله عاملاً في المعامل وفي سائر شؤونه مثل تزويجه، نعم؛ ليس لهما طلاق زوجته، بل في فسخ نكاحه عند حصول المسوّغ للفسخ وهبة المدة في عقد المتعة إشكالٌ.

مسألة ۸8: إذا أوصى الأب أو الجد إلى شخص بالولاية بعد موته على القاصرين نفذت الوصية وصار الموصى إليه وليّاً عليهم بمنزلة الموصى، تنفذ تصرفاته, ويشترط فيه الرشد والأمانة ولا تشترط فيه العدالة، كما يشترط في صحة الوصية فقدهما معاً، فلا تصحّ وصية الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجد، ولا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب، بل الأحوط عدم نفوذ وصية أحدهما بالولاية على الطفل بعد فقد الآخر لا في حال وجوده.

مسألة ۸9: ليس لغير الأب والجد للأب والوصي لأحدهما ولاية على الصغير ولو كان عماً أو أما أو جداً للأم أو أخاً كبيراً، فلو تصرّف أحد هؤلاء في مال الصغير أو في نفسه أو سائر شؤونه لم يصحّ وتوقّف على إجازة الولي.

مسألة ۹0: تكون الولاية على الطفل للحاكم الشرعي، مع فقد الأب والجد والوصي لأحدهما، ومع تعذّر الرجوع إلى الحاكم فالولاية لعدول المؤمنين، لكن الأحوط الاقتصار على صورة لزوم الضرر في ترك التصرّف كما لو خيف على ماله التلف مثلاً فيبيعه العادل لئلا يتلف، ولا يعتبر حينئذ أنْ تكون في التصرّف فيه غبطة وفائدة، بل لو تعذّر وجود العادل حينئذ يجوز ذلك لسائر المؤمنين، ولو اتفق احتياج المكلّف إلى دخول دار الأيتام والجلوس على فراشهم والأكل من طعامهم وتعذّر الإستئذان من وليّهم يجوز ذلك إذا عوّضهم عن ذلك بالقيمة ولم يكن فيه ضرر عليهم، وإنْ كان الأحوط تركه، وإذا كان التصرّف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض، والله سبحانه العالم.

مسألة ۹1: يشترط في المبيع أنْ يكون عيناً، ويكون فيه غرض صحيح عقلائي، سواءً كان موجوداً في الخارج أم في الذمة، وسواء كانت الذمة ذمة البائع أم غيره كما إذا كان له مال في ذمة غيره فيبيعه لشخص ثالث، فلا يجوز بيع المنفعة كمنفعة الدار، ولا بيع العمل كخياطة الثوب، ولا بيع الحقّ كحقّ الخيار، ولا بيع ما لا يكون فيه غرض صحيح عقلائي، وأمّا الثمن فيشترط فيه أنْ يكون مالاً سواءً كان عيناً أم منفعة أم عملاً أم حقاً قابلاً للنقل أو الإنتقال، وكذا إذا لم يقبل النقل والإنتقال وكان قابلاً للإسقاط كحقي الخيار والشفعة، فيسقط بمجرد وقوع البيع من دون الإنتقال إلى المشتري.

مسألة ۹2: يشترط في كلّ من العوضين أنْ يكون مقداره معلوماً بكلّ ما تعارف تقديره به عند البيع، من كيل أو وزنٍ أو عدّ أو مساحةٍ، فلا تكفي المشاهدة فيما لا تتعارف فيه، لا تقديره بغير المتعارف فيه عند البيع كبيع المكيل بالوزن وبالعكس، وكبيع المعدود بالوزن أو الكيل وبالعكس، إذا تحقّق في البين غرر عند متعارف الناس، ومع عدم الغرر كذلك؛ يجوز ذلك كله.

مسألة ۹3: إذا كان الشيء ممّا يباع في حالٍ بالمشاهدة وفي حال أخرى بالوزن أو الكيل، كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن، والحطب محمولاً على الدابة بالمشاهدة وفي المخزن بالوزن، واللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة وفي المخازن بالكيل؛ فصحة بيعه مقداراً أو مشاهدة تابعة للمتعارف، وكذا إذا كان يباع في حال بالكيل وفي أخرى بالوزن كالفحم كثيراً في الأكياس الكبيرة بالكيل وفي المخازن قليلاً بالوزن، فإنَّ المدار في التقدير ما يكون متعارفاً في تلك الحال التي بيع فيها كيلاً أو وزناً أو عداً.

مسألة ۹4: يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر كيلاً أو وزناً أو عدّاً، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه، والأحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره، ولو تبيّن الخلاف بالنقيصة رجع المشتري على البائع بثمن النقيصة، وكان له الخيار في الفسخ والإمضاء في الباقي، ولو تبيّنت الزيادة كانت الزيادة للبائع، وكان المشتري بالخيار بين الفسخ والإمضاء بتمام الثمن.

مسألة ۹5: يعتبر في مثل القماش والأرض ونحوهما ممّا يكون تقديره بالمساحة دخيلاً في زيادة القيمة معرفة مقداره، ولا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلا فيما تعارف الإكتفاء بالمشاهدة فيه.

مسألة ۹6: إذا اختلفت البلدان في تقدير شيء، بأنْ كان موزوناً في بلد ومعدوداً في آخر ومكيلاً في ثالث، فالمدار في التقدير اللّازم العلم به في بلد المعاملة.

مسألة ۹7: قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود، أو الكيل شرطاً في الموزون، مثل أنْ يبيعه عشرة أمنان من الدبس بشرط أنْ يكون كيلها صاعاً فيتبيّن أنَّ كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش بشرط أنْ يكون وزنها ألف مثقال فيتبيّن أنَّ وزنها تسعمائة لعدم إحكام النسج، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان بشرط أنْ يكون وزنه مائة مثقال فيتبيّن أنَّ وزنه مائتا مثقال لغلظة خيوطه, ونحو ذلك ممّا كان التقدير فيه ملحوظاً صفةً كمالٍ للمبيع لا مقوّماً له، والحكم أنَّه مع التخلّف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري؛ لتخلّف الوصف، فإنْ أمضى العقد كان عليه تمام الثمن، والزيادة للمشتري على كلّ حال.

مسألة ۹8: يشترط معرفة جنس العوضين وصفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها، كالألوان والطعوم والجودة والرداءة والرقة والغلظة والثقل والخفة ونحو ذلك، ممّا يوجب اختلاف القيمة، أمّا ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته، وإنْ كان مرغوباً عند قوم وغير مرغوب عند آخرين، والمعرفة إمّا بالمشاهدة، أو بتوصيف البائع، أو بالرؤية السابقة.

مسألة ۹9: يشترط أنْ يكون كلّ واحد من العوضين تحت استيلاء كلّ واحد من المتعاملين، سواءً كان ذلك لأجل كونه ملكاً لهما مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس، أو لاختصاصه بجهة من الجهات، مثل بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة وشرائه العلف لها، فلا يجوز بيع ما ليس كذلك مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء، وشجر البيداء قبل أنْ يصطاد أو يُحاز.

مسألة ۱۰0: يصحّ بيع العين المرهونة مع إذن الراهن أو أجازته بعد البيع، بل يصحّ مع عدمهما أيضاً، إلا أنَّه يثبت للمشتري الخيار مع جهله بالحال.

مسألة ۱۰1: لا يجوز بيع الوقف إلا في موارد:

الأول: أنْ يخرب بحيث لا يمكن الإنتفاع به مع بقاء عينه، كالحيوان المذبوح والجذع البالي والحصير المخرق.

الثاني: أنْ يخرب على نحو يسقط عن الإنتفاع المعتدّ به، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفاً.

الثالث: ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر من قلّة المنفعة أو كثرة الخراج، أو كون بيعه أنفع، أو لاختلافٍ بين أرباب الوقف يؤدي ذلك إلى تلف الأموال والنفوس، أو احتياجهم إلى عوضه أو نحو ذلك.

الرابع: ما لو لاحظ في قوام الوقف عنواناً خاصاً في العين الموقوفة، مثل كونها بستاناً، أو حماماً فيزول ذلك العنوان، فإنَّه يجوز البيع حينئذ وإنْ كانت الفائدة باقية بحالها أو أكثر.

الخامس: ما إذا طرأ ما يستوجب أنْ يؤدّي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتدّ بها عرفاً، واللّازم تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء.

مسألة ۱۰2: ما ذكرناه من جواز البيع في الموارد المذكورة لا يجري في المساجد، فإنَّها لا يجوز بيعها على كلّ حال. نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين، وكتب العلم والمدارس والرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة.

مسألة ۱۰3: إذا جاز بيع الوقف فالأحوط مراجعه الحاكم الشرعي والاستئذان منه في البيع، سواءً كان للوقف متوَّل خاص أو لا، كما أنَّ الأحوط أنْ يشتري بثمنه ملكاً، ويوقف على النهج الذي كان عليه الوقف الأول.

مسألة ۱۰4: لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض وصرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر، أو في وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب. وإذا خرب الوقف ولم يمكن الإنتفاع به، وأمكن بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه، جاز بل وجب على الولي بيع بعضه ولم يجز له بيع جميعه.

مسألة ۱۰5: لا يجوز بيع الأمة إذا كانت ذات ولد لسيّدها، ولو كان حملاً غير مولود، وكذا لا يجوز نقلها بسائر النواقل، وإذا مات ولدها جاز بيعها كما يجوز بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى، وفي هذه المسألة فروع كثيرة لم نتعرّض لها لقلة الابتلاء بها.

مسألة ۱۰6: لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة العامرة حين الفتح، فإنَّها ملك للمسلمين مَن وجد ومن يوجد، ولا فرق بين أنْ تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما ولا تكون، بل لا يجوز التصرّف فيها إلا بإذن الحاكم الشرعي، إلا أنْ تكون تحت سلطة السلطان المدّعي للخلافة العامة فيكفي الإستئذان منه، والأحوط عدم الإكتفاء به، ولو ماتت الأرض العامرة حين الفتح فلا تُملك بالإحياء، بل هي باقية على ملك المسلمين، أمّا الأرض الميتة في زمان الفتح فهي ملك للإمام j، وإذا أحياها أحد ملكها بالإحياء، مسلماً كان المحيي أو كافراً، وليس عليه دفع العوض، وإذا تركها حتى ماتت فهي على ملكه، فإذا ترك زرعها جاز لغيره زرعها بلا إذن منه، ويعطيه خراجها، وإذا أحياها السلطان المدّعي للخلافة على أنْ تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجية.

مسألة ۱۰7: قد ذكر العلماء والمؤرخون مواضع كثيرة لأرض الخراج كما ذكر في المفصلات، وإذا شكّ في أرض أنَّها كانت ميتة أو عامرة حين الفتح تحمل على أنَّها كانت ميتة، فيجوز إحياؤها وتملّكها إنْ كانت حيّة، كما يجوز بيعها وغيره من التصرّفات الموقوفة على الملك.

مسألة ۱۰8: يشترط في كلٍّ من العوضين أنْ يكون مقدوراً على تسليمه، فلا يجوز بيع الجمل الشارد أو الطير الطائر أو السمك المرسل في الماء، ولا فرق بين العلم بالحال والجهل بها، ولو باع العين المغصوبة وكان المشتري قادراً على أخذها من الغاصب صحّ، كما أنَّه يصحّ بيعها على الغاصب أيضاً، وإنْ كان البائع لا يقدر على أخذها منه ثم دفعها إليه، وإذا كان المبيع ممّا لا يستحق المشتري أخذه، كما لو باع من ينعتق على المشتري، صحّ وإنْ لم يقدر على تسليمه.

مسألة ۱۰9: لو علم بالقدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل، ولو علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة.

مسألة ۱۱0: لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه لكن علم بحصولها بعده؛ فإنْ كانت المدة يسيرة صحّ، وكذا إنْ كانت طويلة لا يتسامح بها، مع كونها مضبوطة مثل سنة أو أكثر، مع علم المشتري بها، بل وكذا مع جهله بها، لكن يثبت الخيار للمشتري، وإما أنْ كانت غير مضبوطة فيبطل، كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه.

مسألة ۱۱1: إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته، وإنْ كان وكيلاً في إجراء الصيغة فقط، فالاعتبار بقدرة المالك، وإنْ كان وكيلاً في المعاملة كعامل المضاربة، فالاعتبار بقدرته وقدرة المالك، فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة، فإذا لم يقدرا معاً بطل البيع.

مسألة ۱۱2: يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة إذا كانت ذات قيمة معتد بها.

 الخيار: حقّ يقتضي الإستيلاء على فسخ العقد وهو أقسام:

الأول: خيار المجلس

يعني مجلس البيع؛ فإذا وقع البيع كان لكلّ من البائع والمشتري الخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا ولو بخطوةٍ لزم البيع وانتفى الخيار، ولو كان المباشر للعقد الوكيل كان الخيار للمالك، فإنْ كان الوكيل وكيلاً في إجراء الصيغة فقط فليس له الفسخ عن المالك، ولو كان وكيلاً في تمام المعاملة وشؤونها كان له الفسخ عن المالك، والمدار على اجتماع المباشرين وافتراقهما لا المالكين، ولو فارقا المجلس مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا.

مسألة ۱۱3: لو كان الموجب والقابل واحداً وكالةً عن المالكين أو ولاية عليهما فلا خيار.

مسألة ۱۱4: هذا الخيار يختصّ بالبيع ولا يجري في غيره من المعاوضات.

مسألة ۱۱5: يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد كما يسقط بإسقاطه بعد العقد.

الثاني: خيار الحيوان

كلّ من اشترى حيواناً ثبت له الخيار ثلاثة أيام؛ مبدؤها زمان العقد، وإذا كان العقد في أثناء النهار لفق المنكسر من اليوم الرابع والليلتان المتوسطتان داخلتان في مدة الخيار، وكذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق المنكسر، وإذا لم يفترق المتبايعان حتى مضت ثلاثة أيام سقط خيار الحيوان وبقي خيار المجلس.

مسألة 116: يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد، كما يسقط بإسقاطه بعده، وبالتصرف في الحيوان تصرفاً يدل على إمضاء العقد وإنفاذه.

مسألة ۱۱7: يثبت هذا الخيار للبائع لو كان الثمن حيواناً.

مسألة ۱۱8: يختصّ هذا الخيار بالبيع ولا يثبت في غيره من المعاوضات.

مسألة ۱۱9: إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار كان تلفه من مال البائع, ورجع المشتري عليه بالثمن إذا كان دفعه اليه.

مسألة 120: إذا طرأ عيبٌ في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ والردّ, وإنْ كان بتفريط منه سقط خياره.

الثالث: خيار الشرط

والمراد به الخيار المجعول باشتراطه في العقد؛ إمّا لكلٍّ من المتعاقدين أو لأحدهما بعينه أو لأجنبي.

مسألة ۱۲1: لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة، بل يجوز اشتراطه بما يشاء من مدة قصيرة أو طويلة ولو في مدة العمر، متصلة بالعقد أو منفصلة عنه، نعم؛ لا بدّ من تقدیرها بقدر معيّن وتعيين مبدئها، فلا يجوز جعل الخيار بلا مدة، ولا جعله مدة غير محدودة قابلة للزيادة والنقيصة مثل مجيء الحاج، ولا جعله شهراً مردداً بين الشهور إنْ لم يرجع ذلك إلى جعل الخيار في تمام السنة، وإلا بطل العقد، نعم؛ إذا أطلق الشهر كان الظاهر منه المتصل بالعقد، وكذا الحكم في غير الشهر من السنة أو الأسبوع أو نحوهما.

مسألة ۱۲2: لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات كالطلاق والعتق، ويجوز اشتراطه في العقود اللازمة عدا النكاح، كما يجوز في العقود الجائزة وإنْ كان الأحوط خلافه، وكذا الأحوط تركه في الصدقة والوقف، بل الهبة اللازمة والضمان على إشكال فيهما.

مسألة ۱۲3: يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد أو منفصلة على نحو يكون له الخيار في حال ردّ الثمن بنفسه مع وجوده، أو ببدله مع تلفه ويسمى بيع الخيار، فإذا مضت مدة الخيار لزم البيع وسقط الخيار وامتنع الفسخ، وإذا فسخ في المدة من دون ردّ الثمن أو بدله مع تلفه لا يصحّ الفسخ، وكذا لو فسخ قبل المدة لا يصحّ الفسخ إلا في المدة المعينة في حال ردّ الثمن أو ردّ بدله مع تلفه.

ثم الفسخ إما أنْ يكون بإنشاء مستقل في حال الردّ، مثل: فسخت ونحوه، أو يكون بنفس الردّ، على أنْ يكون إنشاء الفسخ بالفعل، وهو الردّ لا بقوله فسخت ونحوه.

مسألة ۱۲4: المراد من ردّ الثمن إحضاره عند المشتري وتمكينه منه، فلو أحضره كذلك جاز له الفسخ وإنْ امتنع المشتري من قبضه.

مسألة ۱۲5: يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن، كما يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك.

مسألة ۱۲6: إذا تعذّر تمكين المشتري من الثمن لغيبةٍ أو جنون أو نحوهما ممّا يرجع إلى قصور فيه، يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه، ولو كان الحاكم الشرعي أو وكيله، فإذا أحضره كذلك جاز له الفسخ.

مسألة 127: نماء المبيع من زمان العقد إلى زمان الفسخ للمشتري، كما أنَّ نماء الثمن للبائع.

مسألة ۱۲8: لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلى زمان مدة الخيار التصرف الناقل للعين من هبة أو بيع أو نحوهما، ولو تلف المبيع كان ضمانه على المشتري ولا يسقط بذلك خيار البائع، إلا إذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين، بحيث يكون الفسخ موجباً لرجوعها نفسها إلى البائع، لكن الغالب الأول.

مسألة ۱۲9: إذا كان الثمن المشروط ردّه ديناً في ذمة البائع، كما إذا كان للمشتري دين في ذمة البائع، فباعه بذلك الدين واشتراط الخيار مشروطاً بردّه، كفى في ردّه اعطاء فردٍ منه، وإذا كان الثمن عيناً لم يتحقّق الردّ إلا بردّه عيناً، فلو لم يمكن ردّه لتلف ونحوه، لم يكن للبائع الخيار، إلا إذا كانت في البين قرينة معتبرة دالة على كفاية ردّ ما يعمّ البدل، مع عدم التمكن من العين، وإذا كان الثمن كلياً في ذمة المشتري فدفع منه فرداً إلى البائع بعد وقوع البيع، يكفي ردّ فردٍ آخر في صحة الفسخ، إلا إذا كانت قرينة معتبرة في البين دالة على ردّ الصرف الذي دفعه المشتري إلى البائع.

مسألة ۱۳0: لو اشترى الولي شيئاً للمولی عليه ببيع الخيار، فارتفع حجر قبل انقضاء المدة، كان الفسخ مشروطاً برد الثمن إليه، ولا يكفي الردّ على وليه. ولو اشترى أحد الوليين كالأب ببيع الخيار جاز الفسخ بالردّ إلى الولي الآخر كالجد، إلا أنْ يكون المشروط الردّ إلى خصوص الولي المباشر للشراء.

مسألة ۱۳1: إذا مات البائع قبل إعمال الخيار، إنتقل الخيار إلى ورثته، فلهم الفسخ بردهم الثمن إلى المشتري، ويشتركون في المبيع على حساب سهامهم، ولو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الآخر الفسخ لا في تمام المبيع ولا في بعضه، ولو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن إلى ورثته.

مسألة ۱۳2: يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد المبيع إلى البائع، والظاهر منه ردّ نفس العين، فلا يكفي ردّ البدل حتى مع تلفها، إلا أنْ تقوم قرينة على أرادة ما يعمّ ردّ البدل عند التلف، كما يجوز أيضاً اشتراط الخيار لكلّ منهما عند ردّ ما انتقل إليه بنفسه أو ببدله عند تلفه.

مسألة ۱۳3: لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل مع وجود العين، بلا فرق بين ردّ الثمن والمثمن، وكذا اشتراطه برد القيمة في المثلي أو المثل في القيمي، إلا إذا كان في البين تعارف نوعي فيجوز ذلك.

مسألة ۱۳4: يسقط هذا الخيار بانقضاء المدة المجعولة له مع عدم الردّ وبإسقاطه بعد العقد.

الرابع: خيار الغبن

إذا باع بأقلّ من قيمة المثل ثبت له الخيار، وكذا لو اشترى بأكثر من قيمة المثل، ولا يثبت هذا الخيار للمغبون إذا كان عالماً بالحال، أو مُقْدِماً على المعاملة على كلّ حال.

مسألة 135: يشترط في ثبوت الخيار للمغبون أنْ يكون التفاوت موجباً للغبن عرفاً؛ بأنْ يكون مقداراً لا يتسامح به عند غالب الناس، فلو كان جزئية غير معتدّ به لقلَّته لم يوجب الخيار. ويختلف التفاوت باختلاف المعاملات في متعارف الناس وفي مختلف الأجناس، فقد يتسامح بخمسة أو عشرة في معاملة، ولا يتسامح بأقلّ منهما في أخرى.

مسألة 136: الخيار المذكور ثابت من حين العقد لا من حين ظهور الغبن، فلو فسخ قبل ظهور الغبن صحّ فسخه مع ثبوت الغبن واقعاً.

مسألة 137: ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت وترك الفسخ، ولو بذل له الغابن التفاوت وترك الفسخ، ولو بذل له الغابن التفاوت لم يجب عليه القبول بل يتخير بين فسخ البيع من أصله وإمضائه بتمام الثمن المسمى، نعم؛ لو تصالحا على إسقاط الخيار بمال صح، الصلح وسقط الخيار، ووجب على الغابن دفع عوض المصالحة.

مسألة 138: يسقط الخيار المذكور بأمور

الأول: إسقاطه بعد العقد، وإنْ كان قبل ظهور الغبن، ولو أسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فتبين كونه مائة؛ فإنْ كان التفاوت بالأقلّ ملحوظاً قيداً بطل الإسقاط، وإنْ كان ملحوظاً من قبيل الداعي كما هو الغالب صحّ، وكذا الحال لو صالحه عليه بمال.

الثاني: إشتراط سقوطه في متن العقد، وإذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة فتبين أنَّه مائة جرى فيه التفصيل السابق.

الثالث: تصرّف المغبون بائعاً كان أو مشترياً فيما انتقل إليه تصرّفاً يدل على الإلتزام بالعقد إذا كان بعد العلم بالغبن، وكذا لو كان قبله وكان التصرف دالاً على الإلتزام بالعقد على كلّ تقدير، وإذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار به, ولو كان متلفاً للعين أو مخرجاً لها عن الملك أو مانعاً عن الإسترداد كالإستيلاء.

مسألة 139: إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع؛ فإنْ كان المبيع موجوداً عند المشتري إسترده منه، وإنْ كان تالفاً بفعله أو بغير فعله رجع بمثله إنْ كان مثلياً وبقيمته إنْ كان قيمياً، وإنْ وجده معيباً بفعله أو بغير فعله أخذه مع أرش العيب، وإنْ وجده خارجاً عن ملك المشتري؛ بأنْ نقله إلى غيره بعقد لازم -كالبيع والهبة المعوّضة أو لذي الرحم- فهو بحكم التالف، فيرجع عليه بالمثل أو القيمة وليس له إلزام المشتري بإرجاع العين بشرائها أو استيهابها، بل لا يبعد ذلك لو نقلها بعقدٍ جائز -كالهبة والبيع بخيار- فلا يجب عليه الفسخ وإرجاع العين، بل لو اتفق رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد دفع البدل من المثل أو القيمة لم يجب عليه دفعها إلى المغبون، نعم؛ لوكان رجوع العين إليه قبل دفع البدل وجب إرجاعها إليه، وأولى منه في ذلك لوكان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون، بلا فرق بين أنْ يكون الرجوع بفسخ العقد السابق وأنْ يكون بعقد جديد، فإنَّه يجب عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون، ولا يجتزئ بدفع البدل من المثل أو القيمة.

مسألة ۱٤0: إذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون، لكنه قد نقل منفعتها إلى غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة، أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار، لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها، بل يدفع العين وأرش النقصان الحاصل، وتكون العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة.

مسألة ۱٤1: إذا فسخ البائع المغبون، وكان المشتري قد تصرف في المبيع تصرفاً مغيّراً له، فإمّا أنْ يكون بالنقيصة أو الزيادة أو بالإمتزاج بغيره، فإنْ كان من المشتري مع أرش النقيصة، وإنْ كان بالزيادة فإما أنْ تكون الزيادة صفة محضة كطحن الحنطة وصياغة الفضة وقصارة الثوب، وإما أنْ تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب، وإما أنْ تكون عيناً غير قابلة للفصل كسمن الحيوان ونمو الشجرة، أو قابلة للفصل كالثمرة والبناء والغرس والزرع، فإنْ كانت صفة محضة أو صفة مشوبة بالعين، فإنْ لم تكن لها مالية لعدم زيادة قيمة العين بها، فالمبيع للبائع ولا شيء للمشتري، وكذا إنْ كانت لها مالية ولم تكن بفعل المشتري كما إذا اشترى منه عصاً عوجاء فاعتدلت، أو خلاً قليل الحموضة فزادت حموضته، وإنْ كانت لها مالية وكانت بفعل المشتري، كانت الصفة للمشتري وكان شريكاً مع الفاسخ بالقيمة، وكذا إنْ كانت الزيادة عيناً مع كونها بفعل المشتري وغير قابلة للانفصال، کسمن الحيوان ونمو الشجرة، فيكون المشتري شريكاً أيضاً، وإنْ كانت قابلة للانفصال كالصوف واللبن والشعر والثمر والبناء والزرع كانت الزيادة للمشتري, وحينئذ فإنْ لم يلزم من فصل الزيادة ضرر على المشتري حال الفسخ، كان للبائع إلزام المشتري بفصلها كاللبن والثمر، وإنْ لزم الضرر على المشتري من فصلها، لم يكن للبائع إلزام المشتري به، وإذا أراد المشتري فصلها فليس للبائع منعه عنه، وإذا أراد المشتري فصل الزيادة بقلع الشجر أو الزرع أو عدم البناء فحدث من ذلك نقص على الأرض تداركه، فعليه طمّ الحفر وتسوية الأرض ونحو ذلك، وإنْ كان بالامتزاج، فإما أنْ يكون امتزاجه بغير جنسه، وإما أنْ يكون بجنسه، فإنْ كان بغير جنسه فإما أنْ يعد المبيع مستهلكاً عرفاً كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء، فحكمه حكم التالف يضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة، وإما أنْ لا يعد مستهلكاً بل يعد موجوداً على نحو المزج، مثل خلط الخَلّ بالعسل أو السكر، فتثبت الشركة في العين بنسبة المالية، وإنْ كان خلطه بجنسه، فإنْ كان بمثله في الرداءة والجودة كان شريكاً معه في العين بنسبة كمية ماله، وكذا إنْ خلطه بالأجود أو الأردأ، فتثبت الشركة بنسبة المالية، فتكون حصة المشتري أكثر في الأول وأقلّ في الثاني، وإنْ كان الأحوط التصالح.

مسألة 142: إذ فسخ المشتري المغبون، وكان قد تصرف في المبيع تصرفاً غير مسقط لخياره لجهله بالغبن، فتصرفه أيضاً تارة لا يكون مغيراً للعين وأخرى يكون مغيرة لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج، وتأتي فيه الصور المتقدمة، وتجري عليها أحكامها، وهكذا لو فسخ المشتري المغبون وكان البائع قد تصرف في الثمن، أو فسخ البائع المغبون وكان هو قد تصرف في الثمن تصرفاً غير مسقط لخياره، فإنَّ حكم تلف العين ونقل المنفعة ونقص العين وزيادتها ومزجها بغيرها، وحكم سائر الصور التي ذكرناها هناك جارٍ هنا على نهج واحد.

مسألة ۱٤3: لو اطّلع المغبون على الخيار وأخّره جاهلاً بالغبن، أو بثبوت الخيار للمغبون، أو غافلاً عنه أو ناسياً له، لم يسقط خياره، وكان له الفسخ إذا علم أو التفت، ولو كان شاكاً في ثبوت الخيار للمغبون، فإنْ كان غافلاً عن إمكان الفسخ له برجاء ثبوته له، لم يسقط خياره وكذا لو كان ملتفتاً إلى ذلك ولم يتوان في الفسخ بحيث يتضرر الغابن بذلك، وكذا لا يسقط الخيار لو علم بالغبن فلم يرض به ولكنه أخّر إنشاء الفسخ لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ وعدمه ونحو ذلك من الأغراض الصحيحة جهلاً بالفورية.

مسألة ۱٤4: يثبت خیار الغبن في كلّ معاملة مبنية على المماكسة؛ صلحاً كانت أو إجارة أو غيرهما.

المسألة ۱٤5: إذا اشترى شيئين صفقة بثمنين كفرس بعشرة وفرس بعشرة وكان مغبوناً في شراء الفرس، يكون له خيار الغبن في الفرس، وللبائع خيار التبعض في الفرس.

مسألة ۱٤6: إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي، وكان قيمياً ففسخ المغبون، رجع عليه بقيمة التالف في زمان الأداء، والأحوط التراضي في مقدار الاختلاف، ولو كان التلف بإتلاف المغبون لم يرجع عليه بشيء، ولو كان بإتلاف أجنبي يرجع المغبون بعد الفسخ على الغابن، ويرجع الغابن على الأجنبي

وكذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف، فإنَّه إنْ كان التلف بفعل الغابن لم يرجع على المغبون بشيء، وإنْ كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل أجنبي، رجع على المغبون بقيمة يوم الأداء مع التراضي في مقدار الاختلاف احتياطاً، ورجع المغبون على الأجنبي إنْ كان هو المتلف، وحكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين.

الخامس: خيار التأخير

ويتحقّق فيما إذا باع سلعةً ولم يقبض الثمن ولم يسلّم المبيع؛ فإنَّه يلزم البيع ثلاثة أيام، فإنْ جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة وإلا فللبائع فسخ البيع، ولو تلفت السلعة كانت من مال البائع، سواءً كان التلف في الثلاثة أم بعدها حال ثبوت الخيار وبعد سقوطه.

مسألة ۱٤7: قبض بعض الثمن كلا قبض, وكذا قبض بعض المبيع.

مسألة ۱٤8: المراد بالثلاثة أيام؛ الأيام البيض, ويدخل فيها الليلتان المتوسطتان دون غيرهما، ويجزي في اليوم الملفق كما تقدم في مدة خيار الحيوان.

مسألة ۱٤9: يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم أحد العوضين، وإلا فلا خيار.

مسألة ۱٥0: يثبت الخيار المذكور فيما لو كان المبيع شخصياً، وكذا لو كان كلياً في الذمة، ولكن الأحوط عدم الفسخ إلا برضا الطرفين.

مسألة ۱٥1: يختصّ هذا الخيار بالبيع ولا يجري في غيره. نعم؛ كلّ معاملة وقعت مطلقاً بين الطرفين ولم يقيد دفع العوضين بزمان، مقتضى إطلاقه فورية التسليم، فلو أخّر ذلك يكون للطرف الخيار، ولكنه راجع إلى خيار تخلف الشرط الضمني البنائي.

مسألة 152: ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر والبقول واللحم في بعض الأوقات، يثبت الخيار فيه قبل أنْ يطرأ عليه الفساد، فإذا فسخ جاز له أنْ يتصرف في المبيع كيف يشاء، ويختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي.

مسألة ۱٥3: يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الثلاثة، وباشتراط سقوطه في ضمن العقد، بل وبإسقاطه قبل الثلاثة، ولا يسقط ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع، ولا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن، نعم؛ يسقط بأخذه الثمن منه بعنوان الجري على المعاملة لا بعنوان العارية أو الوديعة، ويكفي ظهور الفعل في ذلك ولو بواسطة بعض القرائن.

مسألة ۱٥4: هذا الخيار على الفور بنحو الفورية العرفية.

السادس: خيار الرؤية

ويتحقّق فيما لو رأى شيئاً ثم اشتراه فوجده على خلاف ما رآه، أو اشترى موصوفاً غير مشاهد فوجده على خلاف الوصف، فإنّ للمشتري الخيار بين الفسخ والإمضاء.

مسألة 155: لا فرق في الوصف الذي يكون تخلّفه موجباً للخيار بين الوصف المطلوب عند نوع المتعاملين وبين ما كان مطلوباً عند قوم دون آخرين، بل لو تعلّق غرض المشتري بوصف خاص وكان بحيث لا يطلبه عامة الناس يجري فيه هذا الخيار أيضاً.

مسألة ۱٥6: الخيار هنا بين الردّ وبين إمساك العين مجاناً، وليس لذي الخيار المطالبة بالأرش لو ترك الفسخ، كما أنَّه لا يسقط الخيار ببذل البائع الأرش ولا بإبدال العين بعين أخرى واجدة للوصف.

مسألة 157: كما يثبت الخيار للمشتري تخلف الوصف أيضاً، يثبت للبائع عند تخلف الوصف أيضاً، إذا كان قد رأى المبيع سابقاً فباعه بتخيّل أنَّه على ما راه فتبين خلافه، أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه.

مسألة ۱٥8: هذا الخيار على الفور بنحو ينافيه التساهل والتواني.

مسألة ۱٥9: يسقط هذا الخيار بالتواني في الفسخ بعد الرؤية، وبإسقاطه بعد الرؤية بل قبلها، وبالتصرف بعد الرؤية إذ كان دالاً على الالتزام بالعقد، وكذا قبل الرؤية إذ كان كذلك، وباشتراط سقوطه في ضمن العقد.

مسألة 160: مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية، ولا يجري في بيع الكلي فلو باع كلياً موصوفاً ودفع إلى المشتري فرد فاقداً للوصف، لم يكن للمشتري الخيار وإنَّما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف، نعم لو كان المبيع كلياً في المعيّن، كما لو باعه صاعاً من هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار.

السابع: خیار العيب

وهو فيما اشترى شيئاً فوجد فيه عيباً؛ فإنَّه يتخير بين الفسخ والإمساك بالأرش، ولا فرق بين المشتري والبائع، فلو وجد البائع عيباً في الثمن كان له الخيار المذكور.

مسألة ۱٦1: مسقطات هذا الخيار على أقسام ثلاثة:

الأول: ما يسقط به أصل الخيار، فلا يبقى موضوع للرد والأرش.

الثاني: ما يسقط به الردّ فقط دون الأرش.

الثالث: ما يسقط به الأرش دون الردّ.

مسألة 162: يسقط الردّ والأرش وأصل هذا الخيار بأمور:

الأول: الرضاء بالمعيب، والالتزام بالعقد الواقع عليه سواءً كان ذلك بالقول أو بفعل يدل عليه عرفاً.

الثاني: العلم بالعيب قبل العقد والإقدام على المعاملة على المعيب.

الثالث: إسقاط الخيار بمعنى الردّ والأرش معاً في ضمن العقد أو بعد ظهور العيب.

الرابع: تبرؤ البائع من العيوب مطلقاً واشتراط عدم الردّ وعدم أخذ الأرش إنْ ظهر العيب.

مسألة 163: يسقط الردّ في موارد؛ فلا يجوز فيها فسخ العقد ورد المعيب، بل أخذ الأرش إنْ شاء ذلك:

الأول: تلف العين.

الثاني: خروجها عن الملك ببيع أو عتق أو هبة أو نحو ذلك.

الثالث: التصرف في العين، كتفصيل الثوب وصبغه وخیاطته ونحو ذلك.

الرابع: إجارة العين ورهنه.

الخامس: شرط سقوط الردّ فقط دون الأرش.

مسألة ۱٦4: يسقط الأرش دون الردّ فيما لو فرض كون قيمة المعيب مساوياً القيمة الصحيح من حيث المالية، لبعض أغراض صحيحة عقلائية تتعلق بالمعيب.

وقد يقال بسقوطه دون الردّ فيما إذا اشترى ربوياً بجنسه، فظهر في أحدهما عيبٌ، فلا يجوز أخذ الأرش للزوم الربا. ولكنه لا وجه له، فيجوز أخذ الأرش فيه أيضاً.

مسألة 165: لا بدّ في إعمال الخيار من عدم التواني والتساهل عرفاً، وإلا فيسقط الخيار بطرفيه.

مسألة 166: المراد من العيب ما كان على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية سواءً كان نقصاً أو زيادة، بل كلّ ما كان على خلاف المتعارف بين الناس وحكم أهل الخبرة من المتشرعة بأنَّه عيب، يثبت به الخيار أيضاً.

مسألة 167: إذا كان العيب موجوداً في أغلب أفراد ذلك الصنف، مثلاً الثيبوبة في الإماء فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه.

مسألة 168: لا يشترط في العيب أنْ يكون موجباً لنقص المالية. نعم لا يثبت الأرش إذا لم يكن كذلك كما تقدم.

مسألة 169: كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد، كذلك بالعيب الحادث بعده قبل القبض، فيجوز ردّ العين به، وأما أخذ الأرش فالأحوط فيه التصالح والتراضي، هذا إذا كان حدوثه بأمر سماوي، أما إذا كان بفعل المشتري فلا أثر له.

مسألة ۱۷0: لا خيار في العيب الحادث بعد العقد وبعد القبض إلا في الجنون والجذام والبرص والقرن؛ فإنَّها لو حدثت إلى سنةٍ من يوم العقد يثبت بها الخيار، ولذلك سميت هذه العيوب بأحداث السنة.

مسألة ۱۷1: كيفية أخذ الأرش أنْ يقوم المبيع صحيحاً ثم يقوم معيباً، وتلاحظ النسبة بينهما، ثم ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة، فإذا قوم صحيحاً بثمانية ومعيباً بأربعة وكان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف وهو اثنان وهكذا، ويرجع في معرفة قيمة الصحيح والمعيب إلى أهل الخبرة، ويعتبر فيهم الأمانة والوثوق.

مسألة ۱۷۲: إذ اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح والمعيب، فإنْ اتفقت النسبة بين قيمتي الصحيح والمعيب على تقويم بعضهم مع قيمتها على تقويم البعض الآخر، فلا إشكال، كما إذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة، وبعضهم الصحيح بستة والمعيب بثلاثة، فإنَّ التفاوت على كلّ من التقويمين يكون بالنصف فيكون الأرش نصف الثمن، وإذا اختلفت النسبة، كما إذا قوّم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة، وبعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بستة، ففيه وجوه وأقوال، والأحوط التصالح.

مسألة ۱۷3: إذا اشترى شيئين بثمنين صفقةً فظهر عيب في أحدهما، كان له الخيار بين الإمساك وأخذ الأرش وين ردّ المعيب وحده فإنْ اختار الثاني كان للبائع الفسخ في الصحيح، وكذا إذا اشترى شيئين بثمن واحد لكن ليس له ردّ المعيب وحده، بل إما أنْ يردهما معاً أو يختار الأرش، وإنْ رضي البائع بالتبعيض فلا بأس به.

مسألة ۱۷4: إذا اشترك شخصان في شراء شيء فوجداه معيباً، فليس لأحدهما أنْ يردّ حصته، بل إما أنْ يردّاه جميعاً أو يأخذا الارش، إلا إذا رضي البائع بالتبعيض.

مسألة ۱۷5: لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري، فالأحوط التراضي في إعمال الخيار رداً أو أرشاً.

كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه، كما إذا باعه فرساً بثمن معين واشترط عليه أنْ يخيط له ثوباً، فإنَّ البائع يملك عل المشترى الخياطة بالشرط، فيجب عليه خياطة ثوب البائع.

مسألة ۱۷6: يشترط في وجوب الوفاء بالشرط أمور:

منها: أنْ لا يكون مخالفاً للشرع، بأنْ لا يكون الشرط بنفسه غير مشروع كما إذا استأجره للعمل في نهار شهر رمضان بشرط أنْ يفطر، أو كان على خلاف الحكم الشرعي، كما إذا زوّجه أمته بشرط أنْ يكون ولدها رقاً، أو باعه أو وهبه مالاً بشرط أنْ لا يرثه ورثته، أو نحو ذلك، فإنَّ الشرط في جميع ذلك باطل.

ومنها: أنْ لا يكون منافية لمقتضى العقد، كما إذا باعه بشرط أنْ لا يكون له ثمن، أو آجره الدار بشرط أنْ لا يكون لها أجرة.

ومنها: أنْ يكون مذكوراً في ضمن العقد صریحاً أو ضمناً، كما إذا قامت القرينة على كون العقد مبنياً عليه ومقیداً به، أما لذكره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفي، مثل اشتراط استحقاق التسليم حال التسليم الآخر، فلو ذکر قبل العقد ولم يكن العقد مبنياً عليه عمداً أو سهواً لم يجب الوفاء به.

ومنها: أنْ يكون مقدوراً عليه، بل لو علم عدم القدرة لم يمكن إنشاء الإلتزام به.

ومنها: أنْ لا يكون مجهولاً بحيث يصير البيع غررياً، وإلا فلا بأس بجهالة

مسألة ۱۷7: لا بأس أنْ يكون الشرط معلقاً وإنْ كان الأحوط عدم التعليق، كما إذا باع محمله واشترط على المشتري أنْ يكون له التصرف فيه إنْ لم يسافر مثلاً.

مسألة ۱۷8: بطلان الشرط لا يسري إلى العقد إذا كان بنحو الإلتزام في الإلتزام، وأما إذا كان بنحو التقييد الحقيقي ففساده يسري إليه.

مسألة ۱۷9: إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط، كان للمشروط له إجباره عليه، فإذا تعذّر إجباره كان للمشروط له الخيار في الفسخ، وليس له الخيار مع التمكن من الإجبار على الأحوط.

مسألة ۱۸0: إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط، كان للمشروط له الخيار في الفسخ، وليس له المطالبة بقيمة الشرط، سواءً كان عدم التمكن لقصور فيه كما لو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه، أو كان لقصور في موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوب فتلف. وفي الجميع له الخيار لا غير.

الخيار حقّ من الحقوق؛ فإذا مات من له الخيار إنتقل إلى وارثه، ويحرم منه مَن يحرم من إرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق، ويحجب عنه ما يحجب عن إرث المال.

مسألة ۱۸1: لو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقاً بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة بالذكر الأكبر، والأرض التي لا ترث منها الزوجة، يورث حقّ الخيار وإنْ لم يورث المال، فلو باع الميت أرضاً وكان له الخيار، أو اشترى أرضا كذلك، ورثت الزوجة منه الخيار كسائر الورثة وإنْ لم ترث من أصل المال.

مسألة ۱۸2: إذا تعدد الوارث للخيار، فالظاهر أنَّه لا أثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين إليه، لا في تمام المبيع ولا في حصته، إلا إذا رضي من عليه الخيار فيصحّ في حصته.

مسألة ۱۸3: إذا فسخ الورثة بيع موّرثهم، فإنْ كان عين الثمن موجوداً دفعوه إلى المشتري، وإنْ كان تالفاً أو بحكمه أخرج من تركة الميت کسائر ديونه، فإنْ لم يكن له تركة سوى المبيع المردود إليه، يباع ويوفي منه، فإنْ لم يفِ بتمام الثمن بقي في ذمته ولا يجب على الورثة وفاؤه.

مسألة ۱۸4: لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات لم ينتقل إلى وارثه.

مسألة ۱۸5: إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع، وكذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط، إذا كان الخيار للمشتري، أما إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض ففي كونه من مال البائع إشكال.

لو باع شيئاً دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره، ويعرف قصدهما بما يدلّ عليه لفظ المبيع وضعاً أو بالقرينة العامة أو الخاصة، فمَن باع بستاناً دخل فيه الأرض والشجر والنخل والطوف والبشر والناعور والحضيرة ونحوها ممّا هو من أجزائها أو توابعها.

مسألة 186: لو باع أرضاً فلا يدخل فيها الشجر والنخل الموجودان، وكذا لا يدخل الحمل في بيع الأم، ولا الثمرة في بيع الشجرة، نعم إذا باع نخلاً فإنْ كان التمر مؤبراً فالتمر للبائع، وإنْ لم يكن مؤبراً فهو للمشتري، ويختصّ هذا الحكم ببيع النخل، أما في نقل النخل بغير البيع، أو بيع غير النخل من سائر الشجر، فالتمر فيه للبائع مطلقاً وإنْ لم يكن مؤبراً. هذا إذا لم تكن قرينة على دخول التمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة، أما إذا قامت القرينة على ذلك، وإنْ كانت هي المتعارف، عمل عليها وكان جميع ذلك للمشتري.

مسألة ۱۸7: إذا باع الشجر وبقي الثمر وأحتاج إلى السقي، جاز للبائع سقيه وليس للمشتري منعه، وكذلك إذا لم يحتج إلى السقي لم يجب على البائع سقيه وإنْ أمره المشتري بذلك، نعم؛ لو تضرر أحدهما بالسقي والآخر بتركه، يُقدّم قول المشتري، والأحوط التصالح والتراضي.

مسألة ۱۸8: إذا باع بستاناً واستثنى نخلةً مثلاً، فله الممرّ إليها والمخرج منها ومدى جرائدها وعروقها من الأرض، وليس للمشتري منع شيء من ذلك.

مسألة ۱۸9: إذا باع داراً دخل فيها الأرض والبناء الأعلى والأسفل، إلا أنْ يكون الأعلى مستقلاً من حيث المدخل والمخرج، فيكون ذلك قرينة على عدم دخوله، وكذا يدخل في بيع الدار السراديب والبئر والأبواب والأخشاب الداخلة في البناء، وكذا السلم المثبت، بل يدخل ما فيها من نخل وشجر وأسلاك كهربائية وأنابيب الماء ونحو ذلك ممّا يعد من توابع الدار، حتى مفتاح الغلق فإنَّ ذلك كله داخل في المبيع، إلا مع الشرط.

مسألة 190: الأحجار المخلوقة في الأرض والمعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها؛ بخلاف الأحجار المدفونة فيها والكنوز المودعة فيها ونحوها؛ فإنَّها خارجة.

يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد، إذا لم يشترطا التأخير، ولا يجوز لواحد منهما التأخير مع الإمكان إلا برضاء الآخر، فإنْ امتنعا أُجبرا، ولو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أُجبر الممتنع.

مسألة ۱۹1: لو اشترط أحدهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز وليس لصاحبه الإمتناع عن تسليم ما عنده حينئذ، كما يجوز أنْ يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة أو زرع الأرض، أو نحو ذلك من الإنتفاع بالمبيع مدة معينة.

مسألة ۱۹2: التسليم والقبض فيما لا ينقل هو التخلية برفع المانع عنه والأذن لصاحبه في التصرف، أما في المنقول فلا بدّ فيه من الاستيلاء عليه على نحو خاص، فيحصل في الثوب بأخذه وبلبسه، وفي الدابة بركوبها وأخذ لجامها، وفي الدرهم والدينار بأخذه.

مسألة ۱۹3: إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري انفسخ البيع وكان تلفه من مال البائع، ورجع الثمن إلى المشتري، وكذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع، ولو تعذّر الوصول إليه -كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر أو نحو ذلك- فهو بحكم التلف.

مسألة ۱۹4: لو أمر المشتري البائع بتسليمه إلى شخص معين فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري، وكذا لو أمره بإرساله إلى بلده أو غيره فأرسله، كان بمنزلة قبضه، ولا فرق بين تعيين المرسل معه وعدمه.

مسألة 195: لو أتلفه البائع أو الأجنبي الذي يمكن الرجوع إليه في تداري خسارته يصحّ العقد، وللمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من مثلٍ أو قيمةٍ، وله الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم.

مسألة 196: إذا حصل للمبيع نماء فتلف الأصل قبل قبض المشتري كان النماء للمشتري.

مسألة 197: لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الردّ، وأما أخذ الأرش فلا بدّ فيه من التراضي.

مسألة ۱۹8: لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض إنفسخ البيع بالنسبة إلى التالف، ورجع إليه ما يخصه من الثمن، وكان له الخيار في الباقي.

مسألة ۱۹9: يجب على البائع تفريغ المبيع عمّا كان فيه من متاع أو غيره حتى أنَّه لو كان مشغولاً بزرع حان وقت حصاده وجب إزالته منه، ولو للزرع عروق تضرّ بالإنتفاع بالأرض، أو كان في الأرض حجارة مدفونة وجب إزالتها وتسوية الأرض.

مسألة ۲۰0: لو كان شيء لا يمكن فراغ المبيع منه إلا بتخريب شيء من الأبنية وجب إصلاحه وتعمير البناء، ولو كان الزرع لم يحن وقت حصاده جاز لمالكه ابقاؤه إلى وقته وعليه الأجرة.

مسألة ۲۰1: لو اشتري شيئاً ولم يقبضه، فإنْ كان ممّا لا يكال ولا يوزن جاز بيعه قبل قبضه، وكذا إذا كان ممّا يكال أو يوزن وكان البيع برأس المال، أما لو كان بربح فهو مكروه، بل الأحوط استحباباً الترك إذا باعه على غير البائع، أما إذا باعه على البائع فلا بأس به مطلقاً.

مسألة ۲۰2: إذا ملك شيئاً بغير الشراء كالميراث والصداق فإنَّه يجوز بيعه قبل قبضه، وكذا يجوز سائر المعاملات بالنسبة إليه.

مَن باع ولم يشترط تأجيل الثمن، كان حالاً فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد، كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري، وليس له الإمتناع من أخذه.

مسألة ۲۰3: لو اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل، وإنْ طالبه به البائع، ولا يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري قبله إلا أنْ تكون القرينة على كون التأجيل حقّ للمشتري دون البائع.

مسألة ۲۰4: يجب أنْ يكون الأجل معيناً لا يتردد فيه بين الزيادة والنقصان، فلو جعل الأجل قدوم زيد أو (الدياس) أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلك بطل العقد.

مسألة ۲۰5: لو كانت معرفة الأجل محتاجة إلى الحساب، مثل أول الحَمَل أو الميزان بطل، نعم؛ لو كان الأجل أول الشهر القابل مع التردد في الشهر الحالي بين الكمال والنقصان صح.

مسألة ۲۰6: لو باع شيئاً بثمن نقداً وبأكثر منه مؤجلاً، بأنْ قال: (بعتك الفرس بعشرة نقداً وبعشرين إلى سنة) فقبل المشتري بطل البيع، وكذا لو باعه بثمن إلى أجل وبأزيد منه إلى آخر.

مسألة ۲۰7: لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه، بأنْ یزید فیه مقداراً ليؤخره إلى أجل، وكذا لا يجوز أنْ يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل، سواءً كان ذلك بنحو البيع أو الصلح أو غيرهما، ويجوز عكس ذلك بأنْ يعجل المؤجل بنقصان منه على وجه الصلح أو الإبراء.

مسألة ۲۰8: يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقلّ الحال في غير الربويين، وأما فيهما فلا يجوز لأنَّه ربا، وكذا يجوز في الدين المؤجل أنْ ينقد بعضه قبل الأجل على أنْ يؤجّل له الباقي إلى أجل آخر.

مسألة ۲۰9: إذا اشترى شيئاً نسيئةً يجوز شراؤه منه قبل حلول الأجل أو بعده، بجنس الثمن أو بغيره، مساوياً له أو زائداً عليه أو ناقصاً عنه، حالاً كان البيع الثاني أو مؤجلاً، إلا إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أنْ يبيعه عليه بعد شرائه، أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أنْ يشتريه منه، فإنَّ المشهور البطلان.

مسألة ۲۱0: التعامل بين البائع والمشتري مرةً يكون بملاحظة رأس المال الذي اشترى به البائع السلعة وأخرى لا يكون كذلك، والثاني يُسمّى مساومة وهذا هو الغالب المتعارف، والأول تارة يكون بزيادة على رأس المال وأخرى بنقيصة عنه وثالثةً بلا زيادة ولا نقيصة، والأول يسمى مرابحة، والثاني مواضعة، والثالث يسمى تولية.

مسألة ۲۱1: لا بدّ في جميع الأقسام الثلاثة من ذكر الثمن تفصيلاً؛ فلو قال بعتك هذه السلعة برأس مالها وزيادة درهم أو بنقيصة درهم أو بلا زيادة ولا نقيصة لم يصحّ حتى يقول: بعتك هذه السَّلعة بالثمن الذي اشتريتها به وهو مائة درهم بزيادة درهم مثلاً أو نقيصته أو بلا زيادة ولا نقيصة.

مسألة ۲۱2: إذا قال البائع: (بعتك هذه السلعة بمائة درهم وربح درهم في كلّ عشرة) فإنْ عرف المشتري أنَّ الثمن مائة وعشرة دراهم صحّ البيع ولكنه مكروه، وإذا لم يعرف المشتري ذلك حال البيع لم يصح، وإنْ كان يعرفه بعد الحساب، إلا إذا لم يكن البيع غررياً عرفاً، فيصحّ حينئذ ولو بعد الحساب، وكذلك الحكم في المواضعة إذا قال: (بعتك بمائة درهم مع خسران درهم في كلّ عشرة) فإنَّ المشتري إذا عرف أنَّ الثمن تسعون صحّ البيع، وإنْ لم يعرف ذلك بطل البيع، وإنْ كان يعرفه بعد الحساب إذا صار البيع غررياً وإلا فيصحّ ولو بعد الحساب.

مسألة ۲۱3: إذا كان الشراء بالثمن المؤجل، وجب على البائع مرابحةً أنْ يخبر بالأجل، فإنْ أخفى تخيّر المشتري بين الردّ والإمساك بالثمن.

مسألة ۲۱4: إذا اشترى جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع أفرادها مرابحةً بالتقويم إلا بعد الإعلام.

مسألة ۲۱5: إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال، كما إذا أخبر أنَّ رأس ماله مائة وباع بربح عشرة، وكان في الواقع رأس المال تسعين صحّ البيع، وتخير المشتري بين فسخ البيع وإمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد وهو مائة وعشرة.

مسألة 216: إذا اشتري سلعة بثمن معين مثل مائة درهم ولم يعمل فيها شيئاً، كان ذلك رأس مالها وجاز له الأخبار بذلك، أما إذا عمل في السلعة عملاً، فإنْ كان بأجرة جاز ضمّ الأجرة إلى رأس المال، فإذا كانت الأجرة عشرة جاز له أنْ يقول: (بعتك السلعة برأس مالها مائة وعشرة وربح كذا) ولو باشر العمل بنفسه، وكان له أجرة لم يجز له أنْ يضم الأجرة إلى رأس المال، بل يقول رأس المال مائة وعملي يساوي كذا وبعتك بما ذكر وربح كذا.

مسألة 217: لو اشترى معيباً فرجع على البائع بالأرش، كان الثمن ما بقي بعده بالأرش، ولو أسقط البائع بعض الثمن تفضلاً أو مجازاة على الإحسان لم يسقط ذلك من الثمن، بل راس المال هو الثمن في العقد.

وهي من المعاصي الكبيرة، وإثمها عظيم جداً، فعن النبي صلی الله علیه و آله و سلم: (ومَنْ أَكَلَ الرِّبَا مَلَأَ اللَّهُ بَطْنَهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ‏ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ, وإِنِ اكْتَسَبَ مِنْهُ مَالًا لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئاً مِنْ عَمَلِهِ, ولَمْ يَزَلْ فِي لَعْنَةِ اللَّهِ والْمَلَائِكَةِ مَا كَانَ عِنْدَهُ قِيرَاطٌ)[1].

وعن مولانا الصادق علیه السلام: (دِرْهَمٌ‏ رِبًا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ سَبْعِينَ زَنْيَةً؛ كُلُّهَا بِذَاتِ مَحْرَمٍ فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ)[2].

وهي قسمان:

الأول: ما يكون في المعاملة.

الثاني: ما يكون في القرض، وسيأتي حكمه في أحكام القرض.

أما الأول: فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما، کبیع کیلو من الحنطة بكيلو وربع، أو كيلو من الحنطة بكيلو ودرهم، أو زيادة حكمية کبیع کیلو من حنطة نقداً بكيلو من حنطة نسيئة، ويختّص تحريمه بالبيع، والأحوط جريانه في غيره من المعاوضات إنْ كانت المعاوضة فيه بين العينين، سواءً كانت بعنوان البيع أم بعنوان الصلح، مثل صالحتك على أنْ تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي، أما إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كالصلح، في مثل صالحتك على أنْ تهب لي تلك العشرة وأهب لك هذه الخمسة، والإبراء في مثل أبرأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئتي عن العشرة التي لك عليّ ونحوها فلا يجري فيه الربا وإنْ كان تركه أحوط أيضاً.

مسألة ۲۱8: يشترط في تحقّق الربا في المعاملة أمران:

الأول: إتحاد الجنس والذات عرفاً، وإنْ اختلفت الصفات، فلا يجوز بيع كيلو من الحنطة الجيدة بكيلوين من الرديئة، ولا بيع منّ من الأرز الجيّد كالعنبر بمنّين منه أو من الرديء كالحويزاوي، أمّا إذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع منّ من الحنطة بمنّين من الأرز.

الثاني: أنْ يكون كلّ من العوضين من المكيل أو الموزون، فإنْ كانا ممّا يباع بالعدّ كالبيض والجوز فلا بأس، فيجوز بيع بيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين.

مسألة ۲۱9: يجب على المتعاملين بالربا عالماً به ردّ ما أخذه إلى مالكه، فلو تصرف فيما أخذه فعل حراماً.

مسألة ۲۲0: الحنطة والشعير في الربا جنس واحد، فلا يباع كيلو من الحنطة بكيلو وربع من الشعير، وإنْ كانا في باب الزكاة جنسين، فلا يضمّ أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة ونصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة.

مسألة ۲۲1: الأحوط وجوباً في العلس والسلت أنْ لا يباع أحدهما بالآخر، وكلّ منهما بالحنطة والشعير إلا مثلاً بمثل.

مسألة ۲۲2: اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحيوان، فيجوز بيع التفاضل بين لحم الغنم ولحم البقر، وكذا الحكم في لبن الغنم ولبن البقر، فإنَّه يجوز بيعهما مع التفاضل، وهكذا دهنهما وجبنهما ونحو ذلك.

مسألة ۲۲3: التمر بأنواعه جنس واحد، والحبوب كلّ واحد منها جنس، فالحنطة والأرز والماش والذرة والعدس وغيرها؛ كلّ واحدٍ جنس، والفلزات من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص وغيرها كلّ واحد منها جنس برأسه.

مسألة ۲۲4: الضأن والمعز جنس واحد، والبقر والجاموس جنس واحد، والإبل العراب والبخاتي جنس واحد، والطيور كلّ صنف يختصّ بإسم فهو جنس واحد في مقابل غيره، فالعصفور غير الحمام، وكلّ ما يختصّ بإسم من الحمام جنس في مقابل غيره، فالفاختة والحمام المتعارف جنسان، وكلّ نوع من السمك يختصّ بإسم فهو جنس مخالف لما أختصّ بإسم آخر، وإنْ كان الأحوط ترك التفاضل فيه مطلقاً.

مسألة ۲۲5: الوحشي من كلّ حيوان مخالف للأهلي، فالبقر الأهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما، وكذا الحمار الأهلي والوحشي، والغنم الأهلي والوحشي.

مسألة ۲۲6: كلّ فرع مع أصله جنس واحد في الحكم، وإنْ اختلفا في الاسم كالسمسم والشيرج واللبن مع الجبن والمخيض واللباء وغيرهما، والتمر والعنب مع خلّهما ودبسهما، كذا الفرعان من أصل واحد كالجبن والأقطّ والزبد وغيرهما.

مسألة ۲۲7: إذا كان الشيء ممّا يكال أو يوزن، وكان فرعه لا يكال ولا يوزن جاز بيعه مع أصله بالتفاضل، كالصوف الذي هو من الموزون والثياب المنسوجة منه التي ليست منه، فإنَّه يجوز بيعها به مع التفاضل، وكذلك القطن والكتان والثياب المنسوجة منهما.

مسألة ۲۲8: إذا كان الشيء في حال موزوناً أو مكيلاً وفي حال أخرى‌ ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلاً في الحال الأولى وجاز في الحال الثانية.

مسألة ۲۲9: الأحوط استحباباً عدم ببيع لحم حيوان بحيوان حيّ من جنسه، بل بغير جنسه أيضاً، كبيع لحم الغنم ببقر وليس ذلك من جهة الربا.

مسألة ۲۳0: إذا كان للشيء حالتان حالة رطوبة وحالة جفاف، كالرطب يصير تمراً والعنب يصير زبيباً والخبز اللّين يكون يابساً، يجوز بيعه جافاً بجاف منه ورطباً برطب منه متماثلًا، ولا يجوز متفاضلاً، وأما بيع الرطب منه بالجاف فلا يجوز متماثلاً ولا متفاضلاً.

مسألة ۲۳1: إذا كان الشيء يباع جزافاً في بلد ومكيلاً أو في آخر، فلكلّ بلد حكم نفسه، وجاز بيعه متفاضلاً في الأول ولا يجوز في الثاني.

مسألة ۲۳2: يتخلّص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص بأنْ يبيع كيلو من الحنطة ودرهماً بكيلوين من الحنطة وبضم غير الجنس إلى كلّ من الطرفين ولو مع التفاضل فيهما، كما لو باع درهمين وكيلوين من الحنطة بدرهم وكيلو منها.

مسألة ۲۳3: لا ربا بين الوالد وولده فيجوز لكلّ منهما بيع الآخر مع التفاضل، وكذا بين المولى ومملوكه، وبين الرجل وزوجته، وبين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الزيادة.

مسألة ۲۳4: لا فرق في الولد بين الذكر والأنثى والخنثى، ولا بين الصغير والكبير، ولا بين الصلبي وولد الولد، ولا في المملوك بين القنّ والمدبر والذكر والأنثى، ولا في الزوجة الدائمة والمتمتع بها، وليست الأم كالأب، فلا يصحّ الربا بينهما وبين الولد، كما لا فرق بين الربا البيع وربا القرض.

مسألة ۲۳5: لا يجوز الربا بين المسلم والذمي، ولكنه حيث أنَّ مذهبهم جواز الربا يصحّ الأخذ منهم من جهة قاعدة الإلزام.

مسألة ۲۳6: الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل والموزون لا يجري‌ فيها الربا، فيجوز التفاضل في البيع بها سواءً كان البيع شخصياً خارجياً، أو كلياً ذمياً، وسواءً كان العوضان من صنف واحد كالدينار العراقي بمثله أو من صنفين كالدينار العراقي بالدينار الكويتي, ومنه يظهر أنَّ تنزيل الأوراق لا بأس به مع مراعاة الإحتياط.

مسألة ۲۳7: ما يتعارف في زماننا من إعطاء سند بمبلغ من الأوراق النقدية من دون أنْ يكون في ذمته شيء، فيأخذه آخر فينزله عند شخص ثالث بأقلّ منه فالظاهر أنَّ مرجعه إلى توكيل مَن بإمضائه السند للشخص الآخر في إيقاع المعاملة في ذمته على مقدارٍ مؤجل بأقلّ منه، وحينئذ يكون حكمه حكم التنزيل المتقدم.

[1]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج18 ص122.

[2]. المصدر السابق.

وهو بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة، ولا فرق بين المسكوك منهما وغيره.

مسألة ۲۳8: يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق، فلو لم يتقابضا حتى افترقا بطل البيع، ولو تقابضا في بعض المبيع صحّ فيه وبطل في غيره، ولو باع النقد مع غيره بنقد صفقةً واحدة ولم يتقابضا حتى افترقا صحّ في غير النقد وبطل في النقد.

مسألة ۲۳9: لو فارقا المجلس مصطحبين وتقابضا قبل الافتراق صحّ البيع.

مسألة ۲٤0: لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين بل تختص شرطيته بالبيع.

مسألة ۲٤1: لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية كالدينار العراقي والنوط الهندي والتومان الإيراني والدولار والباون ونحوها من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين، فيصحّ بيع بعضها ببعض وإنْ لم يتحقّق التقابض قبل الافتراق كما أنَّه لا زكاة فيها.

مسألة ۲٤2: إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين فباعه عليه بنقد آخر وقبض الثمن قبل التفرّق، صحّ البيع ولا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته.

مسألة ۲٤3: لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد وقبضه من عمرو ووكل عمرو زيداً على قبض ما في ذمته، فالأحوط الاكتفاء بمجرد التوكيل في الصحة حتى يقبضه زيد ويعينه في مصداق بعينه.

مسألة ۲٤4: إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو على غيره قبل قبضها، لم يصحّ البيع الثاني، فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرّق صحّ البيع الأول وبطل الثاني، وإذا لم يقبضها حتى افترقا بطل الأول والثاني.

مسألة ۲٤5: إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حوّلها دنانير في ذمّتك فقبل المديون صحّ ذلك، وتحوّل ما في الذمة إلى دنانير وإنْ لم يتقابضا، وكذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حوّلها دراهم وقبل المديون، فإنَّه يصحّ وتتحوّل الدنانير إلى دراهم، وكذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس إلى آخر.

مسألة ۲٤6: لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع أو الثمن، حتى لو قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه، ولو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض كإنْ لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.

مسألة ۲٤7: الدراهم والدنانير المغشوشة إنْ كانت رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها سواءً كان غشها مجهولاً أم معلوماً، وسواءً كان مقدار الغش معلوماً أم مجهولاً، وإنْ لم تكن رائجة فلا يجوز إنفاقها والمعاملة بها إلا بعد إظهار حالها.

مسألة ۲٤8: يجوز تصريف المسكوكات المصنوعة من الفلزات -من أي فلز كانت- بأبعاضها، سواءً كانت من نقدٍ واحد أو من نقود مختلفة، وسواءً كانت بالتساوي أو التفاضل، وسواء كانت من جنس واحد أو من أجناس مختلفة، لعدم جريان الربا المعاملي فيها، لجريان المعاملة عليها من حيث العد لا من حيث الوزن، نعم لو جرت المعاملة عليها من حيث الوزن لا العدّ كالنقود الذهبية لا يجوز تصريفها إلى أبعاضها مع التفاضل إلا مع الضميمة.

مسألة ۲٤9: يكفي في الضميمة التي يتخلّص بها عن الربا، الغش الذي يكون في الذهب والفضة المغشوشين، إذا كان الغش له قيمة في حال كونه غشاً، ولا يكفي أنْ تكون له قيمة على تقدير التصفية، فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صحّ مع التفاضل، وإذا كان أحدهما مغشوشاً دون الآخر جاز التفاضل إذا كانت الزيادة في الخالص، ولا يصحّ إذا كانت الزيادة في المغشوش.

مسألة ۲٥0: الآلات المُحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب إذا كان أكثر من الذهب المحُلّي بها، وإلا لم يجز، نعم؛ لو بيع السيف المُحلّي بالسيف المُحلّي جاز مطلقاً وإنْ كانت الحلية في أحدهما أكثر من الحُلية في الآخر.

مسألة ۲٥1: الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة إلا إذا كانت أكثر منه وزناً، والمصنوع من الذهب لا يجوز بيعه بالذهب إلا إذا كان أكثر منه وزناً.

مسألة ۲٥2: إذا اشترى فضة معيّنة بفضة أو بذهب وقبضها قبل التفريق، فوجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما بطل البيع، وليس له المطالبة بالإبدال، ولو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه وصحّ في الباقي، وله حينئذ ردّ الكل لتبعض الصفقة، وإنْ وجدها فضة معيبة كان بالخيار بين الردّ والإمساك بالأرش، ولا فرق بين كون الثمن من جنس‌ المبيع وغيره، وكون أخذ الأرش قبل التفرّق وبعده.

مسألة ۲٥3: إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب، وبعد القبض وجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما، فإنْ كان قبل التفرّق جاز للبائع إبدالها، فإذا قبض البدل قبل التفرّق صحّ البيع، وإنْ وجدها جنساً آخر بعد التفرّيق بطل البيع، ولا يكفي الإبدال في صحته، وإذا وجدها فضة معيبة فالمشتري مخيّر بين ردّ المقبوض وإبداله والرضا به، ولو أراد الأرش لا بدّ لهما من تراضيهما عليه بعنوان هبة مستقلة حذراً من الربا، وليس له فسخ العقد من أصله، ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره، ولا بين كون ظهور العيب قبل التفرّق وبعده.

مسألة ۲٥4: لا يجوز أنْ يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصنوعات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرة الصياغة، بل إما أنْ يشتريه بغير جنسه أو بأقلّ من مقداره من جنسه مع الضميمة ليتخلّص من الربا، ولو كانت الضميمة فصّ الخاتم إذا كان من غير جنس الخاتم.

مسألة ۲٥5: لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية وأخذ منه الدراهم كالروبيات شيئاً، فإنْ كان الأخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كلّ زمان، أخذ فيه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الزمان، فإذا كان الدين خمس ليرات وأخذ منه في الشهر الأول عشر روبيات، وفي اثنتي عشر روبية، وفي الثالث عشر روبيات، نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الأول، وخمسة أسداسها في الثاني، وليرة تامة في الثالث، وإنْ كان الأخذ بعنوان القرض كان ما أخذه ديناً عليه لزيد وبقي دين زيد عليه، والأحوط عدم جواز احتساب أحدهما دينه وفاءً عن الآخر، وعدم جواز بيع دين أحدهما بدين الآخر. نعم؛ تجوز المصالحة بينهما على إبراء كلّ منهما صاحبه ممّا له عليه.

مسألة ۲٥6: إذا أقرض زيداً نقداً معيّناً من الذهب أو الفضة، أو أصدق زوجته مهراً كذلك، أو جعله ثمناً في الذمّة مؤجلاً أو حالاً فتغيّر السعر، لزمه النقد المعيّن ولا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة.

مسألة ۲٥7: لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلاً، ويجوز أنْ يقول له صغ لي هذا الخاتم وأبيعك درهماً بدرهم على أنْ يكون البيع جعلاً لصياغة الخاتم، كما يجوز أيضاً أنْ يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتما بمثقال غير مصوغ.

مسألة ۲٥8: لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلا عشرين فلساً، صحّ بشرط أنْ يعلما قيمة الليرة من الفلوس، وإنْ لم يعلما مقدار نسبة العشرين فلساً إلى الليرة.

مسألة ۲٥9: المصوغ من الذهب والفضة معاً لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة، بل إما أنْ يباع بأحدهما مع الزيادة أو يباع بهما معاً أو بجنس آخر غيرهما.

مسألة ۲۶0: التراب الذي يجتمع عند الصائغ وفيه الأجزاء من الذهب والفضة وغيرهما، إنْ علم ولو من القرائن إعراض المالكين عنه يصحّ للصائغ تملكه، وإلا يتصدّق به عن المالكين لها، سواءً كان للجزء مالية عند العرف أم لم يكن، والأحوط معرفة صاحبه بعينه والاستئذان منه في ذلك. ولا يبعد اطرد الحكم المذكور في الخياطين والنجارين والحدادين ونحوهم فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب والخشب والحديد، ولا يضمنون شيئاً من ذلك، وإنْ كانت له مالية عند العرف، إذا كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء. إلا إذا علم الرضا من المالكين بالتصرف فيها فيجوز ذلك، أو علم منهم المطالبة بها فيجب ردّها لهم.

ويقال له السَلَم أيضاً، وهو ابتياع كلّي مؤجّل بثمن حال عكس النسيئة، ويقال للمشتري المسلِّم (بكسر اللام) والبائع المسلَّم إليه وللثمن المسلَّم وللمبيع المسلَّم فيه (بفتح اللام في الجميع).

مسألة ۲۶1: يجوز في السَّلم أنْ يكون المبيع والثمن من غير النقدين مع اختلاف الجنس، أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل والموزون، كما يجوز أنْ يكون أحدهما من النقدين والآخر من غيرهما، ثمناً كان أو مثمناً، ولا يجوز أنْ يكون كلّ من الثمن والمثمن من النقدين اختلفا في الجنس أو اتّفقا.

يشترط في السلف أمور:

الأول: أنْ يكون المبيع مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة والرداءة والطعم والريح والّلون وغيرها، كالخضر والفواكه والحبوب والجوز والّلوز والبيض, والملابس والأشربة والأدوية، وآلات السلاح وآلات النجارة والنساجة والخياطة وغيرها من الأعمال, والحيوان والإنسان, وغير ذلك، فلا يصحّ فيما لا يمكن ضبط أوصافه كالجواهر واللئالي والأراضي والبساتين وغيرها ممّا لا ترتفع الجهالة والغرر فيها إلا بالمشاهدة.

الثاني: ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة.

الثالث: قبض الثمن قبل التفرق، ولو قبض البعض صحّ فيه وبطل في الباقي، ولو كان الثمن ديناً في ذمة البائع، يصحّ إذا كان الدين حالاً، لا مؤجلاً.

الرابع: تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العدّ.

الخامس: تعيين أجل مضبوط للمسَّلم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو نحوها، ولو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع، ويجوز فيه أنْ يكون قليلاً كيوم ونحوه، وأنْ يكون كثيراً كعشرين سنة.

السادس: إمكان تعهد البائع بدفعه وقت الحلول، وفي البلد الذي شرط التسليم فيه إذا كان قد شرط ذلك، سواءً كان عام الوجود أم نادره، فلو لم يمكن تعهد البائع به لعجزه عنه، ولو لكونه في سجن أو في بيداء لا يمكنه الوصول إلى البلد الذي اشترط التسليم فيه عند الأجل بطل.

مسألة ۲۶2: إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلم فيه في مكان المطالبة، فأيّ مكان طالب فيه وجب تسليمه إليه فيه، إلا أنْ تقوم قرينة على تعيين غيره فيعمل عليها، ولا يجب تعيينه في العقد إلا إذا اختلفت الأمكنة في صعوبة التسليم فيها ولزوم الخسارة المالية، بحيث يكون الجهل بها غرراً فيجب تعيينه حينئذ.

مسألة ۲۶3: إذا جعل الأجل شهراً قمرياً أو شمسياً أو شهرين، فإنْ كان وقوع المعاملة في أول الشهر فالمراد الشهر الهلالي، وإنْ كان في أثناء الشهر فالمراد من الشهر ثلاثون يوماً، ومن الشهرين ستون يوماً وهكذا.

مسألة ۲۶4: إذا جعل الأجل جماداً أو ربيعاً حمل على أولهما من تلك السنة، وحلّ بأول جزء من ليلة الهلال، وإذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الأول من تلك السنة، وحلّ بأول جزء من نهار اليوم المذكور.

مسألة ۲۶5: إذا اشترى شيئاً سلفاً جاز بيعه قبل حلول الأجل، لا على البائع ولا غيره بجنس الثمن الأول أو بغيره، مساوياً أو أكثر أو أقلّ، أما بعد حلول الأجل فيجوز بيعه على البائع أو غيره، سواءً قبضه أو لم يقبضه، بزيادة أو نقيضه، ما لم يلزم الربا، ولوكان المسلم فيه ممّا يكال أو يوزن يكره بيعه قبل قبضه.

مسألة ۲۶6: إذا دفع البائع المسلّم فيه دون الصفة أو أقلّ من المقدار، لم يجب على المشتري القبول، ولو رضي بذلك صحّ، وبرئت ذمة البائع، وإذا دفعه على الصفة والمقدار وجب عليه القبول وإذا دفع فوق الصفة، فإنْ كان شرط الصفة راجعاً إلى استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضاً، وإنْ كان راجعاً إلى استثناء ما دونها وما فوقها لم يجب القبول، ولو دفع إليه زائداً على المقدار لم يجب القبول.

مسألة ۲۶7: إذا حلّ الأجل ولم يتمكن البائع من دفع المسلّم فيه تخيّر المشتري بين الفسخ والرجوع بالثمن، بلا زيادة ولا نقيصة، وبين أنْ ينتظر إلى أنْ يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر.

مسألة ۲۶8: ولو تمكن من دفع بعضه وعجز عن الباقي، كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه والإنتظار، وفي جواز فسخه في الكلّ حينئذ إشكال، نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل.

مسألة ۲۶9: لو كان المبيع موجوداً في غير البلد الذي يجب التسليم فيه، فإنْ تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز، وإلا فإنْ تعارف نقله إلى بلد التسليم وجب نقله على البائع، وإلا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ والانتظار.

لا يجوز بيع ثمرة النخل والشجر قبل ظهورها عاماً واحداً بلا ضميمة ويجوز بيعها عامين فما زاد، وعاماً واحداً مع الضميمة، وأما بعد ظهورها فإنْ بدا صلاحها أو كان البيع في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا كراهة، أما مع انتفاء الثلاثة فيجوز على كراهة.

مسألة ۲۷0: بدوّ الصلاح في الثمر احمراره أو اصفراره، وفي غيره انعقاده بعد تناثر ورده.

مسألة ۲۷1: يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدوّ صلاحه أنْ تكون ممّا يجوز بيعه منفرداً، ويعتبر كونها مملوكة للمالك، وكون الثمن لها وللمنضم إليه على الإشاعة ولا يعتبر فيها أنْ تكون متبوعة فيجوز كونها تابعة.

مسألة ۲۷2: يكتفي في الضميمة في ثمر النخل مثل السعف و(الكرب) والشجر اليابس الذي في البستان.

مسألة ۲۷3: لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها مع أصولها جاز بلا إشكال.

مسألة ۲۷4: إذا ظهر بعض ثمر البستان جاز بيع المتجدد في تلك السنة معه وإنْ لم يظهر، اتحد الجنس أم اختلف، اتحد البستان أم تكثر.

مسألة ۲۷5: إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين، فيجري عليهما حكم العامين، وإنْ كان الأحوط استحباباً الترك.

مسألة ۲۷6: إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثم باع أصولها على شخص آخر، لم يبطل بيع الثمرة، بل تنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة، وله الخيار في الفسخ مع الجهل.

مسألة ۲۷7: لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها بل تنتقل الأصول إلى ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة، وكذا لا يبطل بيعها بموت المشتري بل تنتقل إلى ورثته.

مسألة ۲۷8: إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد، وكانت الخسارة من مال البائع كما تقدم ذلك في أحكام القبض، وتقدم أيضاً إلحاق السرقة ونحوها بالتلف، وحكم ما لو كان التلف من البائع أو المشتري أو الأجنبي.

مسألة ۲۷9: يجوز لبائع الثمرة أنْ يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها، وأنْ يستثني حصةً مشاعةً كالربع والخمس، وأنْ يستثني مقداراً معيناً كمنّ ووزنة، لكن في الصورتين الأخيرتين لو خاست الثمرة وزع النقص على المستثنى والمستثنى منه على النسبة، وطريق معرفته تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلاً ثم تنسب الأرطال إلى المجموع ويسقط منها بالنسبة، فإنْ كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث، وإنْ كان الربع يسقط الربع وهكذا.

مسألة ۲۸0: يجوز بيع ثمرة النخل وغيره في أصولها بالنقود وبغيرها كالأمتعة والحيوان والطعام وبالمنافع والأعمال وغيرها كغيره من أفراد البيع.

مسألة ۲۸1: لا تجوز المزابنة وهي بيع ثمرة النخل تمراً كانت أو رطباً أو بُسراً أو غيرها بالتمر من ذلك النخل، بل بتمر معين في الخارج على الأحوط، وأما بيعها بتمر في الذمة في الذمة فيجوز، وإنْ كان الأحوط الترك فيه أيضاً، وأما تمر غير النخل فلا يجوز بيعه بثمره الذي على الشجرة، ويجوز بالثمر المعين في الخارج أو بما في الذمة، وإنْ كان الأحوط الترك بهما أيضاً.

مسألة ۲۸2: يجوز أنْ يبيع ما اشتراه من الثمر بثمن زائد على ثمنه الذي اشتراه به أو ناقص أو مساوٍ، سواءً أباعه قبل قبضه أم بعده.

لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره، كما يجوز بيعه تبعاً للأرض لو باعها معه، أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله، بمعنى بيع المقدار الظاهر مع أصوله الثابتة.

مسألة ۲۸3: لو اشترى الزرع بعد ظهوره مع أصوله، فإنْ شاء المشتري فصله، وإنْ شاء أبقاه حتى يسنبل كان له السنبل وعليه أجرة الأرض، وإنْ فصله قبل أنْ يسنبل فنمت الأصول الثابتة في الأرض حتى سنبل كان له أيضاً وعليه أجرة الأرض على الأحوط.

مسألة ۲۸4: يجوز بيع الزرع لا مع أصله بل قصيلاً، إذا كان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلك على أنْ يبقى حتى يصير قصيلاً أو قبل ذلك، فإنْ قطعه ونمت الأصول حتى صارت سنبلاً كان السنبل للبائع، وإنْ لم يقطعه كان لصاحب الأرض قطعه وله إبقاؤه والمطالبة بالأجرة، فلو أبقاه فنما حتى سنبل فالأحوط التصالح، وكذا الحال لو اشترى نخلاً.

مسألة ۲۸5: لو اشترى الجذع بشرط القلع فلم يقلعه ونما كان النماء للمشتري لا غير.

مسألة ۲۸6: يجوز بيع الزرع محصوداً، ولا يشترط معرفة مقداره بالكيل أو الوزن، بل تكفي فيه المشاهدة.

مسألة ۲۸7: لا تجوز المحاقلة؛ وهي بيع سنبل الحنطة أو الشعير بالحنطة منه، وكذا بيع سنبل الشعير بالشعير منه، بل الأحوط ترك البيع ولو بالحنطة الموضوعة على الأرض، أو الشعير كذلك، وكذا الحنطة بالشعير والشعير بالحنطة، وأما البيع بالحنطة أو الشعير على الذمة فيجوز، وإنْ كان الأحوط الترك فيه أيضاً.

مسألة ۲۸8: يجوز بيع الزرع قبل أنْ يسنبل بالحنطة فضلاً عن الشعير، وأما بيع سنبل غير الحنطة والشعير من الحبوب بحبّ منه فلا يجوز، بل الأحوط الترك بالحب المعين الخارجي أيضاً، بل الأحوط الترك بالحب على الذمة.

الخضر كالخيار والباذنجان والبطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها، ويجوز بعد ظهورها مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات، والمرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع.

مسألة ۲۸9: لو كانت الخضرة مستورة كالشلغم والجزر ونحوهما لم يجز بيعها إلا إذا علم مقدارها بتعيين أهل الخبرة، نعم؛ يجوز الصلح عليها ولو مع الجهالة في الجملة، ولو كان ورقه بارزاً وأصله مستوراً كالبصل جاز بيعه والصلح عليه.

مسألة ۲۹0: إذا كانت الخضرة ممّا يُجّز كالكراث والنعناع واللفت ونحوها يجوز بيعها بعد ظهورها جزةً وجزات ولا يجوز بيعها قبل ظهورها، والمرجع في تعيين الجزّة عرف الزراع كما سبق، وكذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء والتوت؛ فإنَّه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطةً وخرطات.

مسألة ۲۹1: إذا كان نخلٌ أو شجر أو زرع مشتركاً بين اثنين جاز أنْ يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار، فإذا خرص حصة صاحبه بوزنة مثلاً جاز أنْ يتقبلها بتلك الوزنة زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها.

مسألة ۲۹2: لا فرق بين أنْ يكون الشركاء اثنين أو أكثر وكون المقدار المتقبل به من الحصة أو في الذمة، نعم إذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان على المتقبل، بخلاف ما لو كان في الذمة فإنَّه باقٍ على ضمانه، ويصح أنْ يكون صلحاً، ولا بأس بكونه معاملة مستقلة لا بيع ولا صلح، ويكفي فيها كلّ لفظ دال على المقصود، بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من العقود.

مسألة ۲۹3: إذا مرّ الإنسان بشيء من النخل أو الشجر أو الزرع ماراً أو مجتازاً لا قصداً إليه من أول الأمر، جاز أنْ يأكل من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غيرها، والأحوط الاقتصار على ما إذا لم يكن للبستان جدار أو حائط، وعلى ما إذا لم يعلم كراهة المالك مطلقاً، ولا يجوز أنْ يحمل شيئاً وإنْ فعل ذلك حرم ما حمل ولم يحرم ما أكل.

مسألة ۲۹4: يستثنى من حرمة المزابنة بيع العرية، وهي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره أو بستانَّه ويشقّ عليه دخوله عليها، فيبيعها منه بخرصها تمراً من غيرها أو كلياً في الذمة، ويجوز له حينئذ اعطاؤه من تمرها.

يسترق الكافر الأصلي إذا لم يكن معتصماً بعهد أو ذمام بكلّ وجه استولى عليه المسلم، سواءً كان في دار الحرب أم كان في دار الإسلام، وسواءً كان بالقهر والغلبة أم بالسرقة أم بالغيلة، ويسري الرق في أعقابه وإنْ كان قد أسلم.

مسألة ۲۹5: المرتد الفطري والملّي لا يجوز استرقاقهما.

مسألة ۲۹6: لو قهر حربي حربياً آخر فباعه ملكه المشتري، وإنْ كان أخاه أو زوجته أو ممن ينعتق عليه كأبيه وأمه.

مسألة ۲۹7: يملك الرجل كلّ أحد غير عشرة: الأب والأم والجد وإنْ علا؛ لأبٍ كان أو لأم، والولد وإنْ نزل؛ ذكراً كان أو أنثى، والمحارم, وهي: الأخت والعمة والخالة وإنْ علون، وبنات الأخ وبنات الأخت وإنْ نزلن؛ ولا فرق في المذكورين بين النسبيين والرضاعيين.

مسألة ۲۹8: إذا وجد السبب المُلّك، اختيارياً كان كالشراء أو قهرية كالإرث انعتق قهراً.

مسألة ۲۹9: لو ملك أحد الزوجين صاحبه ولو بعضاً منه أستقر الملك وبطل النكاح.

مسألة ۳۰0: يكره أنْ يملك غير هؤلاء من ذوي قرابته كالأخ والعم والخال وأولادهم.

مسألة ۳۰1: تملك المرأة كلّ أحد غير الأب والأم والجدّ والجدة والولد وإنْ نزل، ذكر كان أو أنثى، نسبين كانوا أو رضاعيين.

مسألة ۳۰2: الكافر لا يملك المسلم ابتداء، ولو أسلم عبد الكافر بيع على مسلم وأعطي ثمنه.

مسألة ۳۰3: كلّ من أقرّ على نفسه بالعبودية، حكم عليه بها مع الشك إذا كان عاقلاً بالغاً مختار ولم يكن مشهور الحرية.

مسألة ۳۰4: لو اشترى عبداً فادّعى الحرية لم يقبل قوله إلا بالبينة.

مسألة ۳۰5: كلّ أمة انتقلت من رجل إلى الغير يجب على المنتقل إليه استبرائها إنْ كان وطئها الناقل، إلا إذا علم أنَّ الناقل استبرئها.

مسألة ۳۰6: الإستبراء عبارة عن مضيّ حيضة عليها إنْ كانت تحيض، وخمسة وأربعين يوماً من حين الوطي إنْ كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض.

مسألة ۳۰7: لا استبراء في الصغيرة ولا في اليائسة ولا في الحامل ولا الحائض حين النقل، ولا في أمة المرأة إلا إذا علم أنَّها وطئت وطياً صحيحاً كالشبهة.

وهناك فروع أخرى أعرضنا عن ذكرها لعدم الإبتلاء بها في هذه الأعصار.

مسألة ۳۰8: يجوز شراء بعض الحيوان مشاعاً كنصفه وربعه، ولا يجوز شراء بعض معين منه كرأسه وجلده إذا لم يكن المقصود منه الذبح، بل كان المقصود منه الإبقاء للركوب أو الحمل أو نحوهما.

مسألة ۳۰9: لو كان المقصود من الحيوان الذبح جاز شراء بعض معين منه لكن لو لم يذبح لمانع كما إذا كان في ذبحه ضرر مالي، كان المشتري شريكاً بنسبة ماله لا بنسبة الجزء، وكذا لو باع الحيوان واستثنى الرأس والجلد، أو اشترك اثنان أو جماعة وشرط أحدهم لنفسه الرأس والجلد، فإنَّه يكون شريكاً بنسبة المال لا بنسبة الجزء، والأحوط في الصورتين التصالح والتراضي خصوصاً في الأخيرة.

مسألة ۳10: لو قال شخص لآخر: إشترِ حيواناً بشركتي صحّ, ويثبت البيع لهما على السوية مع الإطلاق، ويكون على كل ّواحد منهما نصف الثمن، ولو قامت القرينة كون المراد الاشتراك على التفاضل كان العمل عليها، ولو دفع المأمور عن الآمر ما عليه من جزء الثمن، فإنْ كان الأمر بالشراء على وجه الشركة قرينة الأمر بالدفع عنه، رجع الدافع عليه بما دفعه عنه، وإلا كان متبرعاً وليس له الرجوع عليه به.

مسألة ۳11: لو اشترى أمةً فوطئها فظهر أنَّها ملك لغير البائع، كان للمالك انتزاعها منه، وله على المشتري عُشر قيمتها إنْ كانت بكراً ونصف العشر إنْ كانت ثيباً، ولو حملت منه كان عيلة قيمة الولد يوم ولد حياً، ويرجع على البائع بما اغترمه للمالك إنْ كان جاهلاً.

مسألة ۳12: المملوك يملك ما ملكه مولاه أو غيره، وكذا لو جاز لنفسه شيئاً إذا كان بإذن المولى، ولكن لا ينفذ تصرفه فيما ملكه بدون إذن مولاه.

مسألة ۳13: يصحّ جميع معاملات المملوك إنْ كنت بإذن المالك، وكانت جامعة لسائر الشرائط

وهناك فروع أخرى فُصلّ في فقه المسلمين، منعنا عن التعرض لها لعدم الإبتلاء بها في هذه الأعصار.

وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر، وهي مستحبة، عن أبي عبد الله علیه السلام: (أَيُّمَا عَبْدٍ أَقَالَ‏ مُسْلِماً فِي بَيْعٍ أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)[1]، وتجري في عامة العقود اللازمة غير النكاح، والأحوط تركها في الضمان والصدقة.

مسألة ۳14: تقع الإقالة بكلّ لفظ يدل على المراد، وإنْ لم يكن عربياً، بل تقع بالفعل كما تقع بالقول، فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إليه كان فسخاً وإقالة، ووجب على الطالب إرجاع ما في يده إلى صاحبه.

مسألة ۳15: لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان، فلو أقال كذلك بطلت وبقي كلّ من العوضين على ملك مالكه.

مسألة ۳16: إذا جعل له ما في الذمة أو في الخارج ليقيله، بأنْ قال له: (أقلني ولك هذا المال) أو: (أقلني ولك عليّ كذا) نظير الجعالة تصحّ، وكذا لو قال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقبل: (أقلتك بشرط أنْ تعطيني كذا أو تخيط ثوبي)، فقبل، ولكنه خلاف الاحتياط في الصورتين.

مسألة ۳17: لا يجري في الإقالة فسخ أو إقالة.

مسألة ۳18: في قيام وارث المتعاقدين مقام المورّث في صحة الإقالة إشكال.

مسألة ۳19: تصحّ الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد وفي بعضه، ويقسط الثمن حينئذ على النسبة، وإذا تعدد البائع أو المشتري تصحّ الإقالة بين أحدهما والطرف الآخر بالنسبة إلى حصته، ولا يشترط رضى الآخر.

مسألة ۳20: تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة، فإذا تقايلا رجع كل عوض إلى صاحبه الأول، فإنْ كان موجوداً أخذه وإنْ كان تالفاً رجع بمثله إنْ كان مثلياً، وبقيمته إنْ كان قيمياً، وتتعين قيمة زمان الأداء، والأحوط المراضاة.

مسألة ۳21: الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف، وتلف البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف.

مسألة ۳22: العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالأرش.

مسألة ۳23: لو شك في تحقق الإقالة -أو فسخ العقد- فالعقد باق بين المتعاقدين ما لم يعلم زواله.

مسألة ۳24: لا يختص حسن الإقالة وترتب الأثر عليها بوحدة مكان المتعاقدين، بل يجري فيما إذا كانا بعيدين وأقالا كتْباً أو بالوسائل الحديثة، كما لا اختصاص لها بما إذا كانت بعد العقد بلا فصل، بل يصحّ وإنْ وقعت بعد مضيّ شهور من العقد بل أعوام.

[1]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج17 ص386.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"