1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. مناسک الحج
وجوب الحج

الحج من أركان الإسلام كالصلاة والصيام, وتركه مع استجماع الشرائط الآتية من المعاصي الكبيرة, بل قد يوجب الكفر.

مسألة 1: لا يجب الحج في أصل الشرع إلا مرّة واحدة في تمام العمر مع استجماع الشرائط الآتية.

مسألة 2: تجب المبادرة إليه في عام حصول الاستطاعة, ولا يجوز تأخيره عنه وإنّ تركه فيه ففي العام الثاني, وهكذا.

شرائط حَجَّة الإسلام

وهي ثلاثة:

الأول: الكمال؛ بالبلوغ والعقل؛ فلا يجب على الصبيّ وإنْ كان مراهقاً ومستطيعاً, ولا على المجنون وإنْ كان إدوارياً ما لم يفِ دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال وتهيئة ما لا بُدَّ له من المقدمات.

الثاني: الحرية؛ فلا يجب على المملوك وإن كان مستطيعاً.

الثالث: الإستطاعة؛ وهي عبارة عن التمكن بحسب المتعارف من إتيان الحج من جهة المال, وعدم المنع في الطريق, وصحّة البدن وقوته, وسعة الوقت, وكفايته للأعمال؛ فلو حج بدون ذلك لا يجزي عن الحج الواجب عليه في أصل الشرع.

مسألة 3: المرجع في تحقُّق الاستطاعة والتمكن من الحج متعارف الناس مع ملاحظة حال الشخص من حيث القوة والضعف, والشرف والضعة فلا يكفي ما دون ذلك, فلو تكلَّف بالحج بدونه فلا يجزيه.

مسألة 4: لا تعتبر الاستطاعة أنْ تكون من الوطن؛ فلو استطاع العراقي من الحجاز أو الشام وجب عليه الحج وإنْ لم يكن مستطيعاً لو كان في وطنه؛ سواء كان مقيماً في محلِّ حصول الاستطاعة, أم كان مسافراً واتفق حصولها فيه, بل لو مشى إلى قبل الميقات لحاجته وتمكن من الحج من هناك وجب عليه مع تحقق سائر الشرائط ويجزي عن حَجَّةِ الإسلام.

مسألة 5: لو مشى خادماً لأحد أو صانعاً في عمل, أو مستجدياً ممّا قبل الميقات وجب عليه الحج، ويجزيه عن حَجَّة الإسلام لو أتى به.

مسألة 6: كما يعتبر في تحقق الاستطاعة التمكّن من المسير إلى الحج كذلك يعتبر التمكّن من العود إلى الوطن إنْ أرادَ العود إليه أو إلى ما أراد المقام فيه بشرط أنْ لا تكون نفقة العود إليه أزيد من نفقة العود إلى الوطن إلا مع الإضطرار إلى المقام فيه فيعتبر التمكن من نفقة العود إليه حينئذٍ وإنْ زادت عن نفقة العود إلى الوطن.

مسألة 7: يعتبر في الاستطاعة استثناء كلّ ما يحتاج إليه في ضروريات معاشه، وأنْ يكون ذلك بحسب شأنه وشرفه؛ كداره وأثاث بيته وثياب تجمله وما يحتاج إليه لركوبه والكتب التي يحتاج إليها وما يحتاج إليه من آلات الصناعة وأدواتها, وكذا حُليّ المرأة مع حاجتها إليها شرفاً وزماناً. ولو فعل ذلك وحجّ لا يجزيه عن حَجَّةِ الإسلام، ويجب عليهِ الإتيان بها بعد تحقق الاستطاعة ثانياً.

مسألة 8: المدار في الإحتياج إلى ما ذكر ما هو المتعارف لدى العقلاء, سواء كان فعلياً أم لم يكن.

مسألة 9: لو كان عنده ما يكفيه للحج وكان محتاجاً إلى التزويج بحسب المتعارف, أو كان تركه موجباً لحدوث مرض أو مهانة وحرج عرفي أو للوقوع في المحرَّم؛ لا يكون مستطيعاً ولو صرفه مع ذلك في الحج لا يجزيه.

مسألة 10: لو شك في مقدار ماله وأنه وصل إلى حدِّ الاستطاعة أم لا, أو علم مقداره ولكن شك في أنه وافٍ بالحج أم لا فالأحوط وجوباً الفحص عن ذلك.

مسألة 11: لو كان متمكناً من الحج ذهاباً وإياباً وشك في أنَّ ماله يكفيه لرواج أمره بعد العود من الحج أم لا, فالأحوط وجوباً الفحص.

مسألة 12: لو تمكن من المسير ولم تتهيأ له أسباب المسافر فعلاً؛ لا يجوز له تفويت الاستطاعة مع احتمال حصولها فضلاً عن العلم بذلك؛ سواء كان ذلك حين خروج الرفقة أم قبله, ولو فعل ذلك يستقر عليه الحج.

مسألة 13: لو حصل له التمكن من حيث المال ولم يتمكن من المسافرة في هذه السنة لمرض ونحوه من الأعذار المانعة وعلم بزوالها في السنين اللّاحقة؛ لا يجب عليه إبقاء المال إلى تلك السنين، بل يجوز له التصرف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة المالية.

مسألة 14: إذا كان له مال غائب بقدر الاستطاعة تماماً أو إتماماً وأمكنه التصرف فيه -ولو بالتوكيل- يكون مستطيعاً، ويجب عليه الحج مع تحقّق سائر الشرائط, بل يستقر عليه مع تركه وإنْ تلف ذلك المال بعد الموسم أو أتلفه ولو قبله, وكذا لو مات وهو في محلٍّ آخر.

مسألة 15: لو كان مستطيعاً واقعاً ولم يعلم بها واعتقد خلافها وجب عليه الحج مع تحقق سائر الشرائط, بل يستقر عليه حينئذٍ وإنْ تلف المال بعد الموسم أو أتلفه ولو قبله.

مسألة 16: إذا اعتقد أنه غير مستطيع وحج ندباً فإنْ قصد امتثال المأمور به الفعلي وكان قصدُ الحج الندبي طريقاً محضاً إليه صَحَّ وأجزأ عن حَجَّة الإسلام, وكذا إنْ علم بالاستطاعة وغفل عنها. وأما إذا التفت إليها واعتقد عدم فوريتها فحج ندباً فإنه يصحّ حَجُّه، وفي إجزاءه عن حجة الإسلام إشكال.

مسألة 17: يعتبر في الاستطاعة بقاء المال إلى تمام الأعمال؛ فلو تلف بعد ذلك ولو في أثناء الطريق كشف عن عدمها, وكذا لو حصل عليه دَين قهراً فأخرجه عن الاستطاعة عرفاً. وأما لو كان ذلك بتقصير منه فلا يوجب ذلك زوالها, بل يجب عليه الحج ولو متسكعاً.

مسألة 18: لو تلف بعد تمام الأعمال مؤنة عوده إلى وطنه أو أتلفَ ذلك في أثناءها يصحّ حجه ويجزي عن حجة الإسلام, وكذلك لو مات بعد دخول الحرم والإحرام.

مسألة19: لا تعتبر الملكية في الاستطاعة, بل تحصل بالإباحة المطلقة ونحوها ممّا لا ملكية فيها.

مسألة 20: يشترط في تحقق الاستطاعة مضافاً إلى ما مرّ أنْ يتمكن من نفقة عياله العرفي وإنْ لم يكن واجب النفقة عليه حتى يرجع, وأنْ يتمكن بعد الرجوع عن الحج من إمرار معاشه بما يليق بشأنه وحاله؛ ولو كان من الحقوق الشرعية مثل الخمس والزكاة ونحوهما إنْ كان إمرار معاشه منها قبل الاستطاعة.

مسألة 21: يشترط أيضاً الاستطاعة البدنية والوقتية والطريقية أيضاً, فلو كان مريضاً بحيث تكون الحركة حرجاً عليه, أو كان الوقت ضيقاً لا يمكنه الوصول إلى الحج أو أمكنه ولكن مع المشقة والحرج, أو كان في الطريق مانع لا يمكنه المسير معه لخوف على نفسه أو عرضه أو ماله, أو أمكنه ولكن بالمشقة والحرج؛ لا يكون مستطيعاً في جميع ذلك. وحينئذٍ؛ فإنْ بقي ماله إلى السنة اللاحقة مع تحقق سائر الشرائط وجب عليه، وإلا فلا.

مسألة 22: من ليس له مال يحج به ولكن بذل له باذل, فقال له: حُجّ، وعليَّ مصارفك ومصارف عيالك, أو خذْ هذا المال الكافي لك ولعيالك وحُجّ به؛ يصير مستطيعاً ويجب عليه الحج حينئذٍ. ولو تركه مع تحقق سائر الشرائط يستقر عليه, ولا فرق فيه بين التمليك والإباحة, ولا بين بذل العين والثمن, ولا بين كون الباذل واحداً أو متعدداً, ولا بين بذل تمام المصارف أو إتمامها, ولا بين وجوب البذل على الباذل بنذر ونحوه وعدم الوجوب.

مسألة 23: يعتبر الاطمئنان بعدم رجوع الباذل عمّا بذل, ولا يمنع الدَين عن وجوب الحج بالاستطاعة بالبذل إلا إذا كان حالاً وكان الدئن مطالباً ولم يتمكن المديون من أداءه إنْ حج، كما لا يشترط الرجوع إلى كفاية فيها. نعم، يعتبر تمكنه في مدة مسافرته من مصارف عياله العرفي بنفسه أو بالبذل.

مسألة 24: لو طلب منه الإجارة في طريق الحج بما يصير معه مستطيعاً لا يجب عليه القبول، ولكن لو فعل يصير مستطيعاً ووجب عليه الحج, ولو أجّر نفسه للنيابة عن الغير واستطاع بمال الإجارة قدّم الحج النيابي إنْ كانت النيابة للسنة الأولى؛ فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة القابلة وجب الحج لنفسه وإلا فلا.

مسألة 25: لا يكفي الحج بغير الاستطاعة الملكية أو البذلية عن حجة الإسلام مطلقاً, سواء كان لنفسه أم لغيره, تبرعاً أم بالإجارة.

مسألة 26: يجب على المستطيع أنْ يحج مباشرة؛ فلا يجزي حج غيره عنه تبرعاً أو بالإجارة مع التمكن من المباشرة. نعم؛ لو استقر عليه ولم يتمكن منها لمرض لم يرجُ زواله, أو حُصر كذلك, أو هرم بحيث لا يقدر, أو كان حرجاً عليه؛ وجبت الاستنابة حينئذٍ, ولو لم يستقر عليه ولكن لم يمكنه المباشرة لعذر عقلي أو شرعي لا تجب الاستنابة وإنْ كان أحوط.

مسألة 27: وجوبُ الاستنابة على من استقر عليه ولم يتمكن من المباشرة فوريٌّ، ويجزيه حج النائب مع بقاء العذر إلى أنْ مات, ولو زال العذر وجب عليه الإتيان مباشرة سواء كان زواله بعد العمل أم في أثناءه فضلاً عمّا إذا كان قبل الشروع فيه. ولو ترك الاستنابة في زمان الحياة عذراً أو عصياناً وجبت بعد الموت, ولو استناب مع رجاء زوال العذر لم يجزِ عنه، ووجب الحج عليه بعد زواله. ولو استناب مع رجاء زوال العذر وحصل اليأس بعد عمل النائب فالظاهر الإجزاء. ويكفي الاستنابة من الميقات وإنْ كان الأحوط أنْ يكون من محل المعذور, كما إنه يكفي حج المتبرع عنه إنْ كان بتسبيب منه.

مسألة 28: لو استقر عليه الحج ومشى إليه ومات في الطريق؛ فإنْ كان موته بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه عن حجه، وإلا فلا يجب الاستنابة عنه سواء كان موته قبل الإحرام ودخول الحرم أم قبل أحدهما فقط, ولا فرق في الإجزاء بين كون الموت حال الإحرام أم بعد الحِلّ إذا مات بين الإحرامين.

مسألة 29: من استطاع إلى الحج ولم يستقر عليه ومشى إليه؛ فإنْ مات بعد الإحرام ودخول الحرم يجزيه عن حجه, وإنْ مات قبلهما فلا يجب الاستنابة عنه، بل لا يستحب أيضاً وإنْ كان الأفضل لكبار الورثة الإستنابة عنه من سهامهم.

مسألة 30: من استكملت شرائط الحج بالنسبة إليه وأهمل حتى زال بعضها أو تمامها يستقر عليه الحج، ويجب الإتيان به بأيّ وجه تمكن. وإنْ مات يجب أنْ يقضى عنه إنْ كانت له تركة، ويصحّ التبرع عنه ويتحققّ الاستقرار ببقاءها إلى زمان يمكن فيه العود إلى وطنه بالنسبة إلى الاستطاعة المالية والبدنية وأمن الطريق، وأما بالنسبة إلى العقل فيكفي بقاءها إلى آخر الأعمال.

قضاء الحج

مسألة 31: يُقضى الحج الواجب من أصل التركة بلا فرق بين التمتع والقران والإفراد أو عمرتهما إنْ لم يوص بها, بل وكذا إنْ أوصى بها من غير تعيين كونها من الأصل أو الثلث يخرج منه مقدماً على الوصايا المندوبة, وإنْ كانت متأخرة عنها في الذكر ولو لم يفِ بها الثلث أُخذت البقية من الأصل.

مسألة 32: تجب المبادرة إلى الاستئجار عن الميت في سنة الموت، ولا يجوز التأخير عنها خصوصاً إنْ كان فوت الحج عنه بتقصيره ولو لم يمكن إلا من البلد وجب وخرج من الأصل, وإنْ أمكن من الميقات في السنين الأخيرة. وكذا لو أمكن من الميقات بأزيد من الأجرة المتعارفة في سنة الموت وجب ذلك، ولا يجوز التأخير. ولو أهمل الوصي أو الوارث الاستئجار عنه فتلفت التركة ضمن.

مسألة 33: لو اختلف تقليد الميت مع مَن تكليفُه تفريغُ ذمة الميت وصياً كان أم وارثاً في الحج البلدي والميقاتي، أو اختلف في أصل وجوب الحج وعدمه، أو لم يعلم فتوى مجتهد الميت، أو لم يعلم مجتهده, أو لم يعلم أنه كان مقلداً أم لا, أو علم أنه كان مجتهداً ولكن لم يعلم رأيه؛ فالمدار في جميع ذلك كلّه على تكليف الوصي أو الوارث اجتهاداً أو تقليداً, ومع الاختلاف لا بُدَّ من الرجوع إلى الحاكم الشرعي.

مسألة 34: من استقر عليه الحج وتمكّن من إتيانه ليس له أنْ يحج عن غيره تبرعاً أو بالإجارة، وكذا ليس له أنْ يتطوّع به. ولو خالف ففي صحته إشكال؛ خصوصاً في صورة العلم والعمد, بل تبطل أصل الإجارة أيضاً، ولو لم يتمكن من حج نفسه صحّ حجه عن الغير مطلقاً, كما تصحّ الإجارة أيضاً.

الوصية بالحج

مسألة 35: الحج الموصى به يخرج من الأصل إنْ كان واجباً إلا إذا صرّح بإخراجه من الثلث فيخرج منه حينئذٍ، وإنْ لم يفِ به أُخرِج الزائد من الأصل، وإنْ كان مندوباً يخرج من الثلث، ولو لم يعلم أنه واجب أو مندوب؛ فإنْ كانت في البين قرينة معتبرة أو انصراف صحيح أو أصل يُعيَّن به أحدهما فهو، وإلا فيخرج من الثلث. ويكفي الميقاتي سواء كان واجباً أم مندوباً؛ والأول يخرج من الأصل، والثاني من الثلث. ولو أوصى بالبلدية فالزائد عن الأجرة الميقاتية يخرج من الثلث في الواجب وتمامها في المندوب.

أحكام النيابة

مسألة 36: تصحّ النيابة عن الميت في الحج الواجب والمندوب، وعن الحي في المندوب مطلقاً والواجب فيما إذا عجز عن المباشرة واستمر عجزه على ما مرّ في (مسألة27).

مسألة 37: يشترط في النائب أمور:

الأول: البلوغ على الأحوط, بلا فرق بين الإجاري والتبرعي، وفي نيابة غير البالغ في الحج المندوب بإذن الولي وجه.

الثاني: العقل, فلا يصحّ من المجنون ولو كان إدوارياً في دور جنونه، وتصحّ نيابة السفيه.

الثالث: الإيمان.

الرابع: الوثوق والاطمئنان بأنه يأتي بالعمل صحيحاً، وبعد حصوله لو شك في أنه أتى بالعمل صحيحاً  أم لا، يحمل على الصحّة.

الخامس: معرفته بأفعال الحج وأحكامه ولو بمتابعة من يعرفهما.

السادس: عدم اشتغال ذمته بحج واجب عليه في ذلك العام على ما مرّ.

السابع: أنْ لا يكون معذوراً في ترك بعض الأعمال, بل لو تبرّع المعذور يشكل الاكتفاء به.

الثامن: أنْ يكون متحداً في عام واحد مع وحدة المنوب عنه في الحج الواجب, فلا يصحّ أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد فيه إلا إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة, كما إذا نذر كلّ منهما أنْ يشترك مع الآخر في تحصيل الحج، ويجوز التعدد في المندوب, كما يجوز بعنوان إهداء الثواب.

التاسع: أنْ لا يضيق وقته عن إتمام حَجّ التمتع حتى يصير تكليفه العدول إلى الإفراد، وإذا كان وظيفة المنوب عنه التمتع ولو كان وقته موسعاً فاتفق الضيق يعدل إلى الإفراد ويجزي حينئذٍ عن المنوب عنه وإنْ كان الأحوط عدم الإجزاء عنه.

العاشر: أنْ يباشر إتيان الأعمال بنفسه إلا مع الإذن في استئجار غيره.

مسألة 38: يشترط في صحّة الحج النيابي قصد النيابة وتعيين المنوب عنه قصداً ولو إجمالاً, ولا يشترط ذكر اسمه وإنْ استحب ذلك في جميع المواطن والمواقف، وتصحّ النيابة إجارة وجعالة وتبرعاً.

مسألة 39: لا تفرغ ذمة المنوب عنه بمجرد الإجارة والجعالة, بل يتوقف فراغها على الإتيان بالعمل صحيحاً. نعم؛ لو مات النائب بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأ منه, وإلا فلا وإنْ مات بعد الإحرام.

الحج الواجب بالنذر والعهد واليمين

مسألة 40: يعتبر في انعقاده بأحدها؛ البلوغ والعقل والقصد والاختيار, فلا ينعقد من الصبي ولا المجنون ولا الساهي ولا السكران ولا المكرَه، ويصح من الكافر المعترف بالله.

مسألة 41: إذا نذر الحج بنفسه أو إحجاج غيره وجب عليه أحدهما مخيّراً, وإنْ مات وجب القضاء كذلك، ولو تعذّر أحد الطرفين تعيّن الآخر, وكذا لو نذر أنْ يحجّ أو يزور الإمام الحسين j مخيّراً بينهما.

مسألة 42: لو علم اشتغال ذمة الميت بحج ولم يُعلم أنه حجة الإسلام أو حج النذر وجب القضاء عنه بقصد القربة المطلقة، ولا تجب الكفارة. ولو تردد ما عليه بين النذر والحلف وجبت الكفارة أيضاً, ويكفي إطعام عشرة مساكين، والأحوط الستين مع عدم المزاحم في البين.

مسألة 43: لا ينعقد يمين الزوجة مع منع الزوج، ولا الولد مع منع الوالد المسلم. ولو حلفا كان للزوج والوالد حلُّ حلفهما إنْ كان في الحلف أذية للوالد ولو من جهة شفقته، وكذا في النذر والعهد. ولا يشمل ولد الولد، كما لا يشمل الزوجة المنقطعة، ولا تلحق الأم بالأب. ويجوز للولد والزوجة التماس الوالد والزوج أنْ يحلّا حلفهما ونذرهما. ولو نذرت أو حلفت المرأة قبل الزواج ثم تزوجت كان لزوجها حلُّ نذرها وحلفها.

مسألة 44: لو نذر قبل حصول الاستطاعة عملاً راجحاً ثم استطاع؛ يقدم حجة الإسلام, وكذا لو كان عليه حجة الإسلام والحج النذري ولم يمكنه الإتيان بهما يقدم حجة الإسلام, وكذا لو مات ولم تَفِ تركته بهما.

مسألة 45: لو نذر أنْ يحج ولم يقيد بزمان جاز له التأخير إلى ظنِّ الفوت, وإنْ مات مع تمكنه من إتيانه يقضى عنه من أصل التركة, ولو قيده لسنة معينة لا يجوز له التأخير عنها، ولو أخّره مع التمكن عصى وعليه القضاء والكفارة. ولو نذر ولم يتمكن من الأداء أصلاً حتى مات ليس عليه شيء ولم يحصل المعلّق عليه حتى مات فلا يجب القضاء والكفارة عنه.

مسألة 46: يصحّ نذر المشي في الحج أو نذر المشي حافياً إلى الحج مع عدم الضرر والحرج؛ فلو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره وجب عليه الحج راكباً مطلقاً سواء كان مقيداً بسنة معينة أم لم يكن، مع اليأس عن التمكن بعدها أم لا، وإنْ كان يلزم الإعادة في صورة الإطلاق وعدم اليأس من التمكن مع تحقق العجز قبل الشروع في الذهاب إنْ حصل التمكن بعد ذلك ويلزم المشي بمقدار الميسور, ولا يبعد أنْ يكون المرض مثل العجز أيضاً فيما مرّ, وأما سائر الموانع من الخوف والعدو ونحوهما فيشكل كونها مثله.

الحج المندوب

مسألة 47: يستحب لمن فقد بعض ما مرّ من الشرائط أنْ يحج مهما أمكن, وكذا لمن أتى بحجه الواجب عليه، ويستحب تكرار الحج، بل يستحب تكراره كلّ سنة, ويكره تركه خمس سنين متوالية وعن الصادق (ع): مَنْ‏ حَجَ‏ ثَلَاثَ‏ حِجَجٍ‏ لَمْ يُصِبْهُ فَقْرٌ أَبَداً[1]. ويستحب نية العود إليه عند الخروج من مكة, ويكره نية عدمه. كما يستحب لمن لا مال له السعي في إتيانه ولو بالإجارة عن غيره.

مسألة 48: يستحب التبرع بالحج عن الأقارب وغيره أحياءً وأمواتاً أو مختلفين والطواف عنهم كذلك مع عدم حضورهم في مكة لكونهم معذورين, وكذا التبرع بالحج أو الطواف عن المعصومين.

مسألة 49: يستحب لمن ليس له زاد وراحلة أنْ يستقرض ويحج إنْ وثق بالوفاء, ويستحب إحجاج من لا استطاعة له، ويصح إعطاؤه من الزكاة ليحج بها.

مسألة 50:الحج أفضل من الصدقة بنفقتها، ويستحب كثرة الإنفاق في الحج, فعن الصادق (ع): قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: مَا مِنْ‏ نَفَقَةٍ أَحَبَ‏ إِلَى‏ اللَّهِ‏ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ نَفَقَةِ قَصْدٍ وَيُبْغِضُ الْإِسْرَافَ إِلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَرَحِمَ اللَّهُ مُؤْمِناً اكْتَسَبَ طَيِّباً وَأَنْفَقَ مِنْ قَصْدٍ أَوْ قَدَّمَ فَضْلًا[2].

مسألة 51: لا يجوز الحج بالمال الحرام، ويجوز بالمشتبه مع عدم العلم بالحرمة.

مسألة 52: يجوز إهداء ثواب الحج ندباً كان أو واجباً إلى الغير بعد الفراغ منه، ويصحّ أنْ يكون ذلك من نيّته قبل الشروع فيه.

[1]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج‏11 ص129.

[2]. المصدر السابق؛ ص149.

العمرة

مسألة 53: تجب العمرة على كلّ مكلَّف في العمر مرة بالشرائط المعتبرة في الحج التي مرّ ذكرها. وتجزي العمرة المتمتع بها عن العمرة المفردة كما تجب العمرة بالنذر والعهد واليمين والإفساد, أو فوات الحج, وتستحب في نفسها كالحج.

مسألة 54: وجوبها بعد تحقق الشرائط فوري، ولا تشترط فيها استطاعة الحج، بل يكفي استطاعتها فقط, كما أنّ العكس كذلك؛ فلو استطاع للحج فقط وجب دونها. نعم؛ لا تجب على من وظيفته حج التمتع إذا استطاع لها فقط ولم يكن مستطيعاً للحج فلا تجب على الأجير بعد الفراغ من عمل النيابة وهو متمكن منها, كما لا تجب على من تمكن منها ولم يتمكن من الحج لمانع, ولكن الأحوط الإتيان بها مهما أمكن.

أقسام الحج

مسألة 55: أقسام الحج ثلاثة: تمتع وقران وإفراد.

والأول؛ تكليف من كان بعيداً عن مكة بثمانية وثمانين كيلومتراً من كلّ جانب. والآخران؛ تكليف من كان دون ذلك, ومن كان على نفس الحدّ يكون تكليفه التمتع, ومن شك في أنّ محله داخل في الحدّ أو خارجاً عنه وجب عليه التفحص، ومع عدم التمكن منه يلزمه أنْ يحتاط بأنْ يأتي أولاً بالعمرة بقصد القربة المطلقة وبعد التقصير يحرم للحج من مكة.

والحدّ المذكور يعتبر من مكة, والظاهر شمولها للتوسعة الحاصلة لها في العصر الحاضر، ومع الشك يحتاط بما مرّ. هذا حكم حجة الإسلام, وأما النذري وشبهه فهو تابع للقصد، وله اختيار أيّ فرد منها شاء بعيداً كان أم لا, وإنْ كان الأفضل اختيار التمتع. وكذا من حج ندباً فله اختيار أيّ منها شاء, والأفضل اختيار التمتع, والحج القضائي تابع للأداء، والإفسادي لما أفسده.

مسألة 56: من كان له وطنان في الحدّ وخارجه أو دون الحدّ وخارجه فعليه فرض أغلبها سكونة, ومع التساوي؛ فإنْ كان مستطيعاً من كلٍّ منهما تخيّر بين الوظيفتين، والأفضل اختيار التمتع، وإنْ استطاع من أحدهما فقط يلزمه فرض وطن الاستطاعة.

مسألة 57: من كان من أهل مكة وخرج إلى بعض الأمصار ثم رجع إليها يلزمه أنْ يأتي بفرض المكي خصوصاً إنْ كان مستطيعاً قبل خروجه منها.

مسألة 58: من كان من الآفاق وأقام في مكة يكون على أقسام:

الأول: أنْ تكون إقامته فيها بعد إستطاعته ووجوب حج التمتع عليه؛ فيكون تكليفه التمتع مطلقاً, سواء كانت إقامته بقصد التوطن أم المجاورة أم لم تكن؛ أقام سنتين أم لم يقم.

الثاني: أنْ يكون بقصد التوطن واستطاع بعد ذلك في مكة فينقلب تكليفه إلى تكليف المكي حينئذٍ بمجرد قصد التوطن، ويكفي استطاعته من مكة فقط وإنْ لم يكن مستطيعاً من الآفاق.

الثالث: أنْ يكون بقصد المجاورة واستطاع في مكة فينقلب تكليفه حينئذٍ إلى فرض المكي بعد الدخول في السنة الثالثة، ويكفي استطاعته من مكة، ولا تعتبر الاستطاعة الآفاقية.

وأما قبل الدخول فيها فعليه التمتع إنْ حصلت الاستطاعة الآفاقية وحج قبل الدخول في السنة الثالثة. ولا تكفي الاستطاعة من مكة, وإنْ حج بعد الدخول فيها فيلزمه الإتيان بالعمرة رجاءً، وبعد التقصير يحرم للحج من مكة ويأتي ببقية أعماله.

الرابع: أنْ لا يكون من قصده التوطن ولا المجاورة وكان متردداً من كلّ جهة؛ فإنْ كان ذلك بعد استطاعته ووجوب حج التمتع عليه فحكمه حكم القسم الأول, وكذا إنْ استطاع في مكة الاستطاعة الآفاقية وحج قبل الدخول في السنة الثالثة, وإنْ حج بعد الدخول فيها فيلزمه الإحتياط بما مرّ.

مسألة 59: المراد بالمقيم في مكة في المسألة السابقة؛ من أقام في محلٍّ لا يبعد عنها بثمانية وثمانين كيلومتراً من كلّ جانب لا خصوص بلدة مكة (شَرَّفها الله) فقط فيشمل جميع أطرافها غير البعيدة عنها بهذا المقدار.

مسألة 60: المكي ومن يبعد عنها بثمانية وثمانين كيلومتراً إذا خرج إلى سائر الأمصار؛ فإنْ كان بقصد التوطن فيها وحصلت الاستطاعة بعده وجب عليه حج التمتع، وإلا فلا يجب سواء كان بقصد المجاورة أم لم يكن.

مسألة 61: من وجب عليه التمتع من أهل مكة وما لا يبعد عنها بما مرّ من المقدار يتخيّر في إحرام العمرة بين الذهاب إلى أيّ ميقات شاء، وإنْ كان الأحوط اختيار ميقات أرضه, وإنْ تعذّر ذلك يجزيه الإحرام من أدنى الحلِّ، ولكن الأحوط الرجوع إلى ما يتمكن من خارج الحرم ممّا يكون دون الميقات, وإن تعذّر ذلك أيضاً أحرم من موضعه. والأحوط الخروج إلى ما يتمكن, وكذا حكم من حجّ تمتعاً ندباً من أهل مكة وما يتبعها بمقدار ما مرّ.

أعمال حج التمتع

مسألة 62: حج التمتع الذي هو أفضل أقسام الحج مركب من عملين؛ يسمى الأول بالعمرة, وهي مركبة من خمسة أجزاء. ويسمى الثاني بالحج وهو مركب من ثلاثة عشر جزءً, فمجموع الأعمال الواجبة للعمرة والحج ثمانية عشر.

مسألة 63: الأول (من أعمال العمرة): الإحرام من الميقات للعمرة المتمتع بها إلى الحج فيدخل مكة المعظمة محرماً.

الثاني: الطواف بالبيت الشريف سبعاً.

الثالث: صلاة ركعتين للطواف عند مقام إبراهيم علیه السلام.

الرابع: السعي بين الصفا والمروة سبعاً.

الخامس: التقصير.

وهذه واجبات أعمال العمرة التمتعية. نعم؛ يستحب بعد الفراغ من السعي الإتيان بالطواف النساء سبعاً ثم الإتيان بركعتي الطواف عند مقام إبراهيم علیه السلام وإذا فعل واجبات العمرة يحلُّ له جميع ما حُرِّمَ عليه بالإحرام. نعم؛ يحرم عليه صيد الحرم.

مسألة 64: الأول (من أعمال الحج): الإحرام له من مكة المعظمة.

الثاني: الوقوف بعرفات من زوال يوم عرفة إلى غروبها.

الثالث: الوقوف بالمشعر الحرام من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من يوم العاشر (عيد الأضحى).

الرابع: رمي جمرة العقبة بمنى.

الخامس: التضحية نحراً أو ذبحاً.

السادس: التقصير حلقاً لرأس أو قصّاً لظفر أو نتفاً لشعر.

وجميع هذه الأعمال الثلاثة لا بُدّ أنْ تكون في اليوم العاشر وفي منى, فيحلّ له حينئذٍ جميع ما حرم عليه بالإحرام إلا النساء والطيب. نعم؛ يحرم الصيد لحرمة الحرم المقدّس لا من جهة الإحرام.

السابع: البيتوتة ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر في منى على ما يأتي تفصيلها.

الثامن: رمي الجمرات الثلاث في كلّ واحد من يومي الحادي عشر والثاني عشر.

التاسع: طواف الحج سبعاً بالبيت الشريف.

العاشر: صلاة ركعتين عند مقام إبراهيم علیه السلام للطواف.

الحادي عشر: السعي بين الصفا والمروة سبعاً.

الثاني عشر: طواف النساء سبعاً بالبيت الشريف.

الثالث عشر: صلاة ركعتين لطواف النساء عند مقام إبراهيم علیه السلام فيحلُّ لهُ حينئذٍ ما حُرِّمَ عليه حتى الطيب والنساء وبعد الفراغ من ذلك كلّه يفرغ من العمرة والحج.

مسألة 65: يجوز الإحرام للحج في أي وقت يدرك عرفات محرماً في أول وقت الزوال من يوم عرفة وإنْ كان ذلك قبل الزوال بساعة أو ساعتين, ولكن الأفضل أنْ يكون في يوم التروية بعد صلاة الظهر.

مسألة 66:يتخيّر الشخص بعد أنْ فرغ من أعمال منى يوم العاشر عيد الأضحى بين أنْ يأتي إلى مكة ويطوف طواف الحج ويصلي ركعتيه ويسعى بين الصفا والمروة ويطوف طواف النساء ويصلي ركعتيه حتى يحلّ له الطيب والنساء أيضاً, ثم يعود إلى منى لإتمام أعمالها، وبين أنْ يقيم بمنى حتى يتم تمام أعمال منى ثم يأتي إلى مكة للطوافين والسعي. والأفضل الأحوط اختيار الأول، بل لا ينبغي التأخير لغده فضلاً عن أيام التشريق -وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة- إلا لعذر, ولو اختار الأول يجوز له أنْ يأتي إلى مكة قبل زوال يوم العاشر أو بعده, فيأتي بالطوافين والسعي ثم يعود إلى منى قبل الزوال أو بعده بحيث يكون غروب الشمس عليه وهو فيها، ولو طال اشتغاله بالعبادة وبنسكه في مكة فوصل إلى منى بعد الغروب فلا شيء عليه، وإنْ كان الأحوط كفارة شاة. ولو اختار الثاني فلا يجوز له أنْ يخرج من منى قبل الزوال من يوم الثاني عشر، بل إنْ أراد الخروج منها لا بُدَّ وأنْ يكون بعد الزوال لا قبله. نعم؛ لو بقي إلى اليوم الثالث عشر يجوز له الخروج منها قبل الزوال أو بعده.

مسألة 67: يجب المبيت ليلة الثالث عشر ورمي الجمار يومها على طوائف يأتي التعرض لها إنْ شاء الله تعالى.

شرائط حج التمتع خمسة:

الأول: القصد إلى هذا الحج المخصوص قربة إلى الله تعالى عند إحرام العمرة, ويكفي مجرد الداعي والقصد الإجمالي ولو لم يعلم أفعاله تفصيلاً. فلو لم يقصد هذا الحج أو قصد غيره أو كان متردداً في قصده لا يصح.

الثاني: أنْ يكون مجموع العمرة والحج في أشهر الحج فلو أتى بعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز له أنْ يتمتع بها. وأشهر الحج هي: شوال وذو القعدة وذو الحجة.

الثالث: أنْ يكون الحج وعمرته في سنة واحدة, فلو أتى بالعمرة في سنة وبالحج في أخرى لا يجزي عن التمتع, سواء بقي في مكة إلى القابل أم لا, أحل من أحرامه أم لا.

الرابع: أنْ يكون إحرام حجه من داخل مكة مع الاختيار وأفضل مواضعها المسجد, وأفضل مواضعه مقام إبراهيم علیه السلام أو الحِجر, ولو تعذّر الإحرام من مكة أحرم ممّا يتمكن, ولو أحرم من غيرها اختياراً عمداً فلا إحرام له ووجب عليه الإحرام منها، وإلا يبطل حجه ولا يكفيه العود إليها محرماً بدون تجديد الإحرام منها لأنَّ إحرامه من غير مكة كالعدم. ولو أحرم من غيرها جهلاً أو نسياناً وجب العود إليها والتجديد منها مع الإمكان، ومع عدمه جدّده في مكانه, وما زيد في المسجد الحرام في هذه العصور مثل المسجد السابق, كما أنّ ما زيد في مكة المعظمة مثل مكة السابقة.

وأما وقت إحرام حجة التمتع فموسع إلى أنْ يدرك عرفات في أول زوال يوم التاسع من ذي الحجة ولا يجوز التأخير عنه والأفضل الأحوط أنْ يحرم يوم الثامن.

الخامس: أنْ يكون مجموع حجه وعمرته من واحد وعن واحد, أو جعل شخص واحد حجه لأحد وعمرته لآخر لا يصحّ ولا يجزي, سواء كان ذلك تبرعاً أم بالإجارة. نعم؛ لا بأس بعنوان إهداء الثواب في الأخير.

مسألة 68: في الموارد التي تبطل الحج والعمرة في المسألة السابقة يبطل رأساً إنْ قصد بهما التمتع من باب التقييد, وأما إنْ قصد بهما التكليف الفعلي وكان قصد التمتع طريقاً إليه يصحان إفراداً إنْ استجمعا شرائطه ولكنه لا يجزي عن فرضه الذي هو التمتع.

مسألة 69: يجوز الخروج من مكة بعد الإحلال عن عمرة التمتع إنْ اطمئن بعدم فوات الحج عنه, ولكن الأحوط عدم الخروج إلا مع الحاجة إليه عرفاً حيث نسب إلى مشهور الفقهاء حرمة الخروج إلا مع الحاجة إليه، ولكن لو أتم وخرج وأدرك الحج تصحّ عمرته وحجه. والظاهر أنَّ من الحاجة المجوزة للخروج بناءً على الحرمة للذهاب إلى المدينة المنورة للزيارة إنْ تعذّر بعد الفراغ من أعمال الحج وكذا الذهاب إلى جدّة ونحوها للأشغال العرفية.

مسألة 70: لو كان وظيفته التمتع لا يصحّ له أنْ يعدل إلى الإفراد إختياراً ويصح بل يجب ذلك مع الضرورة كضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحج فيجوز له نقل النية حينئذٍ إلى الإفراد والإتيان بالعمرة بعد الحج, وضد ضيق الوقت: فوت الإختياري من عرفة, ولا فرق فيما ذكر بين الحج الواجب والمندوب فيصح في الأخير العدول أيضاً مع الضيق ولا تجب العمرة عليه فيه.

مسألة 71: لو كانت وظيفته التمتع وعلم قبل أنْ يحرم للعمرة ضيق الوقت عن إتمامها وإدراك الحج يصحّ له العدول من الأول إلى الإفراد والإتيان بحجه، ثم الإتيان بعمرة مفردة ويجزي عن فرضه, وكذا لو علم بذلك بعد التلبس بالإحرام وقبل الإتيان بشيء من أعمال العمرة. ولو دخل في إحرام العمرة بنية التمتع في سعة الوقت وأخّر الطواف والسعي عمداً حتى ضاق الوقت يلزمه العدول إلى الإفراد وإتمام الحج، ثم الإتيان بعمرة مفردة، ثم إعادة الحج في القابل.

مسألة 72: الحائض والنفساء إنْ ضاق وقتهما عن الطهر وإدراك الحج وجب عليهما العدول إلى الإفراد والإتمام ثم الإتيان بعمرة بعد الحج ويجزي ذلك عن فرضهما.

مسألة 73: لو حدث الحيض في أثناء طواف عمرة التمتع؛ فإن كان قبل إتمام أربعة أشواط بطل الطواف؛ وحينئذٍ فمع سعة الوقت أتمت العمرة بعد الطهر، وإلا فتعدل إلى حج الإفراد وتتم الحج ثم تأتي بعمرة مفردة ويجزي ذلك عن فرضها، وإنْ كان بعد إتمام أربعة أشواط تقطع الطواف وبعد الطهر تأتي بالثلاثة الأخرى وتتم بقية أعمال العمرة؛ هذا مع سعة الوقت، وأما مع الضيق فتحرم للحج وتأتي بأفعاله ثم تقضي بقية الطواف قبل طواف الحج أو بعده فيصح حجها تمتعاً, وكذا الحال إنْ حدث الحيض بعد الطواف وقبل صلاته.

مسألة 74: لو دخل مكة بغير إحرام لعذر وضاق الوقت عن العمرة أحرم لحج الإفراد وأتى بعد الحج بعمرة مفردة ويجزيه ذلك عن حجة الإسلام.

مسألة 75: لا فرق بين حج التمتع والإفراد في جميع ما تقدم من الأفعال الثلاثة عشر إلا أنه يجب الأضحية في حج التمتع دون الإفراد، بل يستحب فيه مطلقاً سواء وجب بالأصل أم كان معدولاً إليه لعذر كما مرّ.

مسألة 76: لا فرق بين العمرة المفردة والعمرة التمتعية في جميع ما مرّ من الأعمال الخمسة في العمرة. نعم؛ بينهما فرق في أمور ثلاثة:

  • لا يجوز الحلق في العمرة التمتعية، بل يتعين التقصير فيها، وفي العمرة المفردة يتخير بين الحلق والتقصير.
  • لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع بخلاف العمرة المفردة فيجب فيها طواف النساء.
  • ميقات العمرة المفردة أدنى الحلّ اختياراً, ويجوز الإحرام من إحدى المواقيت الآتية أيضاً، بخلاف عمرة التمتع فإنَّ ميقاتها إحدى المواقيت الآتية، ولا يجوز الإحرام من أدنى الحل اختياراً.
المواقيت

وهي الأمكنة التي عُينَت للإحرام وهي خمسة لعمرة الحج:

الأول: ذو الحليفة

وهو ميقات أهل المدينة ومن يمرّ عليها والأفضل الأحوط الإحرام من مسجد الشجرة ويصح من خارجه المحاذي له عرفاً ولو مع الاختيار.

مسألة 77: لا يجوز تأخير الإحرام إلى الجحفة -وهي ميقات أهل الشام- بلا عذر ويجوز معه. نعم؛ يجوز لأهل المدينة ومن يمرّ عليها عدم المرور على ذي الحليفة والعدول عنها ابتداء إلى ميقات آخر.

مسألة 78: يصحّ إحرام الجنب والحائض والنفساء من خارج المسجد، بل ويصح في حال العبور أيضاً بلا مكث. ولو لم يكن الإحرام إلا من المسجد وتوقف على المكث فيه؛ فإنْ تمكن الجنب من الاغتسال يغتسل ويحرم من المسجد, وكذا الحائض والنفساء بعد النقاء, وإنْ لم يمكن الاغتسال لعذر كفقد الماء ونحوه وجب التيمم بدلاً عن الغسل لدخوله والإحرام منه، وإنْ لم يمكن التيمم أيضاً أو كانت الحائض والنفساء قبل النقاء تجزي النية والتلبية، فإنْ أمكن لبس ثوبي الإحرام وجب وإلا وجب لبسهما حيث أمكن.

الثاني: العقيق

وهو ميقات نجد والعراق وكل من يمرّ عليه من غيرهم، ويجوز الإحرام من أوله المسمى بالمسلخ، ووسطه المسمى بذات عرق, ويلزم عدم التأخير إلى آخره المسمى بـ(الغمرة) مع الإمكان. ولا بأس به مع العذر، ولو اقتضت التقية الإحرام من محل مخصوص منه وجب ذلك ولا يجوز التخلف عنه.

الثالث: الجحفة[1]

وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب ومن يمرّ عليها من غيرهم.

الرابع: يلملم[2]

وهو ميقات أهل اليمن ومن يمرّ عليه من غيرهم.

الخامس: قرن المنازل[3]

وهو لأهل الطائف ومن يمرّ عليه من غيرهم.

مسألة 79: يثبت كون المحل ميقاتاً بالاطمئنان العقلائي من أي سبب حصل فضلاً عن العلم، ومع فقدهما فيثبت الظن ولو حصل من قول أهل الخبرة من تلك المحال.

مسألة 80: يجوز الإحرام من محاذاة إحدى المواقيت اختياراً, ولكن الأحوط الإحرام منها مع الإمكان، والمدار على المحاذاة العرفية منها بحيث يكون الميقات على يمين المتوجه إلى مكة المكرمة أو على يساره عرفاً. وتثبت المحاذاة بما يثبت به أصل الميقات من الاطمئنان العقلائي ومع فقده فبالظن الحاصل من قول أهل الخبرة والقواعد العلمية المفيدة للظن.

مسألة 81: المواقيت الخمسة المذكورة مواقيت للعمرة التمتعية، وأما ميقات العمرة المفردة -سواء كانت مستقلة أم بعد حج الإفراد- فأدنى الحلّ, والأفضل أنْ يكون من الحديبية أو الجعرانة أو التنعيم التي هي مواضع معروفة في حدود الحرم، ويصح الإحرام للعمرة المفردة من إحدى المواقيت الخمسة أيضاً، بل قد يتعين ذلك؛ كما إذا كان بعيداً عن مكة المكرمة بثمانية وثمانين كيلومتراً وقصد إتيان العمرة المفردة.

مسألة 82: ميقات حج التمتع مكة؛ واجباً كان أم مندوباً بلا فرق بين أهلها وبين الآفاقي, وميقات حج الأفراد إحدى المواقيت الخمسة إلا إذا كان منزله دون الميقات أو مكة فميقاته منزله حينئذٍ، ومع ذلك يجوز من إحدى تلك المواقيت أيضاً، بل هو الأفضل.

مسألة 83: جدّة ليست بميقات، بل الميقاتُ لمن يأتي من الشمال مسجدُ الشجرة إنْ أتى من المدينة المنورة، والجحفة إنْ أتى بما لا يمرّ عليها, وجدّة متأخرة عنها بكثير، ولمن أتى من الجنوب يكون ميقاته يلملم وجدّة متأخرة عنها أيضاً. هذا إذا لوحظت جدّة بالنسبة إلى الجحفة ويلملم, وأما إذا لوحظت بالنسبة إلى الحديبية فهي مقدمة عليهما فيصح الإحرام منها بالنذر، بل يصحّ لكلّ من ورد إلى جدّة من الجو أو البر أو البحر أنْ يؤخر إلى الحديبية وهي أقرب المواقيت إلى مكة.

وفي بعض الخرائط تكون جدّة محاذية مع قرن المنازل, ومع عدم العلم بذلك فلا يصحّ الإحرام منها بدون نذر على ما يأتي تفصيله، وكذا الموضع الذي يخبر به قيّم السفن والبواخر في البحر بكونه محاذياً للميقات؛ فمع عدم حصول الاطمئنان بالمحاذاة من قولهم لا يصحّ الإحرام منه بدون النذر، ويجري عليه حكم ما قبل الميقات لإصالة عدم كونه في الميقات.

مسألة 84: لا فرق في جواز الإحرام من المحاذاة بين البر والبحر، وأما المحاذاة الحاصلة من جهة الفرق لو فرض إمكان الإحرام مع حفظ المحاذاة فيها -كما في الطائرة- ففي الاكتفاء بها إشكال.

مسألة 85: لو أحرم في موضع بعد إحراز محاذاته للميقات؛ فإنْ لم يتبيّن الخلاف فلا شيء عليه، وإنْ ظهر كونه قبل المحاذاة ولم يتجاوزه أعاد الإحرام. وإنْ بان كونه قبله وقد تجاوز أو تبين كونه بعده؛ فإنْ أمكن العود والتجديد تعيّن، وإلا فيكفي في الصورة الثانية ويجدده في مكانه في الأُولى, والأَولى التجديد مطلقاً. ويتخيّر الآفاقي في الإحرام في أيّ ميقات شاء ما لم يعبر على ميقات مُعيّن أو نذر الإحرام كذلك فيتعيّن.

مسألة 86: لو عبر على الميقات من غير قصد لدخول مكة بأنْ كان له شغل في خارجها ولو كان في الحرم لا يجب عليه الإحرام.

[1]. والمعروف هناك أنها قرية تقع بالقرب من رابغ.

[2]. جبل من جبال تهامة جنوبي مكة تسمّى بالسعدية.

[3]. قرية من قرى الطائف.

أحكام المواقيت

يجب أنْ يكون الإحرام من الميقات فلا يجزي الإحرام قبلها وإنْ مرّ عليها محرماً، بل لا بُدَّ من تجديده فيها، ويستثنى من ذلك موضعان:

أحدهما: إذا نذر الإحرام قبل الميقات فيجب الوفاء به، ويجزي وإنْ لم يمرّ على الميقات أو مرّ ولم يجدد إحرامه فيها.

ثانيهما: ما إذا أراد إدراك عمرة رجب وخاف عدم دركه إنْ أخّر الإحرام إلى الميقات فيصح إحرامه قبل الميقات وتحسب له عمرة رجب وإنْ أتى ببقية الأعمال في شعبان.

مسألة 87: لا بُدَّ من تعيين مكان النذر؛ فلا يصحّ نذر الإحرام من دون تعيين محله. نعم؛ يصحّ إنْ كان بالترديد بين مكانين فيتخيّر الإحرام من أيّهما شاء، ولا فرق في ذلك بين إحرام الحج والعمرة والواجب والمندوب. نعم؛ إنْ كان تمتعاً يجب أنْ يكون في أشهر الحج كما مرّ.

مسألة 88: لو علم عدم إدراك عمرة رجب وإنْ أتى ببقية الأعمال في شعبان. ولو علم عدم إدراك عمرة رجب إنْ أخّر الإحرام إلى الميقات يجوز له الإحرام في سعة الوقت قبل الميقات وإنْ كان الأحوط التأخير إلى الضيق, وتقدم آنفاً ما يتعلق بالمقام أيضاً.

مسألة 89: لا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو دخول مكة أنْ يجاوز الميقات بلا إحرام وإنْ كان أمامه ميقات آخر. نعم؛ يجوز له أنْ يعدل ابتداءً من الميقات الأول إلى الأخير وفي جريان هذا الحكم بالنسبة إلى محاذي الميقات إشكال وإنْ كان أحوط. وأما من لا يريد الحج أو العمرة أو دخول مكة فيجوز له العبور من الميقات بلا إحرام وإنْ أراد دخول الحرم.

مسألة 90: لو أخّر الإحرام من الميقات عالماً عامداً ولم يتمكن من العود إليها لعذر من ضيق الوقت ونحوه ولم يكن أمامه ميقات آخر, بطل إحرامه وحجه ووجب عليه الإتيان في السنة القابلة إنْ كان مستطيعاً وإلا فلا يجب عليه شيء وإنْ أثم بدخول مكة مُحِلاً.

مسألة 91: لو كان له عذر من نزع اللباس ولبس ثوبي الإحرام يجزيه النية والتلبية من الميقات، فإذا زال العذر نزعه ولبسهما ولا يجب عليه العود إلى الميقات.

مسألة 92: لو كان معذوراً عن إنشاء أصل الإحرام لمرض أو إغماء ثم زال وجب عليه العود إلى الميقات مع التمكن منه، وإلا أحرم من مكانه والأحوط العود إلى ما أمكنه.

مسألة 93: لو ترك الإحرام من الميقات ناسياً أو جاهلاً بالحكم أو الموضوع وجب العود إليها مع الإمكان، ومع عدمه فالأحوط العود إلى ما أمكن, إلا إذا كان أمامه ميقات آخر فيحرم منه.

مستحبات قبل الإحرام

يستحب قبل الإحرام أمور ستة:

  • تنظيف البدن.
  • أخذ الظفر والشارب.
  • إزالة الشعر من البدن, ويستحب توفير شعر الرأس لإحرام الحج.
  • غُسل الإحرام.
  • قراءة هذا الدعاء: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ اللَّهُمَ‏ اجْعَلْهُ‏ لِي‏ نُوراً وَطَهُوراً وَحِرْزاً وَأَمْناً مِنْ كلّ خَوْفٍ وَشِفَاءً مِنْ كلّ دَاءٍ وَسُقْمٍ. اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي وَطَهِّرْ لِي قَلْبِي وَاشْرَحْ لِي صَدْرِي‏ وَأَجْرِ عَلَى لِسَانِي مَحَبَّتَكَ وَمِدْحَتَكَ وَالثَّنَاءَ عَلَيْكَ, فَإِنَّهُ لَا قُوَّةَ لِي إِلَّا بِكَ, وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ قِوَامَ دِينِي التَّسْلِيمُ لِأَمْرِكَ, وَالِاتِّبَاعُ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ [1].

مسألة 94: لو لم يكن قاصداً للحج والعمرة فعبر الميقات بلا إحرام ثم بدا له دخول مكة, فإنْ كان أمامه ميقات يحرم منه، وإلا يرجع إلى الميقات مع التمكن ومع عدمه يحرم من مكانه.

مسألة 95: لو ترك إحرام العمرة والحج جهلاً حتى أتى بتمام أعمالهما يصحّ ما أتى به ولا شيء عليه في حج التمتع، وكذا في حجَّي القران والإفراد، بل وكذا في العمرة المفردة أيضاً, وإنْ كان الأحوط فيها الإعادة إنْ أمكن.

مسألة 96: لو نسي إحرام العمرة والحج جهلاً حتى أتى بتمام أعمالهما يصحّ ما أتى به ولا شيء عليه في حج التمتع، وكذا في حجي القران والإفراد، بل وكذا في العمرة المفردة أيضاً, وإنْ كان الأحوط فيها الإعادة إنْ أمكن.

  • أنْ يكون الإحرام بعد الصلاة، والأفضل أنْ يكون بعد صلاة الظهر وإنْ كان قد صلاها فبعد فريضة أخرى, وإنْ كانت قضاءً، وإنْ لم يكن عليه قضاء فبعد إتيان ست ركعات بقصد القربة. وأقل الفضل أنْ يكون بعد ركعتين يقرأ في الأولى بعد الحمد التوحيد وفي الثانية بعد الحمد قل يا أيها الكافرون ويقرأ بعد الفراغ هذا الدعاء:  اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ أَسْأَلُكَ‏ أَنْ‏ تَجْعَلَنِي مِمَّنِ اسْتَجَابَ لَكَ, وَآمَنَ بِوَعْدِكَ, وَاتَّبَعَ أَمْرَكَ. فَإِنِّي عَبْدُكَ وَفِي قَبْضَتِكَ, لَا أُوقَى إِلَّا مَا وَقَيْتَ, وَلَا آخُذُ إِلَّا مَا أَعْطَيْتَ وَقَدْ ذَكَرْتَ الْحَجَّ, فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْزِمَ لِي عَلَيْهِ عَلَى كِتَابِكَ, وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ صلی الله علیه و آله و سلم , وَتُقَوِّيَنِي عَلَى مَا ضَعُفْتُ عَنْهُ, وَتَسَلَّمَ مِنِّي مَنَاسِكِي فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ, وَاجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِكَ الَّذِينَ رَضِيتَ, وَارْتَضَيْتَ, وَسَمَّيْتَ وَكَتَبْتَ, اللَّهُمَّ فَتَمِّمْ لِي حَجِّي وَعُمْرَتِي اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ التَّمَتُّعَ‏ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ‏ عَلَى كِتَابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ صلی الله علیه و آله و سلم , فَإِنْ عَرَضَ لِي شَيْ‏ءٌ يَحْبِسُنِي, فَحُلَّنِي حَيْثُ حَبَسْتَنِي لِقَدَرِكَ الَّذِي قَدَّرْتَ عَلَيَ, اللَّهُمَّ إِنْ لَمْ تَكُنْ حَجَّةً فَعُمْرَةً أَحْرَمَ لَكَ شَعْرِي وَبَشَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَعِظَامِي وَمُخِّي وَعَصَبِي مِنَ النِّسَاءِ وَالثِّيَابِ, وَالطِّيبِ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَكَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ [2].

مسألة 97: يستحب الغسل للإحرام، ولو خاف فوت الغسل في الميقات جاز تقديمه عليه ويكفي الغسل في أول النهار لليلة الآتية وبالعكس. ولا يعتبر في صحّة الإحرام الطهارة من الحدث الأكبر فضلاً عن الأصغر، ويصح غسل الإحرام من الحائض والنفساء كصحّة الإحرام منهما ومن الجنب.

واجبات الإحرام ثلاثة:

الإحرام: هو قصد أحد النسك إجمالاً بالكيفية المعهودة في الشريعة وواجباته ثلاثة؛ النية, والتلبية, ولبس ثوبي الإحرام.

الأول[3]: النية

إنْ كان الإحرام لعمرة التمتع ينوي: (أُحرم لعمرة التمتع من حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى), وإنْ كان لحج التمتع ينوي: (أُحرم لحجة التمتع من حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى), وإنْ كان للعمرة المفردة ينوي: (أُحرم للعمرة المفردة قربة إلى الله تعالى) وهكذا في حجي الإفراد والقران.

مسألة 98: لا ينعقد الإحرام بلا نية العمرة أو الحج سواء كان عن عمد أم سهو أم جهل, ويبطل النسك مع فقدها أيضاً إنْ كان عن عمد, وأما إنْ كان عن سهو أو جهل فقد تقدم تفصيله.

مسألة 99: يعتبر في النية أمور:

  • القربة والخلوص، فمع فقدهما أو أحدهما لا ينعقد الإحرام.
  • يجب أنْ تكون النية مقارنة للشروع في الإحرام, فلا يكفي حصولها في الأثناء, فلو تركها وجب التجديد.
  • وقصد الرياء -نعوذ بالله- مبطل هنا أيضاً كما في سائر العبادات.
  • تعيين المنويّ من الحج والعمرة, وأنَّ الحج تمتع أو إفراد لنفسه أو غيره, وأنه حجة الإسلام أو نذري أو ندبي.

مسألة 100: لو نوى من غير تعيين أو وكلّه إلى ما بعد لا ينعقد ولا يعتب شيء آخر في النية -غير ما مرّ- حتى الإخطار في القلب، بل يكفي مجرد الداعي كما لا يعتبر التلفظ ولا قصد الوجوب والندب إلا إذا توقف تعيين المنوي عليهما.

مسألة 101: يكفي في تحقق الإحرام حدوث النية فقط كما تقدم، ولا تعتبر فيه استدامة النية؛ فلو نوى الإحرام بالعمرة أو الحج ولبّى ثم قصد العدم أو ارتكب بعض منافيات الإحرام لا يبطل إحرامه وإنْ وجبت عليه الكفارة في الصورة الثانية.

مسألة 102: لا يعتبر في الإحرام نية ترك محرماته لا تفصيلاً ولا إجمالاً، بل لو بنى على الإرتكاب إجمالاً لا يضر بإحرامه لعدم كونها بالنسبة إلى الإحرام؛ كالمفطرات بالنسبة إلى الصوم وإنما هي تكاليف مستقلة في ظرف تحقق الإحرام. نعم؛ لو لم يقصد العمرة أو الحج, أو قصد حين الإحرام ما ينافيهما لا ينعقد إحرامه لهما.

مسألة 103: لو نسي ما عيّنه في الإحرام من حج أو عمرة يلزمه التجديد إنْ تعيّن عليه أحدهما بالخصوص، ولو جاز له العدول من أحدهما إلى الآخر يعدل ويصح ولو لم يتعيّن عليه أحدهما، ولم يجز له العدول أيضاً يعمل بالإحتياط مع الإمكان وعدم الحرج, ومع عدم إمكان ذلك أيضاً أو كونه حرجاً يجدّد الإحرام.

مسألة 104: تجب لكلّ واحد من إحرام الحج أو العمرة نيةٌ مستقلة، فلا تكفي نية واحدة لهما معاً.

مسألة 105: لو نوى: (إنِّي أُحرم كإحرام فلان) فإنْ تحقق القصد الإجمالي إلى تكليفه الفعلي الشرعي -كما في أكثر العوام الذين يحرمون؛ كإحرام علمائهم الذين يعتقدون صحّة إحرامهم- صح وإلا فلا.

مسألة 106: لو وجب عليه نوع من الحج أو العمرة ونوى غيره بطل، ولو نوى ما وجب عليه ونطق بغيره, فالمدار على المنويّ دون ما نطق.

مسألة 107: لو كان في أثناء نوع من إحرام الحج أو العمرة وشك في أنه نواه من الأول أو نوى غيره بنى على أنه نواه من الأول.

مسألة 108: يستحب التلفّظ بالنية في الإحرام, والأولى أنْ يقول:  اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ أُرِيدُ مَا أَمَرْتَ بِهِ مِنَ التَّمَتُّعِ‏ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ‏ عَلَى كِتَابِكَ, وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ, فَإِنْ عَرَضَ لِي عَارِضٌ يَحْبِسُنِي فَحُلَّنِي حَيْثُ حَبَسْتَنِي لِقَدَرِكَ الَّذِي قَدَّرْتَ عَلَيَّ, اللَّهُمَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَجَّةً فَعُمْرَةً أَحْرَمَ لَكَ شَعْرِي وَبَشَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَعِظَامِي وَمُخِّي وَعَصَبِي مِنَ النِّسَاءِ وَالطِّيبِ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ [4].

الثاني[5]: التلبية

مسألة 109: يجب أنْ يقول:  لَبَّيْكَ‏ اللَّهُمَ‏ لَبَّيْكَ‏, لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ [6], وبذلك يصير محرماً، ويحرم عليه محرمات الإحرام.

والأحوط أنْ يقول بعدها:  إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ [7].

ويستحب أنْ يقول:  لَبَّيْكَ‏ اللَّهُمَ‏ لَبَّيْكَ,‏ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ, إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ, لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ دَاعِياً إِلَى دَارِ السَّلَامِ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ غَفَّارَ الذُّنُوبِ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ أَهْلَ التَّلْبِيَةِ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ مَرْهُوباً وَمَرْغُوباً إِلَيْكَ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ تُبْدِئُ وَالْمَعَادُ إِلَيْكَ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ كَشَّافَ الْكُرَبِ الْعِظَامِ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدَيْكَ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ يَا كَرِيمُ لَبَّيْكَ [8].

مسألة 110: يجب الإتيان بالتلبية بالعربي الصحيح, فلا يكفي الملحون مع التمكن منه ولو بالتصحّيح أو التلقين من الغير, ومع عدم التمكن منهما يلزم الجمع بين ما يمكن من الملحون وبين الاستنابة, وكذا لا تكفي الترجمة مع التمكن من العربي ومع عدمه يلزم الجمع بينهما وبين الاستنابة والأخرس يشير إليها بإصبعه مع تحريك لسانه ويُلبّى عن الصبي الغير مميز, وعن المغمى عليه.

مسألة 111: لا ينعقد الإحرام في حج التمتع وعمرته ولا في حج الإفراد ولا العمرة المفردة إلا بالتلبية. أما حج القرآن فتجب فيه التلبية أيضاً, لكن يتخيّر المكلّف في عقد إحرامه بين التلبية وبين الإشعار والتقليد؛ والأول يختص بالإبل، والثاني يعم البقر والغنم فينعقد إحرام حج القرآن بأحد أمور ثلاثة؛ التلبية, أو الإشعار, أو التقليد. والإشعار: عبارة عن شق السنام الأيمن للإبل.

والتقليد: هو أنْ يُعَلّق في رقبة البقر أو الغنم أو الإبل نعلاً خَلِقاً قد صَلّى فيه، ويسوق ما أشعر أو قَلَّدَ معه ليذبحه أو ينحره في مِنى, والأولى في الإبل الجمع بين الإشعار والتقليد.

مسألة 112: لا تجب مقارنة التلبية لنية الإحرام فيجوز أنْ يؤخِرها عن النية ولبس الثوبين في الجملة، ولكن الأحوط المقارنة.

مسألة 113: لو نوى الإحرام وأتى ببعض محرمات الإحرام قبل التلبية لا شيء عليه, وإنما تحرم المحرّمات بالتلبية.

مسألة 114: لو نسي التلبية في الميقات عند الإحرام وجب العود إليها لتداركها, وإنْ لم يتمكن فقد مرّ حكمه في (مسألة ۹3)، ولا شيء عليه إنْ أتى قبل التلبية بمحرّمات الإحرام.

مسألة 115: الواجب من التلبية مرّة واحدة. نعم؛ يستحب تكرارها ما استطاع خصوصاً بعد الصلاة فريضة أو نافلة وعند صعود شرف أو هبوط وادٍ وعند المنام واليقظة والركوب والنزول وفي الأسحار، ويستحب الجهر بها كما يستحب الإكثار من قول: لبيك ذا المعارج.. إلخ، فإنَّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم  كان يكثر منها.

مسألة 116: يتحقق استحباب تكرار التلبية بأيِّ وجهٍ كُرِرْ ولو بأنْ يقول:  لَبَّيْكَ‏ اللَّهُمَ‏ لَبَّيْكَ , بل يتحققّ بتكرار لفظ  لَبَّيْكَ‏  أيضاً, ولا يَلْزَمْ أنْ يكون مثل الواجب منها.

مسألة 117: يجزي في التلبية -واجبة كانت أم مندوبة- أنْ يقولها بحيث يُسمع نفسه ولا يجب الجهر. نعم؛ يُستحب الجهر فيها بعد أنْ خرج من الميقات وشرع في التوجه في المقصود، ويستحب التعجيل بها مع النية ومقارنتها له معها وإنْ جاز التأخير كما مرّ.

مسألة 118: الأحوط وجوباً لو أحرم بعمرة التمتع أنْ يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة, ولو أحرم بالعمرة المفردة أنْ يقطعها عند دخول الحرم إنْ جاء من خارج الحرم وعند مشاهدة الكعبة إنْ خرج من مكة لإحرامها. ولو أحرم للحج بأيِّ نوع من أنواعه أنْ يقطعها عند الزوال من يوم عرفة.

مسألة 119: لو شَكَّ بعد الإتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أو لا, بنى على الصحّة.

مسألة 120: لو نوى الإحرام ولبس ثوبيه وشك في أنه أتى بالتلبية حتى تحرم عليه محرَّمات الإحرام أو لا, بنى على عدم الإتيان, فلا تحرم عليه محرَّمات الإحرام, وإنْ أتى بها فلا إثم ولا كفارة عليه.

مسألة 121: إذا أتى بموجب الكفارة وشك في أنه قبل التلبية حتى لم يكن عليه شيء أو بعدها حتى تجب عليه الكفارة, فلا شيء عليه, سواء كان زمان إتيان التلبية وإتيان موجب الكفارة مجهولين, أم كان زمان أحدهما معلوماً وزمان الآخر مجهولاً.

الثالث[9]: لبس الثوبين

مسألة 122: يجب لبس ثوبي الإحرام بعد التجرّد عمّا يحرم على المحرم لبسه يتّزر بأحدهما ويرتدي الآخر, وهو واجب مستقل وليس شرطاً في تحقق الإحرام, كما أنَّ ما يأتي من تروك الإحرام أيضاً كذلك ليست شروطاً لصحّة الإحرام، فلو لم يلبسهما اختياراً صحَّ إحرامه وإن أثم.

مسألة 123: لا يعتبر في لبسهما كيفية خاصة فيجوز الاتّزار بأحدهما كيف شاء والارتداء بالآخر كيفما أراد، وإن كان الأحوط لبسهما على النحو المألوف.

مسألة 124: الأحوط ترك عقد الإزار وكذا الرداء، ويجوز الخرز بالإبرة ونحوها والأولى ترك ذلك أيضاً.

مسألة 125: الأحوط وجوباً في الإزار كونه بحيث يستر السرة والركبة, وفي الرداء بحيث يستر المنكبين, كما أنَّ الأحوط وجوباً التعدد فيها فلا يكفي ثوب طويل يتّزر ببعضه ويرتدي بالباقي إلا في حالة الضرورة.

مسألة 126: يعتبر أنْ يكون اللباس قبل النية والتلبية, فلو قدمهما عليه أعادهما بعده.

مسألة 127: يعتبر النية وقصد القربة, فلو لبسهما رياءً تجب إعادة النية, وأما التجرد عن الثياب المتعارفة فلا يعتبر فيه شيء.

مسألة 128: لو أحرم في ثيابه المتعارفة عالماً عامداً صحَّ إحرامه ولا تجب الإعادة, وإنْ فعل حراماً ووجبت عليه الكفارة من جهة لبس المخيط, وكذا لو لبسها فوق ثوبي الإحرام أو تحتهما ويجب خلعها مع عدم الضرورة فوراً.

مسألة 129: لو أحرم في ثيابه المتعارفة جاهلاً أو ناسياً صح إحرامه, ولا شيء عليه ووجب خلعها فوراً عند الإلتفات.

مسألة 130: لو لبس القميص بعد أنْ أحرم يلزم عليه شقّه وإخراجه من تحت القدمين, بخلاف ما لو أحرم فيه, فإنه وجب خلعه بالمتعارف ولا يجب شقّه.

مسألة 131: لو أحرم مجرّداً صح إحرامه وإنْ وجب عليه لبس ثوبي الإحرام, ولو أحرم بالمخيط عالماً عامداً صح الإحرام ووجب خلعه وإنْ عصى.

مسألة 132: لا تجب استدامة لبس الثوبين في الإحرام ويجوز التبديل، بل والخلع للتطهير ونحوه، بل التجرد منهما في الجملة مع كون العورة مستورة. ويكره بيع ثوبي الإحرام.

مسألة 133: لا بأس بالزيادة على الثوبين ابتداءً واستدامةً مع الإختيار فضلاً عن الضرورة.

مسألة 134: يشترط في الثوبين كونهما مما تصحّ فيه الصلاة؛ بأنْ لا يكونا من الحرير, وغير المأكول, والمغصوب, والمتنجس بما لا يعفى عنه في الصلاة بلا فرق بين الابتداء والاستدامة على الأحوط, ولو أحرم في ما لا تصحّ فيه الصلاة يصحّ إحرامه وإنْ أثم في صورة العلم والعمد.

مسألة 135: الأحوط وجوباً ترك النساء لبس ثياب الحرير في الإحرام حدوثاً وبقاءً.

مسألة 136: كلّ ما يسمى ثوباً عرفاً, ولم يكن مخيطاً يصحّ الإحرام فيه سواء كان من القطن أم الكتان أم الصوف أم الشعر أم غير ذلك؛ منسوجاً أم ملبَّداً أم غيرهما, بل وجلد المأكول إنْ صدق عليه الثوب عرفاً, ولكن يستحب أنْ يكون من القطن وأنْ يكون أبيض.

مسألة 137: يجوز للنساء الإحرام في المخيط ولا يجب عليهنَّ لبس ثوبي الإحرام الغير المخيط كالرجال وإنْ كان أحوط.

مسألة 138: يعتبر أنْ لا يكون الإزار رقيقاً, بحيث ترى البشرة منه, والأولى كون الرداء أيضاً كذلك, ولا بأس بأنْ يكون بحيث يرى منهما الحجم ولو خالف وأحرم في الرقيق أثم وصح إحرامه.

مسألة 139: الأحوط وجوباً تطهير ثوبي الإحرام أو تبديلهما إنْ تنجسا بما لا يعفى عنه, وكذا للبدن ومع المخالفة يصحّ الإحرام ولا شيء عليه.

مسألة 140: لا يجب أنْ يكون ما يلتحف به المحرم لأجل البرد ونحوه طاهراً بعد طهارة ثوبي الإحرام.

مسألة 141: لو لم يكن معه إلا ثوب واحد من ثوبي الإحرام اتّزر به, فإنْ كان معه قباء أو قميص ارتدى به منكوساً بجعل ذيله صدراً وبالعكس, والأولى مع ذلك جعل بطنه ظهراً. ولو لم يكن معه إزار ولا رداء وكان معه سراويل لبسه, فإنْ كان معه قباء أو قميص ارتدى به بنحو ما مرّ.

مسألة 142: لو اضطر إلى لبس القباء أو القميص لبرد ونحوه لبسه مقلوباً كما مرّ إذا رفع الاضطرار به, ولو خالف ولبسه بنحو المتعارف صح إحرامه, وكذا في المسألة السابقة ولو لم يرفع الاضطرار إلا بلبسه على النحو المتعارف جاز وصحَّ إحرامه ولا شيء عليه.

[1]. من لا يحضره الفقيه؛ ج‏2 ص527.

[2]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص331.

[3]. من واجبات الإحرام.

[4]. من لا يحضره الفقيه؛ ج‏2 ص528.

[5]. من واجبات الإحرام.

[6]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص335.

[7]. المصدر السابق.

[8]. المصدر السابق.

[9]. من واجبات الإحرام.

تروك الإحرام

يحرم على المحرم خمسة وعشرون شيئاً في حال الإحرام وتسمى بتروك الإحرام:

  1. صيد الحيوان البري.
  2. النساء مطلقاً.
  3. عقد النكاح.
  4. الشهادة على النكاح.
  5. الاستمناء.
  6. الطيب.
  7. لبس المخيط للرجال.
  8. لبس الخفين والجورب.
  9. الإكتحال.
  10. النظر في المرآة.
  11. الفسوق.
  12. الجدال.
  13. قتل ما يتكون في الجسد.
  14. لبس الخاتم للزينة.
  15. لبس الحليّ للمرأة.
  16. التدهين.
  17. إزالة الشعر.
  18. تغطية الرأس للرجل.
  19. تغطية الوجه للمرأة.
  20. التظليل للرجال.
  21. إخراج الدم من البدن.
  22. قلع الضرس.
  23. تقليم الظفر.
  24. لبس السلاح.
  25. قلع ما ينبت في الحرم.

1. الصيد وكفارته

مسألة 143: يحرم عليه صيد الحيوان البري -طيراً كان أم غيره- وذبحه وأكله وإمساكه وإتلافه والإعانة عليه بإغلاقٍ أو إشارةٍ ودلالةٍ ونحو ذلك، والجراد بحكم الصيد البري، ولا بأس بقتل السباع والزنبور والعقرب والحيّة إذا خاف منها وأردن إيذاء المحرم وكذا سباع الطير إذا آذت حمام الحرم.

مسألة 144:لو صاد المحرم أو ذبح الصيد يجري حكم الميتة عليه -على الأحوط وجوباً- بالنسبة إلى كلّ أحد حتى المحل.

مسألة 145: يحرم على المحرم أكل الصيد مطلقاً وإنْ صاده المحل.

مسألة 146: يجوز للمحرم صيد الحيوان البحري وأكله، كما يجوز له ذبح الحيوان الأهلي وإنْ توحشت, فلا يجري عليهما حكم الصيد البري.

مسألة 147: فرخ كلّ حيوان وبيضه تابع لأصله فيجري حكم الحيوان البري على فرخه وبيضه كما يجري حكم البحري والأهلي على بيضهما وفرخهما أيضاً, ولو تردد حيوان بين البري وغيره فالأحوط إلحاقه بالبري.

مسألة 148: في كلّ واحد من الظبي والثعلب والأرنب والحمامة شاةٌ دخل في السنة الثالثة, وفي كلّ واحد من القطاة والدراج حملٌ فطيم, ويلزم أنْ لا يكون له أقل من ستة أشهر, وفي كلّ واحد من العصفور والقبرة والصعوة ثلاثةُ أرباع الكيلو أو ثمنه من الحنطة يطعم بها المسكين, وفي الجرادة تمرةٌ وفي الكثير منها شاةٌ, وفي كلّ واحد من الضب واليربوع والقنفذ جديٌ وهو الذكر من المعز, والأحوط وجوباً أنْ لا يكون سنّه أقل من سبعة أشهر. وفي الصيد أحكام كثيرة تعرضنا لها في مهذب الأحكام.

مسألة 149: لا تختص كفارة الصيد بحال العلم والعمد، بل تجب في حال الجهل والسهو والنسيان أيضاً.

  • مباشرة النساء وكفارتها

مسألة 150:يحرم على المحرم النساء وطياً – قُبلاً ودبُراً– وتقبيلاً, ولمساً ونظراً بشهوة.

مسألة 151: لو جامع المحرم زوجته – قُبلاً أم دبُراً- عالماً عامداً في عمرة التمتع قبل السعي تجب عليه بُدنةٌ أي؛ الداخل في السنة السادسة من الأبل، ويعيد العمرة من الميقات إنْ أمكن بعد إتمامها على الأحوط, ومع عدم الإمكان استأنفها بعد قطعها، ومع عدم إمكانه أيضاً أتمّها ثم يأتي بحج إفراد ثم يقضيه في السنة القابلة على الأحوط, ولو كان ذلك بعد السعي أتمَّ عمرته وتجزي ولكن عليه بُدنة مع اليسار, وشاة مع الإعسار, وبقرة مع التوسط على الأحوط.

مسألة 152: لو جامع المحرم امرأته – قُبلاً أمو دبُراً- عالماً عامداً في إحرام العمرة المفردة؛ فإنْ كان قبل السعي أتمّ عمرته على الأحوط وعليه بُدنة, ووجب قضاؤها، والأفضل أنْ يكون في الشهر القابل, وإنْ كان بعد السعي صَحَّت عمرته ولا شيء عليه، وإنْ كان بعد السعي صحت عمرته ولا شيء عليه وإنْ كان ينبغي التكفير ببدنة, وحكم الزناء في هذه المسألة والمسألة المتقدمة أيضاً كذلك على الأحوط.

مسألة 153: لو وقع الوطئ نسياناً أو جهلاً أو تقصيراً تصحّ العمرة ولا شيء عليه, وكذا في جميع تروك الإحرام غير الصيد.

مسألة 154: يجري ما تقدم في المسائل السابقة من الأحكام على المُحرمة أيضاً إنْ كانت عالمة عامدة مطيعة غير مكرهة, وإلا فتصحّ عمرتها ولا شيء عليها ويتحمل الواطئ عنها الكفارة في مورد الإكراه على الأحوط.

مسألة 155: لو جامع المحرم امرأته عالماً عامداً في إحرام الحج؛ فإنْ كان قبل الوقوف بالمشعر بطل الحج ووجب الإتمام والقضاء من القابل والتكفير ببدنة ويفترقان من موضع الخطيئة بمصاحبة ثالث إلى تمام النسك, وكذا في حج القضاء إنْ حجّا من ذلك الطريق, ولا فرق في ذلك كلّه بين كون الحج واجباً أو مندوباً. ويجب على المرأة مثل ذلك إنْ كانت محرمة ومطاوعة, وأما مع الإكراه فيصح حجها ولا شيء عليها ووجبت على المكره كفارتها. وإنْ كان ذلك قبل أنْ يطوف طواف النساء أو طاف منه ثلاثة أشواط فما دون صح الحج ووجبت البدنة فقط, ومع المطاوعة تجب على المرأة أيضاً, ومع الإكراه تكون عليه بدنتان وإنْ كان ذلك بعد تجاوز النصف من طواف النساء يصحّ الحج ولا شيء عليهما.

مسألة 156: لا فرق بالوطئ بين القُبل والدّبر, كما لا فرق بين الزوجة الدائمة والمنقطعة وحكم الزناء أيضاً كذلك على الأحوط.

مسألة 157: لو نظر المحرم إلى غير أهله عالماً عامداً فأمنى فعليه بُدنة إنْ كان من المتوسطين, وشاة إنْ كان من غيرهما, بلا فرق فيه بلا فرق فيه بين إحرام الحج والعمرة, وإنْ نظر إلى أهله بشهوة فأمنى فعليه بُدنة, وكذا إنْ أمنى عند الملاعبة, ولو نظر إلى أهله بلا شهوة أو مسّها كذلك فلا شيء عليه.

مسألة 158: لو مسّ المحرم أهله بشهوة كان عليه شاة ولو لم يُمنِ بلا فرق بين إحرام الحج والعمرة.

مسألة 159: لو قبّل المحرم امرأته؛ فإنْ كان للالتذاذ ولو بغير شهوة فعليه شاة, ومع الشهوة فعليه بُدنة.

مسألة 160: يجري ما تقدم من الأحكام بالنسبة إلى المحرمة أيضاً, فإنْ نظرت إلى غير زوجها فأمْنت, أو نظرت إلى زوجها بشهوة, أو أمْنت عند الملاعبة, أو قبّلت زوجها فقد تقدّم حكم جميعها في المسائل السابقة, ولو كان النظر واللمس بلا شهوة ابتداءً وصار معها بقاءً يكون كذلك, ولا شيء على الجاهل والناسي والغافل.

  • عقد النكاح وكفارته

مسألة 161: يحرم على المحرم عقد النكاح لنفسه أو لغيره ولو كان مُحلاً؛ دواماً أو انقطاعاً بلا فرق بين الرجل والمرأة في العاقد والمعقود له.

مسألة 162: يجوز للمحرم مفارقة النساء بطلاق ونحوه, كما يجوز له الرجوع في الطلاق الرجعي, ويجوز له خطبة النساء وإنْ كان الأحوط تركه.

مسألة 163: من عقد لمحرم فدخل بها مع علم العاقد والمعقود له، والمرأة بأنها عقدت للمحرم -تجب على كلّ واحد منهم بُدنة سواء كان العاقد والمرأة محلين أم محرمين أم بالاختلاف, ولو علم بعضهم بالحكم دون بعض تختص البُدنة بمن علم به, وإنْ كان الأحوط التكفير بالبدنة مع الدخول حتى في صورة الجهل بالحكم أيضاً.

مسألة 164: إذا وقع عقد النكاح في حال إحرام الزوج فهو باطل سواء كانت الزوجة محرمة أيضاً أم لا, وسواء صدر العقد بمباشرة الزوج أم بالتوكيل, لكن مع إجراء الوكيل العقد في حال إحرام الزوج سواء كان الوكيل محرماً أيضاً أم لا, وسواء كانت الوكالة قبل الإحرام أم حاله, وسواء كان مع العلم بالحرمة أم مع الجهل بها, بل يوجب الحرمة الأبدية في صورة العلم بها بخلاف صورة الجهل بالحرمة فيكون النكاح باطلاً فقط ولا يوجب الحرمة الأبدية دخل بها أم لا.

مسألة 165: إذا وقع عقد النكاح في حال إحرام الزوجة مع كون الزوج محلاً, يكون النكاح باطلاً, بل الأحوط الحرمة الأبدية أيضاً.

مسألة 166: إذا كان العاقد محرماً والزوجان محلّين فلا شيء سوى بطلان العقد في البين ووجب على المحرم الإستغفار.

مسألة 167: لا فرق فيما تقدّم بين عقد الدوام والانقطاع, ولا بين إحرام الحج والعمرة, واجباً كان أو مندوباً, أصالة كان أو نيابة.

  • شهادة النكاح

مسألة 168: يحرم على المحرم شهادة عقد النكاح سواء كانت لأجل أدائها أم لا, بل الأحوط وجوباً ترك أدائها حين الأحرام وإنْ تحمّلها محلاً.

مسألة 169: لو شهد المحرم عقد الزواج لمحلين أو محرمين أو بالاختلاف فلا أثر لشهادته في فساد العقد, وليس عليه شيء سوى الإستغفار.

  • الإستمناء وكفارته

مسألة 170: يحرم على المحرم طلب إخراج المني بأيّ نحو أمكن سواء كان بيده أم بغير اليد.

مسألة 171: لو استمنى وخرج المني فعليه بُدنة, بل يلزم ترتيب ما تقدَّم من حكم الجماع في حال الإحرام عليه.

  • الطيب وكفارته

وهو شيء معهود متعارف في جميع الأزمنة وإنْ اختلفت خصوصياته بحسب الأمكنة والأشخاص.

مسألة 172: يحرم عليه الطيب بجميع أنواعه -كالمسك والعنبر والزعفران والعود والكافور وجميع العطريات؛ شمّاً وصبغاً وإطلاءً على البدن واللباس والمنزل. ولا يجوز لبس ما فيه رائحته ولا أكل ما فيه الطيب ولا يجب الاجتناب عن الهيل والقرنفل والدارسين والزنجبيل ونحوها, وإنْ كان الأحوط الاجتناب عن ذلك كلّه.

مسألة 173: يجب الاجتناب عن كلّ وردة ونبات فيهما رائحة طيبة تتخذ للاستشمام والتطيب عرفاً بخلاف سائر الرياحين التي لا تتخذ لذلك, وإنْ كان الأحوط الاجتناب عنها أيضاً.

مسألة 174: لا بأس بأكل الفواكه الطيبة -كالتفاح والأترج والسفرجل ونحوها- والأولى سد أنفه حين الأكل، ولكن لا يجب ذلك.

مسألة 175: لو أكل ما فيه الطيب أو شربه أو لبسه جاز ذلك, ولكن وجب عليه التكفير ويسد أنفه مهما أمكن, وكذا لو أضطر إلى شمه يشمه.

مسألة 176: لا يجب سدّ الأنف عن طيب الكعبة المشرّفة.

مسألة 177: يجوز الفرار والتنحّي عن الرائحة الكريهة, والأحوط وجوباً ترك سدّ الأنف منها إنْ لم يكن حرج ومشقّة.

مسألة 178: يجوز بيع الطيب وشراؤه والنظر إليه مع التحفظ على ترك استشمامه.

مسألة 179: لو استعمل المحرم الطيب عمداً بأيِّ نحو من الإستعمال فالأحوط وجوباً التكفير بشاة, ولو تكرر ذلك منه مع تخلل التكفير في البين تتكرَّر الكفارة, ومع عدمه فإنْ كان ذلك في وقتٍ واحد فلا تتكرر ومع كونه في أوقات متعددة عرفاً تتكرر.

  • لبس المخيط للرجال وكفارته

مسألة 180: لا يجوز للرجل المحرم لبس المخيط –كالقميص والقباء والسروال ونحوها- وكذا مثل المنسوج قميصاً أو الملبّد كذلك. والأحوط وجوباً الاجتناب عن المخيط ولو قليلاً كالقلنسوة ونحوها, ويستثنى منه المِنطقة والهميان والفتق بند[1]؛ فيجوز له لبسها إنْ احتاج إليها, ولو فوق الإزار وإنْ حصل بها شدّة, ولا بأس بلبس الأحذية والنعال ما لم تكن مخيطة ولم تستر ظهر القدم.

مسألة 181: كفارة لبس المخيط عالماً عامداً شاةٌ, ولو لبس المتعدد ففي كلّ واحد شاة, بل لو جعل بعض الألبسة في بعض ولبسها دفعة واحدة فالأحوط وجوباً شاة لكلّ واحدة منها إنْ كان الملبوس متعدداً – كأن جعل القميص والقباء والعباءة بعضه فوق بعض ولبسها دفعة واحدة -ولو اضطر إلى لبس المخيط جاز، ولا تسقط الكفارة ولكن لا كفارة مع الجهل والغفلة والإكراه, ولو لبس مخيطاً ثم نزعه ثم لبسه ثانياً تتكرر الكفارة مع تعدد المجلس، ومع وحدته فكفارة واحدة إلا مع تخلل التكفير متعدد حينئذٍ.

مسألة 182: لو التحف أو تدّثر بالمخيط فالظاهر عدم الكفارة فيه وإنْ كانت أحوط, ولا كفارة في عقد ثوبي الإحرام ولا في لبس شيء فيه عقد ما لم يكن مخيطاً, والظاهر أنَّ الملبد ليس بمخيط.

  • الإكتحال بالسواد

مسألة 183: لا يجوز للمحرم الاكتحال بالسواد إنْ كان فيه زينة قصدها أم لا, كما لا يجوز الاكتحال بما فيه الطيب, بل الأحوط وجوباً ترك الاكتحال بمطلق ما فيه الزينة ولو لم يكن بسواد ولا ممّا فيه الطيب.

مسألة 184: لا كفارة ولا شيء في الاكتحال سوى الإستغفار مطلقاً، ولو كان بسواد وفيه زينة, أو كان فيه زينة ولم يكن بسواد. نعم؛ لو كان طيب فالأحوط وجوباً ما تقدم من كفارة الطيب.

مسألة 185: لا بأس بالاكتحال في حال الضرورة. نعم؛ لو كان فيه طيب ففيه كفارته, ولو في حال الإضطرار.

  • النظر في المرآة

مسألة 186: يحرم للمحرم النظر في المرآة إن كان للزينة, بل الأحوط وجوباً ترك النظر فيها ولو لم يكن للتزيين إلا لضرورة بلا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة, ولا بأس بالنظر فيما يحكي الوجه كالماء الصافي والجسم الصيقل.

مسألة 187: الأحوط وجوباً ترك استعمال النظارات إنْ كانت للزينة, ولا بأس بما كانت للحاجة.

مسألة 188: لا كفارة ولا شيء للنظر في المرآة, واستعمال النظارة سوى الإستغفار, ويستحب تجديد التلبية بعد النظر في المرآة.

  • لبس ما يستر ظهر القدم

مسألة 189: لا يجوز للمحرم لبس ما يستر ظهر القدم -كالخف والجورب ونحوهما– ولا فرق فيه بين الرجال والنساء على الأحوط.

مسألة 190:ليس في لبس ما يستر ظهر القدم كفارة مطلقاً سوى الإستغفار, ولو اضطر إلى لبس مشقوق الظهر إنْ أمكن, وإنْ كان مخيطاً ففيه كفارة المخيط بالنسبة إلى الرجال.

مسألة 191: لا بأس بستر تمام ظهر القدم بغير اللبس –كالجلوس عليه وإلقاء طرف الإزار وكونه تحت الغطاء حال النوم أو البرد أو الستر باليد والماء ونحوها.

  • الفسوق

مسألة 192: يحرم على المحرم الفسوق وهو الكذب والسباب والمفاخرة، والأحوط إلحاق البذاء والكلام القبيح به أيضاً, بل وجميع الكبائر فتكون حرمتها مؤكدة حال الإحرام.

مسألة 193: لا يجب شيء في الفسوق سوى الإستغفار ولا يفسد الإحرام بذلك كلّه, ويستحب في الفسوق التصدق بشيءٍ ولو كفّاً من طعام، والأولى التصدّق ببقرة وتجديد التلبية بعد ارتكاب الفسوق.

  • الجدال وكفارته

مسألة 194:يحرم على المحرم قول: (لا والله) أو (بلى والله) –وكل ما كان مرادفاً لهما في أيّ لغةٍ كانت– في مقام الجدال والخصومة, بل الأحوط وجوباً تركهما ولو مع عدمهما, بل الأحوط كذلك ترك الجدال والخصومة بسائر أسماء الله المقدَّسة ولا يلحق بهما سائر المقدَّسات الدينية.

مسألة 195: إذا لم يكن قول: (لا والله) أو (بلى والله) وما يرادفهما من اللغات للجدال والخصومة، بل كان لإظهار المودة والإكرام يجوز حينئذٍ؛ كما إنه لو اضطر إلى أحدهما لإثبات حقّ أو دفع باطل يجوز أيضاً, بل لو اعتاد لسانه بقول: (والله) مثلاً في تكلماته المتعارفة لا شيء عليه أيضاً.

مسألة 196: لو كان الجدال صادقاً فلا كفارة عليه, إنْ كان مرَّتين. نعم؛ يجب شاة في المرّة الثالثة, وإنْ كان كاذباً فتلزمه الكفارة بشاة في الأولى وببقرة في الثانية وببُدنة في الثالثة.

مسألة 197: لا فرق في الجدال الموجب للتكفير بشاة إنْ كان ثلاث مرات بين كونها متصلة أو متفرقة.

مسألة 198: لو جادل صادقاً زائداً على الثلاث مرّات فلا شيء عليه غير الشاة. نعم؛ لو كفّر بعد الثلاث ثم جادل ثلاثاً أو أزيد يجب عليه شاة أخرى.

مسألة 199: لو جادل كذباً مرةً فكفَّر ثم جادل كذباً مرةً أخرى وجبت عليه شاة أُخرى لا البقرة, وكذا لو جادل مرتين كذباً فكفّر ببقرة ثم جادل كذباً مرّة فتجب عليه شاة, ولو جادل في الفرض مرّتين فتجب عليه بقرة أخرى لا بُدنة, ولو جادل كذباً عشر مرات أو أزيد تجب عليه بُدنة إلا إذا كفّر بعد الثلاثة فتتكرر البدنة حينئذٍ.

  • قتل هوام الجسد

مسألة 200: يحرم على المحرم قتل هوام الجسد –من القملة, والبرغوث ونحوهما– مباشرة أو تسبيباً, وكذا من سائر جسد سائر الحيوانات, وكذا يحرم إلقاؤها من الجسد أو نقلها من محلِّها إلى محل تسقط منه، بل يلزم ترك نقلها إلى محل يكون معرضاً للسقوط.

مسألة 201: الأحوط في القتل والنقل والإلقاء التصدق بكفّ من الطعام.

مسألة 202: يجوز دفع البق والبرغوث والذباب مع الأذية وإنْ حصل به قتلها، ولكن الأحوط الإجتناب عن القتل خصوصاً في الحرم.

  • لبس الخاتم للزينة

مسألة 203: يحرم على المحرم لبس الخاتم للزينة, ويجوز إنْ كان للسُّنة أو لخاصية أخرى غير الزينة. والفارق القصد والنية.

مسألة 204: الأحوط وجوباً ترك استعمال الحنّاء للزينة، بل ترك كلّ ما ترتب عليه الزينة وإنْ لم يقصدها. ولو استعمل الحنّاء قبل الإحرام للزينة وبقي أثره إلى ما بعد الإحرام لا إشكال فيه, والأولى بل الأحوط ترك كلّ ما ينافي كونه: (شعثاً غبراً).

مسألة 205: لو لبس الخاتم للسُّنة أو لفائدة أخرى غير الزينة وترتبت عليه الزينة قهراً الأحوط وجوباً ترك لبسه.

مسألة 206: ليس في لبس الخاتم واستعمال الحنّاء والتزيين بغيرهما كفارة, وإنْ وجب الاستغفار لأنه فعل محرماً، والأولى تجديد التلبية أيضاً.

  • لبس المرأة الحلي للزينة

مسألة 207: يحرم على المرأة المحرمة لبس الحلي للزينة, بل الأحوط وجوباً ترك لبسها إنْ تحققت الزينة قهراً ولو لم تقصدها, ولا بأس ببقاء ما كانت معتادة قبل الإحرام ولا يجب إخراجها, ولكن يحرم عليها الإظهار للرجال حتى زوجها ومحارمها إلا مع الضرورة.

مسألة 208: ليست في لبس الحلي كفارة, ولكن يجب عليها الإستغفار لأنها فعلت حراماً.

مسألة 209: تتأكد حرمة لبس الذهب على الرجال ولا كفارة عليهم أيضاً لو لبسوا سوى الإستغفار.

  • التدهين

مسألة 210: يحرم على المحرم التدهين وإنْ لم يكن فيه طيب, بل لا يجوز التدهين بما فيه طيب قبل الإحرام, كما لا بأس به مع الاضطرار ولو بعد الإحرام, ولا بأس بأكل دهن ليس فيه طيب، ولا فرق في ذلك كلّه بين الرجل والمرأة.

مسألة 211: لا كفارة في التدهين مطلقاً سوى الإستغفار. نعم؛ لو كان فيه طيب فكفارته شاة حتى للمضطر.

  • إزالة الشعر وكفارته

مسألة 212: يحرم على المحرم إزالة الشعر قليله وكثيره حتى بعض الشعرة الواحدة عن الرأس أو الحاجب أو اللحية أو البدن؛ بأيِّ نحو كان حلقاً أو نتفاً أو باستعمال النورة مباشرةً أو تسبيباً.

مسألة 213: يحرم على المحرم إزالة شعر غيره وإنْ كان مُحلاً.

مسألة 214: لا بأس بإزالة الشعر للضرورة –أي ضرورة كانت– وبأي نحو من الإزالة اقتضتها الضرورة, كما لا بأس بسقوط الشعر عند الحك أو الوضوء أو الغسل أو مس اللحية مثلاً كلّ ذلك مع عدم قصد زوال الشعر وعدم العلم به, كما لو انقطعت جلدة من بُدنه, وكان عليها شعر لا شيء عليه.

مسألة 215: الأحوط في كفارة حلق الرأس بلا ضرورة شاة, ويلحق به إزالة شعره بغير الحلق أيضاً على الأحوط, وإنْ كان بضرورة فالكفارة مخيَّرة بين الشاة وإطعام ستة مساكين لكلّ مسكين كيلو وثلاثة أرباع الكيلو من الحنطة أو صيام ثلاثة أيام, ولا فرق في الحلق بين القليل والكثير ما دام يصدق الحلق عرفاً, كما أنَّ الأحوط هو الشاة في إزالة شعر البدن غير الإبطين؛ قليلاً كان أم كثيراً.

مسألة 216: في نتف الإبطين شاة، وفي نتف أحدهما إطعام ثلاثة مساكين لكلّ مسكين ثلاثة أرباع الكيلو وثُمن الكيلو من الحنطة, والأفضل كيلو وثلاثة أرباع الكيلو, والأحوط الشاة في نتف كلّ واحد من الإبطين.

مسألة 217: لا فرق في لزوم الكفارة بين ما إذا كان الحلق مباشرة أو تسبيباً, مُحلاً كان الحالق أو محرماً, ولا كفارة على الحالق إنْ كان محرماً وإنْ فعل حراماً ما لم يكن مكرهاً, كما إنه لا كفارة على المحرم الذي حلق رأس المحل وإنْ فعل حراما إنْ كان مختاراً.

مسألة 218: إذا مسَّ رأسه أو لحيته فسقط منه شعر يتصدَّق بكف من طعام, وإنْ كان ذلك لأجل الطهارة أو الضرورة فلا شيء عليه إلا إذا كان بخلاف المتعارف ففيه الفداء.

  • تغطية الرجل رأسه وكفارته

مسألة 219: يحرم على المحرم تغطية رأسه ومنه الأذنان دون العنق, ولا فرق بين جميع أقسام التغطية بما يكون ملاصقاً به حتى بالطين والحنّاء, وحمل المتاع ونحوه والرمس في الماء أو غيره من المائعات.

مسألة 220: لا فرق في الحرمة بين تغطية جميع الرأس أو بعضه, ولا بأس بعصام القربة وإفاضة الماء عليه بما لا يكون رمساً فيه عرفاً.

مسألة 221: يجوز للمحرم وضع رأسه على الوسادة عند النوم وإنْ استلزم ستر بعضه, كما يجوز له حكّ رأسه أيضاً.

مسألة 222: لا بأس بعصابة الصداع مع الضرورة, ولا إشكال في صحّة مسح رأسه عند الوضوء بل الظاهر جواز وضع يده على رأسه وإنْ كان الأولى الترك.

مسألة 223: لا فرق في حرمة التغطية بين ما يحكي ما تحته وغيره, ولا ملازمة بين جواز التغطية للضرورة وجواز التظليل وكذا العكس.

مسألة 224: لو غطّى رأسه نسياناً ألقاه عند التذكر فوراً وجدد التلبية استحباباً, وكذا لو حصلت التغطية عند النوم نسياناً زائداً على ما هو المتعارف.

مسألة 225: يجوز للرجل تغطية وجهه حال الإحرام كلاً أو بعضاً.

مسألة 226: لو غطّى رأسه بما يكون منفصلاً عنه لم يكن ذلك تغطية ويجري عليه حكم التظليل.

مسألة 227: كفارة تغطية الرأس –كلاً أو بعضاً بأيّ نحوٍ كانت– شاةٌ، والأحوط وجوباً الكفارة في صورة الاضطرار أيضاً.

مسألة 228: لو استمرت التغطية في الإحرامين تجزي لإحرام العمرة كفارة ولإحرام الحج أخرى, ولو أستمرت في إحرام واحد فكفارة واحدة, ولو تكررت فالأحوط تكرر الكفّارة أيضاً ولو كان إحرام واحد فكيف بما إذا كان في إحرامين.

مسألة 229: تختص الكفّارة بحال العلم والعمد فلا كفارة على الجاهل والناسي والغافل.

مسألة 230: تختص حرمة تغطية الرأس بخصوص الرجل المحرم فقط دون المرأة بل يجب عليها ستر رأسها للصلاة وعن النظر للأجنبي.

  • تغطية المرأة وجهها

مسألة 231: يحرم على المرأة المحرمة تغطية وجهها كلاً أو بعضاً بالأغطية المتعارفة, بل الأحوط وجوباً ترك الغطاء بغير المتعارف أيضاً، ولا بأس بوضع يدها على وجهها, أو النوم على المخدّة على أحد الجانبين وإنْ استلزم تغطية بعض الوجه.

مسألة 232: يجوز لها إسدال القناع ونحوه من الرأس إلى الأنف, بل إلى النحر للتستر عن الأجنبي أو لغرض آخر ولا يلزم مراعاة أنْ لا يلصق ذلك بوجهها وإنْ كان الأحوط مراعاة ذلك.

مسألة 233: يجب عليها ستر رأسها في الصلاة وعن النظر, ويجب ستر مقدار من أطراف الوجه مقدمة فإذا فرغت من الصلاة وارتفع المانع ترفعه عن وجهها فوراً.

مسألة 234: لا كفارة في تغطية الوجه ولا في لصوق الثوب بالوجه وإنْ كانت أحوط فيهما.

  • التظليل وكفارته

مسألة 235: يحرم على الرجل المحرم التظليل اختياراً في حال السير بأي نحو كان -بالمظلة أو بسقف السيارة أو الطيارة أو القطار أو السفينة أو غيرها– ولو لم يكن الظل من فوق الرأس وكان من أحد الجانبين كما إذا مشى في ظلِّ جدار ونحوه يجوز ذلك وإنْ كان الأحوط الترك.

مسألة 236: يجوز التظليل بالنسبة إلى سائر الأعضاء من البدن, بل وجميع البدن أيضاً.

مسألة 237: يجوز التظليل للنساء والصبيان مطلقاً، بل للرجال أيضاً في حال الضرورة مع الكفارة.

مسألة 238: تختص حرمة التظليل بخصوص السير, وطيّ الطريق راكباً كان أو ماشياً، وأما بعد النزول في المنزل –كعرفات ومنى ونحوهما– فلا يحرم ذلك فيجوز حينئذٍ الجلوس والنوم تحت السقف والخيمة, بل الظاهر جواز التردد في الحوائج حينئذٍ مع الاستظلال راكباً أو ماشياً؛, فيجوز لمن نزل في منى أنْ يذهب إلى المذبح أو إلى محل رمي الجمرة مع المظلة أو في السيارة المسقفة وإنْ كان الأحوط الترك.

مسألة 239: يجوز السير تحت الظل المستقر كالسير تحت ساباط ونحوه.

مسألة 240: لا اختصاص لحرمة التظليل بخصوص النهار، بل يحرم في الليل أيضاً.

مسألة 241: كفارة الاستظلال شاة وإنْ كان للضرورة، ويجزي شاة لإحرام العمرة وشاة لإحرام الحج, وإنْ تكرر منه ذلك والأحوط للمختار أنْ يكفِّر عن كلّ يوم بمدٍّ من الطعام أيضاً.

  • إخراج الدم

مسألة 242: يحرم على المحرم إخراج الدم من بدنه ولو بنحو الخدش أو الحكّ المعتاد منه خروج الدم أو الاحتجام أو قلع الضرس ونحو ذلك, ولا بأس بإخراجه عند الضرورة والحاجة, كما لا بأس بإخراجه من بدن غيره محرماً كان أو محلاً.

مسألة 243: لا كفارة في إخراج الدم حتى من دون ضرورة وحاجة, والأحوط استحباباً شاة وإطعام مسكين, ولا فرق فيه بين الرجل والمرأة.

  • تقليم الظفر وكفارته

مسألة 244: يحرم على المحرم تقليم الظفر –كلاً أو بعضاً, يداً أو رجلاً, بآلة أو بغيرها– حتى بالضرس, والأحوط وجوباً ترك قلْم الظفر عن الإصبع الزائدة أيضاً ولا بأس به مع الأذية ولكن عليه الفدية.

مسألة 245: في قلْم كلّ ظفر ثلاثة أرباع الكيلو من الحنطة إلى أنْ يبلغ العشرة أو العشرين، وحينئذٍ ففي جميع أظفار اليدين أو الرجلين في مجلس واحد إنْ لم يتخلل التكفير شاة, وإنْ كان كلّ واحد من اليدين والرجلين على حدة فعليه شاتان.

مسألة 246: لو كانت أظفار يده أو رجله أقل من عشرة فقلَّم جميع اليدين أو الرجلين فلكل واحد التكفير بالحنطة, وإنْ كان الأحوط الشاة لليدين والرجلين.

مسألة 247: لو تخلل التكفير بالحنطة قبل البلوغ إلى ما يوجب الشاة تعدد هو خاصة بحسب تعدد الأصابع، ولا يجب الشاة في العشرة حينئذٍ.

مسألة 248: لو كفَّر بشاة لليدين أو الرجلين ثم أكمل الباقي في المجلس وجب عليه شاة أخرى.

مسألة 249: لو قلَّم تمام اليدين وأحد الرجلين –مثلاً– في مجلس واحد أو بالعكس تجب للعشرة شاة ولِما زاد الكفارة بالحنطة.

مسألة 250: بعض الظفر كتمامه فيما تقدَّم. نعم؛ لو قصّه دفعات في مجلس واحد لم تتعدد الكفارة.

مسألة 251: لا كفارة مطلقاً مع الجهل, والنسيان, والسهو, وتختص بصورة العمد فقط. نعم؛ تلزم في صورة الإضطرار أيضاً.

مسألة 252: لا تعتبر وحدة المجلس في كفارة الشاة, فلو قلَّم جميع أظفار اليدين في مجالس متعددة وجب عليه الشاة, وكذا أظفار الرجلين, ولو قلَّم أظفارهما معاً في مجالس متعددة فشاتان على ما مرّ.

  • قلع الضرس وكفارته

مسألة 253: يحرم على المحرم قلع الضرس ولو لم يخرج منه دم.

مسألة 254: لا بأس بقلع الضرس مع الأذى ولا كفارة عليه.

مسألة 255: الأحوط وجوباً الكفارة بشاة في قلع الضرس.

  • قلع ما ينبت في الحرم وكفارته

مسألة 256: يحرم على المحرم والمُحلّ قلع ما ينبت في الحرم وقطعه إلا في موارد:

منها؛ ما غرسه وأنبته بنفسه في ملكه.

ومنها؛ شجر الفواكه ولو أنبتها الله تعالى.

ومنها: الأذخر وغيرها.

مسألة 257: لو قطع الشجر الذي لا يجوز قطعه, فإنْ كانت كبيرة فعليه بقرة, وإنْ كانت صغيرة فعليه شاة على الأحوط, ولو قطع بعض الشجر تجب الكفارة بقيمته, وليس في الحشيش شيء سوى الإستغفار.

مسألة 258: لو مشى بنحو المتعارف وانقطع الحشيش بمشيه فلا شيء عليه.

مسألة 259: لا بأس بإرسال دوابه لترعى بحشيش الحرم, ولكن لا يقطع هو للدابة على الأحوط وجوباً.

  • لبس السلاح

مسألة 260: يحرم على المحرم لبس ما يسمّى بالسلاح عُرفاً ويصدق عليه أنه متسلح فعلاً, ولا بأس به مع الضرورة, ولا كفارة فيه حتى مع الحرمة.

[1]. مصطلح فارسي؛ وهو ما يشد لكف نزول الريح في الأنثيين.

محل ما يذبح لأجل الكفارة

مسألة 261: كفارة الصيد في إحرام العمرة تُذبح أو تنحر في مكة, وكفارة الصيد في إحرام الحج تذبح أو تنحر في منى.

مسألة 262: ما يجب أنْ يذبح أو ينحر في سائر الكفارات يجوز تأخيره إلى أنْ يرجع إلى أهله, ولكن الأحوط فيه أيضاً مراعاة التفصيل الذي تقدَّم في كفارة الصيد.

مسألة 263: لو ترك ما لزمه للصيد في مكة أو منى, فإنْ أمكنه الاستنابة للذبح فيهما فَعَلْ وإلا فيجزيه أين ما ذبح أو نحر وإنْ كان في بلده سواء كان ترك الذبح فيهما لعذر أم لا وإنْ أثم في الثاني.

مصرف كفارات الإحرام

مسألة 264: يجب صرف الكفارات على مساكين الحرم سواء كانت من الأنعام أم الدراهم أم الطعام في غير ما نص على مصرفه بالخصوص, وسواء كان المساكين من أهل الحرم أم من غيرها من الحجاج والزائرين؛ من المؤالفين كانوا أم المخالفين وإنْ كان الأحوط الاقتصار على الأول.

مسألة 265: يجوز إعطاء تمام الكفارة لواحد في غير ما تقدم من التعدد, ولكن الأحوط التعدد إنْ أمكن, ويجوز طبخه وإعطاء المساكين مطبوخاً أو دعوة الفقير وإطعامه منها, ولو ذبح ولم يوجد الفقير يسقط التصدق ولو علم قبل الذبح بعدم وجود الفقير فلا يسقط الوجوب.

مسألة 266: الأحوط وجوباً أنْ لا يأكل من وجبت عليه الكفارة من كفارته.

مسألة 267: لا يجزي إعطاء القيمة في الأنعام والطعام إلا بنحو التوكيل في شراء العين, وأما إعطاء نفس الحيوان حيّاً إلى الفقير؛ فإنْ كان بنحو التوكيل في الذبح فلا بأس به, وإنْ كان بنحو التمليك ففيه منع.

المواضع المحترمة

ينبغي معرفة المواضع المقدَّسة التي يرتجى فيها زيادة الفضل والثواب:

منها: الحرم؛ وهو محيط بمكة المكرمة من جميع الجوانب ومقدَّس, ومحترم من زمان هبوط آدم بل قبله إلى يوم القيامة, وللدخول فيه آداب ووظائف مذكورة في المفصلات. وحدوده شمالاً –من طرف المدينة– التنعيمُ (مسجد العمرة), وغرباً –من جهة جدّة– الحديبيةُ, وشرقاً –من جهة نجد– الجعرانةُ, وجنوباً –من طرف عرفة– نمرة.

فالكعبة؛ بيت الله تعالى، والحرم حجابه, وعرفة موقف زواره, والمشعر بابه. وإنَّما يوقفهم بعرفة ليتضرعوا حتى يأذن لهم بالدخول في حرمه والتشرُّف بالطواف حول بيته.

وللحرم أعلام خمسة معروفة: علماً عند الحديبية على بعد 20 ميلاً عن المسجد الحرام. وعلماً عند التنعيم على بعد 6 أميال عن المسجد, وعلماً عند الجعرانة على بعد 13 ميلاً, وعلماً عند عرفة على بعد 18 ميلاً وعلماً عند إضاءة لين[1] على بعد 12 ميلاً.

ومنها: مقام إبراهيم علیه السلام؛ وهو الصخرة التي عليه أثر قدمي الخليل علیه السلام أمام باب الكعبة المقدَّسة تبعد عنها بستة وعشرين ذراعاً.

ومنها: زمزم؛ وهو ماء يستسقى منه قبالة باب الكعبة. وفي الحديث مَاءُ زَمْزَمَ‏ شِفَاءٌ لِمَا شُرِبَ لَهُ[2].

ثم إنه من وقف مقابل باب الكعبة المشرفة تسمّى الزاوية التي على يساره من البيت بالركن العراقي وفيها الحجر الأسود, وما بين باب الكعبة والحجر الأسود يسمى بالحطيم, والزاوية التي على يمينه من البيت بالركن الغربي, والجدار القصير الذي يكون في ذلك الطرف على شكل نصف الدائرة تقريباً يسمى بحجر إسماعيل, وإذا وقف الشخص خلف البيت الشريف فالزاوية التي على يمينه تسمى بالركن اليماني، وما على يساره بالركن الشامي، والمقدار المقابل لباب الكعبة المشرَّفة من خلفها يسمى بأسماء ثلاثة: المستجار والمتعوذ والملتزم.

الحجر الأسود

وقد ورد في فضله أخبار كثيرة, منها قول الصادق علیه السلام: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم: اسْتَلِمُوا الرُّكْنَ فَإِنَّهُ يَمِينُ‏ اللَّهِ‏ فِي‏ خَلْقِهِ‏ يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ مُصَافَحَةَ الْعَبْدِ أَوِ الرَّجُلِ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِالْمُوَافَاةِ[3], وعن الباقر علیه السلام: إِنَّ الْحَجَرَ كَانَ‏ دُرَّةً بَيْضَاءَ فِي الْجَنَّةِ- وَكَانَ آدَمُ علیه السلام يَرَاهَا فَلَمَّا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْأَرْضِ نَزَلَ إِلَيْهَا آدَمُ علیه السلام فَبَادَرَ فَقَبَّلَهَا فَأَجْرَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِذَلِكَ السُّنَّةَ[4].

مسألة 268: يُستحب مؤكداً إستلام الحجر والتمسح به مع الإمكان وعدم أذية أحد, ولا يتأكد ذلك للنساء مطلقاً, وتكفي الإشارة إلى الحج عند المزاحمة وكذا النساء, كما يستحب تقبيله أيضاً مع الإمكان وإلا فيشير إليه باليد ثم يقبل اليد.

الحطيم

وهو ما بين الباب والحجر ومن المواضع الشريفة؛ لا بُدَّ فيه من التوبة والإستغفار فإنه تحطّم فيه الذنوب العظام، أي تكسَّر ولذلك سُمّيَ حطيماً, وفي بعض الأخبار أنه هو المكان الذي تاب الله على آدم علیه السلام فيه.

الركن اليماني

وهو الزاوية التي تكون بإزاء الحجر الأسود من خلف البيت كما تقدم, وقد ورد في فضلها ما يتحيّر فيه العقول, قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: مَا أَتَيْتُ‏ الرُّكْنَ‏ الْيَمَانِيَّ إِلَّا وَجَدْتُ جَبْرَئِيلَ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ يَلْتَزِمُهُ[5], وقال الصادق علیه السلام: الرُّكْنُ‏ الْيَمَانِيُ‏ بَابُنَا الَّذِي نَدْخُلُ مِنْهُ الْجَنَّةَ[6], وعنه علیه السلام: فِيهِ‏ بَابٌ‏ مِنْ‏ أَبْوَابِ‏ الْجَنَّةِ لَمْ يُغْلَقْ مُنْذُ فُتِحَ وَفِيهِ نَهَرٌ مِنَ الْجَنَّةِ تُلْقَى فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ[7], وقال علیه السلام: إِنَ‏ مَلَكاً مُوَكَّلٌ‏ بِالرُّكْنِ‏ الْيَمَانِيِّ- مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرٌ إِلَّا التَّأْمِينُ عَلَى دُعَائِكُمْ فَلْيَنْظُرْ عَبْدٌ بِمَا يَدْعُو[8], وبالجملة لا بُدَّ من اغتنام الفرصة في هذه المواضع والابتهال والتضرُّع إلى الله تعالى.

المستجار

تقدَّم أنَّ المقدار الذي يكون مقابل باب الكعبة المشرّفة من خلفها له أسماء ثلاثة: الملتزم والمتعوذ والمستجار، وقد ورد في فضله أخبار كثيرة؛ عن أمير المؤمنين علیه السلام: أَقِرُّوا عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ‏ بِمَا حَفِظْتُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَمَا لَمْ تَحْفَظُوا فَقُولُوا وَمَا حَفِظَتْهُ‏ عَلَيْنَا حَفَظَتُكَ وَنَسِينَاهُ فَاغْفِرْهُ لَنَا فَإِنَّهُ مَنْ أَقَرَّ بِذَنْبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَعَدَّهُ وَذَكَرَهُ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهُ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَغْفِرَهُ لَهُ[9], وعن الصادق علیه السلام: لَيْسَ‏ مِنْ‏ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ‏ يُقِرُّ لِرَبِّهِ بِذُنُوبِهِ فِي هَذَا الْمَكَانِ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ[10], وقد ورد في هذا المكان أدعية خاصة من شاء فليراجع المفصَّلات.

زمزم

ويستحب الشرب من ماءها, قال علي علیه السلام: الِاطِّلَاعُ‏ فِي‏ بِئْرِ زَمْزَمَ‏ يُذْهِبُ الدَّاءَ فَاشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا ممّا يَلِي الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ؛ فَإِنَّ تَحْتَ الْحَجَرِ أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ[11], وعنه علیه السلام أيضاً: مَاءُ زَمْزَمَ‏ خَيْرُ مَاءٍ عَلَى‏ وَجْهِ‏ الْأَرْضِ[12], وعن الصادق علیه السلام: إِنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه و آله و سلم كَانَ‏ يَسْتَهْدِي‏ مَاءَ زَمْزَمَ‏ وهُوَ بِالْمَدِينَةِ[13].

ويستحب إكثار النظر إلى الكعبة المشرَّفة, فعن النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم: النَّظَرُ إِلَى‏ الْكَعْبَةِ حُبّاً لَهَا يَهْدِمُ‏ الْخَطَايَا هَدْماً[14], وقال أمير المؤمنين علیه السلام: أَكْثِرُوا النَّظَرَ إِلَى‏ بَيْتِ‏ اللَّهِ‏- فَإِنَ‏ لِلَّهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ رَحْمَةً عِنْدَ بَيْتِهِ الْحَرَامِ سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ[15].

آداب دخول الحرم

وهي أربعة:

الأول: الغسل لدخول الحرم.

الثاني: أنْ يدخله ماشياً حافياً متواضعاً آخذاً نعله بيده خاشعاً لله عزَّ وجل.

الثالث: أنْ يقرأ هذا الدعاء عند دخوله: اللَّهُمَ‏ إِنَّكَ‏ قُلْتَ‏ فِي‏ كِتَابِكَ‏ الْمُنْزَلِ وَقَوْلُكَ الْحَقُ:‏ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ[16] اللَّهُمَّ وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ أَجَابَ دَعْوَتَكَ وَقَدْ جِئْتُ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ وَمِنْ فَجٍّ عَمِيقٍ سَامِعاً لِنِدَائِكَ وَمُسْتَجِيباً لَكَ مُطِيعاً لِأَمْرِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ بِفَضْلِكَ عَلَيَّ وَإِحْسَانِكَ إِلَيَّ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا وَفَّقْتَنِي لَهُ أَبْتَغِي بِذَلِكَ الزُّلْفَةَ عِنْدَكَ وَالْقُرْبَةَ إِلَيْكَ وَالْمَنْزِلَةَ لَدَيْكَ وَالْمَغْفِرَةَ لِذُنُوبِي وَالتَّوْبَةَ عَلَيَّ مِنْهَا بِمَنِّكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَحَرِّمْ بَدَنِي عَلَى النَّارِ وَآمِنِّي مِنْ عَذَابِكَ وَعِقَابِكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين[17].

الرابع: أنْ يمضغ شيئاً من الأذخر؛ وهو نبت معروف هناك.

آداب دخول مكة

وهي ثلاثة:

  1. الغسل لدخولها أيضاً, ويكفي غسل واجد لدخول الحرم ومكة والمسجد الحرام بقصد الجميع, بل إذا اغتسل للإحرام ونوى الجميع يكفي أيضاً.
  2. دخولها مع التأنِّي والوقار والخضوع والخشوع.
  3. دخولها من الطريق الأعلى إنْ أمكن.

آداب دخول المسجد الحرام

وهي أيضاً ثلاثة:

  1. الغسل لدخولها، وتقدّم كفاية غسل واحد لجميع ما مرّ لو نوى الجميع.
  2. الوقوف على باب المسجد خاضعاً خاشعاً مع الوقار والطمأنينة, ويقول: السَّلَامُ‏ عَلَيْكَ‏ أَيُّهَا النَّبِيُ‏ وَرَحْمَةُ اللَّهِ‏ وَبَرَكَاتُهُ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَمِنَ اللَّهِ وَمَا شَاءَ اللَّهُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ‏ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[18].

وفي رواية أخرى يقول: بِسْمِ‏ اللَّهِ‏ وَبِاللَّهِ‏ وَمِنَ‏ اللَّهِ‏ وَمَا شَاءَ اللَّهُ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَخَيْرُ الْأَسْمَاءِ لِلَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ السَّلَامُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ السَّلَامُ‏ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ وَعَلَى أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ‏ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي فِي طَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِكَ وَاحْفَظْنِي بِحِفْظِ الْإِيمَانِ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي جَلَّ ثَنَاءُ وَجْهِكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي مِنْ وَفْدِهِ وَزُوَّارِهِ وَجَعَلَنِي مِمَّنْ يَعْمُرُ مَسَاجِدَهُ وَجَعَلَنِي مِمَّنْ يُنَاجِيهِ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَزَائِرُكَ فِي بَيْتِكَ وَعَلَى كلّ مَأْتِيٍّ حَقٌّ لِمَنْ أَتَاهُ وَزَارَهُ وَأَنْتَ خَيْرُ مَأْتِيٍّ وَأَكْرَمُ مَزُورٍ فَأَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَبِأَنَّكَ وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ يَا جَوَادُ يَا كَرِيمُ يَا مَاجِدُ يَا جَبَّارُ يَا كَرِيمُ أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إِيَّايَ بِزِيَارَتِي إِيَّاكَ أَوَّلَ شَيْ‏ءٍ تُعْطِينِي فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّار[19].

ویقول ثَلَاث مرات: اللَّهُمَّ فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّار, ثم یقول: وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ[20], ويدخل المسجد ويقول: بِسْمِ‏ اللَّهِ‏ وَبِاللَّهِ‏ وَعَلَى‏ مِلَّةِ رَسُولِ‏ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم[21], ثم يتوجه إلى الكعبة المشرفة رافعاً يديه إلى السماء ويقول: اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ أَسْأَلُكَ‏ فِي‏ مَقَامِي‏ هَذَا فِي أَوَّلِ مَنَاسِكِي أَنْ تَقْبَلَ تَوْبَتِي وَأَنْ تَجَاوَزَ عَنْ خَطِيئَتِي وَتَضَعَ عَنِّي وِزْرِي الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَلَّغَنِي بَيْتَهُ الْحَرَامَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا بَيْتُكَ الْحَرَامُ الَّذِي جَعَلْتَهُ‏ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ‏ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَالْبَلَدُ بَلَدُكَ وَالْبَيْتُ بَيْتُكَ جِئْتُ أَطْلُبُ رَحْمَتَكَ وَأَؤُمُّ طَاعَتَكَ مُطِيعاً لِأَمْرِكَ رَاضِياً بِقَدَرِكَ أَسْأَلُكَ مسألة الْمُضْطَرِّ إِلَيْكَ الْخَائِفِ لِعُقُوبَتِكَ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِك[22], ويخاطب الكعبة المشرفة ويقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ الَّذِي‏ عَظَّمَكِ‏ وَشَرَّفَكِ وَكَرَّمَكِ وَجَعَلَكِ‏ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ[23].

ويستحب أنْ يقول عندما يحاذي الحجر الأسود: أَشْهَدُ أَنْ‏ لَا إِلَهَ‏ إِلَّا اللَّهُ‏ وَحْدَهُ‏ لَا شَرِيكَ‏ لَهُ‏ وَأَنَ‏ مُحَمَّداً عَبْدُهُ‏ وَرَسُولُهُ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَبِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ وَعِبَادَةِ كلّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ[24].

ثم يذهب إلى الحجر الأسود وينظر إليه ويقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ‏ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ‏ وَحْدَهُ‏ لا شَرِيكَ لَهُ‏ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ‏ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى‏ كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَسَلَامٌ عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ اللَّهُمَّ إِنِّي أُومِنُ بِوَعْدِكَ وَأُصَدِّقُ رُسُلَكَ وَأَتَّبِعُ‏ كِتَابَك[25].

وإذا دنوت من الحجر الأسود فاحمد الله وارفع يديك واثنِ عليه وَصلِّ على النبيِّ صلی الله علیه و آله و سلم وقل: اللَّهُمَ‏ تَقَبَّلْ‏ مِنِّي[26], ثم استلم الحجر الأسود وَقبِّلهُ فإنْ لم تستطع أنْ تُقبِّلهُ فاستلمه بيدك وإلا فأشِر إليه وقل: اللَّهُمَ‏ أَمَانَتِي‏ أَدَّيْتُهَا وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ اللَّهُمَّ تَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ وَعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَبِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ وَعِبَادَةِ كلّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ[27]. فإنْ لم تستطع أنْ تقول جميع ما تَقدَّم فتأتي ببعضه.

ويستحب أنْ يقول: اللَّهُمَ‏ إِلَيْكَ‏ بَسَطْتُ‏ يَدِي‏ وَفِيمَا عِنْدَكَ عَظُمَتْ رَغْبَتِي فَاقْبَلْ سَيْحَتِي وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَمَوَاقِفِ الْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ[28].

3. العبور من باب شيبة إلى المطاف وهي قريبة من الكعبة المُشرَّفة ومقابلة لبابها تقريباً.

الطواف

وهو عبارة عن المشي حول الكعبة المُشرَّفة بالشروط الآتية وفيه ثواب عظيم.

مسألة 269: يجب في عمرة التمتع طواف واحد يسمى بطواف الزيارة, وفي الحج مطلقاً طوافان, وكذا في العمرة المفردة يسمَّى الأوّل بطواف الزيارة والآخر بطواف النساء.

مسألة 270: تبطل العمرة أو الحج بترك الطواف عمداً بخلاف طواف النساء.

مسألة 271: أركان الحج ستة: النية, والإحرام, والطواف, والوقوف بعرفات, والوقوف بالمشعر, والسعي بين الصفا والمروة.

ومعنى الركن في الحج أنَّ تركه العمدي يوجب البطلان دون الغير عمدي وفي الوقوفين تفصيل يأتي إنْ شاء الله تعالى.

مسألة 272: يتحققّ ترك الطواف في العمرة التمتعية بأنْ يتضيق وقت الوقوف بعرفة على وجه لا يمكنه الطواف قبله, فيذهب حينئذٍ إلى عرفات وينقلب حجه إلى الإفراد ويتمّه كذلك، ثم يأتي بعمرة مفردة رجاءً. ويقضي الحج بنفسه في العام القابل ويتحققّ تركه في الحج مطلقاً بخروج ذي الحجة فيبطل الحج حينئذٍ إنْ كان الترك عمدياً.

مسألة 273: لا فرق في الترك العمدي الموجب للبطلان بين العالم والجاهل, كما لا فرق في الترك بين ترك أصل الطواف رأساً أو ترك ما يعتبر فيه شرعاً فيكون تركه كترك أصله أيضاً.

مسألة 274: يجب على الجاهل فيما مرّ البدنةُ؛ وهي إبل تمَّ سنّه الخامسة ودخل بالسادسة, بل الأحوط وجوباً وجوبه على العالم أيضاً.

مسألة 275: يتحققّ ترك الطواف في العمرة المفردة بصدق الترك عرفاً, إذ ليس الطواف فيها محدوداً بحدٍّ خاص, ولا تعتبر الفورية فيه أيضاً فلا بُدَّ من مراعاة الصدق العرفي.

مسألة 276: ترك الطواف نسياناً لا يوجب البطلان, بلا فرق بين طواف العمرة أو الحج فيجب الإتيان به في أيِّ وقت أمكنه ولو بعد خروج ذي الحجة, وإنْ رجع إلى محلِّه وأمكنه الرجوع بلا مشقَّة عُرفية وجب ذلك وإلا استناب, والأحوط وجوباً إعادة السعي بعده أيضاً مطلقاً.

مسألة 277: قضاء الطواف المنسي –سواء كان بنفسه أم بالنيابة– لا يحتاج إلى إحرام جديد. نعم؛ لو كان النائب من خارج مكة وأراد دخولها لقضاء الطواف يجب أنْ يحرم للعمرة المفردة لدخول مكة، بل الأَولى والأحوط لنفسه أيضاً ذلك إذا كان خارجاً من مكة وأراد دخولها لذلك.

مسألة 278: لو لم يتمكن من الطواف لمرض أو نحوه يطاف به محمولاً إنْ أمكن, وإلا يستناب عنه.

مسألة 279: لو شكَّ في أنَّ المتروك طواف الحج أو العمرة يأتي بطواف بقصد ما في الذمة.

مسألة 280: لو حاضت المرأة أو نفست في العمرة التمتعية قبل الطواف؛ فإنْ لم تطهر إلى وقت الوقوف بعرفات تبطل عمرتها وينقلب حجها إفراداً فتتم حجها كذلك ثم تأتي بعمرة مفردة بعده سواء طهرت قبل الغروب من يوم عرفة أم لا.

واجبات الطواف

وهي أربعة عشر:

  1. الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر إنْ كان الطواف واجباً, وأما إنْ كان مندوباً فلا يعتبر فيه الطهارة مطلقاً. نعم؛ يحرم على المحدث بالحدث الأكبر دخول المسجد الحرام –جنباً كان أم حائضاً أم نفساء– ولو دخل ناسياً وطاف الطواف المندوب صح الطواف.
  2. طهارة البدن واللباس.
  3. الختان للرجال والصبيان.
  4. ستر العورة.
  5. النية؛ بأنْ ينوي: (أطوف طواف عمرة التمتع قربة إلى الله تعالى)، وإنْ كان في الحج ينوي: (أطوف طواف الحج قربة إلى الله تعالى)، وإنْ كان في العمرة المفردة فينوي: (أطوف طواف العمرة المفردة قربة إلى الله). ويكفي في جميع ذلك مُجرَّد الداعي كما في غيره من سائر العبادات.
  6. الابتداء من الحجر الأسود والاختتام به، ويكفي الابتداء العرفي ولا تجب الدِّقة العقلية، ويكفي تحقق ذلك واقعاً ولو لم يكن مقصوداً.
  7. جعل الكعبة المقدَّسة على اليسار عرفاً, ولا يضرُّ الانحراف اليسير الذي لا يضر بصدق كون الكعبة على اليسار عرفاً, ولا تجب المداقّة في ذلك, بل قد تكون حراماً إنْ كان مخالفاً للتقية وموجباً لتوهين العامة بالمذاهب.
  8. إدخال حجر إسماعيل في الطواف وجعله في اليسار أيضاً.
  9. أنْ يكون خارجاً عن البيت وعن حجر إسماعيل عرفاً.
  10. أنْ يكون الطواف بين الكعبة المشرفة ومقام إبراهيم.
  11. أنْ يكون عدد الطواف سبعة أشواط بلا زيادة ونقيصة, ومن الحجر الأسود وإليه يعدّ شوطاً واحداً.
  12. المولاة العرفية في الطواف الواجب دون المندوب.
  13. إباحة ما مع الطائف وعدم كونه مغصوباً.
  14. كون الطواف بالعمد والاختيار مع التمكن, فلو طيف به لكثرة الازدحام مع تحقق سائر الشرائط, فالظاهر الإجزاء وإنْ كان الاحتياط في إعادة ما خرج عن اختياره مع التمكن.

مسألة 281: لا يصحّ الطواف من الجنب والحائض, بل المحدث بالحدث الأصغر بلا فرق بين العالم والجاهل والناسي, كما لا فرق في الطواف الواجب بين كونه جزءً من العمرة أو الحج ولو كانا مندوبين, وأما الطواف المندوب وهو ما لم يكن جزءً لأحدهما فلا تعتبر فيه الطهارة من الحدث الأصغر, بل لو أتى به في حال الحدث الأكبر نسياناً صحّ أيضاً.

مسألة 282: لو عرض الحدث الأصغر في أثناء الطواف, فإنْ كان بعد تمام الشوط الرابع تطهَّر وأتى بالبقية ولا شيء عليه، وإنْ كان قبله استأنف.

مسألة 283: لو عرض الحدث الأكبر وجب الخروج فوراً من المسجد, فإنْ لم يتم أربعة أشواط استأنفه بعد الغسل وإلا أتم ما بقي, ولا فرق في ذلك بين قصر المدة وطولها. وقد مرّ في (المسألة ۷3) ما يتعلّق بحكم الحائض والنفساء.

مسألة 284: لو حدث الحيض في أثناء طواف الحج, فإنْ كان قبل إتمام أربعة أشواط بطل الطواف واستأنف بعد الطهر, وإنْ كان بعد إتمام أربعة أشواط تقطع الطواف وعند الطهر الثاني تأتي بالثلاثة الأخرى كما تقدّم في طواف عمرة التمتع.

مسألة 285: لو كان معذوراً عن الوضوء أو الغسل يتيمم بدلاً عنهما مع بقاء العذر, وإنْ كان عذره مرجوّ الزوال فالأحوط وجوباً التأخير إلى زمان زواله أو حصول اليأس عن زواله.

مسألة 286: تجزي من ذوي الأعذار طهارتهم الاضطرارية كالمجبور والمستحاضة والمسلوس والمبطون, وإنْ كان الأحوط للأخير الاستنابة بعد أنْ يطوف بنفسه, كما أنَّ الأحوط للمستحاضة الصغرى تجديد الوضوء لكلّ من الطواف الواجب وصلاته أيضاً, كما أنَّ الأحوط للمتوسطة والكبرى تجديد الغسل, ويكفي غسل واحد للطواف وصلاته ولكن تجدد الوضوء لكلّ منهما على الأحوط.

مسألة 287: لو تذكر بعد الطواف أنه كان محدثاً, فإنْ كان واجباً أعاده, وإنْ كان مندوباً صح ولا شيء عليه.

مسألة 288: لو شكّ بعد الفراغ من الطواف أنه تطهر أم لا, بنى على أنه تطهر وإنْ كان الطواف واجباً. ولكن يجب عليه التطهير لصلاته وغيرها ممّا تكون مشروطة بالطهارة.

مسألة 289: لو شك أثناء الطواف أنه تطهّر له أم لا؛ فإن كان مسبوقاً بالطهارة لا يلتفت إلى شكّه، وإلا استأنف الطواف بعد الطهارة. نعم؛ لو حدث الشك بعد تمام الشوط الرابع تطهّر وأتمَّ طوافه وصحّ, ولكن الأحوط الاستئناف أيضاً.

مسألة 290: لو كان محدثاً بالأكبر وشك في أثناء الطواف أنه اغتسل منه أم لا, وجب عليه الخروج من المسجد فوراً ويستأنف الطواف إلا إذا كان الشك بعد تمام الشوط الرابع فيغتسل ويتم ما بقي منه, وإنْ كان الأحوط الاستئناف أيضاً.

مسألة 291: الأحوط وجوباً الاجتناب عمّا هو المعفوّ عنه في الصلاة, كالدم الأقل من الدرهم وما لا تتم فيه الصلاة حتى الخاتم, وأما دم القروح والجروح فإنْ كان في تطهيره مشقّة عرفية يصحّ الطواف معه وإلا وجب التطهير منه, ولكن مع رجاء البرء وعدم ضيق وقت الطواف فالأحوط وجوباً التأخير إلى حصول البرء أو اليأس منه, ولو أمكنه التبديل أو التعويض بلا مشقة يلزم ذلك.

مسألة 292: لو علم بعد الفراغ من الطواف بنجاسة ثوبه أو بدنه حين الطواف صحّ طوافه ولا شيء عليه ولو علم بها في الأثناء أو عرضته نجاسة كذلك أو احتمل عروضها في الحال تطهّر أو تبدل ويتم طوافه ولا شيء عليه مع بقاء المولاة العرفية، وأما مع زوالها؛ فإنْ تجاوز النصف يتطهّر ويبني عليه, وإنْ لم يتجاوزه يستأنف بعد التطهير والأحوط الاستئناف مطلقاً حتى فيما إذا تجاوز.

مسألة 293: لو شك في طهارة الثوب والبدن قبل الشروع في الطواف يصحّ الطواف بهما إلا مع العلم بالنجاسة والشك في التطهير.

مسألة 294: لو طاف مع نجاسة الثوب أو البدن نسياناً وتذكر بعد الفراغ فالأحوط وجوباً الإتيان بصلاة الطواف مع الطهارة ثمَّ استئناف الطواف والصلاة متطهّراً, ولو تذكّر في الأثناء فالأحوط وجوباً إتمام ما بقي متطهِّراً إنْ أمكن ثم الإعادة بلا فرق بين كون التذكر بعد إتمام الشوط الرابع أو قبله.

مسألة 295: يعتبر في الطواف الختان للرجال والصبيان دون النساء, فلو طاف الصبيّ غير مختون أو طيف به بعد أنْ أحرم به الولي لم يجز له أنْ يتزوج بعد البلوغ إلا أنْ يأتي بطواف النساء مختوناً مباشرةً مع الإمكان واستنابةً مع عدمه.

مسألة 296: الختان شرط واقعي فلا فرق فيه بين العالم والجاهل؛ فلو طاف شخص غير مختون جاهلاً بالحكم أو الموضوع يبطل طوافه فيفسد حجه وعمرته, ولا يحلّ له النساء حتى يأتي بطواف النساء صحيحاً بنفسه أو بالاستنابة, ولو لم يتمكن منه فالأحوط وجوباً التأخير إلى زمان التمكن أو اليأس من حصوله فيطوف حينئذٍ, والأحوط استنابة المختون فيه أيضاً. ولو تولد مختوناً صح طوافه ولا شيء عليه, ولا يعتبر الختان في شيء من أفعال الحج والعمرة غير الطواف.

مسألة 297: يعتبر في الطواف ستر العورة فلو طاف بلا سترها بطل بلا فرق بين الرجل والمرأة, كما لا فرق بين وجود ناظر محترم في البين وعدمه على ما مرّ في الصلاة.

مسألة 298: يعتبر في الساتر الإباحة فلا يصحّ مع المغصوب, بل الأحوط وجوباً أنْ لا يكون ما مع الطائف مغصوباً, ولو لم يكن ساتراً ولباساً, والأولى بل الأحوط رعاية سائر ما اعتبر في لباس المصلي من الشرائط في ما مع الطائف.

مسألة 299: يعتبر في الطواف النية؛ وهي عبارة عن مجرد الداعي إلى الفعل وهو سهل يسير, ولا يعتبر فيه شيء غير قصد العمل الخاص والقربة كما مرّ في سائر العبادات.

مسألة 300: يعتبر في الطواف الموالاة العرفية بين الأشواط بحيث لا يخرج عن طواف واحد عرفاً, ولو خرج كذلك يستأنف خصوصاً إنْ لم يتم أربعة أشواط.

مسألة 301: يعتبر في الطواف الابتداء بالحجر الأسود بأيِّ جزء منه والاختتام بما ابتدأ به, وكل دور يسمّى شوطاً والمدار في الابتداء والاختتام هو العرفي منهما ولا تجب المداقة بل قد لا تجوز, بل قد يشكل صحّة الطواف معها إنْ اقتضت التقية تركها أو كان فيها إيذاء للطائفين.

مسألة 302: الابتداء بالحجر الأسود والاختتام به تارة التفاتي, وتارة انطباقي قهري, ويكفي كلّ منهما إنْ كان بداعي الطواف إجمالاً؛ فلو شرع في الطواف ممّا قبل الحجر الأسود واختتم به أيضاً قاصداً الابتداء من الحجر والاختتام به واقعاً لصح وكفى، بل وافق الاحتياط أيضاً.

مسألة 303: لو لم يعرف مكان الحجر الأسود أصلاً وطاف سبعة أشواط وأزيد حول الكعبة المشرَّفة قاصداً البدء من الحجر والختم به واقعاً وإلقاء ما كان زائداً عن سبعة أشواط, فالظاهر الصحّة.

مسألة 304: لا يجب الوقوف عند الحجر الأسود في الابتداء والاختتام ولا استقباله ولا التقدّم عليه والتأخر عنه في البدء والختام كما يفعله أهل الوسوسة من الأنام, بل قد يشكل جواز ذلك مع كثرة الزحام.

مسألة 305: يعتبر في الطواف جعل الكعبة المعظمة على اليسار بالنحو المتعارف فلا يضر الانحراف اليسير الذي لا ينافي ذلك، ولا تجب الدقة في ذلك كما يفعله أهل الوسواس من الناس. نعم؛ لو جعل الكعبة المشرفة على يمينه أو استقبلها بوجهه أو استدبرها ولو بخطوة عمداً أو سهواً أو بمزاحمة آخر لم يصحّ خصوص الخطوة التي فقد فيها التياسر ووجبت إعادتها, وعلى هذا فإذا؛ أراد تقبيل الكعبة المشرفة أو استلام أركانها المقدسة بحيث ينافي التياسر العرفي يقف لذلك، ثم بعد التقبيل والاستلام يشرع في الطواف.

مسألة 306: لا تجب مراعاة كون البيت على الكتف الأيسر في تمام الحالات بعد صدق كون الكعبة على اليسار عرفاً, بل قد لا يجوز ذلك إنْ كان خلاف التقية, أو أوجب الوسواس والأذية. نعم؛ هو من الإحتياطات الحسنة لو لم يكن مخالفاً للإحتياط من سائر الجهات.

مسألة 307: يعتبر في الطواف إدخال حِجر إسماعيل علیه السلام في الطواف, فيطوف من خارجه لا من داخله, فلو طاف من داخله بطل طوافه ووجبت الإعادة. وإنْ كان ذلك عمداً يجري عليه حكم من ترك الطواف عمداً, وإنْ كان جهلاً أو سهواً يجري حكمهما، ولو تخلَّف في بعض الأشواط يعيد ذلك الشوط فقط, ولكن الأحوط إعادة تمام الطواف بعد إتمامه إنْ أمكن.

مسألة 308: يعتبر أنْ يكون الطواف خارجاً عن الكعبة المشرَّفة وما يحسب منها وعن الحِجر؛ فلو مشى حال الطواف على شاذوران الكعبة[29] أو على حائط الحِجر بطل ذلك الجزء من طوافه ووجب تداركه, بل الأحوط وجوباً أنْ لا يمسّ جدار البيت وحائط الحِجر بيده حال الطواف, والأحوط استحباباً أنْ لا يمسَّ حين الطواف الكسوة الشريفة للكعبة المقدَّسة, ولو أراد مسَّها أو مس جدار البيت وحائط الحجر يقف ويمسَّها ويقضي حاجته ثم يشرع في الطواف.

مسألة 309: يعتبر أنْ يكون الطواف بين الكعبة المشرَّفة والصخرة المسماة بمقام إبراهيم علیه السلام على الأحوط وجوباً, ويجب مراعاة هذا الحد من جميع الجوانب. والمعروف أنَّ الفصل بينهما ستة وعشرون ذراعاً ونصف ذراع, فيجب أنْ لا يكون الطواف في جميع الأطراف بما يزيد على هذا الحد وهذا هو حد المطاف في تمام الأطراف.

مسألة 310: لو طاف بما يزيد عن هذا المقدار أعاد الطواف ولو كانت الزيادة في بعض الأشواط فقط أو مقدار من شوط أعاد خصوص ما زيد فيه فقط, ولا تجب إعادة أصل الطواف وإنْ كان أحوط.

مسألة 311: يضيق حدِّ المطاف من طرف حجر إسماعيل علیه السلام والمعروف أنه ستة أذرع ونصف تقريباً.

مسألة 312: لو اقتضت التقية الطواف في خارج الحد يصحّ ويجزي.

مسألة 313: يعتبر أنْ يكون عدد الطواف الذي هو عبارة عن الدوران حول الكعبة المُقدَّسة سبع مرات فقط, بلا زيادة ولا نقيصة, ويسمّى كلّ مرَّةٍ شوطاً كما مرّ.

مسألة 314: لو قصد الزيادة ولو خطوة في الابتداء أو الأثناء؛ فإنْ كان بعنوان الوظيفة الشرعية بطل طوافه ووجبت الإعادة, ولو أتمّه سبعاً, بل وكذا لو أتى بالسبع ثم زاد متصلاً بقصد الوظيفة الشرعية, ولا فرق في العامد في كونه عالماً بالحكم أو جاهلاً به, ولو لم يكن بهذا القصد، بل كان بقصد المقدمية أو شيئاً آخر يصحّ ولا شيء عليه, بل الزيادة بقصد المقدمية موافقة للإحتياط بأنْ يبتدأ ممّا قبل الحجر الأسود مقدمة ويختتم إلى ما بعده كذلك مع قصد التكليف الواقعي.

مسألة 315: لو تخيّل استحباب شوط بعد تمام الطواف الواجب فأتى به بعد الفراغ منه متصلاً به صح طوافه ولا شيء عليه.

مسألة 316: تعتبر المولاة العرفية في أجزاء الطواف وأشواطه, فلو فصل بينها بحيث خرج عن الصدق العرفي بطل.

مسألة 317: تعتبر إباحة ما مع الطائف فلو طاف مع المغصوب بطل طوافه.

مسألة 318: يعتبر القصد والاختيار وكون المشي حول الكعبة المشرَّفة لأجل الطواف؛ فلو طيف به بلا اختيار لأجل كثرة الزحام أو مشى حول الكعبة المشرفة لأجل التفحص عن شيء مثلاً لا يحتسب ذلك طوافاً.

مسألة 319: يعتبر في الطواف الخلوص, فلو أتى به رياءً –نعوذ بالله– ولو بعضه بطل طوافه.

مسألة 320: لو أتى بطواف واجب ولم يصلِّ صلاته ثمَّ أتى بعده بطواف واجب آخر يسمّى هذا بـ(القِران بين الطوافين), فالأحوط أنْ يصلّي صلاة الطوافين ثم يستأنف الطواف الأول فيصلي صلاته ثمَّ يأتي بالطواف الثاني ويصلي صلاته أيضاً, ولا بأس بالقران بين الطوافين إنْ كانا مندوبين, وإنْ كان الأفضل أنْ يصلي صلاة كلّ طواف مندوب بعد الفراغ منه أيضاً. ولا بأس بالقران بين الطوافين إنْ كانا مندوبين, وإنْ كان الأفضل أنْ يصلي صلاة كلّ طواف مندوب بعد الفراغ منه أيضاً, وكذا لا بأس بالقران بين الواجب والمندوب سواء كان الواجب هو الأوّل أم بالعكس, كما لا بأس به فيما إذا احتمل خللاً في الأول فأعاده قبل الإتيان بصلاته.

مسألة 321: لو زاد في الطواف سهواً؛ فإنْ كان أقل من شوط قطعه وألغاه, وإنْ كان شوطاً فما زاد فالأحوط إكماله سبعاً بقصد القربة المطلقة ويصلي قبل السعي ركعتين بقصد الطواف الواجب عليه واقعاً وركعتين بعده بقصد الواجب, ولو زيد اضطراراً لأجل كثرة الزحام يصحّ طوافه ولا شيء عليه.

مسألة 322: لو نقص من الطواف يكمله إنْ كان في المطاف ولم يحدث المنافي من حدث وفوت الموالاة ونحوهما مطلقاً سواء كان النقص سهواً أم عمداً أم جهلاً, وإنْ تمت له أربعة أشواط فيصح له الإتمام مطلقاً, وإنْ خرج من المطاف وفاتت الموالاة إنْ كان النقص سهواً ولكن الأحوط حينئذٍ الإتمام ثم الاستئناف.

مسألة 323: لو تذكّر النقص بعد الخروج من مكة المشرفة؛ فإنْ أمكنه الرجوع والإتيان به مباشرة وجب وإلا يستنيب سواء كان ذلك بعد الرجوع إلى وطنه أم لا, ولا يجب الإحرام لإتيان الطواف المنسي سواء رجع من وطنه لإتيانه أم استناب له شخصاً من أهل مكة, ولكن الأحوط استحباباً الإحرام لعمرة مفردة ثمَّ الإتيان به قبل طواف العمرة أو بعده.

مسألة 324: يجوز قطع الطواف المندوب مطلقاً ولو لم يكن عذر في البين والأولى عدم قطعه أيضاً إلا لعذر.

مسألة 325: لو خرج عن الحالة الطوافية عمداً واختياراً, ولكن لم يأتِ بالمنافي أصلاً ولم يحصل الفصل الطويل أيضاً, ثمَّ بدا له الإتمام أتمّه وصح طوافه ولا شيء عليه ولو أتى بالمنافي, فإنْ كان ذلك بعد تمام الشوط الرابع أتمَّه وصح وإلا استأنفه ولو حدث عذر غير اختياري عن إتمام الطواف, فإنْ كان ذلك بعد إتمام الشوط الرابع أتمه بعد رفع العذر وإنْ كان قبله استأنفه.

مسألة 326: لو خرج عن الحالة الطفواية عمداً و اختياراً و لکن لم یأت بالمنافي أصلاً ولم یحصل الفصل الطويل أيضاً ثم بدا له الإتمام أتمه وصح طوافه ولا شيء عليه ولو أتی بالمنافي فإن کان ذلك بعد تمام الشوط الرابع أتمه وصح وإلا استأنفه ولو حدث عذر غير اختياري عن إتمام الطواف فإن کان ذلک بعد إتمام الشوط الرابع أتمه بعد رفع العذر وإن كان قبله استأنفه.

مسألة 327: إذا شكَّ في عدد الأشواط أو في صحتها لا يلتفت إلى شكه إنْ كان بعد اعتقاد الفراغ, وكذا لو شك عند الحجر الأسود أنه الشوط السابع أو أزيد, ولو شك بعد الفراغ عن الطواف أو بعد الفراغ عن شوط أو بعد تجاوز عن شوط في صحة ما أتى به ولا يلتفت ويبني على الصحة.

مسألة 328: لا اعتبار بشك كثير الشك مطلقاً، والظن الإطمئناني في الطواف مطلقاً معتبر كاليقين.

مسألة 329: إذا شك في أثناء الطواف وجب الاستئناف مطلقاً سواء كان الشك عند الحجر الأسود أم قبله، وسواء كان بين الستة والسبعة أم غيرهما, ولكن الأحوط في جميع صور الشك في الأثناء أنْ يبني على الأقل ويتم الطواف ثم يستأنفه. هذا في الطواف الواجب, وأما المندوب ففي الشك في الأثناء يبني على الأقل مطلقاً ويتم ولا شيء عليه.

مسألة 330: لو شك بعد الوصول إلى الحجر الأسود في أنه زاد على طوافه أم لا بنى على الصحّة, ولو شك قبل الوصول إليه في أنَّ ما بيده هو السابع أو الثامن مثلاً استأنف، والأحوط الإتمام ثم الاستئناف.

مسألة 331: يجب حصول الاطمئنان بعدد الأشواط، ولا اعتبار بالظن به, ويصح الاعتماد على شخص وثيق في حفظ عدد الأشواط أو ضبط ذلك بكتابة ونحوها ممّا يوجب الاطمئنان, بل قد يجب ذلك.

مسألة 332: لا يجب في حال الطواف كون صفحة الوجه إلى الأمام, ويجوز ميلها إلى اليمين واليسار, ويجوز الجلوس والاستلقاء والاستراحة في أثناء الطواف بما لا ينافي الموالاة العرفية, ولكن الأولى ترك ذلك إلا مع الضرورة.

مسألة 333: يكره في الطواف التكلم والضحك وإنشاد الشعر وكل لغو وعبث, بل كلّ ما يكره في الصلاة.

مسألة 334: لو لم يتمكن أنْ يطوف بنفسه لمرض أو نحوه يطاف محمولاً, والأولى أنْ يكون بحيث يخط الأرض برجليه وينوي بنفسه، والأولى نية الحامل أيضاً ثمَّ يصلي صلاة الطواف.

مسألة 335: لو لم يتمكن من الطواف محمولاً أيضاً يطاف عنه و ينوي الطائف و يصلي والأحوط أن يصلي المنوب عنه أيضاً إن تمكن.

مسألة 335: يستحب أنْ يطوف حافياً مُقصِّراً في خطواته مشغولاً بالذكر والدعاء وقراءة القرآن, وأنْ يستلم الحجر الأسود ويقبِّله مع الإمكان وعدم أذية أحد وإلا يشير إليه ويقبِّل يده, وأفضل أوقات الطواف عند الزوال.

مسألة 337: يستحب أنْ يدعو حال الطواف بهذا الدعاء:

اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ أَسْأَلُكَ‏ بِاسْمِكَ‏ الَّذِي‏ يُمْشَى‏ بِهِ‏ عَلَى‏ طَلَلِ الْمَاءِ كَمَا يُمْشَى بِهِ عَلَى جَدَدِ الْأَرْضِ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي يَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُكَ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَهْتَزُّ لَهُ أَقْدَامُ مَلَائِكَتِكَ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ مُوسَى مِنْ جَانِبِ الطُّورِ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَأَلْقَيْتَ عَلَيْهِ مَحَبَّةً مِنْكَ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي غَفَرْتَ بِهِ لِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و سلم مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَأَتْمَمْتَ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَکَذا[30], وتسأل حاجتك. وقل في الطواف أيضاً: اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ إِلَيْكَ‏ فَقِيرٌ وَإِنِّي خَائِفٌ مُسْتَجِيرٌ فَلَا تُغَيِّرْ جِسْمِي وَلَا تُبَدِّلِ اسْمِي[31].

ويستحب الصلاة على محمد وآل محمد كلّ ما انتهى إلى باب الكعبة ويدعو بهذا الدعاء: سَائِلُكَ‏ فَقِيرُكَ‏ مِسْكِينُكَ بِبَابِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهِ بِالْجَنَّةِ اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُكَ وَالْحَرَمُ حَرَمُكَ وَالْعَبْدُ عَبْدُكَ وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ الْمُسْتَجِيرِ بِكَ مِنَ النَّارِ فَأَعْتِقْنِي وَوَالِدَيَّ وَأَهْلِي وَوُلْدِي وَإِخْوَانِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّارِ يَا جَوَادُ يَا كَرِيم[32].

وإذا بلغ الحجر قبل أنْ يبلغ الميزاب يرفع رأسه وهو ينظر إلى الميزاب ويقول: اللَّهُمَ‏ أَدْخِلْنِي‏ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ‏ وَأَجِرْنِي بِرَحْمَتِكَ مِنَ النَّارِ وَعَافِنِي مِنَ السُّقْمِ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنَ الرِّزْقِ الْحَلَالِ وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ[33].

وإذا إنتهى إلى ظهر الكعبة يقول:  يَا ذَا الْمَنِ‏ وَالطَّوْلِ‏ وَالْجُودِ وَالْكَرَمِ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي‏ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[34].

وإذا وصل بحذاء الركن اليماني يرفع يديه ويقول: يَا اللَّهُ يَا وَلِيَ‏ الْعَافِيَةِ وَخَالِقَ‏ الْعَافِيَةِ وَرَازِقَ الْعَافِيَةِ وَالْمُنْعِمَ بِالْعَافِيَةِ وَالْمَنَّانَ بِالْعَافِيَةِ وَالْمُتَفَضِّلَ بِالْعَافِيَةِ عَلَيَّ وَعَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ يَا رَحْمَانَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْزُقْنَا الْعَافِيَةَ وَدَوَامَ الْعَافِيَةِ وَتَمَامَ الْعَافِيَةِ وَشُكْرَ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ[35], ثمَّ يرفع رأسه وينظر إلى الكعبة ويقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ الَّذِي‏ شَرَّفَكِ‏ وَعَظَّمَكِ‏ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَعَثَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَ عَلِيّاً إِمَاماً اللَّهُمَّ أَهْدِ لَهُ خِيَارَ خَلْقِكَ وَجَنِّبْهُ شِرَارَ خَلْقِكَ[36].

وإذا وصل فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود يقول: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[37].

وإذا بلغت مؤخر الكعبة بحذاء المستجار دون الركن اليماني وكنت في الشوط السابع فأبسط يديك وألصق بدنك وخدك بالبيت وقل: اللَّهُمَ‏ الْبَيْتُ‏ بَيْتُكَ‏ وَالْعَبْدُ عَبْدُكَ وَهَذَا مَكَانُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ ثُمَّ أَقِرَّ لِرَبِّكَ بِمَا عَمِلْتَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُقِرُّ لِرَبِّهِ بِذُنُوبِهِ فِي هَذَا الْمَكَانِ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ, وَتَقُولُ اللَّهُمَّ مِنْ قِبَلِكَ الرَّوْحُ وَالْفَرَجُ وَالْعَافِيَةُ اللَّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي وَاغْفِرْ لِي مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي وَخَفِيَ عَلَى خَلْقِكَ ثُمَّ تَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ [38], اللَّهُمَ‏ إِنَ‏ عِنْدِي‏ أَفْوَاجاً مِنْ ذُنُوبٍ وَأَفْوَاجاً مِنْ خَطَايَا وَعِنْدَكَ أَفْوَاجٌ مِنْ رَحْمَةٍ وَأَفْوَاجٌ مِنْ مَغْفِرَةٍ يَا مَنِ اسْتَجَابَ لِأَبْغَضِ خَلْقِهِ إِلَيْهِ إِذْ قَالَ‏ أَنْظِرْنِي إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ‏ اسْتَجِبْ لِي[39].

ثمَّ تسأل حاجتك وتستجير بالله وتخيّر لنفسك من الدعاء ثم استقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود وقل: اللَّهُمَ‏ قَنِّعْنِي‏ بِمَا رَزَقْتَنِي وَبَارِكْ لِي فِيمَا آتَيْتَنِي[40].

صلاة الطواف

مسألة 338: يجب بعد الطواف صلاة ركعتين له مثل صلاة الصبح, والأحوط وجوباً المبادرة إليها بعده, ويجوز فيهما الإتيان بكل سورة إلا العزائم, ولكن يستحب في الركعة الأولى قراءة التوحيد, وفي الثانية الجحد مخيّراً بين الجهر والإخفات, وأحكامهما مثل سائر الفرائض والشك في عددهما موجب للبطلان، والظن معتبر فيه والشك بعد الفراغ أو التجاوز لا يلتفت إليه والزيادة فيها موجبة للبطلان.

مسألة 339: الأحوط وجوباً إتيان صلاة الطواف الواجب خلف مقام إبراهيم علیه السلام مع الإمكان بما يصدق أنه خلفه والمقام أمامه عرفاً, ومع عدم الإمكان فيصلي في الأقرب ثمَّ الأقرب من جهة الخلف, ومع عدم إمكان ذلك أيضاً ففي أحد الجانبين مراعياً الأقرب فالأقرب, ومع عدم إمكان ذلك أيضاً فيصلي حيث شاء من المسجد مع مراعاة الأقرب إلى الخلف مهما أمكن.

مسألة 340: المراد بإمكان الصلاة العرفي منه دون الإمكان العقلي فلو توقفت الصلاة خلف المقام أو في أحد جانبيه على إيذاء الناس؛ فإن أمكن التأخير وجب ذلك وإلا فيصلي في المراتب اللاحقة, ولكن لو صلّى خلف المقام بعد الإيذاء تصحّ صلاته وإن أثم ولو دار الأمر بين فوت الفوريّة العرفية وفوت الصلاة خلف المقام يُقَدِّم الأول فيصلي خلف المقام ما لم يتضيق وقت السعي، ولو دار الأمر بين الصلاة في المراتب اللّاحقة مع الطمأنينة والصلاة خلف المقام مع عدمها لكثرة الزحام يقدم الأولى.

مسألة 341: الأحوط وجوباً على من صلى خلف المقام صلاة الطواف أنْ يُفرغ المكان لغيره بعد الفراغ من صلاته عند الإزدحام ولا يزاحمه بالإشتغال بدعاء أو قراءة قرآن أو إتيان نافلة ونحوها، بل يأتي بذلك كله في غير ذلك المكان من المسجد.

مسألة 342: لو نسيهما أتى بهما متى تذكَّر, ولو لم يتذكر إلا بعد الخروج من مكة يرجع إليها لإتيانهما مع عدم المشقة, وإلا فيأتي بهما حيث أمكنه والأولى أنْ يستنيب لفعلهما خلف المقام أيضاً.

مسألة 343: لو نسي صلاة الطواف وتذكر بعد السعي أتى بها خلف المقام ولا شيء عليه, ولو تذكر بين السعي رجع وصلى ثم أتمَّ السعي من حيث قطعه وصحّ.

مسألة 344: لو نسي صلاة الطواف وتذكر بعد إتيان جميع الأعمال المترتبة عليها أتى بها وصح ولا تجب إعادة تلك الأعمال بل لا يبطل شيء من الأعمال المتأخرة بتركهما حتى مع العمد, والجاهل بالحكم –قاصراً كان أو مقصِّراً بالنسبة إلى أصل الصلاة أو بالنسبة إلى كيفيتها – مثلَ الناسي في جميع ما تقدَّم.

مسألة 345: لو مات قبل أنْ يأتي بصلاة الطواف قضاها عنه وليُّه، ويجزي قضاء غير الولي أيضاً.

مسألة 346: لو شك في إتيانها قبل الخروج من المسجد الحرام فالأحوط وجوباً الرجوع والإتيان بها.

مسألة 347: لو حاضت المرأة قبل الإتيان بركعتي الطواف أو بعد أنْ تم لها أربعة أشواط من الطواف أتت ببقية الأعمال وتقضي الفائت بعد الطهر, وإنْ كان قبل أربعة أشواط ينقلب حجها إفراداً, والمستحاضة إذا فعلت ما عليها فهي كالطاهرة.

مسألة 348: لو لم يتمكن من القراءة الصحيحة أو من تعلُّمها صلّى بما أمكنه ولا شيء عليه, ولو تمكن مع تلقين الغير فالأحوط وجوباً أنْ يصلي كذلك, ولو لم يمكن ذلك وأمكنه الاقتداء فالأحوط وجوباً الاقتداء، ولكن لا يكتفي به بل يأتي بالصلاة بنفسه أيضاً كما لا يكتفي بالنائب لو استناب.

مسألة 349: لو كان الطواف نافلة –بأنْ لم يكن حج أو عمرة– يتخيَّر في إتيان صلاته في أيّ محل من المسجد شاء, بل له أنْ يتركها رأساً وإنْ كان الأحوط عدم الترك.

مسألة 350: ترك صلاة الطواف الواجب -ولو عمداً- لا يوجب بطلان الحج أو العمرة وإنْ كان الأحوط تدارك الأعمال المترتبة على الصلاة بعد إتيانها إنْ أمكن وإلا فيأتي بالحج في العام القابل, وكذا لو صلّى مع الغلط في القراءة أو فقد شيء من الصلاة –جزءً أو شرطاً– مع الجهل تقصيراً.

مسألة 351: يستحب بعد صلاة الطواف أنْ يحمد الله وثني عليه ويصلِّي على النبي صلی الله علیه و آله و سلم ويقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ بِمَحَامِدِهِ‏ كلّها عَلَى‏ نَعْمَائِهِ كلّها حَتَّى يَنْتَهِيَ الْحَمْدُ إِلَى مَا يُحِبُّ رَبِّي وَيَرْضَى اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَقَبَّلْ مِنِّي وَطَهِّرْ قَلْبِي وَزَكِّ عَمَلِي[41].

وأيضاً يقول: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِطَوَاعِيَتِي إِيَّاكَ وَطَوَاعِيَتِي رَسُولَكَ صلی الله علیه و آله و سلم, اللَّهُمَ‏ جَنِّبْنِي‏ أَنْ‏ أَتَعَدَّى‏ حُدُودَكَ وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ رَسُولَكَ وَمَلَائِكَتَكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ[42].

ويقول في سجوده: سَجَدَ وَجْهِي‏ لَكَ‏ تَعَبُّداً وَرِقّاً لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ حَقّاً حَقّاً الْأَوَّلُ قَبْلَ كلّ شَيْ‏ءٍ (وَالْآخِرُ بَعْدَ كلّ شَيْ‏ءٍ) وَهَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ غَيْرُكَ فَاغْفِرْ لِي فَإِنِّي مُقِرٌّ بِذُنُوبِي عَلَى‏ نَفْسِي وَلَا يَدْفَعُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ غَيْرُك[43].

والأولى أنْ يكون قراءة ما تقدَّم من الأدعية والأذكار في محل آخر من المسجد الحرام إنْ استلزم مزاحمة المصلِّين وعدم حضور القلب كما هو الغالب في الموسم, بل وقد يجب ذلك.

مسألة 352: لو لم يتمكن من الصلاة خلف المقام لضعفٍ ونحوه بعد الطواف واستناب وأتى النائب بالصلاة خلفه لا يصحّ الإكتفاء بها, ولو اكتفى بها يكون حكمه حكم من ترك الصلاة.

[1]. من حدود الحرم: إضاءة لين، وهي موضع في طريق اليمن.

[2]. من لا يحضره الفقيه؛ ج‏2 ص208.

[3]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص406.

[4]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج‏13 ص322.

[5]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص408.

[6]. من لا يحضره الفقيه؛ ج‏2 ص208.

[7]. وسائل الشيعة (ط. أهل البيت)؛ ج‏13 ص339.

[8]. المصدر السابق؛ ص342.

[9]. الخصال؛ ج‏2 ص617.

[10]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص411.

[11]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج‏13 ص246.

[12]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏6 ص386.

[13]. وسائل الشيعة(ط. آل البيت)؛ ج‏25 ص262.

[14]. المصدر السابق؛ ج‏13 ص265.

[15]. المصدر السابق؛ ص264.

[16]. سورة الحج؛ الآية 27.

[17]. من لا يحضره الفقيه؛ ج‏2 ص529.

[18]. الكافي (ط . الإسلامية)؛ ج‏4 ص401.

[19]. المصدر السابق؛ ص402.

[20]. المصدر السابق.

[21]. المصدر السابق؛ ج‏3 ص195.

[22]. المصدر السابق؛ ج‏4 ص401.

[23]. من لا يحضره الفقيه؛ ج‏2 ص530.

[24]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص403.

[25]. من لا يحضره الفقيه؛ ج‏2 ص531.

[26]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص296.

[27]. المصدر السابق؛ ص403.

[28]. المصدر السابق.

[29].وهو القدر الباقي من أساس البناء القديم.

[30]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج4 ص406.

[31]. المصدر السابق؛ ج‏4 ص407.

[32]. من لا يحضره الفقيه؛ ج2 ص531.

[33]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص407.

[34]. المصدر السابق.

[35]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج‏13 ص335.

[36]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص410.

[37]. سورة البقرة؛ الآية 201.

[38]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص411.

[39]. تفسير العياشي؛ ج‏2 ص241.

[40]. من لا يحضره الفقيه؛ ج‏2 ص534.

[41]. المصدر السابق.

[42]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج‏13 ص439.

[43]. المصدر السابق.

السعي بين الصفا والمروة

وهي عبارة عن المشي بين الصفا والمروة سبع مرات؛ من الصفا إلى المروة تعد مرة، ومن المروة إلى الصفا تعد مرة أخرى.

مسألة 353: يجب السعي في كلّ إحرام –لعمرة كان أم لحج– وهو ركن يبطل الحج بتعمد تركه وإنْ كان عن جهل, ولو تركه نسياناً يجري عليه حكم ترك الطواف نسياناً كما تقدَّم في (مسألة ۲۷2).

مستحبات قبل السعي

مسألة 354: يستحب بعد الفراغ من صلاة الطواف وإرادة السعي تقبيل الحجر الأسود واستلامه إنْ أمكن, ومع عدم الإمكان أو توقف ذلك على إيذاء الطائفين, فيشير إليه, ويستحب الشرب من ماء زمزم والصب على الرأس والجسد منه, وأنْ يقول:  اللَّهُمَ‏ اجْعَلْهُ‏ عِلْماً نَافِعاً وَرِزْقاً وَاسِعاً وَشِفَاءً مِنْ كلّ دَاءٍ وَسُقْمٍ [1], ويستحب الخروج من الباب الذي يقابل الحجر الأسود بسكينة ووقار, فيصعد الصفا حتى ينظر إلى البيت, وليستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود فيحمد الله ويثني عليه ويتذكَّر نعمائه ثم يقول سبع مرات:  الله أكبر , و:  الحمد لله  سبع مرات, و:  لا إِلهَ‏ إِلَّا الله  سبع مرات .

ويقول ثلاث مرات:  لا إِلهَ‏ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ‏ لا شَرِيكَ‏ لَهُ‏ لَهُ‏ الْمُلْكُ‏ وَلَهُ‏ الْحَمْدُ يُحْيِي‏ وَيُمِيتُ‏ وَهُوَ حَيٌ‏ لَا يَمُوتُ‏ وَهُوَ عَلى‏ كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ [2].

ثمَّ يصلي على محمد وآل محمد, ويقول ثلاث مرات:  اللَّهُ‏ أَكْبَرُ عَلَى‏ مَا هَدَانَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَيِّ الدَّائِمِ [3].

ثمَّ يقول ثلاث مرات:  أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ‏ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [4].

ثمَّ يقول ثلاث مرات:  اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْيَقِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [5].

ويقول ثلاث مرات:  اللَّهُمَ‏ آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ [6].

ثمَّ يقول:  اللهُ أَكبر  مائة مرة, و:  لَا إِلَهَ إِلَّا الله  مائة مرة, و:  الحمد للهِ  مائة مرة, و:   سبحان الله  مائة مرة, ثمَّ يقول:  لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَغَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ فَلَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي الْمَوْتِ وَفِي مَا بَعْدَ الْمَوْتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَوَحْشَتِهِ اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ [7].

ويستحب أنْ يستودع الله دينه ونفسه وأهله ويقول:  أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ الَّذِي لَا يَضِيعُ وَدَائِعُهُ نَفْسِي وَدِينِي وَأَهْلِي اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْنِي عَلَى كِتَابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ وَتَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِ وَأَعِذْنِي مِنَ الْفِتْنَةِ [8].

ثمَّ يقول:  الله أكبر  ثلاث مرات ويعيد الدعاء السابق ثمَّ يُكَبِر واحدة.

ويستحب إذا صعد على الصفا أنْ يقول:  اللَّهُمَ‏ اغْفِرْ لِي‏ كلّ ذَنْبٍ‏ أَذْنَبْتُهُ قَطُّ فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ اللَّهُمَّ افْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ تَرْحَمْنِي وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِي وَأَنَا مُحْتَاجٌ إِلَى رَحْمَتِكَ فَيَا مَنْ أَنَا مُحْتَاجٌ إِلَى رَحْمَتِهِ ارْحَمْنِي اللَّهُمَّ لَا تَفْعَلْ بِي مَا أَنَا أَهْلُهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ بِي مَا أَنَا أَهْلُهُ تُعَذِّبْنِي وَلَنْ تَظْلِمَنِي أَصْبَحْتُ أَتَّقِي عَدْلَكَ وَلَا أَخَافُ جَوْرَكَ فَيَا مَنْ هُوَ عَدْلٌ لَا يَجُورُ ارْحَمْنِي [9].

ثمَّ يقول:  يَا مَنْ‏ لَا يَخِيبُ‏ سَائِلُهُ وَلَا يَنْفَدُ نَائِلُهُ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعِذْنِي مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِكَ [10], وفي الحديث لو أردت أنْ يكثر مالك فأكثر من الوقوف على الصفا ودع بهذا الدعاء متوجهاً إلى الكعبة:  اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ أَعُوذُ بِكَ‏ مِنْ‏ عَذَابِ‏ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ وَغُرْبَتِهِ وَوَحْشَتِهِ وَظُلْمَتِهِ وَضَيْقِهِ وَضَنْكِهِ اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ [11], ثم ينزل من على الصفا ويسند ظهره عليها ويقول:  يَا رَبَ‏ الْعَفْوِ يَا مَنْ‏ أَمَرَ بِالْعَفْوِ يَا مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْعَفْوِ يَا مَنْ يُثِيبُ عَلَى الْعَفْوِ الْعَفْوَ الْعَفْوَ الْعَفْوَ يَا جَوَادُ يَا كَرِيمُ يَا قَرِيبُ يَا بَعِيدُ ارْدُدْ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِكَ [12], وينبغي أنْ يجد في الخشوع والبكاء ويدعو الله بكلّ ما جرى على لسانه.

مستحبات السعي

مسألة 355:يستحب أنْ يسعى ماشياً وأنْ يمشي مع سكينة ووقار حتى يأتي العلامة الأولى فيهرول إلى العلامة الثانية, ولو كان راكباً أسرع فيما بين العلامتين، ولا يستحب الهرولة على النساء.

مسألة 356: لو نسي الهرولة ففي أي موضع تذكر يرجع القهقرى إلى موضع الهرولة ويهرول.

مسألة 357: لو نزل من الصفا ووصل إلى العلامة الأولى (للهرولة) يدعو بهذا الدعاء:

بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَ‏ اغْفِرْ وَارْحَمْ‏ وَتَجَاوَزْ عمّا تَعْلَمُ‏ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ‏ وَاهْدِنِي‏ لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ‏ اللَّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي وَتَقَبَّلْ مِنِّي اللَّهُمَّ لَكَ سَعْيِي وَبِكَ حَوْلِي وَقُوَّتِي فَتَقَبَّلْ عَمَلِي يَا مَنْ يَقْبَلُ عَمَلَ الْمُتَّقِين‏ [13].

وإذا تجاوز عن العلامة الثانية يدعو بهذا الدعاء:  يَا ذَا الْمَنِ‏ وَالْفَضْلِ‏ وَالْكَرَمِ‏ وَالنَّعْمَاءِ وَالْجُودِ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْت [14].

وإذا وصل إلى المروة يدعو بما تقدّم من الدعاء على الصفا وهو:  اللَّهُمَ‏ اغْفِرْ لِي‏ كلّ ذَنْبٍ‏ أَذْنَبْتُهُ‏ قَطُّ فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ اللَّهُمَّ افْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ تَرْحَمْنِي وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِي وَأَنَا مُحْتَاجٌ إِلَى رَحْمَتِكَ فَيَا مَنْ أَنَا مُحْتَاجٌ إِلَى رَحْمَتِهِ ارْحَمْنِي اللَّهُمَّ لَا تَفْعَلْ بِي مَا أَنَا أَهْلُهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ بِي مَا أَنَا أَهْلُهُ تُعَذِّبْنِي وَلَنْ‏ تَظْلِمَنِي أَصْبَحْتُ أَتَّقِي عَدْلَكَ وَلَا أَخَافُ جَوْرَكَ فَيَا مَنْ هُوَ عَدْلٌ لَا يَجُورُ ارْحَمْنِي [15], كما تقدَّم ثمَّ يقول:  يَا مَنْ أَمَرَ بِالْعَفْوِ يَا مَنْ يَجْزِي عَلَى الْعَفْوِ يَا مَنْ دَلَّ عَلَى الْعَفْوِ يَا مَنْ زَيَّنَ الْعَفْوَ يَا مَنْ يُثِيبُ عَلَى الْعَفْوِ يَا مَنْ‏ يُحِبُ‏ الْعَفْوَ يَا مَنْ يُعْطِي عَلَى الْعَفْوِ يَا مَنْ يَعْفُو عَلَى الْعَفْوِ يَا رَبَّ الْعَفْوِ الْعَفْوَ الْعَفْوَ الْعَفْو [16].

ويستحب أنْ يدعو بهذا الدعاء حين السعي:  اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ أَسْأَلُكَ‏ حُسْنَ‏ الظَّنِ‏ بِكَ فِي كلّ حَالٍ وَصِدْقَ النِّيَّةِ فِي التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ [17].

مسألة 358: لا بأس أنْ يجلس للإستراحة في أثناء السعي على الصفا أو المروة أو في السعي.

واجبات السعي

وهي سبعة:

  • النية.
  • الابتداء من الصفا.
  • الختم بالمروة.
  • أنْ يكون الذهاب من الصفا إلى المروة أربعاً، والإياب من المروة إلى الصفا ثلاثاً فيصير المجموع سبعاً.
  • أنْ لا يكون معه شيء مغصوب.
  • أنْ تكون مقاديم البدن بطرف المروة في الذهاب إليها، وبطرف الصفا في الإياب إليه.
  • أنْ يكون بعد الطواف وصلاته.

مسألة 359: السعي عبادة تجب فيه النية والقربة والخلوص كسائر العبادات، ولا يعتبر فيه شيء آخر فيكفي أنْ ينوي:  أسعى بين الصفا والمروة لعمرة التمتع قربة إلى الله تعالى , وإنْ كان للحج:  أسعى بين الصفا والمروة لحج التمتع قربة إلى الله تعالى , وإنْ كان للعمرة المفردة أو لحج الإفراد ينويه لهما.

مسألة 360: لا تعتبر في السعي الطهارة من الحدث ولا الخبث, ولا الموالاة بين الأشواط, ولا بين أبعاض الشوط الواحد, ولا ستر العورة وإنْ كان الأفضل اعتبار ذلك كلّه, بل الأحوط اعتبار الأخير, ولا يعتبر أنْ يكون بالمشي فيصح راكباً, بل هو الأفضل إذا قدر معه على إتيان الدعوات المندوبة.

مسألة 361: يعتبر أنْ لا يكون معه شيء مغصوب يتحرَّك بحركاته ثوباً كان أو نعلاً أو غيرهما.

مسألة 362: يجب فيه الابتداء من أول جزء من الصفا والختم بأول جزء من المروة؛ فلو صعد بعض الدرج كفى, بل وافق الإحتياط أيضاً.

مسألة 363: يصحّ السعي ماشياً وراكباً بأي مركوب كان وإنْ كان الأفضل الأول, كما يصحّ السعي في الطبقة العالية إذا تحقق الابتداء من الصفا والختم بالمروة.

مسألة 364: لو ابتدأ في السعي من المروة واختتم بالصفا بطل سعيه وتجب الإعادة عمداً كان أو جهلاً أو سهواً, وسواء تذكَّر بعد الفراغ أم في الأثناء، ولا يصحّ أنْ يجعل الرجوع من الصفا أول السعي بل لا بُدَّ من استئناف أصل السعي. نعم؛ لو كان في الصفا وقصد التكليف الفعلي وسعى منها بهذا القصد لا يبعد الاجتزاء بالاحتساب من الصفا حينئذٍ, فإنْ احتسب ما أتى به من المروة يكون من نقص السعي شوطاً جهلاً ويتم سعيه ولا شيء عليه، ولكن الأحوط الإعادة حتى في هذه الصورة.

مسألة 365: يجب أنْ يكون السعي في المسعى المتعارف فلا يجزي في غيره ولو كان من داخل المسجد الحرام. نعم؛ الظاهر جوازه في الطبقة الفوقانية أو التحتانية في المسعى إنْ كانتا بحيث حصل الابتداء بالصفا والختم بالمروة, ولا فرق بين كون السعي بالخط المستقيم أو لا بعد أنْ كان بين الجبلين وحصل السعي في بينهما عرفاً.

مسألة 366: يعتبر في السعي في كون مقاديم البدن إلى طرف المقصد عرفاً فلا يجزي المشي إلى الخلف أو أحد الجانبين؛ فلو وقع المشي كذلك لزحام أو نحوه وجبت إعادته. نعم؛ لا بأس بالالتفات بالوجه إلى اليمين أو اليسار حال المشي بعد كون مقاديم البدن إلى المقصد عرفاً, كما لا بأس بالوقوف في حال السعي أو الجلوس أو النوم حينه للإستراحة أو غيرها, كما لا بأس بشرب الماء ونحوه, كما لا بأس بالاستدبار عن المقصد حين الوقوف أو الجلوس أو النوم.

مسألة 367: يعتبر أنْ يكون السعي بعد الطواف وصلاته؛ فلو قدَّمه عليهما أعاده وإنْ كان عن سهو أيضاً, وقد مرّ حكم تقديمه على صلاة الطواف نسياناً في (مسألة ۳٤5).

مسألة 368: لا يجب أنْ يكون السعي بعد الطواف وصلاته فوراً ويجوز تأخيره عنهما بلا عذر حتى للإستراحة ونحوها فكيف بما إذا كان للعذر, بل يجوز تأخيره عمداً إلى الليل. نعم؛ لا يجوز التأخير إلى الغد بلا عذر, ولو أخره إليه عمداً وأتى به في الغد صحّ وإنْ أثم, ويجوز التأخير إليه مع الضرورة والاضطرار فلا إثم عليه حينئذٍ.

مسألة 369: يجوز قطع السعي لقضاء الحوائج العرفية ثم الإتمام من حيث قطع فكيف بقطعه لإتيان الفرائض اليومية, ولكن الأحوط عدم قطعه لغير إتيان الفرائض إلا بعد تجاوز النصف.

مسألة 370: لو شرع في السعي فتذكّر نقصان الطواف؛ فإنْ كان بعد أربعة أشواط منه رجع وأتمه ثم يتم السعي من محلّ القطع مطلقاً, وإلا استأنف الطواف من رأس ثم السعي أيضاً بقصد التكليف الواقعي.

مسألة 371: لو علم إجمالاً بعد الفراغ من السعي إما ببطلان طوافه أو سعيه يستأنف السعي، والأحوط استئنافهما معاً, وكذا لو كان ذلك في أثنائه.

مسألة372: لو زاد في سعيه عمداً يجري عليه حكم زيادة الطواف عمداً وقد مرّ في (مسألة ۳13), ولو زاد سهواً يطرح الزائد ويصح ولا شيء عليه سواء كان أقل من شوط أم كان شوطاً. نعم؛ فيما إذا كان شوطاً له أنْ يكمله سبعة أشواط فيصير سعياً مستقلاً مندوباً ولا يضر كون ابتداءه من المروة, ولكن الأحوط الطرح.

مسألة 373: لو نقص سهواً أتمّه متى تذكّر حتى فيما إذا فاتت المولاة، ولو رجع إلى بلده؛ فإنْ أمكنه الرجوع بلا مشقة عرفية رجع وأتى به, وإلا استناب وقد مرّ في (مسألة ۳23) ما ينفع المقام من حيث الإحرام.

مسألة 374: لو أتى ببعض الشوط الأول فنسي السعي ثمَّ تذكر, يجزي الإتيان من محلّ النسيان، والأولى الاستئناف من رأس.

مسألة 375: إذا شكّ في عدد الأشواط أو في أنَّ الابتداء بالسعي كان من الصفا أم لا؛ فإن كان حدوث هذا الشك في الأثناء استأنف السعي, وإنْ كان بعد الفراغ عنه لم يلتفت سواء قَصَّر أم لا, وكذا لو شكّ –بعد الفراغ منه أو بعد الفراغ من شوط أو بعد التجاوز عن جزءٍ– في الصحّة وعدمها فلا يلتفت إلى شكّه في جميع ذلك ويبني على الصحة.

مسألة 376: لو شكّ في النقيصة بعد الفراغ والانصراف فالأحوط وجوباً إتمام ما احتمل من النقص, ولو شك وهو في المروة في الزيادة ولم يكن شكه مستلزماً للشك في الابتداء بالصفا لا يلتفت إلى شكّه, كما إذا شك في المروة في أنه الشوط السابع أو التاسع, وكذا إذا شك في المروة في أنه الشوط السابع أو الثامن, ولكن الأحوط الاستئناف في هذه الصورة إنْ لم يكن حدوثه بعد الفراغ أو الإنصراف.

مسألة 377: لو شك في النقيصة وهو في الأثناء؛ كما إذا شك بين الست والسبع مثلاً, أو شك في أنَّ ما بيده سبع أو أكثر قبل تمام الدور بطل السعي، والأحوط وجوباً استئنافه.

مسألة 378: لو شك بالتقصير في أنه أتى بالسعي أم لا بنى على الإتيان, وكذا لو شك فيه بعد اليوم الذي أتى فيه بالطواف, ولكن الأحوط في هذه الصورة الإتيان إنْ لم يكن قد قصّر.

مسألة 379: لا اعتبار بشك كثير الشك مطلقاً, والظن الاطمئناني معتبر كاليقين.

مسألة 380: إذا علم عدد الأشواط وشك في البدأة من الصفا وعدمه يرجع إلى حالته الفعلية, فإنْ كان العدد المعلوم فرداً وهو على المروة كان الابتداء من الصفا فيصح, وإنْ كان على الصفا كان الابتداء من المروة فلا يصح, وإنْ كان العدد المعلوم زوجاً وهو على الصفا فوقع الابتداء منه فيصحّ, وإنْ كان على المروة وقع الابتداء منها فلا يصحّ ويجب الاستئناف في كلّ مورد ظهر كون الابتداء من المروة.

مسألة 381: لو ارتكب بعض تروك الإحرام بعد الطواف وصلاته وقبل السعي أو شك في أثناءه سهواً أو عمداً فقد مرّ تفصيله في مسائل تروك الإحرام وكفاراته.

مسألة 382: لو جامع زوجته في عمرة التمتع قبل تمام السعي سهواً بزعم الإتمام يجب عليه إتمام السعي، والأحوط وجوباً ذبح بقرة, وكذا لو قصَّر قبل تمام السعي سهواً فيجب عليه إتمام السعي والأحوط وجوباً ذبح بقرة أيضاً, والأحوط إجراء هذا الحكم في غير عمرة التمتع أيضاً.

مسألة 383: المريض الذي لا يتمكن من السعي يُسعى به, وإنْ لم يتمكن من ذلك أيضاً يُسعى عنه.

مسألة 384: يبطل السعي بالرياء؛ فلو سعى رياءً ولو في بعض الشوط وجب استئناف ما ترائى فيه, ولو لم يستأنف يجري عليه حكم من ترك السعي عمداً.

[1]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص430.

[2]. المصدر السابق؛ ص431.

[3]. المصدر السابق

[4]. المصدر السابق.

[5]. المصدر السابق.

[6]. المصدر السابق.

[7]. المصدر السابق.

[8]. المصدر السابق؛ ص432.

[9]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج‏13 ص478.

[10]. من لا يحضره الفقيه؛ ج‏2 ص535.

[11]. المصدر السابق.

[12]. المصدر السابق.

[13]. المصدر السابق؛ ص536.

[14]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص435.

[15]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج‏13 ص478.

[16]. من لا يحضره الفقيه؛ ج‏2 ص536.

[17]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج‏4 ص433.

التقصير

مسألة ۳85: يجب بعد الفراغ من السعي التقصير، يعني؛ أخذ شيء من شعر رأسه أو شاربه أو لحيته أو حاجبه، أو قص مقدار من ظفره. ولا يكفي فيه حلق الرأس فضلاً عن اللحية.
مسألة ۳86: لا يجوز حلق الرأس قبل التقصير من عمرة التمتع، وتجب الكفارة بشاة مع العمد, بل الأحوط وجوباً الكفارة وإنْ كان ناسياً أو جاهلاً. نعم؛ لا كفارة بحلق بعضه ولكن لا يجتزي به عن التقصير.
مسألة ۳87: يجوز حلق الرأس –كلاً أو بعضاً بعد التقصير ولا كفارة فيه حينئذٍ – إذا علم بأنه يتوفر شعر رأسه لإحرام الحج، وإنْ لم يعلم بذلك فالأحوط وجوباً ترك الحلق حتى يتحلّل من إحرام حجّه.
مسألة ۳88: التقصير عبادة تجب فيه النية والقربة والخلوص؛ فلو أخلَّ بها بطل ويجب ثانياً مع الشرائط, والأحوط وجوباً الكفارة إنْ كان الإخلال عن عمد والتفات، وهي كفارة إزالة الشعر وقص الظفر على ما مرّ في (مسألة ۲۱5, ومسألة ۲٤5).

مسألة ۳89: يصحّ التقصير مباشرة كما يصحّ بتوسط الغير, والأحوط وجوباً أنْ يكون الغير مُحلاً، وينوي المكلف بنفسه دون ذلك الغير, وإنْ كان الأحوط نيته أيضاً, ولا فرق بين أنْ يكون الغير رجلاً أو امرأة لرجلٍ أو امرأة على إشكال فيما إذا مَسَّ الأجنبي شعر الأجنبية أو بالعكس, كما لا فرق بين كون الغير شيعياً أو عامياً إنْ كانت النية من كلّ جهة للناسك وكان العامي بمنزلة الآلة.
مسألة ۳90: لو قصّر بآلة غصبية لا يتحقق به التقصير, ولو منع الزوج زوجته عن تقصير خاص فخالفته ففي تحقق التقصير به إشكال.
مسألة ۳91: لا يجب أنْ يكون التقصير بعد الفراغ من السعي فوراً ويصح تأخيره إلى أنْ يتضيق وقت إحرام الحج, وليس له محل مخصوص فيصح في أيِّ محلٍّ كان سواء كان في المسعى أم في المسجد أم في غيرهما.
مسألة ۳92: لو شكّ في التقصير؛ فإنْ كان بعد الإحرام بالحج, أو رأى نفسه محلاً لا يعتني به، وإلا وجب التقصير.
مسألة ۳93: يحلّ للناسك بالتقصير جميع ما حُرِّمَ عليه بالإحرام حتى النساء.
مسألة ۳94: لا يجب طواف النساء في العمرة التمتعية. نعم؛ لا بأس بالإتيان به وبصلاته بعد التقصير بعنوان الرجاء.
مسألة ۳95: لو ترك التقصير عمداً أو جهلاً وأحرم بالحج بطلت عمرته ويصير حجه إفراداً.
أفعال الحج
وهي ثلاثة عشر:
1- الإحرام.
2- الوقوف بعرفات.
3- الوقوف بالمشعر.
٤- رمي جمرة العقبة في منى.
5- الأضحية.
6- التقصير.
7- طواف الحج.
8- صلاة الطواف.
9- السعي بين الصفا والمروة.
10- طواف النساء.
11- صلاة الطواف.
12- البيتوتة في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر.
13- رمي الجمرات.

الأول: الإحرام
مسألة ۳96: يجب الإحرام للحج وهو ركن للحج, وهو ركن يبطل الحج بتعمد تركه، وليس مؤقتاً بوقت خاص, بل يجوز بعد الفراغ من عمرة التمتع إلى أنْ يتضيق وقت الوقوف بعرفات.
مسألة ۳97: يجب أنْ يكون الإحرام للحج في أشهر الحج مطلقاً سواء كان تمتعاً أم قراناً أم إفراداً.
مسألة ۳98: يجب أنْ يحرم لحج التمتع من مكّة, ولحج القران والإفراد من الميقات على ما مرّ.
مسألة ۳99: جميع ما مرّ في واجبات إحرام العمرة ومحرماته ومندوباته ومكروهاته وكيفيته يجري في إحرام الحج أيضاً من غير فرق بينهما أصلاً؛ إلا في النية فينوي في إحرام الحج: (أُحرم لحج التمتع قربة إلى الله تعالى), ثمَّ يلبي كما مرّ, وإنْ كان الحج إفراداً أو قراناً فينوي الإحرام لأحدهما.
مسألة ٤۰0: لو ترك الإحرام نسياناً أو جهلاً حتى خرج إلى منى أو عرفات ثُمَّ تذكّر أو علم وجب عليه الرجوع إلى مكة المكرمة للإحرام منها, وإنْ لم يتمكن ولو لضيق الوقت عن درك اختياري عرفة أحرم من موضعه ويكفيه ذلك.
مسألة ٤۰1: لو لم يتذكّر من ترك الإحرام إلا بعد الفراغ عن جميع أعمال الحج صحّ حجه ولا شيء عليه, وكذا الجاهل إنْ لم يعلم إلا بعد الفرغ منها.
مسألة ٤۰2: لو تذكر من ترك الإحرام وهو في عرفات أحرم من موضعه وأتمَّ حجه ولا شيء عليه, وإنْ كان الأحوط الحج من القابل حينئذٍ, وهكذا حكم الجاهل.
مسألة ٤۰3: لو ترك الإحرام عمداً إلى أنْ فات وقت الوقوف بعرفات بطل حجُّه سواء أدرك المشعر محرماً أم لا, وكذا إنْ تركه نسياناً أو جهلاً وتنبَّه مع إمكان التدارك وتركه عمداً إلى أنْ فات وقته.
مسألة ٤۰4: إذا أخّر الإحرام عمداً عن أول وقت الوقوف بعرفات, ولكن أدركها محرماً من الميقات في وسط الوقت أو آخره أَثِمَ وصحَّ حجُّه ويجب عليه الإستغفار.
مسألة ٤۰5: لو ذهب إلى عرفات بلا إحرام عمداً يرجع إلى مكة إنْ أمكنه للإحرام منها، وإلا فيحرم من موضعه ويصحّ حجه ولكنه أثم ويجب عليه الإستغفار.
مسألة ٤۰6: لو كان إحرامه باطلاً؛ فإنْ كان ارتكاب موجب البطلان عن عمد يلحقه حكم ما تقدَّم من ترك الإحرام عمداً, وإنْ كان عن جهل ونسيان يلحقه حكمهما.
مسألة ٤۰7: يستحب الإحرام لحج التمتع زوال يوم التروية, وأنْ يكون بعد الصلاة على تفصيل مرّ في السادس من المستحبات قبل الإحرام, وأنْ يكون من المسجد الحرام, ويستحب أنْ يُلبّي حين ذهابه إلى منى, وأنْ يرفع صوته بها عند الإشراف على الأبطح.
ويستحب أنْ يدعو بهذا الدعاء عند التوجه إلى منى: اللَّهُمَّ إِيَّاكَ أَرْجُو وَإِيَّاكَ أَدْعُو فَبَلِّغْنِي‏ أَمَلِي‏ وَأَصْلِحْ لِي عَمَلِي .
ثُمَّ يذهب إلى منى مع السكينة والوقار مشتغلاً بذكر الله تعالى، وإذا وصل منى فليقل: الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ الَّذِي‏ أَقْدَمَنِيهَا صَالِحاً فِي عَافِيَةٍ وبَلَّغَنِي هَذَا الْمَكَان .
وليقل عند دخولها: اللَّهُمَّ هَذِهِ مِنًى وهِيَ‏ ممّا مَنَنْتَ‏ بِهِ‏ عَلَيْنَا مِنَ الْمَنَاسِكِ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِمَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَى أَنْبِيَائِكَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُكَ وفِي قَبْضَتِكَ , ويستحب أنْ يبيت ليلة عرفة في منى مشتغلاً بالعبادة خصوصاً في مسجد الخيف, فقد صلّى فيه ألف نبي, وصلّى فيه نبينا الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم وفيه مقامه الشريف في وسط المسجد.
ويستحب أنْ يقيم في منى إلى طلوع الفجر, بل يكره الخروج قبله إلا لعذر وبعد الفراغ من صلاة الصبح وتعقيباتها يتوجه إلى عرفات ويدعو بهذا الدعاء اللَّهُمَ‏ إِلَيْكَ‏ صَمَدْتُ‏ وإِيَّاكَ اعْتَمَدْتُ ووَجْهَكَ أَرَدْتُ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُبَارِكَ لِي فِي رِحْلَتِي وأَنْ تَقْضِيَ لِي حَاجَتِي وأَنْ تَجْعَلَنِي الْيَوْمَ مِمَّنْ تُبَاهِي‏ بِهِ مَنْ هُوأَفْضَلُ مِنِّي .
مسألة ٤۰8: يكره الطواف المندوب بعد إحرامه للحج حتى يرجع من منى, بل الأحوط تركه فلو طاف فالأحوط تجديد التلبية. وأما الطواف الواجب فلا يجوز إلا لضرورة.

إرشادان
الأول: منى وعرفات والمشعر الحرام من أجلِّ الأمكنة المحترمة وأفضل المشاعر العظام وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة, ففي الحديث: مَنْ يَقِفُ بِهَذَيْنِ الْمَوْقِفَيْنِ عَرَفَةَ والْمُزْدَلِفَةِ وسَعَى بَيْنَ هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ ثُمَّ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وصَلَّى خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ علیه السلام ثُمَّ قَالَ فِي نَفْسِهِ أَوظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَغْفِرْ لَهُ فَهُومِنْ‏ أَعْظَمِ‏ النَّاسِ‏ وِزْراً .
وفي الحديث: إِذَا أَخَذَ النَّاسُ‏ مَنَازِلَهُمْ‏ بِمِنًى‏ نَادَى‏ مُنَادٍ لَو تَعْلَمُونَ بِفِنَاءِ مَنْ حَلَلْتُمْ لَأَيْقَنْتُمْ بِالْخَلَفِ بَعْدَ الْمَغْفِرَةِ , وفي الحديث أيضاً: إِذَا أَخَذَ النَّاسُ مَوَاطِنَهُمْ بِمِنًى نَادَى مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ‏ أَرْضَى‏ فَقَدْ رَضِيتُ , وفي حديث منصور بن حازم قلت لأبي عبد الله علیه السلام: مَا يَصْنَعُ‏ اللَّهُ‏ بِالْحَاجِ‏ قَالَ مَغْفُورٌ واللَّهِ لَهُمْ لَا أَسْتَثْنِي فِيهِ .
ويظهر من الأخبار أنَّ هذه الأمكنة المباركة من أوسع مظاهر الربوبية, فينبغي للمتشرفين بتلك المقامات الكريمة والمشاعر العظيمة أنْ يغتنموا الفرصة فإنَّ الزمان والمكان والحال من أقرب مظان التقرب والإستجابة.

الثاني: منى بلد معروف يبعد عن مكة المكرَّمة بـ(خمس كيلومترات ونصف تقريباً), والمشعر الحرام موضع محترم يبعد عن منى بـ(خمس كيلومترات ونصف تقريباً ) وهما داخلان في الحرم. وعرفات موضع محترم يبعد عن مكة المكرمة بـ(إثني عشر كيلومتر تقريباً) وهي خارجة عن الحرم, وحدُّ عرفات مشهور هناك.
الثاني : الوقوف بعرفات
عرفات محل معروف هناك كمعروفية المشعر ومنى.
مسألة ٤۰9: يجب الوقوف بعرفات في يوم التاسع من ذي الحجة، والأحوط وجوباً أنْ يكون الوقوف من زوال اليوم إلى غروبها الشرعي مستوعباً تمام هذا الوقت, وحدها؛ من بطن عرفة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز، ومن المأزمين إلى أقصى الموقف.
مسألة ٤10: لا فرق بين أقسام الكون فيها من المشي أو الركوب, أو القيام أو الجلوس, أو النوم إنْ تحققت النية قبل النوم, ويعبّر عن مطلق الكون فيها بالوقوف شرعاً.
مسألة ٤11: يجب في الوقوف النية والقربة والخلوص، ويبطل الحج بالرياء فيه إنْ كان في تمامه, وإنْ رآى في بعضه أثم وصح حجه ووجب عليه الإستغفار, ويكفي في النية مجرد الداعي كما في غيره من العبادات.
مسألة ٤12: لو فاتته النية في تمام الوقت لنوم أو جنون أو إغماء أو سكر أو نحو ذلك بطل وقوفه؛ فإنْ كان ذلك عن عمد بطل حجه أيضاً، وإلا فيأتي حكمه.
مسألة ٤13: لو صلّى الظهرين في غير عرفة عمداً وأتى الموقف بعد الفراغ من الصلاة صحَّ ولا شيء عليه وإنْ خالف الإحتياط.
مسألة ٤14: الركن من الوقوف مسمّى الكون في عرفة ولو كان بنحو العبور، والزائد عليه واجب غير ركني.
مسألة ٤15: لو ترك المسمّى عمداً بطل حجه, ولو ترك الزائد عليه عمداً صح حجه وإنْ أثم ووجب الإستغفار ولا شيء عليه إنْ كان معذوراً.
مسألة ٤16: لو كان الحاج في السيارة –مثلاً– ودخلت عرفة من أي طرف من أطرافها ثم خرجت, أو عبرت من داخل عرفة إلى خارجها وقصد الحاجُّ –بكونه في السيارة دخولاً وخروجاً في عرفة أو عبوراً منها– الوقوفَ بها قربة إلى الله تعالى أتى بمسمّى الوقوف الركني وصحّ حجه، وحينئذٍ؛ فإنْ كان متمكناً من الوقوف في تمام الوقت وتركه عمداً أثم, بل قد يجب عليه الكفارة كما يأتي, وإلا فلا إثم عليه أيضاً. وفي جريان هذا الحكم في الطائرة إنْ كانت بحيث يصدق عرفاً الكون في عرفة وجه.
مسألة ٤17: لو ترك الوقوف بها من أول الوقت وأدرك المسمّى ولو قبل الغروب بدقيقة صحّ حجه، وحينئذٍ؛ فإنْ كان ترك ذلك عن تعمد واختيار أثم ووجب الإستغفار، وإلا فلا إثم ولا شيء عليه.
مسألة ٤18: لو ترك البقاء في عرفات آخر الوقت –بإنْ خرج منها قبل الغروب– فإنْ كان ذلك لعذر أو سهو أو غفلة صحّ حجه ولا شيء عليه. وكذا إنْ كان عن عمد ولكن تاب ورجع قبل خروج الوقت, وإنْ لم يرجع يجب عليه ذبح إبلٍ لله تعالى أتمَّ سنّه الخامسة في أي محلٍّ شاء, وإنْ لم يتمكن منه يصوم ثمانية عشر يوماً في مكة أو في الطريق أو بعد الرجوع إلى محله, ولا يجب فيه التوالي ولا الفورية وإنْ كان الأول أحوط.
مسألة ٤19: لو خرج من عرفات سهواً ولم يتذكر في الوقت فلا شيء عليه, وإنْ تذكر فيه وجب العود وإنْ لم يفعل أثم، والأحوط وجوباً إجراء حكم العامد الذي مرّ في المسألة السابقة عليه, وكذا لو كان خروجه قبل الوقت لعذر فزال عذّره قبله ولم يرجع، والجاهل بالحكم كالساهي مطلقاً وإنْ كان الأحوط إلحاق المقصِّر بالعالم.
مسألة ٤20: لو خرج قبل الغروب ثم رجع لحاجة فقصد القربة ووقف إلى الغروب صحّ حجه ولا شيء عليه, ولو خرج قبله اختياراً ثمَّ ندم وبنى على الرجوع ولكن لم يتمكن منه أو رجع ومنعه الزحام من الوصول إلى عرفة قبل الغروب صحّ حجه ولا شيء عليه ولكن الأحوط استحباباً إلحاقه بالعامد المختار في ترك الرجوع.
مسألة ٤21: لو أبطل وقوفه في آخر الوقت بالرياء لا شيء عليه, وإن كان الأحوط إلحاقه بالعامد في الخروج فيما مرّ من التفصيل.
مسألة ٤22: جبل الرحمة الذي في عرفات جزء منها فلا بأس بالوقوف عليه, ولكن الوقوف على الأرض أفضل مع الإمكان, بل يكره الوقوف على الجبل مع الإختيار.
مسألة ٤23: لو فاته الوقوف بعرفات من الزوال إلى الغروب –المسمى بالوقوف الإختياي لعرفات– لعذر من نسيان أو عدم الوصول إليها لضيق الوقت أو لكثرة الزحام يكفيه إدراك مقدار من ليلة العيد فيها ولو كان قليلاً –كدقيقة أو دقيقتين– ويسمى هذا بالوقوف الإضطراري لعرفات, ولا يجب فيه الإستيعاب كما وجب الوقوف الإختياري. ولكن يجب إدراكه مع الإمكان ويبطل الحج حينئذٍ بتعمد تركه سواء أدرك اختياري المشعر أم لا.
مسألة ٤24: إذا لم يدرك اختياري عرفات وخاف إنْ ذهب إليها لإدراك الإضطراري منها أنْ يفوته الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس من يوم العيد وجب عليه الوقوف بالمشعر، ويكتفي به ويصحّ حجه ولا شيء عليه, وكذا لو فاته الوقوف اختيارياً واضطرارياً نسياناً ولم يتذكر إلا بعد خروج الوقت ولكنه أدرك الوقوف الإختياري للمشعر, يصحّ حجه ولا شيء عليه, والجاهل القاصر كالناسي في ما مرّ, وفي إلحاق المقصّر به إشكال.
مسألة ٤25: لو لم يثبت الهلال عندنا وثبت عند غيرنا؛ فإنْ أمكن الإحتياط بلا تقية ومحذور وجب, وإلا وجبت متابعتهم ويصح الحج حينئذٍ حتى فيما إذا علم بمخالفتهم للواقع في ثبوت الهلال, ولكن أنّى ومن أين يحصل لهم العلم بالمخالفة.
مندوبات الوقوف بعرفات
ينبغي للحاج أنْ يجدّ في الدعاء والمسألة والتضرع لله تعالى في يوم عرفة؛ إذ لا يمرّ على الإنسان في مدّة عمره ما يكون أفضل للعبادة والدعاء من موقف عرفات –حالاً وزماناً ومكاناً– فإنَّ الشيطان لا يترصد لبني آدم أشدّ من ترصده له في ذلك الموطن ليغفله عن العبادة والدعاء ويشغله بأمور الدنيا فلا بُدَّ من التوجه والالتفات والابتهال فيه فإنَّ الغفلة قد توجب الحسرة.
وما ورد من الآداب والدعاء في الموقف كثير نذكر بعضها:
1- الطهارة حال الوقوف.
2- الوقوف في سفح الجبل في ميسرته.
3- الغسل، والأولى أنْ يكون مقارناً للزوال.
٤- الجمع بين صلاتي الظهر والعصر بآذان وإقامتين إماماً كان أو منفرداً, مُتمّاً كان أو مقصراً.
5- ضرب خباءه بنمرة.
6- سدُّ الفرج بينه وبين أصحابه بنفسه أو رحله.
7- جمع متاعه بعضه إلى بعض حتى يكون فارغ البال للدعاء والتوجه.
8- الابتداء في الدعاء لإخوانه المؤمنين وأقلهم أربعون, ولنفسه.
9- تفريغ النفس للدعاء والذكر والتوجه إلى الله تعالى.
10- القيام حال الدعاء إنْ لم يتعبه، وإلا فيجلس.
11- أنْ يقول مائة مرة كلّ من الله أكبر, والحمد لله, وسبحان الله، ولا إله إلا الله.
12- يقرأ سورة قل هو الله أحد مائة مرة, وكذلك سورة إنا أنزلناه, وآية الكرسي أيضاً كذلك, ومائة مرة لا حول ولا قوة إلا بالله, وأنْ يصلي على محمد وآل محمد مائة مرة.
13- الدعاء بما يتيسر، وأفضله بما ورد عن الإمام الحسين علیه السلام في يوم عرفة, وعن ولده عليِّ بن الحسين  في الصحيفة, ودعاء النبيِّ الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم الذي علَّمَهُ لِعلّيٍ علیه السلام قائلاً له (وهو دعاء من كان قبلي من الأنبياء) وهو: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ‏ وَحْدَهُ‏ لا شَرِيكَ لَهُ‏ لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي ويُمِيتُ‏ ويُمِيتُ ويُحْيِي وهُو حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وهُو عَلى‏ كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَمَا تَقُولُ وخَيْرُ مَا يَقُولُ الْقَائِلُونَ اللَّهُمَ‏ لَكَ‏ صَلَاتِي‏ ودِينِي‏ ومَحْيَايَ ومَمَاتِي ولَكَ تُرَاثِي وبِكَ حَوْلِي ومِنْكَ قُوَّتِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ ومِنْ وَسْوَاسِ الصَّدْرِ ومِنْ شَتَاتِ الْأَمْرِ ومِنْ عَذَابِ النَّارِ ومِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَأْتِي بِهِ الرِّيَاحُ وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَأْتِي بِهِ الرِّيَاحُ وأَسْأَلُكَ خَيْرَ اللَّيْلِ وخَيْرَ النَّهَارِ .
ويستحب أنْ يقول: اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ عَبْدُكَ‏ فَلَا تَجْعَلْنِي‏ مِنْ‏ أَخْيَبِ وَفْدِكَ وارْحَمْ مَسِيرِي إِلَيْكَ مِنَ الْفَجِّ الْعَمِيقِ- ولْيَكُنْ فِيمَا تَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَشَاعِرِ كلّها فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ-وأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلَالِ وادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ والْإِنْس- وتَقُولُ اللَّهُمَّ لَا تَمْكُرْ بِي ولَا تَخْدَعْنِي ولَا تَسْتَدْرِجْنِي- وتَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَوْلِكَ وجُودِكَ وكَرَمِكَ ومَنِّكَ وفَضْلِكَ يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ ويَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ ويَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ ويَا أَرْحَمَ‏ الرَّاحِمِينَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وكَذا , وتذكر حوائجك.
ثم ترفع يديك إلى السماء وتقول: اللَّهُمَ‏ حَاجَتِي‏ إِلَيْكَ‏ الَّتِي‏ إِنْ‏ أَعْطَيْتَنِيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي والَّتِي إِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَنِي أَسْأَلُكَ خَلَاصَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ- ولْيَكُنْ فِيمَا تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ومِلْكُ يَدِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ وأَجَلِي بِعِلْمِكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُوَفِّقَنِي لِمَا يُرْضِيكَ عَنِّي وأَنْ تُسَلِّمَ مِنِّي مَنَاسِكِيَ الَّتِي أَرَيْتَهَا خَلِيلَكَ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ ودَلَلْتَ عَلَيْهَا نَبِيَّكَ مُحَمَّداً ص- ولْيَكُنْ فِيمَا تَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ وأَطَلْتَ عُمُرَهُ وأَحْيَيْتَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ حَيَاةً طَيِّبَة .
ومما ورد من الدعاء في هذا اليوم: اللَّهُمَ‏ اجْعَلْ‏ فِي‏ قَلْبِي‏ نُوراً وفِي سَمْعِي نُوراً وفِي بَصَرِي نُوراً وفِي لَحْمِي ودَمِي وعِظَامِي وعُرُوقِي ومَفَاصِلِي ومَقْعَدِي ومَقَامِي ومَدْخَلِي ومَخْرَجِي نُوراً وأَعْظِمْ لِي نُوراً يَا رَبِّ يَوْمَ أَلْقَاكَ‏ إِنَّكَ عَلى‏ كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .
ومما علمه جبرائيل علیه السلام لآدم علیه السلام في هذا اليوم لقبول توبته هو: سُبْحَانَكَ‏ اللَّهُمَ‏ وبِحَمْدِكَ‏ لَا إِلَهَ‏ إِلَّا أَنْتَ- عَمِلْتُ سُوءاً وظَلَمْتُ نَفْسِي واعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي- فَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ- سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ- عَمِلْتُ سُوءاً وظَلَمْتُ نَفْسِي واعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي- فَاغْفِرْ لِي‏ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .
ويستحب في هذا اليوم الإكثار من الصدقة فإنها ثوابها فيه أكثر من سائر الأيام.
وفي خبر أبي بصير عن الأمام الصادق علیه السلام: إِذَا أَتَيْتَ‏ الْمَوْقِفَ‏ فَاسْتَقْبِلِ‏ الْبَيْتَ‏ وسَبِّحِ اللَّهَ تَعَالَى مِائَةَ مَرَّةٍ وكَبِّرِ اللَّهَ تَعَالَى مِائَةَ مَرَّةٍ وتَقُولُ‏ ما شاءَ اللَّهُ‏ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏ مِائَةَ مَرَّةٍ وتَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ‏ لا شَرِيكَ لَهُ‏ لَهُ الْمُلْكُ‏ ولَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي‏ ويُمِيتُ‏ ويُمِيتُ ويُحْيِي بِيَدِهِ الْخَيْرُ وهُوعَلى‏ كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ , ثم تقرأ آيتين من سورة البقرة وهما: ﱥﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆﱇ ﱈﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱤ , ثم تقرأ سورة قل هو الله أحد ثلاث مرات. وتقرأ آية الكرسي حتى تفرغ منها ثم تقرأ آية السخرة في سورة الأعراف وهي: ﱥﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲﱤ , ثمَّ تقرأ سورة الفلق وسورة الناس, ثمَّ تحمد الله على كلّ نعمة أنعم الله بها عليك, وتذكر النعم واحدة بعد واحدة ما أحصيت منها وتحمد الله على ما أنعم عليك من أهل ومال, وتحمد الله على ما أبلاك وتقول: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ على نعمائك التي لا تحصى بعددٍ ولا تُكافى بِعَمَل.
وتحمده بكلّ آية في القرآن ذكر الحمد لنفسه وتسبحه بكلّ تسبيح ذكر به نفسه في القرآن, وتكبره بكلّ تكبير كبَّر به نفسه في القرآن, وتهلّله بكلّ تهليل هلل به نفسه في القرآن, وتصلي على محمد وآل محمد وتكثر وتجتهد فيه, وتدعو الله بكلّ اسم سمّى به نفسه في القرآن وبكل أسم يخصه, وتدعو بأسماءه في آخر سورة الحشر: أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ بكلّ اسْمٍ‏ هُولَكَ‏ وأَسْأَلُكَ‏ بِقُوَّتِكَ وقُدْرَتِكَ وعِزَّتِكَ وبِجَمِيعِ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ وبِجَمْعِكَ وبِأَرْكَانِكَ كلّها وبِحَقِّ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ وبِاسْمِكَ الْأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ وبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي مَنْ دَعَاكَ بِهِ كَانَ حَقّاً عَلَيْكَ أَنْ تُجِيبَهُ وبِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الَّذِي مَنْ دَعَاكَ بِهِ كَانَ حَقّاً عَلَيْكَ أَنْ لَا تَرُدَّهُ وأَنْ تُعْطِيَهُ مَا سَأَلَ أَنْ تَغْفِرَ لِي جَمِيعَ ذُنُوبِي فِي جَمِيعِ عِلْمِكَ فِي , وتسأل حاجتك.
ثم تسأل الله الجنة وتقول: (أَسألُكَ الجنة) سبعين مرة, وتقول (أستغفِرُ الله ربي وأتوب إليه) سبعين مرة وليكن دعائك: اللَّهُمَ‏ فُكَّنِي‏ مِنَ‏ النَّارِ وأَوْسِعْ‏ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ وادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ والْإِنْسِ وشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ والْعَجَم .
فإنْ نفد هذا الدعاء ولم تغرب الشمس فأعده من أوله إلى آخره، ولا تَمِلَّ من الدعاء والتضرع والمسألة. وقد ورد أدعية أخرى فمن شاء فليراجع للمطولات.
ويستحب عند غروب الشمس قبل أنْ يندفع من الموقف أنْ يقول: اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ أَعُوذُ بِكَ‏ مِنَ‏ الْفَقْرِ ومِنْ تَشَتُّتِ الْأَمْرِ ومِنْ شَرِّ مَا يَحْدُثُ بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ أَمْسَى ظُلْمِي مُسْتَجِيراً بِعَفْوِكَ وأَمْسَى خَوْفِي مُسْتَجِيراً بِأَمَانِكَ وأَمْسَى ذُلِّي مُسْتَجِيراً بِعِزِّكَ وأَمْسَى وَجْهِيَ‏ الْفَانِي مُسْتَجِيراً بِوَجْهِكَ الْبَاقِي يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ويَا أَجْوَدَ مَنْ أَعْطَى جَلِّلْنِي بِرَحْمَتِكَ وأَلْبِسْنِي عَافِيَتَكَ واصْرِفْ عَنِّي شَرَّ جَمِيعِ خَلْقِك‏ .
ويستحب أيضاً إذا غربت الشمس أنْ يقول: اللَّهُمَ‏ لَا تَجْعَلْهُ‏ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ‏ هَذَا الْمَوْقِفِ‏ وارْزُقْنِيهِ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي واقْلِبْنِي الْيَوْمَ مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً لِي مَرْحُوماً مَغْفُوراً لِي بِأَفْضَلِ مَا يَنْقَلِبُ بِهِ الْيَوْمَ أَحَدٌ مِنْ وَفْدِكَ وحُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرَامِ واجْعَلْنِي الْيَوْمَ مِنْ أَكْرَمِ وَفْدِكَ عَلَيْكَ وأَعْطِنِي أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَ أَحَداً مِنْهُمْ مِنَ الْخَيْرِ والْبَرَكَةِ والْعَافِيَةِ والرَّحْمَةِ والرِّضْوَانِ والْمَغْفِرَةِ وبَارِكْ لِي فِيمَا أَرْجِعُ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ أَومَالٍ أَوقَلِيلٍ أَوكَثِيرٍ وبَارِكْ لَهُمْ فِيَّ .
ويستحب أيضاً أنْ يكرر كثيراً من قول: (اللَّهُمَ‏ أَعْتِقْنِي‏ مِنَ‏ النَّار).
الثالث : الوقوف بالمشعر الحرام
مسألة ٤26: يجب الوقوف بالمشعر الحرام (المزدلفة) من طلوع فجر يوم عيد الأضحى إلى طلوع الشمس منها؛ مع النية والقربة والخلوص، بل الأحوط وجوباً المبيت فيه ليلة العيد ولو كان بعد ثلث الليل أو نصفه مع النية والقربة المطلقة أيضاً، ثم ينوي الوقوف
بين الطلوعين. ويجزيه استمرار قصده الذي ورد به إلى المشعر إلى الفجر. وحدّ الموقف ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر. وعند الزحام يجوز الإرتفاع إلى حاشية الجبل.
مسألة ٤27: ما هو الركن من الوقوف إنَّما هو المسمّى كما مرّ في الوقوف بعرفات؛ فمع تركه يبطل الحج على تفصيل يأتي ولكن يجب أنْ يقف فيه تمام الوقت, فلو تعمَّد ترك ذلك من أوله أو آخره عصى وصحّ حجه إنْ أدرك المسمّى, وإنْ كان الأحوط الجبر بشاة إنْ أفاض قبل طلوع الشمس عمداً.
مسألة ٤28: يكفي مطلق الكون راكباً أو ماشيا, أو قائماً أو قاعداً وكذا نائماً بعد أنْ تحققت منه النية, وأما إنْ كان في تمام الوقت نائماً أو مغمى عليه بحيث فاتت النية فلا يجزي.
مسألة ٤29: إنَّما يجب الوقوف في ما بين الطلوعين على غير ذوي الأعذار, وأما من كان به عذر من مرض, أو ضعف, أو خوف من الإزدحام أو غير ذلك من الأعذار فيجوز لهم الإفاضة من المشعر ليلة العيد بعد وقوف مقدار منها.
مسألة ٤30: يجوز للنساء والأطفال والشيوخ ومن يكون معهم لحفظهم وحراستهم, أو يكون مع المريض والخائف ونحوهما من الإفاضة من المشعر ليلة العيد فلا يجب عليهم الوقوف في ما بين الطلوعين, ولكن الأحوط وجوباً أنْ تكون إفاضتهم من المشعر بعد انتصاف الليل ولو بلحظة -فلا ينفروا قبله.
مسألة ٤31: لو أفاض قبل الفجر بلا عذر؛ فإنْ كان سهواً أو جهلاً ولم يتذكّر إلا بعد خروج الوقت صحّ حجّه ولا شيء عليه, وإنْ تذكر قبل الفجر وجب الرجوع لإدراك الوقت الواجب وقوفُه، وإنْ لم يرجع عمداً أو تعمد في الإفاضة قبل الفجر بلا عذر صحّ حجّه وعليه شاة إنْ أدرك اختياري عرفة, ولكن الإحتياط الشديد أنْ يتمّ حجّه ويأتي به من قابل أيضاً.
مسألة ٤32: إذا فاته الوقوف بالمشعر لعذر -من نسيان أو غيره– حتى طلعت الشمس يوم العيد ما بين طلوع الشمس إلى الزوال يجزيه ذلك. وهذا هو الوقت الإضطراري الذي يقوم مقام الإختياري في وجوب إدراكه لمن فاته الإختياري, وبطلان الحج يكون بتعمد تركه، ولا يجب الاستيعاب هنا أيضاً كما تقدَّم في اضطراري عرفة.
مسألة ٤33: لو فاته اختياري المشعر واضطراريه أيضاً؛ فإنْ كان مدركاً اختياري عرفة وعبر المشعر ليلاً من عرفات إلى منى صحّ حجّه ولا شيء عليه, وإلا ففيه إشكال فيتم الحج ويأتي به من قابل, وإنْ لم يكن مدركاً اختياري عرفة فاته الحج وإنْ كان ذلك عن عذر.
مسألة ٤34: لو بات ليلاً في المشعر وأفاض قبل الفجر لعذر؛ فإنْ كان مدركاً اختياري عرفة صحّ حجّه ولا شيء عليه, وإنْ لم يكن مدركاً له صحّ حجّه, والأحوط وجوباً على من لم يدرك اختياري عرفة عدم الإفاضة مطلقاً من المشعر قبل الفجر.
مسألة ٤35: تقدّم أنَّ لعرفات موقفين: إختياري وإضطراري, وللمشعر كذلك فهذه أربعة, وصور التركيب منها أيضاً تصير أربعة فهذه ثمانية, وصورة ترك الجميع تصير تاسعة, وصور إدراك المبيت بالمشعر ليلاً فقط وإدراكه مع اختياري عرفه وإدراكه مع اضطراريها ثلاثة فمجموع الصور إثنتا عشر:
الأولى: إدراك اختياريهما معاً فيصحّ حجّه ولا شيء عليه من هذه الجهة.
الثانية: عدم إدراك شيء منهما أصلاً –لا الإختياري ولا الإضطراري مطلقاً– فيبطل حجه سواء كان ذلك عمداً أم جهلاً أم نسياناً أم لعذر فيأتي بعمرة مفردة, وحينئذٍ؛ فإنْ كان عدم الإدراك عن تقصير وجب عليه الحج من قابل ولو مع فقد الاستطاعة، ولو لم يكن عن تقصير لا يجب عليه الحج إلا مع حصول شرائطه بعد ذلك.
الثالثة: إدراك اختياري عرفة مع إضطراري المشعر النهاريّ, فإنْ فات منه اختياري المشعر لعذر وعبر من المشعر ليلة العيد صحّ حجّه, وإنْ لم يعبر وتعمد في ترك اختياري المشعر بطل حجّه.
الرابعة: إدراك اختياري المشعر مع اضطراري عرفة فيصحّ حجّه ولا شيء عليه, إلا إذا كان ترك اختياري عرفة عن عمد واختيار.
الخامسة: إدراك اختياري عرفة مع اضطراري المشعر الليلي فيصحّ حجه ولا شيء عليه, إنْ كان ترك اختياري المشعر لعذر، وإلا بطل على الأحوط.
السادسة: إدراك اضطراري عرفة واضطراري المشعر الليلي فيصحّ حجّه ولا شيء عليه, إنْ كان ترك اختياري عرفة لعذر وإلا بطل حجه, وكذا في اختياري المشعر فإنْ كان لعذر صحّ, وإلا بطل على الأحوط.
السابعة: إدراك اضطراري عرفة واضطراري المشعر اليومي فيصحّ حجه ولا شيء عليه, إلا إذا كان ترك أحد الإختيارين عن تعمد واختيار.
الثامنة: إدراك اختياري عرفة فقط فيبطل حجّه إنْ ترك المشعر عمداً, بل ويشكل صحته إنْ كان تركه لعذر أيضاً.
التاسعة: إدراك اضطراري عرفة فقط فيبطل حجّه.
العاشرة: إدراك اختياري المشعر فقط فيصحّ الحج إنْ لم يكن ترك عرفة عمداً, وإلا فلا يصحّ.
الحادية عشر: إدراك اضطراري المشعر النهاري فقط فلا يصحّ الحج.
الثانية عشر: إدراك اضطراري المشعر الليلي؛ فإنْ كان معذوراً وأدرك عرفة صحّ حجّه وإنْ ترك عرفة عمداً بطل حجّه.
مسألة ٤36: لو فاته الحج لعدم إدراك الموقفين على ما مرّ من التفصيل, فالأحوط وجوباً أنْ ينوي بإحرامه العمرة المفردة؛ فيأتي بأعمالها ثمَّ يحل, ويجب عليه إتيان الحج في القابل إنْ استقر عليه الحج، وإلا فإنْ تحققت الشرائط. ويستحب أنْ يقيم في منى مع الحجاج, ثم يأتي بأفعال العمرة ولا يجب أنْ يأتي بأفعال الحج الذي بطل بل لا يشرع إنْ أتى بقصد الوجوب.

مندوبات الوقوف بالمشعر الحرام
وهي أمور:
1- الإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس بسكينة ووقار, مشتغلاً بالدعاء والاستغفار مقتصداً في المشي، فإذا انتهى إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق يقول: اللَّهُمَّ ارْحَمْ مَوْقِفِي وزِدْ فِي عَمَلِي وسَلِّمْ لِي دِينِي وتَقَبَّلْ مَنَاسِكِي‏ اللَّهُمَ‏ لَا تَجْعَلْهُ‏ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ هَذَا الْمَوْقِفِ وارْزُقْنِيهِ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي .
2- تأخير العشائين إلى المزدلفة ويجمع بينهما بأذان وإقامتين، ويقضي نافلة المغرب بعد العشاء الآخرة.
3- أنْ يصبح على طهر فيصلّي الغداة.
٤- يقف قريباً من الجبل في سفحه متوجهاً للقبلة.
5- يحمد الله عز وجل ويثني عليه, وليذكر من آلاءه وبلاءه ما قدر عليه وليشهد الشهادتين, ويصلي على النبي صلی الله علیه و آله و سلم ويذكر الأئمة  واحداً بعد واحد وليدع لهم, ثم يدعو بهذا الدعاء: اللَّهُمَ‏ رَبَ‏ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلَالِ وادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ والْإِنْسِ اللَّهُمَّ أَنْتَ خَيْرُ مَطْلُوبٍ إِلَيْهِ وخَيْرُ مَدْعُووخَيْرُ مَسْئُولٍ ولِكُلِّ وَافِدٍ جَائِزَةٌ فَاجْعَلْ جَائِزَتِي فِي مَوْطِنِي هَذَا أَنْ تُقِيلَنِي عَثْرَتِي وتَقْبَلَ مَعْذِرَتِي وأَنْ تَجَاوَزَ عَنْ خَطِيئَتِي ثُمَّ اجْعَلِ التَّقْوَى مِنَ الدُّنْيَا زَادِي وَتَقْلِبَنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً لِي بِأَفْضَلِ مَا يَرْجِعُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ وَفْدِكَ وَحُجَّاجُ بَيْتِكَ الْحَرَامِ , وادعُ الله كثيراً لنفسك وأهلك ومالك وللمؤمنين والمؤمنات.
6- يكبر الله عزَّ وجل مائة مرة, ويحمده ويهلله كذلك, ويصلي على النبي صلی الله علیه و آله و سلم ويقول: اللَّهُمَّ اهْدِني مِنَ الضَّلالَةِ، وَأَنْقِذْني مِنَ الْجَهالَةِ، وَاجْعَلْ لي خَيْرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَخُذْ بِناصيَتي إِلى‏ هُداكَ، وَانْقُلْني إِلى‏ رِضاكَ، فَقَدْ تَرى‏ مَقامي بِهذَا الْمَشْعَرِ الَّذي انْخَفَضَ‏ لَكَ‏ فَرَفَعْتَهُ‏، وَذَلَّ لَكَ فَأَكْرَمْتَهُ، وَجَعَلْتَهُ عَلَماً لِلنَّاسِ، فَبَلِّغْني مُنايَ وَنَيْلَ رَجائي، اللَّهُمَّ إِني أَسْأَلُكَ بِحَقِّ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ أَنْ تُحَرِّمَ شَعْري وَبَشَري عَلَى النَّارِ، وَأَنْ تَرْزُقَني حَياةً في طاعَتِكَ، وَبَصيرَةً في دينِكَ، وَعَمَلًا بِفَرائِضِكَ، وَاتِّباعاً لِأَمْرِكَ وَخَيْرَ الدَّارَيْنِ، وَأَنْ تَحْفَظِني في نَفْسي وَوالِدَيَّ وَوُلْدي وَأَهْلي وَإِخْواني‏ وَجِيْراني بِرَحْمَتِكَ .
7- ينبغي إحياء تلك الليلة بالاجتهاد في الدعاء والمسألة, والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى فإنّ أبواب السماء لا تغلق فيها ويقول الله تعالى: أَنَا رَبُّكُمْ‏ وَأَنْتُمْ‏ عِبَادِي‏ أَدَّيْتُمْ حَقِّي وَحَقٌّ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَجِيبَ لَكُم . ويستحب أنْ يكثر من قول: اللّهُمَّ اعتِقْ رَقَبَتي مِنَ النارِ.
8- وطئ المشعر برجله لا سيما للصرورة ، والأولى الصعود على جبل قزح. ويستحب أيضا أنْ يدعو بهذا الدعاء: اللَّهُمَّ هَذِا جَمْعٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ‏ تَجْمَعَ‏ لِي‏ فِيهَا جَوَامِعَ‏ الْخَيْرِ اللَّهُمَّ لَا تُؤْيِسْنِي مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي سَأَلْتُكَ أَنْ تَجْمَعَهُ لِي فِي قَلْبِي ثُمَّ أَطْلُبُ إِلَيْكَ أَنْ تُعَرِّفَنِي مَا عَرَّفْتَ أَوْلِيَاءَكَ فِي مَنْزِلِي هَذَا وَأَنْ تَقِيَنِي جَوَامِعَ الشَّرِّ .
9- أنْ يفيض من المشعر –عدا– قبل طلوع الشمس.
10- السعي في وادي محسر إذا مرّ به ولا أقل من مائة ذراع ودون ذلك مائة خطوة وليقل: اللَّهُمَّ سَلِّمْ عَهدِي وَاقبلْ توبتي وأجِبْ دَعْوَتي واخْلُفْنِي بِخَيرٍ في مَنْ تَرَكْتُ بَعْدي .
11- إلتقاط حصى الجمار من المشعر، وهي سبعون حصاة, ويستحب أنْ تكون منقَّطة، كُحلية، غير مكسورة، ملتقطة، مثل رؤوس الأنملة، وغسلها بالماء وإنْ كانت طاهرة.
مسألة ٤37: يجب أنْ يأتي من المشعر إلى منى يوم العيد لإتيان الأعمال الواجبة هناك على ما يأتي في المسائل.

واجبات منى
وهي ثلاثة:
الأول: رمي جمرة العقبة
الرابع من واجبات الحج؛ رمي جمرة العقبة بالحصى التي التقطها من المشعر أو من الحرم, ووقته من طلوع شمس يوم العيد إلى غروبه.
مسألة ٤38: لو نسي الرمي في وقته أتى به إلى اليوم الثالث عشر متى تذكّر, ولو تذكره بعده أتى به في العام القابل, ولو بالنيابة بأنْ يعهد إلى أحد من الحجاج أنْ يرمي عنه, ولو لم يتمكن من ذلك يؤخره إلى العام الثالث وهكذا.
مسألة ٤39: يجب في الرمي إثنا عشر أمراً:
الأول: النية خالصة لله كسائر العبادات، فلا يصحّ لو كان رياءً.
الثاني: صدق الرمي عُرفاً، فلا يكفي الوضع ونحوه.
الثالث: أنْ يكون الرمي باليد، فلا يجزي بغيرها, والأحوط وجوباً أنْ يكون بمباشرة اليد مع التمكن فلا يجزي بالآلة من مقلاع ونحوه, وأما مع عدمه فيجزي بها أيضاً.
الرابع: وصول الحصاة إلى الجمرة، فلا يجزي ما لم يصل وإنْ كان مرمياً.
الخامس: أنْ يكون الوصول إليها بالرمي فقط لا بحركة أخرى. نعم؛ لو رمى فأصاب حجراً وارتفعت ثم وصلت الجمرة فلا بأس به إنْ استند إلى حكة اليد عرفاً, وإلا يستأنف.

السادس: أنْ يكون بسبع حصيات.
السابع: أنْ يكون رمي الحصيات متلاحقة, فلو رمي السبع دفعة واحدة لا يحسب إلا رمي واحد سواء أصاب الجميع دفعة أم متلاحقة، وإنْ لم يصب أصلاً فلا يحتسب رأساً, ولو رماها متلاحقة ووصل الجميع صحّ؛ سواء كان الوصول دفعة واحدة أم متلاحقة.
الثامن: أنْ يكون ممّا يصدق عليه الحصاة عرفاً, فلا يصحّ بالطين اليابس والخزف والرمل ونحوها.
التاسع: أنْ تكون الحصاة من الحرم، فلا يجزي إنْ كانت من غيرها, ويستحب أنْ يكون من المشعر كما تقدّم.
العاشر: أنْ تكون الحصاة بكراً لم يرم به سابقاً ولو في السنين السابقة رمياً صحيحاً.
الحادي عشر: أنْ تكون الحصاة مباحة، فلا يصحّ بالمغصوب وما تعلق بها حقّ الغير ولو بنحو الحيازة. نعم؛ لو أذن من حاز جاز حينئذٍ.
الثاني عشر: المباشرة مع الإمكان، فلا تجوز الاستنابة مع التمكن من الإتيان مباشرة.
مسألة ٤40: يجوز الرمي راكباً وقاعداً, وقائماً، ويستحب أنْ يكون راجلاً، وأنْ يمشي إلى المرمى.
مسألة ٤41: لو شكّ في أنْ الحصاة مستعملة أم لا، يصحّ الرمي بها, وكذا لو شكّ أنها من غير الحرم وحملت إليه من الخارج.
مسألة ٤42: لو شكّ في أنْ ما أخذه للرمي حصاة أو غيرها لا يجزي الرمي بها.
مسألة ٤43: لو شكّ في عدد الرمي بنى على الأقل, ولو شكّ في الوصول إلى الجمرة بنى على العدم, والظن كالشكّ في ما ذكر في المسائل إلا إذا كان اطمئناناً.
مسألة ٤44: لو شك بعد الذبح أو الحلق في الرمي أو عدده أو شيء آخر ممّا يعتبر فيه؛ لا يعتني بشكّه, ولو كان الشكّ قبلهما فالأحوط الاستئناف, ولو شك بعد الفراغ في الصحّة بنى عليها إنْ حفظ العدد.
مسألة ٤45: لا تعتبر الطهارة الحدثية والخبثية في الرامي فيصحّ من المحدث بالأصغر أو الأكبر, وكذا لا تعتبر طهارة الحصاة فيصح الرمي وإنْ كانت متنجسة.
مسألة ٤46: لو لم يتمكن من الرمي بنفسه –لمرض أو إغماء أو مشقة عرفية لا تتحمل عادة– يستنيب له, كما يجوز التبرع عنه, ويستحب حمل المريض مع عدم الحرج إلى الجمرة ويرمى عنه حينئذٍ, ولا يستحب –بل قد لا يجوز– مع الحرج.
مسألة ٤47: لو تمكن المنوب عنه من الرمي بنفسه في الأثناء لا يجزي رمي النائب, وكذا لو كان ذلك بعد تمام الرمي على الأحوط استحباباً.
مسألة ٤48: لو رمى البعض فحصل العذر تجوز الاستنابة في البقية.
مسألة ٤49: يجوز أنْ ينوب واحد عن جمع فيرمي عن كلّ واحد منهم مستقلاً, ولو رمى عن الجميع رمياً واحداً –بأنْ يضع في يده عشر حصيات فيرمي عن عشرة أشخاص وهكذا إلى تمام السبع– ففي الصحّة وجه.
مسألة ٤50: لو كان معذوراً عن الرمي في اليوم يرمي بالليل, ولو دار الأمر بين الرمي مباشرة في الليل أو الاستنابة في اليوم يقدم الاول, ومع عدم التمكن منه أيضاً يستنيب.
مسألة ٤51: لو ترك الرمي أصلاً صحّ حجّه وأَثِمَ إنْ كان عن عمد ويقضي الرمي في القابل مباشرة أو نيابة, ولا يجب الإحرام لقضاء خصوص الرمي في العام القابل, كما لا يجب عليه الحج أيضاً.
مسألة ٤52: لو فرض زوال الجمرة أو تغطيتها بالحصاة يصحّ الرمي على محلها.
مسألة ٤53: يصحّ الرمي من جهة الفوق أيضاً مع الشرائط وإنْ كان الأحوط أنْ يكون من الأطراف مع الإمكان.
آداب رمي الجمرات
يستحب في رمي الجمرات أمور:
1- أنْ يكون على طهارة حال الرمي، بل هو الأحوط.
2- يرمي جمرة العقبة مستدبراً للقبلة ومتوجهاً للجمرة, ويرمي الجمرتين الأولى والمتوسطة مستقبل القبلة.
3- يبعد عن جمرة العقبة بعشرة أذرع والأفضل خمسة عشر ذراعاً.
٤- أنْ يقرأ إذا أخذ الحصيات هذا الدعاء: اللّهُمَّ هذِهِ حُصَياتِي فَأَحْصِهِنَّ لِي وارْفَعْهُنَّ في عَمَلِي .
5- أنْ يكون أخذ الحصى باليسرى والرمي باليمنى.
6- وضع الحصاة على الإبهام ودفعها بظفر السبابة.
7- أنْ يقول عند رميه كلّ حصاة: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَ‏ ادْحَرْ عَنِّي‏ الشَّيْطَانَ اللَّهُمَّ تَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ وَعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ صلی الله علیه و آله و سلم اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجّاً مَبْرُوراً وَعَمَلًا مَقْبُولًا وَسَعْياً مَشْكُوراً وَذَنْباً مَغْفُور .
ويقول إذا أكمل الرمي ورجع إلى منزله في منى: اللَّهُمَّ بِكَ وَثِقْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ فَنِعْمَ الرَّبُّ وَنِعْمَ الْمَوْلى‏ وَنِعْمَ النَّصِيرُ .
الثاني : الهدي
وهو الخامس من واجبات حج التمتع
مسألة ٤54: يجب الهدي في حج التمتع –ولو كان مندوباً– دون غيره وإنْ كان واجباً, بل ولو كان معدولاً إليه من حج التمتع.
مسألة ٤55: يجب أنْ يكون الهدي من النعم الثلاث: الإبل, والبقر ومنه الجاموس, والغنم ومنه المعز. ولا يجزي غيرها من سائر الحيوانات حتى الجبلي من الأنعام الثلاثة والأفضل الإبل ثم البقر.
مسألة ٤56: لا يجزي الهدي الواحد عند الإختيار إلا عن الواحد, وعند الضرورة فالأحوط وجوباً الجمع بين الإشتراك والصوم معاً.
مسألة ٤57: يجب في الهدي تسعة أمور:
الأول: أنْ يكون الإبل داخل في السنة السادسة, والأحوط وجوباً في البقر والمعز الدخول في السنة الثالثة, وفي الضأن الدخول في السنة الثانية.
الثاني: الصحّة مطلقاً، فلا يجزي المريض بأيّ مرض كان حتى ما يوجب تناثر الصوف والشعر.
الثالث: أنْ لا يكون كبيراً جداً بحيث لا يكون في عظامه مخّ، ولا يرغب به الناس.
الرابع: أنْ يكون بحيث لم يذهب شحم ظهره لهزاله, بل الأحوط وجوباً أنْ لا يكون مهزولاً عرفاً أيضاً وإنْ وجد على ظهره شحم, وعن النبيِّ صلی الله علیه و آله و سلم: صَدَقَةُ رَغِيفٍ‏ خَيْرٌ مِنْ‏ نُسُكٍ‏ مَهْزُولَةٍ .
الخامس: أنْ يكون تام الأجزاء فلا يكفي الناقص كمقطوع الذنب والأذن أو غيرهما من أعضاءه, ولا المكسور قرنه الداخل ولو جزؤه الداخل, ولا العوراء, ولا الخصي سواء كان كذلك في أصل الخلقة أم أُخرجت خصيتاه أم رضّتا, ولا الأعمى, ولا الأعرج.
مسألة ٤58: لا بأس بمشقوق الأذن ومثقوبها إنْ لم ينقص منهما شيء, ولا مكسور القرن الخارج, والأحوط وجوباً ترك ما لا يكون له قرن أو أذن خلقة. واختيار ما هو تام الخلقة ويستفاد من بعض الأخبار: إنَّ من تعظيم شعائر الله الاهتمام بالهدي.
السادس: النية خالصة لله تعالى كغيره من العبادات فلو ذبح أو نحر رياءاً بطل.
السابع: أنْ يكون الذبح أو النحر بمنى, فلو ذبح أو نحر في غيرها لا يجزي سواء كان ذلك عمداً أم جهلاً؛ بالحكم أو بالموضوع، أم نسياناً.
الثامن: أنْ يكون في يوم العيد, ويصح التأخير لعذر إلى آخر أيام التشريق, بل إلى طول ذي الحجة, بل لو أخّره عمداً يجزي إنْ ذبح أو نحر في ذي الحجة وإنْ أثم بالتأخير حينئذٍ, ولا فرق في ذلك بين أنْ يذبح في اليوم أو في الليل.
مسألة ٤59: لو أخّر الذبح أو النحر عن يوم العيد جهلاً أو نسياناً حتى رجع إلى أهله استناب في العام القابل من يهدي عنه بمنى, وكذا لو تركه عمداً ولا يبطل الحج بذلك.
التاسع: أنْ يكون بعد رمي الجمرة وقبل التقصير, فلو قدم على الرمي أو أخّره عن التقصير فإنْ كان عمداً أثم, وإنْ كان عن جهل أو نسيان فلا شيء عليه ويصحّ الحج في جميع الصور.
مسألة ٤60: لا تجب المباشرة في الهدي وتصحّ الاستنابة فينوي النائب، والأحوط نية المنوب عنه أيضاً, ويجوز استنابة غير الإثني عشري مع نية المنوب عنه وجعله كالآلة.
مسألة ٤61: لو نحر أو ذبح بتخيّل السمن فبان الهزال يصحّ ويجزي, وكذا إنْ تخيّل الهزال وقصد القربة ثم بان السمن بعد الذبح أو النحر, ولو ذبح بتخيل التمام فبان ناقصاً لا يجزي, ولو لم يحتمل السمن أو أحتمله ولكن ذبح من جهة عدم المبالاة لا بقصد القربة لا يجزي, ولو أعتقد الهزال وذبح جهلاً بالحكم ثم انكشف الخلاف فمع تحقق القربة يجزي وإلا فلا, وكذا لو اعتقد النقص.
مسألة ٤62: لو كان الهدي حين شراءه واجداً للشرائط فزال بعضها قبل الذبح لعارض لا يجزي على الأحوط وجوباً, وأما لو زال حين الذبح فيصحّ ويجزي.
مسألة ٤63: لو ضل الهدي وجب شراء آخر بدله، وإنْ وجد بعد الشراء يذبح الأول والأفضل ذبح الثاني أيضاً, وإنْ وجد بعد ذبح الثاني فالأفضل ذبح الأول أيضاً.
مسألة ٤64: لو وجد هدياً يعرِّفه ما اتسع الوقت ولو ذبحه حينئذٍ عن صاحبه بمنى أجزأه ويسقط عنه الوجوب إنْ وجب عليه, وإنْ كان قد ذبح صاحبه قبله أو لم يكن عليه هدي واجب أصلاً يصير ذلك أضحية مندوبة لصاحبه، ولا ضمان على الذابح على أيّ تقدير.
مسألة ٤65: لو نوى الواجد ذبحه عن نفسه فإنْ تحققت شرائط الإلتقاط وكان قد ملكه يجزيه ذلك وإلا فلا يجزي عنه ولا عن صاحبه, وإن لم يذبحه أصلاً يكون في يده من الحيوان الملتقط ويجري عليه حكمه.
مسألة ٤66: لو ذبحه عن صاحبه يتصدَّق بنصفه, ويهدي نصفه الآخر, ويسقط الأكل حينئذٍ فلا موضوع للتثليث.
مسألة ٤67: لا فرق في صورة الإجزاء عن صاحبه بين ما إنْ عرف صاحبه أم لا, كان بتفريطه أم لا.
مسألة ٤68: لو ذبح هديه فانكشف كونه فاقد الشرط لا يجزي إلا فيما مرّ في (مسألة ٤61).
مسألة ٤69: لو لم يوجد إلا فاقد الشرط؛ فإنْ علم بأنه يوجد جامع الشرائط بعد ذلك في طول ذي الحجة وأراد الإنصراف يضع ثمن الهدي عند من يثق به فيشتري ويذبح عنه في هذا العام وإلا ففي العام القابل، وإنْ لم يعلم بذلك ففي الإجزاء بما استيسر من الهدي وجه, والأحوط استحباباً الجمع بينه وبين الصيام إنْ تمكن منه.
مسألة ٤70: لو لم يجد الهدي وأراد الإنصراف يضع ثمن الهدي عند من يثق به فيشتريه ويذبح عنه في طول ذي الحجة في هذا العام، وإلا ففي العام القابل.
مسألة ٤71: لا يخرج الهدي عن ملك صاحبه حتى بعد الذبح فمن أتلفه ضمنه له, ولو تلف قبل الذبح يجب عليه هدي آخر.
مسألة ٤72: لو وكّل الغير في شراء الهدي فاشترى وتلف منه بلا تفريط, لا يضمن وإنْ كان معه فيضمن, وفي الصورتين لا يسقط الهدي عن الموكل, ويجوز توكيل جمع لواحد شراءً وذبحاً أو بالاختلاف.
مسألة ٤73: لا بُدَّ من علم الموكِّل بتحقق الذبح مستجمعاً للشرائط من الوكيل ولا يكفي مجرد الظن ويكفي الإطمئنان.
مسألة ٤74: لو شك بعد الذبح بشرط من الشرائط لا يعتني بشكه, وكذا لو شك في صحّة عمل النائب, ولو شك في أنَّ النائب ذبح أم لا وجب إحرازه بوجه معتبر.
مسألة ٤75: لو عمل النائب بغير الوظيفة الشرعية في شرائط الهدي أو الذبح ضمن إنْ كان مع العلم والعمد ووجب الاستئناف وإنْ كان لعذر من جهل أو نسيان يضمن أيضاً, فإنْ كان أجيراً أخذ على عمله الأجرة, وإنْ كان متبرعاً فلا ضمان عليه إلا إذا كان بحيث يصدق عليه أنه متلف عرفاً, وعلى أيّ تقدير وجب استئناف الهدي على المنوب في الصورتين.
مسألة ٤76: لا يجب عليه بيع ما يحتاج إليه للهدي ولكن لو باع واشترى الهدي يجزي حينئذٍ، والأحوط الصوم أيضاً, ولو كان عنده ما لا يحتاج إليه ولم يكن في بيعه مشقة عرفية وجب البيع والهدي, ولو أمكنه القرض وكان متمكناً من الأداء بحيث يصدق عليه التمكن من الهدي عرفاً وجب.
مسألة ٤77: لا يجب الاكتساب لثمن الهدي، ولا الاستيهاب له، ولو فعل وحصل له الثمن وجب الهدي حينئذٍ.
مسألة ٤78: لو بذل الهدي أو ثمنه باذلٌ بلا منَّة وجب القبول, بل لو ذبح عنه يجزيه.
مسألة ٤79: يحرم تفويت الهدي أو ثمنه, كما يحرم تفويت الاستطاعة.
مسألة ٤80: لا تجب الملكية في الهدي وثمنه، بل يكفي مجرد إباحة التصرف.
مسألة ٤81: لو اشترى الهدي بعين ما تعلق به الخمس أو الزكاة يشكل الإجتزاء به.
مسألة ٤82: الظاهر أنَّ التمكن من الهدي وثمنه من الاستطاعة, فمن لم يكن متمكناً منه ليس بمستطيع. نعم؛ لو تمكن منه وذهب إلى الحج فلم يجد الهدي ولم تكن نفقته وافية بثمنه ينتقل إلى الصوم حينئذٍ، ولكنه مشكل لمن اعتاد الصوم.
مسألة ٤83: لو علم قبل خروج القافلة أنه غير متمكن من الهدي وكان متمكناً من الصوم لا يبعد وجوب الحج عليه, وهل للنائب أنْ يقبل الأجرة التي لا تفي بالهدي ويصوم بدلاً عنه وجهان.
مصرف الهدي
مسألة ٤84: الأحوط وجوباً أنْ يأكل الناسك من هديه ولو قليلاً مع الإمكان، ويستحب تخصيص ثلثله لنفسه ولو مع أهله, والأحوط وجوباً أنْ يصرف ثلثه على الفقراء ويهدي ثلثه الآخر ولو إلى غني, ومع تعذّرهما يسقطان, وإنْ أمكن أحدهما دون الآخر يثبت الممكن ويسقط المتعذّر. ويجوز إعطاء ثلث الفقير إلى وكيله.
مسألة ٤85: لو لم يقبل الفقير إلا ببذل مال أو تحمّل منّة لا يجب ذلك.
مسألة ٤86: لا يجوز للناسك بيع ثلثي التصدق والهدية. نعم؛ لو تصدَّق وأهدى يصحّ لغيره الشراء من الأخذ بعد ذلك.
مسألة ٤87: الأحوط وجوباً اعتبار الإيمان في مصرف الثلثين مع الإمكان، ويسقط مع تعذّره.
مسألة ٤88: لو أتلف الثلثين ضمن, ولا ضمان لو أُخِذَ منه قهراً أو نهباً, ولو أهدى الجميع إلى غني فالأحوط وجوباً ضمان حصة الفقير بخلاف العكس.
489: لا يخرج شيء من الهدي الواجب من منى مع وجود المصرف فيه، ومع عدمه يجوز, كما يجوز الإخراج لو اشتراه من الفقير أو المهدى إليه.
آداب الهدي
يستحب في الأضحية أمور:
1- أنْ يكون بُدنة، ومع العجز فبقرة، ومع العجز عنها فكبشاً أسود، ثم أملح أقرن عظيم الهيبة.
2- إحضاره يوم عرفة، بمعنى أنْ يشتريه يوم عرفة ثمَّ يأتي به إلى منى ليذبحه.
3- أنْ تنحر الإبل وهي قائمة, وقد ربطت يداها بين الخلف والركبة ويطعنها قائماً من الجانب الأيمن.
٤- أنْ يكون الهدي سميناً.
5- يباشر الناسك الذبح أو النحر بنفسه, فإن لم يتمكن فيضع السكين بيده ويقبض الذابح على يده. وإنْ لم يحسن ذلك فليشهد ذبحه، ولا بأس أنْ يضع يده على يد الذابح.
6- أنْ يقول عند الذبح أو النحر: وَجَّهْتُ‏ وَجْهِيَ‏ لِلَّذِي‏ فَطَرَ السَّماواتِ والْأَرْضَ حَنِيفاً وما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏ إِنَّ صَلاتِي ونُسُكِي ومَحْيايَ ومَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وبِذلِكَ أُمِرْتُ وأَنَا مِنَ‏ الْمُسْلِمِينَ‏ اللَّهُمَّ مِنْكَ ولَكَ بِسْمِ اللَّهِ واللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي .
والأولى أنْ يقول بعد ذلك: اللَّهُمَ‏ تَقَبَّلْ‏ مِنِّي‏ كَمَا تَقَبَّلْتَ‏ مِنْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ ومُوسَى كَلِيمِكَ ومُحَمَّدٍ حَبِيبِكَ صلی الله علیه و آله و سلم .
حكم بدل الهدي
مسألة ٤90: لو لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه فليدعه عند أمين ليذبح عنه كما تقدَّم في (مسألة ٤70) ويجب عليه –بدلاً عن الهدي– أنْ يصوم عشرة أيام ثلاثة منها في الحج وسبعة بعد الرجوع منه.
مسألة ٤91: يصحّ صوم هذه الثلاثة من المسافر, فلا يعتبر فيها قصد الإقامة, ولا أنْ تكون بمكة المعظمة بل تصحّ ولو كان في غيرها.
مسألة ٤92: يجب في صوم ثلاثة أيام التوالي, وأنْ يصومها في ذي الحجة ولو من أولها بعد أنْ أحرم للعمرة، والأفضل أنْ يكون آخرها يوم عرفة, ودونه في الفضل أنْ يبادر إليها بعد أيام التشريق أي؛ الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.
مسألة ٤93: لو صام يوم الثامن والتاسع من ذي الحجة يصوم يوم الثالث بعد أيام التشريق إنْ كان بمنى، وإلا بمنى وإلا فبعد يوم النفر, ويصحّ في طول ذي الحجة، والأحوط عدم التواني فيها بعد أيام التشريق.
مسألة ٤94: لا يجوز أنْ يصومها في العيد, بل وأيام التشريق إنْ كان بمنى, بل لا يجوز الصوم فيها لمن كان بمنى مطلقاً.
مسألة ٤95: لو صام الثلاثة ثم تمكن من الهدي يصحّ الإجتزاء بالصوم وإنْ كان الأحوط الهدي.
مسألة ٤96: لو تمكن من الهدي في أثناء صوم الثلاثة وجب الهدي.
مسألة ٤97: لو خرج ذو الحجة ولم يصم الثلاث لا يفيده الصوم، ويتعين عليه الهدي ويبعثه ليذبح في منى، والأحوط أنْ يقصد ما في الذمة من الهدي أو الكفارة, وإنْ مات قبل أنْ يبعث به قضي من أصل ماله كسائر ديونه.
مسألة ٤98: يصوم السبعة الباقية بعد الرجوع إلى أهله ولا يجب فيها التوالي وإنْ كان أحوط.
مسألة ٤99: لو رجع إلى أهله قبل خروج ذي الحجة ولم يصم الثلاثة صام الجميع في أهله ولا تجب المبادرة إليها. نعم؛ يجب وقوع الثلاثة في ذي الحجة والأحوط وجوباً التفريق بينها وبين السبعة, ولو مضى الشهر ولم يصمها سقط الصوم ووجب الهدي ويذبح في منى مباشرة أو استنابة.
مسألة ٥00: يجب أنْ يكون صوم السبعة بعد الرجوع من سفر الحج فلا يصام في مكة ولا في الطريق ولو مع قصد الإقامة. نعم؛ لا يجب أنْ يكون في بلده بالخصوص فلو رجع إليه جاز له أنْ يصومها في محل آخر.
مسألة ٥01: لو كان بانياً على مجاورة مكة يجوز له صيامها بعد مضي شهر من قصد المجاورة, بل يجوز ذلك لو مضى من قصده لها مدّة أو رجع فيها لوصل إلى وطنه, ولو كانت المدة بمقدار سير الطائرة من مكة المكرمة إلى وطنه فالظاهر جواز صيام السبعة بعد المدة أيضاً.
مسألة ٥02: لو تمكن من الصوم ولم يصم يقضي وليُّه الثلاثة, بل الأحوط قضاء السبعة أيضاً.
مسألة ٥03: لا تعتبر الفورية ولا التوالي في صيام السبعة وإنْ كان الأخير أحوط.
مسألة ٥04: لا يعتبر في مجاورة مكة قصد الدوام, بل يكفي ولو كانت بمقدار سنة.
الأضحية المندوبة
مسألة ٥05: تستحب الأضحية لمن تمكن منها استحباباً مؤكداً, ويجوز الإشتراك فيها والتبرع بها عن الحي أو الميت, ويضحى عن الصبي أو غير المميز, لا عن الحمل.
مسألة ٥06: أفضل أوقات ذبح الأضحية أو نحرها بعد طلوع الشمس من يوم العيد، وبعد مضي قدر صلاة العيد، ويمتد وقتها بمنى أربعة أيام وفي غيرها ثلاثة أيام.
مسألة ٥07: يجزي عن الأضحية المندوبة الهدي الواجب، والجمع أفضل.
مسألة ٥08: يستحب الصدقة بجلود الأضاحي، ويكره إعطاؤها أجرة للجزارين، ويكره التضحية بالثور والجمل.
الثالث : الحلق والتقصير
وهو السادس من واجبات الحج.
والتقصير: عبارة عن إزالة شيء من الشعر أو الظفر بكلّ ما يمكن الإزالة به ولو باليد.
مسألة ٥09: التقصير عبادة لا بُدَّ فيها من قصد القربة والخلوص كسائر العبادات, فلو قصَّر رياءً لا يجزي.
مسألة ٥10: الأحوط وجوباً أنْ يكون التقصير بعد الهدي, ويتخيَّر بينه وبين الحلق, والحلق أفضل.
مسألة ٥11: الأحوط وجوباً الحلق للصرورة (أي: من كان أول حجه) أو كان عليه مشقة عرفية من بقاء شعر رأسه لتلبيد أو عقص بلا فرق بين من حج لنفسه أو لغيره, وفي الحج الثاني يتخير بين الحلق والتقصير بلا فرق بين كونه لنفسه أيضاً أو لغيره.
مسألة ٥12: لا يجوز الحلق للنساء بل يتعين التقصير عليهنَّ, ولا يجزيهنَّ الحلق لو حلقن.
مسألة ٥13: يتعين التقصير على الخنثى المشكل إنْ لم يكن أول حجها, وإلا فتجمع بينه وبين الحلق.
مسألة ٥14: يجزي في كلّ من الحلق أو التقصير المسمّى، والأحوط حلق تمام الرأس, ويصح فيهما المباشرة والتوكيل إلى الغير.
مسألة ٥15: لا يجوز للمحرم أنْ يحلق أو يقصِّر لغيره قبل أنْ يحلق أو يقصِّر لنفسه.
مسألة ٥16: لو تعين عليه الحلق –كمن كان أول حجّه– ولم يكن على رأسه شعر يجمع بين التقصير وإمرار الموسى على رأسه, ولو كان مخيّراً بين الحلق والتقصير يتعين عليه التقصير, ومن لم يكن له شعر أصلاً حتى في الحاجب ولا ظفر أبداً يكفيه إمرار الموسى على رأسه مطلقاً.
مسألة ٥17: لا يجوز حلق اللحية للتقصير, بل لا يجزي عنه مطلقاً لو فعل دفعة, ولو كان تدريجياً بحيث قطع شعرتين أو أكثر مع عدم صدق حلق اللحية عرفاً، ومع قصد التقصير يصحّ ويجزي وإنْ أُثم في حلق البقية.
مسألة ٥18: لو وكَّل الناسك شخصاً للتقصير وقال له: لا تقصِّر من شعر حاجبي- مثلا- فخالف وقصَّر منه لا يتحقق به التقصير.
مسألة ٥19: يجب أنْ يكون الحلق أو التقصير بمنى فإن خرج منها قبله وجب الرجوع إليه مع الإمكان بلا فرق بين العالم والجاهل والناسي.
مسألة ٥20: إذا لم يتمكن من الرجوع إلى منى حلق أو قصّر مكانه وبعث به إلى منى ويستحب أنْ يدفن فيه.
مسألة ٥21: الأحوط استحباباً أنْ يكون الحلق أو التقصير يوم العيد، ويجوز التأخير إلى آخر أيام التشريق, كما أنْ الأحوط تأخيرهما عن الذبح والرمي، ومع المخالفة صحّ ولا شيء عليه مطلقاً إلا الإثم في صورة العمد.
مسألة ٥22: يجب أنْ يقدّم الحلق أو التقصير على طواف الزيارة والسعي, فلو قدّم عليهما عمداً وجب الرجوع والإتيان بالحلق أو التقصير ثم إعادة الطواف وصلاته ثم إعادة السعي وعليه شاة، وكذا لو قدّم الطواف عمداً. وأما لو قدم السعي فقط فلا كفارة عليه وإنْ وجبت الإعادة لتحصيل الترتيب.
مسألة ٥23: لو قدّم الطواف وصلاته والسعي على الحلق أو التقصيرجهلاً أو نسياناً يعيد لتحصيل الترتيب ولا كفارة عليه, وكذا لو قدّم الطواف فقط أو السعي كذلك.
مسألة ٥24: لو قصّر أو حلق بعد الطواف أو السعي يعيد الطواف والسعي ثم يعيد التقصير أو الحلق لتحصيل الترتيب، ولو تعيَّن عليه الحلق يمرّ الموسى على رأسه احتياطاً, وكذا لو لم يبقَ محلٌّ للتقصير.
مسألة ٥25: يحلّ للمحرم بعد الرمي والذبح والحلق أو التقصير كلّ ما حرم عليه بالإحرام إلا النساء والطيب. نعم؛ يحرم الصيد من حيث الحرم لا من جهة الإحرام فلو صاد يكون فداؤه فداء المُحل في الحرم.
آداب الحلق
يستحب في الحلق أمور:
1- إستقبال القبلة.
2- التسمية.
3- أنْ يبتدأ في الحلق من الطرف الأيمن.
٤- أنْ يقول حين الحلق: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي بكلّ شَعْرِهِ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وحَسَنَاتٍ‏ مُضَاعَفَاتٍ‏ إِنَّكَ عَلى‏ كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ .
5- أنْ يدفن شعره في خيمته في منى.
6- أنْ يأخذ من لحيته وشاربه ويقلِّم أظفاره بعد الحلق.
مسألة526: يكره للناسك تغطية الرأس, ولبس المخيط حتى يطوف طواف الزيارة فإذا طاف وصلى صلاة الطواف وسعى حلَّ له الطيب ويرتفع كراهة تغطية الرأس ولبس المخيط. ويكره التطيب حتى يطوف طواف النساء فإذا طاف وصلى صلاة الطواف حلَّت له النساء، وإنْ طافت المرأة طواف النساء وصلّت صلاة الطواف حلَّ لها الرجال.
مسألة ٥27: قد مرّ أنه يحرم على المحرم خمسة وعشرون شيئاً فيحلّ جميعها عليه بعد الرمي والذبح والحلق أو التقصير إلا الطيب والنساء ويسمّى هذا بالمحلّل الأول, ويحلّ الطيب بعد طواف الزيارة وصلاته والسعي ويسمّى هذا بالمحلّل الثاني, وتحلّ النساء بطواف النساء وصلاته ويسمّى هذا بالمحلّل الثالث. وهذا معنى ما اشتهر بين الفقهاء أنَّ مواطن التحليل ثلاثة.
العود إلى مكة لإتيان الأعمال الخمسة
بعد الفراغ من أعمال منى يعود إلى مكة لإتيان واجبات خمسة، وهي:
السابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر من واجبات الحج: طواف الزيارة، وصلاته، والسعي بين الصفا والمروة, وطواف النساء, وركعتاه.
مسألة ٥28: الطواف وصلاته والسعي هنا مثل ما مرّ في طواف العمرة وصلاته وسعيها بلا فرق بينهما أصلاً من جميع الجهات إلا في النية فينوي في المقام: (أطوف طواف الحج وصلاته والسعي بين الصفا والمروة).
مسألة ٥29: يستحب بعد الفراغ من أعمال منى العود يوم العيد إلى مكة المكرمة للأعمال المذكورة, ويجوز التأخير إلى آخر أيام التشريق على كراهة شديدة، بل الأحوط عدم التأخير ولكن يجزيه لو أتى بها إلى تمام الشهر وفي آخر يوم من أيامه.
مسألة ٥30: لا يجوز تقديم الأعمال الخمسة على الوقوف بعرفات والمشعر وأعمال منى إلا لذوي الأعذار:
منها؛ النساء إذا خفنَ من الحيض, والنفساء مع عدم التمكن من النقاء إلى الطهر.

ومنها؛ كلّ من عجز عن الرجوع إلى مكة لمشقة شديدة أو عجز عن الطواف للإزدحام ونحوه رجلاً كان أو امرأة.
ومنها؛ كلّ مريض خاف من الطواف بعد الرجوع, بأنْ يوجب الإزدحام شدّة مرضه أو بطئ برئه أو نحو ذلك ممّا لا يتحمل عادة بلا فرق فيه أيضاً بين الرجل والمرأة.
ومنها؛ كلّ من يعلم أنه لا يتمكن من الأعمال إلى آخر ذي الحجة لأيِّ عُذرٍ من الأعذار.
مسألة ٥31: لو قدّم الأعمال المذكورة لخوف العذر فبان الخلاف لا يجب الاستئناف وإنْ كان أحوط.
مسألة ٥32: المناط في العذر الموجب لتقديم الأعمال المذكورة هو العذر المستمر إلى آخر أيام التشريق لا مجرد العذر في يوم العيد.
مسألة ٥33: من قدَّم الأعمال (الخمسة) المذكورة للأعذار المتقدمة لا يحِلُّ له الطيب والنساء قبل الحلق أو التقصير, وإنَّما يحلّ محرمات الإحرام جميعاً له بعد الحلق أو التقصير فيكون التحلّل حينئذٍ دفعياً لا تدريجياً كما مرّ.
طواف النساء وصلاته
وهما العاشر والحادي عشر من واجبات الحج.
مسألة ٥34: طواف النساء واجب في الحج مطلقاً –كما تقدم– وفي العمرة المفردة، ولا يبطلان بتركه عمداً وإنْ توقف حلية النساء عليه, بل يتوقف حلية العقد وشهادته والخطبة عليه أيضاً.
مسألة ٥35: يجب طواف النساء على الرجال والنساء والخصيان والخناثى والطفل المميّز, بل لو أحرم الولي بغير المميّز الأحوط وجوباً أنْ يطوف به طواف النساء حتى يحللن له, وكذا لا يختص بمن قدر على الوطئ, بل يعم العاجز عنه أيضاً. وطواف النساء كطواف الحج والعمرة كيفيةً وشرطاً وحكماً وصلاةً.
مسألة ٥36: لو باشر النساء عمداً قبل الطواف فالأحوط وجوباً الكفارة بنحو ما مرّ في كفارات الإحرام.
مسألة ٥37: الأفضل المبادرة إلى طواف النساء بعد الفراغ من طواف الحج وصلاته والسعي، ولا يؤخّره اختياراً عن أيام التشريق, ولكن لو أخّره يجزيه ولو إلى يوم من أيام ذي الحجة.
مسألة ٥38: يجب تقديم طواف الزيارة على ركعتيه وتقديمهما على السعي وتقديم الجميع على طواف النساء وتقديمه على ركعتيه, فلو خالف الترتيب اختياراً أعاد بما يوجبه.
مسألة ٥39: الأحوط وجوباً توقف الحلّية على الفراغ من صلاة طواف النساء فلا تحصل بالفراغ من الطواف فقط.
مسألة ٥40: يجوز تقديم طواف النساء على السعي عند الضرورة؛ كالخوف من الحيض وعدم التمكن من البقاء إلى الطهر وإنْ كان الأحوط الاستنابة لإتيانه.
مسألة ٥41: لو قدّم طواف النساء على السعي سهواً أو جهلاً صحَّ طوافه وسعيه ولا شيء عليه، ولكن الأحوط إعادة الطواف.
مسألة ٥42: لو ترك طواف النساء –عمداً أو جهلاً أو سهواً– حتى رجع إلى أهله فإنْ أمكنه الرجوع والإتيان به بلا مشقة وجب, وإلا استناب ولا يحلّ له النساء حتى يأتي به النائب, وإنْ مات قبل الإتيان يُقضى عنه من صلب ماله، ولكن الأحوط لكبار الورثة إخراجه من سهامهم برضائهم.
مسألة ٥43: لو ترك الزوج طواف النساء عمداً أو سهواً أو جهلاً وعلمت زوجته بذلك يحرم عليها التمكين منه، ولو تركت الزوجة كذلك يحرم وطؤها.
مسألة ٥44: لو ترك طواف النساء حتى خرج من مكة؛ فإنْ أمكنه الرجوع بلا مشقة يرجع ويأتي به وإلا فيستنيب كما تقدّم، ولو تركه نسياناً وجامع أهله؛ فإنْ كان بعد التذكر وإمكان الإتيان به مباشرة أو استنابة يجري حكم العمد، وإنْ كان قبله فلا شيء عليه, ولكن الأحوط أنْ ينحر بُدنة في مكة.
مسألة ٥45: يستحب لمن يمضي إلى مكة للطواف والسعي الغسلُ قبل دخول المسجد، بل قبل دخول مكة, والدعاء إذا وقف على باب المسجد فيقول: اللَّهُمَ‏ أَعِنِّي‏ عَلَى‏ نُسُكِي‏ وسَلِّمْهُ لِي وسَلِّمْنِي مِنْهُ أَسْأَلُكَ مسألة الْعَلِيلِ الذَّلِيلِ الْمُعْتَرِفِ بِذَنْبِهِ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي وأَنْ تَرْجِعَنِي بِحَاجَتِي اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ والْبَلَدُ بَلَدُكَ والْبَيْتُ بَيْتُكَ جِئْتُ أَطْلُبُ رَحْمَتَكَ وأَبْتَغِي مَرْضَاتَكَ‏ مُتَّبِعاً لِأَمْرِكَ رَاضِياً بِقَدَرِكَ أَسْأَلُكَ مسألة الْمُضْطَرِّ إِلَيْكَ الْمُطِيعِ لِأَمْرِكَ الْمُشْفِقِ مِنْ عَذَابِكَ الْخَائِفِ لِعُقُوبَتِكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُلَقِّيَنِي عَفْوَكَ‏ وتُجِيرَنِي بِرَحْمَتِكَ مِنَ النَّارِ .
ويستحب إتيان الحجر الأسود واستلامه وتقبيله مع الإمكان, ومع عدم الإمكان أو توقفه على إيذاء الناس فيشير إليه ويقبّل يده. وقد مرّ بعض الكلام في طواف العمرة.
العود إلى منى للمبيت بها
وهو الواجب الثاني عشر من واجبات الحج.
مسألة ٥46: يجب المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثانية عشر من الغروب إلى نصف الليل بل يجب مبيت ليلة الثالث عشر أيضاً على أشخاص:
1- من لم يتّقِ الصيد في إحرامه للحج أو للعمرة التمتعية, والأحوط ذلك أيضاً لمن أخذ الصيد ولم يقتله, وأما أكل لحم الصيد والإشارة إليه وإراءته لغيره فلا يوجب ذلك.
2- من لم يتّقِ النساء في إحرامه للحج أو للعمرة التمتعية وطئاً؛ قُبلاً أم دُبراً؛ أهلاً أم أجنبية في غير الوطئ كالتقبيل واللمس ونحوها.
3- من لم يخرج من منى حتى أدرك غروب الثاني عشر، ولو كان متهيئاً للخروج منها فيجب عليه حينئذٍ بيتوتة ليلة الثالث عشر, ولكن لو خرج منها قبل الغروب ورجع بعده لأخذ شيء نسيه لم تجب البيتوتة حينئذٍ. ولا فرق فيما مرّ بين المختار والمضطر, ولو خرج قبل الغروب ورجع إلى منى قبل الغروب أيضاً وبقي حتى غربت الشمس وجب عليه البقاء.
مسألة ٥47: الأحوط وجوباً عدم الفرق في الطوائف الثلاثة المتقدمة بين العامد والناسي والجاهل.

مسألة ٥48: ولو اتقى الصيد والنساء في إحرام العمرة التمتعية وإحرام الحج ولم يتّقِ في إحرام العمرة المفردة لا يجب عليه مبيت ليلة الثالث عشر.
مسألة ٥49: من جاز له الخروج من منى يوم الثاني عشر يجب أنْ يكون ذلك بعد الزوال، ولو خرج قبله صح حجه ولا شيء عليه وإنْ أثم في صورة العمد ولكن يجب العود إليه على كلّ حال إنْ أدرك شيئاً ما قبل الزوال فيه, وأما في اليوم الثالث عشر فيجوز الخروج في أي وقت شاء وأراد.
مسألة ٥50: الأفضل لكلّ حاج أنْ يبيت ليلة الثالثة عشر بمنى خصوصاً من كان أول حجه, وخصوصاً من ارتكب بعض محرمات الإحرام غير الصيد والنساء.
مسألة ٥51: لا يجب المبيت بمنى في الليالي المذكورة على أشخاص:
1- كل من له عذر يشق عليه البيتوتة معه؛ كالمرض والممرضين لهم ونحوهم, ويجب الفداء بشاة عن كلّ ليلة.
2- من خاف على نفسه أو عرضه أو ماله المعتد به من الضياع والسرقة ويجب الفداء بشاة عن كلّ ليلة.
3- الرعاة إذا احتاجوا إلى رعي مواشيهم بالليل.
٤- أهل سقاية الحاج.
5- من اشتغل في مكة بالعبادة إلى الفجر ولم يشتغل بغيرها إلا الضروريات المحتاج إليها بقدر الاحتياج، ولا يجوز ترك المبيت بمنى لمن اشتغل في غير مكة بالعبادة ولو كان في طريقها.
مسألة ٥52: لو لم يكن في منى أول الليل بلا عذر وجب عليه الرجوع إليها قبل نصفه.
مسألة ٥53: البيتوتة بمنى من العبادات تجب فيها النية بشرائطها, ويبطلها الرياء كغيرها من العبادات.
مسألة ٥54: لو ترك المبيت الواجب بمنى وجب عليه لكلّ ليلة شاة بلا فرق بين العامد والجاهل والناسي بل بعض المعذورين كما مرّ في (مسألة ٥51).
مسألة ٥55: لو بات في منى بلا نية أو رياءً أَثِمَ, والأحوط الفدية أيضاً.
مسألة ٥56: لو خرج من منى قبل نصف الليل أو ورد إليها بعد مضي مقدار من أول الليل فالأحوط الفدية.
مسألة ٥57: لا يعتبر في شاة الفدية في المقام ما تقدّم في الهدي، ويجزي مطلق الشاة, كما أنه ليس لذبحه محل خاص فيصحّ ذبحه ولو بعد الرجوع إلى محله.
مسألة ٥58: يستحب أنْ يقول عند العود من مكة إلى منى: اللَّهُمَ‏ بِكَ‏ وَثِقْتُ‏ وبِكَ آمَنْتُ وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ نِعْمَ الرَّبُّ ونِعْمَ الْمَوْلى‏ ونِعْمَ النَّصِيرُ .
رمي الجمرات الثلاث
وهو الثالث عشر من واجبات الحج.
مسألة ٥59: يجب رمي الجمرة الأولى والوسطى والعقبة في الأيام التي بات لياليها في منى حتى ليلة الثالث عشر لمن وجب عليه مبيتها.

مسألة ٥60: لو ترك الرمي أداءً وجب عليه القضاء على تفصيلٍ يأتي, ولو تركه أداءً وقضاءً صحّ حجّه ولا شيء عليه سوى الإثم إنْ كان عامداً.
مسألة ٥61: يجب في كلّ يوم رمي كلّ جمرة بسبع حصيات، ويعتبر في الرامي والرمي والحصاة جميع ما مرّ في رمي جمرة العقبة في (مسألة ٤39).
مسألة ٥62: يجوز الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها في أيِّ وقت شاء، والأفضل أنْ يكون عند الزوال.
مسألة ٥63: لا يجوز الرمي اختياراً في الليل, ويجوز مع العذر من خوف أو مرض أو علة أو زحام يشقّ تحمّله فيرمي الجمرات كلّ يوم في ليلته, وإنْ لم يتمكن من ذلك يرمي الجميع في ليلة واحدة.
مسألة ٥64: لو دار الأمر بين الاستنابة للرمي في اليوم أو الإتيان به مباشرة في الليل لا يبعد تقديم الأول.
مسألة ٥65: يجب الترتيب بأنْ يبتدأ بالجمرة الأولى, ثم الوسطى, ثم العقبة, فإنْ خالف ولو نسياناً استأنف.
مسألة ٥66: يحصل الترتيب في صورة الجهل والنسيان برمي أربع حصيات فإذا رمى الأولى أربعاً، وكلاً من الثانية والثالثة سبعاً أجزأه إكمال الأولى سبعاً، ولا يجب الاستئناف وكذا لو رمى الثانية أربعاً, أو كلاً من الأولى والثانية أربعاً يتم الجميع بأيِّ نحو شاء, أما إذا رمى الأولى بأقل من أربع أعاد الجميع سواء رمى الأخيرتين بأربع أم أقلّ أم أكثر, وإذا رمى الأولى سبعاً والوسطى أربعاً والأخيرة سبعاً يجزي إتمام الوسطى فقط ولا يجب استئناف الأخيرة.
مسألة ٥67: في حصول الترتيب برمي أربع حصيات في صورة العلم والعمد إشكالٌ فلا يترك الاحتياط, فلو رمى السابقة أربع حصيات ثم شرع في اللاحقة عن علم وعمد ورماها أربع حصيات أيضاً فالأحوط إتمام الأولى ثم استئناف الثانية إنْ لم تَفُت المولاة, وإلا فالأحوط الأول أيضاً.
مسألة ٥68: لو ترك رمي يوم عمداً أو لعذر من نسيان أو نحوه قضاه في غده, ولو ترك من يومين قضاهما في اليوم الثالث.
مسألة ٥69: يعتبر الترتيب في القضاء كما في الأداء في تمام الجمار وفي بعضها, ويجب تقديم القضاء على الأداء وتقديم السابق –قضاءً- على اللّاحق.
مسألة ٥70: لو ترك الرمي يوم العيد وبعده أتى في اليوم الثاني عشر بوظيفة العيد ثم بوظيفة اليوم الحادي عشر ثم الثاني عشر, ولو ترك بعضها كرمي الجمرة الأولى -مثلاً– وتذكر في اليوم اللاحق أتى بوظيفة اليوم السابق مرتبة ثم بوظيفة اليوم الحاضر, وكذا إذا رمى الجمرات أو بعضها بأربع حصيات وتذكّر في اليوم اللّاحق يقدم القضاء على الأداء وأسبق قضاء على غيره على الأحوط.
مسألة ٥71: لو فاتته جمرة وجهل عينها أعاد على الثلاث مرتّباً, وكذا إنْ فاتته أربع حصيات من جمرة وجهل عينها, وأما إنْ فاتته دون الأربع من جمرة واحدة وجهل عينها يجزيه التكرار على الثلاث بأيِّ نحو كان ولا يجب الترتيب.
مسألة ٥72: لو فاتته من كلّ جمرة واحدةٍ واحدةٌ أو اثنتانِ أو ثلاثةٌ وجب الترتيب, وإذا فاتته ثلاثةٌ وشك في أنها من واحدة أو أكثر يرميها على كلّ واحدة مرتباً وإنْ كان الفائت أربعاً استأنف الجميع.
مسألة ٥73: لو رمى على خلاف الترتيب وتذكر في اليوم الآخر أعاد بما يحصل الترتيب ثم يأتي بوظيفة اليوم.
مسألة ٥74: لو نسي رمي الجمار الثلاث ودخل مكة؛ فإنْ تذكّر في أيام التشريق يرجع بنفسه للرمي مع الإمكان وإلا يستنيب, وكذا العالم العامد في الترك ومن تركه جهلاً, وإنْ تذكر بعد أيام التشريق أو أخّره عمداً إلى ما بعدها, فالأحوط وجوباً الجمع بين ما ذُكر والقضاء في العام القابل في الأيام التي فاتت منه مباشرة او استنابة.
مسألة ٥75: لو نسي رمي الجمار الثلاث حتى خرج من مكة وجب عليه القضاء في العام القابل مباشرة أو استنابة, وكذا من تركه عالماً عامداً أو جاهلاً.
مسألة ٥76: حكم ترك رمي بعض الجمرات مثل حكم ترك الكل فيما تقدم, بل الأحوط لو أتى بأقل من سبع حصيات في الجمرات الثلاث أو بعضها حكمه حكم الكل فيما تقدّم.
مسألة ٥77: يصحّ الرمي عن المعذور؛ كالمريض والكسير والمُغمى عليه والمبطون ونحوهم ممّن لا يستطيع الرمي بنفسه عرفاً, والأحوط التأخير إلى زمان اليأس عن المباشرة بنفسه والأحوط حمله إلى الجمار مع الإمكان ووضع الحصى في يده والرمي بها إنْ أمكن, وإلا رمى بها وهي في يده وإلا أخذها ورمى بها, ولو زال العذر في الوقت فالأحوط استئناف الناسك بنفسه.
مسألة ٥78: الظاهر جواز التبرع في الرمي خصوصاً إنْ تعذّر الاستئذان.
مسألة ٥79: لو شكّ في الليل في رمي الجمار في النهار أو شك بعد الشروع في رمي الجمرة المتأخرة في إتيان المتقدمة في صحتها, أو شك بعد الفراغ أو التجاوز في صحّة ما أتى به لا يعتني بشكه في جميع هذه الموارد.
مسألة ٥80: لو شكّ في العدد واحتمل النقصان وكان ذلك قبل الشروع في رمي الجمرة المتأخرة وجب الإتمام حتى لو انصرف واشتغل بأمر آخر على الأحوط.
مسألة ٥81: لو شكّ بعد الشروع في المتأخرة في عدد المتقدمة؛ فإنْ أحرز رمي أربع حصيات وشكّ في البقية فالأحوط وجوباً الإتمام, وكذا لو شك فيه بعد إتيان الوظيفة المتأخرة، ولو شكّ في الأقل والأكثر في أعداد الحصيات بنى على الأقل.
مسألة ٥82: لو تيقن في الليل بعدم رمي واحدة من الجمار الثلاث يكتفي بقضاء جمرة العقبة, والأحوط قضاء الجميع.
مسألة ٥83: لو تيقن بعد الفراغ من رمي الجمار الثلاث بنقصان ثلاث حصيات فما دون عن أحدها, وجب الرمي على كلّ واحد من الجمار بما يحتمل النقص مرتّباً.
مسألة ٥84: لو تيقن بعد الفراغ من رميها بنقصان أربع حصيات عن أحدها يكفي استئناف الرمي إلى جمرة العقبة, والأحوط الاستئناف بالنسبة إلى الجميع.
مسألة ٥85: لو تيقن بعد مضي الأيام الثلاثة ترك الرمي في يوم من الأيام ولم يعلم أنه كان يوم العيد أو الحادي عشر أو الثاني عشر ففي الاكتفاء بقضاء يوم واحد وجهٌ، ولكن الأحوط وجوباً قضاء الجميع.

مسألة ٥86: المُقام بمنى أيام التشريق أفضل من الذهاب إلى مكة للطواف المستحب ونحوه.
مسألة ٥87: يستحب التكبير بمنى بعد خمسة عشر صلاة أوّلاها يوم النحر، وإنْ لم ينفر يوم الثالث عشر فيستحب التكبير بعد صلاة الظهر أو العصر والمغرب والعشاء, بل يستحب بعد النوافل أيضاً. وصورته: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ واللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ولِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا ولَهُ الشُّكْرُ فِيمَا أَوْلَانَا والْحَمْدُ لِلَّهِ‏ عَلَى‏ مَا رَزَقَنَا مِنْ‏ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ .
الدخول في الكعبة المشرفة
يستحب الدخول في الكعبة الشريفة مع الملازمة على الآداب الظاهرية وفي الحديث الدخول فيها دخول في رحمة الله والخروج منها خروجٌ من الذنوب. ويتأكد استحبابه للصرورة ولا يتأكد الاستحباب على النساء.
ويستحب الدخول حافياً, ويستحب الغسل قبل ذلك وليقل إذا دخل: اللَّهُمَ‏ إِنَّكَ‏ قُلْتَ‏ فِي‏ كِتَابِكَ‏ ومَنْ‏ دَخَلَهُ‏ كانَ‏ آمِناً فَآمِنِّي مِنْ عَذَابِكَ عَذَابِ النَّار .
ويستحب الصلاة بين الاسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين يقرأ في الأولى الحمد وحم السجدة وفي الثانية الحمد وعدد آيها خمساً وخمسين آية, ويصلي في زوايا البيت كلّ زاوية ركعتين –كل ذلك إذا لم يمنعه الزحام أو مانع آخر– ويقول بعد الصلاة: اللَّهُمَ‏ مَنْ‏ تَهَيَّأَ أَو تَعَبَّأَ أَو أَعَدَّ أَو اسْتَعَدَّ لِوِفَادَةٍ إِلَى مَخْلُوقٍ‏ رَجَاءَ رِفْدِهِ وجَائِزَتِهِ ونَوَافِلِهِ وفَوَاضِلِهِ فَإِلَيْكَ يَا سَيِّدِي تَهْيِئَتِي وتَعْبِئَتِي وإِعْدَادِي واسْتِعْدَادِي رَجَاءَ رِفْدِكَ ونَوَافِلِكَ وجَائِزَتِكَ فَلَا تُخَيِّبِ الْيَوْمَ رَجَائِي يَا مَنْ لَا يَخِيبُ عَلَيْهِ سَائِلٌ ولَا يَنْقُصُهُ نَائِلٌ فَإِنِّي لَمْ آتِكَ الْيَوْمَ بِعَمَلٍ صَالِحٍ قَدَّمْتُهُ ولَا شَفَاعَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ ولَكِنِّي أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِالظُّلْمِ والْإِسَاءَةِ عَلَى نَفْسِي فَإِنَّهُ لَا حُجَّةَ لِي ولَا عُذْرَ فَأَسْأَلُكَ يَا مَنْ هُو كَذَلِكَ أَنْ تُعْطِيَنِي مَسْأَلَتِي وتُقِيلَنِي عَثْرَتِي وتَقْبَلَنِي بِرَغْبَتِي ولَا تَرُدَّنِي مَجْبُوهاً مَمْنُوعاً ولَا خَائِباً يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ أَرْجُوكَ لِلْعَظِيمِ أَسْأَلُكَ يَا عَظِيمُ أَنْ تَغْفِرَ لِيَ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْت . وإذا لم يتمكن من الصلاة في الزوايا لأجل الزحام وغيره فليستقبل كلّ زاوية وهو في مكان صلاته وليكبِّر, وليدع وليسأله.
ويستحب السجود فيها ويقول في سجوده: لَا يَرُدُّ غَضَبَكَ‏ إِلَّا حِلْمُكَ‏ ولَا يُجِيرُ مِنْ عَذَابِكَ إِلَّا رَحْمَتُكَ ولَا يُنْجِي مِنْكَ إِلَّا التَّضَرُّعُ‏ إِلَيْكَ فَهَبْ لِي يَا إِلَهِي فَرَجاً بِالْقُدْرَةِ الَّتِي بِهَا تُحْيِي أَمْوَاتَ الْعِبَادِ وبِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ الْبِلَادِ ولَا تُهْلِكْنِي يَا إِلَهِي حَتَّى تَسْتَجِيبَ لِي دُعَائِي وتُعَرِّفَنِي الْإِجَابَةَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الْعَافِيَةَ إِلَى مُنْتَهَى أَجَلِي ولَا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ولَا تُمَكِّنْهُ مِنْ‏ ُنُقِي مَنْ ذَا الَّذِي يَرْفَعُنِي إِنْ وَضَعْتَنِي ومَنْ ذَا الَّذِي يَضَعُنِي إِنْ رَفَعْتَنِي وإِنْ أَهْلَكْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَعْرِضُ لَكَ فِي عَبْدِكَ أَو يَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِهِ‏ فَقَدْ عَلِمْتُ يَا إِلَهِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ ولَا فِي نَقِمَتِكَ عَجَلَةٌ إِنَّمَا يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ ويَحْتَاجُ إِلَى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ وقَدْ تَعَالَيْتَ يَا إِلَهِي عَنْ ذَلِكَ إِلَهِي فَلَا تَجْعَلْنِي لِلْبَلَاءِ غَرَضاً ولَا لِنَقِمَتِكَ نَصَباً ومَهِّلْنِي ونَفْسِي وأَقِلْنِي عَثْرَتِي ولَا تَرُدَّ يَدِي فِي نَحْرِي ولَا تُتْبِعْنِي بِبَلَاءٍ عَلَى أَثَرِ بَلَاءٍ فَقَدْ تَرَى ضَعْفِي وتَضَرُّعِي إِلَيْكَ ووَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ وأُنْسِي بِكَ أَعُوذُ بِكَ الْيَوْمَ فَأَعِذْنِي وأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْنِي وأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى الضَّرَّاءِ فَأَعِنِّي وأَسْتَنْصِرُكَ فَانْصُرْنِي وأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ فَاكْفِنِي وأُومِنُ بِكَ فَآمِنِّي وأَسْتَهْدِيكَ فَاهْدِنِي وأَسْتَرْحِمُكَ فَارْحَمْنِي وأَسْتَغْفِرُكَ ممّا تَعْلَمُ فَاغْفِرْ لِي وأَسْتَرْزِقُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْوَاسِعِ فَارْزُقْنِي ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ . ويستحب التكبير ثلاثاً عند خروجه من الكعبة وأنْ يقول: اللَّهُمَ‏ لَا تُجْهِدْ بَلَاءَنَا رَبَّنَا ولَا تُشْمِتْ بِنَا أَعْدَاءَنَا فَإِنَّكَ أَنْتَ الضَّارُّ النَّافِع .
ثم ينزل ويستقبل الكعبة ويجعل الدرجات على جانبه الأيسر ويصلي ركعتين عند الدرجات وعن الصادق علیه السلام قال: فِي دُعَاءِ الْوَلَدِ قَالَ أَفِضْ عَلَيْكَ دَلْواً مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ ادْخُلِ الْبَيْتَ فَإِذَا قُمْتَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَخُذْ بِحَلْقَةِ الْبَابِ ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَ‏ إِنَ‏ الْبَيْتَ‏ بَيْتُكَ‏ والْعَبْدَ عَبْدُكَ‏ وقَدْ قُلْتَ‏ ومَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فَآمِنِّي مِنْ عَذَابِكَ وأَجِرْنِي مِنْ سَخَطِكَ ثُمَّ ادْخُلِ الْبَيْتَ فَصَلِّ عَلَى الرُّخَامَةِ الْحَمْرَاءِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُمْ إِلَى الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي بِحِذَاءِ الْحَجَرِ وأَلْصِقْ بِهَا صَدْرَكَ ثُمَّ قُلْ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا مَاجِدُ يَا قَرِيبُ يَا بَعِيدُ يَا عَزِيزُ يَا حَكِيمُ‏ لا تَذَرْنِي فَرْداً وأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ‏ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ ثُمَّ دُرْ بِالْأُسْطُوَانَةِ فَأَلْصِقْ بِهَا ظَهْرَكَ وبَطْنَكَ وتَدْعُو , تدعو بالدعاء المتقدم.
ويستحب الشرب من ماء زمزم كما تقدَّم ويستحب إكثار النظر إلى الكعبة كما تقدم أيضاً.
حكم من أحرم ولم يتمكن من الإتمام
مسألة ٥88: لو أحرم لعمرة أو حج وجب عليه إتمام ما أحرم له مع الإمكان حتى يحلّ وإلا فهو باقٍ على إحرامه.
مسألة ٥89: لو أحرم لعمرة فمُنع عن دخول مكة ولم يتمكن عن دخولها من طريق آخر عرفاً –إما لعدم وجود الطريق غير ما منع منه, أو لعدم المؤنة له عن ذهابه– ويسمّى: هذا بالمصدود، ويجوز له أنْ يذبح في مكانه بقرة أو شاة, أو ينحر إبلاً, والأحوط قصد التحلّل بذلك, كما أنَّ الأحوط التقصير أيضاً فيحلّ حينئذٍ جميع ما حرم عليه بالأحرام حتى النساء.
مسألة ٥90: لا فرق فيما تقدَّم في المسألة السابقة بين كون المنع عن دخول مكة أو كان المنع عن الطواف أو السعي بعد دخولها, كما لا فرق في المانع بين كونه عدواً أو ظالماً أو من أعمال الدولة، بل لو حبس لأجل الدَّين الذي لا يقدر على أداءه كان حكمه ما تقدّم.

مسألة ٥91: لو أحرم وقهره شخص –ظالماً كان أم غيره– على دخول مكة وإتيان الأعمال وجب عليه ذلك مع التمكن من إتيانها صحيحة, ولو لم يتمكن منه أو كان حرجاً عليه فهو بحكم المصدود وقد تقدّم حكمه.
مسألة ٥92: لو تمكن من دخول مكة من غير طريق ما صُدَّ عنه وجب عليه ذلك ويجب إتمام الأعمال.
مسألة ٥93: لو صُدَّ عن طريق فعدل إلى طريق آخر ودخل مكة وفات منه الحج لطول الطريق مثلاً ليس ذلك من المصدود, بل يأتي بأعمال العمرة المفردة ويتحلّل حينئذٍ.
مسألة ٥94: لا يعتبر في الصدّ بعد تحققه فعلاً العلم ببقاءه فيما بعد أيضاً, بل يصحّ التحلّل بعد تحققه ولو مع رجاء رفعه بعد ذلك. نعم؛ لا يجب التحلّل بتحقّقه وإنْ جاز، فله البقاء على إحرامه؛ فإنْ تمكن بعد ذلك من إتمام الحج وجب وإلا يتحلّل بعمرة مفردة.
مسألة ٥95: لو أحرم للحج ومُنع عن الوقوفين –إختيارياً واضطرارياً– أو منع عن إتيان ما يفوت الحج بفواته –كما إذا منع بعد الوقوفين عن دخول مكة طول ذي الحجة مع عدم إمكان الاستنابة– يجوز له أنْ يذبح في مكانه بقرة, أو شاة, أو ينحر إبلاً، والأحوط قصد التحلّل بذلك, كما أنَّ الأحوط التقصير أيضاً إنْ لم يكن قد قصَّر فيتحلَّل حينئذٍ عن جميع ما حرّم عليه حتى النساء, كما أنه يجوز له أنْ يبقى على إحرامه فيحلِّل بعد ذلك بعمرة مفردة.
مسألة ٥96: لو أتى بجميع الأعمال ومنع عن الرجوع إلى منى للمبيت وأعمال التشريق صحّ حجّه ولا شيء عليه، ولكن وجب عليه الاستنابة لأعمال منى إنْ أمكن في هذا العام، وإلا ففي العام القابل.
مسألة ٥97: لو صُدَّ عن العمرة أو الحج؛ فإنْ كان ممّن استقر عليه الحج أو بقيت استطاعته إلى العام القابل وجب عليه حجة الإسلام ولا يكفي التحلّل المذكور عنها، وإنْ ذهبت استطاعته بغير تقصير ولم يكن ممّن استقرّ عليه الحج فلا شيء عليه.
مسألة ٥98: لو أحرم لعمرة أو حج ولم يتمكن من إتمامها لمرض يسمّى ذلك: بالمحصور؛ وحينئذٍ فإنْ أراد التحلّل يبعث بهدي أو ثمنه مع أمين فإذا بلغ الهدي محله قصَّر وحلَّ له كلّ شيء إلا النساء.
مسألة ٥99: محل الهدي مكة إنْ كان لعمرة, ومنى إنْ كان لحج. وزمانه في الأول قبل خروج الناس إلى عرفات وفي يوم النحر وأيام التشريق على الأحوط فيهما.
مسألة ٦00: يجب مواعدة ساعة معينة في الذبح أو النحر لأنَّ التقصير يقع بعده، والأحوط أنْ يقصد النائب تحلّل المنوب عنه بالذبح أو النحر.
مسألة ٦01: الأحوط وجوباً عدم الفرق في عدم حلية النساء بعد التقصير بين العمرة المفردة والعمرة التمتعية.
مسألة ٦02: جميع ما تقدّم فيما يحصل به الصدّ وما لا يحصل به يجري في الحصر أيضاً؛ فيتحققّ الحصر بكلّ ما يتحققّ به الصدّ ولا يتحقّق بما لا يتحقّق به.
مسألة ٦03: لو تحقق الصد والحصر معاً دفعة يصحّ إجراء حكم الأول.
مسألة ٦04: لو كان ما حصر فيه من الحج واجباً مستقراً عليه وعمل بوظيفة الحصر لا تحلّ له النساء حتى يحجّ بنفسه في القابل, ولو عجز عنه جاز أنْ يستنيب، ولو كان مندوباً أو واجباً غير مستقر وكان نائباً عن الغير إجارة أو تبرعاً يجزي الاستنابة في طواف النساء فقط, والأحوط الاستنابة في تمام الحج, وأحوط منه مباشرة ذلك بنفسه إنْ أمكن.
مسألة ٦05: لو برئ المريض وتمكن من الأعمال بعد إرسال الهدي أو ثمنه وجب عليه الحج, فإنْ كان محرماً لعمرة التمتع وأمكنه إتمام أعمالها وجب ذلك عليه، وإنْ ضاق الوقت عن الوقوف بعرفات مع إتمامها يعدل إلى الإفراد وبعد إتمام الحج يأتي بالعمرة المفردة ويجزي عن حجة الإسلام.
مسألة ٦06: لو زال الحصر والتحق بالناس فإنْ أدرك الموقفين على تفصيل مرّ في (مسألة423) فقد أدرك الحج وإلا فلا، فيأتي بالعمرة المفردة ويتحلّل ويأتي بما وجب عليه في القابل.
مسألة ٦07: لو أُحصر عن مناسك يوم النحر يأتي بما أمكنه ويستنيب في ما لا يمكنه ويسقط عنه المبيت إنْ لم يمكنه.
مسألة ٦08: يجري جميع ما مرّ في المسائل الثلاث في المصدود أيضاً من غير فرق بينهما من هذه الجهة.
مسألة ٦09: في إلحاق العليل والضعيف ونحوهما –ممّن يكون إتمام الأعمال عليهم حرجاً– بالمريض في ما مرّ وجه وإنْ كان لا يخلو عن إشكال فالأحوط لهم البقاء على الإحرام إلى تحقّق العجز عن الإتمام ثمَّ التحلّل بعمرة مفردة ثمَّ الحج من قابل مع الاستقرار أو بقاء الاستطاعة.
مسألة ٦10: لو لم يتمكن المصدود والمحصور عن الذبح لا مباشرة ولا استنابة وكان البقاء على الإحرام حرجاً عليه يقصِّر ويحلّ، والأحوط الإتيان به بعد التمكن.
ما يستحب في مكة المعظمة من الأعمال
يستحب فيها أمور:
1- الطواف حول الكعبة -سبعة أشواط وصلاة ركعتين بعده- عن أبيه وأمه ومن يتعلَّق به، بل عن جميع أهل بلده.
2- يستحب أنْ يطوف مدّة مقامه بمكة ثلاثمائة وستين طوافاً كلّ طواف سبعة أشواط، فإنْ لم يتمكن فثلاثمائة وستين شوطاً، وإنْ لم يستطع فبما يقدر عليه.
3- ينبغي أنْ يزار مولد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وهو الآن في مسجد زقاق المولد بسوق الليل، ومنزل خديجة الذي توفيت فيه وسَكَنَهُ النبي صلی الله علیه و آله و سلم معها في حياتها وبعد وفاتها إلى أنْ هاجر إلى طيبة وهو الآن مسجد أيضاً.
٤- زيارة قبر خديجة  بالحجون -المسمّى فعلاً بجنّة المعلى- وقبرها هناك في سفح الجبل, وأنْ يزور قبر عبد المطلب وأبي طالب, وآمنة بنت وهب والدة النبي صلی الله علیه و آله و سلم.

5- أنْ يختم القرآن مدَّة إقامته، ولا أقل من مرة.
6- إتيان مسجد راقم والغار الذي بجبل حراء, وكان النبيُّ صلی الله علیه و آله و سلم ينزله في ابتداء الوحي, والغار الذي بجبل ثور وكان يستتر به صلی الله علیه و آله و سلم عن المشركين.
وداع الكعبة المقدَّسة
يستحب أنْ يعزِم على العود عند الوداع فإنه يُزيد في العمر, وأنْ يطوف طواف الوداع, ويستلم الحجر الأسود والركن اليماني مع الإمكان في كلّ شوط ويأتي بما تقدَّم من المندوبات في حال الطواف, وأنْ يدعو الله بما شاء وأراد, ويصلي على النبي صلی الله علیه و آله و سلم ويقول: اللَّهُمَ‏ صَلِ‏ عَلَى‏ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ‏ ورَسُولِكَ‏ ونَبِيِّكَ‏ وأَمِينِكَ‏ وحَبِيبِكَ‏ ونَجِيِّكَ‏ وخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ اللَّهُمَّ كَمَا بَلَغَ رِسَالاتِكَ وجَاهَدَ فِي سَبِيلِكَ وصَدَعَ بِأَمْرِكَ وأُوذِيَ فِي جَنْبِكَ وعَبَدَكَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ اللَّهُمَّ اقْلِبْنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً لِي بِأَفْضَلِ مَا يَرْجِعُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ وَفْدِكَ مِنَ الْمَغْفِرَةِ والْبَرَكَةِ والرَّحْمَةِ والرِّضْوَانِ والْعَافِيَةِ اللَّهُمَّ إِنْ أَمَتَّنِي فَاغْفِرْ لِي وإِنْ أَحْيَيْتَنِي فَارْزُقْنِيهِ مِنْ قَابِلٍ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ بَيْتِكَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وابْنُ عَبْدِكَ وابْنُ أَمَتِكَ حَمَلْتَنِي عَلَى دَوَابِّكَ وسَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِكَ حَتَّى أَقْدَمْتَنِي حَرَمَكَ وأَمْنَكَ وقَدْ كَانَ فِي حُسْنِ ظَنِّي بِكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي فَإِنْ كُنْتَ قَدْ غَفَرْتَ لِي ذُنُوبِي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا وقَرِّبْنِي إِلَيْكَ زُلْفَى ولَا تُبَاعِدْنِي وإِنْ كُنْتَ لَمْ تَغْفِرْ لِي فَمِنَ الْآنَ فَاغْفِرْ لِي قَبْلَ أَنْ تَنْأَى‏ عَنْ بَيْتِكَ دَارِي فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إِنْ كُنْتَ أَذِنْتَ لِي غَيْرَ رَاغِبٍ عَنْكَ ولَا عَنْ بَيْتِكَ ولَا مُسْتَبْدِلٍ بِكَ ولَا بِهِ اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ومِنْ خَلْفِي وعَنْ يَمِينِي وعَنْ شِمَالِي حَتَّى تُبَلِّغَنِي أَهْلِي فَإِذَا بَلَّغْتَنِي أَهْلِي فَاكْفِنِي مَئُونَةَ عِبَادِكَ وعِيَالِي فَإِنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِكَ ومِنِّي .
ثم ائتِ زمزم واشرب منها ولا تصب على رأسك وقل: آئِبُونَ تَائِبُونَ‏ عَابِدُونَ‏ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ‏ إِلى‏ رَبِّنا راغِبُونَ‏ إِلَى اللَّهِ رَاجِعُونَ إِنْ شَاءَ اللَّه .
ثم ائتِ المقام وصلّ خلفه ركعتين ثمَّ تأتي إلى باب البيت وتضع يدك عليها وتقول: الْمِسْكِينُ‏ عَلَى‏ بَابِكَ‏ فَتَصَدَّقْ‏ عَلَيْهِ بِالْجَنَّةِ , فإذا أردت الخروج فخرّ ساجداً طويلاً عند باب المسجد ثمَّ قُم واستقبل القبلة وقل: اللَّهُمَّ إنِّي أَنْقَلِبُ عَلى لا إلهَ إلا الله , ثمَّ أخرج من باب الحناطين –مقابل الركن الشامي– ويستحب عند إرادة الخروج من مكة المكرمة أنْ يشتري بدرهم تمراً ويتصدّق كفارة لما عساه صدر منه غفلة حال الإحرام.
ختام وفيه مسائل متفرقة
مسألة ٦11: لو أحرم لعمرة التمتع وانقلب حجه إلى الإفراد يكفيه نية العدول ولا يحتاج إلى تجديد الإحرام.

مسألة ٦12: لا تعتبر الطهارة في السعي؛ فالمرأة الحائض غير المتمكنة من الطواف والمقام بمكة إلى الطهارة تستنيب وتسعى مباشرة مع الإمكان، وإلا فتستنيب أيضاً.
مسألة ٦13: تجوز الصلاة على الأحجار المفروشة في المسجد الحرام ومسجد النبي صلی الله علیه و آله و سلم خصوصاً عند التقية.
مسألة ٦14: لو قصَّر قبل تمام السعي جهلاً يصحّ حجه ولا شيء عليه، فيتم السعي ثمَّ يقصِّر رجاءً.
مسألة ٦15: لو وقف المحرم في حال السير لقضاء حاجة أو غرض واستظلَّ حينئذٍ يصحّ ولا شيء عليه.
مسألة ٦16: كلّ محرم تطيّب قبل التقصير جهلاً أو سهواً لا شيء عليه.
مسألة ٦17: لا يصحّ الإحرام من جدّة بلا نذر فمن هبط بالطائرة فيها؛ فإما أنْ يحرم بالنذر، أو يذهب إلى ميقات آخر كالحديبية ونحوها.
مسألة ٦18: تقدّم أنه يجب مبيت ليلة الثالث عشر في منى لمن غربت عليه الشمس فيها ولا فرق فيه بين كون ذلك اختياراً أو لعذر, كما إذا منعه الزحام عن الخروج منها حتى غربت عليه الشمس.
مسألة ٦19: لو كان المنوب عنه صرورة والنائب غير صرورة أو بالعكس فالمناط في حكم الصرورة وعدمه على النائب دون المنوب عنه.
مسألة ٦20: لو كانت الزوجة مقلِّدة لمن يرى صحّة حجها والزوج مقلِّداً لمن يرى بطلان حجها يصحّ للزوج ترتيب آثار صحّة الحج على حجها أيضاً, وإنْ كان الأحوط خلافه.
مسألة ٦21: لو كان رمي الجمرات حرجاً عليه للزحام ونحوه يجوز له الاستنابة فيه إنْ لم يمكنه التأخير أيضاً, ولا يجوز الاستنابة للأعمى الذي لا يرى الجمرة مع إمكان من يسدِّده مباشرة.
مسألة ٦22: لو شك في الطواف الواجب بين الستة والسبعة –مثلاً– وأتى بشوط رجاءً ثمَّ أتى بباقي الأعمال يكون حكمه حكم من ترك الطواف جهلاً. وتقدّم في (مسألة ۲۷3) وما بعدها ما ينفع المقام.
مسألة ٦23: يجوز لبس الجوارب للرجل والمرأة المحرمين مع المحافظة على كشف ظهر القدم.
مسألة ٦24: لا يعتبر الإحرام في قضاء الطواف والسعي ونحوهما ممّا يقضى –وكذا طواف النساء– فيجوز أنْ يستناب شخص من أهل مكة –مثلاً– أنْ يأتي بذلك إنْ كان مؤمناً.
فصل في زيارة الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم
يستحب استحباباً مؤكداً –بل من تمام الحج– زيارة سيد النبيين صلی الله علیه و آله و سلم, وكذا زيارة الصديقة الطاهرة والأئمة . ويستحب الغسل عند دخول المدينة المنورة, وعند الدخول إلى المسجد النبوي الشريف وزيارة قبر النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم ويكفي غسل واحد لجميع ذلك.
ويستحب الدخول إلى الروضة المباركة من باب جبرائيل، والاستئذان للدخول فيقف على باب الحرم بخضوع وخشوع قائلاً: اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ وَقَفْتُ‏ عَلَى‏ بَابٍ‏ مِنْ‏ أَبْوَابِ‏ بُيُوتِ
نَبِيِّكَ‏ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ وقَدْ مَنَعْتَ النَّاسَ أَنْ يَدْخُلُوا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَقُلْتَ‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ‏ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَقِدُ حُرْمَةَ نَبِيِّكَ صلی الله علیه و آله و سلم فِي غَيْبَتِهِ كَمَا أَعْتَقِدُهَا فِي حَضْرَتِهِ وأَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَكَ وخُلَفَاءَكَ  أَحْيَاءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ يَرَوْنَ مَقَامِي ويَسْمَعُونَ كَلَامِي ويَرُدُّونَ سَلَامِي وأَنَّكَ حَجَبْتَ عَنْ سَمْعِي كَلَامَهُمْ وفَتَحْتَ بَابَ فَهْمِي بِلَذِيذِ مُنَاجَاتِهِمْ وإِنِّي أَسْتَأْذِنُكَ يَا رَبِّ أَوَّلًا وأَسْتَأْذِنُ رَسُولَكَ صلی الله علیه و آله و سلم ثَانِياً وأَسْتَأْذِنُ خَلِيفَتَكَ الْإِمَامَ الْمَفْرُوضَ عَلَيَّ طَاعَتُهُ وَالْمَلَائِكَةَ الْمُوَكَّلِينَ بِهَذِهِ الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ ثَالِثاً أَ أَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ أَدْخُلُ يَا حُجَّةَ اللَّهِ أَ أَدْخُلُ يَا مَلَائِكَةَ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ الْمُقِيمِينَ فِي هَذَا الْمَشْهَدِ فَأْذَنْ لِي يَا مَوْلَايَ فِي الدُّخُولِ أَفْضَلَ مَا أَذِنْتَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ فَإِنْ لَمْ أَكُنْ أَهْلًا لِذَلِكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ لَه , فيدخل مع سكينة ووقار وخشوع مقدِّماً الرجل اليمنى على اليسرى ويقول: بِسْمِ اللَّهِ وبِاللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم ﱥﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﱤ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي وتُبْ عَلَيَ‏ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ, ثُمَّ تكبِّر مائة مرة وتصلي ركعتين تحية للمسجد الشريف.
ثمَّ تأتي قبر الرسول الاعظم صلی الله علیه و آله و سلم مع السكينة والوقار وتستلمه وتقبِّلهُ –إنْ أمكن– وتقول: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَامُ‏ عَلَيْكَ‏ يَا خَاتَمَ‏ النَّبِيِّينَ‏ أَشْهَدُ أَنَّكَ‏ قَدْ بَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ وأَقَمْتَ الصَّلَاةَ وآتَيْتَ الزَّكَاةَ وأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ونَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ وعَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ فَصَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ ورَحْمَتُهُ وعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ .
ثم قف عند الاسطوانة اليمنى من جانب القبر وأنت مستقبل للقبلة ومنكبك الأيسر إلى جانب القبر وأنت مستقبل للقبلة ومنكبك الأيمن ممّا يلي المنبر فإنه موضع رأس رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وتقول: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ وأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وأَشْهَدُ أَنَّكَ‏ مُحَمَّدُ بْنُ‏ عَبْدِ اللَّهِ‏ وأَشْهَدُ أَنَّكَ‏ قَدْ بَلَّغْتَ رِسَالاتِ رَبِّكَ ونَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ وجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وعَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ‏ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وأَدَّيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ وأَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالْمُؤْمِنِينَ وغَلُظْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ فَبَلَغَ اللَّهُ بِكَ أَفْضَلَ شَرَفِ مَحَلِّ الْمُكْرَمِينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنَا بِكَ مِنَ الشِّرْكِ والضَّلَالَةِ اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وصَلَوَاتِ مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وأَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ وأَهْلِ السَّمَاوَاتِ والْأَرَضِينَ ومَنْ سَبَّحَ لَكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ والْآخِرِينَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسُولِكَ ونَبِيِّكَ وأَمِينِكَ ونَجِيِّكَ وحَبِيبِكَ وصَفِيِّكَ وخَاصَّتِكَ وصَفْوَتِكَ وخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ اللَّهُمَّ أَعْطِهِ الدَّرَجَةَ والْوَسِيلَةَ مِنَ الْجَنَّةِ وابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ والْآخِرُونَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ- ولَو أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً وإِنِّي أَتَيْتُ نَبِيَّكَ مُسْتَغْفِراً تَائِباً مِنْ ذُنُوبِي وإِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اللَّهِ‏ رَبِّي ورَبِّكَ لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي‏ , وَإِنْ كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ فَاجْعَلِ قَبر النَّبِيَّ صلی الله علیه و آله و سلم خَلْفَ كَتِفَيْكَ وَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَارْفَعْ يَدَيْكَ وَسَلْ حَاجَتَكَ فَأحَرِى أَنْ تُقْضَى لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالى.
وقد وردت زيارة أخرى عن الإمام الصادق علیه السلام وهي إذا وقفت على قبر النبيِّ صلی الله علیه و آله و سلم قل: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ [أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ‏] أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ وأَشْهَدُ أَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وأَشْهَدُ أَنَّكَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ‏ رِسَالاتِ رَبِّكَ ونَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ وجَاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ وعَبَدْتَهُ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ وأَدَّيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ اللَّهُمَ‏ صَلِ‏ عَلَى‏ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ‏ ورَسُولِكَ‏ ونَجِيِّكَ‏ [ونَجِيبِكَ‏] وأَمِينِكَ وصَفِيِّكَ وخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَنْبِيَائِكَ ورُسُلِكَ اللَّهُمَّ سَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا سَلَّمْتَ‏ عَلى‏ نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ‏ وامْنُنْ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا مَنَنْتَ‏ عَلى‏ مُوسى‏ وهارُونَ‏ وبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وتَرَحَّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ رَبَّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ورَبَّ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ورَبَّ الرُّكْنِ والْمَقَامِ ورَبَّ الْبَلَدِ الْحَرَامِ ورَبَّ الْحِلِّ والْحَرَامِ ورَبَّ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بَلِّغْ رُوحَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و سلم مِنِّي السَّلَامَ .
وقد وردت زيارة ثالثة, وهي بعد ما تتوجه إلى القبر الشريف تقول: أَسْأَلُ‏ اللَّهَ‏ الَّذِي‏ اجْتَبَاكَ‏ وَاخْتَارَكَ وَهَدَاكَ وَهَدى‏ بِكَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْكَ, ثُمَّ تقَولَ: ﱥﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱤ , ثمَّ تصلي ركعتين صلاة الزيارة. وهناك زيارات أخرى أوردنا بعضها في الجزء الرابع عشر من مهذب الأحكام ومن شاء فليرجع إليه.
ويستحب زيارة الصديقة الطاهرة  مؤكداً، والأولى أنْ تزار قريباً من الروضة بما ورد: يَا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ‏ اللَّهُ‏ الَّذِي‏ خَلَقَكِ‏ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صَابِرَةً وزَعَمْنَا أَنَّا لَكِ أَوْلِيَاءُ ومُصَدِّقُونَ وصَابِرُونَ لكلّ مَا أَتَانَا بِهِ أَبُوكَ صلی الله علیه و آله و سلم وأَتَى بِهِ وَصِيُّهُ فَإِنَّا نَسْأَلُكِ إِنْ كُنَّا صَدَّقْنَاكِ إِلَّا أَلْحَقْتِنَا بِتَصْدِيقِنَا لَهُمَا لِنُبَشِّرَ أَنْفُسَنَا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنَا بِوَلَايَتِكِ .
وتقول في الصلاة عليها : اللّهُمَ‏ صَلِ‏ عَلى‏ أَمَتِكَ‏ وابْنَةِ نَبِيِّكَ وزَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ، صَلاةً تُزْلِفُها فَوْقَ زُلْفى‏ عِبادِكَ الْمُكْرَمِينَ مِنْ اهْلِ السَّماواتِ واهْلِ الأَرضِينَ , ثمَّ تصلي صلاة الزيارة لها  في المسجد النبوي.
ثمَّ تزور الأئمة في البقيع وهم: الحسن بن علي, وعلي بن الحسين, ومحمد بن علي, وجعفر بن محمد , بعدما تغتسل وتجعل القبور الشريفة أمامك وتقول: السَّلَامُ‏ عَلَيْكُمْ‏ يَا خُزَّانَ‏ عِلْمِ‏ اللَّهِ‏ وحَفَظَةَ سِرِّهِ وتَرَاجِمَةَ وَحْيِهِ أَتَيْتُكُمْ يَا بَنِي رَسُولِ اللَّهِ عَارِفاً بِحَقِّكُمْ مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكُمْ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكُمْ مُوَالِياً لِأَوْلِيَائِكُمْ بِأَبِي أَنْتُمْ وأُمِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وأَبْدَانِكُمْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَلَّى آخِرَهُمْ كَمَا تَوَلَّيْتُ أَوَّلَهُمْ وأَبْرَأُ مِنْ كلّ وَلِيجَةٍ دُونَهُمْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ والطَّاغُوتِ واللَّاتِ والْعُزَّى وكُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ .
ثم تصلي ست ركعات والأولى أنْ تصليها في المسجد النبوي وقد وردت زيارات أخرى مفصَّلة ومن شاء فليراجع كتب المزارات.
ثمَّ إنَّه في البقيع قبور أولاد النبي صلی الله علیه و آله و سلم جميعهم سوى قبر فاطمة  كما تقدم وهم: إبراهيم وزينب وأم كلثوم، وكذا في البقيع قبر فاطمة بنت أسد والدة أمير المؤمنين علیه السلام, والعباس بن عبد المطلب, وعماته صلی الله علیه و آله و سلم صفية وعاتكة. وأما الأصحاب والشهداء فهم كثيرون في البقيع مثل عثمان بن مظعون أخو النبي صلی الله علیه و آله و سلم من الرضاعة وسعد بن معاذ وأبو سعيد الخدري وعقيل بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر الطيار زوج زينب بنت أمير المؤمنين علیه السلام، وفيه أيضاً, فاطمة بنت حزام الكلابية والدة العباس بن أمير المؤمنين علیه السلام وغيرهم من الأصحاب والشهداء.
ما يستحب من الأعمال في المدينة المنورة
الأول: إكثار الصلاة في المسجد النبوي؛ فإنها تعدل ألف صلاة خصوصاً بين القبر والمنبر الذي هو روضة من رياض الجنة وفي بيت فاطمة .
الثاني: الصوم في المدينة ثلاثة أيام: الأربعاء والخميس والجمعة لطلب الحاجة، والصلاة عند اسطوانة التوبة (أبي لبابة) ليلة الأربعاء ويومها وليلة الخميس ويومها، والدعاء بما ورد: اللَّهُمَ‏ إِنِّي‏ أَسْأَلُكَ‏ بِعِزَّتِكَ‏ وقُوَّتِكَ‏ وقُدْرَتِكَ وجَمِيعِ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وكَذَا .
الثالث: إتيان مقام جبرائيل والدعاء بالمأثور: أَيْ‏ جَوَادُ أَيْ‏ كَرِيمُ‏ أَيْ قَرِيبُ أَيْ بَعِيدُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وأَهْلِ بَيْتِهِ وأَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ نِعْمَتَك , وهناك دعاء آخر من شاء فليراجع كتب المزار.
الرابع: إتيان مسجد قبا الذي بني على التقوى وأول مسجد صلَّى فيه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وإتيان مشربة أم إبراهيم، وهي غرفتها التي كانت فيها، وهي مسكن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ومصلاه.
الخامس: إتيان كلّ من مسجدي الفضيخ والقبلتين.
السادس: زيارة شهداء أحد خصوصاً زيارة حمزة بن عبد المطلب وتقول في زيارته: السَّلَامُ‏ عَلَيْكَ‏ يَا عَمَ‏ رَسُولِ‏ اللَّهِ‏ وخَيْرَ الشُّهَدَاءِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَسَدَ اللَّهِ وأَسَدَ رَسُولِهِ
أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ جَاهَدْتَ‏ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ‏ ونَصَحْتَ لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ [ونَصَحْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ‏] وجُدْتَ بِنَفْسِكَ وطَلَبْتَ مَا عِنْدَ اللَّهِ ورَغِبْتَ فِيمَا وَعَدَ اللَّه . وتصلي ركعتين في المسجد هناك، وقد ورد دعاء بعد صلاة الزيارة ومن شاء فليراجع كتب المزارات.
والحمد لله أولاً وآخراً
دعاء الإمام الحسين علیه السلام في يوم عرفة
الَّذِي رَوَاهُ بَشِيرٌ وبِشْرٌ وَلَدَا غَالِبٍ الْأَسَدِيِّ حَيْثُ قَالا : كُنَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْحُسَيْنِ علیه السلام عَصْرَ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي عَرَفَاتٍ؛ إِذْ خَرَجَ مِنَ الْخَيْمَةِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وأَبْنَائِهِ وَشِيعَتِهِ فِي غَايَةِ التَّذَلُّلِ والْخُشُوعِ، فَوَقَفَ إلى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنَ الْجَبَلِ وَتَوَجَّهَ إلى الْكَعْبَةِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ قُبَالَةَ وَجْهِهِ‏ كَمِسْكِينٍ‏ يَطْلُبُ طَعَاماً، وَقَرَأَ هَذَا الدُّعَاءَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ الَّذِي‏ لَيْسَ‏ لِقَضَائِهِ‏ دَافِعٌ‏ ولَا لِعَطَائِهِ مَانِعٌ ولَا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صَانِعٍ وهُو الْجَوَادُ الْوَاسِعُ فَطَرَ أَجْنَاسَ الْبَدَائِعِ وأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنَائِعَ ولَا تَخْفَى عَلَيْهِ الطَّلَائِعُ ولَا تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ جَازِي كلّ صَانِعٍ ورَائِشُ كلّ قَانِعٍ ورَاحِمُ كلّ ضَارِعٍ مُنْزِلُ الْمَنَافِعِ والْكِتَابِ الْجَامِعِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وهُو لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ ولِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ ولِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ ولِلْجَبَابِرَةِ قَامِعٌ فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ ولَا شَيْ‏ءٌ يَعْدِلُهُ ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وهُو السَّمِيعُ الْبَصِيرُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وهُو عَلى‏ كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ وأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ مُقِرٌّ بِأَنَّكَ رَبِّي وإِلَيْكَ مَرَدِّي, ابْتَدَأْتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً, خَلَقْتَنِي
مِنَ التُّرَابِ ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الْأَصْلَابَ آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ واخْتِلَافِ الدُّهُورِ والسِّنِينَ فَلَمْ أَزَلْ ظَاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ فِي تَقَادُمٍ مِنَ الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ والْقُرُونِ الْخَالِيَةِ لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَأْفَتِكَ بِي ولُطْفِكَ لِي وإِحْسَانِكَ إِلَيَّ فِي دَوْلَةِ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وكَذَّبُوا رُسُلَكَ لَكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَى الَّذِي لَهُ يَسَّرْتَنِي وفِيهِ أَنْشَأْتَنِي ومِنْ قَبْلِ ذَلِكَ رَأْفَةً بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وسَوَابِغِ نِعَمِكَ فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى وأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ مِنْ بَيْنِ لَحْمٍ ودَمٍ وجِلْدٍ لَمْ تُشْهِدْني خَلْقِي ولَمْ تَجْعَلْ لِي شَيْئاً مِنْ أَمْرِي ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَى إِلَى الدُّنْيَا تَامّاً سَوِيّاً وحَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلًا صَبِيّاً مِنَ الْغِذَاءِ لَبَناً مَرِيّاً وعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَوَاضِنِ وكَفَّلْتَنِي الْأُمَّهَاتِ الرَّوَاحِمَ وكَلَأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ وسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيَادَةِ والنُّقْصَانِ فَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمَانُ حَتَّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلَامِ وأَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ الْإِنْعَامِ ورَبَّيْتَنِي زَائِداً فِي كلّ عَامٍ حَتَّى إِذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتِي واعْتَدَلَتْ سَرِيرَتِي أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ‏ ورَوَّعْتَنِي بِعَجَائِبِ حِكْمَتِكَ وأَيْقَظْتَنِي لِمَا ذَرَأْتَ فِي سَمَائِكَ وأَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ ونَبَّهْتَنِي لِشُكْرِكَ وذِكْرِكَ وأَوْجَبْتَ عَلَيَّ طَاعَتَكَ وعِبَادَتَكَ وفَهَّمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ ويَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ ومَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِعَوْنِكَ ولُطْفِكَ ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ حَرِّ الثَّرَى لَمْ تَرْضَ لِي يَا إِلَهِي نِعْمَةً دُونَ أُخْرَى ورَزَقْتَنِي مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ وصُنُوفِ الرِّيَاشِ بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ عَلَيَّ وإِحْسَانِكَ الْقَدِيمِ إِلَيَّ حَتَّى إِذَا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ وصَرَفْتَ عَنِّي كلّ النِّقَمِ لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وجُرْأَتِي عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَنِي إِلَى مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ ووَفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي وإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي وإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي وإِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي كلّ ذَلِكَ إِكْمَالٌ لِأَنْعُمِكَ عَلَيَّ وإِحْسَانِكَ إِلَيَّ فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ مُبْدِئٍ مُعِيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ وعَظُمَتْ آلَاؤُكَ فَأَيَّ نِعَمِكَ يَا إِلَهِي أُحْصِي عَدَداً وذِكْراً أَمْ أَيُّ عَطَايَاكَ أَقُومُ بِهَا شُكْراً وهِيَ يَا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعَادُّونَ أَو يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحَافِظُونَ ثُمَّ مَا صَرَفْتَ ودَرَأْتَ عَنِّي اللَّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ والضَّرَّاءِ أَكْثَرُ ممّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعَافِيَةِ والسَّرَّاءِ فَأَنَا أَشْهَدُ يَا إِلَهِي بِحَقِيقَةِ إِيمَانِي وعَقْدِ عَزَمَاتِ يَقِينِي وخَالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي وبَاطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي وعَلَائِقِ مَجَارِي نُورِ بَصَرِي وأَسَارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي وخُرْقِ مَسَارِبِ نَفْسِي وخَذَارِيفِ مَارِنِ عِرْنِينِي ومَسَارِبِ سِمَاخِ سَمْعِي ومَا ضَمَّتْ وأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتَايَ وحَرَكَاتِ لَفْظِ لِسَانِي ومَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وفَكِّي ومَنَابِتِ أَضْرَاسِي ومَسَاغِ مَطْعَمِي ومَشْرَبِي وحِمَالَةِ أُمِّ رَأْسِي وبُلُوغِ فَارِغِ حَبَائِلِ عُنُقِي ومَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تَامُورُ صَدْرِي وحَمَائِلِ حَبْلِ وَتِينِي ونِيَاطِ حِجَابِ قَلْبِي وأَفْلَاذِ حَوَاشِي كَبِدِي ومَا حَوَتْهُ شَرَاسِيفُ أَضْلَاعِي وحِقَاقِ مَفَاصِلِي وقَبْضِ عَوَامِلِي وأَطْرَافِ أَنَامِلِي ولَحْمِي ودَمِي وشَعْرِي وبَشَرِي وعَصَبِي وقَصَبِي وعِظَامِي ومُخِّي وعُرُوقِي وجَمِيعِ جَوَارِحِي ومَا انْتَسَجَ عَلَى ذَلِكَ أَيَّامَ رَضَاعِي ومَا أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنِّي ونَوْمِي ويَقَظَتِي وسُكُونِي وحَرَكَاتِ رُكُوعِي وسُجُودِي أَنْ لَو حَاوَلْتُ واجْتَهَدْتُ مَدَى الْأَعْصَارِ والْأَحْقَابِ لَو عُمِّرْتُهَا أَنْ أُؤَدِّيَ شُكْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذَلِكَ إِلَّا بِمَنِّكَ الْمُوجِبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرَكَ أَبَداً جَدِيداً وثَنَاءً طَارِفاً عَتِيداً أَجَلْ ولَو حَرَصْتُ أَنَا والْعَادُّونَ مِنْ أَنَامِكَ أَنْ نُحْصِيَ مَدَى إِنْعَامِكَ سَالِفِهِ وآنِفِهِ مَا حَصَرْنَاهُ عَدَداً ولَا أَحْصَيْنَاهُ أَمَداً هَيْهَاتَ أَنَّى ذَلِكَ وأَنْتَ الْمُخْبِرُ فِي كِتَابِكَ النَّاطِقِ والنَّبَإِ الصَّادِقِ‏ وإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها صَدَقَ كِتَابُكَ اللَّهُمَّ وأَنْبِيَاؤُكَ ورُسُلُكَ مَا أَنْزَلْتَ عَلَيْهَا مِنْ وَحْيِكَ وشَرَعْتَ لَهَا وبِهَا مِنْ دِينِكَ غَيْرَ أَنِّي يَا إِلَهِي أَشْهَدُ بِجَهْدِي وجِدِّي ومَبْلَغِ طَاقَتِي ووُسْعِي وأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ‏ فَيُضَادَّهُ فِيمَا ابْتَدَعَ ولَا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ‏ فَيُرْفِدَهُ فِيمَا صَنَعَ فَسُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ‏ لَوكانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا وتَفَطَّرَتَا سُبْحَانَ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي‏ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً يُعَادِلُ حَمْدَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وأَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ وصَلَّى اللَّهُ عَلَى خِيَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْمُخْلَصِينَ وسَلَّمَ ثُمَّ انْدَفَعَ علیه السلام فِي الْمسألة واجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ وقَالَ وعَيْنَاهُ تَكِفَانِ دُمُوعاً اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ وأَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ ولَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ وخِرْ لِي فِي قَضَائِكَ وبَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ ولَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَائِي فِي نَفْسِي والْيَقِينَ فِي قَلْبِي والْإِخْلَاصَ فِي عَمَلِي والنُّورَ فِي بَصَرِي والْبَصِيرَةَ فِي دِينِي ومَتِّعْنِي بِجَوَارِحِي واجْعَلْ سَمْعِي وبَصَرِي الْوَارِثَيْنِ مِنِّي وانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي وأَرِنِي فِيهِ ثَارِي ومَآرِبِي وأَقِرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي اللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي واسْتُرْ عَوْرَتِي واغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي واخْسَأْ شَيْطَانِي وفُكَّ رِهَانِي واجْعَلْ لِي يَا إِلَهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا فِي الْآخِرَةِ والْأُولَى اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَمِيعاً بَصِيراً ولَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي خَلْقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بِي وقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً رَبِّ بِمَا بَرَأْتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي رَبِّ بِمَا أَنْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي رَبِّ بِمَا أَحْسَنْتَ إِلَيَّ وفِي نَفْسِي عَافَيْتَنِي رَبِّ بِمَا كَلَأْتَنِي ووَفَّقْتَنِي رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي رَبِّ بِمَا أَوْلَيْتَنِي ومِنْ كلّ خَيْرٍ أَعْطَيْتَنِي رَبِّ بِمَا أَطْعَمْتَنِي وسَقَيْتَنِي رَبِّ بِمَا أَغْنَيْتَنِي وأَقْنَيْتَنِي رَبِّ بِمَا أَعَنْتَنِي وأَعْزَزْتَنِي رَبِّ بِمَا أَلْبَسْتَنِي مِنْ سِتْرِكَ الصَّافِي ويَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكَافِي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأَعِنِّي عَلَى بَوَائِقِ الدُّهُورِ وصُرُوفِ اللَّيَالِي والْأَيَّامِ ونَجِّنِي مِنْ أَهْوَالِ الدُّنْيَا وكُرُبَاتِ الْآخِرَةِ واكْفِنِي شَرَّ مَا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ اللَّهُمَّ مَا أَخَافُ فَاكْفِنِي ومَا أَحْذَرُ فَقِنِي وفِي نَفْسِي ودِينِي فَاحْرُسْنِي وفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي وفِي أَهْلِي ومَالِي فَاخْلُفْنِي وفِيمَا رَزَقْتَنِي فَبَارِكْ لِي وفِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي وفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي ومِنْ شَرِّ الْجِنِّ والْإِنْسِ فَسَلِّمْنِي وبِذُنُوبِي فَلَا تَفْضَحْنِي وبِسَرِيرَتِي فَلَا تُخْزِنِي وبِعَمَلِي فَلَا تَبْتَلِنِي ونِعَمَكَ فَلَا تَسْلُبْنِي [تبسلني‏] وإِلَى غَيْرِكَ فَلَا تَكِلْنِي إِلَهِي إِلَى مَنْ‏ تَكِلُنِي إِلَى قَرِيبٍ فَيَقْطَعَنِي أَمْ إِلَى بَعِيدٍ فَيَتَجَهَّمَنِي أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعَفِينَ لِي وأَنْتَ رَبِّي ومَلِيكُ أَمْرِي أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وبُعْدَ دَارِي وهَوَانِي عَلَى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي إِلَهِي فَلَا تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي سُبْحَانَكَ غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ والسَّمَاوَاتُ وكَشَفْتَ بِهِ الظُّلُمَاتِ وصَلَحَ بِهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ والْآخِرِينَ أَنْ لَا تُمِيتَنِي عَلَى غَضَبِكَ ولَا تُنْزِلَ بِي سَخَطَكَ لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى قَبْلَ ذَلِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبُّ الْبَلَدِ الْحَرَامِ والْمَشْعَرِ الْحَرَامِ والْبَيْتِ الْعَتِيقِ الَّذِي أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ وجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمْناً يَا مَنْ عَفَا عَنْ عَظِيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ يَا مَنْ أَسْبَغَ النَّعْمَاءَ بِفَضْلِهِ يَا مَنْ أَعْطَى الْجَزِيلَ بِكَرَمِهِ يَا عُدَّتِي فِي شِدَّتِي يَا صَاحِبِي فِي وَحْدَتِي يَا غِيَاثِي فِي كُرْبَتِي يَا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي يَا إِلَهِي وإِلَهَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وإِسْمَاعِيلَ وإِسْحَاقَ ويَعْقُوبَ ورَبَّ جَبْرَئِيلَ ومِيكَائِيلَ وإِسْرَافِيلَ ورَبَّ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وآلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ والْإِنْجِيلِ والزَّبُورِ والْفُرْقَانِ ومُنْزِلَ كهيعص وطه ويس والْقُرْآنِ الْحَكِيمِ أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ فِي سَعَتِهَا وتَضِيقُ بِيَ الْأَرْضُ بِرُحْبِهَا ولَولَا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهَالِكِينَ وأَنْتَ مُقِيلُ عَثْرَتِي ولَولَا سِتْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ وأَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِي ولَولَا نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُو والرِّفْعَةِ فَأَوْلِيَاؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ يَا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَوَاتِهِ خَائِفُونَ‏ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وما تُخْفِي الصُّدُورُ وغَيْبَ مَا تَأْتِي بِهِ الْأَزْمِنَةُ والدُّهُورُ يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ هُو إِلَّا هُويَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا هُو إِلَّا هُويَا مَنْ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْمَاءِ وسَدَّ الْهَوَاءَ بِالسَّمَاءِ يَا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الْأَسْمَاءِ يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ أَبَداً يَا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ ومُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ وجَاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً يَا رَادَّهُ عَلَى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنْ‏ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُو كَظِيمٌ‏ يَا كَاشِفَ الضُّرِّ والْبَلْوَى عَنْ أَيُّوبَ ومُمْسِكَ يَدَيْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ ذِبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وفَنَاءِ عُمُرِهِ يَا مَنِ اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيَى ولَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً يَا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ يَا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَنْجَاهُمْ وجَعَلَ فِرْعَوْنَ وجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ يَا مَنْ أَرْسَلَ الرِّيَاحَ مُبَشَّرَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يَا مَنْ لَمْ يَجْعَلْ عَلَى مَنْ عَصَاهُ مِنْ خَلْقِهِ يَا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ وقَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ ويَعْبُدُونَ غَيْرَهُ وقَدْ حَادُّوهُ ونَادُّوهُ وكَذَّبُوا رُسُلَهُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ يَا بَدِي‏ءُ يَا بَدِيعُ‏ لَا نِدَّ لَكَ يَا دَائِمُ لَا نَفَادَ لَكَ يَا حَيُّ حِينَ لَا حَيَّ يَا مُحْيِيَ الْمَوْتَى يَا مَنْ‏ هُو قائِمٌ عَلى‏ كلّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ‏ يَا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي وعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي ورَآنِي عَلَى الْمَعَاصِي فَلَمْ يَشْهَرْنِي يَا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي يَا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي يَا مَنْ أَيَادِيهِ عِنْدِي لَا تُحْصَى ونِعَمُهُ لَا تُجَازَى يَا مَنْ عَارَضَنِي بِالْخَيْرِ والْإِحْسَانِ وعَارَضْتُهُ بِالْإِسَاءَةِ والْعِصْيَانِ يَا مَنْ هَدَانِي لِلْإِيمَانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الِامْتِنَانِ يَا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفَانِي وعُرْيَاناً فَكَسَانِي وجَائِعاً فَأَشْبَعَنِي وعَطْشَاناً فَأَرْوَانِي وذَلِيلًا فَأَعَزَّنِي وجَاهِلًا فَعَرَّفَنِي ووَحِيداً فَكَثَّرَنِي وغَائِباً فَرَدَّنِي ومُقِلًّا فَأَغْنَانِي ومُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي وغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي وأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَابْتَدَأَنِي فَلَكَ الْحَمْدُ والشُّكْرُ يَا مَنْ أَقَالَ عَثْرَتِي ونَفَّسَ كُرْبَتِي وأَجَابَ دَعْوَتِي وسَتَرَ عَوْرَتِي وغَفَرَ ذُنُوبِي وبَلَّغَنِي طَلِبَتِي ونَصَرَنِي عَلَى عَدُوِّي وإِنْ أَعُدُّ نِعَمَكَ ومِنَنَكَ وكَرَائِمَ مِنَحِكَ لَا أُحْصِيهَا يَا مَوْلَايَ أَنْتَ الَّذِي أَنْعَمْتَ أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ أَنْتَ الَّذِي وَفَّقْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عَافَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ تَبَارَكْتَ وتَعَالَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ دَائِماً ولَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً أَبَداً ثُمَّ أَنَا يَا إِلَهِي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي أَنَا الَّذِي أَسَأْتُ أَنَا الَّذِي أَخْطَأْتُ أَنَا الَّذِي هَمَمْتُ أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ أَنَا الَّذِي غَفَلْتُ أَنَا الَّذِي سَهَوْتُ أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ أَنَا الَّذِي وَعَدْتُ أَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ أَنَا الَّذِي نَكَثْتُ أَنَا الَّذِي أَقْرَرْتُ أَنَا الَّذِي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وعِنْدِي وأَبُوءُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي يَا مَنْ لَا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبَادِهِ وهُو الْغَنِيُّ عَنْ طَاعَتِهِمْ والْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ ورَحْمَتِهِ فَلَكَ الْحَمْدُ إِلَهِي وسَيِّدِي إِلَهِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ ونَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ فَأَصْبَحْتُ لَا ذَا بَرَاءَةٍ لِي فَأَعْتَذِرَ ولَا ذَا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ فَبِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَسْتَقْبِلُكَ يَا مَوْلَايَ أَ بِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي أَمْ بِلِسَانِي أَمْ بِيَدِي أَمْ بِرِجْلِي أَ لَيْسَ كلّها نِعَمَكَ عِنْدِي وبِكُلِّهَا عَصَيْتُكَ يَا مَوْلَايَ فَلَكَ الْحُجَّةُ والسَّبِيلُ عَلَيَّ يَا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الْآبَاءِ والْأُمَّهَاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي ومِنَ الْعَشَائِرِ والْإِخْوَانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي ومِنَ السَّلَاطِينِ أَنْ يُعَاقِبُونِي ولَو اطَّلَعُوا يَا مَوْلَايَ عَلَى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ‏ مِنِّي إِذًا مَا أَنْظَرُونِي ولَرَفَضُونِي وقَطَعُونِي فَهَا أَنَا ذَا يَا إِلَهِي بَيْنَ يَدَيْكَ يَا سَيِّدِي خَاضِعٌ ذَلِيلٌ حَصِيرٌ حَقِيرٌ لَا ذُو بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرَ ولَا ذُو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ ولَا ذُو حُجَّةٍ فَأَحْتَجَّ بِهَا ولَا قَائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ ولَمْ أَعْمَلْ سُوءاً ومَا عَسَى الْجُحُودُ لَو جَحَدْتُ يَا مَوْلَايَ يَنْفَعُنِي كَيْفَ وأَنَّى ذَلِكَ وجَوَارِحِي كلّها شَاهِدَةٌ عَلَيَّ بِمَا قَدْ عَمِلْتُ يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ إِنَّكَ سَائِلِي عَنْ عَظَائِمِ الْأُمُورِ وإِنَّكَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لَا تَجُورُ وعَدْلُكَ مُهْلِكِي ومِنْ كلّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي فَإِنْ تُعَذِّبْنِي يَا إِلَهِي فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ وإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وجُودِكَ وكَرَمِكَ‏ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ‏ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْخَائِفِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُكَبِّرِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ رَبِّي ورَبُّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ اللَّهُمَّ هَذَا ثَنَائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً وإِخْلَاصِي لِذِكْرِكَ مُوَحِّداً وإِقْرَارِي بِآلَائِكَ مُعَدِّداً وإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً إِنِّي لَمْ أَحْصِهَا لِكَثْرَتِهَا وسُبُوغِهَا وتَظَاهُرِهَا وتَقَادُمِهَا إِلَى حَادِثٍ مَا لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنِي بِهِ مَعَهَا مُنْذُ خَلَقْتَنِي وبَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ الْعُمُرِ مِنَ الْإِغْنَاءِ مِنَ الْفَقْرِ وكَشْفِ الضُّرِّ وتَسْبِيبِ الْيُسْرِ ودَفْعِ الْعُسْرِ وتَفْرِيجِ الْكَرْبِ والْعَافِيَةِ فِي الْبَدَنِ والسَّلَامَةِ فِي الدِّينِ ولَورَفَدَنِي عَلَى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَمِيعُ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ والْآخِرِينَ مَا قَدَرْتُ ولَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ تَقَدَّسْتَ وتَعَالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَرِيمٍ عَظِيمٍ رَحِيمٍ لَا تُحْصَى آلَاؤُكَ ولَا يُبْلَغُ ثَنَاؤُكَ ولَا تُكَافَى نَعْمَاؤُكَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأَتْمِمْ عَلَيْنَا نِعَمَكَ وأَسْعِدْنَا بِطَاعَتِكَ سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ وتَكْشِفُ السُّوءَ وتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ وتَشْفِي السَّقِيمَ وتُغْنِي الْفَقِيرَ وتَجْبُرُ الْكَسِيرَ وتَرْحَمُ الصَّغِيرَ وتُعِينُ الْكَبِيرَ ولَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ ولَا فَوْقَكَ قَدِيرٌ وأَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ يَا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ يَا رَازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ يَا مَنْ لَا شَرِيكَ لَهُ ولَا وَزِيرَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأَعْطِنِي فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَ وأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُوَلِّيهَا وآلَاءٍ تُجَدِّدُهَا وبَلِيَّةٍ تَصْرِفُهَا وكُرْبَةٍ تَكْشِفُهَا ودَعْوَةٍ تَسْمَعُهَا وحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُهَا وسَيِّئَةٍ تَتَغَمَّدُهَا إِنَّكَ لَطِيفٌ بِمَا تَشَاءُ خَبِيرٌ وعَلَى كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ وأَسْرَعُ مَنْ أَجَابَ وأَكْرَمُ مَنْ عَفَا وأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى وأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ يَا رَحْمَانَ الدُّنْيَا والْآخِرَةِ ورَحِيمَهُمَا لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْئُولٌ ولَا سِوَاكَ مَأْمُولٌ دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي وسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي ورَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي ووَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي وفَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسُولِكَ ونَبِيِّكَ وعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ وتَمِّمْ لَنَا نَعْمَاءَكَ وهَنِّئْنَا عَطَاءَكَ واكْتُبْنَا لَكَ شَاكِرِينَ ولِآلَائِكَ ذَاكِرِينَ آمِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ يَا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ وقَدَرَ فَقَهَرَ وعُصِيَ فَسَتَرَ واسْتَغْفَرَ فَغَفَرَ يَا غَايَةَ الطَّالِبِينَ ومُنْتَهَى أَمَلِ الرَّاجِينَ يَا مَنْ‏ أَحاطَ بكلّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً ووَسَّعَ الْمُسْتَقِيلِينَ رَأْفَةً ورَحْمَةً وحِلْماً اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَهَا وعَظَّمْتَهَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ ورَسُولِكَ وخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وأَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وجَعَلْتَهُ‏ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ‏ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذَلِكَ مِنْكَ يَا عَظِيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ وتَغَمَّدْنَا بِعَفْوِكَ عَنَّا فَإِلَيْكَ عَجَّتِ الْأَصْوَاتُ بِصُنُوفِ اللُّغَاتِ فَاجْعَلْ لَنَا اللَّهُمَّ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً مِنْ كلّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبَادِكَ ونُورٍ تَهْدِي بِهِ ورَحْمَةٍ تَنْشُرُهَا وبَرَكَةٍ تُنْزِلُهَا وعَافِيَةٍ تُجَلِّلُهَا ورِزْقٍ تَبْسُطُهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ اقْلِبْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غَانِمِينَ ولَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ ولَا تُخْلِنَا مِنْ رَحْمَتِكَ ولَا تَحْرِمْنَا مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ ولَا تَجْعَلْنَا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ ولَا لِفَضْلِ مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطَائِكَ قَانِطِينَ ولَا تَرُدَّنَا خَائِبِينَ ولَا مِنْ بَابِكَ مَطْرُودِينَ يَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ وأَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ إِلَيْكَ أَقْبَلْنَا مُوقِنِينَ ولِبَيْتِكَ الْحَرَامِ آمِينَ قَاصِدِينَ فَأَعِنَّا عَلَى مَنَاسِكِنَا وأَكْمِلْ لَنَا حَجَّنَا واعْفُ اللَّهُمَّ عَنَّا وعَافِنَا فَقَدْ مَدَدْنَا إِلَيْكَ أَيْدِيَنَا فَهِيَ بِذِلَّةِ الِاعْتِرَافِ مَوْسُومَةٌ اللَّهُمَّ فَأَعْطِنَا فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ مَا سَأَلْنَاكَ واكْفِنَا مَا اسْتَكْفَيْنَاكَ فَلَا كَافِيَ لَنَا سِوَاكَ ولَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ نَافِذٌ فِينَا حُكْمُكَ مُحِيطٌ بِنَا عِلْمُكَ عَدْلٌ فِينَا قَضَاؤُكَ اقْضِ لَنَا الْخَيْرَ واجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ اللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَنَا بِجُودِكَ عَظِيمَ الْأَجْرِ وكَرِيمَ الذُّخْرِ ودَوَامَ الْيُسْرِ واغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا أَجْمَعِينَ ولَا تُهْلِكْنَا مَعَ الْهَالِكِينَ ولَا تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ ورَحْمَتَكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ وشَكَرَكَ‏ فَزِدْتَهُ وتَابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ وتَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كلّها فَغَفَرْتَهَا لَهُ يَا ذَا الْجَلَالِ والْإِكْرَامِ اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وسَدِّدْنَا واقْبَلْ تَضَرُّعَنَا يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ويَا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ يَا مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ إِغْمَاضُ الْجُفُونِ ولَا لَحْظُ الْعُيُونِ ولَا مَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ ولَا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمِرَاتُ الْقُلُوبِ أَلَا كلّ ذَلِكَ قَدْ أَحْصَاهُ عِلْمُكَ ووَسِعَهُ حِلْمُكَ سُبْحَانَكَ وتَعَالَيْتَ عمّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً تُسَبِّحُ لَكَ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ والْأَرَضُونَ ومَنْ فِيهِنَّ وإِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ فَلَكَ الْحَمْدُ والْمَجْدُ وعُلُو الْجَدِّ يَا ذَا الْجَلَالِ والْإِكْرَامِ والْفَضْلِ والْإِنْعَامِ والْأَيَادِي الْجِسَامِ وأَنْتَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ اللَّهُمَّ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلَالِ وعَافِنِي فِي بَدَنِي ودِينِي وآمِنْ خَوْفِي وأَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ اللَّهُمَّ لَا تَمْكُرْ بِي ولَا تَسْتَدْرِجْنِي ولَا تَخْدَعْنِي وادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ والْإِنْسِ قَالَ بِشْرٌ وبَشِيرٌ ثُمَّ رَفَعَ علیه السلام صَوْتَهُ وبَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وعَيْنَاهُ قَاطِرَتَانِ كَأَنَّهَا مَزَادَتَانِ وقَالَ يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ ويَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ ويَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ ويَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ السَّادَةِ الْمَيَامِينِ وأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ حَاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي وإِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَنِي أَسْأَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَكَ الْمُلْكُ ولَكَ الْحَمْدُ وأَنْتَ عَلَى كلّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ يَا رَبِّ يَا رَبِّ قَالَ بِشْرٌ وبَشِيرٌ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ علیه السلام جَهْدٌ إِلَّا قَوْلُهُ يَا رَبِّ يَا رَبِّ بَعْدَ هَذَا الدُّعَاءِ وشَغَلَ مَنْ حَضَرَ مِمَّنْ كَانَ حَوْلَهُ وشَهِدَ ذَلِكَ الْمَحْضَرَ عَنِ الدُّعَاءِ لِأَنْفُسِهِمْ وأَقْبَلُوا عَلَى الِاسْتِمَاعِ لَهُ علیه السلام والتَّأْمِينَ عَلَى دُعَائِهِ قَدِ اقْتَصَرُوا عَلَى ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْبُكَاءِ مَعَهُ وغَرَبَتِ الشَّمْسُ وأَفَاضَ علیه السلام وأَفَاضَ النَّاسُ مَعَهُ .
دعاء الإمام زين العابدين علیه السلام يوم عرفة
كَانَ مِنْ دُعَائِهِ علیه السلام فِي يَوْمِ عَرَفَةَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ رَبِ‏ الْعالَمِينَ‏ اللَّهُمَ‏ لَكَ‏ الْحَمْدُ بَدِيعَ‏ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ، ذَا الْجَلَالِ والْإِكْرَامِ، رَبَّ الْأَرْبَابِ، وإِلَهَ كلّ مَأْلُوهٍ، وخَالِقَ كلّ مَخْلُوقٍ، ووَارِثَ كلّ شَيْ‏ءٍ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ، ولَا يَعْزُبُ عَنْهُ عِلْمُ شَيْ‏ءٍ، وهُو بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ، وهُو عَلَى كلّ شَيْ‏ءٍ رَقِيبٌ. أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الْمُتَوَحِّدُ الْفَرْدُ الْمُتَفَرِّدُ وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْكَرِيمُ
الْمُتَكَرِّمُ، الْعَظِيمُ الْمُتَعَظِّمُ، الْكَبِيرُ الْمُتَكَبِّرُ وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْعَلِيُّ الْمُتَعَالِ، الشَّدِيدُ الْمِحَالِ وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، الْقَدِيمُ الْخَبِيرُ وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْكَرِيمُ الْأَكْرَمُ، الدَّائِمُ الْأَدْوَمُ، وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَوَّلُ قَبْلَ كلّ أَحَدٍ، والْآخِرُ بَعْدَ كلّ عَدَدٍ وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الدَّانِي فِي عُلُوِّهِ، والْعَالِي فِي دُنُوِّهِ وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، ذُو الْبَهَاءِ والْمَجْدِ، والْكِبْرِيَاءِ والْحَمْدِ وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الَّذِي أَنْشَأْتَ الْأَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ سِنْخٍ، وصَوَّرْتَ مَا صَوَّرْتَ مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ، وابْتَدَعْتَ الْمُبْتَدَعَاتِ بِلَا احْتِذَاءٍ. أَنْتَ الَّذِي قَدَّرْتَ كلّ شَيْ‏ءٍ تَقْدِيراً، ويَسَّرْتَ كلّ شَيْ‏ءٍ تَيْسِيراً، ودَبَّرْتَ مَا دُونَكَ تَدْبِيراً أَنْتَ الَّذِي لَمْ يُعِنْكَ عَلَى خَلْقِكَ شَرِيكٌ، ولَمْ يُوَازِرْكَ فِي أَمْرِكَ وَزِيرٌ، ولَمْ يَكُنْ لَكَ مُشَاهِدٌ ولَا نَظِيرٌ. أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ فَكَانَ حَتْماً مَا أَرَدْتَ، وقَضَيْتَ فَكَانَ عَدْلًا مَا قَضَيْتَ، وحَكَمْتَ فَكَانَ نِصْفاً مَا حَكَمْتَ. أَنْتَ الَّذِي لَا يَحْوِيكَ مَكَانٌ، ولَمْ يَقُمْ لِسُلْطَانِكَ سُلْطَانٌ، ولَمْ يُعْيِكَ بُرْهَانٌ ولَا بَيَانٌ. أَنْتَ الَّذِي أَحْصَيْتَ‏ كلّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً، وجَعَلْتَ لكلّ شَيْ‏ءٍ أَمَداً، وقَدَّرْتَ كلّ شَيْ‏ءٍ تَقْدِيراً. أَنْتَ الَّذِي قَصُرَتِ الْأَوْهَامُ عَنْ ذَاتِيَّتِكَ، وعَجَزَتِ الْأَفْهَامُ عَنْ كَيْفِيَّتِكَ، ولَمْ تُدْرِكِ الْأَبْصَارُ مَوْضِعَ أَيْنِيَّتِكَ. أَنْتَ الَّذِي لَا تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً، ولَمْ تُمَثَّلْ فَتَكُونَ مَوْجُوداً، ولَمْ تَلِدْ فَتَكُونَ مَوْلُوداً. أَنْتَ الَّذِي لَا ضِدَّ مَعَكَ فَيُعَانِدَكَ، ولَا عِدْلَ لَكَ فَيُكَاثِرَكَ، ولَا نِدَّ لَكَ فَيُعَارِضَكَ. أَنْتَ الَّذِي ابْتَدَأَ، واخْتَرَعَ، واسْتَحْدَثَ، وابْتَدَعَ، وأَحْسَنَ صُنْعَ مَا صَنَعَ. سُبْحَانَكَ! مَا أَجَلَّ شَأْنَكَ، وأَسْنَى فِي الْأَمَاكِنِ مَكَانَكَ، وأَصْدَعَ بِالْحَقِّ فُرْقَانَكَ! سُبْحَانَكَ! مِنْ لَطِيفٍ مَا أَلْطَفَكَ، ورَءُوفٍ مَا أَرْأَفَكَ، وحَكِيمٍ مَا أَعْرَفَكَ! سُبْحَانَكَ! مِنْ مَلِيكٍ مَا أَمْنَعَكَ، وجَوَادٍ مَا أَوْسَعَكَ، ورَفِيعٍ مَا أَرْفَعَكَ! ذُوالْبَهَاءِ والْمَجْدِ والْكِبْرِيَاءِ والْحَمْدِ. سُبْحَانَكَ! بَسَطْتَ بِالْخَيْرَاتِ يَدَكَ، وعُرِفَتِ الْهِدَايَةُ مِنْ عِنْدِكَ، فَمَنِ الْتَمَسَكَ لِدِينٍ أَودُنْيَا وَجَدَكَ! سُبْحَانَكَ! خَضَعَ لَكَ مَنْ جَرَى فِي عِلْمِكَ، وخَشَعَ لِعَظَمَتِكَ مَا دُونَ عَرْشِكَ، وانْقَادَ لِلتَّسْلِيمِ لَكَ كلّ خَلْقِكَ! سُبْحَانَكَ! لَا تُحَسُّ ولَا تُجَسُّ ولَا تُمَسُّ ولَا تُكَادُ ولَا تُمَاطُ ولَا تُنَازَعُ ولَا تُجَارَى ولَا تُمَارَى ولَا تُخَادَعُ ولَا تُمَاكَرُ! سُبْحَانَكَ! سَبِيلُكَ جَدَدٌ. وأَمْرُكَ رَشَدٌ، وأَنْتَ حَيٌّ صَمَدٌ. سُبْحَانَكَ! قَولُكَ حُكْمٌ، وقَضَاؤُكَ حَتْمٌ، وإِرَادَتُكَ عَزْمٌ!. سُبْحَانَكَ! لَا رَادَّ لِمَشِيَّتِكَ، ولَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ!. سُبْحَانَكَ! بَاهِرَ الْآيَاتِ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ، بَارِئَ النَّسَمَاتِ! لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَدُومُ بِدَوَامِكَ ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خَالِداً بِنِعْمَتِكَ. ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يُوَازِي صُنْعَكَ ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ. ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ كلّ حَامِدٍ، وشُكْراً يَقْصُرُ عَنْهُ شُكْرُ كلّ شَاكِرٍ حَمْداً لَا يَنْبَغِي إِلَّا لَكَ، ولَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَّا إِلَيْكَ حَمْداً يُسْتَدَامُ بِهِ الْأَوَّلُ، ويُسْتَدْعَى بِهِ دَوَامُ الْآخِرِ. حَمْداً يَتَضَاعَفُ عَلَى كُرُورِ الْأَزْمِنَةِ، ويَتَزَايَدُ أَضْعَافاً مُتَرَادِفَةً. حَمْداً يَعْجِزُ عَنْ إِحْصَائِهِ الْحَفَظَةُ، ويَزِيدُ عَلَى مَا أَحْصَتْهُ فِي كِتَابِكَ الْكَتَبَةُ حَمْداً يُوازِنُ عَرْشَكَ الْمَجِيدَ ويُعَادِلُ كُرْسِيَّكَ الرَّفِيعَ. حَمْداً يَكْمُلُ لَدَيْكَ ثَوَابُهُ، ويَسْتَغْرِقُ كلّ جَزَاءٍ جَزَاؤُهُ حَمْداً ظَاهِرُهُ وَفْقٌ لِبَاطِنِهِ، وبَاطِنُهُ وَفْقٌ لِصِدْقِ النِّيَّةِ حَمْداً لَمْ يَحْمَدْكَ خَلْقٌ مِثْلَهُ، ولَا يَعْرِفُ أَحَدٌ سِوَاكَ فَضْلَهُ حَمْداً يُعَانُ مَنِ اجْتَهَدَ فِي تَعْدِيدِهِ، ويُؤَيَّدُ مَنْ أَغْرَقَ نَزْعاً فِي تَوْفِيَتِهِ. حَمْداً يَجْمَعُ مَا خَلَقْتَ مِنَ الْحَمْدِ، ويَنْتَظِمُ مَا أَنْتَ خَالِقُهُ مِنْ بَعْدُ. حَمْداً لَا حَمْدَ أَقْرَبُ إِلَى قَوْلِكَ مِنْهُ، ولَا أَحْمَدَ مِمَّنْ يَحْمَدُكَ بِهِ. حَمْداً يُوجِبُ بِكَرَمِكَ الْمَزِيدَ بِوُفُورِهِ، وتَصِلُهُ بِمَزِيدٍ بَعْدَ مَزِيدٍ طَوْلًا مِنْكَ‏. حَمْداً يَجِبُ لِكَرَمِ وَجْهِكَ، ويُقَابِلُ عِزَّ جَلَالِكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، الْمُنْتَجَبِ الْمُصْطَفَى الْمُكَرَّمِ الْمُقَرَّبِ، أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ، وبَارِكْ عَلَيْهِ أَتَمَّ بَرَكَاتِكَ، وتَرَحَّمْ عَلَيْهِ أَمْتَعَ رَحَمَاتِكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، صَلَاةً زَاكِيَةً لَا تَكُونُ صَلَاةٌ أَزْكَى مِنْهَا، وصَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً نَامِيَةً لَا تَكُونُ صَلَاةٌ أَنْمَى مِنْهَا، وصَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً رَاضِيَةً لَا تَكُونُ صَلَاةٌ فَوْقَهَا. رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، صَلَاةً تُرْضِيهِ وتَزِيدُ عَلَى رِضَاهُ، وصَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً تُرْضِيكَ وتَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ لَهُ وصَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً لَا تَرْضَى لَهُ إِلَّا بِهَا، ولَا تَرَى غَيْرَهُ لَهَا أَهْلًا. رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ صَلَاةً تُجَاوِزُ رِضْوَانَكَ، ويَتَّصِلُ اتِّصَالُهَا بِبَقَائِكَ، ولَا يَنْفَدُ كَمَا لَا تَنْفَدُ كَلِمَاتُكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، صَلَاةً تَنْتَظِمُ صَلَوَاتِ مَلَائِكَتِكَ وأَنْبِيَائِكَ ورُسُلِكَ وأَهْلِ طَاعَتِكَ، وتَشْتَمِلُ عَلَى صَلَوَاتِ عِبَادِكَ مِنْ جِنِّكَ وإِنْسِكَ وأَهْلِ إِجَابَتِكَ، وتَجْتَمِعُ عَلَى صَلَاةِ كلّ مَنْ ذَرَأْتَ وبَرَأْتَ مِنْ أَصْنَافِ خَلْقِكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وآلِهِ، صَلَاةً تُحِيطُ بكلّ صَلَاةٍ سَالِفَةٍ ومُسْتَأْنَفَةٍ، وصَلِّ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ، صَلَاةً مَرْضِيَّةً لَكَ ولِمَنْ دُونَكَ، وتُنْشِئُ مَعَ ذَلِكَ صَلَوَاتٍ تُضَاعِفُ مَعَهَا تِلْكَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَهَا، وتَزِيدُهَا عَلَى كُرُورِ الْأَيَّامِ زِيَادَةً فِي تَضَاعِيفَ لَا يَعُدُّهَا غَيْرُكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَى أَطَايِبِ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِأَمْرِكَ، وجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ، وحَفَظَةَ دِينِكَ، وخُلَفَاءَكَ فِي أَرْضِكَ، وحُجَجَكَ عَلَى عِبَادِكَ، وطَهَّرْتَهُمْ مِنَ الرِّجْسِ والدَّنَسِ تَطْهِيراً بِإِرَادَتِكَ، وجَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ إِلَيْكَ، والْمَسْلَكَ إِلَى جَنَّتِكَ‏. رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، صَلَاةً تُجْزِلُ لَهُمْ بِهَا مِنْ نِحَلِكَ وكَرَامَتِكَ، وتُكْمِلُ لَهُمُ الْأَشْيَاءَ مِنْ عَطَايَاكَ ونَوَافِلِكَ، وتُوَفِّرُ عَلَيْهِمُ الْحَظَّ مِنْ عَوَائِدِكَ وفَوَائِدِكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ صَلَاةً لَا أَمَدَ فِي أَوَّلِهَا، ولَا غَايَةَ لِأَمَدِهَا، ولَا نِهَايَةَ لِآخِرِهَا. رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِمْ زِنَةَ عَرْشِكَ ومَا دُونَهُ، ومِلْ‏ءَ سَمَاوَاتِكَ ومَا فَوْقَهُنَّ، وعَدَدَ أَرَضِيكَ ومَا تَحْتَهُنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، صَلَاةً تُقَرِّبُهُمْ مِنْكَ زُلْفَى، وتَكُونُ لَكَ ولَهُمْ رِضًى، ومُتَّصِلَةً بِنَظَائِرِهِنَّ أَبَداً. اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي كلّ أَوَانٍ بِإِمَامٍ أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ، ومَنَاراً فِي بِلَادِكَ بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ، وجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إِلَى رِضْوَانِكَ، وافْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وأَمَرْتَ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، والِانْتِهَاءِ عِنْدَ نَهْيِهِ، وأَلَّا يَتَقَدَّمَهُ مُتَقَدِّمٌ، ولَا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ فَهُو عِصْمَةُ اللَّائِذِينَ، وكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ وعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ، وبَهَاءُ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ فَأَوْزِعْ لِوَلِيِّكَ شُكْرَ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وأَوْزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ، وآتِهِ‏ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً، وافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً، وأَعِنْهُ بِرُكْنِكَ الْأَعَزِّ، واشْدُدْ أَزْرَهُ، وقَو عَضُدَهُ، ورَاعِهِ بِعَيْنِكَ، واحْمِهِ بِحِفْظِكَ وانْصُرْهُ بِمَلَائِكَتِكَ، وامْدُدْهُ بِجُنْدِكَ الْأَغْلَبِ. وأَقِمْ بِهِ كِتَابَكَ وحُدُودَكَ وشَرَائِعَكَ وسُنَنَ رَسُولِكَ،- صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وآلِهِ-، وأَحْيِ بِهِ مَا أَمَاتَهُ الظَّالِمُونَ مِنْ مَعَالِمِ دِينِكَ، واجْلُ بِهِ صَدَاءَ الْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ، وأَبِنْ بِهِ الضَّرَّاءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وأَزِلْ بِهِ النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وامْحَقْ بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً وأَلِنْ جَانِبَهُ لِأَوْلِيَائِكَ، وابْسُطْ يَدَهُ عَلَى أَعْدَائِكَ، وهَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ، ورَحْمَتَهُ وتَعَطُّفَهُ وتَحَنُّنَهُ، واجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وفِي رِضَاهُ سَاعِينَ، وإِلَى نُصْرَتِهِ والْمُدَافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ، وإِلَيْكَ وإِلَى رَسُولِكَ- صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وآلِهِ- بِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ. اللَّهُمَّ وصَلِّ عَلَى أَوْلِيَائِهِمُ الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقَامِهِمُ، الْمُتَّبِعِينَ مَنْهَجَهُمُ، الْمُقْتَفِينَ آثَارَهُمُ، الْمُسْتَمْسِكِينَ بِعُرْوَتِهِمُ، الْمُتَمَسِّكِينَ بِوِلَايَتِهِمُ، الْمُؤْتَمِّينَ بِإِمَامَتِهِمُ، الْمُسَلِّمِينَ لِأَمْرِهِمُ، الْمُجْتَهِدِينَ فِي طَاعَتِهِمُ، الْمُنْتَظِرِينَ أَيَّامَهُمُ، الْمَادِّينَ إِلَيْهِمْ أَعْيُنَهُمُ، الصَّلَوَاتِ الْمُبَارَكَاتِ الزَّاكِيَاتِ النَّامِيَاتِ الْغَادِيَاتِ الرَّائِحَاتِ. وسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وعَلَى أَرْوَاحِهِمْ، واجْمَعْ عَلَى التَّقْوَى أَمْرَهُمْ، وأَصْلِحْ لَهُمْ شُئُونَهُمْ، وتُبْ عَلَيْهِمْ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏، وخَيْرُ الْغافِرِينَ‏، واجْعَلْنَا مَعَهُمْ فِي دَارِ السَّلَامِ بِرَحْمَتِكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمٌ شَرَّفْتَهُ وكَرَّمْتَهُ وعَظَّمْتَهُ، نَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ، ومَنَنْتَ فِيهِ بِعَفْوِكَ، وأَجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتَكَ، وتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَى عِبَادِكَ. اللَّهُمَّ وأَنَا عَبْدُكَ الَّذِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِكَ لَهُ وبَعْدَ خَلْقِكَ إِيَّاهُ، فَجَعَلْتَهُ مِمَّنْ هَدَيْتَهُ لِدِينِكَ، ووَفَّقْتَهُ لِحَقِّكَ، وعَصَمْتَهُ بِحَبْلِكَ، وأَدْخَلْتَهُ فِي حِزْبِكَ، وأَرْشَدْتَهُ لِمُوَالاةِ أَوْلِيَائِكَ، ومُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ. ثُمَّ أَمَرْتَهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ، وزَجَرْتَهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ، ونَهَيْتَهُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، فَخَالَفَ أَمْرَكَ إِلَى نَهْيِكَ، لَا مُعَانَدَةً لَكَ، ولَا اسْتِكْبَاراً عَلَيْكَ، بَلْ دَعَاهُ هَوَاهُ إِلَى مَا زَيَّلْتَهُ وإِلَى مَا حَذَّرْتَهُ، وأَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ عَدُوُّكَ وعَدُوُّهُ، فَأَقْدَمَ عَلَيْهِ عَارِفاً بِوَعِيدِكَ، رَاجِياً لِعَفْوِكَ، وَاثِقاً بِتَجَاوُزِكَ، وكَانَ أَحَقَّ عِبَادِكَ مَعَ مَا مَنَنْتَ عَلَيْهِ أَلَّا يَفْعَلَ.
وهَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ صَاغِراً ذَلِيلًا خَاضِعاً خَاشِعاً خَائِفاً، مُعْتَرِفاً بِعَظِيمٍ مِنَ الذُّنُوبِ تَحَمَّلْتُهُ، وجَلِيلٍ مِنَ الْخَطَايَا اجْتَرَمْتُهُ، مُسْتَجِيراً بِصَفْحِكَ، لَائِذاً بِرَحْمَتِكَ، مُوقِناً أَنَّهُ لَا يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ، ولَا يَمْنَعُنِي مِنْكَ مَانِعٌ. فَعُدْ عَلَيَّ بِمَا تَعُودُ بِهِ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ مِنْ تَغَمُّدِكَ، وجُدْ عَلَيَّ بِمَا تَجُودُ بِهِ عَلَى مَنْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَيْكَ مِنْ عَفْوِكَ، وامْنُنْ عَلَيَّ بِمَا لَا يَتَعَاظَمُكَ أَنْ تَمُنَّ بِهِ عَلَى مَنْ أَمَّلَكَ مِنْ غُفْرَانِكَ، واجْعَلْ لِي فِي هَذَا الْيَوْمِ نَصِيباً أَنَالُ بِهِ حَظّاً مِنْ رِضْوَانِكَ، ولَا تَرُدَّنِي صِفْراً ممّا يَنْقَلِبُ بِهِ الْمُتَعَبِّدُونَ لَكَ مِنْ عِبَادِكَ وإِنِّي وإِنْ لَمْ أُقَدِّمْ مَا قَدَّمُوهُ مِنَ الصَّالِحَاتِ فَقَدْ قَدَّمْتُ تَوْحِيدَكَ ونَفْيَ الْأَضْدَادِ والْأَنْدَادِ والْأَشْبَاهِ عَنْكَ، وأَتَيْتُكَ مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِي أَمَرْتَ أَنْ تُؤْتَى مِنْهَا، وتَقَرَّبْتُ إِلَيْكَ بِمَا لَا يَقْرُبُ أَحَدٌ مِنْكَ إِلَّا بالتَّقَرُّبِ بِهِ. ثُمَّ أَتْبَعْتُ ذَلِكَ بِالْإِنَابَةِ إِلَيْكَ، والتَّذَلُّلِ والِاسْتِكَانَةِ لَكَ، وحُسْنِ الظَّنِّ بِكَ، والثِّقَةِ بِمَا عِنْدَكَ، وشَفَعْتُهُ بِرَجَائِكَ الَّذِي قَلَّ مَا يَخِيبُ عَلَيْهِ رَاجِيكَ. وسَأَلْتُكَ مسألة الْحَقِيرِ الذَّلِيلِ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ، ومَعَ ذَلِكَ خِيفَةً وتَضَرُّعاً وتَعَوُّذاً وتَلَوُّذاً، لَا مُسْتَطِيلًا بِتَكَبُّرِ الْمُتَكَبِّرِينَ، ولَا مُتَعَالِياً بِدَالَّةِ الْمُطِيعِينَ، ولَا مُسْتَطِيلًا بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ. وأَنَا بَعْدُ أَقَلُّ الْأَقَلِّينَ، وأَذَلُّ الْأَذَلِّينَ، ومِثْلُ الذَّرَّةِ أَودُونَهَا، فَيَا مَنْ لَمْ يُعَاجِلِ الْمُسِيئِينَ، ولَا يَنْدَهُ الْمُتْرَفِينَ، ويَا مَنْ يَمُنُّ بِإِقَالَةِ الْعَاثِرِينَ، ويَتَفَضَّلُ بِإِنْظَارِ الْخَاطِئِينَ. أَنَا الْمُسِي‏ءُ الْمُعْتَرِفُ الْخَاطِئُ الْعَاثِرُ. أَنَا الَّذِي أَقْدَمَ عَلَيْكَ مُجْتَرِئاً. أَنَا الَّذِي عَصَاكَ مُتَعَمِّداً. أَنَا الَّذِي اسْتَخْفَى مِنْ عِبَادِكَ وبَارَزَكَ. أَنَا الَّذِي هَابَ عِبَادَكَ وأَمِنَكَ. أَنَا الَّذِي لَمْ يَرْهَبْ سَطْوَتَكَ، ولَمْ يَخَفْ بَأْسَكَ. أَنَا الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ أَنَا الْمُرْتَهَنُ بِبَلِيَّتِهِ. أَنَا القَلِيلُ الْحَيَاءِ. أَنَا الطَّوِيلُ الْعَنَاءِ. بِحَقِّ مَنِ انْتَجَبْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وبِمَنِ اصْطَفَيْتَهُ لِنَفْسِكَ، بِحَقِّ مَنِ اخْتَرْتَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، ومَنِ اجْتَبَيْتَ لِشَأْنِكَ، بِحَقِّ مَنْ وَصَلْتَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِكَ، ومَنْ جَعَلْتَ مَعْصِيَتَهُ كَمَعْصِيَتِكَ، بِحَقِّ مَنْ قَرَنْتَ مُوَالاتَهُ بِمُوَالاتِكَ، ومَنْ نُطْتَ مُعَادَاتَهُ بِمُعَادَاتِكَ، تَغَمَّدْنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِمَا تَتَغَمَّدُ بِهِ مَنْ جَارَ إِلَيْكَ مُتَنَصِّلًا، وعَاذَ بِاسْتِغْفَارِكَ تَائِباً. وتَوَلَّنِي بِمَا تَتَوَلَّى بِهِ أَهْلَ طَاعَتِكَ والزُّلْفَى لَدَيْكَ والْمَكَانَةِ مِنْكَ. وتَوَحَّدْنِي بِمَا تَتَوَحَّدُ بِهِ مَنْ وَفَى بِعَهْدِكَ، وأَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِكَ، وأَجْهَدَهَا فِي مَرْضَاتِكَ. ولَا تُؤَاخِذْنِي بِتَفْرِيطِي فِي جَنْبِكَ، وتَعَدِّي طَوْرِي فِي حُدُودِكَ، ومُجَاوَزَةِ أَحْكَامِكَ. ولَا تَسْتَدْرِجْنِي بِإِمْلَائِكَ لِي اسْتِدْرَاجَ مَنْ مَنَعَنِي خَيْرَ مَا عِنْدَهُ ولَمْ يَشْرَكْكَ فِي حُلُولِ نِعْمَتِهِ بِي. ونَبِّهْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْغَافِلِينَ، وسِنَةِ الْمُسْرِفِينَ، ونَعْسَةِ الْمَخْذُولِينَ وخُذْ بِقَلْبِي إِلَى مَا اسْتَعْمَلْتَ بِهِ الْقَانِتِينَ، واسْتَعْبَدْتَ بِهِ الْمُتَعَبِّدِينَ، واسْتَنْقَذْتَ بِهِ الْمُتَهَاوِنِينَ. وأَعِذْنِي ممّا يُبَاعِدُنِي عَنْكَ، ويَحُولُ بَيْنِي وبَيْنَ حَظِّي مِنْكَ، ويَصُدُّنِي عمّا أُحَاوِلُ لَدَيْكَ وسَهِّلْ لِي مَسْلَكَ الْخَيْرَاتِ إِلَيْكَ، والْمُسَابَقَةَ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ أَمَرْتَ، والْمُشَاحَّةَ فِيهَا عَلَى مَا أَرَدْتَ. ولَا تَمْحَقْنِي فِيمَن تَمْحَقُ مِنَ الْمُسْتَخِفِّينَ بِمَا أَوْعَدْتَ ولَا تُهْلِكْنِي مَعَ مَنْ تُهْلِكُ مِنَ الْمُتَعَرِّضِينَ لِمَقْتِكَ ولَا تُتَبِّرْنِي فِيمَنْ تُتَبِّرُ مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ سُبُلِكَ‏ ونَجِّنِي مِنْ غَمَرَاتِ الْفِتْنَةِ، وخَلِّصْنِي مِنْ لَهَوَاتِ الْبَلْوَى، وأَجِرْنِي مِنْ أَخْذِ الْإِمْلَاءِ. وحُلْ بَيْنِي وبَيْنَ عَدُو يُضِلُّنِي، وهَوًى يُوبِقُنِي، ومَنْقَصَةٍ تَرْهَقُنِي ولَا تُعْرِضْ عَنِّي إِعْرَاضَ مَنْ لَا تَرْضَى عَنْهُ بَعْدَ غَضَبِكَ ولَا تُؤْيِسْنِي مِنَ الْأَمَلِ فِيكَ فَيَغْلِبَ عَلَيَّ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِكَ ولَا تَمْنَحْنِي بِمَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ فَتَبْهَظَنِي ممّا تُحَمِّلُنِيهِ مِنْ فَضْلِ مَحَبَّتِكَ. ولَا تُرْسِلْنِي مِنْ يَدِكَ إِرْسَالَ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، ولَا حَاجَةَ بِكَ إِلَيْهِ، ولَا إِنَابَةَ لَهُ ولَا تَرْمِ بِي رَمْيَ مَنْ سَقَطَ مِنْ عَيْنِ رِعَايَتِكَ، ومَنِ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْخِزْيُ مِنْ عِنْدِكَ، بَلْ خُذْ بِيَدِي مِنْ سَقْطَةِ الْمُتَرَدِّينَ، ووَهْلَةِ الْمُتَعَسِّفِينَ، وزَلَّةِ الْمَغْرُورِينَ، ووَرْطَةِ الْهَالِكِينَ. وعَافِنِي ممّا ابْتَلَيْتَ بِهِ طَبَقَاتِ عَبِيدِكَ وإِمَائِكَ، وبَلِّغْنِي مَبَالِغَ مَنْ عُنِيتَ بِهِ، وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ، ورَضِيتَ عَنْهُ، فَأَعَشْتَهُ حَمِيداً، وتَوَفَّيْتَهُ سَعِيداً وطَوِّقْنِي طَوْقَ الْإِقْلَاعِ عمّا يُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ، ويَذْهَبُ بِالْبَرَكَاتِ وأَشْعِرْ قَلْبِيَ الِازْدِجَارَ عَنْ قَبَائِحِ السَّيِّئَاتِ، وفَوَاضِحِ الْحَوْبَاتِ. ولَا تَشْغَلْنِي بِمَا لَا أُدْرِكُهُ إِلَّا بِكَ عمّا لَا يُرْضِيكَ عَنِّي غَيْرُهُ وانْزِعْ مِنْ قَلْبِي حُبَّ دُنْيَا دَنِيَّةٍ تَنْهَى عمّا عِنْدَكَ، وتَصُدُّ عَنِ ابْتِغَاءِ الْوَسِيلَةِ إِلَيْكَ، وتُذْهِلُ عَنِ التَّقَرُّبِ مِنْكَ. وزَيِّنْ لِيَ التَّفَرُّدَ بِمُنَاجَاتِكَ بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ وهَبْ لِي عِصْمَةً تُدْنِينِي مِنْ خَشْيَتِكَ، وتَقْطَعُنِي عَنْ رُكُوبِ مَحَارِمِكَ، وتَفُكَّنِي مِنْ أَسْرِ الْعَظَائِمِ. وهَبْ لِيَ التَّطْهِيرَ مِنْ دَنَسِ الْعِصْيَانِ، وأَذْهِبْ عَنِّي دَرَنَ الْخَطَايَا، وسَرْبِلْنِي بِسِرْبَالِ عَافِيَتِكَ، ورَدِّنِي رِدَاءَ مُعَافَاتِكَ، وجَلِّلْنِي سَوَابِغَ نَعْمَائِكَ، وظَاهِرْ لَدَيَّ فَضْلَكَ وطَوْلَكَ‏ وأَيِّدْنِي بِتَوْفِيقِكَ وتَسْدِيدِكَ، وأَعِنِّي عَلَى صَالِحِ النِّيَّةِ، ومَرْضِيِّ الْقَوْلِ، ومُسْتَحْسَنِ الْعَمَلِ، ولَا تَكِلْنِي إِلَى حَوْلِي وقُوَّتِي دُونَ حَوْلِكَ وقُوَّتِكَ. ولَا تُخْزِنِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي لِلِقَائِكَ، ولَا تَفْضَحْنِي بَيْنَ يَدَيْ أَوْلِيَائِكَ، ولَا تُنْسِنِي ذِكْرَكَ، ولَا تُذْهِبْ عَنِّي شُكْرَكَ، بَلْ أَلْزِمْنِيهِ فِي أَحْوَالِ السَّهْو عِنْدَ غَفَلَاتِ الْجَاهِلِينَ لِآلْائِكَ، وأَوْزِعْنِي أَنْ أُثْنِيَ بِمَا أَوْلَيْتَنِيهِ، وأَعْتَرِفَ بِمَا أَسْدَيْتَهُ إِلَيَّ. واجْعَلْ رَغْبَتِي إِلَيْكَ فَوْقَ رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ، وحَمْدِي إِيَّاكَ فَوْقَ حَمْدِ الْحَامِدِينَ ولَا تَخْذُلْنِي عِنْدَ فَاقَتِي إِلَيْكَ، ولَا تُهْلِكْنِي بِمَا. أَسْدَيْتُهُ إِلَيْكَ، ولَا تَجْبَهْنِي بِمَا جَبَهْتَ بِهِ الْمُعَانِدِينَ لَكَ، فَإِنِّي لَكَ مُسَلِّمٌ، أَعْلَمُ أَنَّ الْحُجَّةَ لَكَ، وأَنَّكَ أَوْلَى بِالْفَضْلِ، وأَعْوَدُ بِالْإِحْسَانِ، وأَهْلُ التَّقْوى‏، وأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، وأَنَّكَ بِأَنْ تَعْفُو أَوْلَى مِنْكَ بِأَنْ تُعَاقِبَ، وأَنَّكَ بِأَنْ تَسْتُرَ أَقْرَبُ مِنْكَ إِلَى أَنْ تَشْهَرَ. فَأَحْيِنِي حَيَاةً طَيِّبَةً تَنْتَظِمُ بِمَا أُرِيدُ، وتَبْلُغُ مَا أُحِبُّ مِنْ حَيْثُ لَا آتِي مَا تَكْرَهُ، ولَا أَرْتَكِبُ مَا نَهَيْتَ عَنْهُ، وأَمِتْنِي مِيتَةَ مَنْ يَسْعَى نُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وعَنْ يَمِينِهِ. وذَلِّلْنِي بَيْنَ يَدَيْكَ، وأَعِزَّنِي عِنْدَ خَلْقِكَ، وضَعْنِي إِذَا خَلَوْتُ بِكَ، وارْفَعْنِي بَيْنَ عِبَادِكَ، وأَغْنِنِي عَمَّنْ هُو غَنِيٌّ عَنِّي، وزِدْنِي إِلَيْكَ فَاقَةً وفَقْراً. وأَعِذْنِي مِنْ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ، ومِنْ حُلُولِ الْبَلَاءِ، ومِنَ الذُّلِّ والْعَنَاءِ، تَغَمَّدْنِي فِيمَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي بِمَا يَتَغَمَّدُ بِهِ الْقَادِرُ عَلَى الْبَطْشِ لَولَا حِلْمُهُ، والْآخِذُ عَلَى الْجَرِيرَةِ لَولَا أَنَاتُهُ وإِذَا أَرَدْتَ بِقَوْمٍ فِتْنَةً أَو سُوءاً فَنَجِّنِي مِنْهَا لِوَاذاً بِكَ، وإِذْ لَمْ تُقِمْنِي مَقَامَ فَضِيحَةٍ فِي دُنْيَاكَ فَلَا تُقِمْنِي مِثْلَهُ فِي آخِرَتِكَ. واشْفَعْ لِي أَوَائِلَ مِنَنِكَ بِأَوَاخِرِهَا، وقَدِيمَ فَوَائِدِكَ بِحَوَادِثِهَا، ولَا تَمْدُدْ لِي مَدّاً يَقْسُو مَعَهُ قَلْبِي، ولَا تَقْرَعْنِي قَارِعَةً يَذْهَبُ لَهَا بَهَائِي، ولَا تَسُمْنِي خَسِيسَةً يَصْغُرُ لَهَا قَدْرِي ولَا نَقِيصَةً يُجْهَلُ مِنْ أَجْلِهَا مَكَانِي. ولَا تَرُعْنِي رَوْعَةً أُبْلِسُ بِهَا، ولَا خِيفَةً أُوجِسُ دُونَهَا، اجْعَلْ هَيْبَتِي فِي وَعِيدِكَ، وحَذَرِي مِنْ إِعْذَارِكَ وإِنْذَارِكَ، ورَهْبَتِي عِنْد تِلَاوَةِ آيَاتِكَ. واعْمُرْ لَيْلِي بِإِيقَاظِي فِيهِ لِعِبَادَتِكَ، وتَفَرُّدِي بِالتَّهَجُّدِ لَكَ، وتَجَرُّدِي بِسُكُونِي إِلَيْكَ، وإِنْزَالِ حَوَائِجِي بِكَ، ومُنَازَلَتِي إِيَّاكَ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِي مِنْ نَارِكَ، وإِجَارَتِي ممّا فِيهِ أَهْلُهَا مِنْ عَذَابِكَ. ولَا تَذَرْنِي فِي طُغْيَانِي عَامِهاً، ولَا فِي غَمْرَتِي سَاهِياً حَتَّى حِينٍ، ولَا تَجْعَلْنِي عِظَةً لِمَنِ اتَّعَظَ، ولَا نَكَالًا لِمَنِ اعْتَبَرَ، ولَا فِتْنَةً لِمَنْ نَظَرَ، ولَا تَمْكُرْ بِي فِيمَنْ تَمْكُرُ بِهِ، ولَا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي، ولَا تُغَيِّرْ لِي اسْماً، ولَا تُبَدِّلْ لِي جِسْماً، ولَا تَتَّخِذْنِي هُزُواً لِخَلْقِكَ، ولَا سُخْرِيّاً لَكَ، ولَا تَبَعاً إِلَّا لِمَرْضَاتِكَ، ولَا مُمْتَهَناً إِلَّا بِالانْتِقَامِ لَكَ. وأَوْجِدْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ، وحَلَاوَةَ رَحْمَتِكَ ورَوْحِكَ ورَيْحَانِكَ، وجَنَّةِ نَعِيمِكَ، وأَذِقْنِي طَعْمَ الْفَرَاغِ لِمَا تُحِبُّ بِسَعَةٍ مِنْ سَعَتِكَ، والِاجْتِهَادِ فِيمَا يُزْلِفُ لَدَيْكَ وعِنْدَكَ، وأَتْحِفْنِي بِتُحْفَةٍ مِنْ تُحَفَاتِكَ. واجْعَلْ تِجَارَتِي رَابِحَةً، وكَرَّتِي غَيْرَ خَاسِرَةٍ، وأَخِفْنِي مَقَامَكَ، وشَوِّقْنِي لِقَاءَكَ، وتُبْ عَلَيَ‏ تَوْبَةً نَصُوحاً لَا تُبْقِ مَعَهَا ذُنُوباً صَغِيرَةً ولَا كَبِيرَةً، ولَا تَذَرْ مَعَهَا عَلَانِيَةً ولَا سَرِيرَةً. وانْزِعِ الْغِلَّ مِنْ صَدْرِي لِلْمُؤْمِنِينَ، واعْطِفْ بِقَلْبِي عَلَى الْخَاشِعِينَ، وكُنْ لِي كَمَا تَكُونُ لِلصَّالِحِينَ، وحَلِّنِي حِلْيَةَ الْمُتَّقِينَ، واجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ‏ فِي الْغَابِرِينَ، وذِكْراً نَامِياً فِي الْآخِرِينَ، ووَافِ بِي عَرْصَةَ الْأَوَّلِينَ. وتَمِّمْ سُبُوغَ نِعْمَتِكَ، عَلَيَّ، وظَاهِرْ كَرَامَاتِهَا لَدَيَّ، امْلَأْ مِنْ فَوَائِدِكَ يَدِي، وسُقْ كَرَائِمَ مَوَاهِبِكَ إِلَيَّ، وجَاوِرْ بِيَ الْأَطْيَبِينَ مِنْ أَوْلِيَائِكَ فِي الْجِنَانِ الَّتِي زَيَّنْتَهَا لِأَصْفِيَائِكَ، وجَلِّلْنِي شَرَائِفَ نِحَلِكَ فِي الْمَقَامَاتِ الْمُعَدَّةِ لِأَحِبَّائِكَ. واجْعَلْ لِي عِنْدَكَ مَقِيلًا آوِي إِلَيْهِ مُطْمَئِنّاً، ومَثَابَةً أَتَبَوَّؤُهَا، وأَقَرُّ عَيْناً، ولَا تُقَايِسْنِي بِعَظِيمَاتِ الْجَرَائِرِ، ولَا تُهْلِكْنِي‏ يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ، وأَزِلْ عَنِّي كلّ شَكٍّ وشُبْهَةٍ، واجْعَلْ لِي فِي الْحَقِّ طَرِيقاً مِنْ كلّ رَحْمَةٍ، وأَجْزِلْ لِي قِسَمَ الْمَوَاهِبِ مِنْ نَوَالِكَ، ووَفِّرْ عَلَيَّ حُظُوظَ الْإِحْسَانِ مِنْ إِفْضَالِكَ. واجْعَلْ قَلْبِي وَاثِقاً بِمَا عِنْدَكَ، وهَمِّي مُسْتَفْرَغاً لِمَا هُو لَكَ، واسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْتَعْمِلُ بِهِ خَالِصَتَكَ، وأَشْرِبْ قَلْبِي عِنْدَ ذُهُولِ الْعُقُولِ طَاعَتَكَ، واجْمَعْ لِيَ الْغِنَى والْعَفَافَ والدَّعَةَ والْمُعَافَاةَ والصحّة والسَّعَةَ والطُّمَأْنِينَةَ والْعَافِيَةَ. ولَا تُحْبِطْ حَسَنَاتِي بِمَا يَشُوبُهَا مِنْ مَعْصِيَتِكَ، ولَا خَلَوَاتِي بِمَا يَعْرِضُ لِي مِنْ نَزَغَاتِ فِتْنَتِكَ، وصُنْ وَجْهِي عَنِ الطَّلَبِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، وذُبَّنِي عَنِ الْتِمَاسِ مَا عِنْدَ الْفَاسِقِينَ. ولَا تَجْعَلْنِي لِلظَّالِمِينَ ظَهِيراً، ولَا لَهُمْ عَلَى مَحْو كِتَابِكَ يَداً ونَصِيراً، وحُطْنِي مِنْ حَيْثُ لَا أَعْلَمُ حِيَاطَةً تَقِينِي بِهَا، وافْتَحْ لِي أَبْوَابَ تَوْبَتِكَ ورَحْمَتِكَ ورَأْفَتِكَ ورِزْقِكَ الْوَاسِعِ، إِنِّي إِلَيْكَ مِنَ الرَّاغِبِينَ، وأَتْمِمْ لِي إِنْعَامَكَ، إِنَّكَ خَيْرُ الْمُنْعِمِينَ واجْعَلْ بَاقِيَ عُمُرِي فِي الْحَجِّ والْعُمْرَةِ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، والسَّلَامُ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ أَبَدَ الْآبِدِينَ .

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"