المواضع المحترمة
ينبغي معرفة المواضع المقدَّسة التي يرتجى فيها زيادة الفضل والثواب:
منها: الحرم؛ وهو محيط بمكة المكرمة من جميع الجوانب ومقدَّس, ومحترم من زمان هبوط آدم بل قبله إلى يوم القيامة, وللدخول فيه آداب ووظائف مذكورة في المفصلات. وحدوده شمالاً –من طرف المدينة– التنعيمُ (مسجد العمرة), وغرباً –من جهة جدّة– الحديبيةُ, وشرقاً –من جهة نجد– الجعرانةُ, وجنوباً –من طرف عرفة– نمرة.
فالكعبة؛ بيت الله تعالى، والحرم حجابه, وعرفة موقف زواره, والمشعر بابه. وإنَّما يوقفهم بعرفة ليتضرعوا حتى يأذن لهم بالدخول في حرمه والتشرُّف بالطواف حول بيته.
وللحرم أعلام خمسة معروفة: علماً عند الحديبية على بعد 20 ميلاً عن المسجد الحرام. وعلماً عند التنعيم على بعد 6 أميال عن المسجد, وعلماً عند الجعرانة على بعد 13 ميلاً, وعلماً عند عرفة على بعد 18 ميلاً وعلماً عند إضاءة لين[1] على بعد 12 ميلاً.
ومنها: مقام إبراهيم علیه السلام؛ وهو الصخرة التي عليه أثر قدمي الخليل علیه السلام أمام باب الكعبة المقدَّسة تبعد عنها بستة وعشرين ذراعاً.
ومنها: زمزم؛ وهو ماء يستسقى منه قبالة باب الكعبة. وفي الحديث مَاءُ زَمْزَمَ شِفَاءٌ لِمَا شُرِبَ لَهُ[2].
ثم إنه من وقف مقابل باب الكعبة المشرفة تسمّى الزاوية التي على يساره من البيت بالركن العراقي وفيها الحجر الأسود, وما بين باب الكعبة والحجر الأسود يسمى بالحطيم, والزاوية التي على يمينه من البيت بالركن الغربي, والجدار القصير الذي يكون في ذلك الطرف على شكل نصف الدائرة تقريباً يسمى بحجر إسماعيل, وإذا وقف الشخص خلف البيت الشريف فالزاوية التي على يمينه تسمى بالركن اليماني، وما على يساره بالركن الشامي، والمقدار المقابل لباب الكعبة المشرَّفة من خلفها يسمى بأسماء ثلاثة: المستجار والمتعوذ والملتزم.
الحجر الأسود
وقد ورد في فضله أخبار كثيرة, منها قول الصادق علیه السلام: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم: اسْتَلِمُوا الرُّكْنَ فَإِنَّهُ يَمِينُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ مُصَافَحَةَ الْعَبْدِ أَوِ الرَّجُلِ يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِالْمُوَافَاةِ[3], وعن الباقر علیه السلام: إِنَّ الْحَجَرَ كَانَ دُرَّةً بَيْضَاءَ فِي الْجَنَّةِ- وَكَانَ آدَمُ علیه السلام يَرَاهَا فَلَمَّا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْأَرْضِ نَزَلَ إِلَيْهَا آدَمُ علیه السلام فَبَادَرَ فَقَبَّلَهَا فَأَجْرَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِذَلِكَ السُّنَّةَ[4].
مسألة 268: يُستحب مؤكداً إستلام الحجر والتمسح به مع الإمكان وعدم أذية أحد, ولا يتأكد ذلك للنساء مطلقاً, وتكفي الإشارة إلى الحج عند المزاحمة وكذا النساء, كما يستحب تقبيله أيضاً مع الإمكان وإلا فيشير إليه باليد ثم يقبل اليد.
الحطيم
وهو ما بين الباب والحجر ومن المواضع الشريفة؛ لا بُدَّ فيه من التوبة والإستغفار فإنه تحطّم فيه الذنوب العظام، أي تكسَّر ولذلك سُمّيَ حطيماً, وفي بعض الأخبار أنه هو المكان الذي تاب الله على آدم علیه السلام فيه.
الركن اليماني
وهو الزاوية التي تكون بإزاء الحجر الأسود من خلف البيت كما تقدم, وقد ورد في فضلها ما يتحيّر فيه العقول, قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: مَا أَتَيْتُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ إِلَّا وَجَدْتُ جَبْرَئِيلَ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ يَلْتَزِمُهُ[5], وقال الصادق علیه السلام: الرُّكْنُ الْيَمَانِيُ بَابُنَا الَّذِي نَدْخُلُ مِنْهُ الْجَنَّةَ[6], وعنه علیه السلام: فِيهِ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ لَمْ يُغْلَقْ مُنْذُ فُتِحَ وَفِيهِ نَهَرٌ مِنَ الْجَنَّةِ تُلْقَى فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ[7], وقال علیه السلام: إِنَ مَلَكاً مُوَكَّلٌ بِالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ- مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرٌ إِلَّا التَّأْمِينُ عَلَى دُعَائِكُمْ فَلْيَنْظُرْ عَبْدٌ بِمَا يَدْعُو[8], وبالجملة لا بُدَّ من اغتنام الفرصة في هذه المواضع والابتهال والتضرُّع إلى الله تعالى.
المستجار
تقدَّم أنَّ المقدار الذي يكون مقابل باب الكعبة المشرّفة من خلفها له أسماء ثلاثة: الملتزم والمتعوذ والمستجار، وقد ورد في فضله أخبار كثيرة؛ عن أمير المؤمنين علیه السلام: أَقِرُّوا عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ بِمَا حَفِظْتُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَمَا لَمْ تَحْفَظُوا فَقُولُوا وَمَا حَفِظَتْهُ عَلَيْنَا حَفَظَتُكَ وَنَسِينَاهُ فَاغْفِرْهُ لَنَا فَإِنَّهُ مَنْ أَقَرَّ بِذَنْبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَعَدَّهُ وَذَكَرَهُ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهُ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَغْفِرَهُ لَهُ[9], وعن الصادق علیه السلام: لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُقِرُّ لِرَبِّهِ بِذُنُوبِهِ فِي هَذَا الْمَكَانِ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ[10], وقد ورد في هذا المكان أدعية خاصة من شاء فليراجع المفصَّلات.
زمزم
ويستحب الشرب من ماءها, قال علي علیه السلام: الِاطِّلَاعُ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ يُذْهِبُ الدَّاءَ فَاشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا ممّا يَلِي الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ؛ فَإِنَّ تَحْتَ الْحَجَرِ أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ[11], وعنه علیه السلام أيضاً: مَاءُ زَمْزَمَ خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ[12], وعن الصادق علیه السلام: إِنَّ النَّبِيَّ صلی الله علیه و آله و سلم كَانَ يَسْتَهْدِي مَاءَ زَمْزَمَ وهُوَ بِالْمَدِينَةِ[13].
ويستحب إكثار النظر إلى الكعبة المشرَّفة, فعن النبيّ صلی الله علیه و آله و سلم: النَّظَرُ إِلَى الْكَعْبَةِ حُبّاً لَهَا يَهْدِمُ الْخَطَايَا هَدْماً[14], وقال أمير المؤمنين علیه السلام: أَكْثِرُوا النَّظَرَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ- فَإِنَ لِلَّهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ رَحْمَةً عِنْدَ بَيْتِهِ الْحَرَامِ سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ[15].
آداب دخول الحرم
وهي أربعة:
الأول: الغسل لدخول الحرم.
الثاني: أنْ يدخله ماشياً حافياً متواضعاً آخذاً نعله بيده خاشعاً لله عزَّ وجل.
الثالث: أنْ يقرأ هذا الدعاء عند دخوله: اللَّهُمَ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ الْمُنْزَلِ وَقَوْلُكَ الْحَقُ: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ[16] اللَّهُمَّ وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ أَجَابَ دَعْوَتَكَ وَقَدْ جِئْتُ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ وَمِنْ فَجٍّ عَمِيقٍ سَامِعاً لِنِدَائِكَ وَمُسْتَجِيباً لَكَ مُطِيعاً لِأَمْرِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ بِفَضْلِكَ عَلَيَّ وَإِحْسَانِكَ إِلَيَّ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا وَفَّقْتَنِي لَهُ أَبْتَغِي بِذَلِكَ الزُّلْفَةَ عِنْدَكَ وَالْقُرْبَةَ إِلَيْكَ وَالْمَنْزِلَةَ لَدَيْكَ وَالْمَغْفِرَةَ لِذُنُوبِي وَالتَّوْبَةَ عَلَيَّ مِنْهَا بِمَنِّكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَحَرِّمْ بَدَنِي عَلَى النَّارِ وَآمِنِّي مِنْ عَذَابِكَ وَعِقَابِكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين[17].
الرابع: أنْ يمضغ شيئاً من الأذخر؛ وهو نبت معروف هناك.
آداب دخول مكة
وهي ثلاثة:
- الغسل لدخولها أيضاً, ويكفي غسل واجد لدخول الحرم ومكة والمسجد الحرام بقصد الجميع, بل إذا اغتسل للإحرام ونوى الجميع يكفي أيضاً.
- دخولها مع التأنِّي والوقار والخضوع والخشوع.
- دخولها من الطريق الأعلى إنْ أمكن.
آداب دخول المسجد الحرام
وهي أيضاً ثلاثة:
- الغسل لدخولها، وتقدّم كفاية غسل واحد لجميع ما مرّ لو نوى الجميع.
- الوقوف على باب المسجد خاضعاً خاشعاً مع الوقار والطمأنينة, ويقول: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَمِنَ اللَّهِ وَمَا شَاءَ اللَّهُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[18].
وفي رواية أخرى يقول: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَمِنَ اللَّهِ وَمَا شَاءَ اللَّهُ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم وَخَيْرُ الْأَسْمَاءِ لِلَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ السَّلَامُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ السَّلَامُ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ وَعَلَى أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي فِي طَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِكَ وَاحْفَظْنِي بِحِفْظِ الْإِيمَانِ أَبَداً مَا أَبْقَيْتَنِي جَلَّ ثَنَاءُ وَجْهِكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي مِنْ وَفْدِهِ وَزُوَّارِهِ وَجَعَلَنِي مِمَّنْ يَعْمُرُ مَسَاجِدَهُ وَجَعَلَنِي مِمَّنْ يُنَاجِيهِ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَزَائِرُكَ فِي بَيْتِكَ وَعَلَى كلّ مَأْتِيٍّ حَقٌّ لِمَنْ أَتَاهُ وَزَارَهُ وَأَنْتَ خَيْرُ مَأْتِيٍّ وَأَكْرَمُ مَزُورٍ فَأَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ يَا رَحْمَانُ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَبِأَنَّكَ وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ يَا جَوَادُ يَا كَرِيمُ يَا مَاجِدُ يَا جَبَّارُ يَا كَرِيمُ أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إِيَّايَ بِزِيَارَتِي إِيَّاكَ أَوَّلَ شَيْءٍ تُعْطِينِي فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّار[19].
ویقول ثَلَاث مرات: اللَّهُمَّ فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّار, ثم یقول: وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ[20], ويدخل المسجد ويقول: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه و آله و سلم[21], ثم يتوجه إلى الكعبة المشرفة رافعاً يديه إلى السماء ويقول: اللَّهُمَ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِي مَقَامِي هَذَا فِي أَوَّلِ مَنَاسِكِي أَنْ تَقْبَلَ تَوْبَتِي وَأَنْ تَجَاوَزَ عَنْ خَطِيئَتِي وَتَضَعَ عَنِّي وِزْرِي الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَلَّغَنِي بَيْتَهُ الْحَرَامَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا بَيْتُكَ الْحَرَامُ الَّذِي جَعَلْتَهُ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَالْبَلَدُ بَلَدُكَ وَالْبَيْتُ بَيْتُكَ جِئْتُ أَطْلُبُ رَحْمَتَكَ وَأَؤُمُّ طَاعَتَكَ مُطِيعاً لِأَمْرِكَ رَاضِياً بِقَدَرِكَ أَسْأَلُكَ مسألة الْمُضْطَرِّ إِلَيْكَ الْخَائِفِ لِعُقُوبَتِكَ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِك[22], ويخاطب الكعبة المشرفة ويقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَظَّمَكِ وَشَرَّفَكِ وَكَرَّمَكِ وَجَعَلَكِ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ[23].
ويستحب أنْ يقول عندما يحاذي الحجر الأسود: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَبِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ وَعِبَادَةِ كلّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ[24].
ثم يذهب إلى الحجر الأسود وينظر إليه ويقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَسَلَامٌ عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُومِنُ بِوَعْدِكَ وَأُصَدِّقُ رُسُلَكَ وَأَتَّبِعُ كِتَابَك[25].
وإذا دنوت من الحجر الأسود فاحمد الله وارفع يديك واثنِ عليه وَصلِّ على النبيِّ صلی الله علیه و آله و سلم وقل: اللَّهُمَ تَقَبَّلْ مِنِّي[26], ثم استلم الحجر الأسود وَقبِّلهُ فإنْ لم تستطع أنْ تُقبِّلهُ فاستلمه بيدك وإلا فأشِر إليه وقل: اللَّهُمَ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ اللَّهُمَّ تَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ وَعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَبِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ وَعِبَادَةِ كلّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ[27]. فإنْ لم تستطع أنْ تقول جميع ما تَقدَّم فتأتي ببعضه.
ويستحب أنْ يقول: اللَّهُمَ إِلَيْكَ بَسَطْتُ يَدِي وَفِيمَا عِنْدَكَ عَظُمَتْ رَغْبَتِي فَاقْبَلْ سَيْحَتِي وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَمَوَاقِفِ الْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ[28].
3. العبور من باب شيبة إلى المطاف وهي قريبة من الكعبة المُشرَّفة ومقابلة لبابها تقريباً.
الطواف
وهو عبارة عن المشي حول الكعبة المُشرَّفة بالشروط الآتية وفيه ثواب عظيم.
مسألة 269: يجب في عمرة التمتع طواف واحد يسمى بطواف الزيارة, وفي الحج مطلقاً طوافان, وكذا في العمرة المفردة يسمَّى الأوّل بطواف الزيارة والآخر بطواف النساء.
مسألة 270: تبطل العمرة أو الحج بترك الطواف عمداً بخلاف طواف النساء.
مسألة 271: أركان الحج ستة: النية, والإحرام, والطواف, والوقوف بعرفات, والوقوف بالمشعر, والسعي بين الصفا والمروة.
ومعنى الركن في الحج أنَّ تركه العمدي يوجب البطلان دون الغير عمدي وفي الوقوفين تفصيل يأتي إنْ شاء الله تعالى.
مسألة 272: يتحققّ ترك الطواف في العمرة التمتعية بأنْ يتضيق وقت الوقوف بعرفة على وجه لا يمكنه الطواف قبله, فيذهب حينئذٍ إلى عرفات وينقلب حجه إلى الإفراد ويتمّه كذلك، ثم يأتي بعمرة مفردة رجاءً. ويقضي الحج بنفسه في العام القابل ويتحققّ تركه في الحج مطلقاً بخروج ذي الحجة فيبطل الحج حينئذٍ إنْ كان الترك عمدياً.
مسألة 273: لا فرق في الترك العمدي الموجب للبطلان بين العالم والجاهل, كما لا فرق في الترك بين ترك أصل الطواف رأساً أو ترك ما يعتبر فيه شرعاً فيكون تركه كترك أصله أيضاً.
مسألة 274: يجب على الجاهل فيما مرّ البدنةُ؛ وهي إبل تمَّ سنّه الخامسة ودخل بالسادسة, بل الأحوط وجوباً وجوبه على العالم أيضاً.
مسألة 275: يتحققّ ترك الطواف في العمرة المفردة بصدق الترك عرفاً, إذ ليس الطواف فيها محدوداً بحدٍّ خاص, ولا تعتبر الفورية فيه أيضاً فلا بُدَّ من مراعاة الصدق العرفي.
مسألة 276: ترك الطواف نسياناً لا يوجب البطلان, بلا فرق بين طواف العمرة أو الحج فيجب الإتيان به في أيِّ وقت أمكنه ولو بعد خروج ذي الحجة, وإنْ رجع إلى محلِّه وأمكنه الرجوع بلا مشقَّة عُرفية وجب ذلك وإلا استناب, والأحوط وجوباً إعادة السعي بعده أيضاً مطلقاً.
مسألة 277: قضاء الطواف المنسي –سواء كان بنفسه أم بالنيابة– لا يحتاج إلى إحرام جديد. نعم؛ لو كان النائب من خارج مكة وأراد دخولها لقضاء الطواف يجب أنْ يحرم للعمرة المفردة لدخول مكة، بل الأَولى والأحوط لنفسه أيضاً ذلك إذا كان خارجاً من مكة وأراد دخولها لذلك.
مسألة 278: لو لم يتمكن من الطواف لمرض أو نحوه يطاف به محمولاً إنْ أمكن, وإلا يستناب عنه.
مسألة 279: لو شكَّ في أنَّ المتروك طواف الحج أو العمرة يأتي بطواف بقصد ما في الذمة.
مسألة 280: لو حاضت المرأة أو نفست في العمرة التمتعية قبل الطواف؛ فإنْ لم تطهر إلى وقت الوقوف بعرفات تبطل عمرتها وينقلب حجها إفراداً فتتم حجها كذلك ثم تأتي بعمرة مفردة بعده سواء طهرت قبل الغروب من يوم عرفة أم لا.
واجبات الطواف
وهي أربعة عشر:
- الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر إنْ كان الطواف واجباً, وأما إنْ كان مندوباً فلا يعتبر فيه الطهارة مطلقاً. نعم؛ يحرم على المحدث بالحدث الأكبر دخول المسجد الحرام –جنباً كان أم حائضاً أم نفساء– ولو دخل ناسياً وطاف الطواف المندوب صح الطواف.
- طهارة البدن واللباس.
- الختان للرجال والصبيان.
- ستر العورة.
- النية؛ بأنْ ينوي: (أطوف طواف عمرة التمتع قربة إلى الله تعالى)، وإنْ كان في الحج ينوي: (أطوف طواف الحج قربة إلى الله تعالى)، وإنْ كان في العمرة المفردة فينوي: (أطوف طواف العمرة المفردة قربة إلى الله). ويكفي في جميع ذلك مُجرَّد الداعي كما في غيره من سائر العبادات.
- الابتداء من الحجر الأسود والاختتام به، ويكفي الابتداء العرفي ولا تجب الدِّقة العقلية، ويكفي تحقق ذلك واقعاً ولو لم يكن مقصوداً.
- جعل الكعبة المقدَّسة على اليسار عرفاً, ولا يضرُّ الانحراف اليسير الذي لا يضر بصدق كون الكعبة على اليسار عرفاً, ولا تجب المداقّة في ذلك, بل قد تكون حراماً إنْ كان مخالفاً للتقية وموجباً لتوهين العامة بالمذاهب.
- إدخال حجر إسماعيل في الطواف وجعله في اليسار أيضاً.
- أنْ يكون خارجاً عن البيت وعن حجر إسماعيل عرفاً.
- أنْ يكون الطواف بين الكعبة المشرفة ومقام إبراهيم.
- أنْ يكون عدد الطواف سبعة أشواط بلا زيادة ونقيصة, ومن الحجر الأسود وإليه يعدّ شوطاً واحداً.
- المولاة العرفية في الطواف الواجب دون المندوب.
- إباحة ما مع الطائف وعدم كونه مغصوباً.
- كون الطواف بالعمد والاختيار مع التمكن, فلو طيف به لكثرة الازدحام مع تحقق سائر الشرائط, فالظاهر الإجزاء وإنْ كان الاحتياط في إعادة ما خرج عن اختياره مع التمكن.
مسألة 281: لا يصحّ الطواف من الجنب والحائض, بل المحدث بالحدث الأصغر بلا فرق بين العالم والجاهل والناسي, كما لا فرق في الطواف الواجب بين كونه جزءً من العمرة أو الحج ولو كانا مندوبين, وأما الطواف المندوب وهو ما لم يكن جزءً لأحدهما فلا تعتبر فيه الطهارة من الحدث الأصغر, بل لو أتى به في حال الحدث الأكبر نسياناً صحّ أيضاً.
مسألة 282: لو عرض الحدث الأصغر في أثناء الطواف, فإنْ كان بعد تمام الشوط الرابع تطهَّر وأتى بالبقية ولا شيء عليه، وإنْ كان قبله استأنف.
مسألة 283: لو عرض الحدث الأكبر وجب الخروج فوراً من المسجد, فإنْ لم يتم أربعة أشواط استأنفه بعد الغسل وإلا أتم ما بقي, ولا فرق في ذلك بين قصر المدة وطولها. وقد مرّ في (المسألة ۷3) ما يتعلّق بحكم الحائض والنفساء.
مسألة 284: لو حدث الحيض في أثناء طواف الحج, فإنْ كان قبل إتمام أربعة أشواط بطل الطواف واستأنف بعد الطهر, وإنْ كان بعد إتمام أربعة أشواط تقطع الطواف وعند الطهر الثاني تأتي بالثلاثة الأخرى كما تقدّم في طواف عمرة التمتع.
مسألة 285: لو كان معذوراً عن الوضوء أو الغسل يتيمم بدلاً عنهما مع بقاء العذر, وإنْ كان عذره مرجوّ الزوال فالأحوط وجوباً التأخير إلى زمان زواله أو حصول اليأس عن زواله.
مسألة 286: تجزي من ذوي الأعذار طهارتهم الاضطرارية كالمجبور والمستحاضة والمسلوس والمبطون, وإنْ كان الأحوط للأخير الاستنابة بعد أنْ يطوف بنفسه, كما أنَّ الأحوط للمستحاضة الصغرى تجديد الوضوء لكلّ من الطواف الواجب وصلاته أيضاً, كما أنَّ الأحوط للمتوسطة والكبرى تجديد الغسل, ويكفي غسل واحد للطواف وصلاته ولكن تجدد الوضوء لكلّ منهما على الأحوط.
مسألة 287: لو تذكر بعد الطواف أنه كان محدثاً, فإنْ كان واجباً أعاده, وإنْ كان مندوباً صح ولا شيء عليه.
مسألة 288: لو شكّ بعد الفراغ من الطواف أنه تطهر أم لا, بنى على أنه تطهر وإنْ كان الطواف واجباً. ولكن يجب عليه التطهير لصلاته وغيرها ممّا تكون مشروطة بالطهارة.
مسألة 289: لو شك أثناء الطواف أنه تطهّر له أم لا؛ فإن كان مسبوقاً بالطهارة لا يلتفت إلى شكّه، وإلا استأنف الطواف بعد الطهارة. نعم؛ لو حدث الشك بعد تمام الشوط الرابع تطهّر وأتمَّ طوافه وصحّ, ولكن الأحوط الاستئناف أيضاً.
مسألة 290: لو كان محدثاً بالأكبر وشك في أثناء الطواف أنه اغتسل منه أم لا, وجب عليه الخروج من المسجد فوراً ويستأنف الطواف إلا إذا كان الشك بعد تمام الشوط الرابع فيغتسل ويتم ما بقي منه, وإنْ كان الأحوط الاستئناف أيضاً.
مسألة 291: الأحوط وجوباً الاجتناب عمّا هو المعفوّ عنه في الصلاة, كالدم الأقل من الدرهم وما لا تتم فيه الصلاة حتى الخاتم, وأما دم القروح والجروح فإنْ كان في تطهيره مشقّة عرفية يصحّ الطواف معه وإلا وجب التطهير منه, ولكن مع رجاء البرء وعدم ضيق وقت الطواف فالأحوط وجوباً التأخير إلى حصول البرء أو اليأس منه, ولو أمكنه التبديل أو التعويض بلا مشقة يلزم ذلك.
مسألة 292: لو علم بعد الفراغ من الطواف بنجاسة ثوبه أو بدنه حين الطواف صحّ طوافه ولا شيء عليه ولو علم بها في الأثناء أو عرضته نجاسة كذلك أو احتمل عروضها في الحال تطهّر أو تبدل ويتم طوافه ولا شيء عليه مع بقاء المولاة العرفية، وأما مع زوالها؛ فإنْ تجاوز النصف يتطهّر ويبني عليه, وإنْ لم يتجاوزه يستأنف بعد التطهير والأحوط الاستئناف مطلقاً حتى فيما إذا تجاوز.
مسألة 293: لو شك في طهارة الثوب والبدن قبل الشروع في الطواف يصحّ الطواف بهما إلا مع العلم بالنجاسة والشك في التطهير.
مسألة 294: لو طاف مع نجاسة الثوب أو البدن نسياناً وتذكر بعد الفراغ فالأحوط وجوباً الإتيان بصلاة الطواف مع الطهارة ثمَّ استئناف الطواف والصلاة متطهّراً, ولو تذكّر في الأثناء فالأحوط وجوباً إتمام ما بقي متطهِّراً إنْ أمكن ثم الإعادة بلا فرق بين كون التذكر بعد إتمام الشوط الرابع أو قبله.
مسألة 295: يعتبر في الطواف الختان للرجال والصبيان دون النساء, فلو طاف الصبيّ غير مختون أو طيف به بعد أنْ أحرم به الولي لم يجز له أنْ يتزوج بعد البلوغ إلا أنْ يأتي بطواف النساء مختوناً مباشرةً مع الإمكان واستنابةً مع عدمه.
مسألة 296: الختان شرط واقعي فلا فرق فيه بين العالم والجاهل؛ فلو طاف شخص غير مختون جاهلاً بالحكم أو الموضوع يبطل طوافه فيفسد حجه وعمرته, ولا يحلّ له النساء حتى يأتي بطواف النساء صحيحاً بنفسه أو بالاستنابة, ولو لم يتمكن منه فالأحوط وجوباً التأخير إلى زمان التمكن أو اليأس من حصوله فيطوف حينئذٍ, والأحوط استنابة المختون فيه أيضاً. ولو تولد مختوناً صح طوافه ولا شيء عليه, ولا يعتبر الختان في شيء من أفعال الحج والعمرة غير الطواف.
مسألة 297: يعتبر في الطواف ستر العورة فلو طاف بلا سترها بطل بلا فرق بين الرجل والمرأة, كما لا فرق بين وجود ناظر محترم في البين وعدمه على ما مرّ في الصلاة.
مسألة 298: يعتبر في الساتر الإباحة فلا يصحّ مع المغصوب, بل الأحوط وجوباً أنْ لا يكون ما مع الطائف مغصوباً, ولو لم يكن ساتراً ولباساً, والأولى بل الأحوط رعاية سائر ما اعتبر في لباس المصلي من الشرائط في ما مع الطائف.
مسألة 299: يعتبر في الطواف النية؛ وهي عبارة عن مجرد الداعي إلى الفعل وهو سهل يسير, ولا يعتبر فيه شيء غير قصد العمل الخاص والقربة كما مرّ في سائر العبادات.
مسألة 300: يعتبر في الطواف الموالاة العرفية بين الأشواط بحيث لا يخرج عن طواف واحد عرفاً, ولو خرج كذلك يستأنف خصوصاً إنْ لم يتم أربعة أشواط.
مسألة 301: يعتبر في الطواف الابتداء بالحجر الأسود بأيِّ جزء منه والاختتام بما ابتدأ به, وكل دور يسمّى شوطاً والمدار في الابتداء والاختتام هو العرفي منهما ولا تجب المداقة بل قد لا تجوز, بل قد يشكل صحّة الطواف معها إنْ اقتضت التقية تركها أو كان فيها إيذاء للطائفين.
مسألة 302: الابتداء بالحجر الأسود والاختتام به تارة التفاتي, وتارة انطباقي قهري, ويكفي كلّ منهما إنْ كان بداعي الطواف إجمالاً؛ فلو شرع في الطواف ممّا قبل الحجر الأسود واختتم به أيضاً قاصداً الابتداء من الحجر والاختتام به واقعاً لصح وكفى، بل وافق الاحتياط أيضاً.
مسألة 303: لو لم يعرف مكان الحجر الأسود أصلاً وطاف سبعة أشواط وأزيد حول الكعبة المشرَّفة قاصداً البدء من الحجر والختم به واقعاً وإلقاء ما كان زائداً عن سبعة أشواط, فالظاهر الصحّة.
مسألة 304: لا يجب الوقوف عند الحجر الأسود في الابتداء والاختتام ولا استقباله ولا التقدّم عليه والتأخر عنه في البدء والختام كما يفعله أهل الوسوسة من الأنام, بل قد يشكل جواز ذلك مع كثرة الزحام.
مسألة 305: يعتبر في الطواف جعل الكعبة المعظمة على اليسار بالنحو المتعارف فلا يضر الانحراف اليسير الذي لا ينافي ذلك، ولا تجب الدقة في ذلك كما يفعله أهل الوسواس من الناس. نعم؛ لو جعل الكعبة المشرفة على يمينه أو استقبلها بوجهه أو استدبرها ولو بخطوة عمداً أو سهواً أو بمزاحمة آخر لم يصحّ خصوص الخطوة التي فقد فيها التياسر ووجبت إعادتها, وعلى هذا فإذا؛ أراد تقبيل الكعبة المشرفة أو استلام أركانها المقدسة بحيث ينافي التياسر العرفي يقف لذلك، ثم بعد التقبيل والاستلام يشرع في الطواف.
مسألة 306: لا تجب مراعاة كون البيت على الكتف الأيسر في تمام الحالات بعد صدق كون الكعبة على اليسار عرفاً, بل قد لا يجوز ذلك إنْ كان خلاف التقية, أو أوجب الوسواس والأذية. نعم؛ هو من الإحتياطات الحسنة لو لم يكن مخالفاً للإحتياط من سائر الجهات.
مسألة 307: يعتبر في الطواف إدخال حِجر إسماعيل علیه السلام في الطواف, فيطوف من خارجه لا من داخله, فلو طاف من داخله بطل طوافه ووجبت الإعادة. وإنْ كان ذلك عمداً يجري عليه حكم من ترك الطواف عمداً, وإنْ كان جهلاً أو سهواً يجري حكمهما، ولو تخلَّف في بعض الأشواط يعيد ذلك الشوط فقط, ولكن الأحوط إعادة تمام الطواف بعد إتمامه إنْ أمكن.
مسألة 308: يعتبر أنْ يكون الطواف خارجاً عن الكعبة المشرَّفة وما يحسب منها وعن الحِجر؛ فلو مشى حال الطواف على شاذوران الكعبة[29] أو على حائط الحِجر بطل ذلك الجزء من طوافه ووجب تداركه, بل الأحوط وجوباً أنْ لا يمسّ جدار البيت وحائط الحِجر بيده حال الطواف, والأحوط استحباباً أنْ لا يمسَّ حين الطواف الكسوة الشريفة للكعبة المقدَّسة, ولو أراد مسَّها أو مس جدار البيت وحائط الحجر يقف ويمسَّها ويقضي حاجته ثم يشرع في الطواف.
مسألة 309: يعتبر أنْ يكون الطواف بين الكعبة المشرَّفة والصخرة المسماة بمقام إبراهيم علیه السلام على الأحوط وجوباً, ويجب مراعاة هذا الحد من جميع الجوانب. والمعروف أنَّ الفصل بينهما ستة وعشرون ذراعاً ونصف ذراع, فيجب أنْ لا يكون الطواف في جميع الأطراف بما يزيد على هذا الحد وهذا هو حد المطاف في تمام الأطراف.
مسألة 310: لو طاف بما يزيد عن هذا المقدار أعاد الطواف ولو كانت الزيادة في بعض الأشواط فقط أو مقدار من شوط أعاد خصوص ما زيد فيه فقط, ولا تجب إعادة أصل الطواف وإنْ كان أحوط.
مسألة 311: يضيق حدِّ المطاف من طرف حجر إسماعيل علیه السلام والمعروف أنه ستة أذرع ونصف تقريباً.
مسألة 312: لو اقتضت التقية الطواف في خارج الحد يصحّ ويجزي.
مسألة 313: يعتبر أنْ يكون عدد الطواف الذي هو عبارة عن الدوران حول الكعبة المُقدَّسة سبع مرات فقط, بلا زيادة ولا نقيصة, ويسمّى كلّ مرَّةٍ شوطاً كما مرّ.
مسألة 314: لو قصد الزيادة ولو خطوة في الابتداء أو الأثناء؛ فإنْ كان بعنوان الوظيفة الشرعية بطل طوافه ووجبت الإعادة, ولو أتمّه سبعاً, بل وكذا لو أتى بالسبع ثم زاد متصلاً بقصد الوظيفة الشرعية, ولا فرق في العامد في كونه عالماً بالحكم أو جاهلاً به, ولو لم يكن بهذا القصد، بل كان بقصد المقدمية أو شيئاً آخر يصحّ ولا شيء عليه, بل الزيادة بقصد المقدمية موافقة للإحتياط بأنْ يبتدأ ممّا قبل الحجر الأسود مقدمة ويختتم إلى ما بعده كذلك مع قصد التكليف الواقعي.
مسألة 315: لو تخيّل استحباب شوط بعد تمام الطواف الواجب فأتى به بعد الفراغ منه متصلاً به صح طوافه ولا شيء عليه.
مسألة 316: تعتبر المولاة العرفية في أجزاء الطواف وأشواطه, فلو فصل بينها بحيث خرج عن الصدق العرفي بطل.
مسألة 317: تعتبر إباحة ما مع الطائف فلو طاف مع المغصوب بطل طوافه.
مسألة 318: يعتبر القصد والاختيار وكون المشي حول الكعبة المشرَّفة لأجل الطواف؛ فلو طيف به بلا اختيار لأجل كثرة الزحام أو مشى حول الكعبة المشرفة لأجل التفحص عن شيء مثلاً لا يحتسب ذلك طوافاً.
مسألة 319: يعتبر في الطواف الخلوص, فلو أتى به رياءً –نعوذ بالله– ولو بعضه بطل طوافه.
مسألة 320: لو أتى بطواف واجب ولم يصلِّ صلاته ثمَّ أتى بعده بطواف واجب آخر يسمّى هذا بـ(القِران بين الطوافين), فالأحوط أنْ يصلّي صلاة الطوافين ثم يستأنف الطواف الأول فيصلي صلاته ثمَّ يأتي بالطواف الثاني ويصلي صلاته أيضاً, ولا بأس بالقران بين الطوافين إنْ كانا مندوبين, وإنْ كان الأفضل أنْ يصلي صلاة كلّ طواف مندوب بعد الفراغ منه أيضاً. ولا بأس بالقران بين الطوافين إنْ كانا مندوبين, وإنْ كان الأفضل أنْ يصلي صلاة كلّ طواف مندوب بعد الفراغ منه أيضاً, وكذا لا بأس بالقران بين الواجب والمندوب سواء كان الواجب هو الأوّل أم بالعكس, كما لا بأس به فيما إذا احتمل خللاً في الأول فأعاده قبل الإتيان بصلاته.
مسألة 321: لو زاد في الطواف سهواً؛ فإنْ كان أقل من شوط قطعه وألغاه, وإنْ كان شوطاً فما زاد فالأحوط إكماله سبعاً بقصد القربة المطلقة ويصلي قبل السعي ركعتين بقصد الطواف الواجب عليه واقعاً وركعتين بعده بقصد الواجب, ولو زيد اضطراراً لأجل كثرة الزحام يصحّ طوافه ولا شيء عليه.
مسألة 322: لو نقص من الطواف يكمله إنْ كان في المطاف ولم يحدث المنافي من حدث وفوت الموالاة ونحوهما مطلقاً سواء كان النقص سهواً أم عمداً أم جهلاً, وإنْ تمت له أربعة أشواط فيصح له الإتمام مطلقاً, وإنْ خرج من المطاف وفاتت الموالاة إنْ كان النقص سهواً ولكن الأحوط حينئذٍ الإتمام ثم الاستئناف.
مسألة 323: لو تذكّر النقص بعد الخروج من مكة المشرفة؛ فإنْ أمكنه الرجوع والإتيان به مباشرة وجب وإلا يستنيب سواء كان ذلك بعد الرجوع إلى وطنه أم لا, ولا يجب الإحرام لإتيان الطواف المنسي سواء رجع من وطنه لإتيانه أم استناب له شخصاً من أهل مكة, ولكن الأحوط استحباباً الإحرام لعمرة مفردة ثمَّ الإتيان به قبل طواف العمرة أو بعده.
مسألة 324: يجوز قطع الطواف المندوب مطلقاً ولو لم يكن عذر في البين والأولى عدم قطعه أيضاً إلا لعذر.
مسألة 325: لو خرج عن الحالة الطوافية عمداً واختياراً, ولكن لم يأتِ بالمنافي أصلاً ولم يحصل الفصل الطويل أيضاً, ثمَّ بدا له الإتمام أتمّه وصح طوافه ولا شيء عليه ولو أتى بالمنافي, فإنْ كان ذلك بعد تمام الشوط الرابع أتمَّه وصح وإلا استأنفه ولو حدث عذر غير اختياري عن إتمام الطواف, فإنْ كان ذلك بعد إتمام الشوط الرابع أتمه بعد رفع العذر وإنْ كان قبله استأنفه.
مسألة 326: لو خرج عن الحالة الطفواية عمداً و اختياراً و لکن لم یأت بالمنافي أصلاً ولم یحصل الفصل الطويل أيضاً ثم بدا له الإتمام أتمه وصح طوافه ولا شيء عليه ولو أتی بالمنافي فإن کان ذلك بعد تمام الشوط الرابع أتمه وصح وإلا استأنفه ولو حدث عذر غير اختياري عن إتمام الطواف فإن کان ذلک بعد إتمام الشوط الرابع أتمه بعد رفع العذر وإن كان قبله استأنفه.
مسألة 327: إذا شكَّ في عدد الأشواط أو في صحتها لا يلتفت إلى شكه إنْ كان بعد اعتقاد الفراغ, وكذا لو شك عند الحجر الأسود أنه الشوط السابع أو أزيد, ولو شك بعد الفراغ عن الطواف أو بعد الفراغ عن شوط أو بعد تجاوز عن شوط في صحة ما أتى به ولا يلتفت ويبني على الصحة.
مسألة 328: لا اعتبار بشك كثير الشك مطلقاً، والظن الإطمئناني في الطواف مطلقاً معتبر كاليقين.
مسألة 329: إذا شك في أثناء الطواف وجب الاستئناف مطلقاً سواء كان الشك عند الحجر الأسود أم قبله، وسواء كان بين الستة والسبعة أم غيرهما, ولكن الأحوط في جميع صور الشك في الأثناء أنْ يبني على الأقل ويتم الطواف ثم يستأنفه. هذا في الطواف الواجب, وأما المندوب ففي الشك في الأثناء يبني على الأقل مطلقاً ويتم ولا شيء عليه.
مسألة 330: لو شك بعد الوصول إلى الحجر الأسود في أنه زاد على طوافه أم لا بنى على الصحّة, ولو شك قبل الوصول إليه في أنَّ ما بيده هو السابع أو الثامن مثلاً استأنف، والأحوط الإتمام ثم الاستئناف.
مسألة 331: يجب حصول الاطمئنان بعدد الأشواط، ولا اعتبار بالظن به, ويصح الاعتماد على شخص وثيق في حفظ عدد الأشواط أو ضبط ذلك بكتابة ونحوها ممّا يوجب الاطمئنان, بل قد يجب ذلك.
مسألة 332: لا يجب في حال الطواف كون صفحة الوجه إلى الأمام, ويجوز ميلها إلى اليمين واليسار, ويجوز الجلوس والاستلقاء والاستراحة في أثناء الطواف بما لا ينافي الموالاة العرفية, ولكن الأولى ترك ذلك إلا مع الضرورة.
مسألة 333: يكره في الطواف التكلم والضحك وإنشاد الشعر وكل لغو وعبث, بل كلّ ما يكره في الصلاة.
مسألة 334: لو لم يتمكن أنْ يطوف بنفسه لمرض أو نحوه يطاف محمولاً, والأولى أنْ يكون بحيث يخط الأرض برجليه وينوي بنفسه، والأولى نية الحامل أيضاً ثمَّ يصلي صلاة الطواف.
مسألة 335: لو لم يتمكن من الطواف محمولاً أيضاً يطاف عنه و ينوي الطائف و يصلي والأحوط أن يصلي المنوب عنه أيضاً إن تمكن.
مسألة 335: يستحب أنْ يطوف حافياً مُقصِّراً في خطواته مشغولاً بالذكر والدعاء وقراءة القرآن, وأنْ يستلم الحجر الأسود ويقبِّله مع الإمكان وعدم أذية أحد وإلا يشير إليه ويقبِّل يده, وأفضل أوقات الطواف عند الزوال.
مسألة 337: يستحب أنْ يدعو حال الطواف بهذا الدعاء:
اللَّهُمَ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي يُمْشَى بِهِ عَلَى طَلَلِ الْمَاءِ كَمَا يُمْشَى بِهِ عَلَى جَدَدِ الْأَرْضِ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي يَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُكَ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَهْتَزُّ لَهُ أَقْدَامُ مَلَائِكَتِكَ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعَاكَ بِهِ مُوسَى مِنْ جَانِبِ الطُّورِ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَأَلْقَيْتَ عَلَيْهِ مَحَبَّةً مِنْكَ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي غَفَرْتَ بِهِ لِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و سلم مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَأَتْمَمْتَ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَکَذا[30], وتسأل حاجتك. وقل في الطواف أيضاً: اللَّهُمَ إِنِّي إِلَيْكَ فَقِيرٌ وَإِنِّي خَائِفٌ مُسْتَجِيرٌ فَلَا تُغَيِّرْ جِسْمِي وَلَا تُبَدِّلِ اسْمِي[31].
ويستحب الصلاة على محمد وآل محمد كلّ ما انتهى إلى باب الكعبة ويدعو بهذا الدعاء: سَائِلُكَ فَقِيرُكَ مِسْكِينُكَ بِبَابِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهِ بِالْجَنَّةِ اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُكَ وَالْحَرَمُ حَرَمُكَ وَالْعَبْدُ عَبْدُكَ وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ الْمُسْتَجِيرِ بِكَ مِنَ النَّارِ فَأَعْتِقْنِي وَوَالِدَيَّ وَأَهْلِي وَوُلْدِي وَإِخْوَانِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّارِ يَا جَوَادُ يَا كَرِيم[32].
وإذا بلغ الحجر قبل أنْ يبلغ الميزاب يرفع رأسه وهو ينظر إلى الميزاب ويقول: اللَّهُمَ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ وَأَجِرْنِي بِرَحْمَتِكَ مِنَ النَّارِ وَعَافِنِي مِنَ السُّقْمِ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنَ الرِّزْقِ الْحَلَالِ وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ[33].
وإذا إنتهى إلى ظهر الكعبة يقول: يَا ذَا الْمَنِ وَالطَّوْلِ وَالْجُودِ وَالْكَرَمِ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[34].
وإذا وصل بحذاء الركن اليماني يرفع يديه ويقول: يَا اللَّهُ يَا وَلِيَ الْعَافِيَةِ وَخَالِقَ الْعَافِيَةِ وَرَازِقَ الْعَافِيَةِ وَالْمُنْعِمَ بِالْعَافِيَةِ وَالْمَنَّانَ بِالْعَافِيَةِ وَالْمُتَفَضِّلَ بِالْعَافِيَةِ عَلَيَّ وَعَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ يَا رَحْمَانَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْزُقْنَا الْعَافِيَةَ وَدَوَامَ الْعَافِيَةِ وَتَمَامَ الْعَافِيَةِ وَشُكْرَ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ[35], ثمَّ يرفع رأسه وينظر إلى الكعبة ويقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَّفَكِ وَعَظَّمَكِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَعَثَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَ عَلِيّاً إِمَاماً اللَّهُمَّ أَهْدِ لَهُ خِيَارَ خَلْقِكَ وَجَنِّبْهُ شِرَارَ خَلْقِكَ[36].
وإذا وصل فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود يقول: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[37].
وإذا بلغت مؤخر الكعبة بحذاء المستجار دون الركن اليماني وكنت في الشوط السابع فأبسط يديك وألصق بدنك وخدك بالبيت وقل: اللَّهُمَ الْبَيْتُ بَيْتُكَ وَالْعَبْدُ عَبْدُكَ وَهَذَا مَكَانُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ ثُمَّ أَقِرَّ لِرَبِّكَ بِمَا عَمِلْتَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُقِرُّ لِرَبِّهِ بِذُنُوبِهِ فِي هَذَا الْمَكَانِ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ, وَتَقُولُ اللَّهُمَّ مِنْ قِبَلِكَ الرَّوْحُ وَالْفَرَجُ وَالْعَافِيَةُ اللَّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي وَاغْفِرْ لِي مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي وَخَفِيَ عَلَى خَلْقِكَ ثُمَّ تَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ [38], اللَّهُمَ إِنَ عِنْدِي أَفْوَاجاً مِنْ ذُنُوبٍ وَأَفْوَاجاً مِنْ خَطَايَا وَعِنْدَكَ أَفْوَاجٌ مِنْ رَحْمَةٍ وَأَفْوَاجٌ مِنْ مَغْفِرَةٍ يَا مَنِ اسْتَجَابَ لِأَبْغَضِ خَلْقِهِ إِلَيْهِ إِذْ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ اسْتَجِبْ لِي[39].
ثمَّ تسأل حاجتك وتستجير بالله وتخيّر لنفسك من الدعاء ثم استقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود وقل: اللَّهُمَ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي وَبَارِكْ لِي فِيمَا آتَيْتَنِي[40].
صلاة الطواف
مسألة 338: يجب بعد الطواف صلاة ركعتين له مثل صلاة الصبح, والأحوط وجوباً المبادرة إليها بعده, ويجوز فيهما الإتيان بكل سورة إلا العزائم, ولكن يستحب في الركعة الأولى قراءة التوحيد, وفي الثانية الجحد مخيّراً بين الجهر والإخفات, وأحكامهما مثل سائر الفرائض والشك في عددهما موجب للبطلان، والظن معتبر فيه والشك بعد الفراغ أو التجاوز لا يلتفت إليه والزيادة فيها موجبة للبطلان.
مسألة 339: الأحوط وجوباً إتيان صلاة الطواف الواجب خلف مقام إبراهيم علیه السلام مع الإمكان بما يصدق أنه خلفه والمقام أمامه عرفاً, ومع عدم الإمكان فيصلي في الأقرب ثمَّ الأقرب من جهة الخلف, ومع عدم إمكان ذلك أيضاً ففي أحد الجانبين مراعياً الأقرب فالأقرب, ومع عدم إمكان ذلك أيضاً فيصلي حيث شاء من المسجد مع مراعاة الأقرب إلى الخلف مهما أمكن.
مسألة 340: المراد بإمكان الصلاة العرفي منه دون الإمكان العقلي فلو توقفت الصلاة خلف المقام أو في أحد جانبيه على إيذاء الناس؛ فإن أمكن التأخير وجب ذلك وإلا فيصلي في المراتب اللاحقة, ولكن لو صلّى خلف المقام بعد الإيذاء تصحّ صلاته وإن أثم ولو دار الأمر بين فوت الفوريّة العرفية وفوت الصلاة خلف المقام يُقَدِّم الأول فيصلي خلف المقام ما لم يتضيق وقت السعي، ولو دار الأمر بين الصلاة في المراتب اللّاحقة مع الطمأنينة والصلاة خلف المقام مع عدمها لكثرة الزحام يقدم الأولى.
مسألة 341: الأحوط وجوباً على من صلى خلف المقام صلاة الطواف أنْ يُفرغ المكان لغيره بعد الفراغ من صلاته عند الإزدحام ولا يزاحمه بالإشتغال بدعاء أو قراءة قرآن أو إتيان نافلة ونحوها، بل يأتي بذلك كله في غير ذلك المكان من المسجد.
مسألة 342: لو نسيهما أتى بهما متى تذكَّر, ولو لم يتذكر إلا بعد الخروج من مكة يرجع إليها لإتيانهما مع عدم المشقة, وإلا فيأتي بهما حيث أمكنه والأولى أنْ يستنيب لفعلهما خلف المقام أيضاً.
مسألة 343: لو نسي صلاة الطواف وتذكر بعد السعي أتى بها خلف المقام ولا شيء عليه, ولو تذكر بين السعي رجع وصلى ثم أتمَّ السعي من حيث قطعه وصحّ.
مسألة 344: لو نسي صلاة الطواف وتذكر بعد إتيان جميع الأعمال المترتبة عليها أتى بها وصح ولا تجب إعادة تلك الأعمال بل لا يبطل شيء من الأعمال المتأخرة بتركهما حتى مع العمد, والجاهل بالحكم –قاصراً كان أو مقصِّراً بالنسبة إلى أصل الصلاة أو بالنسبة إلى كيفيتها – مثلَ الناسي في جميع ما تقدَّم.
مسألة 345: لو مات قبل أنْ يأتي بصلاة الطواف قضاها عنه وليُّه، ويجزي قضاء غير الولي أيضاً.
مسألة 346: لو شك في إتيانها قبل الخروج من المسجد الحرام فالأحوط وجوباً الرجوع والإتيان بها.
مسألة 347: لو حاضت المرأة قبل الإتيان بركعتي الطواف أو بعد أنْ تم لها أربعة أشواط من الطواف أتت ببقية الأعمال وتقضي الفائت بعد الطهر, وإنْ كان قبل أربعة أشواط ينقلب حجها إفراداً, والمستحاضة إذا فعلت ما عليها فهي كالطاهرة.
مسألة 348: لو لم يتمكن من القراءة الصحيحة أو من تعلُّمها صلّى بما أمكنه ولا شيء عليه, ولو تمكن مع تلقين الغير فالأحوط وجوباً أنْ يصلي كذلك, ولو لم يمكن ذلك وأمكنه الاقتداء فالأحوط وجوباً الاقتداء، ولكن لا يكتفي به بل يأتي بالصلاة بنفسه أيضاً كما لا يكتفي بالنائب لو استناب.
مسألة 349: لو كان الطواف نافلة –بأنْ لم يكن حج أو عمرة– يتخيَّر في إتيان صلاته في أيّ محل من المسجد شاء, بل له أنْ يتركها رأساً وإنْ كان الأحوط عدم الترك.
مسألة 350: ترك صلاة الطواف الواجب -ولو عمداً- لا يوجب بطلان الحج أو العمرة وإنْ كان الأحوط تدارك الأعمال المترتبة على الصلاة بعد إتيانها إنْ أمكن وإلا فيأتي بالحج في العام القابل, وكذا لو صلّى مع الغلط في القراءة أو فقد شيء من الصلاة –جزءً أو شرطاً– مع الجهل تقصيراً.
مسألة 351: يستحب بعد صلاة الطواف أنْ يحمد الله وثني عليه ويصلِّي على النبي صلی الله علیه و آله و سلم ويقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ بِمَحَامِدِهِ كلّها عَلَى نَعْمَائِهِ كلّها حَتَّى يَنْتَهِيَ الْحَمْدُ إِلَى مَا يُحِبُّ رَبِّي وَيَرْضَى اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَقَبَّلْ مِنِّي وَطَهِّرْ قَلْبِي وَزَكِّ عَمَلِي[41].
وأيضاً يقول: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِطَوَاعِيَتِي إِيَّاكَ وَطَوَاعِيَتِي رَسُولَكَ صلی الله علیه و آله و سلم, اللَّهُمَ جَنِّبْنِي أَنْ أَتَعَدَّى حُدُودَكَ وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ رَسُولَكَ وَمَلَائِكَتَكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ[42].
ويقول في سجوده: سَجَدَ وَجْهِي لَكَ تَعَبُّداً وَرِقّاً لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ حَقّاً حَقّاً الْأَوَّلُ قَبْلَ كلّ شَيْءٍ (وَالْآخِرُ بَعْدَ كلّ شَيْءٍ) وَهَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ غَيْرُكَ فَاغْفِرْ لِي فَإِنِّي مُقِرٌّ بِذُنُوبِي عَلَى نَفْسِي وَلَا يَدْفَعُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ غَيْرُك[43].
والأولى أنْ يكون قراءة ما تقدَّم من الأدعية والأذكار في محل آخر من المسجد الحرام إنْ استلزم مزاحمة المصلِّين وعدم حضور القلب كما هو الغالب في الموسم, بل وقد يجب ذلك.
مسألة 352: لو لم يتمكن من الصلاة خلف المقام لضعفٍ ونحوه بعد الطواف واستناب وأتى النائب بالصلاة خلفه لا يصحّ الإكتفاء بها, ولو اكتفى بها يكون حكمه حكم من ترك الصلاة.
[1]. من حدود الحرم: إضاءة لين، وهي موضع في طريق اليمن.
[2]. من لا يحضره الفقيه؛ ج2 ص208.
[3]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج4 ص406.
[4]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج13 ص322.
[5]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج4 ص408.
[6]. من لا يحضره الفقيه؛ ج2 ص208.
[7]. وسائل الشيعة (ط. أهل البيت)؛ ج13 ص339.
[8]. المصدر السابق؛ ص342.
[9]. الخصال؛ ج2 ص617.
[10]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج4 ص411.
[11]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج13 ص246.
[12]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج6 ص386.
[13]. وسائل الشيعة(ط. آل البيت)؛ ج25 ص262.
[14]. المصدر السابق؛ ج13 ص265.
[15]. المصدر السابق؛ ص264.
[16]. سورة الحج؛ الآية 27.
[17]. من لا يحضره الفقيه؛ ج2 ص529.
[18]. الكافي (ط . الإسلامية)؛ ج4 ص401.
[19]. المصدر السابق؛ ص402.
[20]. المصدر السابق.
[21]. المصدر السابق؛ ج3 ص195.
[22]. المصدر السابق؛ ج4 ص401.
[23]. من لا يحضره الفقيه؛ ج2 ص530.
[24]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج4 ص403.
[25]. من لا يحضره الفقيه؛ ج2 ص531.
[26]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج4 ص296.
[27]. المصدر السابق؛ ص403.
[28]. المصدر السابق.
[29].وهو القدر الباقي من أساس البناء القديم.
[30]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج4 ص406.
[31]. المصدر السابق؛ ج4 ص407.
[32]. من لا يحضره الفقيه؛ ج2 ص531.
[33]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج4 ص407.
[34]. المصدر السابق.
[35]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج13 ص335.
[36]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج4 ص410.
[37]. سورة البقرة؛ الآية 201.
[38]. الكافي (ط. الإسلامية)؛ ج4 ص411.
[39]. تفسير العياشي؛ ج2 ص241.
[40]. من لا يحضره الفقيه؛ ج2 ص534.
[41]. المصدر السابق.
[42]. وسائل الشيعة (ط. آل البيت)؛ ج13 ص439.
[43]. المصدر السابق.