1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. تهذیب الاصول
  8. /
  9. القسم الخامس المطلق و المقيد-و المجمل و المبين

و هما من الأمور الشائعة في المحاورات في جميع الألسنة،و لا تختص بلغة دون أخرى،و يتقوم بهما الإفادة و الاستفادة،و بحث الأصولي فيهما من هذه الجهة لا لأمر يختص به دون غيره،فكل ما هو مطلق عند متعارف الناس مطلق لديه أيضا،و كذا المقيد و ليس يحد اصطلاح خاص فيه.و معناه عند الكل: ما لم يحدّ بحدّ و لم يقيّد بقيد،و بالتعبير الإيجابي ما هو الشائع في الجنس، كالماء.أو الفرد،كرجل.و أما البدلية و الشمولية فتستفاد من القرائن،خارجية كانت أو داخلية.

و لا فرق بين العام الشمولي و البدلي و بين المطلق الشمولي و البدلي ثبوتا، و إنما الفرق بينهما بحسب مقام الإثبات،إذ لكل منهما لفظ يختص به.

ثم إن الإطلاق و التقييد من شئون المعاني أولا و بالذات و يتصف اللفظ بهما بالعرض،لمكان الاتحاد بين اللفظ و المعنى فيتصف كل منهما بصفات الآخر في الجملة،و لا ثمرة عملية بل و لا علمية في جعلهما من صفات المعنى أولا و بالذات أو بالعكس،لظهور كل منهما في المعنى و في اللفظ أيضا،كظهور حسن المعنى و قبحه في اللفظ كذلك.

و لا ريب في كون الإطلاق و التقييد من الأمور الإضافية،فربّ مقيد يكون مطلقا من جهة و ربّ مطلق يكون مقيدا من جهات،فهما من الأمور الإضافية و كذا العام و الخاص.و المطلق الحقيقي هو اللابشرط المقسمي المهمل عن كل قيد حتى عن عنوان اللابشرطية.

و ذلك لأن كل شيء إما أن يلحظ بذاته،و لا يتصف في هذا اللحاظ بالإطلاق و التقييد،لفرض قصر اللحاظ على الذات من حيث هي و هما ليسا في مرتبة الذات قطعا.أو يلحظ بالنسبة إلى ما هو خارج عن الذات،و حينئذ تتحقق الاعتبارات الثلاثة المعروفة.

لأنه إما أن يلحظ مقيدا و مشروطا به و يعبّر عنه(بشرط شيء)،أو مشروطا بعدمه و هو(بشرط لا)،أو لا مقيدا به و لا بعدمه و هو(اللابشرط)،و لا ريب في أن المقسم لهذه الأقسام لا بد أن يكون مهملا عن كل جهة،كما هو الشأن في كل مقسم بالنسبة إلى أقسامه،و هنا لا بد أن يكون مجردا حتى عن عنوان اللابشرطية أيضا حتى يصح أن يكون مقسما للأقسام التي منها اللابشرط .

و قد وقع البحث في أن المطلق هل هو اللابشرط المقسمي،أو القسمي؟ و على الثاني لا يحتاج في إثبات الإطلاق إلى مقدمات الحكمة،لفرض لحاظ الإرسال فيه بخلاف الأول فإنه يحتاج إليها،لفرض إهماله حتى عند قيد الإرسال.

و الحق هو الأول لأنه المطلق الحقيقي المجرد عن جميع القيود حتى لحاظ الإطلاق و الإرسال،و يمكن إرجاع قول من قال بالثاني إلى الأول كما لا يخفى على من راجع و تأمل.

و أما احتمال أن يكون المطلق هو الذات من حيث هي فهو خطأ.أما أولا: فلأن لحاظه من حيث هي نحو قيد يخرج به عن الإطلاق الصرف.و أما ثانيا: فلأن المطلق في المحاورات ما لوحظ فيه الذات مهملا بالنسبة إلى عوارض الذات لا بالنسبة إلى نفس الذات من حيث هي.و بالجملة:إن المطلق هو اللابشرط المقسمي المهمل عن كل قيد حتى عن الإطلاق فيحتاج في ثبوته له إلى مقدمات الحكمة،و العرف و العقل يشهد لذلك أيضا.

منها:اسم الجنس،و هو اللفظ الموضوع للذات المهمل عن كل قيد حتى قيد الإطلاق،سواء كان جوهرا،أم عرضا،أم عرضيا،أم اعتباريا-كالماء، و الأبيض،و البياض،و الزوجية.

و منها:علم الجنس،و ليس لكل جنس علم،بل هو مقصور على السماع، و لذا قيل:

و وضعوا لبعض الأجناس علم كعلم الأشخاص لفظا و هو عم و لا فرق بينه و بين اسم الجنس إلا من جهتين:

الاولى:أن اسم الجنس نكرة بخلاف علم الجنس،فإنه معرّف لفظي تجري عليه أحكام المعرفة في الجملة-من صحة الابتداء به و نحو ذلك-و لكن تعريفه اللفظي لا يسري إلى المعنى،كما أن التأنيث اللفظي لا يسري إلى الذات، و لكن هذا القسم نادر في غالب الاستعمالات المحاورية خصوصا في الفقه.

الثانية:أن اسم الجنس وضع لذات المعنى على نحو ما مر،بخلاف علم الجنس،فإنه وضع لذات المعنى في حال تميزه عن غيره من دون أن يكون اللحاظ قيدا حتى يكون مقيدا و يمتنع صدقه على الخارجيات،بل بنحو القضية الحينية لا الشرطية،و هذه العناية أو جبت كونه معرفا لفظيا،و هذا الفرق يرجع إلى الأول في الواقع.

و منها:النكرة،و هو المفرد المبهم في الجملة،إلاّ أن التردد و الإبهام فيه يتصور على أقسام ثلاثة:

الأول:التردد ثبوتا و إثباتا.

و فيه:أنه خلاف المعهود في النكرات عند المحاورات،و ليس له واقع إلا الفرض،إذ لا تحقق للمبهم كذلك إلا في الفرض و التقدير،لا بحسب التحقق حتى في الذهن و التصوير،لأن كلما كان له حظ من التحقق كان له نحو من الوجود.

الثاني:أنه المتردد ظاهرا لا في الواقع،بل هو متعين واقعا.

و فيه:أن الظاهر من موارد استعمال النكرة في المحاورات العرفية إخبارا و إنشاء غير ذلك،كما لا يخفى.

الثالث:أنها الطبيعة من حيث الوحدة البدلية السارية لكلما يصلح أن يكون فردا،و الظاهر أن هذا هو المتبادر منها في الاستعمالات.

فالمطلق على أي تقدير الطبيعة المهملة،فإن كانت متوغلة في الإبهام من كل جهة-نوعا و صنفا و فردا-فهو اسم الجنس،و إن اتصف بالتعريف اللفظي مع الإهمال المعنوي من كل جهة فهو علم الجنس،و إن كان إهمالها في خصوص الفردية البدلية السارية فقط فهي النكرة،فليس المطلق إلا الذات المتطورة بهذه الأطوار،و بعروض هذه الأطوار عليه يختلف اسمه فيسمى باسم الجنس،و بعلم الجنس،و بالنكرة.و إن لوحظت من حيث التحقق الخارجي فهو الفرد،و يخرج بذلك عن الإطلاق،و هذا هو الموافق للعرف و العقل مع أدنى تأمل في البين.

و منها:المفرد المعرّف باللام جنسا،و استغراقا،أو عهدا بأقسامه الخارجي و الذهني و الذكري،و البحث فيه من جهتين:

الاولى:في أن اختلاف اللام بهذه الأقسام هل هو وضعي،أو لأجل القرائن-خارجية كانت أو داخلية-و على الأول فهل هو بالاشتراك اللفظي، أو المعنوي؟

و الحق سقوط هذا البحث عن أصله،لأن اللام لم توضع في لغة العرب إلا لغرض تزيين الكلام،و الربط بين جزئيه،و جميع هذه الأقسام لا تستفاد إلا من القرائن و المناسبات داخلية كانت أو خارجية،لفظية كانت أو غيرها،لأن التزيين و الربط الحاصل باللام معلوم،و صحة انتساب الأقسام الى القرائن مع وجودها كذلك أيضا،و الباقي مشكوك فيه فيدفع بالأصل،و قد تقدّم في بحث العام و الخاص أن المفرد المعرّف باللام من ألفاظ العموم أيضا،و أن استفادة العموم منه ليست مستندة إلى الوضع بل تكون من مقدمات الحكمة،و على هذا فاستفادة العموم و الإطلاق من المفرد المعرف باللام لا بد أن تكون لأجل مقدمات الحكمة.

الثانية:في دلالتها على الإطلاق،و الحق أن استفادة الإطلاق إنما هو من نفس المدخول من حيث هو.

إن قلت:المعهودية بأقسامها نحو من التعين،مع أن المشهور بين الأدباء أن الألف و اللام أداة التعريف و التعيين،و التعريف ينافي الإطلاق،فكيف يكون المعرّف باللام من أقسام المطلق؟!

قلت:أما التعريف فهو لفظي فلا ينافي الإبهام المعنوي،مثل ما تقدم في علم الجنس،و كذا التعين الحاصل بالعهد لا ينافي الإطلاق أيضا،لأنه ليس الإطلاق مقيدا به حتى ينافيه،بل يكون من باب انطباق المطلق و صدقه عليه قهرا،و فرق واضح بين انطباق المطلق على شيء خاص و بين تقييده به،و الثاني ينافي الإطلاق دون الأول.

و بعبارة اخرى:العهدية و الإطلاق من باب تعدد الدال و المدلول لا وحدة المطلوب،حتى ينافي الإطلاق.

و هي من القرائن العامة غير المختصة بمورد دون آخر،و قد جرت سيرة أهل المحاورة على استفادة الإطلاق منها بعد تحققها،و تتركب من امور:

الأول:كون المتكلم في مقام بيان المراد.

الثاني:عدم ما يصلح لتقييد الكلام بحيث يصح الاعتماد عليه لدى العرف.

الثالث:عدم وجود قدر متيقن في مقام التخاطب في البين،و يمكن إرجاع الأخيرين إلى واحد،و هو عدم وجود قرينة على التقييد،و وجود القدر المتيقن قرينة.فمقدمات الحكمة في الواقع اثنتان،كون المتكلم في مقام البيان، و فقد القرينة على التقييد و مع تماميتها فالعاقل المتكلم إما أنه أراد الإهمال الواقعي،أو أراد المقيد مع عدم القرينة عليه،و هما خلاف المحاورات العرفية المتداولة بين العقلاء،فيتعين الإطلاق لا محالة،فكما أن ظاهر اللفظ حجة لدى العقلاء،فظاهر مقام التخاطب،و حال اللافظ أيضا كذلك ما لم تكن قرينة على الخلاف.

ثم إنه قد يعدّ من المقدمات كون المورد قابلا للإطلاق و التقييد،فلا تجري المقدمات في المعاني الربطية و الحرفية.

و فيه:

أولا:أن هذا مقوم موضوع جريان المقدمات،و مقومات الموضوع لا ينبغي أن تعد من لواحقه.

و ثانيا: أنه ليس في الألفاظ و المعاني ما لا يتصف بالإطلاق و التقييد إلاّ أن بعضها يتصف بهما مستقلا،كالمعاني الاستقلالية،و بعضها تبعا كالمعاني الحرفية،فلا وجه لهذا الشرط على كل تقدير،فهو ساقط من أصله.

الأول: ما يتعلق بالقدر المتيقن

القدر المتيقن إما خارجي،أو في مقام التخاطب.و كل منهما لا يضر بالإطلاق ما لم يوجب ظهور اللفظ في المتيقن.

 الثاني:ظاهر حال كل متكلم أنه في مقام بيان مراده

إلا إذا كان هناك مانع، و يصح التمسك بالأصل المقبول في المحاورات أيضا،فيقال:الأصل كون المتكلم في مقام البيان إلاّ مع الدليل على الخلاف،و لو شك في وجود المانع يدفع بالأصل.

و يكفي في إحراز كونه في مقام البيان فعلا ما هو المتعارف منه لدى الناس في البيانات الفعلية،سواء كان أبديا أو لا.لأن البيان له مراتب متفاوتة منها دائمية،و منها ماداميّة بحسب الظروف و المقتضيات،و هي تارة مع قصر المدة، و اخرى مع طولها،و الكل يكفي للإطلاق مع عدم القرينة على التقييد.

و لو شك في أنه أبدي أو غير أبدي،فمقتضى الأصل و الظاهر هو الأول، لا سيما في الأحكام الشرعية.

 الثالث:الاحتياج إلى مقدمات الحكمة إنما هو لنفي القيد و البشرطشيئية لا لنفى غيره

و أما احتمال بشرط لائية فليس من الاحتمالات التي يعتني بها العقلاء حتى يحتاج في نفيه إلى مقدمة الحكمة.

نعم،لو كان احتماله مما يعتنى به-كما في بعض الامور المبنية على الدقة من كل جهة-لاحتاج في نفيه إليها أيضا.

و لا فرق في الإطلاق بين أن يكون حاليا،أو مقاميا،أو لفظيا،فالجميع يحتاج في إثباته إلى جريان مقدمات الحكمة،بعد فرض اعتبار الكل في المحاورات العرفية.

و الفرق بين الأولين و الأخير أنه يصحّ استفادة فيهما من السكوت أيضا كما لا يخفى.

 الرابع: طرق احراز الإطلاق من كلام المتكلم

إحراز الإطلاق من كلام المتكلم تارة بالقطع،و اخرى بالظاهر، و الأصل على نحو ما تقدم في الأمر الثاني.

و على كل منهما فإما أن يكون في البين ما يشك في كونه قيدا،أو لا يكون،فهذه أقسام أربعة.و لا ريب في ثبوت الإطلاق في ثلاثة منها،و هي ما إذا احرز الإطلاق بالقطع،و سواء كان في البين ما يشك في كونه قيدا،أو لا،و ما إذا احرز بالأصل و لم يكن في البين ما يشك في كونه قيدا،كما لا ريب في عدم ثبوته في ما إذا أحرز بالأصل و كان في البين ما يصلح للتقييد،لعدم صحة الاعتماد على هذا الأصل حينئذ.

و أما إذا لم يكن كذلك،بل كان من مجرد الشك فيه فأصالة الإطلاق محكمة،فيجري هذا الأصل في الشك في أصل التقييد،كما يجري في الشك في قيدية الموجود إلا إذا كانت أمارة معتبرة على التقييد.

 الخامس: جريان مقدمات الحكمة فى المعانى الافرادية و التركيبية و الانشائية، الكلام فى المعانى الربطية و التبعية

لا فرق في جريان مقدمات الحكمة و ثبوت الإطلاق بها بين المعاني الإفرادية،و التركيبية،و الإخبارية،و الإنشائية مطلقا،فيتصف الجميع به مع جريانها،و لا يتصف به مع عدم جريانها،كما هو واضح.و قد استقرت السيرة على التمسك بإطلاق العقود،و الجمل الشرطية،و الأوامر و الجمل الطلبية في الفقه.

و تتصف المعاني الربطية،و التبعية-كالحروف و ما يلحق بها-بالإطلاق و التقييد بتبع متعلقاتها،لمكان الوحدة الاعتبارية بينهما،فتسري عوارض المعاني الاستقلالية إلى المعاني التبعية المتقوّمة بها أيضا.

نعم،إذا لوحظت تلك المعاني التبعية منسلخة عن المعاني الاستقلالية،لا وجه لعروض الإطلاق و التقييد عليها،إذ لا ذات لها إلا في الغير و بالغير،و ما كان كذلك لا معنى لاتصافها ذاتا بأية صفة كانت.

و بذلك يمكن الجمع بين الكلمات،فمن يقول بعدم اتصاف المعاني التبعية بهما أي بالذات،و من يقول باتصافها بهما أي بالتبع،و هذا وجه صحيح.

 السادس: عدم اتصاف الاعلام الشخصية من حيث التشخص بالاطلاق و التقييد

لا تتصف الأعلام الشخصية من حيث التشخّص بالإطلاق،لأن التشخّص ينافي الإرسال و السريان،فلا تتصف بالتقييد من هذه الحيثية أيضا، لما يأتي من أن بين الإطلاق و التقييد تقابل العدم و الملكة،فكل ما لا يتصف بالإطلاق لا يتصف بالتقييد أيضا.

نعم،يصح اتصافها بهما من حيث عوارضها،كالزمان و المكان و سائر صفاتها المحفوفة بها،كالطول و القصر،و السواد،و البياض و نحوها،إذ كل شيء محفوف بعوارض لا تحصى،لأن من شئون الممكن الاحتفاف بالعوارض،بل يتصف الواجب تعالى بالأوصاف الإضافية الكثيرة،كالخالقية،و الرازقية، و الرأفة،و القهارية و غير ذلك مما لا يحصى.

 السابع: تعدد الاطلاق و التقييد فى كلام واحد من جهات متعددة

يمكن أن تكون للكلام جهات عديدة قابلة للإطلاق و التقييد، فإن تمت مقدمات الحكمة بالنسبة إلى جميعها يثبت الإطلاق كذلك،و إلا فبالنسبة إلى ما تمت فقط،و لا يثبت بالنسبة إلى ما لم تتم إلا إذا كانت ملازمة بين الجهات عقلية كانت،أو عرفية،أو شرعية فيثبت الإطلاق حينئذ بالنسبة إلى جميع الجهات،و إن تمت المقدمات بالنسبة إلى بعضها فقط،لفرض تحقق الملازمة بين الجهات جميعها.

 الثامن: سقوط احتمال ورود التقييد المعصومي لاطلاقات الكتاب و السنة بعد الغيبة الكبرى

لا وجه لاحتمال ورود التقييد المعصومي لإطلاقات الكتاب و السنة بعد الغيبة الكبرى،لانقطاع طريق الوصول إليه(عجل اللّه تعالى فرجه الشريف)فينحصر احتماله بتحقق الإجماع و دليل العقل المعتبرين شرعا.

 التقييد

المشهور أن التقابل بينه و بين الإطلاق من تقابل العدم و الملكة،لأن المطلق عبارة عن عدم التقييد بما يصلح أن يكون مقيدا به،هذا إن عرف المطلق بالعنوان السلبي،و أما إذا عرف بالعنوان الإيجابي،كالإرسال و السريان فيصح أن يكون بينهما تقابل التضاد،لكون كل منهما وجوديا لا يصح اجتماعهما في محل واحد من جهة واحدة،و ليس التضاد إلا ذلك.

و لا بأس باجتماع بعض أقسام التقابل مع بعضها الآخر مع اختلاف العنوان و الجهة.

و أما تقابل السلب و الإيجاب-بناء على تفسير المطلق بالتعبير السلبي- فعن بعض عدم صحته بينهما،لما ثبت من أنه لا يمكن ارتفاع النقيضين و في المقام يجوز ذلك،كما في أخذ قصد الأمر في متعلقه،حيث لا يصح تقييد الأمر به و لا إطلاقه بالنسبة إليه،فيرتفع الإطلاق و التقييد في هذا المورد.

و يرد عليه..أولا:أن قصد الأمر ممكن أخذه في متعلقه،كما تقدم بيانه.

و ثانيا:أن الممتنع من ارتفاع النقيضين إنما هو بحسب الواقع،و لا ريب في عدم جوازه في الواقع،لأن الأمر بالنسبة إلى متعلقه إما مطلق في علم اللّه تعالى،أو مقيد،و إن لم يمكن الإطلاق و التقييد بحسب الاعتبار الصناعي، فارتفاع الإطلاق و التقييد الصناعي لا محذور فيه،و لا تعتبر الموافقة بين كل أمر صناعي و بين الامور الواقعية،لأن الأول اعتباريات محضة،و ارتفاع الضدين و اجتماعهما في الاعتباريات لا بأس به.

و لا ثمرة عملية معتد بها في تحقيق أن التقابل بينهما من أي الأقسام،بل و لا ثمرة علمية أيضا.

ثم إن صدق المطلق على المقيد-كصدقه على نفسه-حقيقي،لما تقدم من أنه اللابشرط المنقسم إلى الأقسام،و لا ريب في تحقق المقسم في جميع أقسامه،و صدقه عليها صدقا حقيقيا،بل و كذا لو كان المطلق عبارة عن اللابشرط القسمي،فيصح أن يكون صدقه على المقيد حقيقيا من باب تعدد الدال و المدلول،فيكون لفظ المطلق قد استعمل في ذات المعنى و يستفاد التقييد من دال آخر،فلا يكون من استعمال اللفظ في غير الموضوع له حتى يكون مجازا، لتحقق الإرادة الاستعمالية بالنسبة إلى كل منهما و هي تكفي في الصدق الحقيقي،و مقتضى الأصل عدم اعتبار شيء آخر.نعم لو اعتبرت الإرادة الجدية الواقعية في الصدق الحقيقي يكون مجازا حينئذ،لعدم تحقق تلك الإرادة إلا بالنسبة إلى القيد.

الأول:يعتبر في حمل المطلق على المقيد،و سقوط الإطلاق عن الاعتبار إحراز وحدة التكليف و ثبوت التنافي بينهما

و إلا فيصح الأخذ بمفاد كل واحد من الدليلين و لا موضوع للتقييد حينئذ،و لذا اشتهر بين الفقهاء أنه لا موضوع له في غير الإلزاميات،لعدم إحراز وحدة التكليف فيها،بل القيود الواردة فيها من باب تعدد المطلوب غالبا إلا إذا دل دليل من الخارج على وحدته،و لو شك في مورد أنه من باب وحدة المطلوب أو تعدده فلا موضوع للتقييد أيضا،لعدم إحراز وحدة المطلوب،و تجري أصالة الإطلاق بلا محذور.

و الحاصل أن الأقسام ثلاثة:

فتارة:يحرز وحدة المطلوب.

و أخرى:يحرز عدمها.

و ثالثة:يشك فيها.

و يتعين التقييد في الأول دون الأخيرين،فيصح الأخذ بالإطلاق فيهما أيضا.

 الثاني:كل ما ورد لبيان الجزئية أو الشرطيةأو المانعية أو القاطعية

لا ريب في تحقق موضوع التقييد بالنسبة إليها و إلا لبطل وجوبه و تشريعه،بلا فرق فيه بين الإلزاميات و غيرها.و كذا ما كان واجبا نفسيا في شيء آخر،بحيث لو لم يكن الآخر لكان وجوبه لغوا،كبعض واجبات الحج.

و استفادة ما ذكر إما من القرائن الداخلية أو الخارجية،و مع الشك في شيء مما ذكر فمقتضى الأصل اللفظي و العملي عدم وجوبه،فلا موضوع للتقييد،كما أنه مع تحقق موضوعه لا وجه لحمل القيد على الندب و الأخذ بالإطلاق،لأنه خلاف طبع القيدية و يحتاج إلى قرينة دالة على ذلك.

ثم إن جميع ما تقدم في أقسام إجمال العام و المخصص و أحكامها تجري في إجمال المطلق و المقيد أيضا،و كل مورد لا يصح فيه التمسك بالعام في الشبهة المصداقية،لا يصح فيه التمسك بالمطلق أيضا.

و كل مورد يجوز ذلك هناك،يجوز هنا أيضا.و كذا ما تقدم في الدوران بين النسخ و التخصيص يجري هنا أيضا،إذ المطلق ملحق بالعام و التقييد ملحق بالتخصيص،فهما متحدان حکما من هذه الجهة.

و هما من المفاهيم المعروفة في المحاورات،و ليس للعلماء فيهما اصطلاح خاص.فالمجمل ما لم يتضح المراد منه و لو بالقرائن.و المبين بخلافه عند الجميع حتى الاصوليين،هذا بحسب المفهوم.

و أما بحسب المصداق فالمرجع في تعيينه الأذواق السليمة،و الأذهان المستقيمة،و الظاهر كونهما من الامور الإضافية،فربّ مجمل عند بعض مبين عند آخر و بالعكس.

و للإجمال مناشئ كثيرة،كتشابه اللفظ و اختلاف القراءة و نحو ذلك، و يصح وقوع الإجمال في كلام الحكيم تعالى،إذ قد يتعلق الغرض بالإجمال و الإهمال لمصالح شتى.

و أما حكمه فهو أنه إن كان مما يتعلّق بالأحكام فلا بد من التفحّص التام لعله يزول الإجمال و الإبهام،و مع عدم الزوال يرجع إلى أدلة اخرى،و مع عدمها فإلى الاصول العملیة و هی مختلفة باختلاف الموارد.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"