الموات: هي الأراضي التي لا ينتفع بها؛ إمّا لعدم المقتضي لإحيائها, وإمّا لوجود المانع عنه كانقطاع الماء عنها أو استيلاء المياه أو الرمل أو الأحجار أو السبخ عليها أو نحو ذلك.
مسألة ۷79: الموات على نوعين:
الأول: الموات بالأصل، وهو ما لم يعلم بعروض الحياة عليه، أو علم عدمه كأكثر البراري والمفاوز والبوادي وسفوح الجبال ونحو ذلك.
الثاني: الموات بالعارض، وهو ما عرض عليه الخراب والموتان بعد الحياة والعمران.
مسألة ۷80: يجوز لكلّ أحد إحياء الموات بالأصل ويملكها به من دون فرق بين كون المحيي مسلماً أو كافراً.
مسألة ۷81: الموات بالعارض على أقسام:
الأول: ما لا يكون له مالك كالأراضي الدارسة المتروكة والقرى أو البلاد الخربة والقنوات الطامسة التي كانت للأمم الماضية الذين لم يبق منهم إسم ولا رسم، أو أنَّها تنسب إلى طائفة لم يعرف عنهم سوى الإسم، وأباد الزمان أعيانهم وأبطل الحدثان عنوانهم.
الثاني: ما يكون له مالك مجهول لم يعرف شخصه.
الثالث: ما يكون له مالك معلوم.
أما القسم الأول: فحاله حال الموات بالأصل، ولا يجري عليه حكم مجهول المالك.
وأما القسم الثاني: فيجوز إحيائه والقيام بعمارته والتصرف فيه بأنواع التصرفات، ولكن الأحوط فيه أنْ يتفحص عن صاحبه، وبعد اليأس عنه يعامل معاملة مجهول المالك، فإما أنْ يشتري عينها من الحاكم الشرعي، يصرف الثمن في وجوه البر، وإما أنْ يستأجره منه بأجرة معينة وتصرف الأجرة في وجوه البر.
وأما القسم الثالث: فإنْ أعرض عنه صاحبه جاز لكلّ أحد إحياؤه، وإنْ لم يعرض عنه، فإنْ أبقاه مواتاً للإنتفاع به على تلك الحال من حشيشه أو قصبة، أو جعله مرعى لدوابه وأنعامه، أو أنَّه كان عازماً على إحيائه وإنّما أخر ذلك لانتظار وقت صالح له، أو لعدم توفر الآلات والأسباب المتوقف عليها الإحياء ونحو ذلك، فلا إشكال في جميع ذلك في عدم جواز إحيائه لأحد، والتصرف فيه بدون إذن مالكه في جميع ذلك.
وأما إذا علم أنْ إبقاءه من جهة عدم الاعتناء به، وأنَّه غير قاصد لإحيائه، فيجوز إحيائه لغيره إذا كان سبب ملك المالك الأول الإحياء، وليس له انتزاعه من يد المحيي، وإنْ كان الأحوط أنَّه لو رجع إليه المالك الأول أنْ يعطي حقّه إليه، ولا يتصرف فيه بدون إذنه، وأما إذا كان سبب ملكه غير الإحياء من الشراء أو الإرث، فالأحوط عدم جواز إحيائه لغيره والتصرف فيه بدون إذنه ولو تصرف فيه بزرع أو نحوه فعليه أجرته لمالكه على الأحوط.
مسألة ۷82: كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة والقرى الدراسة التي باد أهلها، كذلك يجوز حيازة موادها وأجزائها الباقية من الأخشاب والأحجار والآجر وما شاكل ذلك، ويملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.
مسألة ۷83: الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان والخراب على أقسام:
- ما لا يعلم كيفية وقفها أصلاً، وأنَّها وقف خاص أو عام، أو أنَّها وقف على الجهات أو على أقوام.
- ما علم أنَّها وقف على أقوام ولم يبق منهم أثر، أو على طائفة لم يعرف منهم سوى الاسم خاصة.
- ما علم أنَّها وقف على جهة من الجهات، ولكن تلك الجهة غير معلومة أنَّها مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غير ذلك.
- ما علم أنَّها وقف على أشخاص ولكنهم غير معلومين بأشخاصهم وأعيانهم، كما إذا علم أنّ مالكها وقفها على ذريته مع العلم بوجودهم فعلاً.
- ما علم أنَّها وقف على جهة معينة أو أشخاص معلومين بأعيانهم.
- ما علم إجمالاً بأنَّ مالكها قد وقفها، ولكن لا يدري أنَّه وقفها على جهة كمدرسة المعينة، أو أنَّه وقفها على ذريته المعلومين بأعيانهم، ولم يكن طريق شرعي لإثبات وقفها على أحد الأمرين.
أما القسم الأول والثاني: فيجوز إحيائهما لكلّ أحد ويملكهما المحيي، فحالهما من هذه الناحية حال سائر الأراضي الموات.
وأما القسم الثالث: فالأحوط لمن يقوم بإحيائه وعمارته بزرع أو نحوه، أنْ يراجع الحاكم الشرعي أو وكيله، ويدفع أجرة مثله إليه أو يصرفها في وجوه البرّ، وله أنْ يشتريه منه أو يستأجره بأجرة معينة، وكذلك الحال في القسم الرابع.
وأما القسم الخامس: فيجب على من أحياه وعمّره أجرة مثله، ويصرفها في الجهة المعينة إذا كان الوقف عليها، ويدفعها إلى الموقوف عليهم المعينين إذا كان الوقف عليهم، ويجب أنْ يكون التصرف بإجازة المتولي أو الموقوف عليهم.
وأما السادس: فيجب على من يقوم بعمارته وإحيائه أجرة مثله، ويجب صرفها في الجهة المعينة بإجازة من الذرية، كما أنَّه يجب عليه أنْ يستأذن في تصرفه فيه منهم ومن المتولي لتلك الجهة إنْ كان، وإلا فمن الحاكم الشرعي أو وكيله، وإذا لم يجز الذرية الصرف في تلك الجهة، فينتهي الأمر إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه كما يأتي.
مسألة ۷84: من أحيا أرضاً مواتا تبعها حريمها بعد الإحياء، وحريم كلّ شيء مقدار ما يتوقف عليه الإنتفاع به، ولا يجوز لأحدٍ أنْ يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه.
مسألة ۷85: حريم الدار عبارة عن مسلك الدخول إليها والخروج منها في الجهة التي يفتح إليها باب الدار، ومطرح ترابها ورمادها ومصبّ مائها وثلوجها وما شاكل ذلك.
مسألة ۷86: حريم حائط البستان ونحوه مقدار مطرح ترابه والآلات والطين والجص إذا احتاج إلى الترميم والبناء.
مسألة ۷87: حريم النهر مقدار مطرح ترابه وطينة إذا احتاج إلى الإصلاح والتنقية، والمجاز على حافتيه للمواظبة عليه.
مسألة ۷88: حريم البئر موضع وقوف النازح، إذا كان الاستقاء منها باليد، وموضع تردد البهيمة والدولاب، والموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه ومصبه، ومطرح ما يُخرَج منها من الطين عند الحاجة ونحو ذلك.
مسألة ۷89: حريم العين ما تحتاج إليه في الإنتفاع منها على نحو ما مر في غيرها.
مسألة ۷90: حريم القرية ما تحتاج إليه في حفظ مصالحها ومصالح أهلها من مجمع ترابها وكناستها ومطرح سمادها ورمادها، ومجمع أهاليها لمصالحهم، ومسيل مائها والطرق المسلوكة منها وإليها، ومدفن موتاهم ومرعى ماشيتهم ومحتطبهم، وما شاكل ذلك، كلّ ذلك بمقدار حاجة أهل القرية بحيث لو زاحم مزاحم لوقعوا في ضيق وحرج، وهي تختلف باختلاف سعة القرية وضيقها وكثرة أهليها وقلتهم وكثرة مواشيها ودوابها وقلتها وهكذا، وليس لذلك ضابط غير ذلك، وليس لأحدٍ أنْ يزاحم أهاليها في هذه المواضع.
مسألة ۷91: حريم المزرعة ما يتوقف عليه الإنتفاع منها ويكون من مرافقها، كمسالك الدخول إليها والخروج منها، ومحل بيادرها وحظائرها ومجتمع سمادها ونحو ذلك.
مسألة ۷92: الأراضي المنسوبة إلى طوائف خاصة وعشائر مخصوصة، لمجاورتها لبيوتهم ومساكنهم، من دون تملكهم لها بالإحياء باقية على إباحتها الأصلية، فلا يجوز لهم منع غيرهم من الإنتفاع بها، ولا يجوز لهم أخذ الأجرة ممن ينتفع بها، وإذا قسّموها فيما بينهم لرفع التشاجر والنزاع، لا تكون القسمة صحيحة، فيجوز لكلّ من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالآخر بحسب القسمة، نعم إذا كانوا يحتاجون إليها لرعي الحيوان أو نحو ذلك كانت من حريم أملاكهم، ولا يجوز لغيرهم مزاحمتهم وتعطيل حوائجهم.
مسألة ۷93: للبئر حريم آخر، وهو أنْ يكون الفصل بين بئر وبئر أخرى بمقدار لا يكون في أحداث البئر الثانية ضرر على الأولى، من جذب مائها تماماً أو بعضاً، أو منع جريانه من عروقها وهذا هو الضابط الكلّي في جميع أقسامها، وهو يختلف باختلاف الأراضي والآبار، وقلّة العمق وكثرته وسائر الجهات.
مسألة ۷94: للعين والقناة أيضاً حريم آخر، وهو أنْ يكون الفصل بين عين وعين أخرى وقناة وقناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع، وفي الأرض الرخوة ألف ذراع، وهو تحديد غالبي حيث أنَّ الغالب يندفع الضرر بهذا المقدار من البعد غالباً، ولكنه يمكن اختلاف ذلك باختلاف بعض الجهات والخصوصيات، فيرجع إلى ثقات أهل الخبرة، وعليه فلو فرض أنَّ العين الثانية تضر بالأولى وينقص ماؤها مع هذا البعد، فالظاهر عدم جواز إحداثها، ولا بدّ من زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو يرضى به مالك الأولى، كما أنَّه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في أحداث قناة أخرى في أقلّ من هذا البعد، فيجوز بلا حاجة إلى الإذن من صاحب القناة الأولى ولا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات وبين إحداثها في ملكه، فكما يعتبر في الأول أنْ لا يكون مضراً بالأولى، فكذلك في الثاني، كما أنَّ الأمر كذلك في الآبار والأنهار التي تكون مجاري للماء، فيجوز إحداث بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر أخرى مع عدم الإضرار بها، كما يجوز إحداث نهر قرب آخر، وليس لمالك الأول منعه إلا مع التضرر به.
مسألة ۷95: يجوز إحياء الموات التي في أطراف القنوات والآبار في غير المقدار الذي يتوقف عليه الإنتفاع منها، فإنَّ اعتبار البعد المذكور في القنوات والآبار إنّما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر أخرى فقط.
مسألة ۷96: إذا لم تكن الموات من حريم العامر ومرافقه على النحو المتقدم جاز إحياؤها لكلّ أحد، وإنْ كانت بقرب العامر، ولا تختصّ بمن يملك العامر ولا أولوية له.
مسألة ۷97: الحريم مطلقاً ليس ملكاً لمالك ما له الحريم، سواءً كان حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك، وإنّما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أنَّه من متعلقات حقّه.
مسألة ۷98: لا حريم للأملاك المتجاورة، مثلاً لو بنى المالكان المتجاوران حائطاً في البين، لم يكن له حريم من الجانبين، وكذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه حائطاً أو غيره، لم يكن له حريم في ملك الآخر.
مسألة ۷99: يجوز لكلّ مالك أنْ يتصرف في ملكه بما شاء، ما لم يستلزم ضرراً على جاره، وإلا فالظاهر عدم جوازه، كما إذا تصرّف في ملكه على نحو يوجب خللاً في حيطان دار جاره، أو حبس ماء في ملكه بحيث تسري الرطوبة إلى بناء جاره، أو أحدث بالوعةً أو كنيفاً بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها، أو حفر بئراً بقرب بئر جاره فأوجب نقصان مائها. ولا فرق بين أنْ يكون النقص مستنداً إلى جذب البئر الثانية ماء الأولى، وأنْ يكون مستنداً إلى كون الثانية أعمق من الأولى. نعم؛ لا مانع من تعلية البناء وإنْ كانت مانعة عن الإستفادة من الشمس أو الهواء، ولكن أمر الجار شديدٌ وحثّ الشارع على مراعاته أكيداً، فعن العبد الصالح علیه السلام قال: (لَيْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفَّ الْأَذَى، ولَكِنَّ حُسْنَ الْجِوَارِ صَبْرُكَ عَلَى الْأَذَى)[1].
مسألة ۸00: إذا لزم من تصرّفه في ملكه ضررٌ على جاره ولم يكن مثل هذا الضرر أمراً متعارفاً فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه، ولو تصرف وجب عليه رفعه. هذا إذا لم يكن في ترك التصرف ضرر على المالك، وأما إذا كان في تركه ضررٌ عليه، فلا بدّ من مراجعة ثقات أهل الخبرة، ومراعاة التراضي، ولو تصرف وحصل به ضرر على الجار، يضمن الضرر الوارد عليه إذا كان مستنداً إليه عرفاً، مثلاً لو حفر بالوعةً في داره تضرّ ببئر جاره وجب عليه طمّها، إلا إذا كان فيه ضرر على المالك فيرجع إلى حكم المسألة السابقة من مراجعة ثقات أهل الخبرة والتصالح والتراضي.
مسألة ۸01: مَن سبق إلى أرض مباحة لا مالك لها، ذات أشجار وقابلة للإنتفاع بها ملكها، ولا يتحقّق السبق إليها إلا بالاستيلاء عليها، وصيرورتها تحت سلطانَّه وخروجها من إمكان استيلاء غيره عليها.
مسألة ۸02: قد حثّ الشرع المقدس على رعاية الجار، وحُسن المعاشرة مع الجيران، وكفّ الأذى عنهم، وحرّمة إيذائهم، وقد ورد في بعض الروايات: (إِنَّ الْجَارَ كَالنَّفْسِ؛ غَيْرَ مُضَارٍّ ولَا آثِمٍ, وحُرْمَةَ الْجَارِ عَلَى الْجَارِ كَحُرْمَةِ أُمِّهِ)[2]، وفي بعضها الآخر (حُسْنُ الْجِوَارِ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ)[3]، و(حُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرُ الدِّيَارَ ويَزِيدُ فِي الْأَعْمَارِ)[4]، وفي الثالث: (مَنْ كَفَ أَذَاهُ عَنْ جَارِهِ أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )[5]، وفي الرابع: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَهُ )[6]، وغيرها ممّا قد أكد في الوصية بالجار، وتشديد الأمر فيه.
مسألة ۸03: يستحب للجار الإذن في وضع خشب جاره على حائطه مع الحاجة، ولو أذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه، وكذا بعد البناء إذا لم يضر الرفع وإلا فلا يجوز، والإحتياط في التراضي.
مسألة ۸04: لو تداعيا جداراً لا يد لأحدهما عليه، فهو للحالف منهما مع نكول الآخر، ولو حلفا أو نكلا فهو لهما، ولو اتصلّ ببناء أحدهما دون الآخر، أو كان له عليه طرح فهو له مع اليمين.
مسألة ۸05: إذا اختلف مالك العلو ومالك السفل، كان القول قول مالك السفل في جدران البيت، وقول مالك العلو في السقف وجدران الغرفة والدرجة، وأما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل، وطريق العلو في الصحن بينهما والباقي للأسفل.
مسألة ۸06: يجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملكه إذا تدلت عليه، فإنْ تعذّر عطفها قطعها بإذن مالكها، فإنْ امتنع أجبره الحاكم الشرعي.
مسألة ۸07: راكب الدابة أولى بها من قابض لجامها، ومالك الأسفل أولى بالغرفة المفتوح بابها إلى الجار من الجار، مع التنازع واليمين وعدم البينة.
مسألة ۸08: يعتبر في تملّك الموات أنْ لا تكون مسبوقة بالتحجير من غيره، ولو أحياها بدون إذن المحجّر لم يملكها ويتحقّق التحجير بكلّ ما يدّل على إرادة الإحياء، كوضع الأحجار في أطرافها، أو حفر أساس أو حفر بئر من آبار القناة الدراسة الخربة، فإنَّه تحجيرٌ بالإضافة إلى بقية آبار القناة، بل هو تحجير أيضاً بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه، فلا يجوز لغيره إحياؤها.
مسألة ۸09: لو حفر بئراً في الموات بالأصل لإحداث قناة فيها، فهو تحجير بالإضافة إلى أصل القناة، وبالإضافة إلى الأراضي الموات التي يصل إليها ماؤها بعد تمامها، وليس لغيره إحياء تلك الأراضي.
مسألة ۸10: التحجير كما عرفت يفيد حقّ الأولوية، ولا يفيد الملكية، ويصحّ الصلح عنه ويورث، ويقع ثمنٌ في البيع لأنَّه حقّ قابل للنقل والإنتقال.
مسألة ۸11: يعتبر في كون التحجير مانعاً، تمكّن المحجر من القيام بعمارته وإحيائه، فإنْ لم يتمكن من إحياء ما حجّره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقف عليها الإحياء، جاز لغيره إحياؤه.
مسألة ۸12: لو حجّر زائداً على ما يقدر على إحيائه لا أثر لتحجيره، بالإضافة إلى المقدار الزائد.
مسألة ۸13: لو حجّر الموات من كان عاجزاً عن إحيائها، ليس له نقلها إلى غيره بصلح أو هبة أو بيع أو نحو ذلك.
مسألة ۸14: لا يعتبر في التحجير أنْ يكون بالمباشرة، بل يجوز أنْ يكون بالتوكيل والاستيجار، وعليه فيكون الحقّ الحاصل بسبب عملهما للموكل والمستأجر لا للوكيل والأجير.
مسألة ۸15: إذا وقع التحجير عن شخص نيابة عن غيره، ثم أجاز النيابة، ففي ثبوت الحقّ للمنوب عنه وجه، فالأحوط مراعاة إذنه ورضاه في الإحياء.
مسألة ۸16: إذا انمحت آثار التحجير، فإنْ كان من جهة إهمال المحجّر بطل حقّه وجاز لغيره إحياؤه، وإذا لم يكن من جهة إهماله وتسامحه، وكان زوالها بدون اختياره، كما إذا أزالها عاصف ونحوه، فالأحوط مراعاة إذنه ورضاه في الإحياء.
مسألة ۸17: اللّازم على المحجّر أنْ يشتغل بالعمارة والإحياء عقيب التحجير، فلو أهمل وترك الإحياء وطالت المدّة، فالأحوط أنْ يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي أو وكيله، فيلزم المحجّر بأحد أمرين: إما الإحياء أو رفع اليد عنه، ولو أبدى عذراً مقبولاً يمهّل بمقدار زوال عذره، فإذا اشتغل بعده بالتعمير ونحوه فهو، وإلا بطل حقّه وجاز لغيره إحياؤه، وإذا لم يكن الحاكم موجوداً، يجوز تصدّي ثقات المؤمنين لذلك، ومع عدمهم بسقط حقّ المحجّر إذا أهمل بمقدار يعدّ عرفاً تعطيلاً له، والأحوط الأولى مراعاة حقّه إلى ثلاث سنين.
مسألة ۸18: لا يعتبر في التملّك بالإحياء قصد التملّك بل يكفي قصد الإحياء والإنتفاع به بنفسه، أو من هو بمنزلته، فلو حفر بئراً في مفازة بقصد أنْ يقضي منها حاجته ملكها، ولكن إذا ارتحل وأعرض عنها وسبق إليها شخصٌ وتملّكه ملكه.
مسألة ۸19: لا بدّ في صدق إحياء الموات من العمل فيه إلى حدّ يصدق عليه أحد العناوين العامرة، كالدار والبستان والمزرعة والحظيرة والبئر والقناة والنهر وما شاكل ذلك، ولذلك يختلف ما اعتبر في الإحياء باختلاف العمارة، فما اعتبر في إحياء البستان والمزرعة ونحوهما غير ما هو معتبر في إحياء الدار وما شاكلها، وعليه فحصول المِلْك تابع لصدق أحد هذه العناوين، ويدور مداره وجوداً وعدماً وعند الشك في حصوله يحكم بعدمه.
مسألة ۸20: الإعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته، نعم إذا سبق إليه من تملّكه ملكه، وإلا فهو يبقى على ملك مالكه، فإذا مات فهو لوارثه، ولا يجوز التصرف فيه إلا بإذنه أو إعراضه عنه.
[1]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج12 ص122.
[2]. المصدر السابق؛ ص126.
[3]. المصدر السابق؛ ص128.
[4]. المصدر السابق؛ ص129.
[5]. المصدر السابق؛ ص128.
[6]. المصدر السابق؛ ص129.