1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. منهاج الصالحین
  8. /
  9. منهاج الصالحين المعاملات
  10. /
  11. كتاب الإجارة

وهي المعاوضة على المنفعة؛ عملاً كانت أو غيره، فالأول مثل الخياط للخياطة، والثاني مثل إجارة الدار.

مسألة ۳76: لا بدّ فيها من الإيجاب والقبول، فالإيجاب مثل قول الخياط: (آجرتك نفسي)، وقول صاحب الدار: (أجرتك داري)، والقبول مثل قول المستأجر (قبلت)، ويجوز وقوع الإيجاب من المستأجر، مثل: (إستأجرتك لتخيط ثوبي) و(إستأجرت دارك)، فيقول المؤجر: قبلت.

مسألة ۳77: يشترط في المتعاقدين أنْ لا يكون أحدهما محجوراً عن التصرّف لصغر أو سفه أو تفليس أو رقّ، كما يشترط أنْ لا يكون أحدهما مكرهاً على التصرّف إلا أنْ يكون الإكراه بحق.

يشترط في كل من العوضين أمور:

الأول: أنْ يكون معلوماً بحيث لا يلزم الغرر، فالأجرة إذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بدّ من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العدّ، وما يعرف منها بالمشاهدة لا بدّ من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة. وأما المنفعة فالعلم بها بتقدير المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهراً، أو المسافة مثل ركوب الدابة فرسخاً أو فرسخين، وإمّا بتقدير موضوعها مثل خياطة الثوب المعلوم طوله وعرضه ورقّته وغلظته؛ ولا بدّ من تعيين الزمان في جميع ذلك.

مسألة ۳78: لو استأجر الدار للسكنى سنةً, والدابة للركوب فرسخاً، والخياط لخياطة الثوب المعيّن من دون تعيين الزمان؛ بطلت الإجارة؛ إلّا أنْ تكون قرينة على التعيين كالإطلاق الذي هو قرينة على التعجيل.

الثاني: أنْ يكون مقدوراً على تسليمه فلا تصحّ إجارة العبد الآبق، ولا الدابة الشاردة ونحوهما.

الثالث: أنْ تكون العين المستأجرة ذات منفعة، فلا تصحّ إجارة الأرض التي لا ماء لها للزراعة.

الرابع: أنْ تكون العين ممّا يمكن الإنتفاع بها مع بقائها، فلا تصحّ إجارة الخبز للأكل.

الخامس: أنْ تكون المنفعة محلّلة، فلا تصحّ إجارة المساكن لإحراز المحرمات، ولا إجارة الجارية للغناء.

السادس: إمكان حصول المنفعة للعين المستأجرة، فلا تصحّ إجارة الحائض لكنس المسجد.

مسألة ۳79: إذا آجر مال غيره توقّفت صحة الإجارة على إجازة المالك، وإذا آجر مال نفسه وكان محجوراً عليه لسفهٍ أو رقّ توقّفت صحتها على إجازة الولي، وإذا كان مكرهاً توقّفت على الرضا لا بداعي الإكراه.

مسألة ۳80: إذا آجر السفيه نفسه لعمل فالأحوط وجوباً الإستئذان من الولي.

مسألة ۳81: إذا استأجر دابة للحمل فلا بد من تعيين الحمل، وإذا استأجر دابة للركوب فلا بد من تعيين الراكب، وإذا استأجر دابة لحرث جريب من الأرض فلا بدّ من تعيين الأرض. نعم؛ إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الأرض لا يوجب اختلافاً في المالية لم يجب التعيين.

مسألة ۳82: إذا قال: (آجرتك الدار شهراً أو شهرين) بطلت الإجارة، وإذا قال: (آجرتك كل شهر بدرهم، فإنْ زدت فبحسابه) صحّ في كلّ منهما في الشهر الأول مع كون المبدأ معلوماً ولو بالقرينة، وبطل في غيره هذا إذا كان بعنوان الإجارة، وإنْ كان بعنوان الجعالة أو الإباحة بالعوض صحّ في غيره أيضاً.

مسألة ۳83: إذا قال: (إنْ خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم, وإنْ خطته بدرزين فلك درهمان) صحّ؛ سواءً قصد الإجارة أو الجعالة، والأولى أنْ يقصد الجعالة دون الإجارة، والفرق بينهما أنْ في تشتغل ذمة بمجرد العقد بخلاف الجعالة، وكذا إذا قال: (إنْ خطته هذا اليوم فلك درهم, وإنْ خطته غداً فلك نصف درهم)، فإنَّ اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبداً. ولأجل ذلك صارت الجعالة إيقاعاً، وصارت الإجارة عقداً.

مسألة ۳84: إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به على خلاف القيد لا يستحق مطالبة الأجرة، فإنْ لم يمكنه العمل ثانياً تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة وبين مطالبة الأجير بأجرة المثل لما استؤجر عليه، فإنْ أخذها منه يعطيه أجرة المثل منه، وإنْ أمكن وجب الإتيان بالعمل ثانياً على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.

مسألة ۳85: إذا استأجره على عمل بشرط، بإنْ كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة، كما إذا استأجره على خياطة ثوبه واشترط عليه قراءة سورة‌ من القرآن فخاط الثوب ولم يقرأ السورة كان له فسخ الإجارة، وعليه حينئذ أجرة المثل، وله إمضاؤه ودفع الأجرة المسمّاة، والفرق بين القيد والشرط أنَّ مورد الإجارة في عند التقييد حصّة خاصة من العمل مغايرة لسائر الحصص، بخلاف موارد الاشتراط فإنَّ مورد الإجارة حينئذ ذات العمل من حيث هو، لكن حصل الإلتزام بالشرط في ضمن الإلتزام العقدي الحاصل بينهما.

مسألة ۳86: إذا استأجر دابة إلى (كربلاء) مثلاً بدرهم، واشترط على نفسه أنَّه إنْ أوصله نهاراً أعطاه درهمين صحّ، وكذا العكس بأنْ استأجرها بدرهمين واشترط عليه أنْ يعطيه درهماً واحداً إنْ لم يوصله نهاراً، وكذا إذا استأجرها على أنْ يوصله نهاراً بدرهمين أو ليلاً بدرهم، بحيث يكون متعلق الإجارة معلوماً عرفاً وكان الاختيار إلى الأجير. نعم لو تعلّقت الإجارة بالمردد من حيث هو مردد بطلت، ولكنه غير واقع عند المتعارف.

مسألة ۳87: إذا استأجره على أنْ يوصله إلى (كربلاء) وكان من نيته زيارة ليلة النصف من شعبان، ولكن لم يذكر ذلك في العقد إستحقّ الأجرة، وإنْ لم يوصله ليلة النصف من شعبان.

مسألة ۳88: الإجارة من العقود اللّازمة لا يجوز فسخها إلا بالتراضي بينهما أو بوجود خيار في البين. أما الإجارة المعاطاتية فالأحوط وجوباً التراضي إنْ أراد أحدهما الردّ ما لم يتحقّق أحد الملزمات المتقدمة في البيع.

مسألة ۳89: إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدّة الإجارة لم تنفسخ الإجارة، بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدّة الإجارة، وإذا كان المشتري جاهلاً بالإجارة أو معتقداً قلّة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ‌ البيع وليس له المطالبة بالأرش، وإذا فسخت الإجارة رجعت المنفعة إلى البائع. ولا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الإجارة بالبيع بين أنْ يكون البيع على المستأجر وغيره.

مسألة ۳90: إذا باع المالك العين على شخص وآجرها وكيله مدةً معينة على شخص آخر، واقترن البيع والإجارة زماناً صحا جميعاً.

مسألة ۳91: لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر، نعم؛ إذا استأجر داراً على أنْ يسكنها بنفسه فمات بطلت الإجارة.

مسألة ۳92: إذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات بطلت الإجارة.

مسألة ۳93: إذا آجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة فانقرضوا قبل انتهاء مدة الإجارة بطلت، وإذا آجرها البطن السابق ولايةً منه على العين لمصلحة البطون جميعها لم تبطل بانقراضه.

مسألة ۳94: إذا آجر نفسه للعمل بلا قيد المباشرة، لا تبطل الإجارة بموته، ويجب أداء العمل من تركته كسائر الديون.

مسألة ۳95: إذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد على زمان بلوغه مع اقتضاءه لذلك صحّ.

مسألة ۳96: إذا آجر الولي للصبي مع اقتضاء المصلحة اللّازمة المراعاة مدة زائدة على البلوغ صحّ.

مسألة ۳97: إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة، فتزوجت في اثنائها لم تبطل الإجارة، وإنْ كانت الخدمة منافية لحق الزوج.

مسألة ۳98: إذا آجرت نفسها بعد التزويج، توقفت صحة الإجارة على‌ إجازة الزوج فيما ينافي حقه، ونفذت الإجارة فيما لا ينافي حقه.

مسألة ۳99: إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه قبل انتهاء مدة الإجارة لم تبطل الإجارة، وتكون نفقته في كسبه إنْ أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة، وإنْ لم يمكن فعلى المسلمين كفاية.

مسألة ٤۰0: إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً فإنْ كان عالماً به حين العقد فلا أثر له، وإنْ كان جاهلاً به، فإنْ كان موجباً لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار، تقسط الأجرة ورجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة، وإنْ كان العيب موجباً لعيب في المنفعة مثل عرج الدابة كان له الخيار في الفسخ، وليس له مطالبة الأرش إلا بالتراضي عليه، وإنْ لم يوجب العيب شيئاً من ذلك لكن يوجب نقص الأجرة، كان له الخيار أيضاً، ولا أرش، وإنْ لم يوجب ذلك أيضاً فلا خيار ولا أرش؛ هذا إذا كانت العين شخصية، أما إذا كان كلياً وكان المقبوض معيباً كان له المطالبة بالصحيح، ولا خيار في الفسخ، وإذا تعذّر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد.

مسألة ٤۰1: إذا وجد المؤجر عيباً في الأجرة وكان جاهلاً به، كان له الفسخ وليس له المطالبة بالأرش إلا بالتراضي عليه، وإذا كانت الأجرة كلياً فقبض فرداً معيباً منها، فليس له فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح، فإنْ تعذّر كان له الفسخ.

مسألة ٤۰2: يجري في الإجارة خيار الغبن وخيار الشرط حتى للأجنبي وخيار العيب، وخيار الاشتراط وتبعض الصفقة، وتعذّر التسليم والتفليس والتدليس والشركة، وخيار ما يفسد ليومه، وخيار شرط رد العوض نظير شرط رد الثمن.

مسألة ٤۰3: لا يجري في الإجارة خيار المجلس، ولا خيار الحيوان، ولا خيار التأخير ثلاثة أيام.

إذا وقع عقد الإجارة مَلِكَ المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان، والعمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد، وكذا المؤجر والأجير يملكان الأجرة بنفس العقد، لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة أو العمل إلا في حال تسليم الأجرة.

مسألة ٤۰4: ليس للأجير والمؤجر المطالبة بالأجرة إلا في حال تسليم المنفعة، ويجب على كلّ منهما تسليم ما عليه تسليمه إذا كان الآخر ممتنعاً عنه، وتسليم المنفعة يكون بتسليم العين، وتسليم العمل بإتمامه قبل تسليم العين، وقبل إتمام العمل وليس للمؤجر المطالبة بالأجرة، إلا إذا كان قد اشترط تقديم الأجرة صريحاً أو كانت العادة جارية على ذلك.

مسألة ٤۰5: ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة أو العمل المستأجر عليه مع تأجيل الأجرة إلا إذا كان قد شرط ذلك، وإنْ كان لأجل جريان العادة عليه، وإذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الأجرة أجبره المستأجر على تسليم العين، فإنْ لم يمكن إجباره كان للمستأجر الفسخ وأخذ الأجرة إذا كان قد دفعها، وله إبقاء الإجارة والمطالبة بقيمة المنفعة الفائتة.

مسألة ٤۰6: لو دفع المؤجر العين ثم أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة، ومع الفسخ في الأثناء يرجع بتمام الأجرة وعليه أجرة المثل لما مضى، وكذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم الأجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.

مسألة ٤۰7: لا فرق في كون تسليم العمل بإتمامه بين أنْ يكون مثل الحج الإستئجاري، وبناء الجدار، وحفر البئر في داره، وأنْ يكون مثل خياطة ثوبه وكتابة كتابه ونحو ذلك ممّا كان العمل المستأجر عليه في عين المستأجر التي هي بيد الأجير، فإذا تلف الثوب مثلاً بعد تمام خياطته وقبل دفعه إلى المستأجر إستحقّ الأجير مطالبة الأجرة، فإذا كان الثوب مضموناً على الأجير إستحقّ عليه المالك قيمة الثوب مخيطاً، وإلا لم يستحق عليه شيئاً.

مسألة ٤۰8: يجوز للأجير بعد إتمام العمل حبس العين إلى أنْ يستوفي الأجرة، وإذا حبسها ضمنها إنْ تلفت.

مسألة ٤۰9: إذا تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الإجارة، فإنْ كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل، لم يستحقّ المالك على المستأجر شيئاً، وإنْ كان بعد القبض بمدة قُسطت الأجرة على النسبة، وكان للمالك حصة من الأجرة على نسبة المدة، هذا إذا تلفت العين بتمامها، وأما إذا تلف بعضها تبطل الإجارة بنسبته من أول الأمر أو في أثناء المدة.

مسألة ٤10: إذا حصل الفسخ في اثناء المدة يكون ذلك موجباً لانفساخ العقد في جميع المدة، فيرجع المستأجر بتمام أُجرة المسمى، ويكون للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

مسألة ٤11: إذا قبض المستأجر العين المستأجرة ولم يستوف منفعتها حتى انقضت مدة الإجارة؛ كما إذا استأجر دابةً أو سفينةً للركوب أو حمل المتاع فلم يركبها ولم يحمل متاعه عليها، أو استأجر داراً وقبضها ولم يسكنها حتى مضت المدة استقرت عليه الأجرة، وكذا إذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها واستيفاء المنفعة منها حتى انقضت مدة الإجارة، وكذا الحكم في الإجارة على الأعمال؛ فإنَّه إذا بذل الأجير نفسه للعمل وامتنع المستأجر من استيفائه؛ كما إذا استأجر شخصاً لخياطة ثوبه في وقت معين، فهيأ الأجير نفسه للعمل فلم يدفع المستأجر إليه الثوب حتى مضى الوقت فإنَّه يستحق الأجرة؛ سواءً اشتغل الأجير في ذلك الوقت بشغل لنفسه أو غيره أم لم يشتغل، كما لا فرق على أنْ تكون العين شخصية مثل أنْ يؤجره الدابة فيبذلها المؤجر للمستأجر فلا يركبها حتى يمضي الوقت، وأنْ تكون كلية كما إذا آجره دابةً كلّية فسلّم فرداً منها إليه أو بذله له حتى انقضت المدة، فإنَّه يستحق تمام الأجرة على المستأجر، كما لا فرق في الإجارة الواقعة على الكلّي بين تعيين الوقت عدمه، إذا كان قد قبض فرداً من الكلّي بعنوان الجري على الإجارة، فإنَّ الأجرة تستقر على المستأجر في جميع ذلك وإنْ لم يستوف المنفعة، هذا إذا كان‌ عدم الإستيفاء باختياره.

مسألة ٤12: لو كان عدم الإستيفاء لعذر؛ فإنْ كان عاماً مثل نزول المطر المانع من السفر على الدابة أو في السفينة حتى انقضت المدة بطلت الإجارة، وليس على المستأجر شيء من الأجرة، وإنْ كان العذر خاصاً بالمستأجر كما إذا مرض فلم يتمكن من السفر، فإنَّه كالعام تبطل الإجارة إذا اشترطت مباشرته في الإستيفاء، وأما إذا لم تشترط المباشرة لم تبطل.

مسألة ٤13: لو استأجره لقلع ضرسه فبرئ من الألم بطلت الإجارة.

مسألة ٤14: إذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة، جرت الأقسام المذكورة بعينها وجرت عليه أحكامها.

مسألة ٤15: إذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذّر استيفاء المنفعة؛ فإنْ كان الغصب قبل القبض تخيّر المستأجر بين الفسخ فيرجع على المؤجر بالأجرة إنْ كان قد دفعها إليه، والرجوع على الغاصب بأُجرة المثل، وإنْ كان الغصب بعد القبض تعيّن الثاني، وكذلك إذا منعه الظالم من الإنتفاع بالعين المستأجرة من دون غصب العين فيرجع إليه فيما فوّت عليه من المنفعة.

مسألة ٤16: إتلاف المستأجر للعين المستأجرة بمنزلة قبضها واستيفاء منفعتها، فتلزمه الأجرة.

مسألة ٤17: إذا أتلفها المؤجر، تخيّر المستأجر بين الفسخ والرجوع عليه بالأجرة، وبين الرجوع عليه بقيمة المنفعة، وإذا أتلفها الأجنبي رجع المستأجر عليه بالقيمة.

مسألة ٤18: إذا انهدمت الدار التي استأجرها فبادر المؤجر إلى‌ تجديدها، فإنْ كانت الفترة غير معتدّ بها فلا فسخ ولا انفساخ، وإنْ كانت معتدّاً بها رجع المستأجر بما يقابلها من الأجرة، وكان له الفسخ في الجميع لتبعّض الصفقة، فإذا فسخ رجع بتمام الأجرة، وعليه أجرة المثل لما قبل الإنهدام. وإذا انهدم تمام الدار بحيث يخرج عن الإنتفاع ينفسخ العقد.

مسألة ٤19: المواضع التي تبطل فيها الإجارة وتثبت للمالك أجرة المثل، لا فرق بين أنْ يكون المالك عالماً بالبطلان أو جاهلاً به.

مسألة ٤20: تجوز إجارة الحصة المشاعة من العين، لكن لا يجوز تسليمها إلا بإذن الشريك إذا كانت العين مشتركة.

مسألة ٤21: يجوز أنْ يستأجر اثنان داراً أو دابة فيكونان مشتركين في المنفعة، فيقتسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين.

مسألة ٤22: يجوز أنْ يستأجر شخصين لعمل معيّن كحمل متاع أو غيره أو بناء جدار أو هدمه أو غير ذلك، فيشتركان في الأجرة، وعليهما معاً القيام بالعمل الذي استؤجرا عليه.

مسألة ٤23: لا يشترط إتّصال مدة الإجارة بالعقد، فيجوز أنْ يؤجر داره سنة متأخرة عن العقد بسنة أو أقلّ أو أكثر، ولا بدّ من تعيين مبدأ المدة، وإذا أطلقت الإجارة مدّة معينة ولم يذكر البدء إنصرف إلى الإتّصال.

مسألة ٤24: إذا آجره دابة كلية ودفع فرداً منها فتلف كان على المؤجر دفع فرد آخر.

مسألة ٤25: العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر، لا يضمنها إذا تلفت أو تعيّبت إلا بالتعدي أو التفريط، وإذا اشترط المؤجر ضمانها بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صحّ، ولا ضمان في الإجارة الباطلة إذا تلفت العين أو تعيّبت.

مسألة ٤26: العين التي للمستأجر بيد الأجير الذي آجر نفسه على عمل فيها، كالثوب الذي أخذه ليخيطه، لا يضمن تلفه أو نقصه إلا بالتعدي أو التفريط.

مسألة ٤27: إذا اشترط المستأجر ضمان العين على الأجير؛ بمعنى أداء القيمة أو أرش التعيب صحّ، إذا تلف أو أتلفه الأجنبي قبل العمل أو في الأثناء، بطلت الإجارة ورجعت الأجرة كلاً أو بعضاً إلى المستأجر، وكذا إذا أتلفه المستأجر.

مسألة ٤28: المدار في القيمة على زمان الضمان، إنْ لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف.

مسألة ٤29: كلّ من آجر نفسه لعمل في مال غيره؛ إذا أفسد ذلك المال‌ ضمن؛ كالحجّام إذا جنى في حجامته، والختّان في ختانه، وهكذا الخيّاط والنجّار والحدّاد إذا أفسدوا؛ هذا إذا تجاوز الحدّ المأذون فيه، بل عن المشهور الضمان وإنْ لم يتجاوز، وكذا المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد فهو ضامن، وأما إذا كان واصفاً فالأحوط الاسترضاء أن حصل به فساد.

مسألة ٤30: إذا تبرّأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليه بذلك ولم يقصّر في الإجتهاد يبرأ من الضمان بالتلف وإنْ كان مباشراً للعلاج.

مسألة ٤31: إذا عثر الحمّال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه، وإذا عثر فوقع هو أو ما على رأسه على إناء غيره فكسره ضمنه.

مسألة ٤32: إذا قال للخيّاط: (إنْ كان هذا القماش يكفيني قميصاً فاقطعه) فقطعه فلم يكفه ضمن، ومثله إذا قال له: (هل يكفيني قميصاً) فقال: (نعم)، فقال: (إقطعه) فقطعه فلم يكفه.

مسألة ٤33: إذا آجر عبده لعمل فأفسده يكون الضمان في كسبه، فإنْ لم يف فعلى ذمة العبد يتبع به بعد العتق إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف، وإلا تعلّق برقبته, وللمولى فداؤه بأقلّ الأمرين من الأرش والقيمة إنْ كانت خطأ، وإنْ كانت عمداً تخيّر ولي المجني عليه بين قتله واسترقاقه على تفصيل يأتي في محله.

مسألة ٤34: إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص، فلا ضمان على صاحبها إلا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب، وإذا كان غيره السبب كان هو الضامن.

مسألة ٤35: إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق، لم‌ يضمن صاحبها إلا أنْ يشترط عليه الضمان.

مسألة ٤36: إذا حمّل الدابة المستأجرة أكثر من المقدار المقرّر بينهما بالشرط, أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيّبت ضمن ذلك وعليه أجرة المثل للزيادة مضافاً إلى الأجرة المسمّاة.

مسألة 437: إذا استأجر دابة لحمل لنقل المتاع مسافة معيّنة فزاد على ذلك، وإذا استأجرها لحمل المتاع مسافة معيّنة فركبها أو بالعكس، لزمه أكثر الأمرين من أجرة المسمّاة وأجرة المثل، والأحوط التصالح والتراضي، وكذا الحكم في أمثاله ممّا كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالإجارة، بلا فرق بين الإجارة الواقعة على الأعيان كالدار والدابة، والإجارة الواقعة على الأعمال كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة.

مسألة ٤38: إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمداً أو خطأ، لم يستحق على المستأجر شيئاً.

مسألة ٤39: إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحمّلها المالك متاع عمرو، لم يستحق أجرة لا على زيد ولا على عمرو.

مسألة ٤40: إذا استأجر دابة معيّنة من زيد للركوب إلى مكان معيّن فركب غيرها عمداً أو خطأ، لزمته الأجرة المسمّاة للأولى وأجرة المثل للثانية، وإذا اشتبه فركب دابة عمرو لزمته أجرة المثل لها، مضافة إلى الأجرة المسمّاة لدابة زيد.

مسألة ٤41: إذا استأجر سفينة لحمل الخلّ المعيّن مسافة معيّنة فحمّلها خمراً مع الخلّ المعيّن لم يستحق المالك عليه إلا الأجرة المسمّاة.

مسألة ٤42: يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أنْ يضربها أو يكبحها باللجام على النحو المتعارف، إلّا مع منع المالك.

مسألة ٤43: إذا تعدّى عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها، وفي صورة الجواز لا ضمان للنقص إنْ كان النقص من لوازم الفعل عرفاً أو شمل الأذن حتى لصورة النقص.

مسألة ٤44: صاحب الحمّام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت؛ إلا إذا جعلت عنده وديعة وتعدّى أو فرّط.

مسألة ٤45: إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن إلا مع التقصير في الحفظ، وغلبة النوم لا تعدّ من التقصير إنْ كانت أسبابها تحت اختياره، هذا إذا لم يشترط عليه أداء القيمة مع التلف، وإلا فيضمن ولم يستحق أجرة في الصورتين.

مسألة ٤46: إنّما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجرة إذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها، كما في إجارة آلات النساجة والنجارة والخياطة، أو كان المستأجر قد اشترط ذلك؛ وإلا لم يجب، فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.

مسألة ٤47: يكفي في صحة الإجارة ملك المؤجر المنفعة وإنْ لم يكن مالكاً للعين، فمن استأجر داراً جاز له أنْ يؤجرها من غيره وإنْ لم يكن مالكاً لنفس الدار، فإذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها، وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه، وإنْ لم يأذن له المالك، وإذا لم يتوقف استيفاء المنفعة على التسليم كالسفينة والسيّارة، لم يجب على المؤجر الأول تسليمها إلى الثاني، إلا إذا اشترط عليه. بل الشرط يكون فاسداً، نعم إذا أذن له المالك فلا بأس، كما أنَّه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه، لا يجوز التسليم إلا إذا كان المستأجر منه أميناً، فإذا لم يكن أميناً وسلّمها إليه كان ضامناً؛ هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، أما إذا كانت مقيّدة كما إذا استأجر دابة لركوب نفسه فلا تصحّ إجارتها من غيره، فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة، فإذا ركبها المستأجر الثاني كان آثماً إنْ كان عالماً بالفساد، ويكون ضامناً لأجرة المثل للمالك، بلا فرق بين كونه عالماً بالفساد وكونه جاهلاً به، لكنه يرجع إلى المؤجر بما غرمه للمالك إنْ كان جاهلاً بالحال، والأحوط التراضي والتصالح.

مسألة ٤48: إذا آجر الدابة للركوب واشترط على المستأجر إستيفاء المنفعة بنفسه، أو أنْ لا يؤجرها من غيره، فآجرها يكون للمالك الخيار في فسخ عقده، ومطالبة المستأجر منه بأجرة المثل.

مسألة ٤49: إذا استأجر الدكان مدة فانتهت المدة وجب عليه إرجاعه إلى المالك، ولا يجوز له إيجاره من ثالث إلا بإذن المالك، كما لا يجوز له أخذ مال من ثالث ليمكّنه من الدكان المسمى في عرفنا (سرقفلية)، إلا إذا رضي المالك به.

مسألة ٤50: إذا مات المستأجر لم يجز لوارثه أخذ (السرقفلية) إلا إذا رضي المالك، فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميت إذا كان قد أوصى، إلا إذا كان رضا المالك مشروطاً بإخراج الثلث.

مسألة ٤51: إذا اشترط المستأجر على المالك في عقد الإجارة أو عقد آخر لازم أنْ يأخذ (السرقفلية) جاز له أخذها، فإذا مات كان ذلك موروثاً لوارثه، ووجب إخراج ثلثه إذا كان أوصى به، وهذه (السرقفلية) من مؤن التجارة فلا خمس فيها. نعم إذا كان للدافع حقٌّ في أخذها من غيره وإنْ لم يرض المالك، كان ذلك الحق من أرباح التجارة يجب إخراج خمسه بقيمته، وربما زادت القيمة وربما نقصت وربما ساوت ما دفعه.

مسألة ٤52: يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أنْ يؤجر العين المستأجرة بأقلّ ممّا استأجرها به وبالمساوي، وكذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها حدثاً، أو كانت الأجرة من غير جنس الأجرة السابقة، بل يجوز أيضاً مع عدم الشرطين المذكورين، عدا البيت والدار والدكان والأجير؛ فلا يجوز إجارتها بالأكثر حينئذ، وأما الرَّحى والسفينة والأرض فيجوز على كراهة، بل الأحوط الترك.

مسألة ٤53: لا يجوز أنْ يؤجر بعض أحد هذه الأربعة بأزيد من الأُجرة، كما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن بعضها، وآجر البعض الآخر بالأكثر من عشرة دراهم، إلا أنْ يحدث فيها حدثاً، ويجوز أنْ يؤجره بأقلّ من العشرة، بل يجوز بالعشرة أيضاً.

مسألة ٤54: إذا استؤجر على عمل من غير اشتراط المباشرة، ولا مع الإنصراف إليها يجوز أنْ يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة أو الأكثر، ولا يجوز بالأقلّ إلا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً، كما إذا تقبّل خياطة ثوب بدرهمين ففصّله أو خاط منه شيئاً ولو قليلاً فإنَّه يجوز أنْ يستأجر غيره على خياطته بدرهم، بل يكفي في جواز الأقلّ بشراء الخيوط والإبرة.

مسألة ٤55: في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه على تسليم العين إلى الأجير، إذا جاز للأجير أنْ يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه، جاز له أنْ يسلّم العين إلى الأجير الثاني نظير ما تقدّم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.

مسألة ٤56: إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره، بطلت الإجارة ولم يستحق العامل ولا الأجير الأجرة، وإذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره بقصد التبرع عنه، كان أداءً للعمل المستأجر عليه، واستحق الأجير الأجرة، وإنْ فعله غيره لا بقصد التبرع عنه بطلت الإجارة ولم يستحق الأجير ولا العامل الأجرة كما في الصورة الأولى.

مسألة ٤57: يصحّ أنْ تقع إجارة الأجير على جميع منافعه الخارجية أو بعضاً ويسمى ذلك بـ(الأجير الخاص) من دون اشتغال ذمته بشيء, نظير إجارة الدابة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة. وحينئذ تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة، فلا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه ولا لغيره؛ لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة.

مسألة 458: لا بأس للأجير الخاص أنْ يعمل لنفسه أو غيره بعض الأعمال التي انصرفت عنها الإجارة ولم تشملها ولا تكون منافية لما شملته، كما أنَّه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الإشتغال بالنهار مثلاً؛ فلا مانع من الإشتغال ببعض الأعمال في الليل؛ له أو لغيره؛ تبرعاً أو بإجارة أو جعالة؛ إلا إذا أدّى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه.

مسألة ٤59: إذا عمل الأجير في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها، فإنْ كان العمل لنفسه، تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة، وبين إمضاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه أو لغيره تبرعاً، ولكن يكون له أيضاً حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه، فيتخيّر بين أمور ثلاثة: وأما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة، فله الخيار بين أمور أربعة: فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجر، وإمضائها والمطالبة بقيمة العمل، وإمضاء الإجارة أو الجعالة الواقعة من الأجير وأخذ الأجرة أو الجعل المسمى فيها، وأنْ يطالب الغير بقيمة العمل الذي استوفاه.

مسألة ٤60: إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الأولى في جميع الصور المذكورة ورجع بالأجرة المسمّاة فيها، وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر، كان له عليه أجرة المثل. هذا إذا كانت الإجارة واقعة على جميع منافعه.

مسألة ٤61: لو كانت الإجارة في الأجير الخاص على خصوص عمل بعينه كالخياطة، فليس له أنْ يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة، فإذا خالف وعمل لنفسه تخيّر بين الأمرين السابقين، وإنْ عمل لغيره تبرعاً تخيّر بين الأمور الثلاثة، وإنْ عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخيّر بين الأمور الأربعة كما في الصورة السابقة، وفي هذه الصورة لا مانع من أنْ يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافياً له، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد، جاز له أنْ يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمى، أما إذا كان منافياً له، كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة، تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوّته على المستأجر.

مسألة ٤62: إجارة النفس قسمان:

الأول: ما يسمى بالأجير الخاص، وتقدم أحكامه في المسائل السابقة.

الثاني: أنْ تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة، فيكون العمل المستأجر عليه ديناً في الذمة كسائر الديون، ويعبّر عنه بالأجير المشترك، وحينئذ تارةً تؤخذ المباشرة قيداً على نحو‌ وحدة المطلوب، وأخرى على نحو تعدد المطلوب. فإنْ كان على النحو الأول جاز له كلّ عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة، ولا يجوز له ما ينافيه سواءً كان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره، وإذا عمل ما ينافيه تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه، وإذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الإجارة الثانية على إجازة المستأجر الأول، فإنْ لم يجز بطلت واستحقّ الأجير على من عمل له أجرة المثل، كما أنَّ المستأجر الأول يتخيّر كما تقدم بين فسخ الإجارة الأولى والمطالبة بقيمة العمل الفائت، وإنْ أجاز صحت الإجارة الثانية، واستحقّ الأجير على كلّ من المستأجر الأول والثاني، والأجرة المسمّاة في الإجارتين، وبرئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه أولاً. وإنْ كانت الإجارة على نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك، نعم؛ يسقط العمل المستأجر عليه عن ذمة الأجير بمجرد الإجازة للإجارة الواقعة على ما ينافيه، بل يسقط شرط المباشرة ويجب على الأجير العمل للمستأجر الأول لا بنحو المباشرة، والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة.

مسألة ٤63: لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما يحصل منها كحنطة أو شعير مقداراً معيّناً تجوز إجارتها بالحصة من زرعها مشاعةً؛ ربعاً أو نصفاً، والأحوط إجارتها بالحنطة أو الشعير في الذمة إذا كان من جنس ما يزرع فيها، وأما إجارتها بغير الحنطة والشعير من الحبوب فيجوز، وإنْ كان الأحوط تركه أيضاً.

مسألة ٤64: تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معيّنة، كما تجوز إجارة حصة منها على نحو الكلي في المعيّن.

مسألة ٤65: لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة، كأن توقف مسجداً ولا تترتب آثار المسجد عليها، نعم؛ تجوز إجارتها لتعمل مصلّى يُصلّى فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الإنتفاع، ولا تترتب عليها حينئذ أحكام المسجد.

مسألة ٤66: يجوز استئجار الشجرة لفائدة الإستظلال ونحوه كربط الدواب ونشر الثياب، كما يجوز استئجار البستان لفائدة التنزه.

مسألة ٤67: يجوز استئجار الإنسان للإحتطاب والإحتشاش والإستقاء ونحوها، فإنْ كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة وإنْ قصد الأجير نفسه أو شخصاً آخر غير المستأجر، وإنْ كانت واقعة على العمل في الذمة، فإنْ قصد الأجير تطبيق العمل المملوك عليه على فعله الخاص، بأنْ كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر المحاز أيضاً، وإنْ لم يقصد ذلك بل قَصَد الحيازة لنفسه أو غيره كان المحاز ملكاً لمن قصد الحيازة له، وكان للمستأجر الفسخ والرجوع بالأجرة المسمّاة، والإمضاء والرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوّته عليه.

مسألة ٤68: يجوز استئجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضاً، بمعنى ارتضاع الّلبن وإنْ لم يكن بفعل منها أصلاً مدة معينة، ولا بدّ من معرفة الصبي الذي استؤجرت لإرضاعه، ولو بالوصف على نحو يرتفع الغرر، كما لا بدّ من معرفة المرضعة كذلك، كما لا بدّ أيضاً من معرفة مكان الرضاع وزمانه إذا كانت تختلف المالية باختلافهما.

مسألة ٤69: لا بأس باستئجار الشاة والمرأة للبن والشجرة للثمرة والبئر للاستقاء إذا وقع العوض بإزاء الإنتفاع.

مسألة 470: تجوز الإجارة لكنس المسجد والمشهد ونحوهما‌ وإشعال سراجهما ونحو ذلك.

مسألة ٤71: لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة وتجوز في المستحبات، كما تجوز الإجارة عن الميت في الواجبات والمستحبات، وتجوز أيضاً الإجارة على أنْ يعمل الأجير عن نفسه ويهدي ثواب عمله إلى غيره.

مسألة ٤72: إذا أمر غيره بإتيان عمل فعمله المأمور، فإنْ قصد المأمور التبرع لم يستحق أجرة، وإنْ كان من قصد الآمر دفع الأجرة، وإنْ قصد الأجرة استحق الأجر، وإنْ كان من قصد الآمر التبرع، إلا أنْ تكون قرينة على قصد المجانية، كما إذا جرت العادة على فعله مجاناً، أو كان المأمور ممّن ليس من شأنه فعله بأجرة أو نحو ذلك ممّا يوجب ظهور الطلب في المجانية.

مسألة ٤73: إذا آجره على الكتابة أو الخياطة، فمع إطلاق الإجارة يكون المداد والخيوط على الأجير، وكذا الحكم في جميع الأعمال المتوقفة على بذل عين، فإنَّها لا يجب بذلها على المستأجر إلا أنْ يشترط كونها عليه، أو تقوم القرينة على ذلك.

مسألة 474: يجوز استئجار الشخص للقيام بكلّ ما يراد منه ممّا يكون مقدوراً له ويتعارف قيامه به، ونفقته على نفسه لا على المستأجر إلا مع الشرط أو قيام القرينة ولو كانت هي العادة.

مسألة ٤75: يجوز أنْ يستعمل العامل ويأمره بالعمل من دون تعيين أجرة ولكنه مكروه، ويكون له أجرة المثل لاستيفاء عمل العامل وليس من باب الإجارة.

مسألة ٤76: إذا استأجر أرضاً مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقى‌ بعد انقضاء تلك المدّة؛ فإذا انقضت المدّة جاز للمالك أنْ يأمره بقلعه، وكذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس، وليس له الإبقاء بدون رضا المالك وإنْ بذل الأجرة، كما أنَّه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع، وكذلك إذا غرس ما لا يبقى فاتفق بقاؤه لبعض الطوارئ، يجب الصبر عليه مع الأجرة إلا أنْ يتضرر المالك فيجب على المستأجر قلعه.

مسألة ٤77: خراج الأرض المستأجرة إذا كانت خراجية على المالك، إلا إذا شرط أنْ تكون على المستأجر.

مسألة ٤78: لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء علیه السلام وفضائل أهل البيت b, والخطب المشتملة على المواعظ، ونحو ذلك ممّا له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية.

مسألة ٤79: يجوز الإستئجار للنيابة عن الأحياء والأموات في العبادات التي تشرع فيها النيابة، دون ما لا تشرع فيه كالواجبات العبادية مثل الصلاة والصيام عن الأحياء، وتجوز عن الأموات، وكذا لا تجوز الإجارة على تعليم الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام وغيرهما ممّا هو محلّ الإبتلاء، بل الأحوط الترك بالنسبة إلى ما ليس محل الإبتلاء أيضاً، وكذا لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم، لا بأس بأخذ الأجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله وعرضه وعمقه. أما أخذ الأجرة على مسمى حفر القبر اللازم، فلا يجوز ولا تصحّ الإجارة عليه.

مسألة ٤80: إذا بقيت أصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت؛ فإنْ أعرض المالك عنها فهي لمن سبق إليها، بلا فرق بين مالك الأرض وغيره، نعم؛ لا يجوز الدخول في الأرض إلا بإذنه، وإنْ لم يعرض عنها فهي له.

مسألة 481: إذا استأجر شخصاً لذبح حيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي فصار حراماً ضمن، وكذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك.

مسألة ٤82: إذا استأجر شخصاً لخياطة ثوب معين لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه فيه، وحينئذ يستحقّ الأجير الأجرة المسمّاة لا العامل، وإذا خاطه غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الإجارة واستحقّ الخائط على المالك أجرة المثل إنْ خاط بأمره، وكذا إذا كان قد استأجره ثانياً للخياطة، فإنَّ الإجارة الثانية باطلة ويكون للخائط أجرة المثل، وإنْ خاط بغير أمره ولا إجازته لم يستحق عليه شيئاً وإنْ اعتقد أنَّ المالك أمره بذلك.

مسألة ٤83: إذا استأجره ليوصل متاعه إلى بلد كذا في مدة معيّنة، فسافر بالمتاع وفي أثناء الطريق حصل مانعٌ عن الوصول بطلت الإجارة، وإذا كان المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحقّ شيئاً، وإنْ كان مجموع السفر وإيصال المتاع على نحو تعدد المطلوب استحقّ من الأجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة إلى مجموع المستأجر عليه، أما إذا كان على نحو وحدة المطلوب فلا يتحقّق شيئاً.

مسألة ٤84: إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب أو غيرها، فإنْ فسخ قبل الشروع في العمل فلا شيء له، وإنْ كان في أثنائه استحقّ بمقدار ما أتى به من‌ أجرة المثل، إلا إذا كان مجموع العمل ملحوظاً بنحو وحدة المطلوب، كما إذا استأجره على الصلاة أو الصيام فإنَّه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شيء، وكذا إذا كان الخيار للمستأجر، والأحوط أنَّه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر في الأثناء؛ كما إذا استأجره على الصلاة ففسخ في أثنائها التصالح والتراضي بمقدار ما عمل من أجرة المثل.

مسألة ٤85: إذا استأجر عيناً مدّة معيّنة ثم اشتراها في أثناء المدّة، فالإجارة باقية على صحتها، وإذا باعها في أثناء المدّة فتكون المنفعة تابعة للعين.

مسألة ٤86: تجوز إجارة الأرض مدّة معيّنة بتعميرها داراً أو تعميرها بستاناً بكري الأنهار وتنقية الآبار وغرس الأشجار ونحو ذلك ولا بدّ من تعيين مقدار التعمير كماً وكيفاً.

مسألة ٤87: تجوز الإجارة على الطبابة ومعالجة المرضى، سواءً كانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير وتضميد القروح والجروح ونحو ذلك، وتجوز المقاطعة على العلاج بقيد البُرء إذا كانت العادة تقتضي ذلك، كما في سائر موارد الإجارة على الأعمال الموقوفة على مقدمات غير اختيارية، ويحصل عادة بعد إتيان المقدمات الإختيارية.

مسألة ٤88: إذا أسقط المستأجر حقه من العين المستأجرة، لم يسقط وبقيت المنفعة على ملكه.

مسألة ٤89: لا يجوز في الاستئجار للحجّ البلدي أنْ يستأجر شخصاً من بلد الميت إلى (النجف) مثلاً، وآخر من (النجف) إلى (المدينة)، وثالثاً من المدينة إلى (مكة)، بل لا بدّ من أنْ يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أنْ يحجّ.

مسألة ٤90: إذا استؤجر للصلاة عن الحي أو الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية سهواً، فإنْ كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الإطلاق استحقّ تمام الأجرة، وكذا إذا كانت على نفس الأعمال المخصوصة وكان النقص على النحو المتعارف، وإنْ كان على خلاف المتعارف نقص من الأجرة بمقداره.

مسألة ٤91: إذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالأحوط الترتيب بين السور، والظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور وكلماتها، وإذا قرأ غلطاً بعض الكلمات والتفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم، فإنْ كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الأجرة شيء، وإنْ كان بالمقدار غير المتعارف فالأحوط وجوباً للأجير أنْ يرجع ويتم القراءة من مكان الغلط، أو يسترضي من المستأجر.

مسألة ٤92: إذا استؤجر للصلاة عن زيد فاشتبه وصلّى عن عمرو، فإنْ كان على نحو الخطأ في التطبيق، بأنْ كان مقصودة الصلاة عمّن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ في اعتقاده أنَّه عمرو صحّ عن زيد واستحقّ الأجرة، وإنْ كان على نحو آخر لم يستحقّ الأجرة ولم يصحّ عن زيد.

مسألة ٤93: الموارد التي يجوز فيها استئجار البالغ للنيابة في العبادات يجوز فيها أيضاً استئجار الصبي والله سبحانه العالم.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"