1. الرئيسية
  2. /
  3. الدروس
  4. /
  5. الدرس السابع والعشرون

الموضوع: بحث الأصول – مباحث الألفاظ – مبحث العام والخاص-  المخصص المتصل والمنفصل  .

قلنا إنَّ الشقوق المتصوَّرة في اجمال الخاص ثمانية، وأنَّ الاجمال إما مفهومي أو مصداقي، ومنشأ الاجمال إما يتصور بين المتباينين أو يتصور بين الأقل والأكثر، فهذه أربعة أقسام، وكل منها إما في المخصّص المستقل أو في المخصص المنفصل، فيصير المجموع ثمانية أقسام لا تاسع لها، وقلنا إنَّ الاجمال يسري من المخصص المتصل بالعام إلى العام فيسقط العموم ظهوراً وحجةً في الأقسام الأربعة، إما إذا كان الخاص متصلاً بالعام وكان اجماله مفهوماً أو مصداقاً وكان منشأ الاجمال التردد بين المتباينين أو التردد بين الأقل والأكثر ففي جميع هذه الأقسام الأربعة يسقط العام عن الحجية، فلا ظهور له في مورد المشكوك ولا حجية له فيه أيضاً للقاعدة المرتكزة في الأذهان أنَّ الكلام المحفوف بالقرينة المجملة يصير مجملاً،  فالخاص قرينة متصلة بالعام فإجمال القرينة يسري إلى القرينة في المحاورات العرفية، لذا استقر بناءهم قدست أسرارهم في الفقه من أوّله إلى آخره أنه في موارد إجمال الخاص المتصل بالعام لا يتمسكون بالعام في الفرض المذكور، وهذا صحيح، ولابد حينئذٍ من الرجوع إلى دليل آخر في الفرد المشكوك ومع عدمه فيكون الرجوع إلى الأصول العملية وقد جرت سيرتهم على ذلك.

وأما الخاص المنفصل فهو أيضاً أقسام أربعة، والمراد بالمفصل في المقام ما إذا كان الخاص وارداً في كلام مستقل، فسواء كان في مجلس تشريع العام أو كان في مجلس آخر، فلو ورد عام في مجلس ورد في عين ذلك المجلس خاص في كلام مستقل نسمّي هذا بالخاص المنفصل، وكذا لو ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عام وورد عن الحجة عجل الله تعالى فرجه خاص نصطلح عليه بالخاص المنفصل، فالمراد من الخاص المنفصل ما إذا كان في كلام مستقل سواء كان وقت الصدور واحداً أو كان وقت الصدور متعدداً، والخاص المنفصل المجمل يتصور على أقسام أربع أيضاً كما في الخاص المتصل:-

القسم الأول: – ما إذا كان إجماله مفهومياً وكان منفصلاً عن العام وكان منشأ الاجمال وأصل التردد بين المتباينين، مفاده العرفي كما إذا قال أكرم العلماء وقال لا تكرم الأدباء، فمهوم الأديب مجمل متردد بين المتباينين وأنه هل يشمل النحوي والشاعر والمهندس ونحو ذلك أو يختص ببعضٍ دون بعض، فنعبر عن هذا بالخاص المنفصل المجمل الذي يكون منشأ اجماله التباين المفهومي لفرض أن مفهوم الأدبية وقع الكلام فيه، فهذا خاص منفصل مجمل مفهوماً ومنشأ اجماله تباينه في مفهومه.

القسم الثاني: – ما إذا كان الخاص منفصلاً وان مجملاً وكان منشأ اجماله التردد بين الأقل والأكثر لا التباين المفهومي، وإنما التباين من الأقل والأكثر كما إذا قال أكرم الأدباء ولا تكرم النحويين والنحوي مردد بين الكوفي والبصري، ففي هذين القسمين أي ما إذا كان الخاص منفصلاً ومجملاً وكان منشأ اجماله التباين المفهومي أو التباين المصداقي اتفقت كلمتهم على أن العام لا يصح الرجوع إليه في الفرد الشكوك، فالأفراد التي علم بدخولها تحت العام مسلم أنها يشملها العام والأفراد التي علم بدخولها تحت العام مسلم بأن الخاص يشملها والفرد الذي يكون مردداً بين دخوله تحت العام ودخوله تحت الخاص لا يصح التمسك بالعام بالنسبة إليه، واستدلوا على ذلك بسقوط العلم الاجمالي بالتحقيق، فيصير الفرد المشكوك من أفراد العلم الاجمالي، ومع هذا العلم الاجمالي المنجَّز لا مورد للتمسك بالعام لفرض أنا نعلم اجمالاً بوجود تخصيص بالنسبة إلى العام والعلم الاجمالي منجَّز كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى، فظهور العام وإن كان ساقطاً لفرض أنَّ التخصيص منفصل لا يزاحم الظهور ولكن الظهور ليس بحجة لفرض وجود العلم الاجمالي بالتخصيص، هذان قسمان من الخاص المنفصل المجمل لا يصح فيه التمسك بالعام لا لأجل سقوط ظهوره تماماً كما في الخاص المتصل، بل لأجل العلم الاجمالي المنجّز في البين، والعلم الاجمالي حجة حتماً على ظاهر العام، فلا يصح التمسك بالعام، فلابد في الفرض المذكور حينئذٍ من الرجوع إلى أدلةٍ أخرى ومع عدمها نرجع إلى الأصول العملية.

القسم الثالث: – ما إذا كان مجملاً ومردداً بين الأقل والأثر مفهوماً، ففي مثل هذا القسم يجوز التمسك بالعام بلا إشكال، لاستقلال ظهور العام من جهة أنَّ الخاص منفصل ولعدم حجةٍ أخرى، على خلافه كما في القسمين الأولين، لفرض أنَّ الترديد بين الأقل والأكثر، فالعلم الاجمالي سوف ينحل بالنسبة إلى الأقل ويبقى الأكثر تحت العام بلا إشكال، فالمقتضي لحجية العام موجود وهو الظهور من أجل أنَّ المخصص منفصل ولا يزاحم ظهور العموم والمانع مفقود، فإنَّ المانع إن كان هو العلم فالعلم الاجمالي في موارد الأقل والأكثر مطلقاً ينحل إلى تنجّز التكليف بالنسبة إلى الأقل وشك بدوي في الأكثر، فلا محذور حينئذٍ من التمسك بأصالة عدم التخصيص بالنسبة إلى الفرد المشكوك ودخوله تحت العام، فيكون من الشبهة البدوية ،كما إذا شككنا أولاً وبالذات هل خُصَّ العام بهذا الفرد أو لم يُخَص، فلا إشكال هنا في جريان أصالة عدم التخصيص، وفي المقام الأمر كذلك أيضاً.

الصورة الرابعة: – ما إذا كان الخاص منفصلاً وكان مجملاً وكانت جهة الاجمال تردده مصداقاً بين الأقل والأكثر، فالصورة الثالثة قلنا ما إذا كان تردده بين الأقل والأكثر والصورة الرابعة ما إذا كان منفصلا وكان مجملاً وكان تردده مصداقاً بين الأقل والأكثر، هذا هو النزاع المعروف في الفقه من أوله إلى آخره وفي الأصول من أوله إلى آخره وهو أنه هل يجوز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية أو لا يجوز، وقد اختلفت أقوالهم، فعن المشهور بين الفقهاء والأصوليين عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية، وعن جمعٍ من الفقهاء والأصوليين جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية، فلابد وأن نقرر أدلة كل واحدٍ منهما ونحكم بالحق بينها.

الرئیسیة
السیرة
المکتبة
القائمة
بحث
× Add a menu in "WP Dashboard->Appearance->Menus" and select Display location "WP Bottom Menu"