مسألة ٤25: العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر، لا يضمنها إذا تلفت أو تعيّبت إلا بالتعدي أو التفريط، وإذا اشترط المؤجر ضمانها بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صحّ، ولا ضمان في الإجارة الباطلة إذا تلفت العين أو تعيّبت.
مسألة ٤26: العين التي للمستأجر بيد الأجير الذي آجر نفسه على عمل فيها، كالثوب الذي أخذه ليخيطه، لا يضمن تلفه أو نقصه إلا بالتعدي أو التفريط.
مسألة ٤27: إذا اشترط المستأجر ضمان العين على الأجير؛ بمعنى أداء القيمة أو أرش التعيب صحّ، إذا تلف أو أتلفه الأجنبي قبل العمل أو في الأثناء، بطلت الإجارة ورجعت الأجرة كلاً أو بعضاً إلى المستأجر، وكذا إذا أتلفه المستأجر.
مسألة ٤28: المدار في القيمة على زمان الضمان، إنْ لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف.
مسألة ٤29: كلّ من آجر نفسه لعمل في مال غيره؛ إذا أفسد ذلك المال ضمن؛ كالحجّام إذا جنى في حجامته، والختّان في ختانه، وهكذا الخيّاط والنجّار والحدّاد إذا أفسدوا؛ هذا إذا تجاوز الحدّ المأذون فيه، بل عن المشهور الضمان وإنْ لم يتجاوز، وكذا المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد فهو ضامن، وأما إذا كان واصفاً فالأحوط الاسترضاء أن حصل به فساد.
مسألة ٤30: إذا تبرّأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليه بذلك ولم يقصّر في الإجتهاد يبرأ من الضمان بالتلف وإنْ كان مباشراً للعلاج.
مسألة ٤31: إذا عثر الحمّال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه، وإذا عثر فوقع هو أو ما على رأسه على إناء غيره فكسره ضمنه.
مسألة ٤32: إذا قال للخيّاط: (إنْ كان هذا القماش يكفيني قميصاً فاقطعه) فقطعه فلم يكفه ضمن، ومثله إذا قال له: (هل يكفيني قميصاً) فقال: (نعم)، فقال: (إقطعه) فقطعه فلم يكفه.
مسألة ٤33: إذا آجر عبده لعمل فأفسده يكون الضمان في كسبه، فإنْ لم يف فعلى ذمة العبد يتبع به بعد العتق إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف، وإلا تعلّق برقبته, وللمولى فداؤه بأقلّ الأمرين من الأرش والقيمة إنْ كانت خطأ، وإنْ كانت عمداً تخيّر ولي المجني عليه بين قتله واسترقاقه على تفصيل يأتي في محله.
مسألة ٤34: إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص، فلا ضمان على صاحبها إلا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب، وإذا كان غيره السبب كان هو الضامن.
مسألة ٤35: إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق، لم يضمن صاحبها إلا أنْ يشترط عليه الضمان.
مسألة ٤36: إذا حمّل الدابة المستأجرة أكثر من المقدار المقرّر بينهما بالشرط, أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيّبت ضمن ذلك وعليه أجرة المثل للزيادة مضافاً إلى الأجرة المسمّاة.
مسألة 437: إذا استأجر دابة لحمل لنقل المتاع مسافة معيّنة فزاد على ذلك، وإذا استأجرها لحمل المتاع مسافة معيّنة فركبها أو بالعكس، لزمه أكثر الأمرين من أجرة المسمّاة وأجرة المثل، والأحوط التصالح والتراضي، وكذا الحكم في أمثاله ممّا كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالإجارة، بلا فرق بين الإجارة الواقعة على الأعيان كالدار والدابة، والإجارة الواقعة على الأعمال كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة.
مسألة ٤38: إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمداً أو خطأ، لم يستحق على المستأجر شيئاً.
مسألة ٤39: إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحمّلها المالك متاع عمرو، لم يستحق أجرة لا على زيد ولا على عمرو.
مسألة ٤40: إذا استأجر دابة معيّنة من زيد للركوب إلى مكان معيّن فركب غيرها عمداً أو خطأ، لزمته الأجرة المسمّاة للأولى وأجرة المثل للثانية، وإذا اشتبه فركب دابة عمرو لزمته أجرة المثل لها، مضافة إلى الأجرة المسمّاة لدابة زيد.
مسألة ٤41: إذا استأجر سفينة لحمل الخلّ المعيّن مسافة معيّنة فحمّلها خمراً مع الخلّ المعيّن لم يستحق المالك عليه إلا الأجرة المسمّاة.
مسألة ٤42: يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أنْ يضربها أو يكبحها باللجام على النحو المتعارف، إلّا مع منع المالك.
مسألة ٤43: إذا تعدّى عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها، وفي صورة الجواز لا ضمان للنقص إنْ كان النقص من لوازم الفعل عرفاً أو شمل الأذن حتى لصورة النقص.
مسألة ٤44: صاحب الحمّام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت؛ إلا إذا جعلت عنده وديعة وتعدّى أو فرّط.
مسألة ٤45: إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن إلا مع التقصير في الحفظ، وغلبة النوم لا تعدّ من التقصير إنْ كانت أسبابها تحت اختياره، هذا إذا لم يشترط عليه أداء القيمة مع التلف، وإلا فيضمن ولم يستحق أجرة في الصورتين.
مسألة ٤46: إنّما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجرة إذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها، كما في إجارة آلات النساجة والنجارة والخياطة، أو كان المستأجر قد اشترط ذلك؛ وإلا لم يجب، فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.
مسألة ٤47: يكفي في صحة الإجارة ملك المؤجر المنفعة وإنْ لم يكن مالكاً للعين، فمن استأجر داراً جاز له أنْ يؤجرها من غيره وإنْ لم يكن مالكاً لنفس الدار، فإذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها، وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه، وإنْ لم يأذن له المالك، وإذا لم يتوقف استيفاء المنفعة على التسليم كالسفينة والسيّارة، لم يجب على المؤجر الأول تسليمها إلى الثاني، إلا إذا اشترط عليه. بل الشرط يكون فاسداً، نعم إذا أذن له المالك فلا بأس، كما أنَّه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه، لا يجوز التسليم إلا إذا كان المستأجر منه أميناً، فإذا لم يكن أميناً وسلّمها إليه كان ضامناً؛ هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، أما إذا كانت مقيّدة كما إذا استأجر دابة لركوب نفسه فلا تصحّ إجارتها من غيره، فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة، فإذا ركبها المستأجر الثاني كان آثماً إنْ كان عالماً بالفساد، ويكون ضامناً لأجرة المثل للمالك، بلا فرق بين كونه عالماً بالفساد وكونه جاهلاً به، لكنه يرجع إلى المؤجر بما غرمه للمالك إنْ كان جاهلاً بالحال، والأحوط التراضي والتصالح.
مسألة ٤48: إذا آجر الدابة للركوب واشترط على المستأجر إستيفاء المنفعة بنفسه، أو أنْ لا يؤجرها من غيره، فآجرها يكون للمالك الخيار في فسخ عقده، ومطالبة المستأجر منه بأجرة المثل.
مسألة ٤49: إذا استأجر الدكان مدة فانتهت المدة وجب عليه إرجاعه إلى المالك، ولا يجوز له إيجاره من ثالث إلا بإذن المالك، كما لا يجوز له أخذ مال من ثالث ليمكّنه من الدكان المسمى في عرفنا (سرقفلية)، إلا إذا رضي المالك به.
مسألة ٤50: إذا مات المستأجر لم يجز لوارثه أخذ (السرقفلية) إلا إذا رضي المالك، فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميت إذا كان قد أوصى، إلا إذا كان رضا المالك مشروطاً بإخراج الثلث.
مسألة ٤51: إذا اشترط المستأجر على المالك في عقد الإجارة أو عقد آخر لازم أنْ يأخذ (السرقفلية) جاز له أخذها، فإذا مات كان ذلك موروثاً لوارثه، ووجب إخراج ثلثه إذا كان أوصى به، وهذه (السرقفلية) من مؤن التجارة فلا خمس فيها. نعم إذا كان للدافع حقٌّ في أخذها من غيره وإنْ لم يرض المالك، كان ذلك الحق من أرباح التجارة يجب إخراج خمسه بقيمته، وربما زادت القيمة وربما نقصت وربما ساوت ما دفعه.
مسألة ٤52: يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أنْ يؤجر العين المستأجرة بأقلّ ممّا استأجرها به وبالمساوي، وكذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها حدثاً، أو كانت الأجرة من غير جنس الأجرة السابقة، بل يجوز أيضاً مع عدم الشرطين المذكورين، عدا البيت والدار والدكان والأجير؛ فلا يجوز إجارتها بالأكثر حينئذ، وأما الرَّحى والسفينة والأرض فيجوز على كراهة، بل الأحوط الترك.
مسألة ٤53: لا يجوز أنْ يؤجر بعض أحد هذه الأربعة بأزيد من الأُجرة، كما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن بعضها، وآجر البعض الآخر بالأكثر من عشرة دراهم، إلا أنْ يحدث فيها حدثاً، ويجوز أنْ يؤجره بأقلّ من العشرة، بل يجوز بالعشرة أيضاً.
مسألة ٤54: إذا استؤجر على عمل من غير اشتراط المباشرة، ولا مع الإنصراف إليها يجوز أنْ يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة أو الأكثر، ولا يجوز بالأقلّ إلا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً، كما إذا تقبّل خياطة ثوب بدرهمين ففصّله أو خاط منه شيئاً ولو قليلاً فإنَّه يجوز أنْ يستأجر غيره على خياطته بدرهم، بل يكفي في جواز الأقلّ بشراء الخيوط والإبرة.
مسألة ٤55: في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه على تسليم العين إلى الأجير، إذا جاز للأجير أنْ يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه، جاز له أنْ يسلّم العين إلى الأجير الثاني نظير ما تقدّم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.
مسألة ٤56: إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره، بطلت الإجارة ولم يستحق العامل ولا الأجير الأجرة، وإذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره بقصد التبرع عنه، كان أداءً للعمل المستأجر عليه، واستحق الأجير الأجرة، وإنْ فعله غيره لا بقصد التبرع عنه بطلت الإجارة ولم يستحق الأجير ولا العامل الأجرة كما في الصورة الأولى.
مسألة ٤57: يصحّ أنْ تقع إجارة الأجير على جميع منافعه الخارجية أو بعضاً ويسمى ذلك بـ(الأجير الخاص) من دون اشتغال ذمته بشيء, نظير إجارة الدابة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة. وحينئذ تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة، فلا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه ولا لغيره؛ لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة.
مسألة 458: لا بأس للأجير الخاص أنْ يعمل لنفسه أو غيره بعض الأعمال التي انصرفت عنها الإجارة ولم تشملها ولا تكون منافية لما شملته، كما أنَّه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الإشتغال بالنهار مثلاً؛ فلا مانع من الإشتغال ببعض الأعمال في الليل؛ له أو لغيره؛ تبرعاً أو بإجارة أو جعالة؛ إلا إذا أدّى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه.
مسألة ٤59: إذا عمل الأجير في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها، فإنْ كان العمل لنفسه، تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة، وبين إمضاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه أو لغيره تبرعاً، ولكن يكون له أيضاً حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه، فيتخيّر بين أمور ثلاثة: وأما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة، فله الخيار بين أمور أربعة: فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجر، وإمضائها والمطالبة بقيمة العمل، وإمضاء الإجارة أو الجعالة الواقعة من الأجير وأخذ الأجرة أو الجعل المسمى فيها، وأنْ يطالب الغير بقيمة العمل الذي استوفاه.
مسألة ٤60: إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الأولى في جميع الصور المذكورة ورجع بالأجرة المسمّاة فيها، وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر، كان له عليه أجرة المثل. هذا إذا كانت الإجارة واقعة على جميع منافعه.
مسألة ٤61: لو كانت الإجارة في الأجير الخاص على خصوص عمل بعينه كالخياطة، فليس له أنْ يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة، فإذا خالف وعمل لنفسه تخيّر بين الأمرين السابقين، وإنْ عمل لغيره تبرعاً تخيّر بين الأمور الثلاثة، وإنْ عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخيّر بين الأمور الأربعة كما في الصورة السابقة، وفي هذه الصورة لا مانع من أنْ يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافياً له، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد، جاز له أنْ يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمى، أما إذا كان منافياً له، كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة، تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوّته على المستأجر.
مسألة ٤62: إجارة النفس قسمان:
الأول: ما يسمى بالأجير الخاص، وتقدم أحكامه في المسائل السابقة.
الثاني: أنْ تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة، فيكون العمل المستأجر عليه ديناً في الذمة كسائر الديون، ويعبّر عنه بالأجير المشترك، وحينئذ تارةً تؤخذ المباشرة قيداً على نحو وحدة المطلوب، وأخرى على نحو تعدد المطلوب. فإنْ كان على النحو الأول جاز له كلّ عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة، ولا يجوز له ما ينافيه سواءً كان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره، وإذا عمل ما ينافيه تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه، وإذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الإجارة الثانية على إجازة المستأجر الأول، فإنْ لم يجز بطلت واستحقّ الأجير على من عمل له أجرة المثل، كما أنَّ المستأجر الأول يتخيّر كما تقدم بين فسخ الإجارة الأولى والمطالبة بقيمة العمل الفائت، وإنْ أجاز صحت الإجارة الثانية، واستحقّ الأجير على كلّ من المستأجر الأول والثاني، والأجرة المسمّاة في الإجارتين، وبرئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه أولاً. وإنْ كانت الإجارة على نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك، نعم؛ يسقط العمل المستأجر عليه عن ذمة الأجير بمجرد الإجازة للإجارة الواقعة على ما ينافيه، بل يسقط شرط المباشرة ويجب على الأجير العمل للمستأجر الأول لا بنحو المباشرة، والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة.