1. الرئيسية
  2. /
  3. مکتبة
  4. /
  5. التألیفات
  6. /
  7. تهذیب الاصول
  8. /
  9. الأمر الاول الظواهر

قد استقرت السيرة العقلائية على الاعتماد على الظواهر في المحاورات و المخاصمات و الاحتجاجات،و يستنكرون على من تخلف عن ذلك،و هذا من أهم الاصول النظامية المحاورية بحيث يستدل به لا عليه،و قد جرت عادة الشرائع الإلهية عليه أيضا،فبها يكون تبليغ الأحكام،و عليها يدور نظام المعاش و المعاد،و لو اختل ذلك لاختل النظامان،فحق عنوان البحث أن يكون هكذا: يمتنع عادة عدم اعتبار الظواهر،فحجية الظواهر كحجية الخبر الموثوق به التي هي من الاصول العقلائية أيضا.

 اعتبار الظواهر من الاصول النظامية،البحث فيها صغروي و كبروي

ثم إن البحث عن الظواهر:

تارة:صغروي،كالبحث عن موجبات الظهور و مناشئه،و هي بحسب الأفراد غير محصورة لا تضبطها ضابطة كلية.

و اخرى:كبروي،كالبحث عن حجية أصل الظاهر.و لا ريب في أنه بقسميه من مباحث الاصول بناء على ما قدمناه من أنه ما يبحث فيه عما يصح أن يقع في طريق الاعتذار بلا واسطة أو معها.

 استدلال الأخباريين على عدم حجية ظواهر القرآن و الجواب عنه

أما الكلام في القسم الثاني:

فقد نسب إلى بعض الأخباريين عدم حجية ظواهر القرآن،و استدل عليه:

تارة:بما ورد من اختصاص فهم القرآن بمن خوطب به،و هم المعصومون عليهم السّلام فلا يفهمه غيرهم.

و يرد..أولا:بأن المراد بمن خوطب به أهل الحق و مطلق من يريد اتباعه في مقابل من يتبع الهوى،فهذه الأخبار نظير قوله تعالى: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.

و ثانيا:أن المراد بها ما يختص بالمعصوم من القرآن،كالبطون السبعة أو السبعين التي قصرت العقول عن دركها،و لا بد فيه من تأييد إلهي،لأن القرآن كمظهر للّوح المحفوظ و ام الكتاب،و الكتاب المبين الذي قال اللّه تعالى فيه:  وَ لاٰ رَطْبٍ وَ لاٰ يٰابِسٍ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ  و الإحاطة بالقرآن من حيث كونه مظهرا لام الكتاب تختص بنفوس قدسية خاصة،و ليس ذلك من شأن كل أحد و إن بلغ من العلم ما بلغ،و ليس المراد به الظواهر التي يشترك في فهمها العالم و السوقي،مثل قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيٰامُ كَمٰا كُتِبَ عَلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ  ،و قوله تعالى: وَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ وَ حَيْثُ مٰا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ.

و ثالثا:إنا نتمسك بظاهر القرآن بعد المراجعة إلى السنن المعصومية الواردة في بيانه و تفسيره،فقد أخذنا الظاهر عمن خوطب به.

و رابعا:أنها معارضة بالآيات الكريمة الدالة على الترغيب في التدبر في القرآن و التفكّر فيه،و بالأخبار الكثيرة الواردة بمضامين مختلفة في مقام التمسك بالقرآن،و الاحتجاج به على الخصام،و معرفة الأحكام منه،و عرض الأخبار المتعارضة عليه،و غير ذلك مما يستفاد منه استفادة قطعية أن حجية ظواهره كانت مسلّمة لدى الشرع الأقدس.

و اخرى:بأن العلم الإجمالي بورود مخصصات و مقيدات عليه،يمنع عن التمسك بظاهره.

و يرد:بأن من شرط التمسك بالظاهر هو الفحص و اليأس عن الظفر بما يخالفه،فينحل العلم الإجمالي قهرا بهذا التفحّص التام و يصير من الشك البدوي بلا كلام.

و ثالثة:بأنه من التفسير بالرأي المنهي عنه.

و يرد:بأن الأخذ بالظاهر ليس من التفسير،و على فرض كونه منه فمن شرط الأخذ به عندنا هو الرجوع إلى السنن المعصومية و استفادة تفسيره منها، فلا يكون من التفسير بالرأي حينئذ قطعا.

و رابعة:بأنه من المتشابه،و قد نهي عن اتباعه كتابا،مثل قوله تعالى: هُوَ اَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ اَلْكِتٰابَ مِنْهُ آيٰاتٌ مُحْكَمٰاتٌ هُنَّ أُمُّ اَلْكِتٰابِ وَ أُخَرُ مُتَشٰابِهٰاتٌ فَأَمَّا اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مٰا تَشٰابَهَ مِنْهُ.و سنة ذكرناها في التفسير.

و يرد:بأن النص و الظاهر و الأظهر و المتشابه من الامور العرفية المتعارفة، و لا يطلق أحدها على الآخر لا عرفا و لا لغة و لا شرعا،و قد مرّ أن حجية ظواهره كانت مسلّمة لدى الشرع في جميع الطبقات،فراجع و تأمل.مع أنه لم يبق متشابه في القرآن بعد ما ورد من الشرع في بيان متشابهات القرآن.

و يمكن أن يحمل كلامهم على عدم حجية ظواهر القرآن قبل الفحص عن المعارض و المنافي و اليأس عن الظفر به،فلا نزاع في البين حينئذ لاتفاق الكل عليه.

 لا بد من ذكر امور:

 الأول:النص و الظواهر و الأظهر من أوصاف اللفظ

الأول:النص و الظاهر و الأظهر،كالفصاحة و البلاغة من أوصاف اللفظ، فكلما تحقق الظهور يتبع لدى العقلاء مطلقا،بلا فرق بين المخاطب و من قصد إفهامه و غيرهما،كما أنه كلما تحققت الفصاحة و البلاغة يمدح الكلام بذلك من غير فرق بين المخاطب و غيره.

مع أن الألفاظ الظاهرة في الأحكام الكلية توجهت إلى جميع من يمكن أن ينطبق عليه الحكم،و يكون الجميع مقصودين بالإفهام،و الموجود حين الخطاب مرآة للجميع،لا أن يكون ملحوظا على نحو الموضوعية،هذا في الأحكام الكلية،فكيف بالأحكام الأبدية في الشريعة الختمية.

و احتمال وجود قرينة في البين أو جهة اختصاص مخصوصة بخصوص قوم دون آخر.

مدفوع بالأصل العقلائي،و قد تقدّم بعض القول في العام و الخاص، فراجع.

 الثاني: عدم دوران حجية الظهور مدار حصول الظن الشخصي

الثاني:مقتضى المرتكزات العرفية أن حجية الظهور لا تدور مدار حصول الظن الشخصي،بل هو حجة و إن كان الظن الشخصي على خلافه.

نعم،لا يبعد أن يكون تحقق الاطمئنان النوعي في مورده حكمة الاعتبار، لا أن يكون علة له يدور مدارها وجودا و عدما.

 الثالث: للظهور مراتب متفاوتة

الثالث:للظهور مراتب متفاوتة في المحاورات العرفية،فكل ما لا يصدق عليه المجمل يكون ظاهرا إلى أن يبلغ إلى مرتبة النصوصية،و جميع تلك المراتب حجة لدى العقلاء ما دام يصدق عليها الظاهر عرفا.

 الرابع: في اختلاف قراءة القرآن

الرابع:لا ريب في أن الاختلاف في قراءة آية مثل: يَطْهُرْنَ  بالتخفيف و التشديد،يوجب إجمالها و سقوط ظهورها و عدم جواز الاستدلال بها،سواء ثبت تواتر القراءات السبع أو لا-كما هو الحق-لأن المنساق منها على فرض ثبوت التواتر إنما هو مجرد جواز القراءة لا الاستدلال بها على أحكام متضادة متناقضة،و حينئذ فلا بد من الرجوع إلى أدلة اخرى.

نعم،لو كان الترجيح عند التعارض موافقا للمرتكزات العقلائية و سيرتهم،يصح إعمال المرجحات حينئذ،لأن القراءات إما أن تكون من قراءة النبي صلّى اللّه عليه و آله إن ثبت تواترها،أو تكون من أهل الخبرة إن لم يثبت،و تقدم في التعارض ما ينفع المقام.

 مناشئ الظهور

أما الكلام في القسم الأول-و هو مناشئ الظهور-فهي كثيرة جدا كما مرّ و هي بحسب الجزئيات لا تعد و لا تحصى و لا تضبطها ضابطة كلية.

نعم،من كلياتها مقدمات الحكمة،و وقوع الأمر بعد الحظر،و قد مرّ ما يتعلّق بهما.

و منها:قول اللغوي،و استدل على اعتباره..

تارة:بالإجماع.

و يرد:بأنه ليس من الإجماع التعبّدي في شيء مع تحقق الخلاف قديما و حديثا.

و اخرى:بالسيرة العملية مع كونها من أهل الخبرة.

و يرد:بأن المتيقن منها ما إذا حصل الوثوق و الاطمئنان من قوله،و لا ريب في الاعتبار حينئذ إن لم يكن من باب الشهادة،فيعتبر فيه العدد و العدالة.

و ثالثة:بإجراء مقدمات الانسداد.

و يرد:بعدم تماميتها أصلا،كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

و رابعة:بأن ما يدل على حجية خبر الواحد يدل على حجية ما يتعلّق به بالملازمة من قول اللغوي و الرجالي و المفسّر و الهيوي و نحوهم مما له دخل في الأحكام في الجملة.

و يرد:بأن أدلة الخبر تدل على التصديق في الحس،و لا تدل على التصديق في الحدس،و قول اللغوي و نظائره مما له دخل في الأحكام من الثاني لا الأول،هذا.

و لكن قد يحصل الاطمئنان العقلائي من كلماتهم فيصح الاعتماد عليه حينئذ من هذه الجهة.

و الظاهر أن اعتبار أقوالهم إنما هو من جهة أنهم من أهل الخبرة،لا الشهادة حتى يعتبر فيه التعدد و العدالة.

و يمكن أن يجعل النزاع لفظيا،فمن أثبت اعتبار قولهم،أي بشرط حصول الاطمئنان،و من نفاه أي بشرط عدم حصوله.

ثم إنه قد شاع في المحاورات أصالة الحقيقة،و أصالة عدم القرينة،و أصالة الظهور،و الظاهر كون كل واحد منها أصلا مستقلا في مقابل الآخر و يتمسك به في المحاورات مع الغفلة عن غيره،فلا وجه لإرجاع بعضها إلى بعض،كما عن الشيخ قدّس سرّه.

و كيف كان،فهذه الاصول لا موضوعية لها بوجه،بل طريق لإثبات الظهور،مع أنه لا ثمرة عملية فيه،لأن المدار كله على الظهور فقط،أرجع البعض إلى البعض أو لا،و يصح أن يكون كل واحد منها مما يعتمد عليه العقلاء في الاستناد الظهوري إذا كانت لظهور لفظ في معنى قرائن متعددة،فيعتمد على الجميع و إن كان البعض كافيا فيه،فالظاهر حجة و لو لم يكن من الحقيقة،و ما ليس بظاهر لا اعتبار به و لو كان حقيقة.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"